ارتفع منسوب "تدويل" قضية احتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري في السعودية. وهذا التطور السياسي البارز ظهر من خلال عدد من التحركات الروسية والأوروبية والأميركية، يوم أمس. أولاً، بتصريح سفير روسيا في بيروت بإحالة هذه القضية على مجلس الأمن الدولي، إذا لم ينجل الغموض بشأن مصير المسؤول اللبناني. ثانياً، الزيارة الخاطفة التي قام رئيس فرنسا إلى الرياض، لاحتواء التوتر الإقليمي بينها وبين طهران، وحل قضية الحريري مع بن سلمان. ثالثاً، الأنباء التي تواترت هذا الفجر، عن لقاء القائم بالأعمال الأميركي في الرياض مع الرئيس الحريري في مكان احتجازه. وتؤشر هذه التحركات إلى أن الإجماع الرسمي والشعبي اللبناني، وخصوصاً من دار الفتوى وحزب المستقبل وقواعدهما الشعبية، قد يفرض على السعودية تغيير موقفها…
النهار
مؤشِّرات المواجهة تتصاعد وتحرُّك دولي
مر "خميس" الانتظار أمس من غير أن يحضر الرئيس سعد الحريري الى بيروت، بل ان الأزمة التي نشأت بفعل استقالته السبت الماضي من الرياض اتخذت على نحو دراماتيكي اتجاهات تصعيدية جديدة من شأنها ان تزيد القلق والمخاوف من تداعياتها المتسارعة. ومع ان اللبنانيين معتادون سماع دعوات الدول الى رعاياها لمغادرة لبنان أو تجنب السفر اليه في حقب الازمات، فان الدعوة التي وجهتها المملكة العربية السعودية أمس الى رعاياها في لبنان وخارجه لمغادرته وتجنب السفر اليه اتخذت وجهاً مختلفاً من حيث كونها شكلت مؤشراً لتصاعد الأزمة بين المملكة ولبنان، علماً ان الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة سارعتا بعد السعودية الى اطلاق دعوات مماثلة الى رعاياهما وكانت البحرين اتخذت خطوة كهذه قبل أيام. ولم يقف التأزم عند هذا الحد اذ برزت معالم سخونة تصاعدية في موقف الحكم من موضوع استمرار غياب الرئيس الحريري عن البلاد منذ 3 تشرين الثاني أي عشية اعلانه استقالته من الرياض وقت ستتجه الانظار اليوم الى الموقف الرسمي الذي سيبلغه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى سفراء مجموعة الدعم الدولية في شأن الأزمة وغياب الحريري. ولعل المفارقة اللافتة انه في حين كانت تصدر اشارات رسمية اولى الى تحركات ديبلوماسية وخارجية محتملة في شأن الأزمة كان المكتب الاعلامي للرئيس الحريري يعلن ان الحريري استقبل في دارته في الرياض ظهر أمس السفير الفرنسي في المملكة العربية السعودية فرنسوا غوييت كما استقبل أول من أمس رئيسة بعثة الاتحاد الاوروبي في المملكة ميشال سيرفون دورسو وكذلك القائم بالاعمال الأميركي في الرياض كريستوفر هينزل والسفير البريطاني سايمون كولينز.
لكن ذلك لم يحجب زيادة المخاوف من تصاعد الأزمة سواء في تداعياتها الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية أم في اطارها الخارجي، خصوصاً ان بعض الاوساط المعنية حذرت عبر "النهار" من ان أي خطوة رسمية غير محسوبة قد ترتب مواجهة لبنانية – سعودية لن تكون لمصلحة لبنان وان التطورات التي تتسارع وتيرتها توجب مزيداً من التريث قبل الاقدام على أي خطوة. وجاء ذلك في معرض التعليق على ما نقلته وكالة "رويترز" أمس عن "مسؤول كبير في الحكومة اللبنانية" من إن "لبنان يعتقد أن السعودية تحتجز رئيس وزرائه سعد الحريري مضيفا أن بلاده تتجه الى دعوة دول عربية وأجنبية للضغط على الرياض لإعادته".
وبعد ستة أيام مرت على استقالة الرئيس الحريري من غير ان يجري اتصالاً ثانياً برئيس الجمهورية اكتفت مصادر بعبدا بالقول إن المعطيات على حالها، إذ لم يحصل أي اتصال مع الرئيس الحريري ولا علم بموعد عودته والرئيس ميشال عون اذا لم يتواصل معه ولم يعرف حقيقة وضعه لن يبتّ الاستقالة.
إلّا أن زوار بعبدا نقلوا عن الرئيس عون انه "كان غاضباً من الطريقة التي عومل بها رئيس وزراء لبنان خصوصاً انه لا يمثل شخصه فحسب بل كرامة الدولة والشعب والطائفة التي ينتمي اليها". وتساءل الرئيس عون أمام زواره: "ما هي الظروف التي تمنع رئيس حكومة من ان يتصل برئيس جمهورية بلده خصوصاً ان غياب المعطيات الحقيقية لوضعه تفتح المجال أمام شائعات هدفها إثارة الفتنة في لبنان وتوتير الوضعين السياسي والامني".
وأوضح الزوار أن الرئيس عون الذي يتحرك ديبلوماسياً سيطلب من سفراء مجموعة الدعم الدولية والدول الشقيقة والصديقة المساعدة في جلاء غموض وضع رئيس حكومة لبنان وظروف ابتعاده عن بلده.
الامم المتحدة
ونقل مراسل "النهار" في نيويورك علي بردى عن مصدر موثوق به في الأمم المتحدة أن "اتصالات مكثفة تجرى بعيداً من الأضواء مع الجهات المعنية بالأوضاع في لبنان بغية لجم أي تدهور يمكن أن يحصل بسبب التوتر المتصاعد بين السعودية وايران". وكشف أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس شارك شخصياً في هذه الاتصالات "من أجل حض الأطراف على التهدئة والحفاظ على الإستقرار في لبنان".
وشدد مسؤولون في الأمم المتحدة على "ضرورة عدم اتخاذ أي طرف أي اجراءات يمكن أن تكون مؤذية للبنان أو تقوض استقراره من دون الحاق أذى فعلي بالجهة المستهدفة"، في سياق ما يشاع عن خطوات عقابية يمكن أن تتخذها السعودية ضد "حزب الله"، ومنها مثلاً وقف الرحلات الجوية والتعاملات المالية مع لبنان. ولفت أحدهم الى أن "ثمة ضمانات تمّ الحصول عليها بالفعل لتجنب سيناريو من هذا النوع". وتحدث المصدر عن "احتمال أن يزور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد زيارته أمس للرياض عواصم أخرى في سياق الجهود الجارية لتخفيف التوتر في الشرق الأوسط".
ورداً على سؤال عما أوردته وكالة "رويترز"، صرح الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك بأنه "لا يمكنه التحقق مما اذا كانت هناك أي قيود على تحركات الرئيس سعد الحريري في السعودية".
الراعي
الى ذلك، اختتم الرئيس عون مشاوراته الداخلية، مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وعلم انه حمله رسالة الى المسؤولين السعوديين في الزيارة التي تأكد حصولها بعد لقاء بعبدا والرسالة هي "تحييد لبنان الذي لا يمكنه ان يكون ساحة حرب إيرانية – سعودية". كما علم ان البطريرك سيلتقي الرئيس سعد الحريري في الرياض التي سيتوجه اليها بعد ظهر الاثنين المقبل ويعود منها مساء الثلثاء.
واسترعى الانتباه لدى الرئيس عون لقائه وفداً اقتصادياً أمس انتقاده النائب السابق فارس سعيد وقوله انه يعمل على التشويش على العلاقات اللبنانية – الخليجية وان بعض القوى دخلت على خط التصعيد للواقع الذي نعيشه.
"المستقبل"
وسط هذه التطورات، أثار البيان الذذي صدر عن كتلة "المستقبل" وأعضاء في المكتب السياسي لـ"تيار المستقبل" اهتمام الأوساط السياسية اذ شدد على ان "عودة الرئيس الحريري الزعيم الوطني ضرورة لاستعادة الاعتبار والاحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان في اطار الاحترام الكامل للشرعية اللبنانية".
وأوضح الرئيس فؤاد السنيورة مساء ان هذا البيان "جاء ليضع الأمور في نصابها وليصوب الوضع الذي اختل في لبنان"، ورأى ان "هذه الحكومة تسببت بهذا الاختلال في الوضع الداخلي وفي الوضع الخارجي وفي علاقات لبنان العربية وهذا الأمر هو الذي ادى الى استقالة الرئيس الحريري وبالتالي هناك ضرورة لأن يعود الزعيم سعد الحريري كرئيس للحكومة ولكن لحكومة جديدة يكون فيها وعي من الجميع بأن الأمور لا يمكن ان تستمر هكذا".
الأخبار
قضيّة احتجاز رئيس الحكومة إلى مجلس الأمن
تتطابق مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي في مواجهة أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض، واحتجازه كرهينة من قبل حكام المملكة العربية السعودية. ويعكس هذا التناغم الكامل بين الرئاستين، تماسكاً على مستوى الدولة اللبنانية وعلى المستوى الشعبي، في ظلّ احتضان القوى السياسية لعائلة الحريري والحرص على عودة رئيس الحكومة المختطف قبل البحث في أي أمرٍ آخر.
وتقاطع كلام برّي أمس، مع المواقف التي أدلى بها عون أمام وفد الهيئات الاقتصادية ووفد الاتحاد العمّالي العام، حيث أكّد عون أثناء اللقاء أن «الحريري محتجز لدى السعودية». من جهته، أكّد بري أنه بانتظار عودة الحريري من الرياض، وأنه «في حال عودته وتقديم استقالته وفق الأطر الدستورية، عندها يبنى على الشيء مقتضاه». وكرّر قوله إن «الحريري ليس مستقيلاً»، أكثر من مرّة، وأن «ما حصل هو سابقة وهو رئيس حكومة لديه حصانة وفقاً لاتفاقية فيينا. ولو أعلن استقالته من هنا لكانت استقالته دستورية ونافذة». وردّاً على سؤال حول ما إذا لم يعد الحريري قريباً، قال: «صبرنا طويل، ننتظره 20،30، 50 يوماً… صبرنا طويل. نحن نريد انتظام العلاقات مع جميع الدول العربية، ولم نكن نحن البادئين في ما يجري». وحول ما يحاك للبنان من عقوبات وضغوط اقتصادية، ردّ رئيس المجلس النيابي بكثيرٍ من الثّقة بأنه «مرّرنا بالكثير من هذه الظروف، وبضغوط اقتصادية. لبنان أقوى من أميركا إذا كنّا موحّدين وأوهن من بيت العنكبوت إذا كنا متفرّقين».
كلام برّي وعون، وما يعكسه من رفض للإملاءات السعوديّة، يفتح المجال أمام رفع مستوى الضغط الدبلوماسي على الرياض، قد يصل حدّ رفع شكوى لبنانية إلى مجلس الأمن الدول ضدّ السعودية، لاحتجازها رئيس الحكومة. وهذا الخيار الذي يلوّح به عون، عبّر عن دعمه صراحة السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبيكين، مؤكّداً أن قضية الحريري قد تصل إلى حدّ طرحها في مجلس الأمن. وكذلك علمت «الأخبار» أن قضية الحريري ستُطرح في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسيل الاثنين المقبل. ويعتزم عون اليوم، وضع سفراء الدول المؤثّرة المعتمدين في لبنان في أجواء الخطوات اللبنانية وسيطلب منهم دعم تحرّكات لبنان المطالبة بعودة الحريري. غير أن عون، الذي وضع خطّة للمواجهة، ينتظر نتائج المبادرة الفرنسية التي يقودها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والذي وصل مساء أمس إلى المملكة واستقبله ولي العهد محمد بن سلمان. كذلك الأمر بالنسبة للدور الروسي، الذي يرفض التدّخلات السعودية بالشؤون اللبنانية، لا سيّما بعد تكرار زاسبيكين مواقفه بأن مسألة الحكومة اللبنانية ومن يتمثّل بها هو شأن داخلي لبناني، وأن إصرار السعودية على عدم مشاركة حزب الله في الحكومة يؤكّد أهمية دور الحزب.
ورفضت المتحدّثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت، أثناء حديثها عن اتصال الوزير ريكس تيلرسون بنظيره السعودي عادل الجبير، الكشف عن موقع اجتماع الحريري بالقائم بالأعمال الأميركي في الرياض، واصفةً المحادثات بأنها «حساسة وخاصة ودبلوماسية».
من جهة ثانية، وأمام الضغط السعودي على عائلة الرئيس رفيق الحريري للتخلّي عن الرئيس الحريري و«مبايعة» شقيقه بهاء في السعودية، بات محسوماً أن ردّ عائلة الحريري جاء سلبيّاً في مقابل الطرح السعودي، مع تمسّك العائلة بالرئيس سعد الحريري وانتظار عودته إلى لبنان. وهذا الأمر أكّده أمس أكثر من مرجع رسمي لـ«الأخبار»، قائلين إنه «تم قطع الطريق على بهاء والعائلة رفضت الذهاب إلى السعودية».
بدوره، أكّد الوزير جبران باسيل أننا «دفعنا ثمناً غالياً للفراغ في البلد لنأتي بحاكم يمثلنا، وبرئيس جمهورية وبرئيس حكومة يمثلوننا، نحن اخترناهم ونحن نبقيهم ولا أحد يزيلهم من عندنا».
الجمهورية
مشاورات لتجنب الفراغ والفوضى.. و"المستقبل" يتمسَّك بزعيمه
أظهرت خلاصة المشاورات الداخلية حول استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، مزيداً من الغموض لدى كلّ المستويات الرئاسية والرسمية والسياسية. فيما تحرّكَ لبنان في محاولةٍ لجلاء الصورة، عبر مهمّة أوكِلت للمدير العام اللواء عباس ابراهيم قادته إلى عمان وباريس، ترافقَت مع حركة فرنسية تجاه الرياض، تزامنَت مع إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنّ السلطات الفرنسية أجرت اتّصالاً غيرَ رسمي بالحريري. وكذلك موقف روسيّ لافِت لوّح بطرحِ ما يتّصل بوضع الحريري على مجلس الأمن. بالتوازي، مع تصعيد في الإجراءات السعودية تجاه لبنان، تُرجِم بالطلب من الرعايا السعوديين مغادرةَ لبنان في أسرع فرصة ممكنة وعدم السفر إليه، وتبعتها دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت. واقترن ذلك بتغريدة جديدة للوزير السعودي ثامر السبهان قال فيها إنّ "كلّ الإجراءات المتخَذة تباعاً، في تصاعدٍ مستمر ومتشدّد حتى تعود الأمور لنصابها الطبيعي".
بقيَ الداخل مضبوطاً على إيقاع استقالة الحريري وارتداداتها العابرة للحدود، في ظلّ جوّ ضبابي يَصعب معه تحديد معالم المرحلة المقبلة. وقال مرجع كبير لـ"الجمهورية": "لم تعُد المسألة مسألة استقالة، وبالتالي الأزمة كبيرة جداً وعميقة، وسبلُ المعالجة متعذّرة حتى الآن".
وعبَّر المرجع عن خشيته من أن يكون الهدف ممّا يجري هو إدخال لبنان في فراغٍ حكومي، قد تتولّد عنه فوضى، وإنْ وصلنا إلى هذه الحالة فمعنى ذلك أنّنا أمام كارثة تنتظرنا، وهو ما يجب التنبّه إليه والحؤول دون وقوعه والوصول بالأمور إلى هذا الحدّ".
وأضاف المرجع: "حتى الآن أحاولُ أن أقنِعَ نفسي بأنّ الرئيس الحريري غيرُ محتجَز، وأحاول أن أنظر بإيجابية إلى حركته ولقاءاته في المملكة وخارجها، التي تؤشر – إلى حدٍّ ما – إلى أنه حرٌّ، ولكن ما الذي يَمنعه من العودة إلى لبنان؟"
وردّاً على سؤال قال المرجع: "لستُ خائفاً، إنّما قلِق، وقلقِي يَزداد كلّما طالَ وضوح الصورة وكلّما تأخّرَ الحريري بالعودة إلى بيروت. عِلماً أنّ لبنان تلقّى تأكيدات دولية بالحِرص على استقراره ومنعِ تفلّتِ الأمور فيه، وأيضاً الحرص على الحكومة واستمرارها".
عون
ويتقاطع هذا الكلام مع ما أكّده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال جولة المشاورات التي أجراها أمس، حيث لاحظ زوّاره تعاطفَه الواضح مع الحريري، معتبراً أنه إذا ما صحّت المعلومات التي تفيد أنّ هناك حجزاً لحرية رئيس الحكومة وهو موجود في منزله في السعودية الذي تحوّلَ ثكنة عسكرية، وإن صحّ احتجاز حرّيته فهذا أمر غير مقبول، فضلاً عن أنّه يشكّل انتهاكاً لمعاهدة فيينا التي تمنحُ الحصانات لرؤساء الجمهوريات ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية.
بحسبِ الزوّار، فإنّ رئيس الجمهورية لا يَعتبر أنّ الحريري مستقيل، ونقِل عنه قوله: "نحن لا نقبل هذا الشيء سواء بحقّ دولة لبنان وبحقّ فئة من اللبنانيين، ولا أحد يحكينا بتشكيل حكومة جديدة، فحكومتُنا ما زالت قائمة".
برّي
وفي السياق ذاته، جاء كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره، حيث قال: "الرئيس الحريري ليس مستقيلاً".
أضاف: "إذا رجعَ إلى لبنان وأعلن استقالته فعندها يُبنى على الشيء مقتضاه، ولو أنه أعلن استقالته من بيروت لكانت دستوريةً ونافذة، ولكن حتى الآن هو غير مستقيل، لأنّ ما حصل ما زلتُ متوقّفاً عنده وأحاول ان أفتّش عن سابقة من هذا النوع فلم أعثر عليها لا في التاريخ الحديث ولا في التاريخ القديم".
وحول ما إذا كان هناك سقفٌ للانتظار إذا استمرّ الحريري غائباً ولم يعد الى لبنان، قال بري: "صبرُنا طويل".
وقيل له إنّ هناك من يُلوّح باستهداف الاقتصاد اللبنان، فقال: "لقد مرَرنا بمِثل هذه الظروف، وأقول إنّ لبنان يريد افضلَ العلاقات مع الدول العربية بما فيها السعودية، علماً انّنا لم نكن المبتدئين في هذا الذي يجري".
وإذ شدّد على الوحدة الداخلية قال: "لبنان أقوى من اميركا إنْ كنّا موحّدين، وأضعفُ مِن بيت العنكبوت إذا كنّا متفرّقين".
مسؤول كبير
إلى ذلك، نَقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول كبير في الحكومة اللبنانية امس، "أنّ لبنان يعتقد أنّ السعودية تحتجز رئيس وزرائه سعد الحريري" مضيفاً أنّ بلاده "تتّجه لدعوة دول عربية وأجنبية للضغط على الرياض لإعادته". فيما اعلنَ المتحدث باسمِ الامين العام للامم المتحدة ستيفان دوجاريك بأنّه "لا يمكنهم التحقّق إنْ كان هناك أيّ قيود على تحرّكات الرئيس سعد الحريري في السعودية".
وفي السياق ذاته، قال السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكين إنّ "موضوع عودة رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري متعلق بالحقوق السيادية للبنان ويجب ان يكون هناك احترام لهذه السيادة". اضاف أنه "إذا كان هناك مماطلة بالموضوع من دون التوضيح ستجري مناقشة مشتركة لهذا الملف في مجلس الامن".
لقاءات الحريري
إلّا أنّ أخبار السعودية أشارت إلى تحرّكٍ جديد الحريري، حيث اعلنَ مكتبه الاعلامي في بيروت انّه استقبل في دارته في الرياض في اليومين الماضيين السفيرَ الفرنسي في السعودية فرنسوا غوييت، رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي في المملكة ميكيلي سيرفون دورسو، وقبله السفير البريطاني سايمون كولينز والقائم بالاعمال الأميركي في الرياض كريستوفر هينزل.
ورفضت الناطقة بإسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت الإفصاح عن موقع عقد الإجتماع بين الحريري وهينزل أو الإدلاء بمزيد من التصريحات عن وضع الحريري، ووصفت المحادثات بأنها "محادثات خاصة حساسة ودبلوماسية".
الاتّحاد الأوروبي
وفي سياق الحركة الدولية قال مصدر اوروبي مطّلع لوكالة آكي الايطالية: "نحن نتواصل مع جميع الأطراف لحثّهِم على الشروع بحوار بنّاء يؤدي إلى عدم ضربِ الإنجازات التي تمّ تحقيقها خلال الأشهر الماضية في البلاد". وأعلن أنّ الاتحاد الأوروبي "يخشى حالة الشلل في لبنان ومهتمّ برؤية مؤسسات فاعلة في البلاد".
ونفى المصدر "أن تكون مؤسسات أو دول الاتّحاد قد مارست أو تمارس أيَّ ضغط لحثّ الحريري على التراجع عن قراره بالاستقالة".
مشاورات عون
ويُجري الرئيس عون مشاورات اليوم مع مجموعة الدعم الدولية والسفراء العرب، في محاولة لتبديد الغموض حول شكلِ ومعنى إقامة الحريري في الرياض وعدم قيامه بأيّ اتّصال معه، او ايّ من المسؤولين الرسميين منذ تقديم استقالته الى اليوم، وهو ما يَزرع المزيد من الشكوك حول وجودِ قيود تحدّ من حركته في هذه المرحلة.
وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" إنّ رئيس الجمهورية سيطلب من سفراء "مجموعة الدعم الدولية من اجلِ لبنان" الذين سيشاركون في لقاء جماعي في بعبدا اليوم والسفراء العرب إفرادياً "ضرورةَ التدخّل لجَلاء الغموض المحيط بوضع الرئيس الحريري.
كذلك سيثير معهم المعلومات حول تقييد حركتِه، من زاوية أنّها إذا كانت صحيحة فإنّها تُنافي اتّفاقية فيينا التي تعطي الحصانة الديبلوماسية لكبار المسؤولين ومنهم رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية، وتمنع فرضَ اية قيود على ايٍّ منهم في ايّ دولة أجنبية أياً كانت الظروف المحيطة بها، فكيف إذا كان الأمر يتعلق برئيس الحكومة اللبنانية أثناء توَلّيه المسؤولية".
وفي سياق متّصل، زار المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الاردن مكلّفا من رئيس الجمهورية والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي سبقَ ان أجرى اتّصالاً بالحريري خلال وجوده في المملكة قبل يومين، ومن عمان انتقل ابراهيم الى فرنسا التي وصَلها ليلاً، في سياق مهمّة مرتبطة باستقالة الحريري قد تقود الى جولةٍ اوروبية وربّما الى السعودية.
الراعي
ودخَلت بكركي بقوّة على خطّ الأزمة، حيث يتمّ الرهان على زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى الرياض ولقائه الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، وكذلك لقائه المرتقَب مع الحريري. وقد أجرى الراعي في اليومين الماضيين سلسلة مشاورات، وزار أمس، عون في قصر بعبدا حيث جرت جولة أفق حول الاوضاع الراهنة والتطورات الاخيرة.
وأكّد الراعي لرئيس الجمهورية وقوفَه الى جانبه في جهوده الآيلة الى تخطّي هذه المرحلة الدقيقة، خصوصًا بعد استقالة الحريري، منوّها بالإجماع الوطني حول هذه المساعي، ومؤكّداً على وجوب استثماره في إبعاد كلِّ خطرٍ عن لبنان.
كما كان قد بحث في موضوع زيارة الراعي الى السعودية تلبيةً لدعوة رسمية، فكان توافُق على اهمّية ما ستحمله الزيارة من تأكيد على ضرورة تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية ورفضه الدخولَ في محاورها مع السعي الدؤوب لأن يكون واحة سلام واستقرار وحوار تختبر فيه الثقافات والديانات نموذج العيش معًا والتفاعل الحضاري والوطني.
وبما أنّ جدولَ اعمالِ الزيارة سيتضمن لقاءً مع الحريري، كان تأكيد على انّ سعيَ البطريرك حيال استقالة رئيس الحكومة سيكون مكمّلاً لِما يقوم به رئيس الجمهورية من اجلِ صونِ الوحدة الوطنية وتجنيبِ لبنان المزيدَ من الأزمات.
ومساءً أجرى الراعي سلسلة اتصالات هاتفية كان ابرزها ببرّي، وعرَض معه لأبرز التطورات الاخيرة الى جانب موضوع زيارته الى السعودية، وكان تأكيد على اهمّية العناوين الوطنية ووحدتِها في هذه المرحلة، والتي سيحملها البطريرك في زيارته. كذلك اتصل الراعي بالنائب بهية الحريري وبرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.
"المستقبل"
إلى ذلك، لفت أمس الموقف الذي عبّرت عنه كتلة "المستقبل" النيابية والمكتب السياسي لتيار "المستقبل"، الذي اعتبَر "أنّ عودة رئيس الحكومة اللبنانية الزعيم الوطني سعد الحريري ورئيس تيار "المستقبل" ضرورةٌ لاستعادة الاعتبار والاحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان، وذلك في إطار الاحترام الكامل للشرعية اللبنانية المتمثلة بالدستور واتّفاق الطائف ولاحترام للشرعيتين العربية والدولية.
وأكدت الكتلة والمكتب السياسي "على الوقوف مع الرئيس سعد الحريري ووراء قيادته قلباً وقالباً، ومواكبته في كلّ ما يقرره، تحت أيّ ظرف من الظروف".
المشنوق
كذلك بَرز موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق بالتوازي مع ما أشيعَ عن مبايعةِ بهاء الحريري بدلاً مِن الرئيس الحريري، حيث قال من دار الإفتاء: "هذا كلام يدلّ على جهلِِ وتخَلّف لطبيعة السياسة في لبنان، وليس دليلاً جدّياً على حديثٍ جدّي حول الموضوع"، مشدّداً على أنّ "الأمور في لبنان لا تحصل بالمبايعة بل بالانتخابات، ومن يعمل على هذا المنوال لا يعرف لبنان".
الديار
محور السعودية وإسرائيل مصرّ على ضرب طهران وسحب سلاح حزب الله
ماذا عن السياسة الدفاعية وسلاح المقاومة وكيف يحفظ لبنان سيادته تجاه العدوان
لا يمكن اعتبار دعوة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى السعودية بريئة، فرئيس الحكومة اللبنانية تمت دعوته الى السعودية على استعجال لمقابلة الملك سلمان، واثر وصوله لم يقابل لا ولي العهد محمد بن سلمان ولا الملك بن سلمان، بل لفّ الموضوع الغموض ولا نعرف شيئا عما اذا كان في الإقامة الجبرية او قيد التحقيق او ممنوع من السفر او متهم بالفساد، لكننا نعرف أن أكبر دولة سنية في العالم العربي وعلى أرضها مكة المكرّمة، واعتمادها الدين الإسلامي السنّي الحنيف، وجّهت اكبر عار للطائفة السنيّة في لبنان، عبر اعتقال رئيس حكومة لبنان السنّي في السعودية دون توضيح وعدم قبول أي مراجعة، فلا رئيس الجمهورية اللبناني استطاع الاتصال بالرئيس سعد الحريري، ولا رئيس مجلس النواب، والسعودية لا تقبل وفدا نيابيا ووزاريا ان يزورها لبحث موضوع الرئيس الحريري، والاتصال بالرئيس الحريري على الهاتف مقتصر على السؤال والكلام عن صحته، وينتهي الاتصال دون بحث أي نقطة تتعلق بوضعه.
الموضوع الأساسي فيما قال هو ان لبنان منقسم قسمين، على مستوى الشعب اللبناني وعلى مستوى الحكومة وعلى مستوى الأحزاب السياسية في شأن سلاح حزب الله، كذلك هنالك انقسام عربي تقوده دول الخليج وتلتقي فيه مع إسرائيل وأميركا على سحب سلاح حزب الله والمقاومة، مقابل دول رافضة لذلك، منها ايران ومنها الدول العربية، اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين.
جوهر الموضوع هو، ما هي السياسة الدفاعية في لبنان لمنع أي عدوان إسرائيلي، الجيش اللبناني الذي يعتزّ به الشعب ويحبه ويحضنه ويلتفّ حوله يملك أسلحة تقليدية هي دبابات ومدفعية وناقلات جند وصواريخ كاتيوشيا وكلها اهداف ظاهرة، إضافة الى ألوية وأفواج المغاوير والفوج المجوقل وفوج مغاوير البحر وغيرها. فيما تملك إسرائيل 600 طائرة حربية من طراز "اف -16 " و"اف -15 " ومؤخرا وصلها أحدث طائرة أميركية من طراز اف – 35 وهي أهم طائرة في العالم حاليا، وانضمت الى سلاح جو العدو الإسرائيلي.
واذا قام الجيش اللبناني بنشر دباباته او مدفعيته على طول الحدود اللبنانية الى خط الانسحاب الأزرق مع فلسطين المحتلة من إسرائيل، التي تملك 600 طائرة حربية هي من أهم وأحدث الطائرات الأميركية ومزوّدة بأهم أنواع الصواريخ التي يتم قصفها باللايزر، إضافة الى حصول إسرائيل على 20 طائرة هي اهم طائرة في العالم صنعتها اميركا وهي "اف – 35"، ويصل مداها الى ايران اذا تزودت بالوقود في الجو ولدى إسرائيل القدرة على ذلك. وقام الجيش اللبناني بوضع خطة دفاعية للدفاع عن أرض لبنان في جنوبه على حدود فلسطين المحتلة من إسرائيل. وقامت اركان الجيش اللبناني بنشر الدبابات والالوية وحفرت الخنادق لوضع الدبابات والمدفعية والكاتيوشيا، والسؤال موجّه الى قائد الجيش العماد جوزف عون الذي هو ضابط ميداني قتالي مغوار ولديه الخبرة العسكرية الكاملة في فهم السياسة الدفاعية عن لبنان في وجه إسرائيل.
هل ان الجيش اللبناني قادر على ردع إسرائيل، طالما ان الجيش اللبناني لا يملك صواريخ ارض – جو تمنع الطائرات الإسرائيلية من قصف كامل اهداف الجيش اللبناني الظاهرة وهل لدى الجيش اللبناني القدرة على حماية وزارة الدفاع والثكنات العسكرية اللبنانية من القصف الإسرائيلي بالطيران الحربي طالما ان لبنان لا يملك صواريخ ارض – جو، تمنع الطائرات الإسرائيلية من قصف الأهداف العسكرية اللبنانية التابعة للجيش اللبناني، كذلك قصف البنية التحتية في لبنان من محطات كهرباء ومياه وسدود وجسور وطرقات ومستشفيات ومعامل وغيرها.
نترك الجواب لحضرة قائد الجيش العماد جوزف عون، لكن العماد جوزف عون سيقول بصراحة انه بغياب وجود صواريخ ارض – جو تمنع الطائرات الإسرائيلية من قصف الأهداف اللبنانية العسكرية والبنية التحتية لا يمكن للجيش اللبناني ردع إسرائيل عن العدوان على لبنان. لقد حاول لبنان اثناء وجود العماد السابق جان قهوجي قائد الجيش السابق أيضا، محاولة شراء صواريخ ارض – جو من كل دول العالم، ولم تقبل أي دولة في العالم بيعنا صواريخ ارض – جو متطورة لمنع الطيران الإسرائيلي من القدرة على قصف الأهداف اللبنانية كلها على مساحة لبنان. وعبثا حاول لبنان عبر اتصالاته مع الولايات المتحدة ومع روسيا ومع بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكل دول العالم ولم يستطع الحصول على صواريخ ارض – جو لردع الطيران الإسرائيلي الذي حجمه 600 طائرة مقاتلة من قصف الأهداف اللبنانية، وستكون الدبابات اللبنانية في جنوب لبنان، تحت رحمة الصواريخ الإسرائيلية من الطائرات الحربية وستكون الأهداف العسكرية اللبنانية المنتشرة في جنوب لبنان تحت رحمة صواريخ التفجير الكبرى التي تملكها إسرائيل وتقصفها طائرات الـ اف – 15 الأميركية الصنع وطائرات الـ اف – 16 المتطورة ومن صنع أميركي، فيما لبنان يعتبر نفسه انه قام بإنجاز كبير عندما اشترى 12 طائرة اسمها سوبر توناكو هي من جيل الحرب العالمية الثانية وليست نفاثة بل مروحية رغم انها تستطيع التحليق على 30 الف قدم وتملك اللايزر لكنها ليست شيئا امام الطائرات الإسرائيلية، بل يمكن تدميرها في الجو خلال ثوان من قبل سلاح الجو الإسرائيلي، وكل ذلك نتيجة الدعم الأميركي المطلق للجيش الإسرائيلي كي يتفوّق على كامل الدول العربية مجتمعة وجيوشها.
سنة 1983 نشأت المقاومة اللبنانية وبدأت بتحرير الجنوب اللبناني اثر العدوان الإسرائيلي سنة 1982، والذي اجتاح لبنان واحرق العاصمة بيروت، عاصمة الدول العربية كلها، واهم عاصمة في التاريخ. وبدأت تقاتل الجيش الإسرائيلي، واعتمدت سياسة الوحدات الصغيرة المؤلفة من 8 عناصر او 7، مع تجهيزهم بصواريخ مضادة للمدرعات ووقتها كان السلاح هو ار.بي.جي. ولم تكن المقاومة تملك صواريخ كورنر – اس التي حصلت عليها من سوريا وايران وهي من صنع روسيا وبدأت الحرب ضد إسرائيل وحفرت الانفاق على كامل أراضي جنوب لبنان وعندها لم يعد يستطيع الطيران الإسرائيلي قصف الانفاق لان مجاهدي حزب الله لا يظهرون وليسوا هدفا ظاهرا للطائرات الإسرائيلية وبالتالي انعدم التفوق الإسرائيلي على المقاومة اللبنانية. وخلال 18 سنة من القتال الحقت المقاومة اللبنانية بالجيش الإسرائيلي افدح الخسائر حتى انسحب العدو الإسرائيلي من جنوب لبنان بهزيمة كبيرة تاركا وراءه كل عناصر جيش لحد الذين قاتلوا مع الجيش الإسرائيلي ضد المقاومة، ومع ذلك لم ينتقم حزب الله من هؤلاء العملاء، بل تم احالتهم الى المحكمة العسكرية ونالوا احكاما مخفّضة جدا، ولم يحتجّ حزب الله على تلك الاحكام العسكرية، لانه ليس هدفه الانتقام ممن خضع للاحتلال الإسرائيلي واصبح عميلا عند جيش لحد بل هدفه مقاتلة الجيش الإسرائيلي مباشرة.
السؤال هو، صدر عن مجلس الامن القرار 425 بانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان غير المشروط وانهاء الاحتلال لجنوب لبنان، فلم تفعل الدول الـ 5 الدائمة العضوية في مجلس الامن أي شيء، وتركت اهل الجنوب تحت الاحتلال الإسرائيلي وفي سجن الخيام وفي سجون عديدة ومضطهدين، والسؤال هو، ماذا فعلت السعودية بكل ثقلها ونفطها واموالها وعلاقتها مع اميركا وخضوعها لها، وعلاقتها مع بريطانيا وفرنسا من اجل مساعدة الشعب اللبناني على تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي.
السعودية ودول الخليج لم يفعلوا أي شيء، حتى انهم لم يقدموا أي مساعدة للمقاومة اللبنانية، وسكتوا عن الاحتلال الإسرائيلي، واستطاعت المقاومة دون دعم دول الخليج والدول العربية باستثناء سوريا وايران تحرير الجنوب اللبناني، واجبار إسرائيل على الانسحاب تحت هزيمة كبرى.
السعودية التي تطالبنا مع اطراف لبنانية بسحب سلاح حزب الله، نسألها، اذا تم سحب سلاح حزب الله وتخلت المقاومة عن سلاحها، فمن يضمن حماية المجاهدين من المقاومة الذين قاتلوا اسرائيل، وما الذي سيمنع إسرائيل من القيام بعمليات عسكرية ضد قادة المقاومة والمجاهدين على مدى لبنان في جنوبه، وبقاعه الشمالي والشرقي حتى الحدود السورية. كذلك ماذا سيمنع إسرائيل من القيام بقصف صاروخي بالطوافات لمراكز كانت للمقاومة. ولماذا تعتبر السعودية ان إسرائيل حسنة النية وتثق بها السعودية كل هذه الثقة كي تطالب بسحب سلاح المقاومة دون ان تتحدث في أي شيء عن ترسانة الأسلحة الإسرائيلية التي توازي ترسانة الجيش الفرنسي بكامله.
نسأل السعودية ودول الخليج، لماذا لهم هذه الثقة بإسرائيل بأنها لن تقوم بعدوان آخر على لبنان وتطالب بسحب سلاح المقاومة، والسؤال أيضا هل إسرائيل دولة سلام ام دولة حرب وإرهاب وارتكاب مجازر وضرب العرب، إسرائيل اغتصبت فلسطين وارتكبت المجازر في ظل الانتداب البريطاني وإسرائيل قامت على الحرب تلو الحرب ضد العرب واحتلت أراضيهم وشرّدت الشعب الفلسطيني، وحتى هذه اللحظة ترتكب المجازر ضد الشعب الفلسطيني، وفي آخر عدوان على غزة قتلت الفي شهيد من أهالي غزة وجرحت 10 آلاف مواطن من أهالي غزة، مع العلم ان مليونين ونصف من الشعب الفلسطيني يعيشون محاصرين في غزة والمعابر مغلقة عليهم سواء من ناحية إسرائيل وشبه مغلقة عليهم من جهة مصر، والكهرباء منقطعة عنهم، ولا يحق لهم بالصيد في البحر بمسافة اكثر من 10 كيلومتر، ومساحة غزة 330 كلم، ومع ذلك لم تحتج الدول العربية وعلى رأسها السعودية على العدوان الإسرائيلي والمجزرة التي ارتكبتها ضد غزة. لم تقل كلمة واحدة السعودية، لم تقل ان إسرائيل دولة حرب وارتكاب مجازر، بل سكتت كليا وتركت الشعب الفلسطيني ضحية ترسانة الجيش الإسرائيلي المدمرة لكن غزة صمدت وسنتكلم لاحقا عن صمودها.
إسرائيل لديها اسرى لبنانيين محكومين بالمؤبّد في السجون الإسرائيلية، ومعاملتهم سيئة للغاية، واعلن حزب الله انه سيحرر الاسرى اللبنانيين، وأعطى الوعد بذلك. وقامت مجموعة صغيرة من حزب الله باعتراض دورية إسرائيلية وخطف جنديين إسرائيليين، ثم اشتبكت المجموعة مع دورية إسرائيلية أخرى والحقت بهم جرحى وقتلى وصل عددهم الى ثمانية. فماذا كان الرد الإسرائيلي على ذلك.
كان الرد الإسرائيلي هو شن حرب شاملة على لبنان، وقصف البنية التحتية في لبنان وقصف الضاحية الجنوبية وتدمير ابنيتها المدنية وقصف قرى الجنوب وقصف الجسور في لبنان وشنّت حربا شاملة على الأراضي اللبنانية. فهل استطاع الجيش اللبناني صدّ الجيش الإسرائيلي، والجواب، ان الجيش اللبناني شجاع وان ضباطه الابطال ورتباءه وجنوده ليس لديهم الأسلحة القادرة على ردع القصف الجوي الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية. كذلك المقاومة ليس لديها صواريخ ارض – جو ضد الطائرات، لكنها كانت تملك 50 الف صاروخ ارض – ارض قصفتهم على الكيان الصهيوني وهزت وجوده ولأول مرة سقطت الصواريخ على المدن الإسرائيلية المغتصبة من إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وقامت المقاومة باستعمال صواريخ المضادة للمدرعات، حتى انها أحرقت 34 دبابة من طراز ميركافا المتطورة جدا الإسرائيلية وظهرت مجزرة دبابات سهل الخيام كذلك الحقت المقاومة عبر حرب الانفاق وعدم الظهور في موقع عسكري يكتشفه الطيران هزيمة بالغة في بلدة مارون الراس على الحدود مع فلسطين المحتلة وعلى مدى القرى الجنوبية بالجيش الإسرائيلي وبلواء بولاني من نخبة الجيش الإسرائيلي وقامت بصد القوات الإسرائيلية والحقت الهزيمة بالجيش الإسرائيلي في حرب تموز 2006.
منذ الحاق الهزيمة عام 2006 بالكيان الصهيوني خططت إسرائيل بضرب محور حزب الله – سوريا – العراق – ايران، وعملت مع دول الخليج وخاصة السعودية على دفع الإدارة الأميركية لفرض اقصى العقوبات على ايران، وقامت إسرائيل مع دول الخليج وأميركا وتركيا بشنّ حرب تكفيرية على سوريا لاسقاط نظام الرئيس بشار الأسد لدعمه المقاومة في حربها ضد العدوان الإسرائيلي الذي حصل سنة 2006 ضد لبنان. واشتركت دول الخليج باعتراف رئيس وزراء قطر السابق حمد آل ثاني، بارسال التكفيريين والسلفيين وداعش وجبهة النصرة الى سوريا والعراق ودفع مبلغ 137 مليار دولار لاسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. ونحن هنا نعترف بأن نظام الرئيس بشار الأسد لم يكن نظاما ديموقراطيا بل نظاما مخابراتيا وظلمت المخابرات السورية الكثير من الشعب السوري، مما أدى الى نقمة لدى الشعب السوري ونزوله الى المظاهرات المدنية في شوارع سوريا كلها، لكن يبقى الأهم والاساس، وهو ان إسرائيل لم تأت لإنقاذ الشعب السوري من المخابرات السورية، بل جاءت إسرائيل مع دول الخليج وأميركا وتركيا لاسقاط نظام الرئيس بشار الأسد لمجرد انه العمق الاستراتيجي لحزب الله وهو الذي قدم أسلحة الصواريخ المضادة للدروع والحق الهزيمة مع حزب الله ضد إسرائيل. وهكذا كي يرتاح الكيان الصهيوني وترتاح دول الخليج من قوة حزب الله قرروا القيام بأكبر مؤامرة ضد سوريا عبر التكفيريين.
ولدى حصول الخطر الكبير على النظام السوري، اندفع حزب الله في قتال شرس الى جانب الجيش العربي السوري ومساعدة إيرانية ودعم روسي مطلق بالطائرات والجنود الروس لصدّ المؤامرة التي اطلقتها اميركا وإسرائيل والسعودية وتركيا ودول الخليج ضد سوريا واستطاع حزب الله القتال بشراسة وصدّ التكفيريين وضربهم ضربة قاضية. أما ما هو حاصل الان فهو ان خطاب رئيس وزراء العدو نتنياهو وخطاب وزير الدفاع الإسرائيلي ليبرمان لا يختلف ابدا عن خطاب محمد بن سلمان ولي العهد السعودي وعن خطاب وزير شؤون الخليج السعودي ثامر السبهان العميل الإسرائيلي الحقير.
اذا قرر لبنان وضع سياسة دفاعية للدفاع عن ارضه وسيادته ضد أي عدوان إسرائيلي، فكيف السبيل الى ذلك طالما ان دول العالم لا تزوّدنا بأسلحة تمنع الطيران الإسرائيلي من قصف الأراضي اللبنانية والبنية التحتية ومراكز الجيش اللبناني المكشوفة كلها. وكيف يمكن الاستغناء عن سلاح المقاومة التي ردعت إسرائيل في حرب 2000 وفي حرب 2006 وتقوم السياسة القتالية لدى حزب الله على المجموعات الصغيرة وحفر الانفاق وعدم إعطاء أي هدف ظاهر للطيران الإسرائيلي وعدم وجود قدرة للطيران الإسرائيلي على كشف مراكز صواريخ حزب الله البعيدة المدى التي ضربت المدن الإسرائيلية وقواعدها العسكرية وغيرها. والان أصبحت المقاومة تملك 100 الف صاروخ قادرة على ضرب الكيان الصهيوني كله. ونعود ونسأل لماذا هذه الحرب السعودية – الخليجية ضد ايران، ولماذا كل هذه الحرب الأميركية والعقوبات الاقتصادية بكل أنواعها ضد ايران، ولماذا تطلب السعودية ودول الخليج من أوروبا فرض اقصى العقوبات على ايران وعلى حزب الله وجعلهم على لائحة الإرهاب ودفع الكونغرس الأميركي الى فرض عقوبات قاسية جدا ضد ايران وضد حزب الله، وبطبيعة الحال ضد سوريا، عبر المؤامرة التي دمرت مدن وبلدات سوريا، والحقت اكبر المجازر عبر التكفيريين بالشعب السوري.
والسؤال هو: ماذا لو حكت ايران – ايران ان حكت وتكلمت لقالت انه فور حصول الثورة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية قامت الثورة الإيرانية بتقديم سفارة إسرائيل الى الشعب الفلسطيني كي تكون سفارته، فكانت النتيجة ان بادلها ياسر عرفات لإيران باتفاق أوسلو مع إسرائيل وإقامة افضل العلاقات معها والتنسيق الأمني لاعتقال أي مجاهد فلسطيني يقوم بعملية في الضفة الغربية او في فلسطين 48، وتسليم الأسماء الى الجيش الإسرائيلي لاعتقالهم، وتسليم لائحة بعناصر حماس والجهاد الإسلامي الى إسرائيل لاعتقالهم وسجنهم او قتلهم. هكذا كانت مبادلة القيادة الفلسطينية المستسلمة لخطوة ايران بدعمها للشعب الفلسطيني وتقديم سفارة إسرائيل له كسفارة لفلسطين. ايران لو حكت وتكلمت لقالت ان العالم العربي انهار امام إسرائيل، وقام بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد، ورُفع العالم الإسرائيلي في القاهرة، كذلك سقط النبض العربي من خلال اتفاق وادي عربة عبر اتفاق سلام بين الأردن وإسرائيل وتم رفع العلم الإسرائيلي في قلب عمان عاصمة الأردن.
كذلك انحصرت قيادة السلطة الفلسطينية الى رام الله، وحاصرتها القوات الإسرائيلية لمدينة رام الله، وقصفتها بالدبابات ثم قامت بتسميم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وقتلته بالسمّ. وذلك عبر عملاء فلسطينيين قد يكون منهم محمد دحلان وزوجة ياسر عرفات سهى التي جاءت 3 أيام من فرنسا لزيارة ياسر عرفات وعادت بعد 3 أيام فورا الى فرنسا. وهذه معلومات ليست مؤكدة الا ان مصدر مصري نسبت اليه صحيفة اخبار اليوم المصرية هذه المعلومات. ايران ان حكت لقالت ان العالم العربي خضع لإسرائيل، وان تكلمت ايران وحكت الحقيقة لقالت انها قدمت الى غزة مئات الصواريخ، لا بل آلاف الصواريخ لتدافع عن نفسها في وجه الحصار الإسرائيلي والعدوان الإسرائيلي، وهل غزة منطقة شيعية ام سنيّة، وكيف يمكن اتهام ايران بأنها تدعم الشيعة فقط وهي تقوم بدعم غزة بشعبها السنّي ودعم الشعب الفلسطيني كله واكثريته من الطائفة السنيّة. ايران ان حكت وتكلمت لقالت انه فور وقوع الثورة الإسلامية في ايران وصل اليها بعد أسبوع اللواء المرحوم محمد ناصيف، واجتمع مع وزير الدفاع الإيراني وكانت ايران في فوضى كبيرة، وقد ارسل الرئيس الراحل حافظ الأسد اللواء محمد ناصيف الى طهران وقال له ابدأ باتصالاتك مع المسؤولين الإيرانيين وكان جواب وزير الدفاع الإيراني انه رغم الثورة والفوضى في ايران فايران تسأل سوريا وتوجه رسالة الى الرئيس الراحل حافظ الأسد ماذا تطلب سوريا من أسلحة من ايران ومن ترسانة السلاح الذي تركه شاه ايران بعد سقوط عرضه لتقدمه الى سوريا كي تكون سوريا قوية في وجه إسرائيل. رحم الله اللواء محمد ناصيف، ورحم الله الرئيس الخالد والقائد حافظ الأسد، وهم يملكون المعلومات وايران تملك المعلومات، لكن ايران لا تحكي ولا تتكلم، ولا تتبجّح لانها قدمت كل الدعم لكي ينهض النبض العربي ويعود العالم العربي قويا في وجه إسرائيل. لو حكت ايران لقالت الحقيقة وهي انها دعمت المقاومة اللبنانية بالسلاح وبمليارات الدولارات رغم ان اقتصادها ليس بألف خير، وانها محاصرة من أوروبا وخاصة من الولايات المتحدة وتخضع لأقصى العقوبات ومع ذلك قدمت دون تردد لحظة واحدة المليارات للمقاومة اللبنانية لدفع رواتب زهيدة للمجاهدين المؤمنين من المقاومة اللبنانية للقتال ضد إسرائيل. وإذ نقول رواتب زهيدة فلأن المجاهدين يرفضون قبول رواتب عالية، بل ان ايمانهم بالقضية يساوي عندهم كل أموال الأرض.
وقدمت ايران السلاح للمقاومة اللبنانية كي تلحق الهزيمة بإسرائيل في حرب 2006، وقدمت للمقاومة اللبنانية حاليا 100 الف صاروخ ارض – ارض قادرة على ضرب الكيان الصهيوني على مدى فلسطين المحتلة كلها، لا بل ان ايران وإسرائيل تعرف ان الخطر الجديد اصبح واقعا، وهي ان ايران فتحت الجبهة الثانية وهي غير الحدود والأرض اللبنانية ضد إسرائيل، بل اقامت واعطت المقاومة 100 الف صاروخ جديد وتم نصب الصواريخ على كامل الأراضي السورية حيث سيطر الجيش العربي السوري وحزب الله وجنود إيرانيين مع جنود من روسيا وأصبحت إسرائيل امام جبهتين فالصواريخ التي ستضرب إسرائيل ستنطلق من لبنان ضد الكيان الصهيوني كذلك ستنطلق الصواريخ التابعة للمقاومة من كامل الأراضي السورية، وباتت إسرائيل والكيان الصهيوني امام جبهتين، وبات على الطيران الإسرائيلي لا ان يقصف فقط 10 الاف كيلومتر مساحة لبنان، بل بات عليه ان يقصف 200 الف كيلومتر هم مساحة سوريا ولبنان، وعندها يصبح الطيران الإسرائيلي دون فاعلية كبرى نظرا للجبهتين اللبنانية والسورية التي ستنطلق منها الصواريخ البعيدة المدى ضد الكيان الصهيوني، وهذه المرة لا رحمة في القصف بالصواريخ على الكيان الصهيوني بل ان تل ابيب ستكون الهدف الأول ومطار بن غوريون الهدف الأول، وميناء حيفا الهدف الأول، والمدن الإسرائيلية الهدف الأول والمطارات الإسرائيلية العسكرية الهدف الأول والمدن الإسرائيلية كلها الهدف الأول، واننا على ازدياد باستلام الصواريخ من ايران، لكي يصبح لدى المقاومة 300 الف صاروخ ينطلقون من سوريا ومن لبنان ضد الكيان الصهيوني. وسيهتز الكيان الصهيوني من جذوره، والسؤال هو ماذا لو حكت ايران، لو حكت ايران وتكلمت لقالت انها هي التي خططت للجبهتين في سوريا ولبنان ضد إسرائيل ودعمت المقاومة اللبنانية والجيش العربي السوري بأسلحة جديدة وان اللواء قاسم سليماني من الحرس الثوري الإيراني، قاد المعركة لتحرير حلب، وان اللواء قاسم سليماني بالأمس قام باحباط انفصال دولة كردستان عن دولة العراق الاتحادية واستقال مسعود البرازاني وخضعت كردستان للحكومة الاتحادية العراقية وذلك بفعل الحركة الإيرانية وقوة ايران وضغط ايران ودور اللواء قاسم سليماني من الحرس الثوري وعاد العراق موحدا وقويا إضافة الى الحاق الهزيمة الكاملة بداعش، وها ان ايران لو حكت وتكلمت لقالت ان الدعم الإيراني أوصل الجيش السوري والجيش العراقي الى الحدود المشتركة بين العراق وسوريا وفي مدينة البوكمال واصبح الجيش السوري والعراقي جيش واحد لكن ايران لا تتبجح ولا تتكلم، ودائما السؤال ماذا لو حكت ايران. ايران في ظل العقوبات الاقتصادية القاسية، في ظل اقتصادها الذي يمر بأزمة كبيرة، دعمت بكل ثقلها النبض العربي واعادت القسم الكبير من العالم العربي الى قوته ضد إسرائيل ولم تعد إسرائيل تهيمن على العالم العربي كما أراد الخليج العربي والدول التي وقّعت اتفاقيات سلام او استسلام مع إسرائيل وها هي ايران تقدّم كل الدعم للشعب اليمني الذي يتعرّض لأبشع حرب من قبَل السعودية جعلت الشعب اليمني كله تحت خط المجاعة بالإضافة الى دمار شامل طال كل البنى التحتية.
وماذا طلبت ايران بالمقابل، روسيا دعمت سوريا بالطيران وبقوة من الجنود عددها قليل فطلبت قاعدة عسكرية بحرية في سوريا وطلبت قاعدة جوية عسكرية في سوريا، فهل طلبت ايران مع كل دعمها لسوريا مركزا عسكريا واحدا في سوريا. ايران التي دعمت المقاومة اللبنانية عبر تحرير الجنوب والحاق الهزيمة بإسرائيل سنة 2006، هل طلبت مطلبا من لبنان ام عرضت عليه تقديم السلاح مجانا لجيشه، ومع ذلك رفض المسؤولون. ايران ان حكت وتكلمت لكانت تنتظر من الرئيس اللبناني ان يزورها كما قام بأول زيارة خارجية للسعودية، وحتى الان لم يقم بزيارة ايران مراعاة لدول الخليج ومراعاة للرئيس سعد الحريري المرتبط بالسعودية مباشرة. هؤلاء المطالبون بسحب سلاح المقاومة، لماذا لديهم هذه الثقة بالنوايا الحسنة الإسرائيلية، ولماذا يعتبرون إسرائيل دولة سلام وتاريخ إسرائيل كلها حرب مجازر ودمار وخراب واحتلال أراض عربية.
لماذا تطلب أحزاب لبنانية والسعودية ودول الخليج وأميركا تلبية طلب إسرائيل بسحب سلاح المقاومة ويعتبرون ان إسرائيل دولة لا تريد الهيمنة على الدول العربية والسيطرة عليها والقيام بعدوان تلو عدوان. المطالبون بسحب سلاح المقاومة، لماذا لا يعودون الى خطاب الرئيس الأميركي الابن بوش، الذي قال بمبدأ الدولتين، الدولة الإسرائيلية والدولة الفلسطينية فماذا فعلت إسرائيل بالدولة الفلسطينية المقترحة، هل تم تنفيذ القرار الأميركي بدولتين، دولة إسرائيلية ام دولة فلسطينية، ام ان إسرائيل اسقطت هذه المقولة واقامت اكثر من 63 مستوطنة في الضفة الغربية حيث المطلوب إقامة الدولة الفلسطينية، وزرعت فيها عبر اغتصاب الأراضي الفلسطينية وإقامة المستوطنات 650 الف مستوطن إسرائيلي في قلب الضفة الغربية، هي تصادر الأراضي الفلسطينية وبساتين الزيتون والليمون والأراضي الزراعية الفلسطينية وتمنع المياه عن الزراعة الفلسطينية، ومع ذلك لدى السعودية ودول الخليج وأحزاب لبنانية كامل الثقة بأن إسرائيل دولة سلام وان الخطر الكبير يأتي من سلاح حزب الله ومن سوريا ومن دعم ايران للنبض العربي كي يقوم ويرتفع في وجه العدو الإسرائيلي ويلحق به الهزيمة.
قبل كل شيء نطالب بوضع سياسة دفاعية للحفاظ على السيادة اللبنانية، واذا تم وضع سياسة دفاعية لبنانية قادرة على صد عدوان إسرائيلي فاليوم نطالب بسحب سلاح المقاومة وليس غدا. اما اذا لم يكن هنالك سياسة دفاعية قادرة على ردع إسرائيل عن العدوان على لبنان فنحن متمسكون بسلاح حزب الله وعلى الأطراف اللبنانية ان تلتزم السياسة الدفاعية التي تقدمها قيادة الجيش اللبناني بطلب من مجلس الدفاع الأعلى برئاسة فخامة الرئيس ميشال عون. ومجلس الدفاع الأعلى يضم تقريبا رئيس الحكومة والوزراء الذين يمثلون معظم الأطراف، إضافة الى المسؤولين العسكريين والامنيين داخل مجلس الدفاع الأعلى، هذا من ناحية السياسة الدفاعية. اما من ناحية الثقافة العربية، على الأقل لمرحلة 50 سنة مقبلة، فهل يجب ان نصدق ونعتبر ان إسرائيل دولة سلام ام هي دولة حرب تريد العالم العربي كله مجرد من السلاح ويقع تحت هيمنتها وتملك في ذات الوقت إسرائيل اكبر ترسانة عسكرية أميركية من كل أنواع الأسلحة إضافة الى تقديم الإدارة الأميركية لإسرائيل 5 مليارات و500 مليون دولار دعما ماليا عسكريا للجيش الإسرائيلي.
لقد اقتنعنا ان السعودية دولة عميلة لإسرائيل، واقتنعنا ان بعض دول الخليج عميلة لإسرائيل، واقتنعنا ان دول عربية أخرى تخلت عن القضية العربية ووقّعت اتفاقات سلام او استسلام مع إسرائيل ورفعت العلم الإسرائيلي في عواصمها. ولقد اقتنعنا ان المقاومة اللبنانية هي الرادع الحقيقي لاي عدوان إسرائيلي، وان المقاومة اللبنانية أصبحت اقوى من خلال نصب صواريخها ارض – ارض في الأراضي اللبنانية ضد إسرائيل، واقامت بالاتفاق مع الجيش العربي السوري جبهة جديدة ونصبت 100 الف صاروخ على الأراضي السورية لاطلاقها على الكيان الصهيوني، إضافة الى 100 الف صاروخ على الأراضي اللبنانية.
ونحن مقتنعون بأن الرئيس بشار الأسد سلّم المقاومة اللبنانية صواريخ كورنت المضادة للمدرعات من مخازن الحرس الجمهوري السوري وهي لم يتم استعمالها من قبل. ونحن مقتنعون بأن العراق سيكون عاد الى النبض العربي وانه سيكون العمق الاستراتيجي لأي حرب إسرائيلية على المشرق العربي.
ونحن مقتنعون بأن ايران اعادت النبض العربي المقاوم لإسرائيل، وان ايران دولة لديها جالية يهودية ووجود ارمني كبير ووجود مسيحي كبير وتحافظ على حقوقهم كمواطنين إيرانيين مثل بقية المواطنين.
وان ايران اعادت النبض العربي المقاوم بعدما كاد ان يسقط منذ اتفاقات كامب ديفيد الى اتفاق أوسلو. ايران ان حكت لقالت كم دعمت النبض العربي ضد إسرائيل، لكن ايران لا تتبجّح ولا تقوم بتربيح الجميل لاحد، بل ان ايران تريد القدس محررة، وتريد المصلّين ان يصلوا في المسجد الأقصى، وتريد المسيحيين ان يصلوا في كنيسة القيامة وان يصلوا على طريق الجلجلة في جبل القدس حيث إسرائيل تمنع السياحة على طريق الجلجلة وتحيط بالاسلاك الشائكة كنيسة القيامة لمنع السياحة الأجنبية عليها، وخاصة المسيحية. الفرح كل الفرح ان النبض العربي المقاوم لإسرائيل قد عاد، وانه يسجل الانتصارات، وانه يسقط المؤامرة في سوريا من قبل التكفيريين والداعشيين المدعومين من دول الخليج وأميركا وإسرائيل، وان العراق قوي بوحدته، وعاد الجيش العراقي الى قوته الحقيقية وألحق اكبر هزيمة بالمنظمات التكفيرية كما فعل الجيش العربي السوري والآن يحتفل الجيش السوري والعراقي باللقاء على الحدود العراقية – السورية.
هذه هي أمتنا، هذا هو شعبنا، الرافض للخضوع للهيمنة الإسرائيلية وللعدوان الإسرائيلي، ومشروعنا طويل، وهو استراتيجي، واذا كانت السعودية مصابة بالجنون عبر قراراتها في حرب اليمن وفي درع الجزيرة حيث الشعب المظلوم في البحرين وحيث اطلاق الحصار على قطر وحيث ارسال التكفيريين الى سوريا بعشرات الآلاف لاسقاط النظام السوري المقاوم. ونحن فرحون جدا بقوة المقاومة اللبنانية في ردع إسرائيل، ولا نرى ان حزب الله، الا حزب مقاوم، واذا نظرنا الى حقيقة الأمور فهل نرى وجود لحزب الله او أي اعتداء ضمن بيروت عاصمة لبنان. ألا نرى القرى المسيحية في جنوب لبنان مرتاحة وتعيش استقراراً كاملاً، ألا نرى ان المنطقة من جزين مرورا بالساحة الدرزية والجبل لا وجود لحزب الله فيها، ألا نرى ان المتن الجنوبي والمتن الشمالي وكسروان وجبيل والبترون والكورة وزغرتا وبشري لا يتعاطى فيها حزب الله بأي شأن والمواطنون مرتاحون في ظل الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي.
ونسأل، هل حزب الله له وجود في طرابلس والمنية والضنية وعكار والمنطقة السنيّة الكاملة في شمال لبنان، والجواب طبعا لا. فلماذا الحملة على سلاح حزب الله، طالما انه موجّه ضد إسرائيل وطالما انه موجّه ضد المخطط السعودي – الصهيوني – الأميركي، وذلك بتجريد المقاومة من سلاحها، وتطمين إسرائيل وإزالة أي خطر عنها، وجعلها تهيمن وتقوم بالاعتداءات والعدوان على لبنان وبقية الدول العربية. نحن أمّة خسرت معركة ولم تخسر الحرب، واذا كانت قد خسرت في الماضي حروبا ضد الكيان الصهيوني فأمتنا عاد اليها النبض العربي وأمتنا أعادت دولة الحرب والاغتصاب والعدوان ومجازر إسرائيل الى حجمها وخوفها ورعبها من نهضة شعبنا وأمتنا. الحمدلله لربّ العالمين والمجد لشهدائنا وكل من قاتل في وجه مؤامرات العدو الصهيوني مع السعودية وأميركا. وانتصارنا آتٍ لا محالة، مهما حاولت إسرائيل والسعودية وأميركا من شنّ حروب علينا واعتقال رئيس وزراء لبنان السنّي من اكبر دولة سنيّة عربية ومهما قام هذا الوزير العميل السعودي ثامر السبهان بالتهديدات فكل ذلك تفاصيل، اما الأساس فنهضة أمتنا وعودة النبض العربي في وجه إسرائيل.
اللواء
الأزمة تتصعَّد: دول الخليج تُجلي رعاياها من لبنان
"المستقبل" تطالب بعودة الحريري .. وموقف لعون اليوم يسابق الإتصالات الدولية
بعد أسبوع على استقالة الرئيس سعد الحريري اتخذ الموقف مساراً انحدارياً، بالغ الخطورة، تمثل بكلام ومواقف وإجراءات بالمقابل، تمثلت بإجراءات خليجية جديدة، إذ دعت المملكة العربية السعودية ودولة الكويت مواطنيها إلى مغادرة لبنان وعدم السفر إليه، في خطوة ادرجت في إطار التصعيد، وفي سياق عبر عنه وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان، عبر تغريدة جديدة عبر حسابه على "التويتر" إذ قال: "كل الإجراءات المتخذة تباعاً، وفي تصاعد مستمر، ومتشدّد، حتى تعود الأمور لنصابها الطبيعي".
وربطت مصادر مطلعة بين إجراءات منع الرعايا المجيء إلى لبنان ومغادرته على الفور والتي انضمت إليها دولة الإمارات العربية المتحدة بتذكير مواطنيها، عبر بيان لوزارة الخارجية والتعاون الدولي بضرورة الالتزام الكامل بعدم السفر إلى لبنان من دولة الإمارات أو من أية وجهة أخرى، وصدور بيان، عن كتلة المستقبل والمكتب السياسي لتيار المستقبل، بعد اجتماع مشترك في "بيت الوسط" برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، جاء فيه "إن عودة رئيس الحكومة اللبنانية الزعيم الوطني سعد الحريري ورئيس تيار المستقبل ضرورة لاستعادة الاعتبار والاحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان، وذلك في إطار الاحترام الكامل للشرعية اللبنانية المتمثلة بالدستور واتفاق الطائف وللاحترام للشرعيتين العربية والدولية".
وعلى الفور صدر بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية انه "بالنظر إلى الأوضاع في الجمهورية اللبنانية، فإن المملكة تطلب من رعاياها الزائرين والمقيمين في لبنان مغادرته في أقرب فرصة ممكنة، كما ننصح المواطنين بعدم السفر إلى لبنان من أي وجهة دولية".
وبعد ذلك بقليل، نقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن مصدر في الخارجية انه "نظراً إلى الأوضاع التي تمر بها جمهورية لبنان الشقيقة، وتحسباً لأية تداعيات سلبية لهذه الأوضاع، وحرصاً منها على أمن وسلامة مواطنيها، فإنها تطلب من كافة المواطنين الكويتيين المتواجدين حالياً في لبنان المغادرة فوراً، داعياً (اي المصدر) إلى عدم السفر إلى جمهورية لبنان الشقيقة.. متمنياً تجاوز هذه المرحلة الصعبة بما يحقق أمنهم واستقرارهم".
وكانت مملكة البحرين أعلنت الأحد الماضي ان على جميع مواطنيها المتواجدين في لبنان المغادرة على الفور مع توخي أقصى درجات الحذر والحيطة.
وأعلنت شركة الطيران الكويتية جهوزيتها لنقل الرعايا الكويتيين من لبنان. وجاء في بيان الشركة: "غيرنا الطائرة المتجهة إلى بيروت صباح غد الجمعة لتصبح بسعة 330 مقعداً بدلاً من 130 ليتسنى نقل الكويتيين من هناك بالسرعة الممكنة، ومستعدون لتسيير رحلات غير مجدولة عند طلب الجهات الرسمية".
ومع البيان الذي صدر عن مسؤول كبير ونقلته وكالة "رويترز" بعد ظهر أمس "ان لبنان يعتقد ان السعودية تحتجز رئيس وزرائه سعد الحريري"، واننا سوف نعمل مع الدول على اعادته إلى بيروت صوناً لهذه الكرامة، اتخذت الاستقالة بعداً دولياً، مع معلومات ان الرئيس ميشال عون أوفد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تحادث هاتفياً مع الرئيس الحريري أمس الأوّل في الرياض، والذي توجه في وقت لاحق (أي اللواء ابراهيم) إلى باريس التي وصل رئيسها عمانويل ماكرون إلى المملكة العربية السعودية، والتقى ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان.
في وقت أعلن السفير الروسي في بيروت زاسبكين انه إذا استمر الغموض بشأن قضية الرئيس الحريري قد نطرح الملف على مجلس الأمن.
وفيما ترددت مواقف خليجية من ان الرئيس الحريري لن يعود إلى دولة (لبنان) تحكمها دويلة (حزب الله)، كشف النائب في كتلة المستقبل عقاب صقر ان الترتيبات تجري لعودة آمنة إلى لبنان برعاية المملكة العربية السعودية.
في هذا الوقت سارع الرئيس السنيورة ومن صيدا إلى توضيح بيان الكتلة والمكتب السياسي (والذي فسّر خطأ انه تصعيدي بوجه المملكة)، وقال: البيان لم يكن تصعيدياً بوجه السعودية فهي كانت ولا يزل لها دور كبير في تعافي لبنان من كل المحطات الصعبة، التي مر بها ولها اياد بيضاء..
واضاف: "هناك من يقول ان عددا من الأنشطة العسكرية التي يقوم بها حزب الله في سوريا والعراق والبحرين والكويت واليمن وغيرها والتي تعادي مصالح الأمة العربية ومصالح العرب .. لذلك كان المقصود من بيان الكتلة تصويب البوصلة بشكل واضح وصريح حتى نستعيد التوازن الخارجي في علاقة لبنان مع العالم العربي ومع العالم، التوازن بهذا الشأن هو العودة الى الشرعية العربية ونظام المصلحة العربية، فالمدى الحيوي للبنان واللبنانيين هو بعلاقتهم مع الدول العربية بدءا بالمملكة العربية السعودية.
مشاورات دبلوماسية
رسمياً، وبحسب مصادر قصر بعبدا، فإن الرئيس عون يعوّل أهمية كبيرة على المشاورات التي يستكملها اليوم، بلقاء السفراء العرب وسفراء مجموعة الدعم الدولية للبنان، باعتبارها خطوة، يمكن ان تساعد تحركه لحل أزمة إعلان الرئيس الحريري استقالته لا سيما بعدما تبين بعدها الخارجي.
وقالت هذه المصادر ان الرئيس عون سيطلب من السفراء العرب والدوليين المساعدة في جلاء غموض وضع الرئيس الحريري الذي يتمتع بحصانة دبلوماسية، في ضوء المعلومات التي نقلتها وكالة "رويترز" عن مسؤول كبير في الحكومة اللبنانية وصفته "بالكبير" من ان "لبنان يعتقد ان السعودية تحتجز الرئيس الحريري"، وأن لبنان "يتجه إلى الطلب من دول أجنبية وعربية الضغط على السعودية لفك احتجاز رئيس الحكومة"، معتبراً أن الاستقالة ليست قائمة، وأن سعد الحريري ما يزال رئيس الحكومة".
ومع ان مصادر القصر لم تشأ تبني ما نقلته "رويترز"، واكتفت بالتأكيد بأن الرئيس عون ليس في وارد إصدار أي قرار قبل جلاء الملابسات واستيضاح الأمور من الرئيس الحريري، الا انها كشفت بأن أي تواصل بينهما لم يسجل منذ الاتصال الأخير بينهما يوم الأحد الماضي، حيث سأل رئيس الجمهورية الرئيس الحريري عن موعد عودته فقال له الاخير: "في غضون ايام"، ولاحقاً أفاد من التقى الرئيس عون انه خرج بإنطباع عن انزعاج رئاسي من الموضوع، وأن الرئيس عون سأل عن الأسباب التي تحول دون اجراء اتصال آخر به، أو إرسال رسالة، ما عزّز الشعور بأن الرئيس الحريري محتجز، وفي هذه من البديهي، بحسب ما تضيف المصادر، ان يطلب الرئيس عون من السفراء جلاء غموض بقاء الحريري في السعودية، خاصة وأن مكتبه الإعلامي أفاد انه التقى أمس وخلال الأيام الماضية دبلوماسيين اوروبيين، وبالتالي فإن هؤلاء لا بدّ وانهم نقلوا إلى بلدانهم تقارير عن وضع رئيس الحكومة اللبنانية، إضافة إلى ان الرئيس الحريري يتمتع بحصانة دولية بموجب اتفاقية فيينا، ولا يجوز ان يعامل وكأنه "محتجز".
مسعى فرنسي
ولا تستبعد مصادر دبلوماسية ان تكون الحركة اللافتة للانتباه، والتي قام بها السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، في اتجاه قصر بعبدا إلى جانب الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، تعني ان بلاده دخلت على خط معالجة الأزمة، بالتزامن مع وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى الرياض مساء أمس، حيث ترددت معلومات ان المسعى الذي يقوم به يلقى دعماً اميركياً غير خفيّ ويشمل الشأنين اليمني واللبناني.
وبحسب هذه المصادر، فإن الوساطة الفرنسية التي تزامنت مع حركة للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي وصل إلى باريس أمس بعد لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأردن ستتناول أهمية العودة إلى تحييد لبنان عن أي نزاع إقليمي، وربما احياء التسوية الرئاسية ولكن على أسس جديدة ترتكز على إضفاء نوع من الضمان الفرنسي لعدم انجرار لبنان إلى أي محور في مقابل تليين بعض الشروط والمواقف، والاهم ابعاد احتمال أي تصعيد عسكري داخلي أو خارجي قد تطال شراراته مجمل الإقليم.
الراعي في الرياض
وأكدت المصادر ان قرار البطريرك الماروني بشارة الراعي القيام بزيارة السعودية يوم الاثنين المقبل، يصب أيضاً في هذا الاتجاه، أي اتجاه تحييد لبنان عن الصراع الإقليمي، خاصة وأن مصادر قصر بعبدا تحدثت أمس، وبعد زيارة الراعي للرئيس عون عن تكامل وتنسيق بين الرجلين اللذين قالا انهما يرغبان في إيصال رسالة للمسؤولين السعوديين مفادها ان لبنان لا يقبل ولا يرغب ولا يريد ان تكون بيروت ساحة صراع إيراني – سعودي، أو أي ساحة لأي صراع.
وكشفت المعلومات ان الراعي كان يتريث في المضي في تلبية الدعوة السعودية لزيارة الرياض، كأول بطريرك ماروني يزور المملكة، ولا سيما بعد إعلان الحريري استقالته، والملابسات التي أحاطت بهذه الخطوة، إلا ان مجلس المطارنة الموارنة نصحه بإجراء مشاورات بهذا الصدد، ولا?سيما مع الرئيس عون ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، اللذين شجعاه على القيام بالزيارة، نظراً لما يُمكن ان تحمله من ايجابيات مضاعفة من السلبيات التي يُمكن أن تنجم فيما لو اعتذر عنها، خاصة بعدما تأكد ان برنامج الزيارة يشمل أيضاً لقاء مع الرئيس الحريري، إضافة إلى لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمّد بن سلمان.
معلوم ان الزيارة ستكون ليوم واحد، سيرافقه فيها وفد اعلامي كبير مع مطران واحد.
واتصل الراعي بعد إعلان قراره بكل من الرئيس نبيه برّي والنائب السيدة بهية الحريري ورئيس حزب "القوات" سمير جعجع.
دار الفتوى
في غضون ذلك، بقيت دار الفتوى محور اتصالات ومشاورات لليوم الخامس على التوالي، في موازاة الحركة الحاصلة في قصر بعبدا، حيث استقبل المفتي دريان عدداً كبيراً من الشخصيات السياسية وفود أمن الأحزاب السياسية ونواباً، كان أبرزهم وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي زار دار الفتوى للمرة الثانية في غضون 48 ساعة الماضية، حيث أطلق من هناك مواقف رداً على ما تردّد من اتجاه السعودية لأن يخلف بهاء الحريري شقيقه سعد، مؤكداًَ ان اللبنانيين ليسوا قطيع غنم ولا قطعة أرض تنتقل ملكيتها من شخص إلى آخر، مشدداً على ان "السياسة في لبنان تحكمها الانتخابات كل المبايعات، ودعا إلى انتظار عودة الرئيس الحريري لأنه هو الذي يُقرّر طبيعة المرحلة المقبلة، بالتشاور مع كل الرؤساء والقوى السياسية المعنية.
برّي
ومن جهته، جدّد الرئيس برّي أمام زواره التأكيد بأن استقالة الحريري لم تحصل لأن ما جرى في هذا الشأن لم يحصل من قبل، مشيراً إلى انه لو استقال هنا في بيروت لاختلف الوضع.
وعن طلب الدول الخليجية الثلاث السعودية والامارات والكويت من رعاياها عدم السفر إلى لبنان، شدّد برّي على ان لبنان يريد أفضل العلا قات مع أشقائه العرب بما فيها المملكة السعودية، لكن هم بادروا وليس نحن، لافتاً إلى ان لبنان مرّ بظروف مماثلة من قبل.
ورأى ان لبنان أقوى من أميركا إذا توحد وأضعف من بيت العنكبوت إذا تفرق.
نصر الله
أما الأمين العام "لحزب الله" السيّد حسن نصر الله الذي ستكون له أطلالة عبر شاشة التلفزيون مساء اليوم لمناسبة "بيوم الشهيد"، فتوقفت مصادر ان يركز كلمته على تطورات الوضع الإقليمي، لكنه سيتطرق مجدداً إلى موضوع الاستقالة ويؤكد على ضرورة استمرار التهدئة والافساح في المجال أمام الاتصالات الدبلوماسية لمعالجة أسباب وظروف وتداعيات هذه الاستقالة.
البناء
بوتين يبحث وضع رئيس الحكومة مع ترامب… بعد حسم أمر احتجازه في السعودية
بن سلمان لماكرون: الحريري بعد استقالته مواطن سعودي تحت المساءلة
كتلة المستقبل تتخلّى عن المكابرة وتناشد إعادة رئيسها حفاظاً على كرامتها
سقطت الخطة السعودية لتخريب لبنان. هذا ما قاله مرجع كبير، فلا قلق من منع الرعايا السعوديين عن لبنان، لأنّ الرهان على تمرير صورة رئيس الحكومة يعلن استقالته ويتعامل معها تحالف رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي وحزب الله، كفرصة للمجيء برئيس حكومة بديل أشدّ قرباً منهم، فشل، وبفشله وتمسك اللاعبين الرئيسيين الثلاثية بكشف مصير الحريري وعودته كشرط للتعامل مع الاستقالة، منحت قيادات طائفته ومؤيديه ومعارضي ثلاثي الرئاستين وحزب الله، فرصة اكتشاف حجم الإهانة التي لحقت بهم من الطرف الذي ائتمنوه على كرامتهم وسمعتهم ومكانتهم وعاملوه كمرجعية لهم، لسنوات طوال، ليجدوا مَن عاملوهم كخصوم كرمى للسعودية وإرضائها هم مَن يقف معهم ويترفّع عن التفاصيل الصغيرة للعبة المحلية، متمسكاً بالكرامة الوطنية في التعامل مع احتجاز رئيس حكومة لبنان، في سابقة لم يعرفها اللبنانيون منذ معركة الاستقلال وإقدام سلطة الانتداب على اعتقال رئيسَي الجمهورية والحكومة وعدد من الوزراء في قلعة راشيا.
الحريري قيد الاحتجاز، صار الأمر محسوماً. هذه هي القناعة الراسخة في دار الفتوى وفي بيت الوسط، كما هي في باريس والقاهرة. فلا جولات الحريري المنسّقة تحت السيطرة ولا مواعيده الدبلوماسية تحت الرقابة، تلغيان حقيقة غياب الحريري الإعلامي وغياب قدرته على الاتصال بأحد، وغياب حضوره على شبكات التواصل، ولا الإشاعات السعودية عن تقارير مفبركة عبر مواقع المعارضة الإيرانية عن تهديدات تعرّض لها الحريري تنطلي على أحد، وقد صيغت بطريقة تدعو للسخرية، لا يقع بها مبتدئون. والكلّ في لبنان يهزأ من الخفة التي يتعامل عبرها السعوديون إعلامياً لتغطية بلطجتهم الفاقعة على حساب الحدّ الأدنى من التحفظ الواجب في حالة التعامل مع رئيس حكومة بلد ذي سيادة، حتى لو كان من رعايا المملكة ومن بطانة العائلة المالكة والمحسوبين على أمرائها.
القضية ستكون على جدول أعمال مباحثات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في لقائهما في فيتنام، وقد تدقّ أبواب مجلس الأمن الدولي بطلب مشاورات، تتقدّم به روسيا، إذا طال الأمر، والبطريرك الماورني بشارة الراعي سيزور السعودية، وتقول مصادر قريبة منه لوكالة "رويترز" إنه حصل على وعد باحتمال السماح له برؤية الحريري، ما يعني تصريحاً سعودياً علنياً بالسيطرة على حركة الحريري، واعتباره قيد الاحتجاز، من جهة، وعدم النية بتركه يعود إلى بيروت قبل عشرة أيام على الأقلّ من جهة ثانية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي فشل بالتوصل لحلّ لقضية الحريري عبر الاتصالات الهاتفية، بعدما حصل على تعهّدات بالتجاوب مع مسعاه، وفوجئ لاحقاً بكلام سعودي جديد، مضمونه أنّ الحريري بعد استقالته عاد مجرد مواطن سعودي يخضع للمساءلة القانونية، ما حمله للسفر إلى الرياض ليلاً للقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بينما واصل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مشاوراته الداخلية والخارجية، موفداً المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى عواصم إقليمية ودولية عدة لتحريك صداقات لبنان من أجل تسريع عودة الحريري إلى بيروت، حاملاً رسائل من الرئيس عون لكلّ من الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد عودته من الرياض، مستطلعاً حصيلة اتصالاتهما ونتائج مساعيهما.
مرجع واسع الإطلاع قال لـ "البناء" إنّ ما أريد أن يكون للبنان بداية فتنة تحوّل فرصة لتصليب تماسكه الوطني، إذ تعامل تيار المستقبل بمسؤولية وطنية تلاقي تلك التي عوملت بها قضية رئيسه المحتجَز ولم ينقلب بعد حلّ قضية الاحتجاز إلى تسديد فواتير الولاء للسعودية تحت شعار الخوف من الانتقام، بضخّ مواقف تلعب بالوحدة الوطنية وتضحّي بالروح التي تجلت في هذه الأيام الصعبة، وتكافئ الشركاء على حسناهم بالسوء، لأنّ الأزمة قد مرّت على خير وعاد كلّ إلى متراسه، والأمر يبقى بيد رئيس الحكومة المتحجَز سعد الحريري وكيف سيتعامل مع مَن وقفوا معه ولعبوا الدور الرئيسي في استرداده لحريته، بالوفاء والعرفان وتقدير معنى تبادل الشعور بالوطنية أولاً، أم بمنح الأولوية لتقديم أوراق الاعتماد لولي الأمر خوفاً أو طمعاً بالرضا والمال مجدّداً؟
لبنان لـ"مملكة الخير": نريد "الرئيس المغيّب"!
لا يزال لغز الإخفاء القسري لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري منذ السبت الماضي في أحد "الفنادق الأمنية" في الرياض، الحدث الأبرز الذي شغل الأوساط السياسية والشعبية، إذ إنّ لبنان توحّد حول شعار نريد رئيس حكومتنا المغيَّب بعد أن ثبُت بالوجه الشرعي خبر احتجازه في "المملكة"، بحسب ما أبلغ مصدر لبناني كبير وكالة "رويترز"، والذي أشار الى أنّ "لبنان يتجه إلى الطلب من دول أجنبية وعربية الضغط على السعودية لفك احتجاز الرئيس الحريري والتوسّط لدى فرنسا لكشف مصيره".
وقد بات مطلب فك أسر الحريري من سجن "قصر الأمراء" قضية وطنية سيادية تُوِّجت أمس، مع البيان الصارخ للمكتب السياسي وكتلة المستقبل النيابية الذين اجتمعوا بصقورهم وحمائمهم في بيت الوسط، وأشاروا في بيان مقتضب كالعادة تلاه رئيس "الكتلة" فؤاد السنيورة الى أن "عودة رئيس الحكومة اللبنانية الزعيم الوطني سعد الحريري ورئيس تيار المستقبل ضرورة لاستعادة الاعتبار والاحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان، وذلك في إطار الاحترام الكامل للشرعية اللبنانية المتمثلة بالدستور واتفاق الطائف وللاحترام للشرعيتين العربية والدولية". وأكدت على "الوقوف مع الرئيس سعد الحريري ووراء قيادته قلباً وقالباً، ومواكبته في كل ما يقرّره، تحت أي ظرف من الظروف".
المشنوق لـ "ولي العهد": لبنان ليس قطيع غنم…
وما نطقت به "الكتلة" تلميحاً أباح به وزير الداخلية نهاد المشنوق تصريحاً ومن دار الفتوى، في ردٍ على سؤالٍ حول قرار ولي العهد السعودي نقل السلطة والوراثة السياسية من الحريري الى شقيقه بهاء الحريري، وأجاب المشنوق أن "اللبنانيين ليسوا قطيع غنم ولا قطعة أرض تنتقل ملكيتها من شخص إلى آخر"، لافتاً إلى أن "السياسة في لبنان تحكمها الانتخابات لا المبايعات"، ودعا إلى "انتظار عودة الرئيس الحريري، لأنه هو الذي يقرّر طبيعة المرحلة المقبلة، بالتشاور مع كل الرؤساء والقوى السياسية المعنية".
ولوحظ أمس، تفعيل صفحة بهاء الدين الحريري على فايسبوك التي كانت تنشر في العامين 2011 و2012 أخبار بهاء الحريري وشقيقه سعد الحريري.
تحذيرات سعودية لـ "المستقبل"
وقد حاولت "البناء" التواصل مع أكثر من نائب "مستقبلي"، غير أنّهم لم يجيبوا على هواتفهم ليتبين لنا لاحقاً أن قراراً تمّ تعميمه على أعضاء "الكتلة" كافة وعلى المسؤولين في "التيار" أيضاً بعدم الادلاء بأي تصريح، وحصر الأمر بالرئيس السنيورة، وذلك بعد تلقي الأعضاء البارزين في "الكتلة" بحسب معلومات "البناء" اتصالات من مسؤولين سعوديين وعلى رأسهم ثامر السبهان، تعبّر عن امتعاض القيادة السعودية من بيان "الكتلة"، ومن كلام المشنوق الذي اُعتبِر تحدياً مباشراً للمملكة. وما أكد هذه المعلومات هو مسارعة السنيورة الى تلطيف الأجواء والتوضيح في بيان مساء أمس، بأن "بيان كتلة المستقبل لم يكن تصعيداً بوجه السعودية، فهي لها دور كبير في إنقاذ لبنان وسنعمل لتبقى علاقتنا وثيقة معها".
إبراهيم التقى عباس موفداً من عون
ولم يبقَ خبر احتجاز الحريري داخل حدود الوطن، بل تردّد صداه في أكثر من دولة في العالم، وكان لافتاً وصف قناة "سي أن أن" الأميركية ما يجري بـ "الغموض الذي يلفّ مصير الحريري".
وفي سياق المعركة التي تقودها بعبدا لاستعادة رئيس الحكومة المحتَجَز، أوفد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى الأردن والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في محاولة منه لتقفي أثر الحريري من مخابرة هاتفية أجراها عباس مع الحريري منذ يومين، علّ إبراهيم يظفر بمعلومات عن رئيس الحكومة.
وفي سياق زيارات عدة يقوم بها إبراهيم الى دول أوروبية، وصل أمس الى فرنسا على أن يعقد لقاءات اليوم لمتابعة القضية.
زاسبيكين: سنطرح الملف في مجلس الأمن
وفي تهديد لافت بنقل الملف الى مجلس الامن الدولي، أشار السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين أنه "اذا كان هناك مماطلة بالموضوع من دون التوضيح فستصير هناك مناقشة مشتركة لهذا الملف في مجلس الأمن ". وأشار الى أن "موضوع عودة رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري متعلقة بالحقوق السيادية للبنان ويجب ان يكون هناك احترام لهذه السيادة". وأوضح أن "مطلب السعودية عدم مشاركة حزب الله في الحكومة الجديدة يعتبر تدخلاً مباشراً في الشؤون الداخلية للبنان، ومن الصعب الحديث عن الصيغة المستقبلية للحكومة"، مؤكداً أن "هذا المطلب يزيد من أهمية وجود حزب الله في الحكومة".
رحلة ماكرون للبحث عن الحريري
مصير الحريري المجهول، دفعت بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للمجازفة واختراق العاصفة الرملية و"الهبوط الاضطراري" في المملكة حاملاً مشعل السلام في رحلة بحث طويلة في الصحراء عن رئيس حكومة لبنان الذي يحمل الجنسية الفرنسية ايضاً، بعد أن منعت السلطات السعودية مبعوثه الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي من لقاء الحريري.
والتقى ماكرون ولي العهد محمد بن سلمان وأجرى محادثات معه، وكان ماكرون قد أوضح قبيل اللقاء أنه "سيبحث ملفات إيران واليمن ولبنان"، وقال: "سمعت مواقف حادة جداً عبرت عنها السعودية حيال إيران، لا تنسجم مع رأيي". أضاف: "من المهم التحدث الى الجميع، وفرنسا تضطلع بدور من أجل بناء السلام".
وما زاد غموض المشهد، هو تصريح المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، بأن "ليس لدينا أي طريقة للتأكد بإن كان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في الإقامة الجبرية فعلاً".
فهل ستواجه السعودية المجتمع الدولي وتحتفظ بمواطنها، وتعتبر الأمر شأناً داخلياً بعد تجريده من لقب "رئيس حكومة"؟
السعودية تصعّد: الآتي أعظم…
وقد سُجِلت يوم أمس، مؤشرات على تصاعد وتيرة العدوان السعودي على لبنان في الأيام المقبلة بالتنسيق مع "اسرائيل"، وقد نُقِل عن "المفوض السامي في لبنان" ثامر السبهان بأن الآتي أعظم على لبنان، إذا لم يمتثل أركان دولته وقياداته السياسية للأوامر والشروط السعودية، وقد لوحظ تكثيف السبهان تصريحاته "التويترية". وهو الذي يستخدم حساب الحريري على تويتر أيضاً لتضليل الرأي العام بصور ومنشورات توحي بأنه ليس في الإقامة الجبرية. وقال السبهان أمس: "كل الإجراءات المتخذة تباعاً وفي تصاعد مستمر ومتشدّد حتى تعود الأمور لنصابها الطبيعي".
وفي مؤشرٍ خطير ينبئ بما هو أسوأ على الصعيد الأمني، دعت وزارة الخارجية السعودية، بلسان مصدر مسؤول في الوزارة "رعاياها الزائرين والمقيمين في لبنان إلى مغادرته في أقرب فرصة ممكنة، كما تنصح المواطنين بعدم السفر إلى لبنان من أي وجهة دولية". وقد حذت الإمارات والكويت حذو الرياض ودعوا مواطنيهم الى عدم السفر الى لبنان، وقد أعلنت الخطوط الجوية الكويتية أنها سترسل طائرة اليوم لإجلاء رعاياها من بيروت".
فهل بدأت الحرب الخليجية "الإسرائيلية" على لبنان؟
مصادر مطلعة أشارت لــ "البناء" الى أن "السعودية تظن بأنها تستطيع إلحاق الأذى بالأمن اللبناني، لكن الأجهزة الأمنية اللبنانية ردت أمس على الموقف السعودي بحزمٍ وعملت على تسيير دوريات في مختلف المناطق لنشر الطمأنينة لدى المواطنين ورفعت جهوزيتها لمواجهة أي عبث أمني"، وبذلك تكون السعودية بحسب المصادر قد أضافت إخفاقاً أمنياً على إخفاقها السياسي المتمثل برد اللبنانيين على إقالة الحريري بالوحدة الوطنية". وكشفت المصادر أن "البحث جارٍ الآن بين عواصم غربية وعربية عدة مع سلطات الرياض عن مخرجٍ لإخراج الحريري من أسره". وعلمت "البناء" من مصادر رفيعة المستوى أن "الرئيس عون بصدد الانتقال من الدفاع الى الهجوم وسيتسلّح بالوحدة الوطنية الجامعة حول موقفه ويتوجه الى الدوائر الخارجية الفاعلة لاستنقاذ الحريري".
سقوط قواعد التسوية الرئاسية؟
مصدر في كتلة نيابية بارزة أبدى خشيته من الأزمة السياسية المستجدّة في لبنان والتي تتعمّق يوماً بعد يوم رغم الاحتواء الذي أبداه الرؤساء والقيادات السياسية أما محور المخاوف، بحسب ما يلخصها المصدر لـ "البناء" فهو أن "الخطوة السعودية المفاجئة، نسفت قواعد التسوية الرئاسية والحكومية التي أتت بالرئيس عون الى سدّة الرئاسة الأولى والحريري الى الثالثة". وثانياً أضاف المصدر: أن "الخطوة ستشرع لبنان من جديد أمام الصراعات الإقليمية في المنطقة بعد أن نجح في النأي بنفسه في العام الماضي"، ولفت الى أن "السعودية وبسبب أزمتها الداخلية والإقليمية أدخلت لبنان في لعبة الصراع كساحة ضغط على إيران وحزب الله"، موضحاً أن "هناك خيارين أمام لبنان: إما الإبقاء على الحكومة الحالية حتى الانتخابات النيابية وإما التفاهم على عناوين سياسية جديدة وتأمين توافق إقليمي دولي عليها قبل إعلان الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال والدعوة الى استشارات نيابية لتكليف رئيس جديد لتأليف الحكومة، لأن المشكلة ليست في من يرأس الحكومة"، بحسب المصدر "بل بالشروط والتفاهمات السياسية التي ستحكم التوازن داخل الحكومة والمرحلة السياسية المقبلة والملفات الساخنة التي سترثها عن الحكومة الحالية".
نصرالله يطلّ اليوم
في غضون ذلك، تتجه الانظار مجدداً الى الضاحية الجنوبية، حيث يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم بمناسبة يوم الشهيد، ويتطرّق بحسب معلومات "البناء" الى التطورات على الساحة المحلية على أن تكون كلمته امتداداً لموقفه الأحد الماضي، وسيؤكد الشكوك التي أبداها لجهة احتجاز الحريري، كما سيثني على مشهد الوحدة الوطنية الذي تشكّل حول الرئيس عون، وسيدعو إلى الإفراج عن الحريري ووضع خطة تحرّك لذلك".
كما سيتطرق السيد نصرالله في الشق الثاني الى التطورات الإقليمية في سورية والانتصارات الاستراتيجية التي تحققت في القائم والبوكمال ودير الزور، وسيتحدث عن مرحلة ما بعد "داعش" والتحديات المقبلة، كما سيتناول في الشق الثالث الأوضاع الإنسانية في اليمن كما يستحدث عن التهديدات الاسرائيلية للبنان".
وأعلنت كتلة الوفاء للمقاومة خلال اجتماعها الأسبوعي "تأييدها ودعمها المنهجية التي يتبعها رئيس الجمهورية في مقاربة الاستقالة الملتبسة"، ولفتت الى أن "النظام السعودي الذي يعاني اليوم من أزمة داخلية حادّة ومن إخفاقات خارجية كبرى، مطالب بأن ينأى بأزماته عن لبنان وأن يوقف تدخله في شؤونه الداخلية، كما هو مطالب بوقف عدوانه على دول المنطقة وشعوبها والكفّ عن التدخل في شؤونها وخياراتها".
الراعي إلى الرياض!
الى ذلك حسم البطريرك الماروني بشارة الراعي مسألة زيارته الى السعودية بعد لقائه الرئيس عون أمس، في بعبدا الذي غادرها من دون الإدلاء بتصريح. وفي حين تمنّى عليه الرئيس عون تأجيل زيارته في ظلّ الظروف الحالية بحسب ما علمت "البناء"، عملت دوائر بكركي على تسويق الزيارة وتقديم مبررات لها بأنها تهدف الى لقاء الحريري وطمأنة اللبنانيين عن مصيره، كما علمت "البناء" أن "انقساماً في الموقف داخل المطارنة حول الزيارة"، علماً أن الرابطة المارونية كانت قد تمنّت على الراعي إرجاء الزيارة، غير أن قناة "أو تي في" نقلت عن مصادر بعبدا أن "الراعي على تنسيق كامل مع الرئيس عون وما يقوم به الرئيس سيستكمله الراعي حيثما كان".
وأعلن المكتب الإعلامي في بكركي في بيان، أن الراعي "أكد لفخامة الرئيس وقوفه الى جانبه في جهوده الآيلة الى تخطي هذه المرحلة الدقيقة، خصوصاً بعد استقالة دولة الرئيس الحريري".
وأشارت مصادر مطلعة لـ "البناء" الى أن "الراعي سيحمل رسالة من عون إلى السلطات السعودية للسؤال عن مصير الحريري ومعرفة أسباب الاستقالة والعمل على معالجتها. وأن عون لن يتخذ أي قرار قبل جلاء مصير الحريري"، ولفتت الى أن "الزيارة مقرّرة قبل استقالة الحريري وبالتالي إرجاؤها سيشكل إحراجاً للراعي وإشارة سلبية تجاه المملكة".
وأفادت وكالات أجنبية أن "الراعي تلقى رداً إيجابياً من مسؤولين سعوديين بشأن لقاء الحريري وسيتم اللقاء من حيث المبدأ". ولكن شكوكاً كثيرة تدور حول جدوى اللقاء مع الحريري في ظل الظروف الأمنية التي تحيط بالأخير.
ورداً على سؤال عن اعتبار البعض البيان تصعيداً في وجه السعودية قال السنيورة: "بيان الكتلة والمكتب السياسي لتيار المستقبل لم يكن تصعيداً بوجه المملكة العربية السعودية، فالمملكة العربية السعودية كان ولا يزال لها دور كبير في انقاذ لبنان في كل المحطات الصعبة التي مر بها ولها اياد بيضاء وعلاقة لبنان مع المملكة العربية السعودية كانت وثيقة وستظل وثيقة وسنعمل من أجل أن تبقى وثيقة لمصلحة كل اللبنانيين".
بري
وجدد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره انه "بالنسبة الينا الرئيس سعد الحريري لم يستقل ولو قدم استقالته من لبنان لاعتبرت دستورية". وسئل الى متى الانتظار لبت الاستقالة، فأجاب: "صبرنا طويل". وأوضح رداً على سؤال ان "لبنان يريد أفضل العلاقات مع الدول العربية ولا سيما منها السعودية ولم يكن لبنان هو البادئ. بلدنا بوحدته الداخلية أقوى من اميركا وهو أضعف من بيت العنكبوت اذا اختلف وانقسم على بعضه".
وتلقى بري اتصالاً من البطريرك الراعي تناولا فيه اجواء زيارة البطريرك للسعودية.