برزت أمس أولى معالم الاختلاف حيال قانون الانتخاب، والذي سيكون اعداده المهمة الأولى للحكومة العتيدة. حيث أعلنت كتلة «الوفاء للمقاومة»، «ان ما طرحه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله حول اعتماد النسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسعة هو المسار الإلزامي لبناء الدولة”، ولاقى الرئيس نبيه برّي حليفه الحزب في المطالبة بضرورة إنجاز وإقرار قانون عصري للانتخابات على أساس الدوائر الموسعة والنسبية، إذ لا يجوز لأي اعتبار إلزام اللبنانيين بالعودة إلى الانتخابات ستة أجيال إلى الخلف. غير ان كتلة «المستقبل» التي اجتمعت أمس، سارعت إلى التذكير «بموقفها الثابت والمتمسك بالصيغة المختلطة بين النظامين الأكثري والنسبي، باعتبارها الصيغة المرحلية والممكنة». وأعادت الكتلة إلى الأذهان الاقتراح المشترك مع «اللقاء الديمقراطي» و«القوات اللبنانية» ودعت إلى اقراره».
النهار
عود على بدء… والثلاثينيّة عالقة!
“فيما يستعد لبنان لاستقبال عاصفة ثلجية جديدة بدءاً من اليوم، لم تتأثر محركات تأليف الحكومة وسط موجة تعقيداتها الجديدة بالمناخ البارد ولكن من دون احداث أي اختراق من شأنه ان يخرج هذا الاستحقاق من غرائب عثراته المتعاقبة.
وفي آخر معطيات المصادر المتابعة لهذه العملية، كما افادت “النهار”، أن التأليف يقف أمام عقدة توسيع صيغة الـ 24 وزيراً لتصبح ثلاثينية. وبدأت هذه العقدة من الناحية المبدئية من كون الرئيس المكلف سعد الحريري هندّس التشكيلة التي رفعها الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على صيغة الـ 24 بعد عمل إستغرق أسابيع تخللتها إتصالات ولقاءات وتنازلات ومساومات ومقايضات حتى وصلت الى ما وصلت اليه.لكن دخول البحث في الصيغة الثلاثينية نسف صيغة الـ 24 من أساسها ومعها كل الجهود التي بذلها الرئيس الحريري مما طرح تساؤلاً عما إذا كان الامر ينطوي على إستهداف لولادة الحكومة وتسهيل إنطلاقة العهد والعمل على الاستنزاف المبرمج لرصيدي الرئيسيّن عون والحريري وفرض سياسة الامر الواقع عليهما.
وأوضحت هذه المصادر أن ثمة عقدة أخرى أمام التأليف تتعلق بتوزير يعقوب الصرّاف، وهي عقدة تتجاوز “تيار المستقبل” الى قوى سياسية عدة في البلد ترى في هذا التوزير تحدياً فيما هناك رهان كبير على رئيس الجمهورية أن تعكس كتلته الوزارية النهج الذي أرساه في خطابيّ القسم والاستقلال وفي المواقف التي أكد من خلالها أنه يستظل الدستور وأولوية بناء الدولة وأن يكون على مسافة واحدة من المحاور الداخلية والخارجية.
الحريري في كليمنصو
وتحدثت عن وجود عدد آخر من العقد يعمل الرئيسان عون والحريري على حلحلتها بعيداً من الضوضاء الاعلامية. وزار الحريري مساء امس رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو في حضور النائبين مروان حمادة وغازي العريضي والوزير وائل أبو فاعور والنائب السابق غطاس خوري والسيد نادر الحريري ونجلي جنبلاط تيمور وأصلان.
واستناداً الى آخر المعطيات أن صيغة الـ٢٤ وزيراً سقطت في حساب فريق الثامن من آذار قبل ان يصل بها الرئيس الحريري الى بعبدا ما ان رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري التوجُّه الى القصر للمشاركة في مباركة ولادتها، متمسكاً بصيغة الثلاثين. ورفض رئيس الجمهورية صيغة الثلاثين بسبب الاختلاف على توزيع المقاعد الستة الاضافية، كما واجهت صيغة الـ24 التي حملها الرئيس المكلف مشكلة تمثيل حزب الكتائب بمقعد وزاري. وعلم من مصادر في الثامن من اذار ان الرئيس بري يطالب بحكومة الثلاثين على ان تكون فيها خمس حقائب بدلاً من أربع للطائفة الشيعية الى وزير دولة سادس. ولأن الحقائب وزعت بات من الصعب سحب حقيبة من أي فريق لإعطائها لحركة “امل” ولـ”حزب الله”.
وعلى رغم التعقيدات الجارية على تشكيلة الـ٢٤ كما على صيغة الـ٣٠، فإن مصادر الفريق الشيعي تؤكّد ان اتصالات جارية بشكل مكثف وإيجابي مع رئيس الجمهورية من أجل السير بصيغة الثلاثين وأن الحلحلة قد لا تحتاج الى أكثر من يومين لفكفكة العقد التي ظهرت فيها، ومنها:
– زيادة حقائب “حزب الله” و”أمل” الى خمس.
– توزيع وزراء الدولة الثلاثة المسيحيين على الكتائب والحزب القومي والوزير ميشال فرعون.
لكن هذه الحلحلة لم تظهر بعد لا بقبول “القوات اللبنانية” بالتنازل عن حقيبة فرعون ولا بقبول الكتائب بألّا تعطى حقيبة. فيما تؤكّد مصادر “بيت الوسط” ان الرئيس المكلف ينكب على وضع صيغة مقبولة وان الحكومة ستولد قبل الأعياد.
جعجع
وقد أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أمس ان “ليس لدينا فيتو على أحد اطلاقاً كما ليس لدينا مشكلة في تأليف الحكومة”. واستغرب “كيف يصور البعض ان القوات ترفض بعض الاشخاص وأنا أصارح الجميع انه ليس لدينا فيتو على أحد ولكن في المقابل لن نقبل بالتخلي عن أي وزير لنا لتوزير شخص من فريق آخر، كما اننا لسنا متمسكين بتشكيلة الـ 24 أو الـ30 وزيراً ولن نخرب الأرض اذا كانت 24 أو 30”. ولفت الى ان الحكومة “ليست مجلساً تمثيلياً بل هي جسم تنفيذي ويجب ان يكون هناك تآلف بين أعضائها”.
ولوحظ في هذا السياق ان محطة “او تي في” التلفزيونية الناطقة باسم “التيار الوطني الحر” ركزت على التعقيدات التي تعترض التشكيلة الثلاثينية فقالت: “كان من المفترض أن يكون الانتقال من صيغة حكومة الـ 24 إلى حكومة الثلاثين، حلاً لمشكلة فإذا به يتحول مشكلة، لم تجد حلاً بعد. ذلك أن فكرة التوسيع، كانت في الأساس على قاعدة إبقاء تركيبة الـ 24، مع إضافة ستة وزراء دولة إليها بحيث لا تتبدل موازين التوزيع الميثاقية والدستورية والسياسية التي كان قد تم التوصل إليها. غير أن التنفيذ جاء بأفكار مغايرة وخصوصاً لجهة السعي إلى إضافة وزير جديد الى حصة الرئيس المكلف وإضافة حقيبة جديدة الى حصة الفريق الشيعي وهو ما جعل البحث يتطلب إعادة نظر في المعادلة برمتها وهو ما اقتضى مزيداً من التشاور، كما قال الرئيس الحريري إثر مغادرته قصر بعبدا أول من أمس. أما الكلام والتسريب عن أسماء وفيتوات، فهو ما أكدت معلومات القصر الرئاسي عدم صحته كلياً، فلا الرئيس طرح أسماء ولا مجال أصلاً لمواجهة أي اسم رئاسي بأي فيتو من أي كان. والمهم الآن، أن زحمة البحث في المقاعد والحقائب، مؤشر لحتمية الولادة الوشيكة للحكومة العتيدة”.
السفير
جنبلاط للحريري: لا تحرجوني أكثر
هل تكون حكومة الثلاثين ممراً إلزامياً للتأليف؟
“45 يوما من عمر العهد الجديد، وحكومته الإلزامية الأولى لم تولد بعد.
45 يوما مرشحة لأن تصبح تسعين يوما، إذا ظلت وتيرة الاتصالات بشأن تشكيل الحكومة تسير بالوتيرة التي شهدتها حتى الآن، وبلغت أمس حدود الصفر لولا الزيارة اليتيمة التي قام بها الرئيس المكلف سعد الحريري، ليل أمس، إلى كليمنصو وتناوله العشاء إلى مائدة النائب وليد جنبلاط.
45 يوما مرشحة لأن تتضاعف إذا قرر الرئيس المكلف أن يمضي الأعياد مع عائلته وإذا قرر رئيس الجمهورية أيضا أن يمضي إجازة الأعياد في الخارج أيضا، إلا إذا كان «كلام الإجازات والسفر» جزءا من عناصر الضغط لتسريع ولادة الحكومة التي يطالب الجميع بها اليوم قبل الغد.
فمن أين تأتي العرقلة وما هو السبب؟لا يريد «المؤلفون» أن يتهم أحدهم بالتعطيل. الكل يوحي بأنه يقدم أفضل ما عنده، لكن حقيقة الأمر أن المضمر يتجاوز المعلن.
بهذا المعنى، هل يمكن أن يقبل سعد الحريري بحكومة يحصل فيها «حزب الله» و «أمل» وباقي الحلفاء على «ثلث معطل»، سواء بوزير ملك أم غير ملك، وهو الذي كان أول من دفع ثمن تلك «التخريجة» التي أنتجها مؤتمر الدوحة عام 2008؟
لقد قالها الحريري بالفم الملآن غداة الانتخابات الرئاسية مباشرة إن اتفاق الدوحة كان مرحلة وانتهت، وبالتالي فلا ثلث معطّلا في الحكومة التي سيؤلفها، «فالثلث المعطل انتهى مع اتفاق الدوحة». عكس ذلك الكلام تفاهماً غير معلن مع «التيار الوطني الحر» بعدم العودة إلى قضية الثلث المعطل أو الضامن، وبالتالي، صار ملزماً بأن يجد توليفة تبعد هذه الكأس المرة عنه.
من هنا، يمكن تلمس إصرار الرئيس المكلف على السير بحكومة الـ24 وزيرا، بحيث لا يمكن لـ «الثنائي الشيعي» أن يحصل فيها على أكثر من خمسة أصوات مضافا إليها ممثل «المردة»، أي ستة أصوات، بينما يمكن أن يكون الوضع مختلفا مع حكومة الثلاثين وزيرا بإضافة وزيرين قومي ودرزي، فيقترب «الثنائي الشيعي» (ستة وزراء) مع «المردة» من الثلث الضامن إذا احتسب من ضمنهم لا وزراء «تكتل التغيير» بل أحد وزراء رئيس الجمهورية كيعقوب الصراف على سبيل المثال لا الحصر.
عندما يُسأل الحريري لماذا لا يبدي حماسة لحكومة الثلاثين، يجيب بأنه يريد حكومة طبق الأصل عن حكومة تمام سلام، حتى بتوليفة الحقائب إلى حد كبير، لكن مع تعديل متصل بتمثيل «القوات» بدل «الكتائب»، ولكنه يترك الباب مفتوحا أمام احتمال الوصول إلى الثلاثين.
عندما يُسأل رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل، لا يخفي حماسته لحكومة الـ24 وزيرا، حتى أن «الثنائي الشيعي» حاول إقناعه بالوصول إلى حكومة الثلاثين، لكنه كان متمسكا برأيه.
وبطبيعة الحال، لا يخفي رئيس حزب «القوات» سمير جعجع حماسته لحكومة الـ24 وزيرا، وإذا كان هناك من يريد أن «يتبرع» بمقاعد لـ «الكتائب» أو غيرها، فليكن ذلك من حصته لا من حصة «القوات».
وعلى جاري عادته، كان وليد جنبلاط صريحا في كلامه، ليل أمس، مع سعد الحريري، أولا بحثّه على الإسراع في تأليف الحكومة، محذرا من أن التأخير يأكل من رصيد العهد والرئيس المكلف، وأن التحديات تكبر سياسيا واقتصاديا وأمنيا ولم يعد مطلوبا المضي بسياسة إدارة الظهر في الكثير من الملفات.
ولا يخفي جنبلاط هواجسه، خصوصا في ضوء الضغط الذي يتعرض له سياسيا وأمنيا، وهو قال أمام زواره إنه يريد تقديم كل التسهيلات للعهد والرئيس المكلف ولكنه لا يريد أن يصبح متهماً بالتفريط بحقوق الطائفة الدرزية، ولذلك، رفض رفضا قاطعا التخلي عن وزارة العدل لمصلحة أي طرف كان (طالب بها رئيس الجمهورية إذا تم اعتماد حكومة الثلاثين على أن تسند للوزير الكاثوليكي سليم جريصاتي).
يقود ذلك إلى الاستنتاج أن الخلاف الأول يتمحور حول شكل الحكومة: 24 وزيرا أو 30 وزيرا، في ظل تقاطع مصالح عوني ـ حريري ـ قواتي بوجوب اعتماد الأولى، خصوصا ربطا بقضية الثلث المعطل والانتخابات النيابية المقبلة. وفي المقابل، لا يخفي الرئيس نبيه بري و«حزب الله» حماستهما لحكومة الثلاثين وزيرا حتى تتمثل كل المكونات فيها، بما في ذلك «الكتائب»، لا بل بلغ الأمر حد قول مرجع واسع الاطلاع في «الثنائي» إن الممر الالزامي لتأليف الحكومة هو صيغة الثلاثين وزيرا.
أما النقطة الثانية، فتتمحور حول حقائب متصلة بسعد الحريري ربطا بصيغة الـ24 وزيرا، ولذلك، حاول أن يستخدم الرصيد الجنبلاطي لتلبية مطالب الآخرين، قبل أن يصطدم بـ «الفيتو» الذي رفعه الزعيم الدرزي وجعل معاوني الأخير يجزمون في اليومين الماضيين بأن الحكومة لن تتألف برغم كل مناخ التفاؤل الذي ساد البلد.
والنقطة الثانية التي واجهت صيغة الانتقال من الـ24 إلى الـ30 وزيرا، تمثلت في عدم اكتفاء الرئيس المكلف بالحصة السنية (ناقصة أحد المقاعد بدل توزير غطاس خوري) بل هو ذهب أبعد من ذلك، بإصراره على إضافة وزير مسيحي إلى حصته، وهو الأمر الذي لم يلق قبولا في «القصر»، فضلا عن رفض التجاوب مع مطلب الرئيس بري بتعديل الصيغة التي اعتمدت لإضافة ستة وزراء دولة إلى حكومة الـ24 وزيرا، وذلك بإصراره على أن تكون هناك حقيبة للوزير الشيعي السادس، حتى لا يتكرس عرف قبول الشيعة بوزارتي دولة في الحكومة نفسها.
واللافت للانتباه أن ما حصل مع الحريري في أول رحلة إلى «القصر» غداة الاستقلال، تكرر أمس الأول، عندما ترك «التوليفة» التي كان يحملها «وديعة» في عهدة «القصر»، في ضوء سلسلة ملاحظات حول توزيع الحقائب، «وهو ما جعل البحث يتطلب إعادة نظر في المعادلة برمّتها»، كما جاء في مقدمة «او تي في» ليل أمس.
والنقطة الثالثة تتصل برفض رئيس الجمهورية اعتراض أي مكوّن على الأسماء التي يسميها من ضمن حصته، سواء في تشكيلة الـ24 أو الـ30 وزيرا، وهو لم يكن يقصد «القوات» بكلامه هذا بل كل مكونات الحكومة، بدليل أنه كان تبلغ ما أعلنه جعجع علنا أمس بأن لا «فيتو» على أحد ولا معارضة لتركيبة الحكومة سواء 24 أو 30 وزيرا.
الأخبار
حقيبة بري الخامسة تؤخر الحكومة
تراجع منسوب التفاؤل بقرب خروج الحكومة العتيدة الى النور، بعدما أودت جولة جديدة من المطالب المتبادلة بالآمال التي كانت معقودة على إمكانية تأليفها، إثر حلّ عقدة حقيبة تيار المردة، فيما يوحي ما تردد عن مغادرة الرئيس المكلف سعد الحريري الى باريس اليوم بأن ولادة الحكومة لا تزال تحتاج الى مزيد من المشاورات.
عنوان الجولة الجديدة هو توسيع الحكومة من 24 الى 30 وزيراً، ما يعيد خلط الأسماء والحقائب والحصص بعدما كان الاتفاق شبه منجز على صيغة الـ 24، وفق قاعدة بقاء القديم (كما في الحكومة الحالية) على قِدمه.
مصادر بارزة في التيار الوطني الحر قالت لـ»الأخبار» إن رئيس الجمهورية ميشال عون «كان أساساً مع حكومة ثلاثينية، لكنه وافق على صيغة الـ 24 إثر الاتفاق عليها بين الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري». ولفتت الى «مطالب جديدة» لرئيس المجلس الذي «يريد توسيع الحكومة، وأن يحصل فيها على حقيبتين في مقابل تخليه عن وزارة الأشغال» للنائب سليمان فرنجية. وأكدت «أننا لا نعارض حكومة ثلاثينية، لكن لا نقبل أن يضع أحد هذا الأمر شرطاً لازماً تحت طائلة التهديد بعدم السير في الحكومة، لأننا مع التوسيع لحل المشاكل وليس لخلق مشاكل جديدة».
وشدّدت المصادر على أن رئيس الجمهورية «مصرّ على حكومة جامعة لا تستثني أحداً»، و»لا يريد أن يكون أي فريق مسيحي مثل حزب الكتائب خارج الحكومة، رغم عدم وجود اي اتفاقات أو التزامات سابقة في هذا الشأن». وأوضحت أن صيغة الـ 24 أخذت في الحسبان التمثيل الكتائبي بحقيبة وزارية، وقسّمت الوزراء المسيحيين الـ 12 كالآتي: 3 للتيار الوطني الحر، 3 للقوات اللبنانية، 2 لرئيس الجمهورية، وواحد لكل من المستقبل والطاشناق والمردة والكتائب، على أن يتمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي بالوزير الشيعي الخامس.
ونفت المصادر، من جهة أخرى، وجود أي فيتوات على أسماء مطروحة للتوزير، مؤكدة أن «الأمر غير صحيح. لم يطرح أحد ذلك، ونحن أساساً لا نقبل أن يُبحث معنا أمر كهذا».
في المقابل، تشير مصادر قريبة من الرئيس بري الى أن الرؤساء الثلاثة اتفقوا في لقائهم الأوّل في بعبدا، بُعيد تكليف الرئيس الحريري، على حكومة وحدة وطنيّة من 30 وزيراً. لكن الاتفاق تأرجح بين الـ 24 والـ 30، ربطاً بـ«بازار» التوزير والحصص والأسماء. وفي الأسبوع الماضي، حاول برّي مجدّداً إقناع الحريري بحكومة الـ 30 لأن حزب الله وأمل مصرّان على تمثيل حلفائهما في قوى 8 آذار، وهو ما لم يهضمه الرئيس المكلف في البداية. وعندما طرح الأخير الأمر مع رئيس الجمهورية، كان «قلبه معه وسيفه عليه»، فتعذر الاتفاق بينهما على توزيع الحصص، الأمر الذي وجد فيه رئيس الجمهورية سبباً إضافياً لرفض الصيغة الثلاثينية.
وكررت المصادر أن الرئيس برّي أبلغ في اليومين الماضيين، بشكل رسمي، أن حزب الله وحركة أمل لن يسيرا في حكومة لا يتمثّل فيها حلفاؤهما: الحزب السوري القومي الاجتماعي بشخص الوزير أسعد حردان، والنائب طلال أرسلان، ووزير سنّي من 8 آذار (لم يسمّ الحزب والحركة اسماً بعينه، لكنهما زكّيا الوزير السابق عبد الرحيم مراد)، إضافة إلى تمثيل حزب الكتائب. وذكّرت المصادر بأن «حلفاءنا التزموا مع عون بمنحه أصواتهم، على رغم التحالفات السياسية القويّة وحتى الشخصية بين بعضهم والوزير فرنجية».
المصادر القريبة من رئيس المجلس تؤكد أن عون يمانع حكومة الـ 30 لأسباب تتعلّق بالحقيبة الخامسة للوزير الشيعي، ولرفض تمثيل القوميين بوزير مسيحي (رغم حصول رئيس الجمهورية على وزير شيعي في المقابل)، فضلاً عن الأزمة التي سيثيرها التوسيع في توزيع الحقائب الكاثوليكية. علماً أن التوسيع سيعطي الرئيس وزيراً كاثوليكياً في مقابل وزيير أرمني للمستقبل ووزير أرثوذكسي للقومي.
مصادر في قوى 8 آذار مواكبة للمفاوضات الحكومية، بدت أكثر تفاؤلاً، بالتأكيد أن الحكومة قد تصدر خلال أيام بثلاثين وزيراً، وأنه لم يعد هناك من عقد جديّة، سوى عقدة الحقيبة الخامسة للوزير الشيعي «التي يطالب بها الرئيس نبيه برّي وهو محقّ في مطلبه، وحزب الله يتفهمه»، فضلاً عن عقدة أخرى مع القوات اللبنانية لم تسمّها المصادر.
الى ذلك، نفت مصادر مقرّبة من رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط لـ«الأخبار» أن يكون الأخير قد وافق على التخلّي عن وزارة العدل للتيار الوطني الحرّ، مقابل الحصول على وزارة التربية. وأكدت أن جنبلاط لا يزال متمسّكاً بحقيبة العدل، وهو ما أبلغه النائبان مروان حمادة ووائل أبو فاعور لرئيس الحكومة المكلّف أول من أمس، فيما زار الحريري جنبلاط أمس في منزله في كليمنصو.
اللواء
«صدام رئاسي» حول الصيغة والحقائب قيد المعالجة لتجنب المأزق
الحريري يزور جنبلاط لتثبيت العلاقة.. ويغادر إلى باريس اليوم إذا لم تصدر المراسيم
“تؤكد مصادر مطلعة على اتصالات معالجة عقبات تأليف الحكومة، أن اليوم محطة حاسمة على هذا المسار، فإما أن تنضج الطبخة وتذلل العقد، ويرى اللبنانيون أمامهم أن حكومة وُلدت، وإما تأخيراً سيطول ويتجاوز الأعياد الميلادية إلى العام المقبل، محدثاً انقلابات مفاجئة ودراماتيكية في المشهد السياسي، أقله الاصطدام بمهلة الانتخابات النيابية.
وسط هذه المعادلة، ذكرت قناة mtv أن الرئيس المكلف سعد الحريري سيغادر اليوم إلى باريس في زيارة وصفها مصدر نيابي بأنها يمكن أن تكون عائلية، ما دامت الحكومة تنتظر المزيد من التشاور، وفقاً لخبر المحطة التلفزيونية.
وفيما غابت الأنشطة العلنية المتعلقة بالتأليف عن المقرات الرئاسية، توجه الرئيس المكلف برفقة مدير مكتبه نادر الحريري ومستشاره السياسي النائب السابق غطاس خوري إلى كليمنصو للقاء رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، الذي استقبله في حضور نجليه تيمور وأصلان وكريمته داليا والوزير وائل أبو فاعور والنائبين مروان حمادة وغازي العريضي والنائب السابق ايمن شقير، مع الإشارة الى ان حمادة وشقير هما مرشحا «اللقاء الديمقراطي» لدخول الحكومة.
وجاءت الزيارة، بعدما كان حمادة وأبو فاعور زارا «بيت الوسط» أمس الأوّل، ونقلا للرئيس المكلف رغبة جنبلاط بالتخلي عن وزارة العدل والمطالبة بحقيبة التربية.
وعلمت «اللواء» أن الرئيس الحريري الذي حرص على أن يزور كليمنصو مع فريقه السياسي لوضع النائب جنبلاط بما آلت إليه اتصالات الساعات الماضية، ولا سيما انه زار قصر بعبدا بعد ظهر الأربعاء الماضي، حيث تمّ التداول في أفكار تتعلق بالتبادل في الحقائب.
وأشار مصدر مقرّب من الرابية لـ«اللواء» أن الرئيس ميشال عون متمسك بأن تبقى وزارة التربية من حصة «التيار الوطني الحر». ولم يعرف ما آلت إليه زيارة الرئيس الحريري، في ضوء موقف التيار العوني من الإصرار على الاحتفاظ بالتربية.
المأزق
في هذا الوقت، كانت الاتصالات البعيدة عن الأضواء قائمة على قدم وساق في محاولة لتذليل الصعوبات. وكشفت مصادر متابعة أن الرئيس الحريري عكف مع فريق عمله على اجراء تقييم ما حصل في شأن فشل الإعلان عن مراسيم التأليف، والجهود التي يبذلها لإنقاذ عملية التأليف مما يحدق بها من مخاطر.
ولاحظت هذه المصادر أن الرئيس الحريري بدا مرتاحاً قبل زيارة بعبدا الأربعاء، لكن إشارات سبقته إلى القصر توحي بأن الأمور ليست بهذه السهولة، وهي لا تزال تحتاج إلى مزيد من الاتصالات واللقاءات، الأمر الذي اثار انزعاجه. وتخوف مصدر نيابي من انه إذا دخلت البلاد منتصف الأسبوع المقبل بلا حكومة، فإنها تكون قد دخلت فعلاً في «مأزق حقيقي».
غير أن الأجواء التي سادت بعد لقاء القصر اوحت أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن ثمة مشكلة قد تكون ابعد من «فرملة» أو «فيتوات» أو «احجام»، وتركت الأوساط التي تكوّن لديها هذا الانطباع للساعات المقبلة تبديد المخاوف، عبر اصدار مراسيم الحكومة أو تأخير هذه المراسيم، الأمر الذي يُؤكّد مشروعية المخاوف.
لماذا اجهضت الحكومة؟
فماذا في وقائع اليوم الأوّل بعد إجهاض ولادة الحكومة الأربعاء الماضي؟
محطة O.T.V الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» قالت في نشرتها المسائية أن صيغة الـ30 كانت لحل المشكلة، فاذا بها تتحوّل الى مشكلة، لا حل لها بعد، ثم ان فكرة التوسيع انطلقت من قاعدة الإبقاء على تركيبة الـ24 مع إضافة 6 وزراء دولة إليها.
ولاحظت المحطة أن التنفيذ جاء بأفكار مغايرة، والرئيس المكلف يسعى لإضافة وزير جديد إلى حصته، وإضافة حقيبة جديدة على حصة الفريق الشيعي، وهذا ما يجعل البحث يتطلب اعادة نظر في المعادلة برمتها، وهذا ما اقتضى مزيداً من التشاور، في إشارة إلى تصريح الرئيس الحريري قبل مغادرة قصر بعبدا.
وفي جانب آخر، نسبت O.T.V الى معلومات القصر الرئسي عدم صحة الكلام والتسريبات عن أسماء و«فيتوات»، «فلا الرئيس طرح أسماء ولا مجال اصلاً لمواجهة اي اسم رئاسي لأي «فيتو» من أي كان». لكن المحطة استدركت: «ان زحمة البحث في المقاعد والحقائب مؤشر إلى حتمية الولادة الوشيكة للحكومة العتيدة».
وما لم تقله الـO.T.V قالته الـNBN التي رأت أن التأليف عالق عند صيغة لم يوافق عليها رئيس الجمهورية قدمها الرئيس الحريري في لقاء الأربعاء.
ورددت المحطة ما قالته O.T.V عن سقوط «الفيتوات»، فلا صحة «لفيتوات» وضعت على أسماء، فعصر «الفيتوات» سقط، والعقدة تبقى في شكل الحكومة.
وفيما تساءلت محطة «المستقبل» عن المدة الزمنية للمشاورات، شددت كتلة «المستقبل» النيابية على أهمية إنجاز تشكيل الحكومة الجديدة بأسرع وقت لتنصرف للقيام بعملها الضروري في إعادة تعزيز الثقة بالدولة والمؤسسات، وإلى إطلاق عجلة الإنتاج والاقتصاد مجدداً على مستوى لبنان ككل.
ومن معراب صارح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الجميع بقوله: «ليس لدينا «فيتو» على أحد، لكن في المقابل لن نقبل بالتخلي عن أي وزير لنا لتوزير شخص من فريق آخر»، في إشارة إلى رفض ان تؤول وزارة الدفاع إلى أي شخصية من فريق 8 آذار، في ضوء الاتفاق المعقود مع «التيار الوطني الحر» بأن تكون حقيبة الدفاع لشخص يتفق عليه بينهما، وفقاً لما اشارت «اللواء» أمس.
وفي المحصلة، وأن لم يقل جعجع انه يرفض توزير الوزير السابق يعقوب الصرّاف، فإن النتيجة واحدة برفضه بطريقة غير مباشرة.
ولا يُخفي ان هناك رفضاً ضمنياً لتوزير الصرّاف، بوصفه من الأسماء الاستفزازية و«محسوب في عداد من لديهم مواقف معروفة ومعادية لشريحة كبيرة من اللبنانيين»، لكن «التيار الوطني الحر» يُؤكّد انه ينتمي إليه ولديه مسؤولية قيادية في التيار.
ونفت مصادر مطلعة صحة ما تردّد من ان رجل الأعمال والناشط في «التيار» أسعد درغام مرشّح للدفاع بدل الصرّاف، فهو كاثوليكي، فيما المطلوب للدفاع شخصية ارثوذكسية.
وفي حين كان زوّار عين التينة ينقلون من الرئيس نبيه برّي بأنه ما زال عند رؤية بوجوب تأليف حكومة من 30 وزيراً، وانه لا يرى مبرراً للتأخير، رأت مصادر مقربة من دوائر التأليف ان من عطل ولادة الحكومة أمس الأوّل هو رئيس المجلس من خلال اصراره على تشكيلة الـ30 والتي تسلتزم إعادة توزير جديد للحقائب لحفظ التوازن، وانه اشترط ان تكون لديه ست حقائب في صيغة الـ30 الأمر الذي يعتبر شرطاً تعجيزياً.
غير ان مصادر أخرى كشفت بأن الرئيس عون رفض حكومة الـ30، وأصر على حكومة الـ24 وزيراً، مما يؤشر إلى صدام بين الرئيس المكلف والرئيس برّي.
واستبعدت هذه المصادر ان يكون ملف تشكيل الحكومة دخل منطقة الخطر، على أساس ان ولادة الحكومة قبل نهاية العام ما يزال يطغى على الأجواء السياسية.
التشكيلة اليتيمة
وليلاً جرى التداول بتشكيلة من 300 وزيراً لم يتبناها أحد، لا على صعيد الأسماء ولا الحقائب، وأن كانت بعض الأسماء الجديدة طرحت على هامش البحث عن بدائل، وتضمنت التشكيلة الآتي:
– سعد الحريري رئيساً للحكومة
– يعقوب الصراف وزيراً للدفاع
– ليلى الصلح وزيراً للمهجرين
-كريم قبيسي وزيراً للشباب والرياضة
-غسان حاصباني نائباً لرئيس الحكومة و وزيراً للصحة
– ملحم رياشي وزيراً للإعلام
– بيار أبي عاصي وزيراً للثقافة
– ميشال فرعون وزيراً للسياحة
– جبران باسيل وزيراً للخارجية
– سيزار ابي خليل وزيراً للطاقة والمياه
– رومل صابر وزيراً للاقتصاد والتجارة
– حسين الحاج حسن وزيراً للصناعة
– محمد فنيش وزير دولة لشؤون مجلس النواب
– ياسين جابر وزيراً للتربية
– علي حسن خليل وزيراً للمالية
– علي عبدالله وزيراً للعمل
– نهاد المشنوق وزيراً للداخلية
– غطاس خوري وزيراً للبيئة
– محمد كبارة وزيراً للشؤون الإجتماعية
– جمال الجراح وزيراً للاتصالات
– جان اوغاسبيان وزيراً للتنمية الإدارية
– مروان حمادة وزيراً للعدل
– أيمن شقير وزيراً للزراعة
– يوسف فنيانوس وزيراً للأشغال
– ألكسندر دميرجيان وزير دولة
– معين المرعبي وزير دولة
– طلال ارسلان وزير دولة
– الآن حكيم وزير دولة
– أسعد حردان وزير دولة
– بيار رفول وزير دولة
قانون الانتخاب
في غضون ذلك، برزت أولى معالم الاختلاف حيال قانون الانتخاب، والذي سيكون اعداده المهمة الأولى للحكومة العتيدة، حيث أعلنت كتلة «الوفاء للمقاومة» وفي خطوة اوحت بإقفال الباب امام المفاوضات للخروج بصيغة انتخابية ترضي الجميع، «ان ما طرحه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله حول اعتماد النسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسعة هو المسار الإلزامي لبناء الدولة، ولاقى الرئيس برّي حليفه الحزب في المطالبة بضرورة إنجاز وإقرار قانون عصري للانتخابات على أساس الدوائر الموسعة والنسبية، إذ لا يجوز لأي اعتبار إلزام اللبنانيين بالعودة إلى الانتخابات ستة أجيال إلى الخلف، بحسب ما أعلن في حفل إطلاق مشروع المتابعة الالكترونية للقوانين في المجلس، داعياً إلى إعطاء زخم للعهد بالانحياز إلى قانون عصري يسهم بوضع لبنان على عتبة المستقبل ولا يعيده إلى الوراء.
غير ان كتلة «المستقبل» التي اجتمعت أمس، سارعت إلى التذكير «بموقفها الثابت والمتمسك بالصيغة المختلطة بين النظامين الأكثري والنسبي، باعتبارها الصيغة المرحلية والممكنة نحو تطبيق النسبية الكاملة مع استكمال فرض الدولة لسلطتها وحيدة على كامل الأراضي اللبنانية».
وأعادت الكتلة إلى الأذهان بالاقتراح المشترك مع «اللقاء الديمقراطي» و«القوات اللبنانية» ودعت إلى اقراره، مشيرة إلى انها ترى فيه وسيلة «لتأمين عدالة في التمثيل تشمل بشكل متوازن أغلبية الشرائح في المجتمع اللبناني».
البناء
حلب تنتصر بشروطها… والمهزومون بين تركيا وإدلب… وللفوعة وكفريا نصيب
الأسد: يوم تاريخي… وسورية تحتفل بإمساك المبادرة العسكرية والسياسية
الحكومة حُسمت ثلاثينية بالأسماء… وارتاح المفاوضون… لجولة الحقائب
“ما بعد حلب غير ما قبلها، هذا ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد بوصفه يوم النصر في حلب بالتاريخي، مع فرض سورية شروط نصرها وما ترجمته تفاصيل خروج المسلحين المهزومين في حلب نحو إدلب وتركيا للانضمام إلى مشغّليهم، وما حمله النصيب الذي نالته بلدتا الفوعة وكفريا بخروج أكثر من ألف من المرضى والجرحى من تحت الحصار، فيما كانت جولة الحرب الحاسمة قد عرفت أشرس المعارك خلال شهورها الستة الأخيرة منذ شهر حزيران الماضي، وانخرط في خوضها قرابة المئة ألف عسكري على ضفتي القتال، بكلّ ما بين أيديهم من مقدرات، والتي شهدت كراً وفراً لشهرين متواصلين بين معارك الكاستيلو والراموسة وضاحية الأسد والكليات الحربية، وسقط في قلب هذه المعارك الحاسمة قرابة الألف شهيد وقرابة خمسة آلاف جريح في صفوف الجيش السوري والحلفاء، بينما زادت خسائر الجماعات المسلحة عن العشرة آلاف قتيل وعشرين ألف جريح.
هي الحرب بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى، حيث خرج كلّ الأطراف المنخرطين فيها منذ ست سنوات بكلّ ما لديهم، وبأهمّ ما لديهم، في السلاح والمال والإعلام والمخابرات والدبلوماسية والسياسة، وتوافقوا على ضفتي الحرب باعتبار حلب أمّ المعارك، وعلامة النصر وبشارته لمن يكسبها، وأضفوا عليها لقب الوجودية التي لا مكان للهزيمة فيها، ولم يعُد يفيد المهزوم التهوين من أهمّيتها بعد الهزيمة، فقد قالت الحرب كلمتها وانتهى الأمر.
قالت الحرب إن لا مكان لأميركا في سورية إلا تحت المظلة الروسية ضمن تحالف الحرب على الإرهاب والتفاهم الروسي الأميركي الذي ستنفض حرب حلب عنه الغبار، وقالت إنّ حدود الدور التركي مسقوفة بخطوط التسويات مع موسكو وطهران، وإنّ خط القوة الصاعد للجيش السوري وحزب الله معاً يرسم معادلات الساحل الغربي للبحر المتوسط، وإنّ السعودية و«إسرائيل»، رغم ما استثمرتاه في حرب سورية تنتقلان إلى مقاعد المتفرّجين، وإنّ قدرة قرار الحرب تختلف عن التلويح بخوضها، كما يترجم ذلك السلوك الغربي والخليجي والتركي الذي تأقلم مع الهزيمة رغم كثرة الحديث عن خط أحمر اسمه حلب.
معادلات جديدة ربما سيمرّ وقت طويل قبل أن تظهر كلّ تداعياتها، بعد انكشاف سقوط العرض الأميركي لروسيا بتقاسم سورية انطلاقاً من حلب شرقية وحلب غربية، بصيغة تشبه تقاسم ألمانيا من بوابة برلين الشرقية والغربية، وهي معادلات ستحكم ما هو أبعد من مستقبل الحرب في سورية لترخي بظلالها على المنطقة والمعادلات الدولية اللاحقة.
في لبنان لم يكن الحال على خلاف ما هو عليه خارج لبنان حيث الحدث حلب، والجميع متابع للتفاصيل، وحلفاء المهزومين يردّدون رغم ذلك أن لا علاقة لما يجري في حلب بتشكيل الحكومة ولا بانتقالها من صيغة الأربعة وعشرين وزيراً إلى صيغة الثلاثين التي ترسّخت وحسمت أسماء وزرائها، وبقيت استراحة المفاوضين مفتوحة العيون على حلب بانتظار جولة تفاوض جديدة تتركز على خلطة الحقائب من جهة وتدوير بعض الزوايا المتشنّجة والناتئة من جهة أخرى، ومحور أغلبها ما لم تستطع القوات اللبنانية هضمه بعد من مستجدات التشكيلة الحكومية التي باتت، عند النقطة التي بلغتها، موضوع توافق رئاسي.
المفاوضات على صيغة الثلاثين
انتقلت المفاوضات الحكومية إلى صيغة الثلاثين وزيراً بعد تعذر تمثيل كافة القوى السياسية بحكومة الـ24 التي باتت العودة اليها شبه مستحيلة ولم تصدر أي اعتراضات على توسيع الحكومة ولا حيال إعادة توزيع بعض الحقائب بناءً للتعديل الجديد. وبحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ «البناء» فإن «الأجواء إيجابية لكن الأمور تحتاج الى مزيدٍ من المشاورات مع دخول 6 وزراء جدد على حكومة الـ24 سيتمحور النقاش حول توزيعهم على القوى السياسية»، ورجحت المصادر أن يستغرق ذلك أكثر من 48 ساعة، وبالتالي لا حكومة قبل مطلع الأسبوع المقبل وإذا أضيف مؤشر سفر وزير الخارجية جبران باسيل للمشاركة في اجتماع الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية في القاهرة الثلاثاء المقبل، فإن الكائن الحكومي لن يولد قبل عيد الميلاد.
ووفقاً للصيغة الثلاثينية، أصبح التوزيع الطائفي للحكومة على الشكل التالي: 6 سنة و6 شيعة و3 دروز و6 موارنة و4 أرثوذكس و3 كاثوليك و2 أرمن ، وبينما حسم تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي والنائب طلال أرسلان وحزب الكتائب، لم تحدد الحقائب التي سيتولونها، وإن حسمت معظم حقائب وأسماء التوليفة الحكومية على غرار يعقوب الصراف للدفاع، كريم قبيسي للشباب والرياضة من حصة رئيس الجمهورية ، غسان حاصباني نائب رئيس الحكومة ووزيراً للصحة، ملحم رياشي للإعلام وبيار أبي عاصي للثقافة وميشال فرعون للسياحة وجبران باسيل للخارجية وسيزار أبي خليل للطاقة ورومل صابر للاقتصاد والتجارة التيار الوطني الحر ، وحسين الحاج حسن للصناعة ومحمد فنيش وزير دولة لشؤون مجلس النواب وعلي حسن خليل للمالية وعلي العبدالله للعمل ونهاد المشنوق للداخلية وغطاس خوري للبيئة وجمال الجراح للاتصالات وجان أوغاسبيان وزير دولة لشؤون التنمية الإدارية وأيمن شقير للزراعة، يوسف فنيانوس للأشغال وبيار رفول وزير دولة ومعين المرعبي وزير دولة.
وقبل سفره إلى باريس اليوم، بحسب ما أفادت مصادر إعلامية، زار الرئيس المكلف سعد الحريري رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري.
وحضر إلى جانب جنبلاط نجلاه تيمور وأصلان وكريمته داليا، وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، والنائبان: مروان حماده، وغازي العريضي والنائب السابق أيمن شقير.
وعلمت «البناء» أن لا مشكلة لدى القوات بحكومة ثلاثينية، كما أن لا خيار آخر أمام الرئيس المكلف بعد إصرار الثنائي الشيعي على تمثيل كل الحلفاء وعدم ممانعة رئيس الجمهورية. ونقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لـ«البناء» تفاؤله بقرب ولادة الحكومة بعد أن ذلل معظم العقد التي كانت تحول دون تأليفها وإصراره على صيغة الثلاثين التي تتيح تمثيل كافة الأطراف بعد تعذر ذلك في صيغة الـ24.
وأوضحت مصادر في كتلة التنمية والتحرير لـ «البناء» أن «الحقائب الأساسية حسمت وأن الوزير الشيعي الخامس يسمّيه الرئيس بري بعد الاتفاق على التشكيلة النهائية»، وأوضحت أن «الوزير الشيعي السادس لم يحسم أمره أيضاً، وربما تحصل مقايضة بين رئيسي الجمهورية والمجلس في ربع الساعة الاخير إذ ينال عون وزيراً شيعياً مقابل وزير مسيحي لبري».
وأكد بري خلال كلمة له في المجلس النيابي على ضرورة إنجاز وإقرار «قانون عصري للإنتخابات على أساس الدوائر الموسعة والنسبية، إذ لا يجوز لأي اعتبار إلزام اللبنانيين بالعودة الى الانتخابات ستة أجيال الى الخلف». ودعا بري الى إعطاء زخم للعهد بالانحياز الى قانون عصري يسهم بوضع لبنان على عتبة المستقبل ولا يعيده الى الوراء.
ودعت كتلة الوفاء للمقاومة خلال اجتماعها الأسبوعي لـ«الإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع بتحمل المسؤولية في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة التي يؤمل فيها النجاح لوضع لبنان على الجادة الصحيحة لقيام الدولة القوية القادرة والعادلة». وأكدت أن «ما طرحه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول اعتماد النسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسّعة، هو ممر إلزامي لقيام الدولة المؤهلة لتحقيق التغيير والإصلاح في البلاد». وغرد النائب أرسلان عبر «تويتر» قائلاً: «لن نسكت عن أي استهتار بالحقائب التي ستسند الى الدروز ونطالب الرئيس المكلف أن ينظر الى هذا الموضوع بكل جدية واحترام لموقع الدروز الحاضر والتاريخي في البلاد».
عقدة قانون الانتخاب
ووفق أوساط نيابية مستقبلية فلا اتفاق حتى الساعة على الصيغة النهائية للحكومة، رغم أن الرئيس سعد الحريري يعمل جاهداً لفك عقد التأليف، وهو مع أي صيغة وتوزيعة تراعي تمثيل كافة الأطراف والطوائف، لأن هدفه الأساس تشكيل الحكومة ومباشرة عملها في ظل الوضع الخطير في المنطقة والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان»، وأشارت لـ«البناء» الى أن كل عقدة ولها حل، لكن الأهم هو نية الأطراف تشكيل الحكومة فهناك عقبات داخلية وخارجية لا تزال تعترض عملية التأليف وتوجد قطبة مخفية بمعزل عن الصيغ وتوزيع الحقائب»، واعتبرت أن قوى 8 آذار تمارس الضغوط على الحريري لتحقيق مكاسب أكبر قبل تشكيل الحكومة تتعلق بقانون الانتخاب، وبالتالي الأمور أكبر من حقائب، فالحريري لا يضع فيتوات على أي وزير أو حقيبة، لكن على الأطراف الأخرى التعاون، وتساءلت: لماذا عادت صيغة الثلاثين الى التداول بعد أن قطعت صيغة الـ24 أشواطاً؟ ولماذا تم طلب إعادة تبديل عدد من الحقائب؟ لافتة الى أن «الحريري قدم الكثير من التنازلات في انتخابات رئاسة الجمهورية ولا يستطيع تقديم المزيد في الحكومة»، ورجحت المصادر أن «تطول مدة التأليف الى ما بعد عطلة الإعياد إذا تم توافق الجميع على تشكيلة الثلاثين».
وأوضحت المصادر أن تيار المستقبل مع إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ومع إقرار قانون جديد للانتخابات على أساس المختلط 68 أكثري و60 نسبي كمرحلة أولى مع الانفتاح على الصيغ الأخرى، وإيجاد قانون ما بين المختلط الذي قدّمه المستقبل والقوات والحزب الاشتراكي ومختلط الرئيس بري 64 نسبي و64 أكثري .
ورأت كتلة «المستقبل» بعد اجتماع برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة «ضرورة التوقف عن ممارسات ربما يقوم بها البعض لفرض شروط تعجيزية أدّت حتى اليوم إلى تأخير تشكيل الحكومة»، وذكرت الكتلة بـ«موقفها الثابت والمتمسك بالصيغة المختلطة حول قانون الانتخاب بين النظامين الأكثري والنسبي».