الأخبار
ملف الرئاسة رهن تغيّر سعودي لا إيراني
اتفاق السعودية وايران ينظّم المنافسة المستمرة: ملف لبنان رهن تغيّر مقاربة الرياض
فوجئ كثيرون، في المنطقة والعالم، بالبيان الختامي للمحادثات السعودية – الإيرانية برعاية صينية. البعض لم يكن على علم بأصل التفاوض الجاري منذ مدة غير قصيرة، وفوجئ باتفاق سيُعمل على تنفيذه خلال أسابيع. فيما يتصرف آخرون بشيء من الخشية من أن يحمل الاتفاق مفاجآت ليست في الحسبان، ومتناقضة مع السياسات التي كانت تعتمدها السعودية خصوصاً.
أهمية الاتفاق بين البلدين أنهما يمثلان مركز الصراع على ملفات المنطقة، وأن الطابع التنافسي طغى دائماً على علاقاتهما حتى عندما كانت في أفضل أحوالها. وهو امر تعزز بعد سقوط نظام صدام حسين، وتغييرات المشهد اللبناني بعد اغتيال رفيق الحريري، والتطورات التي عصفت بكثير من الدول بعد 2011. وقد تواجه الطرفان بشراسة في ساحات عدة، من العراق إلى سوريا والبحرين واليمن وصولاً إلى لبنان وفلسطين، وزاد الوضع تعقيداً بينهما إثر تولي محمد بن سلمان السلطة الفعلية في السعودية.
من الأفضل العودة إلى أهداف كل طرف كي تكون مراقبة الاتفاق أكثر واقعية، وحتى لا يذهب أحد بعيداً في التحليلات أو التمنيات، خصوصاً أن مسائل كثيرة عالقة في المنطقة يعتقد كثيرون أن حلها رهن اتفاق البلدين. وهذا تقدير خاطئ، ليس لعدم رغبة الطرفين في المساعدة على فضّ النزاعات، بل لكون الأطراف الأخرى، الإقليمية والدولية، تملك من القوة والنفوذ ما يمكّنها من عرقلة التفاهم، وتفجير ساحات كثيرة، وصولاً إلى تفجير الاتفاق نفسه.
منذ تولي آل سلمان الحكم في السعودية وإمساكهم بمفاصل القرار فيها، تصرّفت الرياض كطرف قادر على المبادرة إلى خطوات كبيرة تعزز نفوذها في المنطقة. وهي قبل أن تشن حربها المدمرة ضد اليمن، شاركت بفعالية في تعزيز الاختلال الأمني والسياسي والاقتصادي في العراق، وفعلت الأمر نفسه في سوريا عندما انخرطت في معركة إطاحة النظام، كما لعبت دوراً كبيراً في الانقلاب الذي قاده الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر. وكذلك الحال في فلسطين. فإلى البرودة التي سادت علاقتها بالأردن والسلطة الفلسطينية، قادت السعودية معركة قاسية ضد ابرز قوتين في المقاومة، معتبرة ان حماس تمثل امتداداً لحركة الإخوان المسلمين، وتصرفت مع الثانية على أنها ذراع إيرانية. وفي البيت الخليجي، قبضت الرياض على مركز القرار في البحرين مانعة أي مصالحة وطنية، وعاقبت قطر وحاصرتها، وكبّلت حكام الإمارات والكويت، وحاولت مراراً فرض ضغوط على سلطنة عمان. وتمثّلت ذروة هذه السياسة في حرب وحشية وعبثية ضد الشعب اليمني، قامت على حسابات خاطئة من كل النواحي، وأدركت السعودية بنتيجتها أن الولايات المتحدة والغرب الأوروبي لن يتوليا هذه المهمة عنها.
مطالب وهواجس سعودية
بعد كل ما حصل، تريد السعودية تحقيق الآتي:
أولاً، توازن فعلي مع الدور الإيراني في العالم العربي، وتوازن أكثر فعالية على صعيد إدارة ملف التدفق النفطي عبر الممرات البحرية.
ثانياً، الخروج بمكاسب من حرب اليمن، من خلال اعتبار إيران طرفاً يمكنه المساعدة على تحقيق تسوية تجعل السعودية طرفاً رابحاً أمام الحوثيين وبقية الأطراف اليمنية.
ثالثاً، تفاهم يعطي الرياض حق الفيتو في العراق، من خلال تفاهم مع السلطات العراقية، وليس عبر نفوذ المملكة على بعض القوى والشخصيات العراقية.
رابعاً، عقد مصالحة مع الدولة السورية، مع محاولة لجعل دمشق أقرب إلى السعودية، سواء في ملف اليمن، أوفي الموقف من حركات الإخوان المسلمين وقوى المقاومة، باعتبار أن ذلك سيؤدي حكماً إلى إضعاف نفوذ إيران في سوريا، وتالياً في لبنان وفلسطين.
خامساً، التوقف عن لعب دور الثري الذي تُفرض عليه خوات في لبنان وفلسطين ومناطق أخرى. السعوديون مستعدون لإنفاق الكثير، لكنهم يريدون مقابلاً واضحاً، وهم أعطوا من يسعى إلى التحالف معهم درساً من خلال طريقة تعاملهم مع ابنهم «المدلل» سعد الحريري.
سادساً، تريد السعودية أن تثبت للغرب، وللإدارة الأميركية الحالية خصوصاً، أنها لم تعد البلد الذي لا يحرك ساكناً من دون موافقة أميركية، وأنها تجيد قراءة المتغيرات العالمية، وتريد انتزاع هامش حقيقي في السياسة والأمن والاقتصاد، من خلال طريقة تعامل مختلفة مع الأطراف الدولية المؤثرة، وفي مقدمها الصين.
على هامش هذه المطالب الجوهرية، يمكن إيراد كثير من النقاط التي يجري تقديمها كمواد سجالية يومية، من نوع أن تكبح إيران جماح حكومات وقوى محور المقاومة، وأن تضغط لإسكات قوى بارزة من أنصار الله في اليمن إلى حزب الله في لبنان إلى قوى المقاومة في فلسطين. كما يمكن، أيضاً، طرح الكثير من العناوين التفصيلية، من بينها مثلاً ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان.
… ومطالب وهواجس إيرانية
أما من جهة طهران، فإن الأمور واضحة أيضاً، وتتمثل في الآتي:
أولاً، كسر العزلة المفروضة على إيران بسبب السياسات الأميركية التي تنصاع لها دول كثيرة في المنطقة من بينها السعودية، وألا يكون هذا الكسر سياسياً فقط، بل اقتصادياً أيضاً. وهي ترى في السعودية دولة كبيرة في الإقليم، لها قدراتها الكبيرة، بما يساعد طهران في تحقيق هذا الهدف.
ثانياً، احتواء الحملة التي تصوّر الجمهورية الإسلامية رأس حربة في معركة شيعية ضد السنة في العالم الإسلامي. وهي تدرك أن للسعودية دورها الكبير في هذا السياق، خصوصاً بعد الوهن الذي أصاب مصر من جهة، وتراجع قوة الإخوان المسلمين في المنطقة، وبعد تطبيع العلاقات بين دول وقوى عربية وإسلامية مع إسرائيل.
ثالثاً، تسعى إيران إلى عزل برنامجها النووي عن أي ملفات أخرى تتعلق بعلاقاتها مع دول الجوار. وهي أكّدت دائماً للسعودية وغيرها، واستعانت بأطراف عدة من بينها الصين، لتوضيح أن برنامجها النووي وبرامجها للصواريخ الباليستية لا تستهدف دول الجوار وفق الدعاية التي يروّجها الغرب.
رابعاً، تريد إيران تحقيق استقرار مستدام في منطقة الخليج، وهو أمر يحتاج إلى تسوية واقعية مع السعودية، تمكّنها من إشهار وتطوير علاقاتها الجدية مع بقية دول الخليج. كما تدرك طهران أن الرياض قادرة، بقوة، على المساعدة في تحقيق استقرار جدي في العراق وسوريا، وحتى في ساحات حليفة لها، كلبنان وفلسطين.
خامساً، تهتم إيران ايضا، بتطويق التدخل السعودي في شؤونها الداخلية. خلال جلسات التفاوض، عرض الإيرانيون على نظرائهم السعوديين الأدلة التي تثبت تورط السعودية استخباراتياً وتمويلياً وإعلامياً في الأحداث التي تشهدها إيران بين فترة وأخرى. علماً أن طهران تتفادى حمل هذا القميص علناً، كما تفعل الرياض بالحديث عن تدخل إيران في شؤون دول المنطقة، وهي لا تريد مساعدة السعودية أو غيرها في معالجة مشاكلها الداخلية، بقدر ما تريد من هذه الأطراف عدم التورط في مثل هذه الأحداث، لأنه سيكون لهذا التدخل ثمنه الكبير مع الوقت.
سادساً، تعتقد إيران أن لتطوير العلاقات مع السعودية تأثيراً كبيراً على النفوذ الأميركي في المنطقة، ويمكن أن يؤخر – أو ربما يعطل – المساعي لضم السعودية إلى برنامج التطبيع مع العدو، وهي تراهن على أن ابتعاد الرياض عن مشاريع التطبيع سيكون له أثره على الدول التي انخرطت في هذه المشاريع، وتشعر اليوم بأنها لم تجنِ أي مكاسب منها.
أي نتائج متوقعة؟
من خارج الدولتين، ثمة حسابات ورهانات وتوقعات تتعلق بتداعيات الاتفاق على ملفات المنطقة. وفي هذا المجال، يبدو واضحاً من معطيات وصلت الى جهات معنية، بأن ايران لم تدر ظهرها لمطلب المساعدة في معالجة ملف اليمن. لكن ما لا يعرفه كثيرون، هو انه خلال جولات التفاوض المباشر بين السعوديين وأنصار الله، سواء في صنعاء والرياض او تلك التي تحصل برعاية مسقط، باتت السعودية تدرك الهامش الضيق الذي يمكن لايران ان تتحرك فيه في اليمن، وأنه لا يمكنها ان تفرض على انصار الله خيارات تتناقض مع رؤيتهم. ولذلك سارعت الى عرض مشروع اتفاق يسمح لصنعاء السير قدما في مشروع حل. وفي هذا السياق، فقط، يصبح لايران دور جدي في تعجيل الامر.
أما في سوريا، فلم تبادر ايران أساساً الى حض دمشق أو منعها من اعادة التواصل مع أحد. لكن الرئيس بشار الاسد نفسه، وهو من له مصلحة باعادة الحرارة الى علاقات بلاده مع كل العالم، وضع استراتيجية تهدف، أولاً، إلى تعطيل اي محاولة لابتزازه. ولذلك، لا يبدي حماسة كبيرة للعودة الى جامعة الدول العربية، ولا يطرح الامر كحاجة ملحة. لا بل ان الاسد الذي يعرف تماماً محدودية تأثير الجامعة، يفضل السعي الى علاقات ثنائية ذات فعالية مع الدول العربية البارزة. وهو قادر على صياغة علاقات قوية مع السعودية ومصر والاردن والامارات، من دون ان يضطر الى علاقات مع قطر ودول اخرى تورطت بقوة في الحرب ضده. أضف إلى ذلك أنه يرغب في اعادة تنظيم العلاقات الثنائية، من دون رهن ذلك بطلبات منه في ملفات اخرى. فهو لا يجد نفسه معنياً بموقف يناسب السعودية في اليمن، ولن يقبل نقاشا حول حزب الله في لبنان. وحتى في ملف الاخوان المسلمين الذين خاض معهم حرباً شرسة، فإنه يميز أولوية الملف الفلسطيني. فهو لم يقبل مصالحة حماس ليحوّلها ورقة مساومة مع الاخرين. أما في العراق، فيرى الاسد نفسه طرفاً معنياً لا طرفا ثانوياً، وكذلك الأمر في لبنان، لكنه لا يجد نفسه مضطراً الآن لتحمل هذا العبء فيما اولويته اعادة اعمار سوريا وتنظيم موقعها في المنطقة.
وعليه، فان من ينتظر من اتفاق بكين نتيجة مباشرة على صعيد المعركة الرئاسية في لبنان، يكون قد قرأ بصورة خاطئة الاتفاق. لا السعودية ستغيّر موقفها الآن، ولا ايران تعتقد ان عليها الضغط على حلفائها في لبنان. وبالتالي، فان الخطوة المنتظرة تتعلق بمراجعة مرتقبة من الرياض لكل ما قامت به في لبنان طوال عقود عدة، وخصوصا في العقد الاخير.
اللواء
«هريان» النظام المصرفي يُجهز على بقايا مقوّمات العيش الزهيد!
بكركي تبارك وحزب الله يُهلِّل للتقارب السعودي – الإيراني
تحت ظلال غيوم عن معلومات ان المنطقة تحت تأثير منخفضات حرب لا تُبقي ولا تذر، بدءا من هجوم على ايران، يؤدي الى تفجير الوضع في الشرق الاوسط، كانت تتحضر المنطقة لما يمكن وصفه بالحدث الدبلوماسي التاريخي، الذي لم يقتصر على اتفاق تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وايران، بل تمدد الى بدايات انفراج، ولو محدود، في التوتر الاميركي – الايراني تمثل بالافراج عن اسرى اميركيين في المعتقلات الايرانية، الأمر الذي حرك امكانية سحب الاصول المالية المجمدة في المصارف الاميركية، في اطار العقوبات المفروضة على ايران، قبل ان يسارع البيت الابيض الى اعتبار التقارير حول التوصل لاتفاق تبادل سجناء مع ايران «كاذبة»، وما زلنا نحاول الافراج عن الرهائن، لكن ليس لدينا ما نعلنه الآن، حسب البيان الاميركي، وذلك في معرض الرد على ما اعلنه وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان عن التوصل الى اتفاق مبدئي حول تبادل سجناء بين ايران والولايات المتحدة الاميركية.
ووسط اجواء التهليل لما يمكن ان يحمله الاتفاق بين الرياض وطهران على لبنان من اثار تفك اسر الرئاسة فيه، بعد مباركة بكركي، يزور الرئيس نجيب ميقاتي الصرح صباح اليوم، قبل سفره بعد غد الاربعاء الى الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس.
وكان ميقاتي قال امس: ان الارتياح الذي قد ينجم عن هذا المسار لا بد ان ينعكس ايجاباً على كل المنطقة، ومن ضمنها لبنان.
ورأت مصادر سياسية مطلعة ان مفاعيل الاتفاق السعودي – الايراني في ما خص لبنان يتطلب بعض الانتظار، لا سيما في ما خص التفاصيل، ومعرفة ما اذا كانت المباحثات تناولت حلحلة المشكلات العالقة، ومن بينها تعثر الحل في لبنان.
وقالت المصادر لـ«اللواء» انه من المبكر الحديث عن حلحلة محلية بعد الاتفاق، باعتبار ان الجزء الاساسي داخلي صرف ويتصل بكيفية انجاز التفاهم على الرئيس العتيد الذي تشكل مواصفاته محور خلاف كبير.
واوضحت ان المساعي حول التفاهم على انتخاب النائب السابق سليمان فرنجية متواصلة، ولا سيما من قبل الرئيس نبيه بري على ان ردات الفعل على دعم هذا الترشيح تصل تباعاً اليه.
وفي حين تمضي التطبيقات الهوجاء في رفع سعر صرف الدولار باتجاه المائة الف ليرة لبنانية، بقيت المصارف على موقفها من الاضراب غدا واضعة رؤوسها في رمال الازمات غير عابئة بما يترتب على ذلك من انعكاسات، بمعزل عن مجريات الانفراجات الاقليمية المقبلة.
وهذا الهريان في النظام المصرفي، بتخلي مصرف لبنان عن دوره في حركة تسعير صرف الدولار، وتركه للتطبيقات المخربة للاستقرار، فضلا عن ضرب البنوك عرض الحائط بوظيفتها ودورها في استعادة الثقة بالنظام المصرفي، مما يعني الاجهاز على ما تبقى من مقومات العيش الزهيد لدى المواطن.
اذاً، ما زال الاتفاق السعودي- الايراني يخيّم على اجواء الحياة السياسية لجهة ترقب نتائجه وانعكاساته على دول المنطقة ومنها لبنان، لأن عنوانه الاساسي هو تهدئة التوترات والمشكلات الاقليمية، لكن ذلك لم يحُل دون إستمرار وجع الناس جراء تجاوز الدولار الاسود سعر 92 الف ليرة وما رافقه من ارتفاعات خطيرة لأسعار المحروقات والغاز والمواد الغذاية والاستهلاكية على ابواب شهر رمضان المبارك. كما لم يحرك الاتفاق اي مسؤول للتنازل عن شروطه ومعاييره ومواصفاته وتحالفاته لإنتخاب رئيس للجمهورية، بل انصبت معظم المواقف على الترحيب بالاتفاق السعودي- الايراني، والتمثل بالدولتين للحوار للتوصل الى حلول للأزمات القائمة. فيما لوحظت ندرة مواقف قيادات قوى المعارضة من الاتفاق لا سيما «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب.
وغرد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم عبر حسابه على «تويتر»: «عودة العلاقات الإيرانية السعودية منعطفٌ مهم لاستقرار المنطقة وأمنها وتقدمها، وهي فاتحةُ خبرات لشعبيهما ولشعوب المنطقة، وهي ضربة موجعة للمشروع الأميركي-الإسرائيلي تزيدهُ ترنُّحاً».
ومن جهة المعارِضة، بدا لافتا الصمت المطبق ازاء الاتفاق الايراني- السعودي، لا سيما على المستوى القيادي، لكن توجه عضو تكتل الجمهورية القوية النائب غياث يزبك إلى «الممانِعين، وقال عبر «تويتر»: تَعِبنا ونحن نقول لكم ارفعوا منسوب اللبناني في دمكم واحفظوا خطاً للرجعة. حذّرناكم من أنه عندما تدق ساعة التسويات الكبرى، لن تُستشاروا ولن يكون لكم مكان في قطار البراغماتية الإيراني حتى في عرباته الخلفية. هنيئاً لمن مرجعيته لبنان.
فيما غرد النائب أشرف ريفي عبر «تويتر»: استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران وفق التعهّد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، يمكن أن يكون بداية حقيقية في المنطقة.
جعجع: معركة محلية
وحول الاستحقاق الرئاسي، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع خلال الخلوة السنويّة الثانيّة لمركز «القوّات» في مدينة بشري: أن المعركة الرئاسيّة محليّة إلا أن هناك من يصر على ربطها بالتطورات الإقليميّة والدوليّة، الحل بيد النواب الـ128 الذين يمكنهم النزول اليوم قبل الغد إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهوريّة، وفي هذه الحال لا يمكن للخارج التأثير أبداً على مجريات الأمور إلا أن هناك من يطمحون لربط ملف انتخابات الرئاسة بالخارج كل لمصالحه ومآربه الشخصيّة والفئويّة غير الوطنيّة.
وأضاف جعجع: أننا مستمرون في ترشيح ميشال معوّض في الوقت الراهن إلا أننا منفتحون على التشاور مع قوى المعارضة في أي اسم بديل لديه المواصفات المطلوبة، ويمكنه توحيد صفوف المعارضة والحصول على 62، 63، 64 أو 65 صوتاً، ماذا وإلّا فالذهاب من مرشح إلى آخر والبقاء على نفس عدد الأصوات إنما هو عمليّة حرق أسماء لن ندخل فيها أبداً.
الراعي: جرم نواب الأمة
وفي المواقف السياسية، اعتبر البطريرك الراعي في قداس الاحد امس، ان «الجرم الجرم الذي يرتكبه نوّاب الأمّة هو عدم انتخاب رئيس للجمهورية بسبب الفيتوات على هذا أو ذاك ممن تُطرح أسماؤهم للترشيح». وقال: فمن أين حقّ الفيتو؟ ومن أين الحقّ في فرض شخص؟ فإذا شئتم الحوار، فتعالوا بتجرّد واطرحوا حاجات البلاد اليوم داخليّاً وخارجيّاً، وصوّتوا يوميّاً كما يقتضي الدستور فيتمّ انتخاب الرئيس الأحسن والأفضل في الظروف الراهنة.
اضاف: والجرم الجرم الذي يرتكبونه هو افقارهم الشعب يوماً بعد يوم، وقتله بتجويعه ومرضه وحرمانه وانتحاره، واذلاله، واقحامه على هجرة الوطن. والجرم الجرم هو تفكيكهم أوصال الدولة ومؤسّساتها الدستوريّة، وإداراتها العامة، وهو إهمال وهدر مداخيل الدولة في الإدارات والمرافئ البحريّة والمطار وأبواب التهريب. طبعاً في ذهنيّة جميع المسؤولين عن هذه الأوضاع، لا يوجد أي شعور بالخطيئة أو إقرار بها أو وخز ضمير.
وقال: إنّنا نبارك هذه الخطوة التي تندرج في خّط المصالحة السياسيّة. وكم نتمنّى ونرجو أن تحصل عندنا في لبنان وصولًا إلى استعادة هويّته الطبيعيّة، أي حياده وتحييده عن الصراعات والنزاعات والحروب الخارجيّة، لكي ينصرف إلى الدفاع عن القضايا العربيّة المشتركة، وحقوق الشعوب، والعدالة والسلام.
المتعاقدون الى المدارس
وفيما اعلنت اللجنة الفاعلة للأساتذة في التعليم الاساسي عن فك الاضراب بعد البدء بتحويلات للأساتذة يجتمع المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين في المدارس الخاصة للبحث في اعلان الاضراب بدءاً من يوم غد لمساواة الاساتذة في القطاع الخاص بزملائهم في القطاع العام.
على الأرض، وتمهيداً لتحرك متقاعدي القطاع العام بعد غد الاربعاء انطلقت امس مسيرة نظمها الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان رفضا لما يصفه بسياسات الافقار والتجويع وربط الاقتصاد بالدولار الجمركي بمشاركة نائب صيدا اسامة سعد.
وعلى وقع اغنية «شيد قصورك ع المزارع» للمصري الراحل الشيخ إمام، انضم مئات اللبنانيية الى المسيرة وتفاعلوا مع كلماتها الحماسية، في حين علت الهتافات المناهضة لسياسات الحكومة من بينها «لو خطفونا من الشوارع، صوت الشعب طالع طالع».
كما دعا المجلس العام للاتحاد جميع النقابات الى حد كل الطاقات والامكانات لجعل مظاهرة يوم «العيد العالمي للعمال» في الاول من ايار، محطة اساسية لاعادة شرارة انتفاضة 17 تشرين الاول رفضا للوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي يعانيه اللبنانيون.
صحياً، سجلت وزارة الصحة 93 اصابة جديدة بفايروس كورونا، كما تم تسجيل حالتي وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية.
البناء
طهران تعلن عن اتفاق للإفراج عن سجناء وأموال… واشنطن تنفي… والفايننشال تايمز تؤكد
تطمينات أميركية بالسيطرة على أزمة النظام المصرفي… وانقسامات الكيان تتحوّل إلى فوالق
لبنان: ترقب سياسي… ارتباك حكومي… خلط أوراق نيابي… وانتظار قضائي للوفد الأوروبي
بدو أن واشنطن التي سبق أن اتفقت مع طهران على الإفراج عن سجناء وأموال، كما أكدت صحيفة الفاينانشال تايمز نقلاً عن مسؤول غربي كبير حول قرب إنجاز التفاهم، لم تتحمل بعد الإعلان عن الاتفاق الصيني الإيراني السعودي ظهور طهران في موقع الفائز مرتين متتاليتين، بعدما أعلن عنه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، فأنكرت الاتفاق، وسط استغراب دولي وإقليمي، شمل كل الوسطاء الذين شاركوا بالتفاهم. وهو ما يبدو أنه مجرد تراجع إعلامي لم يؤثر على مسار تطبيق الاتفاق الذي قال المسؤول الغربي الكبير للفاينانشيال تايمز، إنه في طريق التنفيذ.
التراجعات الأميركية في ساحات الحضور الاستراتيجي عالمياً، تزامنت مع عودة شبح الأزمة المصرفية الى الواجهة مع إعلان إفلاس مصرف سيليكون فالي، أحد أكبر المصارف المتخصصة بشركات التكنولوجيا، مخلفاً وراءه خسائر تزيد عن مئة وخمسين مليار دولار وآلاف الشركات الفاشلة وعشرات آلاف العاطلين عن العمل. ورغم التطمينات الأميركية أعلن صندوق النقد الدولي أنه يراقب الوضع، وسط مخاوف من تكرار أزمة 2008، خصوصاً في ضوء ارتفاع حجم الدين الداخلي إلى حد تجاوز الخط الأحمر، وتجاوز سعر الفائدة كل السقوف السابقة، وما يتركه هذا العاملان من نتائج أبرزها مزيد من الركود والانكماش الاقتصادي، وتراجع الاستثمارات، ودخول حلقة مفرغة من الاستدانة ورفع سعر الفائدة وصولاً لطباعة المزيد من الأوراق النقدية، وهي برأي الخبراء وصفة كاملة للانهيار.
في كيان الاحتلال تحوّلت الأزمة الناجمة عن العجز العسكري والفشل في احتواء التصاعد في حركة المقاومة في الضفة الغربية وغزة، وتجلت بصعود قوى التوحش والفساد إلى سدة الحكم وفق صفقة عنوانها الحد من السلطة القضائية، إلى مصدر تظهير لأزمة الوجود التي يتحدث عنها قادة الكيان بقلق كبير، ويوم أمس قال رئيس الوزراء السابق إن الانهيار حتمي للكيان ما لم يتم وضع حد للحكومة الحالية داعياً الى الانتقال من تظاهرات مئات الآلاف التي تشهدها المدن، إلى العصيان المدني، داعياً قادة الجيش والمخابرات والشرطة الى منع التعديلات على النظام القضائي مهما كلف الأمر، وهو ما وصفته وسائل إعلام “إسرائيلية” بالدعوة لانقلاب عسكريّ، وتحوّل الأزمة السياسية والانقسام الى فالق يمهد للزلازل.
لبنانياً، الترقب للتداعيات والنتائج المترتبة على الاتفاق الثلاثي الصيني السعودي الإيراني، يلتقي مع خلط أوراق نيابيّ يعبر عنه تحرك بعض الكتل من الحياد نحو خيار انتخاب المرشح سليمان فرنجية، على قاعدة استباق المناخات الإيجابية إقليمياً بما يتناسب مع ما تحمله لبنانياً، وسط ارتباك حكوميّ ناتج عن اللهاث في ملاحقة تداعيات ثنائية ارتفاع سعر الصرف وزيادة التعويضات والأجور، بينما قضائياً بدء التحقيق مع حاكم المصرف المركزي رياض سلامة ينتظر وصول الوفود الأوروبية قبل موعد الخامس عشر من الشهر الحالي لبدء حلقة هامة في هذا السياق.
يطل رئيس تيار المرده سليمان فرنجية هذا الأسبوع في إطلالة بالغة الأهمية، وتأتي بعد إعلان كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله دعمهما ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية. وبحسب مصادر مطلعة لـ»البناء» فإن فرنجية سوف يقدم خلال إطلالته المنتظرة رؤية متكاملة للبلد لجهة ترتيب الأولويات الوطنية والاقتصادية والمالية ومعالجة المشكلات، في محاولة لطرح نفسه مرشحاً للرئاسة ضمن رؤية متكاملة الأبعاد، ما يصطلح عليها» رؤية فرنجية الرئيس»، حيث إن إطلالته ستكون بمثابة ترشيح غير رسمي له ومتممة لإطلالته من على منبر الصرح البطريركي عندما قدم رؤية أولية لمشروع الرئيس.
في هذا الوقت يواصل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التحضير لزيارته المقبلة الأسبوع المقبل الى الفاتيكان للقاء قداسة البابا فرنسيس حاملاً الملف اللبناني بكل تشعباته وتعقيداته. ويزور ميقاتي الصرح البطريركي في بكركي صباح اليوم ومن المقرّر أن يلتقي البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وذلك قبيل سفره إلى الفاتيكان.
وأمس، رحب الراعي بـ «التقارب بين المملكة العربيّة السعوديّة وجمهوريّة إيران الإسلاميّة، واستعادة العلاقات الديلوماسيّة بينهما». وقال: «إنّنا نبارك هذه الخطوة التي تندرج في خّط المصالحة السياسيّة. وكم نتمنّى ونرجو أن تحصل عندنا في لبنان وصولًا إلى استعادة هويّته الطبيعيّة أي حياده وتحييده عن الصراعات والنزاعات والحروب الخارجيّة، لكي ينصرف إلى الدفاع عن القضايا العربيّة المشتركة، وحقوق الشعوب، والعدالة والسلام، لكي يكون مكان التلاقي وحوار الأديان والحضارات! وهذه دعوته التاريخية. وكم نأمل في زمن الصوم المبارك أن نجمع النوّاب المسيحيّين ورؤساء كتلهم في يوم رياضة روحيّة يكون يوم صيام وصلاة وسماع لكلمة الله وتوبة ومصالحة، استعدادًا للعبور إلى حياة جديدة مع فصح المسيح».
هذا وسيجتمع مجلس المفتين في لبنان اليوم في دار الفتوى، برئاسة مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان، وسوف يصدر بياناً حول الاتفاق السعودي الإيراني، آملا وضعه موضع التنفيذ لصالح الجميع.
الى ذلك يعود الوفد القضائي الأوروبي الى لبنان اليوم، للمشاركة في جلسة استجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا وماريان الحويك، المحددة بعد غد الأربعاء. ويأتي ذلك في ما تلقى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات استنابتين من فرنسا ولوكسمبورغ، في إطار المساعدة القضائية، يطلبان فيهما حضور جلسة التحقيق مع سلامة استكمالاً للتحقيق الذي أجراه الوفد في السادس عشر من شهر كانون الثاني الماضي في لبنان، مع مصرفيين لبنانيين ومدققين في شركات محاسبة. وكان أشار المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان الى أن “قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا يعقد جلسة الاستماع الأولى في ادعاء المحامي العام التمييزي رجا حاموش في ملف الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع المتهم به حاكم مصرف لبنان وشقيقه رجا ومساعدته الحويك وستكون بحضور وفود قضائية من بلجيكا وفرنسا والمانيا واللوكسمبورغ”.
ويُعقَد اجتماع بعد ظهر اليوم في وزارة التربية، بدعوة من الوزير عباس الحلبي، بين نقابة المعلمين واتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، وعليه سيتخذ المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين قراره، إما بالدعوة إلى الإضراب يوم الثلاثاء 13 آذار أو بتعليق الإضراب.وسيكون لنقيب المعلمين نعمة محفوض موقف بعد الاجتماع.
وكان حراك المتعاقدين طالب وزير التربية بتسلّم الشكوى المقدّمة باسم الكثير من المتعاقدين الذين قبضوا حوافز تشرين الأول منذ يومين ناقصة عن 100$ رغم أن عدد ساعاتهم الأسبوعية فاقت 16 ساعة. وطالب الحراك الوزير المعني معالجة هذا الخلل ابتداء من اليوم ومعرفة أسباب ذلك مباشرة والتدخل مع لجنة الشكاوى المشرفة على عمليات الدفع، لأن التجربة معها سابقاً لم توصل إلى حلول.
الى ذلك، واصل سعر صرف الدولار قفزاته في السوق السوداء في لبنان وتخطّى أمس 92000 ليرة، حيث من المرجّح أن ترتفع اسعار المحروقات اليوم بعدما ارتفعت بشكل كبير في الأيام الماضية ويأتي ذلك فيما تتحضر المصارف الى العودة للإضراب المفتوح يوم غد الثلاثاء وترى مصادر مالية لـ”البناء” ان إضراب المصارف مرده عدم إيجاد حلول نهائية لمشكلة الدعاوى القضائية فضلاً عن انعدام السيولة، وعدم القدرة على ضبط كل الأسواق. واعتبرت المصادر أن على الدولة إيجاد حلول جذرية للأزمة لأن الأمر يتعلق بمصير المصارف والمودعين.
COMMENTS