البناء
الحملة الدبلوماسيّة الغربيّة على روسيا تتصاعد وتصطدم بالحاجة الأوكرانيّة للمسار التفاوضيّ
البابا فرنسيس يحدّد حزيران لزيارة لبنان… بين الانتخابات النيابيّة والرئاسيّة
مخاوف من إشارات أحداث طرابلس على إجراء الانتخابات مع وضوح اتجاهاتها
دخلت حرب أوكرانيا في خلط أوراق يجعل التطورات السلسة عسكرياً وسياسياً مستبعدة، فوقفاً لقراءات دبلوماسيين روس، ليس سهلاً على الأميركيين التسليم بخسارة الحرب، ونيل موسكو ما أرادته عن طريق التفاوض، الذي بلغ مع أوكرانيا مراحل متقدّمة لجهة تلبية المطالب الروسية، ولا من السهل عليها أن تبدأ عملية إنضاج وصياغة حسابات أوروبية جديدة على إيقاع حرب النفط والغاز والعملات، التي ستتكفل بنقل أوروبا من التماسك إلى التفكك من جهة، وتتكفل بجعل القوى الوازنة في أوروبا وعلى رأسها ألمانيا تعيد حساباتها تحت تأثير المصالح الواقعية بعيداً عن الحماسة والانفعال والارتجال، من جهة موازية. ولذلك تضع هذه المصادر ما جرى من حرب دبلوماسية وإعلامية شرسة على روسيا سواء بطرد جماعيّ للدبلوماسيين، أو بالحديث عن مجازر وجرائم حرب، في إطار حملة مبرمجة لن تتوقف وستتخذ أشكالاً عديدة، لقطع المسارين، مسار التفاوض الروسي الأوكراني، ومسار التموضع الأوروبي في معركة الطاقة والعملات، لكن المصادر تقول إن موسكو لن تقف مكتوفة الأيدي، وهي ستردّ بقوة على الحملات الغربية وعلى القطيعة الدبلوماسية، وستضع أولوية حماية المسار التفاوضي مع أوكرانيا بعيداً عن تأثيرات هذه الحملة، كما ستدير معركة الغاز والروبل مع ألمانيا بهدوء وثبات سعياً لبلوغ النتائج المرجوة، لأن هذه هي النتائج التي تتسبب بالصداع لواشنطن، والتي تريد استبعادها.
لبنانياً، مع الدخول عملياً في المسار الانتخابي الذي تتصاعد حملات التحشيد المتقابل للمتنافسين استعداداً لنزال 15 أيار، الذي وضعت له واشنطن منذ انتفاضة 17 تشرين 2019، وبلسان الدبلوماسي السابق جيفري فيلتمان، هدفاً واحداً واضحاً هو تحجيم المقاومة وحلفائها ونزع الأغلبية من يدهم، وقد حوّله مناصرو واشنطن التقليديون والحديثو التشكل، الى عنوان للمعركة الانتخابية، يبدو وفقاً لجميع الدراسات الإحصائية والتوقعات الدبلوماسية الغربية، أن المقاومة ستنجح في الفوز بنتيجة ربما تكون أفضل من تلك المحققة عام 2018 مع حلفائها، وهذه الخلاصة دفعت بالعديد من الذين يتابعون المسار الانتخابي الى الدعوة للحذر من الإفراط بالثقة بإجراء الانتخابات في موعدها، وقالت المصادر إن ما بدأ في الشمال من حراك أمني يجلب القلق، وهو قابل للتطوّر ليس لفرض وضع يصعب معه إجراء الانتخابات في الشمال وحده فقط، بل لفرض تحديات أمنية في الشمال بحجم يستدعي حشد الجزء الأهم من القوى الأمنية الذي يستوجب توزيعه في كل لبنان لضمان إجراء الانتخابات، وقالت بعض المصادر الأمنيّة التي تشكك بفرص إجراء الانتخابات، ماذا لو تحوّل مشهد باب التبانة أمس الى مشهد يومي وصولاً لتشكيل حالة أمنية بحجم حرب نهر البارد؟
بالمقابل يبرز رأي معاكس يقول إن الجماعات المسلحة القادرة على خلق وضع أمني جدّي يحول دون إجراء الانتخابات، أو الفوضى التي يمكن أن تنجم عن انهيار مالي دراماتيكي، تحتاج الى مشغل وقرار، لا يملكه غير الأميركيين، فهل تكمن مصلحتهم بدفع البلد نحو الفراغ والفوضى، وهل يؤثر انسلاخ الشمال عن النظام الأمني مثلا مصلحة غربية في ظل اضطرابات دولية وإقليمية، وزحف اللاجئين الأوكرانيين إلى أوروبا، وما قد ينجم عن هذا الوضع من تداعيات على أوروبا ونزوح أمواج من النازحين السوريين واللبنانيين والفلسطينيين نحوها، خصوصاً ان كل هذا لن يؤثر على وضعية حزب الله، وتهريب الانتخابات سيؤدي إلى انهيار النظام السياسي ويفتح إعادة تأسيسه على صيغ قد لا تكون تحت السيطرة في ظل متغيرات متسارعة يمكن أن تكون مصلحة الغرب فيها بالحفاظ على استمرارية المؤسسات بانتظار تشكل معادلات تتيح رسم خرائط جديدة في المنطقة، علماً أن تأجيل الانتخابات الذي يصعب إيجاد من يتبناه، قد يتم في هذه الحالة لمرحلة تصبح فيها الظروف أصعب بالنسبة لواشنطن وحلفائها. وتضيف المصادر أن واشنطن التي تبدو ذاهبة لتوقيع العودة الى الاتفاق النووي مع إيران رغم التعثر المؤقت، قد لا تكون الحماسة ذاتها التي كانت عليها للمعركة مع حزب الله قبل سنتين، او تلك التي يبدو عليها حلفاء واشنطن. وتتخذ المصادر صاحبة هذا الرأي من تحديد موعد زيارة البابا فرانسيس لبيروت خلال شهر حزيران علامة على إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدهما الدستورية، وتقرأ في الزيارة محاولة تحضيرية للانتخابات الرئاسية، بعد تبلور صورة المجلس النيابي الجديد، منعاً لوقوع القرار المسيحي بيد بكركي وحدها، فيما يعتبرها الفاتيكان وسيطاً لا طرفاً، ويمكن للحضور الفاتيكاني أن يضبط أداءها بعيداً عن التموضع المتطرف الذي دأبت عليه منذ سنتين على الأقل.
مع إقفال باب تسجيل اللوائح الانتخابية والتي بلغت 101 لائحة نشرت على موقع وزارة الداخلية، انطلق العد العكسي للاستحقاق الانتخابي المقرر في 15 أيار المقبل، إذ من المتوقع أن ترتفع الحماوة الانتخابية كلما اقتربنا من هذا التاريخ، مع انصراف المرشحين والقوى السياسية إلى إدارة المعركة الانتخابية وتفعيل ماكيناتهم واستكمال استعداداتهم اللوجستية والإعلامية وتثبيت تحالفاتهم وحسم كيفية توزيع الحواصل الانتخابية والأصوات التفضيلية بهدف حصد أكبر عدد من المقاعد النيابية. كما ستعمد معظم القوى السياسية لا سيما قوى 14 آذار وبعض مجموعات المجتمع المدني، الى استخدام كافة الأسلحة ورفع مستوى الخطاب السياسي والإعلامي واستحضار أحداث ومواقف سابقة لشدّ العصب الطائفي والمذهبي لجذب الناخبين ورفع نسبة الاقتراع.
إلا أن المرشحين يواجهون عقبات عدة يتعلق معظمها بأسباب مالية ولوجستية من نقل الناخبين الى مراكز الاقتراع بسبب ارتفاع كلفة النقل والاتصالات والإنترنت ودفع أجرة المندوبين، إضافة الى مشكلة تأمين الكهرباء لكافة مراكز الاقتراع في الوقت عينه وعلى مدى نهار كامل، لا سيما أن وزير الداخلية بسام مولوي سبق وحذر من أن كلفة تأمين الكهرباء تفوق كلفة الاستحقاق نفسه، ما سيدفع وزارة الداخلية إلى تأمين مولدات خاصة من باب الاحتياط في حال انقطع التيار الكهربائي لئلا تتعرض العملية الانتخابية للطعن والتشكيك من مرشحين أو هيئات اشراف ومراقبة لبنانية وأجنبية، لكن لم يعرف من أين سيجري تمويل هذا الأمر.
