الأخبار
قرار تحديد موعد الجلسة ينتظر الاجوبة وموقف حزب الله: ميقاتي ينصب «كميناً» حكومياً جديداً
على وقع الحرب الدائرة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بّري من جهة، والتيار الوطني الحر من جهة أخرى بشأن آلية تمويل سلفة الكهرباء، نصَب ميقاتي كميناً حكومياً جديداً بحجة أن السلفة لا بدّ أن تمُرّ بجلسة لمجلس الوزراء، وهو ما يعارضه التيار بشدّة. وحتى يومِ أمس، واصلَ ميقاتي مساعيه لتأمين نصاب وزاري يسمح له بالدعوة إلى الجلسة، ولا سيما مع قيادة حزب الله التي لم تبلغه بموقفها النهائي من المشاركة أو عدمها، علماً أن حضور وزراء الحزب جلسة الخامس من كانون الأول الماضي أدى إلى ارتدادات كبيرة هزّت العلاقة بينه وبين التيار الوطني الحر.
ورغم علم رئيس الحكومة أنه من دون مشاركة الحزب لا يمكن لنصاب الجلسة أن يتأمّن، قالَ في حديث صحافي: «لن أسأل من يمكن أن يحضر الجلسة أو يتغيب عن حضورها، بل سأعقدها. تشاورت مع البعض في هذا الخصوص، وليتحمل جميع الوزراء مسؤولياتهم»، مشيراً إلى أنه «ليس هناك إمكانية لإعطاء سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان إلا بمرسوم من مجلس الوزراء، ولا يمكن التصرف بعكس ما ينصّ عليه قانون المحاسبة العمومية. لذلك، ستُعقد جلسة لمجلس الوزراء. وبعدما استُكمل وضع مشروع جدول أعمالها، إلا أنها ستتأخر إلى مطلع الأسبوع المقبل، لاعتبارات اجتماعية استجدّت في الساعات الماضية وحتّمت الإرجاء».
وبينما كانَ الحزب يفضّل إيجاد صيغة لإصدار المرسوم بالتشاور مع التيار الوطني الحر لتفادي انفجار الخلاف السياسي وتوتير الجو الطائفي في البلد، بسبب الموقف المسيحي العام الرافض للجلسة، لا يزال ميقاتي يرفض إصدار القرارات الضرورية عبر توقيع مراسيم جوالة (أي من دون اجتماع مجلس الوزراء) مذيلة بتوقيع الـ 24 وزيراً باعتبار أن المادة الدستورية توكل إلى مجلس الوزراء، وليس إلى رئيسه وحده تولي صلاحيات الرئاسة عند الشغور، ما يعني أن ينوب جميع الوزراء بالتوقيع نيابة عن رئيس الجمهورية، كما اقترح التيار الوطني الحر.
وفي هذا السياق، قالت مصادر مطلعة إن ميقاتي يمارس ضغطاً على وزير الاقتصاد أمين سلام للحضور، وإن الأخير على الأرجح سيشارك في الجلسة، بينما نفت المصادر ما يتردد عن مشاركة وزير السياحة وليد نصار، مشيرة إلى أن ميقاتي يحاول الالتفاف على المواد الدستورية، وقد أرسل جدول الأعمال إلى الوزراء باعتباره طرحاً قابلاً للتشاور.
ويتألف جدول الأعمال من 8 بنود أساسية، أبرزها إقرار سلفة خزينة لاستيراد الفيول لإنتاج الكهرباء، والاتفاق مع الحكومة العراقية على مشروع تجديد العقد بين لبنان والعراق على استيراد الفيول العراقي، ومشروع قانون لترقية الضباط في الأسلاك العسكرية والأمنية، وإقرار مرسوم توقيع مشروع تعاون بين لبنان والبنك الدولي للحصول على قرض استجابة لبنان لجائحة كوفيد 19، وتعديل احتساب أسعار المتر المربع في الأملاك البحرية، وتمديد عقد صيانة وتشغيل مطمر الناعمة، واستفادة المتعاقدين في المدارس والثانويات والمعاهد من بدل نقل يومي عن ثلاثة أيام أسبوعياً، إضافة إلى إصدار مراسيم تتعلق بصرف مساعدات اجتماعية في القطاع الصحي، وقبول إنهاء خدمات موظفين في إدارات الدولة.
الحسيني يطوي أسرار الطائف ويرحل.. حداد وتأجيل جلسة الانتخاب
جدول الأعمال يسبق الدعوة لمجلس الوزراء.. وأبوحيدر يتراجع أمام القضاء الألماني
في غمرة ازمة مستعصية على الحلول الممكنة في المديين القريب والمتوسط، فقد لبنان واحداً من رجالات «زمن الدولة»، عراب الطائف، والشخصية الوطنية والعربية التي كانت لها بصمات لا شبهة حولها في حماية مفهوم الدولة وترسيخ الأداء السيادي، والدفع قدما بالنظام البرلماني الديمقراطي الى الأمام.
موسكو تنتقل إلى ما بعد الدونباس بتعيين غيراسيموف قائداً للحرب… وأميركا منشغلة بمطاراتها
الحسيني يغادر احتجاجاً على عقم النظام… ويعلق جلسات الانتخابات الفولكلورية
ميقاتي يدعو لجلسة حكومية بمن حضر… والملفات القضائية تحت الأضواء داخلياً وخارجياً
فتح تعيين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو لرئيس الأركان فاليري غيراسيموف قائداً لجبهة الحرب في أوكرانيا وتكليف نائب رئيس الأركان وقادة أسلحة البر والجو بصفة معاونين، الباب الواسع للتساؤل حول استعداد روسيّ لمرحلة جديدة من الحرب، وفّرت ظروفها الانتصارات الهامة على جبهة دونباس، خصوصاً في محوري سوليدار وباخمونت من جهة، ونتائج حرب الاستنزاف التي شنها الجيش الروسي على البنية البشرية للجيش الأوكراني وقطاع الطاقة في أوكرانيا من جهة ثانية، والمعطيات التي تؤكدها التصريحات الصادرة عن قادة دول الغرب وآخرها تصريح الأمين العام لحلف الناتو عن نفاد مخزون الأسلحة والذخائر، والعجز عن تقديم المزيد لأوكرانيا من جهة ثالثة، وتداعيات تفاقم أزمة الطاقة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي على الداخل الأوروبيّ من جهة رابعة، والتصدعات السياسية التي تعصف بالحزبين الديمقراطي والجمهوري والحاجة لأولوية الانكفاء الأميركي نحو الداخل من جهة خامسة، وإنجاز الترتيبات المشتركة بين روسيا وبيلاروسيا لما تتضمنه المرحلة المقبلة من احتمالات التحرك عبر حدود بيلاروسيا خصوصاً نحو الحدود الأوكرانية البولندية التي تشكل مصدر الإمداد الغربي الوحيد للجيش الأوكراني من جهة سادسة.
لبنانياً، خسر الوطن والدولة قامة من القامات التاريخية برحيل الرئيس السابق لمجلس النواب الرئيس حسين الحسيني، ولأن الرئيس الحسيني كما أجمع المعزون برحيله، ضمير اتفاق الطائف ووجدان مشروع الدولة، جاء الرحيل بمثابة إعلان احتجاج على العقم الذي يصيب النظام السياسي في الصميم، بحيث تتراكم الأزمات السياسية والاقتصادية فوق العجز عن تحريك عجلة المؤسسات الدستورية، يمثلها تكرار الجلسات الفولكلورية لانتخاب رئيس للجمهورية دون نتيجة، كأنه يقول ليس هذا هو النظام الذي تطلعنا إليه في اتفاق الطائف، ومثل الفشل الرئاسي الانقسام حول ما يمكن وما يجب لحكومة تصريف الأعمال فعله في زمن الشغور الرئاسي، فأعطى برحيله وأيام الحداد العذر لتعليق جلسة اليوم، التي لم يكن منتظراً منها أكثر من تكرار المشهد الفولكلوري ذاته، أملاً بمنح التشاور السياسي فرصة أسبوع آخر عساه ينتج ما لم تنتجه الأسابيع المشابهة التي مضت، ومنح دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لعقد جلسة حكومية يدور الخلاف حولها، فرصة التوافق، في ظل أزمة كهرباء ترهق اللبنانيين زاد طينها بلة تراكم الغرامات الناتجة عن بقاء بواخر الفيول في البحر بانتظار فتح الاعتمادات.
الملفات القضائية تحت الأضواء من بوابة زيارة الوفد القضائي الأوروبي وما يدور حولها، ومثلها الدعوة لاجتماع مجلس القضاء الأعلى للنظر في مسار التحقيق في انفجار المرفأ، بعدما أنهى القضاة اعتكافهم الذي دام قرابة السنة دفع اللبنانيون وحدهم أثمانه الباهظة.
وفيما كان المجلس النيابي يستعدّ لاستقبال نواب الأمة لعقد الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية، فُجِع الوسط السياسي بوفاة رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني عن عمر ناهز الـ86 عاماً بعد إصابته بـ«إنفلونزا» أدخلته الى المستشفى ليفارق الحياة بعد أيام قليلة.
ونعت المرجعيات الرئاسية والشخصيات السياسية الرئيس الحسيني الذي عُرف بعراب الطائف ورجل الدستور والاعتدال والوحدة والسلم الأهلي، وقامة وطنية دافع عن لبنان ووحدة ترابه وهويته الوطنية والقومية، كما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وإذ أصدر رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي مذكرة رقم 1/2023 قضت بإعلان الحداد الرسمي ثلاثة أيام، وتنكس خلالها الأعلام على الادارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات، فرض الحدث الأليم نفسه على جدول مواعيد الاستحقاقات، فأعلن الرئيس بري، في بيان، تأجيل جلسة مجلس النواب المقرّر انعقادها غداً الى يوم الخميس المقبل، فقداناً لوفاة الحسيني.
وإن كانت وفاة الرئيس السابق للمجلس النيابي قد حجبت المشهد المتكرر لجلسات الانتخاب في ساحة النجمة وأنقذت النواب من رتابة وقائع الجلسة وتمثيل مسرحية جديدة تنتهي بالفشل بانتخاب رئيس للجمهورية، وإن كانت الجلسة المؤجلة لن تؤدي الى أي نتيجة ولن تغير بالواقع الرئاسي شيئاً وستلحق بسابقاتها العشر، فإن الخميس المقبل لناظره لقريب، وسيعود النواب مرة جديدة لمواجهة تحدي الانتخاب.
وقد أتاحت أيام الحداد وتنكيس الأعلام للقوى السياسية والكتل النيابية فرصة لالتقاط الأنفاس وإبعاد الحرج وعقد المزيد من المشاورات التي نشطت الأسبوع الحالي في محاولة للتوافق على مرشح للرئاسة أو على مواصفات وقواسم مشتركة بالحد الأدنى أو على أرضية صلبة تشكل منطلقاً لتسوية محلية – خارجية خلال الشهرين المقبلين.
لكن مصادر نيابية لـ«البناء» تستبعد أن تؤدي المشاورات الدائرة لا سيما بين القوى الداعمة للمرشح النائب ميشال معوض وبين قوى التغيير والمستقلين والاعتدال الوطني، ولا بين تحالف الورقة البيضاء في ظل استمرار التباين بين الثنائي حركة أمل وحزب الله وبين التيار الوطني الحر على مقاربة الملف الرئاسي برمّته، وبطبيعة الحال فمن الصعوبة التوصل الى توافق بين الكتلة الداعمة لمعوض وتحالف الورقة البيضاء.
وتكشف المصادر أن كل الأسماء التي طُرحت خلال الأسبوع الماضي لم تجمع أكثر من كتلتين فقط، فكيف بجمع حوالي عشر كتل؟ علماً أن قوى التغيير تحولت الى كتل عدة لم تتوحد حتى الآن على مرشح واحد.
كما علمت «البناء» أن المبادرة التي قام بها أحد النواب الوسطيين باتجاه رؤساء الكتل النيابية لم يستطع تحقيق اختراق بجدار المواقف، لكنه سيستكمل جولته على الكتل الأخرى في محاولة للتوصل الى 3 أسماء توافقيين لاختيار منها، علماً أن الوزير السابق جهاد أزعور قد سحب من التداول بعد وضع أكثر من طرف فيتو على ترشيحه.
ولفت مصدر مطلع على موقف التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن التيار «لن يغامر بالكشف عن مرشحه في الوقت الراهن لكي لا يحرقه لكون هذه المرحلة ليست مرحلة المفاوضات الجدية لإنتاج رئيس والظروف الداخلية غير مهيأة للتوافق بل المرحلة لملء الوقت الضائع وحرق الأسماء فقط بانتظار تدخل الخارج عبر تسوية خارجية»، مشيراً الى أن اللقاء الفرنسي الأميركي السعودي المتوقع حصوله في فرنسا منتصف الشهر الحالي لن يقدم ولن يؤخر، ولسنا على جدول الأولويات الخارجية.
