افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 22 نيسان، 2020

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 15 كانون الثاني، 2020
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 14 حزيران، 2016
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 12 أيار، 2017

البناء
جريمة مروّعة في بعقلين بلا خلفيّات… وتظاهرات سيّارة تواكب الجلسة التشريعيّة
بري: الطائفيّة منعت الرقابة… وحردان: لمواجهة وباء الغلاء وسعر الصرف
إقرار قوانين لمكافحة الفساد… وطريق البقاع… وزراعة القنب… وإرجاء العفو

بقي ثنائي كورونا وأسعار النفط حاضرين في خلفية المشهد العالمي، مع يوم هادئ نسبياً، لكنه لم يحمل الاطمئنان، ففي مسار كورونا انتقل نمو الفيروس من المتواليات الهندسية القائمة على التضاعف كل مهلة زمنية، يومياً أو اسبوعياً أو كل عشرة أيام، إلى المتوالية الحسابية القائمة على زيادة ثابتة يومياً وأسبوعياً، فلم ينتقل عدد المصابين مع منتصف الشهر إلى ضعف ما كان في بدايته، ولا يبدو أنه سينتقل في نهايته  إلى ضعف ما كان في نصفه، بل اختطّ مساراً بين المسارين، بحيث بدا رقم الثلاثة ملايين إصابة هو المرجح بدلاً من المليونين الذي يعني الاستقرار وبدء الاحتواء، والأربعة ملايين الذي يعني التفاقم والتفشي، لكن بقي القلق قائماً من ظهور حصانين جديدين يتقدمان المشهد، مع تزايد عدد الإصابات في تركيا التي حلت سابعة على الصعيد العالمي وتخطت الصين وإيران مسجلة رقماً يقترب من المئة ألف إصابة، وبالتوازي بلوغ الزيادات اليومية في روسيا رقماً مقلقاً أيضاً يقارب الأربعة آلاف إصابة.
النفط هو الآخر واصل مسيرة الانهيار، لكن بأسعار أفضل من أول أمس، ربما يفسّرها الفرق بين كون أول أمس نهاية فرص البيع الآجل لمخزون شهر أيار، وكون أمس اليوم الأول للعد التنازلي لمهلة شهر حزيران، بحيث بدا تراجع السعر بذاته مؤشراً لما سيبلغه مع استهلاك مهلة الشهر لبيع مخزونات حزيران، لأن القضية هي ذاتها، لا طلب في السوق، ولا أماكن تتسع للتخزين لم يتم استهلاكها، ما يعني أن القلق من مشهد مشابه بعد أسبوعين وما سيليهما ليس مستبعداً، ما لم يتم وقف الإنتاج وليس فقط خفضه، كما قول الخبراء، خصوصاً مع ما ظهر من فوائض لا تستطيع أي عمليات تخزين استيعابها، فما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قرار ملء المخزونات الأميركية بخمسة وسبعين مليون برميل تعني امتصاص فائض يومين من أيام الإنتاج لا أكثر، في ظل تراجع الطلب على النفط إلى نصف الكميات المنتجة في أسواق العالم، وصعوبة بلوغ وضع أفضل في منتصف الشهر المقبل.
في لبنان الذي هزّته ليلاً الجريمة المروعة في بلدة بعقلين الشوفية، والتي لم تتضح خلفياتها البعيدة عن السياسة، كما قالت مصادر أمنية، كان النهار للجلسة التشريعية التي لم تنجح المسيرات السيارة تحت عنوان مواصلة انتفاضة 17 تشرين والتلويح بعودتها، في حجب الحضور الطاغي للجلسة التشريعية، التي قدمت مشهداً سياسياً بدا ممسوكاً تحت سقف عدم الاشتباك  المفتوح، رغم الاحتباس السياسي بين الكتل النيابية خصوصاً شركاء التسوية الرئاسية في حكومة الأمس تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، وكان الحصاد التشريعي مؤشراً على وجود شبكات أمان لتوفير الأغلبية اللازمة لتمرير عدد من مشاريع واقتراحات القوانين، بمثل شبكة أمان توفير النصاب الذي لم يظهر كمشكلة مع جلسة الأمس، وفيما استهلك قانون العفو أغلب السجالات، والوقت، تم تأجيله لمزيد من النقاش في لجنة خاصة، بينما أقرت قوانين تتصل بمكافحة الفساد وإطلاق نفق حمانا شتورا، وتشريع زراعة القنّب الهندي للأغراض الطبية.
رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قاد العملية التشريعية، ورتب مناخاتها السياسية، قال في جواب عن مدى قيام المجلس النيابي بمهمته الرقابية، أن النظام الطائفي هو الذي عطل مهام المجلس الرقابية، بينما كان لرئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان كلام عن الجلسة، أشاد فيه بأداء الحكومة في مواجهة وباء كورونا، داعياً لمواجهة وباء الغلاء وسعر الصرف.

ودعا رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان الحكومة اللبنانية إلى الإحاطة الكاملة بكل مسؤولياتها، معتبراً أنّ الظرف الاستثنائيّ الدقيق الذي فرضه وباء كورونا المستجد على لبنان كما على العالَم قاطبةً، تطلّب إجراءات حازمة على الصعيد الصحي، ويسجل لوزارة الصحة والحكومة نجاحهما على هذا الصعيد، لكن ماذا عن وباء الغلاء الفاحش الذي يفوق قدرة الناس على تأمين لقمة العيش؟

 وقال حردان في تصريح له أمس، إنّ الأولوية في هذا الوقت هي لصحة الناس، وقاية وغذاء على حد سواء، مؤكداً على ضرورة تلازم إجراءات الوقاية ضد فايروس كورونا بإجراءات حماية المستهلك من وباء الغلاء الفاحش الذي يَحُول دون تمكّن الفقراء والعاطلين عن العمل من توفير الغذاء لعائلاتهم، وهذا تحدّ خطير لا بدّ من إجراءات حازمة بشأنه، وعلى وزارة الاقتصاد أن تضطلع بعِدة إجراءات عملية لمكافحة وباء الغلاء.

وأضاف حردان: إن تذرّع وزارة الاقتصاد بأنها لا تمتلك فِرَقاً كافية للقيام بمهام حماية المستهلك، يخالف حالة التعبئة العامة التي أعلنتها الحكومة والتي تفرض تعاوناً وتكاملاً بين جميع الوزارات والمؤسسات للقيام بمسؤولياتها على صعيد الأمن الصحي والاجتماعي والمعيشي على حد سواء. 

وتابع: إن الارتفاع الجنوني للأسعار شكْلٌ من أشكال الاستهداف المتعمد للاستقرار الاجتماعي، وهذا أمر خطر جداً لا بدّ من مواجهته. وطالب وزير الاقتصاد، ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك، بإعلان حالة التعبئة والاستنفار في وزارته والاستعانة بالجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وجميع الأجهزة الأمنية والوزارات متى اقتضى الأمر، بهدف النزول إلى الأرض لمواجهة وباء الغلاء ووضع حد لتجار الأزمات الذين يجدون فيها ضالة جشعهم لجني الأرباح غير المشروعة من دون أي اكتراث أخلاقي وإنساني بحياة الناس ولقمة عيشهم.

وقال: المرحلة الراهنة تتطلب مهامَّ استثنائية وقرارات حازمة، ولا يجوز الوقوف على الأطلال والحديث عن محدوديّة الطاقات والإمكانات، فحال التعبئة العامة، تتطلب خطوات وإجراءات تحمي المواطن من خطر وباء الكورونا ومن خطر الأوبئة الموازية المتمثلة بالغلاء الفاحش وبالانفلات الحاصل في سوق الصرافة التي تتلاعب بسعر صرف الليرة مقابل الدولار بوتيرة تجاوزت حدود احتمال المواطنين.

