… تبعاً لما يرويه وزير سابق، في المقلب الآخر من الحزب، عما سمعه من مسؤولين فرنسيين وعرب ان من المتعذر توقع تأليف حكومة في ما بعد يكون حزب الله في عدادها على غرار السنوات العشر المنصرمة، بعدما اضحى في مواجهة علنية، اكثر من ذي قبل، مع الاميركيين ودول عربية عدّته تنظيماً بدورها ارهابياً. ناهيك بأن استمرار العقوبات يحول دون دخوله اي حكومة جديدة تصبح بدورها في دائرة الشكوك الاميركية. وهو مغزى ما بات يُنسب الى الحزب التلميح اليه بربط القانون الاميركي بالسلة السياسية الداخلية. مفاد ما يستخلصه الوزير السابق ان لا انتخاب رئيس للجمهورية في مدى منظور.
+++++++++++++++
النهار
حماية الاستقرار المالي تستنفر القطاع المصرفي
استعجال التحقيقات وتشدّد في الالتزامات الدولية
“اذا كانت متفجرة فردان التي استهدفت “بنك لبنان والمهجر” مساء الاحد الماضي اشاعت أجواء ملبدة بالقلق من عودة للاستهدافات الامنية لا تزال الاسئلة الكبيرة حولها تنتظر الخيوط الاولى في التحقيقات الجارية في هذا التطور لتبين المعالم الدقيقة التي تقف وراءه، فإن الامر الايجابي الذي برز غداة الحادث تمثل في اثبات متانة الوضع المصرفي والمالي بحيث لم تسجل أي تطورات تعكس ذعراً أو خوفاً عاماً من أثر التفجير على الاستقرار المالي والمصرفي.
ولكن على رغم اتسام الحركة المالية بوتيرة طبيعية في العمليات المصرفية فان ذلك لم يحجب تصاعد القلق من عدم اتضاح ملابسات التفجير بكل ما ينطوي عليه من غموض واحتمالات متعددة الجانب وخصوصاً لجهة ما عكسه استنفار القطاع المصرفي حيال التفجير الذي طاول أحد أبرز المصارف من ترجيح لكفة استهداف القطاع عموما على كل الاحتمالات الاخرى. وبدا من التحركات الفورية التي حصلت غداة التفجير ان ثمة حرصاً لدى المعنيين في القطاع كما لدى القيادات السياسية التي تعاملت مع التفجير باعتباره مساً بالخط الاحمر للاستقرار المصرفي والاقتصادي على استعجال نتائج التحقيقات الجارية من جهة وتثبيت الحقيقة المتصلة بعدم امكان أن يحيد القطاع المصرفي قيد انملة عن التزام موجبات قانون العقوبات الاميركي ضد “حزب الله” لان أي مفاوضات في شأن هذا القانون تتصل بمرجعيته الخارجية وليس باي فريق داخلي. وتبعا لذلك فان التطور الامني الذي تمثل في استهداف “بنك لبنان والمهجر” على خطورته لن يبدل واقع التعامل المصرفي الاضطراري مع موجبات القانون الاميركي لان هذا القطاع يدرك تماماً المحاذير الشديدة الخطورة عليه وعلى الاستقرار المالي والمصرفي للبنان عموماً جراء أي سلوكيات أو آليات مخالفة، علما ان مصارف كبرى عالمية مرت بتجارب مماثلة ولم تتمكن إلا من الامتثال لموجبات عقوبات مشابهة تحت وطأة تعرضها لمحاذير خطرة.
وقالت مصادر مصرفية شاركت في الاجتماع الاستثنائي لجمعية المصارف أمس لـ”النهار” إن مرحلة ما بعد التفجير لن تختلف عما قبلها من حيث التزام القوانين الدولية ومنها الاميركية وخصوصاً في ما يتعلق بتطبيق القانون الاميركي الخاص ب”حزب الله ” لكون تنفيذه ليس خيارا تأخذه المصارف اللبنانية بل التزام يمليه واجب حماية المؤسسات المصرفية أولاً والاقتصاد اللبناني تالياً والذي يشكل القطاع المصرفي عموده الفقري. ولفتت الى ان المصارف اللبنانية ليست الجهة التي أصدرت هذا القانون بل انها تنفذه مضطرة حرصاً منها على تفادي عواقب عدم الالتزام وحماية للمودعين واستقرار الليرة اللبنانية. واوضحت المصادر ان رئيس مجلس ادارة “بنك لبنان والمهجر” سعد الازهري قدم خلال الاجتماع عرضا لبعض الاجراءات التي اتخذها المصرف في الفترة الاخيرة والتي لم تختلف عن الاجراءات الاخرى التي اتخذتها المصارف في ما يتعلق بالتعامل مع بعض الحسابات. وأفادت ان الاجتماع افضى الى تأكيد تضامن القطاع المصرفي والتشدد في حمايته والتصدي لاي محاولات لزعزعة الاستقرار الاقتصادي.
اما في الاجتماع الاخر الذي رأسه رئيس الوزراء تمام سلام في السرايا في حضور وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه فشدد سلام على التنديد بـ”التفجير الارهابي الذي يرقى الى مرتبة المساس بالأمن القومي للبنان”، كما اكد المجتمعون “الثقة بالاجراءات التي يقوم بها المصرف المركزي محلياً ودولياً لحفظ النظام المالي اللبناني وتعزيز مناعته وتثبيت سمعة لبنان المالية”. وأن وزير المال ان العمل مستمر على احتواء الموضوع “بطريقة هادئة ومسؤولة بعيداً من السجالات”.
في غضون ذلك، انهت الادلة الجنائية عملية رفع الادلة في مكان التفجير، وعلم ان العبوة الناسفة تقدر بسبعة الى ثمانية كيلوغرامات من المواد الشديدة الانفجار. وجمع عناصر شعبة المعلومات افلام الكاميرات في المنطقة كما يعمل المحققون على تفحص داتا الاتصالات في المنطقة المستهدفة فضلاً عن التدقيق في روايات تحدثت عن سيارتين مشتبه فيهما مرتا في المكان المستهدف قبل حصول التفجير.
وأبلغت مصادر نيابية مواكبة للموضوع المصرفي “النهار” أن الانفجار الذي إستهدف “بنك لبنان والمهجر” كان “رسالة معروف من أرسلها الى المصرف المعني أولاً والى اللبنانيين ثانيا”. ولاحظت أن التحرّك الرسمي والمصرفي بعد الانفجار “دلّ على ان المعنيين أخذوا الرسالة على محمل الجد”. وأشارت الى ان “النتيجة الاولى لما حصل هي التأثير على ما يمكن أن ينتظره لبنان من حركة إقتصادية في موسم الصيف”.
