أصدرت السفارة الأميركية بياناً سياسياً، بشأن حوادث "يوم 30 حزيران الماضي". افتتاحيات الصحف توسعت في "تحليل" مضمونه. ولكن حرصاً على الوقت الشخصي وسلامة التفكير، نرى أن من الممكن "تلخيص" هذا البيان، وكذلك البيانات المماثلة التي سوف تليه، بفقرة واحدة، تقول : نحن ممثلو حكومة الولايات المتحدة نتدخل في الشؤون اللبنانية الخاصة. نحن ديبلوماسيو واشنطن إلى بيروت نقوم بالإعتداء السياسي المباشر على الحقوق الدستورية للمواطنين اللبنانيين. نحن الأميركيون نريد أن يفعل اللبنانيون ما نريد. نحن سفارة الحكومة الأميركية، حليفة "إسرائيل" عدوة لبنان، نعمل على أن يغرق اللبنانيين في الحرب الأهلية مجدداً. لأن "إسرائيل" تخشى الحرب مع لبنان. نحن تحركنا، اليوم، بأنفسنا، لأن القوى المحلية التي ندعم مصالحها وتحمي مصالحنا، جربت أن تحوِّل "كمين البساتين ـ قبر شمون" إلى "مهوار سياسي" للمقاومة الوطنية اللبنانية وفشلت.
البناء
الجيش السوري يقترب من معركة خان شيخون… واتفاق تركي أميركي جزئي على غرفة عمليات
السفارة الأميركية في تدخل سافر: «تحذير من التدخّل السياسي وتحقيق أهداف سياسية»
باسيل يتحدّى جنبلاط ويسأل الحريري… ويفتح النار على جعجع… لإلغاء تفاهم معراب
خطفت التطورات الأمنية في عدن الأنظار إقليمياً مع التقارير المتداولة عن كونها مقدمة لتظهير تفاهمات إقليمية ودولية للحد من حضور حكومة منصور هادي، تمّ إعدادها في مفاوضات مسقط وتنفذها الإمارات، وترضى بها إيران وتغمض عينها عنها السعودية وتحظى بدعم أوروبي وأميركي وروسي، لكن الحدث السوري بقي متقدماً مع نجاح الجيش السوري في تحرير بلدتي الزكاة والأربعين، ووصوله إلى مقربة من بلدة مورك حيث القوات التركية، وإلى الإطلالة على مدينة خان شيخون التي تفصلها عنها بلدتا الهبيط وكفرزيتا. وقالت مصادر عسكرية إن الوحدات التركية في مورك تعيش حالة إرباك خشية أن تنجح القوات السورية بالتقدّم السريع نحو خان شيخون فتصير وحداتها محاصرة خلف خطوط التقدم السورية التي تربط قلعة المضيق بخان شيخون، ومثلها تعيش الجماعات المسلحة التي تتمركز في مواقع تقع خلف خطوط التقدّم السوري في اللطامنة واللحايا. وتوقعت المصادر حركة تفاوضية عسكرية روسية مع الأتراك لإخلاء المنطقة تفادياً لمخاطر لاحقة، بينما عيون أنقرة متجهة نحو العملية العسكرية التي تزمع القيام بها شرق الفرات والتي كانت موضع تفاوض تركي أميركي ليومين، أفضيا لبيان يتحدّث عن التوصل لتفاهم، ليتبين لاحقاً أن التفاهم يقتصر على تشكيل غرفة عمليات مشتركة في تركيا تضمّ الضباط الأميركيين والأتراك لتنسيق التحركات وعدم الوقوع في مواجهات، بانتظار أن توضح الأيام المقبلة حدود الحركة التركية وبالمقابل الخطوط الحمراء الأميركية المتمسكة بحماية الجماعات الكردية المسلحة التي تشكل في النهاية الهدف الرئيسي لأنقرة.
لبنانياً، وقع ما يضع الكثير من النقاط على حروف أحداث قبرشمون وتداعياتها وما رافقها من تصعيد سياسي، ترجمه بيان الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أعلن حرباً مفتوحة على عهد الرئيس ميشال عون، فقد جاء البيان الصادر عن السفارة الأميركية وقحاً في لهجته ومضمونه وحجم التدخل السافر الذي يمثله في الشأن القضائي، مليئاً بالمعاني والأبعاد، التي تقول إنه بمثابة إعلان رسم خطوط حمراء أمام المسار القضائي في قضية قبرشمون، عبر التحذير من تدخل سياسي، ما يجعل البيان متطابقاً مع اتهامات الاشتراكي للعهد بالتدخل السياسي في عمل القضاء، وتحذير موازٍ من السعي لاستغلال الأحداث لتحقيق مكاسب سياسية، في إشارة واضحة لخط أحمر أميركي مضمونه، ممنوع أن يخرج رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط خاسراً من القضية القضائية، وهو ما وصفته مصادر قانونية بالحكم المسبق الذي يلغي فرصة التحقيق والاحتكام للقضاء برسمه سقفاً مسبقاً للعملية القضائية ممنوع تخطيه ولو أثبتته المسارات القانونية.
بالتوازي أطل رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل من منبر ذكرى السابع من آب وإطلاق مقر التيار، فندد بتدخل السفارات، وتحدّى جنبلاط بالقول سنبقى نتجول في المناطق ولا نقبل بالحصول على إذن من أحد، وسأل رئيس الحكومة سعد الحريري دون أن يسمّيه بالقول، نريد أن نعرف موقف شركائنا من الميثاقية والعيش المشترك، لكن هجوم باسيل تركّز على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي اتهمه بالكذب والوصولية والفساد، ملوحاً بإعلان إلغاء اتفاق معراب باعتباره صفقة مضمونها، تأييد القوات للعهد مقابل الحصول على حصة في التعيينات.
واشنطن على خط قبرشمون
لم يكن المطلعون على الكواليس السياسية والديبلوماسية ينتظرون بيان السفارة الأميركية في بيروت لمعرفة مدى وحجم التدخل الأميركي الفاضح في لبنان وتحديداً في أزمة قبرشمون ودورهم في التخطيط لحادثة البساتين! فمصادر مطلعة تربط بين أحداث الجبل والتصعيد الجنبلاطي المفاجئ والأول من نوعه منذ التسوية الرئاسية وبين الزيارة الخاصة لوزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى كليمنصو في حزيران الماضي ولقائه رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، وتكشف المصادر لـ»البناء» أن «جنبلاط أُوكِل مهمة إحداث خلل داخلي وضرب السلم الأهلي في سياق الهدف المرسوم أميركياً ألا وهو حصار حزب الله وتجميد العهد الرئاسي الحالي». واعتبرت أنه «ليس صدفة أن تتزامن مؤشرات التصعيد لدى الاشتراكي والقوات اللبنانية وبعض أجنحة تيار المستقبل، وبالتالي تزامن كمين قبرشمون واستدعاء رؤساء الحكومات السابقين الى السعودية والانقلاب على الموازنة»، كما أنه ليس صدفة تضيف المصادر أن «يدخل الأميركيون على الخط عندما اشتدّ الخناق على جنبلاط وبعدما قام الأخير بحركة دبلوماسية مكثفة منذ أيام للتحريض على حزب الله والعهد والقضاء في لبنان».
وتحذّر المصادر من أن «الكباش الدولي اشتد حول لبنان وبات جنبلاط يمثل رأس الحربة الأجنبية ضد الحالة الوطنية»، وتربط بين ما يجري في الداخل وبين تطورات المنطقة، حيث إن «الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة ينظرون الى لبنان كورقة تعويض عن خسائرهم في المنطقة في سورية واليمن والخليج. فالرئيس سعد الحريري لا يريد الانجرار الى مستنقع التصعيد في وجه رئيس الجمهورية ميشال عون وحزب الله لأسباب سياسيّة وشخصية ومالية أما رئيس القوات سمير جعجع فلا يستطيع تحريك الحالة الإسلامية ولا حتى الشارع المسيحي، فكان استخدام جنبلاط للعب هذا الدور في محاولة لتكرار مشهد عام 2005 حيث كان رئيس الاشتراكي عصب حركة 14 آذار في وجه الرئيس اميل لحود وحزب الله وسورية».
وتلفت المصادر الى أن «بيان السفارة الأميركية رسالة مباشرة الى رئيس الجمهورية للضغط على سياساته المحلية والخارجية»، وتشبه المصادر البيان بـ»اتصال السفير الأميركي بالرئيس اميل لحود الذي كان قائداً للجيش في العام 1994 للدفاع عن الرئيس فؤاد السنيورة الذي كان يخضع للتحقيق في مخابرات الجيش آنذاك بقضايا فساد مالي».
وأمس، تداعت مجموعة من الشخصيات السياسية من بينهم نواب ووزراء سابقون لعقد اجتماع في مكتب السنيورة في بلس للبحث في التطورات السياسية منذ حادثة البساتين، حضره النائب مروان حماده فيما غاب الرئيس ميشال سليمان والوزير السابق بطرس حرب والنائب السابق فارس سعيد.
إلا أن مصادر مراقبة استبعدت العودة الى مشهد 14 و8 آذار، إذ إن فريق 14 آذار لن يكتمل بعد التحول الجنبلاطي رغم المحاولات الأميركية لذلك، لأن مصالح الرئيس الحريري باتت في غير مكان، فضلاً عن أنه لم يعُد يثق بجنبلاط وكذلك جعجع لن يكمل انقلابه على عون قبل التأكد من موقف الحريري وثبات جنبلاط على موقفه، حيث يعتبر جعجع أن رئيس الاشتراكي لطالما ذهب بعيداً ثم ترك حلفاؤه وحيدين وعاد الى التسوية.
وفيما تترقب الأوساط السياسية توجهات رئيس الحكومة سعد الحريري الذي عاد أمس، الى بيروت بحسب ما تردد، برز موقف لافت لعضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار الذي اتهم رئيس الجمهورية بأنه طرف في الأزمة لقوله إن الكمين كان محضر لرئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، لكنه أكد أن الحريري لن يعتكف ولن يستقيل ولن يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء بجدول أعمال يُفرض عليه من الآخرين يتضمّن مناقشة حادثة قبرشمون، وحذّر من فتنة في الجبل في حال استمر التيار الوطني الحر على سياساته ضد جنبلاط.
وكانت السفارة الأميركية في بيروت دعت الى عدم استغلال حادثة قبرشمون لأهداف سياسية، وقالت في بيان: «تدعم الولايات المتحدة المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخل سياسي. إن أي محاولة لاستغلال الحدث المأساوي الذي وقع في قبرشمون في 30 حزيران الماضي بهدف تعزيز أهداف سياسية، يجب أن يتمّ رفضه. لقد عبَّرت الولايات المتحدة بعبارات واضحة إلى السلطات اللبنانية عن توقعها أن تتعامل مع هذا الأمر بطريقة تحقق العدالة دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية».
وفيما استنكر التيار الوطني الحر التدخل الأميركي، دعت مصادر نيابية في 8 آذار الدولة اللبنانية للتحرك على المستوى السياسي لوضع حد لتدخلات السفارة الأميركية.
وطالب عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم وزارة الخارجية اللبنانية استدعاء السفيرة الأميركية في لبنان لتدخلها السافر في السيادة الوطنية اللبنانية.
عون: لبنان لا يخضع لإملاءات أحد
ولم يتأخر رد بعبدا على الرسالة الأميركية المشفرة، فالرئيس عون أكد أن «لبنان لا يخضع لإملاءات أحد، ولا يؤثر عليه احد، بل نحن من يملي ويؤثر». وأكد لوفد من الانتشار اللبناني أن «من يرفض العدالة يرفض المجتمع الذي لا يمكنه العيش في الفوضى»، مشدداً على أن القضاء يملك صلاحية الحزم والعقاب وفق القوانين المرعية الإجراء. وقال: «لا أحد يحتاج لإذن خاص للتجول في بلده». واشار الى ان مسيرة الاصلاح ومكافحة الفساد لا تنتهي وهي بدأت بالفعل، وعلى ان اللبناني يعيش اليوم في ظل الحرية والسيادة والاستقلال بالرغم من كل الحروب والضغوط، واننا نتحدث باسم لبنان في المحافل الإقليمية والدولية بما يعود بالفائدة على الجميع، دون أن يملي علينا احد ما يجب قوله، او ان يؤثر علينا، بل نحن من يملي ويؤثر». ولفت الرئيس عون الى انه تم تحويل ملفات عدة الى القضاء، فالفساد «معشعش في مختلف المؤسسات لكننا سنستأصله وسنعمل على محاربة براعمه التي قد تعود لتنمو».
محركات عين التينة مطفأة
أما عين التينة التي كانت أشدّ المتحمّسين للحل وقطعت شوطاً كبيراً للوصول اليه، فاصطدمت بجدار المواقف المتصلبة من فريقي الأزمة، ما اضطرها الى إطفاء محركاتها مؤقتاً كي تضع حرب المواقف أوزارها، فرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يعتصم بالصمت، نقل عنه النائب علي بزي قوله في لقاء الأربعاء إنه «لن يسمح بكل ما من شأنه أن يؤدي الى تفرقة اللبنانيين وتمزيق البلد»، وشدّد على ضرورة إجراء مصالحة كاملة وشاملة وعقد جلسات حكومية لمجلس الوزراء من دون التطرق الى حادثة قبرشمون». ولفت بزي إلى أن «أي مبادرة في حادثة قبرشمون بحاجة لتوافق الأطراف المعنية، قطعنا شوطاً في هذا الخصوص لكن قرر الرئيس بري إيقاف السعي في هذه القضية بعد أن سمع كلاماً مغايراً للأمور المتفق عليها». وأكّد بزي «أننا مستعدون للعمل على إنقاذ البلد ولكن في حال عدم وجود قبول من قبل الاطراف المعنية لا أعتقد بأن أي مبادرة ستنجح». ونقل بزي عن بري أن الاستقرار السياسي والأمني والمالي أمر مطلوب من الجميع، خصوصاً ان المؤسسات الدولية تتطلع الى نوع من الحذر الى لبنان. وأكد بزي أن «دفع المستحقات الى البلديات سيتم بعد عيد الأضحى وقبل نهاية الشهر».
وأشارت مصادر مقربة من بري لـ»البناء» الى «أنه وبعد مؤتمر الاشتراكي الصحافي ورد النائب طلال أرسلان عليه، لم يعد بالإمكان ان يستكمل الرئيس بري مبادرته فارتأى التريث حتى تهدأ المواقف ليبنى على الشيء مقتضاه»، لكنها تؤكد أن «رئيس المجلس لم يتخلَ عن دوره الوطني ولا دوره الوفاقي والتوفيقي في حادثة الجبل وعندما يرى تدخّله مناسباً لن يقصّر في ذلك، نظراً لخطورة تداعيات الحادثة على مجمل الأوضاع». وطمأنت المصادر أن «لا مسّ بالاستقرار الأمني والسلم الأهلي الداخلي ولا حرب أهلية كما يُشاع»، لكنها حذرت من الفوضى الوطنية على كافة الصعد لا سيما المالية والاقتصادية وترى المصادر أن «بري غير متحمّس لعقد جلسة للحكومة على جدول أعمالها حادثة قبرشمون قبل التوصل الى تسوية بين الطرفين المعنيين الجنبلاطي والارسلاني، الأمر الذي يؤدي الى عرقلة العمل الحكومي وتفجير الحكومة، فالأفضل فصل المسار القضائي عن السياسي والحكومي».
