أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فأعلن من الخرطوم، أن السودان وافق على أن تتولى تركيا إعادة تأهيل جريرة سواكن وإدارتها، لفترة لم يتم تحديدها. وذكرت وكالات الأنباء أن أردوغان قال أمام ملتقى اقتصادي جمع رجال أعمال سودانيين وأتراكاً :"طلبنا تخصيص جزيرة سواكن لوقت معين، لنعيد إنشاءها وإعادتها إلى أصلها القديم، والرئيس البشير قال: نعم"، مضيفا أن "هناك ملحقا لن أتحدث عنه الآن".
وكانت صحيفة "الراكوبة" قالت إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أصر على أن يتولى حمايته في الخرطوم طاقم حراسة تركي يضم عشرات الضباط. وأفادت الصحيفة بأن ضباطا أتراكا وصلوا في وقت سابق من بدء زيارة الرئيس التركي إلى الخرطوم أمس الأحد، وأن هؤلاء "ضربوا طوق حراسة حول أردوغان منذ أن حطت طائراته في مطار الخرطوم، بل وتكفلوا بحمايته داخل مقر الرئاسة السودانية".
ونقلت "الراكوبة" عن صحفي سوداني قالت إنه طلب حجب اسمه، أن طاقم الحراسة التركي "يعطي رسالة سالبة عن قدرات السودانيين في تأمين ضيوفهم، ويقدح في السيادة الوطنية". وذكرت الصحيفة أيضا أن فريقا من الضباط الأتراك سافر "إلى سواكن التي تقرر أن يزورها أردوغان يوم الاثنين، وفرضوا طوقاً أمنياً على المكان، ورفضوا دخول السودانيين بالكلية".
السودان "الإخواني" في دائرة النفوذ التركي .. أردوغان يغري الخرطوم نكاية بالقاهرة!
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد وصل إلى الخرطوم، وسط توتر في علاقتها مع القاهرة، وذلك في مستهل جولة إفريقية تشمل السودان وتشاد وتونس. وكان في استقبال أردوغان، عند وصوله إلى مطار العاصمة السودانية، الرئيس السوداني عمر البشير، وعقيلته وداد بابكر عمر موداوي، إلى جانب السفير التركي لدى السودان عرفان نذير أوغلو، والسفير السوداني لدى أنقرة يوسف الكردفاني.
ورأى خبير عربي بارز أن حكومة الرئيس عمر البشير تعمدت فتح ملف الخلافات الحدودية بين السودان ومصر في حلايب وشلاتين، قبل ايام قليلة من استقبالها للرئيس التركي. قائلاً : ربما تريد الخرطوم أن تعطي إشارة للقاهرة، بأن المحور "الإخواني" في السياسة الإقليمية ما زال فاعلاً. ويمثل السودان عمقاً استراتيجياً حيوياً لمصر، وهناك شكوك بأن أردوغان يدير مواجهة خفية ضد حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ومن المعلوم أن أردوغان قد أعطى "الإخوان" المصريين مأوى وأموالاً ومحطات فضائية في تركيا.
ويرافق أردوغان في جولته عقيلته أمينة أردوغان، ورئيس الأركان خلوصي أكار، ووزراء الخارجية مولود جاويش أوغلو، والاقتصاد نهاد زيبكجي، والزراعة والثروة الحيوانية أحمد أشرف فاقي بابا، والثقافة والسياحة نعمان قورتولموش، والمالية ناجي أغبال، والتربية عصمت يلماز، والدفاع نور الدين جانيكلي، والمواصلات والاتصالات والنقل البحري أحمد أرسلان، فضلًا عن عدد كبير من رجال الأعمال.
ولفت هذا الخبير إلى أن تركيبة الوفد الرسمي المرافق لأردوغان تجعله يتوقع مزبداً من المغريات الإقتصادية والمالية التركية، التي سيعرضها أردوغان على البشير، لكي تعزز أنقرة نفوذها في السودان، بغية التشويش على المصالح المصرية هناك، والتمدد باتجاه إفريقيا. ويسيطر تنظيم "الإخوان" الطائفي على الحكم في تركيا وفي السودان.
واشار رئيس المجلس الوطني السوداني إبراهيم أحمد عمر إلى ان "أهل السودان يقفون مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صفا واحدا للدفاع عن قضايا الإسلام والقضية الفلسطينية وعاصمتها القدس"، مشيرا الى ان "علاقات البلدين شهدت حراكًا سريعًا، لكنها تطورت عقب وصول حزب العدالة والتنمية [“الإخواني”] إلى السلطة في تركيا سنة 2002، وأصبحت إستراتيجية". ولفت عمر إلى ان "زيارة أردوغان إلى السودان تمضي بتلك العلاقات نحو الأفضل"،
وتحاول تركيا بناء مجال نفوذ إفريقي خاص بها. وقد اسست قاعدة عسكرية في الصومال بذريعة التدريب والدعم اللوجستي. وتعتبر السودان المحطة الأولى من جولة أردوغان الإفريقية، التي تستمر من 24 وحتى 27 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وهي أول زيارة لرئيس تركي منذ استقلال السودان 1956.
وحسب صحيفة عكاظ السعودية، فقد طالبت مریم الصادق المھدي، نائب رئیس حزب الأمة، أردوغان "بأن یعتذر عن إرث العثمانیین السیئ، بكل ما فيه من أذى، قبل أن یطأ أرض بلادنا" السودان. وأضافت المهدي، إن "التاریخ العثماني مليء بسیئات خلَّفھا في أنحاء العالم الإسلامي". وأكدت بصفتھا من "أحفاد الذین طردوا العثمانیین من السودان بثورة ترفع رأس كل سوداني"، أن الدولة العثمانیة "الفاشلة والفاسدة أھدت العالم الإسلامي إلى دول الاستعمار بأبخس الأثمان".
لمحة تاريخية عن جزيرة سواكن
تميزت جزيرة سواكن السودانية في البحر الأحمر بتاريخ عريق وخاصة في فترة الإمبراطورية العثمانية البائدة (1516 ـ 1918)، حيث كانت مقرا سياسيا ومركزا للأسطول. وتقع هذه الجزيرة التي اتفقت الخرطوم وأنقرة مؤخرا على أن تتولى ترميمها وإدارتها تركيا، شمال شرق السودان، على الساحل الغربي للبحر الأحمر، وهي على ارتفاع 66 متر فوق سطح البحر. وتبعد سواكن عن العاصمة الخرطوم بنحو 642 كيلومتر، وعن مدينة بورتسودان 54 كيلومتر، وتقدر مساحتها بـ20 كلم مربع.
وتقول تقارير أن الجزيرة كان يقطنها ما يقارب 50 ألف نسمة، وفي الفترة ما بين عامي 1909 – 1922 هاجر معظم السكان إلى مدينة بورتسودان الواقعة على بعد 40 ميلا غلى الشمال منها. وقد أثرت عوامل الطبيعة في معظم مباني الجزيرة وتعرض معمارها للتلف، بسبب الاعتماد على الحجر الجيري في تشييده، ويسكن ما تبقى من سكان الجزيرة في الوقت الحالي في أكواخ. وقد اشتهرت جزيرة سواكن في القديم، "وكانت تمر بها الرحلات بعد عبور الموانئ المجاورة له مثل ميناء القنفذة وميناء جدة وميناء الليث وميناء ينبع بالسعودية، وميناءي القصير وسفاجا في مصر".
وكانت سواكن في الأصل جزيرة لكنها "توسعت إلى الساحل وما جاوره فغدت مدينة سواكن تضم الجزيرة والساحل"، وتعد الجزيرة منطقة "تاريخية قديمة تضم منطقة غنية بآثار منازل من القرون الوسطى مبنية من الحجارة المرجانية ومزدانة بالنقوش والزخارف الخشبية.
مركز الحقول للدراسات والنشر
25 كانون الأول / ديسمبر، 2017
26 كانون الأول / ديسمبر، 2017، آخر تحديث 11:38 بتوقيت القدس المحتلة