ضمَّ وائل لطفي إلى لائحة مؤلفاته كتاباً جديداً بعنوان : “دعاة عصر السادات : كيف تمت صناعة التشدد في مصر”. وقد حظي الكتاب الصادر عن دار العين في القاهرة باهتمام الصحف المصرية. فالتقت إلهام زيدان من صحيفة “الوطن” الكاتب لطفي، الذي قال إن الكتاب يركز محاوره على الإجابة عن سؤالين، هما: ماذا كان يمكن أن يكون شكل الحياة في مصر لو لم يتخذ الرئيس أنور السادات قراره بإعادة إحياء “جماعة الإخوان”؟ وما هو تأثير “الدعاة الشعبيين” المنتمين لأفكار هذه “الجماعة” في نشر أفكارها لدى المواطن العادي؟.
وتنقل زيدان عن وائل “لطفي”، قوله لـ”الوطن” : “رحلت في الكتاب إلى السبعينات محاولا تفهم ورصد الظروف التي اتخذ فيها الرئيس السادات قراره بإحياء جماعة الإخوان، وتأسيس الجماعات الدينية في جامعات مصر، وتأثير ذلك على المشهد الديني والسياسي في نهاية السبعينات، والتي انتهت بالنهاية المأسوية للرئيس السادات، حين تم اغتياله علي يد منتمين للحركة الإسلامية التي كان هو من أطلق سراحها”.
ويتابع لطفي: “بعد هذا الفصل التأسيسي ينطلق الكتاب ليدرس دعاة السبعينات الذين أعادوا صياغة وعي الشعب المصري تجاه مختلف القضايا، وامتد تأثيرهم حتى اللحظة الراهنة، لقد كان هؤلاء هم الرعيل الأول للدعاة الجماهيريين الذين عرفتهم مصر في الألفية الثانية وعرفوا باسم الدعاة الجدد. لقد كانت كلمة السر التي حولتهم إلى دعاة مؤثرين هي وسائل الإعلام الحديثة. فلولا التلفزيون لما كان للشيخ محمد متولي الشعراوي كل هذا الذيوع والتأثير، ولولا اختراع الكاسيت لما أمكن لخطب الشيخ الساخر عبد الحميد كشك أن تطوف الوطن العربي كله من المحيط إلى الخليج وأن تبقى حية حتى اليوم”.
ويقارن الكتاب بين ظهور الشيخ الشعراوي وبين ظهور الواعظ الأمريكي الشهير بيلي غراهام، ويرصد الدور الذي لعبه الإعلام في مساندة كليهما، ودور كلا منهما في محاربة الأفكار الشيوعية في بلده. كما يدرس مواقف الشيخ الشعراوي المختلفة وتقاطعاته مع أفكار “الإخوان”. كما يعرض أيضا الدور الذي لعبه الدعاة المنتمون لجماعة الإخوان مثل محمد الغزالي والسيد سابق في دعم انتشار “الإخوان” في السبعينات.
يتناول كتاب لطفي حياةً تتسم بالغموض للداعية إبراهيم عزت، الذي خرج من “الإخوان” ليؤسس “جماعة التبليغ والدعوة” في مصر ويتماس مع “تنظيم الجهاد” الذي اغتال أعضائه الرئيس السادات، ما يؤدي في النهاية لمنعه من الخطابة ثم وفاته بصورة مفاجئة وغامضة. كذلك، يدرس لطفي في كتابه تأثير شيخ الأزهر عبد الحليم محمود الذي لعب دورا سياسيا مباشرا في إحياء التيار الإسلامي والتصدي للشيوعية وتقاطع مع “الإخوان” في الكثير من المواقف.
ويكمل لطفي : “لا يفوتني في النهاية أن أتوقف أمام الشيخ المحلاوي، الداعية الذي دخل التاريخ عندما فقد الرئيس السادات أعصابه ووصفه بـالكلب في خطاب رسمي ألقاه قبل اغتياله بشهر واحد”. وتساءل “عن القوة التي كان يحظى بها المحلاوي والتي دفعته لتحدي الرئيس السادات والقرارات الرسمية بإيقافه أكثر من مرة، مما دفع الأجهزة الرسمية في النهاية لاتخاذ قرار باعتقاله”.
وائل لطفي
وقالت زيدان إن لطفي، ختم رده على السؤالين الآنفين، قائلاً : “الأهم من تلك التفاصيل المتعلقة بكل داعية من دعاة عصر السادات، ذلك التأثير الذي تركوه في وعي المصريين، حيث كانوا بداية عملية متصلة من التديين للمجتمع المصري أدت في النهاية لوصول جماعة الإخوان إلى قمة السلطة في مصر، ثم إزاحتها من خلال ثورة 30 يونيو التي يمكن القول أنها بدأت مرحلة جديدة من السياسات الدينية لم تتضح كامل ملامحها بعد”.
وكتب محمد البرمي في “المصري اليوم”، بأن كتاب وائل لطفي هو “هو رحلة مثيرة للبحث في الجذور، تحاول الاجابة على السؤال، كيف ولماذا وصلنا إلى ما وصلنا اليه؟”. أما أميرة دكروري فقد أشارت إلى ما أسمته “مشروع وائل لطفي”، للتذكير بالكتاب كأحد المراجع البحثية، التي وضعها لطفي في دراسة ظاهرة التكفير ومصادر التطرف والإرهاب الديني. وقالت في مقال نشرته أول أمس الأربعاء، على بوابة الأهرام، إن هذا المشروع الذي بدأ بكتاب “الدعاة الجدد” مرورًا بـ”دعاة السوبر ماركت”، وأخيرًا “دعاة عصر السادات”، يكشف عن تغير نظرة المجتمع تجاه تلك القضية على مدار سنوات.
ونقلت دكروري عن لطفي، قوله : “أصبح هناك حالة انكشاف زيف هؤلاء الدعاة. وكلنا مدينين لثورة 30 يونيو لحالة الوعي ولوسائل التواصل الاجتماعي، التي تنتقد زيجات دعاة السلفيين وثرواتهم، وأفخر أنى كنت أحد المناهضين لهذه الفئة من قبل ثورة يناير 2011، وكان وقتها ما أكتبه محل استغراب من هذا المجتمع”. وذكَّرت دكروري يأن وائل لطفي هو كاتب وصحفي مصري من مواليد 1974 م، حاصل على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية عام 2007 عن كتابه “ظاهرة الدعاة الجدد”، وهو متخصص في ظواهر ما بعد الإسلام السياسي.
مركز الحقول للدراسات والنشر
الجمعة، 02 جمادى الثانية، 1442، الموافق 15 يناير/ كانون الثاني، 2021