البناء
تدابير للعودة التدريجية مع إحتواء تفشي كورونا …ووزارة التربية تلغي الإمتحانات الرسمية
تزامن بين التهدئة القضائية وتراجع سعر صرف الدولار… نحو ال3200
القومي وأحزاب وشخصيات في ذكرى 17 أيار : للتمسك بالمقاومة والعلاقة بسورية
قالت مصادر في وزارة الصحة إن منهجيّة التعامل مع التفشي المحدود والمعلوم السبب لوباء كورونا، تقوم على الحظر الجزئيّ والموضعيّ واعتماد الفحوصات الكاشفة للعينات لتحديد دوائر الملاحقة لحصر التفشي واحتوائه، خصوصاً بعدما تبين من مراقبة أيام الحظر العام والفحوصات المرافقة أن لامبررات للاستمرار فيه، وأن المتابعة المطلوبة في الحظر هي موضعيّة وجزئيّة، والمطلوب معها استمرار التقيد بالإجراءات الوقائية التي يجب التأقلم مع بقائها طويلاً، في ظل المعطيات المتوفرة من تقارير منظمة الصحة العالمية حول المواجهة مع الفيروس، التي تحمل جداولها أرقاماً توحي بتراجع التفشي في دول كانت أساسية في صعود الرقم العالمي كحال إسبانيا وفرنسا، لكنها تحمل تصاعداً موازياً في نسب الإصابات في دول ذات عدد سكان كبير كروسيا والهند والبرازيل، وهي لم تبلغ بعد قياساً بالمقارنة مع مثيلاتها الذروة التي تتيح القول بأننا نقترب من الخروج من دائرة الخطر.
رئيس الحكومة أعلن العودة عن إجراءات التشدد في الإقفال، مع التشدّد في إجراءات الوقاية، بعد اجتماع تقييمي للجنة مكافحة كورونا بعد الاستماع لتقرير وزيري الصحة والداخلية، بينما قرر وزير التربية طارق المجذوب التراجع عن خطته لمواصلة العام الدراسي في ضوء تكرار موجات الصعود والهبوط في مسارات الإغلاق والفتح بالتناسب مع عدم الاستقرار في الخط البياني للإصابات، معلناً عن إلغاء الامتحانات الرسمية لشهادة البكالوريا، بعدما كان قد ألغى سابقا الامتحانات الرسمية لشهادة البريفيه.
في قضية سعر صرف الدولار التي كانت محور الملاحقات القضائية التي طالت عدداً من الصرافين وبلغت ذروتها بتوقيف أحد كبار موظفي مصرف لبنان المعنيين بسوق الصرف مازن حمدان، تطوران بالتوازي يرسمان أفق التزامن، الأول الإفراج عن حمدان الذي سبق وقرّر المدعي العام المالي علي إبراهيم توقيفه بجرم التلاعب بسعر الصرف وشراء الدولار للمضاربة على الليرة اللبنانية، والثاني اتجاه تراجعي لسعر الدولار في السوق، حيث كسر السعر نزولاً عتبة الـ 4000 ليرة ليبلغ سعر الـ 3500 ليرة مع توقعات ببلوغه اليوم سعر الـ 3200، تطبيقاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سابقاً برعاية المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، عبر ضخ كمية من الدولارات لتأمين استيراد السلع الاستهلاكية تعادل الكمية التي يحصل عليها مصرف لبنان من خلال وضع يده على التحويلات الآتية عبر شركات نقل الأموال وشرائها بسعر 3200 ليرة، والاتفاق الذي لم ينفذه مصرف لبنان، بل عمد للعمل بعكسه فبدلاً من قيامه بضخ المزيد من الدولارات قام بسحب الموجود منها بأسعار مرتفعة متسبباً بالموجة الأخيرة من ارتفاع سعر الصرف، يبدو أنه سيوضع موضع التطبيق من اليوم، بالتزامن مع تمويل عمليات الاستيراد المرخصة بموجبة إجازة استيراد من وزارة الاقتصاد، تتيح لاحقاً للوزارة مراقبة التقيد بأسعار المبيع للسلع الأساسية.
على الصعيد السياسي كانت مناسبة ذكرى اتفاق 17 أيار، عنواناً للمواقف السياسية للكثير من الأحزاب والشخصيات، التي استعادت المعاني والعبر لمرحلة الاحتلال، واتفاق الذل الذي قاومه وتصدّى له أصحاب السيادة الحقيقيون بالتعاون مع سورية التي ساندت نضال اللبنانيين بوجه الاحتلال، وتوقفت المواقف في الذكرى عند أهمية تأكيد التمسك بخيار المقاومة، والعلاقة الاستراتيجية مع سورية، كثنائية حققت للبنان الانتصار. وأصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي موقفاً بالمناسبة دعا فيه إلى مواجهة أوهام الحياد والنأي بالنفس، والتمسك بخيار المقاومة، ورفض مشاريع التلاعب بالعلاقة بين لبنان وسورية عبر مشاريع نشر قوات دولية على الحدود.
وأعلن الحزب السوري القومي الاجتماعي أنّ السابع عشر من أيار 1983 تاريخ اتفاق مشؤوم تنبعث منه روائح التآمر والذل والخيانة، وقد وقّعته طغمة لبنانية حاكمة تشكلت حينذاك تحت حراب الاحتلال الصهيوني للبنان، وإنفاذاً لشروط هذا الاحتلال وإملاءاته، ما شكّل وصمة عارٍ، لم يتخلّص منها لبنان إلا بإسقاط الاتفاق المشؤوم، وتأكيد هوية لبنان وانتمائه القومي.
ولفت عميد الإعلام في «القومي» معن حمية في بيان بمناسبة الذكرى الـ 37 لاتفاق 17 ايار، الى أن إسقاط هذا الاتفاق أسقط مخطط تقسيم لبنان وتفتيته، وأن مقاومة الاحتلال ودحره هي التي حصنت وحدة لبنان وجعلت منه بلداً قوياً قادراً على فرض معادلة الردع بمواجهة العدو اليهودي. ولذلك فإن المطلوب هو التمسك بالمقاومة نهجاً وخياراً وسلاحاً، والتصدّي لكل المقولات والدعوات التي يتم استيلادها من مقولات «قوة لبنان في ضعفه» و«الحياد» وبدع «النأي بالنفس»، والتي تستهدف إعادة إنتاج 17 أيار خياني جديد.