بدورها، أشارت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» الى أن «الأزمة الى مزيد من التعقيد اذا بقيت المواقف على حالها»، محذرة من أن «تداعيات الأزمة ستهدد الموعد الدستوري لإقرار موازنة العام 2020 وتؤثر على التصنيف الدولي المالي والنقدي للبنان وتنعكس سلباً على الوضع الاقتصادي العام». ودعت المصادر الى العودة الى مجلس الوزراء ومناقشة موازنة 2020 وإرسالها الى المجلس النيابي للانطلاق الى موازنات الأعوام المقبلة ضمن خطط اقتصادية وليس فقط موازنات حسابية كما حصل في الموازنة الحالية، لا سيما تعزيز الصناعة ورفع حجم التصدير وتخفيف الاستيراد.
وتنقل المصادر عن مسؤولين ماليين رسميين قولهم إن «لا خطر على الليرة، لكنها لا تستطيع أن تصمد الى ما لا نهاية في حال عدم البدء بمعالجات جدية». وعلمت «البناء» أن «عدداً من المصارف وضعت حدوداً ضيقة جداً للسحوبات المالية لمودعيها، ليس فقط بالعملة الأجنبية بل في العملة الوطنية ايضاً ما يرسم علامات استفهام عدة حول علاقة ذلك بما تردد في الأيام القليلة الماضية عن خطر على الودائع المصرفية!».
وأكدت مصادر عين التينة أن لا خلاف بين بري وعون، مشيرة الى أن رئيس المجلس النيابي لن يتدخل بعد كلام رئيس الجمهورية عن ان القضية أصبحت عنده. وأكدت المصادر ان التواصل بين عون وبري مستمر، محذرة من دقة الوضع على المستويات كافة اقتصادياً واجتماعياً وحتى على مستوى العلاقات بين القوى السياسية.
حزب الله: لن نقع بخديعة جنبلاط!
ونفت مصادر الثنائي الشيعي لـ»البناء» أي خلاف بين الحركة والحزب في مقاربة وحل أزمة قبرشمون مؤكدة وجود تنسيق وتناغم في الموقف، موضحة أن «حزب الله يستخدم استراتيجة هادئة في المسائل الوطنية وهو يرفض تعطيل مجلس الوزراء كما لا يريد تفجير الحكومة»، لكنها تخوّفت من «سعي جهات خارجية وداخلية الى نسف الحكومة عبر استدراج الحريري الى مخططها»، وشددت على أن «حزب الله يدرك أدوار جنبلاط الخارجية وأنه حصان طروادة للضغط على الحزب وبالتالي لا يرى الحزب في دعوة جنبلاط للحوار مع الحزب أي نتيجة في ظل هذا التصعيد ولذلك لن يسمح له بتمرير خديعة جديدة».
الاشتراكي واصل حملته
في المقابل، واصل الحزب الاشتراكي حملته على القضاء، ورد على بيان مجلس القضاء الأعلى وتساءل في بيان: «هل أصبحت الاستنسابية وسلطة الموقع تحدد جدول أعمال اجتماع مجلس القضاء الأعلى غب الطلب وخدمة لتيار سياسي معين حتى يصدر بيانه فور انتهاء المؤتمر المذكور أعلاه وبالتزامن مع اجتماع كتلة نواب لبنان القوي؟».
باسيل: لن نسمح بفتنة في الجبل
بدوره أكد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل أننا «لن نقع في الكمين والشرك السياسي، ولن نسمح بمشكل درزي – مسيحي في الجبل، ونعمل بثبات من أجل الشراكة ولا تراجع مهما كذبوا. قطع الطريق والاعتداء حصل على وزراء ونواب يزورون مناطقهم وناسهم، الوقائع واضحة ولن يستطيع أن يتهرّب منها أي قضاء عسكري أو عدلي أو جنائي».
وخلال احتفال بوضع الحجر الأساس للمقر العام لـ»التيار» في ضبية شدد باسيل على أننا «لن نستأذن أحداً لندخل إلى بيوتنا في الجبل، ولن نسمح بالإقطاعيات السياسية والجيش من واجبه أن يحمينا. تعاطينا ما قبل الحادثة هو مفهوم الدولة مقابل اللادولة».
وردّ باسيل على رئيس القوات سمير جعجع وقال: «اتعهّد ان لا أمس أي يوم بالمصالحة المسيحية – المسيحية، ولا زال ممكناً إنقاذ اتفاق معراب، والاتفاق غير المصالحة التي حصلت في الرابية. لن نعود مهما حصل للاقتتال الداخلي، أما اتفاق معراب اتفاق سياسي طالب به سمير جعجع كبدل سياسي مقابل تأييد العماد ميشال عون للرئاسة، جوهر الاتفاق أن نكون معاً بدعم الرئيس، وأن نتفاهم على التعيينات والانتخابات، وأراد أن يأخذ التعيينات والحكومة، واكتشف أن ربحه بالمعارضة والشعبية هو باتهامنا بالفساد، وبدأ يشنّ الحملات الكاذبة علينا. وبدل أن يكون معنا كما هو الاتفاق، ذهب ليعرقل الحلول بحجة الفساد، وبات عمله محاربة الرئيس ورئيس الحكومة، وصولاً إلى دعم علني لاختطاف رئيسها».
واشار باسيل الى أن «القاتل بالكلمة والشائعة هو أبشع من القاتل بالسلاح، لا تقفوا معنا بمشاريع إنقاذ البلد واستعادة الحقوق ولا الشراكة بالجبل، على الأقل لا تقفوا ضدنا من أجل حسابات لا تستأهل. الرئاسة أرخص من حقوقنا وأرخص من الكرامة في الجبل. لا نقبل الانتقال من المناصفة إلا إلى دولة مدنية مع مجلس شيوخ ومركزية إدارية موسّعة، وإلغاء الطائفية السياسية وحدها لا يكفي».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
بيان السفارة: وقاحة بلا تأثير
أرسلان: جنبلاط عدو الدروز!
حزب الله «لن يرضخ» لجنبلاط: الابتزاز لن ينفع!
دخلت البلاد في عطلة الأعياد، التي تعطّلت معها المساعي إلى حل معضلة عدم انعقاد مجلس الوزراء. لكن الجديد دخول السفارة الأميركية مباشرة على خط التوتر السياسي القائم في البلد، فاصطفت إلى جانب النائب وليد جنبلاط في وجه «من يحاولون استغلال جريمة قبرشمون لأهداف سياسية». وأصدرت بياناً وقحاً يتخطى كل الأعراف الديبلوماسية، من دون أن يكون له أي وقع على الأرض.
من جريمة قبرشمون، عاد التدخل الأميركي في الشأن اللبناني إلى أوقح صوره. صحيح أن الحضور الأميركي الصلف ليس غريباً عن لبنان. إلا أن واشنطن التي اعتادت فرض الرعب على المصارف والمتعاملين بالدولار، ولا تتوانى عن الضغط على الاقتصاد وبعض السياسيين، وكذلك فرضت نفسها بالقوة مصدراً شبه وحيد لتوريد السلاح والعتاد العسكري للجيش اللبناني، لم يكن ينقصها سوى أن تعطي رأياً بجريمة وقعت على الأراضي اللبنانية، ولا تزال أمام القضاء. وهي فعلت ذلك أمس، بشكل يشكّل سابقة، لم تحدث منذ العام 2005، يوم كانت السفارة الأميركية شريكاً مضارباً لفريق 14 آذار في «ثورة الأرز». فقد أصدرت السفارة، أمس، بياناً أكدت فيه «دعم الولايات المتحدة المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخل سياسي». واعتبرت أن «أي محاولة لاستغلال الحدث المأساوي الذي وقع في قبرشمون في 30 حزيران الماضي بهدف تعزيز أهداف سياسية، يجب أن يتم رفضها». كما أشارت إلى أن الولايات المتحدة «عبّرت بعبارات واضحة إلى السلطات اللبنانية عن توقعها أن تتعامل مع هذا الأمر بطريقة تحقق العدالة دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية».
