افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 3 شباط، 2021

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 19 تموز، 2019
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم ‏‏الخميس، 5 أيار‏، 2022
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 23 تشرين الأول، 2019

اللواء
العهد يحرق آخر أوراقه: تحميل «الثنائي» مسؤولية صمود الحريري!
إبراهيم أنقذ لبنان من العتمة: مبادرة عراقية جديدة لدعم كهرباء لبنان
فيما المعنيون يغرقون إلى درجة تثير الشفقة والحنق معاً، بالرقص على حبال «المصالح السياسية» البالية مقطعين حبال الوفاق، وإمكانية وضع خارطة طريق للخروج من جملة المأزق الحادّة، في الصحة، والنقد والاسعار والعمل والبطالة، سجل أمس وفاة 81 شخصاً بالاصابة بفايروس كورونا، و2771 إصابة مثبتة مخبرياً، وسط بلبلة لدى القيمين على القرار الصحي، بين تمديد الاقفال، أو الخروج التدريجي الآمن من حالة الطوارئ الصحية، ويمضي التفلت السياسي إلى مداه، فلا حكومة في الأفق ولا من هم حريصون على التقاط الفرصة، ولو جاء الوقت متأخراً.. للخروج من المراوحة إلى فعل شيء ما يوقف الانهيار الكبير المحدق بالبلاد والعباد.
وسط هذه الأجواء القاتمة، نجحت مساعي اللواء عباس إبراهيم في إنقاذ لبنان من العتمة، من خلال إتصالاته مع رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، للحصول على تسهيلات في توريد النفط والفيول من العراق، بعد توقف شركة «سوناطراك» عن تزويد مؤسسة كهرباء لبنان.
فقد تلقى المدير العام للأمن العام بعد ظهر أمس إتصالاً هاتفياً من رئيس الحكومة العراقية أبلغه فيه موافقة مجلس الوزراء العراقي على مشروع الإتفاقية لتزويد لبنان بالمنتوجات النفطية وفق بنود تشجيعية تراعي الوضع المالي اللبناني المتعثر، وتؤكد وقوف العراق الشقيق إلى جانب لبنان في محنته الحالية.

وبموجب هذه الإتفاقية سيزود العراق لبنان بمليوني برميل من الفيول للكهرباء، ومليون برميل من النفط الخام، يمكن استبدالها بكميات من الفيول أو المنتجات النفطية. على أن تقدم الحكومة العراقية ٢٥ بالمئة من قيمة الصفقة دعماً للبنان، وفترة سماح لتسديد بقية الأموال المستحقة لمدة سنة. وأبلغ الرئيس الكاظمي اللواء إبراهيم إمكانية تسديد قيمة هذه الإتفاقية من الجانب اللبناني مقابل خدمات صحية، يتم الإتفاق على تفاصيلها في مباحثات بين البلدين، بما في ذلك معالجة وإستشفاء المواطنين العراقيين في المستشفيات اللبنانية.

وقد أبلغ اللواء إبراهيم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بقرار مجلس الوزراء العراقي، وأجرى إتصالاً بوزير النفط ريمون نجار لإحاطته بالأمر. وعلمت «اللواء» أن الرئيس دياب، الذي رحب بالقرار العراقي، قد يقوم بزيارة بغداد ولقاء زميله العراقي، وإبلاغه تقدير لبنان للمبادرة العراقية الأخوية، والبحث في سبل تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين.

سياسياً، بقيت مسألة تشكيل الحكومة الجديدة في دائرة المراوحة والتجاذب السياسي حول إصرار رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل المطالبة بالثلث المعطل في تركيبة حكومة الاختصاصيين برغم كل محاولات الإنكار الظاهري، واوضحت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة انه لم تحصل امس اي اتصالات أو تحركات تترجم نتائج اتصال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالرئيس ميشال عون نهاية الاسبوع الماضي، فيما بقيت دوائر قصر بعبدا متكتمة على ما دار فيه، بينما سربت معلومات صحفية من العاصمة الفرنسية بأن اتصال الرئيس الفرنسي برئيس الجمهورية، كان للتأكيد على استمرار المبادرة الفرنسية والدور المطلوب من عون ان يقوم به من موقعه كرئيس للجمهورية لتسهيل وتسريع عملية تشكيل الحكومة الجديدة، لان استمرار تأخير تشكيل الحكومة تحت عناوين واسباب متعددة، يرتب مضاعفات غير محمودة ويصعب حل الأزمة المتعددة الاوجه التي يعاني منها اللبنانيون.

واضافت المصادر ان الرئيس الفرنسي لم يكن مقتنعا بالاسباب التي سمعها من عون عن التأخر بتشكيل الحكومة، وحاول حث الاخير على تجاوز الخلافات والاسراع بتشكيل الحكومة، بينما أظهر انغلاق الرئاسة الاولى على نفسها وعدم مبادرتها بترجمة فحوى الاتصال مع ماكرون الى معاودة التحركات والاتصالات لتشكيل الحكومة، بأن الاتصال لم يكن كما يتمناه رئيس الجمهورية ميشال عون. ومن ناحية ثانية لاحظت المصادر تجنب تكتل لبنان القوي برئاسة باسيل في بيانه الاسبوعي التطرق الى موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الرافض حصول اي طرف على الثلث المعطل، ما يعني دخول طرف ثالث والمرجح ان يكون حزب الله تحديدا لتفادي اتساع المشكلة بين الرئاستين الاولى والثانية وحصر ذيولها بما صدر عن قصر بعبدا ردا على بيان بري.

وإذا كانت أوساط عين التينة لا تخفي عزم رئيس المجلس على المضي في العمل على الدفع باتجاه تأليف حكومة بعد حجة «الثلث المعطل» الذي كشف انه يقف في مجرى التأليف، معيقاً، فإن التيار الوطني الحر وفريق بعبدا، انتقلا إلى معركة من نوع آخر، تتعلق بالاستعداد للاشتباك السياسي، حتى مع حلفاء التيار، إذا اقتضى الأمر، مجددين التأكيد ان لا حكومة بلا وحدة معايير، ولا ثقة في المجلس النيابي، بلا رضى رئيس التيار جبران باسيل عن التشكيلة إذا خرجت إلى العلن، وصدرت مراسيمها..

وذهب تكتل لبنان القوي إلى رفع سقف مطالبه بتأكيده: اننا نرفض رفضاً قاطعاً ما يروّج له فريق رئيس الحكومة المكلف، من ان دور رئيس الجمهورية هو إصدار مرسوم تشكيل الحكومة، وليس المشاركة الكاملة في عملية التشكيل شكلاً وأسماء وحقائب وعدداً.

ولاحظت مصادر مطلعة لـ«اللواء» إلى أن الوساطات في الملف الحكومي لا تزال خافتة على صعيد النتائج وأوضحت أن على رئيس الحكومة المكلف الذي قال أنه سيتخذ موقفا نوعيا في ١٤ شباط أن يدرك أن الوقت داهم ولا بد من أن يعقد العزم على تأليف الحكومة ويتجاوز بالتالي كل الاعتبارات مشيرة إلى أن لبنان بحاجة إلى حكومة وهذا ما يحتم على الرئيس الحريري ان يزور رئيس الجمهورية ويؤلف الحكومة بالاتفاق معه وفق الدستور. وقالت أنه لا بد من إنهاء موضوع الاتهامات. وكشفت المصادر أنه حتى الآن ما من مبادرة جدية يقوم بها حزب الله الذي عبر عن موقفه كتكتل نيابي وبالتالي من وساطة في مفهوم الوساطة.

وتوقفت عند تفويض الحريري لرئيس المجلس النيابي وكأن الصلاحيات الدستورية يتم تفويضها وانتقدت كيف يقال عن تجاوز رئيس الجمهورية الحدود حين يتحدث عن المشاركة الفعلية في التأليف أي الاتفاق في حين أن البعض لا يرى أي انتقاص عندما يفوض رئيس المكلف رئيس السلطة التشريعية لأبجاد الحلول العقبات التشكيل  مشيرة إلى أن الصلاحيات الدستورية لا تفوض وكررت الدعوة للرئيس المكلف لتأليف الحكومة او مشاطرة رئيس الجمهورية هواجسه وتحرير نفسه من القيود.

وأفادت المصادر أن لا ثلث ضامنا يطالب به رئيس الجمهورية وله الحق في إبداء رأيه بالتوليفة الحكومية ككل ولا حصة وزارية له وكل الحكومة هي حكومته بدليل أنه عندما يحضر اجتماع الحكومة يترأسها. وأوضحت أن اللواء ابراهيم يجري اتصالاته مع الرئيس المكلف لهذه الغاية.

حرق آخر الأوراق
وهكذا يدفع فريق العهد: باسيل والمستشارون، إلى حرق آخر الأوراق، بصرف النظر عن الحسابات المقبلة أو التحالفات، التي مكنت هذا الفريق من الوصول إلى سدة الرئاسة، وتشكيل أكبر كتلة في البرلمان، وانتزاع الوظائف الكبرى في الدولة التي تعود إلى المسيحيين.. أي خسارة «التحالف مع حزب الله» وبالتالي مع الثنائي الشيعي (إضافة إليه حركة أمل)، التي لا يقطع رئيسها، رئيس المجلس شعرة بدون استشارة الحزب أو التنسيق معه..

ويتصرف النائب باسيل، ان تفلت «الثنائي» من الاستمرار بمسايرته، لم يعد ميسوراً، وأن عليه ان يحصّن نفسه بالتكتل، عبر شد عصبه الطائفي (حقوق المسيحيين)، وعدم التفريط بالنائب الدرزي طلال أرسلان، فضلاً عن حزب الطاشناق.. وذلك عبر معادلة (الثلث + واحد) في أية حكومة، شرط ان يتولى باسيل مباشرة إجراء الفحوصات التي تجعله يقبل بتسمية هذا الوزير أو ذاك، لضمان الولاء، في مرحلة عاصفة بمتغيرات وتحولات، لن يكون لبنان، بمنأى عن ترتيباتها، محملاً (أي باسيل وفريقه العهد) الثنائي الشيعي مسؤولية صمود الحريري، وعدم تراجعه عن تأليف الحكومة أو الاعتذار. وفي إطار تحركاته الخارجية، غادر الرئيس المكلف الحريري مساءً إلى القاهرة حيث من المتوقع ان يستقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في إطار الاهتمام المصري بالمساهمة في تأليف حكومة جديدة.

وهكذا، غابت أمس التحركات والسجالات السياسية المتعلقة بالحكومة، باستثناء زيارة رئيس الحزب الديموقرطي اللبناني النائب طلال ارسلان الى بكركي حيث التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي لشرح موقفه من تشكيل الحكومة لا سيما مطالبته بتمثيل الدروز بوزيرين عبر رفع عدد وزراء الحكومة الى عشرين.

وقال المسؤول الاعلامي في بكركي وليد غياض لـ«اللواء»: ان اللقاء بين البطريرك والنائب ارسلان كان ذي طابع وجداني وطني حيث تم الحديث عن ضرورة العودة إلى الاصالة الوجدانية والجذورالوطنية والميثاق الوطني الذي كان الامير الراحل مجيد ارسلان احد اركانه. وقال: شكر ارسلان البطريرك على مساعيه لتشكيل الحكومة سريعاً «لأنه يمثل الامل الكبير لمعظم اللبنانيين، وشدد على ان يستمر في هذا الدور ليأخذ مداه».

واوضح غياض رداً على سؤال: من الطبيعي ان النائب ارسلان طرح موضوع توسيع الحكومة الى 20 وزيراً لتحسين التمثيل الدرزي بشكل عادل، لكن البطريرك لا يدخل بالتفاصيل والارقام لكنه يركز على حسن تمثيل الطوائف والشرائح بشكل عادل، ولو عبر وزراء اخصائيين في حكومة مهمة إنقاذية. والبطريرك لا زال يواصل إتصالاته بعيدا عن الاعلام مع كل الاطراف بهدف تقريب وجهات النظر.

الرغيف وترشيد الدعم
في هذا الوقت سيطر الوضع المعيشي مجدداً على الاولويات بعد رفع سعر ربطة الخبز مجدداً والتلويح بوصول سعرها الى 5000 ليرة بحجة ارتفاع اسعار القمح عالمياً، وبعد بدء البحث الفعلي بترشيد الدعم للمواد الغذائية والاستهلاكية الاساسية، ما يُنذر بمضاعفات معيشية واجتماعية خطيرة.

وقد ترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب اجتماعاً للجنة الوزارية للبحث في موضوع ترشيد الدعم، بحضور الوزراء زينة عكر، راوول نعمة، عماد حب الله، ريمون غجر، حمد حسن، عباس مرتضى، وغازي وزنة، والأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية، والمستشار خضر طالب. وناقشت اللجنة برامج الدعم والسيناريوات المقترحة بهذا الخصوص.

كما ترأس دياب في السرايا الحكومية اجتماعا لمتابعة موضوع الدولار الطالبي، بحضور الوزراء غازي وزني وشربل وهبي، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس جمعية المصارف سليم صفير، عضو مجلس إدارة جمعية المصارف تنال صباح، الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، ووفد من الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية ضم الشيخ جهاد العبدلله والسادة ربيع كنج، نايف غيث، إيلي فريحة، أسعد الظاهر، محمد العبدالله، الأب زياد حداد والسيدة دلال الأخرس. وجرى البحث في الحلول العملية والمناسبة لتنفيذ قانون رقم 193 الصادر عن مجلس النواب المتعلق بتحويل الأموال إلى الطلاب اللبنانيين في الخارج.

وشدد الرئيس دياب خلال الاجتماع على «اعتبار هذا الموضوع أولوية تستدعي إيجاد الحلول بأسرع وقت ممكن». كما أصر على المعنيين «المباشرة فورا بتنفيذ القانون وإلزام المصارف بتحويل الأموال إلى طلاب الجامعات اللبنانيين في الخارج. وتعهدت جمعية المصارف بإصدار بيان اليوم للاعلان عن التزام المصارف تطبيق القانون».

بالمقابل، علق رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر على رفع سعر ربطة الخبز والمازوت وغيرها بالقول: لم تكتفِ المنظومة المتحدة بين أهل السلطة والمال بالترفع على مآسي الناس الجياع من مختلف الفئات الشعبية والعمالية نتيجة الارتفاع اليومي لأسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية.

اضاف: هذه المنظومة تتواطأ اليوم لرفع سعر ربطة الخبز الى 2500 ليرة وصفيحة المازوت الى 20 ألف ليرة، وكل ذلك كمقدّمة واضحة لرفع الدعم تدريجاً وجعله أمراً واقعاً ومن دون أي خطة اقتصادية تعيد للعملة الوطنية قيمتها الحقيقية وقدرتها الشرائية أو استعادة الأموال المنهوبة أو المهرَبة أو التأمين على أموال المودِعين.

وتابع الاسمر: لذلك، فإن الواقع يدعونا مجدداً إلى رفض رفع سعر الخبز أو المحروقات أو الغاز المنزلي، وإلى ضرورة وأهمية تشكيل لجنة لدرس أسعار الخبز والمحروقات والأدوية، يشارك فيها ذوو العلاقة المباشرة والنقابات المعنية مع الاتحاد العمالي العام. كل ذلك يتم في ظل حكومة تصريف أعمال عاجزة ومكبّلة دستورياً وصحياً بجائحة «كورونا»، وطروحات بيع الأملاك العامة والذهب وتعويم الدولار وغيرها. فيتعاظم ويزحف الجوع ويتهالك الشعب ويهتزّ الأمن. وختم: بادروا فوراً الى تأليف حكومة طوارئ، حكومة إنقاذ، حكومة ثقة، قادرة على البدء بالخطوة الأولى قبل خراب كل شيء.

وفي السياق، قال الحزب التقدمي الاشتراكي في بيان: أمام كل هذا التخلّي المطلق من السلطة عن دورها وواجباتها، بل وإمعانها في تقديم المزيد من «إنجازات» التعطيل والتسويف وضرب ما تبقّى من مقوّمات الدولة ومؤسساتها، فإنّ الحزب التقدمي الإشتراكي، وهو في ذلك إلى جانب كل المواطنين، يدعو إلى إقرارٍ سريع وعاجل للقرض الخاص بدعم العائلات الفقيرة من البنك الدولي على أسس واضحة من الشفافية.

التحقيق مع سلامة
قضائياً، سجلت تطورات قضائية على الخط المصرفي – المالي. فقد حدد قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور جلسة يوم الإثنين المقبل في الثامن من شباط الحالي لاستجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وآخرين بجرم الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة ومخالفة قرار إداري. وكانت النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون قد إدعت على سلامة وعلى رئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ وعلى صاحب شركة استيراد دولار وأحد الصيارفة، وأحالت الملف الى القاضي منصور الذي، بعد مطالعة الملف، حدد جلسة استجواب للمشار اليهم الأسبوع المقبل.

وفي السياق، واستعدادا لتزويد السلطات السويسرية بالأجوبة اللازمة على طلب المساعدة القضائية المتعلقة بتحويلات مالية عائدة لحاكم مصرف لبنان ومساعدته ماريان الحويك وشقيقه رجا سلامة، وبعد الاستماع إلى إفادات الأشخاص المذكورين وموافقتهم على المثول أمام القضاء السويسري، أرسل النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، كتبا إلى كل من: حاكم مصرف لبنان، مفوض الحكومة لدى المصرف المركزي، هيئة التحقيق الخاصة ولجنة الرقابة على المصارف، طلب بموجبها إيداعه كل المعطيات الواردة في طلب المساعدة السويسرية. كما طلب عويدات أيضا، إيداعه المستندات الخاصة بالتحويلات المالية التي تتحدث عنها المراسلة السويسرية، بالإضافة إلى المستندات الخاصة بالآلية التي تنظم إجراء التحويلات من مصرف لبنان إلى الخارج، على أن يرسل النائب العام التمييزي الخميس المقبل جوابه الى السلطات السويسرية، وأن يزود القضاء السويسري بمراسلات إلحاقية في ضوء ما يرده من مستندات تباعا من الجهات المصرفية المختصة، وفي ضوء ما يتوافر لديه من معطيات جديدة.

وفي سياق قضائي، طلبت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم من النيابة العامة التمييزية اجراء التحقيقات والتعقبات في حق من يلزم بملف الدواء المدعوم والذي يباع في عاصمة الكونغو (كنشاسا)، بناءً على ملف ورد إليها من وزارة الصحة في حكومة تصريف الأعمال.

الاقفال: إعادة الافتتاح الجزئي
صحيا، بدأ الاعداد على ما يبدو لمرحلة ما بعد الاقفال العام. فقد رأس وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن اجتماعا مشتركا في وزارة الصحة لمتابعة ملف وباء كورونا، ناقش تصورا أوليا لخطة المرحلة المقبلة، وتم  البحث في وضع آلية تطبيقية للرعاية المنزلية لمرضى كورونا، وتقديم ما أمكن من أدوية ومستلزمات وأجهزة أوكسيجين منزلية من خلال عدد من الجمعيات المعنية وبمؤازرة من نقابتي الاطباء والممرضين وبتنسيق مع وزارتي الصحة والداخلية والبلديات. ورجحت المصادر المختلفة ان يعقد الاجتماع غداً الخميس أو بعد غد الجمعة.

الاحتجاجات
وفي التحركات استمر أطراف الحراك للأسبوع الثاني، بين مطالبة بإطلاق موقوفين، أو احتجاجات على تدهور الأوضاع. وتجمع عدد من المحتجين مساء أمس امام ثكنة الحلو للمطالبة باطلاق سراح ناشطين. وتداول ناشطون مقطع فيديو يبين مناوشات بين المحتجين وعناصر قوى الامن الداخلي التي طالبتهم بابراز الاذن المعطى لهم من قبل المنصة الالكترونية للخروج من المنزل على خليفة الاغلاق التام في البلاد. فما كان منهم الا ان رفضوا الحصول على الاذن معتبرين انهم يتظاهرون ضد الدولة التي جوعتهم واذلتهم.

وفي صيدا، نفذت مجموعة من حراك صيدا مساء أمس اعتصاما احتجاجيا عند ساحة تقاطع ايليا، مجددين رفضهم توقيف الناشطين، واعتراضهم على قرارات رفع الدعم عن السلع الأساسية وسعر ربطة الخبز.

وفي طرابلس، شهدت ساحة النور، أمس، تجمعات لعدد من الشبان احتجاجا على التوقيفات التي تقوم بها القوى الأمنية، وكانت القوة الضاربة التابعة لفرع المعلومات قامت بعمليات دهم واسعة في مناطق عديدة من طرابلس، نتجت عنها توقيف عدد من الشبان على خلفية أحداث طرابلس الأخيرة، وقامت القوى الامنية بإزالة خيم كانت قد نصبت في ساحة عبد الحميد كرامي.

305842 إصابة
وأعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 2770 إصابة جديدة بالفايروس و81 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 305842 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

البناء
بوريل يدير بين ظريف وبلينكن مفاوضات غير مباشرة لرسم سلم الالتزامات المتبادلة
ماكرون منفتح على مقترح ميقاتي بحكومة تكنوسياسية من 20 وزيراً
هل ينجح الحريري بالتقاط الفرصة مع تقدّم باريس والقاهرة على حساب الرياض؟
لا تفصل مصادر سياسية متابعة للملفات السياسية المتشابكة المحطية دولياً وإقليمياً بالوضع اللبناني، نجاح مساعي المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بتأمين الإفراج عن ثمانية من الموقوفين اللبنانيّين في الإمارات، عن مساعي هادفة لتحقيق إنفراجات تحاكي التموضع الذي يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن لتحقيقه سياسات إدارته في المنطقة، حيث تبدو التحولات المرتقبة من خلال متابعة المشهد السياسي الأميركي وما يجري تداوله في مراكز الدراسات والتفكير، متجهة نحو ثلاثة عناوين، الأول تصدُّر الاهتمام الأميركي سرعة إنجاز العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، الثاني إعادة النظر بمضمون الدور الإسرائيلي في السياسة الأميركيّة في المنطقة بعدما فشلت «إسرائيل» في ضمان أمن المصالح الأميركية من دون الحاجة لتورّط أميركي مباشر، بحيث تتجه إدارة بايدن إلى اعتماد سياسة تقوم على الالتزام بأمن «إسرائيل» وتأمين إمدادها بالمال والسلاح، لكن رسم السياسات الإقليمية الذي كان يجري في تل أبيب ثم صار بالشراكة بين تل أبيب وواشنطن سيصبح في واشنطن، أما العنوان الثالث فيتركز على إعادة رسم مشهد النظام العربيّ الذي يعيش مرحلة الانحلال والعجز في ظل القيادة السعودية، من خلال تصدّر القاهرة للمشهد العربي وتوليها المهام التي كانت تقوم بها الرياض، التي ستبقى حليفاً رئيسياً لواشنطن لكن على قاعدة إعادة الفك والتركيب للأدوار والأحجام وربما للنظام نفسه.

في هذا السياق تضع المصادر المتابعة المعلومات التي تؤكد بدء مفوض الشؤون السياسية الخارجية في الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مهمة التفاوض غير المباشر بالتعاون مع المبعوث الأميركي للملف الإيرانيّ روبرت مالي، بين كل من وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف ووزير الخارجية الأميركية توني بلينكن، بعدما حسمت إدارة بايدن رفض الطلب السعودي المؤيد من الرئيس الفرنسي بشراكة حلفاء واشنطن في التفاوض ما قبل العودة للاتفاق النووي، وحسمت معها الحاجة لإنهاء العودة إلى التفاهم خلال أسابيع رغم الكلام الإسرائيلي عن أن المسافة التي تفصل إيران عن امتلاك إيران لمقدرات إنتاج سلاح نووي لا تزال بعيدة وهي بالشهور وليست بالأسابيع كما قال المسؤولون الأميركيّون، وترجمت أولوية العودة بقبول خريطة طريق رسمها مالي وقبلتها إيران على لسان وزير خارجيتها الذي أعلن عبر السي أن أن الدعوة لاعتماد سلم خطوات متزامنة أميركية وإيرانية للعودة إلى الاتفاق. وتقول المعلومات المؤكدة أن هذا السلم يقوم برسمه بوريل ومالي وأن الخطوتين اللتين تم حسمهما في بناء الثقة وفتح طريق العودة للاتفاق تتمثلان بإفراج إيران عن طاقم السفينة الكورية الجنوبية، وهو ما تمّ أمس، والتحضير لإخلاء سبيل السفينة قريباً مقابل إفراج كوريا الجنوبية بالتزامن والتتابع مع الخطوات الإيرانيّة عن سبعة مليارات دولار من عائدات مبيعات النفط الإيرانيّ محتجزة في مصارف سيول بفعل العقوبات الأميركية.

السياسة الفرنسيّة التي تحاول تتبع الخطوات الأميركيّة الجديدة استوعبت زلة القدم المتمثلة بتسرّع الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون بتبنّي الطلب السعودي في الشراكة بمفاوضات العودة للاتفاق النووي، سواء لجهة إدراك السرعة التي ستتم من خلالها هذه العودة، أو لجهة تغير النظرة الأميركية للدور السعودي، وتقول المصادر المواكبة للعلاقات الأميركية الفرنسية إن ترسيماً تدريجياً لدور فرنسا سيتركز على المبادرة الفرنسية نحو لبنان، على قاعدتين جديدتين، مكانة إيران من جهة، ودور القاهرة مكان الرياض من جهة أخرى، وقالت المصادر إن المعلومات الواردة من باريس تقول بان الرئيس ماكرون دعا فريقه لتفحّص المقترح السابق للرئيس نجيب ميقاتي بحكومة تكنوسياسية من 20 وزيراً، وهو ما يوفر فرص تذليل الكثير من العقد على جبهة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بينما يرتاح الرئيس المكلف سعد الحريري من عبء الضغوط السعوديّة العالية السقوف والمتورّطة بمشروع إضعاف الرئيس الحريري لحساب شقيقه بهاء، بحيث يكون الدور المصري والفرنسي كما كانا يوم مساعي الإفراج عن الحريري بعد حادث الريتز في الرياض واحتجازه هناك، المرجعية الضامنة لمكانة الحريري، ما يسهّل عليه السير بالحكومة الجديدة بعيداً عن حسابات السعي لتقديم أوراق اعتماد ترضي السعودية التي يصعب إرضاؤها.

بقي الطرح الحكومي الذي كشف عنه رئيس المجلس النيابي نبيه بري المبادرة الوحيدة لتسهيل تأليف الحكومة بموازاة استمرار المساعي الفرنسيّة على خط بعبدا – بيت الوسط. فيما برز طرح حكوميّ جديد في الكواليس يتكامل مع طرح عين التينة ويقضي بتأليف حكومة «تكنوسياسيّة» عبر أسماء تطرحها الكتل النيابية من غير الوجوه المستفزة أو المتورطة بقضايا فساد، لكن الطرح لم يتبلور حتى الساعة.

وبعدما تحدّث المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عن اهتمام ودعم عربي لكل المساعي والجهود والمبادرات لتأليف الحكومة أفيد أن الرئيس سعد الحريري يتوجه اليوم الى مصر للقاء عدد من المسؤولين المصريين للبحث في ملف الحكومة في لبنان.

إلى ذلك أكدت مصادر مقرّبة من عين التينة لـ«البناء» أن «صرخة الرئيس بري في بيانه الأخير جاءت بعدما عمل بصمت مع مختلف الأطراف لحثها على إعادة تفعيل الاتصالات للاستعجال في تأليف حكومة من ذوي الكفاءة والاختصاص وتحظى بموافقة الكتل والقوى السياسية لإنقاذ لبنان من مستنقع الأزمات المتفاقمة والمتعددة». ولفتت المصادر إلى أن «ما أعلنه الرئيس بري في البيان الأخير يكشف أنه قدّم طروحات وأفكاراً كحلول وسط يمكن لها أن تساعد المعنيين بالتأليف على الخروج من الأزمة، أي طرح أسماء غير حزبية وتتمتع بالكفاءة والاختصاص يتم التفاهم عليها بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف لكنها قوبلت بالرفض». لكن المصادر جددت التأكيد على أن «الرئيس بري مستمرّ في مبادرته لتقريب وجهات النظر وتضييق مساحة الخلاف بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري لولادة الحكومة بأسرع وقت ممكن». ودعت المصادر الأطراف كافة إلى أخذ المبادرة واتخاذ القرار بعيداً عن العوامل والمؤثرات الخارجية إذ إن الوقائع تثبت أن العامل المحلي يطغى على العامل الخارجي في ملف الحكومة».

وعلمت «البناء» أن المبادرة الفرنسية لا زالت موجودة وهناك اتصالات ومشاورات مع الأطراف السياسيّة عبر قنوات معينة لتحفيز المعنيين على ضرورة الإسراع بالتفاهم على تشكيل الحكومة، إلا أنها لم تفتح كوة في جدار الأزمة رغم كل المحاولات والمبادرات.

وفي هذا السياق دعا عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم أطراف التأليف إلى الاستثمار على المبادرة الفرنسية التي أُعيدت إلى الحياة بعد سلسلة الاتصالات التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وشدد هاشم لـ«البناء» على أن الجهود الفرنسية هي المبادرة الوحيدة حالياً، والتي يجب أن تواكب بمساعي محلية لتأليف الحكومة والبدء بمسار حل الأزمات ومسيرة الإصلاح وإعادة بناء الدولة». وشدّد على أن «المسؤولية تبقى وطنية، علماً أن التعقيدات داخلية تتعلق بالحسابات والمصالح السياسية للقوى المعنية بالتأليف». واعتبر هاشم أن «أي زيارة مقبلة للرئيس الفرنسيّ لن تحصل بحسب المسؤولين الفرنسيين ما لم تتوافر الظروف المناسبة لذلك أي أنها تأتي كتتويج للتفاهم حول الحكومة وتحديد طبيعة المرحلة المقبلة والخطوات والبرامج والإجراءات التي ستتبعها الحكومة لتحقيق الإصلاحات المطلوبة لإعادة النهوض بالاقتصاد».

وفي السياق نفسه، اتهم عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بتعطيل تأليف الحكومة وقال في حديث تلفزيونيّ: «باسيل عقد مؤتمراً صحافياً ولم يذكر فيه الحكومة بل طالب بعقد حوار وطني، ربما لأنه لم يجد نفسه موجوداً في الحكومة المطروحة، وقال بأن النظام غير صالح ويجب الذهاب لمؤتمر وطني، فهل نحن قادرون أن نذهب الى مؤتمر وطني؟». ودعا جابر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى «تحويل قصر بعبدا إلى خلية عمل لتشكيل حكومة ومن غير المقبول الإصرار على ثلث «التعطيل» كي لا يتمكن أحد من التحكم بقرارات الحكومة المقبلة».

وفيما يُصرّ الرئيس عون على رفع عدد الوزراء إلى 20 بدلاً من 18 وذلك لتوسيع تمثيل الطائفة الدرزية، برزت زيارة رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال ارسلان إلى بكركي، حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وبحث الملف الحكومي. من جهته نشر رئيس الحزب «الاشتراكي» وليد جنبلاط على «تويتر» صوراً، وأرفقها بوجه غاضب وبالتعليق: «الثلث المعطل».

والجدير بالذكر أن الصور تجسّد ما يعرف بـ»صخرة سيزيف»، إحدى الأساطير الإغريقيّة، وتظهر رجلاً يتسلق جبلاً محاولاً إيصال صخرة ضخمة الى قمته، فإذا وصل القمة تدحرجت إلى الوادي، فيعود إلى رفعها إلى القمة، ويظل هكذا حتى الأبد.

في المقابل لاحظ تكتل لبنان القويّ وجود حملة مبرمجة لتحميل رئيس الجمهورية والتكتل مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة بالحديث عن المطالبة بثلث عدد الوزراء زائداً واحداً، وهذا مُنافٍ للحقيقة بالرغم أن لا شيء يمنعه سوى أن الحكومة المفترضة هي حكومة اختصاصيين لا سياسيين».

وأشار التكتل خلال اجتماعه الدوري إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل إلى «أننا كنا الوحيدين الذين دعمنا تسمية وزراء اختصاصيين فعليين ومستقلين في حكومة الرئيس دياب وقد أثبتت الأحداث استقلالية قرارهم ولا داعي للتذكير بمواقف البعض. وإذا كنّا كتكتل نيابي قد قدّمنا كل التسهيلات الى حدّ عدم مشاركتنا بالحكومة تسهيلًا لتشكيلها ولم نطالب سوى باعتماد المعايير الواحدة لإعطائها الثقة إلا أننا نرفض رفضاً قاطعاً ما يروّج له فريق رئيس الحكومة المكلّف من أن دور رئيس الجمهورية هو إصدار مرسوم تشكيل الحكومة وليس المشاركة الكاملة في عملية التشكيل شكلًا وأسماء وحقائب وعدداً».

ولفت التكتل في مجال آخر إلى أن «الأحداث التي شهدتها مدينة طرابلس تحمل مؤشرات خطيرة عن وجود جهات تعمل للفلتان الأمني مستغلةً الأزمة المعيشية الضاغطة، فيما اعتقد البعض أن بإمكانه الاستفادة سياسيًاً من النقمة الشعبية». ونبّه التكتل من أي اختراق خارجي يعيد لبنان ساحة للابتزاز الإرهابي وهو ما أظهرته التوقيفات الأخيرة.

وبقي الهدوء الحذر سيّد الموقف في طرابلس وذلك بعد الانتشار الواسع الذي نفذته وحدات الجيش اللبناني لا سيما فوج المغاوير في مختلف أنحاء المدينة فيما قامت وحدة القوة الضاربة التابعة لفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بمداهمات واسعة في مناطق عديدة من طرابلس أدّت إلى توقيف عدد من الشبان على خلفية أحداث طرابلس الأخيرة.

وعلى مسافة أيام من انتهاء مدة الإقفال التام وحظر التجول تتجه الأنظار إلى اجتماع اللجنة العلمية الصحية واللجنة الوزارية لتقييم الإقفال العام، على أن تخرج اللجنة الوزارية خلال اجتماعها الخميس المقبل في السراي الحكومي بقرارات ترفعها إلى المجلس الأعلى للدفاع لاتخاذ القرار النهائيّ.

ويُعد اجتماع تنسيقي اليوم بين اللجنتين الفنية والعلمية لمتابعة ملف كورونا في وزارة الصحة لتقييم نتائج الإقفال الأولية. واستبعدت مصادر «البناء» تمديد قرار الإقفال مع إبقاء الإجراءات على حالها، مشيرة إلى أن هناك اتجاهاً لإعادة فتح البلد تدريجياً ابتداء من 8 شباط على أن تتم إعادة الفتح وفق القطاعات ذات الأولوية والحاجة الملحّة كالسوبرماركات والمهن اليوميّة وذلك بعد الأخذ بعين الاعتبار تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين الأكثر فقراً في ظل عجز الدولة عن تمويل خطط الدعم الاجتماعي بشكل كافٍ.

وأشار مدير عام مستشفى الحريري الجامعي فراس الأبيض في حديث تلفزيوني إلى «أننا لم نصل الى النتيجة المرجوّة من الإقفال، ونفضّل تمديده ولكن يجب النظر أيضاً الى الناحيتين الاقتصاديّة والاجتماعية»، وشدد على ان «المهم تخفيض عدد المحتاجين للدخول الى العناية الفائقة».

وترأس وزير الصحة حمد حسن للاجتماع الأول للجنة العلمية الفنية التي شكلها للبحث في السماح بإعطاء إذن طارئ لاستعمال لقاحات COVID-19، التي تتمتع بجودة وفعالية عالية وتستوفي شروط مزاولة مهنة الصيدلة في لبنان. وتم درس ستة طلبات مقدّمة لاستقدام لقاحات روسية وصينية وهندية والملفات العلمية العائدة لها، على أن يعقد اجتماع ثانٍ يوم الجمعة المقبل بعد أن ترفع التقارير الخاصة بكل لقاح ليُبنى على الشيء مقتضاه. وأكد حسن أن «استراتيجية وزارة الصحة العامة تقضي بتسهيل وتسريع تسجيل اللقاحات المستوفية للشروط لتشجيع القطاع الخاص على الاستيراد وتنسيق المبادرات الفردية والمؤسسية في هذا الإطار، لتحقيق أعلى نسبة تمنيع (تحصين) في أقصر فترة زمنية ممكنة».

أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 81 حالة وفاة جديدة في لبنان. وهذا الرقم يُعتبر الاعلى منذ بدء الجائحة. وقد ارتفع مجموع الوفيات إلى 3226. وسُجلت 2770 إصابة كورونا جديدة، رفعت اجمالي الحالات المثبتة إلى 305842. كذلك، سُجلت 2358 حالة شفاء جديدة، رفعت إجمالي الحالات إلى 186052.

على صعيد آخر، رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب اجتماعًا للجنة الوزارية للبحث في موضوع ترشيد الدعم بحضور الوزراء المختصين، وناقشت اللجنة برامج الدعم والسيناريوات المقترحة بهذا الخصوص. ولفتت أوساط حكومية لـ«البناء» إلى أن لا توجه للحكومة لرفع الدعم كما يُشاع بل التوجه لترشيد الدعم عن مجموعة من المواد الغذائية والسلع الحيوية وفق خطة مدروسة لكي لا تضر بالطبقات الفقيرة والعائلات الأكثر حاجة، موضحة أن أي ترشيد للدعم لن يطال إلا الطبقات الميسورة بهدف تخفيف الضغط على الاحتياط النقدي في مصرف لبنان ومنع التهريب إلى الخارج»، كاشفة أن «اللجنة المعنية بدراسة ترشيد الدعم لم تنتهِ بعد من دراستها للخطة على أن ترفعها إلى رئاسة الحكومة فور إعدادها لاتخاذ القرار المناسب الذي لا بدّ أن يترافق مع إجراءات لحماية الطبقات الفقيرة كالبطاقة التمويلية».

