استشعر الجزائريون نشوة نصر عظيمة مع صبيحة يوم السبت، إثر تلقيهم أولى الأخبار القادمة من فلسطين، بعد العملية العسكرية التي نفذتها المقاومة في عقر دار المحتل الإسرائيلي، وهو ما ظهر في مئات آلاف التفاعلات مع صور وأخبار هذا الحدث الذي غطى تماما على الأخبار المحلية في البلاد.
وبدأ الجزائريون باكرا على موقع فيسبوك، تتبّع كل صغيرة وكبيرة عن العملية العسكرية مع نشر صور أبطال المقاومة وطريقة اقتحامهم الاستعراضية لمناطق العدو، وتتبع البث المباشر للقنوات المعروفة بخطها التحريري المنحاز للمقاومة.
وبفعل التضييق والرقابة التي يمارسها فيسبوك، هاجر الكثير من رواد العالم الافتراضي إلى منصات أخرى لمشاهدة فيديوهات القسام، حيث اكتشف الكثيرون بالمناسبة تطبيق تيليغرام الأكثر حرية واحتراما لحرية التعبير.
وكعادتهم، تفاعل المعلقون تارة بالتكبير والابتهال إلى الله بنصرة المقاومة، وتارة أخرى بالسخرية من جيش الاحتلال الإسرائيلي والنيل من أسطورة أنه “لا يقهر”، حيث اشتعل “الميمز” عن آخره بصور الجنود الإسرائيليين وهم يساقون إلى الأسر، فيما نال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي الكم الأكبر من السخرية.
وعلى المستوى الرسمي، بادرت الخارجية الجزائرية بإصدار بيان يؤكد دعم الشعب الفلسطيني، وهو موقف معتاد من الجزائر التي تتحدث بأريحية كبيرة في هذا الموضوع كونها ظلت صامدة ضد موجة التطبيع التي مسّت العالم العربي، وكانت السباقة في تقديم المساعدات للفلسطينيين والتأكيد في المنابر الدولية على الحق الكامل غير المنقوص في دولة مكتملة السيادة.
وقالت الخارجية في بيانها إنها تتابع بقلق تطور الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة التي أودت بحياة العشرات من أبناء وبنات الشعب الفلسطيني الأبرياء الذين سقطوا شهداء في ظل تمادي الاحتلال الصهيوني في سياسة التجبر والاضطهاد التي يفرضها فرضا على الشعب الفلسطيني الباسل.
وأكد البيان على أن الجزائر تدين بشدة هذه السياسات والممارسات المخلة بأبسط القواعد الإنسانية ومراجع الشرعية الدولية. وفي هذا السياق، جددت الجزائر الطلب بالتدخل الفوري للمجموعة الدولية من خلال الهيئات الدولية المعنية لحماية الشعب الفلسطيني من الغطرسة والإجرام الذي جعل منهما الاحتلال الصهيوني سمة من سمات احتلاله للأراضي الفلسطينية.
كما أبرز البيان أن الجزائر تجدد قناعتها بأن الاحتلال الاستيطاني الصهيوني هو لبّ الصراع العربي الإسرائيلي وأن إنهاء ما ينجر عن هذا الصراع من محن وويلات ومآسٍ، يكمن لا ريب في الاستجابة للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وتمكينه من إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
وفي الساحة السياسية، أصدرت عدة أحزاب مواقف مؤيدة لحق المقاومة في الدفاع عن الأرض والغرض في فلسطين. وقالت حركة مجتمع السلم في بيان لها إن الشعب الفلسطيني المقاوم وأمام تصاعد مسارات التطبيع المخزية، ليست أمامه خيارات لحماية حقه واسترجاع مقدساته واسترداد مظالمه، سوى بالاستمرار في المقاومة الباسلة، التي هي السبيل الوحيد لردع العدو الصهيوني.
وأبرزت الحركة ذات التوجه الإسلامي القريب من حماس الفلسطينية، أنها تدين تصعيد الكيان الصهيوني الغاشم وعملية الاقتحامات المستمرة لباحات المسجد الأقصى الشريف، والإمعان في تدنيس المقدسات وانتهاك كل الحرمات وفرض حصار على المسجد الأقصى لمنع المصلين والاستمرار في فرض أساليب التنكيل بسكان قطاع غزة والضفة.
ودعت الحركة، الدولَ العربية والإسلامية وكل الأحرار في العالم إلى ضرورة تحمل المسؤولية التاريخية في حماية للمقاومة المقاومة الفلسطينية ودعمها لأجل استرجاع الحق الفلسطيني الضائع وحق الأمة في تحرير المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى والأرض الفلسطينية كاملة من النهر إلى البحر وحماية الشعب الفلسطيني من الغطرسة الصهيونية وردعه عن مشروع تهويد القدس.
من جهته، قال حزب العمال، إنه يحيّي النضال البطولي للشعب الفلسطيني الذي يدافع بكل شرعية عن نفسه، ضد الانتهاكات الهمجية للكيان الصهيوني الذي لم يتوقف أبدا عن مذابحه واغتيالاته للفلسطينيين وأعماله التدميرية الإجرامية لمنازل الفلسطينيين وممتلكاتهم.
وأوضح الحزب ذو التوجه اليساري، أنها “فعلا سياسة همجية تتماشى مع الحرب الصهيونية التي تهدف إلى تصفية الشعب الفلسطيني وثورته”، مسجلا مرة أخرى اندفاع “الحكومات الإمبريالية وأذنابها لإنقاذ الكيان الصهيوني”.
وأضاف الحزب أن الخزي والعار سيلحق كل من يضع على قدم المساواة الجلاد، الكيان الصهيوني الذي يقتل ويقتلع شعبا من أراضيه ويشتته والضحية، والشعب الفلسطيني الذي يقاتل بشقّ الأنفس للدفاع على الذات والحفاظ على أرضه. كما وجّه “تحية محترمة وأخوية ونضالية للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وحدود عام 1948 وفي مخيمات اللاجئين والشتات من أجل استعادة جميع حقوقهم التاريخية”.
من جانبه، أكد حزب التحالف الوطني الجمهوري إدانته الشديدة للهجمات الإسرائيلية. ووجه نداء للفلسطينيين من أجل رصّ صفوفهم وتجسيد المصالحة الوطنية وفقا لاتفاق الجزائر، وتفويت الفرصة على بعض الأطراف الإقليمية التي ترغب في المتاجرة بالقضية الفلسطينية وجعلها ورقة في جيوسياسية المحاور وصراع النفوذ الإقليمي.
كما دعا أحرار العالم والدول العربية والإسلامية من أجل تقديم كافة سبل الدعم المادي والمالي والإعلامي للأشقاء الفلسطينيين، مؤكدا على أهمية بذل كل الجهود، وأكثر من أي وقت مضى، من أجل تحقيق حلّ عادل ودائم وشامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ضمن إطار مبادرة السلام العربية (بيروت 2002)، القائمة على أساس حل الدولتين ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة في حدود 04 حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين واستعادة الجمهورية السورية لأراضي الجولان المحتل.
وكالات، 8 تشرين الأول/أوكتوبر، 2023
COMMENTS