الأخبار
عين الحلوة: أزمة الثقة تترجم جولات قتالية بلا جدوى
توصّل الجيش اللبناني وممثّلون عن حركتَي «فتح» و«حماس» إلى اتفاق على وقف إطلاق النار بين «فتح» و«الشباب المسلم» مساء أمس. الالتزام بوقف القتال كان صعباً على عناصر «قوات الأمن الوطني الفلسطيني» بشكل خاص، إذ استمروا برمي القنابل ورشقات القنص بين الحين والآخر باتجاه معاقل «جند الشام» و«فتح الإسلام» في حي حطين وباتجاه «الشباب المسلم» في حي الطوارئ.
وكان رئيس فرع استخبارات الجيش في الجنوب العميد سهيل حرب قد استضاف أمس أمين السر في «فتح» فتحي أبو العردات وممثّل «حماس» في لبنان أحمد عبد الهادي، بعد انفجار الوضع الأمني في المخيم، واستمرار الاشتباكات على محور جبل الحليب – حطين. ومن المرجّح أن يتحوّل الاتفاق كما سابقه إلى هدنة، بانتظار الجولة الثالثة.
وقال مطّلعون لـ«الأخبار» إن «أولوية المجتمعين كانت وقف النار. ومن بعدها، تعاود هيئة العمل الفلسطيني المشترك استكمال المفاوضات لتنفيذ المقرّرات التي صدرت بعد جولة الاشتباك الأولى من تسليم المطلوبين باغتيال العميد الفتحاوي أبو أشرف العرموشي ومرافقيه والإسلامي عبد فرهود وإخلاء مدارس الأونروا من مقاتلي فتح والإسلاميين».
وتتوافق قوى لبنانية وفلسطينية على أن الجولة الثانية من القتال كادت أن تكون نسخة مُكرّرة عن الجولة الأولى، وهي لم تُنجز أصلاً سوى المزيد من المآسي لأهالي المخيم. حتى إن المرجعيات اللبنانية التي تسابقت في الاشتباك الأول إلى عقد لقاءات التنسيق بين الفلسطينيين والتفاوض بين المتقاتلين، لم يُسجل لها حضور هذه المرة. وفي هذا السياق، توقّف مصدر عسكري عند «عجز فتح عن تحقيق إنجاز عسكري بوجه الإسلاميين على غرار عجزها عن ضبط مقاتليها بعد وقف إطلاق النار». وتحدّث المصدر عن «التباين الفتحاوي الداخلي الذي يتحمّل مسؤوليته بشكل رئيسي أحد النافذين وشقيقه المرتبطان مباشرة برئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج».
سُجّل إقدام مدفعية الجيش على توجيه ضرباتٍ رداً على قصفِ خارج المخيمكات في مخيم عين الحلوة
من ناحية المجموعات الإسلامية، فقد احتشد عناصرها في موقع مُوحّد، مع دعم واضح لهم من قبل «عصبة الأنصار الإسلامية» و«الحركة الإسلامية المجاهدة»، بعدما ابتعدت العصبة والحركة عن تأدية دور التّفاوض بين الدولة و«فتح» و«الشباب المسلم»، كردّ فعل على التضييق الأمني ضدّهم. وعمدَ شبابُ «العصبة» إلى قصف مراكز فتح، رداً على قصف معقلها في حي الصفصاف، ليل الخميس الماضي.
انكفاء اللاعبين الرئيسيين اللبنانيين والفلسطينيين، حوّل القتال بين ليل الخميس وعصر الجمعة إلى اشتباك عبثي في الوقت البدل من الضائع. لكن، بخلاف الاشتباك الأول، لم تنحصر المعارك هذه المرّة بين البراكسات وجبل الحليب من جهة والصفصاف والطوارئ من جهة أخرى، إذ دخلت مجموعة الإسلامي عبد حوراني المتواجدة في حي حطين على الخطّ بقوة، لتخفيف الضغط عن جبهة الطوارئ.
عسكرياً، لم يُسجّل الطرفان أيّ تغيير ميداني. كما أن الجيش جدّد رفضه التدخل عسكرياً في ظل عجز «فتح» عن الحسم. لكن سُجّل إقدام مدفعية الجيش على توجيه ضربات إلى معاقل في الطوارئ، رداً على قصف مناطق خارج المخيم.
وتحت وطأة الاشتباكات العنيفة، نزح الآلاف باتجاه صيدا وجوارها وتمركز المئات في مسجد الموصلي وبلدية صيدا. وخوفاً من إطالة أمد القتال، نُقل نازحو «الموصلي» المحاذي للمخيم إلى تجمّع سبلين في إقليم الخروب بشكل مؤقت. لكنهم عادوا ليلاً إلى المخيم بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار مساء.
وكان لافتاً إطلاق قذائف في أجواء مدينة صيدا، وبوتيرة أعلى من الاشتباك الأول. وتسبّب القصف الذي اعتبره البعض مُتعمّداً، بأضرار جسيمة في مبانٍ سكنية وفي مبنى سراي صيدا، وأوقع عدداً من الجرحى بينهم عنصر في الأمن العام.
البناء
مخابرات الجيش تنجح بفرض وقف إطلاق النار في عين الحلوة… لكن النار تحت الرماد
باسيل ينسحب من دعم مبادرة بري… وخليل يردّ: كاد المريب في التعطيل يقول خذوني
محاولة تنسيق فرنسي سعودي… وجنبلاط يربط الرئاسة والحوار بتفاهم أميركي إيراني
نجحت مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة بعد ظهر أمس بقي صامداً حتى ما بعد منتصف الليل، مع بعض الانتهاكات المحدودة، وذلك عبر تحميل الفصيلين الرئيسيين حركة فتح وحركة حماس مسؤولية تثبيت وقف النار، وبقيت قضية إجرائية عالقة تتصل بقدرة الفصيلين على ضمان إخلاء المدارس، التي يشكل الخروج منها نوعاً من التسليم بعدم العودة للقتال، نظراً لمواقعها المؤثرة قتالياً، أما الأمر السياسي الذي بقي عالقاً، وبقي معه الجمر تحت الرماد فهو عدم التوصل إلى حل في قضية تسليم المطلوبين. ومن المتوقع أن يشهد اليوم استمرار الاتصالات والمساعي أملاً بحلحلة القضايا العالقة، فيما قالت مصادر فلسطينية إن جدية تعاون فتح وحماس تستطيع ضمان التهدئة في المخيم.
رئاسياً وسياسياً، كان لافتاً في كلمة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في البترون عشية أول أمس انسحابه من الموقف الداعم لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري لجلسات حوار محدّدة بسبعة أيام في مجلس النواب تحت عنوان الرئاسة فقط، تليها جلسات انتخاب متتابعة، حيث علّق فور صدور المبادرة مؤيداً بقوله، هذا ما كنا ندعو إليه، وتبعه عدد من نواب التيار بمواقف التأييد. بينما جاء كلام البترون تصعيدياً دون تفسير حيث وجه باسيل سهام التشكيك لمبادرة بري، واضعاً الدعوة في كفة موازية لرفضها، وفق توصيف يقول إن الفريقين يقفان عند محاولة تمرير مقاربة فئوية للاستحقاق الرئاسي. وردّ المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل على كلام باسيل، بهجوم عنيف، تناول باسيل والرئيس السابق ميشال عون، وصولاً للقول إن ما ينطبق على قول باسيل هو كاد المريب في التعطيل أن يقول خذوني.
رئاسياً أيضاً كان كلام النائب السابق وليد جنبلاط في استقبال البطريرك الماروني بشارة الراعي، في ذكرى مصالحة الجبل، اعتبر فيه أن الرئاسة رهينة اتفاق أميركي إيراني، من خلال توجيه أسئلة للوسيط الأميركي في ملف النفط والغاز عن ترسيم حقل بعبدا الرئاسي، ومثلها لوزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان عن تسهيل انتخاب الرئيس.
ولليوم الثاني على التوالي تواصلت الاشتباكات المسلحة والكرّ والفرّ بين حركة «فتح» والمجموعات المتطرّفة في مخيم عين الحلوة على محور البركسات والتعمير والطوارئ، أدّت الى عدد من الإصابات، وذلك بعد انهيار الهدنة واتفاق وقف إطلاق النار الذي حصل الشهر الماضي.
وأدّى الرصاص الطائش الذي طاول بعض أحياء مدينة صيدا، الى إصابة عنصر في الأمن العام برصاصة في رأسه، حيث تمّ نقله الى مستشفى حمود في صيدا، وخضع لعملية جراحية في الرأس.
وكانت إحدى قذائف الاشتباكات سقطت على سطح مبنى سرايا صيدا الحكومي، ومكتب تابع للأمن العام فيها ما تسبب بأضرار جسيمة في سطح المبنى وتحطم زجاج أحد مكاتب الأمن العام في السرايا. وقد وجّه المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان عمران ريزا نداء عاجلاً لوقف القتال في مخيم عين الحلوة وإخلاء المدارس التابعة للأونروا.
ويشير مصدر رسمي فلسطيني مطلع يشارك في المفاوضات لوقف إطلاق النار، لـ»البناء» إلى أن عودة الاشتباكات، سببها رفض المسلحين تسليم قتلة «العرموشي». ويلفت إلى أن «المجموعات المتطرفة تلقت دعماً خارجياً للسيطرة على المخيم بعد عودة داعش إلى الواجهة في أكثر من ساحة في المنطقة، وكان الاعتقاد أن اغتيال العرموشي يضرب معنويات حركة فتح ويلغي دورها في المخيم، لكنها تفاجأت بأن الحركة استوعبت الضربة وخاضت مواجهة وصدّت المسلحين».
ويحذّر المصدر من مشروع للسيطرة على المخيم، ما يؤدي الى زعزعة الاستقرار في المنطقة وينعكس على بقية المخيمات وبؤر التوتر الأمني في لبنان، لكن فتح لن تسمح بذلك وستعمل للقضاء على الحالة المتطرفة ولن تنتهي المعركة قبل تسليم المسؤولين الثلاثة المعروفين عن مقتل العرموشي». ويكشف عن دخول مسلحين وسلاح وأموال للمجموعات المتطرفة في المخيم.
وأعلنت هيئة العمل الفلسطيني المشترك للقوى الوطنية والإسلامية في منطقة صيدا الالتزام في تثبيت وقف إطلاق النار. مشيرة الى أن «قرار هيئة العمل المركزية بتعزيز القوة المشتركة من الأطر السياسية الوطنية والإسلامية للقيام بالمهام الموكلة إليها».
وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس ساد الهدوء الحذر في المخيم خرقه بعض الطلقات النارية. لكن مصادر ميدانية لفتت لـ»البناء» الى أن المعركة لم تنتهِ، وهناك جولات قتال جديدة خلال أيام قليلة. وكشفت مصادر «البناء» أن قيادة فتح أبلغت هيئة القوة المشتركة إصرارها على تسليم قتلة العرموشي حفاظاً على أمن المخيم.
وأكد قائد الجيش العماد جوزاف عون، خلال رعايته حفل إعلان جرود عرسال ورأس بعلبك خالية من مخلّفات الحرب أنّ «انتشارنا هنا على طول الحدود، تتخلّله صعوبات كثيرة، سواء طبيعة المنطقة الجغرافيّة أو نقص العديد، لكنّ عسكريّينا يبذلون قصارى جهودهم لحمايتها ومنع عمليّات التّهريب والنزوح غير الشرعي»، مبيّنًا أنّهم «يتعرّضون لشتّى أنواع الشّائعات والاتهامات بالتّقصير، فيما الحقيقة تثبتها الوقائع اليوميّة بالجهود الجبّارة الّتي تقوم بها الوحدات المنتشرة على الأرض». ودعا كلّ مشكّك إلى «زيارة الحدود والاطّلاع ميدانيًّا على الوضع الّذي ينذر بالأسوأ قريبًا. فكفى تنظيرًا واتّهامات باطلة، وليقفوا خلف الجيش، لأنّه كان صمّام الأمان للبنان وسيبقى كذلك، ولن يحيد عن قسمه وواجباته».
في غضون ذلك، تترقب الأوساط السياسية عودة مبعوث الرئاسة الفرنسية جان ايف لودريان الى لبنان، على مسافة حوالي أسبوع من اجتماع اللجنة الخماسية لأجل لبنان في العشرين من الشهرِ الحالي على مستوى وزراء الخارجية في نيويورك. ومن المقرّر أن يعقد لقاءاته يومي الثلاثاء والأربعاء ثم يغادر لبنان الخميس المقبل.
وينتظر رئيس مجلس النواب نبيه بري ما سيحمله لودريان من اقتراحات للبناء على الشيء مقتضاه، ورجحت أوساط نيابية لـ»البناء» أن يوجه الرئيس بري دعوة للكتل النيابية للحوار في مجلس النواب بعد زيارة لودريان، وبالتالي سيتأخر الحوار الى ما بعد منتصف الشهر الحالي.
وفيما علمت «البناء» أن أغلب الكتل النيابية أبلغت الرئيس بري استعدادها للمشاركة في الحوار، يصرّ حزبا القوات والكتائب اللبنانية على مقاطعة الحوار، فيما ينقسم تكتل التغيير بين المشاركة من عدمها، ولفتت أجواء حزب «القوات اللبنانية» لـ»البناء» الى أنه «لن يشارك في الحوار الذي دعا اليه الرئيس بري لعدم اقتناعه بجدوى هذه الحوارات» ومشيراً الى «أن انعقاد الحوار من دون القوات والكتائب لا يشكل إحراجاً للقوات، فلكل طرف حق المشاركة لكن لن نغطي حواراً لانتخاب مرشح الممانعة».
وعن موقف «القوات» من جلسات الانتخاب ولمن ستصوّت بعد انفراط عقد فريق التقاطع على جهاد أزعور، أوضحت أن «القوات ستحدّد موقفها من أي جلسة يدعو اليها رئس المجلس لانتخاب رئيس في الوقت المحدد وقبل موعد الجلسة، لكن حتى الساعة الحزب الاشتراكي والتيار يعلنان دعم أزعور رغم الحوار مع الحزب، وأي تغيير على موقف الاشتراكي لا يلزمنا ولكن لن يؤثر على العلاقة مع القوات».
وعما اذا أدى الحوار الى التوافق على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لفتت المصادر الى أننا «سنعمل أي شيء لمنع وصوله الى بعبدا بكافة الطرق الدستورية والسياسية، لكن لا يمكن أن يعطل الرئيس بري وفريق الممانعة النصاب لسنة وعندما يؤمن الأكثرية لمرشحه يدعونا الى جلسة».
وفي سياق ذلك، لفت رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى أن «الرئيس نبيه بري شاطر في البهلوانيات، والسؤال الأساسي هو: الحوار حول ماذا؟ لبنان يعيش فراغاً في سدة الرئاسة يقترب من إنهاء عامه الأول، وهذا يعالج بالانتخاب وفق ما ينص عليه الدستور».
في المقابل اعتبر رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك أن «الشراكة بذاتها تقتضي الحوار والانفتاح والتفاهم وقبول الآخر، من منطلق الحفاظ على الشراكة والمصلحة الوطنية، بعيداً عن إملاءات وتدخلات الخارج، التي لا تتحقق معها المصلحة الوطنية والسيادة والاستقلال». وسأل «ما الذي يمنع من الاستجابة لدعوة الحوار التي أطلقها رئيس المجلس النيابي، ويدلي كل فريق معنيّ بدلوه. اتقوا الله أيها المسؤولون بحفظ الوطن وسيادته».
في غضون ذلك، وفيما كان الرهان على نجاح الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر حول مطالب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وتسويق نتائجه عند حركة أمل لجهة اللامركزية المالية الموسعة والصندوق الائتماني، انفجرت على خط أمل والتيار، الأمر الذي قد يهدّد مشاركة التيار بالحوار وبالتالي يقلص فرص انتخاب رئيس للجمهورية.
وردّ المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل على كلام باسيل خلال حفل عشاء التيار الوطني الحر، مساء أمس الأول، وأشار خليل في بيان الى أنه «بين زجل العم والصهر… وجولات الأُنْس، تتبدل المواقف بين عشاء وآخر. ليس غريباً على من يتقن فن تعطيل مصالح البلاد والعباد أن يبدل ترحيبه بمبادرة الرئيس نبيه بري الحوارية وينتقل الى نغمة الشروط والأولويات، وإثقال المهمة بنقاش عبثي ليس الا لتطيير الحوار وحرفه عن وجهته. وبعد أن شعر بحجم التجاوب الكبير مع المبادرة والتي خلقت دينامية مؤيدة للنهج الحواري ولدور الرئيس بري فيه، انتقل بالأمس الى تحليل خلط فيه عن سابق تهور الامور ببعضها، وافترض التضارب بين الدور الفرنسي والمبادرة، لينتقم من الإيجابيات التي تولدت في البلد. وكاد يقول كما المريب خذوني لتعطيل الحوار».
وأضاف: «ليغطي انقلابه على ما كان يفترض انها قناعاته الوطنية والسياسية وتحالفاته، الى تقاطع المصالح الضيقة التي أخّرت وعقّدت وما زالت الوصول الى انتخاب الرئيس العتيد. وعلى مقلب نشيد البطولات الوهمية الذي يكرّره بوقاحة في التدقيق الجنائي وهو الذي فضح اولاً ممارساته ومسؤوليته، وأدانه ببحر من مليارات الفساد والإدارة السيئة له ولمستشاريه من الوزراء التابعين، والعقود المشبوهة من البواخر الى الفيول وصولاً الى الهندسات التي تبنّاها زلينسكي العم واقتراحه والصهر معه خلافاً لكل الادعاءات التجديد بدلاً من التمديد لحاكم البنك المركزي والمحاضر تشهد… وللحديث تتمة».
الى ذلك، جال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وشيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى أمس في الجبل، وتوج الراعي جولته هذه في قصر المختارة، حيث كان في استقباله وأبي المنى، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط.
وأكد الراعي ان «هذا اليوم تاريخيّ وأتينا لكي نُحيي مرة أخرى المصالحة التي قمتم بها مع البطريرك صفير وأردتما أن تشمل جميع اللبنانيين، ولا مصالحة من دون مصارحة». وأشار إلى أن «لا يمكن أن يستمر لبنان في هذه الحالة وقد أصبح غريبًا عن ذاته».
من جانبه، قال جنبلاط إن «المصالحة في الجبل تكرّست على الرغم من بعض أصوات النشاز التي تعمل على نبش القبور وفي أدبياتنا الشهداء كلهم شهداء الوطن دون تمييز». وتوجّه للراعي بالقول «نقدر عالياً كل الجهود المحلية والعربية التي تقومون بها لحل معضلة الرئاسة ونحيي عالياً تأييدكم لدعوة الحوار». وسأل «هل يمكن ترسيم حقل بعبدا يا سيد هوكستين وهل يمكن تسهيل انتخاب الرئيس يا سيّد عبد اللهيان»؟.
اللواء
الراعي في جبل المصالحة.. وجنبلاط لترسيم أميركي – إيراني «لحقل بعبدا»
المعارضة تبلِّغ لودريان الثلاثاء استعدادها لرئيس تسوية.. ونار عين الحلوة تُشعل القلق
على بُعد كيلومترات قليلة، بين مخيم عين الحلوة، حيث يدور حوار المدافع والنار، مؤذناً بعدم الاستقرار في هذه البقعة المضطربة مع سقوط 40 جريحاً، والمختارة وبعقلين وجبل الشوف، حيث تجددت المصالحة في الجبل، مع الزيارة التي قام بها البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي امس، واكد فيها على اهمية «اليوم التاريخي» قبل 22 سنة عندما حصلت مصالحة الجبل بين جنبلاط والبطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير.
وعلى سمع من الراعي الذي وصف جنبلاط بأنه يشكل موضوع امان عند اللبنانيين الذين ينتظرون مواقفه، مشددا على ان «لا مصالحة من دون مصارحة» رد جنبلاط بحضور نجله تيمور وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابو المنى، وحضور ممثل لدار الفتوى، هو القاضي الشيخ احمد الجوزو، وممثل للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى القاضي الشيخ حسن عبد الله، بوصفه «مراقب من بعيد» بانتقاد واضح لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من دون ان يسميه، لجهة ما نسمعه من نظريات ليس هناك أغبى أو أسخف، لكن أخطر ممن ينادون بالفراغ ولا يسهلون موضوع الانتخابات الرئاسية»، ولم يوفر جنبلاط ايضا رئيس التيار الوطني الحر، لجهة «النظريات حول مواصفات الرئيس» متهكماً من ذلك بقوله: «وكأن المطلوب أن يتعلم المجلس النيابي دروسا في النحت أو الخياطة».. مطالبا بالكف عن «وضع العراقيل لتغييب الانتخابات» مثمناً ترحيب البطريرك بالحوار.
وفي السياق، طالب جنبلاط وزير خارجية ايران حسين امير عبد اللهيان، ورجل الترسيم آموس هوكشتاين بترسيم حقل بعبدا، في ما يتعلق بالاتفاق على انتخاب رئيس الجمهورية.
وقال جنبلاط: «كلاهما صرحا بتأييدهما لإنجاز الانتخابات الرئاسية، ممتاز، كيف؟ فهل يمكن ترسيم حقل بعبدا يا سيد هوكشتاين؟ وهل يمكن تسهيل الانتخابات يا سيد عبد اللهيان؟ وتحديد الصندوق السيادي الجديد مع الدول المعنية والقادة المحليين، سؤال مجددا من مراقب بعيد».
وبالفعل، وجِّهت الدعوات للقاء لودريان الثلثاء في السفارة الفرنسية في بيروت، بعد الحصول على الاجابات الخطية من الكتل والنواب التغييريين، الذين وصلتهم الرسالة الفرنسي، التي بعث بها لودريان، عبر السفارة الفرنسية للنواب.
وكشفت مصادر المعلومات ان المعارضة، على الرغم من ان بعض اطرافها امتنعت عن الاجابة على السؤالين اللذين وجههما لودريان حول الحوار ومواصفات الرئيس، ستحضر، من دوان يكون اللقاء شاملا، بل ثنائيا، ولابلاغ الموفد الفرنسي شرطين الاول مع رئيس تسوية (وسطي) وثانياً عدم انتخاب مرشح الممانع سليمان فرنجية.
والاثنين، يُعقد في باريس اجتماع، يضم الوسيط لودريان والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، وسفير المملكة في لبنان وليد بخاري.
وعلى هذا الغليان السياسي الامني، يصل الى بيروت الوسيط الفرنسي جان ايف لودريان ما لم يطرأ ما يؤخر الخطة المعلن عنها، ورأت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن متابعة ما يسرب بشأن الحراك الرئاسي اعطت انطباعا أن الملف انتقل إلى مرحلة جديدة في حين أن الصورة تتضح أكثر بعد زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان- ايف لودريان إلى بيروت والحوار الذي يعقد.
ولفتت هذه المصادر إلى أنه ليس مؤكدا ماهية النتيجة التي تخرج منها اللقاءات المتصلة بهذا الملف، وأوضحت أن الشهر الجاري يشهد تحريكا واسع النطاق للاستحقاق الرئاسي دون الحسم ما اذا كان يثمر حلا ام لا، ملاحظة أن ذلك يتظهر مع الوقت علما ان هذه الاجتماعات قد تضع خارطة طريق محددة.
وفي سياق آخر اعتبرت مصادر وزارية عبر «اللواء» أن ملف النازحين سيخضع للتشريح المفصل في مجلس الوزراء وإن حضور قائد الجيش والمعنيين يعني أن هذه الجلسة ستخرج بقرارات تنفيذية.