وإذ لوحظ تراجع حجم الاهتمام الأميركي في ملف الانتخابات النيابية، تشير مصادر في فريق 8 آذار لـ«البناء» الى أن «نسبة إجراء الانتخابات من عدمها لا تزال متساوية حتى الآن رغم كل الضجيج والصخب والاستعدادات لهذا الاستحقاق، لكن الخوف أن تعمد بعض الجهات الخارجية التي لا تريد الاستقرار للبنان، الى افتعال أحداث ما في ربع الساعة الأخير لتعطيل الانتخابات كحادث أمني أو حدث مالي – اقتصادي كرفع سعر صرف الدولار الى 50 ألف ليرة مثلاً، ما يؤدي الى فوضى اجتماعية وتوترات أمنية في الشارع. أما السبب الذي قد يدفع الأوضاع الى هذا المنحى فهو المخاوف الأميركية – الخليجية من نيل حزب الله وحلفائه الأكثرية النيابية في المجلس الجديد وبالتالي توسع نفوذ الحزب في مؤسسات الدولة الدستورية لا سيما تأليف الحكومة الجديدة وانتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي في القرار السياسي العام. وتكشف المصادر أن «الأميركيين والخليجيين سلموا بهذه النتيجة حتى الساعة لكنهم يعملون على بدائل لتشويه فوز الحزب في الانتخابات، كتقليص نسبة المشاركة في الدوائر الشيعيّة لتظهير صورة تراجع شعبية المقاومة وتفكك بيئتها عنها، وبالتالي وضع مشروعية حزب الله على طاولة البحث وبالتالي سلاحه كملف خلافي وطني وحتى داخل الساحة الشيعية، أو التشكيك بنزاهة وديموقراطية الانتخابات والطعن بنتائجها».
وتلفت المصادر الى أن «الانتخابات ستجدد شرعية حزب الله وتمثيله الواسع داخل بيئته، والأهم أن الأكثرية التي ينالها مع حلفائه هي أكثرية وطنية ميثاقية وليست طائفية». مشددة على أن السفير السعودي في لبنان سيعود لمحاولة الحشد الانتخابي داخل الساحة السنية بحجة توزيع المساعدات المالية على العائلات الفقيرة، لكن في الحقيقة هي رشوة انتخابية».
وفي حوادث أمنية لافتة شهدتها طرابلس على مدى يومين تُنذر بإشارة سلبية وقد تكون الذريعة لتطيير الانتخابات إذا ما توسّعت الاشتباكات المسلحة ودخول أجهزة على الخط، أو تم افتعال أحداث مشابهة، شهدت الحارة البرانية في باب التبانة في طرابلس، أمس اشتباكات بالأسلحة الرشاشة بين عائلتين، أسفرت عن سقوط عدد من الجرحى. وأتت هذه الاشتباكات بعد ساعات على اشتباكات مشابهة مساء الأحد الماضي بين عائلتين في باب التبانة وأسفرت عن سقوط قتيلين و3 جرحى.
ومن مؤشرات «تطيير» الانتخابات، ما تسرب عن وزارة المالية عن عدم قدرة الوزارة على توفير اعتمادات مالية لدفع بدل النقل ونص الراتب والمساعدات المالية لموظفي القطاع العام، ما دفع برئيس الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة إبراهيم نحال للتهديد بالتصعيد وعدم الحضور الى مراكز الاقتراع في حال عدم تلبية المطالب التي تتلخص بالشكل التالي:
تصحيح الأجور رفع كلفة النقل
عودة التقديمات الاجتماعية الى سابق عهدها كالطبابة والمعاش التقاعدي.
وفي ملف الملاحقة القضائية لرجا سلامة وعدد من المصارف، رفعت المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون في قرار أصدرته، قرار منع السفر عن رئيس مجلس ادارة بنك لبنان والمهجر سعد الازهري وبنك عودة سمير حنا، وذلك بناء على الطلب المقدم لها من المحامي صخر الهاشم بوكالته عن المصرفين.
في موازاة ذلك، تنحّى رئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان القاضي بيار فرنسيس عن النظر في الاستئناف المقدم من النيابة العامة و«رواد العدالة» ورجا سلامة لقرار تخلية سبيل الأخير. وقد أحيل الملف الى الرئيس الاول لمحكمة استئناف جبل لبنان ايلي الحلو لتعيين قاض بديل. وإلى ذلك الحين سيبقى سلامة موقوفاً حتى يبت القاضي البديل فور تعيينه بإخلاء سبيل رجا سلامة. أما فيما خص حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد إرجاء التحقيق معه الى حزيران المقبل، أوضحت مصادر قانونية لـ«البناء» أن مثول حاكم المركزي بات أكثر من ضرورة للبت بمصير شقيقه رجا الذي قد يبقى موقوفاً أو يستمر التحقيق معه حتى مثول رياض سلامة للإدلاء بإفادته حول تورطه وشقيقه بجرائم الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال. وتشير مصادر اقتصادية ومالية لـ«البناء» إلى «الشركة الوهميّة التي تعود ملكيتها لرجا سلامة هي منصة للإثراء غير المشروع من خلال تبييض الأموال عبر تهريبها الى الخارج، هو أكبر دليل على تورط رياض سلامة وبالتالي شقيقه».
