اللواء
عجز الكتل في مختبر «المجموعة الخماسية».. والمدراء يديرون الدولة
اللقاء الفرنسي – السعودي يتنقل إلى الأسماء.. منصوري على ثوابته والتصدي بالقوة لوقف النزوح
بدا من المعلومات المتوافرة أن «المجموعة الخماسية» المعنية بمساعدة اللبنانيين على الإلتقاء على كلمة تؤدي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، انتقلت الى التعامل مع النتائج السلبية لعدم انخراط الكتل النيابية والأحزاب التي تقف وراءها في تقارب جدّي لإنهاء الشغور الرئاسي.
وبصرف النظر عن فكرة الخيار الثالث، أي «المرشح الوسط» أو التسووي، المقبول من الكتل ذات الوزن إسلامياً ومسيحياً، خارج الإستقطاب بين المرشح سليمان فرنجية والمرشح جهاد ازعور، وربما غيرهما، فإن نقاشات المجموعة على مستوى ثنائي (المحادثات بين جان- ايف لودريان ونزار العلولا بمشاركة السفير في بيروت وليد بخاري) تناولت ما يتعين فعله مع استمرار المكابرة اللبنانية، والسير لشروط والشروط المضادة..
ومن زاوية، وصول العجز الداخلي، حتى الى مجرَّد عقد اللقاءات الى الحائط المسدود، يحاول الوسطاء الاقليميون والدوليون البحث عن نقطة التقاء بالتفاهم على رئيس وسطي، يتم جسّ كل نيابية وازنة لانتخابه، مع تأمين الميثاقية الوطنية، أي مسلمين ومسيحيين..
وأشارت مصادر سياسية إلى أن الانظار تتركز على معرفة نتائج اللقاء الذي جرى امس الاول بين وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان في الرياض بحضور المستشار نزار العلولا وسفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري، وماهي الخطوات المقبلة التي ستقوم بها دول اللقاءالخماسي في التعاطي مع حل أزمة الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية،لاسيما بعد ان اعلن لودريان موقفه الاخير بدعوة الاطراف السياسيين، الى انتهاج الخيار الثالث بعد فشل انتخاب اي مرشح من مرشحي الثنائي الشيعي والمعارضة في جولات الانتخابات الرئاسية الاخيرة،وتلويحه بامكانية قطع مساعدات الدول المعنية عن لبنان في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ووصفت المصادر الاجتماع المذكور بالمهم،لانه قطع دابر كل ماتردد عن خلافات بين بعض دول اللقاءالخماسي والمبعوث الرئاسي الفرنسي،بل أكثر من ذلك اعطى الاجتماع انطباعا مؤكدا، بتناغم وتنسيق دول اللقاء مع بعضهم البعض، وكرس دعم لودريان للاستمرار بمهمته، بزحم في الايام المقبلة.
وتترقب المصادر حركة الموفد الرئاسي الفرنسي،وما اذا كان سيعرج على قطر للتنسيق للاطلاع على فحوى تحرك الموفد القطري ألذي يجول حاليا على المسؤولين والسياسيين اللبنانيين، بعيدا عن وسائل الإعلام، والانطباعات التي تكونت لديه بهذا الخصوص،او انه سيتوجه الي باريس لاطلاع الرئيس الفرنسي على نتائج مهمته، قبل أن يقرر العودة إلى بيروت لاستئناف مهمته، او انه سيتريث لايام معدودة، بانتظار تحسن فرص نجاح مهمته بالداخل اللبناني، خشية ارتدادات سلبية وتفاعلات غير محمودة على استمرار تعثر مهمته، على الاوضاع في لبنان وانحدار الازمة إلى الأسوأ.
ولاحظت المصادر ان اي تقدم اواختراق ولو كان محدودا في جدار أزمة الفراغ الرئاسي، لم يحصل بعد، بالرغم من تحرك الموفد القطري الذي ما يزال في طور استكشاف المواقف، وإبداء النصائح والحرص على انهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، بينما تخشى المصادر ان يستمر ربط انجاز الاستحقاق الرئاسي ، بمسار المفاوضات الجارية بين ايران والولايات المتحدة الأمريكية في الملفات والمواضيع الخلافية بينهما، كما حصل في أكثر من استحقاق رئاسي اوحكومي لبناني مهم، حصل سابقا،مايعني أن الازمة ستطول اذا لم تؤد اتصالات الجانب القطري مع ايران، التي يتواصل معها باستمرار إلى تذليل العقبات والعراقيل، وتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية في وقت قريب.
تنقل الاستحقاق الرئاسي خلال اليومين الماضيين، بين باريس والرياض من خلال اجتماع وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان بالمبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان جان- إيف لودريان. مرورا بالحراك القطري في بيروت، الذي يقوم به سرا الموفد جاسم بن فهد آل ثاني والسفير القطري في بيروت سعود بن عبد الرحمن آل ثاني الذي حطّ امس في معراب والتقى رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع. فيما ترددت معلومات عن زيارة موفد فاتيكاني خاص في الاسابيع المقبلة الى بيروت، لمواكبة الملف الرئاسي والتحرك الفرنسي والعربي في هذا المجال في محاولة لدفع الملف الى الامام.
وقد جرى في لقاء الرياض بين بن فرحان ولودريان «استعراض العلاقات الثنائية بين المملكة وفرنسا، وسبل تكثيف التنسيق المشترك في العديد من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة آخر تطورات الملف اللبناني، والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة بشأنها»، حسبما ذكرت وكالة الانباء السعودية.
وحضر اللقاء المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي نزار بن سليمان العلولا، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية لبنان وليد بن عبدالله بخاري.
وذكرت معلومات اخرى ان الموفد القطري الى لبنان محمد الخليفي قد يزور السعودية ويتابع المناقشات، التي في حال تطورت ستُدعى اللجنة الخماسية للاجتماع في السعودية.
والى ذلك واصل السفير المصري دكتور ياسر علوي حراكه، فاستقبل امس النائب وائل أبو فاعور عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي». كما زار علوي رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.
وجرى خلال اللقاءين «البحث في آخر التطورات السياسية وسبل تجاوز حالة الانسداد السياسي الحالية وإنهاء الفراغ الرئاسي»، بحسب بيان للسفارة المصرية.
ثوابت منصوري في إدارة المركزي
وفي اليوميات، بدا أن ادارة الدولية انتقلت الى المديرين العامين وموظفي الفئة الأولى، فعلى الصعيد المالي، يتحرك حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري الرسم خارطة طريق للتعافي الاقتصادي، موضحاً ان المصرف يعمل لتأمين رواتب الموظفين ومعاشات التقاعد شهراً بشهر على قاعدة ان المصرف المركزي يجمّد الحالة المالية والنقدية بانتظار التوصل الى حلول..
أعاد حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري التأكيد على: انه لن يتم طبع ليرة لتمويل الدولة، ولا استكتاب سندات خزينة وتمويل الدولة بالدولار غير وارد، والدولة لن تتمكن من اعادة اموال المودعين قبل إعادة هيكلة المصارف..
وقال: ستستمر الدولة اللبنانية في دفع رواتب القطاع العام بالدولار الاميركي. ونحن كمصرف لبنان نوافق على هذه الآلية من منطلق نقدي بحت. وهذا أمر يؤمّن استقراراً معيشياً واجتماعياً لنحو 400 ألف عائلة ويحافظ على الاستقرار النقدي.
وأكد أن هذه الاموال المدفوعة هي بالكامل من الدولة اللبنانية ومن مداخيلها». وقال: إن مصرف لبنان منذ 1 آب 2023 لم يخرج منه دولار واحد لتمويل الدولة اللبنانية ولن يصدر اي تمويل اطلاقاً.
وأكد ان المصرف المركزي اللبناني هو مؤسسة قوية وجامدة ولديها امكانات. هناك عمل دؤوب في المصرف المركزي لتحسين كل آليات الحوكمة فيه. كما يعاد النظر في الآليات المالية الداخلية في المصرف المركزي، ويتم العمل واعادة العلاقة مع الدولة اللبنانية. والذي يمكنني قوله، ان المصرف المركزي هو مؤسسة تستحق ثقة المواطن اللبناني.
وكشف كان مقدار الجباية في الدولة اللبنانية الشهر الماضي في حدود العشرين تريليون ليرة وفي الشهر الحالي كانت كذلك، وإذا استمر الامر على هذا المنوال، فإن ورشة عمل مشتركة من الحكومة والبرلمان ومصرف لبنان والمجلس الاقتصادي بالصلاحيات المعطاة له، لاعطاء الاجابات في أسرع وقت ممكن. هناك مسؤولية عن هذا التأخير وكلنا نتحمّلها. إن مصاريف الدولة مؤمَّنة ما يعني انه يمكننا الحصول على توازن مقبول وعلى استقرار مقبول. ولكنني اود ان اكرر ان هذا الاستقرار يبقى هشاً اذا لم تحصل تسوية واتمنى ان تحصل في وقتها.
مالياً أيضاً، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، رد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان تقريره حول مشروع موازنة 2023، الى رئاسة مجلس النواب، مفنّداً أسباب ردّ المشروع على أثر جلسة لجنة المال والموازنة التي انعقدت في 18 أيلول 2023 وذلك للأسباب التالية:
1- ورود مشروع موازنة 2023 بتأخير 9 أشهر عن الموعد الدستوري، أي في نهاية السنة المالية، ما يفقد الموازنة أي معنى أو فائدة بحسب المادة الخامسة من قانون المحاسبة العمومية التي تحدد الموازنة كإجازة للحكومة للجباية والانفاق. فما الفائدة منها إذاً، عندما تكون الحكومة قد انفقت وجبت وأتت الى المجلس النيابي بموازنة لتشرّيع ما قامت به ومن دون أية حسابات مالية؟
2- ورود مشروع الموازنة من دون أي رؤية إصلاحية أو إنقاذية. لا بل على العكس، فقد جاء المشروع، كسابقاته قبل الانهيار وبعده، مرتكزاً على المنطق المحاسبي والأرقام الوهمية التي تستند الى زيادات في الايرادات غير مثبتة أو ممكنة في الواقع المالي والاقتصادي الحالي، وذلك من خلال زيادات لبعض الضرائب والرسوم.
3- إعلان الحكومة إنتهاءها من درس وإقرار مشروع موازنة 2024. فما الداعي إذاً لأغراق المجلس النيابي بدراسة موازنتين، واحدة منها انتهت صلاحيتها وأصبحت تشرع أقله لأمر واقع غير مدقق؟
4- ضرورة إحالة مشروع موازنة 2024 في الموعد الدستوري وفق المعايير الدستورية والميثاقية كما إحالة قطع الحساب المدقق للسنة التي سبقت بحسب المادة 87 من الدستور.
وفي السياق الاقتصادي والمالي ايضا، عقد امس لقاء عمل تشاركي في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، شارك فيه حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري، بدعوة من رئيس المجلس شارل عربيد، وتم خلاله عرض للسياسات المالية والنقدية المتبعة من المصرف المركزي، وتخلله حوار حول الواقع المالي وكيفية الخروج من الأزمة.
أما مواجهة النزوح السوري، الذي أخذ بالتحول الى خطر كياني، فإن قائد الجيش العماد جوزاف عون يتولى الجانب المركزي من مواجهته عبر السيطرة على المعابر غير الشرعية، وكذلك الأمن العام، والمحافظين لا سيما في البقاع وعكار.
واعلن الامن العام اللبناني اللبناني عن تفشي ظاهرة تكاثر الجمعيات غير المرخصة التي تعنى بملف النازحين، ووصفها بأنها جمعيات مشبوهة الدور معروفة العودة الذي يصب بتحريض هؤلاء، وحثهم على عدم العودة بل تشجع المقيمين في بلدهم على النزوح الى لبنان..
ميدانياً.. الى ذلك استمر الحراك الرسمي الميداني والسياسي لمواجهة تدفق النازحين السوريين، وكان آخر العمل ما اعلنته قيادة الجيش امس، من انه «أثناء محاولة دورية من الجيش في منطقة القبور البيض عند الحدود الشمالية، إيقاف آلية فان هيونداي تُقل سوريين دخلوا خلسة إلى الأراضي اللبنانية، أقدم سائق الآلية على صدم أحد عناصر الدورية محاولًا دهسه والفرار من المكان برغم إطلاق بقية العناصر طلقات تحذيرية في الهواء، ما اضطرهم لإطلاق النار نحو إطارات الآلية. أسفر ذلك عن إصابة السائق وفقدانه السيطرة على الآلية واصطدامها بعمود كهربائي ومن ثم وفاته. وقد نُقل إلى أحد مستشفيات المنطقة. بوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص.
وافادت المعلومات ان سائق الفان يدعى حاتم محمد الصالح الملقب بـ«حاتم الواوي» لبناني من بلدة مشتى حمود – عكار.
في الحركة السياسية الرسمية، واصل وزير العدل هنري الخوري جولته في إيطاليا ولقاء كبار المسؤولين في المجال القضائي والمنظمات الحقوقية، وكان التقى في روما أمس، نظيره الإيطالي كارلو نورديو في مبنى وزارة العدل. وتم التباحث في ملف النزوح السوري ووضع القضاء في لبنان.
وأبلغ خوري نظيره موقف الحكومة اللبنانية من ملف النازحين كاشفاً انهم «يزحفون الى لبنان بأعداد كبيرة وهم بذلك لم يعودوا لاجئين بل نازحين اقتصاديين». وحذر من أن «الأمر سينعكس سلبا على أوروبا لأنها الهدف الحقيقي والمبطن للنازحين السوريين اما لبنان فهو محطة بالنسبة لهم».
من جانبه، استقبل وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي النائبة في البرلمان الأوروبي ناتالي كولين أوسترلي، يرافقها المستشارين سيمون كان ولوكاس جراندجان والملحق العسكري في السفارة الفرنسية ايريك اوكيني، وتم البحث في مشاكل الهجرة غير الشرعية والنزوح السوري.
البناء
شعبة المعلومات تقدم رواية متكاملة عن علاقة الدليفري بإطلاق النار على السفارة الأميركية
الأمن العام يحذر الجمعيات التي تعمل في ملف النزوح من تجاوز حدود الترخيص أو العمل دونه
الجيش يسجل وقفة جديدة قرب مزرعة بسطرة في مزارع شبعا وينجح بفرض التراجع على الإحتلال
غابت السياسة فحضر الأمن إلى الواجهة، حيث الأحداث الأمنية المتلاحقة تفرض إيقاعها على خلفية هشاشة الوضع السياسي الناتج عن الفراغ الرئاسي ووجود حكومة تصريف أعمال وغياب التشريع النيابي، وفي الملفات الأمنية زيادة الفوضى الأمنية وعمليات إطلاق النار، والخطف والاغتصاب والقتل والجريمة العادية، بصورة توحي بحجم الانهيار الاجتماعي وما يوفره من أرضية خصبة لنمو الجريمة.
إطلاق النار على جدار غرفة حرس السفارة الأميركية الذي استحوذ على اهتمام سياسيّ وإعلاميّ بخلفية استخدامه منصة لتوجيه الاتهام نحو حزب الله، باعتباره منصة توجيه رسائل من الحزب ومن خلفه إيران للأميركيين، كان موضوع التفاصيل التي كشفت عنها شعبة المعلومات بعد الإعلان عن أن إطلاق النار لا علاقة له بأي خلفيات سياسية، وأنه مجرد فعل فردي على خلفية تلاسن بين عامل دليفري وحراس السفارة، وتعليق أصحاب الاتهام السياسي بعدم تصديق الرواية. وجاء في التفاصيل أن عامل الدليفري سبق وأطلق النار على مقر الأمن العام على خلفية غضبه لعدم حصوله على جواز سفر، وأن حادث التلاسن مع حراس السفارة موثق، وأن المعنيين بأمن السفارة اطلعوا على التفاصيل واعتبروها كافية وأشادوا بمهنية التحقيق ونتائجه.
في الأمن أيضاً كشف الأمن العام عن وجه آخر أشدّ خطورة، حيث الجمعيات التي تعمل تحت عنوان رعاية النازحين السوريين، تتوزّع بين جمعيات تتجاوز حدود الترخيص الممنوح لها، أو أنها جمعيات غير مرخّصة، محذراً الفريقين من الوقوع تحت طائلة المسؤولية ما لم تسارع الجمعيات إلى ترتيب أوراقها القانونية ومطابقة نشاطاتها مع حدود الترخيص.
جنوباً، كان الجيش اللبناني لمرة جديدة يسجل موقف شجاعاً في مواجهة بلطجة قوات الاحتلال، متبادلاً معها القنابل الدخانية، ليفرض في النهاية عليها الانسحاب، ومواصلة الجيش عمله لشق الطريق الى الأراضي الواقعة في المناطق المحررة من مزرعة بسطرة.
لم يسجل المشهد السياسي أيّ مستجد بانتظار ما سيحمله مبعوث الرئاسة الفرنسية جان إيف لودريان من جديد بعدما نعى بتصريحاته الأخيرة الصيغة الأولى من المبادرة الفرنسية، وسط توقعات بأن يعود الى بيروت حاملاً صيغة الخيار الثالث لعرضها على القوى السياسية، لا سيما على الثنائي حركة أمل وحزب الله والفريق الداعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وذلك بعدما أجرى لودريان جولة مشاورات مع أعضاء الخماسية لا سيما السعودية لبلورة موقف موحّد إزاء الملف اللبناني.
واجتمع لودريان خلال اليومين الماضيين في الرياض مع وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان تم خلاله البحث في الملف الرئاسي.
ووفق معلومات »البناء«، فإن المبعوث الفرنسي يجري مروحة لقاءات خارجية واتصالات مع مرجعيات سياسية لبنانية لتكوين رؤية نهائية عن الوضع اللبناني لتحديد الخطوة الثانية التي سيقوم بها فور عودته الى بيروت. والمرجّح أن تكون دعوة لرؤساء الكتل النيابية الى لقاءات تشاورية منفردة في قصر الصنوبر كبديل عن مبادرة الحوار التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري التي سحبت من التداول، بسبب رفض قوى المعارضة والطرفين المسيحيين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر المشاركة فيها، فضلاً عن الخلاف بين أعضاء الخماسية حول تغطية المبادرة. ولفتت المعلومات الى أن »لقاء بن فرحان ولودريان هو محاولة إنعاش أخيرة للمبادرة الفرنسية«.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء« أن الفرنسيين لن ينسحبوا من الساحة اللبنانية وإن سقطت الصيغة الأولى من المبادرة الفرنسية بسبب غياب التوافق بين الخماسية والانقسام السياسي الداخلي على المقاربة الرئاسية. مشيرة الى أن »هذا الانقسام والاصطفاف الخارجي سيؤدي إلى تعطيل متبادل للانتخابات الرئاسية والى توازن سلبي في الاستحقاق الرئاسي«.
وإذ أكد مصدر نيابي في التيار الوطني الحر لـ«البناء« جمود الحوار مع حزب الله في الاستحقاق الرئاسي، وأن التيار لا يزال يمانع دعم ترشيح فرنجية ويرفض ترشيح قائد الجيش، أكدت أن التيار لن يسمّي أي مرشح، بل ينتظر تقديم أسماء ليقرّر موقفه منها. في المقابل جددت مصادر الثنائي لـ«البناء« تأكيدها عدم التنازل عن فرنجية، مشدّدة على أن كل الضغوط السياسية والاقتصادية لن تدفعنا للتراجع عن خياراتنا الاستراتيجية والوطنية التي تتجسّد بفرنجية في ظل أجواء التصعيد الأميركي الإسرائيلي في المنطقة ومحاولة القوى الغربية فرض مشاريع جهنمية تدميرية على المنطقة وعلى لبنان.
ويواصل الموفد القطري لقاءاته مع القوى السياسية عارضاً الملف الرئاسي بعيداً من الأضواء.
وعرض رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب مع السفير القطري لدى لبنان سعود بن عبد الرحمن آل ثاني الأوضاع العامة ولا سيما الملف الرئاسي.
وجدّد جعجع مطالبته الرئيس بري بالدعوة الى جلسة مفتوحة بدورات متتالية لا تنتهي إلا بانتخاب رئيس جديد.
وكشفت مصادر إعلامية أنه »سيكون للموفد القطري جولة ثانية مع الأطراف السياسية المؤثرة في الانتخابات الرئاسية، إلا أنه حتى اللحظة لم يجد قاسماً مشتركاً بين التيار الوطني الحر والقوات ولم يستطع أن يجمعهما على اسم واحد من الأسماء الثلاثة التي طرحها«.
ولفتت أوساط سياسية لـ«البناء« الى أن جولات الموفد القطري لا تقدم ولا تؤخر وستصطدم بعقدة الخلاف السياسي على غرار المبادرة الفرنسية، وكل الأسماء التي يتم تداولها ليست جدية، لسبب أن الخيار الثالث ليس محل توافق كل الأطراف السياسية، وإذا كان الموفد القطري فشل بإيجاد مرشح مشترك بين التيار والقوات فكيف سيستطيع جمع فريق المعارضة والثنائي وفريق فرنجية على مرشح واحد؟«.
ورأت الأوساط أن »كل المبادرات ليست سوى تقطيع الوقت بانتظار نتائج المفاوضات الدائرة في المنطقة على المحور الأميركي – الإيراني، وعلى المثلث السعودي – الإيراني – اليمني، الأمر الذي سينعكس على لبنان بطبيعة الحال، لكون الملف اللبناني يقع في آخر الأجندة الدولية – الإقليمية«، لكن الأوساط حذرت من رهان القوى السياسية اللبنانية على المفاوضات الخارجية والتي قد تأخذ وقتاً طويلاً، ما سيطيل أمد إنجاز الاستحقاق الرئاسي لأشهر طويلة قد تمتد للعام المقبل، ما سيترك تداعيات سلبية كبيرة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في لبنان.
وأكّد رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك أنّه »لا يُمكن للبنانين أن يخرجوا من الفراغ الرئاسي إلا باللقاء والتفاهم والحوار والاعتراف كل بالآخر«.
وخلال رعايته انعقاد اللقاء العلمائي الوحدوي في مدينة صيدا أكّد الشيخ يزبك أنّ »من يعوّل على أميركا فهو يعوّل على سراب، ولا يمكن للبنانين أن يخرجوا من الفراغ الرئاسي إلا باللقاء والتفاهم والحوار والاعتراف كل بالآخر«، متسائلًا »كيف تكون المواطنة بدون التلاقي والتفاهم؟«، لافتًا إلى مدّ اليد للجميع للعمل على بناء الوطن، مشيرًا إلى أنّه »لولا المقاومة في لبنان لما نعم بالأمن والاسقرار في داخله وعلى حدوده«. وتساءل: »إذا كان التعويل على اللجنة الخماسية فبشائرها سمعناها ورأيناها في جولة وزير السياحة الصهيوني في شوارع الرياض والمدينة المنورة«، مشددًا على »الصبر وعدم الاستسلام مهما كانت الظروف«.
وفي ظلّ انسداد الأبواب الرئاسية المحلية والخارجية، عاد الخطر الأمني الى الواجهة، من بوابة النزوح السوري، حيث أعلنت قيادة الجيش في بيان أنه »أثناء محاولة دورية من الجيش في منطقة القبور البيض عند الحدود الشمالية اليوم، إيقاف آلية فان هيونداي تُقل سوريين دخلوا خلسة إلى الأراضي اللبنانية، أقدم سائق الآلية على صدم أحد عناصر الدورية محاولًا دهسه والفرار من المكان رغم إطلاق بقية العناصر طلقات تحذيرية في الهواء، ما اضطرهم لإطلاق النار نحو إطارات الآلية. أسفر ذلك عن إصابة السائق وفقدانه السيطرة على الآلية واصطدامها بعمود كهربائي ومن ثم وفاته. وقد نُقل إلى أحد مستشفيات المنطقة. بوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص«.
وواصل وزير العدل هنري الخوري جولته في إيطاليا ولقاء كبار المسؤولين في المجال القضائي والمنظمات الحقوقية، وكان التقى في روما أمس الأول، نظيره الإيطالي كارلو نورديو في مبنى وزارة العدل. وتم التباحث في ملف النزوح السوري ووضع القضاء في لبنان إذ أبلغ خوري نظيره موقف الحكومة اللبنانية من ملف النازحين كاشفاً أنهم »يزحفون الى لبنان بأعداد كبيرة وهم بذلك لم يعودوا لاجئين بل نازحون اقتصاديون«. وحذر من أن »الأمر سينعكس سلباً على أوروباً لأنها الهدف الحقيقي والمبطن للنازحين السوريين أما لبنان فهو محطة بالنسبة لهم«. كذلك، كشف الخوري لنظيره عن »حدّة وخطورة الإكتظاظ في السجون اللبنانية الذي يسبّبه زحف النازحين وتجاوزاتهم التي ترفع نسبة الجريمة وعدد المساجين«، لافتاً الى أن »البنية التحتية للسجون في لبنان لا تتحمل الاكتظاظ الناتج عن ارتفاع عدد المساجين«.
على صعيد آخر، أكد حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، أنه »لن يتم طبع الليرة لتمويل الدولة ولا استكتاب سندات خزينة«. وشدّد على أن تمويل الدولة بالدولار أمر غير وارد.
وأوضح منصوري خلال لقاء مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن »الدولة لن تستطيع إعادة أموال المودعين قبل إعادة هيكلة المصارف«. كما لفت إلى أنه »تجب إعادة إطلاق القطاع المصرفي عبر إعادة ثقة المودع«. وقال: »ستستمر الدولة اللبنانية بدفع رواتب القطاع العام بالدولار الأميركي. ونحن كمصرف لبنان نوافق على هذه الآلية من منطلق نقدي بحت. وهذا أمر يؤمن استقراراً معيشياً واجتماعياً لحوالي 400 الف عائلة ويحافظ على الاستقرار النقدي«.
وأكد منصوري »أن هذه الأموال المدفوعة هي بالكامل من الدولة اللبنانية ومن مداخيلها«. قال »إن مصرف لبنان منذ 1 آب 2023 لم يخرج من عنده ولا دولار واحد لتمويل الدولة اللبنانية ولن يصدر أي تمويل إطلاقاً. ونحن نجمد الحالة المالية والنقدية الى حد ما في انتظار وصول حلول. وهذا الأمر لا يمكن ان يستدام ولا بد من وجود حلول للأزمة الاقتصادية الراهنة والمواطن لا يستطيع ان يكمل بهذه الطريقة«.
ويشير خبراء ماليون واقتصاديون لـ«البناء« إلى أن »إعلان مصرف لبنان دفع رواتب القطاع العام بالدولار يعكس استمرار المصرف المركزي بتمويل الدولة، وذلك من خلال استخدام الدولارات التي كان الحاكم السابق رياض سلامة قد ادخرها قبل نهاية ولايته، وكذلك أيضاً من حصة المصرف المركزي في الحساب 36 بالليرة اللبنانية الموجود في وزارة المالية، كما أن المركزي جمع عبر صرافين كميات كبيرة من الدولار من السوق السوداء الذي شهد فائضاً من الدولار جراء دخول الدولار الاغترابي إلى لبنان«.
الأخبار
لودريان للسعودية: أعطوني فرصة ثانية!
بعدَ إعطاء الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف – لودريان إشارة الالتحاق بموقف «الخماسية» الخاصة بلبنان، وحثّ اللبنانيين على البحث عن خيار ثالث للخروج من أزمة الانتخابات الرئاسية، توجّهت الأنظار إلى الخطوة الجديدة المنتظرة من الأطراف الخارجية، ولا سيما بعدَ التهديد الذي أطلقه لودريان بإجراءات عقابية، مثل وقف التمويل عن مؤسسات لبنانية رسمية في حال عدم التجاوب.
وجديد الاتصالات، كان لقاء الرياض بين وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ولودريان بحضور المستشار نزار العلولا وسفير المملكة لدى لبنان وليد بخاري، وهو ما أرادته فرنسا للتأكيد على عودة باريس إلى ركب «الخماسية». لكن مع تبدل في موقفها، والتراجع عن دعمها مبادرة تتبنى انتخاب رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية مقابل تعيين رئيس حكومة يُسمّيه الطرف الآخر. وقال منشور لوزارة الخارجية السعودية على منصة «X» إنه «جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية، وسبل تكثيف التنسيق المشترك في العديد من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة آخر تطورات الملف اللبناني»، وعلمت «الأخبار» أن «الاجتماع استمر حوالي الساعة، وتناول محطات المبادرة الفرنسية وما وصلت إليه»، وقد عبّر الجانب السعودي عن «ارتياحه وسروره لجهة أن باريس اقتنعت بوجهة نظر المملكة في ما يتعلق بالأزمة اللبنانية، وعادت لتتبنّى طروحات الرياض التي تقول بوجوب انتخاب رئيس لا ينتمي إلى أي جهة». وقالت المصادر إن «المجتمعين أكّدوا على طي صفحة المبادرة الفرنسية بالشكل الذي كانت عليه، والذهاب إلى طرح صيغ توافقية بالتنسيق مع الدول الخمس، استناداً إلى نتائج الاجتماع الخماسي الأول في باريس والثاني في الدوحة، وأن لقاء الرياض وفّر مناخاً جديداً وتجاوزاً للتباينات التي ظهرت في اجتماع نيويورك الأخير». ولفتت المصادر إلى أن «باريس ليست مرتاحة لفكرة أن تتولّى قطر دور الوساطة بدلاً منها، وأن الفرنسيين يريدون غطاء السعودية لاستكمال المهمة بالتنسيق مع الدول الخمس، كون فرنسا تريد أن تحافظ على دورها في المنطقة من خلال لبنان».
لقاء الرياض تزامن مع استكمال الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني حراكه في بيروت بهدف الاستطلاع حول الخيار الثالث، وتسعى قطر إلى تولي دفة الاتصالات بدل باريس، لكنّ الدوحة تتبنى الوجهة نفسها، بأن تسعى لتأمين «طريق العبور الإلزامي الذي يمثله حزب الله لأي رئيس جمهورية».
تزامن لقاء الرياض مع استكمال الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني حراكه في بيروت
كما تزامن لقاء الرياض مع إعلان الرئيس نبيه بري تجميده مبادرته لحوار يسبق عقد جلسات انتخاب متتالية، والمواقف العالية للنائب السابق وليد جنبلاط، الذي اتهم القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر «بإجهاض فرصة الحوار». وسبقَ ذلك، نبرة هجومية لجنبلاط ضد السعودية «بعدَ أن شعر بأن السقف العالي لمعراب يأتي بتحريض خفي من المملكة لذا توجه بالسؤال مباشرة إليها عما تريده في لبنان».
في ضوء ذلك، يتوقّع المعنيون في لبنان، بحصول موجة ضغوط جديدة من قبل أطراف اللجنة الخماسية، خصوصاً أن باريس تبنّت موقفاً منسجماً مع أميركا والسعودية وقطر ومصر. ويراهن هؤلاء على دفع حزب الله إلى التخلي عن دعمه ترشيح فرنجية، علماً أن الحزب أكّد للموفد القطري أنه متمسّك بموقفه. وتساءلت المصادر «كيف سيتعامل لودريان الذي استهلّ جولته الأخيرة من عين التينة وختمها كذلك مع الرئيس بري، بعد تراجع الأخير عن دعوة الحوار. فهل سيحاول مجدداً مع قوى المعارضة لإقناعها بضرورة المشاركة، أم سيتولى هو دعوة الكتل النيابية إلى حوار في قصر الصنوبر كما كان مطروحاً سابقاً؟»، علماً أن هذه القوى تتصرف على أنها «انتصرت في الجولة الماضية حيث إن إصرارها على رفض التسوية أطاح بحظوظ فرنجية، وهي تستعد اليوم لجولة ثانية من أجل فرض الدعوة إلى عقد جلسات انتخاب من دون المرور بالحوار وسترفض كل ما يعرضه لودريان أو غيره إذا كان في غير هذا الإطار».
COMMENTS