افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 19 كانون الأول، 2019

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 29 أيلول، 2018
بري أبوابه مفتوحة و”العدس بترابه وكل شي بحسابه”
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 13 تموز، 2018

نواف سلام واي "إسم أميركي" لرئاسة الحكومة هو مشروع للفوضى الداخلية. تعجل الولايات المتحدة الأميركية في دفع بلدنا نحو الفوضى. مع ترشيحها لسلام، تكاد واشنطن أن ترمي في ساحة المواجهة، بكل أدواتها ما دون الحرب العسكرية. شددت العقوبات الإقتصادية الضاغطة على المواطنين إلى حد قطع أرزاقهم، ونهب مدخراتهم. حركت قوى "اليمين الجديد" واليمين القديم للركوب على الحراك الوطني الشعبي، ليصير جزءاً من المناورة الإستراتيجية التي تقوم بها في لبنان والمشرق العربي. حجبت كرسي الرئاسة الثالثة عن الرئيس سعد الحريري. فأغلقت هوامش تحرك الكتل الوسطى في النظام السياسي لتعطيل التوازن الطائفي فيه. بينما أوكلت للكتل المتطرفة، لا سيما عملاء "إسرائيل" السابقين، مهمة تعطيل إعادة هذا التوازن أو حمايته. تركت "إسرائيل" تناور على "الجبهة الشمالية". إنها استراتيجية تصدير الفوضى من واشنطن. استراتيجية فعالة لكنها غير مضمونة. أولاً، لأنها تدفع الخصوم إلى استنفار كل طاقاتهم واستخدام أقصى قواهم لإحباط الإستراتيجية الأميركية، وهذا أمر مفيد للبنان وحلفائه. ثانياً، لأنها استراتيجية خرابية. نصْلٌ من غير مقبض. فالأهداف الأميركية تنحصر، فعلياً، الآن، في تقويض التوازن السياسي بين خصوم وحلفاء واشنطن في لبنان. لكن ماذا بعد ذلك من إنجاز أميركي. صفر إنجاز. لأن الأميركيين لا يملكون القدرة على فرض توازن بديل من التوازن الذي كان قائماً. لا يملكونه حتى إذا ما قرروا خوض الحرب العسكرية. فأميركا قوة آفلة. هذا هو مأزق واشنطن في الأصل. أفول القوة هو جوهر محنة الأميركيين. الأفول الأميركي لا توقفه الفوضى الأميركية في لبنان والمشرق العربي.
هيئة تحرير موقع الحقول
الخميس 19 كانون الأول، 2019

 

Résultat de recherche d'images pour "‫نواف سلام‬‎"


اللواء 
مفاجأة الإستشارات: الأكثرية تتوافق على حسان دياب
الحريري يعزُف عن الترشُّح والتسمية.. وإجراءات جديدة لمصرف لبنان خلال أيام

هل يخرج الرئيس سعد الحريري من لعبة التسميات، والتكليف والتأليف؟ وبالتالي يرمي الكرة بكاملها إلى الطرف الآخر، الذي خرج، منفرداً، من تسوية العام 2016، المعروفة بالتسوية الرئاسية؟
أما مسألة صلاحيات تثبيت موعد الاستشارات اليوم أو تأجيلها كصلاحية لرئيس الجمهورية أم لا، فالقضية تتخطى هذا الجانب الذي لا لبس فيه، وسط مفاجآت بالغة التعقيد: فهل تؤجل الاستشارات لمعرفة ما يحمل الزائر الأميركي عندما يُقابل الرؤساء الثلاثة غداً الجمعة، بدءاً من بعبدا، أم هل يستبق الرئيس ميشال عون الدبلوماسي الأميركي المكلف الملف اللبناني بكل أبعاده، بما في ذلك ملفات النفط والغاز، والمناطق البحرية الخالصة، أو المتنازع عليها.
المعلومات حسمت ليلاً على النحو التالي:
1- المفاجأة أن الأكثرية النيابية المؤلفة من التيار الوطني الحر وحزب الله وأمل واللقاء التشاوري (سنة 8 آذار) توافقت على المشاركة ككتل كاملة والحضور في الاستشارات وفقاً للروزنامة المقررة، على أن تسمي وزير التربية والتعليم العالي السابق حسان دياب لتكليفه رئاسة الحكومة الجديدة وتأليفها.
2- المعطيات تُشير إلى امتناع الكتل الأخرى عن التسمية.
3- وتأتي هذه التطورات، بعد أن اتصل الرئيس الحريري بالرئيس نبيه برّي، قبل إعلان بيانه انه لم يعد مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، وبعدما زاره ليلاً، المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الحاج حسين خليل في بيت الوسط، في محاولة، لم يكتب لها النجاح، وتقضي بعدم العزوف، أو دعم المرشح الذي يمكن تسميته، حرصاً على دور الرئيس الحريري في المسار الحكومي الجديد.
لقاءات هيل
ويصل مساء اليوم إلى بيروت مساعد وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، وتحددت لقاءاته وفقا للبرنامج التالي: عند الحادية عشرة والنصف يلتقي الرئيس عون ثم يصرّح بعد اللقاء.
وينتقل من بعبدا إلى عين التينة حيث يلتقي الرئيس برّي عند الساعة 12 ونصف ظهراً ويتحدث إلى الصحافيين بعد المحادثات، على ان تكون المحطة الثالثة في بيت الوسط، حيث يتناول الغداء إلى مأدبة الرئيس الحريري، من دون الإدلاء بأي تصريح.
