الأخبار
احتجاجات طرابلس: الحريري يتّهم الجيش
بالرصاص الحيّ، قضى ابن طرابلس، عمر طيبة (30 عاماً). التحقيقات الأولية تفيد بأن الرصاص أطلقه عناصر قوى الأمن الداخلي، على محتجين قرب سرايا طرابلس ليل أول من أمس. الأجهزة الأمنية «يدها رخوة» على الزناد، حيث يكون الفقراء في مواجهتها. في تلك الليلة، كما يوم أمس، لم يتدخل الجيش لتفريق المحتجين، إلا ليلاً. نهاراً، لم تكن قيادته قد وجدت ما يستدعي التدخل، إلا شكلياً.
إطلاق قوى الأمن الداخلي الرصاص الحيّ ليل أول من أمس أتى بعد رمي قنابل يدوية حربية باتجاه عناصر من فرع المعلومات في السرايا. وحتى ساعة متأخرة من الليلة الماضية، لم تكن الأجهزة الأمنية قد حددت هوية الأشخاص الذين استغلوا احتجاجات طرابلس، لينقلوا المواجهة إلى مستوى عالٍ من الخطورة، يتمثل باستخدام قنابل يدوية حربية في تحركات شعبية. تقصير الأجهزة فاضح في هذا المجال، لكنه لا يشذّ عن فشلها وسوء عملها واستسهال لجوئها إلى إطلاق النار والعنف المفرط حيث يجب اللين، ثم انسحابها من المشهد حيث ينبغي أن تكون، كسماحها ليل أمس بإحراق مبنى بلدية طرابلس، وباقتحام مبنى جامعة العزم.
في طرابلس، وعلى مدى الأسبوع الفائت، تداخلت ثلاثة مشاهد لا يمكن فصل أحدها عن الآخر:
1-حتجاجات شعبية على الإقفال العام، في ظل أزمة اقتصادية ــــ مالية غير مسبوقة في تاريخ البلاد، وسط استقالة حكومة مستقيلة أصلاً، لكنها قررت ألا تسيّر شؤون الناس. في المقابل، قوى سياسية اختارت أن تدير ظهرها للشارع، وتتصرّف كما لو أن البلاد ليست منكوبة اقتصادياً ومالياً ونقدياً وصحياً، متوهمة بأنها تملك ترف الوقت، فتؤخر تأليف حكومة جديدة تكون أولويتها وقف سرعة الانهيار على كل المستويات. أموال الدعم التي أقرّتها الحكومة تأخرت. وفي الأصل، المبلغ زهيد صار يساوي أقل من 50 دولاراً للعائلة الواحدة شهرياً. الطبيعي في هذه الحالة أن يحتجّ الناس، وأن يرفضوا البقاء في منازلهم.
2- القوى السياسية، وكما هي العادة، قررت استغلال الموقف لتسجيل النقاط بعضها على البعض الآخر. ثمة من يريد إحراج سعد الحريري في «بيئته». جهات أخرى لم تتّضح مقاصدها بعد. لكن كثيرين يتحركون في الاحتجاج وعند حوافه وهوامشه، رغم أن أعداد المشاركين ليست ضخمة.
3- صراع أجهزة أمنية داخلية وخارجية. لا يستبعد مسؤول أمني رفيع المستوى أن يكون جهاز أمني آخر مسؤولاً عن رمي القنابل اليدوية، في الليلتين الماضيتين، باتجاه عناصر الأجهزة الأمنية في سرايا عاصمة الشمال، كما لا يستبعد احتمال خلايا قررت التحرك حين رأت المناخ الأمني مؤاتياً لها. بيان الرئيس سعد الحريري ليلاً، كاد يقول إن الجيش هو المسؤول عما يجري في المدينة. وجّه الحريري كلاماً قاسياً للجيش، في معرض انتقاده «وقوف الجيش متفرجاً على إحراق السرايا والبلدية والمنشآت»، قبل أن يضيف: «هناك مسؤولية يتحمّلها من تقع عليه المسؤولية، ولن تقع الحجة على رمي التهم على أبناء طرابلس والعودة الى نغمة قندهار. إذا كان هناك من مخطط لتسلل التطرف الى المدينة، فمن يفتح له الأبواب؟». ربما لم يسبق لرئيس تيار المستقبل أن هاجم قيادة الجيش بلغة مشابهة. بالكلمات الواضحة، اتهم الجيش بالتقصير. أما بين السطور، ومما يقوله مقربون منه، فالتهمة للجيش تتجاوز التقصير إلى حد اتهامه بإدارة جزء مما يجري في الشارع. وفي ختام بيانه، «هدّد» الحريري بكلام إضافي «لوضع النقاط على الحروف». عبارة وجّهها خصيصاً إلى قائد الجيش، كأنه يقول له: عليكَ أن تتصرّف، وإلا فسيكون لي موقف أقسى».
مشهد أمس في طرابلس بدأ بتشييع عمر طيبة، ابن منطقة باب التبانة الذي قضى متأثراً بإصابته خلال المواجهات التي جرت مساء أول من أمس. وشهد تشييعه حشداً شعبياً غفيراً في منطقة تعدّ الخزّان الشعبي في المدينة، وهي الأكثر فقراً فيها، وسط هتافات تشيد بالشهيد وتندّد بالسلطة والقوى السّياسية.
وما كادت مراسيم تشييع ودفن طيبة تنتهي، حتى كان محتجّون يقطعون أوتوستراد التبّانة ومستديرة نهر أبو علي، فضلاً عن أوتوستراد البدّاوي الذي قطعوه منذ أول من أمس، في حين كان المحتجّون يتجمّعون في ساحة عبد الحميد كرامي (النّور) ويغلقونها بالإطارات المشتعلة وحاويات النفايات، قبل أن يبدأوا برمي الحجارة باتجاه السرايا، وقنابل مولوتوف داخل غرفتي التفتيش والحرس عند مدخلها، وقنابل باتجاه الأشجار داخل باحة السرايا، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها. وحاولوا اقتحام المبنى، فقابلهم عناصر قوى الأمن بإطلاق الغاز المسيّل للدموع والرصاص المطاطي لإبعادهم عنها، وسط كرّ وفرّ بين الطرفين.
في موازاة ذلك، أغلق عناصر فرع المعلومات الشارع الخلفي للسرايا، وحوّلوه إلى ما يشبه منطقة عسكرية. وحاول المحتجون اقتحام قصر العدل المجاور، وأحرقوا سيارتين أمام مدخل مقر الفرع، حيث اتخذت إجراءات أمنية صارمة منعت الدخول إلى المكان أمام أي كان، وخصوصاً إلى المبنى المقابل لمقرّ الفرع الذي يضم مكاتب شركات ومحامين وأطباء وسواهم. ليلاً، وبعد تدخل الجيش لإبعاد المحتجين من ساحة كرامي، انتقلوا إلى مبنى البلدية فأحرقوه، في ظل غياب تام للأجهزة الأمنية والجيش.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
السلطة الصماء: خلاف على وقف حريق طرابلس!
الحريري: الفيحاء ليست قندهار ولماذا يتفرج الجيش على إحراق المنشآت.. والقطاعات الوظيفية تعلن الإضراب المفتوح
عكست صرخات الألم، التي صدحت بأصوات مرتفعة، من صدور الطرابلسيين، الفقراء المعوزين، الذين خرجوا، احتجاجاً، على الموت البطيء بالفقر والحاجة القاتلة، متحدين بصدورهم الجائحة القاتلة كورونا، ليواجهوا، على نحو مأساوي، بالرصاص الحي، لا المطاطي، يوجه إلى صدورهم أيضاً.. فماذا يا ترى، يتعين فعله، لاستدراك الموقف بين هيبة الاقفال الكوروني، وهيبة السلطة العاجزة، عن أي شيء، سوى الهرب إلى الامام، بدل مراجعة، ما يمكن مراجعته من إجراءات خاطئة، اضرت بكل شيء، ولم تنفع بأكثر، لا من الإصابات، ولا الوفيات بالفايروس.
وازاء حالة المراوحة، في وقت تتقدّم الاحتجاجات على ما عداها، بقي الكلام الحكومي، يعيش في أجواء ضبابية، وشعارات قديمة- جديدة، عن وحدة المعايير، والميثاق، والشراكة وسوى ذلك، من تبريرات تمنع التقدم إلى الامام. وأمس، طرأ خلاف على كيفية معالجة الوضع المتدهور في طرابلس. وذكرت مصادر بعبدا لـ«اللواء» ان الرئيس ميشال عون يفضل انعقاد مجلس الامن المركزي اولا لتجري القيادات الأمنية الموجودة على الأرض نقاشا معمقا للمعطيات وتتخذ القرار المناسب.
واضافت المصادر ان اجتماع مجلس الأمن المركزي يتم بدعوة من وزير الداخلية وقد يرأسه رئيس الحكومة اذا أراد:. وقلت: اذا كان من ضرورة لإنعقاد مجلس الدفاع الاعلى يتم الاتفاق على ذلك. لا سيما وان هناك حملة تقول ان مجلس الدفاع اخذ مكان الحكومة وهو يقرر عنها وهذا أمر غير صحيح. قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن عدم اجتراح الحل السياسي ستكون له انعكاساته السلبية ولفتت إلى أن السيناريوهات الضبابية للوضع اللبناني هي أكثر ما تقلق دون إغفال تمدد وباء كورونا واستمرار تطور الأوضاع في طرابلس وما قد يستتبع ذلك.
وتوضيحا لبيان مكتب الإعلام الذي صدر امس فإن المعلومات افادت أن رئيس حكومة تصريف الأعمال طلب من رئيس الجمهورية انعقاد المجلس الأعلى للدفاع لكن الرئيس عون فضل انعقاد اجتماع مجلس الأمن المركزي لدرس الوضع ميدانيا ومعروف أن هذا المجلس يضم ضباطاً يتابعون الأمور على الأرض لدراسة الوضع ومعرفة الإمكانات والتوقعات على أنه إذا كانت هناك من قرارات أو اقتراحات في هذا الاجتماع وتستوجب انعقاد المجلس الأعلى للدفاع فيلتئم المجلس، مع العلم ان كلاما كثيرا صدر عن حلول هذا المجلس مكان مجلس الوزراء. وتحدثت عن دور أساسي لمجلس الأمن المركزي لأنه يضم معظم قادة الأجهزة القادرين على الحصول على تقارير عن المناطق وهكذا يمكن إنجاز العمل المتصل بما يجري على الأرض وعلى ضوء ذلك يمكن تقرير ما إذا كان مجلس الأعلى للدفاع يجتمع ام لا.
وأعلنت المصادر إن لا مؤشرات كاملة بعد عن تحركات جديدة على صعيد المعالجات السياسية ولا سيما على صعيد تأليف الحكومة والمسألة معلقة بالتالي عند موقف المعنيين بالتأليف لجهة وحدة المعايير لدى رئيس الجمهورية ورغبة الرئيس المكلف بإحقية صلاحيته في التأليف وتسمية وزراء الاختصاص لافتة إلى أنه حتى الحلول الوسطية لم تجد لها مكانا. وكان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أشار إلى ان الرئيس عون طلب انعقاد مجلس الأمن المركزي لدرس الوضع الأمني في البلاد من خلال التقارير الميدانية التي تعدها القوى الأمنية المعنية.. وفي ضوء ما تنتهي إليه هذه القوى يبنى على الشيء مقتضاه.
وإزاء التوجسات مما يجري، زار مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد الركن طوني قهوجي، يرافقه المساعد الثاني لمدير المخابرات العميد الركن نبيل احمد عبد الله مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، خصوصا بعدما نقل «خشيته من انفجار اجتماعي كبير في لبنان على الصعد كافة، اذا لم تتم المعالجة فورا قبل فوات الأوان».
وليلاً، صدر عن الرئيس الحريري البيان الآتي :
ما حصل في مدينة طرابلس هذه الليلة جريمة موصوفة ومنظمة يتحمل مسؤوليتها كل من تواطأ على ضرب استقرار المدينة واحراق مؤسساتها وبلديتها واحتلال شوارعها بالفوضى .
الذين اقدموا على احراق طرابلس مجرمون لا ينتمون للمدينة واهلها ، وقد طعنوها في امنها وكرامتها باسم لقمة العيش . ومن غير المقبول تحت اي شعار معيشي او سياسي طعن طرابلس من اي جهة او مجموعة مهما كان لونها وانتماؤها .
اننا نقف الى جانب اهلنا في طرابلس والشمال ، ونتساءل معهم ؛ لماذا وقف الجيش اللبناني متفرجاً على احراق السرايا والبلدية والمنشآت ، ومن سيحمي طرابلس اذا تخلف الجيش عن حمايتها ؟
هناك مسؤولية يتحملها من تقع عليه المسؤولية ، ولن تقع الحجة على رمي التهم على ابناء طرابلس والعودة الى نغمة قندهار .
اذا كان هناك من مخطط لتسلل التطرف الى المدينة ، فمن يفتح له الابواب ؟ وكيف للدولة ان تسمح بذلك في مرحلة من اسوأ واخطر المراحل في تاريخ لبنان .
طرابلس لن تسقط في ايدي العابثين ، ولها شعب يحميها باذن الله . وللكلام صلة لوضع النقاط على الحروف.
ولم تسجل اي تحركات أو اتصالات بارزة على صعيد تشكيل الحكومة تؤدي الى تحقيق اختراق ملموس في جدار الازمة السميك، وحسب مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة، اقتصرت التحركات على اتصالات جانبية غير معلنة للتشاور وتبادل الآراء حول كيفية تجاوز الخلافات والاسراع بتشكيل الحكومة، فيما بقيت الانظار مشدودة الى التوترات الامنية المتصاعدة لليوم الثالث على التوالي في طرابلس والتي اتخذت من انتفاضة المواطنين ضد الضائقة المعيشية واستمرار اجراءات الاغلاق الشاملة للحد من تفشي فيروس كورونا ، ستارا للقيام باعمال مخلة بالامن والتعدي بالقنابل على القوى الأمنية والعسكرية والمؤسسات والمباني الرسمية، ما طرح جملة تساؤلات واستفسارات عن الجهات الرسمية التي تحمي وتوجه هذه المجموعات التخريبية وتسمح لها بالتحرك بحرية والقيام باعتداءاتها التخريبية بالقنابل وعدم اتخاذ الإجراءات والتدابير الحازمة لملاحقتها والقاء القبض عليها، وتطبيق القوانين المرعية الاجراء بحقها. واشارت المصادر إلى ان مايزيد من الشكوك حول مايجري في طرابلس وربطه بازمة تشكيل الحكومة ،المواقف التي صدرت عن بعض اطراف الحكم وتحديدا رئيس التيار الوطني الحر بهذا الخصوص، الامر الذي يزيد من الشكوك حولها والخشية من استغلال هذا التفلت الامني وتوسعه الى مناطق اخرى بما يزيد من تعقيدات الأوضاع السياسية ويهدد السلم الاهلي في لبنان كله اذا بقيت الامور متفلتة على هذا النحو بلا حسيب او رقيب. ولاحظت المصادر ان مسؤولية الحكم والحكومة وبعض المسؤولين الرسميين عن انتفاضة المواطنين وصرخاتهم ضد الضائقة المعيشية واضحة ومباشرة ولا سيما بالتقصير الفاضح في الاهتمام بتوزيع المساعدات المالية والانسانية على الشرائح الاكثر فقرا وحاجة بالشمال وطرابلس تحديدا، بينما يلاحظ ان هذه المساعدات ذهبت بمعظمها لمنتفعين وموالين لجهات سياسية وحزبية معينة ومعظمهم ليسوا بحاجة لمثل هذه المساعدات. وحملت المصادر مسؤولية سوء توزيع المساعدات المالية للجنة الرسمية التي حددت المعايير التي بموجبها توزع هذه المساعدات برئاسة نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر وبعض المستشارين الحزبيين.
وواصل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم مساعيه لمعالجة أزمة تأليف الحكومة، فزار امس، رئيس مجلس النواب نبيه بري بحثاً عن مخارج للخلاف بين الرئيسين ميشال عن وسعد الحريري حول توزيع بعض الحقائب على الطوائف، بعد ما جال على الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل حاملاً إقتراحاً تردد انه يقوم على إمكانية أن تؤول وزارة العدل الى الحريري ووزارة الداخلية الى عون، على أن يكون لعون حق الفيتو على الأسماء، فيما تردد ايضاً ان أن «الرئيس نبيه بري إقترح أن تكون جميع الأسماء توافقية ويتم الإختيار بينها. فيما تؤكد مصادر قصر بعبدا مجدداً ان الرئيس عن لم يطرح ابداً مسألة الحصول على الثلث الضامن بل وحدة المعايير ومراعاة التوازنات.
لكن المصادر المتابعة للإتصالات تقول ان حركة اللواء ابراهيم لم تصل بعد إلى نتائج لا سيما في موضوع حقيبتي الداخلية والعدل، خاصة انه في حال تولى ماروني حقيبة الداخلية يُفترض ان يتولى الدفاع ارثوذكسي وهذا ينعكس على باقي التوزيع الطائفي لا سيما المسيحي. كما اشارت المصادر الى نقطة خلافية اخرى لا زالت قائمة لكنها لا تُعتبر جوهرية وقابلة للحل وهي عدد وزراء الحكومة، حيث لازالت فكرة العشرين وزيرا مطروحة.
وفي موقف إيجابي، توقع نائب رئيس المجلس النيابي أيلي الفرزلي حدوث خرقٍ ما على صعيد تشكيل الحكومة في وقت غير بعيد، داعياً اللبنانيين الى الانتظار بعض الوقت، معتبرا «أن من شرب البحر لن يغص في الساقية». أضاف ردا على سؤال: ثمة حراك محلي وخارجي من شأن تكاملهما ان يسفرا عن إعادة تحريك المياه الراكدة في بركة تشكيل الحكومة، وما يمكن قوله أن الضبابية المسيطرة على اجواء تأليف الحكومة بدأت بالانقشاع التدريجي، وما علينا سوى الانتظار بعض الوقت . وعن أسباب الخلاف بين الرئيسين عون والحريري واذا كان له من حل، إكتفى الفرزلي بالقول: أعتقد أن الجهود المبذولة سوف تؤتي ثمارها وما علينا الا الانتظار قليلا.
وقداكد الفرزلي لـ «اللواء» رداً على سبب تفاؤله، انه يبني على الحراك القائم بين فرنسا واميركا وبعض دول الخليج لا سيما الامارات، والذي يتقاطع مع حركة الداخل، ومع رغبة اكثرية القوى السياسية بتشكيل الحكومة سريعاً. واعتبر ان الموقف السلبي يزيد تدهور الامور فيما البناء على الموقف الايجابي يشكل عنصر إطمئنان ودفع وضغط على الجميع لحل المشكلة. وعما اذا كان يرى ترابطاً بين تعقيدات تشكيل الحكومة وبين ما يجري في طرابلس؟ قال الفرزلي: عندما يكون البلد ساحة مفتوحة لكل الاطراف تصبح الامور كلها مترابطة، من الضغوط على الوضع الحكومي الى تصفية الحسابات السياسية.
وفي سياق التحركات للمساهمة في إيجاد حلحلة للمشكلات القائمة، زار الرئيس فؤاد السنيورة والوزير السابق رشيد درباس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في بكركي. وقال السنيورة بعد اللقاء: «تداولنا الشؤون العامة في البلاد وكانت جولة افق واسعة حيال معظم القضايا التي تشغل اللبنانيين، والتي تتركز على الحاجة الماسة الى تأليف حكومة تستطيع تلبية مطالب اللبنانيين الذين يعتبرونها الطريق الاساسي من اجل البدء في التقدم على مسار طويل: استعادة ثقة اللبنانيين بالدولة وبرئيس الجمهورية والحكومة وبمستقبل لبنان، ولا سيما ان انهيارات كبرى حدثت خلال الفترة الماضية في لبنان بحيث انهارت الثقة برئيس الجمهورية والدولة والحكومة اللبنانية وبمعظم الطبقة السياسية، واستعادتها لا يمكن ان تكون الا عبر تأليف حكومة من اختصاصيين أكفياء غير حزبيين.
مواجهات طرابلس
تحرّك الشارع الطرابلسي مجدداً بعد الاعلان عن وفاة الشاب عمر طيبا البالغ 30 عاما في مستشفى النيني بطرابلس متأثرا باصابته خلال المواجهات التي حصلت ليل امس الاول، بين المحتجين والقوى الامنية.وتزامنت التحركات مع تشييعه واعقبت التشييع. واحتجاجاً على وفاة الشاب طيبا، توجه عدد من المعتصمين إلى منازل نواب المدينة الرئيس نجيب ميقاتي وسمير الجسر وفيصل كرامي، مطالبين باستقالتهم.
وبعد أن كان الهدوء الحذر قد خيم صباحا على محيط سرايا طرابلس وفي ساحة النور، عمد المحتجون الى قطع الطريق في ساحة النور ورشق عدد من المحتجين سرايا طرابلس بالحجارة. كما بقي أوتوستراد البداوي مقطوعاً في الإتجاهين، منذ عصر أمس الاول، بعدما أغلقه محتجون بالشاحنات والإطارات والحجارة وحاويات النفايات، ما اضطر العابرين عليه من طرابلس باتجاه المنية وعكار والحدود الشمالية، وبالعكس، إلى سلوك طرق فرعية أخرى بديلة، شهدت إزدحاما خانقا بسبب ضيق مساحتها.
كذلك، قطع محتجون بعد الظهر ، الطريق عند جسر التبانة، كما عمدوا الى اقفال الطريق عند دوار أبو علي واحتشد عدد من الشبان بالقرب من السراي، وحصل اطلاق القنابل المسيلة من داخل سرايا طرابلس. وقطع المحتجون طريق معرض رشيد كرامي بمستوعبات النفايات وأضرموا النيران فيها.
واشتدت حدة التوتر بعد الظهر، بعد رمي قنابل «المولوتوف» والحجارة على مداخل السرايا من قبل المحتجين وتدخل الجيش اللبناني لمنع امتداد التوتر، والقت القوى الأمنية قنابل مسيّلة للدموع باتجاه مداخل السرايا لإبعاد المتظاهرين. وكذلك دخلت ملالات الجيش إلى ساحة النور.وبقي الكر والفر طيلة ساعات المساء.
وفي سياق متصل، قطع محتجون طريق شتورا المصنع الدولية عند مفرق المرج بر الياس تضامنا مع طرابلس، كما تحركت مع بداية المساء مجموعات من الحزب الشيوعي والحراك في بيروت، وقطعوا بعض الطرقات امام وزارة الداخلية وفي ساحة رياض الصلح احتجاجاً على ما جرى في طرابلس. كما تجمّع عدد من المحتجين أمام منزل وزير الداخلية محمد فهمي، احتجاجاً على الاوضاع المعيشية المتردية وعدم توزيع مساعدات للمواطنين خلال الإقفال.
وانتقل الاحتجاج مساء الى قطع طريق عاليه بحمدون، وطريق ضهور العبادية عاليه باتجاه بيروت. وطريق عام بر الياس عند مفرق المرج، وطريق عام دير زنون رياق عند مفرق كفر زبد. أكد تيار المستقبل ان «الحل الامني للازمة المعيشية ليس حلاً، والذين يراهنون على استدراج طرابلس الى ساحات الفوضى والفلتان يعلمون جيداً أن الاكثرية الساحقة من ابناء طرابلس وسكانه، لن يجاروا هذا المخطط الدنيء الذي يطل برأسه من اقبية المخابرات سيئة الذكر وازلامها المعروفين».
واشار في بيان له، «إلى معلومات تؤكد وجود أمر مريب يعود بالذاكرة الى مراحل الفلتان الأمني والاشتباكات المسلحة التي كانت تحصل غب الطلب» . وقال: اذا كان الكثير من المواقف قد أكد في الساعات الماضية على وجود جهات حزبية وسياسية وفعاليات محلية، اشتغلت على تسلق اوجاع المواطنين وقامت بتمويل مجموعات بعضها استقدم من خارج طرابلس والشمال، فان أداء اطراف في أجهزة أمنية سواء في غض النظر عن ممارسات مخلة بالأمن والقانون، أو في التخلف عن دعم القوى الامنية في الوقت المناسب، هي وجه من وجوه التقصير الذي يثير الشكوك ويطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الاهداف المبيتة لعمليات التخريب التي استهدفت الاملاك الخاصة والعامة في المدينة. وسأل في بيانه «لماذا هذا التأخير في توزيع المساعدات وهل هو متعمد؟ ولماذا لم يتم توزيع المساعدات قبل انفجار الغضب الشعبي»؟
وأضرم المجتمعون النيران في مستوعبات القمامة وحطموا كاميرات المراقبة، محملين سياسيي المدينة مسؤولية أوضاعهم المعيشية الصعبة التي فاقمها تشديد اجراءات الإغلاق العام الأخيرة. وقال عمر قرحاني، وهو أب لستة أطفال عاطل عن العمل، بسخط لوكالة فرانس برس على هامش مشاركته في المسيرة «نجول على منازل السياسيين كافة وطلبنا أن نحرق بيوتهم جميعاً كما أحرقوا قلوبنا». وأضاف «ليتجرأ أي سياسي على السير في شوارع طرابلس».
وأسفرت المواجهات عن إصابة أكثر من 300 شخص، غالبيتهم ليل الأربعاء. وأعلنت قوى الأمن الداخلي أنّ 41 عنصراً وضابطاً من صفوفها في عداد الجرحى، وقالت إن 12 منهم أُصيبوا جرّاء إلقاء قنابل يدويّة، وبينهم إصابات بليغة. وتوفي امس شاب متأثراً بإصابته خلال المواجهات ليلاً، ما أثار غضباً واسعاً في المدينة ونقمة ضد قيادييها، وبينهم رئيس حكومة ووزراء سابقون ممن يتصدّرون قائمة أثرياء البلد. وتجددت عصر الخميس المواجهات بين قوات الأمن وعشرات المحتجين الذين حاولوا مجدداً اقتحام سراي طرابلس، المقر الإداري والأمني الأبرز في المدينة والذي يشكل ساحة مواجهة بين الطرفين منذ مطلع الأسبوع. وردّت قوات الأمن بإطلاق القنابل المسيلة للدموع.
وسأل قرحاني «لدى هذه المدينة مرفأ ومعرض ومصفاة للنفط وكل المقومات التي لا تملكها الدولة ونحن المنطقة الأفقر(..) لماذا؟». واتهم قيادات طرابلس بأنهم «ذلوا المدينة». وبحسب تقديرات للأمم المتحدة عام 2015، يعاني 26 في المئة من سكان طرابلس وحدها من فقر مدقع ويعيش 57 في المئة عند خط الفقر أو دونه. إلا أن هذه النسب ارتفعت على الأرجح مع فقدان كثيرين وظائفهم أو جزءاً من مدخولهم على وقع الانهيار الاقتصادي، الأسوأ في تاريخ لبنان. وشارك عشرات المحتجين في التظاهرة التي انطلقت من ساحة النور، ساحة التظاهر المركزية في المدينة، وجالت على منازل السياسيين التي منعتهم وحدات الجيش من اقتحامها. وقال عدنان عبدالله (42 سنة) خلال مشاركته في التظاهرة لفرانس برس «نواب وزعماء طرابلس.. هم من أوصلوا هذه المدينة لتكون المدينة الأفقر»، داعياً المسؤولين الى الاستقالة بعدما «دمروا مستقبل الشباب وأوصلوا البلد الى الخراب».
وليلاً، اقتربت النيران من مبنى المحكمة الشرعية الإسلامية في طرابلس، فضلا عن محاولة إحراق مبنى بلدية طرابلس. و بقي موضوع التدقيق الجنائي أولوية اهتمامات بعبدا، فعرض الرئيس عون مع وزيرة العدل في حكومة تصريف الاعمال ماري كلود نجم، عمل وزارة العدل والمحاكم في ظل الاغلاق العام في البلاد نتيجة انتشار جائحة «كورونا». كما تطرق البحث الى شؤون وزارية مختلفة ومنها مسار عملية التدقيق المالي الجنائي في الحسابات المالية لمصرف لبنان والإدارات والمؤسسات العامة، وموضوع المساعدات المالية التي توزع على العائلات اللبنانية الأكثر فقرا.
وفي تطوّر قضائي متصل، ادعت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ، بجرم «الاهمال الوظيفي وإساءة الامانة». كما ادعت على ميشال مكتف، وهو صاحب شركة بارزة تستورد الدولار من الخارج، وعلى الصرّاف عبد الرحمن الفايد بجرم مخالفة قرار إداري، واحالتهم جميعاً على قاضي التحقيق الأوّل في جبل لبنان القاضي نقولا منصور لاستجوابهم. وتطرح هذه النقطة، إشكالية قضائية لجهة الصلاحية: النيابة العامة أم النيابة العامة المالية، وكيف بالتالي، يمكن ان يتم السير بالتحقيق.
دعا النائب جبران باسيل الدولة اللبنانية إلى تكليف محام أو مكتب محاماة بمتابعة قضية الأموال المنهوبة والموهوبة والمحولة إلى الخارج بعد 17 تشرين الأول 2019، مشددا على أن تحريك الشارع لن يحمي «المنظومة الفاسدة»، ولن يثني التيار عن ملاحقتها «حتى تعيد ما سطت عليه أيديها». واعتبر باسيل، في بيان، أن الإجراء القضائي السويسري في قضيّة حاكم مصرف لبنان يشكّل سابقة على المستوى اللبناني تؤسّس لمثيلات لها على مستوى الدول التي تستضيف مصارفها حسابات تتلقى تحويلات لبنانية، سواء جرى تهريبها باستنسابية، أو كانت مشبوهه تتعلق بتبييض الأموال بحسب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد».
الجامعة: للإضراب أسبوعاً
نقابياً، أعلنت رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية إضراباً لمدة أسبوع، بدءاً من 1 شباط الاثنين المقبل، احتجاجاً على مواد تنسف مكاسب، الأساتذة والمعلمين وموظفي القطاع العام، إلى ان يُصار إلى سحب هذه المواد من مشروع الموازنة. وفي السياق، أعلن تجمع الموظفين المستقلين في الادارة العامة عن الإضراب المفتوح، في بيان أمس، لإلغاء المواد التي وردت في فذلكة مشروع الموازنة العامة لسنة 2021 من بنود تستهدف ضرب الحقوق المكتسبة لموظفي القطاع العام من مدنيين وعسكريين».
وأشار البيان إلى أنّه «ورد في 3 مواد منه (105 و106 و107) ما ينذر بإصرار السلطة الحاكمة على سلب حقوق الموظفين والمتقاعدين، حيث تضمنت هذه المواد: الترويج للتعاقد الوظيفي وذلك بحرمان الموظف الجديد من التقاعد وضمه الى الضمان الاجتماعي – حرمان ورثة المتقاعد المتوفي من كامل المعاش التقاعدي وذلك بحسم 45% منه – إلغاء حق مكتسب منذ ثلاثة عقود لموظفي الفئة الثالثة من الاستفادة بالاستشفاء في الدرجة الاولى».
إطلاق منصة اللقاح
اطلق الوزيران في حكومة تصريف الأعمال، الصحة العامة حمد حسن والإعلام منال عبد الصمد نجد المنصة الوطنية للتسجيل للقاح، في مؤتمر صحافي عقد في وزارة الصحة العامة، وموقعُ المنصة على الانترنت هو التالي: https://covax.moph.gov.lb/impactmobile/vaccine/non-medical.
واكد وزير الصحة ان «هدفنا إيصال المعلومة الحقيقية للمواطن، ونتمنى ان يتجاوب مع المبادرة الحكومية لتحقيق المناعة المجتمعية من خلال حماية المجتمع بمواجهة وباء كورونا». وأعلن انه «خلال أسبوعين سيكون عدد الأسرة 300 في المستشفيات الحكومية وهذا إنجاز كبير». وقال: «القانون الذي أنجز متطور، وهكذا لبنان يكون في المجلس التشريعي يواكب أحدث الابتكارات لحماية المجتمع»، معتبرا ان «ما أنجز على الورق من خطط لا يتحقق إلا بالتطبيق الفعلي وهذا يتطلب التزاما من كل المرجعيات للعمل على مبدأ المساواة وخارج الاعتبارات السياسية والجغرافية والطائفية، وستعتمد وزارة الصحة المعايير المعتمدة بدقة».
من جانبه، شدد رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي على دور الاعلام في توعية الناس وتشجيعهم على تلقي اللقاح»، مؤكدا ان «لا أعراض جانبية مهمة للقاح، ولغاية الآن لا وفيات بسببه». وقال: «إذا وصلنا إلى 80% من التلقيح فهذا أمر مهم جدا للاقتصاد».
293157
على صعيد الإصابات، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 3497 إصابة جديدة بالكورونا، و68 حالة وفاة، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد إلى 293157 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
مواجهات حول سراي عاصمة الشمال… والجيش لخطوات حاسمة بعد اتصالات
رغم محاولات التوظيف السياسيّ… طرابلس تدقّ باب الحكومة
انطلاق التسجيل للقاح كورونا… وحصاد اليوم الأول 80 ألفاً
مع التفاؤل بقرب وصول اللقاح لمواجهة تفشي وباء كورونا، وانطلاق منصة تسجيل الراغبين بنيل اللقاحات، التي بلغ عدد المسجلين فيها في اليوم الأول ثمانين ألفاً، بقي القلق من ضعف تطبيق الإجراءات الوقائيّة رغم قرار الإقفال العام، الذي خرقته أحداث الشمال وظهرت فيه الجموع من دون أية قيود وقائية، ما فتح الباب على توقعات بزيادة أعداد المصابين الذين تراجعت أرقامهم خلال الأيام القليلة الماضية من سقف الستة آلاف الذي بلغته الأرقام قبل أسبوع الى ما دون الأربعة آلاف.
الأضواء خطفتها طرابلس حيث المواجهات العنيفة بين المتظاهرين والقوى الأمنية في تصاعد، وقد شيّعت المدينة أحد أبنائها، بينما تحدث المصادر الأمنية عن عشرات المصابين من جنود الجيش والقوى الأمنية، وتعرّضت منازل النواب في المدينة لمهاجمتها ومحاصرتها من المتظاهرين، بينما تركز الضغط على سراي طرابلس التي شهدت كراً وفراً من الصباح وتواصل ليلاً.
المصادر المواكبة لأحداث الشمال قالت إن الغياب الكامل لمنظومة رعاية اجتماعية للطبقات الفقيرة يشكل الأرضية التي تنطلق منها التحركات الغاضبة، لكن ذلك لا ينفي الاستثمار السياسي، خصوصاً أن بهاء الحريري الذي يواكب الأحداث الشمالية لا يخفي وقوفه وراء مشروع لإثبات حضور خاص ومستقل عن زعماء المدينة من جهة، وفي مواجهة شقيقه الرئيس سعد الحريري من جهة موازية، بينما بدا موقف الوزير السابق أشرف ريفي منفتحاً على مشروع بهاء الحريري، الذي تقول المصادر إنه يحظى بدعم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأن حضوره الإعلامي المتصاعد عبر امتلاك هواء برامج على واحدة من القنوات التلفزيونيّة الرئيسيّة، واستقطابه لعدد من الوجوه الإعلامية، لكن المصادر رسمت علامات استفهام حول ما تريده السعودية من هذا الاستثمار بالتوازي مع الاتهامات الموجهة لها بالوقوف وراء تنشيط التصعيد الأمني في العراق وسورية للضغط على إدارة الرئيس الأميركي الجديد، وفرضية سحب القوات الأميركية، بالقول عبر التفجيرات إن مهمة إنهاء داعش لم تنفذ، ولم يحن بعد وقت الانسحاب، متسائلة عما إذا كانت الرسالة اللبنانية من طرابلس هي أن التفويض الأميركي لفرنسا لا يملك قدرة التنفيذ، من دون شراكة سعودية تقوم على ربط التهدئة في لبنان بتفاهم مسبق على مستقبل العلاقة الأميركية بالاتفاق النووي، ومن ضمنها موقع حزب الله في أي مشهد سياسي لبناني.
مصادر على صلة بالملف الأمني توقعت أن يكون الجيش اللبناني قد استكمل اتصالاته بالمرجعيات المعنية للقيام بخطوات حاسمة، لإعادة الأمن إلى المدينة، بينما قالت مصادر على صلة بالمسار الحكوميّ، إن طرابلس دقت باب الحكومة، بحيث تحقق تقدّم جزئيّ على الطريق، وينتظر استكماله خلال الأيام الفاصلة عن نهاية الأسبوع للحكم على النتائج، خصوصاً عبر المسعى الذي يقوم به المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ويتابعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ومع قيادة حزب الله. ولم ينجلِ غُبار معركة أمس الأول في طرابلس، حتى تجدّدت أعمال العنف والاشتباكات بين المتظاهرين والقوى الأمنية ولليوم الرابع على التوالي.
وما إن بدأ المحتجون بالتجمع بعد ظهر أمس في ساحة النور، حتى اشتعلت الجبهة بعدما كرّر المشاغبون محاولات اقتحام سراي طرابلس، فردّت عليهم مكافحة الشغب بإطلاق القنابل المسيلة للدموع. وأقفل المحتجون الطريق أمام السرايا بحاويات النفايات. في المقابل أقفل الجيش اللبناني المسارب المؤدية إلى شوارع طرابلس، لمنع انتشار المحتجين. واستطاع المحتجون من اقتلاع جزء من البوابة الحديدية في سرايا طرابلس، وأشعلوا حرائق متفرقة ورموا قنابل المولوتوف باتجاه السرايا، فردت القوى الأمنية بالقنابل المسيلة للدموع.
وشيّعت المدينة الشاب عمر طيبا البالغ 30 عاماً الذي أصيب في مواجهات الأربعاء وسط «صيحات الغضب والتنديد بالحكام والمسؤولين». ثم توجه عدد من المحتجين إلى منازل النواب في المدينة، تعبيراً عن رفضهم لممارسات السلطة اللامسؤولة. وهاجموا على التوالي منزل النائب فيصل كرامي وسط انتشار كثيف لعناصر الجيش التي منعتهم من الدخول، كما هاجموا منزل النائب سمير الجسر وطوّقوا منزله، وعمدوا الى إحراق مستوعبات النفايات وإطلاق هتافات تطالب باستقالته، كما هاجموا منازل النائب محمد كبارة والوزيرين السابقين أشرف ريفي وأحمد فتفت.
وحذّر النائب فيصل كرامي في حديث تلفزيونيّ من أن «ما يحصل في طرابلس لن يبقى محصوراً في طرابلس»، معتبراً أن عمر طيبا شهيد الفساد والهدر الذي حصل إلى لبنان ونتيجة فتنة الجوع التي أنزلت الشباب إلى الشارع». وشدّد على أن «الحل هو بتأليف حكومة فمن غير المقبول أن يبقى الرئيس المكلف «عم يكزدر» ورئيس الجمهورية «عم يدور على حصة». وبدت لافتة زيارة مدير المخابرات في الجيش العميد الركن طوني قهوجي، يرافقه المساعد الثاني لمدير المخابرات العميد الركن نبيل احمد عبد الله إلى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى.
وجاءت الزيارة بعدما نقل نقيب الصحافة عوني الكعكي عن دريان «خشيته من انفجار اجتماعي كبير في لبنان على الصعد كافة، اذا لم تتم المعالجة فوراً قبل فوات الأوان»، وتأكيده أن «من يضع العقبات والعراقيل لتشكيل الحكومة اصبح واضحاً للعيان، والقاصي والداني يعلم بهذا الأمر، وكل يوم تأخير يدفع ثمنه الوطن والمواطن».
وتحدّث بيان قوى الأمن الداخلي عن «إطلاق أعيرة نارية عدة مجهولة المصدر من خارج السّراي»، في الإشارة إلى سبب إصابة الشاب طيبة. وحذّرت قوى الأمن «المخلّين بالأمن عدم الاعتداء على الممتلكات العامّة والخاصّة وعلى عناصر ومراكز قوى الأمن، وأنّها ستكون مضطرّة إلى استخدام جميع الوسائل المشروعة وفقاً للقوانين المرعيّة الإجراء حفاظاً على الاستقرار وأمن المجتمع والمواطنين».
وكان عدد من المحتجين تجمّعوا أمام وزارة الداخلية والبلديات مردّدين هتافات مندّدة بما حصل في طرابلس، وانتقل بعدها المحتجون إلى ساحة رياض الصلح. كما قطع آخرون عدداً من الطرقات في البقاع والشمال. كما عمد بعض المتظاهرين إلى قطع طريق الدور وإشعال مستوعبات النفايات إلا أنهم فروا بعد وصول الجيش كما قطع آخرون طريق الصيفي والرينغ وسط بيروت. وظهر بوضوح الاستغلال السياسي لحركة الشارع وإقدام بعض وسائل الإعلام المعروفة بتبعيتها لدول خارجية بنقل شتائم وسباب عدد من المتظاهرين المدفوعي الأجر الموجهة الى رئيس الجمهورية وبعض القيادات السياسية الأخرى من دون غيرها ومباشرة على الهواء، ما يدعو للتساؤل هل عادت هذه القنوات الإعلاميّة لتلعب دور رأس حربة المخطط الجديد لتفجير الشارع وتكرار سيناريو العام 2019 – 2020؟
وحذّر مرجع أمني بحسب ما علمت «البناء» أنه «في حال لم تتم معالجة سياسية واجتماعية للوضع في طرابلس خلال أيام، فإن التظاهرات والأحداث الأمنية ستتمدد الى المناطق اللبنانية كافة ككرة النار المتدحرجة، الأمر الذي يصعب احتواؤه بمعالجات موضعية». ومن المتوقع أن يدعو رئيس الجمهورية ميشال عون مجلس الدفاع الأعلى للانعقاد خلال الساعات المقبلة للبحث في التطورات الأمنية في طرابلس.
وفيما وجهت بعض الجهات السياسية أصابع الاتهام الى بهاء الحريري في ما يجري في طرابلس، خرج تيار المستقبل عن صمته معلقاً على أحداث طرابلس مطلقاً اتهامات مبطنة لبهاء الحريري واللواء ريفي بالمسؤولية عما يحصل. وأكد في بيان أن «الحل الأمني للأزمة المعيشية ليس حلاً، والذين يراهنون على استدراج طرابلس الى ساحات الفوضى والفلتان يعلمون جيداً أن الأكثرية الساحقة من ابناء طرابلس وسكانه، لن يجاروا هذا المخطط الدنيء الذي يطل برأسه من أقبية المخابرات سيئة الذكر وأزلامها المعروفين». وسأل في بيان «لماذا هذا التأخير في توزيع المساعدات وهل هو متعمّد؟ ولماذا لم يتم توزيع المساعدات قبل انفجار الغضب الشعبي»؟.
وفي موازاة التصعيد الأمني في طرابلس برز تطورين أمنيين الأول توقيف فرع المعلومات عميلاً لـ»إسرائيل» في بلدة عربصاليم. وفي التفاصيل، داهم فرع المعلومات منزل المدعو أحمد عبد الحسين ضاهر الملقب بـ «أبو شهاب ضاهر» في بيروت ومنزل أهله ومكان عمله في مدرسة بلدة عربصاليم، وأوقفته بشبهة التّعامل مع العدوّ الإسرائيلي. وأفيد أن الموقوف من مواليد 1966، ومتزوج من سيدة أردنيّة، ويعمل ناظراً في المدرسة المذكورة.
أما التطوّر الثانيّ فهو قتل شاب من «آل الصالح» ابن عمه واصاب ابن عمه الآخر اثر خلاف على سطح مبنى عقار تطوّر إلى اشتباك في مخيم برج البراجنة. وحاولت القوى الأمنية الفلسطينية القاء القبض على القاتل، وحصلت اشتباكات عنيفة على اطراف المخيم عند منطقة العنان بين مخابرات الجيش والمطلوب. ثم توقفت الاشتباكات داخل المخيم، وتضاربت المعلومات حول مصير الجاني حسب مصادر بلدية البرج، بين من قال إنه تم القاء القبض على الجاني وبين انه قتل نتيجة الاشتباك. ولم يعرف إذا كان هذا الحادث يتصل بأحداث الشمال لجهة محاولة إشعال جبهة المخيمات بالتزامن مع أحداث طرابلس لإشغال وإرباك الأجهزة الأمنية ضمن مخطط تفجير الوضع الاجتماعي والأمني في لبنان.
فهل تدفع التطورات الأمنية وانسداد الأفق السياسي والحكومي الرئيس المكلف سعد الحريري الى رمي كرة النار في وجه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وحزب الله وتقديم اعتذاره عن تأليف الحكومة؟ أم أن التصعيد الأمني وتردّي الأوضاع الاجتماعية والصحية سيدفع الجميع إلى تسريع وتيرة الاتصالات والمشاورات لتأليف حكومة قبل فوات الأوان وانفلات الأمور من عقالها ووقوع الانفجار الكبير؟
وقد تم التداول بأخبار عن توجّه الحريري الى الاعتذار تحت ضغط الأحداث الأمنية في طرابلس ومقتل وجرح العشرات على غرار ما فعل بعد أحداث 17 تشرين الأول من العام 2019 حيث قدّم استقالة الحكومة ودخل لبنان في فراغ لأشهر قبل تأليف حكومة حسان دياب. إلا أن نائب رئيس «تيار المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، أكد «عدم صحة الخبر المنسوب له، والذي يتمّ تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص اعتذار الحريري»، مُشيرًا إلى أنّه «أي اتصال لم يتم به ولم يعلق بأي شيء بهذا الخصوص، ومن الواضح أن الخبر مركّب ومدسوس».
في غضون ذلك واصل المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مساعيه على الخطوط الرئاسية. وفي السياق، زار إبراهيم رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، وجرى البحث في الاوضاع العامة لا سيما الأمنية منها. وغادر ابراهيم من دون الإدلاء بتصريح. غير أن نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي بدا متفائلاً كعادته وتوقع حدوث خرق ما على الصعيد الحكومي في وقت غير بعيد، داعياً اللبنانيين الى الانتظار بعض الوقت، معتبراً «أن من شرب البحر لن يغص بالساقية». واوضح ان «ثمة حراكاً محلياً وخارجياً من شأن تكاملهما أن يُسفرا عن إعادة تحريك المياه الراكدة في بركة تشكيل الحكومة، وما يمكن قوله أن الضبابية المسيطرة على أجواء تأليف الحكومة بدأت بالانقشاع التدريجيّ».
على صعيد آخر، وفيما يستعدّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للاستجواب من قبل السلطات السويسرية، وفي خطوة مفاجئة ستحكم الطوق القضائي حول عنقه. ادعت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، على سلامة، وعلى رئيسة لجنة الرقابة على المصارف، بجرم الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة في ملف الصرافين غير الشرعيين. كما ادعت على صاحب شركة استيراد الدولار من الخارج ميشال مكتف والصراف ع.ف.، بجرم مخالفة قرار إداري، وأحالتهم مع الملف إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور لاستجوابهم. وتسلّم قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور الملف الذي أحالته إليه عون، وسيعكف على دراسته تمهيداً لاستدعاء المدعى عليهم والاستماع الى إفاداتهم الأسبوع المقبل.
واستكمالاً لإعلان خطة لقاح كورونا وخطط مواجهة الوباء أمس الأول في السراي الحكومي، أطلق الوزيران في حكومة تصريف الأعمال، الصحة العامة حمد حسن والإعلام منال عبد الصمد نجد المنصة الوطنية لتسجيل للقاح، في مؤتمر صحافي عقد في وزارة الصحة العامة، وموقعُ المنصة على الانترنت هو التالي: https://covax.moph.gov.lb/impactmobile/vaccine/non-medical وأكد وزير الصحة ان «هدفنا إيصال المعلومة الحقيقية للمواطن، ونتمنى ان يتجاوب مع المبادرة الحكومية لتحقيق المناعة المجتمعية من خلال حماية المجتمع بمواجهة وباء كورونا». وأعلن انه «خلال أسبوعين سيكون عدد الأسرّة 300 في المستشفيات الحكومية وهذا إنجاز كبير». معتبراً ان «ما أنجز على الورق من خطط لا يتحقق إلا بالتطبيق الفعلي وهذا يتطلب التزاماً من كل المرجعيات للعمل على مبدأ المساواة وخارج الاعتبارات السياسية والجغرافية والطائفية، وستعتمد وزارة الصحة المعايير المعتمدة بدقة».
وفيما توقع مصدر صحي إقبالاً شديداً على تسجيل الأسماء لتلقي اللقاح، أكد وزير الصحة بحسب ما أعلنت «البناء» أن الإقبال على اللقاح سيبلغ 50 في المئة خلال الأيام الأولى لوضع المنصة في الخدمة الفعلية، وذلك بعد خوف المواطنين بسبب ارتفاع عدد الإصابات والوفيات. وبحسب المعلومات فقد بلغ عدد الذين تسجلوا على المنصة الإلكترونية للقاح حتى مساء أمس حوالي 76300 شخص.
ولفتت مصادر صحية لـ»البناء» إلى أن «اللقاح يؤمن الحماية الصحيّة من العدوى لفترة طويلة، لكن لا يلغي خطر العدوى مئة في المئة، لكن في حالة العدوى لن ترافقها عوارض قويّة، وبالتالي يقل خطر العدوى للآخرين»، كما لفتت إلى أن المصابين بالوباء ليس بالضرورة تلقيحهم إلا بعد ستة أشهر من إصابتهم. وحذرت المصادر من انتشار الفيروس المتحور من كورونا الذي ربما لا ينفع معه اللقاح كما حذّرت من ظهور أنواع جديدة من فيروس كورونا أو أمراض أخرى مشابهة.
وفي سياق ذلك، حذرت منظمة الصحة العالمية من احتمال تفشي جائحة جديدة بسبب فيروس «نيباه (NiV).. ونشرت صحيفة «ذا غارديان» أن الفيروس تم اكتشافه في ماليزيا عام 1999، وتصل نسبة الوفيات منه إلى 40-75%، بينما تنتشر العدوى بسرعة كبيرة، في حين لا يوجد علاج له بعد. وأعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 3497 إصابة جديدة بفيروس كورونا ليرفع العدد التراكمي للإصابات إلى 293157 كما سجل لبنان 68 حالة وفاة ما رفع العدد التراكمي للوفيات منذ بدء انتشار الوباء في شباط الفائت إلى 2621.