وفي سياق ما يصدر من مواقف، كشف مصدر نيابي في المعارضة انها تفصل ما بين دعوة بري للحوار وجلسات الانتخاب المتتاية، اذ هي تشارك فيها، بصرف النظر عن موقفها من الحوار، حسبما اكد النائب جورج عدوان الذي قال: فلتتم غداً صباحا الدعوة لجلسات انتخاب متتالية وسنحضر أكيد، لافتاً إلى أن «الكلام عن العرقلة بعيد عنا كل البُعد». وسأل عدوان: هل من الممكن ان يكون من يحضر جميع الجلسات ويبقى فيها هو المعرقل؟
في المقابل، تساءل رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك: ما الذي يمنع من الاستجابة لدعوة الحوار التي أطلقها رئيس المجلس النيابي، ويدلي كل فريق معني بدلوه؟. اتقوا الله أيها المسؤولون بحفظ الوطن وسيادته.
ولم يمرّ كلام النائب جبران باسيل في عشاء البترون ليل امس الاول مرور الكرام، لجهة اتهام بري بالسعي الى نسف مبادرته بالتنسيق مع القوات، فبادر النائب علي حسن خليل الى اطلاق بيان قال: بين زجل العم والصهر… وجولات الأُنْس، تتبدل المواقف بين عشاء واخر. ليس غريباً على من يتقن فن تعطيل مصالح البلاد والعباد، ان يُبدّل ترحيبه بمبادرة الرئيس نبيه بري الحوارية، وينتقل الى نغمة الشروط والاولويات، وإثقال المهمة بنقاش عبثي ليس الا لتطيير الحوار وحرفه عن وجهته.
اضاف: وبعد أن شعر بحجم التجاوب الكبير مع المبادرة، والتي خلقت دينامية مؤيدة للنهج الحواري ولدور الرئيس بري فيه، انتقل بالامس الى تحليلٍ خلط فيه عن سابق تهور الامور ببعضها، وافترض التضارب بين الدور الفرنسي والمبادرة ، لينتقم من الايجابيات التي تولدت في البلد.
جولة الراعي
وكان البطريرك الراعي استهل جولته في الجبل، بزيارة إلى شانيه حيث كان في استقباله شيخ عقل طائفة الموحّدين ونواب من كتلة اللقاء الديموقراطي وفعاليات مسيحية ودرزية.
وقال الشيخ أبي المنى مرحّباً بالبطريرك الراعي: في حضوركم رسالة محبّة وأخوّة وترسيخ للمصالحة ورسالة العيش معاً، وهي تعبّر عن حقيقة الجبل الواحد الموحّد.
من جهته، توجّه البطريرك الراعي للشيخ أبي المنى بالقول: في قلبك همّ وحدة اللبنانيين، وأعرب عن فرحتي وشكري لهذا اليوم الذي يجمعنا، ومن خلال هذه الزيارة أعبّر عن روابط المحبّة والصّداقة التي تجمعنا.
مضيفاً: «صحّة لبنان من صحّة الجبل وهذه مسؤولية مشتركة تقع على عاتقنا جميعاً. كلمة مصالحة تتطلّب أعمالاً ومبادرات وعلى عاتقنا مسؤوليّة مشتركة لنعمل معاً من أجل وحدة شعبنا وهذا لن أتراجع عنه.
بدوره، قال أبي المنى: مصالحة الجبل التاريخيّة لم تكن ورقة تفاهم موقّعة من زعيم وبطريرك وشيخ وشهود، بل كانت عهد الحكماء والأبطال الرجال وكانت عهداً من القلب إلى القلب يقول إنّ الجبل تاريخ والتاريخ لا يُمحى بحادثة هنا ومواجهة هناك».
وسأل: لماذا لا نتّحد لتعزيز الأمل بالمستقبل في ظلّ انهيار الدولة؟ ألا يستوجب الأمر مصالحة من نوع آخر؟ مصالحة على شكل مبادرات عمليّة لبناء المؤسسات وإقامة المشاريع المنتجة… ألا يجدر بنا أن نضع خطة استراتيجيّة للنهوض والاعتماد على أنفسنا؟.
وفي ما يتعلّق بالاستحقاق الرئاسي، أشارَ أبي المنى إلى أنَّ «الحوار سبيل وليس غاية فلماذا لا ندعو إليه ونشارك به لإحداث خرق في جدار التعطيل سعياً إلى جمال التسوية النافعة المجدية؟».
ومن بعقلين انتقل ابي المنى والراعي الى قصر المختارة، حيث كان في استقبالهما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط وسط حشد سياسي وديني وشعبي كبير. وفي المناسية، اكد الراعي، ان «هذا اليوم تاريخيّ وأتينا لكي نُحيي مرة أخرى المصالحة التي قمتم بها مع البطريرك صفير وأردتما أن تشمل جميع اللبنانيين، نحن اليوم نعمل لتكون مصالحة صريحة لانه لا مصالحة من دون مصارحة. المؤسف اننا اليوم نخاف ان نقف امام ذواتنا ونخاف ان نشخص مشكلتنا وهذا السبب الاساسي لتفاقم مشكلتنا. ومرضنا بات كالسرطان يفتك رويدا ليأكل الجسم».(تفاصيل ص 3)
قائد الجيش: لا للتشكيك
على صعيد آخر، أعلن قائد الجيش العماد جوزاف عون، خلال احتفال أقيم في رأس بعلبك لإعلان جرود عرسال ورأس بعلبك خالية من مخلفات الحروب، أن «انتشارنا هنا على طول الحدود تتخلله صعوبات كثيرة سواء طبيعة المنطقة الجغرافية أو نقص العديد، لكنّ عسكريينا يبذلون قصارى جهودهم لحمايتها ومنع عمليات التهريب والنزوح غير الشرعي. ويتعرّضون لشتّى أنواع الشائعات والاتهامات بالتقصير، فيما الحقيقة تثبتها الوقائع اليومية بالجهود الجبّارة التي تقوم بها الوحدات المنتشرة على الأرض.
مؤكدا: كفى تنظيراً واتهامات باطلة وليقفوا خلف الجيش، لانه صمام الامان للبنان.
معارك عين الحلوة
أمنياً، تجددت مساء امس الاول ونهار امس، جولة قتال جديدة في عين الحلوة، بين حركة «فتح» و«الاسلاميين» على محور البركسات التعمير الطوارئ، وسقط نتيجتها حتى عصر امس 39 جريحا، وإصابة أعضاء لجنة حطين داخل المخيم أثناء مساعيهم لوقف إطلاق النار. مع موجة نزوح كبيرة للسكان.
وكانت احدى قذائف الاشتباكات سقطت صباحا على سطح مبنى سرايا صيدا الحكومي، ومكتب تابع للأمن العام فيها ما تسبب باضرار جسيمة في سطح المبنى وفي ألواح الطاقة الشمسية. وتحطم زجاج أحد مكاتب الأمن العام في السرايا. وسُجل سقوط ثلاث قذائف طالت مخيم المية ومية وحي الفيلات. كما تم قطع السير عند الاتوستراد الشرقي صيدا والغازية من جانب سوق الحسبة وتحويله إلى الطريق البحرية جراء الرصاص الطائش.
وعلى رغم المساعي والحديث عن اتفاق لوقف اطلاق النار، إلّا ان التوتر استمر مع استمرار الاشتباكات المتقطعة، التي ارتفعت حدتها بعد الظهر. وانتقلت الاشتباكات قبيل الغروب بين «فتح والإسلاميين» من داخل عين الحلوة الى محور حطين جبل الحليب.
وأفادت المعلومات مساء أمس، أن الاتصالات التي جرت على اعلى المستويات اللبنانية والفلسطينية، اثمرت اتفاقا على وقف اطلاق النار عند السابعة مساء في مخيم عين الحلوة. لكن بالرغم من وقف اطلاق النار ظل يُسمع بين الحين ولاخر رصاص قنص متقطع.
وقد وجّه المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان عمران ريزا نداء عاجلا لوقف القتال في مخيم عين الحلوة وإخلاء المدارس التابعة للأونروا التي تحصن فيها المسلحون الاسلاميون اضافة الى بيوت تركها اصحابها هربا من المعارك.
COMMENTS