ووفق معلومات «البناء» فإن تكتل لبنان القوي لم يعقد اجتماعه الدوري أمس، وقد يكون السبب قرار رئيسه النائب جبران باسيل تجنب أي خلاف داخل التكتل حول الملف الرئاسي، ففضل عقد اجتماع للهيئة السياسية للتيّار الوطنيّ الحرّ، وبحسب بيان للتيار فقد بحث الاجتماع «بالعمق الاستحقاق الرئاسي وخيارات التيّار بشأنه، وأكد التيار انّه لم يكن مقرراً اطلاقاً اعتماد اي اسم واحدٍ مرشح له دون التوافق عليه مع قوى أخرى، لا بل التباحث حول سلّة من الاسماء الصديقة لتوفير النجاح اللازم لها».
على الصعيد الحكومي، وبعد مشاورات مكثفة مع القوى السياسية ومع عدد من الوزراء، حسم الرئيس ميقاتي أمره بالدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء بمن حضر، إذ وجّهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء أمس كتاباً الى الوزراء لاطلاعهم على مشروع جدول أعمال الجلسة المقبلة للحكومة، قبل تحديد موعد الجلسة، وذلك «بناءً لطلب دولة رئيس مجلس الوزراء، وتطبيقاً للمادتين ٦٢ و٦٤ من الدستور».
وأكّد ميقاتي، في حديث صحافي مساء أمس أنه «لا يوجد إمكان لإعطاء سلفة لكهرباء لبنان إلا بمرسوم من مجلس الوزراء، ولا يمكن التصرف بعكس ما ينصّ عليه قانون المحاسبة العمومية. لذلك، ستُعقد جلسة لمجلس الوزراء. وفي وقت استُكمل وضع مشروع جدول أعمالها، لكنها ستتأخر إلى مطلع الأسبوع المقبل، لاعتبارات اجتماعية استجدّت في الساعات الماضية وحتّمت الإرجاء».
ورداً على سؤال حول الجهات التي تقف إلى جانبه في انعقاد الجلسة الحكومية، شدد على «أنني لن أسأل من يمكن أن يحضر الجلسة أو يتغيب عن حضورها بل سأعقدها. تشاورت مع البعض في هذا الخصوص، وليتحمل جميع الوزراء مسؤولياتهم».
وعن العلاقة مع رئاسة «التيار الوطني الحرّ»، لفت إلى أنه «في الظاهر لا شيء تغيّر والتباينات مستمرة ولا بوادر للحلحلة، علماً أنني لست أهوى الدخول في مشاكل ونزاعات مع أي من الجهات، لكنّ الطريقة السلبية التي يعتمدها «التيار الوطني الحرّ» في التعامل مع المسائل هي بمثابة المشكلة بذاتها».
وفشلت جلسة لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه في المجلس النيابي، بالتوصل الى مخرج لمرسوم سلفة الكهرباء، وقد شهدت سجالات بالجملة بين الحضور لا سيما بين وزيري المالية والطاقة، وبين وزير الطاقة والنائب زياد حواط.
وكان عقد ميقاتي سلسلة اجتماعات وزارية في السراي الحكومي، فالتقى في هذا الإطار وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب وبحث معه شؤون وزارته.
واجتمع مع وزير الصناعة جورج بوشكيان الذي قال: «سأشارك في أي جلسة تبحث في الأمور الأساسية».
وأشارت مصادر حزب الطاشناق لـ«البناء» الى أن الوزير بوشكيان لم يعُد يمثل الحزب، ولا تواصل معه منذ حضوره الجلسة الماضية، وبالتالي قيادة الحزب غير مسؤولة عن مواقفه وسياساته وقراراته.
بدوره، قال المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل «إننا سنشارك في جلسة مجلس الوزراء إذا دعا الرئيس ميقاتي الى عقدها».
وإذ علمت «البناء» أن حزب الله لم يحدّد موقفه من الجلسة حتى مساء الأمس، وهو بصدد إجراء مشاورات داخلية ومع الرئيس بري والتيار الوطني الحر ومع ميقاتي لتحديد موقفه النهائي من الجلسة، ومن الخيارات التي قد يلجأ اليها: المقاطعة، أو حضور الجلسة ويصوّت على إقرار بندين فقط هما مرسوم سلفة الكهرباء واستقدام الفيول من العراق ويخرج من الجلسة، او ينجح بإقناع التيار بالإيعاز لوزرائه الحضور، لكن أي قرار للحزب وفق المعلومات سيكون منسقاً مع التيار، علماً أن اللقاء الأخير بين الخليلين وميقاتي لم يخرج باتفاق نهائي على الجلسة، إذ نصح الحزب ميقاتي بالتريث لبعض الوقت للتفاهم مع التيار وتأمين مظلة سياسية وظروف مؤاتية لعقد الجلسة لتفادي أي اشتباك سياسي جديد.
وأشار وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم الى أنّ «الاتصالات مستمرة لتأمين التوافق حول جلسة لمجلس الوزراء، وما ندعو اليه هو عزل الأمور الحياتية والاجتماعية عن الأمور السياسية وإخراجها من النكد السياسي».
في غضون ذلك، قفز سعر صرف الدولار مجدداً الى مستوى قياسي موازٍ لقفزته أخر أيام العام الماضي، حيث لامس آنذاك حدود الخمسين ألف ليرة للدولار الواحد، قبل أن يهبط الى حدود الـ42 ألفاً إثر التعميم الذي أصدره المصرف المركزي، لكن لم تصمد مفاعيل التعميم أكثر من عشرة أيام، ليعود الدولار الى حدود الـ48 ألف ليرة.
ووفق ما يقول خبراء اقتصاديون لـ«البناء» فإن تعميم مصرف لبنان الأخير الذي حصر عمليات صيرفة بالأفراد دون الشركات وتحديد حجم العملية بـ 100 مليون ليرة وتوقف بنك الموارد والكثير من المصارف عن إجراء العمليات، دفع الشركات والمستوردين والتجار وأيضاً الأفراد الى السوق السوداء للحصول على الدولار، ما أدى الى ارتفاع الطلب عليه وبالتالي ارتفاع سعره. فضلاً عن عمليات المضاربة الكبيرة التي يقوم بها تجار كبار للاستفادة بين فارق السعر بين صيرفة والسوق السوداء وليس لاستخدامها في عمليات الاستيراد، إضافة الى عمليات تهريب الدولار الى دول عدة مجاورة.
وعلمت «البناء» أن الكثير من المصارف تجري عمليات صيرفة بشكل استنسابي وفق الواسطة والمحسوبيات وتحرم الكثير من المواطنين العاديين من هذه العمليات، وكبدت آخرين خسائر ضخمة بعد أن صرفوا دولاراتهم على الـ 42 ألف ليرة للحصول على اللبناني لشراء الدولار على صيرفة على سعر 38 ألف ليرة، لكنهم تفاجأوا بتوقف صيرفة وتلقيهم اتصالات بالحضور لإعادة أموالهم بالليرة وكان في هذا الوقت دولار السوق السوداء يتخطى الـ45 ألف ليرة.
ولفتت المديرية العامة لقوى الأمن العام، إلى أنّه «في سياق المتابعة والرصد وجمع المعلومات التي تقوم بها المديرية العامة للأمن العام لملاحقة شبكات تهريب العملات المزورة، تمكنت هذه المديرية من توقيف شبكة لتهريب الدولارات المزورة إلى تركيا عبر مطار بيروت الدولي». وأوضحت، في بيان، أنّ عملية التوقيف جاءت «بالتعاون مع عسكريي دائرة أمن عام المطار، وضبطت الدولارات المزورة التي كانت بحوزتهم، وتمَّ إيداع الموقوفين مع المضبوطات القضاء المختص».
قضائياً، وبينما يستمر وصول الوفود الاوروبية الى بيروت للتحقيق في جرائم مالية، قال وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري في مؤتمر صحافي إن «كل تعاون قضائي دولي يتم وفق القواعد لا يُعد تعدياً على السيادة اللبنانية وكل خروج عن القواعد سنواجهه». وتابع: «لم يعد سرًا لبنان تلقى طلبات تعاون قضائية من سويسرا ولوكسمبورغ وفرنسا وألمانيا باشتباه وجود جرائم مالية».
وإذ ربطت مصادر سياسية عبر «البناء» بين وصول الوفد القضائي الأوروبي وبين فك القضاة اعتكافهم، أفيد أن القاضي زياد ابي حيدر عاد عن قراره وكلف القاضي رجا حاموش بتسهيل عمل الوفد الألماني وإطلاعه على ملف حاكم مصرف لبنان الذي حققت فيه النيابة العامة التمييزية وطلبت من النيابة العامة الاستئنافية الادعاء فيه.
وكشف المرصد الأوروبي لدعم النزاهة في لبنان، عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، أن «النائب العام التمييزي غسان عويدات تلقى طلبًا أوروبياً باستجواب عدد من المسؤولين عن التدقيق في حسابات مصرف لبنان ومنهم وليد نقور، رمزي عكاوي، وندى معلوف».
وأفاد مسؤول قضائي وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب)، عن زيارة لقاضي تحقيق فرنسي الشهر الحالي إلى لبنان للاستفسار عن معلومات طلبها القضاء الفرنسي حول انفجار مرفأ بيروت ولم يحصل على أجوبة بشأنها.
ولفت المسؤول القضائي إلى أنّ «القاضي الفرنسي سيزور لبنان في 23 كانون الثاني، على أن يلتقي في اليوم التالي، المحامي العام التمييزي الذي يتابع ملف المرفأ من جانب النيابة العامة القاضي صبوح سليمان». وأوضح المسؤول أنّ «القاضي الفرنسي يعتزم السؤال عن استنابات قضائية أُرسلت إلى لبنان في إطار تحقيق في فرنسا حول انفجار المرفأ»، مشيرًا إلى أن الجانب اللبناني سيبلغه بأنه «لم يتلق الأجوبة لكون التحقيق اللبناني لا يزال معلقًا».
وفي السياق نفسه، أعلن القضاة حبيب مزهر وداني شبلي وميراي حداد والياس ريشا، أعضاء مجلس القضاء الاعلى، أنه بعد المداولة وحفاظاً على حسن سير العدالة وانتظاماً لعمل المرفق العام القضائي وحرصا على الحقوق كافة وسنداً لأحكام المادة ٦ من قانون القضاء العدلي، قرّروا دعوة مجلس القضاء الأعلى للانعقاد غداً الخميس وعلى جدول الأعمال بند وحيد هو البحث في مقتضيات سير التحقيق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت.
ورأت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، الى أن «هناك اضطهاداً ممنهجاً لقضاة تجرأوا ووقفوا بوجه المنظومة الفاسدة اما بقصد تطويعهم او بقصد التخلص منهم». وأشارت عون، الى أن «الملاحقات الفارغة امام المجلس التأديبي تارة لمخالفة موجب التحفظ وطوراً لأسباب واهية (ما بتحرز نحكيها هيك بتقبلوا يا قضاة يكون مصير القاضي الآدمي الذي يضحي بحياته من اجل العدالة)».
الجمهورية
التعطيل ينعى التوافق على رئيس.. واشنطن وباريس: الانتخاب مسؤولية اللبنانيين
أسبوع جديد تأكله المراوحة في التعطيل، من دون ان يلوح في أفق الازمة الرئاسية ما يؤشّر الى انفراج، وسط ثبات أطراف الانقسام الداخلي، كلّ خلف شروطه، ورفضه الشراكة في بلورة توافق على انتخاب رئيس للجمهورية يشكل الخطوة الأولى في مسار طويل لإنقاذ للبلد، يتوق اليه اللبنانيون ويحثّ على سلوكه الصديق والشقيق تفادياً للتداعيات الخطيرة التي تتراكم على مدار الساعة، مالياً واقتصادياً ومعيشياً واجتماعياً وكذلك صحياً، وباتت تنذر بسقوط الهيكل اللبناني على رؤوس الجميع.
واذا كانت وفاة رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني قد فرضت تعديلاً في جدول اعمال الاسبوع الجاري، حيث أرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة الفشل الـ11 في انتخاب رئيس للجمهورية الى الاسبوع المقبل، فإنّ هذه المراوحة ستكون ايضا عنوان الاسبوع المقبل، ملفوحة ببعض سخونة يرافق انعقاد الجلسة الانتخابية يوم الخميس في 19 الجاري، من خلال اجترار الجدل السياسي والنيابي الذي رافق كل الجلسات السابقة، وملفوحة ايضا بسخونة نارية على الحلبة الحكومية، ربطا بجلسة مجلس الوزراء التي يبدو ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي سيدعو الى عقدها مطلع الاسبوع المقبل.
الفشل يجرّ الفشل
على ان الاجواء السابقة لانعقاد الجلسة الانتخابية لا تخرج عن سياق الاجواء السلبية السائدة منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، ما يعني ان الفشل في انتخاب الرئيس سيجر الفشل، حيث ان جلسة الخميس المقبل محشورة في ثلاث زوايا: الأولى، زاوية الاوراق البيضاء التي يتموضع فيها ثنائي حركة «أمل» و»حزب الله» وحلفاؤهما، مع شراكة محتملة من قبل التيار الوطني الحر في التصويت الابيض، حيث ان التيار لم يحدد حتى الآن مرشحا معينا يتبنّاه. والثانية، زاوية مناقضة تتموضَع فيها الاطراف التي تقدّم نفسها سيادية وتتبنى ترشيح النائب ميشال معوض، نظراً لانعدام الخيارات البديلة حتى الآن. اما الثالثة فهي زاوية تخبّط النوّاب التغييريين وضياعهم في ترشيحات متفرقة، لبعض الشخصيات، وفشلهم في حشد بضعة اصوات لهم.
التيار
وتأكيداً على عدم بلوغه نقطة الحسم حول مرشح معين، اوضح التيار الوطني الحر في بيان امس، ان هيئته السياسية اجتمعت برئاسة النائب جبران باسيل وبحثت بالعمق الاستحقاق الرئاسي وخيارات التيّار بشأنه، على قاعدتين: أفكار لبرنامج يستند الى ورقة الأولويات الرئاسية ويتمّ التفاهم حوله ليؤمّن نجاح العهد، ومجموعة من الأسماء الصديقة والمعروفة بصفات تؤهلها للسير بهذا البرنامج، وتأمين التوافق المطلوب حول أحدها لتأمين وصوله الى سدّة الرئاسة. واشارت الى انه لم يكن مقرراً إطلاقاً اعتماد اي اسم واحدٍ مرشح له من دون التوافق عليه مع قوى اخرى، لا بل التباحث حول سلّة من الاسماء الصديقة لتوفير النجاح اللازم لها، وهذا ما حصل؛ معتبرة ان اخبارا اخرى يتمّ نشرها خطأ أو عمداً في بعض وسائل الاعلام، خاصة ما يتعلّق بأمور داخلية للتيار او تداول لاسماء من داخله، تهدف الى زرع التباس لا اساس له، والى تشويه الموقف الحقيقي للتيار، القائم على توفير الظروف اللازمة لإيصال الشخصية المناسبة للمرحلة، وبأقصى سرعة ممكنة.
تأجيل
وكان الرئيس بري، وربطاً بوفاة الرئيس حسين الحسيني، قد اعلن امس عن تأجيل جلسة مجلس النواب التي كانت محددة اليوم ومخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، الى يوم الخميس المقبل الواقع فيه 19 كانون الثاني الجاري.
لا انتخاب
في هذه الاجواء، كشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ»الجمهورية» ان محاولة غير معلنة جرت في الايام الاخيرة ورَعتها مستويات سياسية مسؤولة، لجس النبض حول مدى استعداد الاطراف الداخلية لصياغة تفاهم مشترك على انتخاب رئيس للجمهورية، الا انّ هذه المحاولة باءت بالفشل. حيث اصطدمت بالتصلّب، وثبات الاطراف على شروطهم المانعة لإنجاز الانتخابات الرئاسية، ورفضهم الانخراط في اي مسعى حواري يُفضي الى توافق على انتخاب الرئيس. وبالتالي، وتبعاً لذلك، فإنّ اي حديث عن توافق داخلي صار مضيعة للوقت، وبلا اي معنى.
الله يعين البلد
وفي هذا السياق، قال مرجع مسؤول لـ»الجمهورية»: ابواب التوافق الداخلي مغلقة، وبمعنى أدق التوافق الداخلي الذي لا بديل عنه، ثمة من يجعله مستحيلا، ويدفع عمدا الى مزيد من الانسداد في الافق الرئاسي، ضارباً بعرض الحائط تداعيات الازمة وآثارها الكارثية على اللبنانيين، وايضا نداءات ونصائح وتحذيرات وحتى توسلات المجتمع الدولي بحسم الاستحقاق الرئاسي واختيار الرئيس الجديد للجمهورية. في رأيي انّه لا يوجد سوى تفسير واحد لهذا المنحى، حيث يخشى ان تكون في خلفية مواقف مَن يتعمّد تعطيل التوافق الداخلي، تدويل الملف الرئاسي واستجداء تدخل خارجي، اعتقاداً منهم انّ هذا التدخل سيُحدث انقلاباً لمصلحتهم في الملف الرئاسي، وإن صحّ ذلك، فهذا معناه انّ هذا البعض يُغامر بالبلد واستقراره. علماً انّ كل المستويات الخارجية من واشنطن الى باريس وسائر العواصم الصديقة للبنان، أكدت علناً وعبر القنوات السياسية والديبلوماسية بأن الملف الرئاسي اللبناني شأن يعني اللبنانيين وحدهم، وعلى اللبنانيين ان يُسارعوا الى تحمل مسؤولياتهم حياله.
وأعرب المرجع عن قلقٍ بالغ حيال مستقبل الوضع في لبنان، وقال: «انتخاب الرئيس ومن ثم تشكيل حكومة مدخل للعلاج، فالازمة تحفر عميقاً في اركان البلد، والمؤشرات تُنذر بأنّ جحيماً ينتظر لبنان. قلنا ان الاتفاق على انتخاب رئيس فرصة متاحة للنجاة، ولكن مع الاسف أعدموها، وانا أكثر من متشائم والله يعين البلد، ومن هنا لست املك سوى ان أتوجّه بكلمة أخيرة الى المعطلين: ان عدم التوافق يعني الخراب الحتمي، وتضييع الوقت وفرص التفاهم، تضييع للبنان وتهديد لبقائه… وأشهد انّي قد بلّغت».
حضور فرنسي
الى ذلك، كشفت مصادر موثوقة لـ»الجمهورية» معلومات تفيد بأن باريس، وفي موازاة ما يُحكى عن اجتماع ثلاثي اميركي فرنسي سعودي في العاصمة الفرنسية، قد تطلق تحرّكاً جدياً تجاه لبنان في المدى المنظور، مشيرة في هذا السياق الى حضور مباشر عبر زيارات لموفدين فرنسيين الى بيروت، قد تسبق الاجتماع الثلاثي او تليه.
واستوضحت «الجمهورية» مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية حول هذه المعلومات، فقالت: باريس تنظر بعين القلق الكبير الى تطورات الوضع في لبنان والانعكاسات الخطيرة المتولّدة عن الازمة الاقتصادية الصعبة، وعن شلل المؤسسات في لبنان والفراغ غير المحتمل في سدة رئاسة الجمهورية، وتخلّف اللبنانيين عن القيام بما يُمليه واجبهم ومسؤوليتهم في انتخاب رئيس للجمهورية، تنطلق معه الدولة اللبنانية في مسار الانقاذ والاصلاحات بحكومة مسؤولة تلتزم بكل متطلبات الانقاذ والتعافي.
واشارت المصادر الى انّ الرئيس ايمانويل ماكرون يُقارب الملف اللبناني بمسؤولية وأولوية استثنائية، وقرار الايليزيه انه لن يترك لبنان، وهو الامر الذي يعبّر عنه الرئيس ماكرون في كل المحافل ومع المستويات الدولية كلها، خصوصا مع الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية. وعليه، فإن باريس، وكما كانت دائماً، ستبقى حاضرة بزخم وبصورة مباشرة وغير مباشرة الى جانب لبنان، وستوفّر الدعم الكامل له بما يحفظ استقراره، ويجنّب الشعب اللبناني المآسي والمصاعب.
ولفتت المصادر الانتباه الى ان الحضور الفرنسي، سواء أخَذ شكل زيارات الى بيروت، او اجتماعات في باريس او غيرها، لا يُعفي اللبنانيين من المسؤولية الملقاة عليهم بالدرجة الاولى في توفير المناخ التوافقي على إتمام انتخاب رئيس الجمهورية، فوضع لبنان وكما تؤكد الوقائع فيه، في معاناة متزايدة، وصعوباتها كثيرة، بالتأكيد انّ للمجتمع الدولي دوره ومسؤوليته، ولكن الدور الاول والمسؤولية الأولى تقع على اللبناني في تخفيف هذه المصاعب ومعالجتها بإعادة تنظيم هيكلية دولتهم ومؤسساتها الدستورية وفي مقدمها رئاسة الجمهورية.
واشنطن: الانتخاب او الخراب
على ان الموقف الفرنسي يبدو متناغماً مع الموقف الاميركي لناحية إلقاء المسؤولية الاولى على اللبنانيين في اعادة ترتيب بيتهم الداخلي. وفي هذا السياق، كشفت مصادر وزارية اجواء محادثات أجرتها في العاصمة الاميركية حول الملف اللبناني، وقالت لـ»الجمهورية»: ما سمعناه من المسؤولين الاميركيين وتحديدا في وزارة الخارجية الاميركية، لم يخرج عن سياق الموقف التقليدي للادارة الاميركية، الذي قاربَ الملف اللبناني بالتأكيد على مُسارعة اللبنانيين الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تنظّم إصلاحات سريعة وتُباشر في عملية واسعة لمكافحة الفساد، وتحقيق تطلعات اللبنانيين الى الخروج من الازمة.
ولفتت المصادر الى انّ واشنطن، وخلافاً لكل الترويجات في الداخل اللبناني، اكدت على لسان هؤلاء المسؤولين انها ترغب في ان ترى المجلس النيابي قد مارس دوره في انتخاب رئيس الجمهورية من دون اي إبطاء او تأخير تترتّب عليه سلبيات على الوضع اللبناني بصورة عامة، وهي بالتالي لا تتبنّى أي مرشح لرئاسة الجمهورية، فهذا الامر يقرره اللبنانيون في اختيار رئيس الجمهورية فيما بينهم، وليست في وارد ان تمارس اي ضغط في اي اتجاه.
وخلصت المصادر الى القول انّ الاميركيين يعبّرون عن عدم اطمئنان حيال الوضع في لبنان، ونسبت الى مسؤول في الخارجية الاميركية قوله: لا بد اللبنانيين من ان يمارسوا دورهم وإنجاز استحقاقاتهم سريعاً، وعليهم بالدرجة الاولى ان يُسارعوا الى انتخاب رئيس للجمهورية، والّا فسينتظرهم خراب كبير.
سجال الجلسات
على المقلب الحكومي، وفي انتظار ان يوجّه رئيس حكومة تصريف الاعمال الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء، لفتت امس، مبادرة الامانة العامة لمجلس الوزراء الى توجيه كتاب الى الوزراء لإطلاعهم على جدول اعمال هذه الجلسة الذي يضم 49 بندا، قبل تحديد موعد الجلسة، وذلك بناء على طلب رئيس حكومة تصريف الاعمال وتطبيقاً للمادتين 62 و64 من الدستور.
وعلى ما هو مؤكد فإنّ نصاب انعقاد جلسة مجلس الوزراء مؤمّن، عبر مشاركة الاطراف ذاتها التي سبق وشاركت في جلسة مجلس الوزراء السابقة، لا سيما وزراء «امل» و»حزب الله» والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة اضافة الى وزير الصناعة جورج بوشكيان، الذي أكّد بعد لقائه الرئيس ميقاتي امس انه سيشارك في اي جلسة تبحث في حاجات البلد الاساسية، ومسألة الكهرباء ومعاناة المواطنين مسألة ملحّة وضرورية. فيما المؤكد غياب وزراء التيار الوطني الحر عن الجلسة ربطاً بما يعتبره انّ عَقد مثل هذه الجلسات مخالف للدستور، وعدم جواز ان تناب صلاحيات رئيس الجمهورية لحكومة تصريف اعمال غير حائزة على ثقة المجلس النيابي الحالي.
وفيما توقعت مصادر سياسية ان يرافق انعقاد الجلسة سجال مُحتدم بين التيار ورئيس حكومة تصريف الاعمال، أعلن الرئيس ميقاتي انه لا يوجد مكان لإعطاء سلفة لكهرباء لبنان سوى مجلس الوزراء، وقال: لن أسأل من يمكن ان يحضر جلسة مجلس الوزراء او يتغيّب عن حضورها، بل سأعقد الجلسة. وقد تشاورتُ مع البعض في هذا الخصوص، وليتحمل جميع الوزراء مسؤولياتهم.
في المواقف، استعجل المطارنة الكاثوليك انتخاب رئيس الجمهورية، واشاروا في بيان بعد اجتماعهم الشهري في المقر البطريركي في الربوة برئاسة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسيّ الى انهم توقفوا عند الأزمة السياسية الضاغطة التي تعصف بالبلاد وتهدد بانهيارها بشكل كامل بعد ان تداعت القطاعات الاساسية، المصرفية والتربوية الصحية وسائر القطاعات الحيوية الأخرى. وحذّروا من استمرار الفراغ وتداعياته على الأوضاع الاجتماعية والمعيشية والأمنية. ويدعون النواب الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى من هذا الوطن المعذب».
ولفت المطارنة الى ان الوضع المأسوي الذي نمر به يستدعي من الجميع تحكيم الضمير والعمل الحثيث على تمييز الأزمات الداخلية عن تلك الخارجية، وعدم انتظار التسويات والتفاهمات الإقليمية والدولية، بل النظر بعين مجردة إلى مصلحة الوطن والمواطن.
وإذ لفت المطارنة الى «انّ إذلال المواطن على أبواب المستشفيات ووقوفه في طوابير انتظار الدواء دليل خطير على تردّي القطاع الصحي في لبنان، وما تكاثر الأمراض إلّا نتيجة حتمية لانهيار هذا القطاع الإنساني»، اعتبروا «ان الاستمرار بحجز أموال المودعين يشكّل عبئاً على الدورة الاقتصادية في البلاد، وإننا نرى الحل في إعادة هيكلة القطاع والحفاظ على أموال المودعين والإفراج عنها تدريجاً وليس بالهروب إلى الامام وتصعيد المواقف». وحَمّل المجتمعون المسؤولين السياسيّين «تَبعات الإنهيار الاقتصادي الناشئ عن خلافاتهم السياسيّة والحزبيّة التي لم تعد تعني المواطن بشيء»، مؤكدين انّ «موقف كنيستنا هو دعم الدولة لإقرار قانون عام ينظّم الأحوال الشخصيّة لجميع اللبنانيّين وليس لفئة دون أخرى».
ولفتت امس، زيارة وفد «حزب الله» برئاسة رئيس المجلس السياسي في الحزب السيد ابراهيم امين السيد لبطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي في المقر البطريركي في البلمند، وأعلن السيد بعد اللقاء أنه «كان جميلا جدا ومسؤولا بدرجة كبيرة مع رجل مثل البطريرك، حيث تم تداول القضايا الأساسية والمهمة التي تخص الوطن والمنطقة، وتَداوَلنا موضوع الاستحقاق الرئاسي ونحن متفقون مع البطريرك على أن الوضع في لبنان لا يحتمل التأخير في انجاز هذا الاستحقاق، والبلد يحتاج رئيسا مفتاحا لإعادة تشكيل الدولة من أجل معالجة الأزمات ووقف الانهيار ومظاهر الهجرة الموجودة في كل الطوائف، من هنا نحتاج لرئيس لقيام الدولة بكاملها والتخفيف من اليأس والهجرة».
ورداً على سؤال قال: «إن مبدأ انعقاد الجلسة يخضع للقضايا الضرورية، لذلك نحن ننتظر ما اذا كان جدول الاعمال ضروريا وممكنا لانعقادها»، لافتا الى أنّ «ما لمسته من خلال الزيارات للمقامات الروحية المسيحية، أنّ الكنيسة تقوم بواجباتها على الصعد كافة، خصوصاً بالنسبة الى ما يتعلق بكرامة الإنسان وزرع الأمل في قلوب الاجيال في لبنان والمنطقة ايضاً، لذا علينا كجهات روحية مواجهة التحديات».
النهار
“يوم العرّاب”: إجماع وهدنة وتصعيد مرجأ
اذا كان من غير المستغرب اطلاقا ان يجمع كل الوسط السياسي في لبنان على فداحة خسارة لبنان في يوم رحيل “عراب الطائف” الرئيس حسين الحسيني، والا تختلف اختلافا واسعا ادبيات المرثيات والشهادات والاقوال والتصريحات التي ادلي بها من كل حدب وصوب على نحو عابر لكل المناطق والطوائف والأحزاب والاتجاهات، فان اقصى الغرابة ان يبدو الاجماع على قيم يمثلها الراحل الكبير مجرد اختراق لن يدوم فوق ركام الاستحقاقات الحبلى بازمات البلاد. ذلك ان الرحيل المفاجئ للرئيس الحسيني رحّل الى الأسبوع المقبل كل محطات الاستحقاقات البرلمانية والحكومية وسواها، وعلق ما كان متوقعا من تداعيات على الصعيد السياسي في ما يتعلق بالجلسة الحادية عشرة لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية او بالنسبة الى الاستعدادات لعقد جلسة لمجلس الوزراء. ولكن ترحيل الجلستين او ارجاءهما لا يعني حجب تصاعد التوترات المتصلة بكل منهما ولا سيما لجهة الملف الحكومي بحيث يبدو ان كباشا جديدا بدأ مع توزيع الأمانة العامة لمجلس الوزراء جدول اعمال الجلسة التي يعتزم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي توجيه الدعوة اليها من دون تحديد الموعد. وهو مؤشر بارز الى ان الخلاف الذي اكد ميقاتي لـ”النهار” استمراره مع “التيار الوطني الحر” قد يكون مرشحا لاتخاذ طابع جديد من التفاعل السلبي هذه المرة مع إصرار ميقاتي على شرح الطابع الملح لبنود جدول الاعمال بما يحشر “التيار” اذا عاند مجددا برفض انعقاد الجلسة. ولكن اللافت في هذا السياق ان “موجبات” إعادة ترميم العلاقة بين فريقي “تفاهم مار مخايل” سابقت وتسابق مسألة الجلسة الحكومية كما الاستعدادات لاعادة التصويت بالاوراق البيضاء في الجلسة المرجأة لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية. وبذلك يكون المشهد الداخلي الذي اخترقته وفاة الرئيس الحسيني وما سيتخلله يوم تشييعه اليوم في شمسطار دخل في مزيج من هدنة سياسية مع بقاء المؤشرات الساخنة على توترات متصاعدة على حالها وان ارجئت الى الأسبوع المقبل .
ذن جاءت وفاة الرئيس الحسيني الذي يوارى الثرى في مسقط رأسه شمسطار اليوم لترجئ الجلسة الرئاسية الحادية عشرة وذلك بفعل اعلان الحداد العام على مدى ثلاثة أيام اعتبارا من امس الأربعاء. كما اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري، في بيان رسمي ان “فقداناً لدولة الرئيس السابق لمجلس النواب السيد حسين الحسيني، تأجلت جلسة مجلس النواب المقرر انعقادها الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الخميس في 12 كانون الثاني 2023 الى يوم الخميس المقبل 19 كانون الثاني 2023، وذلك لانتخاب رئيس للجمهورية”.
على ان التطور السياسي المهم برزعلى الخط الوزاري، عاكسا عزم الرئيس ميقاتي على الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء، اذ وجّهت الامانة العامة لمجلس الوزراء بعد ظهر امس كتاباً الى الوزراء لاطلاعهم على مشروع جدول أعمال الجلسة المقبلة للحكومة، قبل تحديد موعد الجلسة، وذلك”بناءً لطلب دولة رئيس مجلس الوزراء، وتطبيقاً للمادتين ٦٢ و ٦٤ من الدستور”.
وبدا من مراجعة جدول الاعمال ان البنود الثمانية التي تضمنها تتسم واقعيا بطابع ملح تجنبا لتكرار ما حصل في المرة السابقة حين جرت عملية إعادة تقليص الجدول الأساسي الذي اثار انتقادات واسعة. وابرز البنود الثمانية ما يتصل بملف استيراد الفيول بإصدار مرسوم يتعلق بسلفة الخزينة لفتح اعتماد بقيمة 62 مليون دولار والموافقة على مشروع مرسوم لابرام اتفاق بيع مادة زيت الوقود بين لبنان والعراق وتجديد عقد الاتفاق بين البلدين كما تتضمن مشروع قانون معجل لترقية ضباط في الاسلاك العسكرية كافة ومشروع لافادة المتعاقدين في المدارس والثانويات والمدارس الفنية الرسمية من بدل نقل الى بنود تتصل بتمديد عقود مطمر الناعمة وتشغيل مطامر صحية موقتة للنفايات.
ميقاتي لـ”النهار”: بمن حضر
وفي حديث يعكس تشدده في الدعوة الى جلسة مجلس الوزراء قال الرئيس ميقاتي عصر امس لـ”النهار” إنه “لا إمكان لإعطاء سلفة لكهرباء لبنان إلّا بمرسوم من مجلس الوزراء، ولا يمكن التصرّف بعكس ما ينصّ عليه قانون المحاسبة العموميّة. لذلك، ستُعقد جلسة لمجلس الوزراء في غضون أيام. وقد استُكمل وضع مشروع جدول أعمالها لكنّها ستتأخّر إلى مطلع الأسبوع المقبل لاعتبارات اجتماعية استجدّت في الساعات الماضية وحتّمت الإرجاء”.
وردّاً على سؤال حول الجهات التي تقف إلى جانبه في انعقاد الجلسة الحكومية، اجاب: “لن أسأل من يمكن أن يحضر الجلسة أو يتغيّب عن حضورها بل سأعقدها. تشاورت مع البعض في هذا الخصوص، وليتحمّل جميع الوزراء مسؤوليّاتهم”.
وكان وزير الصناعة جورج بوشكيان اكد بعد لقائه ميقاتي عن امكان انعقاد جلسة لمجلس الوزراء ومشاركته فيها: “اكيد سأشارك في أي جلسة تبحث في الأمور الأساسية، ولا خلاف حول ذلك، وأنا شاركت في أول جلسة، وسأشارك في أي جلسة تبحث في حاجات البلد الاساسية، لانها من الأمور الملحة، ومسألة الكهرباء ومعاناة المواطنين مسألة ملحة وضرورية وتؤثر على كل المرافق العامة الأساسية، وملف الكهرباء أساسي اليوم ونقطة انطلاق لكل القطاعات”.
بدوره، قال المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل “اننا سنشارك في جلسة مجلس الوزراء إذا دعا الرئيس ميقاتي الى عقدها”.
من جهته، اشار وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم من الجنوب الى أنّ “الاتصالات مستمرة لتأمين التوافق حول جلسة لمجلس الوزراء، وما ندعو اليه هو عزل الأمور الحياتية والاجتماعية عن الأمور السياسية وإخراجها من النكد السياسي. حان الوقت لتكون هناك حلبة مرتبطة بالصراع السياسي منعزلة كليا عن احتياجات الناس التي لا يجب ان تكون سلاحا او ذريعة في النكد السياسي المتبادل الحاصل في البلد”.
القضاء والوفد الألماني
في غضون ذلك وعلى الصعيد القضائي، توالى وصول الوفود الاوروبية الى بيروت امس للشروع في التحقيقات في جرائم مالية، وشدد وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال هنري خوري في هذا السياق على ان “كل تعاون قضائي دولي يتم وفق القواعد لا يُعد تعديا على السيادة اللبنانية وكل خروج عن القواعد سنواجهه”. وقال: “لم يعد سرًا لبنان تلقى طلبات تعاون قضائية من سويسرا ولوكسمبورغ وفرنسا وألمانيا باشتباه وجود جرائم مالية”.
وإذ افيد ان النائب العام الاستئنافي القاضي زياد ابي حيدر كلف المحامي العام الاستئنافي القاضي رجا حاموش بتسهيل عمل الوفد الالماني واطلاعه على ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي حققت فيه النيابة العامة التمييزية وطلبت من النيابة العامة الاستئنافية الادعاء فيه، اشارت معلومات الى ان حاموش قام باطلاع الوفد على بعض جوانب التحقيق بعدما رفض حضور أعضاء امنيين من الوفد الألماني من غير القضاة فحضر منهم قاضيان هما نائبان عامان ومساعدان لهما. كما أفادت المعلومات ان حاموش رفض طلب الوفد الألماني تصوير كل ملف التحقيق اللبناني مع سلامة وطلب حصر الطلب بالمستندات التي يحتاج اليها الوفد والتقدم بطلب لدى النائب العام التمييزي غسان عويدات للحصول على النسخ عملا بالمعاهدة الدولية التي ترعى التعاون القضائي، ولكن الوفد الألماني اصر على طلبه، وعلى الأثر اجتمع وزير العدل مع حاموش ثم اتصل بالسفير الألماني في بيروت واكد له ان القاضي حاموش التزم تطبيق القانون وعليه وافق الوفد الألماني على التزام مندرجات القانون اللبناني والمعاهدة الدولية.
COMMENTS