أمعنت افتتاحيات الصحف في رصد وتحليل "رسائل" النائب السابق وليد جنبلاط التي أطلقها بلسان الوزير وائل أبو فاعور. هناك أطراف داخلية أعلنت مسبقاً أو لاحقاً عن تأييد هذه "الرسائل". بل ربما "تواطأ" بعضها لتصدر بهذا "السقف العالي" ضد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه السياسي. وأشارت الصحف إلى "رسائل" مضادة من الوزير جبران باسيل، سيرد بها خلال نهار اليوم. طبعأ، من غير المتوقع أن يتدنى "السقف" فيها عما أرسله الخصوم. لا سيما وان باسيل بات مشهوراً باستغلال هذه المواجهات لـ"شرعنة" زعامته الفتية لفريق طائفي. كل هذا "التلاسن" الإعلامي قابل لـ"التسوية" بين السياسيين "الأقوياء في طوائفهم". لكن بشرط. وهو خلو الرسائل "الجنبلاطية"، وكذلك، وبالتأكيد الرسائل "الباسيلية"، من "المكونات الإقليمية". وهذا شرط صعبٌ إن لم يكن مستحيلاً. من نافل القول أن التوتر السياسي على "الجبهة الجنبلاطية ـ الباسيلية" يزيد حالة الشلل في النظام الطائفي. فهل يكون هذا التوتر فرصة لإدخال النظام اللبناني في مرحلة انتقالية تبعد شبح الحرب الأهلية (التي شحنت بها تلك "الرسائل")، وتستكمل تطبيق "الطائف". وهل يبادر مجلس النواب إلى ذلك. أم أن أبعاد الأزمة السياسية والتحولات العربية والإقليمية والدولية قد تجاوزت "اتفاق الطائف". ما يطرح على المواطنين واجبات سياسية ملحة.
اللواء
أحداث قبرشمون تُسقِط تسوية إنتخاب عون رئيساً
التَقَدُّمي يتَّهم باسيل والقضاء.. وحزب الله يفتح الطريق لجنبلاط من خلدة
أيّ ردّ سيكون اليوم لجبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر على اتهامات زميله في حكومة «الى العمل» وائل أبو فاعور التي ساقها ضده، وضد العهد، والتيار الذي يرأسه، فضلاً عن تجربة الحكم، التي عايشها الوزيران، وكانت على طريقة كل «عضة بغصة».
المشهد الرئاسي، متباعد، الرئيس ميشال عون يرفض أي اتهام يساق ضده بنسف مبادرة الحل، ومصادره تردّد ان أبواب قصر بعبدا مفتوحة، وهو يدعم أي حلّ لمعالجة ذيول قبرشمون، أو استئناف جلسات مجلس الوزراء.
والرئيس نبيه برّي الذي يراهن كثيرون على دوره، في إيجاد حل المصالحة والمصارحة، لا يبدو متحمساً للمتابعة في ضوء التشنجات المتفاقمة.
نقل زوّار رئيس مجلس النواب نبيه برّي عنه دعوته جميع الأطراف إلى «الهدوء وتخفيض السقوف».
وكرر اسفه لتحول قضية قبرشمون من مكان إلى آخر حيث أصبحت أزمة درزية- مارونية بعد ان كانت درزية- درزية مبديا خشيته من تذكير اللبنانيين بأحداث 1958.
الرئيس سعد الحريري الذي هو في طريقه إلى بيروت، يراهن على تبريد سياسي أو مصالحة تحول دون نقل الاشتباك إلى داخل مجلس الوزراء..
اما «حزب الله» فمصادره تتحدث عن ان الطريق إلى حارة حريك، لم تقفل امام النائب وليد جنبلاط نهائياً، والحزب وفقاً للمصادر عينها، قد يُبدي مرونة جديدة إزاء التعامل مع جنبلاط، ولكن من زاوية مصالحة تسبق الانفتاح تتم بين وليد جنبلاط والامير طلال أرسلان.
ولم تستبعد مصادر ان يكون لحزب الله موقف في 16 آب الجاري في خطاب لمناسبة توقف الأعمال الحربية في 14 آب من عام 2006.
الى ذلك رجحت مصادر نيابية مقربة من عين التينة ان يكون الرئيس نبيه بري قد اوقف مساعيه من اجل معالجة الأزمة، نتيجة التصعيد الحاصل وعدم تجاوب اطراف النزاع مع مبادراته المتكررة، وقالت لـ«اللواء»: ان الرئيس بري لجأ الى الصمت ولم يتكلم عن الموضوع بتاتا، وصمته هذا عادة يعبّر عن استيائه الشديد مما آل إليه الوضع، خاصة تجميد عمل الحكومة مع اقتراب التصنيف الائتماني المالي للبنان بعد اسبوعين والمتوقع ان يكون سلبيا جدا، مشيرة الى ان مايجري ينم عن عدم مسؤولية وطنية وعدم اهتمام بمصالح الدولة والناس. وتوقعت ان تمتد الازمة وأن تكون لهاانعكاسات سلبية جدا على وضع البلد.
هجوم الحزب الاشتراكي
وفيما كان الرئيس برّي يلتقي الوزير والنائب السابق في الحزب التقدمي الاشتراكي غازي العريضي، موفداً من رئيس الحزب وليد جنبلاط، كانت قيادة الحزب، من خلال الوزير وائل أبو فاعور، تشن هجوماً عنيفاً على العهد ووزرائه، وتوجه معظم الكلام في المؤتمر الصحفي، إلى رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه، محملاً رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل المسؤولية المعنوية والقانونية والسياسية لحادثة البساتين، مشيراً إلى ان مصداقية العهد في ما تبقى من الولاية أصبحت على المحك، نافياً كل الروايات عن وجود كمين مسلح سواء للوزير صالح الغريب أو ما نقل عن لسان الرئيس عون بأنه كان يستهدف الوزير باسيل.