الانطباع الأول الذي ساد عند أكثر من جهة سياسية، كان نجاح وليد جنبلاط في حملة التحريض على حزب الله واستجداء الدعم من السفارات الغربية والعربية. فبيان السفارة لا يُقرأ إلا بوصفه موجهاً ضد حزب الله وحلفائه، ومن بينهم رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر. كما يوحي أنه استكمال للمؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير وائل أبو فاعور واتهم فيه عدداً من وزراء «تكتل لبنان القوي» بالضغط على القضاء. أضف إلى أنه يحذر من تأجيج النعرات الطائفية، فيما واشنطن لا تتوانى عن تحريض بعض اللبنانيين على بعضهم الآخر. لكن ماذا بعد؟ أين يُصرف هذا البيان في السياسة اللبنانية؟ أو بشكل أدق، كيف سيستفيد منه جنبلاط؟
كل المعطيات تشير إلى أن الزعيم الاشتراكي لن يكون أفضل حالاً بعد البيان من قبله. إذا كان حزب الله وحلفاؤه يريدون عزله، فكيف سيساهم بيان كهذا بتغيير هذا الاتجاه؟ ما هي أدوات أميركا التي يمكن أن تستعملها لفرض توجهاتها على الأرض؟ كل سلوكها يشير إلى أنها تملك سلاحاً واحداً، هو السلاح المالي – الاقتصادي. وعلى ما تُبين التجربة، فإن هذا السلاح الثقيل، أصاب الاقتصاد اللبناني بمقتل، وأدى إلى ارتهان النظام المصرفي كلياً للخزانة الأميركية ولأوامرها، إلا أن تأثيره على «حزب الله» يكاد لا يُرى. فلا هو جزء من النظام المصرفي ولا هو مهتم بلوائح الإرهاب المتتالية حتى يتأثر ببيان من فقرتين. هذا لا يعني أن البيان ليس خطراً. لغته استثنائية في عالم الديبلوماسية. هي أقرب إلى لغة المنتدبين. لكن بالرغم من ذلك، وبالرغم من أن البيان يشكّل اعتداءً على السيادة وتدخلاً في القضاء، من بوابة انتقاد التدخل فيه، إلا أنه حتى ليل أمس، لم يكن قد صدر أي موقف رسمي منه. في المقابل، فإن مصادر رسمية اعتبرت ان «البيان يشكل تدخلاً في الشأن اللبناني، وبطريقة غير معتادة، فالكل يعرف أن السفارة تعبّر عن موقفها من الشؤون اللبنانية خلف الأبواب المغلقة، أما إصدار بيان علني بذلك، فيشكل سابقة يفترض أن تلقى الرد من وزارة الخارجية». يكفي أن تعود الوزارة إلى أرشيفها لتتذكر ما فعله وزير الخارجية علي الشامي في العام 2011. حينها استدعى السفيرة مورا كونيللي، بعد زيارتها للنائب نقولا فتوش ومحاولتها التأثير على موقفه من الاستشارات النيابية، وقال لها إن تصرفها يشكل تدخلاً في الشؤون اللبنانية وخرقاً للأعراف الدبلوماسية ولأصول التمثيل الأجنبي. رسالة أمس أشد فجاجة من زيارة كونيللي ولم يتبين بعد كيف ستتعامل «الخارجية» معها.
أما جنبلاط، علة البيان وحجّته، فيدرك تماماً أن أميركا، وفي ذروة قوة «14 آذار»، لم تتمكن من فرض واقع جديد في لبنان. ولذلك تحديداً فإن الديباجة الأميركية لن تفيده، لا بل قد تساهم في زيادة الضغط عليه لا العكس. ليس مصدر الضغط هو القوى المناوئة له حالياً، بل حقيقة أن انضمام البيك إلى المحور الأميركي مع تلاحق انكساراته في المنطقة وعجزه عن تحقيق أي انتصار صريح في معركته مع محور المقاومة، إن كان في سوريا أو اليمن أو العراق وصولاً إلى الخليج، لن يكون في صالحه. فأميركا التي يستنجد بها جنبلاط غير قادرة حتى على تشكيل تحالف في الخليج للوقوف في وجه السيطرة المطلقة لإيران على مضيق هرمز. وأميركا التي يستنجد بها، لن تتأخر قبل أن تغرق في انتخاباتها الرئاسية، مع ما يشكّله ذلك من ابتعاد تلقائي عن المشاكل الخارجية. وعليه، فإن جنبلاط لن يكون أمامه سوى إنهاء جولاته على السفراء والعودة إلى البحث عن السبيل لعودة الحوار مع حزب الله، وربما مع سوريا.
بعيداً عن البيان وتداعياته، لم يشهد يوم أمس أي تقدم في المساعي الآيلة إلى انعقاد مجلس الوزراء، والاتفاق على حل لقضية قبرشمون. بل على العكس بقيت المواقف على تشنجها.
وإذ أكد الوزير جبران باسيل عدم السماح بمشكل درزي مسيحي في الجبل، فقد أشار إلى أن «قطع الطريق والاعتداء في قبرشمون حصل على وزراء ونواب يزورون مناطقهم وناسهم، الوقائع واضحة ولن يستطيع أن يتهرب منها أي قضاء عسكري أو عدلي أو جنائي».
وشدد باسيل على «إننا لن نستأذن أحدا لندخل إلى بيوتنا في الجبل ولن نسمح بالاقطاعيات السياسية والقضاء من واجبه الدفاع عنا والجيش من واجبه أن يحمينا وكل تعاطينا ما قبل حادثة قبرشمون وما بعد الحادثة هو مفهوم الدولة».
أرسلان: جنبلاط عدو الدروز!
تكاد حركة السيارات تكون معدومة على الطريق الساحلي في خلدة. ربّما هي شمس الظهيرة والحرّ الرطب. ما إن تطلّ السيارة على مدخل بيت رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، حتى يخرج الحارس الوحيد من مخبئه. في البهو الحجري الكبير في الطابق الأرضي، يجيب أرسلان عن أسئلة «الأخبار» حول آخر التطورات السياسية في البلاد، وانعكاس الصراع مع النائب السابق الوليد جنبلاط على الساحة الدرزية (أجرى المقابلة فراس الشوفي)..
كيف قرأتم الكلام الذي صدر عن الحزب التقدمي الاشتراكي أول من أمس؟
للأسف، موقفهم كان أشبه بمهزلة. ضعيف وخالٍ من أيّ مضمون قضائي وقانوني ومعلوماتي دقيق. يمكن القول إنه تشويه للصورة، ومحاولة لنقل الصراع من جريمة إلى صراع درزي ــ مسيحي. لكن ما حصل كان محاولة اغتيال مباشرة للوزير صالح الغريب. استشهد اثنان من الرجال، رامي سلمان وسامر أبو فراج، وجميع السيارات في الموكب أصيبت بطلقات نارية، وسيارة صالح وحدها 19 طلقة، على الرغم من أن شبّاكه كان مفتوحاً. لكن مع الأسف، نحن في بلد نقمته الطائفية والمذهبية، وما يحاولون فعله محاولة للهروب واختراع خصوم وهميين، خصوصاً عندما يكون هناك تسجيلات لنائب الفتنة (يقصد الوزير أكرم شهيب)، وهو يقول: «ما حدا بيمرق إلا على جثثنا». هذا تهديد للسلم الأهلي وأمن الدولة ومحاولة اغتيال وزير في الحكومة.
هذه ليست المرة الأولى التي تستعمل فيها مصطلح «نائب الفتنة». ما الحكاية؟
هي تراكمات. تذكّر حادثة الشويفات، فهو حرّض الذين نفّذوا اشتباك الشويفات قبل 24 ساعة، وقال كلاماً كبيراً وسمّاني بالاسم. وكان قبلها بأسبوعين في الشويفات أيضاً قد ألقى خطاباً فتنوياً. ثم في عين دارة، هو من نظّم وعبّأ المسلحين. هذا أسلوب منحطّ للتعاطي بالشأن الدرزي العام. ثلاثة حوادث خلال سنة واحدة، اللاعب واحد والمحرض واحد والمنفذ واحد.
تتحدّث الآن عن أن الاستهداف هو للوزير الغريب. لكن ما نقل عن لسان الرئيس ميشال عون في الأسبوعين الأخيرين أن الاستهداف هو للوزير جبران باسيل. ألا تغذي رواية عون ما تقول إن جنبلاط يحاول فعله لنقل الصراع إلى مسيحي – درزي؟
اعذرني. لكن الذي يتحالف مع (رئيس حزب القوات اللبنانية) سمير جعجع، آخر من يحقّ له الحديث عن خلاف درزي – مسيحي. هذا كلام لتضليل الرأي العام. قلنا إن هذا الأسلوب سقط، أي أسلوب الهجوم للدفاع. لقد عرّتهم الوقائع. بالمناسبة، إذا لم يتآمر جنبلاط على نفسه وعلى ابنه وعلى بيته كما يفعل الآن، بإمكانه أن «يفضي باله» لأن لا أحد ما يتآمر عليه. هو مسكون بهواجس نفسية، ولا أحد يستطيع علاجه من القوى السياسية أو الدول. يحتاج إلى علاج خاص.
ماذا عن اتهاماته لسوريا بتحريك الشارع الدرزي والتآمر عليه؟
صدقني، سوريا لا تفكّر فيه ولم أسمع مسؤولاً سورياً يتحدث عنه. سوريا تخوض حروباً للكبار على مستوى إقليمي وعالمي، والرئيس بشار الأسد محارب كبير ضد دول استعمارية وعصابات إرهابية مسلحة وخطيرة. أما جنبلاط، فهو يخترع كل يوم نظرية مؤامرة، مرة يتهم (الرئيس) سعد الحريري، ومرة الشيعة ومرة المسيحيين، والآن يركّز على الدروز. جنبلاط هو ملك التآمر، وبات يكذب الكذبة ويصدقها ويسوّقها.
سأقول كلاماً كبيراً. فما يجرحني على المستوى الشخصي والوطني والدرزي، أنّ جنبلاط بيك هو عدو كل ما يمتّ إلى الدروز بصلة. لماذا؟ لا أعرف! فهو لم يترك عادات وتقاليد، يلعب على تناقضات الهيئة الدينية ويؤلب المشايخ على بعضهم، يكسر كل فكرة عزة النفس والشورى بين الدروز، وكأنه مسخّر لصنع عداوات للدروز أو لتحطيم معنوياتهم وبيع حقوقهم.
ابنه (النائب) تيمور بيك، جلست معه جلسات عديدة. هو ليس في هذا الجو، وليس بهذه النفسية أبداً. لماذا يفخخ البيت بتيمور ويورثه أحقاد وأزمات؟ أعتقد أن المتأثرين في المطبخ السياسي عنده، للأسف، حاقدين ومرتزقة. بالنهاية، هذا الأمر يورّطه، مثل ما حصل في المؤتمر الصحافي أمس (أول من أمس). عندما يغرق محاميهم نيابة عن نائب الفتنة، ويدّعي على فادي أبو فراج خال الشهيد سامر بمواد كلها مواد من اختصاص المجلس العدلي، يكون قد ورّطهم.
ما رأيك في التحقيق الذي أجراه فرع المعلومات؟
أنا بصراحة لم أطلع على التحقيق، ليس لدي ناس في الأجهزة تسرب لي مثله. لكن تقرير «الأم.تي. في» والتسجيلات الصوتية كانت مخيفة. بدل أن يذهب إلى المبادرات التي تثبت براءته، يذهب إلى التورط بالجريمة؟
كيف الحال اليوم في الساحة الدرزية؟
الوضع متوتر، وهناك قلق في الساحة الدرزية. ومن هذه الخلفية نطالب بالمجلس العدلي، لا لنأخذ بثأرنا من وليد جنبلاط، لكن لنضع حداً لهذا الأسلوب بالتعاطي السياسي الأمني في الجبل.
أقول للدروز: انتبهوا، كلنا تعبنا على أولادنا، ليس ليجري اصطيادهم على الطرقات. الحرب خلصت. لا أحد يضمر الشر للدروز، وأنا ضميري مرتاح، ولنهدئ لعبة تخويف الأقليات، لأنها تذبحهم. من لديه أقلية عددية مثل الدروز، يحمي نفسه بالمواقف المنفتحة وليس بالانغلاق، ولا المشاريع الخاصة. ولنأخذ أمثال غيرنا من الأقليات دون تسميات. هل هناك أقلية واحدة في الشرق انغلقت وناصبت العداء لمحيطها ولم يُنكَّل بها؟ كلما تقوقعنا نتعرض فوراً للكسر في السياسة. عاليه والشوف ليستا كانتوناً.
هل يذهب جنبلاط إلى استخدام السلاح؟ ولماذا برأيك؟
هذا سيف ذو حدين. إذا ظن أحد أنه ينتصر بذلك عند الدروز، يكون مخطئاً. اللعب بدم الدروز مكلف للغاية. يحب وضع حد لهذه السياسة. وهذا ما اتفقنا مع رئيس الجمهورية عليه. قلنا إنّ هناك ثلاثة مسارات: قضائي واضح وصريح للجم أي حادث مستقبلي، ومسار أمني يؤكد أن الشوف وعاليه جزء من لبنان وليس دولة ضمن دولة، والجزء السياسي قلنا إننا منفتحون فيه على كل الحلول، لكن ليس على حساب دم الناس.
هل هناك خطة أمنية من قبل الأجهزة الرسمية تُعَدّ للجبل؟
إذا لم يحصل خطة أمنية جدية، «مين بيضمن لوين رايحين؟».
هل تقصد حصول أحداث أمنية مستقبلاً؟
ما المانع، إذا كان هناك مسلحون فالتون يقتلون الناس بلا حسيب؟ هل تريد منا أن ندجج مواكبنا بالسلاح خلال كل تنقّل أو زيارة؟
لنعد إلى الحادثة، استند الاشتراكي إلى كلام باسيل في الكحالة لقطع الطريق. ما رأيك؟
قلت لك إن من يحالف جعجع، لا يحق له أن ينتقد أحداً في السياسة. بالنهاية الذين خربوا الجبل والذين دَفَّعوا الجبل 10 آلاف شهيد درزي ومسيحي حججهم غير مقبولة.
لكن جعجع لم يتحدث بلغة «درزي – مسيحي» منذ سنوات طويلة…
لا تعملهم قديسين. عندما تسمع النفس المرتكز على خلفيات إقليمية ودولية لتفخيخ البلد، تدرك أن ما يفعله أخطر من كلام درزي مسيحي. عندما تهاجمني القوات، هل أنا عاجز عن القول يا غيرة الدين وأن القوات المسيحية تهاجم أرسلان الدرزي؟ نحن لا نلعب هذه الألعاب احتراماً لنفسنا أولاً ولإخوتنا المسيحيين الذين نعيش معهم.
لماذا ربط جنبلاط بين البساتين والشويفات؟
موضوع الشويفات مختلف. هناك حصل اشتباك مسلح بين حزبين، وبقيت المعركة ساعة وربع ساعة، بينما في قبرشمون هو تعدٍّ واضح وصريح لاغتيال صالح الغريب. عندما يقول الشويفات متل قبرشمون علينا إضافة الجاهلية وخلوات الكفير وعين دارة. لكن الجاني لا يقرر.
لماذا لم ترسل شهودك للتحقيق بعد؟
أولاً كان لدينا شكوك في فرع المعلومات، ومبادرات واحدة للرئيس نبيه بري وثلاثة للواء عباس إبراهيم، ووافق عليها الرئيس، وأنا وافقت على مضض، مع أنه كان يجب ألّا أوافق على اثنتين منها. لكن وليد شغلته تفخيخ المبادرات. اسأل اللواء عباس والرئيس بري من هو المسؤول.
