افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 14 تشرين الثاني، 2017

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 31 آب، 2017
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 18 أيار، 2023
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 11 حزيران، 2020

بات السعوديون على قناعة بأن الرئيس سعد الحريري أضعف من أن يقود فريقهم في لبنان ولا قدرة له على مواصلة مهماته. وتحدثت "الأخبار" عن خشية سعودية من انه في حال عاد الحريري الى بيروت، قد يتراجع عن اي التزام معهم، وعندها قد يبقى رئيسا للحكومة من دون اي تغيير. أما "اللواء" فوصفت زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى السعودية بأنها "تاريخية"، وقالت إنه سيلتقي الملك سلمان ثم ولي عهده الأمير محمّد، كما سيلتقي الرئيس الحريري. وأضاقت "اللواء" أنه خلافاً للتوقعات، لم يكن الحريري في استقبال الراعي لدى وصوله، حيث استقبله الوزير ثامر السبهان، كما لم يحضر حفل الاستقبال الذي أقيم على شرف البطرك في السفارة اللبنانية. وكانت بعض المواقع اللبنانية قد تساءلت عن أسباب ظهور البطريرك مع السبهان من دون الصليب …

الجمهورية
ضغط دولي لتحصين لبنان وتحييده.. وباريس تتحدّث عن مبادرات

إنشغلَ اللبنانيون في تقييم المقابلة التلفزيونية لرئيس الحكومة سعد الحريري، وفي محاولةِ قراءة ما بين سطورها، فيما الأجواء الداخلية بدأت تسلك مساراً تراجعياً لجوّ الاحتقان السياسي والشعبي الذي ساد لبنان منذ «سبتِ الاستقالة»، والذي ترافقَ مع تخوّفات من آثار جانبية سلبية للاستقالة وخصوصاً على الوضع المالي والاقتصادي. وإذا كانت العودة المرتقبة للحريري هي العنوان الأساس الذي انضبَط تحته الوضع الداخلي بشكل عام، إلّا أنّ اللافت للانتباه فيه، هو أنّ الإيجابية بدأت تتسلّل إلى مواقف أركان الدولة، وظهر ذلك جليّاً في الأجواء التفاؤلية التي يمكن لحظُها في المقرّات الرئاسية والتي صارت تتحدّث عن عودة وشيكة للرئيس المستقيل، وضمن سقفِِ زمنيّ لا يتعدّى أياماً قليلة. وتتقاطع مع حركة دولية صبَّت كلّها في اتّجاه الدفع نحو تبريد الأزمة الراهنة والنأي بلبنان عن أيّ توتّرات، وسط حديثٍ فرنسي عن مبادرات تَخدم هذا المنحى، ولكن من دون أن يكشف عن ماهية هذه المبادرات، ولا عن زمان إطلاقها.
عشرة أيام مرّت على إعلان الحريري استقالته، فيما الداخل اللبناني تحرّكَ في الساعات الاربع والعشرين الماضية على وقع ما اعلنَه في مقابلته التلفزيونية من الرياض.
واللافت للانتباه في هذا السياق، كانت المقاربات الايجابية لِما قاله، وهو ما عكسَه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتوقفِه باهتمام عند قوله بـ«أنّ التسوية السياسية لا تزال قائمة»، وكذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قرأ في كلام الحريري إيجابيات، إلّا انّ الاهمّ في نظره هو ان يعود الرئيس الحريري ليُبنى على الشيء مقتضاه، مع تفضيله عودتَه عن استقالة، حيث قال: «العدول عن الاستقالة فيه عدالة».
فيما بَرز موقف كتلة «المستقبل»، الذي اكّد على مواقف زعيمه على مبدأ النأي بالنفس، ورفض كلّ أشكال التدخّل الإيراني وأدواته في الشؤون الداخلية لجميع البلدان العربية الشقيقة. وتقاطع ذلك مع مواقف داخلية دعَت الى وجوب انسحاب «حزب الله» من أزمات المنطقة.
بعبدا
إلى ذلك، أبدى عون سروره لإعلان الحريري عن قرب عودتِه الى لبنان، وقال بأنه ينتظر هذه العودة للبحث معه في موضوع الاستقالة وأسبابها وظروفها والمواضيع والهواجس التي تحتاج الى معالجة، لافتاً الى انّ الحملة الوطنية والديبلوماسية التي خاضها لبنان من اجلِ جلاءِ الغموض حول وضعِ الرئيس الحريري في المملكة العربية السعودية أعطت نتائجها الإيجابية.
وتوقّفَ عون عند ما اعلنَه الحريري من انّ التسوية السياسية لا تزال قائمة، وأنّ مسألة عودته عن الاستقالة واردة من ضِمن خياراته.
وأبلغت دوائر قصر بعبدا «الجمهورية» ارتياحَ رئيس الجمهورية الى حصيلة المشاورات التي قام بها على اكثر من مستوى سياسي وديبلوماسي.
وعبّرت عن حِرص عون على مبادلة الحريري مشاعرَه الشخصية تجاه رئيس الجمهورية، وهو ما دفعَه الى المزيد من مواقف الدعم، معتبراً أنّ عودته هي الأولوية التي لا تتقدّم عليها ايّ قضية، لِما لها من أبعاد وطنية تتجاوز الملفّات الأخرى أياً كانت اهمّيتها.
وقالت هذه الدوائر إنّ عون سيواصل اليوم مشاوراته مع الهيئات الحزبية والسياسية، فيلتقي عدداً من التجمّعات السياسية والوطنية قبل ان يخصّص يوم الأربعاء للملفّ الإعلامي بلقاءات تشمل النقابات الإعلامية ومنها نقابة محرّري الصحافة اللبنانية.
بيت الوسط
وتزامُناً مع إبقاء جلسات كتلة «المستقبل» ووزرائها مفتوحة لمراقبة التطورات المحيطة بالمساعي المبذولة لمواكبة عودة الحريري، عبّرت اوساط بيت الوسط لـ«الجمهورية» عن ارتياحها المطلق الى شكلِ المقابلة المتلفزة ومضمونِها، لِما شكّلته من عامل اطمئنان لدى جمهوره خصوصاً واللبنانيين عموماً.
ونفَت الكثير ممّا ذكر حول الأوضاع السياسية والحزبية الداخلية في «التيار»، ورأت في معظم ما نشِر فبركات وأوهام لم تكن مطروحة للحظةٍ في هذه الأزمة ولا قبلها ولن تكون مطروحة بعدها. وأكّدت انّ مواقف الحريري هي السقف الأعلى لمواقف «التيار» بكامل هيئاته القيادية وعلى مختلف المستويات السياسية والحزبية والشعبية.
وقالت الأوساط إنّ الحديث عن امور تتصل بغير عودة الحريري الى بيروت ليس أوانها، وإنّ هذه العودة مفتاح النقاش في الكثير من القضايا المثارة بما فيها من تسريبات وروايات لا أساس لها من الصحّة على الإطلاق.
مرجع مسؤول
وقال مرجع مسؤول لـ«الجمهورية» إنّ السقف الزمني لعودة لحريري الى بيروت ثلاثة ايام، وهناك اجواء إيجابية تؤكد هذه العودة ضمن هذه الفترة، ونحن ننتظر عودته ليُبنى على الشيء مقتضاه. وأضاف: هناك إيجابية كبيرة في كلام الحريري وينبغي التوقّف عندها.
