حذر وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا من مغبة إقدام واشنطن على ضربة استباقية لكوريا الشمالية مشيرا إلى أن أي خطوة في هذا الاتجاه سوف تشعل حربا نووية تزهق أرواح الملايين.
وفي حديث أدلى به بانيتا لقناة NBC قال: "السبب الذي منع رؤساء الولايات المتحدة السابقين عن الضغط على زناد السلاح وضرب كوريا الشمالية تمثل في أن عشرين مليون نسمة، وهم سكان سيئول عاصمة كوريا الجنوبية، سوف يصبحون عرضة للرد الكوري الشمالي، واحتمال استخدام السلاح النووي الذي من شأنه أن يذهب أرواح الملايين. ولهذا السبب، أرى أنه يتعين علينا توخي قدر أكبر من الحيطة".
وأضاف: "على الإدارة الأمريكية أن تكون حذرة في انتقاء عباراتها وتفادي التصعيد، وأن تتوخى الحذر وألا تتخذ أي قرارات متسرعة"، مشيرا إلى "ضرورة التروي في انتظار ما ستتمكن الصين من تحقيقه في اتجاه التهدئة، لاسيما وأن واشنطن قد منحتها مؤخرا فرصة التدخل علّها تؤثر".
نقلت وكالة "أسيوشيتد برس" عن مصدر عسكري أمريكي طلب عدم الكشف عن هويته، أنه لا تتوفر لدى واشنطن في الوقت الراهن أي نية حقيقية لضرب كوريا الشمالية، حتى لو استمرت الأخيرة في تجاربها النووية والصاروخية.
وأضاف المصدر، أن خطط واشنطن لن تتغير إلا حين إقدام بيونغ يانغ على استهداف كوريا الجنوبية أو اليابان أو الولايات المتحدة، وأن القيادة الأمريكية المعنية أجمعت في الوقت الراهن على التروي وعدم التصعيد.
وكشف أن بلاده سوف تكتفي في حال استمرار بيونغ يانغ في تجاربها، بتشديد العقوبات والتضييق عليها ما أمكن عبر مجلس الأمن الدولي، على أن تتمكن الولايات المتحدة من إقناع روسيا والصين بعدم استخدام الفيتو وتمرير عقوبات على كوريا الشمالية.
وكانت الولايات المتحدة أرسلت المدمرة الصاروخية "ستيثم " إلى بحر الصين الجنوبي أمس، سبقها إرسال مجموعة من السفن الحربية، بما فيها حاملة الطائرات "كارل فينسون"، إلى سواحل شبه الجزيرة الكورية، على خلفية تصاعد حدة التوتر بين واشنطن وبيونغ يانغ، بعد إجراء كوريا الشمالية تجارب نووية وإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إدارته تنظر في كافة الخيارات للرد على بيونغ يانغ.
وتقول قيادة المحيط الهادئ في الجيش الأمريكي إنها تهدف إلى الحفاظ على استعداداتها في المنطقة. وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن الولايات المتحدة مستعدة لأن تتصرف بمفردها للتعامل مع تهديد كوريا الشمالية النووي.
وحذرت كوريا الجنوبية والصين، وهي أقرب حلفاء كوريا الشمالية، من عقوبات صارمة إذا نفذت بيونغيانغ المزيد من اختبارات الصواريخ.
وتتكون المجموعة البحرية الأمريكية كارل فينسن الضاربة من حاملة طائرات وسفن حربية أخرى. وكان من المفترض أن ترسو في أستراليا، لكنها غيرت مسارها من سنغافورة إلى غرب المحيط، حيث تجري حاليا مناورات عسكرية مع القوات البحرية لكوريا الجنوبية.
استنفار الجيش الصيني
كشفت وكالة United Press International الأمريكية أن القوات المسلحة الصينية تلقت أوامر مباشرة من القيادة العامة للجيش بالحفاظ على حالة التأهب القصوى في 5 مناطق عسكرية .
وأفادت الوكالة استنادا لمركز حقوق الإنسان والديمقراطية – غير الحكومي في هونغ كونغ بأن كتائب مدفعية في المناطق العسكرية شاندون و تشيتسزيان ويوننان أُمرت بالتحرك والتموضع على الشريط الحدودي مع كوريا الشمالية.
ووفقا للمركز فإن حوالي 25 ألف عسكري من الجيش -47 المرابط غرب البلاد أُمروا بالاستعداد للتحرك مع آلياتهم الحربية إلى مسافات بعيدة باتجاه قاعدة حربية تقع بالقرب من الحدود الكورية الشمالية.
كما أفادت وكالة إخبارية يابانية بأن السبب الكامن وراء تحريك قوات صينية نحو الحدود الكورية الشمالية هو قلق بكين من احتمال قيام واشنطن بضربة استباقية لـبيونغ يانغ على غرار سيناريو الهجوم الصاروخي الأمريكي الذي شنته على قاعدة الشعيرات العسكرية في سوريا.
وأشار مراقبون إلى أن قرار ترامب بتوجيه ضربة لسوريا الذي اتخذه أثناء استراحة خلال مباحثاته مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، اعتبره الجانب الصيني استعراض للقوة ومحاولة لإهانة الصين، ما دفع الأخيرة لتعزيز وجودها العسكري على حدودها مع كوريا لشمالية في أعقاب إعلان الولايات المتحدة إبحار حاملة الطائرات الأمريكية " كارل فينسون" باتجاه السواحل الكورية.
وأدى الهجوم الصاروخي الأمريكي على قاعدة الشعيرات العسكرية السورية والتصعيد العسكري لواشنطن مع كوريا الشمالية إلى تأزم العلاقات الأمريكية مع موسكو وبكين.
CNN : ترامب لن ينتصر في كوريا
وقال المحلل السياسي جوناثان كريستول في مقال نشرته قناة CNN الأمريكية أن الولايات المتحدة غالبا ما تفترض، بشكل خاطئ، أن "خصومها مجانين ويفتقدون للعقلانية أو أغبياء" ويتوقع الأمريكان أن أي أمة أخرى تكون سعيدة لما تعده واشنطن لها ولكن عندما يتصرف زعيم أي دولة بشكل مخالف للرغبة الأمريكية تسارع الولايات المتحدة بتفسير السبب بوجود خلل في تفكير هذا الزعيم.
ويؤكد كريستول على أن الزعيم الكوري الشمالي ليس مجنونا، وليس بالغبي بتاتا على الرغم من إمكانية اتهامه بتنفيذ تصرفات "متهورة" ولكنها تتفق تماما مع قواعد اللعبة السياسية السائدة في كوريا الشمالية.
أما ترامب، ووفقا لهذا المحلل السياسي، فعلى العكس لا يفكر دائما بشكل متسلسل منطقي وتركيزه يشبه تركيز طفل عمره 4 سنوات وذلك بخلاف الزعيم الكوري الشمالي الذي يركز كل تفكيره على صمود النظام في بلاده .
هذا كله قد يجعل كيم جونغ أون لاعبا أكثر حذاقة ومهارة في الساحة الدولية من الرئيس الأمريكي.
ويرى كريستول أنه وعلى الرغم من تصاعد التوتر في المنطقة، لا توجد حتى الآن حلول مناسبة للمشكلة الكورية الشمالية، الطريق العسكري سيكون باهظ الثمن واندثرت واختفت إمكانية "الضربة الاستباقية" في أكتوبر 2006، بعد أن تمكنت بيونغ يانغ من اختبار أول قنابلها النووية.
ويذهب جوناثان كريستول في تحليله للأزمة الراهنة بين واشنطن وبيونغ يانغ إلى القول : "يكمن الحل في التفاوض ويجب أن يقوم بذلك " مفاوض بارع متمرس للغاية يعرف المنطقة بشكل عميق بما في ذلك دولها وسكانها ومشكلاتها".
ويقول جوناثان كريستول إنه حتى بدون وجود ترامب كان الوضع المتقلب والغامض وغير القابل للتكهن في شبه الجزيرة الكورية يثير القلق الشديد أما ومع ظهور ترامب فبات مرعبا فعلا.
مركز الحقول للدراسات والنشر
السبت 15 نيسان، 2017