“الاخوان” وضعوا مصر أمام الفوضى: ماذا لو لم تحدث ثورة 30 يونيو ؟!

“الاخوان” وضعوا مصر أمام الفوضى: ماذا لو لم تحدث ثورة 30 يونيو ؟!

ألمانيا : الحكومة تقر استراتيجية الأمن القومي
تحركات للطيران الحربي في شبه الجزيرة الكورية
“ما بعد كورونا” : “صفقة القرن” عند “نهاية العصر الأميركي”؟

سؤال الماضي والمستقبل :
ماذا لو لم تحدث ثورة 30 يونيو ؟!
“الاخوان” وضعوا مصر أمام الفوضى وفرضوا عليها مساريين:إما السناريو الليبي أو السناريو السوري!

رغم المشكلات الاقتصادية التى تعانيها مصر اليوم (2023)، ورغم أن الآمال التي بنيت عشية ثورة 30 يونيو 2013 لا تزال تحتاج الي تحقق كامل ، إلا أن مصر (الدولة) فى وضع أفضل عما كانت الأمور ذاهبة إليه لو لم تحدث هذه الثورة، ولنفصل قليلاً؛ ونحن في الذكرى العاشرة لثورة الشعب والجيش في 30 من يونيو :
أولاً : كانت البلاد تحت حكم “الإخوان” ومشروعهم الشرق أوسطى ذو القشرة الإسلامية والقلب (أو المضمون) الأمريكى، متجهة ناحية أحد سيناريوهين لا ثالث لهما، الأول السيناريو السورى بحربه الأهلية والطائفية والتآمر الغربى – الإقليمى (83 دولة تآمرت على سوريا الدولة وهدفت إلى تفكيكها عبر هذه المؤامرة والحرب الأهلية التى أسماها الإعلام الساذج بالثورة) أو الثانى وهو السيناريو الليبى، والهادف إلى تقسيم ليبيا إلى ثلاث دويلات تتنازعها جميعاً روح الانتقام وتهيمن عليهم عقلية “داعش” وأخواتها من التنظيمات الإرهابية الملتحفة زيفاً بالإسلام.
* إن المتأمل لحال مصر قبل 30 يونيو 2013، كان يلاحظ وبوضوح الحال الذى تتجه إليه البلاد، فى فوضى هذين المسارين : السورى، والليبى .
***
ثانياً : إن المشهد السياسي الأخير لجماعة “الإخوان” الارهابية ولمندوبها في قصر الرئاسة محمد مرسى وهو فى مؤتمر استاد القاهرة يوم 15/6/2013 وإلى جواره “أركان حرب” الدعوة والجبهة السلفية، وقيادات الإخوان والتيارات المتشددة، هذا المشهد بقراراته المتطرفة ضد جميع القوى الوطنية المصرية، وإعلانه (الجهاد فى سوريا) ومحاولة توريط جيش مصر فى المؤامرة “الإخوانية” – الأمريكية المدعومة بالمال والمليشيات من أجهزة مخابرات إقليمية ودولية فى سوريا ، كان هذا المشهد هو بمثابة إعلان حرب على الدولة المصرية التاريخية وعلي الامن القومي المصري في ركائزه ولو قدر له النجاح لتحولت البلاد إلى مستنقع من الصراع الدموى فى الداخل ومع الخارج، لقد كان مشهد مؤتمر استاد القاهرة فى 15/6/2013، شديد الإيحاء والدلالة عما ينتظر البلاد على أيدى هؤلاء “الدواعش” القدامي والجدد، الذين كانوا ينظرون للوطن مصر بإزدراء تام، وأنه مجرد “حلقة” فى إطار مشروعهم وتنظيمهم الدولى وليس دولة مستقلة ذات سيادة وكرامة !! .
***
ثالثاً : لو قدر لمخطط “الإخوان” ومن آزرهم ودعمهم من أجهزة مخابرات إقليمية ودولية ( تقدر الوثائق الدولية أن “الإخوان” تعاملوا ونسقوا عبر تاريخهم منذ 1928 مع 16 جهاز مخابرات دولي) أن يتحقق، وأن ينتصر على إرادة الشعب فى 30 يونيو، لتحولت مصر إلى دولة مخترقة يسهل فيه البيع للأمن القومى والتجسس عليه ( لنتأمل الاحكام الصادرة فى قضايا التخابر مع الخاصة بـ”الإخوان” منذ ثورة يناير 2011 الي ثورة 30 يونيو ) ولتحولت البلاد إلى بؤرة للارهاب “الداعشي” ولتعطلت المصالح العليا للبلاد، وازدادت المعاناة فى الأمن والاقتصاد وانهارت القوة العسكرية والشرطية للبلاد وفق المخطط التفكيكى الذى وضعه التنظيم الدولى لـ”الإخوان” وحلفائه من السلفيين و”الدواعش” الجدد . لقد كان الهدف هو تحويل مصر إلى دولة ملحقة بأشباه دول فى المنطقة، فيتشكل منهم جميعاً، كيان إقليمى يحكمه “الإخوان” والتيارات “الداعشية” يمتد من (سوريا إلى تونس مروراً بمصر وليبيا). إلا أن ثورة الشعب والجيش فى مصر فى (30/6) أسقطت عمود الخيمة فى هذا المشروع وأربكت حسابات مخططيه ورعاته ) ولذلك كانت – ولاتزال – الهجمة على هذه الثورة والنظام الذى أنتجته شديدة القسوة، وفى هذا الصدد كان الدفع بـ”داعش” وأخواتها وعملياتهم الإرهابية فى سيناء والدلتا والمنطقة الغربية، بالغة الدلالة والوضوح.
***
رابعاً : بالتأكيد أن المشكلات الإقتصادية في مصر ليست من اليوم، مثلها مثل كل دول العالم العربي. ولكن هل كان حكم الجماعات المتطرفة بقيادة “الإخوان” الذى كان يهيمن على القرار والسياسات فى البلاد قبل 30/6، سيأخذ البلاد إلى “الجنة” الاقتصادية والأمنية ؟! وهل أصحاب هذا الفهم الغليظ للدين، من التكفيريين والإرهابيين كانوا سيبقون على أى قوة سياسية أو أي قيمة إنسانية تعيش فى هذه البلاد، إن هم استمروا يحكمون وفق الطريقة الكارثية الفاشلة التى حكموا بها فى العامين التاليين لثورة يناير 2011 ؟! .
* إن مصر تحت حكمهم شهدت سحلاً وقتلاً للمختلفين سياسياً ومذهبياً مع بعض الجماعات المتطرفة المتحالفة وقتها مع “الإخوان” (لنتذكر حادثة أبو النمرس فى الجيزة 23/6/2013 وقتل وسحل الشيخ حسن شحاتة لمجرد أنه يعتنق مذهباً إسلامياً مغايراً لهؤلاء القتلة، تم قتله و3 من أصحابه حرقاً وسحلاً باسم “الحكم الإسلامى” آنذاك فى مشهد يرفضه حتى كفار قريش !!) تم كذلك ضرب ومحاصرة العديد من القوى السياسية الليبرالية واليسارية باسم “الحكم الإسلامى”.. لقد كانت مصر على موعد مع حكم سيستمر 500 عام كما أشاع “الإخوان” وقتها، يكون التكفير والإرهاب والقتل والسحل عنواناً ثابتاً له فى إدارة البلاد والعتاد !! .
***
خامساً : لا مبالغة فى القول أن مصر قد تم إنقاذها من مصير سياسى واجتماعى مظلم كان ينتظرها، لقد تم استعادة الهوية المصرية الحقيقية، بعبارة أخرى تم استعادة مصر التى كانت مختطفة باسم “الحكم الإسلامى” وهو بريء مما فعلته جماعة “الإخوان” والمتحالفين معها من التيارات “الداعشية”. إن الحفاظ على الدولة والوحدة الوطنية وكرامة الإنسان وحرمة دمه عند الله، وفى حكم التاريخ، أهم كثيراً من ادعاءات البعض بأنهم كانوا يحكمون باسم الله، والإسلام، والواقع أكد العكس تماماً. حيث إن ما جرى فى 30 يونيو، حفظ فى تقديرنا الإسلام، حين حفظ مصر وأعادها من منفاها الذى كانت قد أجبرت على الذهاب إليه، ربما لم تتحقق كثيراً من أحلام وأهداف تلك الثورة، ولا تزال العديد من ملفاتها قيد التنفيذ، ولكن يكفى أن الوطن لا يزال بخير وموحد وهو بهذه الوحدة قادر على تجاوز صعاب اللحظة، وقسوتها، ولن تذهب دماء شهداء الوطن فى سيناء، هباء، لأنها ستنير لنا طريق الحق، والثورة، ضد الإرهاب الذى هزم فى 30 يونيو عام 2013 .
***
خلاصة القول إذن ومع الذكري العاشرة لثورة الشعب والجيش في 30 يونيو، إن قيام هذة الثورة قطع الطريق علي إستمرار الفوضي المسلحة في مصر وفي باقي بلداننا العربية. لقد أكد لي مسؤولين عرب كبار أنه لولا ثورة 30 يونيو 2013 وإسقاط “عمود الخيمة الرئيسي في المنطقة” أي حكم “الإخوان” في مصر، لكانت أغلب بلادنا العربية اليوم ممتلئة بالتنظيمات “الداعشية” الارهابية ..لماذا ؟ لان جماعة “الإخوان” كانت هي الحاضنة لتلك التنظيمات والراعية لها وبخاصة في بلاد الشام (العراق –سوريا – الاردن – لبنان –فلسطين ). ومن ثم لا يمكن نسيان أو تجاهل الخدمة التاريخية الكبري التي قدمتها ثورة 30 يونيو الي شعوب أمتنا العربية والى جوهر أمنها القومي الذي حمته، بإسقاطها هذا الحكم “الاخواني” الفاشي والفاشل … حفظ الله مصر.

رفعت سيد أحمد، باحث وكاتب عربي من مصر، المدير العام والمؤسس لـ”مركز يافا للدراسات والأبحاث” في القاهرة. أغنى المكتبة العربية بالكثير من المؤلفات.

الخميس، 29 يونيو/حزيران، 2023

COMMENTS