لكن وفق مصادر عمالية فالملاحظ هو الارتفاع التدريجي للعديد من السلع والمواد كربطة الخبز وصفيحة البنزين من دون أي قرار حكوميّ أو من الوزارات المعنيّة. واتهم رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر ما وصفها بـ «منظومة المتحدة بين أهل السلطة والمال» بالتواطؤ «لرفع سعر ربطة الخبز الى 2500 ليرة وصفيحة المازوت الى 20 ألف ليرة وكل ذلك كمقدّمة واضحة لرفع الدعم تدريجاً وجعله أمراً واقعاً ومن دون أي خطة اقتصادية تعيد للعملة الوطنية قيمتها الحقيقية وقدرتها الشرائية أو استعادة الأموال المنهوبة أو المهرَبة أو التأمين على أموال المودِعين».

وفي سياق تخفيض فاتورة دعم المشتقات النفطية، وافقت الحكومة العراقيّة أمس على بيع لبنان 500 ألف طن من زيت الوقود الثقيل واسترداد قيمتها على شكل سلع طبية وأدوية وخدمات استشاريّة. وذكرت الحكومة العراقية في بيان لها في ختام جلستها الأسبوعية أنه تمّت «الموافقة على المقترحات المثبتة من قبل وزارة المالية بشأن التعاون العراقي اللبناني في إطار مشروع لتجارة زيت الوقود الثقيل بين العراق ولبنان أصولياً لمدة سنة واحدة».

وليس بعيداً، عقد في السراي الحكومي أمس، اجتماع موسّع لمتابعة موضوع الدولار الطالبي في الخارج برئاسة الرئيس حسان دياب وحضره الوزراء غازي وزني وشربل وهبي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سمير صفير ووفد اللجنة اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية. وجرى البحث في الحلول العملية والمناسبة لتنفيذ القانون رقم 193 الصادر عن مجلس النواب المتعلق بتحويل الأموال إلى الطلاب اللبنانيين في الخارج. وشدد الرئيس دياب خلال الاجتماع على «اعتبار هذا الموضوع أولوية تستدعي إيجاد الحلول بأسرع وقت ممكن». كما أصر على المعنيين «المباشرة فوراً بتنفيذ القانون وإلزام المصارف بتحويل الأموال إلى طلاب الجامعات اللبنانيين في الخارج. وتعهدت جمعية المصارف بإصدار بيان اليوم للإعلان عن التزام المصارف تطبيق القانون». وعلمت «البناء» أن «أهالي الطلاب راجعوا المصارف أكثر من مرة إلا أنهم تبلغوا أن المصارف غير معنية بتطبيق قانون 193 وغير ملزمة بالتعاميم التي تصدر عن مصرف لبنان بهذا الخصوص»، وتضاربت المعلومات بين المصارف التي تؤكد أنها تحول الأموال اللازمة لزبائنها وعملائها الذين لديهم حسابات لديها بالدولار وبين معلومات الأهالي التي تنفي بشكل قاطع أن تكون المصارف قد حولت الدولارات لأبنائهم في الخارج ليتبين أن 99 في المئة من الطلاب لم يحصلوا على الأموال». وأطلقت مصادر الأهالي صرخة للمعنيين لإيجاد الحل المناسب لإنقاذ أولادهم ومصيرهم ومستقبل العام الدراسي محذرين من تنفيذ تحركات واسعة باتجاه مصرف لبنان والمصارف المعنية إذا لم تحل الأزمة. وفيما تعهد الحاكم ورئيس جمعية المصارف خلال الاجتماع بإيجاد الحل، تشكك مصادر الأهالي بصدقية التعهدات وتضعها في خانة «إبر المورفين» الذي تستعمل عادة لاحتواء غضب الأهالي. إلا أن مصادر حكومية لفتت لـ«البناء» إلى أن «الملف وضع على سكة الحل بانتظار أن تصدر جمعية المصارف بياناً شديد اللهجة تلزم كافة المصارف بتحويل الأموال اللازمة».

على صعيد ملف التحويلات المالية إلى سويسرا، أرسل النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، كتباً إلى كل من: حاكم مصرف لبنان، مفوض الحكومة لدى المصرف المركزي، هيئة التحقيق الخاصة ولجنة الرقابة على المصارف، طلب بموجبها إيداعه كل المعطيات الواردة في طلب المساعدة السويسرية. كما طلب عويدات أيضاً، إيداعه المستندات الخاصة بالتحويلات المالية التي تتحدث عنها المراسلة السويسرية، بالإضافة إلى المستندات الخاصة بالآلية التي تنظم إجراء التحويلات من مصرف لبنان إلى الخارج، على أن يرسل النائب العام التمييزي الخميس المقبل جوابه الى السلطات السويسرية، وأن يزود القضاء السويسري بمراسلات إلحاقية في ضوء ما يرده من مستندات تباعاً من الجهات المصرفية المختصة، وفي ضوء ما يتوافر لديه من معطيات جديدة.

على صعيد آخر، تكللت جهود المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بالنجاح في ملف اللبنانيين الموقوفين في الإمارات. وبعدما أعلن اللواء إبراهيم في مقابلته التلفزيونية الأخيرة عن انفراج على هذا الصعيد وعودة الموقوفين إلى بلدهم. وصلت بعد ظهر أمس الى مطار بيروت طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» آتية من دبي، وعلى متنها ثمانية من اللبنانيين المفرج عنهم في الإمارات وهم: نادر خليل، حسن حسيني، محمد الحسيني، ماهر الزين، زاهر الزين، علي مخدر، حسن زريق وحسين زريق. وفور خروجهم من المطار، انتقلوا الى مقر إقاماتهم برفقة عدد من أفراد عائلاتهم.

أما في ملف الصرافين فحدد قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور جلسة يوم الاثنين المقبل لاستجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وآخرين بجرم الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة ومخالفة قرار إداريّ. وكانت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون قد ادعت على سلامة وعلى رئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ وعلى صاحب شركة استيراد دولار وأحد الصيارفة، وأحالت الملف الى القاضي منصور الذي، بعد مطالعة الملف، حدد جلسة استجواب للمشار اليهم الأسبوع المقبل.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الأخبار
إهمال مراسلات ودراسات: من نيترات الامونيوم إلى ترسيم الحدود
عل يمنع لبنان التفريط بـ1400 كلم2 من مياهه؟
يتعيّن على الدولة اللبنانيّة، قبل حزيران المقبل، أن تبُتّ أمر تعديل المرسوم 6433 (الصادر عام 2011) لناحية حدود المنطقة البحرية، وتضمينه 1430 كيلومتراً مربعاً إضافياً جنوبي النقطة 23 القريبة من الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، وإبلاغ الأمم المتحدة بذلك. هذا ما تؤكده مصادر مطّلعة على الملف، ولا سيما أن «التعديل ورقة قوية في التفاوض، وتجاهلها سيخسّر لبنان كثيراً في البحر». وهذا التعديل يمكنه، بحسب المطالبين به، تعويض جزء من الإهمال الذي لحق بملف الترسيم، على مدى 10 سنوات. إهمال للدراسات والتقارير والمراسلات، شبيه بالإهمال الذي شاب ملف نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت. هذا الإهمال أدى إلى قتل أكثر من 200 شخص، وجرح الآلاف وتدمير مرفأ بيروت وجزء من العاصمة، وهناك إهمال أدّى، بحسب منتقديه، إلى التفريط بمنطقة بحرية تساوي 14 في المئة من مساحة لبنان.

«في غرفة الانتظار». هكذا يبدو ملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، الذي دخل مُنعطفاً جديداً، إثر «انسحاب» العدو الإسرائيلي من جولات التفاوض غير المُباشر، وتعليق الجانب الأميركي وساطته، بعدما طرح لبنان خطاً جديداً للتفاوض (خط 29)، مبنياً على أسس قانونية تؤكّد حقه بمساحة 1430 كيلومتراً مربعاً، تُضاف إلى مساحة الـ 860 كيلومتراً المتنازع عليها (المساحة بين الخط 1 ــــ وهو الخط الإسرائيلي، والخط 23، أي الخط اللبناني المُعلن). إلى حين أن يُعاد تحريك الملف، يحتاج لبنان إلى ما يدعم هذا الطرح، بحيث لا يستطيع العدو نسفه بأي حجة، كما حاول أن يفعل في الجولتين الثالثة والرابعة من المفاوضات (الجلسة الأخيرة التي انعقدت في 11 تشرين الثاني الماضي).

هذا الأمر يقع على عاتق القوى السياسية، غير أن المسؤولية الأكبر تتحمّلها حكومة الرئيس حسان دياب التي لها وحدها صلاحية تدعيم الموقف، وفق ما تقول مصادر رفيعة المستوى، على بيّنة من ملف التفاوض، مُختصِرة الأمر بإصدار مرسوم جديد يعدّل المرسوم 6433 الذي يحدد المنطقة البحرية، وتضمينه 1430 كيلومتراً إضافياً جنوبي النقطة 23، وإبلاغ الأمم المتحدة بذلك عملاً بالمادة 74 من قانون البحار. هذا الاقتراح لا يزال محط خلاف، إذ لا يؤيده رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما الرئيس دياب يشترط إجماعاً داخلياً عليه لعقد جلسة لمجلس الوزراء.

وسط هذه الوقائع، طُرِحت أسئلة كثيرة حول الدافع من وراء طرح خطّ لبناني جديد، وعمّا إذا كان بالإمكان تحصيله، فيما العدوّ يرفض أساساً التفاوض على الـ 860 كيلومتراً. مَن كان صاحب الفكرة وعلى أي أسس قامت؟ وهل يصحّ وضع سقف حدودي يُعطي لبنان في البحر نصف حقل «كاريش» الذي بدأ العدو التنقيب فيه عن الغاز؟ كيف سيكون موقف لبنان فيما لو اضطر لاحقاً الى القبول بأقل من 2290 كيلومتراً مربعاً على طاولة المفاوضات؟ وهل يُعدّ ذلك تنازلاً عن حقوقه في البحر؟ لماذا لم يُعلَن عن هذا الخط سابقاً خلال التفاوض على اتفاق الإطار؟ لماذا لم يؤخذ بالدراسات التي أعدّها الجيش منذ سنوات، ولا بالتقارير والمراسلات التي وصلت الى وزارة الأشغال والحكومة؟ وما الذي منع لبنان من تعديل المرسوم قبل الذهاب الى مفاوضات الناقورة؟

كل هذه الأسئلة وأكثر، تبدأ إجابتها من معلومات تؤكد أن الجيش اللبناني، وقبل الانطلاق الى المفاوضات، كان يرفض من الأساس التفاوض على المساحة المتنازع عليها حصراً، لأن ذلك سيُعطي لبنان أقل من 860 كيلومتراً مربعاً. وعليه، أصدرت مديرية التوجيه بياناً في 10 تشرين الأول الماضي، أعلنت فيه أن «قائد الجيش أعطى التوجيهات الأساسية لانطلاق عملية التفاوض بهدف ترسيم الحدود البحرية على أساس الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً والممتد بحراً تبعاً لتقنية خط الوسط دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية التابعة لفلسطين المحتلة، استناداً إلى دراسة أعدّتها قيادة الجيش وفقاً للقوانين الدولية». وهذه العبارة هي ترجمة لخط الـ 29، المسنَد الى دراسة قدّمها الخبير جون براون، من مكتب الهيدروغرافيا البريطاني (UKHO) قبل صدور القانون 163 (قانون تحديد وإعلان المناطق البحرية للجمهورية اللبنانية الصادر عام 2011)، وأوضح فيها أن بإمكان لبنان اعتماد خيارين جنوبي النقطة (23) من خلال إعطاء صخرة «تخيليت» نصف تأثير أو عدم احتسابها كلياً، وهذه الدراسة تُمكّن لبنان من كسب حوالى 1400 كيلومتر مربع إضافي. ولا بد من الإشارة إلى أن ما يسمّيه العدو جزيرة «تخيليت»، ليس سوى نتوء صخريّ.

في الشق التقني، تقول معلومات «الأخبار» إن الطرح اللبناني بشأن الخط 29 لم يُعلَن في الجلسة الأخيرة من المفاوضات. في الأصل كان الأميركيون في جو التحضير لإصدار مرسوم جديد بدأ قبل ستة أشهر من إعلان اتفاق الإطار، إذ كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يريد عرضه من خارج جدول الأعمال، على جلسة لمجلس الوزراء في 21 تموز 2020، وهو ما لم يحصل لغياب التوافق حوله. وبما أن المرسوم الجديد لم يصدُر، كان الظنّ بأن لبنان ذاهب الى التفاوض وفق المرسوم الرقم 6433 بالخط (23).

بحسب المعلومات، طرح الوفد اللبناني المفاوض الخط 29 في جولة التفاوض الثانية. وقد ردّ الوسيط الأميركي خلال الجلسة بالقول: «نعلم بأن لديكم خطاً واحداً (الخط 23) وهو المودع في الأمم المتحدة، كما لدى «إسرائيل» الخط 1، ونحنُ هنا للتفاوض على المساحة الواقعة بينهما (860 كيلومتراً)». في الجولتين الثالثة والرابعة، قدّم الوفد اللبناني خرائط تؤكد أن الخط 29 هو الخط الصحيح، وذلك استناداً إلى دراسة المكتب البريطاني واتفاقية جنيف واتفاقية قانون البحار وأحكام محاكم القانون الدولي، بما يضرب أسس الخطين 1و23. وأكد الوفد اللبناني أنه جاهز للتفاوض انطلاقاً من الطرح الجديد.

في الجولة الأخيرة، قدّم الوفد اللبناني عرضاً لطرحه مجدداً، مشدداً على أن الاتفاقيات المذكورة لا تعطي صخرة «تيخيليت» أي تأثير، متوجهاً الى الوسيط الأميركي بالقول: «إذا كان لديكم ما يؤكد احتساب تأثير الجزر فتقدموا به»، لكن حجة الجانب الإسرائيلي ركنت الى الحدود شمالاً مع سوريا وبأن الجزر الموجودة هناك جرى احتسابها «علماً بأن الوضع مختلف تماماً، لأن الجزر اللبنانية الشمالية مستثمرة سياحياً، ومساحتها تفوق مساحة «تيخيليت» بأضعاف، فيما جزيرة أرواد السورية جزيرة مأهولة. اما «تيخيليت»، فليست سوى صخرة تغمرها الأمواج عند هبوب الرياح».

ما طرحه لبنان وأصر عليه، دفع بالعدو الإسرائيلي الى تسريب معلومات عبر إعلامه، (صحيفة «إسرائيل هايوم»)، تتحدث عن أن الردّ الإسرائيلي على الطرح اللبناني سيكون بتقديم خط جديد للترسيم (الخط 310)، ما يعني تجاوز كل الخطوط السابقة التي حددها لبنان أو حدّدها العدو الى الداخل اللبناني، وذلك بعدما كان النقاش محصوراً بين خطّي النقطتين 1 و23 (حيث مساحة الـ 860 كيلومتراً مربعاً). والخط الجديد الذي لوّح به العدو يصل إلى ما بعد المنطقة المواجهة لمدينة صيدا شمالاً. وعليه جرى تجميد التفاوض، وتبعه ضغط أميركي على لبنان تولّته السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا للعودة الى الخط 23، وهو ما رفضه لبنان.

ترسيم الحدود… كنيترات الأمونيوم
لكن في موازاة الإصرار اللبناني، يتبيّن من خلال الوقائع أن التعامل مع هذا الملف شبيه بالتعامل مع ملف نيترات الأمونيوم التي أدت الى انفجار المرفأ. مراسلات جرى تجاهلها وإهمال إداري، في حال استمراره قد يؤدي الى خسارة لبنان لمساحة كبيرة من حقه في المنطقة الاقتصادية.

هذه الوقائع تكشف بأن الحديث عن تعديل المرسوم بدأ خلال جلسة للجنة الطاقة والمياه في حزيران عام 2011، وكان يرأسها حينذاك النائب السابق محمد قباني. في تلك الجلسة، عرض الوزير طارق المجذوب (كان قاضياً في مجلس شورى الدولة) تقرير المكتب البريطاني الذي يؤكد ضرورة التعديل، لكن كلامه لم يؤخذ به، وصدر المرسوم الرقم 6433 (الخط 23).

تقرير المكتب البريطاني لم يكُن وحده الذي يؤكد أحقية لبنان بالخط 29. إذ تضاف إليه دراسة أعدّها العقيد الركن البحري مازن بصبوص وأرسل نسخة منها عام 2013 الى وزارة الأشغال لإبداء الرأي، إلا أنها لم تُجِب!

وما بين عامي 2014 و2018، أنشأ الجيش اللبناني مصلحة الهيدوغرافيا في القوات البحرية، وجهّزها بأفضل التقنيات، وأجرى مسحاً لشطّ الناقورة للهدف نفسه. وبعد تقديم التقارير، أرسل وزير الدفاع الياس بو صعب كتاباً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء (الرقم 5918) في27 كانون الأول 2019، ينقل فيه بأنه «تمّ تشكيل لجنة على صعيد الجيش لمتابعة موضوع الترسيم، وقد رفعت اللجنة محضراً بنتيجة عملها اقترحت بموجبه وضع استراتيجية واضحة واعتماد خريطة طريق موحدة على الصعيد الرسمي حول موضوع الترسيم والاستفادة من المستندات والخبرات المتوافرة لدى الجيش اللبناني، وخاصة أنه تبيّن وجود عدة خيارات في الترسيم تُعطي لبنان مساحات إضافية جنوبي الخط المعلن بموجب المرسوم 6433، نظراً إلى توافر معطيات جديدة لدى مصلحة الهيدوغرافيا في القوات البحرية».

وبعد تأليف حكومة دياب، أعادت وزيرة الدفاع زينة عكر إرسال الكتاب نفسه الى الأمانة العامة للتأكيد عليه. فلماذا جرى تجاهله؟ بحسب مصادر مطلعة، فإن عدم عقد جلسة وزارية لبتّ تعديل المرسوم سببه عدم التوافق حول هذا الأمر.

الآن، وبعد تعليق المفاوضات عاد موضوع تعديل المرسوم الى الواجهة، وفُتِح النقاش به، لكن الرئيس دياب اشترط تأمين التوافق. وقد تولّت الوزيرة عكر ورئيس الوفد اللبناني المفاوض العميد بسام ياسين التشاور مع الرئيس بري الذي أكد أن «موقفه معروف». وموقف برّي أن تعديل المرسوم لن يؤدي إلى تحصيل حقوق لبنان، وسيُظهر الحكومة كما لو أنها تتراجع مستقبلاً عن حق لبناني لأنّ أي تفاوض لن يؤدّي إلى منحنا كامل المنطقة التي سيضمّها التعديل إلى المنطقة البحرية الاقتصادية الخالصة، كما أنه سيدفع بالعدو إلى زعم «حقه» في مناطق إضافية شمالاً، ما سيحول دون بدء التنقيب عن النفط والغاز فيها.

هذا الانقسام سيعود، بحسب المصادر، بنتائج سلبية على لبنان. لماذا؟
تؤكد المصادر أن لبنان بحاجة الى ورقة قوية في يده للضغط على الطرف الآخر. فتعديل المرسوم «يعني إلزام لبنان نفسه رسمياً بالخط 29، وإلزام الآخرين به بعد إيداعه في الأمم المتحدة». كما أن التعديل يؤكد وجود موقفٍ لبناني موحد، إذ «حاول الأميركيون في المرحلة السابقة اللعب على الانقسام وإشاعة معلومات تارة تقول بأن اقتراح التعديل هو طرح أميركي حتى ترفضه أطراف محددة، وتارة أخرى بأنه طرح إيراني يهدف الى نسف المفاوضات»! أما الهدف الأهم من هذا التعديل وفق المصادر، فهو «الضغط على الإسرائيليين للعودة الى المفاوضات». فتثبيت الخط 29 بمرسوم يوسّع المنطقة المتنازع عليها، بشكل يمنع عمل الشركات في الحقول الإسرائيلية الواقعة ضمن هذه المنطقة وعند تخومها في المياه الفلسطينية المحتلة، بسبب عدم وجود استقرار فيها. وبالتالي، فإن الشركات لن تسمح بأن تخسر استثماراتها في هذه المنطقة ويمكن أن تتجه للضغط على الحكومة الإسرائيلية للعودة الى الناقورة. فالخط 29 يدخل الى نصف حقل «كاريش» الذي ستبدأ شركة «انرجين» اليونانية عملها فيه في شهر حزيران المقبل. ولهذه الغاية تقوم الشركة حالياً بتصنيع سفينة خاصة بالتنقيب، في سنغافورة، بقيمة نصف مليار دولار.

هذا الأمر يعني أن «على لبنان الذهاب الى تعديل المرسوم قبل حزيران، لأنه في حال بدأت الشركة بالعمل في حقل كاريش قبل التعديل، فقد يصبح عملها وفقاً للقانون الدولي أمراً واقعاً ولا يُمكن الادعاء عليها». أما في حال التعديل «فسيسبّب هذا الأمر قلقاً لدى الشركة بسبب المبالغ الكبيرة التي تستثمرها للعمل في منطقة غير مستقرة، كما لدى الجانب الإسرائيلي الذي سيجِد نفسه مرغماً للعودة الى طاولة المفاوضات».

وفي هذا الإطار، تقول المصادر إن حكومة دياب اليوم تتحمّل رسمياً وإدارياً مسؤولية التعديل، وإن على رئيس الحكومة الدعوة الى جلسة استثنائية لبتّ هذا الموضوع، وإلا فإن الخسارة في البحر لن تقلّ عن الخسائر التي تسبب بها تفجير مرفأ بيروت!

يبقى استفسار إضافي بحاجة إلى إجابة: في حال إصدار المرسوم والعودة الى طاولة المفاوضات للمطالبة بمساحة 2290 كيلومتراً مربعاً، كيف سيُبرّر لبنان موقفه إذا لم يسترجعها كاملة؟ ألن يظهر بمظهر المتنازل عن حقه؟

تقول المصادر إن هذه النظرية، أي وضع خط والتراجع عنه، ينسحب على البرّ، لأن الخطوط متفق عليها والحدود معترف فيها. لكن الخطوط في البحر يُعلنها كل طرف من جانبه، وفي النزاعات البحرية. ووفقاً للمادة 74 من قانون البحار، تطالب كل دولة بالحد الأقصى، للوصول الى اتفاق مشترك في ما بعد، ولا يُعدّ ذلِك تنازلاً.

Please follow and like us: