تتأخر حركة الحكومة عن حركة الإقليم. هناك تفاوت بين الهمة اللبنانية في معالجة الملفات الداخلية، وبين التسارع الإقليمي نحو نقطة صدام عسكري محتمل. نرى جميعاً هشاشة الإستقرار الإقليمي ـ الدولي. هناك استعدادات للحرب. وهناك توقعات بنشوبها. الهشاشة تلتف من حول لبنان، وتمتد إلى مناطق أبعد وأنأى عنه. "حكومة إلى العمل" عندنا، هي أقرب إلى "حكومة قلة العمل". تأمين الإستقرار الداخلي في هذه الظروف، مسؤولية وطنية ملحة. خطوات حكومة الرئيس سعد الحريري يجب أن تستبق التطورات الخطيرة. لا أن تبدو للمواطنين وكأنها غافلة عنها.
اللواء
الحريري الجُمعة في طرابلس.. وتخفيض الموازنة أولوية المرحلة
لا تعيينات غداً أمام مجلس الوزراء.. وجعجع يعتبر سلامة جزءاً من الإستقرار المالي
على وقع غليان ميداني، واحتجاجي في عدد من العواصم العربية، لا سيما في افريقيا، وتحوُّل سياسي وانتخابي في إسرائيل، مع إعلان كل من بنيامين نتنياهو والجنرال بن غانتس فوزهما في انتخابات الكنيست تمثل حكومة «الى العمل» امام جلسة «أسئلة واجوبة» لساعتين، متسلحة بإقرار خطة الكهرباء التي يفترض ان تمهد لعودة التيار بشكل منظم وكامل بدءاً من العام 2020..
إضافة إلى الحد من الهدر، وفتح الطريق امام معالجة العجز في الموازنة العامة، التي وضعت على الطاولة، من زاوية الأولوية بعد الكهرباء، كل ذلك بمتابعة حثيثة من مراقبي مؤتمر «سيدر» أو الجهات الدولية المالية..
وعشية جلسة الاستجواب، كانت خطة الكهرباء بنداً دسماً على جدول اللقاء الليلي بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع..
وغداً، يعقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية في السراي الكبير، وعلى جدول أعمالها 36 بنداً.
واستبعد مصدر مطلع حصول تعيينات في عدد من المواقع الشاغرة.. وقال: ان التحضيرات جارية للتفاهم حولها..
ويسبق الجلسة، اجتماع عند الساعة السادسة من بعد ظهر اليوم للجنة الوزارية لدراسة دفتر الشروط الخاص لمشروع عقد إدارة الهاتف الخليوي برئاسة الرئيس الحريري.
ويتوجه الرئيس الحريري إلى طرابلس، حيث يلتقي عددا من قيادات المدينة، في إطار دعم حملة مرشحة تيّار «المستقبل»، عن المقعد السني، الذي ابطلت نيابته بقرار من المجلس الدستوري، النائبة السابقة ديما جمالي.
وسيقيم أهالي المدينة استقبالاً كبيرا للحريري، وأشار مصدر مطلع ان المهرجان الانتخابي غدا في القبة قائم على قدم وساق، ويتحدث فيه الرئيس فؤاد السنيورة والوزير اشرف ريفي، وان رئيسة «كتلة المستقبل» بهية الحريري ستزور طرابلس اليوم تلبية لدعوة عشاء انتخابي.
جلسة المساءلة
وفيما بدا ان الحكومة استراحت إلى «الانجاز» الذي حققته في موضوع خطة الكهرباء، واوكلت إلى وزيرة الطاقة ندى البستاني تحضير دفاتر الشروط للمناقصات التي ستجري في غضون الشهرين أو الثلاثة المقبلين لإنشاء معامل الإنتاج للمرحلتين المؤقتة والدائمة معاً، وسط خوف عبر عنه «تكتل لبنان القوي» من عرقلة تنفيذ الخطة، على لسان رئيسه الوزير جبران باسيل، تقف الحكومة اليوم وجهاً لوجه مع مجلس النواب في الجلسة المخصصة للاسئلة والأجوبة، وهي الأولى منذ ان نالت «حكومة إلى العمل» ثقة المجلس، ثم تعود غداً الخميس لعقد جلسة لمجلس الوزراء في الرابعة بعد الظهر في السراي الحكومي، لبحث جدول أعمال من 34 موضوعاً، حرصت دوائر رئاسة الوزارة على ابقائه بعيداً من تناول الإعلام، بناء لطلب الرئيس سعد الحريري، إلا انه لا يتضمن أية تعيينات.
وكما هو معلوم، في النظام الداخلي للمجلس النيابي، فإن الكلام في جلسة المساءلة، سيكون محصوراً بالنائب مقدم السؤال على ان يتلقى جواباً على سؤاله اما من الوزير المختص أو من رئيس الحكومة الذي قد يطلب تأجيل الجواب، وفي حال لم يقتنع مقدم السؤال يحوله إلى استجواب.
وفي تقدير مصادر نيابية، فإن الجلسة ستكون عادية جداً وسريعة، لا سيما وانه ليس بين الأسئلة الـ13 المطروحة على جدول الأعمال ما يُشكّل مادة سجالية ملتهبة، يُمكن ان تثير نقاشاً ساخناً سواء من النواب أو مع الحكومة، علماً ان بعضها قد مر عليه الزمن، مثل ملف التهجير في منطقة حيلان في زغرتا ومنطقة المية ومية شرق صيدا، أو التلوث البيئي في منطقة كسروان، أو التوظيف العشوائي في القطاع العام خلافاً للقانون، والتي باتت بلا جدوى، في ظل التحقيقات التي قامت بها لجنة المال والموازنة، لكن المهم في الجلسة هو تفعيل الدور الرقابي للمجلس بهدف ضمان السياسات بطريقة فعّالة من قبل السلطة التنفيذية وتأمين شفافية عمل الحكومة.
وعلمت «اللواء» من مصادر نيابية، بأنه خلافاً للمعلومات الرسمية التي وزّعت في أعقاب جلسة مجلس الوزراء أمس الأوّل، فإن الرئيس نبيه برّي العائد من الدوحة لن يدعو فور انتهاء جلسة المساءلة إلى فتح جلسة تشريعية للتصويت على مشروع القانون الذي احالته الحكومة بتمديد العمل بالقانون 288 الخاص بتنظيم قطاع الكهرباء، لتمكين إدارة المناقصات تلزيم مشاريع بناء المعامل، وفق نظامي التشغيل والتمويل والانتاج والتسليم إلى الدولة بعد فترة (P.P.P – B.O.T )، بل سيحيل المشروع إلى لجنة الاشغال لدرسه، قبل تحديد موعد الجلسة التشريعية التي يتوقع ان تكون الأسبوع المقبل. علماً ان برّي كان أوضح مراراً بأنه لن يقبل بتمرير أي مشاريع قوانين قبل درسها من قبل اللجان.
جعجع في «بيت الوسط»
وكان موضوع إقرار خطة الكهرباء في مجلس الوزراء، والتعاون الذي ابداه وزراء «القوات اللبنانية» في هذا المجال، قد حضر في اللقاء الذي جمع الرئيس الحريري في «بيت الوسط» برئيس حزب «القوات» سمير جعجع يرافقه الوزير السابق ملحم رياشي، في حضور الوزير السابق غطاس خوري، وجرى خلال اللقاء الذي استكمل إلى مائدة عشاء، تبادل الآراء حول مجمل الأوضاع السياسية والعامة في البلاد.
وأشار جعجع في تصريح له إلى انه استعرض مع الرئيس الحريري خطة الكهرباء التي وصفها بأنها «خطة واسعة فيها كامل عناصر النجاح»، لكنه اعتبر ان «العبرة تبقى في التنفيذ، متمنياً على الجميع في مجلس الوزراء المساعدة في تطبيقها».
وأكد أننا «امام تحد كبير إما ان نتوافق في إنجاز موازنة جدية واما المشكلة ستكبر والخيار اليوم ليس بين التقشف والبحبوحة بل المطروح تقشف بشكل مدروس ومحدد لتفادي تقشف أكبر»، لافتا الى اننا: «تداولنا في ملف قانون الموازنة مطولاً مع الحريري ونتمنى ان يطرح بعد وقت ليس ببعيد ليتم مناقشته بين الكتل وإقراره».
ورأى انه «بغض النظر عن تقييمنا لسياسات حاكم مصرف لبنان السابقة من الخطأ في الوقت الحالي ان يهتز الوضع المالي وشئنا ام ابينا فحاكم مصرف لبنان يشكل جزءا من الاستقرار المالي».
كتلة «المستقبل» و تكتل «لبنان القوي»
وسبق لكتلة «المستقبل النيابية» التي اجتمعت أمس في «بيت الوسط»، ان نوّهت بما وصفته «توافق القوى السياسية على إنجاز خطة الكهرباء»، مؤكدة على «اهمية استكمال هذه الخطوة بالشروط الإدارية والقانونية التي تضع الخطة موضع التنفيذ السريع، وتجنيب البلاد العودة إلى سياسات المماطلة وإضاعة الوقت في المماحكات السياسية.
ورأت ان إقرار الخطة يفتح ثغرة كبيرة في الجدار المسدود الذي تسبب في مضاعفة كلفة الدين العام، وهو شكل رسالة واضحة لكل الاصدقاء والأشقاء الذين اجتمعوا على دعم لبنان في مؤتمر «سيدر» لمساعدته في تخطي أزماته الاقتصادية والمالية». مشيرة إلى انها تتطلع إلى «تفعيل العمل الحكومي في الاتجاهات التي تعجل في تحقيق الإصلاحات المرجوة واقفال أبواب الهدر والصرف العشوائي في كل القطاعات».
وكانت كتلة «المستقبل» قد حذّرت في بيانها من «تمادي البعض في التحامل على رموز قيادية في الامن والقضاء، تكرس حياتها وجهدها وعملها لخدمة اللبنانيين وحمايتهم»، لافتة الى «الحملة المشبوهة التي تستهدف بشكل خاص وبصورة ممنهجة وكيدية مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود ومدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ومن خلفهما شعبة المعلومات وانجازاتها المعروفة لكل اللبنانيين، والتي ترمي الى النيل من سمعة المؤسسات وهيبتها التي شكلت وتشكل ركنا من اركان القانون والأمن في البلاد، والتي ستبقى محل ثقة اللبنانيين واحترامهم مهما اشتدت حملات الهاربين من العدالة والخارجين على القانون».
زحمة زوّار أجانب
إلى ذلك، انشغلت العاصمة اللبنانية، اعتبارا من أمس وحتى نهاية الأسبوع، بزوارها الأجانب من رؤساء ووزراء ومسؤولين يتوافدون تباعاً حاجبين الاهتمام بالملفات الداخلية التي يبدو ستوضع على الرف حتى مطلع الأسبوع اثر مغادرتهم.
وفيما بدأ رئيس بلغاريا رومين راديف زيارة رسمية أمس كما الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، يحط غداً الخميس في لبنان الرئيس اليوناني بروكوبيوس بافلوبولوس الذي يسبقه اليوم وزير الخارجية والسياحة اليونانيان للمشاركة في منتدى التعاون الثلاثي اللبناني- اليوناني- القبرصي، على ان يصل ايضا فجراً وزراء الخارجية والسياحة والنفط في قبرص.
وسيحضر هؤلاء الوزراء منتدى تجارياً وسياحياً يعقد في غرفة التجارة والصناعة يمثل فيه الوزير حسن مراد الحكومة اللبنانية، ويعقب المنتدى، اجتماع في وزارة الخارجية مع الوزير باسيل لبحث آفاق التعاون السياسي والاقتصادي وموضوع النازحين، والاهم من ذلك ترسيم الحدود البحرية مع قبرص ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة. ويلي ذلك لقاء مع وزير السياحة افاديس كيدانيان لتوقيع إعلان نوايا سياحي تحضيراً لبروتوكول تعاون سياحي، رياضي يوقعه لاحقاً الوزيران كيدانيان ومحمّد فنيش، مع الوزراء اليونانيين والقبارصة.
وخلال استقباله نظيره البلغاري، الذي زار أيضاً كلاً من الرئيسين برّي والحريري، أكّد الرئيس ميشال عون في مؤتمر صحافي مشترك مع ضيفه، ضرورة وقوف بلاده إلى جانب لبنان في وجه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليه، وتأكيد حقه في استخراج النفط والغاز ضمن أراضيه ومياهه الإقليمية، مشددا على أهمية الالتزام بتطبيق القرار 1701، معتبرا قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان بعد اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، لا يهدد سيادة دولة شقيقة وشعب شقيق فحسب، بل ايضا سيادة الدولة اللبنانية التي تمتلك ارضا قضمتها إسرائيل تدريجياً لا سيما في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من الغجر».
اللقيس في دمشق
اقتصادياً، لم تترك زيارة وزير الزراعة حسن اللقيس إلى دمشق أمس، أية تداعيات سياسية، نظرا لأنه جرى الترتيب لهذه الزيارة، بهدوء ومن دون مزايدات أو تسجيل نقاط، خلافاً لما حصل مع زيارة وزير شؤون النازحين صالح الغريب، خاصة وان زيارة اللقيس كانت للمشاركة في حضور اجتماع اللجنة الزراعية بين لبنان وسوريا، بعلم مجلس الوزراء، وقد تمكن اللقيس خلال لقائه رئيس الحكومة السورية عماد خميس من الحصول منه على تعهد بخفض كلفة التصدير على الشاحنات اللبنانية عبر الأراضي السورية، وهو المطلب الأساس للمزارعين اللبنانيين.
وأشار اللقيس إلى ان لقاءه مع نظيره السوري أحمد القادري كان وديا «وسنعمل على تطوير العلاقات بما فيه مصلحة البلدين ومصلحة المزارعين والتجار والاقتصاد ولنا الشرف ان نوطد هذه العلاقة وان نعمقها ونزيل الشوائب عنها». وأوضح أن «الفنيين بين البلدين سيجتمعون ويتفقون على عدد من النقاط ومن ثم يتم بعدها التوقيع على الاتفاق».
سلامة مطمئن
مالياً، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في حفل افتتاح منتدى المال والأعمال بعنوان «لبنان في عين المؤتمرات الدولية»، «ان الإقتصاد اللبناني بحاجة إلى ضخ رساميل جديدة»، مشيرا الى انه «في سنة 2018، كانت نسبة النمو تقارب الـ1% في لبنان بينما قاربت في المنطقة الـ2%. وطمأن الى «ان مصرف لبنان يؤكد مجددا سلامة ومتانة القطاع المصرفي في لبنان. وقد أصدرت وكالات التصنيف مؤخرا تقارير تفيد بأن النظرة للقطاع المصرفي في لبنان مستقرة. وتبقى الليرة اللبنانية ركيزة الثقة لاقتصادنا وقطاعنا المالي والإستقرار المالي. إن مصرف لبنان ملتزم بالإبقاء على سياسته الهادفة إلى استقرار سعر الصرف بين الليرة والدولار ويؤكد أن لديه القدرة على تحقيق هذا الهدف الذي بات مطلبا وطنيا. وخير دليل على ذلك ما ورد في البيان الوزاري للحكومة لنيل ثقة مجلس النواب».
وفي مجال آخر، يطل في الرابعة والنصف بعد ظهر اليوم، الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لمناسبة «يوم الجريح المقاوم» ، حيث تقيم مؤسسة الجرحى احتفالاً تكريمياً. ويتوقع ان يتطرق نصرالله الى ملفات الساعة المحلية والتطورات الاقليمية والدولية لا سيما بعد تصنيف واشنطن الحرس الثوري الايراني ارهابيا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
سخونة بدرجات متفاوتة بين ليبيا والجزائر والسودان… وحرارة مرتفعة على خط واشنطن طهران
نتنياهو على حافة الفوز بفارق مقعد بين أقليّتين… والمقاطعة العربية تتخطى الـ 80
مؤشرات ماليّة إيجابيّة دولياً… ومصرف لبنان يضخّ قرابة مليار دولار في السوق
تتنقل السخونة في الملفات المشتعلة من ليبيا والجزائر والسودان، حيث الحرب حول طرابلس الغرب تتحوّل علناً إلى مواجهة يتشارك في خوضها بوجه الجيش الليبي كل من فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وأميركا وتركيا وقطر، وتقف معه كل من السعودية والإمارات ومصر وروسيا، وتبدو الأمم المتحدة متموضعة في الخندق الغربي التركي القطري، بدعمها لحكومة الأخوان المسلمين، في صورة تستعيد المشهد المصري عشية سقوط حكم الرئيس السابق محمد مرسي، بينما في الجزائر حيث تسلّم رئيس مجلس الأمة الرئاسة المؤقتة وسط مواصلة التظاهرات الرافضة في الشارع أكد الجيش مجدداً سعيه لضمان حلول تعبر عن رغبة الشعب الجزائري بالتغيير، وسط غموض آلية المرحلة الانتقالية، بينما تصاعدت المواجهات في السودان، مع ملامح انقسام بين الجيش والأجهزة الأمنية في التعامل مع التظاهرات والاعتصامات.
خلط الأوراق الجاري على ساحات أفريقية ساخنة رافقته حرارة مرتفعة على خط واشنطن طهران، حيث المواقف الإيرانية المندّدة بتصنيف الحرس الثوري الإيراني على لوائح الإرهاب الأميركية تحوّلت على لسان مرشد الجمهورية الإمام الخامنئي ورئيس الجمهورية الشيخ حسن روحاني وقيادة الجيش الإيراني إلى تهديدات بثمن ستدفعه واشنطن لقاء الاستفزاز الجديد.
في هذا المناخ كان الحدث في كيان الاحتلال، حيث الانتخابات التي لأجل ضمان فوز بنيامين نتنياهو فيها قدمت له الكثير من أوراق القوة، وآخرها القرار الأميركي بحق الحرس الثوري الإيراني وقد سبقته قرارات القدس والجولان، لكن المسار الانتخابي الذي انتهى بتعادل النتائج المحققة بين حزب الليكود بزعامة نتنياهو وحزب أزرق أبيض بزعامة رئيس الأركان الأسبق بيني غانتس، وهو حزب جديد ولد من شهور عدّة ويحمل خطاباً قريباً من خطاب نتنياهو والليكود في الشؤون الإقليمية ويحاول النيل من نتنياهو في قضايا الفساد، بتقديم أزمة كيان الاحتلال كأزمة أخلاقيّة، وحتى منتصف الليل كانت النتائج التي أدعى الفوز بحصيلتها كل من نتنياهو وغانتس تدور حول من فاز بمقعد إضافي، ليفوز بالعدد الأغلب من المقاعد، حيث فاز نتنياهو بثلاثة وثلاثين مقعداً مؤكداً، ويدور التشكيك بأربعة مقاعد لم يثبت نيلها من نتنياهو، بينما غانتس يتحدث عن فوزه بسبعة وثلاثين مقعداً، فيما يحتاج تشكيل الحكومة إلى أغلبية مقاعد الكنيست المكوّن من مئة وعشرين مقعداً، حيث لا تتشكل أغلبية واضحة إلا بأحد خيارين، انضمام الحزبين الكبيرين في حكومة وحدة، أو ضم أحد الحزبين لكمية أكبر من الأحزاب الصغيرة اليمينية التي فازت بقرابة أربعين مقعداً موزعة على حوالي سبعة أحزاب.
الحدث الأبرز كان ظهور مقاطعة عربية لافتة للمشاركة في الانتخابات تخطت الـ 80 مقابل نسبة مشاركة بين المستوطنين تراجعت عن المرات السابقة ولم تصل إلى ما كانت تحققه سابقاً، حيث تدور النسبة حول الـ 55 قياساً بما يقارب الـ 60 في الانتخابات الأخيرة.
لبنانياً، تفاعلت خطة الكهرباء في المؤشرات المالية العالمية فتحسّنت أسعار الفوائد على سندات الدين اللبنانية وفقاً لمؤشر بلومبيرغ، بينما أعلن مصرف لبنان عن نيته ضخ مئات ملايين الدولارات في الأسواق كقروض مدعومة، منها خمسمئة مليون دولار للقطاعات الإنتاجية ومئتان وعشرون مليون دولار للقروض السكنية ومئة مليون دولار للبنانيين المقيمين في الخارج تذهب عموماً للسوق العقارية.
يطل اليوم في الرابعة والنصف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لمناسبة يوم الجريح المقاوم. وتؤكد مصادر مقرّبة من حزب الله إلى أن السيد نصر الله لـ«البناء» سوف يتطرّق في إطلالته إلى التطورات الإقليمية والدولية لا سيما لجهة صورة مشهد الأشهر القليلة المقبلة بعد تصنيف واشنطن الحرس الثوري الإيراني إرهابياً، وتداعيات القرارات الأميركية في ما خصّ السيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل والقدس المحتلة، وما يُعرَف بصفقة القرن والانتخابات الإسرائيلية، مع ترجيح المصادر نفسها أن يأتي السيد نصر الله على المستجدات المحلية المتصلة بالكهرباء وملف الفساد.
وفيما تتجه الأنظار الى جلسة الأسئلة والأجوبة التي تعقدها الهيئة العامة اليوم، بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتأتي هذه الجلسة في إطار الجلسات التي تحدث عنها الرئيس بري لمحاسبة الحكومة وتفعيل عمل المجلس النيابي الجديد، ينتظر أن تحطّ الموازنة على طاولة مجلس الوزراء في أسرع وقت، بدأت القوى السياسيّة التحضير عبر تسريبات من هنا وهناك، عن أن إنجاز موازنة العام 2019 سوف يقترن فقط مع تقديم قطع حساب العام 2017 من دون قطع حسابات الأعوام الماضية.
وفي هذا السياق، تشدّد مصادر مطلعة لـ«البناء» على أن المكوّنات السياسية قد تبرر فعلتها هذه مجدداً بحجة أن الوقت داهم وأن قطع الحسابات يتطلّب جلسات قد تأخذ وقتاً طويلاً، في حين أن الواقع الاقتصادي يفرض إقرار موازنة في أسرع وقت للاستفادة من تعهدات سيدر. ومع ذلك تشدد المصادر على ان الأمور لن يتم إصلاحها بهذه الطريقة، لافتة الى ان الحسابات المالية لا يمكن أن تصحح من دون العودة الى العام 1993 فمن يطالب بمكافحة الفساد عليه ان يبدأ من هنا لا سيما في ظل ما يُقال نقلاً عن وزير المال ان وزارته أنهت إعادة تكوين الحسابات المالية للدولة من العام 1997 حتى العام 2017، واعتبرت المصادر ان الموازنة لا يمكن ان تكون إصلاحية وتنسجم مع مقررات سيدر وإذا لم تعالج الخلل الحاصل في مسألة قطع الحساب، والتحقق من مسألة الـ 11 مليار دولار.
وأكد وزير المال علي حسن خليل في كلمة له خلال منتدى المال والأعمال أن «ما نعمل عليه مع رئيس الحكومة والوزراء حالياً، هو أن نصل إلى إقرار موازنة متوازنة تضعنا على سكة معالجة أوضاعنا المالية والاقتصادية، وعنوان هذه الإجراءات هو تخفيض الإنفاق الذي نستطيع أن نخفضه دون أن نؤثر فعلياً على مستوى النمو»، مشيراً الى ان «الأمر الآخر هو العمل على زيادة الواردات بشكل نستطيع معه أن ننفق أكثر في مواقع التأثير الإيجابي في الاقتصاد دون أن تكون هناك زيادة مرتفعة في المديونية العامة».
وشدّد رئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل على ضرورة إقرار الموازنة وتخفيض العجز بأسرع وقت. وقال إنّ «موضوع الدمج بين الحلين الموقت والنهائي في ما خصّ بناء المعامل نحن مَن طرحه ووزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني هي مَن كتبته في خطتها… فليحترموا عقولنا». وشدّد على أنّ الحبل عالجرار والقضية مستمرة، قائلاً: «نحن لا نغطي أحدًا في مسألة القضاة فليس هناك قضاة للعهد وقضاة لغير العهد».
وعلى خط ملف مكافحة الفساد القضائي وإعلان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس أن فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي يتمرد على السلطة، حذرت كتلة المستقبل من تمادي البعض في التحامل على رموز قيادية في الأمن والقضاء تكرس حياتها وجهدها وعملها لخدمة اللبنانيين وحمايتهم. ولفتت الى الحملة المشبوهة التي تستهدف بشكل خاص وبصورة ممنهجة وكيديّة مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ومن خلفهما شعبة المعلومات وإنجازاتها المعروفة لكل اللبنانيين والتي ترمي الى النيل من سمعة المؤسسات وهيبتها التي شكلت وتشكل ركناً من أركان القانون والأمن في البلاد، والتي ستبقى محل ثقة اللبنانيين واحترامهم مهما اشتدت حملات الهاربين من العدالة والخارجين على القانون.
على خط آخر، يواصل الوفد النيابي زيارته واشنطن ولقاءاته على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، فيما يغيب نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة عن اجتماعات البنك الدولي وكذلك جمعية مصارف لبنان التي قررت التمهل في المشاركة حتى تشرين الاول في تشرين الأول المقبل.
وتؤكد مصادر نيابية لـ«البناء» ان الولايات المتحدة بقدر تشدّدها حيال حزب الله وتجاه اي اسم على علاقة مباشرة بالحزب لجهة التمويل والدعم، حيث ان القوانين الأميركية الصادرة في مرحلة سابقة كانت قد حددت الأشخاص أو المسؤولين أو الكيانات المعنية بحزب الله ولا تتجه الى الضغط على لبنان وبعض مكوناته الأخرى كحركة امل على سبيل المثال، مشددة على ان ما يدور من كلام حول عقوبات وشيكة على الحركة والرئيس نبيه بري ليس دقيقاً، ولفتت المصادر الى أن ما يجري الترويج له يأتي في سياق ما أشيع أيضاً في العام 2017 حول ان حركة أمل والتيار الوطني الحر وقادته وضعوا على ئحة العقوبات على لبنان ليقال بعد ذلك ان هذه الاسماء حذفت من المسودة قبل زيارتين لوفدين نيابي ومصرفي الى واشنطن. وشددت المصادر على ان اجتماعات النائبين ابراهيم كنعان وياسين جابر مع وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي ومساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، ولجنة الخارجية هدفها الإبقاء على المساعدات الاميركية للبنان والدعم في مسألة النازحين وتأكيد التزام لبنان وقطاعه المصرفي بالقوانين التي أقرها مجلس النواب والمتصلة بتمويل الإرهاب ومكافحة تبييض الأموال.
وسط هذه الأجواء، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في مؤتمر صحافي مشترك مع ضيفه البلغاري «ضرورة وقوف بلاده الى جانب لبنان في وجه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليه وتأكيد حقه باستخراج النفط والغاز ضمن أراضيه ومياهه الإقليمية»، وقال إن «قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بسيادة «إسرائيل» على مرتفعات الجولان، بعد اعترافه بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل»، أمر لا يهدد سيادة دولة شقيقة وشعب شقيق فحسب، بل أيضاً سيادة الدولة اللبنانية التي تمتلك أراضي قضمتها «إسرائيل» تدريجياً، لا سيما في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر». وأعرب عون عن خشيته «إذا ضاق الحال بالسوريين والفلسطينيين الانتقال الى اوروبا، وضعنا الاقتصادي سيئ وكل ما ضاق العيش، ازدادت المشاكل». وقال الرئيس البلغاري من جهته: «نؤيد جهود لبنان لإضفاء مزيد من التوازن والحوار البناء والبحث عن حلول سلمية للازمات في الشرق الاوسط». وقال: «لا يجوز أن نستمر في الاعتماد على التجارة المتبادلة فقط، بل علينا البحث عن طرق لتنظيم الإنتاج المشترك».
أما خط الزيارات العربية، فقد حط الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في بيروت فزار الرئيس العماد ميشال عون في بعبدا، والتقى رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي والوزير جبران باسيل في الخارجية وتم البحث في القضايا العربية المشتركة، الأزمة السورية، ملف النازحين وتفعيل أعمال مؤتمر القمة العربية والقمة الاقتصادية.
على صعيد آخر، قرر رئيس الحكومة السورية عماد خميس خلال لقائه وزير الزراعة حسن اللقيس خفض كلفة التصدير على الشاحنات اللبنانية عبر الأراضي السورية. وكان اللقيس أكد خلال افتتاح جلسة مباحثات اللجنة الزراعية المشتركة بين لبنان وسورية، العمل على تطوير العلاقات بما فيه مصلحة البلدين ومصلحة المزارعين والتجار والاقتصاد . وأوضح أن «الفنيين بين البلدين سيجتمعون ويتفقون على عدد من النقاط ومن ثم يتم بعدها التوقيع على الاتفاق»، لافتاً الى أنه «سيبحث أيضاً موضوع الترانزيت وتكلفته العالية على المزارعين اللبنانيين»، آملاً من القيادة السورية «مراعاة الأمر لما فيه مصلحة اقتصاد البلدين».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
هندسة مالية جديدة لـ«سيدروس»
ماذا بقي من إدارة المناقصات؟
علمت «الأخبار» أن هندسة مالية جديدة أجراها مصرف لبنان في الشهر الأخير من السنة الماضية، لمصلحة «سيدروس إنفست بنك»، ودرّت ربحاً فورياً لأصحاب هذا البنك والمشتركين معهم، بقيمة 30 مليون دولار، من ضمنها 12.5 مليون دولار وزّعت على «عملاء للبنك»، من دون أن تتضح هوية هؤلاء والدور الذي أدّوه في هذه العملية للحصول على حصّة من أرباحها، وهو ما يطرح تساؤلات إضافية عن حقيقة «الهندسات المالية» وأهدافها، ويزيد من الأدلة على شبهة «الإثراء غير المشروع» التي تنطوي عليه هذه «الهندسات».
يصرّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على تبرير هندساته المالية الجارية مع المصارف التجارية، بوصفها أداة ضرورية في مواجهة الضغوط التي يتعرض لها سعر صرف الليرة. وهو أعلن في مناسبات كثيرة أن هذه الهندسات أسهمت في المحافظة على الاستقرار النقدي ووفرت المزيد من الحماية للودائع في المصارف، على الرغم من كلفتها الباهظة.
إلا أن الوقائع المتعلقة بالهندسات المالية الجارية مع «سيدروس إنفست بنك» تصرّ على دحض هذه التبريرات، وتقدّم صورة مريبة عنها. فقد اطلعت «الأخبار» على وثيقة جديدة تفيد بأن مصرف لبنان منح في شهر كانون الأول الماضي البنك المذكور تسليفات بالليرة اللبنانية بفائدة متدنية تبلغ 2%، وفي اللحظة نفسها، وظّف هذا البنك هذه التسليفات لدى مصرف لبنان على فترة 10 سنوات بفائدة تبلغ 10.5%. وهكذا كسب البنك ربحاً سنوياً من فارق الفائدة (8.5%) من دون أن يقوم بأي عمل أو يوظّف أي رأس مال أو يتحمّل أي مخاطرة.
بلغت أرباح هذه العملية نحو 30 مليون دولار، وهي تمثّل جزءاً من الربح المتوقع خلال السنوات العشر التالية. واللافت أن هذه الأرباح توزّعت بقيمة 17.5 مليون دولار حققها البنك وسجلها كأرباح فورية في عام 2018، وسُدِّد 12.5 مليون دولار إلى «عملاء البنك الذين أسهموا في عملية الهندسة المذكورة»، وفق ما ورد في الوثيقة.
المعروف أن مصرف لبنان ينفّذ الكثير من هذه العمليات مع بنوك مختلفة، والأرباح الناتجة منها تُستخدَم في إطفاء خسائر مقابلة في ميزانيات هذه البنوك، أو تُسجَّل خارج الميزانية، أو كأرباح مؤجّلة. وفي مطلق الأحوال، تنصّ تعاميم مصرف لبنان نفسه على عدم جواز تسجيل أي أرباح فورية قابلة للتوزيع قد تنتج من هذه العمليات. إلا أن «سيدروس إنفست بنك» أعلن أرباحاً حققها في عام 2018 عن مجمل أعماله بلغت قيمتها 43.2 مليون دولار، منها 27.8 مليون دولار، أو ما نسبته 64%، نتجت من العملية الأخيرة المذكورة (17.5 مليون دولار)، بالإضافة إلى عملية جرت في الشهر الأول من العام الماضي، سبق أن كشفتها «الأخبار» («حقيقة الهندسة المالية: من يحاسب حاكم مصرف لبنان؟» الاثنين 3 كانون الأول 2018)، ودرّت ربحاً فورياً أيضاً بقيمة 10.3 ملايين دولار.
الجدير بالإشارة أن «سيدروس» كان قد أعلن تحقيق أرباح مماثلة لعام 2017، بلغت 42.3 مليون دولار، من ضمنها نحو 28.1 مليون دولار نتجت من 5 عمليات أجراها معه مصرف لبنان بطريقة مثيرة جداً، إذ باع مصرف لبنان سندات خزينة للبنك المذكور، وأعاد شراءها منه في اللحظة نفسها بسعر أعلى، ومنحه ربحاً فورياً مجانياً بهذه القيمة. وقد عمد البنك في العام نفسه (2017) إلى توزيع أنصبة أرباح على المساهمين بقيمة 21 مليون دولار، ما يعني بوضوح، ومن دون أي التباس أن هدف هذه العمليات كان نقل أرباح غير مشروعة من المال العام إلى مساهمي البنك ومَن قد يكون مستفيداً من خلفهم.
تعود قصة هذه العمليات بين مصرف لبنان و«سيدروس» إلى بداية عام 2017، عندما انطلقت حملة واسعة للضغط من أجل التجديد لرياض سلامة لولاية خامسة مُتتالية (عُيِّن للمرّة الأولى في عام 1993)، وذلك قبل أشهر عدّة من نهاية ولايته الرابعة. وجاءت هذه الحملة بعد ترويج معلومات عن نيّة رئيس الجمهورية طرح بديل لسلامة. وفي ذروة المساومات لفرض التجديد، تقدّم «سيدروس إنفست بنك» بتاريخ 13 شباط 2017 بكتاب خطّي من سلامة يطلب منه تخصيصه بـ«هندسة مالية مناسبة» لدعم استراتيجيته التوسّعية الرامية إلى زيادة ودائعه («الأخبار» الثلاثاء 4 نيسان 2017). ونتيجة الضجّة التي أثارها هذا الطلب، أحال سلامة الكتاب على مديرية الشؤون القانونية في مصرف لبنان، التي ردّت في 3 آذار 2017، معتبرة أن «الطلب غير قانوني»، إذ «إن المهمات المنوطة بمصرف لبنان، بموجب القوانين النافذة، هي تأمين السيولة للمصارف، عند الحاجة، وفقاً لشروط خاصّة (ضمانات…)، وليس تعدّي ذلك إلى تعزيز الأموال الخاصّة للمصارف وتأمين ملاءة هذه الأخيرة» («الأخبار» – الثلاثاء 23 أيار 2017).
إلا أن سلامة لم يلتزم مطالعة مديرية الشؤون القانونية، وبدأ اعتباراً من 23 آذار 2017 بإجراء عمليّات متتالية مع البنك، وُثِّقَت 7 منها حتى الآن، آخرها في كانون الأول الماضي، وأدّت حتى الآن إلى منحه أرباحاً مجّانية فوريّة من المال العامّ، من دون أي مقابل، تجاوزت قيمتها المرصودة 68 مليون دولار، من ضمنها 12.5 مليون دولار وُزِّعَت على «عملاء البنك» في العملية الأخيرة، فيما سُجِّلَت 55.5 مليون دولار أرباحاً محققة للبنك في العامين 2017 و2018.
الجدير بالإشارة أن العمليات الأولى والثانية والثالثة جرت بين آذار وأيار من عام 2017، أي قبل أيام من التجديد لسلامة في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في 24 أيار 2017. وجرت العمليّتان الرابعة والخامسة بعد التجديد مباشرة في حزيران وتموز من العام نفسه. فيما جرت العمليتان الأخيرتان في الشهر الأول والشهر الاخير من عام 2018.
مالكو سيدروس
تتوزّع ملكية «بنك سيدروس» على 2699800 سهم مملوكة من مجموعة واسعة من المساهمين، أكبرهم «سيدروس إنفست بنك» الذي يحمل 84.9%، فيما يملك رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس 14.9%، ويحمل رئيس مجلس الإدارة فادي العسلي 200 سهم، ويراونت كوسى 480 سهماً، وإيلي بيطار 960 سهماً، وجهاد زمبركجي 150 سهماً، وجوزيف جحا 30 سهماً، و(الوزير السابق) رائد خوري 200 سهم، ومروان مرشد بعقليني 200 سهم، وغسان العياش، النائب السابق لحاكم مصرف لبنان، 200 سهم، وميشال نصري شويري 200 سهم، أنطوان جان جاك جوجاسيان 200 سهم، والمرحوم جورج زغبي 100 سهم، وجورج العتيق 3 أسهم.
أمّا أسهم «سيدروس إنفست بنك»، فهي مملوكة من رجل الأعمال السعودي إبراهيم بن عبد العزيز الجماز بنسبة 10%، ورجل الأعمال سعيد فايز خلف 12%، إضافة إلى مجموعة من المساهمين الذين تقل حصصهم عن 10%، من ضمنهم الوزير السابق خوري نفسه (3.5%)، وعسلي (3.5%).
تراجع أرباح «بنك ميد»!
قالت مصادر مطلعة إن عملية زيادة رأس مال «بنك ميد» بقيمة 110 ملايين دولار باتت بحكم المنتهية، إلا أن تنفيذها تأجّل حتى الشهر المقبل، بسبب إجراءات إدارية تتعلق بانعقاد الجمعية العمومية، حيث سيُناقَش تقرير مجلس الإدارة وتقرير مدققي الحسابات عن التطورات المالية في البنك في السنة الماضية، بعدما تبيّن أن أرباحه تراجعت دراماتيكياً من 105 ملايين دولار إلى 31 مليوناً. وأوضحت المصادر أنه اتُّفق نهائياً على أن تكون زيادة رأس المال محصورة بالشقيقين تيدي وريمون رحمة، اللذين سيضخان في هذه العملية نحو 110 مليارات دولار.
ماذا بقي من إدارة المناقصات؟
ما إن أُنجزت خطة الكهرباء، حتى بدأ إطلاق النار على إدارة المناقصات. أوحى رئيس الحكومة أنها المسؤولة عن أزمة الكهرباء، لا السياسات الحكومية المتعاقبة. وخوفاً من «العرقلة»، لم تحوَّل إليها المناقصة إلا بعد أن نُزعت منها صلاحياتها. وفي الطريق إلى ذلك، جرى التغاضي عن الدستور الذي يفرض إعطاء الامتيازات بقانون (تقرير إيلي الفرزلي).
أقرّ مجلس الوزراء خطة الكهرباء، محتفلاً بإنجاز أعلن أنه سيؤدي إلى خفض العجز وزيادة التغذية بالتيار. لكن ما لم يكن في الحسبان، كان انحراف النقاش نحو إدارة المناقصات التي حوّلت في الخطة وفي الجلسة الحكومية الأخيرة وما بعدها إلى شر مطلق. العونيون حاولوا حتى النهاية منع تدخّل إدارة المناقصات بالصفقات التي تنوي وزارة الطاقة إطلاقها لبناء معامل الإنتاج. لكن لأن المعارضة لهذا الطرح كانت قوية، اتفق على حلّ وسط بدا مخيباً للآمال بالنسبة إلى كثر. إدارة المناقصات ستنفذ المناقصة، لكنها ستكون مقيّدة في عملها بنصوص قانونية وقرارات حكومية تحوّلها عملياً إلى أداة لتنفيذ ما تُقرره وزارة الطاقة. هذا ما قُرئ في مشروع القانون الذي اتفق عليه في مجلس الوزراء والذي ينص على الآتي:
«المادة الأولى: يُمدَّد العمل بأحكام القانون 288/2014 لمدة ثلاث سنوات (إعطاء صلاحية الترخيص إلى مجلس الوزراء بدلاً من الهيئة الناظمة للقطاع).
المادة الثانية: أ- «تلزم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم إلى الدولة بعد فترة زمنية بشروط تحدد بتفاصيلها الإدارية والتقنية والمالية الكاملة في دفتر شروط خاص تعدّه وزارة الطاقة والمياه.
ب- يُستثى في مراحل إتمام المناقصات تطبيق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها».
إلى أن يعرض هذا المشروع على الهيئة العامة لمجلس النواب (علمت «الأخبار» أن الرئيس نبيه بري سيحيل المشروع أولاً على لجنة الأشغال النيابية، مع إعطائها مهلة أسبوع لدرسه)، بدأت تخرج بعض الأصوات المتحفظة عليه، انطلاقاً من سببين:
1- يتخطى المشروع المادة 89 من الدستور، التي تنص على أنه لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مصلحة ذات منفعة عامة إلا بقانون ولمدة محدودة. بل يذهب الاقتراح إلى إعطاء هذه الصلاحية لوزارة.
2- يخالف كل الوعود المتعلقة بتعزيز الشفافية والإصلاح، وأحد شروطها تعزيز دور إدارة المناقصات، فإذا به يساهم في ضربها وضرب قدرتها على حماية إجراء مناقصات شفافة، بعدما ضرب قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لمصلحة تحكم الوزارة بآلية إجراء المناقصة. وهو أمر إن تحقق سيشكل سابقة تستفيد منها كل الوزارات لتخطي إدارة المناقصات لتنفيذ مشاريع وفق نظام الـBOT (إنشاء وتشغيل من قبل القطاع الخاص، ثم نقل الملكية إلى الدولة بعد سنوات عديدة). وكل ذلك يجري في ظل وجود اقتراح قانون في المجلس النيابي لإخضاع كل الصفقات العمومية لإدارة المناقصات (قدمه النائبان نواف الموسوي وهاني قبيسي).
مع ذلك، فإن وجهتي نظر متناقضتين تتنازعان المشروع. الأولى تعتبر أن القانون يفتح المجال أمام إدارة المناقصات لإعداد المناقصات المتعلقة بنظام BOT، بعدما كان ذلك متعذراً، عبر استثناء بعض أحكام قانون المحاسبة العمومية التي لا يمكن تطبيقها على هذا النوع من العقود، ومن هؤلاء مقدّم الاقتراح إلى مجلس الوزراء، الوزير محمد فنيش. ويعتبر هؤلاء أيضاً أن دور إدارة المناقصات دور إداري، لا تقني، وبالتالي فهي التي تعد المناقصة وتحضرها، فيما الشروط التقنية تحدد في دفتر الشروط. كذلك لا ينسون الإشارة إلى أن إدارة المناقصات ستراقب حسن التنفيذ وفقاً لدفتر الشروط الذي يقر في مجلس الوزراء، ويضم في داخله الشروط الإدارية والقانونية التي تعوّض توقيف العمل في بعض بنود قانون المحاسبة العمومية.
المشكلة أكبر من ذلك، بحسب وجهة النظر المقابلة. فالفقرة الأولى من البند الثاني، التي تتحدث عن طبيعة التلزيم، تُعطي تفويضاً للحكومة بصلاحيات تشريعية، وبشكل فضفاض، بينما هذا النوع من العقود يفترض أن يقر بقانون مستقل ولمدة تحدد في القانون نفسه، بحسب المادة 89 من من الدستور. وبالتالي، لا يجوز إعطاء إجازة شاملة ولمدة غير محددة بشكل واضح.
الفقرة الثانية من المادة الثانية، فيها من الإبهام ما يتعذر تفسيره بحسب أحد النواب، الذي يعتبر أن المعركة قد انتهت بإقرار الخطة، إلا أن ذلك لا يحول دون الرقابة على تفاصيل تنفيذها. يعتبر المصدر أن كل قوانين العالم ترسم القاعدة العامة ثم تذهب إلى تحديد الاستثناء، إلا أن المادة التي اتفق عليها تتحدث عن استثناء كل النصوص ذات الصلة، بدل التشديد على إخضاع صفقات الـ BOT لآليات إجراء المناقصات المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية، ولا يستثنى منها سوى طريقة الدفع. لكن ما حصل أن الحكومة لم تكتفِ باستثناء أحكام من قانون المحاسبة العمومية، بل ذهبت إلى «سائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم التي لا تتفق مع BOT»، علماً أن أصول التلزيم التي يوضحها نظام إدارة المناقصات لا تتعارض مع أي عقد ومهما كان نوعه. وهي أصول إجرائية تتعلق بطريق إجراء المناقصات بالمطلق، وخاصة ما يتعلق بالمادة 17 من النظام، التي تنص على أن «إدارة المناقصات تدقق في محتويات الملف وتتثبت من خلوه من المخالفات والنواقص، وتتأكد بصورة خاصة من:
أ- إدراج المناقصة في البرنامج السنوي العام أو وجود ترخيص بإجرائها.
ب- احتواء الملف على المستندات المفروضة.
ج- وجود ما يثبت توافر الاعتماد للصفقة.
د- تصديق دفتر الشروط الخاصة من المرجع الصالح وانطباق أحكامه على القوانين والأنظمة.
هـ- خلو دفتر الشروط الخاصة والمستندات من كل ما من شأنه تقييد المنافسة أو ترجيح كفة أحد المنافسين.
و- عدم تجزئة الأشغال أو اللوازم بغية التهرب من تطبيق الأحكام القانونية ودون أي مبرر فني أو مالي.
ز- صحة تقدير الكميات والأسعار.
اللافت أن كل هذه الحملة على إدارة المناقصات مبنية على صفقة البواخر التي لم تنجح، والتي يتهم العونيون مدير إدارة المناقصات جان العلية بعرقلتها. حينها كان الأخير يحذر من أن الشروط المطلوبة لا تنطبق إلا على عارض وحيد وأن مدة الإعلان لا يمكن التزامها إلا من عارض وحيد أو من عارضين بملفات غير مكتملة. وبالتجربة، تبين أن هذه الملاحظات كانت صحيحة وأن عارضاً وحيداً هو الذي تأهل للمنافسة، فرفضت الإدارة السير بها، وهو ما أغضب وزارة الطاقة ورئيس الحكومة، الذي تحول إلى جزء من حملة تستهدف المؤسسات، بدلاً من أن يتولى حمايتها وتعزيز دورها. وعوضاً عن السير بالمسار الرقابي لمحاسبة مدير المناقصات إذا أخطأ، عمد الحريري إلى تشويه سمعة الإدارة وتحميلها مسؤولية فشل السياسات الحكومية المتعاقبة، معلناً بعد جلسة مجلس الوزراء أنه ممنوع على أي إدارة أن تعرقل!