وتلفت المصادر إلى أنه «في الشكل قد يكون هناك ملاحظات على الملاحقات القضائية لحاكم مصرف لبنان وشقيقه والمصارف، لكن في المضمون تجب الملاحقة على اتهامات بحق سلامة أولها إساءة الامانة واستدانة أموال المصارف مقابل فوائد مرتفعة ومضخمة والتي هي بمعظمها أموال المودعين من دون موافقة مجلس النواب والحكومة والمجلس المركزي وبشكل مخالف لقانون النقد والتسليف والقوانين النقدية والمالية المرعية الإجراء، تحت عناوين الاستقرار النقدي وتثبيت سعر صرف الليرة».
وأوضح مدعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي لـ«البناء» أن «القاضية عون رئيسة ممتازة تمتاز بفكر نظيف لديها اندفاعة وأيضاً مبالغة، لكن ذلك لا يؤثر على أدائها القانوني»، موضحًا أن «المرة الأولى التي تستدعي فيها السلطة التنفيذية كبار القضاة وتلك سابقة وأيضاً إهانة للجسم القضائي بأكمله». ولفت الى أن «للقاضية عون الحق بالملاحقات القضائية التي تقوم بها لكون الدعاوى التي تقدم ضد المصارف من صلاحية القاضية عون التي تحافظ على صلاحياتها المكانية والنوعية». موضحاً أن «المدعي العام لا يحق له منع سفر، لكن ذلك لا يؤثر ذلك على قانونية الادعاء».
وعن قضية إرجاء استدعاء رياض سلامة قال ماضي: «لننتظر ما سيحصل مع رجا سلامة سنعرف ما سيحصل مع الحاكم»، مرجحاً التوصل الى تسوية تؤدي الى استقالة سلامة كنتيجة للمفاوضات السياسية التي تحصل في ملف الحاكمية، لكن ليس في المدى المنظور.
وعن الصراع بين السلطة السياسية والسلطة القضائية، أشار ماضي الى هذا التخبط السياسي – القضائي، ولا يجوز لرئيس الحكومة الضغط على القضاء وعلى مدعي عام التمييز ولا استدعاء القضاة الى جلسة مجلس الوزراء ولا تهديد بقبع قاضٍ أو «تطيير» آخر. وهذا لم يحصل في تاريخ لبنان حتى في زمن الوجود السوري في لبنان.
ولا تزال «زلة» نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي في واجهة الاهتمام والمتابعة، لا سيما أن مسارعة الشامي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحاكم المركزي التراجع عن الكلام وتوضيح مقصده، زاد المخاطر، خصوصاً ما قاله ميقاتي إن الدولة «أفلست من السيولة وليس من الملاءة»، ما يُخفي نيات مبيتة للتسويق لبيع أصول وأملاك الدولة مقابل سد الخسائر والفجوة المالية التي تقدر بعشرات مليارات الدولارات.
وتكشف مصادر مالية ومصرفية لـ«البناء» الى أن «معظم الودائع تبخرت منذ فترة طويلة، وتشير إلى أن «الدولة ومصرف لبنان كانا يأكلان بعضهما.. ويصرفان من أموال المودعين بتسهيل من البنك المركزي بهدف تثبيت سعر صرف الليرة وتمويل إنفاق الدولة وعجز الكهرباء وسياسة دعم المحروقات والمواد الغذائية». وحذرت من أنه في حال لم يتم توقيع الاتفاق مع صندوق النقد، فالبلد سيسقط في مهوار كبير.. وترى بأن الحل الوحيد للخروج من الأزمة إقرار 4 قوانين قبل الانتخابات يطلبها صندوق النقد لتوقيع الاتفاق.
– «الكابيتال كونترول»
– تعديل قانون السرية المصرفية
– إعادة هيكلة المصارف
– قانون الموازنة
ويجري الحديث في الكواليس السياسية عن تأجيل الانتخابات لثلاثة أشهر لتمرير هذه القوانين، طالما أن لا يمكن إقرارها خلال شهر واحد قبل نهاية ولاية المجلس وتحول الحكومة إلى تصريف أعمال، وسط مخاوف من تعذّر تأليف حكومة جديدة واقتراب موعد استحقاق رئاسة الجمهورية من دون الاتفاق على رئيس.
ولم يُعرف ما اذا كانت المفاوضات الدائرة بين الحكومة وبعثة صندوق النقد، ستفضي الى توقيع اتفاق أولي بين الحكومة والصندوق قبيل مغادرته بيروت نهاية الأسبوع، وسط ترجيح مصادر نيابية وحكومية لـ«البناء» أن يؤجل اي اتفاق جدي مع الصندوق الى ما بعد الانتخابات النيابية.
وأكد عضو كتلة ميقاتي النائب علي درويش أن «الوفد المكلف بالمفاوضات من قبل الحكومة قطع شوطاً كبيراً في المفاوضات». ورأى «أنه في خلال الأيام المقبلة سيتبين ما إذا كان ممكناً عقد اتفاق أولي مع صندوق النقد قبل الانتخابات النيابية المقبلة، أو إن كانت هناك أمور لا تزال تحتاج إلى البحث وعندها يرجأ إلى ما بعد الانتخابات».
وفيما يعقد مجلس الوزراء جلسة في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، وقع رئيس مجلس النواب نبيه بري القوانين الثلاثة عشرة التي أقرّها مجلس النواب في جلسة 29 آذار 2022 وأحالها الى رئاسة مجلس الوزراء.
وفي المواقف أشار المفتي الشيخ أحمد قبلان في بيان، الى أن «لا يحق أبداً لمسؤول حكومي أن يتعذر بإفلاس الدولة والمصرف المركزي بسياق هروبه من الالتزامات الحكومية لأنه منطق فاشل وإسقاطي لمشروع الدولة، خاصة أن الدولة لديها من الأصول والأملاك العامة والموجودات والخيارات ما يمكنها من النهوض بقوة، والمشكلة اليوم بالقرار السياسي المصرّ على التبعية الأميركية فيما العرض الصيني والإيراني من شأنه إنقاذ لبنان بطريقة نوعية. لذلك، المطلوب حكومة «قرار شجاع» لا حكومة بكاء على الأطلال، والدولة ليست مفلسة بالإمكانات والأصول والخيارات، لكنها مفلسة بالقرار السياسي والارتهان الخارجي».
وبموازاة تمادي الدولة اللبنانية برفض العروض الخارجية الروسية والإيرانية والصينية لحل أزمة الطاقة في لبنان، تتمادى الولايات المتحدة الاميركية بحصار لبنان والنكث بوعودها وليس آخرها استجرار الكهرباء والغاز من مصر والأردن عبر سورية الى لبنان، بالتوازي مع مماطلة المنظمات المالية الدولية بتنفيذ وعودها بتأمين قروض لدعم مشاريع إنتاجية وتحتية في لبنان، لا سيما التأخير في تمويل خطة النقل التي عرضها وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، الذي قال في تصريح تلفزيوني أمس: «لأول مرة بتاريخ الجمهورية اللبنانية نضع خطة كهذه، والمشروع جاهز بناء على الاجتماعات التي حصلت، ولكن لا نستطيع أن نجتمع عشرات الساعات ونتفاجأ أن البنك الدولي رفض القرض». وتابع: «على الجهات المانحة أن تقرن الأقوال بالأفعال، ونسأل، أين أصدقاء لبنان، هل هم لمجرد استقبل وودع وشرب القهوة، علما أننا في الوزارة لا نمتلك ثمن هذه القهوة».
على صعيد آخر، التقى رئيس الجمهوريّة، في قصر بعبدا، السّفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتري، الّذي سلّمه رسالةً خطيّةً أعلمه فيها أنّ البابا فرنسيس قرّر زيارة لبنان في شهر حزيران المقبل، على أن يُصار إلى تحديد تاريخ الزّيارة وبرنامجها وموعد الإعلان عنها رسميًّا، بالتّنسيق بين لبنان والكرسي الرسولي.
وقد أعرب الرّئيس عون عن سعادته لتلبية البابا الدّعوة الّتي كان جدّدها له لزيارة لبنان، خلال لقائهما الأخير في الفاتيكان يوم الاثنين 21 آذار الماضي، مشيرًا إلى أنّ «اللّبنانيّين ينتظرون هذه الزّيارة منذ مدّة، للتّعبير عن امتنانهم لمواقف البابا تجاه لبنان وشعبه، وللمبادرات الّتي قام بها، والصّلوات الّتي رفعها من أجل إحلال السّلام والاستقرار فيه، والتّضامن مع شعبه في الظّروف الصّعبة الّتي يمرّ بها»”.
الأخبار
إبداع السلطة في قضم الحقوق: «مساعدة اجتماعية» مقابل «غلاء معيشة»
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار “كانت خطّة قوى السلطة ألّا تقدّم لعمال لبنان سوى «مكرمة» تسمّى «مساعدة اجتماعية» بدلاً من تصحيح أجورهم وتعويضاتهم بشكل لائق يراعي تضخّم الأسعار وتدهور القوّة الشرائية. لكن عجزها دفعها إلى قضم حقوق العاملين في القطاع العام بشكل سافر، ومنح أجراء القطاع الخاص زيادة «غلاء معيشة» مقطوعة يصرّح عنها للضمان وتحتسب ضمن تعويض نهاية الخدمة
العزم المزيّف
في بيانها الوزاري، تعهدت حكومة ميقاتي بالآتي: «العزم على تصحيح الرواتب والأجور في القطاع العام بمُسمّياته كافة في ضوء دراسة تعدّها وزارة المالية تأخذ بالاعتبار الموارد المالية للدولة ووضعية المالية العامة. وبالتوازي تفعيل عمل لجنة المؤشّر وإجراء ما يلزم بهدف تصحيح الأجور في القطاع الخاص». عملياً، انتهت مزاعم حكومة ميقاتي بابتداع مفهوم جديد في مجال الأجر المدفوع هو «المساعدة الاجتماعية». بدأت هذه المساعدة الاجتماعية على شكل «منحة» تعوّض للعاملين في القطاع العام، مؤقتاً، بعضاً من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية على سير المرفق العام وكانت على شكل نصف راتب يُعطى عن شهرَي تشرين الثاني وكانون الأول 2021، «على ألّا تقل عن مليون ونصف مليون ليرة، وألّا تزيد على 3 ملايين ليرة، وأن تشمل المنحة الاجتماعية كل من يخدم المرفق العام في القطاع العام، من موظفين وأجراء ومستخدمين ومتعاقدين ومتقاعدين وعمال الفاتورة وسواهم» وفق ما جاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي للرئيس ميقاتي في 29 تشرين الثاني 2021.
بعدها، أصبحت هذه المنحة بديلاً من تصحيح الأجور، إذ جرى تضمينها في المادة 135 من مشروع قانون موازنة 2022 لتكون على شكل «مساعدة اجتماعية» بقيمة راتب شهري «من 1/1/2022 لغاية 31/12/2022، لجميع موظفي الإدارة العامة مهما كانت مسمياتهم (موظفي الإدارة، أجراء، أجهزة عسكرية، قضاة، السلك التعليمي، المتقاعدين) و50% من المعاش التقاعدي للمتقاعدين». لكن بسبب التأخّر في إقرار الموازنة، قرّر مجلس الوزراء في 10 شباط 2022 إعطاء العاملين في القطاع العام «مساعدة اجتماعية» قدرها نصف راتب شهر لغاية إقرار الموازنة لا تقلّ عن 1.5 مليون ليرة ولا تزيد على 3 ملايين ليرة.
صدقية ميقاتي وفريقه الوزاري في ترجمة التزامات البيان الوزاري، أنعشت حظوظ زملائه من هيئات أصحاب العمل. فعندما دعا وزير العمل مصطفى بيرم لجنة المؤشّر إلى الانعقاد، أتى ممثلو أصحاب العمل والاتحاد العمالي العام متفقين على «مساعدة اجتماعية» لا تحتسب ضمن الرواتب التي يصرّح عنها للضمان الاجتماعي، أي لا تدخل في احتساب تعويضات نهاية الخدمة. وقد استبق أصحاب العمل الاجتماع الأول للجنة المؤشّر بعرض ورقة أمام وزير العمل تتضمن الفصل بين تعويضات نهاية الخدمة، بين نهاية عام 2020 وما يليه من سنوات. ثم انعقدت لجنة المؤشّر من دون أن يعرض فيها أي رقم صادر عن الجهات المختصة لتحديد تضخّم الأسعار، بل تمحور النقاش حول قيمة الزيادة المقطوعة وقيمة بدل النقل… كان المطلوب، بحسب المطلعين على تلك المرحلة «أيّ إنجاز سريع للحكومة. ولذلك أقرّ بدل النقل سريعاً، وكان المطلوب اتفاق سريع على الزيادة المقطوعة، إنما العقدة ظهرت في التصريح عنها للضمان الاجتماعي» يقول أحد المعنيين.
بعدها، استعان وزير العمل ببعض الخبراء الذين نصحوه بأنه لا يمكن السير بقضم حقوق العمال في تعويضات نهاية الخدمة، وبالموافقة على الزيادة المقطوعة للأجور من دون دراسة تضخّم الأسعار. قرّر الوزير دعوة المدير العام للضمان الاجتماعي محمد كركي. يومها جرى نقاش بين كركي ورئيس جمعية تجار بيروت نقولا الشمّاس حول أصحاب العمل المتهرّبين من التصريح للضمان. كركي قال للشماس: نصف العمال مصرّح عنهم بأجور تقلّ عن مليون ليرة، وهذا أمر مشكوك فيه. فقال له الشماس: لماذا لا تقوم بعملك وتجبرهم على التصريح الحقيقي من دون أن تخلط بين من يصرّح فعلاً ومن يتهرّب؟ عملياً، انتهت الجلسة بلا شيء. عندها، أجرى رئيس هيئات أصحاب العمل محمد شقير بضعة استدعاءات إلى مكتبه للتفاوض على تصحيح للأجور يتضمن مشروعاً لتعديل قانون الضمان يأكل من حقوق العمال وتعويضاتهم. الضمان وافق على هذه الصيغة، والاتحاد العمالي العام أيضاً، لكن وزير العمل رفضها. تعقّدت الأمور، إلى أن خضع أصحاب العمل ووافقوا على زيادة مقطوعة تخضع تلقائياً للتصريح في الضمان بعد تلاوة تضخم الأسعار الفعلي في لجنة المؤشّر بمعدل 800% من أول 2019 لغاية نهاية 2021.
بدعة أم رشوة؟
من أين أتت بدعة «المساعدة الاجتماعية»؟ ما هي وظيفتها السياسية؟ فما حصل هو أن موظفي القطاع العام نالوا «مكرمة» تنطبق عليها مواصفات «الرشوة» التي تسبق الانتخابات، فلماذا سمّيت مساعدة اجتماعية؟ المساعدة الاجتماعية أو المنحة الاجتماعية هي مفهوم معمول به، لكنه يرتبط بأمر خاص بالأجراء واستثنائي، سواء كانوا في القطاع العام أو الخاص. فقد أتيح للأجراء الاستفادة من مساعدة ولادة، ومساعدة زواج، ومساعدة وفاة… باعتبار أن من حقوق الأجير مساعدته على تخطّي ظرف ما. قانونياً، لا تدخل الزيادة الناتجة من «المساعدة الاجتماعية» في صلب الراتب وتبقى خارج احتساب تعويضات نهاية الخدمة، كونها مساعدة ظرفية وعابرة بحسب مفهومها، لكن «تكرار صرفها بصورة مستمرة ومستقرّة يجعلها تعتبر، فقهاً واجتهاداً، كجزء من الراتب، ولذلك تداعيات على مستويين على الأقل: أولاً على تعويضات نهاية الخدمة أو المعاش التقاعدي، لأنها تدخل في احتساب هذا أو ذاك في حال دخلت صلب الراتب. وثانياً على المحسومات من ضمان وضريبة دخل…» وفق الوزير السابق والمحامي زياد بارود. فما نحن أمامه فعلياً، هو زيادة شهرية تتّصف بـ«الاستمرارية والثبات والشمول، ما يسقط عنها صفة المساعدة الاجتماعية رغم إصرار السلطة على تسميتها بذلك، لكي تتهرب من تحميل أرباب العمل كلفة تعويضات نهاية الخدمة وتجنّبهم مترتّبات تصحيح الأجور في انتقاص فاضح لحقوق الموظفين». وقد نُشر مرسوم المساعدة الاجتماعية في الجريدة الرسمية بتاريخ 3 آذار ورقمه 8838، ما يجعل إمكانية الطعن به أمام مجلس شورى الدولة قائمة. فبحسب بارود «الطعن ممكن ضمن مهلة شهرين من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، شرط أن يكون الطاعن صاحب صفة ومصلحة يطبّق عليه المرسوم ومتضرّر منه، وأن يثبت أن المرسوم هو قرار نافذ وضار».
في المقابل، حظي الأجراء في القطاع الخاص بزيادة هزيلة ومقطوعة للأجور مقابل الاحتفاظ بحقّهم في المطالبة بالمزيد ومن دون التنازل عن أي جزء من تعويضات نهاية الخدمة. فمن ملاحظات مجلس الشورى على مشروع المرسوم أن يعدّل اسمه ليكون: «تعيين بدل غلاء المعيشة للمستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل»، وأن يكون مبنياً على المرسوم 7426 المتعلق بتعيين الحد الأدنى الرسمي للأجور ليصبح مليونَي ليرة، وان تكون الزيادة بقيمة مليون و325 ألف ليرة ضمن حدود الأجر الشهري البالغ 4 ملايين ليرة، أما ما فوق فيكون متروكاً للحرية التعاقدية بين صاحب العمل والعمال. ونصّ قرار مجلس الوزراء على أن يصرّح عن هذه الزيادة للضمان لتحقق تدفقات إضافية بقيمة 1100 مليار ليرة.
السعودية تعطّل اتفاقية الغاز مع مصر؟
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار “في تطوّر لافت، نُقل عن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا أن هناك أطرافاً، لا علاقة للولايات المتحدة بها، تعرقل إنجاز اتفاقية جرّ الغاز المصري الى لبنان واستجرار الكهرباء من الأردن. وأكّدت مصادر معنية أن السفيرة الأميركية التي أصيبت بالإحراج جراء تعثّر إنجاز الاتفاقية التي روّجت لها بعد استقدام حزب الله شحنات من المازوت الإيراني إلى لبنان العام الماضي، تتصرّف أخيراً بتوتر بسبب التأخر في إنجاز الأوراق المطلوبة بين لبنان ومصر، وتلحّ على الجهات المعنية للعمل على الانتهاء منها وإطلاق عملية جرّ الغاز وزيادة ساعات التغذية قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة.
وأبدت مصادر مطلعة خشيتها من أن يكون هناك طرف عربي ــــ يُشار الى السعودية ــــ يقف خلف العرقلة، فيما ينفي المصريون الأمر جملة وتفصيلاً. وبحسب المصادر، فإن الجانب الأميركي أبلغ لبنان أنه سيمارس الضغط المطلوب على البنك الدولي للإسراع في إقرار القرض الخاص بتمويل ثمن الغاز المصري والكهرباء الأردنية، على أن تتعهد الولايات المتحدة بإصدار وزارة الخزانة الإعفاءات المطلوبة من مصر والأردن ولبنان من تداعيات «قانون قيصر» للعقوبات المفروضة على دمشق، كون الغاز والكهرباء سيمران عبر الأراضي السورية.
وشرحت المصادر أن الجانب المصري تردّد في التوقيع على العقد بسبب أمرين، الأول أن لبنان يطالب بكمية تصل الى 750 مليون متر مكعب، تضاف إليها كمية تساوي 8 في المئة تعطى لسوريا كبدل لإمرار الغاز الى لبنان، فيما يريد الجانب المصري أن تقتصر الكمية على 650 مليون متر مكعب تكون عمولة سوريا من ضمنها، وعدم إلزام مصر بضمان وصول كامل الكميات الى لبنان في حال حصول أي مشكلة لدى الجانب السوري. والنقطة الثانية متعلقة بقرار سوريا ضخ الغاز المستخرج من حقولها في حمص باتجاه لبنان، على أن تستهلك الغاز الآتي من مصر في أماكن أخرى.
بحسب المصريين، فإن البند الثاني أساسي، وعلى البنك الدولي القبول بتعهد سوريا وعدم إلزام مصر بتبعات أيّ خلل من الجانب السوري، وهو أمر رفضه نافذون في البنك الدولي ممن يعارضون أصلاً منح لبنان هذا القرض، كما يرفضون المشروع لأنه «يتيح للنظام السوري الاستفادة منه خلافاً للقرارات الدولية».
لبنان من جانبه، يكتفي بالتزام سوري واضح بإيصال الكميات كما ترد في الاتفاق مع مصر. وهو يطالب الجانب الأميركي بالضغط على البنك الدولي لعدم وضع هذا البند عقبة أمام الاتفاق، وخصوصاً أن القاهرة ترفض التوقيع على الاتفاقية قبل حصولها على قرار واضح من البنك الدولي في شأن التمويل الكامل للمشروع والموافقة على بنود الاتفاق كما يضعها لبنان ومصر.
وبعد تأخير طويل من البنك الدولي بحجة انشغال إدارته بملفات أخرى، عقد قبل أيام اجتماع لدرس الملف، وتلقّى لبنان إشارات إيجابية. وقالت السفيرة الأميركية إن بلادها تبذل المزيد من الجهود للحصول على موافقة البنك الدولي خلال وقت قصير.
وفي حال حصول لبنان ومصر على الموافقة الكاملة من البنك، سيصار الى عقد اتفاق تصدر بعده قرارات الخزانة الأميركية التي تعفي كل أطراف الاتفاقية من عقوبات «قيصر» للمباشرة في تنفيذ الاتفاق، وهو شرط إلزامي قبل إقرار الاتفاق الخاص بالكهرباء الأردنية.
وبحسب مصدر وزارة الطاقة في لبنان، فإن الإجراءات اللوجستية باتت مكتملة من الجانب السوري لجرّ الغاز المصري ولاستجرار الكهرباء الأردنية. ويفترض أن توفر هذه العملية نحو ست ساعات تغذية إضافية يوميا”.