حذرت دراسة أمريكية جديدة من أن تعاطي مخدر الحشيشة/ القنب الهندي، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أزمة الصحة العقلية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وعززت الدراسة التي نشرت هذا الشهر المخاوف من أن الاستهلاك المكثف لمخدر الحشيشة / القنب الهندي وإضفاء الشرعية على الحشيشة الترفيهية مثل مخدر الماريجوانا في العديد من الولايات الأمريكية يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أزمة الصحة العقلية لدى الشباب الأمريكيين.
وهناك حتى الآن 22 ولاية أمريكية تسمح بالاستخدام الترفيهي للماريجوانا، ومن المحتمل أن تصبح مينيسوتا الولاية رقم 23 لإضفاء الشرعية عليها.
مخاوف جدية
وأوضحت الدراسة أنه على مدى العقد الماضي تم تشخيص عدد لا يحصى من المرضى الشباب المصابين باضطرابات ذهانية جديدة. وقال الدكتور رايان سلطان إن “معظم الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم باضطراب ذهاني، كانوا يتعاطون المخدرات الترفيهية”.
وسلطان هو أستاذ مساعد في الطب النفسي السريري بمركز كولومبيا إيرفينغ الطبي بمدينة نيويورك، وهو واحد من بين العديد من الخبراء الذين أثاروا مخاوف جدية بشأن زيادة استخدام مخدر الماريجوانا من قبل المراهقين والشباب في الولايات المتحدة.
ووفقًا لشبكة nbcnews تتزايد الأدلة يومًا بعد يوم على ارتباط تعاطي مخدر الماريجوانا بالاضطرابات النفسية، مثل الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب والفصام، خاصة عند الشباب.
القنب وانفصام الشخصية
ووجدت إحدى الدراسات، التي أجراها باحثون في الدنمارك بالتعاون مع المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، دليلاً على وجود علاقة بين تعاطي الحشيشة / القنب وانفصام الشخصية. وكانت هذه النتيجة أكثر لفتًا للانتباه عند الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و30 عامًا، كذلك لوحظت لدى الشابات من نفس العمر.
وبحثت الدراسة، التي نُشرت في مجلة الطب النفسي، في بيانات ما يقرب من 7 ملايين رجل وامرأة في الدانمارك على مدار عقود قليلة، للبحث عن وجود صلة بين مرض انفصام الشخصية وتعاطي مخدر الحشيشة.
وفوجئ الباحثون بحجم العلاقة بين القنب والفصام لدى الشباب، وهو ما أثار قلقًا كبيرًا ومخاوف، خاصة بعد زيادة معدلات استهلاك القنب بين المراهقين.
معدلات استخدام قياسية
وتشير الإحصاءات إلى ارتفاع معدل تعاطي مخدر الماريجوانا يومياً بين الشباب إلى مستويات قياسية، حيث أبلغ أكثر من 1 من كل 10 من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و30 عامًا عن استهلاك الماريجوانا بشكل يومي، وقال نصفهم تقريبًا إنه يستخدمون الماريجوانا منذ العام الماضي.
ووجدت دراسة أخرى، نُشرت في وقت سابق من هذا الشهر، أن المراهقين الذين يتعاطون الحشيشة لأغراض ترفيهية فقط، هم أكثر عرضة بمرتين إلى أربع مرات للإصابة باضطرابات نفسية، بما في ذلك الاكتئاب والانتحار، مقارنة بالمراهقين الذين لا يتعاطون هذا المخدر على الإطلاق.
الإباحة القانونية ومعدلات تعاطي الماريجوانا
تشير البيانات إلى أنه بالنسبة للبالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا، تؤدي قوانين إباحة تعاطي الحشيشة إلى ارتفاع معدلات استهلاكها، لاسيما في ولايتي أوريغون وواشنطن، وفقًا لتحليل نُشر في وقت سابق من هذا الشهر في مجلة Substance Abuse.
وفي المناطق التي تصبح فيها مخدرات الماريجوانا قانونية ويسهل الوصول إليها، تثار مخاوف بشأن السهولة التي يمكن بها خلط المنتجات، مما يؤدي إلى استهلاك جرعة إجمالية عالية من الماريجوانا، حيث تكمن المشكلة في عدم وجود تنظيم بشأن تركيز رباعي هيدروكانابينول في المنتجات.
ورباعي هيدروكانابينول (Tetrahydrocannabinol) الذي يعرف اختصارا بـ THC هو الجزيئة الأكثر شهرة في نبتة الحشيشة/ القنب الهندي وتمتلك خاصية المؤثر النفسي.
وكانت الماريجوانا المستهلكة منذ عقود تحتوي على تركيزات تتراوح ما بين 2% إلى 3% من THC، لكن منتجات القنب اليوم يمكن أن تحتوي على مستويات تصل إلى 90% من THC.
ويقول الخبراء إن فعالية رباعي هيدروكانابينول (THC) خطيرة لأن القنب من المرجح أن يكون مرتبطًا بالذهان مع تناول جرعات أعلى منه.
ما هو العمر الأكثر تأثرًا؟
أظهرت الأبحاث أن دماغ الإنسان هو آخر عضو يتطور بشكل كامل، ولا ينتهي اكتماله إلا من منتصف إلى أواخر العشرينات، وهذا يجعل المراهقين والشباب معرضين بشكل خاص لمخاطر تعاطي الحشيشة وأنواع القنب، حيث تكون أدمغتهم مستمرة في النضوج.
ويقول الأطباء إن المراهقين الذي يتعاطون مخدرات القنب أو الحشيشة قبل عمر 26 عامًا معرضون بشكل أكبر للإدمان أو الإصابة باضطرابات عقلية، مؤكدين أن أكبر المخاطر تقع في الفئة العمرية للمراهقين والشباب البالغين.
ومع ذلك يحذر الاطباء من أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة باضطراب ذهاني يجب ألا يدخنوا الحشيشة على الإطلاق.
ماذا يفعل القنب للدماغ؟
رغم أن العلماء لا يزالون يدرسون تأثيرات الماريجوانا على نضوج الأدمغة، تشير الدراسات حتى الآن إلى أن استخدام الماريجوانا لدى المراهقين قد يؤثر على وظائف مثل الانتباه والذاكرة والتعلم وفقًا لما أثبتته دراسات متعددة.
وأوضحوا أن استخدام الحشيش يمكن أن يحدث أضرار خطيرة في عملية نمو الدماغ بسبب آثاره على نظام Endocannabinoid ، وهو نظام إشارات معقد في الدماغ تستهدفه الماريجوانا، مشيرين إلى أن نظام Endocannabinoid يلعب دورًا مهمًا في نحت الدماغ خلال فترة المراهقة، وهو الوقت الذي يظهر فيه مرض الفصام عادةً، ويمكن أن يؤدي إزعاج هذا النظام بتعاطي الحشيشة/القنب إلى آثار معقدة بعيدة المدى تضر بنمو الدماغ.
تحرير مركز الحقول للدراسات والنشر
التقرير منشور على صفحة راديو صوت العرب من أمريكا
يوم الجمعة 26 أيار / مايو، 2023
COMMENTS