بالتزامن مع هذه التطورات علمت «اللواء» ان إجراءات جديدة سيتخذها حاكم مصرف لبنان ريّاض سلامة، خلال الأيام القليلة المقبلة، من شأنها ان تساعد في التخفيف من الأوضاع المالية الصعبة.
عزوف الحريري
وفي تقدير مصادر سياسية ان إعلان الرئيس الحريري عزوفه عن ان يكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، قلب الطاولة بوجه القوى السياسية، من دون ان يقاطع وكتلته النيابية الاستشارات الملزمة التي يجريها اليوم رئيس الجمهورية، على ان تجتمع كتلة «المستقبل» في التاسعة والنصف من صباح اليوم لتقرير الموقف من التسمية، والذي يرجح ان يكون سلبياً، بمعنى عدم تسمية أي بديل عن الرئيس الحريري، الأمر الذي سيترك للكتل النيابية الأخرى، التداول في أسماء شخصيات تكون قريبة من تيّار «المستقبل» أو غير مستفزة له.
وأوضح الحريري في بيان عزوفه، انه سعى جاهداً للوصول إلى تلبية طلب اللبنانيين واللبنانيات بحكومة اختصاصيين، لكن المواقف التي ظهرت من مسألة التسمية كانت غير قابلة للتبديل، وعلى هذا الأساس لن أكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، مع اصراري على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت».
واشعلت هذه العبارة الأخيرة، جملة ردود من «التيار الوطني الحر» إذ أعلن الوزير جبران باسيل ان تأجيل الاستشارات أو اجرائها هي صلاحية حصرية لرئيس الجمهورية يستعملها بحسب ائتمانه على المصلحة العامة والدستور.
وفور إعلان الحريري عزوفه، جرت اتصالات بين «التيار الوطني» وحركة «امل» و«حزب الله» للاتفاق على اسم لتكليفه بتشكيل الحكومة، مع الإشارة إلى ان الرئيس الحريري كان قد اتصل بالرئيس نبيه برّي وابلغه موقفه قبل إصدار بيان العزوف، فيما أكدت مصادر «القوات اللبنانية» انها حتى اللحظة متمسكة بموقفها في عدم تسمية أحد.
وبحسب المعلومات، فإن الرئيس برّي كان أبلغ الحريري في غداء عين التينة، بأنه كان يُمكن تخطي مسألة ميثاقية الأصوات بدعم سليمان فرنجية ومستقلين بينهم الحزب القومي، وان كتلته النيابية ستسميه في الاستشارات وانه في الإمكان تأمين 64 صوتاً، لكنه طرح عليه في المقابل، صيغتين حكوميتين الأولى من 18 وزيراً تضم 6 سياسيين والباقي من الاختصاصيين، والثانية من 14 وزيراً تضم 4 سياسيين فقط وان تطلق يده في تسمية المستقلين أو التكنوقراط، وطلب منه التمهل في الجواب حتى ظهر امس، وهو ما حصل، ولكن بشكل سلبي.
بورصة الأسماء
واوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الصورة الاوضح لمسار تكليف شخصية تشكل الحكومة الجديدة يتوقع لها ان تتبلور في ساعات الصباح الاولى او ربما قبيل انطلاق موعد الاستشارات وبالتالي لا كلام عن اسماء نهائية مرشحة لأن تجري المشاورات بوتيرة نشيطة معلنة ان القصر الجمهوري انجز كل الاستعدادات للاستشارات اليوم ولرئيس الجمهورية الحق الأوحد في اتخاذ القرار بإرجاء الاستشارات بعد تقييمه الوضع وما اذا كانت الظروف تستوجب اتخاذ قرار من هذا القبيل.
وتضمنت بورصة الأسماء المتداولة أسماء مثل النائب السيدة بهية الحريري، والوزيرين الاسبقين حسان دياب والدكتور خالد قباني، والدكتور غالب محمصاني والسفير نواف سلام، وحتى الرئيس تمام سلام الذي سبق وأعلن عزوفه ايضا بسبب الشروط الموضوعة على الرئيس المكلف، إضافة إلى تداول اسم النائب فؤاد مخزومي الذي زار دار الفتوى، وأعلن ان «الدار مفتوحة لأي رئيس حكومة مكلف والمجتمع الدولي يوجه لنا رسالة انه إذا لم نشكل حكومة تكنوقراط لن نحصل على قرش واحد».
وإذا صدقت التوقعات، فإن دياب سينال من الكتل الأربع 55 صوتاً، ويمكن ان يرتفع العدد إلى 64 صوتاً بتأييد كتلة نواب الأرمن وكتلة ضمانة الجبل ونائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي.
اما السفير نواف سلام فهو مرشّح كتلة نواب الكتائب (3 اصوات) والنائب ميشال معوض، في حين لم تعرف مواقف كتلة «اللقاء الديموقراطي» (9 نواب) وكتلة الوسط المستقل الرئيس ميقاتي (4 نواب)، والكتلة القومية (3 نواب)، مع العلم ان النائب البير منصور أعلن انه لن يُشارك في الاستشارات، مثل النائب ميشال المرّ، وكذلك النواب المستقلين: اسامة سعد، وجميل السيّد، وادي دمرجيان وفؤاد مخزومي وبولا يعقوبيان.
تدابير أمنية استثنائية
أمنياً، اتخذ الجيش اللبناني تدابير استثنائية اعتبارا من ليل أمس، في كل المناطق، منفذاً انتشاراً واسعاً وحواجز في مختلف المناطق.
تهدئة الجنون
وعلى خط آخر، بقيت «حفلة الجنون» التي كادت ان تشغل فتنة مذهبية، في منطقة بربور  مساء أمس الأوّل، على خلفية بث شريط فيديو جديد يُسيء إلى أهل السنة، موضع معالجات سياسية وروحية، بين المراجع المعنية، ولا سيما بين الرئيس نبيه برّي ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان اللذين شددا في اتصال هاتفي بينهما على «ضرورة التنبه من الوقوع في فخ الفتن المتنقلة»، وأكدا على وحدة المسلمين ضمن الوحدة الوطنية ووحدة اللبنانيين».
وأكّد برّي على انه «يعطي أوامر بأن ننتحر ولا نعطي أوامر بالفتنة».
وحذر امام لقاء نواب الأربعاء في عين التينة، من المشاهد المخيفة والشعارات المذهبية والمناطقية، ومن المندسين والمتلاعبين بمصير النّاس والوطن، داعياً الأجهزة الأمنية والقضائية للقيام بملاحقة مثيري الفتنة ومؤججيها، مؤكداً على ان «لا غطاء سياسياً وتنظيمياً على كل من يُسيء إلى الوحدة الوطنية والسلم الاهلي».
وكان المفتي دريان أجرى أمس سلسلة اتصالات بالرئيس برّي وبرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، مؤكداً على «وحدة الصف وجمع الكلمة والوعي والحذر مما يخطط له لتمزيق وحدة المسلمين واللبنانيين».
وأعلن المكتب الإعلامي في دار الفتوى عن رفض الدار لكل ابواق الفتنة وكل معاني التحريض الطائفي والمذهبي، الذي يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من سفاهة لا طائفة ولا دين لها.
وأكّد المكتب بأن «الدار لا تسمح وما تمثل بالمس بموقع مفتي الجمهورية الحريص على وحدة اللبنانيين والمسلمين».
وفي السياق، أعلن مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار انه عفا عن الشبان الذين احرقوا غرفة الحرس في منزله، وأوضح ان ما حدث في طرابلس ومناطق متعددة هو نتيجة توتر وردات فعل غاضبة، لأن المسؤولين ليسوا واعين لمطالبهم، مؤكداً رفض أهالي طرابلس إحراق شجرة الميلاد، معتبرا انه «تعبير خاطئ عن الغضب»، مبدياً خشيته من ان يفقد الحراك مضمونه وسلميته، ومن طابور خامس يأتي إلى الساحات لتشويهها.
ومساء، تسلم المفتي الشعار الشبان الأربعة الذين اوقفهم الجيش وقام بتسليمهم إلى ذويهم.
وسجل مساء ايضا قيام مجموعات من الحراك بالتجمع امام أحد مداخل مجلس النواب في وسط بيروت بالقرب من الجامع العمري، للتعبير عن ابتهاجهم بخروج الرئيس الحريري من السباق الرئاسي، وهتفوا للتغيير والمحاسبة.
وكانت مجموعات شبابية نفذت اعتصامات امام التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية في شارع فردان وديوان المحاسبة في القنطاري، للتعبير عن دعمهم لمؤسسات الرقابة الإدارية، لكنهم انتقدوا النقص في الطاقم البشري في تلك المؤسسات، وطالبوا بتفعيل عمل الإدارات، وعلى ضرورة تعيين كفوئين.
الحسن
وفي السياق، كشفت وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ريّا الحسن في حديث إلى محطة LBCI عن ان هناك قراراً سياسياً لقمع الثورة، لكن هذا القرار ليس من جهة الوزارة، لافتة إلى وجود اجندات لتأجيج الوضع وأخذ لبنان إلى مكان آخر وقالت ان تطوّر الأمور استدعى طلبها من المتظاهرين السلميين الخروج من الساحات خوفاً على سلامتهم.
وأوضحت ان هناك جهات معينة تعمل بأجندات تخريبية، بدأت الوزارة بتحديد هوياتهم والتحقيقات جارية وسنجري التوقيفات وفقا لنتائج التحقيقات.
وأشارت إلى ان الشعب المنتفض يطالب بتغيير المنظومة السياسية، ويجب أخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار من خلال حكومة اختصاصيين وتسمية رئيس الحكومة لكنها لفتت إلى ان الثورة لا تمثل كل الشعب اللبناني.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

البناء 
الغالبية النيابية تنجح بتفادي «كسر الجرّة» مع الحريري وبيئة «المستقبل»… وعزوفه بوجه «القوات»
مرشّح الوصاية الأميركيّة نواف سلام ومشروع التدويل الأمنيّ مقابل التدويل الماليّ 
الاستشارات اليوم: 68 صوتاً لحسان دياب رئيساً للحكومة وترجيح امتناع مستقبلي اشتراكي

ظنّ الأميركيون أن جعل سقف المطلوب لمشروعهم في لبنان في الربع الأخير من ساعة المواجهات في المنطقة، هو عزل لبنان عن سورية ومدّ سلطة اليونيفيل للبحر والجو والحدود السورية اللبنانية، فيتم ضمناً عزل حزب الله عن سورية تسليحاً وحضوراً ودوراً، كبديل عن التفكير بخطة مستحيلة لنزع سلاح المقاومة، ويتمّ تحت المظلة الأممية فرض خط أزرق على حقوق لبنان في النفط والغاز بدلاً من تورّط حكومة لبنانية بترسيم الحدود بتنازلات يصعب الدفاع عنها، ويصعب تمريرها. ولهذا ظنّوا أن أخذ لبنان نحو الانفجار المالي بتجفيف التحويلات بالعملات الأجنبيّة وفق خطة سنوات مضت وبلغت أهدافها، يتيح فتح ملفات الفساد والفشل ويفجّر غضب الشارع تحت تأثير الاختناق المعيشي، ويتيح لقيادات جرى إعدادها وتدريبها وتنظيمها وتمويلها وتجهيزها لمهمة قيادة الانتفاضة الشعبية، سيتيح طرح تشكيل حكومة جديدة تشكل نهاية لمرحلة القيادات التقليدية التي حكمت لبنان طائفياً وسياسياً منذ ثلاثة عقود، ومن بينها مَن اعتمدت عليهم واشنطن في سياساتها وما عاد بمقدورهم تخديم هذه السياسات، وصارت إطاحتهم شرطاً لإبعاد خصوم السياسات الأميركية. ولا مانع عندها أميركياً من معادلة بقاء الرئيس سعد الحريري خارج الحكم إذا كان هذا يضمن بقاء حزب الله والوزير جبران باسيل خارجه أيضاً. وجاء شعار «الحياد خيار استراتيجي للازدهار»، الذي أطلقته خيمة رئيس الجامعة الأميركية فضلو خوري في ساحة العازارية، مناسباً لتتويجه بترشيح شخصية تملك خبرة ونظرية تنفيذ هذا البرنامج وتأتي من الوسط الأكاديمي والقانوني والدبلوماسي، هي السفير السابق نواف سلام.
المفوّض السامي الذي سيحلّ مكان كل من رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري وحاكم المصرف المركزي، كمعتمَدٍ من واشنطن، كان في الحساب الأميركي سهل العبور، بالضغط على الحريري ليمنحه أصواته منذ استقالته، ويقدّمه كمرشح وحيد بديل لترؤس الحكومة، وعندما طرح الحريري الاسم ووجد الرفض عَدل عنه، ومضى يفاوض بأسماء بديلة تمهيداً لإعادة طرح اسمه، ليصيب الخطة الأميركية إصابة بالغة استدعت عقاباً مناسباً برفع الغطاء عن الحريري كمرشح ودفعه نحو الاعتكاف، بعدما قالت القوات اللبنانية تصريحاً وتلميحاً بأن الحريري لم يعُد يحظى بتغطية دولية وإقليمية لتسميته رئيساً للحكومة وأن هذه التغطية متاحة لنواف سلام.
الضغط متواصل على الحريري ليعلن تسمية سلام حتى صباح اليوم، رغم قرار الامتناع عن التسمية ليلاً، ويمكن أن يتغيّر الموقف صباحاً كما يمكن أن ينضمّ إليه موقف النائب السابق وليد جنبلاط، لضمان تسمية راجحة لسلام، والضغط على الحريري متواصل للإعلان أن أي تسمية لغير سلام ستشكل خرقاً للميثاقيّة لكونه موضوع تبنٍّ من الكتلة الأوسع تمثيلاً في طائفته، على أمل أن يشكل ذلك رادعاً للغالبية النيابية عن تسمية المرشح الذي حسمت منحه تصويتها، الوزير السابق حسان دياب الذي ينتمي لموقع قريب من الرئيس الحريري، وتربطه علاقة جيدة بالرئيس نجيب ميقاتي، ويشتغل الأميركيون مباشرة وبالواسطة على كل الكتل للتحذير من خطورة تسمية غير سلام، ملوّحين بعقوبات على أي حكومة يترأسها سواه أملاً بحشد أوسع تصويت لحساب اسمه؛ فيما تبدو الصورة بعد نجاح الغالبية بتفادي كسر الجرّة مع الحريري، عبر استمرار الحوار معه أملاً بتوفير فرص توليه رئاسة الحكومة، مقابل الخديعة التي توّجت بطعن القوات اللبنانية له في الصميم، كما ألمح تعليق مستشار الحريري الوزير السابق غطاس خوري على تصريح النائبة ستريدا جعجع الذي أشاد بالحريري بعد إعلان اعتكافه، حيث قال خوري، يبدو أن جعجع لم تقرأ جيداً كلام الحريري.
الحصيلة المتوقعة للاستشارات حتى ما بعد منتصف ليل أمس وفجر اليوم، تقول إن تسمية دياب ستنال على الأقل 68 صوتاً، وإن تسمية نواف سلام بدون الحريري وجنبلاط ستكون باهتة عند حدود الـ20 صوتاً ومعهما ستبلغ 48، فيما ستتوزّع أصوات المستقلين تباعاً بين الاسمين والامتناع وتسميات هامشية أخرى دون أن يغيّر تصويتها في حصيلة المشهد.
أعلن الرئيس سعد الحريري أنه لن يكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، وقال في بيان: «لما تبين لي أنه رغم التزامي القاطع بتشكيل حكومة اختصاصيين، فإن المواقف التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية من مسألة تسميتي هي مواقف غير قابلة للتبديل، فإنني أعلن أنني لن أكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، وإنني متوجّه غداً للمشاركة في الاستشارات النيابية على هذا الأساس، مع إصراري على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت».
ويترأس الحريري صباح اليوم اجتماعاً لكتلة المستقبل النيابية لتحديد موقفها من مسألة التسمية. ورجّحت مصادر مستقبلية لـ»البناء» أن لا تسمّي الكتلة أحداً كما استبعدت أن يتم تكليف رئيس للحكومة في استشارات اليوم إلا إذا نجحت الاتصالات بالاتفاق على اسم بديل عن الحريري. وقد تمّ التداول بمجموعة أسماء منها الوزيران حسان دياب وخالد قباني. فيما أشارت مصادر المستقبل الى أن «التيار لن يسير بنواف سلام لأنه مرفوض من الرئيس ميشال عون وثنائي أمل وحزب الله».
وأكدت أوساط بعبدا أن «الاستشارات النيابية قائمة حتى الساعة ولا اتجاه لتأجيلها. وشدّدت على أن قرار التأجيل عند رئيس الجمهورية ميشال عون فقط، واليوم يقدّر عون الظروف وإذا كانت استثنائية تقتضي التأجيل فسيؤجل».
وأعلن رئيس التيار الوطني الحر في بيان تقديره للموقف المسؤول الذي اتخذه الحريري، ورأى باسيل أنه «خطوة إيجابية نتمنى أن يستكملها الرئيس الحريري بأن يقترح من موقعه الميثاقي شخصية موثوقة وقادرة ليُعمل على التوافق عليها والتفاهم معها حول تشكيل حكومة تحظى بثقة الناس وتأييد الكتل البرلمانية الوازنة فضلاً عن ثقة المجتمَعين العربي والدولي، دون أن يضع البلد والناس أمام المجهول، كما حدث باستقالته الأخيرة، وذلك بتحديد خياره في اللحظة الأخيرة قبل الاستشارات النيابية الملزمة وبطلب تأجيلها او بفرض إجرائها حسبما يريد ويستنسب لمصلحته الخاصة فيما هي صلاحية حصرية لرئيس الجمهورية يستعملها بحسب ائتمانه على المصلحة العامة والدستور».
وفيما يتم التداول باسم نواف سلام بشكل لافت، قالت أوساط إعلامية بأن «اللقاء الأخير بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري لم يصل إلى نتائج»، لافتةً إلى أن «الحريري لم يعطِ إجابة إن كان هو مرشحاً أم لا أم أنه سيرشّح غيره أم لا». ووفق «المصادر»، فإن «حزب القوات اللبنانية تعمّد إبلاغ الحريري موقفه بعدم تسميته قبل ساعات قليلة جداً من بدء الاستشارات الإثنين»، مُضيفةً بأن «القوات نقلت للحريري كلاماً من دولة خارجية كبرى أنه ليس رجل المرحلة وأن المرشح هو نواف سلام ويجب دعمه». ورأت أن «نواف سلام سيكون بنظر فريق المقاومة مرشح مواجهة»، مُشدّدةً على أن «القوى المؤيدة للمقاومة في لبنان بشكل عام ستتعامل مع سلام باعتباره مرشحاً أميركياً للمواجهة».وأكد الرئيس بري، كما نقل عنه النائب علي بزي خلال لقاء الأربعاء النيابي، «أن لا غطاء سياسياً لكل من يُسيء للوحدة والسلم الأهلي، ونحن لا نعطي أوامر للفتنة». وشدّد على «ان الاستشارات النيابية مكانها الطبيعي عبر المؤسسات وليس عبر تفجير الساحات»، مناشداً الجميع الإقلاع عن سياسة الإنكار والهوبرة والعمل بمسؤولية وطنية وعدم التقليل من خطورة الوضع إذا بقي على حاله»، وحذّر «من الواقع المرير والمشاهد المُخيفة والمندسّين».

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الأخبار
حسان دياب رئيساً للحكومة بـ70 صوتاً اليوم؟
واشنطن تُخرج الحريري من السباق

أزمات «إفلاسية» تضرب المصارف
بعد يوم واحد من اتفاقه مع الرئيس نبيه بري على خريطة طريق تكليفه لرئاسة الحكومة، تراجع سعد الحريري عن الاتفاق، في خطوة إضافية من الخطوات الأميركية الرامية إلى الانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، والتي بدأت باستقالة وزراء القوات من الحكومة. كان متوقّعاً أن يُسمى الحريري لترؤّس الحكومة بعد الاستشارات اليوم، إلا أن تراجعه دفع بتحالف 8 آذار – التيار الوطني الحر إلى ترشيح الوزير السابق حسان دياب
لم يعد السيناريو الأميركي سرّاً. فقد خرجت به الولايات المتحدة يوم أمس إلى العلن. فالانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، الذي بدأ باستقالة وزراء حزب القوات اللبنانية، وهم الأداة الأسهل والأكثر التزاماً بالأوامر الأميركية – السعودية، وتلته استقالة مفاجئة لرئيس الحكومة سعد الحريري لشلّ البلد ومؤسساته؛ استكمل بحرق الحريري عبر تجريده من الصوت القواتي وإجباره على عدم الترشح مجدداً إلى رئاسة الحكومة. والمصادفة هنا أن رئيس الحكومة المستقيل كان قد تفرّغ خلال الشهر الماضي لحرق كل مرشح غيره بمساعدة دار الإفتاء، ولما أتمّ مهمته لدى الأميركيين، أحرقوا حظوظه هو الآخر. لم يعد سرّاً أيضاً أن الولايات المتحدة الأميركية، بسلوكها الحالي، تدفع نحو المواجهة الداخلية والفوضى، وتجهد لتغيير المشهد السياسي اللبناني والانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية التي حدّدت القوى السياسية وأحجامها وتشكلت الحكومة بناءً عليها.
خط التوتر الأكثر خطورة في البلاد هو خط التوتر السني – الشيعي، لذلك، سعى حزب الله وحركة امل، بحسب مسؤولين في 8 آذار، منذ لحظة استقالة الحريري للتمسك بالتفاهم مع الأخير، «لا لسبب سوى لأنه الأكثر تمثيلاً للطائفة السنية ولا تندرج المحاولات الحثيثة للتفاهم معه أو مع من يسميه إلا لحماية البلد من فتنة طائفية يخطط لها أعداء لبنان»، إذ يندرج «إحراق» اسم الحريري يوم أمس ودفعه إلى التنحي في خانة الأهداف الأميركية لمنع أي تنسيق بين الطرفين الأكثر تمثيلا ًللطائفتين السنية والشيعية.