اما في الاصداء السياسية، فاعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري ان التفجير “انما يستهدف لبنان أولاً و”حزب الله ثانياً قبل ان تصل شظاياه الى أحد أهم مصارفنا لبنان والمهجر “. ووجه الرئيس سعد الحريري ” تحية تضامن مع كل الصامدين في لبنان ومع القطاع المصرفي وحاكم مصرف لبنان ” قائلاً: “فلنصفق لكل الابطال الصامدين في وجه الارهاب”. وأكد رئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع الوقوف مع القطاع المصرفي “عماد الاقتصاد اللبناني ومن غير المقبول تعريض هذا القطاع لأي مخاطر كرمى لعيون كائن من كان”.
ويشار في هذا السياق الى ان أي رد فعل لم يصدر عن “حزب الله” على التفجير، خلافاً لما كانت وسائل اعلام قريبة من الحزب قد توقعت أمس.
“المستقبل”
في سياق آخر، علمت “النهار” أن إجتماع المكتب السياسي لـ”تيار المستقبل” أمس برئاسة الرئيس الحريري، كان استناداً الى مصادر المشاركين، مميزا من حيث “الصراحة في المناقشات فلم تكن هناك مواضيع محرّمة ولا قرارات معلّبة المطلوب البصم عليها، بل كانت هناك أجواء ديموقراطية حرص خلالها الرئيس الحريري على الاستماع الى آراء جميع الاعضاء داعياً من لم يدل برأيه الى أن يقول ما يراه. وأستغرق الاجتماع قرابة ثلاث ساعات وتخلله تكليف لجنة تحضيرية للمؤتمر العام للتيار بين 15-16 تشرين الاول المقبل. وقالت المصادر إن المكتب السياسي سيعود الى الاجتماع في الاسبوعيّن المقبليّن” لمواكبة التحضيرات إنطلاقا من قراءة العبر في نتائج الانتخابات البلدية والاستعداد للانتخابات النيابية والتطلع الى ضخ دم جديد في التيار يواكب تطلعات الاجيال الشابة”.
++++++++++++++++++++++++++
السفير
أين قصّرت الحكومة و«حزب الله».. ورياض سلامة والمصارف؟
وقائع ما قبل «التفجير السياسي» لـ«لبنان والمهجر»
“إذا كانت «رسالة» تفجير «بنك لبنان والمهجر»، وهي فتنوية بامتياز، تطال عموما كل لبنان وقطاعه المصرفي.. وتطال خصوصا «حزب الله»، عبر محاولة استثمار الاشتباك السياسي العلني القائم بينه وبين مجموعة مصارف اتهمها بالمبالغة في تطبيق القانون المالي الأميركي، فان ردود الفعل اللبنانية، ولا سيما السياسية والمصرفية، اتسمت بمسؤولية وطنية عالية جعلت «الرسالة» تعطي مفعولا ايجابيا بعكس غاية المخطط والمنفذ أو من «تبرع» بإصدار الأحكام، من أهل السياسة والاقتصاد والإعلام.
واعتبارا من اللحظة التي سمع فيها دوي الانفجار، بدا أن الجميع استشعر الخطر الداهم، خصوصا أن «الحرب الأميركية الناعمة» ما زالت في بدايتها، وثمة فصول منها ستتكشف في المرحلة المقبلة، وتزيد من حجم التحديات المحدقة بالقطاع المصرفي على وجه التحديد.
ولقد جاءت اجتماعات الأمس في جمعية المصارف والمصرف المركزي والسرايا الكبيرة، وما رافقها من مشاورات على أعلى المستويات، خصوصا بين قيادة «حزب الله» وحاكمية المصرف المركزي، لتبين أن لبنان على عتبة مرحلة جديدة من التعامل مع القانون المالي الأميركي الموجه ضد «حزب الله»، يفترض أن ترتسم خلالها حدود الأدوار والصلاحيات وتتبلور المعايير، على قاعدة أولوية الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.
هذا الواقع الجديد، لا يعفي الجميع من مراجعة نقدية، خصوصا في ظل أداء غلب عليه غياب الرؤية الاستراتيجية من جميع الأطراف المعنية.
الحكومة.. أول المقصرين
ولعل أول المقصرين في هذا المجال هو الحكومة اللبنانية، فالقانون الأميركي وضع على النار في العام 2014، ولطالما أرسل سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد برقيات ديبلوماسية الى وزارة الخارجية اللبنانية يعرض فيها كيفية تطور الموقف في المؤسسات الأميركية، لكن المؤسف أن مصيرها كان الرمي في الأدراج من دون ادراك أبعاد اتهام حزب لبناني وازن ممثل في الحكومة ومجلس النواب، بتهم خطيرة كالتي وجهت اليه.
ولا يبرر الفراغ الرئاسي أبدا أية محاولة للتنصل من تحمل المسؤولية ولو بحدها الأدنى، فقد كان الأجدر بالحكومة أن تبادر وتقتحم.. وأن يتوجه رئيسها وكل الوزراء أصحاب الاختصاص الى العاصمة الأميركية لتحذير الادارة الأميركية من مخاطر هذا التصنيف السياسي لفئة لبنانية عبر وسمها بـ «الارهاب» ومحاولة عزلها، ومن ارتدادات ذلك على السلم الأهلي.
ظلت الحكومة مكتوفة اليدين حتى صدر القانون الأميركي، فقررت أن ترسل وزير المال علي حسن خليل الذي بدا أنه في قراره بزيارة واشنطن انما كان يلتزم بقرار مرجعيته السياسية (رئيس مجلس النواب)، مكملا المهمة التي قام بها الوفد النيابي برئاسة ياسين جابر، وهما زيارتان متأخرتان لا أحد ينتقص منهما، لكن كان الأجدر أن يحصلا قبل ذلك بكثير، مثلما ينبغي القول اليوم أنه لم يعد مسموحا ترك اللوبي الاسرائيلي ـ الاماراتي ـ السعودي، يسرح ويمرح وحده على «المسرح الأميركي» في المرحلة المقبلة.
ولعل اجتماع الأمس في السرايا برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام وحضور وزير المال وحاكم المصرف المركزي رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه يؤسس لمناقشة استثنائية لهذا الملف في جلسة الحكومة المقررة الخميس المقبل، يصار بعدها الى تكليف الوزراء المعنيين بالتواصل الدائم مع السلطات الأميركية، من زاوية تأكيد احترام لبنان للقوانين الأميركية طالما أننا نعيش في زمن «الدولرة»، ولكن في الوقت نفسه، مطالبة الأميركيين باحترام السيادة اللبنانية عبر تحديد المرجعيات المعنية والمعايير التي لا يمكن القفز فوقها.
هل قصّر سلامة والمصارف؟
هذا هو الحاجز الأول (السلطة السياسية) الذي فرط به اللبنانيون منذ سنتين، وأفسح أمام تضخم أدوار حاكمية مصرف لبنان المركزي وجمعية المصارف، من دون الانتقاص من الدور الذي لعبه هؤلاء بالتحذير المبكر والمتكرر من أبعاد ما يحضر في المطابخ الأميركية للبنان، وذلك في محاولة صادقة من هؤلاء لتعويض النقص الناجم عن الفراغ المخيف في السلطة السياسية.
وهنا يسجل لهؤلاء أنهم نجحوا في إدخال تعديلات على القانون الأميركي، بحيث حذفوا اسم لبنان الذي كان يريد الإسرائيليون جعله يدفع أثمان احتضانه لمقاومة «حزب الله» التي أسست للتحرير في العام ألفين، ولهزيمة مشروع «الشرق الأوسط الجديد» في تموز 2006.
كان ينبغي أن تتوقف مراجعات المصارف عند هذا الحد، خصوصا وأن واشنطن تكون عادة دقيقة الى حد كبير بعدم تجاوز الهرمية المتبعة في حالة القانون المالي الخاص بـ «حزب الله» وكل ما عداه وخصوصا لوائح «الأوفاك». فقد درجت العادة عند وضع الأميركيين أي اسم على «لائحتهم السوداء» (بالاشتباه أو اليقين أو الاستخدام السياسي)، أن يبادروا إلى ارسال الاسم حصرا الى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان (رئيسها رياض سلامة)، وهذه الآلية تسري على دول أخرى وليس فقط الولايات المتحدة.
وبعد ذلك تبادر هيئة التحقيق الخاصة الى سؤال المصارف عن الحسابات، آخذة في الاعتبار أن قانون السرية المصرفية (طبعا مع الاستثناءات التي حددتها القوانين وآخرها القانون 308 الذي أقره مجلس النواب في العام 2015)، يحظر على البنوك تقديم معلومات عن أي حساب لديها لأي جهة مصرفية دولية، الا من خلال السلطة التي تخضع لها، أي مصرف لبنان المركزي. وحسب جهات مصرفية واسعة الاطلاع، فان الأميركيين لم يبادروا ولا مرة للتواصل المباشر مع أي مصرف الا من خلال هيئة التحقيق الخاصة، لكن حماسة بعض المصارف اللبنانية الكبرى، جعلتها في أحيان كثيرة، تبادر وتتبرع.. وصولا الى «استباق» اللوائح الأميركية بطريقة استنسابية، عبر اقفال حسابات وزراء ونواب وغيرهم، من دون أن يقلّل ذلك من أدوارها التي أدت الى «تلطيف» القانون الأميركي من وجهة نظرها.
ماذا عن مسؤولية «حزب الله»؟
يمكن القول أن «حزب الله» ومنذ خريف العام 2014، كان قد وضع في أجواء التشريع الأميركي الذي يستهدفه، والمؤسف أنه حتى الأمس القريب، لم يكن قد كلف خبيرا مصرفيا متخصصا بدرس البعد التقني، وعندما أصبح القانون أمرا واقعا، قرر أن يؤلف لجنة يغلب عليها الطابع السياسي بدراسة الملف، وهذا الأمر عطّل أية فرصة أمام حوار سياسي وتقني يؤدي الى حصر الأضرار.. الى أن صدرت المراسيم التطبيقية للقانون الأميركي في منتصف نيسان المنصرم، وصدر بعدها تعميم رياض سلامة الذي طالب المصارف بالتقيد به من دون أن يضع للمصارف حدودا ملزمة استنادا الى صلاحياته.
عند هذا الحد ثارت ثائرة الحزب، وصدر البيان الأول لـ «كتلة الوفاء» بكل ما تضمنه من عبارات جعلت رياض سلامة يعيد النظر بالآليات التقنية، خصوصا وأنه كان قد خاض على مدى أسابيع حوارا مع اللجنة المعنية في «حزب الله»، وتم التفاهم على عدد من النقاط جوهرها الأساس التوفيق بين متطلبات هذه المراسيم التطبيقية وبين ضرورات عدم التوسع المفرط في تنفيذها، بحيث تحصر صلاحية اقفال أي حساب بهيئة التحقيق الخاصة، فضلا عن استثناء التداول بالعملة الوطنية (الليرة) من أي قانون أجنبي.
أمكن للحوار المباشر بين سلامة و «حزب الله»، بدفع من وسطاء موثوقين لدى الطرفين، تجاوز المطب الأول، باصدار التعميم الثاني الذي أعاد تصويب الأمور، وخصوصا وضع مهلة ثلاثين يوما تدرس خلالها هيئة التحقيق الخاصة ملف اقفال أي حساب على أن يكون قرارها، سلبا أو ايجابا، ملزما للمصارف.
واذا كان «حزب الله» قد أخذ على سلامة أنه لم يلتزم بتنفيذ باقي بنود الاتفاق وخصوصا بند المفعول الرجعي، بحيث تعود المصارف عن قرارات اتخذتها بإقفال حسابات من دون العودة للمصرف المركزي، فان واقع الحال هو أن تعميم سلامة أعطى الحق لأي صاحب حساب مقفل قبل صدور تعميمه، بأن يحاول فتح حساب في مصرف آخر، وعندها لن يكون بمقدور المصرف الثاني أن يقرر إلا بعد العودة إلى مصرف لبنان (هيئة التحقيق الخاصة).
«عبوة الفتنة» في فردان
واذا كانت بعض عبارات سلامة في مقابلته الأخيرة مع «سي ان بي سي» قد اثارت التباسا بين الجانبين، بمعنى هل كان يقصد «حزب الله» في قوله «قلة صغيرة تفسد صورة لبنان» أم جهة ثانية، واستوجبت بالتالي صدور بيان أعنف من البيان الأول عن «كتلة الوفاء»، فان تحرك «الوسطاء» بين الجانبين أدى الى تبادل التوضيحات بينهما وصولا الى التفاهم على فتح صفحة جديدة.. قبل أن يبادر «الظلاميون» الى رمي عبوتهم على المقر الرئيسي لـ «بنك لبنان والمهجر» في فردان ليل أمس الأول!
وهنا يسجل لرئيس مجلس ادارة «لبنان والمهجر» سعد الأزهري، أنه كما بدا متهيبا الموقف، بعد وقوع الانفجار مباشرة، بدعوته الى الابتعاد عن الاتهام السياسي الجاهز، فانه دخل بالروحية نفسها، صباح أمس، الى اجتماع جمعية المصارف، يرافقه والده المصرفي المخضرم نعمان الأزهري، الأمر الذي أكسب الاجتماع بعدا مميزا، خصوصا مع حضور معظم مصرفيي «الصف الأول».
معايير ملزمة.. واطمئنان دولي
واذ اتسم الاجتماع بصراحة متناهية جعلت بعض المصرفيين يطلقون تحذيرات من أن يتحولوا الى «فشة خلق»، مطالبين رياض سلامة بأن يتحمل مسؤولياته وأن يقوم بواجباته، كان رد آخرين، وأبرزهم سمير حنا (بنك عودة) بأنه لا يجوز تحميل سلامة أكثر من قدرته على الاحتمال، «وليس مطلوبا منا سوى الالتزام بالتعاميم الصادرة عن المصرف المركزي».
