البناء
خيبة الإحباط من التفاؤل المفرط أسوأ عيديّة سوداء في الملف الحكوميّ يتلقاها اللبنانيّون
هل جاء اتصال خارجيّ نسف التفاؤل وفرمل الاندفاعة نحو تأليف الحكومة؟
الدولار والمضاربون وحدَهم قطفوا نتائج التفاؤل والإحباط… فأين القطبة المخفيّة؟
لم ينعقد اجتماع اول أمس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري من فراغ، كي يفاجئ الرئيس الحريري بشروط نسفت التفاؤل الذي بلغ حدّ الجزم بولادة الحكومة قبل عيد الميلاد.
فاللقاء هو الثالث عشر بين الرئيسين والعناصر التي يتضمّنها التأليف جرى مضغها ولوكها مراراً بين الرئيسين حتى حفظاها عن ظهر قلب، من العدد إلى التوازن بين الحقائب في ميزان الطوائف والتوزيع السياسي والأسماء، والنقاط التي تحتاج الى تفاهم كي تولد الحكومة أكثر من معلومة، ولا أحد في لبنان وخارجه لا يعرفها. وقبل اللقاء كانت مشاورات تمهيدية بالواسطة عبر موفدين الى بكركي حملوا صيغاً وأسئلة وتلقوا صيغاً مقابلة وأجوبة، فجاء اللقاء على وعود كان المطلوب التحقق منها والبناء عليها، وهذا يعني عندما خرج الرئيس الحريري مبشراً بحكومة قبل عيد الميلاد أن التحقق قد تم وجاء مبشراً وأن البناء على التقدم المحقق قد جرى، وأن الباقي تفاصيل غير أساسية، تم الاتفاق على آليتها، وبالتحديد التوافق على اسمين لوزارتي الداخلية والعدل، على قاعدة عدم إخضاعهما للمحاصصة واختيار شخصيات موثوقة من الطرفين، من ضمن لائحة ولائحة مقابلة يعدها كل من الرئيسين، وربما يكون بينها اسم مشترك أو أكثر.
اجتماع الأمس الذي كان يفترض أن يستكمل ما بدأ اول أمس هو الآخر لم يأت في فراغ. فمنذ نهاية لقاء أول أمس حتى موعد لقاء الأمس لم تنقطع الاتصالات بين بعبدا وبيت الوسط مباشرة وعبر الوسطاء لتبادل اللوائح، قبل أن يحدث تغير مفاجئ أدى إلى انقلاب الأجواء وبدء الحديث عن عدم نضج الظروف لولادة الحكومة، والحديث عن التباعد في النظرة بما يجعل التوافق صعباً رغم النيّات الإيجابية، بما أوحى بأن الفرصة قد ضاعت.
بمنطق الأشياء كان واضحاً أن مصدر التفاؤل المفرط هو الرئيس الحريري بما يعني ثقته بأن التقدم المنشود قد تحقّق، وبالمقابل حرصه أمس، على الإشادة بموقف رئيس الجمهورية في الملف الحكومي أمس مع إعلان الفشل في تحقيق التقدم النهائي، بدا أقرب للاعتذار عن التراجع عن السير قدماً بخيار التأليف، وإلا لكان المنطقي أن يحمّل الحريري شريكه في تأليف الحكومة مسؤولية التعقيد ولو بطريقة غير مباشرة بدلاً من تولي الدفاع عنه وعن حرصه على حكومة من الاختصاصيين، وكأن الكلام ثمن استباقي يسدد كي لا يخرج عن رئيس الجمهورية اتهام معاكس.
مصادر متابعة للملف الحكومي قالت إن تدخلاً خارجياً حدث ليلة أمس، بعدما أعلن الحريري عن تشكيل الحكومة قبل عيد الميلاد حذّر الحريري من المضي قدماً، وأن اثنين من رؤساء الحكومات السابقين نصحاه بالمثل، سواء لجهة مصير حقيبتين الداخلية والعدل، أو لجهة تشكيل الحكومة بما يبدو أنه نتيجة لمبادرة بكركي، أو لجهة التوقيت السياسي الإقليمي والدولي، خصوصاً لجهة المخاطرة بتمثيل حزب الله في الحكومة ولو بطريقة غير مباشرة، قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإمكانية التسبب بتعريضه ومقرّبين منه للعقوبات الأميركية.
وفق المصادر وحدهما الدولار والمضاربون ربحا من التفاؤل المفرط والمحبِط مع لعب الدولار في السوق بين سعري 8900 و7700 ليرة صعوداً ونزولاً، بينما تلقى اللبنانيون أسوأ عيدية سوداء، كان يمكن أن لا يعيشوا تحت وطأتها لولا التفاؤل المفرط الذي تلقوه بعدما تقبّلوا فكرة أن لا حكومة قبل العام المقبل، وفوق الإحباط تلقى اللبنانيون خسائر في مدخراتهم في سوق الصرف.
ولم يُتوّج اللقاء الرابع عشر بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري بتصاعد الدخان الحكومي الأبيض من بعبدا، فقد عاد الحريري إلى بيت الوسط خالي الوفاض، إلا من تلاوة مبررات وأعذار فشل التأليف من على منصة القصر الجمهوري، عله بذلك يغطي على وعوده المتكررة للبنانيين بأن تكون الحكومة الجديدة عيديّة لهم في عيد الميلاد.
مصادر متابعة لملف التأليف أشارت لـ»البناء» إلى أن «السبب الحقيقي لتأخير تأليف الحكومة هو القرار الأميركي بعدم تأليف حكومة في لبنان إلا وفق الشروط الأميركية وهي:
حكومة من دون مشاركة حزب الله.
حكومة توقع على اتفاقية ترسيم للحدود مع فلسطين المحتلة وفق الصيغة الإسرائيلية.
حكومة تضع الأكثرية النيابية خارج المعادلة بذريعة حكومة الاختصاصيين.
وأكدت المصادر أن «حكومة بهذه الشروط لن ترى النور بشكل مطلق، فيما الحريري لن يشكل حكومة بغير إرادة الأميركيين، وبالتالي لا حكومة في ظل وجود وزير الخارجية الأميركي الحالي مايك بومبيو».
وعلمت «البناء» في هذا السياق أن «الحريري يتعرّض لشتى الضغوط الخارجية سيما الأميركية وعقوبات مالية تشمله ومقرّبين منه». وكشفت المصادر أيضاً أن «أي حكومة ستؤلف سوف تذهب إلى تصحيح العلاقات مع سورية لا سيما على صعيد حل أزمة النزوح السوري». وهنا كشفت المصادر عن «شبه اتفاق بين الحكومة السورية ورئيسي الجمهورية عون والحكومة حسان دياب على إعادة النازحين السوريين فور تأليف الحكومة الجديدة. وهذا الملف يُعدّ من الخطوط الحمر الأميركية». مشيرة إلى أن «وزير الشؤون الاجتماعية رمزي المشرفية وضع خلال زيارته إلى سورية ومشاركته في مؤتمر النازحين الذي عقد في دمشق منذ شهرين بدعوة من روسيا، وضع والحكومة السورية الخطوط العريضة لعودة النازحين».
وكان الحريري زار بعبدا والتقى عون وأجرى معه جولة جديدة من التشاور في موضوع تشكيل الحكومة الجديدة. وقد استمرّ اللقاء ساعة، لم يتمّ خلاله التوصل الى اتفاق نهائي في مسألة التشكيلة الحكوميّة، وتقرّر الاستمرار في التشاور خلال اجتماعات لاحقة، بحسب ما أعلنت رئاسة الجمهورية في بيان.
أما الحريري فقال بعد اللقاء: «كنتُ أتمنى أن تكون هناك حكومة، ولكن لا تزال هناك تعقيدات واضحة والأكيد أن هناك وضوحاً في المشاكل السياسية الموجودة». وأضاف متوجهاً الى اللبنانيين: «ما حدا يخبركن أنو ما فينا نوقف الانهيار»، ولكن نحن نحتاج الى حكومة من اختصاصيين كي نوقف هذا الانهيار ولن أتوقف إلا عند تشكيل الحكومة وتجب إعادة بناء الثقة ولم يعد هناك وقت فالبلد ينهار بشكل سريع. وتابع: «الإسراع في تشكيل حكومة هو الأساس ونحتاج إلى أشخاص نستفيد منهم لمصلحة البلد و»يمكن عم نتأخّر» في تشكيل الحكومة. وهذا الأمر يشكل ضغطاً على البلد ولكن الرئيس عون وأنا حريصان على تشكيلها. وختم: «يجب على المسؤولين التفكير بالناس والمواطنين المحتاجين والمتضرّرين من انفجار المرفأ وعظمة لبنان باللبنانيين ونحن قادرون على وقف الانهيار، ولكن يجب أن نتواضع وأن نفكر في مصلحة البلد ويجب أن تكون هناك حكومة بعد رأس السنة».
وكشفت مصادر مطلعة أنه لم يتمّ التوصل إلى اتفاق في عقدة وزارتي الداخلية والعدل خلال اللقاء الذي جرى بين الرئيسين. ولفتت إلى أن هناك نقاطاً عالقة ومن المفترض أن تكون الحكومة في إطار تكافؤ حتى تتمكن من تحمل المسؤوليات المطلوبة منها في المرحلة المقبلة.
وكان مصدر مقرّب من الرئيس عون قال قبيل اللقاء: «لا تغرقوا الناس بالتفاؤل كثيراً». وافادت مصادر أخرى إلى أن «وزارة الدفاع حُسمت لفريق رئيس الجمهورية، وهناك استحالة بقبول إسناد العدل الى حصة عون أيضاً». وتابعت: «الإيجابية في الملف الحكومي لن تؤدي الى تشكيل الحكومة قبل الميلاد».
وفي تناقض واضح مع تصريحات الحريري من بعبدا، أفادت مصادر بيت الوسط بعد اللقاء أن «المعلومات التي سُربت من قصر بعبدا قبل زيارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري أشاعت مناخاً سلبياً عن نتائج الاجتماع قبل حصوله.
وكشفت المصادر أن «الأجواء الإيجابية التي عكسها الرئيس الحريري كانت بطلب مباشر من الرئيس عون الذي تمنى عليه التصريح بوجود إيجابيات يتم العمل على استكمالها. وقالت إن «وطاويط القصر» تحرّكت ليلاً لتعكير الجو والإعداد لجولة جديدة من التعقيدات على جري عادتها منذ التكليف». وأكدت أن «الرئيس الحريري لم ولن يتراجع عن موقفه الذي أعلنه قبل التكليف وبعد التكليف بوجوب ولادة حكومة من الاختصاصيين تتصدّى للإصلاحات في القطاعات كافة ووقف الانهيار الاقتصادي والمعيشي». وأشارت مصادر بيت الوسط إلى أن «محاولة فرض حكومة تتسلل اليها التوجهات الحزبيّة لن يُكتب لها النجاح مهما حاولوا الى ذلك سبيلاً».
وردّ عضو كتلة لبنان القوي النائب جورج عطالله على مصادر بيت الوسط بالتأكيد لـ»البناء» أن «كلام الحريري من بعبدا ثم تسريب مصادره من بيت الوسط، يعكس الإرباك الذي يعاني منه الحريري داخلياً لعجزه عن تنفيذ الوعود التي قطعها للأطراف الداخلية بمنحها حقائب ووزارات، وخارجياً بعجزه عن تأليف حكومة تُقصي حزب الله وحلفائه لا سيما التيار الوطني الحر عن الحكومة تحت ضغط العقوبات المباشرة عليه والفريق المقرّب منه، ولذلك يعمل على ضرب المواعيد الوهميّة والوعود الفارغة لتقطيع الوقت ورمي تهمة التعطيل على النائب باسيل وبالتالي الهروب إلى الأمام من مسؤولياته بانتظار تطورات ما».
وأضاف عطالله: «إذا كان الحريري واثقاً بقدرته على تأليف الحكومة، فلماذا لا يضع تشكيلته النهائيّة في عهدة الرئيس عون لتوقيعها؟ كاشفاً أن عون سلّم الحريري في اللقاء الحادي عشر خريطة الطريق المطلوبة لتأليف الحكومة وفق معايير محددة وبالاستناد إلى الدستور وتكريس شراكة رئيس الجمهورية». مشدداً على أن تيار المستقبل هو المسؤول عن تسريب الأجواء السلبية لا سيما استفزازه رئاسة الجمهورية في بيانات رسمية كالقول بأن الرئيس المكلف هو من يشكّل الحكومة ورئيس الجمهورية فقط يوقع ويُصدر المراسيم».
وجزم عطالله بأن «عون لن يوقع حكومة لا تراعي المعايير الموحّدة والأصول الدستورية والتوازنات النيابية والسياسية»، متسائلاً ممن ستأخذ الحكومة الثقة؟ أليس من المجلس النيابي المؤلف من القوى البرلمانيّة؟ وشدّد على أن الحريري أمام حلين إما أن يطبق الآلية الدستوريّة بتأليف حكومة مع رئيس الجمهورية بمعزل عن تدخل كافة الأحزاب السياسية، وإما مراعاة التوازنات النيابية وفق المعايير الموحّدة». فيما قالت أخرى في التيار الوطني الحر إن الحل الأخير ربما يكون اعتذار الحريري.
وردّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية على ما ذكرته محطة «الجديد» في نشرتها مساء أمس، عن دور مزعوم لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في «تعطيل» تشكيل الحكومة العتيدة. وأوضح المكتب انه سبق ان اكدت رئاسة الجمهورية مراراً أن لا طرف ثالثاً في عملية البحث في تشكيل الحكومة التي تتم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، كما ان النائب باسيل أكد بدوره عدم مشاركته في البحث في تشكيل الحكومة، إلا أن محطة «الجديد» مصرّة على إقحام اسم النائب باسيل في المسألة الحكومية في محاولة واضحة ومتكرّرة لبثّ أكاذيب هدفها الإساءة الى المسار الدستوري لتشكيل الحكومة فضلاً عن استهدافات أخرى لم تعد خافية على أحد. وأكد مكتب الإعلام ان ما نشر من أخبار مختلقة يندرج في إطار سياسة التضليل التي تعتمدها هذه المحطة والتي لم تعُد تنطلي على أحد.
ونفى مصدر مطلع على موقف حزب الله لـ»البناء» «كل الاتهامات التي تطال الحزب بأنه يعرقل تأليف الحكومة لحساب مصالح إقليميّة ومرتبطة بالملف النوويّ الإيرانيّ وذكرت بأن الحزب عمل على فك الحريري من مكان احتجازه ورفض استقالته القسرية في العام 2017 من السعودية. كما رفض الحزب استقالة الحريري بعد أحداث تشرين الأول 2019. كما أصرّ على عودته إلى رئاسة الحكومة بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، وكان أول المسهلين لعودته إلى تشكيل حكومة جديدة. لكن مَن يعطّل تأليف الحكومة هو القرار الأميركي واستمرار مفاعيل خطة بومبيو للبنان بتعميم الفراغ كجزء من الخطة لأخذه إلى الانهيار المالي والاقتصادي»، مشددة على أن «كل من يؤخر ولادة الحكومة يخدم خطة الفراغ التي يعمل على فرضها الأميركيون».
وأوضح المصدر أن موقف حزب الله حيال الحكومة ينطلق من ثوابت وقواعد ثلاث:
أولاً: حكومة تعكس الواقع السياسي والنيابي في البلد أي أن تمثل أوسع شريحة سياسية ونيابية ممكنة.
ثانياً: حكومة لا تكون تحت الوصاية الأميركية لا سيما في الملفات والقضايا السياسية والأمنية الكبرى.
ثالثاً: وهذا ما يصرّ عليه الحزب عدم استئثار فريق واحد في القرار الحكومي.
وفي موقف تصعيدي ضد عملية تأليف الحكومة، غرّد رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال ارسلان عبر «تويتر»: «سمعنا بالأمس بأن هناك تقدماً بموضوع التأليف الذي أصبح ضرورياً وحاجة ملحة للبنانيين في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، لكن ليس على حساب الدروز وتهميشهم كطائفة مؤسسة لهذا الكيان وأساسيّة فيه، لذلك نحمّل الرؤساء مسؤولية الإجحاف الذي سيلحق بِنَا كطائفة في حكومة 18 وزيراً. علماً أننا لَم نطلب طلباً مستحيلاً إذا قلنا إمّا زيادة العدد للعشرين أو تخفيضه إلى الستة عشرة ليكون للدروز تمثيلهم الصحيح». وبشكل أوضح «اللي بيطلع منّا نحنا منطلع منّو»، وليتحمّل القريبون والبعيدون مسؤولية الظلم والحرمان والإجحاف بحق الطائفة التي قدمت وتقدم الكثير للبنان».
وبعدما عادت الأجواء السلبية لتظلل الملف الحكومي، سجل سعر صرف الدولار في السوق السوداء ارتفاعًا ملحوظًا مساء أمس، حيث تراوح ما بين 8200 للشراء و8300 ليرة للمبيع، بعدما سجل صباح أمس ما بين 7900 و8000 ليرة لبنانية للدولار الواحد.
وأمل رئيس مجلس النواب نبيه بري أن تكون مناسبة ميلاد السيد المسيح في هذا العام محطة لميلاد جديد للبنان الوطن والرسالة والإنسان. وقال بري في تهنئته اللبنانيين عامة والمسيحيين خاصة عشية عيد الميلاد: «بالرغم من أن الميلاد هذا العام استثنائي بكل العناوين والظروف التي تهدّد لبنان وحياة اللبنانيين في حاضرهم ومستقبلهم، يبقى ميلاد السيد المسيح بما يحمل من قيم ومفاهيم مبعثاً للأمل مقابل اليأس، والحقيقة في مواجهة التضليل، والوحدة بدل الانقسام، والمحبة في زمن الحقد، وبشرى قيامة وخلاص من ارتكاب الخطأ والخطايا بحق الارض والوطن والانسان. واعتبر بري أن «الميلاد أبداً ودائماً يجب أن يكون محطة نحيا بها، ونؤسس من خلال قيمها وتعاليمها الروحيّة والرساليّة والعمليّة لميلاد جديد للبنان الذي كان ويجب أن يبقى أكبر من وطن، هو الرسالة، المرتكز في موقعه ودوره على قواعد العدل والمساواة والشراكة ليبقى وطناً نهائياً لجميع أبنائه، بذلك يكون لبنان واللبنانيون بألف خير وتصبح كل أيامهم أعياداً مجيدة».
وبعد إقرار المجلس النيابي رفع السرية المصرفية فاتحاً الطريق امام التدقيق الجنائي من جديد، رأس رئيس الجمهورية اجتماعاً مالياً حضره وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، خُصص للبحث في مسار التدقيق الجنائي.
وأعلن وزني بعد الاجتماع، أنه «تقرّر خلال الاجتماع استناداً الى قانون مجلس النواب وقرارات الحكومة التواصل مع شركة الفاريز ومارسال Alvarez & Marsal لمتابعة التدقيق الجنائي المالي في حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والصناديق والمؤسسات العامة أياً تكن طبيعة هذه الحسابات”. لافتاً الى أن الشركة “أرسلت منذ عشرة ايام رسالة الى مصرف لبنان أبدت فيها استعدادها لإعادة العمل مع الدولة اللبنانية، ومن المؤكد أن القرار الذي اتخذ بوجود الرئيس عون، أي إعادة التواصل مع الشركة سينفذ”.
ورداً على سؤال عن رواتب موظفي القطاع العام والتخوّف من عدم إمكانية تأمينها، اوضح وزني ان “لا خوف على الرواتب”، مشيراً الى ان “وزارة المال بدأت منذ يوم أمس دفع رواتب الموظفين العسكريين والأمنيين، وسيتم اليوم صرف رواتب موظفي القطاع المدني، وبذلك تكون رواتب وأجور جميع موظفي الدولة، متقاعدين وغيرهم تمّ دفعها قبل نهاية الأسبوع الحالي”.
وكان بري استقبل في عين التينة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حيث جرى عرض للأوضاع الماليّة والتشديد على ضرورة تطبيق القوانين الصادرة عن المجلس النيابي لا سيما القوانين المتعلّقة بالإصلاح والتدقيق المالي ومكافحة الفساد وهدر المال العام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
إجهاض مبادرة بكركي.. والحريري يوشك على «بق البحصة»
التدقيق يتقدّم على الحكومة عند عون.. وسلامة في عين التينة.. وعداد كورونا يرتفع
قبل أكثر من 24 ساعة من حلول عيد الميلاد المجيد، كاد الرئيس المكلف سعد الحريري ان «يبق البحصة»، وان يكشف عن طبيعة «التعقيدات الواضحة التي تعترض التأليف»، مراهناً على ذكاء اللبنانيين ومتابعتهم لما من شأنه ان يفتح باب نور في دياجير مآسيهم المالية والحياتية والاقتصادية والنقدية الحالكة، واتجاه أنظار التهمة عندهم إلى فريق بعبدا، الرئاسي والحزبي والنيابي، وتحالفاته هنا وهناك.
ومع ذلك، لم يتأخر المشهد المضطرب، من الظهور فمع ساعات المساء الأولى، خيمت أجواء قاتمة على المشهد، وربما على المسار الحكومي، عبر اندلاع حرب مصادر، أعادت إلى الواجهة حرب «التيارين» البرتقالي (التيار الوطني الحر) والازرق (تيّار المستقبل) قبل المبادرة التي أطلقتها بكركي، لإعادة وصل ما انقطع..
وعلمت «اللواء» ان العقدة هي إياها، فقد رفض فريق بعبدا توزير القاضي زياد أبو حيدر في الداخلية، كما طرح اسم ندى عبد الساتر، كشخصية مقبولة من الجميع في وزارة العدل، ويتمسك الرئيس عون بالعميد المتقاعد جان سلوم للداخلية.
وعليه، لم يكن مستغربا لدى المصادر القريبة من بكركي، ما نتج عن لقائي الرئيس الحريري مع الرئيس ميشال عون بعد تدخل البطريرك الراعي لاعادة تسريع ملف تشكيل الحكومة الجديدة بعد حالة الجمود التي سادت هذا الملف مؤخرا، وقالت انه بالرغم من تجاوب عون والحريري استئناف المشاورات بينهما بمسعى والحاح من البطريرك، الا ان ما تكشف ليلة انعقاد اللقاء الاول يوم الثلاثاء الماضي، لم يكن يؤشر إلى امكانية انجاز ملف تشكيل الحكومة بالسرعة المطلوبة، بعدما تبين ان الفريق المحيط برئيس الجمهورية قد قبل مرغما على عقده تحت الحاح البطريرك الذي لم يجد مبررا مقنعا يستوجب استفحال ازمة تشكيل الحكومة العتيدة على هذا النحو، فيما المطالب والشروط الموضوعة لم تكن منطقية او دستورية. واشارت المصادر انه خلال الاتصالات التي اجريت ليل انعقاد اللقاء الاول لتذليل العقد وتضيق شقة الخلافات، انكشفت نوايا هذا الفريق المبيتة من العملية والتي تؤشر بوضوح الى رفضه الموافقة على تسريع عملية التشكيل متذرعا باعتراض مكشوف على كل مجمل الصيغة التي طرحها الحريري لتشكيل الحكومة وقالت، كنا كلما تجاوزنا عقدة حتى تطرح اخرى او يتم التلطي بمطالب او تمثيل الاطراف الاخرين، الامر الذي ولد انطباعا بوجود نوايا غير سليمة وهو ماترجم عمليا بعرقلة تأليف الحكومة العتيدة ومن خلالها اجهاض مساعي البطريرك الراعي.
عملياً، لم يخرج الدخان الابيض من القصر الجمهوري حول معالجة العقد التي تحول دون تشكيل الحكومة كما كان مأمولاً، حيث استمر التباين بين الرئيس ميشال عون والرئيس الحريري حول حقيبتي العدل والداخلية، وحول اسماء بعض الوزراء حيث أن اي تعديل على العدل والداخلية سيؤثر على توزيع حقائب اخرى، وهذا ما دفع الحريري الى الاعلان ان تشكيل الحكومة ذهب الى ما بعد رأس السنة. فيما استمر الاعتراض الدرزي على لسان رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال ارسلان على التمثيل بوزير واحد ولو بحقيبتين. ومع ذلك إتفق الرئيسان على استمرار التشاور في اجتماعات لاحقة في الايام المقبلة.
وحسب مصادر رسمية مطلعة، فإن البحث ما زال يدورمكانه بالنسبة لتوزيع الحقائب على الطوائف، حيث يجد الرئيس عون ان التشكيلة تفتقد الى التوازن والعدالة في توزيع الحقائب المعتبرة سيادية وتلك الاساسية، كما ان إصرار الحريري على حقيبتي العدل والداخلية يجعل الامن والقضاء في يد جهة واحدة وهذا امر غير مقبول، وكانت تسريبات بيت الوسط تشكو منه بالقول ان عون يرد الدفاع والداخلية والعدل.
وخلافاً لما تردد نفت المصادر ان يكون البحث قد دخل في اسماء الوزراء ليكون هناك اعتراض على احد منها من هذا الطرف او ذاك، مشيرة الى ان البحث لا زال محصوراً بتوزيع الحقائب على المكونات الطائفية والسياسية.
وحسب المعلومات الرسمية من قصربعبداعن اللقاء: «لم يتم التوصل خلال اللقاء الى اتفاق نهائي في مسألة التشكيلة الحكومية، وتقرر الاستمرار في التشاور خلال اجتماعات لاحقة». فيما قال الرئيس الحريري بعد لقائه الرئيس عون: كنا نتمنى أن تكون هناك حكومة، ربما لا تزال هناك تعقيدات واضحة، ولكني أقول لكم أمرا واحدا، بالتأكيد هناك وضوح في المشاكل الموجودة بالسياسة، لكني أقول إلى اللبنانيين، لا يقولنّ أحدٌ لكم أننا غير قادرين على وقف الانهيار، والأهم أن هذا الانهيار يحتاج إلى حكومة لتوقفه، ويحتاج إلى حكومة اختصاصيين لكي نسير بالإصلاح الذي نريده، فخامة الرئيس وأنا وكل اللبنانيين.
وأضاف: من هذا المنطلق، أتمنى على الجميع أن يدرك أني لن أتوقف حتى تشكيل حكومة، وأن تكون حكومة اختصاصيين، وهو ما يريده أيضا رئيس الجمهورية، لكن الخلاف هو على أمور أخرى، وربما مرده إلى الثقة التي قد تكون ضاعت خلال السنة الفائتة، والتي يجب علينا أن نعيد بناءها بين الأفرقاء. لكن على الجميع أن يعرف أن السياسيين لم يعد لديهم وقت، وعلى السياسيين أن يعرفوا أيضا أن البلد ينهار بشكل سريع جدا. والإسراع في تشكيل حكومة هو الأساس، على أن تكون حكومة اختصاصيين وخبراء يعرفون ماذا يفعلون، دون أن يكونوا مسيسين.
والمح الحريري بشكل غير مباشر الى انه لا يريد وزراء مرتبطين بالسياسيين او مرجعيتهم سياسية بقوله: أنا لا أريد أن أعرف الوزير الذي سأسميه معرفة طويلة، وهذا الشخص الذي سيسمى لتلك الوزارة يجب أن يكون اختصاصيا بالفعل، وأن يكون تركيزه على الإصلاح، وليس على ما يريده سعد الحريري.
واكد «ان الرئيس عون حريص على تشكيل هذه الحكومة، وأنا كذلك لدي نفس الحرص، وسنبقى نعمل ونتواصل مع بعضنا البعض حتى تشكيل هذه الحكومة».
وختم: بعد رأس السنة، لا بد أن تكون هناك حكومة، فالمواطن اللبناني لا يريد أن يرى سعد الحريري «طالع إلى القصر الجمهوري ونازل منه» من دون حكومة.
وأعربت أوساط بعبدا تأجيل الحريري العودة للتشاور مع عون، إلى ما بعد رأس السنة بدل ان يكون ما بين عيدي الميلاد ورأس السنة. وقالت المصادر ربما يريد ان يسافر ليمضي عطلة الأعياد مع عائلته.
وأوضحت أن لا مشكلة في حكومة الاختصاصيين وإنه يراد أن تكون الحكومة في إطار متكافىء كي تحكم وتقوم بمسؤولياتها في المرحلة المقبلة.
وافادت مصادر مطلعة أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف تداولا أمس في التشكيلة الحكومية على ضوء نقاط طرحت بالأمس لجهة قيام حكومة منتجة وفاعلة مشيرة إلى أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بينهما حول التشكيلة الحكومية وتقرر التشاور بينهما في اجتماعات لاحقة في الأيام المقبلة.وقالت أن هناك نقاطا عالقة لا تزال تحول دون قيام الاتفاق أبرزها حقيبتي الداخلية والعدل.
وفهم من المصادر إن الاسماء التي طرحت غير مقبولة وهي تشهد تباينا بين عون والحريري.
ولكن مصادر مواكبة قالت أن التعقيدات لا تتصل بوزارتي العدل والداخلية فحسب إنما في المقاربة الشاملة لكل الحقائب وإسقاط الحقائب على الطوائف والطوائف على الحقائب مشيرة إلى أن ليس هناك من ثلث معطل.
ولفتت إلى أن رئيس الجمهورية لا يعرقل إنما هو شريك حتمي وكامل في المسؤولية الدستورية وقالت أن على الرئيس المكلف أن يركز أكثر على مقاربات والاتفاق على مقاربة. واستغربت كيف تبدلت الأجواء الأيجابية بعد لقاء أول من أمس وتفكير الحريري بما طرحه رئيس الجمهورية على مدى ساعة وربع الساعة وذلك لأن الرئيس المكلف قال أنه لا يمكنه هنا و هناك. ولفتت إلى أنه لا يجوز نعقد الآمال أمام الشعب الذي يعاني ما يعانيه ونخيب اماله بفعل صراع في ظاهره سلطوي وهو أبعد من ذلك بكثير.
بدورها قالت مصادر بيت الوسط ان المعلومات التي سربت من قصر بعبدا قبل زيارة الرئيس سعد الحريري اشاعت مناخاً سلبياً عن نتائج الاجتماع قبل حصوله. ولاحظت ان الاجواء الايجابية التي عكسها الرئيس الحريري كانت بطلب مباشر من الرئيس عون الذي تمنى عليه التصريح بوجود ايجابيات يتم العمل على استكمالها، غير ان وطاويط القصر تحركت ليلاً لتعكير الجو والاعداد لجولة جديدة من التعقيدات، على جري عادتها منذ التكليف.
ونبهت المصادر الرأي العام اللبناني من محاولات تزوير الحقائق التي يمارسها بعض المحيطين والمستشارين والمتخصصين بفتاوى التعطيل السياسي والدستوري.
وقالت ان الرئيس الحريري لم ولن يتراجع عن موقفه الذي اعلنه قبل التكليف وبعد التكليف بوجوب ولادة حكومة من الاختصاصيين تتصدى للاصلاحات في القطاعات كافة ووقف الانهيار الاقتصادي والمعيشي، وان اي محاولة لفرض حكومة تتسلل اليها التوجهات الحزبية لن يكتب لها النجاح مهما حاولوا الى ذلك سبيلاً.
ولم تتأخر بعبدا في الرد، إذ ابدت مصادر مطلعة على موقفها استغرابها لما عممته مصادر بيت الوسط معتبرة أن ذلك يؤثر سلبا على مسار تشكيل الحكومة.
وشددت المصادر على ان الرئيس عون طرح منذ بداية البحث في موضوع تشكيل الحكومة ضرورة توافر معايير واحدة في التشكيل في حين ان التشكيلة التي عرضها الرئيس الحريري لم تكن تتوافر فيها هذه المعايير لاسيما من خلال التمسك مثلا بوزارتي الداخلية والعدل اللتين تتكاملان من حيث الامن والقضاء ولا يمكن بالتالي تسليمها الى فريق واحد.
واضافت المصادر انه لا يمكن التصرف في تشكيل الحكومة على قاعدة one man show لان تشكيل الحكومات يخضع لنصوص دستورية توجب الاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف لاسيما تلك الواردة في المادة ٥٣ من الدستور.
واكدت المصادر ان لا وطاويط في قصر بعبدا ولا غرف سوداء ، لان رئاسة الجمهورية تعمل علانية وبوضوح وشفافية وعلى الملاء ، في حين ان الغرف السوداء موجودة لخدمة الراغبين في تعكير الاستقرار السياسي في البلاد وعرقلة تشكيل الحكومة واسقاط التوازن الوطني والمعايير الواحدة عنها.
واكدت المصادر ان الرئيس عون لم يطرح حزبيين كمرشحين للتوزير بل اقترح اسماء اختصاصيين مستقلين تتوافر فيهم الكفاءة والخبرة لادارة الوزارات التي تسند اليهم.
وكانت مصادر بيت الوسط (الجديد) ذكرت أن الاجواء الايجابية التي عكسها الرئيس الحريري كانت بطلب مباشر من الرئيس عون الذي تمنى عليه التصريح بوجود ايجابيات يتم العمل على استكمالها. وقالت إن «وطاويط القصر» تحركت ليلاً لتعكير الجو والاعداد لجولة جديدة من التعقيدات على جري عادتها منذ التكليف».
وسارع مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الى نفي ما ذكرته محطة «الجديد» في نشرتها مساء اليوم عن دور مزعوم لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في «تعطيل» تشكيل الحكومة العتيدة.
وأوضح المكتب انه سبق ان اكدت رئاسة الجمهورية مراراً ان لا طرف ثالثا في عملية البحث في تشكيل الحكومة التي تتم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، كما ان النائب باسيل اكد بدوره عدم مشاركته في البحث في تشكيل الحكومة، الا ان محطة «الجديد» مصرة على اقحام اسم النائب باسيل في المسألة الحكومية في محاولة واضحة ومتكررة لبث أكاذيب هدفها الإساءة الى المسار الدستوري لتشكيل الحكومة فضلاً عن استهدافات أخرى لم تعد خافية على احد.
وعكست زيارة نائب رئيس المجلس النيابي إلى بكركي، حرص البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على تتبع ما يجري على الصعيد التشاوري الرئاسي، وقال بعد اللقاء: الراعي ينتظر بفارغ الصبر وبتوقعات عالية الامل مسألة تأليف الحكومة ونحن نعتقد انها مسألة يجب بصورة قاطعة ان يصار الى تأليفها لأنها طريق الخلاص للشعب اللبناني الذي لم يعد يحتمل ان يعيش في ظل هذه الظروف». واضاف «لن يستطيع الرؤساء ان يقدموا اي تبرير للشعب ان لم يقدموا على اعلان الحكومة».
ومن المتوقع ان يعبر الراعي في عظة الميلاد اليوم عن امتعاضه مما آلت إليه التطورات.
وغرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قائلاً: «يبدو ان التعقيدات الداخلية ظاهرًا الى جانب الشروط التعجيزية لبعض الجهات السياسية تحول دون تشكيل الوزارة . وفي انتظار الاضواء الخضراء وجب تعزيز امكانيات وزارة الصحة كي تتوسع كما ونوعا في مواجهة الوباء».
أولوية القصر
ومن زاوية الأولويات، اعتبرت مصادر مقربة من بعبدا ان الاجتماع الذي عقد في بعبدا، ورأسه الرئيس عون، بحضور وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني والمستشار سليم جريصاتي والمدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير، يصب في أولويات الرئيس للسير في التدقيق الجنائي..
وأعلن وزني عن قرار بالتواصل مع شركة الفاريز ومارسال ALVAREZ and MARSAL لمتابعة التدقيق الجنائي المالي.
وعن توقيت اعادة استلام شركة الفاريز ومارسال التدقيق الجنائي، أشار وزني الى «ان التواصل مع الشركة سيبدأ اليوم، لافتاً الى أنها ارسلت منذ عشرة ايام رسالة الى مصرف لبنان ابدت فيها استعدادها لاعادة العمل مع الدولة اللبنانية، ومن المؤكد أن القرار الذي اتخذ بوجود فخامة الرئيس عون، اي اعادة التواصل مع الشركة، سيبدأ تنفيذه اليوم، وفور عودتي الى المكتب».
ورداً على سؤال عن رواتب موظفي القطاع العام والتخوف من عدم امكانية تأمينها، اوضح الوزير وزني ان «لا خوف على الرواتب»، مشيراً الى ان «وزارة المال بدأت منذ يوم امس دفع رواتب الموظفين العسكريين والامنيين، وسيتم اليوم صرف رواتب موظفي القطاع المدني، وبذلك تكون رواتب واجور جميع موظفي الدولة، متقاعدين وغيرهم تم دفعها قبل نهاية الاسبوع الحالي».
وفي عين التينة، استقبل الرئيس نبيه بري حاكم مصرف أمس لبنان رياض سلامة حيث جرى عرض للاوضاع المالية والتشديد على ضرورة تطبيق القوانين الصادرة عن المجلس النيابي لاسيما القوانين المتعلقة بالاصلاح والتدقيق المالي ومكافحة الفساد وهدر المال العام.
وفي الإطار المالي، أكّد المدير التنفيذي لدى المجموعة العربية لصندوق النقد الدولي محمود محي الدين ان مفتاح حل الأزمة في لبنان يعتمد على التوافق السياسي ووجود حكومة ذات صلاحية ومساندة برلمانية، دون ذلك لا يمكن ان تكون جهة مثل صندوق النقد الدولي قادرة على انتشال لبنان من عثرته.
اعتمادات لفايزر
صحياً، وقع رئيس الجمهورية أمس مرسوم نقل اعتماد لشراء لقاحات ضد فايروس كورونا من شركة فايزر، على ان يتخذ وزير الصحة الإجراءات اللازمة لتوقيع العقد بين الدولة اللبنانية والشركة المنتجة للقاح.
163225
وأعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 2246 إصابة بالكورونا، مع 22 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 163225 حالة منذ 21 شباط 2019.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
الرئيس المكلّف مستمرّ بالمناورة: لا حكومة قبل رحيل ترامب؟
حقيبتان من الحريري للقوات
لم يخرج لقاء أمس بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بغير ما كان متوقعاً، نظراً الى الهوّة الواسعة التي تفصل بين موقفي الطرفين. على المنوال نفسه الذي اتبعه الحريري منذ تسميته سارت الأمور: بعد غياب، يلجأ الى الوساطات.
يزور رئيس الجمهورية حاملاً تشكيلة مفخخة غير قابلة للحياة، ويُشيع أجواء إيجابية مخادعة. وحينَ «ينكشف» يعلّق التعطيل وتطيير «التفاهم» على شمّاعة جبران باسيل، ويتهم، كما نقلت مصادر وادي أبو جميل أمس، «وطاويط القصر بالتحرك ليلاً لتعكير الجو والإعداد لجولة جديدة من التعقيدات».
هكذا، تراجع الرئيس المكلف أمس عن «عيدية الحكومة» التي وعد بها أول من أمس، في ما بات واضحاً أنه عملية شراء للوقت، تظهره راغباً في التأليف ومستميتاً في سبيله، فيما هو فعلياً ينتظر جلاء الصورة في واشنطن بعد التسليم والتسلّم بين إدارتي دونالد ترامب وجو بايدن، في الـ20 من الشهر المقبل.
وهو لذلك «يختلق أعذاراً ويتمسّك بصورة غير منطقية بحقيبتي الداخلية والعدل معاً، ويحتكر تسمية الوزراء المحسوبين عليه من دون أي رغبة في إشراك الرئيس في الأسماء، ويصرّ على تسمية وزراء مسيحيين، ويشترط أن يوافق مسبقاً على الأسماء التي يطرحها رئيس الجمهورية»، وفق مصادر مطلعة على مفاوضات التأليف، مشيرة الى أن الأمر «لم يعد يتعلق بوحدة المعايير، بل في عدم وجود أيّ معايير للتأليف من أساسه».
في اللقاء الذي عُقد عصر الثلاثاء، كانَ الحريري حاسماً في رفضه «التنازل» عن حقيبتيْ الداخلية والعدل، عارضاً مكانهما وزارات خدماتية أخرى. وبما أن فرنسا تصرّ على أن «تسمّي» وزيري الطاقة والاتصالات، وأن وزارة الأشغال ستكون من حصّة الشيعة، اعتبر رئيس الجمهورية أن ما يعرضه الحريري لا يساوي ما سيحصل عليه هو، خصوصاً أن من بين الأسماء التي اقترحها الحريري لتولّي وزارتي الطاقة والاتصالات لبنانيين يحملان الجنسية الفرنسية وينتميان إلى حزب القوات اللبنانية! وهو الأمر الذي رفضه عون، مشيراً إلى عدم إمكانية إعطاء حزب من المعارضة وزيرين، فضلاً عن أن ذلِك يُعطي الحريري الثلث المعطلّ، علماً بأنه لا يملِك أكثرية نيابية. ومن بين السيناريوات التي تردّد أنها كانت موضع نقاش أيضاً، إعطاء 6 وزراء مسيحيين لعون، مقابل التفاهم على وزير مسيحي في الداخلية، على أن تكون الخارجية من حصّة الدروز.
رغم الجوّ المشحون، خرج الحريري مُصرّحاً بقرب ولادة الحكومة قبل عيد الميلاد، قبلَ أن يتّضح الموقف بعد اللقاء الثاني الذي جمعه أمس برئيس الجمهورية، بأن «لا حكومة». كلام الحريري بعد انتهاء اللقاء كانَ واضحاً في هذا الاتجاه، عازياً ذلك الى أسباب «معروفة». وعادَ الحريري الى نغمة قديمة بالحديث عن تأليف حكومة اختصاصيين، قائلاً: «ما حدا يخبركن إنو ما فينا نوقّف الانهيار. ولكن نحن نحتاج إلى حكومة من اختصاصيين كي نوقف هذا الانهيار»، وكأنه هو من خارج المنظومة السياسية. وشدّد على أن «الإسراع في تشكيل حكومة، هو الأساس. ونحتاج إلى أشخاص نستفيد منهم لمصلحة البلد. ربما نتأخّر في تشكيل الحكومة. وهذا الأمر يشكل ضغطاً على البلد. ولكن الرئيس عون وأنا حريصان على تشكيلها».
وتُشير مصادر مطلعة على لقاء أمس إلى أنه «كانَ مُخيّباً»، وأن الحريري كان «يعلم أن لا تقدّم سيحصل، وأن ما يطرحه لا يُمكن أن يلقى قبولاً عند عون»، خصوصاً أن «العقد الأساسية المتمثلة في حقيبتيْ الداخلية والعدل بقيت على حالها». وعلمت «الأخبار» من مصادر مطلعة على أجواء الاتصالات أن الحريري لا يزال يبعث برسائل غير مباشرة الى المعنيين بضرورة التدخل لدى باسيل «لكفّ يده عن ملف الحكومة». واختصرت المصادر حصيلة لقاء أمس بالقول: «عدنا الى المربّع الأول»، فبعدَما «كانَ البحث محصوراً بين الداخلية والعدل، أبلغ الحريري المعنيين أن عون عاد ليُطالب بالثلث المعطّل، أي الداخلية والعدل والطاقة والاتصالات والدفاع»، فيما رئيس الحكومة المكلف «ليس في وارد التنازل».
مصادر بعبدا استغربت الأجواء التي عمّمها فريق الحريري، مشدّدة على أن «الرئيس عون طرح منذ بداية البحث في موضوع تأليف الحكومة ضرورة توافر معايير واحدة في التأليف، في حين أن التشكيلة التي عرضها الحريري لم تكن تتوافر فيها هذه المعايير، ولا سيما من خلال التمسك مثلاً بوزارتي الداخلية والعدل اللتين لا يُمكن أن تكونا من حصة فريق واحد». وأكدت أن الرئيس عون لم يطرح حزبيين لتوزيرهم، بل إن الأسماء التي اقترحها هي مجموعة من الاختصاصيين والمستقلين الذين تتوافر فيهم الكفاءة والخبرة».