تعود الكولونيالية الأوروـ أميركية إلى "ليبيا الجديدة". صحيفة "تلغراف" البريطانية، كشفت يوم أمس السبت عن "أن قوات بريطانية تعمل خلف المشهد" في ليبيا. وقالت الصحيفة أن "القوات الخاصة البريطانية والفرنسية تواجدت بالفعل منذ أشهر عدة في ليبيا لجمع المعلومات الاستخباراتية".
إذا لخصنا هذه الأنباء في جملة واحدة نقول : عودة الإحتلال الأوروـ أميركي إلى ليبيا. أو وقوع ليبيا في براثن الإمبريالية الأورو ـ أميركية. يشعر كل مواطن عربي أن توسع الكولونيالية الجديدة صار من أهم نتائج الثورات الملونة التي اجتاحت ليبيا منذ عام 2011 ودمرت "الجماهيرية" فيها.
خصائص الإحتلال العسكري الجديد التسلل والسرية. تكشف صحيفة بريطانية أخرى هي "ديلي ميل"، في عددها يوم 2 أيار/مايو الجاري، عن "وجود قوات خاصة بريطانية وإيطالية في مدينة مصراتة جنوب شرق ليبيا". سبب التسلل والسرية واضح : تسكين قوة الرأي العام، وتحييد سلاح الإعلام والميديا.
سمات التوسع النيوكولونيالي الجاري في ليبيا كثيرة. أبرزها قيام الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ـ "إسرائيل"، ببث قوى الإرهاب من خلال تدمير الدولة الليبية وأجهزتها، ومن ثم التدخل لمكافحة الإرهاب من أجل حماية الدول الأوروبية من خطره. إنها صناعة الذعر. بالضبط، اختلاق الخوف المفرط لدى جمهور الناخبين ودافعي الضرائب في شمال المتوسط وأميركا الشمالية.
أهم سمات التوسع الكولونيالي الجاري هو تفكيك المجتمع إلى مكونات اجتماعية بدائية، تحت دولتية، مثل القبائل، العائلات، الطوائف، الأقوام. وهذه المكونات المحلية غالباً ما تقف في صف المحتل. التفكيك يمنع تشكل حاضنة اجتماعية وطنية للمقاومة الوطنية ضد الكولونيالية الجديدة.
كشفت الـ"ديلي ميل" في نفس العدد، عن "هجوم مباغت شنه تنظيم داعش في مصراتة، أدى إلى قتل وإصابة عدد من أفراد القوات الإيطالية، مع احتمال سقوط قتلى من القوات البريطانية كذلك". هذه هي الرسالة الإعلامية التي تريدها بروكسل وواشنطن : المحتل الأوروبي يصبح محرراً أو حامياً لـ"المجتمع البدائي" أو "السكان المحليين" من الإرهاب.
إنها "ليبيا الجديدة". إنه عصر "ما بعد الجماهيرية" في ليبيا، حيث يتحلل الشعب بدماء أبنائه، ويُحْرَقُ الوطن بنيران أهله. ولذا لا غرابة أن يعلن ينس ستولتنبرغ سكرتير عام حلف شمال الأطلسي /"ناتو"، وفي يوم 2 أيار/مايو الجاري أيضاً، عن "استبعاد تنفيذ الحلف أي مهمة عسكرية له في ليبيا" ضد التنظيم المذكور.
إنها الكولونيالية الأوروـ أميركية الجديدة الزاحفة بـ"النموذج الليبي" على الوطن العربي. واقع "ليبيا الجديدة" يختصر كل نتائج حرب "الربيع العربي" على "جمهوريات" الوطن العربي.
ولاة الأمور في بروكسل وواشنطن ـ تل أبيب، وكذلك "العثمانيين الجدد" وبقايا "التعاون الخليجي"، يخيرون المواطن العربي بين نقمة الإحتلال العسكري و… نقمة "الإرهاب الإسلامي". تريد دول الكولونيالية الجديدة التي أطاحت بنعمة الجمهورية، أن يعيش العرب بين نقمة ونقمة.. أن تحشر آمالهم ومصائرهم بين نقمتين : الإحتلال والإرهاب.
هول مأساة "ليبيا الجديدة" يحملنا على تقدير نعمة الجمهورية وحماية الإستقلال الوطني.
هول مأساة "ليبيا الجديدة" يحملنا على تقدير نعمة المجتمع الوطني ونبذ "المجتمع البدائي".
هول مأساة "ليبيا الجديدة" يحملنا على تقدير نعمة المقاومة الوطنية من أجل حماية أو استعادة الجمهورية والمجتمع الوطني والإستقلال الوطني.
فلتحيا الجمهورية ولتسقط الكولونيالية.
هيئة تحرير موقع الحقول
الأحد، 01 شعبان، 1437، الموافق 8 أيار/مايو 2016