وبعد تفاهم المجتمعين على بيان تضمن ادانة للتفجير الذي يهدف الى زعزعة الاستقرار الاقتصادي وتأكيدا على الالتزام بالتعاميم الصادرة عن «المركزي»، توجه المجتمعون الى مصرف لبنان وعقدوا اجتماعا مع سلامة الذي عبر عن استنكاره للتفجير وتضامنه مع «لبنان والمهجر»، معتبرا أن الرد على التفجير يكون بالالتزام بالتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان، وأعرب عن ارتياحه للاستقرار النقدي الراسخ وقال اننا أمام ثقافة مصرفية جديدة ولا بد من مواجهة متطلباتها، وكشف أمام الحاضرين أن الآليات التي قررها مصرف لبنان لمصلحة لبنان مقبولة من المصارف اللبنانية ومن الخارج.
وحسم المجتمعون «المعايير» في التعامل مع قضية الحسابات وهي الآتية: عدم التعامل مع أي اسم مدرج في لوائح «اوفاك»، على المصارف التنسيق مع لجنة الرقابة على المصارف في ما يتعلق بالحسابات المدينة المطلوب اقفالها، أما الحسابات موضع الشك، فترفع الى هيئة التحقيق الخاصة وهي تقرر الاقفال من عدمه.
وكان لافتا للانتباه طمأنة رياض سلامة الحاضرين أن المناخ الدولي متضامن مع لبنان ولا وجود لأجواء عدائية في الخارج، طالما أننا نلتزم بمتطلبات العمل المصرفي بشفافية، محذرا من وجود جهات تريد الاصطياد في الماء العكر.
وتوج يوم أمس باجتماع في السرايا الكبيرة، حيث أطلع كل من سلامة وجوزف طربيه رئيس الحكومة ووزير المال على مداولات وقرارات الاجتماعين النهاريين في جمعية المصارف ومصرف لبنان، وأبدى المجتمعون ثقتهم بالاجراءات التي يقوم بها المصرف المركزي محلياً ودولياً لحفظ النظام المالي اللبناني وتعزيز مناعته وتثبيت سمعة لبنان المالية. وشدّدوا على وجوب اعتماد الحوار الهادئ والعقلاني في معالجة هذه المسألة الدقيقة، بعيدا عن صخب المنابر، بما يحفظ مصالح جميع اللبنانيين ويحمي موقع لبنان المتقدّم في النظام المالي العالمي.
+++++++++++++++++++++++++++++++
الأخبار
ايحاء فرنسي ـ عربي: لا حزب الله في أي حكومة مقبلة
“أدخل انفجار فردان الافرقاء جميعاً في فلك الارتباك. لا احد يصوّب علناً اصابع الاتهام، ولا احد يبرىء من شبهة. ليس الخلاف على القانون الاميركي بين الطرفين المعنيين فحسب. قد يكون مرشحاً للانتقال الى الآخرين.
في استنتاج مبكر، وُضع انفجار فردان الذي طاول الاحد المقر الرئيسي لبنك لبنان والمهجر في خانة سجال اندلع قبل أيام بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحزب الله.
في 9 حزيران، في موقف غير مألوف يصدر عن الحاكم المطبوع في الغالب بلغة هادئة مطمئنة غير استفزازية، كشف عن «إقفال مئة حساب» مرتبط بحزب الله تطبيقاً للقانون الاميركي الخاص بمكافحة شبكة تمويله، وأصرّ على التزام مصرف لبنان تنفيذ قانون فرض عقوبات على الحزب بقوله انه لن يوافق على «أموال غير مشروعة» وعلى «إفساد عدد قليل من اللبنانيين صورة البلاد او اسواقها المالية».
سرعان ما ردّ حزب الله عليه في الغداة، 10 حزيران، بلغة لم يعتدها بدوره في مخاطبته سلامة، اذ وصف كلامه بـ«الملتبس والمريب» يشي بتفلّت السياسة النقدية من «ضوابط السيادة الوطنية».
تبعاً لذلك أتى انفجار فردان كي يجزم بتصعيد الخلاف بين الحاكم والمصارف اللبنانية وحزب الله على نحو من شأنه ان يجعل منه رسالة سياسية بوجه أمني، اكثر منه رسالة امنية بوجه ارهابي. للتو استبعد دور التيارات التكفيرية والمنظمات الارهابية التي نادراً ما ترأف بضحاياها، وعُدّ الانفجار جزءاً من الكباش على القانون الاميركي.
اكثر من تفسير اعطي لكل من موقفي الحاكم والحزب حيال سجالي 9 حزيران و10 منه، ومن ثم تداعيات انفجار فردان الذي اعقبهما:
اولها، انه لا يسع حاكم مصرف لبنان، المسؤول المباشر عن سلامة النظام المالي في لبنان وديمومة استقراره واستمرار في صلب النظام المالي الدولي، تجاهل القانون الاميركي واهمال تنفيذه. في اجتماعات سابقة بالحزب بدا انه اقنعه بضرورة التزام لبنان الاجراءات الاميركية من اجل المحافظة على موقعه في قلب النظام الاقتصادي والمصرفي الدولي كي لا يتحول الى كوبا ثانية، في وقت لا يملك الحاكم اغضاب واشنطن التي لا تكتفي بالاصرار على احترام النظام المصرفي اللبناني العقوبات وتطبيقها، بل ممارسة مزيد من الضغوط على حزب الله وتضييق الخناق على مصادره المالية.
قد لا يكون سلامة توخى ارضاء الاميركيين مقدار ما خاف من ردود فعلهم. بين ان تزعل واشنطن او يزعل حزب الله، اختار الثاني.
ثانيها، في معزل عن الجهة الجانية، انطوى الانفجار على رسالة مزدوجة الى المصارف اللبنانية من خلال المصرف المستهدف ــــ وقد لا يكون وحده المقصود ــــ كما الى حزب الله: التهويل على تلك بعدم المضي في اجراءات لا تستطيع الا ان تمضي فيها، وتوجيه اصابع الى ذاك على انه المشتبه به في تخويف الحاكمية والمصارف. والانتقال من ثم من الوظيفة الامنية للانفجار الى اخرى سياسية، تضع الاستقرار الداخلي في خطر داهم.
بالتأكيد لا يستهدف انفجار فردان القانون الاميركي، ولا يسع اي طرف في الداخل التأثير على نفاذه، رغم جهود تلاحقت في الاشهر الاخيرة للحؤول دونه عبر مهمات في واشنطن لوزير المال علي حسن خليل، ثم لوفد نيابي لبناني برئاسة ياسين جابر، بتكليف من الرئيس نبيه بري، ناهيك بالزيارة الاخيرة للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم للعاصمة الاميركية وما قيل عن تطرقه هناك الى هذا الملف. الثلاثة مسؤولون شيعة توخوا ابعاد كأس العقوبات عن حزب الله وتفادي الإضرار بالطائفة.
ثالثها، لا يزال ثمة سؤال غامض يرتبط بتبرير انفجار فردان، هو انه توسل العنف لتصفية حسابات ام رمى الى توجيه رسالة سياسية؟ عام 2005 ادى استخدام العنف الى قلب الاوضاع في لبنان من خلال سلسلة محاولات اغتيال واغتيالات، كي تُفرض معادلة سياسية جديدة في البلاد تحكم القبض على السلطة فيها لم تصمد اكثر من ثلاث سنوات، وانهيارها في ايار 2008. اوحى الانفجار بجهد مماثل لقلب الاوضاع مجدداً، ما حمل الرئيس نبيه بري على الحذر من زعرعة الاستقرار، بعد كلام النائب وليد جنبلاط عن الطابور الخامس.
رابعها، ثمة مَن يشيع عن ايحاء حزب الله بطلب ادخال بند العقوبات الاميركية في سلة التسوية السياسية المؤجلة التي لا تقتصر على انتخاب رئيس، بل تطاول ــــ الى قانون انتخاب جديد ــــ تأليف حكومة جديدة لم يعد من السهولة بمكان تقبّل وجود حزب الله فيها بعد القانون الاميركي.
تبعاً لما يرويه وزير سابق، في المقلب الآخر من الحزب، عما سمعه من مسؤولين فرنسيين وعرب ان من المتعذر توقع تأليف حكومة في ما بعد يكون حزب الله في عدادها على غرار السنوات العشر المنصرمة، بعدما اضحى في مواجهة علنية، اكثر من ذي قبل، مع الاميركيين ودول عربية عدّته تنظيماً بدورها ارهابياً. ناهيك بأن استمرار العقوبات يحول دون دخوله اي حكومة جديدة تصبح بدورها في دائرة الشكوك الاميركية. وهو مغزى ما بات يُنسب الى الحزب التلميح اليه بربط القانون الاميركي بالسلة السياسية الداخلية. مفاد ما يستخلصه الوزير السابق ان لا انتخاب رئيس للجمهورية في مدى منظور، ما دام طرأ على مأزق الاستحقاق عامل جديد اضافي لا يقل عبئاً: في ظل العقوبات لا حزب الله في اي حكومة جديدة، ولا مكان له في اي بيان وزاري ينبثق منها.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++
اللواء
لبنان يتضامن مع المصارف وخلية الأزمة تؤكد على الإجراءات
سلام: التفجير يمسّ الأمن القومي.. وخيوط أولية في التحقيقات قد تقود إلى كشف الفاعلين
“في مواجهة الانفجار الذي استهدف بنك لبنان والمهجر في مبناه الرئيسي في محلة فردان، على الأرض وفي دوائر القرار، بقي البلد مستنفراً كلّه، حكومياً وقضائياً، وعلى مستوى التحقيقات والمشاورات والاتصالات بين جمعية المصارف والسلطتين السياسية والنقدية، وسط تحليلات ذهبت ذات اليمين وذات الشمال، في قراءة الانفجار بحد ذاته، وفي سياق سياسي وأبعاده وحدوده، وفي ظل صدمة راحت تتلاشى لمصلحة الاطمئنان ان «الوضع برمته تحت السيطرة»، وان ما حدث محدود في المكان والزمان والرسالة، بصرف النظر عن الجهة التي بعثت بالرسالة الحامية لـ«بلوم بنك» ومن ورائه القطاع المصرفي وحاكم مصرف لبنان والمتمولين من لبنانيين وأجانب، وفقاً لمرجع رفيع يتابع هذا الملف.
ولعل مفتاح المعالجة هو في ما ترسو عليه التحقيقات التي تجريها شعبة المعلومات، باشراف القضاء المختص.
التحقيقات
معلومات «اللواء» حول النتائج الأوّلية التي توصلت إليها التحقيقات تشير:
1 – اعتقال شخصين مشتبه بهما كانا متواجدين على مسافة قريبة من مكان الانفجار، والتحقيقات مستمرة معهما.
2 – وجود شجرة في المكان الذي وضعت فيه العبوة حالت دون تصوير حركة واضع العبوة ووجهه من قبل كاميرات المراقبة.
3 – عصف الانفجار كان موجهاً نحو المبنى وواجهته الزجاجية من جهة الجنوب بحرفية عالية، اوقعت اضراراً فادحة في واجهة المبنى الزجاجية، ولم تصب شظاياها جدران الأبنية المجاورة.
4 – الاشتباه بسيارة توقفت في الشارع الخارجي الممتد من تلة الخياط إلى نهاية شارع عائشة بكار إلى الحدود الشرقية الخارجية لمبنى المصرف.
5 – تبين أن العبوة كانت مربوطة بساعة توقيت، بحيث تنفجر في الوقت الذي انفجرت به بصورة تلقائية، خلافاً للتفجيرات التي تتم عبر «ريموت كونترول» وعن بعد، وأن وزنها 8 كيلوغرامات من مادة ت.ن.ت شديدة الانفجار.
وتبدي أوساط قريبة من التحقيق ثقتها بإمكانية التوصّل إلى كشف الجهة التي تقف وراء الانفجار، وصولاً إلى توقيف الفاعل.
وخارج التحقيقات التي تبقى هي الأساس في تقدير الخطوات المقبلة، التقت التحليلات السياسية والدبلوماسية، عند النقاط التالية:
1 – أن حادث التفجير يأتي في سياق الاشتباك الحاصل حول الإجراءات التي اتخذتها المصارف بخصوص حسابات لأشخاص ومؤسسات مرتبطة «بحزب الله» وثمة تساؤلات حول ما إذا كانت أجهزة خارجية دخلت على الخط، لكن لا شيء محسوماً حول هذه النقطة.
2 – أن هذا الحادث غير مرتبط بالتفجيرات الإرهابية الأخرى والدائرة في فلك الصراعات المحتدمة في المنطقة، لا في غرضه ولا في نتائجه.
3 – إن انتظار نتائج التحقيقات من شأنه أن يفتح الباب لمتابعة البحث عن حلول خارج دائرة الانفعال أو التشنج التي تهز ما بقي من مرتكزات الدولة اللبنانية، وتفتح الباب على مصراعيه لدخول جهات وأفراد لها مصلحة في هذا الاستقرار اللبناني على المستويات كافة.
4 – مع أن «حزب الله» التزم الصمت، ربما بانتظار نتائج التحقيقات، فان البيان الذي صدر عن «بنك لبنان والمهجر» من انه «يمثل كافة شرائح المجتمع اللبناني وطوائفه، سواء لجهة زبائنه البالغ عددهم اكثر من 400 ألف في لبنان، أو لجهة مساهميه الذين يفوق عددهم العشرة آلاف، أو لجهة موظفيه البالغ عددهم أكثر من 1500 في لبنان فقط، ترك أصداء طيبة، وتضمن تأكيداً على إمكانية وقف الأمور عند هذا الحد.
5 – لدى المناقشات داخل مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان بدت لهجة الأعضاء في مستوى الرد على تحدي التفجير لجهة رفض مفاعيله.
وقالت الجمعية في بيانها أن «مصارف لبنان اعتادت العمل في بيئة مليئة بالتحديات وقد خرج القطاع المصرفي دائماً أكثر متانة وسلامة».
وأعادت المصارف بعد اجتماعها التأكيد على «العمل بأعلى المعايير المهنية المعمول بها في الأسواق الدولية، والخضوع للقانون وتعاميم حاكم مصرف لبنان، والحفاظ على مصالح جميع اللبنانيين». وأعلنت الجمعية تضامنها مع «بلوم بنك»، معتبرة أن ما أصابه أصاب كل القطاع المصرفي.
إجتماع السراي
والأهم في سلسلة الخطوات التي أعقبت التفجير الإجتماع الذي دعا إليه وترأسه في السراي الكبير الرئيس تمام سلام وشارك فيه وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه، وفي حضور مستشار رئيس الحكومة الدكتور شادي كرم.
الاجتماع استهله الرئيس سلام بإعلان تضامن الحكومة اللبنانية مع القطاع المصرفي وحاكم المركزي، واصفاًَ تفجير «بلوم بنك» بأنه «جريمة إرهابية تمسّ الأمن القومي اللبناني، نظراً لدور القطاع المصرفي في تحريك الاقتصاد الوطني».
وناقش المجتمعون الوضع المصرفي في البلاد، بحيث أكد طربيه أن المصارف ملتزمة القيام بواجباتها تجاه زبائنها والدولة اللبنانية من دون أي تغيير.
واتفق المجتمعون على تأييد أجراءات المصرف المركزي الرامية إلى الحفاظ على النظام المالي وتثبيت موقع لبنان على الخارطة الدولية المالية، وهو الأمر الذي شدّد عليه أيضاً وزير المال.
وقالت مصادر المجتمعين لـ«اللواء» أن البحث تطرق إلى معالجة بعيدة عن الانفعالات والسعي لإعادة وصل ما انقطع بين حاكم مصرف لبنان و«حزب الله»، مستبعدة أن يكون هناك قرار باستهداف المصارف، مشيرة إلى أن «هشاشة الأوضاع الأمنية والخروقات قد تكون سبباً لدخول جهة على الخط من أجل التخريب والبلبلة».
ولاحظت هذه المصادر أن الحسابات المطلوب إيقافها توقفت فعلاً كحسابات مستشفى «الرسول الأعظم» و«بهمن» ومستشفى السان جورج وبعض المؤسسات التعليمية، مشيرة إلى أن الإصرار الأميركي على تنفيذ القانون على هذه الطريقة من شأنه أن يولّد سلسلة من المشكلات، سعت خلية الأزمة المالية التي ترأسها الرئيس سلام إلى البحث في كيفية احتوائها ومنع انعكاساتها السلبية على الاقتصاد اللبناني لجهة الخسائر والتحويلات وخلق سوق مالي موازي «بالكاش».
وعلمت «اللواء» أنه تقرر معاودة الاتصالات مع الجانب الأميركي لشرح مخاطر الضغط بهذه الطريقة على لبنان، إذ لا تكفي إدانة التفجير الذي وصفته واشنطن على لسان المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي «بالإرهابي» وتأكيد «الالتزام القوي تجاه شعب لبنان وأمنه واستقراره».
وكشفت مصادر مصرفية أن القطاع المصرفي اللبناني الذي تمكّن من مواجهة تداعيات الأزمة السورية والكساد الذي ضرب النمو، متمسّك بخيارات رفد الاقتصاد الوطني والاستمرار في تقديم القروض والاستكتابات للدولة اللبنانية، حيث أن المصارف، وفي مقدمها «لبنان والمهجر» و«عودة» و«سوسيته جنرال» و«بيبلوس» و«فرانسبنك» تموّل 54 في المائة من الدين العام اللبناني البالغ 71 مليار دولار.
مجلس الوزراء
وسيحضر هذا البند من خارج جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الخميس، للتأكيد على وحدة القرار اللبناني، في ما خصّ الالتزام بالإجراءات ومراعاة الخصوصية اللبنانية.
وكشف مصدر مطّلع على خط المساعي بين حاكم المصرف المركزي وحزب الله، والمدعومة من الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط أن المقاربة شبيهة بما حصل على صعيد القرار 1559، وأن المعالجة تكون بالتفاهم والحوار الداخلي، بما لا يلحق الضرر بأي مجموعة لبنانية، ولا يحوّل لبنان إلى «دولة مارقة» دولياً.
وعشية الجلسة، أعلن الرئيس سعد الحريري تضامنه مع القطاع المصري اللبناني، والحاكم سلامة، داعياً الطلاب الذين التقاهم على مأدبة إفطار في بيت الوسط إلى دقيقة تصفيق تضامناً مع كل الصامدين في لبنان في وجه الإرهاب.
غير ان مصادر وزارية استبعدت احتمال طرح الموضوع من خارج جدول الأعمال، لأنه سيفسح في المجال أمام الأخذ والرد، خصوصاً وأن التحقيقات لم تتوصل بعد إلى نتيجة ملموسة، وانه إذا تمّ التطرق إليه سيكون من باب ضرورة تطبيق القانون وتعزيز الإجراءات الأمنية أمام المصارف.
وعلمت «اللــواء» في هذا السياق ان كتلة وزراء الرئيس ميشال سليمان ستعقد إجتماعاً اليوم ضمن «لقاء الجمهورية»، قد ينضم إليه وزراء آخرون.
+++++++++++++++++++++
البناء
الإرهاب يفتتح دورة «يورو 2016» بعملية قتل وخطف رهائن قرب باريس
بري: المستهدف المصارف وحزب الله… وسلام لحوار هادئ بينهما
لبنان يمتصّ صدمة تفجير «لبنان والمهجر»… على طاولتي الحكومة وهيئة الحوار“وقع المحظور الذي استنفرت فرنسا لتفاديه، فوقع الافتتاح الدموي لعملية إرهابية قرب باريس، بمقتل شرطي واحتجاز عائلته كرهائن، وتسمّمت الأجواء الاحتفالية لمباريات «يورو 2016»، فرغم الأسباب التي يجري إيرادها عن خصوصية العملية وتوصيفها بالبعد عن الأسباب السياسية، دخلت أوروبا مناخ القلق والخوف والذعر الذي أرادت مداواته بالإصرار على إجراء المباريات ورفض نداءات تأجيلها، أو جعلها بلا جمهور والاكتفاء بتوزيعها على قنوات تلفزيونية مدفوعة، وما بعد منتصف ليل أمس كانت المعلومات الآتية من باريس تتحدّث عن استمرار الاحتجاز وسعي وحدات الشرطة للسيطرة على الموقف.
لبنانياً كان الحدث الذي هزّ بيروت بتفجير مقرّ «بنك لبنان والمهجر»، محور المساعي السياسية للاحتواء والسيطرة العقلانية، منعاً لتوظيف كيدي أو انفعالي يحقق أهداف التفجير والمفجرين، بجعله سبباً لتقاذف كرة نار ستودي باللبنانيين إلى قعر الهاوية، فكان كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري باعتبار التفجير استهدافاً للمصارف وحزب الله، كركيزتين لقوة لبنان يُراد ضربهما ببعضهما البعض، وجعل تأكل لبنان بجرّهما إلى حرب ليست حربهما، بل الحرب على لبنان.
رئيس الحكومة تمام سلام وفقاً لمصادر مطلعة يتابع ما بعد الاجتماع المالي الذي أراده لدعم مصرف لبنان وطمأنة القطاع المصرفي بالوقوف إلى جانبه بوجه كلّ عدوان واستهداف، ويفترض ان يدخل على خط الحوار والمساعي بين حزب الله ومصرف لبنان لتسهيل الحوار والتواصل وبلوغ صيغة مطمئنة للطرفين اللذين وجدا نفسيهما فجأة وجهاً لوجه بفعل القانون الأميركي وتداعياته، التي جاء التفجير ليقول أنها أشدّ خطورة مما توقع الجميع، بينما يجري السعي ليكون الموضوع على طاولة الحكومة وهيئة الحوار من زاويته الوطنية لا التقنية أو السياسية، فلا يترك الأمر لمصرف لبنان وحده وهو أمر سياسي دستوري بامتياز يتصل بالعلاقات الأميركية اللبنانية من جهة، وهذه مسؤولية لا طاقة لمصرف لبنان على حملها منفرداً، وأمر يتصل بتساوي اللبنانيين أمام القوانين، وهو دستوري بامتياز لا يمكن التساهل والتسامح مع انتهاكه بداعي أنّ القدر الأميركي لا يردّ، وارتضاء جعل فئة من اللبنانيين ميداناً مستباحاً للإجراءات الأميركية بواسطة مجرد معبر لبناني لا قوة له ولا حول سوى نقل الإملاءات والتحقق من تنفيذها.
اجتماع في السراي
توالت ردود الفعل الداخلية والخارجية والقراءات السياسية لتفجير مبنى المركز الرئيسي لبنك لبنان والمهجر في بيروت أول من أمس وسط مخاوف من عودة مسلسل التفجيرات ليطال هذه المرة القطاع المصرفي لاستهداف الاقتصاد اللبناني، واستدعى التفجير اجتماعاً عاجلاً في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة تمّام سلام واجتماعاً آخر لجمعية المصارف الذي خرج ببيان لم يشر الى اتهام أيّ جهة على عكس القوى السياسية التي وجهت أصابع الإتهام الى حزب الله مستثمرة على الخلاف بين الحاكمية وجميعة المصارف من جهة وحزب الله من جهة أخرى على خلفية القانون الأميركي.
وحضر اجتماع السراي وزير المال علي حسن خليل وحاكم البنك المركزي رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه. ووصف سلام التفجير بأنه جريمة إرهابية تهدف إلى ضرب الاستقرار الاقتصادي والمسّ بالأمن القومي للبنان، باعتبار أنّ القطاع المصرفي هو محرك أساسي للدورة الاقتصادية الوطنية، وإحدى الركائز الرئيسية للدولة في ظلّ الشلل الذي تعاني منه المؤسسات الدستورية».
واستعرض المجتمعون الوضع المصرفي في البلاد مؤكّدين الثقة بالإجراءات التي يقوم بها المصرف المركزي محلياً ودولياً لحفظ النظام المالي اللبناني وتعزيز مناعته وتثبيت سمعة لبنان المالية. وشدّد المجتمعون على وجوب أن يتحلى جميع المعنيين بهذا الملف بأعلى درجات الحكمة والمسؤولية، وأن يعتمدوا الحوار الهادئ والعقلاني في معالجة هذه المسألة الدقيقة بعيداً عن صخب المنابر بما يحفظ مصالح جميع اللبنانيين ويحمي موقع لبنان المتقدّم في النظام المالي العالمي».
غطاء للحاكم وللقطاع المصرفي
وقالت مصادر مقرّبة من رئيس الحكومة لـ«البناء» أنّ «اجتماع السراي وكلام سلام أمس ذات دلالة واضحة إذ شكل غطاءً للمصرف المركزي ولعمله وللجهود التي يقوم بها الحاكم لحلّ الأزمة كما شكل تغطية للقطاع المصرفي»، مشدّدة على أن لا مصلحة لأيّ جهة في لبنان بالتعرّض للقطاع المصرفي وهو القطاع الوحيد الذي يعمل في لبنان في ظلّ تعطل المؤسسات الأخرى». واستبعدت المصادر أن تتفاعل الأزمة سياسياً بين حزب الله والحاكمية، كاشفة أنّ الرئيس سلام يقوم كالعادة بدور إيجابي لاحتواء تداعيات التفجير وبذل الجهود على خط التوتر بين الحزب والحاكم والمصارف لحلّ الأزمة».
… والمصارف: ماضون في تنفيذ القانون
ولهذه الغاية عقدت جمعية المصارف اجتماعاً استثنائياً أكدت خلاله أنّ «التفجير أصاب القطاع المصرفي بكامله، وأنه يهدف الى زعزعة الإستقرار الاقتصادي». وأكدت الجمعية المضيّ قدماً في ما بدأته لجهة «قانون العقوبات الأميركي» حيث شدّدت على انّ «المصارف تعمل وفق أعلى الممارسات المهنية وضمن القواعد السائدة في الأسواق الدولية، كما تخضع في لبنان للقوانين اللبنانية المرعية ولتعاميم مصرف لبنان حفاظاً على مصالح جميع اللبنانيين».
حزب الله يعلن الخميس موقفاً رسمياً
وإذ لم يخرج عن حزب الله أيّ موقف من التفجير، من المنتظر أن يصدر عن الحزب موقف بهذا الشأن الخميس المقبل في الاجتماع الأسبوعي لكتلة الوفاء للمقاومة بحسب ما علمت «البناء».
التواصل قائم بين الحزب والحاكم
وقالت مصادر مطلعة على أجواء اللقاءات بين وفد الحزب والحاكمية والمصارف لـ«البناء» أنّ «الوضع بات أكثر حساسية ودقة بعد التفجير الذي طال بنك لبنان والمهجر في منطقة فردان وبالتالي التعامل مع هذا الملف بات يتطلب دقة أكثر»، وشدّدت المصادر على أنّ «أيّ موقف رسمي من التفجير سيصدر عن كتلة الوفاء للمقاومة»، ومؤكدة أنّ «اللقاءات بين الحزب والحاكمية لم ولن تتوقف والتواصل قائم بين الحزب وكلّ الأطراف خصوصاً مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتحدّثت عن جهود تبذل في الكواليس للوصول إلى حلّ للأزمة القائمة»، مضيفة أنّ «المستجد الأمني الذي حصل لم يزد الأمور تعقيداً بين الحزب والحاكم والمصارف بل سيزيد من حرص كلّ الأطراف على البلد وعلى اقتصاده وأمنه، وتحدّثت المصادر عن «حلّ ما يطبخ على نار هادئة وبناء عليه ستستأنف اللقاءات بين وفد الحزب والحاكمية».
درباس لـ«البناء»: التفجير على طاولة الحكومة
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أنّ «التطور الأمني الأخير وملف العقوبات سيطرح على طاولة مجلس الوزراء في جلسته الخميس المقبل من خارج جدول الأعمال، محذراً من أنّ «الوضع في لبنان خطير ولا أحد يلتفت الى هذه الخطورة ولا أحد يمكنه استبعاد تكرار استهداف المصارف، معتبراً أنّ «ما يحصل ناتج عن تداعيات الإنقسام السياسي لأنّ السياسة القوية تصنع الأمن القوي وليس العكس، وهذا الخلاف السياسي ترك ثغرات تستغلها أيّ جهة خارجية للنفاذ عبرها لإيقاع الفتنة وتأجيج الخلافات».
واستبعد درباس أيّ تأجيج للصراع بين الحزب والحاكمية وقطاع المصارف، «لأن لا مواجهة أصلاً بين حزب الله وقطاع المصارف بل الحزب يحتجّ على إجراءات بعض المصارف بحق بعض المواطنين بناء على القانون الأميركي».
… والتحقيقات مستمرة
إلى ذلك واصلت الأجهزة الأمنية المختصة التحقيقات في الحادث، حيث أنهت الأدلة الجنائية مهمتها في موقع الانفجار، وعملت على رفع الأدلة. كما واصل المحققون ولا سيما عناصر فرع المعلومات جهودهم لتحديد الجهة المسؤولة عن العمل التخريبي، حيث جمعوا أفلام الكاميرات من المنطقة كلها وليس فقط من المصرف وتمّ سحب تسجيلاتها إضافة الى داتا الاتصالات في محيط المنطقة المستهدفة.
تخيير حزب الله بين أمرين…
وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إنّ «الجهة التي تقف خلف التفجير استغلت 3 مسائل: الأولى العلاقة المتوترة والمتشنّجة بين الحزب والقطاع المصرفي وخاصة الحاكم ومصرفين أساسيين أحدهما لبنان والمهجر الذي يطبق القرارات الأميركية أكثر مما تطلبه الولايات المتحدة نفسها، أما الثانية موقع وزارة الداخلية التي لا تبعد عن مكان التفجير أكثر من 500 متر، وهي الطريق التي يسلكها وزير الداخلية نهاد المشنوق يومياً للعودة الى منزله، وبالتالي هي رسالة للمشنوق بعد المواقف التي اتخذها ضد السعودية، أما الثالثة هي حالة التفكك الذي يعيشها تيار المستقبل ومكان التفجير يمثل العمق السني وبالتالي يشدّ العصب السني ويستفيد منه المستقبل والحريري.
أما الهدف بحسب المصادر فهو تخيير حزب الله بين أمرين… إما الانصياع لإجراءات القطاع المصرفي الذي جزء منه ينفذ الإملاءات الأميركية وضرب بيئة الحزب الشعبية وبالتالي وضعه بموقف الدفاع عن النفس ويتلقى الضربات بصمت وإما الإستمرار بضرب القطاع المصرفي والضغط على الاقتصاد وتحميل حزب الله مسؤولية عدم قدرة المصارف على تطبيق القانون الأميركي»، أما الهدف الثاني كما تقول المصادر هو توجيه رسالة للمشنوق بأنّ الأمن الممسوك الذي تحدّثت عنه ها هو يهتزّ على مقربة من وزارة الداخلية»، وتساءلت المصادر: هل للصراع المصري التركي على الساحة اللبنانية صلة بالتفجير؟
المواجهة في الحكومة
وأشارت المصادر إلى أنّ «حزب الله مكون أساسي من التركيبة اللبنانية وموجود في الحكومة والمجلس النيابي وخياراته في مواجهة هذا الواقع الهجومي عليه لن يكون من خلال تصرفات عشوائية بل عبر وزرائه في الحكومة بعد أن وصل التفاوض مع الحاكم الى طريق مسدود»، وشدّدت المصادر على أنّ «تصرف الحاكم في هذا الملف لم يكسب حزب الله الثقة ما سيدفع الحزب للتوجه الى الحكومة لمعالجة الأمر لأن الحاكم ليس دولة مستقلة ضمن الدولة بل يخضع لقرارات السلطة الإجرائية».
وحذرت المصادر من أنّ «لبنان دخل في دائرة الخطر الأمني وتفجير أول من أمس وضعه أمام مسار أمني جديد يستهدف قطاع المصارف لأنّ المستهدف هو الاقتصاد اللبناني»، متوقعة مزيد من الأعمال الأمنية التي ستطال المصارف وكلّ لبنان إذا رأت الجهة المخططة أنّ الرسالة الأولى لم تؤدّ الى تحقيق الاهداف المبتغاة». موضحة أنّ «تفجير بنك لبنان والمهجر كان رسالة إنذار فقط وهو فريد من نوعه ومنعزل عن التفجيرات السابقة التي حملت قوة تدميرية».
بري: المستهدف لبنان وحزب الله
أما في المواقف من التفجير، اعتبر رئيس المجلس النواب نبيه بري أنّ «الأيادي الآثمة التي سعت لإرباك وزعزعة الوضع في لبنان بتفجير الأمس إنما تستهدف لبنان أولاً وحزب الله ثانياً، قبل أن تصل شظاياه لأحد أهمّ مصارفنا لبنان والمهجر. وهي تدلّ إلى نفسها إذ انّ بصمة هذه الجريمة المنظمة وأبعادها واضحة للعيان وتستدعي القول «كاد المريب أن يقول خذوني». ووجّه بري عناية اللبنانيين وقواهم السياسية الحية وشخصياتهم ومرجعياتهم الروحية للتنبّه إلى الأبعاد الحقيقية الكامنة وراء استهداف لبنان في قلب عاصمته واستهداف نظامه المصرفي المميّز الذي نافس ولا يزال رغم الحروب والاجتياحات والمحاولات الاسرائيلية لمجاراة خبرتنا ونظامنا الاقتصادي الحر».
..وإدانة أميركية
من جهتها، دانت الولايات المتحدة بشدة «التفجير الإرهابي»، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية جون كيربي «نؤكد مجدداً التزامنا القوي تجاه شعب لبنان واستقراره وأمنه».