غرابة التعاطف مع "إسرائيل"..!

غرابة التعاطف مع "إسرائيل"..!

في الطريق الى بيت إملي*
Olivier Le Cour Grandmaison, universitaire : La colonisation, «un fait total» !
الغرب ووهم الريادة الأبدية

من الأمور المستغربة في أقوال وأفعال بعض الأكاديميين والساسة الغربيين، وخاصة أولئك الدبلوماسيين الذين يمثلون دولهم، أو يمثلون التكتلات السياسية الغربية الرئيسة، مثل: الاتحاد الأوروبي، وحلف ناتو، وغيرهما، هو هذا التأييد (الأعمى) لـ"إسرائيل"، ولجرائمها. معظم هؤلاء يدافعون عن الكيان الصهيوني تماماً، وباستماتة، كما يدافع أي صهيوني متحمس عنه. حتى ليخيل للحاضرين أن الحديث يتم مع "إسرائيليين"، من أحفاد بن جوريون، وهرتزل وأشكول… إلخ. وهم – كما الصهاينة الحقيقيين – يلتفون على الحقائق، ويلوون المنطق… بما يظهر "إسرائيل" كحمامة سلام بريئة وادعة… قدر لها أن تقع وسط غابة من الوحوش، والإرهابيين الذين يتربصون بها الدوائر، وينكرون عليها حقها في التواجد، وحقها في «الدفاع عن نفسها»…؟!

أغلب ما يسمع من هؤلاء هو: تمجيد لـ"إسرائيل" (وإنجازاتها) وتبرير لسياساتها الإجرامية. يتناسى هؤلاء أن هناك شعباً أقيم الكيان الصهيوني عنوة على أرضه… وتم إحضار أناس لا صلة حقيقية لهم بفلسطين والمنطقة ليحلوا مكان الشعب الفلسطيني. وفي منطق بعض هؤلاء، فإنه لا يوجد شعب اسمه الشعب الفلسطيني…؟! وكأنهم يقولون: إن الإسرائيليين (وليس الفلسطينيين) هم من عاشوا في هذه البقعة (التي يصرون على تسميتها بـ«إسرائيل») على مدار 3 آلاف عام المنصرمة… وفجأة، ومنذ بداية القرن العشرين، بدأ الفلسطينيون يهجمون على فلسطين، في هجرة استيطانية – استعمارية… هدفها: استئصال سكان البلاد الأصليين، وتشريدهم وقتلهم، ونهب أرضهم وممتلكاتهم…؟!

***

والأدهى من ذلك: أن هؤلاء ينظرون إلى العرب، وكل قضاياهم، من المنظور "الإسرائيلي" الصهيوني. فكل ما تقوله إسرائيل عن العرب ودينهم وحضارتهم يصدقونه، ويعتبرونه حقائق مسلماً بها…؟! والأمر لا يقتصر فقط على الصراع العربي – "الإسرائيلي" وحقائقه وتطوراته، بل يمتد ليشمل المصادقة على معظم ما تقوله "إسرائيل" (وتفعله) عن هذه الأمة…؟!

لماذا يتحمس هؤلاء، ومنهم غربيون (فرنسيون، ألمان، إنجليز، أمريكان، كنديون… إلخ). كما أن منهم عرباً… لإسرائيل هكذا؟!، ويدافعون هذا الدفاع المستميت عن جرائم هذا الكيان الفاضحة، وغير المسبوقة…؟! هناك، في الواقع، عدة احتمالات (أسباب) أهمها:

1- أنهم يعشقون اليهود والصهاينة.

2- أنهم يكرهون العرب والمسلمين.

3- أنهم يكرهون الطرفين، ويريدون إشغالهم. ولهذا، يحرصون على استمرار هذا الصراع (التاريخي) بين الجانبين، عبر استمرار ظلم طرف للآخر.

4 – أنهم يستخدمون ذلك الكيان كقاعدة متقدمة ضد هذه الأمة.

والحقيقة، أن التأييد الغربي للكيان الصهيوني له أسباب تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية معروفة، وإن كان أغلبها غير مبرر. فالغرب المتصهين يتحمس لإسرائيل لكل ما ذكر من أسباب أعلاه.

أما تأييد بعض العرب للصهيونية، وهو تأييد صادر من قلة قليلة تافهة في عالمنا العربي، فيثير التعجب والاستغراب البالغ، والاستياء العميق، خاصة بعد أن مد العرب أيديهم للصلح والتسوية، وجنحوا للسلم، ووافقوا على «حل الدولتين». ويعود الإعجاب العربي بالصهيونية لأسباب نفسية وأخلاقية غير سوية أصلاً. ويندرج العربي المتصهين ضمن إحدى الفئات التي تتواجد غالباً في البلاد المغلقة. فهو: إما جاهل بحقيقة الحركة الصهيونية، وكونها تستهدف كل الأمة، وليس فلسطين وحسب، أو منافق، أو يسعى لتحقيق منافع آنية خاصة به، دون اكتراث بمصالح وطنه وأمته. وربما لا يدرك أن عشمه في "إسرائيل"، كعشم إبليس في الجنة…

***

ومن أكثر المواضيع التي يتحمس لها هؤلاء «المتصهينون» هي: التسلح النووي "الإسرائيلي". فمن حق "إسرائيل" (في رأيهم) أن تمتلك سلاحاً نووياً ضارباً، يغطي العالم العربي، من المحيط إلى الخليج، وتحوز كل الأسلحة الفتاكة الممكنة. ولكن ليس من حق أي دولة بالمنطقة أن تمتلك أي قدرة تقنية… يمكن أن تهدد "إسرائيل" بها، مستقبلاً. وحبذا لو ينزع حتى السلاح التقليدي من أيدي أولئك الذين «يرهبون» "إسرائيل". بالطبع، هم لا يقولون هذا صراحة غالباً… فلم تبلغ الوقاحة عندهم، أو عند أغلبهم، هذا الحد من الاستخفاف المهين بالعقول العربية. ولكن لسان حالهم يقول ذلك وأكثر…

أعتقد أنه يتوجب على المثقفين العرب تفنيد هذه الأكاذيب، والمغالطات، حتى وإن كان أغلبها لا يستحق، في الواقع، مجرد المناقشة. ولكن، لا بد من فعل ذلك، ولو من قبيل التذكير، ولكي يعرف غير المتصهينين حقيقة الأمر… وللتفكير بما يجب أن يعمله العرب لمواجهة هذا الافتراء، بالحقائق الصحيحة. وكذلك التنويه بأن: اشتداد ساعد "إسرائيل" سيجعلها (كما هو ديدنها) تبتز حتى الغرب – ولي نعمتها – وتهدده هو أيضاً. ساذج من يعتقد أن أذى إسرائيل سيقتصر – في المدى الطويل – على الفلسطينيين، أو حتى العرب وحسب… ؟! الدولة الفلسطينية المستقلة هي الطوق الذى سيحجم من التوسع "الإسرائيلي"، ويحصر هيمنتها في نطاق محدود، يكفي العرب والعالم كثيراً من شرور الصهيونية.

قال وقلت:

قال أحد المتصهينين العرب: «القضية الفلسطينية لا تعنيني. أنا لا أتعاطف مع الفلسطينيين».

قلت: لا أعتقد أنك جاهل. ولكنك هنا «تتجاهل» كون هذه القضية إنسانية عربية إسلامية، قبل أن تكون فلسطينية… كما أراك تأمن الصهيونية، ولا تخشى من استمرارها كما هي.

صدقة يحيى فاضل
كاتب عربي من السعودية
عكاظ، الأحد / 6 / شعبان / 1439 هـ، 22 أبريل/ نيسان 2018، 01:48

Please follow and like us: