افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الحمعة 21 تشرين الأول، 2022

طارق الملاَّح من “الحراك المدني” : “طلعت ريحتنا”، و”جهات مختلفة تدفع أموالاً للناشطين”!
مؤتمر تيار المستقبل : أحمد الحريري باق في الأمانة العامة، والمحاسبة تطال مسؤولين آخرين؟
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 4 آب، 2022

اللواء
جلسات الرئاسة تتأرجح بين التوافق والتنافس بانتظار «الترياق العراقي»
ميقاتي يُمثِّل لبنان في قمّة الجزائر.. والدستوري يُثبِّت نيابة 5 نواب

بين الدعوة «للتوافق» كممر إلزامي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية والدعوة الى التنافس، بعد ان يرشح فريق 8 آذار والتيار الوطني الحر مرشحا بوجه مرشح تحالف 14 آذار سابقاً: «القوات اللبنانية، حزب الكتائب، والتجدد، واللقاء الديمقراطي وبعض النواب السنّة من الشمال والبقاع»، وهو النائب ميشال معوض، تمضي جلسات مجلس النواب لانتخاب رئيس، في اطار جلسات «رفع العتب؛، وتمرير الوقت حتى يأتي الترياق، على طريقة انتخابات رئاسة الجمهورية وتكليف شخصية لتأليف الحكومة في العراق، حيث التدخلات الاقليمية والدولية والانقسامات تتشابه مع الحالة اللبنانية.
وتزامنت الجلسة الثالثة التي حضرها 119 نائباً، وطار النصاب، قبل الانتقال الى الجلسة الثانية التي لم تعقد لان النصاب طار، ودارت المنافسة بين معوض الذي صوت له 42 نائباً، والورقة البيضاء (وهي الاسم الحركي للمرشح الغائب لقوى 8 آذار) وقعها 55 نائباً، وتوزع الباقون بين اصوات التغييريين والمستقلين والمغردين خارج السرب او الاسراب، وان كان التواصل مستمرا عبر وسائل التواصل واجهزة الربط الالكتروني، مع اعلان رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب تثبيت نيابة النواب: الياس الخوري (طرابلس)، بلال حشيمي (زحلة)، سعيد الاسمر وشربل مسعد(جزين)، جميل عبود (طرابلس)، وفراس حمدان (حاصبيا- مرجعيون)، من خلال رد المجلس خمسة طعون بالانتخاب قدمت ضدهم، على امل ان يبت المجلس بالطعون العشرة الباقية في بحر الاسبوع المقبل او الاسبوعين المقبلين.
اما حكومياً، فيمضي الوضع بين ترقب نتائج الاتصالات المستمرة، من دون اي «طحين». وجزم بأن لا مناص من حكومة قبل نهاية عهد الرئيس ميشال عون.
وفي واجهة التحركات بقي المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي زار السراي الكبير، وبحث مع الرئيس ميقاتي في ما تم التوصل اليه مع رئيس التيار الوطني الحر، ورد الرئيس المكلف على الطلبات العونية، ثم انتقل الى عين التينة حيث وضع الرئيس نبيه بري في ما آلت اليه الاتصالات، وسط لمعلومات ثابتة لـ «اللواء» ان المساعي مستمرة ولن تتوقف طيلة الفترة الفاصلة عن نهاية العهد، من اجل اصدار المراسيم قبل مغادرة عون بعبدا في 31 الجاري.
الجلسة
نيابياً، سارت الجلسة الثالثة لانتخاب رئيس الجمهورية على منوال الجلستين السابقين، فانتهت مثلهما، من حيث الشكل أو المضمون، وسط تبادل الاتهامات بين الكتل النيابية حول الجهة التي تقوم بتعطيل هذا الاستحقاق الانتخابي.
وقد وصل الامر الى حد اتهام النائب حسن فضل الله بعض النواب بتلقي التعليمات من بعض السفارات في ما يتعلق لمسار الجلسة حضوراً أو تصويتاً.
واللافت في هذا المضمار، ان كل النواب من دون استثناء قد حضروا الجلسة وهم على يقين ان لا أجواء سياسية توحي بامكانية انتخاب رئيس، كما ان هؤلاء يؤكدون بأن «طبخة» الرئاسة تحتاج الى النضوج  في الخارج قبل الداخل.
وفي تفاصيل الجلسة، قرع عند الحادية عشر الجرس من على باب القاعة العامة إيذاناَ بإنطلاقها، وإفتتح الرئيس نبيه برّي الجلسة طالباً من النواب التزام مكانهم قبل عملية التصويت، وبحسب الأمانة العامة لمجلس النواب، فإنّ النائبة سينتيا زرازير تغيّبت عن الحضور بعذرٍ مُسبق.
وقبل عملية توزيع الأوراق على النواب للاقتراع في الصندوق المخصص لذلك، تُليت المواد الدستورية الخاصة بانتخابات رئاسة الجمهوريّة. وإثر ذلك، حصل نقاشٌ سريع قبل بدء التصويت، إذ تساءل عددٌ من النواب عما إذا كانت هناك جلساتٌ قادمة، فقال برّي بشكل علني: «انتخبوا رئيس للجمهورية اليوم كرمال ما جيبكن مرّة تانية».

ورداً على سؤال من قبل أحد النواب عن سبب عدم حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي جلسة الانتخاب، ردّ بري قائلاً: «رئيس الحكومة ليس نائباً ويمكنه عدم حضور جلسة انتخاب الرئيس. بس بدكن تنتخبوا رئيس، بجبلكن أكتر من رئيس حكومة».
بعد ذلك، وزعت الاوراق والمظاريف على النواب، لتنطلق العجلة الانتخابية في صندوقة الاقتراع التي وضعت وسط القاعة العامة، ثم جرت عملية فرز الأوراق علناً بإشراف من الرئيس بري وعددٍ من النوّاب المعنيين.
وعند فرز الاصوات جاءت النتيجة على النحو التالي  ميشال معوض: 42 صوتاً، أوراق بيضاء: 55 ، لبنان الجديد: 17، أوراق ملغاة: 4، ميلاد بو ملهب: 1
وبعد عدم حصول أي مرشح على 65 صوتاً للفوز بمنصب الرئيس، جرى طلب إنطلاق دورة ثانية، لكن النصاب فُقد تماماً لاستكمال الجلسة.
وبسبب ذلك، حدّد الرئيس بري جلسة انتخاب  رابعة يوم الإثنين المقبل في 24 تشرين الأول 2022، عند 11 صباحاً.
ولوحظ ان نواب التغيير لم يسموا وزير الخارجية الاسبق ناصيف حتّي بل تشاركوا مع المستقلين ورقة «لبنان الجديد» او الاوراق المرمزة، ما اثار استياء نواب المعارضة.
وبعد فرز الاصوات بدأ انسحاب نواب تكتل لبنان القوي (التيار الحر) وحزب الله وبعض النواب المستقلين من الجلسة، فبلغ عدد الحضور 77نائباً وطار نصاب الجلسة المطلوب 86 نائباً.
واعلن الرئيس نبيه بري رفع الجلسة وحدد يوم الاثنين المقبل في 24 الشهر الحالي موعداً لجلسة جديدة، بعدما دخل المجلس مهلة العشرة ايام قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون وهي المهلة التي تجعل المجلس في حال إنعقاد إلزامي دائم حتى انتخاب الرئيس، ما لم يدعُ رئيس المجلس الى جلسات متتالية.
وتوّجه رئيس مجلس النواب نبيه بري في بداية الجلسة للنواب بالقول: الأفضل أن تنتخبوا اليوم والا سأدعوكم باستمرار.
وأوضح رداعلى سؤال لاحد النواب «ان رئيس الحكومة ليس نائبا ويمكنه عدم حضور جلسة انتخاب الرئيس.» اضاف: «انتو قرروا تنتخبوا وبيجي أكتر من رئيس حكومة».
وعبّر نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب عن المرحلة المقبلة بالقول: نحن ذاهبون باتجاه شغور رئاسي ولكن العمل جارٍ من اجل منع هذا الشغور من الحصول ويجب ان يحصل التواصل بين الافرقاء والبديل عن التواصل سيكون الفراغ.
غاب عن الجلسة تسعة نواب بينهم سينتيا زرازير بعذر، وايهاب مطر وشوقي الدكاش لسبب صحي طاريء. لكن النائب ايهاب مطر قال عبر حسابه الخاص على تويتر: «تغيبي عن الجلسة هو بسبب طارئ صحي، وأؤكد أن صوتي ما زال للنائب ميشال معوض وفرصة مستمرة ليبحث عن المزيد من التوافق ولمّ الشمل بين الاطراف.
كما اعلن المرشح النائب معوض ان النائب دكاش لو حضر كان سيصوت له ما يرفع الاصوات المؤيدة له الى 44 نائباً. أنني لا انتظر التسويات والمساومات، والكلام عن حرق اسمي غير صحيح على الرغم من كل الحملات التي أتعرض لها يوم حرقوني ويوم اشتروني ويوم باعوني، إلا أنني المرشح الجدي الوحيد وأعلن ترشحي بشكل واضح وكتلتي لا تخجل بترشحي.
وشدد معوض على ضرورة توحيد المعارضة والسماح بخلق وفاق وطني حقيقي.
واوضح النائب الدكتور اسامة سعد أنه صاحب ورقة «لا أحد»، وقال: إنها أتت تعبيرا عن رفض واستياء لهذا الواقع.ومن قمنا بترشيحه طلب منا التريث وبالتالي «ما عاد في مين ننتخبو اليوم».
من جانبه، قال النائب وضاح الصادق: صوتت بـ «لبنان الجديد» والخلاف بيننا كتغيريين تقني وليس على الرؤية العامة.
اما النائب جورج عدوان فقال بعد رفع الجلسة: بعد هذه الجلسة باتت الأمور واضحة وكيف سننطلق إلى المرحلة المقبلة، فقد تبين اليوم أن هناك 56 نائبا لا يمكنهم الاتفاق على مرشح لخوض الانتخاب من خلاله ولا جرأة لديهم للذهاب نحو دورة ثانية.
أضاف: اليوم المرشح ميشال معوض نال 44 صوتا، وهذا يعني أنه استطاع بين دورة وأخرى إقناع نواب جدد للانضمام إلى معركة السيادة والإصلاح. وتوجه للتغييريين بالقول: عليكم يوم الإثنين أن تحسموا أمركم وكثرة الاجتماعات والأسماء الجديدة لن توصل إلى مكان.
المجلس الدستوري يرد خمسة طعون
بالتوازي مع انعقاد جلسة المجلس النيابي، أصدر المجلس الدستوريّ خلال جلسته التي استمرّت لأكثر من 3 ساعات امس، نتائج خمسة طعون من الطعون النيابية الـ 15 المقدمة امامه.، مُعلناً ردّ الطعون الخمسة التي قدمها المرشحون: بول حامض ضد الياس الخوري (طرابلس)، محمد شفيق محمود ضد بلال الحشيمي (زحلة). ابراهيم عازار ضد سعيد الأسمر (جزين). طانيوس محفوظ ضد جميل عبود ( طرابلس ). كتلة «الامل والوفاء» ضد فراس حمدان ( حاصبيا مرجعيون).
وإستناداً إلى ذلك، فإن نيابة هولاء النواب الـ 5 ستبقى سارية، وبالتالي لن يتم إبطالها باعتبار أنّ الذين تقدّموا بالطعون ضدّهم لم يتمكنوا من كسب النتيجة لصالحهم.
وفي تصريح له عقب الجلسة، أعلن رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب ان الطعون الخمسة جرى ردّها بالاجماع. مشيراً إلى أن «الطعون المتبقية ستصدر تباعاً الأسبوع المقبل»، وقال: نعمل على فرز صناديق جديدة مع المقرّرين.
وأكّد مشلب أن «التكهنات بممارسة ضغوط على اعضاء المجلس لم تكن في مكانها، مشدداً على أنه لم يتلقّ أي سؤالٍ من أي شخص بشأن أي ملف يرتبط بالطعون». نافياً في الوقت نفسه «حصول أي ضغوط سياسية عليه».
وفي اطار المواقف، قال عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق: لم يعد سراً أن الأميركي والسعودي لا يريدان للبنان الخروج من أزماته، بل إنهما يعملان لمنع اللبنانيين من الحوار والتوافق.

ورأى «أن ما يحصل في جلسات المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، يثبت أن تدخلات السفارتين الأميركية والسعودية قد عطّلت وتعطّل انتخاب الرئيس في المهل الدستورية، لأنهما وأتباعهما يريدون فرض مرشّح رئاسي للتحدي والمواجهة وجر البلد للصدام، والكل بات يعلم أن السفارتين قد وضعتا انتخاب الرئيس على المسار الأصعب والأبعد.
وفي سياق الحركة الرئاسية، زارعضو تكتل الجمهورية القوية النائب ملحم الرياشي، موفداً من قبل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في كليمنصو، بحضور النواب أكرم شهيب ووائل بو فاعور وراجي السعد. وتناول البحث في ملف رئاسة الجمهورية.​
الحكومة بين ميقاتي وابراهيم
على صعيد تشكيل الحكومة، لم تظهر بعد نتائج الاجتماعات التي تعقد لإجتراح حل يوازن بين مطالب الاطراف. لكن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي التقى امس المدير العام للامن العام اللواء عباس الذي يسعى لتدوير الزوايا، وعرض على ميقاتي اقتراح تغيير ثلاثة وزراء مسيحيين مقابل ثلاثة وزراء مسلمين.
وبات تشكيل الحكومة في سباق مع الوقت مع قرب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وسفر الرئيس ميقاتي الى الجزائر حيث يرأس وفد لبنان الى القمة العربية التي تعقد في الجزائر في 1 و2 تشرين الثاني المقبل، ويضم الوفد المرافق وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب وعدداً من المستشارين.
ومن المتوقع ان يغادر الوزير بو حبيب الى هناك الاسبوع المقبل للمشاركة في الاجتماعات الوزارية التحضيرية التي تسبق القمة.
موازنة ٢٠٢٣
على صعيد آخر، ترأس ميقاتي اجتماعاً خُصّص للبحث في التحضير لموازنة العام 2023 قبل ظهر أمس في السراي الحكومي، شارك فيه نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل، المدير العام لوزارة المال جورج معراوي، ومستشارا الرئيس ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس وسمير الضاهر.
ولئن كانت الانظار تتجه الي ما سيقوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الخميس المقبل في اطلالة له، لمناسبة افتتاح معرض، حيث يعكف على اعداد خطابه بعناية، لانه سيتطرق في الملفات السياسية الى عهد الرئيس عون، الذي يغادر السبت قصر بعبدا، ليشكره على ما قدمه من اجل البلد، وقد يتطرق الى الملفات الرئاسية والحكومية والترسيم، فضلا للاضاءة على المناسبة، وتطورات الوضع الفلسطيني.فإن الحزب بدأ يصعد في خطابه الذي يتهم بعض السفارات في التدخل، لوضع «انتخاب الرئيس على المسار الاصعب والابعد» على حد تعبير عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق.
لجنة المؤشر
نقابياً، حدد وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال مصطفى بيرم، يوم 10/11/2022 موعدا لاجتماع جديد للجنة المؤشر التي بحثت في اعتماد مشروع نظام المعاش التقاعدي الى جانب تعويض نهاية الخدمة، بالاضافة الى تصحيح الاجور بما يتناسب مع التضخم الحاصل في ما خص الاسعار لا سيما خلال شهري آب وايلول.
وكشف بيرم، ان الحد الادنى للاجور للعاملين في القطاع الخاص بلغ المليونين وتسماية الف، بالاضافة الى بدل النقل اليومي 95 ألف ليرة.

البناء
بريطانيا تفتتح زمن الاضطراب السياسي الأوروبي تحت تأثير أزمة الطاقة وتداعياتها الاقتصادية
جلسة الانتخاب تكسر الجرة بين القوات والنواب الـ 13… والإثنين جلسة جديدة بلا رئيس
المسار الحكومي مفتوح على التأليف رغم عض الأصابع… والولادة قبل نهاية الولاية
انفجرت الأزمة الحكومية في بريطانيا وطارت حكومة ليز تراس خلال شهر ونيف من ولادتها، تحت ضغط الفشل الاقتصادي والمالي، والحلقة المفرغة التي دخلتها أوروبا بين الآثار المترتبة على أزمة الطاقة، حيث ترك الأمور على حالها تحمل انفجاراً اجتماعياً تحت عنوان المطالبة بتخفيض الأسعار وزيادة الأجور، والاستجابة للحركة المطلبية تعني مزيداً من التضخم والركود وإفلاس الشركات، والحلول التقنية التقليدية مثل رفع سعر الفائدة توقف حركة الاستثمار، وتخفيض الضرائب على الشركات يجفف موارد الموازنة ويرفع قيمة الديون وتكلفتها على خزينة الدولة، وزيادة الضرائب لتمويل الخزينة وأكلافها المتنامية لتخفيض الأزمة الاجتماعية يؤدي الى إفلاس الشركات وتجمد مجتمع الأعمال.

سقطت تراس ومعها فتح الباب لأزمة سياسية اقتصادية مالية، لا تحلّها خيارات تقليدية بتعيين بديل ولا بذهاب الى انتخابات مبكرة، فالكل عالق في الدائرة المغلقة ولحس المبرد، ما لم تعُد الثقة الى سوق الطاقة، ومدخلها تسوية مع روسيا بشروط تناسبها حول أوكرانيا وحول ملف الغاز الأوروبي، وليس بعد في أوروبا مجتمع جاهز للتخلّي عن العنصرية، ولا نخب سياسية تملك شجاعة الإقدام.

في لبنان حلقة مفرغة لا تبدو آفاق القدرة على كسرها في المدى الفاصل عن موعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الواقعة على مسافة عشرة أيام، فعلى الضفتين متاعب ومصاعب لوحدة الموقف، في ضفة ما سُمّي بتحالف المعارضة انقسام بين حزب القوات اللبنانية والنواب الـ13 تحوّل سجالاً علنيا وتبادلاً للاتهامات، ما يوحي بأن الجرّة انكسرت بين الفريقين اللذين بشرا بتحالف سيادي يشكل جبهة نيابية تملك الأغلبية بوجه المقاومة وحلفائها. وإذا استثنينا نواب اللقاء الديمقراطي الذين يقيمون في خيمة انتخاب النائب ميشال معوض بانتظار التوصل الى بحث جدّي بالتوافق على مرشح لا يصل الذين يمنحون تصويتهم لمعوض الى 35 نائباً. وإذا أخذنا بالاعتبار الموقف السعودي الداعم لترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون بعد حلول موعد 31 تشرين الأول، فهذا يعني أن معوّض يحجز مقعد الترشيح لحساب فرضية واستبداله بقائد الجيش عندما يحين الوقت. وعلى الضفة المقابلة لا تبدو التفاهمات المطلوبة بين المرشح سليمان فرنجية والناخب المسيحي الأكبر التيار الوطني الحر قد نجحت بتذليل العقبات دون تبني التيار لترشيح فرنجية، مع مصاعب تصل حد الاستحالة تحول دون قبول فرنجية بالتوافق على مرشح سواه، ما جعل القدرة على بدء التفاوض مع الكتل الأخرى على فكرة التوافق التي ينادي بها ثلاثي حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر تفتقد الى المقترح العملي، حيث لا تزال العجلة معطلة عند استعصاء التوافق على فرنجية.

حلقة مفرغة أخرى تبدو قابلة للكسر، لكن عض الأصابع لا يزال متاحاً حتى اقتراب ساعة الحسم، وهي حلقة الحكومة الجديدة، التي تؤكد مصادر معنية بالملف أن الفريقين المعنيين بها وهما الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، يعلمان حتمية عبورهما لممر تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية لكنهما يواصلان التجاذب أملاً بتحسين الشروط، وهو ما سيستمرّ حتى ربع الساعة الأخير، لكن مع توقعات شبه أكيدة بولادة الحكومة.

لم يتمكن مجلس النواب في الجلسة الثالثة له من انتخاب رئيس للجمهورية، وكما كان متوقعاً فقد انعقدت الجلسة برئاسة رئيس المجلس نبيه بري في دورتها الأولى وفقد النصاب في الدورة الثانية ورفع بري الجلسة وحدّد الاثنين المقبل موعداً لجلسة رابعة.

وإذ لم تأتِ الجلسة بأي جديد يغير مشهد الجلسة الأولى، فسجل تراجع عدد الأوراق البيضاء من 61 الى 55 بسبب غياب عدد من نواب كتل التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة والحلفاء، مقابل ارتفاع عدد الأصوات التي نالها النائب المرشح ميشال معوّض في مقابل تراجع النواب التغييريين خطوة الى الوراء، فلم يسموا أحداً بل دوّنوا عبارة «لبنان الجديد» على أوراقهم، ما يعني التقدم خطوة الى التوافق مع القوى الأخرى، وقد سجل في هذا الصدد اجتماع بين قوى التغيير ونواب من التيار الوطني الحر في أحد مكاتب المجلس بعد انتهاء الجلسة، وخرج بعدها نواب من الطرفين للتصريح بعدما اتفقوا على ذلك، وكان لافتاً التقارب بين نواب التغيير والتيار بعد الجلسة رغم بعض السجالات داخل الجلسة، مقابل الابتعاد في المواقف أكثر بين قوى التغيير وكل من أحزاب القوات اللبنانية والكتائب والاشتراكي الذين وجّهوا انتقادات لاذعة لقوى التغيير الذين رفضوا عروضاً عدة للتوافق على أسماء لرئاسة الجمهورية وفق معلومات «البناء». كما حمّل النائب معوض كتلة التغيير مسؤولية عدم التوافق عليه وتأمين الأكثرية لانتخابه.

وأشارت معلومات «البناء» الى أن «القوات اللبنانية حاولت مفاوضة قوى التغيير «من تحت الطاولة» على اسم بديل عن معوض من دون علمه، لكن لم يتم التوافق على مرشح موحد. كما تواصل نواب من حزب الكتائب مع زملاء لهم في كتلة التنمية والتحرير للنقاش في بعض أسماء المرشحين المطروحين التي يمكن التوافق حولها، وقد أبدوا استعداداً للحوار وعدم الرفض المطلق للأسماء.

وبعد توزيع الأوراق والاقتراع في الجولة الاولى، تم فرز الاصوات فنال النائب ميشال معوض 42 صوتا، وكان يفترض أن تكون 44 لولا غياب النائبين شوقي الدكاش وايهاب مطر، و»لبنان الجديد» 17 صوتاً هم أصوات تكتل التغييريين وبعض المستقلين ونواب من الكتائب، و»صوت واحد لميلاد أبو ملهب»، 55 ورقة بيضاء وأربع أوراق ملغاة باسم «سيادي» «إصلاحي»، (النائب ميشال الدويهي) «لا أحد» (النائب أسامة سعد)، «ديكتاتور عادل»، (النائب جميل السيد) «لأجل لبنان»، (أحد النواب المستقلين).

وعلمت «البناء» أن الأصوات الأربعة الإضافية التي نالها معوض هي من تكتل «الاعتدال الوطني»، إلا أن كتل الكتائب والقوات والاشتراكي أخفقوا مجدداً بتأمين الأكثرية النيابية لمعوّض الأمر الذي سيدفع الاشتراكي للتوافق مع فريق الثنائي والتيار الوطني الحر والحلفاء على مرشح، وقد أسرّ نواب أحد الأحزاب الداعمة لمعوض لأحد زملائه بأن الذين يصوّتون لمعوض يعلمون مسبقاً بأنه لن يحصد الأكثرية وفقط لملء الوقت الضائع بمناورات سياسية، بانتظار التسوية وتحصيل أكبر قدر من المكاسب فيها رئاسياً وحكومياً.

وعلمت «البناء» أن مداولات ونقاشات جانبية حصلت في أروقة المجلس بين نواب من المعارضة والموالاة وقوى التغيير، لجوجلة بعض الأسماء من بينها قائد الجيش العماد جوزاف عون والنائب السابق صلاح حنين والوزير السابق زياد بارود.

وأشارت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» الى أن «الجلسات الثلاث أظهرت بشكل لا يرقى الى الشك بأن لا فريق يملك نصاب الانعقاد والأكثرية للانتخاب وبالتالي لا رئيس للجمهورية من دون الحوار والتوافق»، موضحة أن «فريق الثنائي لم يطرح أي مرشح لتفادي التحدي والمواجهة مع الطرف الذي يدعم معوض، ونقفل بذلك أبواب الحوار والوفاق، ولذلك سننتظر بأن يقتنع الفريق الآخر بأنه لا يستطيع فرض مرشحه على الآخرين وحينها نجلس إلى طاولة الحوار ونتوافق على رئيس مسبق ونذهب لانتخابه ونؤمن النصاب».
وعن اتهام القوات والكتائب للثنائي والتيار بتطيير النصاب، تساءلت المصادر: هل ينتظرون منا تأمين النصاب والأكثرية لكي ينتخبوا مرشحهم؟ فالخروج من الجلسة حق ديمقراطي لأي نائب أو كتلة. وهل تم انتخاب رؤساء الجمهورية في لبنان لا سيما بعد الطائف من دون التوافق؟

وقبيل انطلاق الجولة الثانية، تبين فقدان النصاب بسبب خروج نواب تكتل لبنان القوي ونواب حزب الله وحركة أمل والاعتدال الوطني من القاعة، فدعا بري الى جلسة جديدة في الحادية عشرة من قبل ظهر الاثنين المقبل في 24 الحالي ورفع الجلسة.
وتناوب النواب على التصريح وإطلاق المواقف وشرح مجريات الجلسة وأبعادها من على منصة المجلس، لكن وعلى عكس الجلسة الماضية غابت مطالبات قوى التغيير والكتائب للرئيس بري بعرض تفاهم ترسيم الحدود على مجلس النواب لمناقشته وإقراره!، إذ لم يسجل أي موقف أو دعوة من هذا القبيل، ما حدا بنواب للتساؤل: «هل تلقت هذه القوى رسالة خارجية بصرف النظر عن هذا الأمر قبيل أيام من زيارة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين الى بيروت لتوقيع الرسائل وإرسالها الى الأمم المتحدة؟».

وإذ حصل تبادل اتهامات بالمسؤولية عن فشل التوافق بين مؤيدي معوض من الاشتراكي والقوات وبين قوى التغيير. علمت «البناء» أن أحد نواب الكتائب لم يصوّت لمعوض، بل صوّت مع تكتل التغيير بـ»لبنان الجديد» وإلا من أين جاءت الخمسة أصوات الإضافية على نواب التغيير الـ12 الذين صوتوا بهذه الكلمة؟

أما قوى التغيير فقد حاولوا التقاط الأنفاس في قاعة المجلس وخارجها وتمرير الجلسة بأقل خسائر ممكنة، والظهور بأقصى قدر من التماسك، لكن لوحظ خروجهم فرادى من المجلس مع تصريحات متعددة ومختلفة نوعاً ما، فقد خرجت النائبة بولا يعقوبيان برفقة النائب إبراهيم منيمنة، وقالت: «أحزاب السلطة «صاروا مضحكين» لتحميلها المسؤولية للنواب التغييريين والبلد في انهيار ولا نزال نعيش مسرحية «سمجة» وقمنا بمبادرة وضحّينا فيها من رصيدنا لنحذّر من الفراغ ولنطالبهم بعدم الوصول إليه». فيما صرّح النائب وضاح الصادق بمفرده وكذلك النائب ملحم خلف، فيما خرج النائب فراس حمدان وحيداً، وغابت النائبة سينتيا زرازير.

في المقابل، أوضح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة« علي فياض أن «ما حصل اليوم أمر طبيعي فالمطلوب أن يتمّ تزخيم اللقاءات في أجل التوافق على رئيس للجمهورية، مشيراً إلى أن «التوافق على رئيس لا يعني الإجماع، ولكن تأمين الأغلبية مع النصاب».
وإذ تشير أوساط نيابية وسياسية لـ»البناء» الى أن السيناريو سيتكرر في جلسة الاثنين وفي الجلسات المقبلة حتى تنضج الظروف الخارجية لإنتاج تسوية خارجية تظهر داخلياً بين القوى السياسية الرئيسية، وأن قوى الكتائب والاشتراكي والقوات والتغييريين ينتظرون كلمات السر من قوى دولية وإقليمية متعددة، كشف النّائب حسن فضل الله أنّ «هناك ضغوطًا من بعض السّفارات، سنرى نتائجها أحيانًا من خلال رفع نسبة التّصويت لهذا أو ذاك، وندعو في مسألة انتخاب الرّئيس إلى أن يكون القرار لبنانيًّا»، مبيّنًا «أنّنا نعرف من زملائنا أنّ بعض السّفارات تتّصل بهم، وتطلب منهم التّصويت لهذا أو ذاك، ونتمنّى من الجميع ألّا يستجيب أحد لأيّ طلب خارجي». وجدّد فضل الله الدّعوة إلى «الحوار والتّلاقي والتّفاهم. سنمارس حقّنا الدّستوري بالحضور إلى القاعة العامّة أو عدمه، وبالتّصويت بالورقة البيضاء أو غيرها، ونحن ملتزمون بالدستور واتفاق الطائف».

وفي السياق نفسه، قال عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق «إن ما يحصل في جلسات المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، يثبت أن تدخلات السفارتين الأميركية والسعودية قد عطّلت وتعطّل انتخاب الرئيس في المهل الدستورية، لأنهما وأتباعهما يريدون فرض مرشّح رئاسي للتحدّي والمواجهة وجر البلد للصدام».
على صعيد آخر، وعشية نهاية ولاية رئيس الجمهورية وتكثيف الرئيس بري جلسات انتخاب الرئيس حتى 31 الحالي، أعلن رئيس المجلس الدستوري القاضي طنّوس مشلب عن ردّ المجلس 5 طعون نيابيّة بالإجماع وهي بول حامض على الياس الخوري (طرابلس) ومحمد شفيق حمود على بلال الحشيمي (زحلة) وإبراهيم عازار على سعيد الأسمر (جزين) وطانيوس محفوظ على جميل عبود (طرابلس) و»الأمل والوفاء» على فراس حمدان (حاصبيا مرجعيون). ولفت مشلب الى أن «التكهنات لم تكن في مكانها ولم يسألني شخص عن أي ملف أو يُمارس أي ضغط عليّ». وقد أكدت نتائج الدفعة الأولى من الطعون سقوط الاتهامات بحق كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير بممارسة الضغوط على المجلس الدستوري لكي تأتي النتائج وفق مصلحتهما، إذ أشاد النواب المطعون بهم بقرار المجلس ونزاهته.
في غضون ذلك، وعلى مسافة أسبوع ونيّف من نهاية ولاية رئيس الجمهورية، تراجع الزخم الحكومي لاستيلاد رئيس للجمهورية في ربع الساعة الأخير، مع سقوط الاقتراح الذي نقله اللواء عباس إبراهيم والحاج وفيق صفا للنائب جبران باسيل والذي قضى بتغيير 3 وزراء مسلمين مقابل 3 وزراء مسيحيين بسبب إصرار باسيل على إبقاء وزير الطاقة وليد فياض مقابل إصرار الرئيس المكلف نجيب ميقاتي على استبداله، ولم يشهد يوم أمس أي لقاءات لاستكمال البحث بهذه العقدة التي تُضاف اليها عقدة الأسماء وفق معلومات «البناء» التي لا زالت محل تباين بين الرئيسين ميشال عون وميقاتي، ما يعني تراجع موجة التفاؤل بولادة حكومة قبل 31 الحالي، إلا إذا حصلت مفاجأة في الأيام الأخيرة مع توقع مصادر مطلعة لـ»البناء» أن يستأنف الوسطاء حراكهم بجولة جديدة من الاتصالات واللقاءات والاقتراحات على خط الطرفين نهاية الأسبوع الحالي على أن يكون مطلع الأسبوع المقبل آخر مهلة لولادة الحكومة وإلا سنكون مع فراغ مزدوج رئاسي وحكومي يفتح الباب أمام فوضى دستورية واجتماعية وأمنية ومزيد من الانهيار المالي وأزمة سياسية لن تنتهي إلا بتسوية خارجية.
لكن يجري الهمس في الكواليس السياسية أنه عندما تنتهي ولاية عون سيجري خفض سعر صرف الدولار وتحسين التغذية الكهربائية للإيحاء بأن العهد يتحمل مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والانهيارات والأزمات القائمة منذ سنوات.
وقال مصدر نيابي لـ»البناء» إن نسبة تأليف حكومة خلال الأيام القليلة المقبلة 40 في المئة مقابل 60 في المئة لا تأليف، مشيراً الى أن الرهان معقود على مدى تنازل ميقاتي وباسيل في اللحظات الأخيرة.

 

الأخبار
رئيس الجمهورية سيوقع مرسوم قبول الاستقالة واتفاق وزرائه على مقاطعة تصريف الأعمال:
إجراءات عون لشل حكومة ميقاتي
رغم تسارع الاتصالات في اليومين الماضيين لدفع التأليف الحكومي، بدت الحصيلة العامة للاجتماعات والاتصالات التي عُقِدت في الأيام الماضية، بوساطة قادها حزب الله والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، «صفراً». إذ أكدت مصادر معنية بالتأليف أن أي تقدّم لم يتحقق في ما خص الملف الحكومي، لا لجهة تغيير الوزراء ولا لجهة التوافق على الأسماء الجديدة التي سيتم توزيرها، مشيرة إلى أن وتيرة هذا الحراك تراجعت أمس، بفعل الشعور بصعوبة إزالة «المتاريس» بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه من جهة والرئيس نجيب ميقاتي.
مصادر في التيار الوطني الحر أكدت لـ«الأخبار» ان ميقاتي «لا يزال يراوغنا ويراوغ الوسطاء ويلعب لعبة تمرير الوقت، وكلما تم التوصل إلى تفاهم أخرج من جعبته مشكلة جديدة». وأشارت إلى أن رئيس الحكومة «عاد على ما يبدو إلى فكرة أن ترث حكومته المستقيلة صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي، وهو ما لن نسمح به».
وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أنه ستكون للرئيس ميشال عون إطلالة تلفزيونية قبل نهاية العهد يعلن فيها سلسلة خطوات لقطع الطريق على هذا التوجه، من بينها توقيع مرسوم قبول استقالة حكومة ميقاتي. وفي المعلومات أيضاً أن رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر سيتخذان مجموعة من الخطوات لقطع الطريق على تسلّم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات الرئيس. وفي هذا السياق، عُقد اجتماع للوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار، واتُخذ قرار بمقاطعة هؤلاء لأي اجتماع للحكومة أو اي اجتماع وزاري بعد 31 تشرين الأول الجاري، وهو «ما يُفقد ميثاقيتها وشرعيتها»، إضافة إلى «خطوات أخرى» لم يُكشف عنها، «تجعل من إمكانية حكم حكومة تصريف الاعمال أمراً مستحيلاً، وقد تؤدي إلى فوضى دستورية وأزمة سياسية حادّة».
وبالتوازي، عجز المجلس النيابي، للمرة الثالثة على التوالي، عن انتخاب رئيس للجمهورية وسط تكرار المشهد نفسه في توزيع الأصوات. فأعادت كتل حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر التصويت بورقة بيضاء (55 صوتاً) مقابل تصويت كل من أحزاب القوات والاشتراكي والكتائب وبعض المستقلين لصالح النائب ميشال معوض (42 صوتاً)، فيما انضمّ نواب «التغيير» إلى زملائهم في كتلة الاعتدال الوطني بالتصويت لصالح «لبنان الجديد» (17 صوتاً). يضاف إلى هذه الأصوات، 4 أوراق ملغاة وصوت لميلاد أبو ملهب، وتغيّب 9 نواب. فيما طار النصاب القانوني للدورة الثانية بعد خروج بعض نواب حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر، ما دفع رئيس مجلس النواب إلى رفع الجلسة إلى الاثنين المقبل.
خريطة توزيع الأصوات داخل المجلس، أكدت مجدداً أن المشهد لا يزال على حاله من دون أي خرق يحتسب للمرشح ميشال معوض الذي عمد والقوات اللبنانية إلى مهاجمة نواب «التغيير» بعد انتهاء الجلسة. إذ اتهم النائب جورج عدوان «التغييريين» بتعطيل وصول معوض إلى رئاسة الجمهورية عبر الحؤول دون حصوله على 65 صوتاً. علماً أنه يستحيل على معوض أن ينال 65 صوتاً حتى لو صوّت له النواب الـ13 الذين احتسبهم عدوان 22 نائباً! ومع التسليم جدلاً بقدرة معوض على تأمين 65 صوتاً، فإنه عاجز أساساً عن ضمان النصاب المتمثل بـ86 نائباً في الدورة الثانية من دون «أصوات الممانعة» كما صنّفهم عدوان. وبعيداً من حفلة الاتهامات التي قدّمها عدوان أمس، فإن الواقع هو أن القوات ستكون أول الخارجين من الجلسة في حال تأمين النصاب القانوني منعاً لوصول معوض، على حدّ قول أحد نوابها. إذ «كيف يمكن لجعجع الذي جهد لكسر الإقطاع في منطقة الشمال ونصّب نفسه زعيماً على الدائرة خصوصاً في الانتخابات الأخيرة، أن يأتي بإقطاعي ينافسه على جمهوريته الجديدة». أما التزام معراب، شأنها شأن الكتائب، باسم معوض فليس سوى «تمرير للوقت» إلى حين اتضاح الصورة الكاملة واستجابة لطلب السفير السعودي وليد البخاري.
هجوم من معوض والقوات على نواب «التغيير» استدعى ردوداً. إبراهيم منيمنة أكد أن «محاولة جرنا إلى اصطفاف من أجل التفاوض على ظهرنا في لحظة سياسية ما لن يحصل»، فيما اعتبر وضاح الصادق كلام عدوان «إنجازاً جديداً لمصلحة الكتلة وتأكيداً على شعار كلن يعني كلن». أما يعقوبيان، فأشارت إلى خطأ حسابات عدوان بشأن قدرة «التغييريين» على إنجاح معوض، وكشفت عن طلب وزير الخارجية السابق ناصيف حتي بعدم طرح اسمه، بعدما اتفقت عليه غالبية «التغييريين» والنائب أسامة سعد، بعد رفض كل من منيمنة وحليمة قعقور وسينتيا زرازير وفراس حمدان التصويت للنائب السابق صلاح حنين باعتباره «اشتراكياً، ولا يتناسب مع معايير الاستقلالية والسيادة». علماً أن مجموعات المجتمع المدني التي شكل هؤلاء النواب جزءاً منها، كانوا يجوبون الشوارع ليلاً ونهاراً لإسقاط حكومة حسان دياب التي شغل فيها حتّي منصب وزير الخارجية عن التيار الوطني الحر.

 

الجمهورية
لبنان يتجه إلى «فخامة الفراغين».. وباسيل يستعدّ للتصعيد ما بعدهما
حصل أمس أن تَوافرَ نصاب للجلسة الثالثة النيابية لانتخاب رئيس جمهورية جديد، لكن جاءت النتيجة كسابقاتها الاولى: أوراق بيض اكثر وثمانية اصوات اضافية للمرشح ميشال معوض ودخول «لبنان جديد» في لعبة الانتخاب، حملت أصواته عدة مَعان انتظارية لمصلحة مرشح لم يتبلور بعد، في انتظار توافق موعود يُفضي الى ولادة الرئيس الموعود. امّا الحكومة الموعودة فما تزال في غياهب الخلافات على تركيبتها وهي تسابق الوقت مع موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية في 31 من الجاري، ويبدو انها لن تؤلف لأنّ رئيس «التيار الوطني الحر» أعدّ العدة التصعيدية لمرحلة ما بعد الفراغ.
وأبرز ما أظهرته الجلسة الانتخابية أمس ذات نصاب الـ119 نائباً مجدداً هو انّ اي فريق لا يملك اكثرية الثلثين او الاكثرية المطلقة بمفرده، ما أكد بوضوح ان الرئيس العتيد لا يمكن إلا أن يكون توافقياً، يؤمَل ان يتبلور مع تتابع الجلسات الانتخابية بدءاً من الاثنين المقبل، حيث تبدأ اليوم مهلة الايام العشرة الاخيرة من ولاية رئيس الجمهورية ويصبح فيها مجلس النواب في حال انعقاد دائم لانتخاب رئيس جديد، قبل الدخول في الفراغ الرئاسي في حال تعذّر هذا الانتخاب. والى الآن لا تزال مواقف القوى والكتل النيابية والسياسية على مواقفها من الاستحقاق الرئاسي، فريق الموالاة ينادي برئيس توافقي فيما فريق المعارضة يصرّ على ترشيح رئيس من صفوفها وهو النائب ميشال معوض الى الآن، في ظل الحديث عن وجود مرشح آخر لديه سيُظهره في اللحظة التي يراها مناسبة.
وأدرك كل مَن استعدّ صباحاً للالتحاق بجلسة انتخاب الرئيس ان الاخير لا يزال في القمقم ولن يحضر لا بالتحالفات ولا بالانتخاب ولا بتجميع الاصوات، لأن الحلقة التي دخل فيها الاستحقاق الرئاسي قبل مغادرة عون القصر الجمهوري ستُبقي الملف يدور حول نفسه: موعد لجلسة، نصاب مكتمل في الدورة الاولى لجس النبض، واستجماع مواد التصريحات في الخارج، تطيير لنصاب الدورة الثانية وتقييم لنتيجة التصويت وتبادل الاتهامات: فريق يقول للآخر: أنت طيّرت النصاب، والاخير يرد: تريدون رئيس مواجهة من دون تفاهم «ما بيمشي». ولا عجب اذا تلاشت الاندفاعة لحضور الجلسات في الاسابيع المقبلة ليطير نصاب الدخول والحضور من أساسه… هكذا يوصّف مصدر رفيع لـ»الجمهورية» الجلسة الثالثة متوقفاً عند المواقف التي تعلن في الخارج حيث يشعر كل فريق انه منتصر، ولكن اين الرئيس؟ لا رئيس، قال المصدر، وكلّ يدرك ذلك في قرارة نفسه طالما انّ ظروف الانتخاب والتفاهمات الداخلية والخارجية لم تنضج بعد». وأضاف: «انّ وهج هذه الجلسات سيخفت مع الايام لتتحول روتيناً ممّلاّ ينتظر حجراً يُرمى في المياه الراكدة».
«الكل منتصر»
ووصفت مصادر نيابية الجلسة بما انتهت اليه بأنها «جلسة الكل منتصر بلا رئيس». ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد فقدان نصابها قبل فتح الدورة الثانية للاقتراع، الى جلسة جديدة تعقد الحادية عشرة قبل ظهر الاثنين المقبل.
وقد جاءت نتيجة فرز الأصوات في نهاية جلسة الاقتراع الاولى كالآتي: 55 ورقة بيضاء، و42 لميشال معوض، و17 ورقة حملت عبارة «لبنان الجديد»، و4 أوراق ملغاة، وورقة باسم ميلاد أبو ملهب.
مواقف
وأشار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في حديث متلفز، إلى أنّ «النائب ميشال معوّض نال عمليًا 44 صوتاً في جلسة مجلس النواب، وهناك 22 نائباً حَرقوا أصواتهم وعطّلوا الجلسة، وحاولنا التوافق مع النواب الـ22 لكنهم لا يريدون التفاهم على أي اسم»، موضحًا أنّ «فريق «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» مع حلفائهما يريدون الفراغ، لأن ليس لديهم مرشح جاهز، والنواب الـ22 قادرون على إتمام الاستحقاق ونحن بانتظار اقتراحاتهم».
واعتبر النائب ميشال معوّض «أن هناك فريقاً يعملُ بجدية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في حين أن هناك فريقاً آخر يحضرُ الجلسات كي لا يُقال أنه مُشارك في التعطيل». وأضاف: «على رغم من المحاولات المتعددة لضرب ترشيحي للرئاسة، فإني أقول انّ هذا الترشّح هو الأكثر جديّة والوحيد، وأنا أحمل طرحاً إنقاذياً واضحاً وغير مخفيّ، ولبنان بحالة من الانهيار ويحتاجُ إلى وضوحٍ في التعاطي بين الجميع».
وقال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن: «نحن في تشاور دائم ومكثّف مع الحلفاء حول كل الأمور ونتمنى ان يتوسّع الحوار للوصول الى نتيجة بما خَص انتخاب رئيس الجمهورية. لا نقبل برئيس جمهورية استفزازي او غير واضح في مواقفه في أبرز الملفات، ومن يرفض الحوار يدفع في اتجاه الفراغ».
ولاحظ عضو تكتل «لبنان القوي» سيمون ابي رميا انّ «ما من اسم حتى الآن قادر على جمع الاصوات الكافية، وداخلياً لم نحسم خياراتنا بعد بالنسبة للاسماء. نريد ان نخلق صدمة ايجابية باسم الرئيس الذي عليه ان يكون لديه الجرأة الكافية في هذا الوقت للانقاذ لا ان يكون قادراً فقط على ان يكون على مسافة واحدة من الجميع». واضاف: «نحن في نقاش جدي مع «حزب الله» بالنسبة للخيارات وموقفنا واضح تجاه رفضنا لبعض الاسماء».
التأليف الحكومي
وعلى جبهة التأليف الحكومي انهارت كل المساعي التي بذلت في هذا الاتجاه، ما اثار مخاوف من عدم تاليف حكومة في خلال الايام الفاصلة عن 31 الشهر الجاري حيث تنتهي ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وعلمت «الجمهورية» من مصادر معنية مباشرة بالتأليف ان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بدأ التحضير لمرحلة ما بعد الفراغ الرئاسي، حيث عقد اجتماعاً لوزراء «التيار» في الحكومة حضره الوزراء عبدالله بوحبيب وموريس سليم وامين سلام ووليد فياض وعصام شرف الدين، وتغيّب عنه الوزيران هنري خوري ووليد نصار.
وخاطب باسيل الوزراء قائلاً: «علينا ان نكون حاضرين ومستعدين لِما بعد الفراغ الرئاسي. واذا لم تؤلف حكومة جديدة وبقيت حكومة تصريف الاعمال ممنوع عليكم حضور اي من اجتماعاتها، وعليكم ان تكونوا سلبيين وحاضرين في هذه الحال لمواجهة كل الاحتمالات والتطورات في الاطار الحكومي وخارجه».
الى ذلك، أوضحت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» ان مساعي تأليف الحكومة لم تحقق امس اي خرق نوعي، مشيرة الى انه اذا كان سيتم إنجاز التشكيل قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون فإن المؤشرات الجدية يجب أن تبدأ بالظهور مطلع الاسبوع المقبل، والا تكون اللعبة على حافة الهاوية قد أصبحت مخفوفة بالمخاطر.
عون والموازنة
على صعيد آخر، علمت «الجمهورية» ان عون يتجه الى عدم توقيع قانون الموازنة، إنما من دون أن يردهّ بالضرورة، وفي هذه الحال يصبح القانون نافذاً بعد مرور شهر على إحالته الى رئيس الجمهورية. ويبدو ان عون لا يحبّذ توقيع موازنة 2022 لأنه غير مقتنع بها، لكنه في الوقت المناسب لن يردّها حتى لا يُسبّب تأخيراً إضافياً في فرصة إتمام الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي الذي يشدد على ضرورة إقرار عدد من القوانين الإصلاحية، ومن بينها الموازنة، كمدخل إلزامي لمساعدة لبنان.
رد 5 طعون
من جهة ثانية، قرر المجلس الدستوري رَد 5 طعون بالانتخابات النيابية، وهي لكل من: بول حامض على الياس الخوري (طرابلس)، محمد شفيق محمود على بلال الحشيمي (زحلة)، ابراهيم عازار على سعيد الأسمر وشريف مسعد (جزين)، مطانيوس عيسى نقولا محفوض على جميل عبود (طرابلس)، و»الامل والوفاء» على فراس حمدان (حاصبيا مرجعيون).
وكان المجلس قد التأم في مقره اليوم برئاسة رئيسه القاضي طنوس مشلب وحضور الأعضاء القضاة: عوني رمضان، أكرم بعاصيري، البرت سرحان، رياض أبو غيدا، عمر حمزة، ميشال طرزي، فوزات فرحات، الياس مشرقاني وميراي نجم.
مشلب لـ»الجمهورية»
وفي هذه الاجواء كشف رئيس المجلس الدستوري طنوس مشلب لـ»الجمهورية» ان «العمل جار لتحضير الأجواء التي ستسمح بالاعلان عن مجموعة الطعون الاخرى الـ13 المتبقية لأنّ بعضها يحتاج الى عمل إضافي، وقد طلبنا مجموعة من الصناديق لإعادة احتسابها مجدداً في بعض الطعون وإجراء المقارنة المطلوبة بين أرقام الطاعن والمطعون بنيابته».
ولفتَ إلى ان «المجلس سيستأنف جلساته المفتوحة من الاثنين المقبل للبحث في الطعون المتبقية تباعاً، فالطعون التي صدرت استغرقت وقتاً لا بأس به وليس هناك ما يلزمنا بإصدار القرارات دفعة واحدة، وانّ المجلس الدستوري التزم المعايير الدقيقة»، نافياً «حصول اي ضغوط تعرّض لها هو او اي من اعضاء المجلس».
وعليه، قال مشلب: «نحتاج الى وقت قد يتجاوز الاسبوع المقبل الى ما يليه على الأقل لتحضير القرارات الاخرى، وان المجلس حريص على الاعلان عن اي قرار عند التوصّل اليه. وان المجلس ما زال يعمل من ضمن المهل المنصوص عنها في عمله، علماً انها مهل حضّ وليست إلزامية بدليل ان بعض القرارات صدرت في تجارب سابقة بعد تسعة أشهر فيما المهلة التي نَص عليها نظام المجلس تقدّر بأربعة أشهر من تاريخ بدء عمل المقرر في كل طعن، ونحن بدأنا في الأول من تموز باحتساب هذه المهلة، ولذلك فهي صالحة حتى نهاية الشهر الجاري ويمكن ان تتمدد قليلاً».
وانتهى مشلب الى التأكيد «انّ الجهود الخاصة انتهت الى تأمين الطاقة الشمسية للمجلس وهو ما سمح بتزخيم العمل فيه. لكن المشكلة المقبلة ان استخدام أجهزة التبريد والتدفئة مستحيل في ظل الطاقة المتوفّرة اليوم، وهو ما نجهد من أجله لتوفير الظروف الممكنة بالحد الادنى المطلوب الذي يضمن العمل الذي نقوم به».
مرجع دستوري
وتعليقاً على قرارات المجلس الدستوري اعتبر مرجع قانوني ودستوري تابعَ بدقة كثيراً من التفاصيل التي رافقت مجموعة الطعون الخمسة عبر «الجمهورية»، فوصفها بأنها «الأكثر هشاشة وضعفا الى درجة يمكن القول بكل بساطة ان هذه الطعون استهلكت وقتاً لا بأس به من عمل أعضاء المجلس الدستوري ولم يكن من الضروري ان يضيعوا الوقت لمناقشة مضمون البعض منها بالنظر الى عوامل عدة، ابرزها انّ احد الطعون قد طلب إلغاء صندوق انتخابي تبيّن انه نال فيه رقما كبيرا ان شطب من اصواته لمّا كان قد تقدّم بالطعن. كما تقدّم احدهم بطعن بعد ان نال 15 صوتاً مقابل بضعة آلاف لمنافسه مضافاً الى طعن آخر أثبتت فيه الارقام انّ مقدّمي الطعن لم يصلوا الى نَيل الحاصل الانتخابي الاول بفارق كبير لا يمكن تعويضه في مرحلة لاحقة كما كان يُطالب به».

 

 

النهار
الثلث مع معوض… و”التغييريون” يحبطون فرصة!
مع ان شيئا لم يكن مفاجئا في الجلسة الثالثة من جلسات انتخاب رئيس الجمهورية المقبل ضمن #المهلة الدستورية التي تقترب من نهايتها في آخر تشرين الأول الحالي، فان الوقائع المباشرة التي تخللتها أدت الى تظهير انكشاف فريقين احدهما يعطل عمدا و”بالابيض” الفاقع المعركة الديموقراطية للاستحقاق، والثاني صار من حيث يدري او لا يدري يخدم نهج التعطيل بما يمكن ان يتطور معه وضعه نحو الأسوأ. فاذا كان تراجع “الكتلة البيضاء” امس الى 55 ورقة بدلا من 63 لا يعني ان قوى “محور الممانعة” بدأت نهجا مختلفا عن تعطيل الاستحقاق، فان “كتلة” شعار “لبنان الجديد” بغالبية أعضائها المنضوين ضمن “تكتل النواب التغييريين” باتت غداة الاهتزازات الداخلية في صفوفها تثير مزيدا من الريبة حيال المنحى التي تمضي فيه وتضعف إمكانات ازدياد فرص إيصال مرشح المعارضة وتخدم تاليا اتجاهات الكتل “الممانعة” كما لو انها شريكتها في تعطيل الاستحقاق والدفع به نحو الفراغ الحتمي. حتى ان جهات سياسية بدأت ترسم تساؤلات من نوع “متطور” اخر على خلفية ما تردد عن لقاءات تجرى وراء الكواليس من نوع هل يتجه “التغييريون” الى صفقة مع كتل المحور الممانع لبلورة مرشح لهذه الصفقة تحت زعم “توافقي” حين تزف ساعة ملائمة ؟ واذا كان هذا الاحتمال مستبعدا من زاوية مراقبين ومطلعين، اقله وفق المؤشرات الحالية، الا ان ذلك لا يحجب تصاعد الاحتقانات التي برزت بوضوح امس والمرشحة للتصاعد مع الجلسة الرابعة التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري الاثنين المقبل، وهي احتقانات كانت متوقعة بعد ارتفاع رصيد الأصوات المؤيدة لمرشح المعارضة النائب ميشال معوض وصار يوازي ثلث حجم أعضاء المجلس بما يوسع الطريق امام فرصه لو انضم “التغييريون” كجزء أساسي من المعارضة النيابية الى معركة إيصال مرشح المعارضة . ولكن المشهد الذي اعقب جلسة التصويت سرعان ما رسم المسار المأزوم ان لجهة مسارعة كتلتي “الوفاء للمقاومة” و”التيار الوطني الحر” الى “قيادة” حركة افقاد نصاب الثلثين في الدورة الثانية وان لجهة انكشاف البلبلة الهائلة التي تطبع سلوكيات وقرارت ومفاجآت “تكتل التغييريين”. وإذ احتفظ الرئيس بري دستوريا بحقه في إدارة الجلسات ضمن العشرة أيام الأخيرة من المهلة الدستورية لكونه دعا الى الجلسة قبل اليوم العاشر للانعقاد الحكمي قبل نهاية المهلة وفق المادة 70 من الدستور كما دعا الى الجلسة المقبلة الاثنين فان الجانب الشكلي “الطقوسي” بدأ يطغى على الجلسات ويجعلها بمثابة ملء للوقت القصير المتبقي في انتظار حلول الفراغ الرئاسي، الامر الذي ادخل البلاد في نفق ازمة بالغة الخطورة في تداعياتها وتردداتها خصوصا مع التهويل المتعمد من جهات تقيم على السلطة وتبشر بفوضى ابعد من الفوضى الدستورية والاجتماعية .
الجلسة الثالثة
اذا خلصت الجلسة الثالثة لانتخاب رئيس للجمهورية الى نتيجة معروفة سلفا كما كان متوقعا، كان البارز فيها ارتفاع عدد مؤيدي المرشح ميشال معوض في مقابل تراجع النواب “التغييريين” بحيث لم يسموا احدا بل دونوا عبارة “لبنان الجديد” على اوراقهم مع بضعة نواب اخرين من نواب “كتلة الاعتدال الوطني”. ونال النائب ميشال معوض 42 صوتا، وكان يفترض ان تكون 44 لولا غياب النائبين شوقي الدكاش وايهاب مطر، فيما جمع شعار “لبنان الجديد” 17 صوتا، وصوتت كتل محور “الممانعة” بـ 55 ورقة بيضاء. وقبيل انطلاق الجولة الثانية، تبين فقدان النصاب بسبب خروج نواب فريق 8 آّذار، فدعا بري الى جلسة جديدة في الحادية عشرة قبل ظهر الاثنين المقبل في 24 الحالي.
وسجلت سخونة سياسية لافتة عقب الجلسة اذ أعتبر النائب جورج عدوان باسم “تكتل الجمهورية القوية”، “أن 56 نائبًا لم يتمكنوا من الاتفاق على اسم مرشح وليست لديهم الجرأة للانتقال إلى الدورة الثانية لخوض انتخابات #رئاسة الجمهورية”. واكد ان “ميشال معوّض يُراكم الأصوات كما تبيّن أن 22 نائبًا ضايعين بأمرهم وفي حيرة”. ولفت عدوان إلى أنه “يضع الأرقام التي انتجتها جلسة البارحة برسم الرأي العام اللبناني للتأكيد أنه من الممكن انتخاب رئيس صنع في لبنان، وكذلك برسم من انتخبوا التغييريين ليطلبوا منهم حسم خيارهم وانتخاب رئيس”. ولفت الى “اننا ندور في حلقة مفرغة منذ عام 2005 حول سلاح “حزب الله” وعندما يقول إنّه تحت سقف القانون والدستور نجلس على الطاولة لنُحاور” وقال “النواب الـ22 هم من يُعطلون التغيير ورسالتي إليهم أن يحسموا خيارهم قبل يوم الإثنين والإنسان الديموقراطي عليه أن يقبل بالخيارات المطروحة فهناك مرّشح حصل على 44 صوتًا وعليكم دعمه، والحوار يجب أن يكون تحت سقف القانون والدستور وهذه المرة في لبنان وليس خارجه وبعد انتخاب رئيس للجمهوريّة”.
غير ان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل اكد، “أننا ما زلنا نعمل على توحيد صفوف المعارضة على اسم واحد”، آملا “مع اقتراب نهاية الشهر ان نقترب اكثر بالافكار”.
في المقابل، حاولت النائبة بولا يعقوبيان تبريرموقف التكتل التغييري فقالت ان : “أحزاب السلطة صاروا مضحكين لتحميل المسؤولية للنواب التغييريين والبلد في انهيار ولا نزال نعيش مسرحية “سمجة” وقمنا بمبادرة وضحّينا فيها من رصيدنا لنحذّر من الفراغ ولنطالبهم بعدم الوصول إليه”.
اما المرشح ميشال معوض فأكد أنه “لا ينتظر التسويات والمساومات الاقليمية والدولية، والكلام عن حرق اسمه غير صحيح على الرغم من كل الحملات التي يتعرض لها” . وقال “يوم حرقوني ويوم اشتروني ويوم باعوني إلا أنني المرشح الجدي الوحيد وبالرغم من محاولات القصف، تبيّن أن الترشيح الجدّي الوحيد الموجود هو ترشيحي”. وقال “هناك فريق جدّي يشارك بانتخاب رئيس للجمهورية وهناك فريق آخر يحضر إلى مجلس النواب ليس لانتخاب رئيس بل ليظهر بصورة غير المعطّل .. وقد حققنا تقدمًا نوعيًا وانتقلت من 36 الى 42 صوتا في غياب نائبين هما شوقي الدكاش وايهاب مطر كانا سيصوتان لصالحي”. وشدد معوض على “ضرورة توحيد المعارضة والسماح بخلق وفاق وطني حقيقي” ورأى أن “لبنان بحال من الانهيار ويحتاج إلى وقف التكاذب ويريد الوفاق الحقيقي على أسس اعادة ربطه بالعالم والعالم العربي والقبول بالحياد الايجابي وعودة الجميع إلى الدولة وسيادتها” مؤكدا أن “طرحه انقاذي واضح ورأيه واضح في الملفات كافة”. كما أشار إلى أنه “إذا أصرينا على رئيس بأكثرية الثلثين فهذا يعني أننا نريد رئيساً خاضعاً لا رأي له بشيء وهذا معناه استمرار انهيار الليرة أما الأمور الباقية كتعديل جملة على قانون وغيرها ستبقى أموراً استعراضية”. وتوجه معوّض لقوى المعارضة، قائلا ؛اذا فعلا أردنا التغيير علينا أن نجمع المعارضة، وبعض التبريرات التي قُدّمت فيها الكثير من الازدواجية وليس هكذا نقوم بالتغيير بل نبدأ بتوحيد المعارضة”.
وفي وقت لاحق شجب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أداء بعض الافرقاء السياسيين في المعارضة حيال انتخابات رئاسة الجمهورية وحملها مسؤولية ولو جزئية بوصول البلاد الى الفراغ معتبرا ان “الفريق الأساسي الذي يتحمل مسؤولية الفراغ الرئاسي هو بالطبع فريق الممانعة الذي يصوت بورقة بيضاء ويجاهر بذلك علانية مدعيا ان سبب خياره هذا هو عدم توافر الوفاق”. ولفت الى انه لو اضفنا الأصوات ال 22 (في جلسة البارحة )على الأصوات التي لدى ميشال معوض لوجدنا انه سيصبح لديه 66 صوتا …ولكان لم يعد في امكان الفريق الاخر تعطيل النصاب الى ما شاء الله “. ودعا النواب ال22 الذين حرقوا أصواتهم امس الى انتداب لجنة تمثلهم حتى نقوم بالتفاوض معها .
واوفد جعجع عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب ملحم الرياشي، الى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في كليمنصو، بحضور النواب أكرم شهيب ووائل بو فاعور وراجي السعد وتناول البحث ملف رئاسة الجمهورية في ظل مجريات الجلسة امس .
بين بعبدا والسرايا
في غضون ذلك لم يطرأ أي جديد على صعيد الجهود الجارية للتوصل الى تسوية حكومية بين بعبدا والسرايا قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في حين تزداد احتمالات فشل هذه الجهود وبقاء حكومة تصريف الاعمال باعتراف من معظم القوى الداخلية باهليتها وصلاحياتها لتولي مرحلة الفراغ باستثناء “التيار الوطني الحر”. ولفتت في هذا السياق المعلومات التي اشارت الى ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي سيرأس وفد لبنان الى القمة العربية التي تنعقد مطلع تشرين الثاني المقبل في الجزائر ويضم اليه وزير الخارجية عبدالله بوحبيب وعددا من المستشارين، على ان يسبقه الى هناك الاسبوع المقبل الوزير بوحبيب للمشاركة في اجتماعات وزراء الخارجية العرب.
ولكن الجهود الحكومية لم تتوقف وسجل امس اجتماع بين الرئيس ميقاتي والمدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يتولى الحركة المتواصلة على الخط الحكومي. كما رأس ميقاتي اجتماعاً خُصّص للبحث في التحضير لموازنة العام 2023 قبل ظهر امس في السرايا شارك فيه نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل.
رد الطعون
في غضون ذلك اعلن رئيس المجلس الدستوري القاضي طنّوس مشلب ردّ المجلس 5 طعون نيابيّة بالإجماع وهي الطعون المقدمة من كل من بول حامض ضد الياس الخوري (طرابلس) ومحمد شفيق حمود ضد بلال الحشيمي (زحلة) وابراهيم عازار ضد سعيد الأسمر (جزين) وطانيوس محفوظ ضد جميل عبود (طرابلس) و”الأمل والوفاء” ضد فراس حمدان (حاصبيا مرجعيون). واعلن مشلب:” التكهنات لم تكن في مكانها ولم يسألني شخص عن أي ملف أو يُمارس أي ضغط عليّ”. وسيصدر المجلس في الأيام المقبلة قراراته في عشرة طعون أخرى .