على صعيد آخر، أسقط مجلس النواب صفة العجلة عن اقتراح قانون العفو العام وأحال الاقتراحات المقدمة بهذا الشأن على اللجان المشتركة وأعطاها مهلة 15 يوماً لدراستها.

وقد سجل كتل لبنان القوي والقوات والكتائب اعتراضهم على اقتراح قانون العفو في مقابل تأييد كتل أمل وحزب الله والمستقبل والاشتراكي. وأعلن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل خلال الجلسة أن “الوباء لا يغطّي الجريمة، لا يجوز تمرير العفو تحت جنح الكورونا”. فردّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على باسيل قائلاً: “من حق المجلس أن يشرّع وعندما يأتي المشروع من المجلس يكون اقتراحاً وعندما يأتي من الحكومة يكون مشروعاً”.

وحاول نواب التيار الوطني والكتائب والقوات، بحسب ما علمت “البناء”، إسقاط صفة العجلة عن اقتراح العفو ورفضوا تمريره تحت حجة الكورونا لا سيما أن الاقتراح كما هو يستفيد منه بعض المشاركين بقتال الجيش اللبناني والقوى الأمنية وبجرائم إرهابية. فيما قالت مصادر نيابية إن التيار كان يريد شمول الاقتراح عائلات العملاء اللحديين لكن ذلك قوبل بالرفض من كتل أخرى ما دفع التيار الى رفضه كاملاً. ولذلك طلب الرئيس بري إعادته الى اللجان المشتركة لدرسه خلال 15 يوماً، علماً أن عدداً من النواب كانوا قدّموا اقتراحات منهم النائب بهية الحريري وياسين جابر ونقولا النحاس وغيرهم. فيما أوضح نواب الوفاء للمقاومة لـ”البناء” أن “اي قانون عفو لن يشمل كل الجرائم التي تدخل في الأرهاب وقتل الجيش والقوى الأمنية كما لا تشمل العملاء الإسرائيليين”.

ودخل الرئيس سعد الحريري على خط الجلسة من منزله بعدما غاب عن الجلسة لوجوده في الحجر المنزلي وقال عبر “تويتر”: “منذ اللحظة الاولى كنا واضحين بإصدار قانون عفو يستثني كل مَن على يده دماء. اما وقوف البعض ضده اليوم طمعاً بتطييف المسألة او ظناً أنه سيستعيد شعبية خسرها في طائفته وجميع الطوائف فهو موقف غير أخلاقي وغير إنساني وسيرتد على أصحابه”.

وأقر المجلس النيابي اقتراح القانون الرامي الى تنظيم زراعة القنب للاستخدام الطبي. وقد رفضت كتلة “الوفاء للمقاومة” التصويت لصالح الاقتراح. وقال النائب حسين الحاج حسن في تصريح على هامش الجلسة: “نتكلّم عن قانون ينظّم زراعة القنّب ولكن من دون تقديم دراسة جدوى اقتصادية، ولذلك نعترض”، وأعلن أن “عدداً من الزملاء المستقلين صوتوا ضد الاقتراح أيضاً”. وقالت مصادر كتلة الوفاء للمقاومة لـ”البناء” إن “حزب الله لا يرى اي جدوى اقتصادية من هذا القانون لا سيما في غياب دراسات علمية على ان هذه المادة أي القنب تدخل في إطار الصناعات والمواد الطبية وان إقراره يمكن ان يشرع زراعتها والاتجار بها بشكل عشوائي ولغير الأغراض المحددة في القانون”.

في المقابل أشار عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب أنطوان حبشي أنه تمّ درس موضوع زراعة القنب لأكثر من سنة والتاجر يحصل على أرباح طائلة وما يقوم به القانون اليوم هو تحرير المزارع.

كما صوّت ضد الاقتراح نواب حزب “الطاشناق”.

أما عضو كتلة “المستقبل” النائب سمير الجسر، فاعتبر خلال كلمة له خلال جلسة مجلس النواب، أن “لبنان دولة لا هيبة له”، وسأل: “وقت اللي كان في هيبة للدولة ما قدرنا نمنع الحشيشة، هلأ بده يكون عنا هيبة؟”. وأيدت كتلة اللقاء الديمقراطي اقتراح قانون زراعة القنب للاستخدام الطبي، وكمدخل لتأمين موارد مالية، ومعالجة هذه الآفة المزمنة ومفاعيلها الاجتماعية والأمنية. فيما أيد نواب حزب الكتائب الاقتراح.

وأقرّ المجلس قانون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

وأحال الرئيس بري اقتراح قانون الإثراء غير المشروع الى اللجنة الفرعية التي يرأسها رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان والتي تبحث منظومة القوانين المرتبطة بالإثراء ورفع السرية المصرفية.

وطالب كنعان بردّ قرض بقيمة 89 مليون دولار يتعلق بالصرف الصحي في حوض الليطاني إذا كان جديداً ولم يكن جزءًا من قانون برنامج مقر سابقًا.

وسقط اقتراح القانون المقدّم من النائب بولا يعقوبيان الرامي الى منح النائب الصفة والمصلحة لطلب إبطال الأعمال الإدارية، واعترض عليه كل من “المستقبل” و”التيار الوطني الحر” والحزب “التقدمي” الاشتراكي” و”حركة امل”.

وعلّق رئيس الحكومة حسان دياب على اقتراح القانون، ورأى أن “الاقتراح يؤدي الى عرقلة العمل الاداري ويمس بعمل السلطات وفصلها”، وأضاف: “من هذا المنطلق موقف الحكومة هو عدم الموافقة”.

أما النائب باسيل، فاعتبر أن “الاقتراح يدمج بين صفتين (الادعاء والرقابة) وهذا مسّ بفصل السلطات، كما يمكن الطعن به أمام المجلس الدستوري ويُقبل به”.

وأكد الرئيس بري خلال مداخلة في الجلسة المسائية أن “المشكلة في لبنان هي أن الأحزاب لم تحزّب الطوائف بل الطوائف طيّفت الاحزاب”، وقال: “كفى دوراناً حول الحقيقة فالمجلس النيابي لم يستطع القيام بدوره الرقابي بسبب النظام الطائفي”.

ورفضت النائبة يعقوبيان ما سمّته لهجة توبيخ وردت من رئيس الجمهورية ميشال عون في إعادة مرسوم متعلق بإنشاء نفق بيروت – البقاع، فما كان من نبيه بري إلا أن دافع عن عون قائلا: “انا ادافع عن رئيس الجمهورية وهو ليس المسؤول عن اللهجة الواردة في المرسوم وأطلب شطب كل ما يسيء الى مجلس النواب من المحضر”. وقد فسّرت مصادر نيابية الأمر بأن الرئيس بري أشار الى مسؤولية مستشاري رئيس الجمهورية بهذا الخطأ وليس الرئيس عون.

وكان مجلس النواب أقرّ في جلسته الصباحية مشروع القانون المتعلق بإبرام اتفاقية قرض مقدّم من البنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفيذ مشروع تعزيز النظام الصحي في لبنان، وقانون بإلحاق قضاة التدرج بسلسلة رواتب القضاة. ورد بري على المعترضين على الإنفاق على رواتب القضاة بالقول: “فتشوا عن الأموال المنهوبة والمسروقة بدلاً من حرمان عدد قليل من القضاة من حقوقهم”. كما أقرّ المجلس القانون المتعلق بالإجازة للحكومة إنشاء نفق لطريق بيروت – البقاع على طريقة الــ BOT. في موازاة ذلك، طلب رئيس الحكومة سحب قرض الـ ٤،٩ مليون دولار من البنك الدولي للتنمية الزراعية، بعدما انقسمت حوله الكتل النيابية. ورأى قسم من الكتل في القرض ادخالاً لـfresh money نحتاجه اليوم، في حين رفض قسم آخر الاستمرار بمبدأ الاقتراض لاسيما أنه قرض مرتبط بالنازحين. واعترض التيار الوطني الحر على القرض لارتباطه بدعم إبقاء النازحين السوريين. كما رفض التيار والنائب سامي الجميّل مبدأ الاستمرار بسياسة القروض والاستدانة في بلد لم يعد قادراً على الدين، في حين أنّ المستقبل والاشتراكي دافعا عن القرض لحاجته في إدخال مال ودعم الزراعة.

