لم يستسغ الرئيس نبيه برّي توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوم دعوة المجلس النيابي إلى عقد استثنائي. وقال بري أمام زوّاره في عين التينة، أمس، إنها «لزوم ما لا يلزم». فالعقد العادي للمجلس النيابي، بحسب القانون، يبدأ في 15 تشرين الأول وفي 15 آذار، ويصبح المجلس في حالة انعقاد دائم، على أن تبدأ أولى الجلسات في أول ثلاثاء يلي تاريخ 15 تشرين الأول أو 15 آذار. وبالتالي، فإن العقد العادي يبدأ غداً الخميس، وإذا تقرّر التئام المجلس النيابي الثلاثاء المقبل، فإن هذه الجلسة ستكون خارج العقد الاستثنائي الذي وقّعه عون، ويختتم في 19 الشهر الحالي، أي يوم الإثنين المقبل. بالنسبة إلى بريّ، هي «خطوة لا يستفيد منها أحد، لا المجلس النيابي ولا رئيس الجمهورية»، إلّا «إذا كان المطلوب أن يقولوا إنهم هم من أنجزوا الموازنة وليس وزارة المال». ويضيف برّي أن من يريد الاستعجال بالموازنة كان عليه أن «لا يضيّع شهرين ونصف شهر، ولو كان هناك رغبة حقيقية لجرى فتح العقد الاستثنائي بداية العام الحالي بعد انتهاء العقد العادي، وليس الآن، مع بدء العقد العادي» …
اللواء
زياد عيتاني حرّاً.. والقضاة يتجهون لمقاطعة الإنتخابات
برّي ينتقد فتح دورة إستثنائية.. وجعجع يُعلن مرشَّحيه والتحالف مع الكتائب
بين إقالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزير خارجيته ريكس تيلرسون وتعيين مدير (CIA) مايك بومبيو (سي.آي.إيه) خلفاً له، تمّ طرد ستيف غولدشتاين مساعد تيلرسون، وإطلاق سراح الممثل زياد عيتاني، من قبل قاضي التحقيق العسكري رياض أبو غيدا، تمضي الجهود إلى مسارها سواء بعدما باتت موازنة 2018 على الطاولة في مجلس النواب، الذي فتح لدورة استثنائية لستة أيام، اعتبرها رئيس المجلس من لزوم ما لا يلزم، أو مؤتمر روما لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية، والذي يبدأ أعماله غداً الخميس، ويمثل لبنان فيه وفد يرأسه الرئيس سعد الحريري، ويكون في عداده الوزراء نهاد المشنوق وجبران باسيل ويعقوب الصرّاف ووفد من كبار الضباط، والمسار هو الانتخابات، حيث سيعلن بعد ظهر اليوم رئيس حزب القوات اللبنانية د. سمير جعجع أسماء مرشحي حزبه للانتخابات في كل الدوائر، والتحالف مع حزب «الكتائب» في عدد من الدوائر.
الموازنة
في هذا الوقت، احال الرئيس برّي فور وصول نسخ عن مشروع موازنة 2018 إلى المجلس من وزارة المال، نسخة منه إلى رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان (كما إلى بريد النواب) الذي سارع بعد تنظيم جدول الأعمال إلى توجيه الدعوة الأولى لعقد سلسلة اجتماعات مكثفة للجنة صباحية ومسائية، بدءاً من بعد غد الجمعة، للاستماع إلى وزير المال علي حسن خليل حول السياسة المالية العامة صباحاً، على ان تعقد جلسة بعد الظهر تخصص لموازنتي رئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء.
وتقرر وفق جدول أعمال اللجنة ان يكون آخر موعد في 24 آذار الحالي، لينصرف رئيسها لاعداد تقريره واحالته إلى رئاسة المجلس، الأمر الذي يمكن من إقرار الموازنة في أواخر الشهر الحالي أو في مطلع شهر نيسان المقبل، كما وعد الرئيس برّي، أي قبل الدخول في دوّامة الانتخابات النيابية، وقبل ذهاب الحكومة إلى مؤتمر باريس المقرّر في السادس من نيسان.
وأكّد النائب كنعان، على هامش جلسة مقررة سابقاً للجنة المال، جهوزية اللجنة لدرس وإقرار الموازنة بالرغم من كل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة، وبالرغم من الانتخابات النيابية ونهاية ولاية المجلس النيابي، داعياً النواب المرشحين وغير المرشحين إلى ان يتعاملوا مع ملف الموازنة كمصلحة وطنية عليا تتخطى الانتخابات.
وأعلن عن اتخاذ قرار بعقد جلسات يومية صباحاً ومساءً لنتمكن من الانتهاء من نقاش أساسي في الموازنة، ونفسح المجال امام الهيئة العامة لاقرارها.
يُشار إلى ان الرئيس عون وقع صباحاً مرسوم دعوة مجلس النواب إلى عقد استثنائي، مرفقاً بتوقيع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، على ان يبدأ هذا العقد في 13/3/2018، أي أمس، ويختتم في 19/3/2018 ضمناً، أي لمدة ستة أيام، قبل ان يدخل المجلس حكماً في دورته العادية الأولى في أوّل ثلاثاء يلي الخامس عشر من آذار (طبقاً للمادة 32 من الدستور)، وهو ما جعل الرئيس برّي إلى الانتقاد معلقاً رداً على سؤال حول مرسوم فتح الدورة الاستثنائية، بأنه «لزوم ما لا يلزم»، بمعنى ان المجلس بهيئته العامة لا يمكنه إقرار مشروع الموازنة، الا بعد درسه في لجنة المال والموازنة التي يمكنها ان تعقد جلسات من دون حاجة إلى دورة استثنائية أو عادية.
وفي سياق متصل، أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن الرئيس عون لم يروج لموضوع البواخر في ملف الكهرباء كما يشاع إنما قدم دراسة مدعمة بالأرقام وحدد الأهداف والحاجات وقدرات المعامل والإنتاج الكهربائي وبالتالي لم يسقط أهمية المعامل التي تشكل خيارا في هذا الملف.
ولفتت إلى أنه ليس صحيحا أن بناء المعامل قد يحتاج إلى ستة أشهر إنما أكثر من عام مؤكدة أن من لديه بدائل في هذا الملف فليقدمها مع العلم أن تأمين وسيلة لإنتاج الكهرباء من خلال آلباخرة يساهم في زيادة إنتاج مؤسسة كهرباء لبنان ويخفف الكلفة على المواطن الذي يدفع فواتير باهظة للمولدات الكهربائية.
مشيرة إلى أن كلفة فاتورة مؤسسة الكهرباء أرخص من كلفة فاتورة هذه المولدات خصوصا أن الكيلوواط أرخص في الحالة الأولى.
وتوقفت المصادر عند استهلاك النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين للكهرباء كبيرة ، لافتة إلى أنه من المهم تخفيف العجز والكلمة على المواطن أيضا.
إلى ذلك أفادت المصادر نفسها أن مؤتمر روما يشكل نموذجا لبقية المؤتمرات لجهة لما يمكن أن يكون عليه مدى تجاوب الدول والمؤسسات في مساعدة لبنان مع العلم أن مؤتمر سيدر ليس بمؤتمر مانحين إنما هو مؤتمر للاستثمار في مشاريع استثمارية وبالتالي ليس مثل مؤتمرات باريس 1 و 2 و 3 حيث كانت تتبرع دول بهبات إلى لبنان.
وقالت إن من الاهمية بمكان تقديم ورقة استثمارية تلفت نظر المستثمرين وتقدم تسهيلات ممكنة وجيدة.
تفاهم «قواتي» – كتائبي في زحلة وبيروت-1
انتخابياً، بقيت الاتصالات قائمة بين مرشحي القوى السياسية الأساسية، من أجل استكمال التحالفات وتشكيل اللوائح، قبل انتهاء المهلة اللازمة للعودة عن الترشيح في 22 آذار الحالي، ومهلة ايداع وزارة الداخلية اللوائح الرسمية منتصف ليل 26 الشهر.
وفيما أعلن المرشحان علي الجفاني عن المقعد السني في البقاع الغربي – راشيا، وأحمد الخير عن المقعد السني في المنية – الضنية، تأييدهما لأي خيار يأخذه الرئيس الحريري، سجل مساء أمس الاتفاق بين حزبي الكتائب و«القوات اللبنانية» على تشكيل لائحة مكتملة في زحلة، وكذلك الأمر في بيروت الأولى، في حين استمر التباين بينهما على صعيد الدوائر الأخرى، مثل كسروان والشمال الثالثة، وبعبدا والمتن.
وكشفت معلومات «اللواء» ان لائحة «القوات» والكتائب في زحلة، ضمّت كلاً من: القاضي السابق جورج عقيص وميشال فتوش عن الكاثوليك، والنائب ايلي ماروني عن الموارنة، وسيزار معلوف روم ارثوذوكس، وبوغوص كرديان ارمن، ومحمد ميتا سني، وعامر الصبوري شيعي.
وقال النائب ماروني لـ «اللواء» ان هذه اللائحة هي الاولى التي تعلن في زحلة، والاولى في لبنان بين الطرفين، وانه تم التقاط الصورة الجامعة للائحة مساء امس، وسيتم الاعلان عنها رسميا في احتفال كبير في فندق قادري الكبير يوم الاحد المقبل في الساعة العاشرة والنصف.
ورد عضو المكتب السياسي الكتائبي الوزير السابق الان حكيم التفاهم مع «القوات» في زحلة وبيروت الاولى الى تقارب واندماج قواعد الحزبين، والى وجود مرشحين مستقلين في لائحتي زحلة وبيروت الاولى خلافا للوضع في بعبدا. وقال لـ«اللواء»: ان لائحة الكتائب في المتن الشمالي باتت شبه منجزة وتجري اتصالات لاستكمالها بالمرشحين الارمني والكاثوليكي قريبا.
وبهذا تتجه الامور في زحلة لمعركة بين اربع لوائح منها ثلاث للاحزاب وواحدة لـ«حزب سبعة» الممثل للمجتمع المدني، وباتت بعض اللوائح شبه منجزة لكن الاتصالات للتحالف ما زالت قائمة لاستكمال كل اللوائح.
وذكرت المعلومات ان العمل جار لتشكل لائحة تضم النائب نقولا فتوش عن الكاثوليك ومرشح «الثنائي الشيعي» انور حسين جمعة، والنائب والوزير الاسبق خليل الهراوي (ماروني)، وناصيف التيني ممثلا الحزب القومي او ضرغام توما (ارثوذوكس)، وإدي دمرجيان عن الارمن.
وذكرت مصادر لائحة الوزير فتوش ان الاتصالات جارية مع مرشحي العائلات السنية لاختيار المرشح السني، سواء من آل عراجي أو آل الميس. وانها يمكنها ان تحصل على حاصل انتخابي بنسبة اثنين فاصل ثمانية، ما يعني ضمان ثلاثة نواب لها من اصل سبعة عدد مقاعد الدائرة..
اما اللائحة الثانية فتضم تحالف «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل»، وتضم مبدئيا النائب عاصم عراجي (سنة) ونزار دلول (شيعي) عن «المستقبل»، والنائب السابق سليم عون (تيار حر- ماروني)، وميشال ضاهر وميشال سكاف (كاثوليك) واسعد نكد (ارثوذوكس)، كما تجري اتصالات مع حزب «الطاشناق» لبحث امكانية الانضمام للائحة. ويمكن لهذه اللائحة ان تحصل ايضا على حاصل يعطيها ثلاثة مقاعد.
لكن بعض المعلومات اشارت الى اتصالات مع رئيسة الكتلة الشعبية السيدة ميريام سكاف للانضمام الى اللائحة وفي حال تم ذلك سيختلف الامر وتتغير بعض الاسماء. اما اذا فشل التفاوض فتشكل السيدة سكاف لائحة خاصة بها.
بعبدا
وفي دائرة بعبدا ذكرت بعض المعلومات انه لم يجرِ الاتفاق بين حزب الكتائب و«القوات» ولا بين «الكتائب» وممثلي المجتمع المدني، لكن تم التفاهم مساء امس بين رئيس الكتائب النائب سامي الجميل والمدير الطبي لمستشفى جبل لبنان الدكتور ايلي غاريوس المرشح عن المقعد الماروني، على خوض الانتخابات على لائحة واحدة. وتستمر المشاورات بين الطرفين لاستكمال اللائحة تمهيدا لاعلانها في اقرب وقت.
وتم تأكيد تحالف التيار الحر مع الثنائي الشيعي وبقي التفاهم على المرشح الدرزي، الذي سيكون اما النائب فادي الاعور من التيار الحر وإما مرشح الحزب الديموقراطي (طلال ارسلان) الدكتور سهيل الاعور اذا تم التفاهم بين التيار والديموقراطي في دائرة الشوف- عاليه. وهو ما سيظهر خلال ايام.
وفيما خص لائحة «القوات» والحزب التقدمي الاشتراكي والمستقلين في بعبدا، فقال مرشح القوات الوزير بيار بوعاصي لـ«اللواء»: ان الاتصالات مستمرة ولا شيء ثابتا سوى التحالف مع الحزب الاشتراكي، وسيكون المرشح الشيعي على الارجح النائب السابق صلاح الحركة، وربما ابقينا المقعد الشيعي الثاني خاليا..
الشمال الثالثة
وفي ما خص دائرة الشمال الثالثة، قال النائب بطرس حرب ل «اللواء»: انه يُجري اتصالاته مع كل الاطراف بلا استثناء، والثابت الوحيد حتى الان التحالف بيني وبين تيار «المردة» والحزب القومي في دائرة الشمال الثالثة، علما اني لست عضوا في لائحة بل انا شريك في تشكيل لائحة، وهي تضم حتى الان بطرس حرب عن البترون، وطوني سليمان فرنجية والنائبين اسطفان الدويهي وسليم كرم عن زغرتا، وسليم سعادة عن الكورة، ووليم طوق عن بشري.
واضاف: انا لا زلت اقوم باتصالاتي مع حزب «الكتائب» من خلال النائب سامر سعادة لبحث امكانية الانضمام الى اللائحة، لكن هناك مشكلة عدم وجود قرار لدى «الكتائب» والحزب القومي للتحالف في لائحة واحدة، مع اني احبذ التحالف مع «الكتائب» نظرا للتقارب السياسي بيننا.كما اني اقوم باتصالات مع المرشح المستقل روي عيسى الخوري في بشري، ونقولا غصن في الكورة، لأني منفتح على الكل. ويفترض ان تتبلور الصورة نهائيا هذا الاسبوع او الاسبوع المقبل على ابعد تقدير.
وقال المرشح القواتي فادي سعد عن المقعد الماروني في الدائرة نفسها، ان الأولوية لديه هي للتحالف مع الكتائب، لافتاً إلى ان «خياراتنا مفتوحة على ما يشبهنا» مشيرا إلى ان «القوات» لا يمكن ان تتخلى عن مقعدها في البترون، والذي كان لها منذ العام 2005.
ويطلق حزب القوات من مسرح «البلاتيا» في جونية حملته الاتخابية اليوم بعنوان «صار بدا» بحضور مرشحي الحزب وحشد من المؤيدين.. ويلقي كل مرشّح كلمة صغيرة، وتتوج بكلمة لجعجع التي ستكون في العامية، ومن دون كلفة استناداً إلى موقع «القوات».
وسيتوقف عن مصادرة حزب الله قرار الدولة الاستراتيجي وسيدعو إلى التصويت بكثافة لمرشحيه، وعدم الاقتراع لأسباب شخصية… أو الاقتراع لأصحاب العناوين الكبيرة.
وفي سياق متصل، يتعلق بالانتخابات والاتجاه لدى القضاة لعدم ترؤس لجان القيد في الانتخابات استغرب وزير العدل سليم جريصاتي توقف القضاة عن العمل، واصفا خطوته بأنها غير مفهومة، خصوصا ان مطلبهم تحقق في الموازنة، وباتوا يستفيدون من صندوق تعاضد القضاة، معتبراً ان المطالبة بسلسلة خاصة لا يتناسب، في هذا التوقيت، مع عنوان الموازنة التقشفية.. نافيا ان يكون هناك خطر على الانتخابات وعمل لجان القيد، التي يرأسها قضاة.
وكان مجلس القضاة الأعلى عقد اجتماعاً بعد ظهر أمس بحضور رئيس مجلس شورى الدولة ورئيس ديوان المحاسبة والرؤساء الأوّل لمحاكم الاستئناف في المحافظات.
وجرى التداول في مطالب القضاة في الموازنة، واتفق على عقد جمعية عمومية قريباً، يتلو خلالها رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي جان فهد بياناً لوضع الرأي العام في ما يواجهه القضاة على الصعد كافة، والمحافظة لتحصين أوضاعهم، وابقي على عقد الجلسات مفتوحة.
اخلاء سبيل عيتاني
قضائياً، ترك اخلاء القضاء اللبناني سبيل الممثل زياد عيتاني، بعدما تبين ان لا صحة لتهمة تعامله مع إسرائيل ارتياحاً في الأوساط البيروتية وعائلة الفنان عيتاني.
بالمقابل، أصدر القاضي ابوغيدا مذكرة توقيف بحق المقدم في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج ومقرصن المعلوماتية ايلي غبش، بعد اجراء مقابلة بينهما، على الرغم من نفي التهم التي وجهها إليها لجهة فبركة المعلومات.
ووجه عيتاني، الذي توجه إلى بيت الوسط لشكر الرئيس الحريري تحية لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء والوزير المشنوق، متسائلاً: «انني فنان ابن مسرح، فكيف اتهم بأبشع التهم؟».. مضيفاً: «انقذ فرع المعلومات العهد من الفضيحة».
وتوجه عيتاني إلى منزله في الطريق الجديدة، واستقبله هناك اقاربه وحشد من أبناء المنطقة والأصدقاء احتفالاً باستعادة الحرية..
البناء
ترامب يضرب مجدّداً: إقالة تيلرسون ومعاونيه… وتسليم الخارجية والأمن القومي للمخابرات
تصعيد روسي أميركي في سورية… وتهدئة في الانتخابات الرئاسية وكوريا وجاسوس لندن
الإفراج عن عيتاني واتهام الحاج بالفبركة… واللبنانيون ينتظرون سماع أجوبة مقنعة لأسئلتهم
فعلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجدّداً وأطاح المزيد من الرؤوس في فريقه. والضحية هذه المرّة وزير خارجيته ريكس تيلرسون ومعاونيه في وزارة الخارجية، ليكون تيلرسون رقماً جديداً بين أصدقاء ترامب الشخصيّين الذين يخرجون بإذلال من فريقه، مع روايات متعدّدة للأسباب بين طلب سعودي إماراتي لاتهام تيلرسون بالوقوف مع قطر في النزاع الخليجي، وقراءة للتصعيد في سورية يفتح باب المواجهة بين موسكو وواشنطن، خصوصاً مع المجيء برئيس المخابرات مايك بومبيو وزيراً للخارجية. وهو الآتي من رئاسة المخابرات وقبلها من لجنة الاستخبارات في الكونغرس، وصاحب المواقف المتشدّدة تجاه روسيا وإيران، بينما تتحدّث وسائل الإعلام الأميركية عن انفراجات روسية أميركية في ملفات لا تقلّ أهمية عن الصراع في سورية، ويتقدّمها ملف التفاوض الأميركي مع كوريا الشمالية الذي يشكل الملف الأول للرئيس الأميركي، والذي لعبت فيه روسيا دوراً مهماً، كما كان بومبيو صاحب الدور الأبرز في فريق ترامب الذي مهّد لبلوغ هذه المرحلة، كما كان خروج لجنة الاستخبارات في الكونغرس التي لا يزال لبومبيو يد في صياغة قراراتها بنفي أيّ تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية. وتمتدّ ملفات التهدئة الأميركية مع روسيا لتطال ملف الاتهام البريطاني لموسكو بتصفية العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال، وتنأى واشنطن عن مشاركة لندن الحملة على روسيا، وكان اللافت أنّ تيلرسون هو المسؤول الأميركي الوحيد الذي شارك بريطانيا اتهامها لروسيا، وهو ما وصفه الكرملين بالمحاولة السخيفة للتأثير على الانتخابات الرئاسية الروسية، لتكون الحصيلة اهتزازاً في صورة الإدارة داخلياً وخارجياً، توقعت مصادر دبلوماسية متابعة لعمل الإدارات الأميركية أن يؤثر على صناعة القرار لأسابيع ضرورية تسبق تمكّن الوزير الجديد من إمساك ملفاته وتكوين فريقه، ما يجعل هذه المصادر تجزم باستحالة ربط التغيير بنيات أميركية لعمل عسكري في سورية في ظلّ تهديد روسي بالردّ بينما رأت هذه المصادر في التغييرات تسليماً عملياً لملفي السياسة الخارجية والأمن القومي للمخابرات ورجالها وسيداتها، الذين وصلت أبرزهن جينا هاسبيل لمنصب رئيسة المخابرات، وما يبدو تمهيداً لتسلمها منصب مستشار الأمن القومي الذي يشغله هربرت ماكماستر المرشح التالي لتيلرسون للمغادرة من فريق ترامب.
في سورية، واصل الجيش السوري عملياته في الغوطة بدعم ناري روسي، محققاً المزيد من التقدّم بدخول قرى جديدة في جنوب الغوطة، بعدما عزّز إحكام الطوق حول دوما وما تبقّى من حرستا، فيما كان اللافت البيان الرسمي للأركان الروسية الذي هدّد واشنطن بضرب منصات الصواريخ التي تستهدف أيّ مواقع في سورية أو تعرّض حياة الجنود الروس للخطر، وما تبعه من تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لنيات موسكو بالردّ على أيّ عمل عسكري أميركي ووصفه الحديث عن خطر استخدام سلاح كيميائي بالتمهيد لفبركة ذريعة مكشوفة لتبرير التدخل العسكري.
لبنانياً، شكل الإفراج المتوقع عن الفنان زياد عيتاني وتوقيف المقدّم سوزان الحاج والمقرصن إيلي غبش بتهمة فبركة ملف التعامل مع «إسرائيل» لعيتاني الحدث الأبرز، مع بقاء التريّث سيد الموقف في التحالفات الانتخابية وتشكيل اللوائح، بينما سلكت الموازنة طريقها إلى المجلس النيابي، وفيما بدا قرار القضاء بالإفراج عن عيتاني موضع ترحيب شعبي وسياسي وإعلامي، وموضوع تعاطف بوجه فبركة التهم التي صارت تهمة لضباط كبار في الأجهزة الأمنية، بقيت أسئلة كبرى ينتظر اللبنانيون جواباً مقنعاً عليها، أبرزها تفسير منطقي شفاف للأسباب الموجبة للفبركة، وتفسير موازٍ لكيفية تورّط جهاز أمني كبير هو جهاز أمن الدولة بالسير بتهم مفبركة لا يمكن لضابط واحد مهما علا شأنه أن يفرضها دون خضوعها للتدقيق، ومع ذلك كشف حقيقة اعترافات عيتاني ومدى صحة الكلام عن انتزاعها تحت التعذيب، كما صرّح عيتاني بعد الإفراج عنه. والأهمّ هو: هل هذه القضية الوحيدة التي تمّ توجيه اتهامات فيها بفبركة أدلة؟ وما هو حجم القضايا التي تشكل داتا الاتصالات العنصر الحاسم في الاتهام فيها؟ وهل ستتمّ مراجعتها مجدّداً؟ وهل تندرج بينها داتا الاتصالات الخاصة بالمحكمة الدولية التي سلّمتها أجهزة أمنية لبنانية للمحكمة وبُني عليها أغلب ما في الاتهامات، وبعدما كانت معادلة الأجهزة الأمنية تقول إنّ مستندات الداتا أدلة لا تقبل الشك ولا يمكن العبث والتلاعب بها، ها هي تقول إنها أدلة يسهل الطعن بها وتبرئة المتهم على أساسها، لأنها قابلة للعبث والتلاعب ويمكن فبركتها. وأخيراً ثمة من يجب أن يجيب اللبنانيين عن سؤال: إذا كان انتقام ضابط لسبب محض شخصي مع شخص يحمل اسم عيتاني قد سبّب له هذه المحنة باستغلال مقدرات أمنية استعملت سابقاً وجرى استعمالها في قضية عيتاني لفبركة أدلة وتوجيه اتهام، فمن يحمي من يختلف بشخصه الحقيقي مع مَن هم أهمّ من المقدّم الحاج، مما هو أعظم وعلى قضايا أشدّ أهمية؟
إخلاء سبيل عيتاني يطرح تساؤلات عدة
بين طغيان الملف الانتخابي على المشهد الداخلي وانطلاق الفصل الثاني من مسلسل إنجاز الموازنة مع توقيع رئيس الجمهورية مرسوم فتح عقد استثنائي للمجلس النيابي لمناقشة مشروع قانون موازنة 2018 والتصديق عليها، خطف ملف المسرحي المفرج عنه زياد عيتاني الأضواء بعد أن أماط القضاء اللبناني أمس، اللثام عن جزءٍ من الغموض الذي اعترى قضية شغلت الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية وكادت تأخذ البلاد الى اشتباك سياسي وصراع بين الأجهزة الأمنية لولا تدخل الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري لاحتواء الموقف وسحب الملف من التداول الإعلامي ووضعه في إطاره القضائي والقانوني.
وبعد 4 أشهر على توقيفه، أصدر قاضي التحقيق العسكري رياض أبو غيدا قراراً قضى بإخلاء سبيل عيتاني، بعد أن خضع لتحقيق دقيق أجراه فرع المعلومات في مديرية قوى الأمن الداخلي. كما أصدر ابو غيدا مذكرة توقيف في حقّ المقدم في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج وتمّ استجوابها ومواجهتها مع المقرصن إيلي غبش، كما استمع لإفادة زوجة غبش حول أن الحاج عرضت عليها مبلغاً ضخماً مقابل تراجع زوجها عن اعترافاته. كما سمح مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس لزوج الحاج المحامي زياد حبيش بمقابلتها ثلاث مرات في الأسبوع. ونفت الحاج الاتهامات بحقها وأصرّت على أقوالها، ومن المتوقع أن يجري ابو غيدا مقابلة بين ضباط من فرع المعلومات وآخرين من أمن الدولة لتبيان حقيقة تضارب المعلومات والأدلة بين الجهازين.
أُخلي سبيل عيتاني، لكن جملة من الأسرار لا زالت مخفية في سجن المعنيين في هذا الملف، فلماذا تحرّكت هذه القضية تحديداً بسرعة درامية قبيل الانتخابات النيابية، علماً أن ملفات وقضايا عدة بقيت في أدراج القضاء لأعوام وعقود ولا يزال بعضها حتى اليوم؟
أما اللافت فهو الإحاطة السياسية لعائلة عيتاني التي تفضح الاستغلال الانتخابي للملف، حيث تحوّل منزل زياد عيتاني محجة سياسية وانتخابية ومنبراً لإطلاق المواقف والشعارات الانتخابية بهدف استمالة عائلة عيتاني لرفع الحاصل الانتخابي في بيروت التي عادة ما تسجل أدنى نسبة اقتراع في لبنان. وما يزيد الشكوك حول الاستغلال الانتخابي هو التصويب على جهاز أمني معين واتهامه بتعذيب عيتاني ومطالبة بعض السياسيين باستقالة المسؤول عن هذا الجهاز في إشارة الى مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا فيما المحققون في الجهاز أجروا التحقيقات مع المشتبه به عيتاني بناءً على معلومات وأدلة وعلى اعترافات عيتاني وبإشراف القضاء المختص؟
وإذا كان جهاز أمن الدولة قد أكد في أكثر من بيان أن تحقيقات الجهاز مع عيتاني تمّت تحت إشراف القضاء، فكيف أعلن عيتاني أن اعترافاته تمّت تحت التعذيب؟ فهل كان القضاء شاهداً على ممارسات تعذيب عيتاني ولم يحرّك ساكناً؟ وإذا كان الاتهام موجهاً الى المقدم الحاج بتركيب وفبركة أدلة لتوريط عيتاني، فهل ثمة مَن ركّب للحاج ملفاً لإدانتها؟ وهل ثمة من فبرك أدلة مزورة في قضايا سابقة وربما سيتكرر الأمر نفسه في قضايا مستقبلاً؟ ومَن يرد ثقة المواطن بالأجهزة الأمنية وبالسلطة السياسية القيمة على الأجهزة؟ وإذا كان بعض المسؤولين في الدولة أنصف عيتاني لتعرّضه للظلم، بحسب تعبيرهم، ومطلوب في كل وقت إنصاف المظلومين، فلماذا لا ترد الدولة الاعتبار وتقدّم الاعتذار لقيادات أمنية وعسكرية تمّ اتهامهم زوراً وبأدلة مفبركة باغتيال الرئيس رفيق الحريري وقضوا 4 سنوات في السجن؟
وبحسب معلومات «البناء» فإن جهاز أمن الدولة يملك تسجيلات وصوراً وأدلة تؤكد ما أدلى به عيتاني من اعترافات عن تواصله مع عميلة الموساد «الإسرائيلي» «كوليت». والمرجّح، بحسب معلومات «البناء» أن «يلجأ جهاز أمن الدولة الى وضع هذه الأدلة في متناول الرأي العام، ما سيدحض اتهامات عيتاني للجهاز بتعذيبه لانتزاع اعترافات منه، حيث جرى التحقيق تحت إشراف القاضي جرمانوس.
وتؤكد مصادر متابعة للملف لـ»البناء» أن «النية الجرمية لدى عيتاني موجودة للتعامل مع إسرائيل بمعزل عن ملف المقدّم سوزان الحاج»، مضيفة أن «إخلاء سبيل عيتاني لا يعني براءته، فالملف لم ينته وقد تحصل تطورات جديدة في القضية ويجري استدعاؤه الى التحقيق»، غير أن السؤال الرئيس في القضية هو كيف يُلقى عبء الاتهام كله على المقدّم الحاج بتلفيق أدلة لتوريط عيتاني بالتعامل مع «اسرائيل»، في ما اعترف عيتاني، بحسب تحقيقات أمن الدولة، بأنه كان على تواصل مع عملية الموساد كوليت منذ العام 2014، وحينها لم يكن هناك أي خلاف شخصي بين عيتاني والحاج؟
وأشارت معلومات «البناء» إلى أن «توقيف عيتاني لم يتم بناءً على أي معلومات من جهاز أمني آخر، بل بناءً على معطيات ومعلومات توفرت لأمن الدولة الى جانب اعترافات عيتاني». وكان لافتاً أيضاً امتناع عيتاني عن الإجابة أكثر من مرة على سؤال حول تواصله مع العميلة «كوليت».
وأكد وكيل الدفاع عن الحاج الوزير السابق رشيد درباس أنه يعمل «من ضمن فريق مؤلف من خمسة محامين سيتولّون الدفاع عن الحاج»، مشيراً الى «الاستعانة بخبراء فنيين لدحض الأدلة التي ستعتمد ضد موكلته إذا اقتضت الحاجة».
وكان عيتاني فور تخلية سبيله توجه الى بيت الوسط والتقى الحريري الذي توجّه إليه بالقول: «بآخر المطاف، القضاء حقق العدالة، ولا شك في أن بعض الأخطاء ارتكبت، ولكن الدولة وأجهزتها قامت بواجباتها وكانت معلومات خاطئة قد وردت إليها، وهناك ظلم تعرّضت له، والحمدلله وصلنا إلى هنا».
عقد استثنائي وجلسات للجان لدرس الموازنة
على صعيد آخر، وقّع الرئيس ميشال عون أمس، مرسوم دعوة مجلس النواب الى عقد استثنائي يبدأ في 13/3/2018 ويختتم في 19/3/2018 ضمناً. وحددت المادة الثانية منه برنامج أعمال العقد بما يلي: مشروع الموازنة العامة للعام 2018 والموازنات الملحقة. مشاريع القوانين المحالة الى مجلس النواب والتي ستحال اليه، سائر مشاريع القوانين والاقتراحات والنصوص التي يقرّر مكتب المجلس طرحها على المجلس. ووقع المرسوم الى الرئيس عون، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري.
وأكد عون في تغريدة «أنه مع إنجاز الموازنة بضبط الايرادات والإنفاق والبدء بتخفيض العجز، تحققت اهم عملية لإدارة المال في الدولة». بينما أشار بري الى أن العقد الاستثنائي «لزوم ما لا يلزم»، باعتبار أن العقد المجلسي العادي يبدأ في 20 الحالي.
وبقيت أرقام الموازنة محل متابعة وتدقيق، حيث أشار خبراء ماليون لـ «البناء» إلى أن «الموازنة أُنجزت بشكل سريع ومتسرّع بناءً لطلب المجتمع الدولي والقيّمين على مؤتمرات الدعم الدولي للبنان وجاءت الموازنة بشكلها الحالي كمخرج لتلبية هذه الرغبة الدولية». وشكك الخبراء في «دقة الأرقام ونهائيتها وبإمكانية الحكومة الالتزام بها لا سيما النفقات الى جانب الإيرادات التي أعلن وزير المال علي حسن خليل أنه لم تتم الموافقة النهائية على أرقامها».
وأشاروا الى كلام خليل حول إمكان الدولة بناء أبنية لصالح الدولة، بما يعادل قيمة إيجار لمدة خمس سنوات. وتساءلوا: «لماذا تخلّفت الحكومات المتعاقبة عن بناء هذه الأبنية منذ عشرين عاماً، وما يحقق ذلك من وفر كبير للخزينة؟». ولفت الخبراء الى «زيادة حجم الدين الى 5 مليارات دولار كل عام على أن يرتفع هذا العام الى 7 مليارات، الأمر الذي يزيد خدمة الدين».
وعن الهندسة المالية التي ينوي مصرف لبنان إجراءها، أوضحت أن «المصرف سيقوم بعملية استبدال ديون بفائدة عالية بديون بفائدة أقل لتخفيض خدمة الدين العام، وذلك من خلال شراء سندات خزينة بقيمة 5 مليارات دولار»، لكنهم حذروا من «أن ذلك سيرفع الدين بالعملات الأجنبية». وشدّدوا على «ضرورة صرف القروض الدولية بمجالات استثمار مفيدة للاقتصاد اللبناني، وألا تكون نتيجتها رفع حجم الدين فقط».
وأعلن رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب إبراهيم كنعان عن عقد جلسات صباحية ومسائية لدراسته، متمنياً على «الزملاء النواب المرشحين وغير المرشحين ان يتعاملوا مع ملف الموازنة كمصلحة وطنية عليا تتخطّى الانتخابات، لأن من الضروري ان نعكف على دراسة الموازنة وإقرارها، وان نستكمل عملنا».
وتوقعت مصادر نيابية لـ «البناء» أن تسلك الموازنة طريقها بسلاسة نحو الإقرار في المجلس النيابي لوجود اتفاق سياسي بين الرؤساء الثلاثة لإنجاز الموازنة قبل انطلاق المؤتمرات الدولية وقبل نهاية ولاية المجلس الحالي.
الجمهورية
جنبلاط: العالم على مزاج ترامب وصهــره… وتحرُّك قضائي يُهدِّد الإنتخابات
إنشغل العالم، ومعه لبنان، بإقالة الرئيس دونالد ترامب وزير خارجيته ريكس تيلرسون بتغريدة «تويترية»، وعيّن مكانه مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو، وأسند إدارة الوكالة الى نائبة بومبيو، جينا هاسبل، العاملة فيها منذ 30 عاماً. وقد اثارت هذه الخطوة مخاوف لدى كثيرين، خصوصاً انه ستكون لها مفاعيل حتمية على منطقة الشرق الاوسط بما فيها لبنان لأنّ ترامب ربط إقالة تيلرسون بالملف النووي الايراني، بما يوحي أنّ الادارة الاميركية ستعاود فتح هذا الملف مجدداً، ما يؤسّس لفترة مضطربة ستشهدها المنطقة. وفي هذا السياق، لفت موقف النائب وليد جنبلاط الذي اعتبر إنّ إقالة تيلرسون «بهذه الطريقة يعني انّ العالم سيدخل مرحلة من التوترات، وربما الحروب، ومنطقتنا من الاراضي الخصبة وذات القابلية العالية»، ورأى انّ العالم يعيش اليوم «على مزاج شخص الرئيس الاميركي وصهره وحلقة من المتطرفين». مؤكداً «انها مرحلة ستكون أسوأ من ايام الحرب الباردة». وقال: «ألله يستر». (التفاصيل ص 16)
داخلياً، لم تحجب براءة الممثل المسرحي زياد عيتاني من تهمة التعامل مع إسرائيل وإطلاقه بعد توقيفه مئة يوم، وتوقيف المقدّم سوزان الحاج بعدما واجَهها قاضي التحقيق العسكري الاول رياض أبو غيدا مع المقرصن إيلي غبش، الاهتمامات عن ملفّي الموازنة العامة للسنة الجارية والتحضيرات للانتخابات النيابية المقررة في 6 ايار المقبل.
إنتخابات
إنتخابياً، ومع تقلّص المدة الزمنية الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية في 6 ايار المقبل، وفي ضوء ضغط مهل تسجيل اللوائح التي تنتهي ليل 26 آذار الحالي، بدأت تتضِح بعض اللوائح في عدد من الدوائر.
وبعد اعلان تيار «المستقبل» أسماء مرشحيه في مختلف الدوائر الإنتخابية، سيشهد اليوم محطتين، الاولى إنتخابية لـ«القوات اللبنانية» تعلن خلالها أسماء مرشحيها وبرنامجها الانتخابي في احتفال يُقام عصراً على مسرح «بلاتيا» في ساحل علما، والثانية سياسية لـ«التيار الوطني الحر» الذي يتحدث رئيسه الوزير جبران باسيل مساء في العشاء السنوي التمويلي لـ«التيار» في «الفوروم دو بيروت»، تاركاً الكلام الانتخابي الى الاحتفال الذي سيقيمه التيار في 24 الجاري ويعلن خلاله أسماء مرشحيه وبرنامجه الانتخابي.
«القوات»
وعشيّة إعلانها مرشحيها تحدثت مصادر حزب «القوات اللبنانية» عن «مشهدية سياسية متكاملة وغير مسبوقة». وقالت لـ«الجمهورية» انّ رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع سيركّز في كلمته اليوم على العناوين الآتية:
ـ العنوان الأول: محطة 14 آذار، حيث سيؤكد انّ اختيار تاريخ 14 محطة لإعلان «القوات» برنامجها ومرشحيها للإنتخابات النيابية لم يكن وليد المصادفة، إنما حصل عن سابق تصور وتصميم نظراً الى تعلّق «القوات» بهذه المحطة ومعانيها الوطنية وأبعادها السياسية، وسيؤكد انّ 14 آذار «باقية باقية باقية، والنصر سيكون لها».
ـ العنوان الثاني: «حزب الله» ومصادرته قرار الدولة الاستراتيجي الذي يحوِّل الدولة في لبنان دولة صوَرية لا فعلية، ويرتدّ سلباً على كل الجوانب الحياتية للناس، فيما المطلوب من الناس أن لا تقترع لكل من يغطّي هذا الواقع الذي يبقي الدولة ضعيفة وشكلية.
ـ العنوان الثالث: «دولة المزرعة» التي دفعت الناس وتدفعهم إلى اليأس والهجرة والقرف، فلا دولة السيادة قائمة ولا دولة المحاسبة موجودة، وخريطة الطريق للتخلّص من الفساد واضحة جداً بالنسبة إلى جعجع هي دعوة الناس إلى الاقتراع لغير الفاسدين و«صار واضح مِتل عين الشمس مين فاسد ومين مش فاسد».
ـ العنوان الرابع: دعوة الناس إلى الاقتراع لمَن هو قادر على التأثير والتغيير وتحسين حياة الناس من قيام الدولة الفعلية إلى معالجة الأزمات الكبرى كالأزمة المالية والمعيشية ومشكلة الكهرباء والسير والبيئة، وبالتالي الاقتراع لمَن لديه سياسات عامة واضحة وتجربة في كل الميادين، والأهم من لديه القدرة على ترجمة هذه السياسات، والمقصود «الأحزاب ومن ثم الأحزاب ومن ثم الأحزاب».
ـ العنوان الخامس: سيتحدث فيه جعجع عن «القوات» في المعارضة والحكومة وعن ممارستها ومقاربتها للشأن العام، وعن ثباتها على المبادئ الوطنية ونضالها دفاعاً عن السيادة والحرية والاستقلال ومكافحة الفساد وإرساء نمط جديد من الممارسة السياسية القائمة على القيَم والأخلاق والنزاهة.
مطالب القضاة الى الواجهة
وفي هذه الأجواء، قفزت مطالب قضاة لبنان العدليين والإداريين والماليين الى الضوء مجدداً من خلال إعلانهم الاعتكاف الشامل والتوقف عن العمل بدءاً من 19 الجاري، مع طلب تجميد العمل في لجان الإنتخابات ما سيعطّل عمل لجان الفرز الابتدائية والعليا.
وقالت مصادر قضائية انّ القرار صدر عقب اجتماع ضمّ العشرات من القضاة، وانتهى الى تأكيد مطالبهم الأساسية المزمنة التي طال انتظارها وعرضت على أكثر من مرجعية حكومية ونيابية، وكان آخرها وزير المال علي حسن خليل. وهي تختصر بإضافة 3 درجات استثنائية الى رواتبهم. والأهمّ يكمن في استعادة ما فقدوه من صندوق التقاعد وتعزيز موارده وتقديماته قبل التعديلات الأخيرة التي طرأت أثناء البحث في موازنة العام 2017 وطاولت التقديمات الإجتماعية والتربوية، وهو ما كان القضاة يعتبرونه إنجازاً محققاً لا يمكن التخلّي عنه بهذه السهولة وبشحطة قلم.
وعلمت «الجمهورية» انه وبنتيجة للإتصالات التي تكثّفت عقب الخطوة ولا سيما الحركة التي قام بها رئيس مجلس القضاء الأعلى، أعطى القضاة مهلة إضافية قبل البَتّ النهائي بتجميد العمل بعد 19 من الجاري، مخافة انعكاساتها السلبية على قضايا المواطنين والإنتخابات النيابية، خصوصاً انّ الأعضاء في لجان القيد مدعوون الى مجموعة اجتماعات لشرح وتفسير أعمال لجان القيد وطريقة التعاطي مع قانون الإنتخاب الجديد، ولا سيما منها تلك المتّصلة بالتدريب على طريقة احتساب «الحاصل الإنتخابي» في المراحل التي يمكن ان تقود إليها العملية الإنتخابية.
وعقد اجتماع طارىء عصر امس في مقر مجلس القضاء الأعلى برئاسة رئيسه، وحضور الرؤساء الأُوَل الإستئنافيين في كل المحافظات، ورئيسي مجلس الشورى وديوان المحاسبة والمدعي العام المالي (في اعتباره رئيساً لصندوق التعاضد)، خصّص للبحث في هذه المطالب بغية تطويق ردّات الفعل، وسعياً الى ترتيب المخارج الممكنة تلافياً للوصول الى مرحلة تثير المخاوف حول بعض الإستحقاقات القضائية والإنتخابية.
مؤتمر «روما 2»
وفيما يغادر الحريري لبنان اليوم الى العاصمة الايطالية للمشاركة في أعمال مؤتمر «روما 2» المخصّص لدعم الجيش والمؤسسات الأمنية، سَبقه اليها أمس كل من قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إضافة الى عدد من الضباط الكبار، وذلك تحضيراً لاجتماعات اليوم المقررة على مستوى اللجان المتخصصة، والتي ستبحث في مضمون التقرير الذي وضعته القيادة العسكرية وحَدّدت فيه حاجات الجيش والاجهزة الامنية الى مختلف أنواع أسلحته البرية والبحرية والجوية، وذلك تحت عنوان «الخطة الخمسية للأعوام 2018 – 2022».
وعلمت «الجمهورية» انّ الإتصالات التي جرت قبل المؤتمر أنجزت التحضيرات لسلسلة اجتماعات جانبية سيعقدها قائد الجيش مع قائد الجيوش الإيطالية الجنرال كلاوديو غراتسيانو، للبحث في القضايا التي تعني العلاقات بين الجيشين اللبناني والإيطالي والبرامج التي أعدّها الجيش الإيطالي لمساعدة لبنان في اكثر من مجال وقطاع، بالإضافة الى الإتصالات التي أجراها الجانب الإيطالي مع الدول المشاركة في المؤتمر لمساعدة الجيش والمؤسسات الأمنية. كذلك سيعقد قادة الأجهزة الأمنية لقاءات مع نظرائهم في بعض الدول المشاركة في المؤتمر.
حراك سعودي
وعلى وقع تأكيد المملكة العربية السعودية مشاركتها في المؤتمرات الدولية الداعمة للبنان، واصَل رئيس البعثة الديبلوماسية السعودية الجديد في بيروت الوزير المفوّض وليد البخاري جولاته على المسؤولين، بعد إعادة تكليفه. فجالَ امس على رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة ورئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومي. واكتفى البخاري بعد لقائه بري بالقول: «إنّ الزيارة تأتي بعد إعادة تكليفي، وقد عرضنا الأوضاع والتطورات في المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين، وأكّدتُ لدولته حرص المملكة ودعمها للحفاظ على أمن لبنان واستقراره».
وقالت مصادر، اطّلعت على ما دار في اللقاء بين الحريري والبخاري، لـ«الجمهورية»، «انّ اللقاء يأتي في سياق دعم المملكة للبنان ومشاركتها في مؤتمر روما 2 في خلال هذا الاسبوع، حيث انّ البخاري سيحضر هذا المؤتمر الى جانب الوفد السعودي الذي سيشارك فيه، وهذا يعكس اهتمام المملكة بهذا المؤتمر بكل تفاصيله». واضافت: لقد كان لقاء البخاري مع الرئيس الحريري وديّاً ويندرج في سياق تأكيد المملكة اهتمامها الدائم بلبنان على كل المستويات».
الموازنة
وعلى صعيد الموازنة العامة للدولة للسنة الجارية التي أقرّها مجلس الوزراء، إتجهت الانظار الى مجلس النواب حيث ينتظر ان يدعوه رئيسه إلى جلسات كثيفة لمناقشتها وإقرارها، فيما أعلنت لجنة المال والموازنة النيابية جهوزيتها لدرسها في جلسات صباحية ومسائية ابتداء من يوم الجمعة.
واعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه «مع إنجاز مشروع الموازنة بضبط الواردات والانفاق والبدء بخفض العجز، تحققت أهم عملية لإدارة المال في الدولة». وقد وَقّع عون مرسوم دعوة مجلس النواب إلى عقد استثنائي ابتداء من اليوم وحتى ١٩ آذار الجاري، وفي برنامجه مشروع الموازنة ومشاريع قوانين أخرى وما يقرره مكتب المجلس. وقد علّق بري على هذا المرسوم قائلاً: «لزوم ما لا يلزم».
الأخبار
«قسم الوعي» الإسرائيلي: استهداف «مركز ثقل» المقاومة
المستقبل للقوات: أعطونا في البقاع وجزين… نُعطِكم في عكار
ليس أمراً عابراً ارتفاع منسوب اهتمام المؤسسة العسكرية والاستخبارية الاسرائيلية بالحرب على الوعي، التي أفردت لها حيِّزاً في الوثيقة المحدَّثة لاستراتيجية الجيش، بحسب ما نشرت صحيفة هآرتس قبل نحو شهر ونصف، ثم كشفت يوم الجمعة الماضي عن قرار نقل «قسم الوعي» من شعبة التخطيط الى شعبة العمليات في هيئة أركان الجيش. ولفتت الصحيفة الاسرائيلية ايضاً الى أن ذلك تم بناءً على توصية مسؤول رفيع في الاستخبارات العسكرية تم تعيينه لدراسة هذه القضية (مقال علي حيدر).
تستند خلفية قرار نقل هذا القسم الذي يلعب دور التخطيط لكل النشاطات (الحرب) الناعمة، في مقابل الجيوش الاجنبية والدبلوماسيين ووسائل الاعلام الاجنبية والرأي العام، الى ضرورة وضعه تحت سقف عسكري واحد، وبهدف تنسيق الجهود العسكرية للتأثير على العدو وعلى موقف الدول الغربية من عمليات الجيش على الجبهة الشمالية وفي مواجهة الفلسطينيين. وتتضح دلالة نقل مسؤولية الحرب على الوعي، التي هي من صلاحيات «قسم الوعي» الى جانب صلاحيات أخرى تتصل بالحلفاء، الى شعبة العمليات، بكونها المسؤولة عن هيئة تخطيط وتفعيل وتنسيق النشاطات العملانية للجيش، في البر والبحر والجو، واعداد الجيش للحرب، وبلورة المفهوم العملاني للجيش، المقتطع من نظرية الامن القومي بما يتلاءم مع النظرية القتالية التي يتبناها…
من هنا، يصبح واضحاً منشأ الاهتمام الحثيث لرئيس اركان جيش العدو، غادي ايزنكوت، بوضع «قسم الوعي» تحت مسؤولية شعبة العمليات، تحديداً، وهو ما يؤكد المكانة المتقدمة التي باتت توليها اسرائيل لهذا النوع من المعارك بعد فشل الكثير من الخيارات البديلة. ويتقاطع ايضاً مع مفهوم الانتصار، الذي سبق أن حدَّده في حينه رئيس الاركان السابق، موشيه يعلون، ولخّصه بأنه «كي الوعي»، كما نصّت على ذلك صحيفة هآرتس، التي عادت وذكَّرت بالمقاربة التي عرضها الصديق المقرب من ايزنكوت، العميد (احتياط) غابي سيبوني، حول جهود الحرب على الوعي (في دراسة نشرها معهد ابحاث بحوث الامن القومي ــ «الأخبار»، الإثنين ٥ آذار ٢٠١٨) وأشار فيها الى استغلال الفضاء التكنولوجي، وشبكات التواصل الاجتماعي، بهدف التأثير على متّخذي القرارات والقادة والمقاتلين، وكذلك الرأي العام المحلي والدولي.
صحيح أن الحرب الناعمة جزء من أدوات المعركة الى جانب الادوات العسكرية، لكن تقدّمها في الحالة الاسرائيلية الى الصفوف الاولى في أدوات المعركة، يأتي من ضمن خيارات بديلة، عمدت القيادة الاسرائيلية إلى بلورتها في أعقاب فشلها المتراكم طوال عقود في مواجهة حزب الله، (وايضاً في مواجهة المقاومة الفلسطينية). ويظهر ذلك جلياً في الادبيات التي يجاهر بها ويرددها رئيس أركان الجيش، منذ توليه قيادة المنطقة الشمالية ما بعد حرب عام 2006.
كيف تحوَّلت الحرب على وعي جمهور حزب الله الى مطلب مهم في الاستراتيجية الاسرائيلية؟
ينطوي العديد من تقارير الخبراء ومواقف القادة العسكريين الاسرائيليين على إقرار صريح بأن حزب الله استطاع أن يُحدث انقلاباً جذرياً في المفاهيم الاستراتيجية الاسرائيلية، من أبرزها، ما أوضحه وفسَّره رئيس أركان الجيش نفسه، ايزنكوت، خلال كلمة له مطلع عام 2016 أمام معهد ابحاث الامن القومي، بادر فيها الى شرح الاستراتيجية التي اتبعها حزب الله واستطاع من خلالها «تحدي التفوق الاستخباري والجوي والبري للجيش الإسرائيلي». وأدى ذلك، بحسب آيزنكوت، الى سلب جيش العدو القدرة على الحسم و«منَحَ مقاتلي الحزب القدرة على المناورة والبقاء» في أي حرب اسرائيلية. واستناداً الى هذا الأساس المتين، تم بناء وتطوير معادلات ردع وفّرت مظلة حماية وأمن للبنان وامتدت ظلالها الى المحيط الاقليمي.
في ضوء ذلك، وجدت اسرائيل نفسها أمام معضلة، فرضت عليها البحث عن خيارات بديلة اضافية، من ضمنها ما كشفه ايزنكوت، ايضاً، بالحديث عن مراكز ثقل بديلة من مركز الثقل العسكري. وتمثّل هذا الثقل، بنظر المؤسسة العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية، في احتضان الجمهور الشيعي لحزب الله. وورد ذلك حرفياً على لسان ايزنكوت منذ أن تولى قيادة المنطقة الشمالية بعد حرب عام 2006، ثم كرره بعد عقد، في أعقاب توليه رئاسة اركان الجيش، وأورده في محاضرته أمام معهد ابحاث الامن القومي، مطلع عام 2016، بالقول إن جمهور «القرى الشيعية يشكل مركز ثقل حزب الله»، مع تأكيد أن جمهور المقاومة يتجاوز الطائفة الشيعية، وإن كان الثقل المركزي لهذا الاحتضان في لبنان يتمثل بالطائفة الشيعية.
يُشار الى أن مفهوم «مركز الثقل» يُعبّر عن تشخيص دقيق لنقاط قوة المنظومة المعادية وضعفها، وبالتالي استهدافها عبر ضربات مباشرة. وفي النظرية الكلاسيكية، يتمثل مركز الثقل بكتلة جيش العدو أو نقاط ضعف مادية أو أدائية في منظومته العملانية…
وكما أنه في الحالات العسكرية يتم استهداف مراكز الثقل بالنيران لسلب المستهدف القدرة على مواصلة القتال، كذلك، في ضوء التعريف الجديد لمركز ثقل حزب الله، كما ورد على لسان ايزنكوت، (الشيعة مركز ثقل حزب الله) يصبح استهدافهم بما يتلاءم مع طبيعته الجديدة، أي بعبارة أدق عبر استهداف وعيهم وإرادتهم… بأدوات ثقافية وسياسية واعلامية يتم فيها استغلال تطور الاتصالات للترويج لمفاهيم ورؤى توهن من المقاومة، وتشوّه صورتها وتحمّلها مسؤولية العدوان والكثير من السياسات المحلية والاقليمية. وهو ما ورد مباشرة في المفردات التي يرددها كبار المسؤولين الرسميين الاسرائيليين، على المستويين العسكري والسياسي. وكل ذلك، يتم تنضيجه على مستوى المضمون والمفردات في «قسم الوعي» التابع لشعبة العمليات في هيئة أركان الجيش. ولا يخفى أن الهدف من هذه السياسة هو اختراق حصانة جمهور المقاومة التي شكلت ركيزة أساسية طوال المراحل السابقة، في مواجهة التهديد الاسرائيلي والجماعات الارهايبة والتكفيرية، على أمل التمكن من إيجاد شرخ بين حزب الله وجمهوره (الشيعي وغير الشيعي).
على خط مواز، لقسم الوعي دور أساسي ايضاً يتصل بأصدقاء اسرائيل، بهدف كسب تعاطفهم مع اعتداءاتها ومع المجازر التي ترتكبها وتلك التي تلوّح بها، وتقديمها على أنها دفاع عن النفس. وضمن هذا السياق، يندرج مخطط تشويه صورة المقاومة في لبنان وفلسطين، وإنتاج رأي عام عربي وعالمي معاد لهما.
وهكذا يتضح ايضاً أن كل عمليات استهداف المقاومة، في لبنان وفلسطين، التي تمت أو تلك التي يتم الاعداد لها، أو التلويح بها، تقترن دائماً بمخطط سياسي دعائي هائل يستهدف اختراق هذه الحصانة المشكلة من الوعي والارادة والتمسك بنهج المقاومة، وخياراتها الاستراتيجية المحلية والاقليمية، وباتت مقدمة لازمة لكافة أشكال الاعتداء على المقاومة، وأصبحت ايضاً جزءاً من البدائل التي اكتشف أعداء المقاومة اضطرارهم إلى شن حرب حقيقية على وعي جمهور المقاومة، بل شرطاً لازماً لنجاح كافة أشكال الحروب التي يتم التخطيط لها.
المستقبل للقوات: أعطونا في البقاع وجزين… نُعطِكم في عكار
فاز اللبنانيون بموازنة تجميلية غبّ الموسم الانتخابي، وتناسى فريقا 8 و14 آذار أرقامهما السياسية السابقة، لمصلحة الأرقام الحسابية لقانون الصوت التفضيلي. مرّ الثامن من آذار عادياً، وها هو الرابع عشر منه، يمر «حزيناً» على حدّ تعبير النائب بطرس حرب، «لأن المصالح الشخصية انتصرت على المبادئ»
أنجزت موازنة عام 2018 في مجلس الوزراء على عتبة مؤتمر روما غداً، ومؤتمر باريس 4 في السادس من نيسان المقبل، ومؤتمر بروكسل في الخامس والعشرين منه. مواعيد جعلت الموازنة عبارة عن قطع حساب ومسكنات أمام المانحين والمقرضين، إن وفوا بالتزاماتهم. موازنة جعلت رئيس الجمهورية يستخدم حقه الدستوري بتوقيعه مرسوم دعوة مجلس النواب الى عقد استثنائي ابتداءً من يوم أمس حتى التاسع عشر من آذار الحالي. وفي طليعة جدول أعمال هذا العقد مشروع الموازنة.
لم يستسغ الرئيس نبيه برّي توقيع رئيس الجمهورية مرسوم دعوة المجلس النيابي إلى عقد استثنائي. قال بري أمام زوّاره في عين التينة، أمس، إنها «لزوم ما لا يلزم». فالعقد العادي للمجلس النيابي، بحسب القانون، يبدأ في 15 تشرين الأول وفي 15 آذار، ويصبح المجلس في حالة انعقاد دائم، على أن تبدأ أولى الجلسات في أول ثلاثاء يلي تاريخ 15 تشرين الأول أو 15 آذار. وبالتالي، فإن العقد العادي يبدأ غداً الخميس، وإذا تقرّر التئام المجلس النيابي الثلاثاء المقبل، فإن هذه الجلسة ستكون خارج العقد الاستثنائي الذي وقّعه عون، ويختتم في 19 الشهر الحالي، أي يوم الإثنين المقبل.
بالنسبة إلى بريّ، هي «خطوة لا يستفيد منها أحد، لا المجلس النيابي ولا رئيس الجمهورية»، إلّا «إذا كان المطلوب أن يقولوا إنهم هم من أنجزوا الموازنة وليس وزارة المال».
ويضيف برّي أن من يريد الاستعجال بالموازنة كان عليه أن «لا يضيّع شهرين ونصف شهر، ولو كان هناك رغبة حقيقية لجرى فتح العقد الاستثنائي بداية العام الحالي بعد انتهاء العقد العادي، وليس الآن، مع بدء العقد العادي». وأكّد رئيس المجلس النيابي أنه سيستعجل لجنة المال والموازنة لإجراء قراءة شاملة لمشروع الموازنة، بعد أن كان طلب من دوائر المجلس النيابي طبع 160 نسخة من المشروع وتوزيعه على النواب.
ويصرّ بري على ضرورة إقرار الموازنة في المجلس النيابي قبل عيد الفصح، وستُعقد لهذه الغاية 3 جلسات أسبوعياً، لأن «المطلوب أن ننجز الموازنة قبل مؤتمر باريس، للتأكيد للدول المانحة أن عجلة الدولة الاقتصادية والمالية تستأهل الثقة، بعد أن لمست قلقاً أوروبياً من الأمر».
أمّا انتخابياً، فلم يسجل حتى الآن أيّ تفاهم جدّي بين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية، سوى في دائرة عاليه ــ الشوف؛ فالرئيس الحريري الذي وضع أمام السعوديين معادلة فوزه بما بين 23 إلى 25 مقعداً من دون التحالف مع أي من القوى السياسية، لا يجد نفسه مضطراً إلى مساعدة حلفائه المفترضين، إلّا بالحدود التي لا تتعدّى خسارته نائباً مضموناً في كتلته لحساب أي تحالف أو حليف آخر. وهذه المعادلة تصلح أيضاً على تحالف المستقبل مع التيار الوطني الحر. في دائرة عكّار مثلاً، ومع أن التفاهم بين القوات والمستقبل وصل إلى مراحل متقدّمة حول انضمام مرشّح القوات وهبة قاطيشا إلى لائحة المستقبل، إلا أن التحالف لم يحسم بعد. فبحسب مصادر مستقبلية بارزة، «تدرك القوات صعوبة حصولها على حاصل انتخابي لوحدها في عكّار، وأن الفرصة الوحيدة لذلك هي الانضمام إلى لائحتنا». ويقول المصدر إن «المطلوب في المقابل أن يتنازل حزب القوات أو يتواضع، فيتوقّف عن المطالبة بمقعدين (كاثوليكي وماروني) في دائرة بعلبك ــ الهرمل، حتى يتسنّى للتيار الوطني الحرّ الانضمام إلى اللائحة ورفدها بأصوات إضافية».
الأمر الآخر الذي يطالب به المستقبل، في حال اكتمال التحالف مع التيار الوطني الحرّ في صيدا ــ جزين وخروج القوات من اللائحة، أن تمنح القوات أصواتها للائحة المستقبل والتيار الحر، خصوصاً في ظل معلومات عن أن بعض القواتيين سيمنحون أصواتهم للمرشّح إبراهيم عازار. وتيار المستقبل، بحسب المصدر، لا يمكن أن يتخلّى عن مقعدين؛ الأول هو المقعد الكاثوليكي في جزّين والثاني هو المقعد الماروني في البقاع الغربي، بالإضافة إلى حصول المستقبل على مرشح مسيحي واحد على الأقل في دائرة زحلة. وحتى الآن لم ينجز التفاهم في البقاع الغربي، مع إصرار القوات على حصولها على المقعد الماروني.
وفي زحلة، التي خرجت منها القوات إلى التحالف مع الكتائب، تقول مصادر المستقبل إن المشكلة الآن مع التيار الوطني الحرّ، الذي يطالب بأربعة مرشحين هم ميشال سكاف، ميشال ضاهر، أسعد نكد وسليم عون، إلّا أن «حجم التيار الوطني في زحلة أقلّ من حاصل واحد، والمستقبل يملك حاصلين ونستطيع العمل على الثالث». وتؤكّد مصادر المستقبل أنه «لم يعِد القوات أبداً بأنه سيعطي أصواته للقوات في بعبدا أو في المتن»، مشيراً إلى أن «القوات تستخف بقدرتنا الانتخابية في هاتين الدائرتين. لِنرَ كيف سيتدبرون أمرهم». ويتابع المصدر أن الحال نفسها تنطبق على دائرة الشمال الثالثة، التي يتمّ تداول الأخبار عن أن تيار المستقبل سيمنح أصواته لطوني فرنجية في زغرتا وللوزير جبران باسيل في البترون، إلّا أنه «لا شيء رسمياً حتى الآن، ولم نناقش الأمر بالأرقام مع المعنيين». وتجزم مصادر المستقبل بأن «التيار سيمنح أصواته في الكورة للنائب نقولا غصن، الذي يخوض معركة ربح»، وأن نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري سيعمل على دعمه (انتخابيّاً وليس مالياً).