لكن كل الاتهامات التي ساقها الوزير أبوفاعور لوزراء العهد الأربعة المعنيين بفبركة تحقيقات جديدة لحادثة البساتين والتدخل في القضاء، لم تقطع شعرة معاوية مع الرئيس عون، بل أبقت الباب مفتوحاً امام احتمال عودة الاتصالات مع بعبدا، وهو ما تأكد من معلومات عن اتصال جرى قبيل المؤتمر الصحفي بين المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ووزير الصناعة، موضحاً ما نقل عن لسان الرئيس عون في شأن انه ليس رئيس عشيرة ليرعى مصالحة بين جنبلاط والنائب طلال أرسلان، مؤكداً انه دائماً مع المصالحات، ولا سيما مصالحة الجبل، وانه بناء على هذا الاتصال، كان حديث أبوفاعور عبارة عن توجيه أسئلة للرئيس عون، من دون توجيه انتقاد مباشر، وإن كان حصر الاتهامات بالفريق اللصيق بالعهد.
وفي المؤتمر الصحفي قال أبوفاعور انه يتهم صراحة رئيس التيار «الوطني الحر» الوزير باسيل بالمسؤولية المعنوية والسياسية والقانونية عن حادثة البساتين من ألفها إلى يائها، ثم توجه بسؤال خاص إلى الرئيس عون ومن باب المصارحة قائلاً: «هل تقدر حجم المخاطر على لبنان وعلى سلمه الأهلي واستقراره الأمني والسياسي المتأتية من الخطاب الطائفي المتعصب التدميري الذي يعتمده وريثك السياسي الوزير باسيل والبعض في تياره على مستقبل البلاد، وما هي الخطوات التي ستتخذها من موقعك الدستوري لتدارك الأمور بدل الايغال في منطق تصعيد الانقسام».
وبالنسبة لرواية الكمين، أكّد أبو فاعور ان تحقيقات فرع العلومات قالت بعدم وجود كمين أو محاولة اغتيال، وان قاضي التحقيق العسكري كلود غانم نفى نظرية الكمين رغم الضغوط عليه، لافتا إلى ان البلاد عاشت لشهر على إيقاع نغمة محاولة اغتيال الوزير صالح الغريب، ثم بدأنا نسمع رواية عن كمين يستهدف الوزير باسيل، فليعتمدوا أي كمين سخيف يريدون، والذي عطلوا من أجله مجلس الوزراء، مؤكداً ان التسجيلات كانت حماسية وليس لها أي خلفية أمنية، وتم التحقيق مع أصحاب هذه التسجيلات واخلي سبيلهم فأين النية الجرمية.
ثم عرض أبو فاعور لوقائع ما وصفه «تزوير وتآمر في المحكمة العسكرية» من قبل وزراء العهد، فاتهم وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي بتهديد القاضي كلود غانم لاجباره على الادعاء على الموقوفين الأربعة من الحزب الاشتراكي بالمادتين الثانية والثالثة إرهاب لضمان الحصول على اتهام سياسي يستطيعون عبره اتهام مسؤولين في الحزب بالحادثة، وربما كانوا يحلمون بسحب رخصة الحزب، كما اتهم وزير الدفاع الياس بوصعب بممارسة نفس الضغوط على القاضي ذاته، وان رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد طرح مسألة الادعاء في اجتماع مجلس القضاء الأعلى محاولاً الحصول على غطاء لتمرير الأمر بخبث شديد، لكن أحد القضاة اجابه: «هل تريد ان تأخذ البلاد إلى حرب أهلية؟».
وقال ان غانم لم يستجب لهذا الطلب لفظاعته، لكنه استجاب لمطالب أخرى في الادعاء المخالف للتحقيقات التي حصلت.
وزاد في الوقائع بأن جريصاتي اتصل بالقاضي فادي صوان وطلب منه تحويل الملف إلى القاضي غير المناوب مارسيل باسيل قائلاً له بالحرف: «اريد قاضياً مطواعاً»، وان القاضي فهد اتصل بوزير العدل المغيب البير سرحان محرضاً وطالباً منه التدخل لاجبار القاضي صوان على التخلي عن الملف لمصلحة باسيل، فأجابه الوزير سرحان: «هذه صلاحية صوان ليفعل ما يشاء، لكنه عاد واتصل بصوان الذي أبلغ القاضي كلود غانم ان القضية ليست من اختصاص المحكمة العسكرية، ورغم ذلك يتم الإصرار على بقاء الملف في المحكمة العسكرية».
واستطرد أبو فاعور، موجهاً سؤالاً جديداً للرئيس عون قائلاً: «هل أنت على اطلاع على كل هذه الانتهاكات؟ اذا كنت على اطلاع ونحن نتمنى ان لا تكون فهذا يضع مصداقية ولايتك الرئاسية على المحك ويعرضها لأقصى الشكوك ويضع شعارات الاصلاح والتغيير في دائرة الشك بل ان ذلك سيسجل في ارثك وتاريخك السياسيين أنك رضيت أن يقوم محسوبون عليك بفبركة ملف اتهام سياسي بحق طرف سياسي وأساسي وهذا سيحكم ما تبقى من ولايتك بمسار نعرف وتعرف بدايته لكننا لا نعرف ولا تعرف نهايته، واذا لم تكن يا فخامة الرئيس على إطلاع فنحن ندعوك ومن منطلق قسمك ومسؤوليتك الدستورية أن تبادر الى لجم هذا المسار الخطر والتدميري للمؤسسات وفي مقدمتها مؤسسة القضاء».
وقال: «ان ما يجري اليوم بعد خسارتهم معركة الإحالة الى المجلس العدلي هو محاولة تزوير للتحقيقات وفبركة لملف اتهام سياسي ومحاكمة سياسية للحزب التقدمي الاشتراكي سنتصدى لها قضائيا وسياسيا وشعبيا بمنطق القانون والسلم والمؤسسات الذي نحرص عليه ولو تجاوزه الآخرون. اننا وبصراحة نتهم فريقا محسوبا على رئيس الجمهورية وزراء وقضاة بمحاولة فبركة وتزوير ملف قضائي ضد الحزب التقدمي الاشتراكي.
وقبل ان يتلو الوزير ابوفاعور بيانه، كان المحامي نشأت الحسنية أوضح باسم قيادة الحزب الاشتراكي انها تقدمت امام قاضي التحقيق العسكري بدفع شكلي لعدم صلاحية القضاء العسكري بالنظر بالدعوى في ملف حادثة قبرشمون – البساتين، وقال ان الادعاء تجاوز التحقيقات وتم تحويل المسار القضائي إلى مكان آخر، مؤكداً ان التحقيق نفى نظرية وجود الكمين المسلح نظراً لعدم توفّر شروطه متسائلاً عن الادعاء بجريمة القتل العمد؟
وفي أعقاب المؤتمر غرد رئيس الحزب جنبلاط عبر تويتر، مؤكداً: «سنبقى صامدين في الحزب ومعنا أصدقاء كثر في وجه الإرهاب المنظم لقسم ممن يدعي الحكم ويعيش في الماضي المظلم المبني على منطق حروب الالغاء».
بعبدا لا تعلق
من جهتها، رفضت مصادر مقربة من قصر بعبدا عبر «اللواء» اي اتهام يساق ضد رئيس الجمهورية بنسف مبادرة الحل بشأن قضية قبر شمون بدليل ان ما من مبادرة قدمت الا ودعمها كما ان ما من اقتراح الا وتجاوب معه في حين رفض الآطراف المساعي التي بذلت.
وقالت ان ما من تعليق على ما ذكره الوزير ابو فاعور لكنها سجلت ملاحظة مفادها ان الوزير ابو فاعور لم يقدم دليلا حسيا على كل ما ذكره في مؤتمره.
وافادت ان القصر الجمهوري امتنع عن التعليق لأن الرئيس عون. اكد ان الأمر متروك للقضاء لقول كلمته في حادثه قبر شمون وبالتالي هو من يفصل وبعد ذلك يبنى على الشيء مقتضاه.
ولفتت المصادر نفسها الى ان الأحتكام الى القضاء هو الأساس واي تشكيك بحياديته مرفوض وفي كل الأحوال تحقيقات فرع المعلومات واضحة واعترافات موقوفي الأشتراكي كذلك.
وكررت المصادر القول بأن الرئيس عون لا يزال يردد ان أبواب قصر بعبدا مفتوحة، وهو سيظل يدعم كل مسعى للحل.
كما رد مجلس القضاء الاعلى على اتهامات الوزير ابوفاعور من دون تسميته، مؤكداً «أن ما ورد على لسان احد الوزراء حول مضمون الكلام المتداول بين رئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل وقاضي التحقيق الأول لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، يفتقر إلى الصحة جملة وتفصيلاً».
تكتل «لبنان القوي»
وبحسب معلومات تكتل «لبنان القوي» فإن ردّ الوزير جبران باسيل على تحميله مسؤولية احداث الجبل، سيكون اليوم في الاحتفال الذي يقيمه «التيار الوطني الحر» لوضع حجر الأساس لمقره الجديد في ضبيه، عشية ذكرى 7 آب، لكن التكتل أستبق الرد المفصل لباسيل، بالتأكيد على ان المؤتمرات الصحافية والسجالات والتجاذبات لن تغير من الوقائع الموجودة عند القضاء، مشيرا إلى ان التكتل يرفض أي تدخل بالقضاء من أي جهة كانت، داعياً السلطة القضائية إلى عدم الاكتراث لأي تجاذب سياسي، وان يلتفت فقط إلى إحقاق للعدالة.
وقال الوزير سليم جريصاتي، وهو أحد الوزراء الأربعة الذين اتهمهم الوزير أبو فاعور بالضغط على القضاة بعد اجتماع التكل، ان القضاء هو الذي سيحسم كل ما يتعلق بأحدث الجبل، مشيرا إلى اننا «سنحتكم إلى القضاء سواء كان عدلياً أو عسكرياً أو اجرائياً».
وتابع: «لا سياسة في حضرة القضاء، وإلى القضاء در يا وائل».
كتلة «المستقبل»
اما كتلة «المستقبل النيابية»، فقد بدا واضحاً من بيانها تبني اتهامات الحزب التقدمي الاشتراكي للتدخل السياسي في الملفات القضائية، ومسار التحقيقات التي تولتها الجهات الأمنية المختصة، لكنها دعت إلى ان يكون صوت العقل أعلى من أصوات المعارك الكلامية، ورفض زج القضاء في الصراعات السياسية، وان توضع تحقيقات الأجهزة الأمنية في خانة التشكيك من جهات في الدولة، وان يدفع بمجلس الوزراء إلى الاصطدام مع النفس، وان تشرع الأبواب لادوات الفتنة الأهلية من جديد.
ونبهت الى ان «محاولات التشكيك بنتائج التحقيقات التي يتولاها فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، باتت سياسة مكشوفة الاهداف يقوم بترويجها وزراء ونواب ومواقع اخبارية، يتناوبون على تهشيم صورة الفرع وتضليل الرأي العام تجاه كل ما يتولاه من مسؤوليات، وهي سياسة وصلت بعد حادثة قبر شمون الى حدود غير مقبولة مع ما يتردد عن تدخلات للقفز فوق نتائج التحقيقات التي اجراها فرع المعلومات والولوج الى مسار تحقيقي جديد على خلفية الاتهامات الجاهزة».
وحذرت الكتلة من «الذهاب بعيدا في هذا المنحى، ومن أي خطوات مدروسة تتعمد وضع الجهود الجارية لتحقيق المصالحة أمام طريق مسدود، وتعتبر ان من اولى اولويات المسؤولية الوطنية، ان تبادر الجهات المعنية بالدولة والحكومة والاحزاب السياسية الى العمل على تدارك الموقف قبل فوات الأوان».
الحزب الديموقراطي
من جانبها، أعلنت مديرية الإعلام في الحزب الديموقراطي اللبناني، انه سيكون لها مؤتمر صحافي في الأيام المقبلة لوضع النقاط على الحروف بعدما شهدناه من عمل مسرحي لا يخلو من التشويق، مشيرة إلى ان لديها ما يكفي من تسجيلات صوتية للذهاب إلى المجلس العدلي. وقالت ان كل ما قيل لايعنينا في شيء وهو لتحريف وافراغ التحقيق من مضمونه، ومحاول بائسة للضغط على القضاة وتشتيت الرأي العام، ولن نساوم على دماء الشهداء والجرحى تحت أي ظرف من الظروف».
وعلق رئيس حزب التوحيد العربي السابق وئام وهاب على المؤتمر الصحافي للاشتراكي بالقول: «إن إستهداف العهد والرئيس (ميشال عون) أصبح مكشوفاً ونتمنى ان لا يتورط (الرئيس) الحريري بهذه اللعبة».
عثمان يرد
وعلّق اللواء عماد عثمان على ما جاء في كلام غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بشأن ما تضمنه نداء غبطته بالقول: أتوجه إلى غبطة البطريرك بالرجاء الحار بأن يتأكد بنفسه أو يكلف من يرتئيه لمواجهة الموقوفين الذين تم الإدعاء بأنهم تعرضوا للتعذيب أو جرى تلفيق التهم بحقهم، سواء من الذين أُخلي سبيلهم أم من الذين لا يزالون موقوفين وبالطريقة التي يراها مناسبة، تبياناً للحقيقة ووضع الأمور في نصابها الصحيح، وختم اللواء عثمان متوجهاً الى مَن شهد بالزور أمام غبطته، أنه ينطبق عليه ما جاء في الكتاب المقدس « الشاهد بالزور لا يتبرَّأ «.
وكان البطريرك الراعي وجه «نداءً عاجلا الى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان سائلا كيف يقبل بفبركة ملفات لاشخاص من دين واحد ومذهب واحد؟ وقال: نحن مع القانون، ولكن هل مسموح تعذيب الناس في اقبية الامن الداخلي وشعبة المعلومات خلال التحقيق معهم؟ وأضاف: الامر لم يعد يطاق لاننا بتنا بعيدين عن مفهوم الدولة، وبات القوي يأكل الضعيف، والشعب فقد كل الثقة بالحكام والبرهان ان 51 بالمئة من الناس لم تشارك في الانتخابات ولم يقترع سوى المنتمين الى الاحزاب الملزمين بالاقتراع، اما الباقون فليس لديهم ثقة بدولة تضع القوانين جانبا وتنفذ ما تريد استنسابيا خلافا للدستور والقانون والميثاق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
روحاني لمعادلة المضيق بالمضيق والنفط بالنفط… وواشنطن تهدّد بمنع عملية أردوغان
لبنان يرقص على حافة الهاوية… والسياسة مجمّدة حتى إشعار آخر
الاشتراكي يقلب الطاولة بأعنف هجوم على العهد والوزراء… والقضاء
بينما تتواصل مساعي الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون والرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني لحياكة تفاهمات أوروبية إيرانية تحمي الاتفاق النووي من السقوط، كما أشار الاتصال الهاتفي المطوّل بينهما أمس، رسم الرئيس الإيراني مع لندن وواشنطن معادلة عنوانها، السلام بالسلام والأمن بالأمن، والنفط بالنفط والمضيق بالمضيق، واضعاً سلامة عبور النفط الإيراني لمضيق جبل طارق مقابل سلامة عبور التجارة والناقلات البريطانية لمضيق هرمز الذي وصفه بأنه قد يكون غير آمن. وفي الردّ على دعوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتفاوض جدّد الرئيس روحاني معادلته السابقة، لا تفاوض قبل إلغاء العقوبات.
واشنطن التي طغى عليها الهمّ السوري مع قرب عمليات الجيش السوري للحسم في منطقة إدلب بوجه جبهة النصرة، وجدت بلسان وزير دفاعها مارك إسبر أن التهديد التركي بعملية عسكرية في شرق الفرات ضد الجماعات العسكرية الكردية غير مقبولة، وأنها ستضطر لمنع أي توغل تركي في المنطقة في حال حدوثه، رغم أنها تتمنى استمرار التنسيق مع أنقرة، ما أكد الاستنتاجات السابقة بربط واشنطن لوجود قواتها بمسعى دائم لمقايضتها مع الوجود الإيراني في سورية، وفقاً للرغبات الإسرائيلية، ما يرفع قيمة غطاء الجماعات الكردية للوجود الأميركي على قيمة تلبية طلبات الرئيس التركي.
في لبنان كأن القادة السياسيين ليسوا على صلة بما يحدث ومتابعة حجم التحديات الإقليمية الخطيرة وتداعياتها، أو كأنهم جزء عضوي منها. فالكلام الذي قاله الحزب التقدمي الاشتراكي بحق رئيس الجمهورية وعدد من الوزراء ومجلس القضاء الأعلى ورئيسه وعن التحقيقات ومساراتها، يشكّل إعلاناً سياسياً بحرب مفتوحة مع العهد، وفقاً لما تراه مصادر سياسية متابعة، وصفت خطوة الاشتراكي بإعلان حرب متسائلة عن الحسابات التي تقف وراءها، ومدى علاقتها بما يجري في المنطقة خصوصاً معركة إدلب، وما قد ينجم عنها مع الانتصارات المتوقعة للجيش السوري، وسعي الاشتراكي لتفاهم مع حزب الله يستبق التطورات، وربما كان وراء حادث قبرشمون نفسه، في رسالة مضمونها قد لا يكون مبنياً على حسابات دقيقة للموازين الداخلية والخارجية، بقدر ما هي دعوة لمنح الاشتراكي ثمناً لعدم دفع البلاد إلى أزمة كبرى تربك الحسابات السياسية والأمنية في لحظة اقتصادية ومالية دقيقة، وتحمّل حزب الله مسؤولية تعطيل الدولة ودورة الحياة السياسية والاقتصادية، وهو ما ينتظره الأميركي وربما بعض الخليج وفقاً لما قالته زيارة رؤساء الحكومات السابقين إلى الرياض. وعن مضمون الرسالة الاشتراكية لحزب الله، قالت المصادر، إنها على الأرجح دعوة لحماية المكاسب الاشتراكية من مرحلتي الحرب والتطبيق السابق للطائف، مقابل تجنيب حزب الله مواجهة أزمة مفتوحة يتحمّل مسؤوليتها، من بوابة الاشتباك الاشتراكي مع العهد، كما تقول المصادر نفسها.
بالتوازي لم يصدر عن حزب الله ومصادره أي تعليق على الكلام الاشتراكي، بينما قالت مصادر مقربة من رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه جمّد مساعيةه التوافقية، وبقيت ردود الأفعال الصادرة عن الأطراف الأخرى، خصوصاً التيار الوطني الحر ورئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى محصورة بالاتهامات الخاصة بمضمون التحقيقات، ولم تتناول الأبعاد السياسية لما قاله الاشتراكي في هجومه غير المسبوق، بانتظار ما سيقوله رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل اليوم وما سيتضمنه المؤتمر الصحافي لرئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان.
لا شك في أنّ التصعيد السياسي على الجبهات كافة دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى فرملة اندفاعته ومساعيه لحلّ أزمة قبرشمون، بعدما فشلت كلّ المبادرات في إحداث خرق في جدار أزمة الجبل المستعصية على الحلّ، علماً أنّ الرئيس بري التقى امس الوزير السابق غازي العريضي. كما دفع التصعيد رئيس الحكومة سعد الحريري الى الاعتكاف خارج لبنان وإطالة أمد إجازته العائلية، طالما انّ أبواب الحلّ لا تزال مقفلة والجمود يحيط بمجلس الوزراء الذي يبدو أنه لن يلتئم قريباً. وقد بلغ التصعيد السياسي مستوى خطيراً جداً أمس، مع فتح الحزب التقدمي الاشتراكي النار بالمباشر على رئاسة الجمهورية ووزراء تكتل لبنان القوي سليم جريصاتي وجبران باسيل والياس بوصعب، والقاضي جان فهد وإن كان الاشتراكي يعتبر وفق مصادره لـ البناء أن هذا التصعيد جاء بعد ما أسماه حملة افتراءات شنّها رئيس الجمهورية ولبنان القوي على النائب السابق وليد جنبلاط حيال ما قيل عن كمين كان يُراد منه استهداف الوزير باسيل. فرئيس الجمهورية بعث اول امس لنا برسالة ليست إيجابية على الإطلاق وكأن هناك مَن يريد توجيه الاتهامات لغايات في نفس صاحب الادعاءات، معتبرة ان الضغط على القضاء من أجل أن تأتي نتائج التحقيقات غب الطلب مع ما يريده التيار العوني .
وأعلنت قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي أنها تقدمت أمام قاضي التحقيق العسكري بدفع شكلي لعدم صلاحية القضاء العسكري بالنظر بالدعوى في ملف حادثة قبرشمون – البساتين، لافتة الى انها في انتظار اتخاذ القرار لاستكمال الإجراءات كما ينص عليها القانون، وقالت: تبين أن الادعاء تجاوز التحقيقات وتم تحويل المسار القضائي الى مكان آخر . ولفتت القيادة الى ان التحقيق نفى نظرية وجود الكمين المسلح نظراً لعدم توفر شروطه ، سائلة: لماذا الادعاء بجريمة القتل المتعمّد؟ .
وعن التسجيلات الصوتية، شدد محامي جرحى الاشتراكي نشأت الحسنية على أن لا قيمة قانونية للتسجيلات الصوتية لأن شعبة المعلومات استدعت جميع الأشخاص المعنيين وتبين ألا خلفية أمنية أو قضائية وراء التسجيلات.
وحمّل وزير الصناعة وائل أبو فاعور، الوزير باسيل المسؤولية المعنوية والسياسية والقانونية عن حادثة قبرشمون من ألفها الى يائها . وقال المشكل الاساسي هو زيارة رئيس تيار سياسي دأب منذ فترة على خطاب سياسي طائفي فتنوي استعدائي واستعلائي . وتوجّه ابو فاعور بسؤال الى رئيس الجمهورية قائلاً: هل تقدر المخاطر على لبنان وسلمه الأهلي واستقراره من الخطاب الطائفي التدميري؟ . ورأى ان ادعاء الكمين سخيف ولم يكن هناك محاولة اغتيال . واعلن ان شعبة المعلومات التي حققت الإنجازات في مكافحة الإرهاب سقطت الآن في الامتحان، لأنها لم تتهم التقدمي الاشتراكي بالتسليح والقتل وإقامة الكمين .
اضاف: أن القاضي كلود غانم نفى نظرية الكمين ومحاولة الاغتيال، وذلك رغم كل الضغوط التي تعرّض لها . واعلن ابو فاعور ان جريصاتي وبو صعب يضغطان على القاضي كلود غانم للادعاء على الموقوفين من الحزب التقدمي الاشتراكي بالمادة 2 و3 إرهاب، للحصول على اتهام سياسي .
وعقب المؤتمر، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر تويتر قائلاً: سنبقى صامدين في الحزب ومعنا اصدقاء كثر في وجه الإرهاب المنظم لقسم ممّن يدّعي الحكم ويعيش في الماضي المظلم المبني على منطق حروب الإلغاء .
وبانتظار المؤتمر الصحافي الذي سيعقده رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال ارسلان خلال اليومين المقبلين أكدت لجنة الاعلام في الديمقراطي في بيان أنه لا يعنينا شيء من كلّ ما قيل في مؤتمر الاشتراكي، وهو لتحريف الحقائق وإفراغ التحقيق من مضمونه ومحاولة بائسة للضغط على القضاة وتشتيت الرأي العام، ولن نساوم على دماء الشهداء والجرحى تحت أي ظرف من الظروف . وشدّد على أنه لدينا ما يكفي من تسجيلات صوتية للذهاب الى المجلس العدلي، ومنطق الفجور والهجوم بغية الدفاع والتستّر عن جرم بهذا الحجم لن يجدي نفعاً لأنه سقط الى غير رجعة.
على هذا الخط، دخل وزير العدل البرت سرحان داعياً في بيان أصدره مكتبه الاعلامي الجميع، مواطنين ومسؤولين، أن يحكموا ضمائرهم، والى القضاة أن يؤدّوا رسالتهم بالمناقبية والحياد والالتزام بعيداً من أي تشكيك أو تجاذبات، هذه الرسالة التي في صميمها إحقاق حق للمتقاضين، وفي الوقت عينه التنقية الذاتية عند الاقتضاء، ولنذكر جميعاً أن قليلاً من الحق يدفع الكثير من الباطل .
ولفت مجلس القضاء الأعلى بعد اجتماعه الاسبوعي، الى ان ما ورد على لسان الوزير ابو فاعور حول مضمون الكلام المتداول بين رئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل وقاضي التحقيق الأول لدى المحكمة العسكرية بالإنابة يفتقر إلى الصحة جملة وتفصيلاً.
وأشار إلى أن مضمون بعض فقرات المؤتمر الصحافي يشكّل تدخلاً غير مشروع في العمل القضائي مؤكداً أن القضاء في لبنان مصرّ على أن يؤدي دوره كاملاً في مسار تطبيق القانون وإحقاق العدالة بعيداً عن أيّ محاولة للتأثير فيه او التشويش على عمله.
أما تكتل لبنان القوي الذي يحيي اليوم ذكرى 7 آب، فطالب بفصل الصراع والتجاذب السياسي عن اجتماع الحكومة، معتبراً أن عملها واجب وطني وعدم اجتماعها ليس جيداً للبلد اقتصادياً ومالياً واجتماعياً. وأشار إلى أن المؤتمرات الصحافية والسجالات والتجاذبات لن تغيّر الوقائع الموجودة عند القضاء والتكتل متمسّك بالعدالة والديموقراطية، مشدداً على أن طريق العدالة واحدة وهي القضاء.
وشدّدت مصادر وزارية في لبنان القوي لـ البناء على أن التكتل لن يردّ بالسياسة على أي كلمة أطلقها الاشتراكي في مؤتمره امس، مشددة على ان التيار الوطني الحر لا يحتكم الى المؤسسات، والقضاء هو الذي سيحكم في ما يتصل بقضية قبرشمون بعيداً عن اي تضليل من هنا او هناك. فمنطق الدولة هو الذي سيحسم وأزمة الجبل لن تحل إلا عن طريق القضاء سواء كان عدلياً او عسكرياً وغداً لناظره قريب. فلا مكان لمنطق التسويات في عهد الرئيس ميشال عون، وعلى الجميع ان يفهم ذلك، فالحزب الاشتراكي وكأنه يقول من خلال رفضه نتائج تحقيقات فرع المعلومات، اريد النتائج لصالحي. وهذا صعب المنال وكل المؤتمرات الصحافية والتهديدات لن توصل إلى نتيجة.
وليس بعيداً، لا تخفي مصادر مطلعة لـ البناء عتب التيار الوطني الحر على رئيس الحكومة الذي لم يدعُ الى جلسة لمجلس الوزراء ويعتمد منذ 30 حزيران الماضي سياسة الطرف الى جانب النائب السابق وليد جنبلاط رغم كل نتائج التحقيقات التي اطلع عليها، لافتة الى ان ما يجري من تهجم وتطاول على رئيس الجمهورية ووزراء التكتل من الحزب الاشتراكي يجب ان يكون مدعاة لرئيس الحكومة لإعادة حساباته وقراراته التي لا تصبّ في خدمة البلد ومؤسساته. فالحكومة يجب أن تجتمع لدوافع وطنية ولتسيير شؤون الناس.
في المقابل، أهابت كتلة المستقبل بالقيادات المعنية وعي دقة المرحلة واعطاء فرصة جدية لجهود المصالحة التي يعمل عليها بصمت الرئيس نبيه بري وبمواكبة الرئيس سعد الحريري . واعتبرت ان الاحتكام الى القضاء في القضايا الخلافية، لا يمكن ان يقع في موقعه الطبيعي بمعزل عن حياد السلطات القضائية والامتناع عن التدخل السياسي في الملفات القضائية ومسار التحقيقات التي تولتها الجهات الامنية المختصة . ونبّهت كتلة المستقبل الى ان محاولات التشكيك بنتائج التحقيقات التي يتولاها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، باتت سياسة مكشوفة الأهداف يقوم بترويجها وزراء ونواب ومواقع إخبارية، يتناوبون على تهشيم صورة الفرع وتضليل الرأي العام تجاه كل ما يتولاه من مسؤوليات، وهي سياسة وصلت بعد حادثة قبر شمون الى حدود غير مقبولة مع ما يتردد عن تدخلات للقفز فوق نتائج التحقيقات التي أجراها فرع المعلومات والولوج الى مسار تحقيقي جديد على خلفية الاتهامات الجاهزة.
الى ذلك انتقد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بصراحة شعبة المعلومات ، إذ وجّه نداءً عاجلًا الى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وسأله كيف يقبل بفركة ملفّات لأشخاصٍ من دينٍ واحدٍ ومذهبٍ واحدٍ ، مؤكّداً، أننا مع القانون ولكن هل مسموح تعذيب الناس في أقبية الأمن الداخلي وشعبة المعلومات خلال التحقيق معهم؟ فهذا الأمر لم يعد يطاق .
ليرد عثمان بالقول: أتوجّه الى غبطة البطريرك بالرجاء الحار بأن يتأكد بنفسه أو يكلّف من يرتئيه لمواجهة الموقوفين الذين تم الادعاء بأنهم تعرضوا للتعذيب أو جرى تلفيق التهم بحقهم، سواء من الذين أُخلي سبيلهم أم من الذين ما زالوا موقوفين وبالطريقة التي يراها مناسبة، تبياناً للحقيقة ووضع الأمور في نصابها الصحيح . وختم متوجهاً الى مَن شهد بالزور أمام غبطته، أنه ينطبق عليه ما جاء في الكتاب المقدس الشاهد بالزور لا يتبرَّأ .
على صعيد آخر، أكد قائد الجيش العماد جوزف عون خلال احتفال في القاع بمناسبة افتتاح ساحة الجيش اللبناني وتدشين طريق شهداء الإرهاب ، أن المؤسسة العسكرية ملزمة بالدفاع عن لبنان والتضحية من أجله، والجيش يقوم بدوره في ضبط الحدود رغم الصعاب والتعقيدات الجغرافية . واعتبر أن الاستقرار الأمني الذي ننعم به اليوم هو أفضل من أي وقت مضى، وشدّد على أن الجيش لن يسمح مطلقاً بأي محاولة للإخلال بالأمن ، مؤكداً أن المؤسسة العسكرية على جهوزية كاملة لمواجهة أي تهديد داخلي أو خارجي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
جنبلاط: انعطافة 6 آب 2019
روايات متعددة لمعركة دامت دقيقتين
يَنْدُر أن نجد صورةً لوليد جنبلاط، يلبس بزّة عسكرية. صورته الأشهر، مدنياً، بجاكيت جلدية وجينز، وهو يحمل رشاش كلاشنيكوف. صورته الشهيرة الثانية، في حربه الثانية، فوق منبر 14 آذار، يُسدل على كتفيه شالاً أحمر وأبيض، صنعته زوجته نورا جنبلاط مع شركة «ساتشي آند ساتشي» في 2005. اليوم، لم يرسم رئيس الحزب الاشتراكي بعد، صورةً جديدة لتنال الشهرة في حربه الجديدة. لكنّ حزبه أمس، أعلنها في مؤتمره الصحافي، بعد أن كان قد مهّد لها لأسابيع (مقال فراس الشوفي).
جنبلاط، منذ أشهر، يعتمد رفع السقف في الخطاب لكشف الخصم الفعلي. أوّل الأمر بدأ بالهجوم على سوريا، ولم يسمع صدىً. ثمّ بدأ برفع سقف خطابه التدريجي ضد حزب الله، حتى تجرّأ على مزارع شبعا. ولم يسمع جواباً. وحين اشتدت اتهاماته، اضطر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى الردّ عليه، فوجد في كلامه مادةً لجرّ الحزب إلى سجال… ولم ينجح. ثمّ قبل أسبوعين بالضبط، اتهم الحزب بقرار شلّ الدولة اللبنانية وكرّر الحديث عن شبعا. الأسبوع الماضي، قال في موقف آخر إنه ينتظر موفداً من نصر الله. وهو، على الرغم من قناعته بأن حزب الله ليس خصماً، سوّق ويسوّق نفسه أمام السفراء العرب والغربيين، بأنه من يقف بوجه حزب الله في لبنان، لا الرئيس سعد الحريري ولا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. لكنّه يحاول منذ ما قبل جريمة قبرشمون، العودة إلى «تنظيم الخلاف» مع حزب الله، بعد أن نكث به مرّات عديدة. ولأجل ذلك، حيّد حزب الله في المؤتمر الصحافي أمس.
في كلّ المراحل، كان جنبلاط يهرب من تظهير الصّراع على أنه درزيّ – درزي. فلا هو يريد تكريس النائب طلال أرسلان ندّاً له، ولا يحتمل أن يزلزل أرض الجبل تحت طائفة الموحدين الدروز في اقتتال دموي يمتد داخل كل قرية بين الإخوة وأبناء العمومة.
لكنّه تصيّد الصراع الدرزي ــ المسيحي، بنسخة عهد الرئيس ميشال عون. انتظر جنبلاط عون قرب «الفخّ»، ليستثمر بتجاذب درزي ــ ماروني في شدّ عصب الجزء الأكبر من طائفته، فأتى رئيس الجمهورية إليه طوعاً، مستعداً للمواجهة ومسلّحاً باتهامٍ بمحاولة اغتيال الوزير جبران باسيل.
بالنسبة إلى جنبلاط، لم يعد مجدياً إخفاء حقيقة التجاذب مع عون: إنها حرب اتفاق الطائف. صحيح أن رئيس الجمهورية يلتزم الطائف في العلن، لكنّه في العمق، وضع الاتفاق الناقص على الطاولة، وبدأ بتفكيكه. إنه السلوك الطبيعي لخطاب «استعادة الحقوق» الذي يحمله التيار الوطني الحر ويدور به باسيل من منطقة إلى أخرى، وما المادة 95 وربطها بوظائف الدرجات المنخفضة وإهمال ربطها بإلغاء الطائفية السياسية، إلا دليل على ذلك.
وجنبلاط بذلك عملياً، يجد المعنى السياسي لحربه الجديدة، مسلّحاً بخطابٍ طائفي يبثّه العونيون في البلاد. يوم أمس، استهدف رأس السلطة السياسية، مهدّداً عهد عون بالفشل، وصوّب على الفريق الأمني والقضائي للعهد، ثمّ هدد بالشارع… وبالحلفاء.
بدا رئيس الاشتراكي في الشهر الأخير، مثل جنبلاط في خريف وشتاء عام 2004، يقود المواجهة مع الرئيس إميل لحّود، ويجرّ الرئيس الراحل رفيق الحريري إلى المعركة. وبرفعه السقف، يتقدّم فريق المتضررين من تحوّلات النظام الجديد/ القديم الذي يحاول عون تشكيله. وإذا كانت القوى الأخرى خجولة، ولديها حساباتها، فإن جنبلاط وضعها أخيراً أمام الأسئلة: هل نترك ميشال عون يحكم البلد؟ كيف سنتعامل مع عودة العصبية المسيحية إلى الحكم؟ ثم ألقى أجوبته وقطع الطريق في قبرشمون، وردّ على «نبش القبور»، بـ«حفر القبور»: لن يكون أمراً سهلاً أن يعود المسيحيون إلى الحكم بالشكل الذي كان قائماً قبل الطائف.
لا يخلو مؤتمر أمس من المظلّة العربية والأميركية التي لا ينفكّ جنبلاط يعمل عليها. المصريون اليوم أكثر تشدّداً من السعوديين في دعمه، وأكثر ضغطاً على الحريري لضمان دعمه وحماية «مكتسبات» طائفته في الطائف. ولا تخفي مواقف أمس زخماً يستمده جنبلاط من التفاف الجنبلاطيين حوله وجزء من الرماديين الدروز في لعبة «غيرة الدين»، ومن مجموعات مسلّحة من الاشتراكيين ومن مشايخ، يردّدون أنهم أعدّوا العدة كي لا تتكرّر هزيمة أيار 2008.
لكن، برأي كثيرين، يخطئ جنبلاط في حساباته. فانتصاراته لم تأتِ يوماً إلّا من تحالفاته، ومع سوريا تحديداً، التي يصدف اليوم أنّ عون يقف على ضفتها. ويخطئ أيضاً، وهو يرتكب انعطافته الجديدة متمرّداً على التحوّلات، في الهروب إلى الأمام بالهجوم على حزب الله لاستعادة الاتصال معه، في لحظة خوضه معركة الوجود ضد صفقة القرن.
روايات متعددة لمعركة دامت دقيقتين
انطلق الحزب التقدمي الاشتراكي من مضمون تحقيق فرع المعلومات في جريمة «البساتين» لنفي وجود كمين أو محاولة اغتيال، لكنه استند إلى معلومات مجهولة المصدر لاتهام الوزيرين الياس بو صعب وسليم جريصاتي، بالضغط على وزير العدل والقضاة لتحويل «الحادثة» إلى جريمة سياسية (مقال رضوان مرتضى)!.
شنّ الحزب التقدمي الاشتراكي هجوماً مضاداً على التيار الوطني الحرّ في ملف البساتين – قبرشمون. مقدمة الوزير وائل بو فاعور في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس، اختصرت مضمون موقف حزبه حين حمّل «الوزير باسيل المسؤولية المعنوية والسياسية والقانونية عن حادثة قبرشمون من ألفها إلى يائها». ثم استكمل هجومه على العهد بالحديث عن تدخل «وزير القصر» سليم جريصاتي ورئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد في مسار الملف القضائي. سرد وزير الصناعة مضمون اتصالات جرت مع مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم، للضغط عليه للادعاء بموجب المادة الثانية والثالثة من قانون الإرهاب، لكنّه رفض. اتهم بو فاعور كلاً من جريصاتي ووزير الدفاع الياس بوصعب بالضغط على القاضي غانم للادعاء على الموقوفين من الحزب التقدمي الاشتراكي بالمادة 2 و3 إرهاب، «للحصول على اتهام سياسي». كذلك تحدث عن اتصالات جرت مع قاضي التحقيق العسكري الأول فادي صوان للضغط عليه للتنحّي وتسليم الملف للقاضي مارسيل باسيل. وحدّد بو فاعور أوقات هذه الاتصالات، مشيراً إلى أن أحدها كان لـ«وزير العدل المغيّب» (يقصد ألبرت سرحان) الذي «استُخدم للمشاركة في الضغوط أيضاً». برأي وزير الاشتراكي، في البلد وزيران للعدل «أحدهما معلن (سرحان) والثاني في الظل (سليم جريصاتي)».
ورأى بو فاعور أنّ «ادعاء وجود كمين (في البساتين) ادعاء سخيف، ولم يكن هناك محاولة اغتيال، فليعتمدوا، هل الكمين للوزير باسيل أم للوزير صالح الغريب؟»، مشيراً إلى أنّ «القاضي كلود غانم نفى نظرية الكمين ومحاولة الاغتيال، وذلك رغم كل الضغوط التي تعرض لها».
أما في ما يتعلق بالتسجيلات التي استند إليها القاضي غانم للادعاء بالتحريض على القتل، فقال بو فاعور: «التسجيلات كانت حماسية ليس لها أي خلفية أمنية، وقد تم التحقيق مع أصحاب التسجيلات وأخلي سبيلهم فأين النية الجرمية؟».
لم يكد ينتهي المؤتمر الصحافي للاشتراكي، حتى سارع كل من مجلس القضاء الأعلى والحزب الديمقراطي اللبناني إلى إصدار بياني نفي واستنكار. فقد اعتبر مجلس القضاء الأعلى أن كلام بو فاعور يفتقر إلى الصحة ويُعدّ تدخّلاً غير مشروع في العمل القضائي، نافياً صحة ما ورد على لسان الوزير. أما الديمقراطي اللبناني، الذي وعد بأنه سيردّ بمؤتمر صحفي مفصّل، فرأى أن الحزب الاشتراكي «يستخدم كل أدوات الضغط على القضاء والقضاة والأمن والأمنيين، ويصوّب على الآخر بذلك، محاولاً إظهار نفسه بصورة الضحية». واعتبر البيان الصادر عن مديرية الإعلام في الحزب أن مضمون المؤتمر الصحافي هو «لتحريف الحقائق وإفراغ التحقيق من مضمونه ومحاولة بائسة للضغط على القضاة وتشتيت الرأي العام». وختم البيان: «لدينا ما يكفي من تسجيلات صوتية للذهاب إلى المجلس العدلي».
أمام كل ما تقدم، يبقى الثابت أنّ محققي فرع المعلومات لم يستمعوا إلا لإفادات من طرفٍ واحد. بُني التحقيق على أدلة تقنية وكاميرات مراقبة وهاتف وإفادات شهود وموقوفين ينتمون إلى الحزب الاشتراكي لمعركة لم تدم أكثر من دقيقتين وبضع ثوانٍ. وبالتالي، لا يُمكن الجزم بنتيجة التحقيق قبل انتهائه. لا يُمكن الوزير بو فاعور الانطلاق من ثابتة وردت في التحقيق الأولي لإصدار حُكمٍ علني قبل أن ينتهي التحقيق ويقول القضاء كلمته، ولا سيما أن السجل الجنائي في لبنان يزخر بعشرات الحالات التي اعترف فيها متهم بجريمة ومثّلها قبل أن تتبين براءته. ورغم أن بو فاعور كان يقرأ استنتاجات المحققين في فرع المعلومات، لكن لا يجوز أصلاً ركون القاضي إلى هذه الاستنتاجات قبل انتهاء تحقيقه هو.