للأسف، لم يترك لنا جنبلاط صاحباً في البلاد. تحريض على الجميع، الحريري والمسيحيين والشيعة. من يريد أن يكون أصحابنا؟ «داعش» و«جبهة النصرة»؟
إذا فتح حزب الله خط اتصال مع جنبلاط، فماذا سيتغير؟
هو يطلب ضمانة، هكذا سمعنا. فليوضح لنا ربما نساعده، كما ساعدناه في 2008. البحصة تسند خابية. لكن لا يجوز الاستهتار بعقول الناس. تطلب ضمانة من أحد ثم تتآمر عليه. تطلب تحت الطاولة وفوقها تقول مزارع شبعا ليست لبنانية.
هل يصعّد جنبلاط ليفاوض في ظلّ معرفته بالظروف الإقليمية التي تميل إلى مصلحة محور المقاومة؟
كان يجب أن يتعلم منذ عام 2000 أن المشروع الغربي سقط. وفي 2006 هُزمت إسرائيل في لبنان. 1559 طار. 2008 كان يجب أن تكون درساً، ثم جاءت 2011 وراهنوا على سقوط سوريا. المؤلم والمضحك أنه يشتم الأميركيين عندما تجلس معه، ويقول إنهم خدعوه.
من يغشّه هذه المرة؟
لا أعلم، هل ذهب إلى أميركا أم لم يذهب بعد؟
في موضوع إقفال كسارة آل فتوش في عين دارة، يقول مسؤولون في 8 آذار إن بعض رموز التيار الوطني الحر يخوضون المعركة نيابة عن جنبلاط. ما هي الخلفية؟
دائماً نحن مع شعار ظلم بالسوية وعدل بالرعية. بأي منطق كسارات عين دارة تشكل خطراً، وسبلين والجية وبعاصير لا تضر بالبيئة؟ بأي منطق تستمر كسارتان في عين دارة بالعمل؟
من صاحب الكسارتين؟
أنت تعرف الجواب. ما حصل في عين دارة (قرار المدعية العامة في جبل لبنان غادة عون بإقفال كسارة آل فتوش) يهدد 300 عائلة في الجرد بلقمة عيشهم. إذا قال الوزير فادي جريصاتي إنه في جبل لبنان لا كسارات، مبلوعة. أما أن القاضية غادة عون وجريصاتي يسكتان عن كسارات سبلين والجية وبعاصير على أنها ضمن المخطط التوجيهي، وفي عين دارة كسارتان وحدهما ضمن المخطط التوجيهي، والكسارات الباقية مقفلة؟ بأي عدل؟
حزب الله «لن يرضخ» لجنبلاط: الابتزاز لن ينفع!
«ليسَ على وليد جُنبلاط أن يطمئنّ كثيراً إلى أن بيان السفارة الأميركية الصادر أمس بشأن حادثة «قبرشمون» سيُغيّر من واقع الحال في شيء. مهما جالس رئيس الحزب الاشتراكي من سفراء الدول الكبرى في قصر الصنوبَر أو غيره أو استدعى موقفاً من هنا أو مؤازرة من هناك، فلن تسير الأمور وفقَ ما يشتهيها على الطريقة اللبنانية وتبويس اللحى». تلكَ هي أجواء فريق 8 آذار الذي يقِف خلف النائب طلال أرسلان، داعماً موقفه المتشدّد بإحالة ملف الحادثة على المجلس العدلي أو طرح الأمر على التصويت في مجلِس الوزراء: «ما عادَ الزمن زمن المراعاة ولا الاختباء وراء الأصابِع»، تضيف مصادر هذا الفريق (تقرير ميسم رزق).
بصريح العبارة «طفحَ الكيل» من جنبلاط الذي حاول طوال الفترة الماضية زجّ حزب الله في هذا القتال السياسي، طالباً من رئيس مجلس النواب نبيه برّي «التوسّط لدى الحزب للحصول على ضمانات» بحسب مصادر 8 آذار، التي أكدت أن «حارة حريك ليسَت في وارد توفير هذه الضمانات التي لا تعرف تفاصيلها أصلاً»، مستغربة «أن يلجأ جنبلاط إلى هذا الأسلوب».
المقرَّبون من حزب الله يتساءلون عن هدف جنبلاط من هذه المعركة: «فلا الحزب طلبَ من الوزير جبران باسيل زيارة الجبل، ولا هو من سبّب نزول مناصري الحزب الاشتراكي إلى الشارع وقطع الطرقات وإطلاق النار على موكب الوزير صالِح الغريب».
وبالنسبة إلى طريقة تعامل الحزب في هذا الملف، يُصرّ عارفوه على أنه «لا يريد الانجرار إلى حيث يريد جنبلاط، ولذلك لم يعطِ الحادثة طابعاً أكبَر مما تستحق، تاركاً القضية في أيدي المبادرين إلى طرح حلول للخروج من المأزق». وحتى خلال التنسيق مع رئيس مجلس النواب من باب البحث عن مخارج كان الحزب «يؤكّد لبرّي أنه يقف وراءه في ما يراه مناسباً، وتركَ له اختيار الحل الذي يراه مناسباً، ولو كانت عبرَ رعايته لمصالحة بين جنبلاط وأرسلان بذلك، بشرط موافقة الأخير»، أما محاولة فرض جنبلاط ما يريده بالقوة والتهديد والابتزاز «فلن تنفع».
اليوم ماذا يريد جنبلاط من كل ذلك؟ كثيرة هي حسابات الرجل، إذ إن جملة تحولات تدفعه إلى توتير البلاد من دون التنبه إلى مخاطر ما يفعله. وأكثر ما يزُعج الحزب في هذا الإطار كما يقول العارفون «مثابرة جنبلاط على تحجيم أرسلان»، إذ يُصر الأول على لقاء بين الحزب الاشتراكي وحزب الله، من باب إعادة تفعيل اللقاءات التنسيقية التي حصلت قبلَ موقف جنبلاط من مزارع شبعا، والتي أدت منذ فترة إلى تعليق هذه الاجتماعات ووقف التنسيق بالكامل، بعدَ أن رُفع مستواه بلقاء جمع «البيك» بالمعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» الحاج حسين الخليل ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا في حضور النائب السابق غازي العريضي. هذا تحديداً ما يريده جنبلاط ويُصر عليه، بحسب ما أكد العارفون، إلا أن جواب الحزب كان واضحاً بأن هذا الطلب «شديد التعذر ولا يُمكن أن يحصل إلا بعد أن تُحَل قضية قبرشمون بالكامل». فالتخلي عن أرسلان «غير وارد ومجاراة جنبلاط في محاولته تحجيم رئيس الحزب الديمقراطي من خلال هذا اللقاء لن تحصل»، خصوصاً أنه «يرفع سقفه إلى حدّ المستحيل، رافضاً المجلس العدلي كما المحكمة العسكرية، وكذلك التصويت في مجلس الوزراء».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
الحريري إلى واشنطن غداً.. وباسيل يُفجِّر «التفاهم» مع «القوّات»
بيان السفارة في عوكر يحذِّر من إثارة النعرات على خلفية أحداث قبرشمون.. وبعبدا تعترض
فتح رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الباب لمناسبة مرور 18 عاماً، على ما يسميه اعتقالات 7 آب 2001 امام العدلية، بتغطية من مصالحة الجبل، والتي شملت المناصرين العونيين، جبهة جديدة من المواجهات السياسية في البلاد، مع حزب «القوات اللبنانية» مسيحياً، مشترطاً وقف ما أسماه «برنامج الكذب» للعودة إلى «اتفاق معراب».
اما مع خصومه، فتوسع في المعركة، معلناً: «خيارنا الكشف عن الفساد الحقيقي والقاتل الحقيقي، بالكلمة والشائعة، وهي أبشع أنواع القتل».
وقال ان تياره التزم الطائف في العام 2005، معتبراً ان من يمس بالمناصفة يمس بالطائف، وأن إلغاء الطائفية السياسية غير ممكن دون إنشاء مجلس الشيوخ واللامركزية الإدارية.. واضعاً جدول أعمال ثقيل امام المجلس النيابي في جلسة 17 ت1 المقبل، الموعد الذي حدده الرئيس نبيه برّي لجلسة تلاوة رسالة الرئيس ميشال عون حول تفسير المادة 95 من الدستور.
وعلى وقع إطفاء محركات برّي، وتصعيد باسيل غير المسبوق، وبيان السفارة الأميركية في بيروت الذي يحذر من تأجيج النعرات الطائفية على خلفية حادث قبرشمون المأساوي عاد الرئيس سعد الحريري إلى بيروت على ان يستأنف نشاطه في السراي الكبير اليوم، ويستقبل نواب البقاع.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري سيغادر غداً إلى الولايات المتحدة للقاء وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وفي المعلومات الخاصة بـ«اللواء» ان الوزير باسيل، أبدى امتعاضه من عزم السفيرة على إصدار البيان الذي استبقت بعبدا صدوره برفض اية املاءات من أية جهة.
بيان السفارة الأميركية
إلى ذلك، شكل بيان السفارة الأميركية بخصوص حادثة قبرشمون، والذي اعتبر بمثابة رسالة أميركية لمن يعنيهم الأمر في السلطة والقضاء بوجوب تحقيق العدالة من دون تدخل سياسي أو تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية، الحدث السياسي الذي اقتحم أمس مشهد الصراع الداخلي الذي بلغ مرحلة الغليان، في ظل انكفاء الأدوار والوساطات وتوقف محركات المبادرات، ولا سيما مبادرة الرئيس نبيه برّي، فيما بدا ان أي احتمال لانعقاد مجلس الوزراء، لا يبدو متاحاً قبل انتهاء عطلة عيد الأضحى ومن ثم عطلة انتقال السيدة العذراء، خصوصاً إذا لم يتأمن نوع من التوافق عن فصل موضوع استئناف عمل الحكومة عن تداعيات حادثة البساتين.
وإذ كان لافتاً للانتباه ان بيان السفارة جاء في أعقاب الهجوم العنيف لقيادة الحزب التقدمي الاشتراكي على العهد «ووزراء البلاط» كما اسماهم بيان الوزير وائل أبو فاعور، واتهامه بالضغط على القضاء لفبركة تحقيقات وروايات جديدة لحادثة قبرشمون تمهيداً لكسر زعيمه النائب السابق وليد جنبلاط، أو زجه في السجن، بحسب ما طالب عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ماريو عون، الا ان اللافت أكثر كان في اعتراض «حزب الله»، عبر قناة «المنار» على البيان، باعتبار انه يُشكّل تدخلاً سافراً في الشؤون اللبنانية، ووصفه «بالبيان التحريضي» بهدف التسعير الطائفي، وصب الزيت على دماء حادثة قبرشمون، بما يفرض طرح الكثير من علامات الاستفهام حوله في المضمون والتوقيت – ودائماً حسب «المنار» – في حين ان مضمون الرسالة الأميركية يحتمل قراءتين:
– اما اعتبار المختارة خطاً أحمر، بحيث رفض البيان أي محاولة لاستغلال الحادثة بهدف تعزيز أهداف سياسية.
– واما انه انتصار لمنطق الدولة والقانون من خلال تأكيد واشنطن دعم المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخل سياسي.
ومهما كان، فإن البيان الأميركي، وهو الأوّل من نوعه على هذا المستوى، أبرز خطورة ما يحصل أو حصل في الجبل، وما قد يحصل جرّاء الحادثة ما لم تتم إعادة الأمور إلى نصابها، في القضاء والسياسة، حيث أعلنت السفارة عن دعم الولايات المتحدة المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخل سياسي، مشيرة إلى ان «اي محاولة لاستغلال الحدث المأسوي الذي وقع في قبرشمون في 30 حزيران الماضي بهدف تعزيز أهداف سياسية يجب ان يتم رفضه»، لافتة إلى ان «الولايات المتحدة عبرت بعبارات واضحة إلى السلطات اللبنانية عن توقعها ان تتعامل مع هذا الأمر بطريقة تحقق العدالة دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية».
بعبدا لا تعلق
وفيما لم يصدر عن قصر بعبدا أي تعليق على بيان السفارة الأميركية، ربما باستثناء ما كان أعلنه الرئيس ميشال عون، قبل صدور البيان من ان «لبنان لا يخضع لاملاءات أحد ولا يؤثر عليه أحد». وأفادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» بما يشبه الرد على المطالعة السياسية والقضائية للحزب الاشتراكي، «ان القضاء سائر سواء كان قضاء عدلياً أو عسكرياً أو جنائياً»، مؤكدة الالتزام بالتحقيقات سواء بالظن أو بالادانة التي تصدر عنه اي الإلتزام بأي قرار يصدر عن القضاء.
واشارت الى انه وبالنسبة الى الشق السياسي فإن الامور لا تزال مكربجة ولكن في نهاية المطاف على مجلس الوزرإء الأنعقاد بصورة أو بإخرى إذ لا يمكن للبلد ان يدخل في أسر في هذه الأوقات التي تتطلب تدابير مهمةوعلى اكثر من صعيد بسبب الخلاف على المجلس العدلي.
واشارت الى ان على الحكومة ان تجتمع وما من خيار آخر اما كيف ومتى وبدعوة من فهده أمور لوجيستية لكن لا بد لمجلس الوزراء من الإنعقاد وهناك اعتقاد ان المسؤولين المخلصين ورؤساء السلطات الدستورية وصلوا الى الأقتناع الذي وصل اليه الرئيس عون بأنه لا بد من الاجتماع والبت، في مسألة المجلس العدلي وهناك آلية ترعى موضوع اتخاذ القرارات، وليتم الالتزام بما يصدر.
ورأت ان القضاء يأخذ بالاعتبار جميع المعطيات والتحقيقات ويبني قراراته على هذا الأساس مشيرة الى ان القضاء ادار اذنه الطرشاء على اي بيان أو مؤتمر ويعمل، أما إذا كان هناك من قاضٍ حوله علامات استفهام وإذا كان هناك من تهديد أو استعطاف أو ترهيب أو غير ذلك فهناك جهة يمكن اللجوء اليها وهي التفتيش القضائي ومطلب رد قاض يعود الى قرار المرجعية التي تنظر، وما يتخذه رئيس محكمة استئناف بيروت بشأن قرارات القاضي باسيل ونحن نلتزم بذلك.
أجندات مختلفة للرؤساء
وكشفت هذه المطالعة للمصادر القريبة من بعبدا عن وجود اجندات مختلفة لدى الرؤساء الثلاثة الذين يبدو انهم مجتمعون على ضرورة عقد جلسة للحكومة، لكنهم يختلفون على جدول أعمالها، حيث يُصرّ الرئيس الحريري على ان لا تكون الجلسة متفجرة، بمعنى ان تطرح مسألة المجلس العدلي على التصويت، بحسب ما يرى الرئيس عون، لأن ذلك قد يؤدي إلى انفجار الحكومة من الداخل، في حين بدا ان الرئيس برّي أقرب إلى منطق رئيس الحكومة، لجهة ضرورة انعقاد جلسة لمجلس الوزراء بشكل منفصل عن حادثة قبرشمون، أي ان لا تكون هذه الحادثة على جدول أعمال الجلسة، بانتظار اكتمال عمل المحكمة العسكرية.
وفي تقدير مصادر مطلعة انه في حال توافق الرؤساء على طرح برّي فإنه بإمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء بعد عيد الأضحى مباشرة، علماً ان الرئيس عون ينوي تمضية جزء من فصل الصيف في القصر الرئاسي في بيت الدين، اعتباراً من منتصف الشهر الحالي، بحيث يؤمل ان يأتي الحل قبل انتقاله إلى القصر الصيفي أو ربما معه، وتنتهي القطيعة بينه وبين جنبلاط الذي جرت العادة ان يقوم بالترحيب بالرئيس لدى قدومه إلى القصر.
برّي يطفئ محركاته
غير ان المصادر استدركت بالنسبة إلى تفاؤلها، مشيرة إلى ان الأمور معقدة أكثر من هذا التبسيط، حيث تتداخل الاعتبارات السياسية والحزبية الضيقة والمصالح الانتخابية والتحالفات، لتضفى المزيد من التشنج في العلاقات، لافتة إلى ان الرئيس برّي أعلن أمس إطفاء محركاته، حيث «جرت الرياح بما لا تشتهي سفنه» بالنسبة لمساعيه، أو لمبادرته التي قطعت شوطاً كبيراً من التوافق بين جميع الكتل السياسية مبدياً امتعاضه من الخطابات العالية السقف التي انعكست سلباً على محاولات التهدئة.
ولفتت هذه المصادر «إلى ان علاقة الرئيس برّي مع الرئيس عون علاقة تواصل ولا خلاف بين الرجلين، لكنه بعد كلام عون عن ان قضية قبرشمون أصبحت عنده، فضل عدم التدخل»، محذرة من «دقة الوضع على المستويات كافة اقتصادياً واجتماعياً وحتى على مستوى العلاقات بين القوى السياسية.
وقال بري خلال لقائه «نواب الأربعاء» في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة انه لن يسمح على الإطلاق بكل ما من شأنه ان يؤدي الى تفريق اللبنانيين أو تمزيق البلد، معتبرا ان «الاستقرار السياسي والأمني والمالي امر مطلوب من الجميع، خصوصا أن المؤسسات المالية الدولية تتطلع بنوع من الحذر والقلق الى الوضع في لبنان».
وشدد النواب نقلا عن الرئيس بري على أن أي مبادرة في حاجة الى توافق سائر الأطراف المعنية، مشيرا الى أن مبادرته كانت قد قطعت شوطا كبيرا نحو توافق الأطراف المعنية، وكان هناك قبول صريح وضمني، ولكن بعد سماع كلام مغاير قرر ان يطفئ محركات هذه المبادرة آملا ارتفاع منسوب الوعي والحكمة عند الجميع إزاء الأوضاع القلقة التي يمر بها البلد، مشيرا الى «وجوب ان يتذكر الجميع انه بتاريخ 23 آب الجاري سيكون هناك تصنيف مالي دولي»، وقد ابلغ وزير المال رئيس المجلس ان اتصالات قد جرت امس بين حاكمية مصرف لبنان والمؤسسات المالية الدولية ووزارة المالية، مشيرا الى ان الأزمة السياسية هي عرضة لعلامات سلوك، لذا المطلوب طي الملفات الخلافية وحرصه من اجل الوصول الى مصالحة شاملة وكاملة تعني الجميع.
باسيل يحتفل بـ «قصره الرئاسي»
ولم تغب حادثة الجبل، ولا مصالحة الجبل، عن الخطاب الذي ألقاه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، في احتفال التيار بذكرى 7 آب 2001 ووضع حجر الأساس لإنشاء مقر التيار فوق هضبة في منطقة ضبيه قرب هضبة نهر الكلب، ضمن قطعة واسعة استأجرها التيار من الرهبنة المارونية اللبنانية، سيطلق عليه لاحقاً اسم «بيت الشعب» تيمناً بـ«قصر الشعب» في بعبدا، لكن باسيل لم يشر بالاسم إلى الحزب التقدمي الاشتراكي ولا إلى اسم جنبلاط، الا انه تحدث عن محاولات لاغتياله سياسياً، وعن قطع الطريق والاعتداء على وزراء ونواب يزورون مناطقهم، مشيرا إلى ان «الوقائع واضحة ولن يستطيع ان يتهرب منها أي قضاء عسكري أو عدلي أو جنائي». وقال انه «لن يستأذن أحد لندخل إلى بيوتنا في الجبل ولن نسمح بالاقطاعيات السياسية»، في إشارة إلى جنبلاط، لافتا إلى ان كل تعاطينا قبل حادثة قبرشمون، هو مفهوم الدولة مقابل اللادولة، ومنطق الميليشيا مقابل منطق الدولة، في إشارة ضمنية إلى الحزب الاشتراكي، الذي قال مرتبطة بالخارج وتلجأ إلى وكالات الاستخبارات والسفارات فيما نحن فمع دولة القانون التي نريدها محصنة ضد الخروقات من الخارج.
وتطرق باسيل بعد ذلك إلى المصالحة المسيحية- المسيحية، معلناً انها لن تمس، لكنه شن هجوماً على رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مسمياً اياه بالاسم، مشيرا إلى انه طالب باتفاق معراب كبديل سياسي مقابل تأييد العماد عون للرئاسة، كاشفاً ان جوهر الاتفاق ان نكون معاً بدعم الرئيس وان نتفاهم على التعيينات والانتخابات، لكن جعجع أراد ان يأخذ التعيينات والحكومة، واكتشف ان ربحه بالمعارضة والشعبية يكون باتهامنا بالفساد، وبدأ يشن الحملات الكاذبة علينا، وبدل ان يكون معنا كما هو الاتفاق ذهب لعرقلة الحلول بحجة الفساد، وبات عمله محاربة الرئيس ورئيس الحكومة وصولاً إلى دعم علني لاختطاف رئيسها (في إشارة إلى ما حدث مع الرئيس الحريري في تشرين الثاني من العام 2018 حين أعلن استقالته من الرياض).
وتابع انه نبّه جعجع من ان سلوكه سيؤدي إلى إيقاف الاتفاق بيننا، لكنه اختار الاستمرار في سياسة الكذب واستسهال الافتراء من دون ملف، وخلص إلى ان سياسة السكوت وتحمل الظلم أنهت، الا ان باسيل أعلن انه سيعطي جعجع فرصة أخيرة للعودة إلى روحية الاتفاق وتطبيقه، مبدياً اعتقاده بأن إنقاذ اتفاق معراب مازال ممكناً».
وقبل ان ينهي كلمته تطرق إلى معركة تطبيق اتفاق الطائف، مؤكداً ان المادة 95 من الدستور واضحة ونحن لا نريد تعديلها، لكننا لا نقبل الانتقال من المناصفة إلا إلى دولة مدنية مع مجلس شيوخ ومركزية إدارية موسعة، لأن إلغاء الطائفية السياسية وحدها لا يكفي، الا انه رأى ان البعض ما يزال يريد العودة إلى منطق العد، وسنعلم في الجلسة النيابية في 17 تشرين الأوّل من هو يهوذا الاستخريوطي.
وختم، انتقلنا في 7 آب 2001 من حجز الحرية إلى حجز الوطن والحكومة في 2019، لن نخاف من اغتيالنا المعنوي وسننتصر وتنتصر معنا الحقيقة مهما كان حبل كذبهم طويلاً، سننتصر وتعود الحكومة إلى العمل التي لا يريدونها ان تنتج وان يحكم الرئيس، إلا انه لم يقل كيف؟
وبانتظار رد مفصل من قيادة «القوات»، رد عضو كتلة «الجمهورية القوية« النائب عماد واكيم على باسيل، قائلا: «ضعيف يقاوم، قصير يطاول. مهما حاولت لن تصبح زويعم».
في حين ردّ أمين سر تكتل «الجمهورية القوية» النائب السابق فادي كرم على رئيس التيار «الوطني الحر» الوزير جبران باسيل قائلا :»يشرفك دعم ملفاتنا لأنها ملفات نظيفة، ولا نقبل على أنفسنا دعم ملفاتك لأنها وسخة. بدعمك لملفاتنا تصبح إصلاحيا ولكن بدعمنا لملفاتك نصبح فاسدين».