وكانت الجلسة التشريعية انعقدت في قصر الأونيسكو، برئاسة الرئيس بري، وبمشاركة الرئيس دياب والوزراء، وطلب بري من النواب تجاوز موضوع الاوراق الواردة. ورداً على من يتهمون المجلس النيابي بالتقصير وعدم القيام بدوره، أكد بري أنّ المجلس يقوم بواجباته وأكثر. وقال “الجميع يعلم منذ متى كانت هذه الجلسة مقررة وكيف تعطلت وأن هيئة مكتب المجلس وضعت كل المشاريع والاقتراحات على جدول اعمالها وللأسف هناك بعض الزملاء يصدقون ما يقال عن دور المجلس”. وشدّد بري على أنّ “المجلس يقوم بدوره وأكثر تشريعياً ورقابياً مهما قالوا ومهما يقولون”.

واستحوذ الملف الصحي ومستجدات وباء كورونا على جانب من الجلسة مع عدم تسجيل أي اصابة امس، في مؤشر إيجابي يعزز نجاح خطة الحكومة ووزارة الصحة بالسيطرة على الوباء. وأقرّ المجلس إعفاء الهبات والمساعدات المرتبطة بمواجهة كورونا لمدة ستة أشهر بناء على اقتراح النائب كنعان، كما تمّ التركيز خلال الجلسة على موضوع دفع مستحقات المستشفيات الخاصة.

وطالب نواب التيار الوطني الحر بتعليق المادة 32 من قانون الموازنة التي تدعو لوقف إنفاق البلديات وبالتالي تعليق المادة يجيز للبلديات الصرف نظراً للحاجة اليهم في مواجهة كورونا.

ولم تسجل أية سجالات سياسية حادة رغم بعض “الزكزكات” بين المعارضة والحكومة، بغير ما كان متوقعاً، اذ عمل الرئيس بري على ضبط اي سجال والغى الاوراق الواردة، وقالت مصادر نيابية في الاشتراكي لـ “البناء” إننا لسنا ضد العهد والرئيس عون والتيار ولا مشكلة لنا معهم في التعيينات، بل في اتجاههم الى الاطاحة بالنظام السياسي والاقتصادي القائم وتكريس نظام المحاصصة. وهذا لن نسمح به.

وبحسب مصادر نيابية فقد رأت ان الاقتراحات والمشاريع التي أقرت كانت محل اتفاق مسبق بين الكتل النيابية وكذلك الاقتراحات التي سقطت ايضا متفق على إسقاطها. اما الحضور الكبير من كل الكتل النيابية فمؤشر على مصلحة كل طرف بتمرير اقتراح معين.

على صعيد آخر، بقيت أزمة ارتفاع اسعار السلع والمواد الغذائية والخضار ومؤخراً سعر ربطة الخبز وارتفاع سعر صرف الدولار في واجهة الاهتمام الرسمي وسط تصاعد وتيرة الغضب والاحتجاجات من قبل المواطنين لا سيما على ابواب شهر رمضان، ولهذه الغاية أعلن وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة خلال جولة تفقدية على بعض المحال التجارية، أن لديه “وثيقة عن اتفاق بين 8 أفران على أن تكون ربطة الخبز بـ900 غرام وفي بعض المناطق بيعت ربطة الخبز بـ1750 ليرة، وعلى الافران أن تعلم أننا في دولة قانون وسنقوم بكلّ ما يلزم لتصحيح الامور”. وكان نعمه بدأ صباح أمس، بجولة مع مراقبي مديرية حماية المستهلك على المخابز والأفران في منطقة الزلقا، ومناطق اخرى عدة. وقال من خلدة “تمت مصادرة البضائع المخالفة بإشارة من القضاء المختص وسيتم تسليمها للبلدية وندعوها إلى توزيعها على الفقراء”.

وسط هذه الأجواء، لا تزال الخطة الاقتصادية التي يفترض ان تقرها الحكومة في الأسابيع المقبلة عالقة ومدار أخذ ورد بين المعنيين بها. وبحث رئيس الحكومة في السراي مع سفير فرنسا في لبنان برونو فوشيه في آخر التطورات وفي مشروع الخطة المالية المقترح من الحكومة.

وقد جاءت التحركات الشعبية مسيّسة، بحسب مصادر سياسية على وقع الجلسة النيابية. وبحلة جديدة وقد انتقدت المصادر خرق التعبئة العامة رغم تقيد المحتجين ببعض الإجراءات الحكومية، لكن التجمع الشعبي بحد ذاته يشكل خطراً كبيراً. وكان عدد من المواطنين تجمّع عند تقاطع الرينغ قبل أن يخرجوا بمسيرة سيارة نحو قصر الأونيسكو تزامناً مع انعقاد الجلسة التشريعية، وانطلق محتجون بمسيرة سيارة من ساحة انطلياس باتجاه ساحة الشهداء رفضاً للاوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار، وأكدوا ان “الثورة مستمرة”، مطالبين “بالعدالة الاجتماعية وبدولة القانون والمؤسسات واستقلالية القضاء ومحاسبة الفاسدين”. وفي طرابلس ايضاً، جالت مسيرات سيارة الشوارع رفضاً للاوضاع المعيشية، وهذا ما حصل في صيدا وصور والنبطية وبعلبك ايضاً.

على صعيد آخر، شهدت بلدة بعقلين جريمة مروعة أدت الى سقوط 9 قتلى بينهم 6 سوريين، وشخص من بعقلين يُدعى ك. ن. ح. وآخر من بلدة عرسال.

وافيد أن من بين القتلى الـ9 سيّدة وجدت مذبوحة في أحد المنازل المجاورة لمسرح الجريمة. وعُلم أن من بين الضحايا طفل وفتى. ولم تعرف حتى الآن اسباب الجريمة، التي استُخدمت فيها بندقية “بومب اكشن” و”كلاشنكوف”. وفرّ الجاني عبر أحراج بعقلين القريبة من منطقة النهر، وعملت العناصر الأمنية على ملاحقته. وافادت المعلومات مساء امس عن إلقاء القبض على اللبنانيين م. و ف. حرفوش المشتبه بهما بارتكاب جريمة بعقلين.

واستنكر الرئيس حسان دياب الجريمة المروّعة. وطالب الأجهزة الأمنية والقضائية الإسراع في التحقيق في هذه الحادثة الأليمة وكشف ملابساتها ومرتكبيها لمحاسبتهم، متوجّهاً بالتعازي إلى عائلات الضحايا.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

اللواء
فريق بعبدا يشاغب على التشريع.. وبري يتهم المستشارين
تأجيل قانون العفو وحزب الله يعارض «زراعة القنب» . .. والتعبئة إلى 12 أيار

ينهي مجلس النواب اليوم، بجلسة صباحية الجولة التشريعية التي تدخل التاريخ، من بابين: مواجهة فايروس كورونا، والانعقاد خارج مقر المجلس في قصر الأونيسكو في قاعة تتسع لألف شخص، تحقيقاً لقاعدة التباعد الاجتماعي، وإجراءات الوقاية للنواب، الذين حضر بعضهم مرتدياً كمامات وقفازات، فيما تمرد البعض الآخر، متسلحاً «بالتذاكي» والتشاطر، غير عابئ بالتعبئة العامة، وتحول سلوكهم هذا إلى انتقاد وتندر، بعد العجز عن الزامهم بالاجراءات الواقية، ليكونوا قدوة للمواطن العادي، بعد ان تغيرت نتيجة الفحوصات ليوم أمس من صفر حسب بيان وزارة الصحة إلى حالة إيجابية، حسب بيان مستشفى رفيق الحريري، فيما تمضي السلطات الصحية إجراءات فحصوات على عينات عشوائية، للتثبت من عدم التفشي المجتمعي للوباء، ضمن خطة وضعت تمهيداً لاتخاذ قرار في ما يتعلق بمآل التعبئة العامة، بدءاً من النصف الثاني من أيّار المقبل.
نجح المجلس في الانعقاد، ولو تحت احتجاجات حراكيين، قرروا العودة إلى الشارع، بالسيارات المسموح بها، وضمن بإجراء تتعلق بالتباعد ووضع الكمامات، وارتداء الكفوف البيضاء والسوداء..
ومع ان مشاريع واقتراحات القوانين الـ20 التي أقرّت من أصل 66 بنداً لم تخل من سجالات واعتراضات، الا انه سجل للرئيس نبيه برّي «مرونة حازمة» قادته إلى تمرير ما ورد من اقتراحات ومشاريع، فارضاً حظراً مسبقاً على الأوراق الواردة، التي كان يُمكن لها ان توتر الأجواء، وتطيل النقاشات دون جدوى، مع العلم ان الرئيس حسان دياب الذي شارك في الجلسة الصباحية، متسلحاً بالثقة وبوزرائه، الذين بعضهم لم يهدأ عن العمل، التزم الصمت، أو ما وصف «بالدبلوماسية الايجابية».

وبدا من سير المناقشات سواء حول ما أقرّ أو تحول إلى اللجان كافة، إلى قانون العفو، ان الجلسة كانت تشريعية بامتياز، وبدا وكأن هناك اتفاقاً غير معلن، ساهم في تمرير ما يجب تمريره، من دون اغفال «رسالة الغمز» التي بعث بها الرئيس برّي إلى الرئيس ميشال عون، محملاً تبعة ما تضمنه رده لقانون الإجازة للحكومة إنشاء نفق لطريق بيروت – البقاع على طريقة الـB.O.T، تضمنت ما يشبه التوبيخ حسب النائب بولا يعقوبيان إلى المستشارين، إذ قال: ان رئيس الجمهورية لا دخل له بهذا الرد، هو أسلوب المستشارين، مؤكداً ان هذا الكلام لا يُساعد على التعاون..

وفي رسالة ثانية، قال بري: إن هذه الجلسة التي شارك فيها 109 نواب معروف منذ متى كان محدد موعد انعقادها، ومعروف من عطلها، فالمجلس وضع كل المشاريع واقتراحات القوانين على جدول الأعمال، وهو سيبقى يقوم بواجباته وأكثر.. «شو ما حكيو».

في موازاة ذلك كان الرئيس حسان دياب خلال الجلسة دبلوماسياً لبقاً في التعاطي مع مداخلات النواب حول بعض المشاريع، وكانت له لفتة مسائية بعد ان كان سحب مشروع قرض للزراعة، هذه اللفتة تمثلت بالإسراع في انتزاعه تحسين شروط القرض لصالح المزارعين من منظمة «إيفاد»، وهذا الامر سيعاد مناقشته اليوم بعد ان كان قد علق النقاش به بالأمس.

هذا الهدوء الذي طبع أجواء الجلسة يساهم إلى حدّ كبير في أن  تكون الجلسة منتجة تشريعياً، حيث بلغت المشاريع واقتراحات القوانين التي صدقت العشرين، فيما احيلت أربعة مشاريع وثمانية اقتراحات قوانين إلى اللجان بعد ان سقطت لحظة التصويت عليها بصفة المعجل المكرر.

وكان من أبرز الاقتراحات التي تمّ التصديق عليها اقتراح قانون زراعة القنب «الحشيشة» للاستخدام الطبي، كمدخل لتأمين موارد مالية، ومعالجة هذه الآفة المزمنة ومفاعيلها الاجتماعية بحسب الذين ايدوا الاقتراح، الذي عارضه نواب «حزب الله» و«المستقبل» وكتلة نواب الأرمن، كما صدق المرسوم الرامي إلى إعادة قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الذي كان قد رده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

اما أبرز اقتراحات القوانين التي سقطت، الاقتراح المعجل المكرر لقانون العفو العام المقدم من النائبين ميشال موسى وياسين جابر، وقد لوحظ ان هناك اقتراحات أخرى فأحال الرئيس برّي جميع هذه الاقتراحات إلى اللجان المشتركة واعطاها مهلة 15 يوماً لدراسة الاقتراحات القديمة والجديدة، بعد ان كان اعترض النائب جبران باسيل قائلاً انه لا يجوز التشريع تحت جناح كورونا، ورد برّي عليه قائلاً: من حق المجلس ان يشرع.

كما احال رئيس المجلس اقتراح قانون الإثراء غير المشروع إلى اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة والتي تدرس منظومة القوانين المرتبطة بالاثراء واسترداد الأموال المنهوبة، ورفع السرية المصرفية والجرائم المالية.

كما صادق المجلس على مرسوم إعادة القانون المتعلق بالاجازة للحكومة وإنشاء نفق لطريق بيروت – البقاع على طريقة الـB.O.T، وصادق من خارج الجدول على اقتراح التمديد للهيئتين التشريعية والتنفيذية في المجلس الشيعي.

ومن المقرّر ان يعود المجلس ويناقش في الجلسة التي يرجح ان تنتهي اليوم، إقرار مشروع القانون الرامي إلى تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية.

مجلس الوزراء
وسط ذلك، دعي مجلس الوزراء إلى جلسة تعقد عند الثانية والنصف من بعد ظهر الجمعة المقبل في القصر الجمهوري، وإقرار البنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك تقييم مراحل التعبئة العامة، والاتجاه الجديد بتمديد التعبئة إلى 12 أيّار، مع اتخاذ إجراءات استثنائية تتعلق بفتح البلد تدريجياً.

مكافحة الفساد
وبين الجلستين، ترأس الرئيس حسان دياب، اجتماعاً للجنة مكافحة الفساد، للبحث بمشاريع القرارات المتعلقة بهذا الملف، والاثراء غير المشروع، وما يتعين فعله لاستعادة الأموال المنهوبة، وفي ضوء القوانين التي أقرّت في الجلسة النيابية.

وجرى التأكيد على الطلب إلى النائب العام التمييزي مراسلة هيئة التحقيق الخاصة لدى المنشأة لدى مصرف لبنان بوضع جردة بجميع البيانات العائدة إلى الأشخاص الذين يتعاطون الشأن العام، ومطابقتها مع التصاريح المودعة لدى مصرف لبنان والمقارنة في ما بينها، وفتح تحقيق فيها بالنسبة إلى الأموال المنقولة وغير المنقولة في حال عدم المطابقة وفق أحكام المادة ١٢ من قانون الإثراء غير المشروع رقم ٩٩/١٥٤.

المرحلة – 2
وتستأنف المرحلة الثانية من عودة اللبنانيين من الخارج الاثنين المقبل، بعد تقييم إجراءات التعبئة العامة.

ولهذه الغاية، عقدت اللجنة الوزارية المكلفة آلية عودة اللبانيين من الخارج اجتماعاً برئاسة الرئيس دياب، بحضور الوزراء المعنيين ورئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمّد الحوت.

وفي هذا الإطار، قال مستشار رئيس الحمهورية للشؤون الصحية والإجتماعية، وعضو اللجنة الوزارية المعنية بملف وباء «كورونا» الدكتور وليد خوري لـ «اللواء» إن «لبنان اليوم في نهاية المرحلة الأولى من السيطرة على الوباء بطريقة مقبولة، والأيام العشرة المقبلة ستكون مفصلية، مشيداً بقرار رفع عدد الفحوصات العشوائية بين 1000 و1500 فحص يجري يومياً..

وأشار إلى أن اللجنة المعنية ستجتمع اليوم لرفع توصيتها الى مجلس الوزراء لتقييم الأمر، مشيرا الى ان «الاعتقاد السائد هو توجه الحكومة الى تمديد التعبئة العامة لأسبوعين اضافيين على ان يتضمن قرار التمديد امكانية فتح بعض القطاعات لكن من دون ان يكون شاملا بإنتظار انتهاء وزارة الصحة العامة من اجراء المسح الشامل»، لافتا الى ان «هذه الخطوة قد تخلق ارتياحا لدى هذه القطاعات».

ويفيد خوري ان «فرق وزارة الصحة جاهزة لوجستيا لاستكمال الاختبارات المتصلة بوباء كورونا في معظم المناطق، وهناك 4000 مركز صحي مخصص لذلك»، متوقفا عند «صعوبة تتصل بحضّ الناس على الاتيان لإجراء الفحص، أي انه اذا كان لا بد من مشاركة 50 شخصا بالاختبار العشوائي يحضر أحياناً 20 شخصاً». ويقول ان «هناك مناطق تطلبت اجراء مسح كعكار وبشري مع ما يستدعيه ذلك من الخضوع للفحوصات»، مشيرا الى «نجاح الأجراءات في منع تفشي الوباء كما حصل في منطقة كسروان ايضاً».

وحول العودة الى المدارس قال خوري: «العودة للمدارس تتطلب دراسة دقيقة، فإما يصار الى تحديد دوامين قبل وبعد الظهر لحضور الطلاب او لا، وفي معظم الأحوال يبقى ذلك رهنا بالأيام المقبلة، كما لا يمكن ان تتطرق التعبئة الى عودة حركة المطاعم او الى أي حركة تشهد ازدحاما للمواطنين». ويضيف إن «اقفال المدارس والمطاعم والمطار والحدود البرية والبحرية ساهم في احتواء موجة الإنتشار والمشكلة قد تكمن في فتح المطار وعودة حركة الطيران»، لافتا هنا الى أن «موضوع المرحلة الثانية من عودة اللبنانيين من الخارج موضع متابعة وستخضع للإجراءات نفسها التي خضعت لها المرحلة الأولى كما ان القادمين من لندن سيجرون فحوصات الـpcr قبل ركوبهم الطائرة».

العملات الاجنبية الى المركزي
مالياً، طلب مصرف لبنان المركزي من المصارف تسديد سحوبات الزبائن من ودائعهم بالدولار بالليرة اللبنانية، وفق سعر الصرف في السوق الموازية، وسط أزمة سيولة حادة وشحّ في العملة الخضراء. وأورد في تعميم أنه في «حال طلب أي عميل (..) إجراء سحوبات أو عمليات صندوق نقداً من الحسابات أو المستحقات العائدة له بالدولار الأميركي أو بغيرها من العملات الأجنبية، على المصارف العاملة في لبنان، شرط موافقة العميل المعني، أن تقوم بتسديد ما يوازي قيمتها بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق وذلك استناداً للإجراءات والحدود المعتمدة لدى المصرف المعني».

وجاء هذا التعميم بعد قرار مماثل مطلع الشهر طلب فيه المصرف المركزي من المصارف منح المواطنين ممن لا تتخطى قيمة ودائعهم ثلاثة آلاف دولار، إن رغبوا، أموالهم بالليرة اللبنانية بحسب سعر صرف السوق، شرط اغلاق حساباتهم. ومع تعميم الثلاثاء، بات سحب الدولار غير ممكن من المصارف بغض النظر عن قيمة الوديعة. وحدّدت جمعية المصارف في وقت سابق سعر الصرف لديها بـ 2600 ليرة، فيما تخطى سعر صرف الدولار في السوق السوداء الثلاثاء 3200 ليرة.

ولا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات مقابل الدولار. وفي إطار السياسة ذاتها، طلب مصرف لبنان الأسبوع الماضي من شركات التحاويل النقدية تسديد قيمة أي تحويل بالعملات الأجنبية وارد إليها من الخارج بالليرة اللبنانية وبحسب سعر السوق أيضاً، على أن تبيعه الدولار.

وأعلنت تلك الشركات أمس أنها ستبدأ تطبيق القرار الجمعة. ويرى خبراء اقتصاديون أن قرارات مصرف لبنان هذه ليست سوى خطوة تجاه خفض سعر صرف الليرة رسمياً، معتبرين اياها خطوة «غير مدروسة» كونها اوجدت سعر صرف ثالثا. ومنذ أيلول، تفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الأموال بشكل عام خصوصاً بالدولار.

كما منعت التحويلات المالية إلى الخارج. وفاقم انتشار فيروس كورونا المستجد من الأزمة بعدما امتنعت المصارف عن تزويد زبائنها بالدولار متحججة بعدم القدرة على استيراد شحنات منه نتيجة إغلاق المطار. وكان يُسمح قبل ذلك للمواطن في بعض المصارف بسحب مئة دولار أسبوعياً. ويحمّل مواطنون وسياسيون المصارف جزءاً من مسؤولية التدهور الاقتصادي المتسارع.

وتوقّع صندوق النقد الدولي انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبنان ١٢ في المئة في العام الحالي، وقال الصندوق إن العجز المالي للحكومة سيصل إلى ١٥.٣ بالمئة لهذا العام.

كما لفت الصندوق الدولي الى أنّ لبنان يواجه تحديات تأثير فيروس كورونا والأزمة المالية والاقتصادية الحالية. والسلطات اللبنانية استفسرت عن إمكانية التمويل الطارئ لكنها لم تطلب رسمياً أي تمويل من الصندوق. ومن جهته، أكدّ الصندوق أنّه يدعم السلطات اللبنانية من خلال المساعدة الفنية والحوار معهم بصورة منتظمة.

وفي إطار مراجعته الإقليمية لاقتصادات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى للعام ٢٠٢٠، ذكر تقرير أصدره الصندوق أنّ الناتج الإجمالي الحقيقي للبنان انكمش ٦.٥ بالمئة في ٢٠١٩ وإن التضخم سيبلغ ١٧ بالمئة في ٢٠٢٠ مقارنة مع ٢.٩ بالمئة في العام السابق.

العودة إلى الشارع
ولاحظت وكالة «فرانس برس» في معرض وصف حركة الاحتجاج في الشارع في زمن كورونا انه على غرار مئات من اللبنانيين، اختار الشاب حسن حسين علي أمس العودة إلى الشارع احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية، لكنه بخلاف المرات السابقة ارتدى قناعاً طبياً ولازم ورفاقه سياراتهم احتراماً للتباعد الاجتماعي في زمن فيروس كورونا المستجد. وتزامنت مسيرات المتظاهرين مع بدء البرلمان جلسة تشريعية، بعدما أجبر تفشي الفيروس النواب على نقل اجتماعهم إلى قاعة مؤتمرات في بيروت.

وتجمّعت السيارات التي رفع معظمها العلم اللبناني تدريجياً في ساحة الشهداء، التي شكلت إحدى أبرز ساحات التظاهر إثر اندلاع حركة احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية في 17 تشرين الأول/أكتوبر. وقال حسن حسين علي (22 عاماً) بينما يمسك بمكبر صوت ويرتدي قناعاً واقياً لوكالة فرانس برس «من الجيد العودة إلى الشارع، ما من شعور أفضل من ذلك». وأضاف «قضى فيروس كورونا على كل شيء إلا أنه لم يوقف فساد السياسيين لدينا، وبالتالي فهو لن يتمكن من وقف تحركنا أيضاً».

وجاب موكب السيارات شوارع عدة من وسط بيروت مروراً بالطريق البحرية وصولاً إلى محيط قصر الأونيسكو، ورافقهم عدد من المتظاهرين على دراجاتهم النارية. وأطلق السائقون العنان لأبواق سيّاراتهم. وخرج عدد من المتظاهرين عبر النوافذ وهم يرتدون قفازات وأقنعة ملونة بعضها بألوان العلم اللبناني. ورفع بعضهم الاعلام اللبنانية وشارات النصر. وأعادت المسيرة التي واكبتها مسيرات مماثلة في مناطق عدة، بينها مدينة طرابلس شمالاً، إلى الأذهان مشهد التظاهرات التي عمّت لبنان ولم تهدأ إلا بعد تشكيل حكومة جديدة مطلع العام الحالي.

وأوضحت لينا العدوي (34 عاماً) «قررت النزول إلى الشارع لأن الدولة تفعل ما تريده، لم نر أي اصلاحات بعد والفساد والتعيينات والمحاصصات قائمة». وأضافت «نحن الثوار تركنا الشارع بسبب وباء كورونا، لكن الثورة لم تنته ولا تزال لدينا مطالب» لافتة الى ازدياد سوء «الحالة الاقتصادية والبطالة وارتفاع الدولار في ظل الفقر والجوع». وعلى غرار العديد من المتظاهرين، اعربت لينا عن اقتناعها بأن المتظاهرين سيعودون إلى الشارع عاجلاً أم آجلاً، وقالت «من لم يشارك سابقاً سينزل الى الشارع بعد زوال كورونا».

وقال المتظاهر جاد عسيلي لفرانس برس «بدل أن يقروا قانون العفو العام، من الأفضل لهم أن يقروا قانون استقلالية القضاء»، معتبراً أن «العفو العام استثناء وليس قاعدة».

صفر كورونا
على صعيد رصد اصابات كورونا لم يسجل التقرير اليومي لوزارة الصحة العامة أي إصابة جديدة بكورونا، وتالياً، ظل عدد الحالات المثبتة 677.

وأوضح التقرير اليومي لمستشفى رفيق الحريري الجامعي عن آخر المستجدات حول فيروس الكورونا Covid-19 وجاء فيه:

– أجرى المستشفى 325 فحصا مخبريا، وأتت نتيجة واحدة ايجابية وباقي النتائج سلبية.

– وصل مجموع الحالات التي ثبتت مخبريا إصابتها بفيروس الكورونا والموجودة حاليا في منطقة العزل الصحي في المستشفى إلى 24 إصابة.

– تم استقبال 12 حالة مشتبه بإصابتها بفيروس الكورونا نقلت من مستشفيات أخرى.

– تماثلت 5 حالات للشفاء من فيروس الكورونا بعد أن جاءت نتيجة فحص ال PCR سلبية في المرتين وتخلصها من كافة عوارض المرض.

– بلغ مجموع الحالات التي شفيت تماما من فيروس الكورونا منذ البداية حتى تاريخه 108 حالة شفاء.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأخبار
مصرف لبنان يسرق الودائع
مجزرة بعقلين: جريمتنا ضد المستضعفين

إذا تجسّد الخبث في مؤسسة ما، فسيكون مصرف لبنان. يعمل بلا محاسبة؛ يخلق كتلاً نقدية تزيد التضخم، ويحرّر سعر صرف الليرة «على ذوقه» ليأكل المزيد من مداخيل الأسر المتوسطة والفقيرة، ثم يمنع عن المودعين دولاراتهم. أحدث فصول هذا المسار، تعميم أصدره أمس الحاكم رياض سلامة، لا يكتفي بتكريس القيود التي تمارسها المصارف استنسابياً على عمليات السحب، بل يوسّعها لإتاحة المجال أمام المصارف لتسديد السحوبات الشهرية بالليرة وبسعر السوق الذي تحدّده بالتعاون مع مصرف لبنان والصرافين. هذا الفعل يترجم كالآتي: مصرف لبنان يشطب خسائره بودائع الناس ويدفّعهم ثمن التضخّم (مقال محمد وهبة).
ثمة فكرة راسخة عند حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بأن الخسائر المتراكمة في ميزانيته بالعملات الأجنبية، والتي حدّدتها اللجنة الحكومية والمستشار المالي «لازار» بقيمة 42.8 مليار دولار، يمكن ردمها عبر سلسلة تعاميم يجري تطبيقها لسنوات. هذه التعاميم تستهدف جذب الدولارات الآتية من الخارج لتغذية أصول مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، وإطفاء الدولارات السابقة المتراكمة كخسائر في التزاماته. لا يهمّ حاكم المصرف رياض سلامة من يدفع الثمن طالما أنه لا يزال خارج المساءلة. ولا يهمه أن التضخّم المقدّر بنحو 27% قد يصبح أكبر بكثير ليأكل مداخيل الأسر ويدفع المزيد منها نحو خطوط الفقر والبطالة والهجرة. ولا يهمه أن يتجاوز سعر صرف الليرة في السوق الفعلية، أي السوق السوداء 3 آلاف ليرة أو 4 آلاف ليرة أو 5 آلاف ليرة أو ربما أكثر… ما يهمه إطفاء الخسائر على حساب الناس.
هذا المسار واضح في التعاميم الأخيرة الصادرة عن الحاكم منفرداً بغياب مجلس مركزي. فالتعميم الأخير يتيح للمصارف إعطاء الزبون خيار سحب دولاراته وفق القيود الاستنسابية وبالليرة اللبنانية حصراً وبسعر السوق المحدّد من المصارف ومصرف لبنان! والتعميم الذي سبقه يمنع المؤسسات المالية غير المصرفية التي تستقبل تحويلات إلكترونية من أن تدفع بالدولار، بل عليها أن تدفع بالليرة، وبسعر السوق نفسه. وقبلها أتيح للمصارف إغلاق الحسابات التي تقل عن 5 ملايين أو 3 آلاف دولار بسعر السوق نفسه. من سمح لهذا «الزبون» الذي أنفق 42.8 مليار دولار من أموال الناس بأن يحدّد معايير سعر السوق، وأن يضرب سلامة النقد خلافاً للمادة 70 من قانون النقد والتسليف من أجل حماية المصارف؟
تكريس القيود وتشديدها
أمس، أصدر حاكم مصرف لبنان تعميماً يحمل الرقم 13221 بعنوان «إجراءات استثنائية حول السحوبات النقدية من الحسابات بالعملات الأجنبية». وينصّ التعميم على أنه «في حال طلب أي عميل لا يستفيد من أحكام القرار الأساسي الرقم 13215 تاريخ 3/4/2020 إجراء أي سحوبات أو عمليات صندوق نقداً من الحسابات أو من المستحقات العائدة له بالدولار الأميركي أو بغيرها من العملات الأجنبية، على المصارف العاملة في لبنان، شرط موافقة العميل المعني، أن تقوم بتسديد ما يوازي قيمتها بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق، وذلك استناداً إلى الإجراءات والحدود المعتمدة لدى المصرف المعني… وعلى المصرف المعني أن يبيع من مصرف لبنان العملات الأجنبية الناتجة عن العمليات المشار إليها». ويضيف: «تبقى سائر العمليات بالدولار الأميركي التي تقوم بها المصارف مع عملائها خاضعة للسعر الذي يحدّده مصرف لبنان في تعامله مع المصارف».
من يصيب التعميم؟ وما هي أهدافه؟ يصاب بهذا التعميم أصحاب الودائع بالدولار الذين يسحبون دولارات نقدية من كونتوارات المصارف وفق قيود وضوابط غير قانونية وغير شرعية أتاحت للمصارف تحديد حجم السحوبات اليومية والأسبوعية والشهرية للمودعين. لعلّ أغلب المودعين غير مسموح لهم بسحب أكثر من 1000 دولار شهرياً مهما كانت أرصدة حساباتهم. كما لا يمكن أي مودع إجراء أي عملية تحويل إلى الخارج حتى لو كانت مبرّرة. هنا المصرف يستنسب. ورغم الكثير من القرارات القضائية الشجاعة التي فرضت على المصارف وقف هذه القيود، إلا أن عمليات استئناف القرارات تأخذ وقتاً يوحي بأن هناك قضاة متواطئين مع المصارف.
في النتيجة، الذين يسحبون الجزء اليسير من أموالهم بالدولار النقدي، باتت خياراتهم بعد هذا التعميم محدودة: أن يمن عليهم المصرف بإعطائهم بعضاً من دولاراتهم نقداً، أو يبلغهم عدم توافر الدولارات النقدية لكن يمكنهم الاستفادة من هذا التعميم. عملياً، المصارف كلّها، ومع الوقت، ستوقف ضخّ الدولارات النقدية (هناك عدد كبير من المصارف أوقف تسديد الدولارات النقدية أصلاً) ولن تترك الخيار للمودعين سوى سحب ليرات بسعر السوق. من يحدّد سعر السوق؟ إنها المصارف بالتنسيق مع الصرافين ومصرف لبنان!
العصابة تقرر بالغطاء نفسه
إذاً، العصابة نفسها ستأخذ كل القرارات. الغطاء السياسي هو عنصر غير ملحوظ في العصابة. فلن يكون هناك من يحاسب المصارف أو مصرف لبنان. لن يكون هناك من يوقف التنكيل بالمودعين. ولن يكون هناك من يوقف خرق القوانين. فهذا التعميم يعني أن مصرف لبنان يضرب سلامة النقد اللبناني المنصوص عليها في المادة 70 من قانون النقد والتسليف، من أجل فرض خيار سحب الودائع بالليرة وبسعر بخس، بعد التنسيق مع جمعية المصارف. كيف ذلك؟ التعميم يستند إلى المادتين 70 و174 من قانون النقد والتسليف. الأولى تشير إلى أن مهمة مصرف لبنان هي: «المحافظة على سلامة النقد اللبناني، المحافظة على الاستقرار الاقتصادي، المحافظة على سلامة أوضاع النظام المصرفي، تطوير السوق النقدية والمالية».
والثانية تنص على أن «للمصرف المركزي، خاصة بعد استطلاع رأي جمعية مصارف لبنان، أن يضع التنظيمات العامة الضرورية لتأمين حسن علاقة المصارف بمودعيها وعملائها. كما أن له أن يحدّد ويعدّل كلما رأى ذلك ضرورياً، قواعد تسيير العمل التي على المصارف ان تتقيد بها حفاظاً على حالة سيولتها وملاءتها».
التعميم يضرب «سلامة النقد اللبناني». هذا يعني أن مصرف لبنان والمصارف اتفقا على ضرب سعر صرف الليرة من أجل تنظيم العلاقة بين المصارف ومودعيها. كيف كانت هذه العلاقة أصلاً في الأشهر الأخيرة؟ كانت علاقة السالب بالمسلوب. فالمصارف حجزت ودائع الناس وضعت، وبشكل استنسابي وعشوائي، قيوداً وضوابط على عمليات السحب والتحويل، قبل أن تسلب اليوم قيمتها الفعلية.
وقف التداول بالدولار
على أي حال، إن أهداف التعميم واضحة، لأنه يأتي بعد سلسلة تعاميم لا يمكن تفسيرها سوى أن مصرف لبنان يتّجه تدريجاً نحو تكريس القيود والضوابط الاستنسابية التي فرضتها المصارف على عمليات السحب والتحويل وصولاً إلى منع التداول بالدولار. هذا الأمر واضح في التعميم 13215 الذي ينص على إغلاق الحسابات التي لا تفوق 5 ملايين ليرة أو 3 آلاف دولار مقابل تسديدها بسعر السوق، أي تحويل الليرات إلى دولارات بسعر مصرف لبنان ثم تحويلها مجدداً إلى ليرات بسعر السوق الذي حدّده مصرف لبنان بالتنسيق مع المصارف والصرافين بقيمة 2600 ليرة للدولار الواحد.
وينسجم هذا الامر مع تعميم يتعلق بمنع المؤسسات المالية غير المصرفية التي تقوم بعمليات تحويل الأموال عبر الوسائل الالكترونية من تسديد قيمة التحويلات الواردة بالعملة الأجنبية، بل عليها أن تدفعها بالليرة اللبنانية بسعر السوق (المحدّد بقيمة 2600 ليرة) وعليها أن تبيع الدولارات لمصرف لبنان. سلامة يسلب دولارات المغتربين أيضاً، أي تلك الدولارات الطازجة التي أتيح للمصارف تسديدها للزبائن نقداً أو تحويلها إلى الخارج مقابل إعفاءات من الاحتياط الالزامي (كما ورد في التعميم الأساسي الرقم 150 الصادر في 9 نيسان 2020). يثير هذا الأمر تساؤلاً واسعاً: فهل إذا كانت الرواتب التي يتقاضاها الأجراء بالدولار بات لزاماً عليهم أن يتقاضوها بالليرة اللبنانية حتى لو كانت عبارة عن تحويلات خارجية طازجة؟ كيف يكون هناك تمييز بين مودع وآخر؟ المودعون الذين صرفت أموالهم وتبخّرت سيعاقبون، فيما المودعون الذين يجلبون أموالاً طازجة سيكونون مميزين؟ على أي أساس وبأي معايير؟
من يدفع ثمن شطب الخسائر؟
أهم ما يكمن في التعميم الأخير والتعاميم السابقة أن مصرف لبنان سيقوم بأمرين:
– في جهة الأصول في ميزانيته، حيث توجد الاحتياطيات بالعملات الأجنبية المتآكلة والتي لم يبق منها سوى 22 مليار دولار، فإن استحواذ مصرف لبنان على دولارات المغتربين سيتيح له تغذية هذه الأصول وزيادتها للتخفيف من حدّة الضغوط التي يتعرض لها بسبب الخسائر المتراكمة البالغة 42.8 مليار دولار.
– في جهة المطلوبات/ الالتزامات، فإن المسألة مبنية على أن ودائع الناس بالدولار هي موظّفة لدى مصرف لبنان وهي تبخّرت. لذا، فإن كل دولار تسدّده المصارف للمودعين بالليرة اللبنانية، يتيح لمصرف لبنان أن يشطب دولاراً من خسائره المتراكمة بالعملات الأجنبية. وفي المقابل، سيدفع مصرف لبنان ثمن هذا الشطب، عبر طبع المزيد من الليرات لإمداد المصارف بسيولة تكفي لتسديد الودائع. المودع، سيدفع الثمن مباشرة عبر «هيركات» مباشر على وديعته يمثّل الفرق بين سعر الصرف السوقي المحدّد من مصرف لبنان بقيمة 2600 ليرة، وسعر الصرف الفعلي في السوق البالغ 3250 ليرة. نسبة الهيركات ستبلغ 20% وربما تزداد مع الوقت، بما أن الليرات المسحوبة من المصارف ستشكّل طلباً إضافياً على الدولار، ما يؤدي إلى ارتفاع إضافي في سعر الصرف.
كذلك سيدفع المستهلك الثمن بشكل غير مباشر بسبب التضخّم الذي سينتج عن الليرات الإضافية التي يطبعها مصرف لبنان ويضخّها في السوق للتداول. أبرز مثال على هذا التضخم، أنه في كانون الثاني 2019 كانت الكتلة النقدية المتداولة بالليرة اللبنانية 5561 مليار ليرة، ثم اتّسعت لتبلغ 15163 مليار ليرة في 15 نيسان 2020. خلال أقلّ من 16 شهراً تضاعفت هذه الكتلة بمقدار 2.7، وازدادت بقيمة 9600 مليار ليرة. في المقابل، ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة من 1507.5 ليرات وسطياً لكل دولار إلى 3250 ليرة، أي إن الفجوة بين سعر الصرف المعمول به لدى مصرف لبنان والمصارف، وبين السعر الفعلي في السوق تفوق 115%. هذا الأمر ليس تفصيلاً في بلد تبلغ خسائره 83 مليار دولار ويطالب فيه رئيس جمعية المصارف ببيع أملاك الدولة لتوزيعها على المصارف وكبار المودعين. هذا هو لبّ معركة توزيع الخسائر التي يجري تحميلها لمداخيل الناس وقدراتهم الشرائية. نسبة التضخّم التي تتوقعها وزارة المال ستصل إلى 27% في نهاية 2020. إنه رقم قياسي يعني المزيد من الخسائر التي تتحمّلها الفئات الأضعف في المجتمع.
مجزرة بعقلين: جريمتنا ضد المستضعفين
شهدت بلدة بعقلين، أمس، مجزرة راح ضحيتها تسعة أشخاص (ستة سوريين وثلاثة لبنانيين)، بينهم طفلان. قُتلت امرأة ذبحاً بالسكين، وأُجهز على الباقين ببندقية صيد، وبإصابة في الرأس لمعظم الضحايا، فيما تلاحق القوى الأمنية شقيقين مشتبهاً فيهما (مقال رضوان مرتضى).
المشهد الذي التقطته كاميرا هاتف للجثث المضرّجة بالدماء، بعد المجزرة التي هزّت بلدة بعقلين في الشوف وراح ضحيتها تسعُ ضحايا، أعاد إلى الذاكرة مشاهد الإعدام التي كانت تنفّذها التنظيمات الإرهابية. معظم الإصابات كانت في الرأس. الجثث في كل مكان. فتى لم يبلغ العاشرة مصابٌ بطلقة فجّرت رأسه وكأنما القاتل ألصق فوّهة بندقيته برأس ضحيته. إلى جانبه فتى في الخامسة عشرة قتل بالطريقة نفسها. الطفلان الشقيقان، حسن وأحمد، يبدو أنهما فرّا سوياً من القاتل واحتضنا بعضهما بعضاً قبل أن يجهز عليهما. والدهما كان أيضاً صريعاً على مقربة منهما. بين القتلى أيضاً شابٌ يدعى ياسر الفريج، وشابان آخران من عرسال قُتلا في أحد الحقول. على الطريق نفسه، عُثر أيضاً على كريم حرفوش مقتولاً تحت دراجة نارية كان يقودها. سرعان ما تبيّن أن هناك أيضاً جثة لسيدة ثلاثينية عُثِر عليها مذبوحة في منزلها، وهي معلمة الرياضيات منال تيماني، زوجة م. ح، موظف الأمن في جامعة Auce في عاليه، والذي يشتبه في ارتكابه المجزرة التي راح ضحيتها تسعة أشخاص، بينهم زوجته وشقيقه، قبل أن يتوارى مع شقيق آخر يعمل مزّيناً نسائياً. لم يُعثر للفارين على أثر بعد رغم أن القوى الأمنية بمؤازرة مروحيات الجيش مشّطت الأحراج المحيطة بمنزل المشتبه فيهما وبمسرح الجريمة. سريعاً بدأ البحث في «الأسباب». صحيح ان البحث عن الدافع، في أي جريمة، هو واجب السلطة القضائية لإثبات التهمة بحق أي مشتبه فيه. فيما هو أيضاً من واجبات محامي الدفاع لإثبات براءة من يدافع عنه. لكن البحث عن «الأسباب» يبدو في حالة مجزرة نوعاً من دفاع المجتمع عن نفسه. ثمة أفراد من الأشد ضعفاً في المجتمع: طفلان… تُضاف إليهما صفة سوريين ليزداد منسوب استضعافهما في لبنان. امرأة. يكفي ذلك لاختصار انظمة اجتماعية تختلق سبباً «وجيهاً» لقتل امرأة. النائب «التقدمي» مروان حمادة وصف ما جرى بـ«جريمة الشرف»! هل تحتاج هذه العبارة إلى نبش لما تختزنه من تبرير للجريمة؟ قتل تسعة أشخاص يُمكن ان يُسمى في بلادنا – وعلى لسان نائب «تقدّمي» جداً، وما بعد حداثوي للغاية – «جريمة شرف». عدا عن الطفلين والمرأة، تُضاف إلى لائحة المستضعفين «السوريون». بكلمة ادق، هم «عمال سوريون». كلمتان كافيتان لاختصار عقود من الاستضعاف في سوق العمل والمجتمع اللبنانيين… يمكن المحققين العثور على خيط يربط بين مختلف الضحايا: هم أشخاص مستضعفون في المجتمع اللبناني.
لا يُعرف عن المشتبه فيه الاول سوى أنه «خجول وخدوم»، هذا ما يردده عارفوه في الجامعة حيث يعمل منذ أكثر من ١٢ عاماً. يتحدث أحد زملائه عن صدمة تلقاها فور معرفته بالجريمة، كاشفاً أنّه اتصّل به لتعزيته قبل أن يعرف أنه المشتبه الرئيسي فيه. يروي الزميل الذي طلب عدم كشف اسمه عن رحلات صيد جمعته مع المشتبه فيه الذي كان يُتقن صيد الطيور والخنازير. ويتحدث عن رجل هادئ في الظاهر، لكن «عصبي» جدا.
وقع الجريمة كان مدوياً. هي جريمة غير مسبوقة في لبنان منذ ان نفّذ أحمد منصور مجزرته الشهيرة في منطقة الاونيسكو في تموز 2002، حين قتل 8 من زملائه في صندوق تعاضد أساتذة التعليم الخاص. امس، حضرت مختلف الأجهزة الأمنية لتباشر التحقيق في الجريمة: الجيش والأمن العام والشرطة القضائية وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. غير أن الحقيقة الكاملة لم تظهر بعد. لم يكن هناك سوى نُتف روايات لفرضيات وضعتها القوى الأمنية، لكن أياً منها لا يمكن أن يكتمل من دون العثور على المشتبه فيهما المتواريين. الفرضية الأولى تقول إنّ الجريمة بدأت من منزل المشتبه فيه الذي يُعتقد أنه ذبح زوجته منال لاتهامه لها بخيانته مع أحد العمّال قبل أن يتوجه ليُجهز على جميع العمال السوريين بمساعدة شقيقه. أما قتله لشقيقه كريم، فتشتبه القوى الأمنية بأنه قد يكون حصل عن طريق الخطأ.
الفرضية الثانية تتحدث عن احتمال أن يكون أحد ما قد قتل منال، فقتل زوجها الآخرين. غير أن القوى الأمنية تستبعد هذه الفرضية على اعتبار أن الزوج لم يكن ليفر لو كان ارتكب المجزرة بذريعة «الثأر».
وفي مقابل الفرضيتين، يحضر منشور كتبته الضحية منال تيماني على حسابها على فايسبوك. تصف زوجها فيه بـ«حبيبي ورفيقي وسندي الوحيد في هذه الحياة». وتمتدح «حنّيته» عليها وتشكر الله لكونها اختارت أفضل أبٍ لأولادها.

Please follow and like us: