الأخبار
أسئلة غربية لبيروت: متى يفاوض حزب الله؟
فُتحت الأسئلة حول مصير الجبهة الجنوبية التي فُعّلت إسناداً للمقاومة في غزة، في ظل محاولات التوصّل إلى تهدئة «مؤقتة» وصفقة لتبادل الأسرى مع «حماس». وعلى وقع السيناريوات التي يجري تداولها، برزت خشية من أن تستغلّ حكومة الكيان فرصة الهدنة في غزة لمزيد من التصعيد في جنوب لبنان. وهذه هي «زبدة» الرسائل التي لا يزال الموفدون الغربيون يحملونها الى بيروت، مع استمرار مساعيهم لإقناع حزب الله بـ«فصل الجبهات»، وبدء مفاوضات سياسية للوصول الى حلّ يضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار بين لبنان والعدو الإسرائيلي.ومن ضمن هذه المحاولات، سلّمت باريس أخيراً الجانب اللبناني النسخة «الرسمية» من الاقتراحات الخاصّة بمعالجة التوتّر التي سبق أن قدّمها (بطريقة غير رسمية) وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيغورنيه خلال زيارته الأخيرة للبنان قبل أسبوعين. وحملت الورقة، وفقَ ما ذُكر سابقاً، عنوان السفارة الفرنسية في لبنان، وتسلّمها لبنان باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية. وعلمت «الأخبار» أن المقترحات التي لم تشهد أيّ تعديلات عن تلكَ التي نُقلت سابقاً إلى لبنان، هي مدار بحث بين الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، تمهيداً للردّ الرسمي اللبناني عليها، علماً أن السقف الذي وضعته المقاومة للبحث في الاتفاق السياسي ليسَ متوافراً بعد. وعليه، ينشط العصف السياسي والأمني لتحديد موقف الحزب، محاطاً بعلامات استفهام كثيرة عن «التوقيت الذي سيراه الحزب مناسباً لفتح الباب للنقاش في الطروحات الغربية بشأن خفض التصعيد على الجبهة الجنوبية». فهل ذلك مرهون فعلاً بتوقّف كلّي وكامل ورسمي للحرب الإسرائيلية على غزة، أم هو رهن تحوّلات في شكل الحرب؟ وإذا ما تمّ التوصل فعلاً إلى اتفاق تهدئة مؤقتة وتبادل للأسرى مع المقاومة في غزة، كيف سيكون وضع الجبهة الجنوبية حينها؟ هل سيكتفي الطرفان بالهدوء مقابل الهدوء؟ أم أن العدو الإسرائيلي سيُنفّذ التهديدات التي أطلقها وزير الحرب في الكيان يوآف غالانت بأن إسرائيل لن تُوقف النار في الجبهة مع لبنان، حتى لو تمّ التوصل الى صفقة في غزة. وهو ما يُترجم محاولات إسرائيلية لتطبيق استراتيجية فصل الجبهات، بالنار، مقابل تكريس «محور المقاومة»، وبشكل خاص حزب الله، لوحدة الساحات بالنار أيضاً عقب عملية «طوفان الأقصى»؟
باريس سلّمت لبنان اقتراحها الرسمي والأميركيون يقلّلون من شأن المسعى الفرنسي
بالنسبة إلى فرنسا وبريطانيا، وبعض الدول الغربية والعربية الأخرى، هناك اعتقاد بأن حزب الله يُمكن أن يقبل بالتفاوض بعيداً عن مجريات المعركة في قطاع غزة. وعلى هذا الأساس، اختارت باريس إعطاء وساطتها إطاراً رسمياً تمهيداً لفتح باب التفاوض، وحجز مكان متقدّم لها في الوساطة. بيد أن الأميركيين يبدون مقتنعين بأن لا إمكانية ولا جدوى من بحث في أيّ حلول وترتيبات بخصوص الجبهة اللبنانية، قبل تبلور الموقف بشكل واضح في قطاع غزة، مع إمكانية أن تكون هناك محاولات أميركية مباشرة أو غير مباشرة لقياس ردّ فعل حزب الله، تبعاً لكل مرحلة أو شكل تنتقل إليه الحرب أو المفاوضات في غزة خلال الفترة المقبلة. وهذا ما يُفسّر «الجو» الأميركي الذي ينقله مسؤولون لبنانيون، لمسوا إصراراً أميركياً على التقليل من شأن المسعى الفرنسي الحالي، باعتباره «غير قابل للنجاح».
وعليه، فإن أجوبة الأسئلة أعلاه، هي في الحقيقة جوهر ما يبحث عنه كلّ الموفدين العرب والغربيين، وكل فرق استخبارات الدول في بيروت. وكذلك، هي ما يبحث عنها العدوّ الإسرائيلي، ويحاول استكشافها، مرّةً بالسياسة والرسائل الديبلوماسية غير المباشرة، وأخرى بالنار والتصعيد في الميدان.
وبالتزامن مع تزخيم المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية بوساطة مصر وقطر ورعاية الولايات المتحدة، وانعقاد اجتماع «باريس 2»، أمس، في محاولة للوصول الى صفقة جديدة، يجري على خطّ مواز تداول أفكار ومقترحات يُمكن الاستناد إليها خلال المرحلة المقبلة، لإطلاق مسار تفاوضي غير مباشر، بين لبنان وإسرائيل، يكون موازياً للمسار الفلسطيني – الإسرائيلي، بعدَ اتّضاح صورة الموقف في المسار الأخير.
اللواء
من يقف وراء شلّ مجلس الوزراء ويشاغب على الاستقرار؟
لبنان يجهِّز الردّ على المذكَّرة والورقة.. وصمود الأهالي يُسقط أهداف العدوان
يقترب شهر شباط (ذي الـ29 يوماً) من نهايته، من دون إحداث أي خرق من مورثات العام الفائت، سواء ملء الشغور الرئاسي في قصر بعبدا، أو ايجاد صيغة تنهي التوترات بين قدامى الموظفين المتقاعدين والموظفين العاملين في الادارات العامة ووزارة المال والدولة على الجملة، او حتى التقاط الفرص المتاحة من اجل فتح باب التفاوض حول ترتيبات تنفيذ القرار 1701، الذي دخل مرحلة جديدة من عضّ الأصابع بعد انخراط حزب الله، ومعه لبنان عملياً في جبهة إسناد غزة.
والبارز على صعيد الزيادات استمرار التداول لإرضاء الموظفين العاملين المتقاعدين، وعدم ازعاج المالية العامة، وظروف الخزينة، والانعكاسات السلبية لحرب غزة على عمليات الحياة او الحركة الاقتصادية والمالية في البلاد.
ووفقا لما اشارت اليه «اللواء»، أدى اعتصام العسكريين المتقاعدين على ابواب السرايا الكبير، الى منع عدد من الوزراء من المشاركة في الجلسة مما ادى الى الاطاحة بها.
فقبيل الجلسة اشعل العسكريون الاطارات، مؤكدين منع الوزراء من الوصول الى الجلسة، وقال احدهم: ممنوع اي وزير يفوت على السراي حتى تحقيق مطالبنا».
ومن المطالب، تحديد الحد الادنى للمعاشات التي لا تزيد عن 120 دولارا بالشهر، ودمج جزء من الزيادة في اساس راتب العسكري في الخدمة لحفظ حقه بتعويض تقاعدي عادل. وتوعد العميد المتقاعد بسام ياسين باستهداف المسؤولين عن الوضع الذي وصل اليه العسكريون المتقاعدون.
وانتقد الرئيس نجيب ميقاتي السلبية في الشارع. واعتبر انه تفاجأ بذلك، الامر الذي حمله على تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مخصصة للبحث في «مشروع قانون معالجة اوضاع المصارف واعادة تنظيمها».
وكشف ميقاتي انه تم التوصل قبل الجلسة مع الاطراف من العسكريين في الخدمة والقطاع العام وجزء كبير من المتقاعدين الى حل مقبول من الجميع».
واعرب عن اسفه للسلبية «في الشارع والاعمال الشعبوية» لذا اوضح: تفاديا لاي تصادم مع احد، وحتى لا نزيد الطين بلة ولتفادي اي مشكلة اضافية، ابلغت 11 الوزراء عن تأجيل الجلسة» مشيرا الى انه سيدعو الى جلسة في الاسبوع المقبل، واصفاً بأنها ستكون على درجة من الاهمية، مع التأكيد على اننا «محكومون باعتمادات الموازنة وسقوف معينة من الانفاق».
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ «للواء» أنه كان من المتوقع ألا تنعقد جلسة مجلس الوزراء لكن المستغرب تحديد جلسة ثانية لبحث البند نفسه حول إعادة هيكلة المصارف وسط رفض وزاري له، مشيرة في الوقت نفسه أن الرئيس ميقاتي أراد التأكيد أن حكومته تقوم بما عليها .
ورأت هذه المصادر أن ما يجري على صعيد اعتراض القطاع العام والمطالبة بتحسين الوضع يشكل اختبارا للحكومة التي قال رئيسها أنه لا يمكن تجاوز حد الانفاق، ولذلك قد تشق سلسلة اجتماعات طريقها قبل جلسة الحكومة، متوقفة عند مواقف بعض الوزراء ما يوحي أن التماسك الحكومي هش، ولذلك قد تدخل اجتماعات الحكومة في استراحة إلا إذا أراد رئيسها انهاء ملفات تشكل عبئا على هذه الحكومة.
وعلى خط الحوافز، خرج موظفو وزارة المال عن صمتهم، مطالبين وزير المال بكشف المبالغ التي تدفع لقطاعات وظيفية كحوافز، والتي هم يحررون مستندات صرفها، من دون الحصول على شيء منها، رافضين الاتهامات التى توجه الى الموظفين في المالية حول الحوافز والتي لا تشكل سوى جزء بسيط مما تحصل عليه الشرائح الاجتماعية والوظيفية الاخرى.
وحسب موظفي المالية، فإن مجموع ما صرف من حوافز منذ اشهر يوازي الخمسين الف مليار ليرة.
شغب «عوني» على الاستقرار
في هذا الوقت، يمضي التيار الوطني الحر بالشغب علىالاستقرار، وحسب متابعين، فإن له تأثيراً ما على حركة العسكريين المتقاعدين لشل جلسات مجلس الوزراء على خلفية المطالب المالية والمعيشية المشروعة.
وحسب ما ترّوج اوساط عونية، فإن النائب جبران باسيل يتحرك باتجاهات عدة:
1 – على خط الاحزاب والشخصيات المسيحية لتوقيع عريضة اتهام للرئيس ميقاتي بتهمة «انتزاع صلاحيات رئيس الجمهورية».
2 – على خط الشخصيات النيابية، والتي تحسب على النواب التغييريين، للتفاهم على مرشح توافقي، اذا ما عقدت الجلسات المتتالية، بدلا من الوزير السابق جهاد ازعور.
3 – على خط عين التينة، لإلقاء الحجة على رئيس المجلس، لجهة الدعوة الى الحوار على ان تليه جلسات لمجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
الرد على الورقة الفرنسية
وسط ذلك، تعكف الدوائر الرسمية في السرايا الكبير والخارجية بإعداد الرد على الورقة الفرنسية في ما خص تنفيذ القرار 1701، وهي وصلت الى لبنان رسمياً، وباللغات الفرنسية والانكليزية والعربية، على ان يكون هذا الرد جاهزاً الاسبوع المقبل.
وفي السياق، أبلغ وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس رئاسة مجلس الأمن الدولي بأنّ بلاده سوف «تفرض الأمن على حدودها الشمالية عسكريًّا، في حال لم تطبّق الحكومة اللبنانية القرار 1701 وتمنع الهجومات من حدودها على إسرائيل».ووجّه كاتس رسالة غير مسبوقة بتفاصيلها ومعطياتها الى مجلس الأمن، بحيث بدت إحاطة رسمية لإمكان شنّ حرب واسعة على لبنان.وتورد رسالة كاتس مواعيد وطرق نقل ذخائر متطورة من إيران الى «حزب الله» ، جوًّا، بحرًا وبرًّا.وتعتبر أنّ نقل هذه الأسلحة هو انتهاك للقرار 1701.ويضع كاتس ما يسمّيه وثائق عن نقل الأسلحة من إيران إلى العراق، ومن هناك إلى سوريا، فالحدود السورية اللبنانية، وتواريخ حصول ذلك.وطالب وزير الخارجية الإسرائيلي في الرسالة بوجوب أن يدعو مجلس الأمن الحكومة اللبنانية إلى التنفيذ الكامل لقراراته، وتحمّل المسؤولية ومنع الهجمات من أراضيها ضد إسرائيل والتأكد من أن المنطقة حتى نهر الليطاني ستكون خالية من الوجود العسكري أو الأصول أو الأسلحة».وقال:«لقد حذرت إسرائيل المجتمع الدولي، مرارا وتكرارا، من جهود إيران وحزب الله لتوسيع الوجود العسكري لحزب الله. وتؤكد إسرائيل من جديد حقها الأساسي في القيام بكل ما تحتاجه في إطار القانون الدولي لحماية مواطنيها من هذه الانتهاكات الشنيعة».
بالتزامن، يدرس لبنان المذكرة الرسمية التي وجهتها الخارجية السورية حول الابراج البريطانية المنتشرة عند الحدود الشرقية، والتي تعتبرها دمشق «تهديدا للامن القومي السوري وابراج تجسس يبني عليها العدو الاسرائيلي كل معلومات الاستطلاع لضرب العمق السوري».
يوم التشييع
وطغى تشييع الشهداء على الوضع في الجنوب، على الرغم من استمرار عمليات القصف للقرى الامامية، وشملت بلدات بليدا والخيام وعدشيت وبرعشيت في جنازات الشهداء الذين سقطوا باستهدافات للهيئات الصحية او المساكن والمنازل، وسط تحذير بأن لا مغادرة للقرى، حتى المستهدفة لا سيما بعد اعادة العمل لمركز الدفاع المدني في بلدة بليدا الحدودية.
وليلاً، شنّ العدو الإسرائيلي 3 غارات جوية وهمية، استهدفت أطراف بلدة رامية ومرتفع جبل بلاط في جنوب لبنان. وأفاد ناشطون عبر مواقع التواصل الإجتماعي عن حدوث اهتزازات عنيفة وشديدة في مدينة صيدا وضواحيها نتيجة الغارات، فيما أفيد أيضاً عن حصول الأمر نفسه في قرى وبلدات إقليم الخروب.
البناء
المسافات بين الطروحات سبب تعثر المسار التفاوضي رغم محاولات الوسطاء
نيويورك تايمز: أنفاق حماس سليمة و5000 من مقاتليها في شمال قطاع غزة
أسامة حمدان: كسر الحصارعن غزة ووقف البضائع عن الكيان مسؤولية عربية
تقول المعلومات الواردة من باريس، حيث بدأت المفاوضات الهادفة للتوصل الى الاتفاق على صيغة هدنة قابلة للتمدد نحو وقف نهائي للحرب يتم خلالها تبادل الأسرى، إن المسافات بين الطروحات المتقابلة فلسطينياً وإسرائيلياً لا تزال أبعد من فتح الطريق نحو التفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق، ولا يزال الموقف الإسرائيلي سلبياً تجاه أي صيغة تتضمن انسحاب قواته من قطاع غزة والتسليم بتثبيت وقف الحرب؛ وبالتوازي لا تزال العروض الإسرائيلية حول عدد ولوائح الأسرى الفلسطينيين المقترح للتبادل بعيدة جداً عن الحد الأدنى القابل للتفاوض فلسطينياً، بينما تقول قيادة المقاومة للوسطاء إنها مستعدة لمزيد من رسائل الميدان التي تؤكد فشل الحرب التي يعتقد الإسرائيلي أنها بديل التفاوض لحل ملف الأسرى.
على الصعيد العسكري، تستمر المواجهة في غزة في تأكيد قدرات المقاومة ومستوى حضورها الميداني على مساحة قطاع غزة، شمالاً ووسطاً وجنوباً، ونقلت أمس صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين، أن «أغلبية شبكة أنفاق حماس لا تزال سليمة»، وأن «إسرائيل لن تكون قادرة على تحقيق هدفها المتمثل في القضاء على القدرة العسكرية لحماس»، مؤكدين أن «ما لا يقل عن 5000 مقاتل لحماس لا يزال في شمال قطاع غزة».
حركة حماس بلسان القيادي أسامة حمدان اعتبرت «أن حكومة نتنياهو ترى في إطالة زمن الحرب هدفاً أساسياً للهروب من استحقاقات مرحلة ما بعد العدوان على قطاع غزة»، مضيفاً أن «الحركة تعاملت بروح إيجابية مع مقترحات ومبادرات الوسطاء، وانطلقت في مواقفها من أولوياتها الواضحة في وقف العدوان على أبناء قطاع غزة وإنهاء معاناتهم الإنسانية»، مطالباً الدول العربية والإسلامية «بالتحرك العاجل لكسر الحصار على غزة»، داعياً الدول التي تمرّ فيها «شاحنات تجارية إلى «إسرائيل» إلى وقفها».
وبقي التصعيد سيد الموقف على الجبهة الجنوبية مع تراجع وتيرة العمليات العسكرية، فيما تتجه الأنظار الى ما ستفضي إليه مفاوضات باريس بين حكومة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية عبر القطريين والفرنسيين والأميركيين في ظل تأكيد مصادر دبلوماسية لـ»البناء» بأن «المفاوضات في باريس تسير بشكل جدّي باتجاه تذليل العقد للتوصل الى لوقف مؤقت للأعمال الحربية»، كاشفة أن مدير المخابرات الأميركية وليم بيرنز كان في باريس منذ أيام وعاد اليها أمس الأول للمشاركة في اجتماعات الوفود التفاوضية في باريس ما يدل على تطورات ما حصلت منحت المفاوضات زخماً أكبر. مرجحة التوصل لاتفاق على مراحل منفصلة عن بعضها يبدأ بهدنة تدخل حيز التنفيذ قبل شهر رمضان وتبادل دفعة جديدة من الأسرى تمتد لـ45 يوماً مع فصل المراحل. وكان مجلس الحرب بعد اجتماعه أمس الأول، منح التفويض للوفد الأمني التفاوضي الإسرائيلي للسير بالتفاوض في باريس للتوصل الى اتفاق.
وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن محور التفاوض الذي يحصل بين القاهرة وباريس يتركز على نقطتين أساسيتين: الأولى معادلة الأسرى، إذ ترفض «إسرائيل» تصفير السجون الإسرائيلية من الفلسطينيين لا سيما قيادات المقاومة السابقين المحكومين لعشرات السنوات، ما يمنح المقاومة وحركة حماس تحديداً انتصاراً مدوياً لا تتحمله «إسرائيل» لأنه سيترك تداعيات كبيرة ليس فقط على إعادة حركة حماس أقوى الى المعادلة في غزة بل لها تداعيات على الضفة الغربية وكل فلسطين. والثانية، وقف إطلاق للنار، إذ ترفض «إسرائيل» وقف إطلاق النار من دون تحقيق انتصارات ميدانية تغير في المعادلة التفاوضية والسياسية القائمة، وبالتالي لا يمكنها فرض تنازلات على المقاومة الفلسطينية. وتوقعت المصادر أن تستفيد «إسرائيل» من الوقت المتبقي للتوصل الى اتفاق في باريس بجولة جديدة من العمليات العسكرية الواسعة في غزة وجنوب لبنان لإفراغ بنك أهدافها العسكري والأمني ولتحسين أوراق التفاوض في المفاوضات لدفع المقاومة الفلسطينية لتقديم تنازلات وخفض شروطها.
وكان العدو الإسرائيلي، واصل عدوانه على الجنوب، وأغار على مركز للدفاع المدني في بلدة بليدا، ما أدى إلى استشهاد 4 عناصر من الهيئة الصحية الإسلامية، ونعت المديرية العامة للدفاع المدني – الهيئة الصحية الشهيدين المسعفين حسين محمد خليل «حسين» مواليد العام 1997 من بلدة برعشيت ومحمد يعقوب اسماعيل «أبو يعقوب» مواليد العام 1994 من بلدة بليدا، فيما نعى حزب الله محمد حسن طرّاف «أحمد» مواليد عام 1986 من بليدا.
وشهدت المنطقة الحدودية سلسلة اعتداءات بدأت باستهداف بلدة الوزاني برشقات رشاشة غزيرة وعدد من قذائف المدفعية ما أدّى الى إصابة عسكري في الجيش اللبناني، وحصول أضرار بالمنازل ومزارع الماشية. كذلك تعرّضت أطراف بلدة يارون لقصف مدفعي. وأفيد عن انفجار صاروخ اعتراضي إسرائيلي في أجواء بلدة ميس الجبل. وطال القصف المدفعي الإسرائيلي أطراف مزرعة حلتا وأحراج كفرشوبا وكفرحمام. وشنّ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات بالصواريخ الثقيلة على جبل اللبونة، أطراف بلدة الناقورة الساحلية، وعلى بلدة كفركلا.
وفيما كانت صافرات الإنذار الإسرائيلية تدوي من مستعمرة يفتاح إلى مستعمرة المطلة وسط سماع انفجارات للصواريخ الاعتراضية في أجواء الحدود في القطاع الشرقي من جنوب لبنان تحدث إعلام العدو عن انفجار وقع في كريات شمونة ناجم عن سقوط صاروخ أو طائرة مسيّرة بينما سجّل تحليق مروحيات العدو في أجواء المستعمرات الشمالية المقابلة لبلدتي بليدا وعيترون وصولاً إلى أجواء كريات شمونة.
وفي ظل العجز الإسرائيلي عن تغير الواقع الحدودي بالقوة العسكرية، لجأ الى مجلس الأمن الدولي في محاولة لرمي الكرة في ملعبه و»تبرئة ذمته» مما يقوم به من اعتداءات على لبنان، إذ أبلغ وزير خارجية العدو يسرائيل كاتس رئاسة مجلس الأمن الدولي زاعماً بأنّ بلاده سوف «تفرض الأمن على حدودها الشمالية عسكريًّا، في حال لم تطبّق الحكومة اللبنانية القرار 1701 وتمنع الهجومات من حدودها على «إسرائيل»». ووجّه كاتس رسالة غير مسبوقة بتفاصيلها ومعطياتها الى مجلس الأمن، بحيث بدت إحاطة رسمية لإمكان شنّ حرب واسعة على لبنان. وطالب في الرسالة بوجوب أن يدعو مجلس الأمن الحكومة اللبنانية إلى التنفيذ الكامل لقراراته، وتحمّل المسؤولية ومنع الهجمات من أراضيها ضد «إسرائيل» والتأكد من أن المنطقة حتى نهر الليطاني ستكون خالية من الوجود العسكري أو الأصول أو الأسلحة».
وقرأت أوساط معنية لـ»البناء» هذه الرسالة بأنها استنجاد بمجلس الأمن الدولي وحثه على ممارسة المزيد من الضغوط على الحكومة اللبنانية لدفع حزب الله لوقف عملياته العسكرية أو تخفيفها الى الحد الأدنى للسماح للحكومة الإسرائيلية باستعادة المستوطنين المهجرين. ولا ترى المصادر بأن هذه الرسالة تمهيد لشن عدوان على لبنان، لأن العدو عندما يقرّر شن عدوان ويتأكد من قدرته على تحقيق انتصار فيه، لا يعي أي أهمية لمجلس الأمن ولا للأمم المتحدة وللقرارات والقوانين الدولية.
وأشار خبراء عسكريون لـ»البناء» الى أن «الاستهداف الإسرائيلي للمنازل والمدنيين والبنى التحتية الاقتصادية يعكس فشلاً استخباراياً إسرائيلياً ذريعاً، لأنه لا يملك بنك أهداف عسكرياً للمقاومة باستثناء اغتيال بعض الكوادر الأمنية والعسكرية في الحزب، لكنه يجهل كل قواعد ومنصات الصواريخ ومراكز القيادة والتحكم للمقاومة وشبكة تصنيع ونقل السلاح، في المقابل أثبت حزب الله أنه يملك بنك أهداف كبيراً للمراكز والقواعد العسكرية والاستخبارية الحيوية». ولاحظ الخبراء أنه «وعلى الرغم من تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية إلا أن «إسرائيل» لا تريد أن تكون البادئة في الحرب ولذلك تحاول تصعيد ضرباتها ضد المدنيين لاستفزاز حزب الله ليكون هو البادئ بالحرب لتكون ذريعة لتوسيع العدوان على لبنان، لكن الحزب لن يقع بالفخ الإسرائيلي ويمنح حكومة نتنياهو ذريعة ومشروعية للعدوان على لبنان».
لكن مصادر مطلعة على موقف المقاومة أوضحت لـ»البناء» الى أن «الحزب لا يريد الحرب ويعمل على إبعاد شبحها قدر الإمكان أو إبقائها عند هذا الحد ولجم العدو عن التمادي في عدوانه على المدنيين ومنعه من كسر معادلة الردع التي فرضتها المقاومة طيلة أشهر الحرب وفرض قواعد اشتباك جديدة، لكن بحال وسع العدو عدوانه فإن للمقاومة كلاماً آخر وستكون الصواريخ والمفاجآت هي الفيصل بيننا وبين العدو، وسيدفع ثمناً باهظاً أكبر بكثير من الذي يدفعه في الحرب مع غزة أو الذي دفعه في حرب تموز 2006». وذكّرت المصادر العدو بنتائج حرب تموز وبالمفاجآت التي كشفت النقاب عنها المقاومة في الأيام الأخيرة للحرب والتي قلبت الموازين ودفعت الوسطاء للتواصل مع الرئيس نبيه بري المفاوض عن المقاومة آنذاك للطلب بوقف الحرب التي انتهت بتشكيل لجنة تحقيق إسرائيلية (فينو غراد) في أسباب الهزيمة الإسرائيلية.
وأكّد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض خلال تشييع «حزب الله» عنصره هشام حسين عبد الله في مدينة الخيام «أننا لا ننكر لهذا العدو قدرته على التوحّش والقتل والتدمير، ولكن لا يفكّرن لحظة أنه بإمكانه أن يكسر إرادة المقاومة، أو أن يدفع أهلنا للتراجع عن خيارهم باحتضان المقاومة والثبات على خطها». وتوجّه فياض للعدو الإسرائيلي، بالقول: «ماضون في المواجهة معك، والهدف هو ردعك، وحماية الأهل والقرى، وصون سيادة هذا الوطن وعزته وحريته واستقلاله، وبإذنه تعالى، كما انتصرنا عليك في كل المواجهات السابقة، سننتصر في هذه المواجهة أيضاً، ونحن واثقون بوعد الله تعالى بالنصر».
إلى ذلك، لفتت مصادر إعلامية أن اجتماع القمة الذي سيعقد في فرنسا في 27 الحالي بين الرئيس الفرنسي وأمير قطر بمشاركة قادة جيشي البلدين، ستبحث في كيفية تطبيق القرار 1701 وسبل دعم ومساعدة الجيش اللبناني وحاجاته الضرورية، وقد اطلع عليها وفد الكونغرس الأميركي الذي زار بيروت أخيراً، ليتم عرضها لاحقاً في مؤتمر روما المفترض عقده مطلع شهر آذار المقبل».
على صعيد آخر، أرجأ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جلسة مجلس الوزراء أمس، والتي كانت مخصصة للبحث في «مشروع قانون معالجة أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها». وقال في كلمة متلفزة مباشرة من السراي: «كنا قد توصلنا مع كل الأطراف من العسكريين في الخدمة والقطاع العام وجزء كبير من المتقاعدين الى حل مقبول من الجميع، ولكن ولسوء الخظ فوجئنا اليوم بالسلبية في الشارع وبالأعمال الشعبوية. وحفاظاً مني على تفادي أي تصادم مع أحد، وكي لا نزيد في الطين بلة، ولتفادي أي مشكلة إضافية، لكل هذه الاعتبارات، أبلغت السادة الوزراء عن تأجيل انعقاد الجلسة، وسأقوم بالدعوة الى عقد الجلسة الأسبوع المقبل، وهي ستكون مهمة».
وأضاف: «إذا لم يحصل النقاش في مجلس الوزراء فأين يحصل؟ هل يحصل النقاش في الشارع؟». وتابع ميقاتي: «نحن سنعقد جلسة لمجلس الوزراء وسنتخذ القرارات اللازمة مع الأخذ بعين الاعتبار بأننا محكومون بأمرين، الأول: الموازنة التي لا نستطيع أن نتجاوز الاعتمادات المرصودة فيها لتحسين الرواتب، والثاني، وبنتيجة اتصالاتنا ونقاشاتنا مع مصرف لبنان، فإننا محكومون بسقف معين من الإنفاق، وأي إنفاق قد يتجاوز هذا السقف قد يؤدي إلى تضخم إضافي، وبذلك يكون ما اعطيناه بيد قد اخذناه باليد أخرى. ليس وارداً لدينا أبداً ان نزيد الإنفاق فوق السقف الذي حدده مصرف لبنان بالاتفاق معنا، وبقناعتنا التامة. من هنا أناشد الجميع التحلي بالإيجابية، خصوصاً أن الحوافز التي كانت ستعطى كانت كما طلبوا، وهي مغرية وكبيرة للرتب الدنيا للمتقاعدين وترضي كل الفئات».
COMMENTS