وعمّا إذا لم يعد الحريري من الآن حتى نهاية الاسبوع الحالي، أجاب: «الأجواء التي لدينا مشجّعة والجوّ الدولي مشجّع، من الاميركيين الى البريطانيين الى الفرنسيين وكذلك الألمان، وهذا الجو يجعلنا نقتنع بأنّ الرئيس الحريري سيأتي وآملُ قبل نهاية الاسبوع.
وسُئل لو أنّ الحريري لم يعُد من الآن وحتى نهاية الاسبوع، فأجاب: ساعتئذٍ لكلّ حادثٍ حديث، الأجواء الداخلية اكثر من مشجّعة خصوصاً على مستوى التضامن الداخلي، وهو الأمر الذي يحصل في لبنان نكاد نقول للمرّة الاولى في تاريخه حيال قضية داخلية، وهذا الأمر يساعد اكثر على تمتينِ الداخل ومنعِ اختراقه من أيّ كان.
وردّاً على سؤال قال المرجع: يجب أن يكون معلوماً أنّ لبنان لا يستطيع ان يغرّد وحده ولا يقع ضمن صحراء وحده. لبنان ضمن الخريطة العربية وضمن المجموعة العربية وضمن العائلة العربية، وهو يريد افضلَ العلاقات مع كلّ العرب وفي مقدّمها السعودية.
تطمينات
وبالتوازي مع التطمينات الأمنية التي تؤكّد عليها المراجع الامنية، تطميناتٌ اقتصادية، وهو ما عكسَته مراجع معنية لـ»الجمهورية» بقولها: لبنان تجاوَز قطوعاً مالياً نتيجة المخاوف من انعكاس الاستقالة على الوضع المالي واتّخذت إجراءات حمائية نجحت في استيعاب المشكلة.
وعلمت «الجمهورية» أنّ اجتماعاً موسّعاً سيُعقد الخميس للقطاعات العمالية والاقتصادية بهدف تحصين الوضع الاقتصادي ومنعِ ايّ محاولة لاختراقه والتأكيد على متانتِه.
والملاحظ في هذا السياق أنّ الاسواق تجاوبَت مع المناخ الإيجابي الذي ولّدته إطلالة الحريري ومضمون كلامه الهادئ، وانعكسَ الامر من خلال تراجعِ الضغط السلبي على السندات اللبنانية في الاسواق الخارجية، وارتفاع أسعار الأوراق اللبنانية التي كانت قد تراجعَت الى مستويات قياسية في الأسبوع الماضي.
ويُعتبر ارتفاع أسعار السندات بمثابة إشارة الى توقّفِ حركة البيع وارتفاع الطلب مجدّداً بما يعني عودةَ الثقة بالوضع اللبناني.
في الموازاة، جاءت تطمينات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لترفعَ منسوبَ التفاؤل في الاسواق. وكرّر سلامة تأكيداته السابقة أنّ سعر الليرة مستقرّ وسيبقى كذلك. وأعاد التأكيد كذلك انّ البلد يواجه أزمة سياسية لكن لا وجود لأزمة نقدية.
الحريري والراعي
يأتي ذلك، في وقتٍ عكسَت أخبار الرياض نشاطاً ملحوظاً للحريري، تجلّى في لقاءات أجراها مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في السعودية ميكيلي سيرفون دورسو، والسفير الألماني في المملكة ديتر والتر هالر، والسفير البريطاني في الرياض سايمون كولينز.
وفي سياق متصل علمت «الجمهورية» انّ تواصُلاً تمّ بين الحريري وبعض القريبين منه في بيروت خلال الساعات الماضية، فيما ينتظر ان يُعقد لقاء بين الحريري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي وصَل الى الرياض أمس، حيث يلتقي اليوم الملك سلمان بن عبد العزيز ووليَّ العهد الامير محمد بن سلمان الذي سيقيم مأدبة غداء على شرفه والوفد المرافق.
وأكّد الراعي في كلمة امام الجالية اللبنانية في السعودية، على أنّ «علاقات الصداقة بين لبنان والمملكة متجذّرة بالتاريخ». موضحاً أنه «على الرغم من الأزمات تبقى علاقة الاخوة تجمع لبنان والسعودية، التي كانت حاضرةً دائماً في أزمات لبنان الاقتصادية والسياسية، ولبنان لا يزول طالما أنّ التعايش الإسلامي – المسيحي قائم».
وعن دور «حزب الله» وإيران قال: «الحريري تحدَّث عن النأي بالنفس ويجب أن يتناولَ هذا الموضوع مع الرؤساء»، متمنياً أن «يعود الحريري الى بيروت في أقرب وقت».
الحركة الدولية
إلى ذلك، برز الاهتمام الدولي الواسع بما يجري في لبنان، وفيما أكّد المتحدت باسمِ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أنّ «ما من طريقة لنؤكّد طبيعة وجود الحريري في السعودية»، أعلنَت الرئاسة الفرنسية أنه «سُجّل بعض الانفراج بعد مداخلة الحريري على التلفزيون مساء الأحد».
واضاف بيان الاليزيه: «نبقى يقِظين جداً، سنرى ما سيحصل بالفعل خلال الايام المقبلة، وسنواصل أخذ المبادرات التي نفكّر فيها خلال مستقبل قريب، خصوصاً بالتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة».
وتابعَ البيان: «إنّ هذه المبادرات تبقى مرتبطة بتطوّر الأزمة، والأمور تتحرّك كثيراً». ولفتَ الى انّ «ماكرون وغوتيريس تطرَّقا الى المبادرات التي يتوجّب اتّخاذها لطمأنةِ اللبنانيين، وضمانِ الاستقرار في لبنان وحمايته من التأثيرات الاقليمية التي يمكن ان تكون مزعزعةً للاستقرار».
واعتبَر البيان: «أنّ الخروج من الأزمة الحالية يمرّ بعودة الحريري الى لبنان، وتمكينِه من تقديم استقالته الى رئيس الدولة في حال كان راغباً بالفعل بالاستقالة، ما لم يكن قد غيَّر رأيه منذ ذلك الوقت». وأشار الى انّ «فرنسا ضدّ كلّ التدخّلات في الأزمة اللبنانية، وأنّ هذه التدخّلات لا تأتي فقط من بلد واحد».
باسيل
ومِن المقرّر أن يستقبل ماكرون اليوم وزيرَ الخارجية اللبناني جبران باسيل الذي يزور باريس ضمن جولة تقوده الى بريطانيا، المانيا، بلجيكا، روسيا والإتحاد الأوروبي فتركيا، ناقلاً إليها الموقفَ اللبناني ورسائلَ خاصة من رئيس الجمهورية.
وحضَر الملف اللبناني في محادثات وزراء خارجية ودفاع الدول الأوروبية في بروكسل، وكان إجماع على الدعوة إلى عدمِ التدخّل بشؤون لبنان، وحماية دستوره. فيما أعلنَ المتحدّث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد محجوب أنّ بغداد تتواصل مع السعودية ولبنان لحلّ أزمة الاستقالة، كما اعلنَ المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أنّ بلاده لا تتدخّل في شؤون لبنان، وأنّ بلاده تتمنّى عودة الحريري إلى بيروت في أسرع وقت.
الأخبار 
وقائع الاتصالات مع السعودية حول أزمة الحريري

على عكس ما كان السعوديون يريدون منها، جاءت المقابلة التلفزيونية مع الرئيس سعد الحريري ليل أول من أمس بنتائج عكسية. فهي، من جهة، لم تساعد في امتصاص النقمة اللبنانية بعدما أثبتت بالملموس أن الرجل ليس حراً في تصرفاته، ومن جهة أخرى زادت الغضب السعودي عليه.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن ظروف الرئيس الحريري ساءت في الساعات الـ 24 الماضية، بعد الانتهاء من المقابلة، بعدما ثبت للسعوديين أنها لم تحقق هدفها لجهة تهدئة الأجواء بين أنصاره وإرباك المساعي التي يتولاها الرئيس ميشال عون لتحرير رئيس الحكومة من معتقله السعودي. كما ساء سجّاني الحريري أنه أظهر نفسه متعباً وغير مرتاح، وأوحى بتصرفاته أن الأمور ليست على ما يرام، ولم يكتف بمغازلة الرئيس عون، بل ثبّت موقف لبنان لناحية ان الاستقالة ليست قائمة حتى عودته، كما أن سقف موقفه من حزب الله جاء متدنياً جداً.
وبعيداً عن الظروف الرديئة التي أحاطت بالمقابلة على أكثر من مستوى، وعن السجال المهني حيال مبدأ إجراء حوار مع رجل بات العالم كله يجمع على انه ليس حراً، أقرّت مصادر دبلوماسية أوروبية بأن التقديرات الاولية التي كانت سائدة بأن الحريري حر الحركة تبدّدت سريعاً. وثبّت هذه القناعة تقرير من السفير الفرنسي في الرياض فرانسوا غويات إلى باريس، أفاد فيه أن الظروف التي أحاطت بزيارته للحريري لم تكن طبيعية على الاطلاق، وأن الأخير كان مرتبكاً، وكان اللقاء سريعاً وعاماً. وتبيّن لاحقاً للجانب الاوروبي ان الإجراءات حول منزل الحريري مشدّدة جداً، وأن عائلته ممنوعة من التواصل مع الآخرين، كما أن أفراد عائلة زوجته المقيمين في الرياض ممنوعون من زيارته. فيما هناك من يتولى تلبية الحاجات اللوجستية للمنزل من دون حاجة إلى التواصل مع الخارج.
وفيما تتواصل الاتصالات على أكثر من مستوى، عُلم أن الرياض تركز على مقايضة غير انسانية مفادها: تريدون الحريري، أعطونا اليمن! واليمن، بحساب إجماع مصادر دبلوماسية، هو الكلمة المفتاح في كل نقاش مع الجانب السعودي. إذ أن الرياض تعتبر ان حزب الله هو الطرف الوحيد القادر على معالجة مسألة الصواريخ اليمنية التي باتت تصل الى الرياض. ويجيب السعوديون كل من يسألهم حول اسباب تصعيدهم ضد لبنان وضد الحريري، بأن مشكلتهم مع الحريري «داخلية»، أما مع لبنان فان الامر بات «يتطلب اعلاناً لبنانياً رسمياً بضمان عدم تدخل حزب الله في النزاعات القائمة في المنطقة (اقرأ اليمن) وان يعلن الحزب بنفسه هذا الالتزام».
واطلعت «الأخبار»، من مصادر دبلوماسية اوروبية، على بعض التفاصيل المتعلقة بالوساطات الجارية، وبنتائج مقابلة الحريري أول من امس وانعكاساتها على هذه الوساطات. وتقول المصادر ان عائلة الحريري أخفقت في الوصول الى اي جهة سعودية داخلية قادرة على المساعدة، خصوصاً أن احتجاز الحريري تزامن مع اكبر عملية قرصنة يقوم بها محمد بن سلمان ضد كبار المسؤولين وأمراء من العائلة الحاكمة، بحيث لم يعد أي مسؤول سعودي قادراً على التجرؤ على البحث في الأمر. ودفع ذلك آل الحريري الى التواصل مع الاميركيين والفرنسيين والمصريين والاردنيين بحثاً عن حل، قبل أن يتبين ان فرنسا هي الجهة الوحيدة المستعدة لمناقشة الموضوع. وهذا ما لمسه ايضا الرئيس عون الذي لم يترك باباً الا وطرقه، وهو مستعد للذهاب الى ابعد مما يقدّر السعوديون في ملاحقة قضية «خطف رئيس الحكومة».
لكن المصادر نفسها أشارت الى «جو من الإحباط» عاد به الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من زيارتيه الى الامارات والسعودية الجمعة الماضي. إذ لمس ان ابو ظبي ليست في وارد الضغط على السعودية، وان ابن سلمان ليس مهتماً بالاستجابة للوساطة الفرنسية. وحصل ذلك فيما كان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم يجتمع مع مدير الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنار ايمييه في باريس، ويشرح له المعطيات اللبنانية التي تؤكد أن الحريري قيد الاحتجاز. ولفت ابراهيم الى ان تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان في صباح اليوم نفسه عن انه لا يعتقد أن الحريري غير حر في حركته، غير صحيحة، وتوفر تغطية لما تقوم به السعودية. وقد تفهّم الفرنسيون الأمر، وترجموا ذلك ببيان صدر عن الخارجية الفرنسية في وقت لاحق تضمن الاشارة الى ضرورة عودة الحريري الى لبنان. لكن ذلك لم يشكل عنصرا دافعا نحو حل سريع للازمة. فقد أبلغ الفرنسيون جهات معنية في لبنان، لاحقاً، رفض الرياض الدخول في اي مفاوضات مع لبنان حول مصير الحريري، وانها ترفض ان يزورها أي مسؤول امني لبناني لهذه الغاية. وتبين ان هذا الجواب السلبي جاء رداً على اقتراح بتوجه اللواء ابراهيم، او المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان الى الرياض. وسارع السعوديون الى الطلب من ممثلهم الدبلوماسي في بيروت وليد البخاري بأن يعرض على رئيس الجمهورية إيفاد وزير الخارجية جبران باسيل للقاء الحريري والاستماع منه الى حقيقة موقفه. علماً أنهم كانوا يعرفون أن الجواب سيكون بالرفض، لأن البخاري سبق ان اطلع على موقف عون الرافض لزيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي الى السعودية في ظل استمرار احتجاز الحريري.
شروط الرياض
وبحسب المصادر الاوروبية، فان حصيلة الاتصالات والمعطيات التي تجمعت حول اعتراض الرياض على الحريري، تفيد بالآتي:
أولاً، فهم المتصلون بالسعوديين ان الضغط القائم قد يفتح الباب امام حل وحيد، يتضمن عودة الحريري الى بيروت وفق اتفاق يقضي بتقديم استقالته والسفر إلى فرنسا واعتزال العمل السياسي، فيما تطرح باريس الاتفاق على عودته وقبول استقالته وتكليفه تشكيل حكومة جديدة، من دون تأليفها قبل التوصل الى تسوية سياسية جديدة.
ثانياً، تعبّر الرياض عن استياء شديد من الحريري وتعتبر أنه خالف ما تعهد به ولا تأخذ بتبريراته حول عدم قدرته على مواجهة حزب الله او اقناع الرئيس عون بمساعدته في مواجهة الحزب.
ثالثاً، بات السعوديون على قناعة بأن الحريري أضعف من أن يقود فريقهم في لبنان ولا قدرة له على مواصلة مهماته، وهم اصلا يخشون من انه، في حال عاد الى بيروت، قد يتراجع عن اي التزام معهم، وعندها قد يبقى رئيسا للحكومة من دون اي تغيير. وبدأت الرياض البحث ليس عن خليفة للحريري فحسب، بل في تغيير كل الصف القيادي القريب منه. ويحمل المسؤولون السعوديون بالاسم على نادر الحريري ونهاد المشنوق باعتبارهما مشاركين في «اضعاف الحريري»، ويقولون إن لديهم معلومات من جهات لبنانية ــ يشار بالاسم الى «القوات اللبنانية» ــ بأن نادر الحريري والمشنوق أبرما اتفاقات مع عون وصهره جبران باسيل وحزب الله لتسهيل حصولهما على نفوذ كبير في السلطة.
وتلفت المصادر إلى ان الرياض تعتقد جازمة بأن الحريري لا ينبغي ان يقود الانتخابات المقبلة. وفي حال بقي الرفض لتولي شقيقه بهاء المسؤولية، فان السعودية ترى انها قادرة على اختيار بديل من بين قيادات «المستقبل»، على أن تساعده في تنظيم تحالفات مع القوى السنية الأخرى.
ثمن حرية الحريري؟
وتلفت المصادر الى ان السعودية «ليست في عجلة من امرها»، وان جواب الديوان الخاص بابن سلمان عن كل طلب بعلاج سريع للأزمة، هو الدعوة الى الانتظار لبضعة ايام وربما لاسبوع اضافي، ما جعل الفرنسيين يسألون عما اذا كان هناك من هو قادر على التحدث مع الجانب السعودي غير الاميركيين. وتشير الى ان الرئيس عون مستعد للذهاب فورا نحو مجلس الامن، لكنه يقف عند خاطر آل الحريري الذين لا يريدون تفجير الامور بصورة كاملة مع السعوديين.
وتعتبر المصادر الاوروبية ان السعوديين يتصرفون بكثير من الخفة مع الملف اللبناني عموما، إذ انهم يريدون من الحريري تولي مهمة كبيرة جدا تتعلق بتغيير سياسات حزب الله في المنطقة. وان الرياض مقتنعة بأن على لبنان المبادرة الى إلزام الحزب باخراج خبرائه من اليمن، ووقف كل اشكال الدعم السياسي والاعلامي والعسكري لـ«انصار الله» داخل اليمن وخارجه، بما في ذلك إبعاد ممثلي الحركة من لبنان. وتضيف المصادر بأن السعودية المحبطة من عدم قدرتها على تحقيق نتائج سريعة خلال الاسبوع الاول بعد استقالة الحريري، باتت اكثر تشاؤماً، وتحديداً بعد الخطاب الاخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي أقفل فيه النقاش حول موقف الحزب من الملف اليمني.
اللواء
لمصلحة مَنْ توريط لبنان بمواجهة مع السعودية؟
الراعي يؤكّد على متانة العلاقة مع المملكة.. وحزب الله يلزم الصمت حول مصير التسوية

بعد المقابلة التلفزيونية التي أطلق خلالها الرئيس سعد الحريري مواقف ادرجت على وجه الاجمال بأنها «ايجابية»، وانعشت الآمال بإمكانية معالجة استقالة الحكومة، التي حدّدت مكامن الداء في الأداء الرسمي، سواء في توازنات التسوية السياسية، أو النأي بالنفس، والابتعاد الفعلي عن الأزمات العربية، والنأي بالنفس، لا سيما بالنسبة لحزب الله الذي يتولى بالنيابة عن إيران «ادارة معارك» أو المساهمة مباشرة بالعمليات العسكرية، من سوريا إلى العراق إلى اليمن، عبر إطلاق الصواريخ على الداخل السعودي، وتهديد المصالح الحيوية للمملكة، بقصف مطار الملك خالد الدولي، وتهديد مصافي النفط والمنشآت المدنية والاقتصادية.
ما قاله الرئيس الحريري في مقابلته كان واضحاً وجازماً: التسوية السياسية قائمة، والعودة إلى بيروت قريبة، وتقديم الاستقالة سيحصل وفقاً للأصول، لكن المرحلة السابقة لا يمكن الاستمرار بها..
وما لم يوضحه الرئيس الحريري مباشرة، اوضحه عضو كتلة «المستقبل» النائب عقاب صقر الذي أشار إلى ان التسوية الماضية تغيرت تماماً، وانتهت شروط تسوية الدوحة، وعلينا ان نبحث عن تسوية جديدة، والرجوع عن الاستقالة ممكن بتوفر شرطين في سلاح حزب الله: يكفي التصريح بأنه سينسحب من العالم العربي عسكرياً وامنياً ويبدأ الخطوات، وأنه سيعلن العودة إلى طاولة الحوار لبحث قضية سلاحه.
كيف تعاملت بعبدا مع الموقف الجديد؟
الأوساط السياسية سجلت تعاطياً سلبياً مع المنحى الذي فتحته مقابلة الرئيس الحريري، تقول الأوساط نفسها لـ«اللواء»: بدل ان يلاقي فريق رئيس الجمهورية الأجواء الهادئة والإيجابية للمقابلة وتوجهات من كان يتكلم خلالها، والذي وجّه إشارة طيبة للرئيس ميشال عون، عند منتصف الطريق، ويعلن الاستعداد للبحث في اسبابها وتدارك الضرر الذي يصيب لبنان من تأزم العلاقات مع محيطه العربي لا سيما الخليجي والسعودي، ذهب باتجاه صادم، طرح أسئلة حول المصلحة الوطنية في توريط البلد مع المملكة العربية السعودية؟
فزوار بعبدا ينقلون عن رئيس الجمهورية ان «الحملة الوطنية والدبلوماسية التي خاضها لبنان من أجل جلاء الغموض حول وضع الرئيس الحريري في المملكة العربية السعودية اعطت نتائجها الايجابية».
وتساءلت الأوساط ماذا يتضمن هذا الموقف: هل يتضمن إشارة، وصفتها الأوساط العربية، بأنها «استفزازية» للمملكة، ان الضغط عليها نجح، وهي كانت «تحتجز رئيس الحكومة؟» وهذا مجاف للحقيقة، ولا يتفق مع معطيات الاستقالة التي تحدث عنها صاحبها في البيان الذي اذاعه مباشرة عبر شاشات التلفزة..
وتتساءل هذه الاوساط: لماذا يدفع فريق الرئيس إلى استكمال الحملة ضد المملكة؟ وما المصلحة الفعلية في ذلك؟! وتقول هذه الأوساط بدل ان يُطلق فريق الرئيس المبادرة بحكم علاقته المتينة مع «حزب الله» للبحث في وقف تدخله في اليمن وغيرها، تراه يمضي في طريق لا يخدم معالجة الاستقالة ولا ظروفها أو مسبباتها..
وعشية سفره اليوم إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون، عاد الوزير جبران باسيل إلى الحديث عن عودة الرئيس الحريري بحرية إلى لبنان حيث يمكنه الإعلان عمّا يشاء، في إيحاء غير بريء بأن ما أعلنه الرئيس الحريري في المقابلة التلفزيونية لم يكن من زاوية «حريته الكاملة» في إعلان ما يشاء، وهذا تعريض إضافي بالمملكة..
ولم يقف باسيل عند هذا الحد، بل حدّد غداً الأربعاء موعداً لعودة الحريري، وهو الأمر الذي يقرره حصراً الرئيس الحريري.. وهذه التساؤلات العربية المقبلة، لم تخفها دوائر بعبدا التي فضلت «التريث»، معتبرة ان «السعوديين لم يقولوا كلمتهم بعد»، خالصة إلى ان الأزمة لم تنته بعد، على الرغم مما وصفته بالايجابيات التي تتقدّم على السلبيات.
وفيما رجحت مصادر مطلعة ان يعود الرئيس الحريري إلى بيروت قبل نهاية الأسبوع، اتجهت الأنظار إلى اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية الأحد المقبل في القاهرة لمناقشة التدخلات الإيرانية في القضايا العربية، واتخاذ موقف من هذا التدخل، والموقف الذي يمكن ان يتخذه لبنان، لجهة «النأي بالنفس» أو امتناع وزير الخارجية عن حضور الاجتماع تجنباً للاحراج، والاكتفاء بإرسال مندوب. وسيكون هذا الموضوع مدار مناقشة بين الرئيسين عون والحريري قبل انعقاد الاجتماع.
تجدر الاشارة إلى ان «حزب الله» لم يعلن موقفاً مما قدمه الرئيس الحريري من مخارج للأزمة، والحزب معني بها بصورة مباشرة.
ترقب.. وارتياح
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان أولوية الأولويات لدى الرئيس عون في هذه المرحلة هي عودة الرئيس الحريري، مشيرة إلى انه (أي عون) ذكر ذلك منذ اليوم الأوّل وأصر عليه، وهو ينتظر الآن عودة الحريري التي قال انها ستكون قريبة للبحث معه في ملف إعلان الاستقالة.
وفيما توقعت المصادر السياسية، ومنها وزير الخارجية جبران باسيل، ان تتم هذه العودة قبل العرض العسكري المركزي في وسط بيروت، في حضور الرئيس عون وأركان الدولة، فإنها سجلت ارتياح رئيس الجمهورية لما ورد في مضمون كلام الحريري، ولا سيما بالنسبة للتمسك بالدستور بما خص تقديم الاستقالة، وما ألمح إليه في ما خص العودة عن الاستقالة، كما بالنسبة لاستمرار التسوية، في حين ان الكلام عن النأي بالنفس يحتاج إلى توضيح، وهو ما سيكون حاضراً في لقائهما.
وفي عين التينة، اكتفى الرئيس برّي بالقول في معرض رده على إمكانية عودة الحريري عن استقالته ان «العدول عن الاستقالة فيه عدالة»، معرباً عن انطباعه بأن الرئيس الحريري سيعود إلى بيروت وسيكون بين أهله وشعبه.
اما كتلة «المستقبل» التي اجتمعت استثنائياً أمس في «بيت الوسط» برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة فقد توقفت بارتياح كبير امام إعلان الحريري عن عودته إلى بيروت في غضون الأيام المقبلة، ورأت في ذلك بشارة طيبة بشأن طبيعة المرحلة القادمة بما يجعلها تتطلع إلى ان تكون في مصلحة لبنان، ولا سيما لجهة التقدم على مسار تصحيح علاقات لبنان الخارجية مع أشقائه العرب.
ورأت الكتلة كذلك، بحسب ما جاء في البيان الذي أصدرته، في اطلالة الرئيس الحريري، اطلاقة رجل دولة، كونها أعادت تأكيد مكانته المميزة في المعادلة الوطنية اللبنانية، فضلاً عن انها رسمت خطوطاً واضحة ومسؤولة بشأن المسار المطلوب اتباعه من أجل إخراج لبنان من لعبة المحاور الإقليمية والدولية، وتحديداً لجهة التأكيد على الالتزام بسياسة النأي بالنفس عن الصراعات والحروب الدائرة في المنطقة، بما في ذلك رفض كل اشكال التدخل الإيراني وادواته في الشؤون الداخلية لجميع البلدان العربية الشقيقة.
ولوحظ ان بيان الكتلة تجنّب الإشارة إلى الاستقالة أو العودة عنها، لكن مصادر في تيّار «المستقبل» أبلغت «اللواء» ان لا عودة عن الاستقالة طالما ان الأمور ما تزال كما هي بالنسبة لسلاح «حزب الله» وتدخلاته في عدد من الدول العربية، مشيرة إلى ان لبنان لم يعد باستطاعته الاستمرار بقبول بقاء سلاح «حزب الله» متفلتاً في الداخل، ولا يمكن السماح لإيران بعد الآن بأن تتعامل مع لبنان وكأنه منصة وقاعدة لها لمحاربة العالم العربي.
وفي دار الفتوى، اعتبر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي خص الرئيس الحريري بتحية، ان حديث الحريري المباشر من بلده الثاني في المملكة العربية السعودية شكل ارتياحاً لدى اللبنانيين وتفاؤلاً بعودته قريباً خلال الأيام المقبلة، ودحض كل الإشاعات والتأويلات التي انتشرت في لبنان والعالم وهو بين أهله وإخوانه في الرياض».
الراعي في الرياض
في هذه الاثناء، حط البطريرك الماروني بشارة الراعي، في أرض المملكة في زيارة تاريخية، بحسب وصف القائم بالأعمال السعودي في بيروت وليد بخاري، باعتباره أوّل بطريرك ماروني يزور المملكة منذ تأسيسها، حيث سيلتقي اليوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ثم ولي عهده الأمير محمّد بن سلمان الذي سيقيم مأدبة غداء على شرفه والوفد المرافق، كما سيلتقي الرئيس الحريري قبل ان يغادر الرياض متوجها إلى روما.
وخلافاً للتوقعات، لم يكن الرئيس الحريري في استقبال الراعي لدى وصوله إلى قاعدة الملك سلمان الجوية في الرياض، كما لم يحضر حفل الاستقبال الذي أقيم على شرفه في السفارة اللبنانية وذلك لأسباب بروتوكولية، في حين كان في استقباله وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان الذي عقد مع الراعي لقاء ثنائياً، قبل توجهه إلى مقر اقامته.
واعرب الراعي في مطار بيروت عن اطمئنانه وارتياحه لما قاله الحريري في اطلالته التلفزيونية، معتبرا انه أجاب على كثير من التساؤلات لدى اللبنانيين، وفتح افاقاً جديدة ومهمة، آملاً ان تتحقق هذه المواضيع بأسرع ما يمكن.
ووصف الصداقة بين المملكة ولبنان بالتاريخية وقال ان المملكة لم تخذل لبنان مرّة، وهي وقفت إلى جانب لبنان في جميع الأوقات، موضحا انه على الرغم من الأزمات تبقى علاقة الأخوة تجمع لبنان والسعودية التي كانت حاضرة دائما في أزمات لبنان الاقتصادية والسياسية، مؤكدا ان لبنان لا يزول طالما التعايش الإسلامي – المسيحي قائم.
الجامعة العربية
في سياق دبلوماسي، نفت مصادر رسمية لـ «اللواء» ما يتردد حول الضغط لسحب عضوية لبنان من جامعة الدول العربية، بشكل قاطع، ولاحظت انه بالعكس لما يتردد فإن اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم الأحد، قد يكون جزءا من مسار عربي مواز للنأي بلبنان عن الصراع الحاصل في المنطقة، عبر تلقف الوزراء العرب للأزمة الحالية ومباشرة العمل على حلها، بما يعني ان مواجهة إيران، حسب ما تطالب به السعودية لوقف تدخلها في شؤون المنطقة، ستكون انطلاقا من الجامعة العربية وبموقف عربي موحد.
ارتياح أوروبي ومبادرات
على ان الارتياح الذي اشاعته مواقف الرئيس الحريري في مقابلته التلفزيونية أمس الأوّل، لم تقتصر على الداخل اللبناني رسميا وسياسيا وشعبيا، بل شمل ايضا المنتديات الدولية ولا سيما الأوروبية، حيث حضر الوضع اللبناني في اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل التي يزورها الوزير باسيل اليوم للقاء نظيرته الأوروبية فيديريكا موغريني، بعد ان يستقبله اليوم ايضا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الاليزيه في باريس.
وعشية اللقاء، أصدرت الرئاسة الفرنسية بيانا سجلت فيه بعض الانفراج بعد مداخلة الرئيس الحريري مساء الأحد، مشيرة إلى ان الخروج من الأزمة الحالية يمر بعودة الحريري إلى لبنان وتمكينه من تقديم استقالته إلى رئيس الدولة، في حال كان راغباً بالفعل بالاستقالة، ما لم يكن قد غير رأيه منذ ذلك الوقت.
وشدّد البيان على ان فرنسا ضد كل التدخلات في الأزمة اللبنانية، خاصة وأن هذه التدخلات لا تأتي فقط من بلد واحد. ولفت بيان الاليزيه إلى انها ستبقى يقظة جداً، وسنرى ما سيحصل بالفعل خلال الأيام المقبلة، وسنواصل أخذ المبادرات التي نفكر فيها خلال مستقبل قريب، خصوصا بالتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة.
الا ان البيان لم يشر إلى طبيعة هذه المبادرات التي قال انها «تبقى مرتبطة بتطور الأزمة طالما ان الأمور تتحرك كثيرا، علما ان موضوع التوجه إلى مجلس الأمن «لم يتم بعد الدخول في تفاصيله».
وجاء البيان الرئاسي الفرنسي في أعقاب اجتماع الرئيس ماكرون بالامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس، اللذين تطرقا، بحسب الاليزيه، إلى المبادرات التي يتوجّب اتخاذها لطمأنة اللبنانيين وضمان الاستقرار في لبنان وحمايته من التأثيرات الإقليمية التي يمكن ان تكون مزعزعة للاستقرار، فيما أعلن المتحدث باسم غوتيرس انه لا توجد طريقة لتأكيد طبيعة وجود الحريري في السعودية.
وكان وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان قد دعا من بروكسل إلى «عدم التدخل في شؤون لبنان». وقال عند وصوله إلى الاجتماع مع نظرائه الأوروبيين في بروكسل «لكي يكون هناك حل سياسي في لبنان، يجب أن يكون لكل من المسؤولين السياسيين بالتأكيد حرية حركة كاملة، وأن يكون عدم التدخل هو المبدأ الأساسي». وشدد على أن الحريري «حتى هذه اللحظة، يعلن أنه حر في التحرك، وليس لدينا ما يدعو إلى عدم تصديقه».
ولاحقا، اوضحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، أنييس روماني إسباني، «أن الدعوة إلى عدم التدخل موجهة إلى كل الأطراف الإقليميين الضالعين في الأزمة اللبنانية». وقالت في بيان عبر البريد الإلكتروني «نرغب في أن يسمح كل هؤلاء الذين يمارسون نفوذا في لبنان للأطراف السياسية في هذا البلد بممارسة مسؤولياتهم بشكل كامل».
وأعلنت موغيريني في ختام اجتماع وزراء الخارجية ان «الاتحاد الأوروبي يطالب بالا يكون هناك أي تدخل خارجي في لبنان»، وقالت: «لا نريد أي تدخل خارجي في لبنان، ونعتبر انه من الضروري تجنّب استجلاب نزاعات إقليمية وتفاعلات إقليمية وتوترات إقليمية إلى لبنان، ولا بدّ من ابقائها خارج هذا البلد».
البناء
السعودية تتراجع عن تصعيدها نحو الحديدة في اليمن… بعد التراجع في لبنان
بوتين يمهّد بالاقتصاد مع أردوغان لضمّ الأكراد للحلّ السياسي في سورية
ماكرون مرتاح للانفراج… وعون يرحّب بعودة الحريري… وبري: «العدول عدالة»
لم يكن الانفراج الذي تحدّث عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الملف اللبناني بعد تغييب رئيس الحكومة سعد الحريري، وفَرَضَهُ اللبنانيون بإرادتهم الشجاعة والحكيمة والذكية التي أدارها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري لأزمة العلاقة بالسعودية، المجال الوحيد للتراجع السعودي، الذي برز يمنياً بوقف إجراءات الحصار، وتجميد التصعيد الذي كان يؤشر لجولة حرب تستهدف إسقاط الحديدة، بعدما تعالت الأصوات الدولية المندّدة بالمسؤولية السعودية عن المأساة اليمنية، وإعلان الجيش واللجان الشعبية في اليمن عزمهما على تلقين قوى العدوان السعودي درساً لن ينسى، ظهرت وراءه جموع اليمنيين في تظاهرة مليونية تحدّت قصف الطائرات السعودية في شوارع صنعاء.
التراجع السعودي جاء متزامناً مع التفاهم الروسي الأميركي حول سورية، الذي أوضح الكرملين رداً على تسريبات أردنية و«إسرائيلية»، أنه لا يتضمّن أيّ التزام بانسحاب لحلفاء سورية من متطوّعين وأحزاب من مواقع وجودهم، أو التزام برسم خطوط حمراء حول حركتهم. وجاءت قمة سوتشي التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس التركي رجب أردوغان، لتلقي الضوء على بعض ما تضمّنه التفاهم الروسي الأميركي خصوصاً لجهة ضمّ الأكراد للعملية السياسية التي يفترض أن تنطلق جولتها المقبلة من جنيف بعد تشكيل وفد موحّد لقوى المعارضة بعد اجتماعات تستضيفها الرياض، يجري تحت عنوان البيان الروسي الأميركي بالتمهيد للانتخابات، حيث قالت مصادر إعلامية روسية إنّ ما قدّمته روسيا من حوافز اقتصادية لتركيا سواء برفع القيود على البضائع التركية الزراعية أو بتسريع السيل الجنوبي لأنابيب الغاز الروسية عبر تركيا إلى أوروبا، أو بتسريع بناء المفاعل النووي المولد للطاقة الكهربائية، وفي المقابل تقديم الضمانات حول إنهاء أيّ شكل من الخصوصية العسكرية والأمنية الكردية في سورية كشرط لأيّ تسوية، تهدف للحصول على مساندة تركية للمسعى الروسي بإدماج الأكراد في العملية السياسية السورية.
لبنانياً، بدا أنّ درجة الخطر التي بلغت الخط الأحمر في بداية أزمة استقالة الرئيس الحريري بدأت تتراجع معالم القلق المرافقة لها في ضوء رسائل طمأنة متعدّدة وصلت بيروت، تؤكد إحاطة الاستقرار اللبناني برعاية أوروبية من جهة، وبقرار مواجهة من جانب محور المقاومة إذا اندلعت المواجهة من جهة مقابلة، ومثلما عبّرت باريس عن مؤشرات الانفراج، تحدّث رئيس الجمهورية عن مؤشرات إيجابية حملها كلام الحريري سواء بالاستعداد للعودة قريباً إلى بيروت، أو بالتمسك بالتسوية والتلميح للتراجع عن الاستقالة. وقال رئيس الجمهورية لزواره إنه يتمسك بعودة الحريري وعائلته وفريق عمله منعاً لأيّ شبهة تحيط بحرية قرار الرئيس الحريري، بينما اختصر رئيس المجلس النيابي موقفه بجملة معبّرة بقوله، إنّ في العدول عن الاستقالة عدالة.
انفراجات ومبادرات …
بعد أسبوع من الغموض الذي لفّ مصير رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري والمشهد الداخلي، برزت انفراجات في أفق الأزمة بين سطور مواقف الرئيس الحريري في المقابلة التلفزيونية ليل أمس الأول، وإن كانت هي غامضة أيضاً في بعض جوانبها، ما يفتح الباب أمام صيغٍ ومخارج عدة لا يمكن استبعاد الرجوع عن الاستقالة، منها كما أوحى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي اعتبر أن «العدول عن الاستقالة فيه عدالة».
وما عزّز هذا «المناخ الانفراجي» هو المواقف الدولية المتتالية الداعمة لاستقرار لبنان وحلّ الأزمة القائمة وضرورة أن يكون رئس الحكومة حرأً في حركته ومواقفه وعودته إلى بلاده، وقد برز بيان الرئاسة الفرنسية الذي تحدّث عن «بوادر انفراج في لبنان بعد إعلان الحريري عزمه العودة»، متحدّثة عن «مبادرات أخرى قد تطرحها بالتعاون مع الأمم المتحدة بحال لم تجد الأزمة مخرجاً سريعاً».
بعبدا التي كانت تترقّب أي معلومة أو خبر تشفي غليلها وغليل اللبنانيين حول مصير رئيس حكومتهم و«شريك العهد»، تابعت باهتمام شديد مقابلة الحريري كما وقرأت في سطور المواقف ما طمأنها عن سلامة الحريري وعودته أولاً وعن استمرار التسوية ثانياً، بينما تحدّثت مصادرها عن ثلاث مبادرات تسير بالتوازي الأولى فرنسية يقودها الرئيس ايمانويل ماكرون ووزير الخارجية الفرنسي، والثانية مصرية يقودها وزير الخارجية المصري سامح شكري بتكليف من الرئيس المصري على أن تشمل دولاً عربية وأوروبية عدّة تنتهي يوم الثلاثاء المقبل بالسعودية، والثالثة يقودها وزير الخارجية جبران باسيل بتكليف من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث سيلتقي باسيل اليوم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وينتقل من باريس الى لندن وبروكسل وبرلين ومن ثم موسكو.
.. وارتياح في بعبدا
وعبّر الرئيس عون عن سروره أمس، «لاعلان الرئيس الحريري عن قرب عودته الى لبنان»، وقال «أنتظر هذه العودة للبحث مع رئيس الحكومة في موضوع الاستقالة وأسبابها وظروفها والمواضيع والهواجس التي تحتاج الى معالجة»، ولفت الى أن «الحملة الوطنية والدبلوماسية التي خاضها لبنان من أجل جلاء الغموض حول وضع الحريري في المملكة العربية السعودية أعطت نتائجها الإيجابية». وتوقف الرئيس عون عند ما أعلنه الحريري من أن التسوية السياسية لا تزال قائمة وأن مسألة عودته عن الاستقالة واردة من ضمن خياراته». في موازاة ذلك، أشار الى أن «التماسك الذي أظهره اللبنانيون خلال الأيام الماضية في أعقاب إعلان الحريري استقالته من الخارج، حمى الوحدة الوطنية، وأكد لدول العالم أن لبنان وطن سيّد ومستقل وقراره حر، ما جعل هذه الدول تجدّد حرصها على استمرار الاستقرار الأمني والسياسي فيه وعدم السماح لأي جهة بالتدخل في شؤونه وفي قراراته وخطواته السيادية».
ونقل زوار عون عنه لـ «البناء» «ارتياحه بعد مقابلة الحريري وملاحظته تراجع سقف الخطاب بين بيان استقالته وبين مواقفه في المقابلة التي تشكّل نوعاً من الإيجابية يُبنى عليها وتتكلل بعودته الى لبنان»، كما نقلوا عنه «تفاؤله واطمئنانه للإجماع الوطني الذي بفضله تمكن وسيتمكن لبنان من تجاوز أزمته ومحنته والمرحلة الدقيقة التي يمر بها»، ولفتوا الى مخاوف تكوّنت لدى عون ليلة الاستقالة من مخطط كان يهدف لإعادة لبنان سنوات إلى الخلف لولا مواجهته بحزم وصبر وحكمة وتضامن».
وفي حين أكد زوار بعبدا أن عون مستمر في حملته الدبلوماسية وتحركه الدولي لاستعادة الحريري، نقل الزوار اتجاهاً لدى رئيس الجمهورية لـ «عقد طاولة حوار وطني في بعبدا تجمع الحريري وحزب الله والقيادات السياسية كافة، لبحث العناوين الخلافية لحماية البلد». كما ترى بعبدا بحسب الزوار بأن «كلام الحريري يؤشر الى أنه عائد للحوار وليس للتصعيد، لكن لا يزال الاتصال مفقوداً معه حتى الآن».
وأكّد الوزير باسيل أن «لبنان ينتظر عودة الحريري الى بيروت الأربعاء على أبعد تقدير»، وقال في حديث لقناة الـ «سي ان ان» الأميركية: «نريد أن يعود بحرية الى لبنان، حيث يمكنه الإعلان عما يشاء، ويقرر عندها مسألة البت بالاستقالة».
برّي: العدول عن الاستقالة فيه عدالة
ولم يختلف المناخ التفاؤلي السائد في بعبدا على ضفة عين التينة، فقد نقل زوار الرئيس بري عنه لـ «البناء» ارتياحه لبعض الإشارات الإيجابية التي حملتها اطلالة الحريري أمس، لا سيما إزاء عودته الى بيروت وعدوله عن قرار الاستقالة وإن كان في الوقت عينه يعتبر أن الاحتمالات كافة واردة، وهو ينتظر عودة الحريري ولقائه مع الرئيس عون للبناء على الشيء مقتضاه غير أن بري مطمئن الى أن الرئيس الحريري سيعود. وهذا يشكل ضمانة وطنية بعدم انزلاق البلاد الى مستنقع الفوضى والفتنة وإبقاء الأزمة في دائرة الخلاف السياسي. ولفت بري الى أنه على تنسيق عميق وتامّ مع رئيس الجمهورية كما أوضح أن الوحدة الوطنية التي تكوّنت والتنسيق بين الرئيسين عون وبري ووعي القيادات السياسية كافة «أجهض المخطط المرسوم والمُعَدّ للبنان لإحداث فتنة وفراغٍ سياسي طويل الأمد».
وتحدّث الزوار عن احتمالين للخروج من الأزمة بعد عودة الحريري، الأول تراجع الحريري عن استقالته واستمرار الحكومة والدخول في حوار حول أسباب الاستقالة.
الثاني تقديم الحريري استقالته الى رئيس الجمهورية وربط إعادة تكليفه بشروط سياسية، لكن المصادر ترى بأن في كلتا الحالتين الأمر يتطلب حواراً هادئاً برعاية رئيس الجمهورية بين حزب الله والرئيس الحريري وعبر القنوات الخاصة بعيداً عن الإعلام لبحث أسباب الاستقالة وكل مجريات المرحلة الحالية والمستقبلية. ورجحت مصادر أن «يدعو عون الذي يعتبر مصدر اطمئنان لجميع الاطراف الى حوار في بعبدا ويعمل بحنكته على تدوير الزوايا لمصلحة البلد».
وتوقفت كتلة المستقبل النيابية بعد اجتماعها أمس، في بيت الوسط بارتياح كبير أمام إعلان الرئيس الحريري عن عودته إلى بيروت في غضون الأيام المقبلة، ورأت في ذلك «بشارة طيبة بشأن طبيعة المرحلة المقبلة بما يجعلها تتطلع إلى أن تكون بإذن الله في مصلحة لبنان»، وأكدت الكتلة في بيان مقتضب تأييدها الكامل للمواقف التي يتخذها الرئيس الحريري لا سيما لجهة الالتزام بأسلوب الحوار الوطني، منطلقاً لمعالجة صحيحة وهادفة للخلافات الداخلية القائمة والأسباب التي دفعت بالبلاد إلى الأزمة الراهنة.
حزب الله لن يتنازل في اليمن
ونفت مصادر نيابية في فريق المقاومة الرضوخ للشروط السعودية، نافية أيضاً أي وجود عسكري لحزب الله في اليمن، بل يقتصر الأمر على مواقف سياسية وإعلامية وموقف إنساني إزاء المجازر التي يرتكبها النظام السعودي بحق الشعب اليمني، مشيرة لـ «البناء» الى أن «اليمنيين هم الذين يقاتلون ويصمدون ويردّون العدوان على بلدهم وليس حزب الله، وما اتهام الحزب بذلك إلا من قبيل الافتراء والتضليل والاستهانة بقدرات الشعب اليمني الذي هزم السعودية ومن ورائها الأميركيين و«الإسرائيليين»، موضحة أن «الحزب موجود في ميادين القتال في سورية ولم يخف ذلك، وعندما تقتضي المصلحة وتنتفي الحاجة سيعود الى لبنان».
وأشارت مصادر نيابية لـ «البناء» الى أن «الحريري رفع سقف مواقفه وشروطه قبل العودة الى بيروت للبدء بجولة مفاوضات مع الرئيس عون على المرحلة المقبلة لتحقيق مكاسب وشروط إضافية سيحملها الحريري من السلطات السعودية وينقلها الى بيروت». ورجحت المصادر «عودة الحريري عن استقالته في حال وجد ضمانات لدى عون بشأن علاقة لبنان مع السعودية».
.. وجعجع يسوّق الشروط السعودية
وقد نصّب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع نفسه وكيل السعودية في لبنان وناقل ومسوّق شروطها، وهو الذي سارع منذ اللحظة الأولى الى الدعوة لقبول استقالة الحريري، وغرّد أمس قائلاً: «ما زال من الممكن إنقاذ التسوية السياسية إذا التزمت الحكومة فعلياً وعملياً بسياسة النأي بالنفس، خصوصاً لجهة سحب حزب الله من سورية ومن أزمات المنطقة».
الراعي في الرياض
الى ذلك، وصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الى الرياض مساء أمس، لكن كان لافتاً ومريباً حضور النائب السابق فارس سعيد في عداد المستقبلين، وأكد الراعي في كلمة أمام الجالية اللبنانية في السعودية، أن «علاقات الصداقة بين لبنان والمملكة متجذّرة بالتاريخ»، وأوضح أنه «على الرغم من الأزمات تبقى علاقة الأخوة تجمع لبنان والسعودية، التي كانت حاضرة دائماً في أزمات لبنان الاقتصادية والسياسية، ولبنان لا يزول طالما أن التعايش الإسلامي – المسيحي قائم». ومن المتوقع أن يلتقي الراعي الرئيس الحريري اليوم.
مواقف دولية
وتوالت المواقف الدولية إزاء الأزمة اللبنانية والرافضة لسياسة المملكة في لبنان والمنطقة، ودعا وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى «عدم التدخل» في لبنان. وقال عند وصوله الى اجتماع مع نظرائه الأوروبيين في بروكسل «لكي يكون هناك حلّ سياسي في لبنان، يجب أن تكون لكل من المسؤولين السياسيين بالتأكيد حريته الكاملة في التحرّك وأن يكون عدم التدخّل هو المبدأ الأساسي ويهمّنا استقرار ووحدة لبنان وعدم التدخّل في شؤونه ودستوره».
في المقابل، نفت طهران تدخلها في شؤون لبنان، وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية أنّها تتمنّى عودة الرئيس سعد الحريري إلى بلاده في أسرع وقت، لافتة إلى أن «إيران توجد في سورية بصورة رسمية وقانونية بناء على طلب من الحكومة السورية. أما الخارجية العراقية، فكشفت أن بغداد تتواصل مع السعودية ولبنان لحلّ الأزمة الناجمة عن استقالة الرئيس الحريري.
واعتبر وزير الخارجية القطرية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أنّ «المسألة اللبنانية ذات حساسية خاصة لتعدّد أطيافه، ويجب عدم التدخّل في شؤونه»، وأعرب وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل عن أمله بعودة الحريري إلى وطنه في أقرب وقت، والحفاظ على الاستقرار في المنطقة».
كما أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ، فيديريكا موغيريني أن « الاتحاد الأوروبي يدعم لبنان ، ورئيس وفدنا في الرياض التقى رئيس الحكومة سعد الحريري وسألتقي وزير الخارجية جبران باسيل غداً»، مشيرةً إلى «أنّنا لا نتوقّع تدخلاً خارجيّاً في لبنان، ولا بدّ أن تركّز الجهات كافّة على عودة الحريري».
سفير سابق: السعودية حرّضت على ضرب لبنان
وفي غضون تتكشّف يوماً بعد يوم تفاصيل المؤامرة السعودية لشنّ حرب على لبنان، فقد كشف السفير الأميركي السابق لدى «تل أبيب» داني شبيرو أن «السعودية تحاول خلق سياق بوسائل مختلفة يؤدي إلى نشوب مواجهة إسرائيلية ضد حزب الله اللبناني في إطار منافستها لإيران. وأوضح شبيرو بمقالة له في صحيفة «هآرتس» العبرية أن السعوديين وعقب استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري من قلب الرياض «يدفعون إسرائيل لمواجهة مع حزب الله لزيادة نفوذهم في لبنان». وشدّد على أن القادة «الإسرائيليين» يجب أن «ينتبهوا بأن لا يجدوا أنفسهم مدفوعين لمواجهة سابقة لأوانها من خلال مناورات حلفائهم الجالسين في الرياض».
جنبلاط حذّر من ارتفاع الدين العام
وقد بدت المخاوف من الحرب الاقتصادية والمالية السعودية على لبنان واضحة من خلال تغريدة رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، قائلاً: «الى جانب هذه الحالة الاستثنائية غير المسبوقة، قد يكون من المفيد أن نتذكّر بأن الدين العام يرتفع استثنائياً»، مؤكداً أنه «تجب الحيطة من كل الجوانب».
وفي سياق ذلك لوحظ أمس، اتخاذ وزارة المالية تدبيراً مالياً، حيث أعلن مسؤولون في وزارة المالية أن «الوزارة ستصدر سندات دولية بقيمة 1.7 مليار دولار إلى المصرف المركزي في مقابل أذون خزانة بالقيمة نفسها، وذلك في مبادلة للدين».

Please follow and like us: