قال عميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس بعد ساعات من إطلاق سراحه صباح اليوم الخميس إنه يخشى من أن يصبح الاعتقال لمدة 40 عاماً حالة طبيعية عند الشعب والأسرى الفلسطينيين.
وفي حديث صحفي قال يونس (66 عاما) إن الاستقبال الكبير والحفاوة التي حظي بها زداته “انفعالاً وارتباكاً” مضيفاً “أمس تركت الأسرى احتفلوا معي في القسم.. وتفاجأنا في الصباح بأنهم (عناصر المخابرات الصهيونية) جاءوا باكرا، واختطفوني اختطافاً من السجن.. وقالوا لي أنت أصلاً غير محسوب علينا منذ منتصف الليل”.
وأضاف “أخرجوني مثل عملية عسكرية… ونقلوني من سيارة إلى أخرى. والدنيا ليل وتركوني على محطة باص وقالوا لي هذه بطاقة، اركب الباص واعتمد على نفسك”. وتابع “التقيت مع عمال فلسطينيين في المحطة المركزية وطلبت منهم جوال واتصلت بإخوتي”.
يتابع: “وبعد لحظة، التقيت بشقيقي حكيم، هو يبحث عني وأنا أبحث عنه، وكانت الفرحة عارمة لدرجة أنني لم أشعر فيها لأن مشاعري مختلطة، وظروف التحرير لم تكن متوقعة بهذه الطريقة وهذا الشيء أقلقني، وزاد من إرباكي، وكنت خايف من أن عائلتي لا تجدني”.
وكان الأسير المحرر كريم يونس قد كتب رسالة قبل ساعات من خروجه إلى الحرية بعنوان “سأترك زنزانتي”. وقال : “سأترك زنزانتي، وأغادر لكن روحي باقيةٌ مع القابضينَ على الجمرِ المحافظين على جذوةِ النضال الفلسطيني برمته، مع الذين لم ولن ينكسروا، لكن سنواتِ أعمارهم تنزلق من تحتهم، ومن فوقهم، ومن أمامهم، ومن خلفهم، وهم لا زالوا يطمحون بأن يروا شمس الحرّيّة لما تبقى من أعمارهم، وقبل أن تصاب رغبتهم بالحياة بالتكلف والانحدار”.
وعن قضاء 40 عاماً في أقبية السجون، قال كريم إن “سنوات اعتقالي كانت مليئة بالصراعات وكنت أعتبر أن سجني هو محطة من محطات نضالي، ومجرد صمودي هو نضال لأجل ذلك قضيتها دون أن أدري أنها 40 سنة”.
وأضاف “صحيح من الخارج يعتبرون أن قضاء أربعين سنة شيء فوق الخيال، لكن ما يخيفني وما أخشاه أن تصبح هذه حالة طبيعية عند أبناء شعبنا وعند أسرانا”.
ومضى قائلاً “أنا أذكر عندما دخلت السجن، كان الأخ عبدالله سكافي من مجموعات أبو عمار الأولى في 67 وكان هو أقدم أسير قضى بالتبادل سنة 1985 أطلق سراحه وكان قضى 17 سنة”.
وفي أولى كلماته بعد الحرية، قال يونس “أحيي أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم الذي يناضل منذ 100 عام دون أن يرفع الراية البيضاء”.
وولد كريم يونس في بلدة عرعرة في الداخل الفلسطيني، في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 1956. وقد اعتُقل في السادس من يناير/ كانون الثاني 1983، وحُكم عليه بالسجن المؤبّد بتهمة “الانتماء إلى حركة فتح” المحظورة حينها، و”حيازة أسلحة بطريقة غير منظمة” و”قتل جندي إسرائيلي”.
وكانت المحكمة العسكرية في مدينة اللدّ قد أصدرت حكماً بـ”الإعدام شنقاً” ليونس، وبعد شهر عادت وعدلت عن قرارها، وأصدرت حكماً بتخفيف العقوبة من الإعدام إلى السجن مدى الحياة أي أربعين عاماً.
وكان يونس طالباً في الهندسة الميكانيكية في جامعة بن غوريون بالنقب وعمره لم يتجاوز 23 عاماً عندما اعتقله الاحتلال، ثم صار لاحقا أحد رموز الحركة الأسيرة بعد رفضه كلّ المساومات والتمييز بين الأسرى.
ووصل يونس إلى بلدته صباح اليوم وتوجه إلى بيت عمه وقام بزيارة والدة الأسير ماهر يونس، والذي سيطلق سراحه يوم 17 يناير/كانون الثاني من هذا الشهر. وبعدها زار يونس مقبرة البلدة التي يتواجد فيها قبر والدته الذي زارته على مدى 39 عاماً وتوفيت في شهر مايو/أيار من العام الماضي.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن وزير الأمن القومي للاحتلال الصهيوني إيتمار بن غفير تحدث إلى مفوض شرطة الاحتلال الصهيونية أمس، وطلب منه التحرك لمنع أي احتفالات بتحرير كريم يونس، إضافة إلى منع التجمعات الفلسطينية في هذا اليوم تحديداً. ووفقاً لمحللين، فإن “صورة النصر الفلسطيني تثير قلق إسرائيل في كل الأراضي المحتلة”.
وحاول الاحتلال جاهداً بعد تحرر كريم يونس أن يأسر فرحة الفلسطينيين عموماً، وفرحة أهله خصوصاً، إلا أنَّ عائلته وأبناء بلدته كسروا قيد الاحتلال، باعتبار أنّ مشهد الفرح يرعب الاحتلال الصهيوني الذي كثف في الآونة الأخيرة سياسة اعتقال الأسرى لحظة حريتهم، إذ إنه ينتهج هذه السياسة بحق غالبية الأسرى.
ويعتبر الكثيرون أن الصهيوني انزعج من فرحة الشعب الفلسطيني بخروج الأسير وما كان سيرافقها من حفلات استقبال وتهنئة، نظراً إلى تاريخ الأسير ومسيرته الطويلة في الصمود في وجه المحتل الصهيوني.
مركز الحقول للدراسات والنشر + وكالات
الجمعة، 06 كانون الثاني، 2023
COMMENTS