وتابع: «بخيار المقاومة وتضحيات المقاومين تمّ إسقاط اتفاق 17 أيار الخياني، واستعاد لبنان كرامته وهويته وانتماءه القومي، ولذلك نشدّد على ضرورة ترسيخ نهج المقاومة دفاعاً عن لبنان وصوناً لوحدته وتثبيتاً لخياراته الوطنية والقومية، ونرى أنّ عناصر القوة المتمثلة بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة هي عامل تحصين للبنان في مواجهة كل التحديات».
ورأى أن دعوات البعض الى نشر قوات دولية بين لبنان والشام، هي دعوات مسمومة ومشبوهة، وتندرج في سياق الضغوط والتحديات التي يواجهها لبنان لأنه انتصر بجيشه وشعبه ومقاومته على العدو اليهودي في وقت تتسابق بعض الأنظمة العربية على التطبيع مع هذا العدو، وتنخرط في «صفقة القرن لتصفية المسألة الفلسطينية. وأكد عميد الإعلام أن العقوبات الأميركية التي تفرض على لبنان بعناوين وذرائع مختلفة، لن تبدل في ثوابته وخياراته، وهو مصمّم على تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر، وعلى حماية سيادته وثرواته من الانتهاكات والأطماع العدوانيّة.
إلى ذلك، أعلن رئيس الحكومة حسان دياب عن إعادة فتح البلد جزئيّاً على أن تعلن التفاصيل من قبل وزيري الداخلية والتربية.
وأكد دياب في كلمة بعد اجتماع اللجنة الوزارية لـ«كورونا» في السرايا الحكوميّة أن «أولويتنا حماية حياة الناس وإنسانيتنا تنتصر على الماديات»، وأوضح أن «قبل أسبوع كدنا أن نقع في المحظور نتيجة عدم التزام بعض المناطق وقد حذّرنا من أننا سنفقد نجاحنا في حال رفع الحظر الذي يمكن أن يعيدنا الى المراحل الأولى من تفشي الوباء». وقال دياب «نحن في مرحلة خطرة وحساسة لأن أزمة كورونا ستمتد لفترة طويلة وسنعيد فتح البلد استناداً الى الخطة المرحلية».
ولفت إلى أنه «خلال فترة الأيام الـ4 من الإقفال قامت فرق وزارة الصحة بالفحوصات ونجحنا في البقاء في المرحلة الثالثة من تفشي الوباء». وأضاف: «لا نزال قلقين من ارتفاع أعداد الإصابات لأننا تجاوزنا الذروة الأولى وبسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الإغلاق وانطلاق المرحلة الثالثة من عودة المغتربين».
ولفتت مصادر «البناء» الى أن «التقييم المشترك بين وزيري الصحة والداخلية لفترة الإقفال العام جاءت إيجابية نسبياً لجهة التزام المواطنين واتاحة المجال لوزارة الصحة والاجهزة الامنية لاحتواء صدمة انتشار الوباء نتيجة بعض حالات التفلت المجتمعي»، موضحة أن «وزارة الصحة تمكنت من تحديد الأشخاص المصابين والمناطق التي يتواجدون فيها والأشخاص الذين احتكوا معهم وبالتالي عملت على حجر هؤلاء الاشخاص وعزل بعض المناطق والحالات المشتبه بإصابتها». كما كان تقييم وزير الداخلية ووزير الاقتصاد بضرورة فتح المحال التجارية مع اقتراب عيد الفطر مع التقيد بالإجراءات الوقائية لا سيما وضع كمامات ومع رقابة امنية مشددة مع تأكيد معلومات أمنيّة بالتشدّد بقمع المخالفات وتسطير محاضر تصل قيمتها للمليون ليرة». وعلمت «البناء» أن القوى الأمنية تلاحق بعض المغتربين المخالفين لالتزام الحجر الصحيّ. وكانت القوى الأمنية واصلت إجراءاتها لضبط المخالفين لقرار حظر التجول، وأقامت حاجزاً أمس على اوتوستراد الضبية للتحقيق مع سائقي السيارات الذين لم يلتزموا بقرار التعبئة العامة.
وقال عضو كتلة التنمية والتحرير د. قاسم هاشم لـ«البناء» الى أن «الإجراءات وحالة التعبئة العامة وضعت حداً للتفشّي المجتمعي وبقيت الأمور في إطارها الطبيعي، ولكن يجب الاستمرار في ضبط الوضع كي لا يعود التفلت ونعود الى توسّع التفشي وندخل في مرحلة أخطر خاصة أن الخوف من أسبوع ما قبل العيد الذي ستزدحم خلاله الأسواق وما قد يتركه ذلك من أثر سلبي».
الى ذلك، تكشف المزيد من الإصابات بالوباء في عدد من المناطق. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، أن جندياً في الجيش من بلدة لبايا ثبتت إصابته بالفيروس وتم حجره في جناح العزل في مستشفى مشغرة الحكومي. كما أفيد عن إصابة طبيبة الأمراض الجرثومية في مستشفى الدكتور عبدالله الراسي الحكومي في حلبا الدكتورة «ج.ح.»، التي كانت قد حضرت للعمل أيضاً في مستشفى سيدة السلام في القبيات يوم الخميس الفائت الأمر الذي استدعى من ادارة المستشفى اتخاذ التدابير اللازمة، لجهة إعداد لوائح بالمحتكين بها، وإلزام جميع المخالطين بالحجر الوقائي، إلى حين ظهور نتائج فحوصات الـ PCR التي سيخضعون لها سريعاً».
وأوردت مصادر اعلامية تسجيل 17 إصابة جديدة إثر الفحوص التي أجريت في بلدة جديدة القيطع وبلغ عددها 126 فحصاً. وأعلنت غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث في تقريرها اليومي تسجيل 9 حالات جديدة في لبنان ليرتفع عدد الإصابات إلى 911. و5 إصابات تعود لمقيمين في لبنان، مقابل 4 لوافدين. ولا يزال المتن بحسب التقرير في صدارة الإصابات بـ 156 حالة، 137 في بيروت، 89 في كسروان، 79 في بعبدا، 73 في بشري و60 في عكار.
وأصدر وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي مذكرة الى المحافظات والمديرية العامة لقوى الامن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام حول تعديل مواقيت فتح المؤسسات الصناعية والتجارية وإقفالها.
وأعلن وزير التربية طارق المجذوب إلغاء دورة العام 2020 لامتحانات الثانوية العامة بكل فروعها وفق ضوابط محدّدة ستناقش بمجلس الوزراء. وتابع: سيتمّ ترفيع التلامذة إلى الصفوف العليا بعد انتهاء التعليم عن بُعد. واعتبر المجذوب أن «الحفاظ على أرواح الناس أولويّة وسنعوّض ما خسرناه في العام الدراسي المقبل».
في غضون ذلك، تستكمل المفاوضات بين الوفد الرسمي اللبناني مع ممثلي صندوق النقد الدولي في شأن خطة التعافي الاقتصادي التي وضعتها الحكومة، ويعقد اليوم الاجتماع الثاني عبر تقنية الفيديو بمشاركة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تغيّب عن الجولة الأولى. وسيشرح سلامة بحسب المعلومات بالتفاصيل والأرقام الدقيقة وجهة نظره من الأوضاع الاقتصادية والمالية، علماً أن ممثلي المصرف المركزي قدّموا في الاجتماع الاول معلومات ومعطيات لوفد الصندوق مخالفة لمعطيات ممثلي رئسي الجمهورية والحكومة ووزير المال ما يعكس الخلاف بين الطرفين يعكس بدوره اعتراض حاكم المصرف على الخطة الاقتصاديّة الحكوميّة.
وتشير مصادر «البناء» الى أن «انقسام الموقف اللبناني سيؤثر سلباً على قرار صندوق النقد لجهة تقديم الدعم اللازم للبنان»، وتلفت الى وجود أكثر من رأي في الوفد اللبناني. فهناك ممثل رئيس الجمهورية ولديه تحفّظات على الخطة الحكومية إضافة الى ممثل رئيس الحكومة ووزير المال وهناك رأي آخر لممثل المصرف المركزي». وتوضح أن «المفاوضات ستشهد جولات وستمتدّ الى أشهر وستكون شاقة ومعقدة أما المساعدات فستأتي على دفعات وكل دفعة سترافقها شروط مالية وربما سياسية»، وأبرز تلك الشروط التي يُصرّ عليها الصندوق بحسب المصادر «تحرير تدريجي لسعر صرف الدولار وإعادة هيكلة القطاع العام وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وفرض بعض الضرائب». في المقابل حذر خبراء اقتصاديون وماليون من «فرض ضرائب جديدة في ظل هذا الانكماش الاقتصادي وتدهور القوة الشرائية للرواتب وتردي اوضاع المؤسسات والشركات التجارية».
ونقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لـ«البناء» انزعاجه من انقسام الموقف اللبناني في المفاوضات مع صندوق النقد، داعياً الى وحدة الموقف لتقوية الموقف التفاوضي للوفد اللبناني لتأمين شروط نجاح التفاوض والحصول على أموال لإنقاذ الاقتصاد. وأضاف الرئيس بري أن نجاحنا في اي مرحلة وإزاء اي قضية هو مقاربتنا بوحدة الموقف الداخلي»، مشيراً الى المفاوضات التي خاضها لبنان لمواجهة الضغوط الخارجية بموضوع الحدود البرية والبحرية بوحدة الموقف الداخلي استطعنا ان نفرض إرادتنا وبهذه الوحدة نستطيع دائماً أن ننتصر، فوحدتنا أساس نجاحنا وانصاراتنا في كل الأزمات والملمات».
الى ذلك أثار إخلاء سبيل مدير العمليات في مصرف لبنان مازن حمدان الموقوف بتهمة التلاعب بالعملة الوطنية تساؤلات عدة، لا سيما أن المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم كان قد وجه اليه تهم التلاعب بالنقد الوطني وشراء الدولار من الصرافين بأسعار مرتفعة. وكان لافتاً التزامن بين اجتماع القاضي إبراهيم مع الحاكم رياض سلامة وانخفاض ملحوظ بسعر صرف الدولار وإخلاء سبيل حمدان. ما يدعو للتساؤل هل من تسوية ما حصلت في هذا الملف تقضي بدفع سلامة تحت ضغط الملاحقات القضائية التي تمّت لمدراء يدورون في فلكه مقابل التدخل لخفض سعر صرف الدولار مقابل ختم القاضي إبراهيم للملف؟
ولفت الخبير المالي د وليد أبو سليمان لـ«البناء» الى أن «التلاعب بسعر صرف الدولار عبر المضاربات والاحتكارات محدودة التأثير على سعر الصرف، لأن المشكلة أبعد من ذلك وتكمن بشح الدولار من السوق، وبالتالي طالما لم تجد الدولة موارد لضخ الدولار بكميات كبيرة في السوق لتأمين حاجات المستوردين والصناعيين لن نشهد تراجعاً بسعر صرف الدولار»، متوقفاً عند الخسائر في مصرف لبنان 70 مليار دولار وفي المصارف التي تفوق مبلغ الـ 80 مليار دولار». وأكد ابو سليمان على أن ودائع اللبنانيين مفقودة في المصارف بعكس ما يحاول قطاع المصارف تظهيره، وإلا لماذا لا تبادر المصارف لإعطاء اصحاب الودائع ودائعهم؟
وكان سعر صرف الدولار سجل انخفاضاً ملحوظاً من 2400 ل.ل الى 3600 مع توقعات بانخفاضه أكثر الى حدود 3200 ل.ل. وارتفعت في اليومين الماضيين عمليات بيع الدولار في السوق السوداء بعد توقعات بانخفاضه، وذلك لتحقيق أرباح بالليرة اللبنانية. واشارت مصادر نيابية لـ«البناء» الى أن الهدوء في سعر الصرف في الاسواق مؤشر على ان الحزم القضائي مع الصرافين والموظفين المتلاعبين بالعملة الوطنية بدأ يؤتي ثماره.
وبرز المؤتمر الصحافي لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي تضمن سلسلة مواقف من قضايا مختلفة، حيث لفت الى «أننا وجهّنا كتاباً لحاكم مصرف لبنان حول الاموال المحولة دون جواب مقنع وطالبنا بلجنة تحقيق برلمانية دون استجابة، ونزلنا الى الشارع أمام مصرف لبنان والمتحف وقدّمنا إخباراً لمدعي عام التمييز للتحرّك دون نتيجة سوى جواب بأن الاجابة بالاسماء والأرقام ستعتبر عملا سياسيا لصالح فريق على آخر».
وشملت مواقف باسيل رسائل في أكثر من اتجاه لا سيما الى كل من الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ففي ملف الكهرباء والفيول المغشوش كشف باسيل أن «الجرم الجنائي هو أنّه تبيّن أن هناك فيول خرّب المعامل بعهد الوزيرة بستاني التي كانت طلبت تقريراً من كهرباء فرنسا EDF وتبيّن ان السبب هو الفيول، فلاحقت الموضوع حتى بعد خروجها من الوزارة وكشفته واوصلته للقضاء، وعندما حاولوا لملمة القضيّة، قدّم التيّار إخباراً وبدأت التحقيقات». وقال: «ما حدا يحاول يتوسّط معنا لِلَملمة الموضوع» ولا أحد يحاول أن يضغط علينا بتوجيه معلومات، حتى الآن غير مهمّة، لتوقيف أناس محسوبين علينا بالسياسة، لنقوم بتسوية في الملف». وأردف أنه «لن ينفع معنا لا تهويلكم ولا نرفزتكم ولا محبّتكم او كرهكم، «اذا بتحبّونا او ما بتحبّونا» اوقفوا الاتصال بنا لطلب القرب السياسي والحماية للسكوت عن الملف وايجاد تسوية فنحن لن ندخل ولن نسمح بأي تسوية». في المقابل نفت عضو المكتب السياسي في المردة فيرا يمين في حديث تلفزيوني أن يكون اتصل أيّ من «المردة» أو ممن يمثلنا بأيّ أحد من التيار الوطني الحرّ للوساطة في ملف الكهرباء.
ولفت باسيل إلى أن «رئيس الحكومة السابق سعد الحريري «قال بعظمة لسانه» بالمجلس النيابي ان مشكلة الكهرباء الوحيدة هي أنّنا «منعنا تنفيذ الخطة سنة 2010 بسبب النكد والمزايدة». واليوم رجعوا للمناكدة وبدأوا يقولون ان الخسارة هي 40 و 50 و 60 و65 مليار دولار وأنّها هي سبب الدين العام والانهيار»، ورأى أن «الحقيقة هي أن عجز الكهرباء سببه أن الحكومة سنة 94 قرّرت تثبيت سعر كيلواط الكهرباء على أساس 20$ لسعر برميل البترول ولمّا ارتفع سعر البترول قرّرت عدم رفع سعر الكهرباء ودعم الخسارة وهكذا استمرّ الوضع. وعندما استلمنا الوزارة كنا اوّل من تكلّم عن زيادة التعرفة من ضمن حل كامل للكهرباء».
ودعا باسيل الى «الانتقال الى دولة المواطنة المدنية عبر اعتماد قانون موحّد للأحوال الشخصيّة، وتأليف مجلس الشيوخ وإلغاء الطائفية بحسب الدستور وبحسب برنامج محدّد ومتفق عليه».
وتطرق باسيل الى خيار الانفتاح على سورية، فقال: «عندما نتكلّم عن ضرورة الانفتاح على سورية، فليس بخلفيّة سوى حسن الجوار، لأنّ الأزمة السورية كانت احد أهم أسباب اختناق اقتصادنا وعلينا إعادة فتحه باتجاه عمقنا العربي من خلالها وفتح ابواب التصدير». مضيفاً: «وعندما نتكلّم عن السوق المشرقي، فليس بخلفيّة عنصريّة بل لأن المشرق أي لبنان وسورية والعراق والاردن وفلسطين، هو مجالنا الحيوي وهو الرئة لاقتصادنا وهو فضاؤنا الثقافي القريب».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
حكومة المائة يوم: إخفاق في الأسعار والدولار والكهرباء!
إعادة فتح البلد عشية عيد الفطر.. وتلويح أرثوذكسي بالإنسحاب من الحكومة
بدءاً من اليوم، تكون حكومة «مواجهة التحديات» اكملت المائة يوم، منذ ان اعلن رئيسها حسان دياب في 7 شباط 2020 ضرورة إعطائها مهلة الـ100 يوم، بعد جلسة لمجلس الوزراء في بعبدا، اقرت فيها البيان الوزاري، بالتوجهات المالية والنقدية، والأمنية، وفي معرض الردّ على اعتراض الشارع.
وبدا من الاشهر الثلاثة الماضية، ان الازمة تفاقمت، وأن الطموحات الواعدة لحكومة التكنوقراط اصطدمت بعمق الازمات، وتجذر الطبقة السياسية، واستشراء الازمات والصعوبات، التي فاقمتها جائحة كورونا، فالتهبت الاسعار مضاعفة مرة واثنتان وثلاث في بعض السلع، وقفز الدولار حينها من 2250 ليرة لبنانية لكل دولار الى 4200 او 4800 ليرة لبنانية لكل دولار، الامر الذي اعاد حركة الاحتجاج الى الشارع، بدءاً من مساء امس عند جسر الرينغ، احتجاجاً على قطع الكهرباء عن العاصمة، في ظل تقنين قاسٍ، مع طقس بحرارة مرتفعة تعدى الـ6 ساعات يومياً.
وامس، لم يكن امام الحكومة ازاء الاستمرار في تمديد الاقفال العام، او اجراء اخر، سوى ان يعلن الرئيس حسان دياب، بعد اجتماع لجنة متابعة الكورونا، اعادة فتح البلد اليوم، مرة اخرى «استناداً الى الخطة المرحلية، مع الدعوة الى اليقظة، والمحافظة على الابتعاد الاجتماعي والالتزام بإجراءات الوقاية».
مردّ ذلك، قصر المدة الفاصلة عن قبض رواتب الموظفين والمتقاعدين، والحاجة الى شراء ما يلزم من حاجيات للفطر، وان تكون المصارف على استعداد لتلبية حاجات المودعين، لسد رمق ما تبقى من الشهر، او ضخ المال العائد للعاملين في المؤسسات التي ما تزال صامدة امام الاقفال، واجور العاملين في القطاع الخاص.
وجاءت حزمة القرارات، سواء تلك التي صدرت عن وزير الداخلية او التي يستعد وزير التربية لاقتراحها على مجلس الوزراء غداً، لتصّب في هذا الاتجاه، مع مراعاة ظروف كورونا، باعتبار «الصحة البشرية» هي المعول عليها، فضلا عن اشارات فصل الصيف، المتوقع ان تكون مرتفعة الحرارة.
وأعلن الرئيس دياب أن لبنان سيرفع تدريجيا اعتبارا من اليوم الإثنين الإغلاق المفروض لاحتواء فيروس كورونا والذي فاقم الأزمة الاقتصادية، وذلك على الرغم من تزايد في الإصابات استدعى الإقفال التام لمدة أربعة أيام. وجاء في كلمة متلفزة لرئيس الوزراء «أعلن اليوم أننا سنعيد فتح البلد غداً (الإثنين) مرة أخرى، استناداً إلى الخطة المرحلية»، وذلك في إشارة منه إلى خارطة طريق وضعتها الحكومة تلحظ رفعا كاملا للقيود بحلول حزيران. وقال دياب «ندرك أن الاستمرار بإغلاق البلد تنتج عنه تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة»، مضيفا «نحن نحاول قدر الإمكان تخفيف تلك التداعيات». وسجّل لبنان إلى الآن 911 إصابة بكوفيد-19، بينها 26 حالة وفاة.
وقال دياب «على مدى عشرة أيام تضاعف عدد الحالات الداخلية الجديدة بنسبة خمس مرات تقريبا مقارنة بعشرة أيام سابقة». وقبل الإغلاق الأخير، كانت المطاعم والمقاهي قد أعادت فتح أبوابها وعملت بنسبة 30 بالمئة من طاقتها التشغيلية، وسُمح باستئناف صلاة الجمعة وعاد كثر إلى عملهم. وقال دياب إن السلطات ستلجأ «إلى اعتماد سياسة العزل الصحي للمناطق أو الأحياء التي تسجل فيها نسبة إصابات عالية». داعياً الى شراكة في المسؤولية بين الدولة والمجتمع.
ويعود اليوم الطرفان المفاوضان بشأن طلب المساعدة المالية من صندوق النقد الدولي الى الطاولة، عبر تقنية VideoCall، ويشارك فيها عن الجانب اللبناني الوزير غازي وزني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي غاب عن الاجتماع الاول، لتقديم رؤية المصرف المركزي، من زاوية الارقام والتفاصيل التقنية، بما في ذلك لجهة الموجودات والضمانات، والرؤية لتحرير سعر صرف الدولار.
التعيينات واجتماع الارثوذكس
على صعيد متصل، ما زالت تتفاعل قضية تعيين بديل عن محافظ بيروت زياد شبيب وتنذر بمشكل سياسي جديد، بعد فشل الاتفاق الذي سبق وتم التوصل اليه بين الرئيس ميشال عون والمطران الياس عودة، والذي جاء تتويجاً للاجتماع بين عودة وكل من المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ومستشار رئيس الحكومة خضر طالب، ونقل خلاله ابراهيم الى المطران موافقة الرئيس حسان دياب على عدم التمديد والتجديد لشبيب واختيار شخصية اخرى متوافق عليها، وهو ما اكد عليه لاحقاً الرئيس عون خلال اجتماعه مع المطران عودة.
وافادت معلومات «اللواء» ان قيادات الطائفة الارثوذوكسية بما فيها البطريرك يوحنا العاشر يازجي، فوجئت بعودة دياب عن الاتفاق وتمسكه بتعيين مستشارته بترا خوري مكان شبيب خلافا لرأي قيادات الطائفة الروحية والسياسية، ما اثار ازمة عميقة بين البطريركية واركان الطائفة وبين رئيس الحكومة، ودفع هذه القيادات الى التداعي الى اجتماع اليوم في دار المطرانية بحضور نواب ووزراء الطائفة، للبحث في الموقف واتخاذ القرار المناسب.
وافادت مصادر نيابية ارثوذوكسية لـ«اللواء» ان المجتمعين لن يُصدروا بياناً بعد الاجتماع، وسيكتفون ببيان الاجتماع الاخير عالي النبرة الذي صدر وتلاه وقتها نائب رئيس المجلس النيابي ايلي فرزلي، بل سيكون لوضع وزراء الطائفة في صورة الموقف الرافض تعيين خوري والتمسك بالاتفاق الذي جرى بين دياب واللواء ابراهيم، وبالآلية التي سبق واعلن عنها الرئيس عون في مجلس الوزراء الاخير بتسمية ثلاثة مرشحين من قِبل الوزير المختص اي وزير الداخلية ويختار منها مجلس الوزراء واحداً، او وضع آلية اخرى في مجلس الوزراء للتعيينات. كما سيطلب المجتمعون من وزراء الطائفة التمسك بموقف واحد خلال اي جلسة للتعيينات وعدم التهاون في هذا الموقف، ولو اقتضى الامر بالانسحاب من الحكومة.
وفي السياق، نفت مصادر رسمية مطلعة ما تردد عن خلاف بين الرئيسين عون ودياب حول هذا الملف، وقالت: ان المشكل هو بين دياب وقيادات الارثوذوكس، بينما الرئيس عون يسعى الى حل وسط عبر الآلية التي اقترحها للتعيين، وهو يحاول معالجة المشكلة بحل وسط يُرضي الجميع. لكن المصادر اشارت الى ان ملف التعيينات مؤجل حتى التوافق على الحل الوسط المقبول. لذلك لن تكون التعيينات مطروحة في جلسة غدٍ الثلاثاء التي تعقد في القصر الجمهوري.
ولفتت الى ان تغريدة النائب الياس بوصعب، تحمل ما تحمله من رسائل.
واشارت مصادر ارثوذكسية اعتبرت لـ«اللواء» ان من يشاهد ما يجري يلاحظ وجود مزايدات ونوع من تفاوض على محاصصة على المواقع الأرثوذكسية. وقالت ان المهم هو العودة الى مرجعية المطرانية الأرثودكسية لأن ما يقوم به المطران عودة هو المحافظة على دور الطائفة في المراكز ومعالجة الأجحاف الذي لحق بالطائفة بغض النظر عن التباين او المفاوضات على الأسماء. مشيرة الى ان الرئيس دياب، ما يزال متمسكاً بتعيين مستشارته بترا خوري في هذا المركز.
وكشفت مصادر سياسية أن اللغط السياسي والطائفي المفتعل حول موضوع محافظ جديد لبيروت كان بمثابة سيناريو لايصال مرشح رئيس التيار الوطني الحر القاضي مروان عبود من البترون كمرشح تسوية مقبول من الجميع في النهاية بعدما تم حرق اسم بترا خوري واخراج موضوع التجديد للمحفاظ الحالي من التداول نهائياً.
مجلس الوزراء
وينعقد مجلس الوزراء غدا في بعبدا، وعلى جدول اعماله مجموعة من المواضيع، ابرزها اتخاذ القرارات المتعلقة بالتعبئة العامة، وانهاء العام الدراسي عن بعد، وعمليات الترفيع واعطاء افادات لطلاب الشهادات في الصفوف النهائية.
وفي ما خص الكهرباء، من المتوقع ان يلتفت المجلس الى تعيين هيئات ناظمة ومجالس ادارة لقطاع الكهرباء وملء الشواغر في حاكمية مصرف لبنان، بالتزامن مع تقدم المحادثات مع صندوق النقد، الذي يشترط اصلاح الخلل في وضع الكهرباء، سواء في ما خصَّ حصتها من الموازنة، او خلاف ذلك، من تعيينات، وقرارات رزينة، توازن بين النفقات والايرادات.
لكن قضية تعيين محافظ جديد لمدينة بيروت، ما تزال مستبعدة بسبب الخلافات، وقبل ان يتم الاتفاق على اسم، غير المرشحين حالياً.
وعلمت «اللواء» ان الاجتماع يبحث بدعوة الوزراء الارثوذكس للانسحاب من الحكومة، في حال الاصرار على تعيين محافظ لا تقترحه المرجعية الارثوذكسية ممثلة بالمطران عودة.
واثر بيان وزير التربية، جرت مشاورات بين المسؤولين عن المدارس الكاثوليكية والارثوذكسية قبل مجلس الوزراء، لتنسيق الموقف الاعتراضي على قرار وزير التربية بانهاء العام الدراسي في المدارس الرسمية والخاصة، وترفيع التلاميذ..
وقال منسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الاب بطرس عازار ان المسؤولين عن المدارس سيتشاورون في ما بينهم، بهدف اقتراحات خطيرة يرفعونها الى مرجعياتهم، لان الوضع لم يعد مقبولا السكوت عنه، لانه يهدد مصير الوطن ومؤسساته ومستقبله المرتبط بمستقبل اجيالنا الطالعة.
وقال: الويل لمن يتلاعب بمصير اجيالنا الطالعة ويحرق مستقبلهم، وفي الوقت ذاته لا يؤمن لهم لا السلامة ولا التعليم».
اضاف: «لقد كشف هذا القرار غوغائية الذين كانوا يقولون ان المدارس الخاصة تتحكم بقرارات وزارة التربية».
اجلاء المغتربين
وفي اطار المرحلة الثالثة، من خطة اجلاء اللبنانيين الراغبين في العودة الغيت رحلة كانت مقررة من العاصمة القطرية- الدوحة، انه في رحلة لاغوس- نيجيريا اظهرت نتائج فحوص الـ«PCR» لـ88 راكباً ان من بينهما 31 فحصاً ايجابياً، ووصلت رحلة من واغادوغو في بوركينا فاسو عند منتصف ليل امس، كما وصلت رحلة من الكونغو عند الواحدة من فجر اليوم، وخضع الركاب الى فحوص الـ «PCR» اضافة الى التدابير المشددة المعتمدة لدى وصول اي رحلة من الخارج.
911
على صعيد ترصد كورونا، أعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي امس عن تسجيل 9 إصابات جديدة بفيروس كورونا ما يرفع العدد الاجمالي للإصابات الى 911.
وأعلن مستشفى رفيق الحريري الجامعي أنه «أجرى 369 فحصا مخبريا من أصل 219 فحصا جاءت 10 نتائج ايجابية، منها إعادة لـ9 فحوصات تأكدت إصابتها بالفيروس وإصابة واحدة جديدة. كما استقبل المستشفى مسحا قامت به وزارة الصحة لـ150 من العمال الأجانب المخالطين، أجريت لهم الفحوصات وسجلت من بينهم 17 حالة ايجابية. وبلغ مجموع الحالات التي ثبتت مخبريا إصابتها بفيروس كورونا والموجودة حاليا في منطقة العزل الصحي في المستشفى 27 إصابة. كما تم استقبال 27 حالة مشتبه بإصابتها بفيروس كورونا نقلت من مستشفيات أخرى».
وأضاف، في تقريره اليومي عن آخر المستجدات حول فيروس كورونا Covid-19: «تماثلت 4 حالات للشفاء من فيروس كورونا بعد أن جاءت نتيجة فحص الـPCR سلبية في المرتين بعد تخلصها من كل عوارض المرض. وبلغ مجموع الحالات التي شفيت تماما من فيروس كورونا منذ البداية حتى تاريخه، 177 حالة شفاء. وإن جميع المصابين بفيروس كورونا يتلقون العناية اللازمة في وحدة العزل ووضعهم مستقر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
أبعِدوا سلامة عن المفاوضات
مزرعة مصرف لبنان: تهريب دولارات أيام العطلة!
يوماً بعد آخر يتجذر الانقسام في مقاربة السلطة للأزمة المالية. الحكومة تجد في طريقة إدارة المصرف المركزي للسياسة النقدية ما يثير الريبة. ورياض سلامة، يتعامل مع الحكومة بوصفه الطرف الأقوى. صراع بدأ يظهر تأثيره السلبي على طريقة إدارة ملف المفاوضات مع صندوق النقد. في اجتماع اليوم سيحضر سلامة محاولاً ضرب الخطة الحكومية، ومهدّداً بإفشال هذه المفاوضات.
تنطلق غداً الجولة الثانية من المفاوضات الرسمية بين الدولة اللبنانية ووفد صندوق النقد الدولي. هذه المرة سيكون رياض سلامة حاضراً شخصياً. وبعدما ترك في الجولة الأولى مهمة التصويب على الخطة الحكومية إلى ممثليه، سيتولى المهمة بنفسه اليوم. وهو سيستكمل ما بدأوه عن أن «خسائر القطاع المصرفي المُقدّرة في الخطة مبالغ بها وغير دقيقة»، محاولاً إثبات هذه النظرية من خلال أرقام سيقدمها إلى الوفد. ليخلص من خلالها إلى أن الخطة لا يمكن تطبيقها.
ولأن رياض سلامة قرر التخلي عن دوره، بوصفه جزءاً من وفد يمثل الدولة اللبنانية في المفاوضات، فإن مصادر معنية بعملية التفاوض صارت على اقتناع بأن هذه المفاوضات، على سوئها، من المستحيل أن تنجح في ظل وجود سلامة كجزء من الوفد اللبناني. فملاحظاته التي قرّر طرحها أمام وفد صندوق النقد، كان ينبغي عليه أن يناقشها مع حكومة بلاده، وإن لم يتمكن من إقناع المعنيين بوجهة نظره أو بأرقامه (التي رفض تسليمها في الأساس) فما عليه حينها إلا أن يلتزم بالقرار الذي اتخذ بالإجماع في مجلس الوزراء. وبالتالي، فإن مواجهته للوفد الحكومي في الاجتماعات الرسمية ستكون مضارها كبيرة، وتهدّد بإفشال هذه المفاوضات. باختصار، وجود سلامة صار عقبة في وجه أي مفاوضات جدية مع الصندوق، وهو أمر تدركه الحكومة جيداً، لكنها لا تزال عاجزة عن مواجهة هذه المعضلة.
إلى ذلك، يستمر مصرف لبنان في المماطلة في إطلاق منصة التداول بالعملات. وقد تبيّن مؤخراً أن رياض سلامة يسعى إلى المقايضة ما بين استمرار التحقيق في قضية تدخّل مصرف لبنان لزيادة الضغط على العملة الوطنية وإطلاق المنصة. وفي المقابل، ونتيجة الضغوط التي يتعرض لها، بدأ يسوّق أنه، بغض النظر عن إطلاق المنصة من عدمه، سيسعى إلى التدخل في السوق لتخفيض سعر الصرف.
في المقابل، فإن مصادر متابعة تعتبر أن تأخير المنصة يعود إلى سعي سلامة لضمان قدرته على ضبط السوق في حال إطلاقها. وهو أمر سيبقى متعذّراً طالما استمر شحّ الدولار. أما الأسوأ فهو ما يتردد عن سعي حاكم مصرف لبنان إلى السماح للمواطنين بالحصول على ٢٠٠ دولار يومياً عبر المنصة، وبالسعر الذي تحدده، علماً بأن هذه الخطوة إن نُفّذت، فستترافق مع استمرار حجز أموال المودعين ومنعهم من سحب أي مبالغ بالدولار. وتفتح هذه الخطوة الباب أمام تجارة جديدة بالعملة، قد تؤدي إلى تنظيم عمليات الشراء من مضاربين، فتكون النتيجة فتح باب جديد للسرقة. أما الحديث عن تأمين الدولارات للتجار بأسعار تراوح بين 3000 و3200 ليرة، فيبدو أمراً غير قابل للتحقق في ظل شح الدولار، المرجّح استمراره لفترة طويلة، علماً بأن هذا الوعد هو الذي أسهم في تراجع سعر الدولار حالياً، حيث أحجم عدد كبير من التجار عن الشراء بانتظار إطلاق المنصة.
باسيل: للانفتاح على سوريا
إلى ذلك، عقد النائب جبران باسيل مؤتمراً صحافياً يوم أمس، تناول فيه كل القضايا المطروحة راهناً. ودعا باسيل إلى التوقف عن قول إنّ «الودائع مضمونة»، مشيراً إلى أنّ قسماً منها لم يعد موجوداً، وعلى الدولة العمل لإعادة تكوينها واستعادتها. كما دعا إلى تصفير الفوائد على القطاعات المنتجة، أو إقرار القانون الذي تقدّم به تكتل لبنان القوي لضبط الفوائد، ووقف سياسة تثبيت سعر الصرف بكلفة عالية، واعتماد سعر صرف حقيقي وموحّد. وعاد باسيل ليؤكد رفض «سياسة تخسير المصارف كل شيء»، محذراً من المس بحرية الاقتصاد. ولأن «الدولة، برجالاتها، هي صاحبة المسؤولية الأولى»، فقد دعا إلى استخدام موجوداتها كجزء من صندوق لإقفال جزء من خسارة المصارف.
وتعليقاً على موضوع التهريب إلى سوريا، قال إن حجّة عدم القدرة على ضبط المعابر يُسوّق لها من هو متورّط فيها. ودعا الحكومة إلى أن تأخذ القرار، إمّا بالضبط أو بإلغاء الجمرك والتعويض عنه بضرائب.
وفي السياق، أعاد التأكيد على ضرورة الانفتاح على سوريا، مشيراً إلى أن «لا خلفيّة لذلك سوى حسن الجوار، لأنّ الأزمة السورية كانت أحد أهم أسباب اختناق اقتصادنا، وعلينا إعادة فتحه باتجاه عمقنا العربي من خلالها وفتح أبواب التصدير».
في ملف التعيينات، قال باسيل إنه «بدل الاختلاف على تعيين موقع مثل محافظ بيروت، يجب التركيز الآن على إنهاء التعيينات المالية في مصرف لبنان»، إذ «كيف لنا أن نُعالج أزمة النقد والمصارف والمصرف المركزي فيما الشواغر تطال نواب الحاكم ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية وهيئة التحقيق الخاصة ومفوّض الحكومة لدى المصرف المركزي؟ فكيف نغيّر السياسة النقديّة، ولا نجري التغييرات اللازمة في المراكز النقديّة والماليّة؟».
وبعد أن استبعد مجلس الوزراء معمل سلعاتا للكهرباء في هذه المرحلة، قال باسيل إن سبب رفض المعمل هو مناقصة محطّة الغاز، لأن الشركة التي فازت بأفضل سعر قدّمت كما ينصّ دفتر الشروط على إنشاء ثلاث محطّات في الزهراني وسلعاتا ودير عمار، وهذه الشركة QP مع ENI، لا تريد أن يكون لديها عملاء في لبنان. أضاف: «هم يريدون تخسير هذه الشركة وتربيح شركة أخرى قدّمت فقط على محطتين، والسبيل الوحيد لإنجاحها هو بإلغاء محطة من الثلاث لتصبح اثنتين… فكيف نلغي محطّة الغاز؟ بإلغاء معمل الكهرباء! ليبقى اثنتان، لماذا؟ لأن هذه الشركة متحالفة مع عميل محلّي ينتمي إلى نفس منظومة النفط المعروفة».
مزرعة مصرف لبنان: تهريب دولارات أيام العطلة!
أموال الشعب سائبة في مصرف لبنان. وبينما كان موظفوه يستعدّون للإضراب احتجاجاً على توقيفات طاولت زملاء لهم، سُرّبت معلومات من داخل المصرف المركزي تشير إلى قيام موظفين بنقل أموال من المصرف أيام الآحاد من دون تسجيلها في القيود. وتتحدث هذه المعلومات عن ميزة مُنِحت لبعض هؤلاء بتحويل ودائع من الليرة إلى الدولار على سعر 1515 وقبضها نقداً أحياناً. وبالرغم من كل الوقائع والاعترافات التي كشفت مسؤولية المصرف عن التلاعب بسعر الصرف، إلا أن القضاء يتّجه للملمة القضية (تقرير رضوان مرتضى)!.
أقرّ رئيس العمليات النقدية في المصرف المركزي، مازن حمدان، بالقيام ببيع ملايين الدولارات وشرائها لمصلحة صرّافين، مرخّصين وغير مرخّصين، وأنه بمعاونة الموظف السابق في المصرف وسام سويدان كان يجري بيع الدولارات من دون إيصالات. صرّح حمدان أمام المحققين بأنّه فعل ذلك بطلب وموافقة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي نفى للقاضي علي إبراهيم ادّعاءات حمدان، مؤكداً عدم علمه. هذا التناقض مرّ مرور الكرام على القضاء الذي يجهد للدفاع عن سلامة. إبراهيم الذي يتقاضى راتباً يبلغ 10 ملايين ليرة بدل عمله في هيئة التحقيق الخاصة التي يرأسها سلامة، لم يكتف بصرف النظر عن التحقيق مع الحاكم، بل شارك في صياغة بيان الهيئة للدفاع عن مصرف لبنان. أكّد البيان شراء المصرف المركزي وبيعه الدولار للصرافين، لكنه زعم أنّ مجموع عمليات بيع الدولار مقابل الليرة اللبنانية بلغ اثني عشر مليوناً وسبعمئة وخمسة آلاف دولار، ومجموع شراء الدولارات بلغ أحد عشر مليوناً وثلاثمئة ألف دولار أميركي. وبالرغم من الخلاصة التي تشير إلى أنّ «المبالغ المذكورة هي لفترة شهر وليست بأحجام التقلّبات التي شهدتها أسعار القطع خلال هذه الفترة»، فقد كان جلياً أن البيان لم يستطع أن يبرّئ حمدان، بل اكتفى بالتخفيف من وطأة اعترافاته، بعد تأكيدها. هذا الدفاع المموّه ترافق مع تسريب في وسائل الإعلام، نشرته قناة «الجديد»، يشير إلى أنّ هيئة التحقيق الخاصة قدّمت المستندات التي أثبتت أن حمدان لم يكن يتلاعب بالدولار، أو ينفّذ عملية مضاربة أدت إلى رفع السعر أو إلى تهريب الأموال إلى سوريا. كما أشارت التسريبات إلى وعد من المدعي العام المالي علي إبراهيم بإحالة حمدان، اليوم، إلى قاضي التحقيق، ليخلى سبيله يوم غد على أبعد تقدير! غير أنّ هذا كله لم ينف واقعة بيع الدولار وشرائه من دون إيصالات، وإلا لما كان الرجل موقوفاً أصلاً.
لو كان حمدان بائعاً في دكان لكان قد لجأ إلى تدوين المدفوعات والمقبوضات، لكن مدير العمليات النقدية يعمل في مصرفٍ، أموالُ الشعب سائبة فيه ولا أحد يسأل عنها. وفي هذا السياق، تكشف معلومات خاصة لـ«الأخبار» أن موظفين في مصرف لبنان كانوا يدخلون إلى المصرف أيام السبت والأحد، وكانوا يُخرجون أموالاً بقصد «تصريفها». وتشير المعلومات إلى أنّ هذه الأموال لم تكن تُسجّل في القيود وقت إخراجها، بحجة تسجيلها لاحقاً. كانت أموال الشعب سائبة ومستباحة. وعليه، يجب الاطلاع على تسجيلات كاميرات المراقبة والتحقيق مع هؤلاء الموظفين لتحديد كيفية إخراجهم الأموال، ولماذا لم تكن تُسجّل في القيود في اليوم نفسه؟ وما الذي يؤكد أنها إذا سُجِّلت في وقت لاحق، سيكون تسجيلاً دقيقاً/ في ظل الفوضى السائدة في المصرف.
ليس هذا فحسب، ففيما كان موظفو مصرف لبنان يستعدّون للإضراب احتجاجاً على توقيف موظفَين اثنين في التحقيقات الجارية، كشفت مصادر من داخل المصرف المركزي لـ«الأخبار» أن بعض الموظفين كان لديهم تسهيلات للحصول على دولارات من داخل المصرف، وفق سعر الصرف 1515 ليرة. وفيما كان اللبنانيون يُذلّون على أبواب المصارف لسحب ١٠٠ دولار، كان هؤلاء الموظفون يحوّلون ودائع من يشاؤون من الليرة إلى الدولار، ثم يقبضون بعضها نقداً.
بقرار من القاضي علي إبراهيم، سُحِب ملف التحقيق بشأن دور مصرف لبنان بالتلاعب بسعر العملة، من أيدي الضابط الذي كان يُشرف على التحقيقات مع الصرافين والذي توصّل إلى أدلة واعترافات أُوقف بموجبها نقيب الصرّافين محمود مراد ومدير العمليات النقدية في مصرف لبنان مازن حمدان ووسام سويدان. وبات الملف كاملاً بيد النيابة العامة المالية. وعلمت «الأخبار» أن عدداً من الموظفين، المرتبطين بمازن حمدان ومسؤول قسم المحاسبة في مديرية العمليات النقدية، سيُستدعون إلى التحقيق في النيابة العامة المالية. لكن، من غير المتوقّع أن يتجاوز إطار التحقيق معهم سقف «عدم المسّ برياض سلامة».