القرار الأميركي ليس جديداً بل أعلن عنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عبر الطلب من الشعب اللبناني رفض وجود حزب الله. اتضحت معالمه أكثر يوم أمس. ففي اليوم السابق، زار الحريري عين التينة، حيث أكّد لرئيس مجلس النواب نبيه بري أنه «ماشي» بخيار رئاسة الحكومة. لاقاه بري «في منتصف الطريق» عبر اقتراح حكومة من 18 وزيراً، 14 من التكنوقراط و4 من الأحزاب السياسية، بحسب مصادر مطلعة على الزيارة. واقتضى الاتفاق أن يبذل الحريري جهداً باتجاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والقوات اللبنانية، لمحاولة الحصول على أصواتهم للتسمية، في موازاة سعي بري لتأمين نحو 60 صوتاً للحريري، عبر إقناع حزبي الطاشناق والسوري القومي الاجتماعي والنائب إيلي الفرزلي وغيرهم بالتصويت لمصلحته… كان الرئيسان متوافقين، إلا أن رئيس الحكومة المستقيل «أبلغ وزير المال علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، أمس، بقراره عدم الترشح لرئاسة الحكومة، قبيل نحو نصف ساعة من إصدار بيانه». وعندما طُلِب من الحريري تسمية مرشّح من قبله، رد بالقول: «القصة عندكم. انتم حلّوا المشكلة».
لدى قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر معلومات بأن الأميركيين يدفعون باتجاه تسمية السفير السابق نواف سلام لرئاسة الحكومة. القوات اللبنانية التي انتقلت من تأييد الحريري إلى رفض تسمية أحد، سعت لإقناع الحريري نفسه بالتصويت لسلام الذي يستحيل أن يقبل به تحالف 8 آذار – التيار الوطني الحر. أمام هذه الوقائع، قرر التحالف المذكور المضي في الخيارات البديلة. كان اسم الوزير السابق حسان دياب أحد تلك الخيارات. استقبله رئيس الجمهورية أول من أمس. وبعد التشاور بين الحلفاء أمس، عاد واستقبله مرة ثانية، ليؤكد دياب استعداده للقبول بالتكليف، «في حال كان ذلك سيؤدي إلى خفض التوتر في البلد».
وإذا لم تحصل مفاجآت صباحية، فإن دياب سيُكلَّف تأليف الحكومة بأكثرية ربما ستصل إلى نحو 70 نائباً. هل هذا الخيار هو حصراً لإحباط تسمية نواف سلام، ومنح الحريري فرصة إضافية للتفلّت من الضغوط الأميركية والقبول بـ«حكومة شراكة»؟ تنفي مصادر 8 آذار ذلك، مؤكدة أن خيار دياب جدّي، وهدفه «لمّ الأمور بالبلد». وتعوّل المصادر على عدم رفض دياب من قبَل الحريري، الذي رجّحت مصادره ألا يسمّي أحداً في الاستشارات اليوم.
وكان الحريري قد أعلن في بيان «سعيه منذ استقالته لتلبية مطلب الشعب بتأليف حكومة اختصاصيين»، لكن «المواقف التي ظهرت في الأيام الماضية من مسألة تسميتي غير قابلة للتبديل، فإنني أعلن بأنني لن أكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة». وأعلن دعوته كتلة المستقبل للاجتماع صباح اليوم لتحديد موقفها من مسألة التسمية، وتوجهه «للمشاركة في الاستشارات النيابية على هذا الأساس، مع إصراري على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت». الجملة الأخيرة أثارت غضب رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر، فردّ مستشار الرئيس سليم جريصاتي بتغريدة متوجهاً إلى الحريري بالقول: «لا يعود لك أن تصر على إجراء الاستشارات وعلى عدم تأجيلها مهما كانت الذريعة، ذلك أن هذا الاختصاص، بحسب الدستور، هو حصراً لرئيس الجمهورية، وأنت تشكو دوماً من تجاوز مزعوم لصلاحيات رئيس الحكومة». بدوره، أصدر المكتب الإعلامي لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بياناً انتقد فيه «استنسابية» الحريري في التعامل مع الاستشارات النيابية كما حصل سابقاً عبر طلبه تأجيلها أو فرض إجرائها كما يريد «فيما هي صلاحية حصرية لرئيس الجمهورية يستعملها بحسب ائتمانه على المصلحة العامة والدستور». من جهة أخرى أشاد باسيل «بالموقف المسؤول الذي اتخذه سعد الحريري وأنه ذاهب إلى الاستشارات النيابية الملزمة». ورأى فيه «خطوة إيجابية نتمنى أن يستكملها بأن يقترح من موقعه الميثاقي شخصية موثوقة وقادرة ليعمل على التوافق عليها والتفاهم معها حول تشكيل حكومة، تحظى بثقة الناس وتأييد الكتل البرلمانية الوازنة فضلاً عن ثقة المجتمعين العربي والدولي».
على خطّ آخر، أثار بيان ستريدا جعجع حفيظة تيار المستقبل. فبعد أن نوّهت نائبة بشرّي بـ«موقف الحريري الوطني بعد ما سمعنا منه رفضه تولي رئاسة حكومة من غير الاختصاصيين»، معلقة على من يرددون أن القوات «لم تكن وفية»، بالقول: «اتصلت بدولة الرئيس ليل الأحد – الاثنين لأخبره أن كتلة الجمهورية القوية لن تسميه». وتابعت جعجع أن قرار القوات أدى «إلى تأجيل الاستشارات وانسحاب الحريري في ما بعد من قبول التكليف، وهذا ما أدى أيضاً وأخيراً إلى صيانة الخط السياسي الوطني الذي يقوده». كلام الأخيرة، استدعى رداً من الوزير غطاس خوري اعتبر فيه أن جعجع «لم تحسن قراءة بيان الحريري وبخاصة قوله إن قراره نتج عن المواقف التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية من مسألة تسميته، رغم أنه كان أثبت التزامه القاطع بحكومة اختصاصيين». وعلّق مقربون من الحريري على كلام جعجع بالقول: «اللهم اكفني شرّ أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيل بهم».
أزمات «إفلاسية» تضرب المصارف
ترتفع احتمالات تخلّف المصارف عن سداد التزاماتها تجاه مصارف المراسلة الأجنبية، ما يعرّضها للانعزال بشكل كامل عن النظام المالي العالمي وصولاً إلى صدور أحكام قضائية في الخارج بإفلاسها. فاعتباراً من شباط المقبل لن يكون بإمكان المصارف تسديد قيمة الاعتمادات المستحقّة عليها لمصارف المراسلة، وهي حاولت سحب دولاراتها من حساباتها الجارية لدى مصرف لبنان، إلا أن هذا الأخير رفض متذرّعاً بأنه لن يسمح بتحويل دولاراته إلى الخارج (مقال محمد وهبة).
سلسلة من الأزمات ستلاحق المصارف خلال السنة المقبلة على رأسها تدهور العلاقات مع المصارف المراسلة التي قد تلجأ إلى رفع دعاوى إفلاس في وجهها إذا تخلّفت عن سداد قيمة التزاماتها معها، والخلافات مع مدقّقي الحسابات حول تطبيق المعيار المحاسبي IFRS9 الذي يفرض اقتطاع مؤونات قد تتجاوز قيمتها الـ 30 مليار دولار. أما استحقاق زيادة الرساميل (بالدولار) تطبيقاً للتعميم 532 الصادر عن مصرف لبنان، فمن المتوقّع، خلافاً لكل التوقعات، بأن يتمكن العدد الأكبر من المصارف من الإيفاء به قبل نهاية السنة الجارية.
التحويل ممنوع
قبل أيام قليلة، اندلع نقاش حادّ بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وبين المصارف يتعلق بطلب المصارف الحصول على السيولة بالدولار من أجل تسديد التزاماتها في الخارج. المصارف أبلغته أن أموالها المودعة لدى مصارف المراسلة الأجنبية ليست كافية لتسديد التزاماتها، وخصوصاً بعد خفض تصنيف لبنان إلى درجة (CC) الذي يفرض على مصارف المراسلة أمرين: أن تزيد قيمة الضمانات التي تحصل عليها من المصارف اللبنانية لفتح الاعتمادات بمختلف أنواعها، وأن تخفض سقوف التسهيلات التي كانت تمنحها للمصارف اللبنانية لإجراء التحويلات ولفتح الاعتمادات.
وبحسب مصادر مصرفية، فإن سلامة مدرك بأن الأموال الموجودة في حسابات المصارف في الخارج قد لا تكفي حتى نهاية شباط، إلا أنه رفض رفضاً قاطعاً أن تحصل المصارف على دولارات موجودة لديه من أجل تحويلها إلى الخارج، مشدداً على أنه يتوجب على المصارف أن تتدبّر أمورها.
في المقابل، تقول المصادر إن رئيس جمعية المصارف سليم صفير التقى ممثلاً من مصرف «JP Morgan» الذي يتعامل مع عدد غير قليل من المصارف اللبنانية ليكون مراسلاً لها في الخارج، وحاول التفاوض معه على آليات تأجيل تسديد الالتزامات، إلا أن ممثل المصرف المراسل رفض متذرّعاً بالمعايير المحاسبية العالمية التي تحظّر على المصارف مثل هذه الممارسات.
في الواقع، إن العلاقة بين المصرف اللبناني وبين المصرف المراسل هي علاقة تعاقدية بين طرفين بهدف تسهيل عمليات التبادل التجاري وتسديد قيمة الشحنات بين مصدّر في بلد ما ومستورد في لبنان. بمعنى أوضح، إن المصرف اللبناني ومصرف المراسلة يعملان لحساب طرفين آخرين. مصرف المراسلة يعمل كضامن لتسديد المبلغ المتّفق عليه بين المصدّر والمستورد مقابل تصدير الشحنة، فيما يعمل المصرف اللبناني كضامن لتسديد المبلغ من قبل المستورد للمستفيد بعد استلام الشحنة. فعلى سبيل المثال، يأتي تاجر إلى مصرف لبناني، فيطلب منه فتح اعتماد لاستيراد شحنة ويبلغه الاتفاق مع المصدر حول القيمة ووقت تسديد الاعتماد وسواهما. عندها يخاطب المصرف اللبناني، مصرفه المراسل ويبلغه بأن تسديد الأموال من التاجر مضمون من جهته وأن أوراقه سليمة. بعدها يتصل المصرف المراسل بالمصدّر طالباً منه المباشرة بشحن السلع للمستورد مقابل ضمانة الدفع من قبله أيضاً بعد موافقته على قيمة المبلغ ووقت تسديده كما تسلمه من المصرف اللبناني.
هذا هو باختصار ما يُسمى «خطاب الاعتماد» أو «فتح الاعتماد». هناك أكثر من مسار لهذه العملية، فهي قد تكون «غبّ الطلب»، أي أن المبالغ تدفع فور التأكّد من تسليم الشحنة، أو أن تكون مقسّمة على دفعات محدّدة. وفي كل الأحوال، يتطلب الأمر أن تكون هناك علاقة تجمع المصرف اللبناني بوصفه زبوناً لدى مصرف المراسلة، أي أن تكون لدى المصرف اللبناني حسابات لدى مصرف المراسلة سواء أكانت مجمّدة أم جارية مقابل تسهيلات مصرفية أو سقوف لفتح الاعتمادات أو سواها…
تخضع هذه العلاقة لقواعد معيارية تفرضها درجة المخاطر والربح بين الطرفين. وبما أن تصنيف لبنان انخفض إلى درجة قريبة من درجة التخلّف عن السداد، فقد بات محتّماً على المصارف المراسلة وتبعاً لتطبيق المعيار المحاسبي IFRS9 أن تخفض سقف التسهيلات للمصرف اللبناني وأن تفرض عليه ضمانات مالية أكبر تجاه الاعتمادات المفتوحة لديه، وهذا الأمر أدّى إلى تآكل ما يُسمى الموجودات الخارجية للمصارف اللبنانية سواء أكانت على شكل ودائع لدى مصارف المراسلة أم أي أصول أخرى. يتردّد بين المصرفيين أن هناك أقلّ من مليار دولار قابلة للاستعمال سواء من أجل تمويل عمليات تجارية أم عمليات تحويل إلى الخارج، وبالتالي سيكون على المصارف وقف فتح الاعتمادات.
مؤونات تفوق الرساميل
الأزمة الثانية التي تواجه المصارف، تكمن في أن تطبيق المعيار المحاسبي IFRS9 والذي ألزمها به مصرف لبنان اعتباراً من مطلع 2018، يفرض عليها اتخاذ مؤونات تجاه التوظيفات التي زادت مخاطر توقفها عن السداد، وهذا الأمر ينطبق على أكبر زبون لدى المصارف، أي الدولة اللبنانية. فالمصارف توظّف أموالاً بقيمة 14.7 مليار دولار موظّفة في سندات الخزينة بالعملات الأجنبية، ولديها أيضاً 22.7 مليار دولار موظّفة في شهادات الإيداع الصادرة عن مصرف لبنان، وليس معروفاً ما هي قيمة الودائع بالدولار التي أودعتها لدى مصرف لبنان، إلا أنها تقدّر بنحو 46 مليار دولار منها 20 ملياراً احتياطات إلزامية. المؤونات المترتبة على هذا المستوى من التصنيف للأصول بمعدل 45% تبعاً للمعيار المحاسبي المذكور، وبعد استثناء الاحتياطات الإلزامية من هذا الحساب، تصل إلى 29 مليار دولار، أي ما يعادل مرة ونصف مرة قيمة رساميل المصارف البالغة 20 مليار دولار.
المدقّقون مصرّون على هذه المؤونات وإلا لن يكون بإمكانهم التعليق على هذه الحسابات، وهو ما يشكّل إفلاساً ضمنياً لأي مصرف يقوم بهذه الخطوة، وإذا قرّر مصرف لبنان تعليق العمل بهذا المعيار المحاسبي، فإنه سيكون مؤشّراً إضافياً على اقتراب الإفلاس، أي إشارة لن تفهمها الأسواق إلا بأنها خطوة سيئة جداً في اتجاه الهاوية.
الخبر «الإيجابي» اليتيم لدى المصارف أنها ستتمكن من تطبيق التعميم 532 الذي أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فارضاً على المصارف ضخّ مقدمات نقدية بالدولار في رساميلها بنسبة 20% من قيمة رساميلها، منها 10% قبل نهاية السنة الجارية، و10% قبل نهاية حزيران 2020. قيمة المقدمات المطلوبة من القطاع بحسب «ميريل لينش» تبلغ 3.8 مليارات دولار (1.9 مليار دولار في كل مرحلة)، فيما مهلة المصارف للزيادة الأولى تقترب من نهايتها. بحسب تقديرات المطلعين، فإن العدد الأكبر من المصارف سيتمكن من جمع مبلغ 1.7 مليار دولار من أصل 1.9 مليار مطلوبة للقطاع. حتى الآن، فإن غالبية المصارف الكبيرة وبعض المصارف الصغيرة أعلنت عقد جمعيات عمومية من أجل الموافقة على دفع المساهمين لهذه المقدمات النقدية بالدولار.
النفي تدحضه ممارسات المصارف
رغم نفي رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير أن المصارف ستوقف عمليات الدفع النقدي بالدولار للزبائن، إلا أنه تبيّن أن عدداً من المصارف منع الزبائن من سحب أي دولار على الكونتوار أو من الصرّاف الآلي، في خطوة تمهيدية في اتجاه توقف كل المصارف عن تسديد الدولار النقدي. وهذا المؤشّر الذي يشكّل عملية اقتطاع غير قانونية تمارسها المصارف على ودائع الزبائن لأنها تفرض عليهم عملياً سحب ودائعهم بالليرة بسعر 1515 مقابل الدولار، فيما السعر الوسطي لدى الصرّافين بات يبلغ 2030 ليرة (أمس). صفير لا يهتمّ إلا بنفي «الأخبار المتكاثرة والمتناقلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول إقفال المصارف بعد فترة الأعياد وحول التوقف عن إجراء عمليات الدفع نقداً (كاش) بالعملات الأجنبية» مشيراً إلى أن الأمر «محض إشاعات وعارٍ من الصحة تماماً».

Please follow and like us: