البناء
موقف حزب الله يضع خطاً فاصلاً بين مرحلتين في الحراك… وساحات عديدة تفقد حيويّتها
نصرالله يدعو جمهور المقاومة للانسحاب من الساحات: قيادة وتمويل سريّان للتلاعب بالحراك
الاثنين حماية الساحات وفتح الطرقات… والقوميّ يؤيّد المطالب ويدعو الدولة لتحمّل مسؤوليتها
فاجأ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كل التوقعات حول ما سيتضمّنه خطابه المعلن عنه سلفاً لإعلان موقف حزب الله من مسار الحراك الشعبي، فبعدما سرّبت توقعات عن نية الحزب النزول إلى الساحات لفضّ الاعتصامات، أو قيام مجموعات تابعة له بافتعال احتكاكات مع الجماعات المعادية للمقاومة تمهيداً لدخول الجيش وفض الاعتصامات، أو قيام الحزب بالتحرك أمنياً لفتح الطرقات بالقوة، جاء خطاب السيد نصرالله مخالفاً كلياً للتسريبات التي شكلت جزءاً من خطة شيطنة الحزب وموقفه من الحراك، وتشكل بعضاً من المهام التي تؤدّيها وسائل إعلام يتمّ تمويلها لتولي المهمة التي أدّتها قناة الجزيرة ولاحقاً قناة العربية في تخديم الفتنة والحرب في سورية، والقنوات العربية والدولية التي غابت عن المشهد اللبناني في أيامه الأولى ظهرت بقوة منذ إعلان الخطة الحكوميّة، كداعية للثورة، ومساندة لها وكان مستغرباً تسخيفها للقرارات الحكومية وتناولها بالسخرية والاستخفاف لشخص رئيس الحكومة سعد الحريري الذي كان يتمّ التعامل معه كحليف لمن يدير هذه القنوات.
عرض السيد نصرالله لمنجزات الحراك واستغرب الاستخفاف المتعمّد بها، وعرض للفرص التي يتيحها لتحقيق المزيد، والإصرار على تجاهلها، وتوقف أمام ما يُدبَّر للبنان ومقاومته، متحدثاً عن قيادة وتمويل سريّين للحراك، مستغرباً إصرار هذه القيادة السريّة المكوّنة من أحزاب كانت في الحكومة وأخرى بقيت في الحكومة وثالثة صغيرة ومجموعات غير حكوميّة منظمة، ووسائل إعلام وشخصيات، على رفض دعوة رئيس الجمهورية للتفاوض، انطلاقاً من أن أهداف الحراك يستحيل تحقيقها دون هذا التفاوض مع رأس الدولة الذي أبدى انفتاحاً على ذلك بقوة، فكيف يُلاحَق الفساد ويُسجَن الفاسدون دون قوانين ترفع الحصانات وترفع السرية المصرفية وتوفر آليات للملاحقة واستعادة المال المنهوب، وكيف يمكن إجراء انتخابات مبكرة دون قانون انتخابات يقرّه مجلس النواب، وما الذي يؤدي إليه إسقاط كل المؤسسات غير الفراغ ومن ورائه الفوضى؟ وبعد كل هذه الأسئلة وعرض المخاطر، دعا السيد نصرالله جمهور المقاومة للخروج من الساحات، تاركاً لمن يبقى فيها مهمة التوضيح والتصحيح، فهل المطلوب هو الفراغ ومن خلاله الفوضى، أم التغيير وآلياته الغائبة، وهل المطلوب عمل وطني تتمّ صيانته بالحذر من كل توظيف واستثمار، أم تحويل الساحات إلى منصات للمال الفاسد والمجهول المصادر ولخطط أمنية مشبوهة ترسم عبر قطع الطرقات، وهل يكفي رفع الشعارات الفضفاضة من نوع الحديث عن ثورة، أم يجب رسم الآليات والطرق المؤدية للأهداف، وهل التعمية مبرمجة ولها وظيفة أم هي مجرد جهل وتغاضٍ، والسباق اليوم في الحراك بين مَن يقولون إن إمكانية التوضيح والتصحيح ممكنة ليثبتوا صدقيتهم وصحة رهانهم، وبين مَن وصفهم السيد نصرالله بالقيادة السريّة الممسكة بالمواعيد والعناوين والاستحقاقات، والمنابر ومصادر التمويل، والخطط المبيّتة لإشاعة الفوضى وصولاً لخطر الحرب الأهلية؟
بعد كلمة السيد نصرالله بدأت عمليات انسحابات تدريجية من عدد من الساحات، حيث فقدت ساحات رياض الصلح والشهداء وصيدا والنبطية وصور الكثير من حيويّتها، وقالت مصادر أمنية إن قيادة الجيش والقوى الأمنية، وضعت خطة متكاملة ستطبّق خلال يومي السبت والأحد لضمان حرية التجمّع في الساحات وجنبات الطرق العامة مقابل ضمان حرية التنقل للمواطنين، وإلغاء المظاهر الميليشياوية التي تسرّبت إلى عدد من الساحات، خصوصاً حيث تتولى القوات اللبنانية إدارتها، بينما قالت مصادر سياسية إن الحزب التقدمي الاشتراكي يدرس الخروج من الحراك بعد موقف السيد نصرالله، تفادياً لتصادم يسبّبه وجوده في مناطق الوصل بين الجنوب وبيروت وبين البقاع وبيروت.
الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيان له أكد وقوفه مع مطالب الناس ووقوفها بوجه الفساد محذراً مما يدبَّر للبنان من مخططات مشبوهة، داعياً الدولة ومؤسساتها لفتح الطرقات وتأمين حرية التنقل للبنانيين.
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «أننا نمرّ بأوضاع حساسة ودقيقة وأن هذا الأمر يتطلّب الكلام بمسؤولية، مذكراً بخطابه السابق حول عفوية الحراك الشعبي»، وشدّد على أن «الحراك حقق حتى الآن إيجابيات تجب المحافظة عليها إذ فرض على الحكومة أن تقرّ موازنة بلا ضرائب ولا رسوم، كما أصدرت ورقة الإصلاحات المهمة جداً وغير المسبوقة»، وحذّر من أنّ هناك فئة ترتبط بأجهزة مخابرات أجنبية وهناك شخصيات وجهات تعتبر أنها تدير وتموّل الحراك وبعضها من الفاسدين، بل من الأشد فساداً ولديّ أسماء لكلّ هذه الفئات، وأشار الى أنّ «معطياتنا تقول إنّ الوضع في لبنان دخل في دائرة الاستهداف السياسي الإقليمي والدولي».
وفي كلمة له حول التطورات الأخيرة وصف الورقة الإصلاحية بالخطوة المتقدمة جداً، إلا أنّ البعض يسخّفها ما خلق بعض الشبهات، وأكد أنّ «هذه الورقة ليست وعوداً بل هي للتنفيذ ولن تكون حبراً على ورق، والحكومة مصمّمة على تنفيذ قراراتها ضمن المهل الزمنية المحدّدة». كما رأى أنّ من أهمّ القوانين التي طُرحت هي استعادة الأموال المنهوبة ومشروع قانون عدم التهرّب الضريبي ومكافحة الفساد».
ولفت الى أنّ «الرئيس عون فتح الباب أمام الحراك للحوار والنقاش في عناوين عديدة، لكن بعض وسائل الإعلام عملت على تحريف كلامه». مؤكداً أنّ الحلّ يجب أن يقوم على قاعدة عدم الوقوع في الفراغ في المؤسسات والسلطة، وأنّ الفراغ إذا حصل في ظلّ الوضع الاقتصادي المأزوم والتوترات في البلد والإقليم سيؤدّي الى الفوضى والانهيار، وقد يؤدّي إلى عدم دفع الرواتب وخلل أمني وحرب أهلية إذا كان هناك مَن يحضّر لها». مضيفاً «لا نقبل بإسقاط العهد ولا نؤيد استقالة الحكومة ولا انتخابات نيابية مبكرة». ولفت الى أنّ «رفض الحوار مع رئيس الجمهورية يعني وجود استهداف سياسي للبلد وعناصر قوّته».
وتابع: «نحن نحمي البلد من الفراغ الذي سيؤدّي الى الفوضى والانهيار وننظر الى أبعد من البعيد، وديننا وأخلاقنا يوجبان علينا حماية أولادنا وأهلنا بالمقاومة بالدماء والأموال والسياسة، وأن ندفع ضريبة ذلك»، مبيّناً «أن ندفع ضريبة حماية البلد سياسياً أهون من ضريبة دفع الدم». ونصح الأمين العام لحزب الله المتظاهرين باختيار ممثلين وقيادة لهم وتحديد مطالبهم والمفاوضة تحت ضغط الشعب والاحتجاج بشكل إيجابي. وتابع «المطالب التي يتمّ رفعها اليوم ليست مطالب الفقراء، بل هناك جهة من الحراك تقوم بإعداد ورقة للطلب من مجلس الأمن الدولي لإخضاع لبنان للفصل السابع، ويتمّ استخدام بعض الساحات للتصويب على سلاح المقاومة». وكشف عن معلومات تفيد بأنّ الوضع في لبنان دخل في دائرة الاستهداف الإقليمي والدولي والذي يوظّف جهات داخلية، معبّراً عن خشيته وخوفه على البلاد لا على المقاومة، لأنّ هناك معطيات وشكوكاً حول وجود مساعٍ لجرّ البلاد الى حرب أهلية.
وبعد انتهاء الكلمة تجمّع مناصرو حزب الله في مناطق عدة في الجنوب والضاحية وانطلقوا بمسيرات سيارة تأييداً للسيد نصر الله.
وجدّد الحزب السوري القومي الاجتماعي تأكيده على حق الناس بالتظاهر السلمي لتحقيق المطالب المحقة، وهذا حق يكفله الدستور، مثلما يكفل حق الناس بحرية الانتقال على الطرقات والوصول إلى أعمالهم وجامعاتهم ومدارسهم ومستشفياتهم ومصانعهم ومصالحهم ومؤسساتهم. ودعا في بيان أصدرته عمدة الإعلام الدولة اللبنانية بكلّ مؤسّساتها الأمنية والعسكرية إلى تحمّل مسؤولياتها وفتح الطرق كافة ومن دون استثناء لتمكين الناس من التنقل بحرية وحمايتها من أيّ شكل من أشكال الابتزاز والاعتداء.
ولفت الى انّ الدولة بكلّ مؤسّساتها السياسية والأمنية والعسكرية والقضائية، مطالبة بتحمّل مسؤولياتها، ولا يجب أن تقف متفرّجة على ما يحصل، من شحن وتحريض وشتائم وتوهين، والتي ترمي إلى دفع الأوضاع نحو الاضطراب والمسّ باستقرار البلد وأمن الناس، لوضع لبنان ضمن دائرة الاستهداف الخارجي.
ورأى الحزب القومي أنّ المطالب المحقة التي تحرّك لأجلها الناس، قد تمّت الاستجابة إلى معظمها، لا سيما إلغاء الضرائب التي كانت أحد أسباب تأجيج الشارع، وبالتالي يجب النظر بإيجابية إلى هذا الأمر، وتلقف الاستجابة للمطالب المحقّة من خلال توحيد وترشيد ما تبقى من مطالب يجب أن تتحقق، منها التوقف عن خصخصة القطاعات الإنتاجية المربحة، ووضع قانون انتخابات نيابيّة على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة والنسبيّة وخارج القيد الطائفي. وما عدا ذلك فإنه استهداف لاستقرار البلد.
وأفادت قناة المنار انه و»بعد 9 أيام من الحوار، فإن الجيش اللبناني سينحو منحى جديداً في التعاطي مع قطع الطرقات»، مشيرة الى أن «الجيش سيبدأ بفتح الطرقات بدءاً من اليوم».
ومن جهة ثانية، أُقيم في عدد من المناطق لقاء تضامني مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل أبرزها في جبيل والبترون.
واستمرّ المتظاهرون المؤيّدون للقوات اللبنانية والكتائب في جل الديب والذوق بقطع الطرقات وإقامة الحاجز وطلب الهويات من المواطنين، وقد دهست سيارة من نوع «BMWX5» متظاهرين في جل الديب ما أدّى الى جرح شخصين وقد حصلت إشكالات عدة بين المارّة والمتظاهرين. وحصل إشكال في المنصوريّة بين متظاهرين ومجموعة ثانية أتت إلى مكان الاعتصام وتدخل الجيش للفصل بين الطرفين.
وفي اليوم الثاني على التوالي شهدت ساحة رياض الصلح وسط بيروت اشتباكات بين المتظاهرين المطالبين برحيل كل الطبقة السياسية، وبين المؤيدين لحزب الله المتواجدين في الاعتصام منذ أيام عدة، وحصل تضارب بينهم وبين مكافحة الشغب بعصي الأعلام اللبنانية، فأُصيب عسكريان اثنان. ولاحقاً انسحب المؤيدون لحزب الله من الساحة بعد طلب من السيد نصرالله.
وحصل اشتباك آخر في رأس النبع ومستديرة شاتيلا وقصقص وسقط جريحان، فتدخل الجيش لفضّ المشكل وأمّن مرور المواطنين باتجاه الضاحية. وقد نفذ الجيش إجراءات مشددة في منطقة قصقص الطيونة حيث قطع السير من الطيونة باتجاه قصقص وبالعكس ودقّق بهويات المارة.
وألقى الجيش القبض على ط. د. و3 أشخاص معه في بناية قيصر في رأس النبع بعد أن أطلقوا النار على متظاهرين مناصرين لحزب الله في قصقص.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن دورية من مديرية المخابرات أوقفت المدعو ع. د. في خلدة، لقيامه بفرض الخوّات على المارة من أجل السماح لهم بالمرور على الطريق المقطوع من قبل المتظاهرين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
الحريري يضغط لتعديل وزاري جدّي
نصر الله: الحراك لم يعُد عفوياً
خلط خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأوراق سياسياً وشعبياً. ومع إعلانه الموقف «القلق» من وضعية الحراك الشعبي في هذه المرحلة، ودعوته أنصاره الى الخروج من الساحات، انتقل النقاش الى مستوى آخر. شعبياً، لم يتفاعَل المتظاهرون إيجاباً مع الخطاب. بعضهم خرج من الساحات ليلاً، لكن ذلك لا يعني أن الناس لن ينزلوا مجدداً الى الشارع اليوم وغداً. والمستجد، هو أن ناشطين في الحراك، تبادلوا أمس أفكاراً متضاربة حول كيفية التعامل مع السلطة، بين فريق لا يريد أي نوع من التفاوض، ومجموعات سارعت الى قبول اتصالات جرت معها من قبل مسؤولين في الدولة، ولو بعيداً عن الأضواء. لكن الأنظار تركزت على بعض المناطق في لبنان دون غيرها، وخصوصاً في المنطقة الممتدة من الدورة حتى شكا، حيث التوتر على أشده بين مناصري التيار الوطني الحر ومناصري القوات اللبنانية، وحيث يتوقع أن يبادر الجيش خلال الساعات المقبلة الى خطوات عملية على الأرض تمنع أي صدام بين الطرفين.
خطاب نصر الله الذي اتهم فيه جهات محلية وخارجية بالعمل على أخذ الحراك الشعبي نحو أهداف سياسية قد تتسبب بالفوضى الكاملة في لبنان، تضمّن مرافعة فيها الكثير من الدفاع عن ورقة الحكومة وقراراتها. ركّز على دعوة المُتظاهرين الى انتخاب ممثلين عنهم للتفاوض مع السلطات. لكن نصر الله، الذي لم يرفض مُطلقاً فكرة التغيير أو التعديل الحكومي، جدّد رفضه المساس بموقع رئيس الجمهورية، كما رفضه إجراء انتخابات نيابية مبكرة.
الاعتراضات على خطاب نصر الله، لم يكن بالإمكان حصرها من خلال مواقف رسمية. لكن الناشطين عبروا عنها، سواء في مقابلات في الساحات أو على مواقع التواصل الاجتماعي. وركز هؤلاء، على فكرة أنه لا يوجد بينهم تيار كبير يُريد استهداف المقاومة، رافضين اتهامهم بتلقي تمويل خارجي، ومعتبرين أنه يغطي سلطة الفساد. وجاء احتجاج هؤلاء، بعد مواجهة شهدتها ساحة رياض الصلح بين أنصار لحزب الله ومجموعات من الحراك، قبل أن يقرر حزب الله سحب كل أنصاره من المكان. وبمعزل عن «النفخ» الذي قامت بها جهات سياسية وإعلامية، إلا أن السلوك بدا شبيهاً بما حصل في مدينة النبطية قبل أيام، لناحية أنه نقطة سوداء في سجل أنصار حزب الله أو الحزب نفسه، حيال كيفية التعامل مع معارضيه في الشارع، علماً بأن أنصار الحزب جالوا غروب وليل أمس بالسيارات والدراجات في مناطق من بيروت والضاحية وصيدا والجنوب والبقاع تأييداً لخطاب نصر الله.
على أن مفاعيل الخطاب كانت في الجانب الآخر على شكل معنويات ضخت في جسد أنصار التيار الوطني الحر، وحتى عند قيادات في تيار «المستقبل» وحركة «أمل». وهؤلاء الذين يحملون على الجيش ويتهمون قيادته بالتساهل مع «معطلي الحياة» العامة، يراهنون على أن خطاب نصر الله سوف يجعل الأمور تسير في اتجاه آخر. وإذا كان في ذلك من إيجابية لناحية منع التوترات، إلا أن مجرد ترحيب أهل السلطة بخطاب نصر الله، يتحول علامة سلبية في رصيده.
يبقى أن الجمهور، المنتشر في الشوارع أو القابع في منازله، ظل يسأل عن احتمالات تطور الأمور الى مواجهة كبيرة في الساحات. وسط تحذيرات داخلية وخارجية من حصول فوضى كبيرة في لبنان، بينما تواصلت خطوات الحكومة لتوفير وصول رواتب موظفي القطاع العام والشركات الصغيرة الى الموظفين قبل نهاية هذا الشهر. وعلم في هذا السياق أن موظفين في مصرف لبنان نقلوا أمس الى مكاتبهم بطريقة سرية، وباشروا بإنجاز المعاملات التي تتيح وصول الرواتب في موعدها.
في المقابل، كان واضحاً يومَ أمس انعكاس خطاب نصر الله إيجاباً على وضع بعض القوى السياسية، إذ شكّل مظلة حماية للعهد ولحلفائه أيضاً الذين تعرضوا لهجوم شرس من الشارع. فقد أخذ نصر الله في صدره كل الهجمات، واضعاً ركائز للخروج من الأزمة، أهمها الانطلاق من الورقة الإصلاحية والعمل على عودة الحياة الطبيعية الى البلاد. وتؤيده في ذلك مختلف القوى المشاركة في الحكومة، فيما يبقى موضوع التعديل الحكومي أو الذهاب الى حكومة جديدة مُعلقاً، علماً بأن الرئيس الحريري يسعى الى هذا الخيار، ويضغط في اتجاه «تعديل وزاري جدّي»، على اعتبار أن خطوة مماثلة من شأنها أن تخفف من غضب الشارع. غيرَ أن الرئيس نبيه بري يحذر من اعتماد أي خيار من دون التأكد من أن الشارع سيتجاوب معه. أما النائب وليد جنبلاط فيزداد توتراً وارتباكاً بحسب ما نقل مقربون عنه، وخصوصاً أنه عمل في الأيام الماضية على إقناع الرئيس بري بالتعديل، كذلك فعل مع حزب الله للضغط على رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل للقبول به. لكن مصادر مطلعة أكدت أن القوى المشاركة في الحكومة ليست في وارد إجراء تعديل قريب، وأنها لا تزال تعتبر أن الحل هو في «الذهاب الى تنفيذ سريع لبنود الورقة الإصلاحية التي ستطاولها تعديلات كثيرة». لكنها تواجه «خوف الحريري الذي يخشى من وقوع نقطة دم فيضطر الى الاستقالة نتيجة ذلك، بينما بإمكانه اليوم الاستقالة وتقديم ذلك كحسن نية»، وهذا الأمر طرحه خلال لقائه عون في بعبدا حيث التقاه بعد خطاب نصر الله أمس.
نصر الله: الحراك لم يعُد عفوياً
في بداية كلمته أمس، وجد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله نفسه مُضطراً إلى أن يُفسّر نقاطاً من خطابه السبت الماضي حول موقفه من الانتفاضة الشعبية. هذه «الهبّة» في كلّ المناطق اللبنانية، والتي انطلقت شرارتها قبل أسبوعٍ، اعتبر نصر الله أنّه كانت لها إيجابيات عديدة. «كلّ شيء يحصل يجب أن يوظّف لمصلحة البلد»، فالحراك فرض على الحكومة «أن تُنجز وتٌقرّ ميزانية خالية من الرسوم والضرائب. هذا ليس إنجازاً صغيراً، بل أمر مهم جدّاً». وتحت ضغط الشارع، «صدرت ورقة الإصلاحات التي تحدّث عنها رئيس الحكومة. إنّها مهمة وغير مسبوقة، وفيها مطالب على درجة عالية من الأهمية، مع تحديد جداول زمنية»، مُستغرباً تسخيف الأمر، «وهذا يؤدي إلى الشُّبهة، فلا أحد يُسخّف إنجازاته، بل يُضيء عليها». ومن إنجازات الانتفاضة أيضاً، «كيّ الوعي لدى المسؤولين في السلطة، حاليين ومستقبليين، الذين كانوا يعتقدون أنّ بإمكانهم التصرف كما يريدون». والناس أصبح «لديهم ثقة بأنفسهم من جديد». يستمر نصر الله في تعداد الإيجابيات: «الحراك أوجد مناخاً ممتازاً في البلد، إضافةً إلى الورقة الاقتصادية، سيُفعّل مجلس النواب نفسه لإقرار قوانين استعادة الأموال المنهوبة، رفع السرية المصرفية، مكافحة الفساد». واعتبر أنّ الرئيس ميشال عون «فتح الباب وقال تفضلوا لنتحاور ونتناقش. إذا رفضوا ذلك، فما الأُفق؟».
الإيجابيات التي ذكرها نصر الله تُعطي دفعاً كبيراً للانتفاضة الشعبية بأن تُكمل في مسيرتها لاستحصال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولكنّ «ما بدأ شعبياً وعفوياً، لم يعد بنسبة كبيرة كذلك»، مؤكداً أنّ أي حلّ «يجب أن يقوم على قاعدة عدم الوقوع في الفراغ. في ظلّ الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب والمأزوم، والتوترات السياسية محلياً وإقليمياً، الفراغ سيؤدي إلى الانهيار»، مع تأكيد الانفتاح على أي حلّ، و«أننا لا نقبل بإسقاط العهد، ولا نؤيد استقالة الحكومة، ولا نقبل بانتخابات نيابية مُبكرة. نحن نحمي البلد من الفراغ الذي سيؤدي إلى الفوضى والانهيار، ونحن ننظر إلى أبعد من البعيد». ودعا كلّ ساحة إلى أن تختار قيادتها، «واتفقوا على مطالب تنسجم مع مطالب الناس وليس أهواء الأحزاب. ابقوا في الساحات والميادين، وفاوضوا تحت ضغط الشعب، فلا أحد يطرح التفاوض لدفع الناس إلى مغادرة الشارع».
أما في ما خصّ قطع الطرقات، «فلا أُناقش المبدأ، هو من وسائل الاحتجاج المدني»، إلا أنه أشار الى «تأثير ذلك على مجمل الوضع الاقتصادي». الأمر لا يتعلق فقط بالناس المُحتجزين في بيوتهم والأغلبية التي تريد إعادة فتحها، بل «الحواجز على بعض الطرقات، إذلال من يريد المرور، والأخطر طلب الهوية. بعضها تحول إلى حواجز خوات»، مُناشداً المتظاهرين فتح الطرقات: «لا تخرجوا من الميادين والساحات، ولكن اتركوا طريقاً مفتوحة».
وأشار نصر الله الى أن الحراك «دخل في دائرة الاستهداف السياسي والدولي، ولم يعد موضوعاً اجتماعياً واقتصادياً». ودعا اللبنانيين إلى متابعة الإعلام العربي والأجنبي، «ولا تُصدّقوا ما تقوله السفارات عن عدم رغبتها بسقوط الحكومة، المهم ماذا يفعلون». وسأل إن كان الشباب المعتصمون سيُكملون إن عرفوا بوجود حالة «تقودها أحزاب معروفة، وتجمعات مختلفة، وإدارة وتنسيق وتمويل. هذه السفارات هل تريد مصلحة الشعب أم لا؟ سؤال بالحد الأدنى، المال للحراك من أين؟». ولفت الى أن الأمر وصل الى حد مطالبة البعض «بإخضاع لبنان للوصاية الدولية واتهام المقاومة بالإرهاب والتصويب على سلاحها». وشدد على أن «واجب المتظاهرين أن يعرفوا خلف من يسيرون». وقسّم المعتصمين إلى أقسام عدّة، فهناك «الوطنيون والصادقون. أحزاب سياسية معروفة. فئة تجمعات وتكتلات وكيانات سياسية جديدة تشكلت في الآونة الأخيرة. تجمعات ترتبط بأجهزة مخابرات أجنبية. فئة وشخصيات تعتبر أنّها تدير الحراك، بعضهم هم من الفاسدين والأشدّ فساداً. يوجد من يبحث عن ثأر سياسي. وآخرون لتثبيت موقع شعبي. ما الضمانات أنّهم لن يستغلوا الحراك؟ اكشفوا عن وجوهكم الحقيقية».
الكلمة الأخيرة كانت لجمهور المقاومة، داعياً إياه الى «أن يترك الساحات»، و«اتركوها للمقتنعين بها». أما للحلفاء ومن يتلاقى معهم حزب الله استراتيجياً، «وصلنا إلى مكان إذا رُفض الدخول في تفاوض، معنى ذلك وجود استهداف سياسي كبير بالبلد».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
لاءات نصر الله تشطر الشارع… وباسیل عقدة المخرَج الحكومي!
غویتریش لحوار بین الحكومة والمتظاھرین.. ومخاوف مصرفیة من فتح البنوك قبل الإستقرار
… في اليوم التاسع، أخذت احداث انتفاضة الشعب اللبناني ابعاداً، تنم عن إعادة فرز الأوضاع السياسية، بين محور السلطة، والثنائي الرافع لها: حزب الله والتيار الوطني الحر، ومعهما باقي الأركان من رئيسي المجلس النيابي والحكومة والنائب السابق وليد جنبلاط، وقوى سياسية أخرى، ومحور ثانٍ، قوامه حراك الشارع، ومن ورائه قوى سياسية، في المعارضة أو انضمت إليها كحزب «القوات اللبنانية» فضلاً عن قوى يسارية ومجموعات المجتمع المدني، ومجموعات طلابية وشبابية ومئات المجموعات وأكثر من 2000 موقع الكتروني..
الجديد، انقسام الشارع، المنتفض إلى شارعين، وسط تحذير الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله من ان يؤدي الفراغ في السلطة إلى الانهيار، مشيراً: لا نقبل إسقاط العهد، ولا نؤيد استقالة الحكومة، ولا نقبل الآن بانتخابات نيابية مبكرة.
مع العلم ان السيّد نصر الله، على الرغم من لاءاته التي ألهبت الشارع، وشطره إلى نصفين، في عملية ظن اللبنانيون انها أصبحت من ماضي تصنيفاتهم.. أبقى الباب مفتوحا للحل، عبر نقاش يسبعد «الفراغ القاتل».
ومع ان جهات رسمية، تحدثت عن إجراءات سيقوم بها اليوم الجيش وقوى الأمن وتهدف إلى فتح الطريق وتسهيل تنقل المواطنين، دعا الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أمس إلى «الحوار» في لبنان الذي يشهد حركة احتجاج تطالب برحيل كل الطبقة السياسية. وقال خلال لقاء مع الإعلام ردا على سؤال حول الرسالة التي يوجهها إلى رئيس وحكومة لبنان «رسالتي بسيطة جدا (…) على البلاد معالجة مشاكلها بالحوار». واضاف: «أدعو إلى أقصى درجات ضبط النفس وعدم اللجوء إلى القوة ان من جانب الحكومة أو من جانب المتظاهرين».
تحذير نصر الله
ولعل أخطر ما في كلام السيّد نصر الله، في نظر مصدر سياسي، هو تسييس انتفاضة الحراك الشعبي، وربطها بالمحور المناهض لمحور المقاومة، واتهامها بالارتباط بأجهزة مخابرات أجنبية، وكذلك تحذيره من ان «الوضع في لبنان دخل في دائرة الاستهداف الإقليمي والدولي، وهذا يعني، بحسب المعطيات التي قال السيّد نصر الله انه يملكها، وجود مساعٍ لجر البلاد إلى حرب أهلية، على غرار ما حصل في دول عربية عدّة لم تخرج منها إلى الآن».
وعلى الرغم من تأكيد السيّد نصر الله استعداده لدفع ضريبة حماية البلد سياسياً، إلا ان ما حدث في أعقاب انتهائه من إلقاء كلمته، سواء في وسط بيروت، حيث كانت تجددت أعمال الشغب والتوتر بين مجموعات تدين الولاء لحزب الله، ومجموعات أخرى من المتظاهرين، قبل ان تترك لاحقاً ساحتي الشهداء ورياض الصلح، تلبية لدعوته، ومن ثم انطلاق هؤلاء وغيرهم من جمهور المقاومة في مواكب هائلة من السيّارات والدراجات النارية، جابت احياء وشوارع الضاحية الجنوبية ومدناً وبلدات جنوبية وبقاعية، تأييداً للسيد نصر الله، في مشهد أعاد إلى الأذهان الاصطفافات السابقة التي كانت تعتمد على تعبئة الشارع في مقابل شارع آخر، رغم ان الشارع الجديد الذي ولد من رحم انتفاضة 17 تشرين لا يعترف بالخصومة الطائفية، ولا بالتفرقة المناطقية ويعتبر لبنان واحداً، ويحصر خطابه في مطالب حياتية واجتماعية، وضد الفقر والجوع والعوز والكرامة الإنسانية.
وفي هذا السياق، لفتت مصادر سياسية إلى انه ما لم تتم معالجة الوضع الذي نشأ عن تطوّر الأحداث في الأيام التسعة من الانتفاضة، خلال 4 أيام، فإن البلاد ذاهبة في اتجاه وضع مزعج أبعد بكثير من المطالب المعلنة، وابعد من مسألة تغيير الحكومة، مشيرة إلى ان ما يجري في بلدة الفاكهة البقاعية بين متظاهرين ومناصرين لحزب الله، حيث افيد عن سقوط قتلى، وكذلك ما حدث في قصقص حين تعرض موكب الدراجات أثناء عودتها إلى الضاحية من وسط بيروت، إلى إطلاق نار، مؤشر على احتمال تدهور الوضع بين المحورين (بحسب تصنيف حزب الله)، ما دفع الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الدعوة إلى ضبط النفس في لبنان وعدم استخدام العنف سواء من الحكومة أو من المتظاهرين.
لكن قناة «المنار» الناطقة بلسان حزب الله نقلت عن مصادر مسؤولة قولها، بأن الدولة ستكون بأذرعها كافة على الأرض اليوم لحماية المتظاهرين وتسهيل حركة المواطنين لجهة التنقل في الشوارع وبين المناطق في إشارة إلى عزم الدولة على فتح كل الطرق المقفلة أو المقطوعة من قبل المتظاهرين، وكان آخرها في بيروت قطع التقاطع فردان- دار الطائفة الدرزية، وجسر الرينغ، قبل إعادة فتحهما.
ولاحظت المصادر السياسية ان نصر الله أعطى في أكثر من محطة في كلامه فرصة للدولة لكي تلاقي الحل، بدليل انتقال الرئيس سعد الحريري مباشرة إلى قصر بعبدا، بعد انتهاء الأمين العام للحزب من كلمته.
واشارت إلى ان «حزب الله» إذا أعطى موافقته على التشكيلة الحكومية التي يفترض ان تكون جاهزة سيُصار فوراً إلى استقالة الحكومة، وتأليف حكومة أخرى لتجنب الفراغ، لافتة إلى انه وجه رسالة مهمة إلى واشنطن من خلال إعلان حرصه على الوضع الاقتصادي المالي الذي هو مطلب أميركي، وكان لافتاً عدم ذكره مسألة العقوبات وعدم مهاجمة الإدارة الأميركية.
وحذرت المصادر من ان نكون امام مشهد مماثل لما يحصل في العراق، معتبرة ان قرار نصرالله بالانسحاب من الساحات والتفرج يستشف منه عتبه على الجيش لعدم حسمه الوضع.
غير ان الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي فديريكا موغريني، أكدت في بيان تقدير الاتحاد الأوروبي الطبيعة الشاملة غير العنفية للاحتجاجات، وتشجيعه القوى الأمنية على متابعة سياسة ضبط النفس.
وشددت على وقوف الاتحاد إلى جانب لبنان وهو ملتزم باستقرار البلاد والمنطقة ويدعم الأهداف الإصلاحية التي حددها رئيس الحكومة سعد الحريري، واننا على ثقة من ان السلطات ستستجيب سريعاً وبحكمة للتطلعات المشروعة للشعب اللبناني بتنفيذ الإصلاحات الملحة والتي طال انتظارها.
مشاورات الحكومة
في هذا الوقت، استمرت المشاورات على اكثر من خط لمعالجة الازمة المستجدة والمستفحلة بكل تشعباتها الشعبية- المطلبية والحكومية، وزار الرئيس الحريري عصر أمس القصر الجمهوري بشكل مفاجيء والتقى رئيس الجمهورية ميشال عون، وغادر القصر من دون الادلاء بأي موقف.
لكن مصادر وزارية قالت أن المشاورات تناولت كل الاوضاع المستجدة، إلا ان الشأن الحكومي لم تنضج معالجاته بعد، نتيجة المواقف المتضاربة من استقالة الحكومة كلها وتشكيل حكومة جديدة، أو إجراء تعديل وزاري لملء الشغور الذي حصل نتيجة استقالة وزراء «القوات اللبنانية» او لملء الشغور وايضا استبدال بعض الوزراء الاخرين.
واشارت المصادر الى ان المسألة معقدة، منها ما يتعلق بالخلاف السياسي حول استقالة الحكومة، كما يطالب الحزب التقدمي الاشتراكي وبعض المكونات الاخرى، وترفضها مكونات اخرى مثل «حزب الله»، وتدعو الى تعديل وزاري، خوفا من الوقوع في الفراغ لأن تشكيل حكومة جديدة قد يطول وتحصل حوله خلافات ومشكلات. ومنها ما يتعلق بكيفية إرضاء الشارع الذي لا يقبل اقل من إسقاط الحكومة.
ولوحظ ان بكركي رفعت أمس سقف التأييد لانتفاضة الحراك الشعبي، حيث وجه البطريرك الماروني بشارة الراعي نداء جديداً أعلن فيه تأييده لتشكيل حكومة جديدة بكل مكوناتها تكون جديرة بالثقة ومصغرة مؤلفة من شخصيات وذات اختصاص وإنجازات ومن خارج الأحزاب والتكتلات.
لقاء بعبدا
وفي حين لم يتم تسريب أي شيء عمّا دار في اللقاء الخاطف بين الرئيسين عون والحريري، تحدثت معلومات عن ان الاجتماع كان للتشاور في تطوّر الوضع الداخلي، وان لا مؤشرات لأي بحث بتعديل أو تغيير حكومي، وشددت على ان البحث تناول 3 نقاط رئيسية: الوضع الميداني على الأرض، تقييم كلمة نصرالله، والوضع الحكومي، لافتة إلى انه تمّ تناول النقطة الأخيرة بتروي من دون تسرع، على ان يعقد اجتماع آخر في وقت قريب.
وقالت مصادر مقربة من الحريري لوكالة «الأناضول» ان استقالة بدون اتفاق مسبق على حكومة جاهزة أمر مستبعد، فيما نسبت قناة «العربية» للمكتب السياسي لتيار «المستقبل» ان استقالة الحريري انتحار سياسي، لكن الأمين العام للتيار أحمد الحريري أكّد عبر «تويتر» بأن هذا الكلام غير صحيح، وان المكتب السياسي لم يجتمع أمس، ولم يصدر عنه أي كلام.
وترددت معلومات لمصادر وزارية انه تمّ صرف النظر عن موضوع التعديل الحكومي بفعل التمسك ببعض الوزراء، كما ان لا قرار باستقالة الحكومة، وقالت انه سيُصار إلى إعادة هيكلة الحكومة بمعنى تعيين بديل وزراء «القوات» الذين استقالوا، وتردد هنا انه سيُصار إلى تعيين وزير واحد، بدل الأربعة، فيصبح عدد أعضاء الحكومة 27، لكن مصادر رسمية استبعدت هذا الأمر، لأن الحكومة ستصبح في هذه الحالة غير متوازنة طائفياً.
لجنة الكهرباء
وقبل توجهه الى قصر بعبدا، رأس الرئيس الحريري اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة متابعة تنفيذ خطة الكهرباء في بيت الوسط، حضره الوزراء: علي حسن خليل، محمد فنيش، يوسف فنيانوس، جمال الجراح، وائل أبو فاعور، ندى البستاني، عادل افيوني وعدد من المستشارين.
وذكرت مصادر وزارية ان البحث تركز على تعديل القانون رقم 462 المتعلق بتنظيم قطاع الكهرباء ومن ضمنه تشكيل الهئية الناظمة للقطاع الكهرباء، وقد حصل تقدم فيه وسيُرسل بعض الوزراء ملاحظاتهم عليه، ويفترض الانتهاء منه بعد جلسة او جلستين.
واوضحت المصادر ان هذا القانون مهم جدا لمعالجة ازمة الكهرباء وهو يقع من ضمن برنامج الاصلاحات المالية لتخفيف عجز الكهرباء.
مصرفياً
وقالت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني إن قدرة الحكومة المحدودة على تلبية مطالب المحتجين قد تضر بثقة المودعين في البنوك ويكون لها تأثير سلبي على احتياطيات البلد من النقد الأجنبي.
وعقدت جمعية مصارف لبنان اجتماعات أزمة مع حاكم مصرف لبنان المركزي والرئيس في الأيام القليلة الماضية بحثا عن سبيل لإعادة فتح البنوك وسط مخاوف متزايدة من أن يؤدي تدافع المودعين إلى تبدد ودائعها من النقد الأجنبي المحدودة أصلا.
وقال مصرفي بارز «في الوقت الراهن نستخدم ذريعة المظاهرات لعدم فتح البنوك. نخشى عندما نفتح البنوك أن يهرع المودعون لسحب أموالهم أو تحويلها إلى الخارج».
وتفاقم الوضع الاقتصادي مع تباطؤ تدفقات رأس المال الحيوية لتمويل عجز الدولة والواردات مما سبب ضغوطا مالية لم تشهدها البلاد منذ عقود بما في ذلك ظهور سوق سوداء للدولار.
وفي حين أن احتياطيات مصرف لبنان المركزي من العملات الأجنبية القابلة للاستخدام كافية لخدمة الدين الحكومي في الأمد القريب قالت ستاندرد آند بورز إن المخاطر على الجدارة الائتمانية للحكومة ارتفعت.
وأضافت أن هذا «يعكس وجهة نظرنا بأن انخفاض تدفقات النقد الأجنبي قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط المالية والنقدية ويحد من قدرة الحكومة على الاستجابة للمطالب الاجتماعية الملحة».
هدوء الساحات
ميدانياً، استعادت ساحتا الشهداء ورياض الصلح، في وسط العاصمة، هدوئهما، بعد انسحاب المجموعات المؤيدة لحزب الله، كما استعادت زخم الحشد التي تأثر ظهراً، نتيجة التوتر واعمال الشغب بين المتظاهرين والتضارب بالايدي والعصي ورمي الحجارة والذي دفع بعدد من المتظاهرين للخروج من الساحتين.
لكن قوة مكافحة الشغب في قوى الأمن تدخلت للفصل بين المشتبكين، وبقيت حوالى 50 دقيقة بين كر وفر مع المجموعة الحزبية، إلى حين انتهاء السيّد نصر الله من إلقاء كلمته، حيث باشرت بالانسحاب من الساحتين، لكن أفراد هذه المجموعة عمدوا إلى رمي المتظاهرين بالحجارة والكراسي واصيب ضابط في قوى الأمن وإعلاميون.
وبعد الإشكالات والتضارب الذي حصل في الساحتين أفادت معلومات، ان المجموعات التي خرجت عن الحراك تعرّضت لاطلاق نار من أحد الأبنية في قصقص واصيب نتيجته شخصان من مناصري «حزب الله» و«امل» تمّ نقلهما بواسطة الصليب الأحمر، فتوتر الجو وقامت مجموعات اخرى على دراجات نارية توقفت عند مستديرة قصقص- مدخل صبرا قرب جامع الشيخ شمس الدين، لمنع الراغبين من التوجه الى قصقص أو النزول الى ساحة الشهداء او ساحة رياض الصلح بعد تعرض عدد من الشبان للضرب في قصقص.فتدخل الجيش لفض المشكل وامّن مرور وعودة من يرغب باتجاه الضاحية، خاصة بعد التضارب الذي حصل في رأس النبع على الطريق العام، ونتيجة لذلك تدخل الجيش بكثافة وانتشر من جسر البربير حتى قصقص وعمل على وقف التوتر. فتراجع مناصرو الطرفين.
وأكدت معلومات رسمية لـ«اللواء» ليلاً ان إجراءات ستتخذ اليوم من الجيش وقوى الأمن لفتح الطرق وتسهيل تنقل المواطنين.
وكانت قيادة الجيش حذّرت في بيان شديد اللهجة من الاستمرار في التعرّض للحريات العامة والشخصية، مذكرة بأن حرية التعبير والتظاهر مصانة بموجب الدستور، ودعت إلى احترام حرية التنقل والكف عن القيام بالممارسات المسيئة والمخالفة للقوانين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهار
حزب الله يُطلق معركته ضد الانتفاضة
لم تعد ثمة شكوك في أن اليوم التاسع من الانتفاضة الشعبية العارمة التي بدأت في 17 تشرين الاول الجاري قد دخلت منعطفاً مصيرياً وسيتعين رصد تطورات اليومين المقبلين لتبين الاتجاهات التي ستترتب على ما جرى أمس ميدانياً وسياسياً. ذلك ان المشهد الداخلي بدا مقبلاً على تطورات دراماتيكية في ظل "اقتحام" ميداني – سياسي مزدوج بدأه "حزب الله" لمسرح الانتفاضة عبر تسلسل منهجي مدروس ومنسق بدا واضحاً انه شرع من خلاله في اطلاق معركة كبيرة ضد الحراك الاحتجاجي تحت حجج وذرائع من خلال التحذير من الفوضى والفراغ بلوغا الى الحرب الاهلية.
ومع ان الكلمة التي القاها الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله تضمنت نقاطاً عدة في شأن الواقع الناشئ عن الانتفاضة تتقاطع الرؤية حيالها والموقف منها مع جهات عدة مثل الموقف من التداعيات التي يرتبها تمادي قطع الطرق مدة أطول بعد أو تبني الحوار بين المنتفضين والدولة أو تجنب محاذير الفوضى، فان هذا الالتقاء سرعان ما تبدد حين اطلق السيد نصرالله حكمه على الانتفاضة من باب الاتهامات بانها تخضع لتوجهات جهات سياسية داخلية وخارجية تمولها، أي انه أفرج من دون تحفظ هذه المرة عن المضبطة الاتهامية للانتفاضة بتصويرها حركة متصلة بالصراع الاقليمي الواسع، رامياً الكرة الاتهامية في مرمى خصومه الاقليميين وبعض الجهات الداخلية، ملمحاً خصوصاً الى "القوات اللبنانية".
وثمة انطباعات قاتمة سادت عقب المواقف التي اطلقها السيد نصرالله والتي سبقتها "اغارات " جديدة قامت بها مجموعات من انصاره على المعتصمين في ساحة رياض الصلح وتسببت بمواجهات معهم ومع قوى الامن الداخلي ومن ثم اتسعت المواجهات الى شوارع وأماكن اخرى في بيروت. وقد بدا واضحاً ان الحزب وحليفه "التيار الوطني الحر" لم يكونا بعيدين من التنسيق المشترك في اطلاق العنان لمواجهة الانتفاضة الشعبية من خلال تحريك "الشارع المضاد"، ذلك ان تظاهرات ومسيرات لانصار الحزب انطلقت في صور والضاحية الجنوبية والبقاع الشمالي بعد كلمة نصرالله، فيما كان "التيار الوطني الحر" نظّم تظاهرات في جبيل وبعبدا والبترون تاييداً للعهد. وهذا التطور يضع البلاد أمام أيام مفصلية، علماً ان حركة الاعتصامات والتظاهرات وقطع الطرق للانتفاضة لم تنحسر ولم تتراجع بعد وحافظت على زخمها لليوم التاسع.
عون والحريري
كما ان المشهد على المستوى السياسي بدا الى مزيد من الانسداد والغموض في ظل تراجع الكلام عن التعديل الوزاري أو التغيير الحكومي، بعدما وضعت كلمة نصرالله حداً حاسماً لهذا الخيار. ولم يكن أدل على ذلك من ان الاجتماع الذي عقده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الوزراء سعد الحريري مساء أمس لم يفض الى اعلان أي نتائج علنية وأحيط بكتمان شديد.
لكن بعض المعلومات أفاد ان الرئيس الحريري خرج من اجتماعه مع رئيس الجمهورية مرتاحاً الى أمرين: الأول أمني لجهة أن الحوادث التي حصلت في ساحة رياض الصلح لن تتكرر وأن أمن المتظاهرين سيكون محفوظاً وكذلك أمن التنقل على الطرق. والأمر الثاني سياسي اذ اقترح الحريري تشكيل حكومة جديدة فلم يبدِ الرئيس عون اعتراضاً على ذلك عملاً بخطابه أول من أمس ووفق الآليات الدستورية، على ان يعود الحريري بطرح مفصّل، مع إصرار الرئيس عون على تفادي الفراغ في السلطة التنفيذية. واضافت المعلومات ان الحريري رأس أمس اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة متابعة تنفيذ خطة الكهرباء في محاولة للإسراع في الورقة الإصلاحية ولتأكيد الجدية في عمل الحكومة.
وكان أبرز ما قاله نصرالله أن: "ما بدأ أنه كان شعبياً وعفوياً وبعيداً عن السفارات والاستغلال في الحراك لم يعد كذلك اليوم. الحراك في هذه اللحظات، تقوده جهات معروفة وشخصيات ومؤسسات معروفة، وهناك ادارة وتنسيق وتمويل أيضاً". وتساءل عن "الجهات التي تمول هذا الحراك"، مضيفاً أن "على من يقود الحراك أن يشرح لنا ذلك بكل شفافية، وان يقول من هم المتبرعون من اثرياء ومتمولين، وهل هؤلاء يريدون مصلحة الشعب اللبناني أم لديهم أهداف أخرى، وما هي مصادر هذا التمويل". وتحدث عن "معلومات" تشير الى أن هؤلاء "منهم من كان في السلطة ولم يعد، وبعضهم كان في السلطة ولهم تاريخهم وارتباطاتهم الخارجية والداخلية، وهناك فئة عن كيانات سياسية جديدة شكلت في الاونة الاخيرة وشاركت في الانتخابات الاخيرة وانفقت أموالاً طائلة، وهناك فئات مرتبطة بسفارات خارجية وشخصيات وجهات هم من الاشد فساداً وعندهم ملفات في القضاء اللبناني وموجودون في قيادة الحراك".
وبدا لافتاً ان الردود الكثيفة المناهضة لكلمة السيد نصرالله على مواقع التواصل الاجتماعي عممت رداً على اتهامه سفارات بتمويل الانتفاضة الشعبية صورته متوسطاً مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي وقائد لواء القدس في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني.
المواجهات
وقبيل الاطلالة التلفزيونية لنصرالله بعد الظهر، شهدت ساحة رياض الصلح استعادة للسيناريو التوتيري الذي كان حصل الخميس. فغداة انتشار مجموعة من مناصري الحزب في ساحة رياض الصلح، حصل اشكال كبير بين المتظاهرين وهؤلاء، أدى الى سقوط اصابات في صفوف المعتصمين وقوى الأمن كما في صفوف انصار الحزب. وقد ردد أنصار الحزب "كلن يعني كلن بس "السيّد" أشرف منن"، في حين تمسك المعتصمون بشعار "كلن يعني كلن"، ولم يسلم بعض رجال الاعلام من العصي والحجارة التي انهالت عليهم من مناصري الحزب.
الاتحاد الاوروبي
في غضون ذلك، وزعت بعثة الاتحاد الاوروبي في بيروت بيانا للممثلة العليا للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية عن التطورات الاخيرة في لبنان جاء فيه ان "الاتحاد الأوروبي شريك قريب للبنان منذ أمد طويل وقد تابع باهتمام بالغ الأحداث فيه خلال الأيام الاخيرة. ويقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب لبنان وهو ملتزم استقرار البلاد والمنطقة. ويدعم الاتحاد الأوروبي الأهداف الإصلاحية التي حددها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والحكومة".
واضاف البيان: "إننا على ثقة من أن السلطات ستستجيب سريعاً وبحكمة للتطلعات المشروعة للشعب اللبناني بتنفيذ الإصلاحات الملحة والتي طال انتظارها الهيكلية والتحولية. وكما ناقشنا مرات عدة مع شركائنا اللبنانيين، فإن مكافحة الفساد وتنفيذ الحوكمة الرشيدة والإجراءات الإصلاحية العادلة والمسؤولة اجتماعياً هي الأولوية الأولى. وفي هذا الإطار، يتوقع الاتحاد الأوروبي حواراً شاملاً حول الإصلاحات ويبقى ملتزماً تماماً الأهداف المتفق عليها في مؤتمر سيدر لعام 2018. ويقدّر الاتحاد الأوروبي الطبيعة الشاملة غير العنفية للاحتجاجات ويشجع القوى الأمنية على متابعة سياسة ضبط النفس. ويؤكد الاتحاد الأوروبي من جديد دعمه للبنان وشعبه والتزامه وحدته وسيادته واستقراره واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمهورية
السلطة تتجاهل الإنتفاضة.. وإتصالات مكثفة على الخط الحكومي
كلما تأخّرت المخارج والحلول الجذرية، تتعقّد الأمور اكثر، ويصبح من الصعب، لا بل من المستحيل، فكفكة العِقد، وحَرف سفينة البلد عن الوجهة التي ينساق اليها، والتي ينتظرها في نهايتها المصير المشؤوم.
وعلى ما عكسته هذه الإنتفاضة في يومها التاسع، وكأن لسان حالها يقول.. كنا في شارع يغلي جوعاً وحنقاً على سلطة حطّمت كل آماله، فصرنا في شوارع تغلي في مواجهة بعضها البعض، وهي صورة مفزعة، من الطبيعي ان ينظر اليها اللبنانيون بتوجّس وقلق، مما قد تنحى اليه الأمور لأي سبب كان، طريق السقوط في المحظور.
صار من الضروري والملح ان تلبس السلطة وجه المصداقية، وتقارب غليان الشارع، بما يلبّي الحد الادنى مما يطلبه. المحتجون يريدون شيئاً ملموساً، فيما حال السلطة اليوم، اشبه بمسرح مظلم لا يُعرف ماذا يجري في داخله، وما يمنع هذه السلطة من تلبية مطالب الجائعين.
المشكلة الاساس، انّ حلّ الأزمة يحتاج الى صدمة ايجابية، لكن السلطة غائبة، بل انّها لم تعترف بعد انّ اداءها كان مدمّراً، واوصل الدولة الى ترهّل مؤسساتي وضعف اقتصادي والى مستوى فضائحي من الفساد المتفشي في كل المفاصل، جرّاء الاغلاط الجسيمة التي ارتُكبت ولا تزال.
ليس كافياً اعتراف السلطة بأنّ اخطاء قد ارتُكبت، كما ليس مفيداً ان يتخذ المسؤول، أي مسؤول، من أزمة الناس منبراً ليلقي من خلاله المسؤولية على مسؤول آخر. فمصير لبنان الدولة والكيان مهدّد، والوضع مفتوح ولا يحتمل أيّ تباطؤ، او اي غلط.
فلسان حال الناس يؤكّد انّ الترقيع لا يُخرج الناس من الشارع، وينتظر انّ تُقدم السلطة على حلول موجعة لها هي وليس للناس، تُثبت من خلالها انّها طوت صفحة ما قبل 17 تشرين الاول وفتحت صفحة بخطوات انقاذية فورية، تؤكّد من خلالها انّها قطعت علاقتها بكل الاداء الذي كان السبب الاساس في تدهور الاوضاع وتفاقم الكراهية والنقمة عليها التي استشرت في مختلف شرائح المجتمع اللبناني، وينبض بها الشارع في كل الساحات.
واذا كانت السلطة ممعنة في تباطئها المريب حيال الاقدام على خطوة ملموسة تحاكي المناخ الشعبي الجائع المنتفض عليها، فإنّ هذا المناخ يتعرّض لضغوط ليس من السلطة فحسب، بل مما يُحكى في مختلف الاوساط، عن محاولات سياسية من العديد من الاحزاب لركب موجة الشارع باعتراف المحتجين انفسهم، الذين يرفضون حرف انتفاضتهم عن عنوان الجوع الذي اشعلها، في اتجاهات سياسية اخرى.
وفي موازاة ذلك، يبقى المطلب الاساس لدى الشريحة الواسعة من اللبنانيين، هو فتح الطرقات التي جاء قطعها في العديد من المناطق بنتائج عكسية على كل اللبنانيين، وهو الامر الذي يكبّد عذابات اضافية لهم، ويزيد من وجع العاملين لتحصيل قوتهم اليومي، اضافة الى انّه أصبح يهدّد بشح في المواد الاساسية والاستهلاكية والمتصلة بحياة المواطنين في كل المناطق.
وفيما تردّد مساء امس، انّ الجيش وقوى الامن الداخلي سينفذان اليوم اجراءات لفتح الطرقات وتسهيل تنقّل المواطنين، قالت مصادر امنية لـ«الجمهورية»: «انّ اجتماعات امنية تنسيقية ستُعقد اليوم حول موضوع الطرقات المقفلة وكيفية فتحها».
اليوم التاسع
اليوم التاسع «لانتفاضة تشرين»، حمل صور الوجع ذاتها، وصدحت الساحات بصراخاتها في وجه السلطة، الّا انّ اللافت للانتباه هو بعض المواجهات التي جرت بين المتظاهرين، وآخرين حزبيين في اعتصام رياض الصلح، تواكبت مع حديث عن اطلاق نار على متظاهرين في منطقة البربير، وكذلك في بلدة الفاكهة البقاعية وسقوط اصابات خلال اشكال بين متظاهرين وآخرين ينتمون الى «حزب الله»، اضافة الى بعض الاشكالات التي حصلت على الطريق الساحلي بين بيروت والجنوب.
اتصالات
سياسياً، علمت «الجمهورية»، انّ اتصالات مكثفة جرت في الساعات الأخيرة على الخط الحكومي، بمشاركة مستويات رئاسية وسياسية فيها.
وتشير المعلومات، انّ الوضع الحكومي هو عنوان البحث الرئيسي، ربطاً بالرغبة التي أبداها كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري بإعادة النظر في الوضع الحكومي. ولفتت الى انّ فكرة التعديل الحكومي ما زالت مطروحة كعنوان، ولكن من دون ان تتبلور صورة او حدود هذا التعديل.
وقالت مصادر مواكبة لهذه الاتصالات لـ«الجمهورية»: «حتى الآن لا توافق سياسياً على هذا التعديل، لأنّ المعترضين عليه، يعتبرون انّه خطوة قد تؤدي الى زيادة الاحتقان في الشارع، خصوصاً انّه لا يلبي ما يطالب به المحتجون، فضلاً عن انّ شكله لا يزال غير واضح ومحل التباس. فثمة كلام عن انّه قد يكون تعديلاً نوعياً يُخرج بعض الاسماء المصنّفة استفزازية من الحكومة. فإن صح ذلك، فهذا التعديل دونه اعتراضات لدى القوى السياسية التي تنتمي اليها ما تسمّى الاسماء المستفزة. وثمة كلام آخر، عن تعديل لا يطال تلك الاسماء، بل يتناول ما يزيد عن عشرة وزراء آخرين. والسؤال هنا، ما الحكمة من تعديل كهذا طالما انّه لا يغيّر لا في واقع الحكومة شيئاً، وطالما انّه سيكون مرفوضاً سلفاً من قَِبل المحتجين في الشارع».
وبحسب المصادر، فإنّ طرحاً آخر تمّ تداوله ايضاً، ولكن من دون ان يُحسم، ووُصف بأنّه قد يكون الأقرب الى التنفيذ في المدى المنظور، ويقول بتغيير حكومي شامل، يتمّ التوافق سلفاً بين القوى السياسية المشكِّلة للحكومة الحالية، على تشكيل حكومة مصغّرة، او وسطى، في وقت سريع، وتنصرف الى المعالجة وتطبيق الاصلاحات والعلاجات الفورية. الّا انّ السؤال الذي يحيط هذا الطرح: هل الحكومة المنوي تشكيلها بدل الحكومة الحالية حكومة اختصاصيين، ام حكومة سياسية، فإن كانت من ذوي الاختصاص، هل يمكن لها ان تواجه ازمة معيشية وما قد يحيط بها من مداخلات سياسية، وان كانت سياسية، فماذا عن الاسماء المستفزة، فهل تكون من ضمنها، وهل يمكن لحكومة ان تتشكّل في غياب اسماء يصرّ بعض المراجع على اشراكها فيها؟
الى ذلك، وفيما اعلنت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي فديريكا موغيريني وقوف الاتحاد إلى جانب لبنان، وانه ملتزم باستقرار البلاد والمنطقة، ويدعم الأهداف الإصلاحية التي حدّدها رئيس الحكومة سعد الحريري، برز امس، ما اعلنه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي امس، لجهة دعوته الى تشكيل حكومة جديدة مصغّرة، وكذلك ما بثته قناة «العربية» نقلاً عن المكتب السياسي لتيار «المستقبل»، يشير إلى أنّ استقالة الحريري هي «انتحار سياسي»، قبل أن يتبيّن أن الخبر عارٍ عن الصحة. حيث أكّد «المستقبل» أنّ المكتب السياسي لم يجتمع ، ولم يصدر عنه أي موقف.
عون والحريري
عقد الرئيسان عون والحريري لقاء لاربعين دقيقة في القصر الجمهوري في بعبدا، ولوحظ عدم صدور اي بيان رسمي عن لقاء الرئيسين. الّا انّ اوساط بيت الوسط، التي حرصت على الصمت تجاه ما دار ونتائج اللقاء، اكتفت بالقول لـ«الجمهورية»: «انّ ما هو مطروح على الساحة اللبنانية كان مدار بحث مستفيض دون الدخول في اي تفاصيل أخرى.
ولفتت هذه المصادر، انّه «كان من المفروض ان يكون اللقاء بعيداً من الأضواء، فأبواب المشاورات والإتصالات مفتوحة بين بيت الوسط وبعبدا يومياً لكن هناك بعض الأمور التي لا يمكن مناقشتها عبر الهاتف، فكان اللقاء لاقل من ساعة تقريباً».
نصرالله
الى ذلك، كشف الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عن «معلومات تفيد بأنّ الوضع في لبنان دخل في دائرة الاستهداف الاقليمي والدولي والذي يوظّف جهات داخلية»، معرباً عن «خشيته وخوفه على البلاد، لأنّ هناك معطيات وشكوكاً حول وجود مساع لجر البلاد إلى حرب أهلية».
واذ شدّد في كلمة امس، على «رفض الفراغ الذي سيؤدي إلى الفوضى والانهيار، وعدم القبول بإسقاط العهد واستقالة الحكومة وبالانتخابات النيابية المبكرة». قال: «من بين المجموعات التي تقود الحراك فئة وطنية وصادقة وفئة أخرى تضمّ أحزاباً سياسية معروفة كانت في السلطة. وهناك تجمعات وفئات ترتبط بسفارات أجنبية، وهناك من يبحث عن ثأر سياسي وتصفية حسابات»، داعياً «جمهور المقاومة» إلى «ترك ساحات الحراك، وأنّه ليس من مصلحة في وجودهم هناك».
وتردّد صدى خطاب نصرالله في القصر الجمهوري، وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»: «ما جاء فيه اوحى بوجود اولويات اخرى ابعدت موضوع التغيير الحكومي».
واما اوساط بيت الوسط، فقالت لـ«الجمهورية»: «كان واضحاً وصريحاً بما حمله من مواقف لا توحي بإمكان الوصول الى مخارج للمأزق القائم في المدى القريب».
وختمت هذه المصادر قائلة: «اي خطوة بحجم الاستقالة لا يمكن الخوض فيها ما لم يتمّ التفاهم على ما تليها من خطوات وتحديدا شكل الحكومة المقبلة».
مأزق مُضاعف
الى ذلك، ومع استمرار الانتفاضة الشعبية لليوم التاسع على التوالي، وتوقف الحركة والعجلة الاقتصادية بكل مرافقها، تزداد خطورة الوضع المالي في البلد، والذي اصبح اليوم في مأزق مُضاعف. وبات السؤال المطروح حالياً، كيف ستتمكّن المصارف من اعادة فتح ابوابها مجدداً اذا لم تحصل صدمة ايجابية تسمح بعودة هادئة لعمل الاسواق المالية؟
وفي تقدير الخبراء الاقتصاديين، انّ عودة الحياة الطبيعية، واعادة فتح المصارف من دون تحقيق صدمة ايجابية، تعطي بعض الثقة للمزاج الشعبي العام وستكون بمثابة مجازفة غير محسوبة النتائج، وقد تؤدي الى حركة سحوبات مالية كبيرة لن يكون في مقدور النظام المالي الصمود في وجهها. وقد تقع الكارثة.
وفي هذا السياق، جاء تقرير «ستاندرد أند بورز»، ليزيد منسوب القلق والمخاطر. اذ اشار الى انّ وكالة التصنيف قرّرت ان تضع تصنيف لبنان الائتماني الحالي على المدى الطويل «B-»، والمدى القصير «B»، تحت المراقبة لمدّة 3 أشهر مع احتمال نسبته 50 في المئة لخفض التصنيف، بعد مراجعتها السياسة التي ستعتمدها الحكومة للاستجابة للضغوط الاقتصادية والاجتماعية، وفعاليتها في استعادة ثقة المودعين.
واشارت الوكالة، الى أنّ انخفاض تدفقات العملة الأجنبية قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط المالية والنقدية ويحدّ من قدرة الحكومة على الاستجابة للمطالب الاجتماعية الملحّة. مشيرة الى انّ عدم اليقين حول السياسات التي سيتم اعتمادها على المدى القريب، قد يختبر مدى ثقة المودعين ويضغط على احتياطات النقد الأجنبي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نداء الوطن
الراعي ينزع الغطاء المسيحي عن الحكومة
نصر الله يُخوّن "الحراك": من أين لك هذا؟
في سياق مطابق للتوجّه الذي كانت "نداء الوطن" قد تفرّدت بكشف النقاب عنه لناحية رفض "حزب الله" أي تغيير حكومي تحت ضغط الشارع، جاء خطاب الأمين العام لـ"الحزب" السيد حسن نصرالله دامغاً في دلالاته ورسائله الرافضة لهذا التغيير، بالتوازي مع تحريك موضعي للشارع المضاد للثورة بالتكامل والتضامن بين مناصري "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، في مواجهة ساحات الاحتجاجات الشعبية المطلبية في بيروت والمناطق. وإذا كان خطاب نصرالله قد أعطى "من طرف اللسان حلاوة" في مستهل كلامه عن إنجازات الحراك الشعبي والإيجابيات التي حققها، فإنه سرعان ما أخذ منعطفاً تهويلياً تحذيرياً تخوينياً للحراك بلغ حد مساءلته "من أين لك هذا؟"، قالباً بذلك الآية من مساءلة المتظاهرين لأركان السلطة وأحزابها عن مصادر أموالهم وثرواتهم إلى مساءلة المتظاهرين أنفسهم عن مصادر أموالهم وتمويلهم، في معرض تشكيكه بانضوائهم تحت لواء مؤامرة إقليمية دولية على البلد و"المقاومة"، طارحاً جملة شكوك بهذا المعنى تبدأ من استدلاله على نظرية المؤامرة بالتغطية الإعلامية العربية والدولية للحدث اللبناني، ولا تنتهي بإيحائه بوجود أصابع لكل من الـ"CIA" وإسرائيل وراء الاحتجاجات الشعبية، ضمن إطار "مخطط لإدخال لبنان في الفراغ والفوضى والحرب الأهلية"، مع تهديد صريح في المقابل بأنّ "حزب الله" هو الطرف الأقوى في المعادلة الداخلية ولا يخاف الاقتتال الداخلي… "وهيدا الإصبع المرفوع يللي بدو يخاف منو يخاف مش مشكلة".
عملياً، أطلق الأمين العام لـ"حزب الله" صلية من الرسائل التهويلية على الحراك الشعبي المطلبي في أكثر من اتجاه وعلى أكثر من مستوى، سواء ميدانياً عبر إطلاق "الحزب" العنان لمجموعات منظّمة على الأرض لخرق الساحات وتخريب سلميتها، قبل أن يعود لسحبها بعد أن أوصلت الرسالة على أكمل وجه، أو سياسياً من خلال التصويب على عدم وجود إطار موحّد يجمع المتظاهرين وينطق باسمهم، وصولاً إلى وضعه "فهرس عمليات" لا بد من أن يتّبع المتظاهرون خطواته في سبيل التعبير عن رأيهم، تحت سقف "لاءات ثلاث" رسمها نصرالله بالخط الأحمر العريض: "لا نقبل إسقاط العهد ولا نؤيد استقالة الحكومة ولا نريد انتخابات نيابية مبكّرة".
ومن الشفهي إلى المكتوب، إنتقل الأمين العام لـ"حزب الله" ليقرأ تحت عنوان "الإزعاج"، ما مفاده أنّ الحراك الشعبي الاحتجاجي ضد السلطة القائمة وفسادها، فقد في نظره صفة "العفوية" وبات موصوماً بصفة "قطاع الطرق وحواجز الخوّات وطلب الهوية" والارتهان "لجهات وشخصيات مرتبطة بالسفارات". باختصار جعل نصرالله من الحراك الشعبي المطلبي منصة تآمر على المقاومة وسلاحها أدخلت لبنان "في دائرة الاستهداف الإقليمي والدولي"، مع ما قد يستتبع هذا التوصيف من توطئة لشرعنة أي توجّه مستقبلي لقمع الشارع باعتباره سيكون من جانب الحزب، "دفاعاً مشروعاً بكل الوسائل المتاحة" عن المقاومة وسلاحها في مواجهة التآمر الخارجي.
وما إن أنهى خطابه، موعزاً في ختامه لجمهور "حزب الله" بالانسحاب من الساحات بعد إنجاز مهمتهم الميدانية، حتى جابت مسيرات "الرايات الصفر" تأييداً لـ"الحزب" في الضاحية والبقاع والجنوب، في وقت كان "التيار الوطني الحر" قد حاول فرض إيقاعه على الأرض في بيروت قرب قصر العدل وجبيل والبترون وكسروان، بموجب قرار اتخذه "التيار" بتحريك "الشارع البرتقالي" دفاعاً عن العهد ورفضاً لأي تغيير حكومي يستهدف رئيس التيار جبران باسيل. وأفادت المعلومات المتصلة بحراك "التيار الوطني" "نداء الوطن" بأنّ قيادته قررت الإبقاء على التحركات في المناطق، مع ترك مسألة تقدير الظروف إزاء استمرارية أي تحرك من عدمه للمسؤولين في المناطق، سيما وأنّ "التيار" يحاذر حتى الآن الخوض في أي مواجهة مباشرة على الأرض مع المحتجين" لكنه في الوقت عينه يرى ضرورة لوضع حد لقطع الطرق وشلّ البلد، وكما ينقل مطلعون على موقفه بات "التيار" يعتبرها لعبة "عض أصابع" الخاسر فيها سيكون "من يصرخ أولاً".
في المقابل، وفي سياق خارج عما تشتهيه رياح السلطة، أتى نداء البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بالأمس لينزع الغطاء المسيحي الكنسي عن الحكومة القائمة، معلناً تموضعه على ضفة "ثورة الشعب العارمة من شمال لبنان إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه"، ليطالب "بحكومة جديدة بكل مكوناتها، جديرة بالثقة، تكون مصغرة مؤلفة من شخصيات ذوات اختصاص وانجازات، من خارج الأحزاب والتكتلات، كي تتمكن من تنفيذ الورقة التي أقرها مجلس الوزراء في القصر الجمهوري وتلاها الرئيس سعد الحريري"، الذي زار قصر بعبدا أمس وغادره من دون الإدلاء بأي تصريح.
وإذ تسلّح بالدستور ومقدمته التي تقول إن "لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية"، شدّد الراعي في رسالة بالغة الدلالة سيادياً وسياسياً لكل من يعنيهم الأمر على أنه "لا يحق لأحد أو لأي فريق أن يفرض إرادته على الجميع، فلا أحد أكبر من لبنان وشعبه".
من جهة اخرى، علمت "نداء الوطن" أنه بدءاً من الغد "ستعقد اجتماعات عسكرية وأمنية على أرفع المستويات لوضع الخطة العملانية لاعادة فتح الطرقات وإعادة الحياة الى طبيعتها، وتوزيع المهام على الاجهزة المعنية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام وأمن دولة".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرق
نصرالله: 3 لاءات لإجهاض الثورة
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يقول في كلمة له حول التطورات الأخيرة في لبنان، إنه إذا شارك حزب الله في الحراك فسيتخذ مساراً آخر ومصلحته أن يبقى بعيداً عن الأحزاب، موضحاً أن «ما حصل في الأيام الأولى للحراك حقق إيجابيات كثيرة، ويكشف عن وجود معلومات ومعطيات تفيد بأن الوضع اللبناني دخل في دائرة الاستهداف الدولي والإقليمي، و»لدينا معطيات وشكوك حول وجود مساعٍ لجر لبنان إلى حرب أهلية».
قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمة له حول التطورات الأخيرة في لبنان، إن «هذا الحراك الشعبي عابر للطوائف والمناطق ويعبّر عن آلام الناس كما قلت سابقاً، وهو ليس خاضعاً لأي حزب أو سفارة، والحراك أثبت أن الشعب اللبناني يقف ويصرخ ويرفع صوته في وجه الجميع، وأنه استعاد الثقة بنفسه وأنه يستطيع النزول إلى الشارع مستقبلا».
وأضاف «إذا شارك حزب الله في الحراك فسيتخذ مساراً آخر ومصلحة الحراك أن يبقى بعيداً عن الأحزاب ونحن دعونا المتظاهرين إلى عدم السماح للأحزاب بركوب موجة الحراك واستغلالها، فيما بعض الأبواق والإعلام الخليجي حاول القول من اليوم الأول إنني هددت المتظاهرين».
نصر الله تابع «ما حصل في الأيام الأولى للحراك حقق إيجابيات كثيرة ويجب أن يتم حفظها ومسؤولية الجميع الحفاظ عليها، والحراك فرض على الحكومة اللبنانية أن تقر ميزانية خالية من الضرائب وبلا أي عجز مالي، وهذا إنجازاً ليس صغيراً بل هو مهم جداً، وتحت ضغط الحراك الشعبي صدرت ورقة الاصلاحات الحكومية، وهذه خطوة أولى متقدمة على رغم أنها دون التوقعات ودون الطموحات».
وأردف ليقول «لا أذكر أنه في تاريخ أي حكومة لبنانية صدر هذا الكم من القرارات مع تحديد جداول زمنية وهو إنجاز للحراك، فيما بعض من يقول إنه يقود الحراك الشعبي يسخف إنجازات الحراك».
ووفق السيد نصر الله فإن «قانون استراداد المال المنهوب من أهم القرارات التي صدرت في الورقة الإصلاحية»، مؤكداً أن «حزب الله لن يسمح بعدم تنفيذ قرارات الورقة الإصلاحية وهي ليست مجرد وعود».
كما شدد على أن «الحراك دفع المسؤولين في الحكومة إلى البدء بتنفيذ ما وعدوا به، والحكومة مصممة على تنفيذ قراراتها ضمن المهل الزمنية المحددة».
وأكد على وجوب «جمع مطالب الفقراء والعاطلين عن العمل والمتظاهرين واعتبارها أهدافاً للحراك من أجل تنفيذها».
أمين عام حزب الله أشار إلى أن «الحراك الشعبي أوجد مناخاً يفتح الباب أمام القوى السياسية الجادة في الإصلاح ومحاربة الفساد، ومن جملة القوى الجادة في محاربة الفساد وفي الإصلاح هو حزب الله، ونحن سندفع مع قوى أخرى في اتجاه إقرار قوانين استعادة الأموال المنهوبة، وسنعمل على رفع السرية المصرفية والحصانة الدستورية عن كل من يتصدى للشأن العام».
وحول كلمة الرئيس اللبناني ميشال عون أمس، لفت السيد نصرالله إلى أن «عون فتح الباب أمام الحراك للتفاوض والحوار على عناوين عديدة».
وتابع «أي حل يجب أن يقوم على قاعدة عدم الوقوع في الفراغ في مؤسسات الدولة وهذا خطير جداً، والمترفون الذين دخلوا على خط الحراك لا يعرفون معنى الجوع والفقر، والفراغ في مؤسسات الدولة سيؤدي إلى الانهيار في ظل الظروف الإقليمية الراهنة، والفراغ والفوضى والتوتر قد يؤدي إلى الفلتان الأمني».
أيضاً، قال نصر الله «قلنا إننا لا نقبل بإسقاط العهد ولا نؤيد إسقاط الحكومة ولا نقبل بموضوع الانتخابات المبكرة، ونحن نعمل لحماية البلد من الفراغ الذي سيؤدي إلى الانهيار، ونحن معنيون بحماية البلد ولا نحمي الفاسدين ولسنا ضد المتظاهرين، وجاهزون لتقديم دمنا وماء وجوهنا لحماية بلدنا».
وتابع «إذا لم يكن الحراك يستطيع اختيار قيادة موحدة فلتختر كل ساحة قيادتها ولتتفاوض مع رئيس الجمهورية، وطرح التفاوض مع الحراك لا يعني الطلب منه مغادرة الساحات بل على العكس حقهم البقاء في الساحات والتظاهر».
ولفت إلى أن «قطع الطرقات هو من وسائل الاحتجاج المدني وقد فعلنا ذلك سابقاً، وبعد 9 أيام من إغلاق الطرقات هناك فئات شعبية تتأثر في معيشتها وأعمالها، ويحصل إذلال وإهانات للناس خلال قطع الطرقات إضافة إلى طلب الهويات، وبعض الطرقات المقطوعة تحولت إلى حواجز خوات وهذا لا يمت للعصيان المدني أو الاحتجاج بصلة، وإذا قبل %50 من اللبنانيين بإغلاق الطرقات فلتبقى مغلقة، وأناشد المتظاهرين بأن يبادروا إلى فتح الطرقات ولا أحد يدعوكم إلى الخروج من الساحات».
كما أضاف «بعض الأطراف يحاول إثارة مناخات حول أن الجيش سيصطدم بالمتظاهرين وهذا افتراء، والمطلوب من الجيش حماية المتظاهرين وليس تفريقهم».
السيّد نصر الله قال «ما بدأ شعبياً وعفوياً ومطلبياً لم يعد كذلك بنسبة كبيرة، والحراك لم يعد حركة شعبية عفوية بل حالة تقودها أحزاب معينة وتجمعات مختلفة معروفة بشخصياتها».
وأكد أن «هناك تمويل في الساحات وهناك جهات تموّل وأتمنى لمن يعتبر نفسه من قيادات الحراك أن يشرح للناس ما يحصل، وهل السفارات والأثرياء الذين يموّلون نشاطات في الحراك يريدون مصلحة لبنان؟».
ولفت إلى أن «المطالب التي يتم رفعها اليوم ليست مطالب الفقراء، ويتم استخدام بعض الساحات للتصويب على سلاح المقاومة، وقوى سياسية تركب موجة شعبية لتحقيق أهداف تتفاوت بين جماعة سياسية وأخرى».
السيد نصر الله قال إن «التظاهر لا يكفي لتحقيق المطالب والمطلوب أن يتم التفاوض بين السلطة والحراك، ويجب أن يكون للأخير قيادة تفاوض السلطة باسمه»، لافتاً إلى أن «هناك قيادة غير ظاهرة وغير معلنة للحراك قوامها أحزاب وتجمعات وشخصيات فعالة، وبين المجموعات التي تقود الحراك فئة وطنية وصادقة وفئة أخرى تضم أحزاب سياسية معروفة كانت في السلطة».
كما أكد أن «هناك شخصيات تعتبر أنها تدير الحراك وتموله وهم من الأشد فساداً، والمتظاهرون معنيون بأن يعرفوا من يقود الحراك، وهل يريد المتظاهرون استبدال فاسد بفاسد أو فاشل بفاشل؟».
ودعا السيد نصر الله «من يعتبر نفسه قيادياً في الحراك إلى المبادرة نحو القضاء لكشف سريتهم المصرفية».
وفي سياق متصل، قال أمين عام حزب الله أن «معلومات ومعطيات تفيد بأن الوضع اللبناني دخل في دائرة الاستهداف الدولي والإقليمي، ولدينا معطيات وشكوك حول وجود مساعٍ لجر لبنان إلى حرب أهلية، ومن يقول أن خشيتنا غير مبررة فليطمئنا وأنا خائف على البلد من جرّه إلى الحرب الأهلية، وفي المعادلة الداخلية الطرف الأقوى هو المقاومة ونحن لا نخاف عليها بل على البلد، والقيادات الأساسية في الحراك معنية بتطمين المقاومة بأن لبنان ليس مستهدفاً».
وتوجّه بالقول للشعب اللبناني بأن «لا يصدقوا ما تقوله السفارات ولا سيما السفيرة الأميركية».
ختاماً، قال إنه «إذا كان أمامنا حراك بقضية واضحة وشعارات واضحة وقيادة مضحية وبديل آمن فسنكون معه، وأدعو جمهور المقاومة إلى ترك ساحات التظاهر في الحراك، وإذا احتجنا الدفاع عن المقاومة في الساحات والإعلام والميادين فنحن نستطيع ذلك، كما ليس هناك مصلحة من وجود جمهور المقاومة في ساحات الحراك وسنراقب ونسعى لفتح أبواب الحوار، ورفض الحوار مع رئيس الجمهورية يعني وجود استهداف سياسي للبلد وعناصر قوته».