كشفت صــحيفة «نيــويورك تايمز» عــن تتبع بعض الباحثين الاميركيين ســرًا مواقع 100 ألـف شخــص في اوروبا من خــلال هواتفهم الخلوية واستــنتجوا من خلال هذه المراقبة الســرية أن الانســان اســير عاداته و انه يمكن ايجاد معظم الاشــخاص في مكان ما من عدة امكــنة محددة يرتــادونها بشــكل متــكرر ونادرًا ما تكــون بعــيدة عن منــازلهم.
وكشفت هذه الدراسة الأولى من نوعها، التي قامت بها جامعة نورث ايســترن في بوســطن أن قلة هم الأشــخاص الذين يتنقــلون كثــيرًا في حياتهم اليــومية الى امــكنة اخرى غير العمل والمنزل والى امكنة بعيــدة عن المنزل او مــكان العــمل حيث أن حوالى ثــلاثة أربـاع من شملتهم الدراسة كانوا يقيمون بشـكل أساسي داخل دائرة اتساعها 20 ميلا لمدة نصف عام.
وقد استخدم الباحــثون أبراج الهـاتف الخلوي لتتــبع ومراقــبة الأفراد عنــد قيــامهم بإجـراء أو تلقي المكــالمــات الهــاتفية والرســائل على مدار 6 أشهر. ومن خلال مجــموعة ثانية تابع البــاحثون تسجيلات مأخوذة من هواتف خلوية عــددها 206 كانت تحتوي بداخلها على أجهزة متابعة حيث حصلوا على تسجيلات لمواقــعها كل ساعتين على مدار أســبوع. وذكر سيزار هيدالجو، أحد الباحثين في الدراسة والمتخصــص في علم الفــيزياء بجــامعة نورث ايســترن ان أرقام الهواتـف التي يتابعونها كانت مشفرة رقميًا وحرفياً وانه وزملاؤه لم يعــرفوها. بينما اكد المتـحدث الرسمي لهيئة الإتصــالات الفــيدرالية الأميركية روب كيني إن هذا النــوع من التــتبع السري يعد عملاً غــير قانوني في الولايات المتحدة. ولكن التتــبع العــادي المســموح به من قبل الشخص المتابع يعد قانونيًا ويتم استخدامه كوسيلة تسـويقية يســتخدمها مقدمو خدمات التليفون الخلوي في الولايات المتحدة.
ووفقا للباحثين فان الدراســة التي تم نشرها في عدد الشهر الماضي من مجــلة «علـم الطبيعة» تفتح مجال تتــبع الســلوك الــبشري من أجــل الدراسات العــلمية وقال أحد الباحثين المشاركين في الدراسة ومــدير مركز بحوث الشبــكة المعــقدة في جــامعة نورث ايسترن البرت لازلو بارابـاس: إن تلك خــطوة جــديدة من أجل العـلم، وللــمرة الاولى يكون لدينا فرصة لتتــبع نواح معينة من السلوك البـشري تتبعًا موضوعيًا.
أضاف باراباس أن الباحثين لم يكن في مقدروهم معرفة أرقام التلـيفونات أو تحديد أماكن الأشخــاص بدقة. وقد بدأوا بســتة ملايين رقم تلــيفون، وتم اخــتيار 100 ألف رقم عشوائي منــهم. ولم يراجــعوا أي جهة بخصوص مدى أخــلاقية هذا الإجراء، كما لم يكن مطلوب منهم فعل ذلك لأن التجربة تضمنت علم الفيزياء وليس علوم سلوكية.
لكن مدير مركز اخلاقــيات العــلوم في جـامعة بنسلفانيا ارثر كابلان حذر من ان هذه الدراسة تدق أجراس التنــبيه الأخــلاقية المتعلقة بالخصوصية والثــقة. وقال ان الدراسات التي يتم اجراؤها على الســلوك العادي في الأماكن العامة تعتبر عملية عادلة فإذا كان احد ما يلعب مبــاراة كرة القـدم أو يسير في أحد الشوارع يمكن دراســة سلوكه، ولكن هاتفه الخلوي ليس عامًا بل شــيئًا شخصيًا. ويعد متابعته ومتابعة مالكه تطفلاً وتدخلاً في الخصوصية والحياة الشخصية لهذا الشخص .
لكن هيدالغو اوضح ان أيدي الــعلماء تــعد أيد أمينة و نحــاول التوصــل إلى أنمــاط وليس أسرار، ولا نفعل أشياء شريرة ولكن نسعى لجعل العالم أفضل. كما أن معرفة أنماط تنقل وحركة الناس يمكن أن يساعد في تصميم نظم نقل مثالية و محاربة انتشار الأمراض المستعصية.
(عن نيويورك تايمز)
حرر في 12/6/2008
COMMENTS