أجمعت الصحف على أن حل العقدة السياسية التي تَشُلُّ الحكومة، "محطوط" في جيب النائب السابق وليد جنبلاط. وكشفت "اللواء" عن أن "الرئيس سعد الحريري قرّر العمل، على نحو مباشر مع النائب السابق وليد جنبلاط على تدوير زوايا الموقف، بما يسمح بالدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء". وأكدت "البناء" أن "الحكومة تبدو معلّقة على مساعي جنبلاط لتوظيف أزمة قبرشمون وإحالة ملفها إلى المجلس العدلي لتطبيع علاقته بحزب الله. حيث أوضح لأكثر من جهة أنه إذا سارت العلاقة مع حزب الله، كما يجب فكل شيء يصير سهلاً، وأن قضيته ليست مع المجلس العدلي ولا مع النائب طلال إرسلان ولا مع رئيس الجمهورية ولا مع التيار الوطني الحر، بل مع حزب الله". أما "الأخبار" فقد توسعت في شرح مأزق جنبلاط ودوره الأساسي في "تسكير" أبواب السلطة التنفيذية. إذ يتبين أن زعيم المختارة الذي فشل لسنوات في إعادة إقفال طريق بيروت ـ دمشق، يرفض الإعتراف بأنه صار "بيضة مفقوسة" في وحول المعادلة الداخلية. وهو بحسب "الأخبار"، وكذلك "البناء"، يضع "شروطاً سياسية" على قوى 8 آذار لكي تعيد رفعه إلى منصب "بيضة قبان" هذه المعادلة. في هذا "الجو السياسي" الذي يشعر المواطنون بخطره على معاشهم وحياتهم، المحت مصادر "الجمهورية" إلى خطورة "الخطاب الباسيلي" على الوحدة المجتمعية اللبنانية. حيث لفتت إلى "عودة الفرز الطائفي والمذهبي في أكثر من محطة في الأشهر الأخيرة، من الكلام عن السنّية السياسية والمارونية السياسية، إلى رفض تأجير [اللبنانيين] المسلمين [مساكن] في [بلدة] الحدث، وصولاً إلى المادة 80 في الموازنة والمادة 95 في الدستور، في محاولة لإحراج المسلمين، من زاوية انّ كل من لا يتبنى التفسير المستجد هو ضد التعايش، وكذلك إحراج المسيحيين من زاوية انّ كل من لا يماشي هذا التفسير هو متخاذل" عن حماية "حقوقهم".
اللواء
أبعد من العودة إلى مجلس الوزراء.. إنها أزمة وطنية؟
القمّة الروحية لإستئناف عمل الحكومة .. وبوادر حلحلة مع جنبلاط
على وقع، «سيوقع» هدأت على جبهة المادة 80 من موازنة العام 2019، وقرّر الرئيس سعد الحريري العمل، على نحو مباشر مع النائب السابق وليد جنبلاط، والفريق الاشتراكي على تدوير زوايا الموقف، بما يسمح بالدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء، من دون احداث خضة في الجلسة، على خلفية وضع أو عدم وضع احداث قبرشمون على جدول الأعمال، من دون الاتفاق المسبق، على ما يُمكن ان تؤول إليه الأمور.
وبالفعل، استقبل الحريري جنبلاط، مساء أمس في بيت الوسط، ثم تناول المجتمعون العشاء لبحث المخارج الممكنة..
وحسب معلومات «اللواء» استغرقت جلسة العشاء وقتاً ليس بقصير، وكان الطبق السياسي عليها، مبادرة الرئيس نبيه برّي، التي عرضها على الرئيس الحريري أمس الأوّل، واتفق ان يسوقها الرئيس الحريري مع النائب جنبلاط.
وذكرت المعلومات ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي أبدى ليونة في التعامل مع مبادرة برّي.
وكشفت مصادر المعلومات ان المبادرة المطروحة تقضي بعرض القضية (قبرشمون) على مجلس الوزراء، ضمن معادلة تصويت 15مقابل 15 صوتاً، الأمر الذي يعني ان لا قرار يتخذ وإذا ما اعيد التصويت يصبح ضم قضيتي الشويفات وقبرشمون إلى المجلس العدلي معاً..
وفي ضوء هذه المبادرة، عاود المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم محركات التفاوض فزار خلدة وعرض مبادرة برّي مع النائب طلال أرسلان، فإذا ما سارت الأمور على ما يرام، تتم الدعوة لمجلس الوزراء، الذي دعت كتلة «المستقبل النيابية» للكف عن توجيه الرسائل إليه.
على ان للمسألة ابعاداً أخرى، تكشفت تباعاً منها ان الأزمة الراهنة خرجت عن كونها ذات صلة بانعقاد مجلس الوزراء، هذا الأسبوع، أو الذي يليه أو.. بل ذات صلة بما كشفه وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي من ان الرئيس عون، بعد توقيع قانون الموازنة سيوجه رسالة إلى مجلس النواب لتفسير المادة 95 من الدستور، لا سيما «وفقا لمقتضيات الوفاق الوطني»، داعيا للاتفاق على «مفهوم الوفاق الوطني» الأمر الذي يعني ان لا اتفاق على الوفاق خارج معنى المناصفة، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
ما لم يقله جريصاتي، قالته محطة O.T.V التي سألت، في معرض الحديث عن المادة 80 من الموازنة: «هل نحن مع العيش المشترك والميثاق والتنوع؟ أم نريده وطناً احادياً يلغي البعض فيه البعض الآخر، ويتحدث علناً عن وقف العد فيما كل حركته السياسية تقوم على العد، وفقط على العد؟
أزمة تفسير المادة 95
وعلى قاعدة الأزمات المتناسلة والتي باتت خبز اللبنانيين اليومي، صح ما توقعته «اللواء» عن بروز مشروع أزمة سجالية جديدة حول تفسير المادة 95 من الدستور، في ضوء الرسالة التي سيوجهها الرئيس ميشال عون إلى مجلس النواب بواسطة الرئيس نبيه برّي، بغرض تفسيرها، وفق ما أعلن وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي من عين التينة.
وأوضحت مصادر مقربة من بعبدا لـ «اللواء» ان توقيع الرئيس عون لقانون الموازنة بين لحظة وأخرى أمر مفروغ منه، وهو منفصل عن توجيه الرسالة إلى مجلس النواب، وقالت ان الرئيس عون بقي يراجع بعض الأمور قبل توقيع لقانون، خاصة وان التوجه ما زال قائماً بخصوص نشر الموازنة قبل غد الخميس، حيث ستكون له كلمة لمناسبة الاحتفال بعيد الجيش في الفياضية.
ولفتت المصادر إلى ان توجيه الرسالة إلى مجلس النواب حق دستوري لرئيس الجمهورية، وهو سبق ان استعمل صلاحياته الدستورية في تجميد عمل المجلس النيابي لمدة شهر كامل، وكانت الأولى في تاريخ رؤساء الجمهورية، الذين دأبوا على توجيه رسائل مماثلة، مثل الرسالة التي وجهها الرئيس الراحل الياس الهراوي في العام 1998 وطلب فيها وضع آلية تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، والتي تنص عليها المادة 95 تمهيداً لدراسة مقترحات وسبل إلغاء الطائفية.
وكذلك رسالة الرئيس السابق اميل لحود عام 2000 التي حث فيها المجلس على اجراء انتخابات نيابية بمواعيدها الدستورية في ظل قانون يؤمن أفضل تعبير عن إرادة الشعب، في محاولة لحسم الجدل الدائر في شأن قانون الانتخاب.
كما ان الرئيس عون سبق ان وجه رسالة في نيسان من العام 2018 يطالب فيها المجلس بإعادة النظر في نص المادة 49 من قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2018 والتي تقضي بمنح إقامة إلى كل عربي أو أجنبي يشتري وحدة سكنية في لبنان بالشروط التي حددتها المادة المذكورة.
ومعلوم انه عندما يرغب رئيس الجمهورية بتوجيه رسالة الى مجلس النواب عملا باحكام الفقرة 10 من المادة 53 من الدستور تطبق الاجراءات الاتية:
1- اذا كانت رسالة رئيس الجمهورية مباشرة يبادر رئيس المجلس الى دعوة المجلس الى الانعقاد خلال ثلاثة ايام من تاريخ ابلاغه رغبة رئيس الجمهورية.
2- بعد استماع المجلس الى رسالة رئيس الجمهورية يرفع رئيس المجلس الجلسة لمدة 24 ساعة تستأنف بعدها الجلسة لمناقشة مضمون الرسالة واتخاذ الموقف او الاجراء او القرار المناسب.
3- اما اذا كانت الرسالة موجهة بواسطة رئيس المجلس فعليه ان يدعو المجلس للانعقاد خلال ثلاثة ايام لمناقشة مضمون الرسالة واتخاذ الموقف او الاجراء او القرار المناسب.
وفهم من المصادر أن البحث في المادة 95 لا يعطل الأعتراض على الفقرة الأخيرة من المادة 80 موضع اللغط، واشارت مصادر وزارية الى انه لا بد من ازالة الإلتباس خصوصا في ما يتعلق بما ورد في موضوع التوازن، علما ان هذه المادة لم تطبق ومن اجل ما عرف بمقتضيات الوفاق الوطني تم اختراع 6 و6 مكرر انما لم يتم وضعها بهذا الأسلوب.
وفي هذا السياق، كانت لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل توضيحات أثناء افتتاح خلوة تكتل «لبنان القوي» الخاصة بالواقع الزراعي في كفيفان، في شأن ان «المس بالمناصفة هو مس باتفاق الطائف وبالدستور»، مشيرا إلى ان «اللغط الذي حصل في الموازنة» في خصوص المادة 80 سيتم معالجته باقتراح القانون الذي سيتقدم به التكتل لشطب هذه المادة، كي لا تكون هناك حقوق مكتسبة الا حين توقيع القانون، وحتى لا تكون هناك سوابق قانونية وتكريسها لأن القانون لا يسمو على الدستور.
ورأى باسيل ان «المادة 95 من الدستور واضحة وتشير الى انه بعد تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية تكون المناصفة الفعلية في الفئة الاولى، والغاء المناصفة الفعلية بعد الوصول الىالدولة المدنية، وأي مس بالمناصفة هو مس باتفاق الطائف ونحن من نتمسك به ولا نريد تعديله الا باتفاق وطني عريض، وهذا هو جوهر ميثاقنا ودستورنا».
وقال «لا يهددنا احد بالعد لأن هذا التهديد ينقلب على صاحبه».
ولم تستبعد المصادر ان يكون الموضوع متصلاً بعدم تمرير 834 ناجحاً في الجمارك، قبل معالجة التوازن بين المسيحيين والمسلمين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تعيينات كتاب العدل.
مراوحة حكومية
إلى ذلك، توقعت المصادر الوزارية ذاتها ان يُشكّل لقاء الرئيس عون مع الرئيسين برّي والحريري على هامش احتفال تخريج دفعة من تلامذة ضباط الجيش مناسبة للتداول في موضوع الرسالة، وفي ملف الحكومة الذي ما زال يراوح تحت ضغط الشروط والشروط المضادة من قِبل الفريقين المعنيين بحادثة قبرشمون والبساتين وما يدفع الرئيس الحريري إلى التريث في دعوة مجلس الوزراء للانعقاد قبل إنضاج حل توافقي يحول دون تفجير الحكومة من الداخل.
وفي هذا السياق، استكمل الرئيس الحريري مشاوراته التي بدأها أمس الأوّل بزيارة الرئيس برّي، ورؤساء الحكومات السابقين، فاستقبل مساء في «بيت الوسط» رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يرافقه الوزيران اكرم شهيب ووائل ابوفاعور في حضور الوزير السابق باسم السبع، في وقت أعاد فيه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم تشغيل محركاته بعد عودته أمس من الدوحة، بزيارة إلى خلدة بعيداً عن الإعلام، حيث التقى رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال أرسلان، لاطلاق جولة جديدة من المساعي لمعالجة تداعيات حادثة قبرشمون، ويتوقع ان يزور إبراهيم الرئيس عون في الساعات المقبلة.
وأوضح مكتب الإعلام في رئاسة الحكومة، ان لقاء الحريري- جنبلاط تناول مجمل الأوضاع العامة وآخر المستجدات السياسية في البلاد، واستكمل البحث إلى مائدة عشاء أقامها الرئيس الحريري للمناسبة، في إشارة إلى ان جنبلاط لا يرغب الإدلاء بتصريح.
لكن مصادر الحزب الاشتراكي لفتت إلى أن الحزب تجاوب مع كل المبادرات التي طرحت لمصالحة تداعيات احداث الجبل، ووافق على احالة حادثة البساتين وحادثة الشويفات معاً إلى المجلس العدلي، أو التنازل عنهما معاً، إلا انه يرفض ان توضع الإحالة ضمن بند على طاولة مجلس الوزراء.
وكان الوزير شهيب، اشار في ما مقابلة مع «اللواء» إلى ان الأجواء المحمومة التي تعيشها البلاد تتطلب الحكمة وعدم الانحياز، وعلى موقع الرئاسة الأولى يجب ان يكون حكماً بين الجميع، لافتاً إلى اننا كنا بغنى عن حادثة الجبل لولا الخطاب المتشنج والمتنقل بسبب جنوح الوزير باسيل واستعجاله السلطة بعد ان يطوق جنبلاط في الجبل ويحد من صلاحيات الرئيس برّي في مجلس النواب وحصر سمير جعجع في معراب ورئيس «المردة» سليمان فرنجية في زغرتا، موضحاً بأن المشكلة ليست مع الوزير صالح الغريب بل مع من دفع الغريب إلى هذا العمل، ودعا إلى ترك موضوع حادثة قبرشمون للأمن والقضاء لأنه لا مصلحة لأحد باستهداف المصالحة في الجبل.
وكشف شهيب ان الوزير سليم جريصاتي هو من طرح موضوع تحويل الملف إلى المحكمة العسكرية، معتبراً ان الخوف من الحقيقة في ما حصل هو من اوقف المبادرات، وان الكمين الذي يتحدثون عنه هو في عقولهم فقط، لافتاً إلى ان القبول بالتصويت في الحكومة على المجلس العدلي يعني تأييد نظرية محاولة اغتيال الغريب، في حين ان ما حصل في الجبل كان محاولة فتح الطريق بالنار فتم الرد عليها.
كتلة «المستقبل»
وفي ما يشبه الرد على اشتراط أرسلان ان يكون بند الإحالة إلى المجلس العدلي في أوّل جلسة للحكومة، أكدت كتلة «المستقبل» النيابية بعد اجتماعها الأسبوعي برئاسة النائب بهية الحريري، ان الأصول الدستورية والوطنية تفترض التوقف عن توجيه الرسائل المشروطة إلى رئاسة مجلس الوزراء، الجهة الوحيدة المعنية حصراً بدعوة المجلس إلى الانعقاد والمسؤولة عن اعداد جدول الأعمال واطلاع رئيس الجمهورية عليه، وشددت على ان أي دعوة من أي جهة سياسية لفرض بنود على جدول الأعمال هي من خارج السياق الدستوري والقانوني وتقع في نطاق عرقلة العمل الحكومي.
وسألت الكتلة ان الرأي العام اللبناني بات على بينة من كافة المواقف واوجه التصعيد والتعطيل وهو يتطلع إلى خرق جدران المراوحة والتوقف عن استنزاف البلاد في الحروب الكلامية والنبرات المتعالية التي لا طائل منها وعودة مجلس الوزراء إلى ممارسة مسؤولياته».
وفي السياق، كشف الرئيس نجيب ميقاتي في حديث الـL.B.C ان الرئيس الحريري بإمكانه ان يدعو إلى جلسة للحكومة في السراي ويضع جدول أعمال الجلسة، لكنه لا يريد الوصول إلى هذه النقطة، وانه لحفظ مكانة الرئيس عون سيدعو إلى جلسة في بعبدا برئاسة الرئيس عون لأننا نراهن على انه بحكمته يمكننا الخروج من هذه الأزمة.
الا ان ميقاتي لاحظ رداً على سؤال، ان الرئيس عون يكون أحياناً طرفاً بدل ان يكون حكماً، وتساءل ماذا يحدث لو طرح الرئيس عون أي موضوع من خارج جدول الأعمال وانسحب الرئيس الحريري من الجلسة؟ هل يستمر المجلس منعقداً؟
تزامناً، ردّ مجلس القضاء الأعلى أمس على أرسلان الذي تناول في مؤتمره الصحفي الأخير النائب العام لدى محكمة الاستئناف في جبل لبنان القاضية غادة عون بكلام تضمن تهماً افتراضية بحقها، فأدان هذا الكلام، مؤكداً عدم وجود ما يُبرّر اقدام متعاطي الشأن العام على التهجم على أي قاض في معرض قيامه بمهامه والتجريح به، وأهاب بالجميع عدم زج القضاء في التجاذبات السياسية.
القمة الروحية في فردان
في ظل هذه الأجواء، شكلت القمة الروحية الاسلامية- المسيحية التي انعقدت أمس في دار الطائفة الدرزية في فردان بدعوة من شيخ عقل الطائفة الشيخ نعيم حسن، «محاولة روحية» لاحتواء تداعيات ملف الجبل من خلال التشديد على العيش المشترك وعلى أهمية إعادة تفعيل عمل المؤسسات.
وانتهت القمة التي شارك فيها كل رؤساء الطوائف الإسلامية والمسيحية، فيما غاب عنها رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان لأسباب صحية وناب عنه نائبه الشيخ أحمد الخطيب إلى إصدار بيان أكّد فيه المجتمعون على ان الوحدة الوطنية تشكّل الأساس والضامن لبناء لبنان الغد، معتبرة أن أي إساءة للعيش المشترك في أي منطقة وخصوصاً في الجبل هي إساءة إلى لبنان الفكرة والرسالة، وشددت القمة، في ختام أعمالها، على ان المطلوب المزيد من الوعي والتضامن الوطني لتجاوز المخاطر التي تتضاعف في ضوء ما يحاك من مشاريع معلنة وغير معلنة تستهدف إعادة رسم خريطة المنطقة.
وشدّد المجتمعون على ان «عمل الحكومة حاجة ماسة للاستقرار والنهوض الاقتصادي، وندعو إلى إيجاد الحل المناسب والسريع لتستعيد البلاد حياتها الطبيعية».
وكان الشيخ نعيم حسن دعا، في افتتاح القمة، إلى انتهاج الحكمة في إدارة الأمور وحسن التدبير لنؤكد على الثوابت الوطنية والاسس التي بني عليها الصرح الوطني دولة وشعبا ومؤسسات. ووجه نداء إلى الرئيس عون المؤتمن على الدستور لمنع كل ما ينقض صيغة العيش المشترك ودعا إلى جمع اللبنانيين ومنع أي سعي لضرب الصيغة اللبنانية».
وقال ان «كنز المصالحة أمر جوهري ويجب ان يكون نهجا عاما لكل اللبنايين بعيدا عن الشحن الطائفي البغيض ونعتبر الجبل اساسا لوحدة الأرض والإرادة استناداً إلى التاريخ».
اما البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي فقال «لا يُمكن ان نرى الشعب مشرذما ومقهورا الا وان نكون معه ونتمنى ان تكون القمة الروحية مستمرة ودورية ونصلي سويا لخلاص الوطن الذي يجمعنا في سفينة واحدة في قلب هذا البحر الهائج».
وأضاف «اليوم فتحت صفحة وطنية رائعة، ونحن معكم، ونوجه النداء لكل الجهات السياسية من دار الموحدين الدروز للتهدئة، وهذا اللقاء هو أكبر طمأنينة للشعب اللبناني».
ومن جهته، دعا مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان «الى الحلول من أجل انهاء الأزمات تحت قواعد ثلاث الوحدة الوطنية والعيش الواحد والتمسك بالدستور والطائف وسنقف سدا منيعا امام الالتفاف على نصوص الطائف».
وقال: «اطمئن الجميع بأن رئيس الحكومة سعد الحريري مؤتمن على هذه الثوابت الوطنية الكبرى ولن يفرط فيها وهو يحافظ على صلاحياته الممنوحة له دستوريا ونحن جميعا وأنا إلى جانبه».
ورأى ان «الوقت الحالي متأزم وعصيب ونريد كثيرا من التعقل والحكمة ونتوجه إلى السياسيين ان يبدأوا بالعمل المؤسساتي من أجل إنقاذ الوطن».
محرقة بيروت
على صعيد آخر، يعقد عند السادسة والنصف من غروب اليوم الأربعاء اجتماع موسع في السراي، برئاسة الرئيس الحريري، يحضره نواب العاصمة ومجلس بلدية بيروت وفعاليات وزارية واقتصادية ومهندسون اختصاصيون للبحث بالمشاريع الإنمائية المقررة لبيروت، ومن ضمنها مشروع معمل التفكيك الحراري (المحرقة) باعتبارها أحد الحلول المطروحة لمعالجة وحل مسألة النفايات التي باتت تُهدّد العاصمة مع خروج مطمر الجديدة- برج حمود عن العمل بدءا من شهر أيلول المقبل بسبب بلوغه طاقته القصوى عن تحمل اطنان النفايات.
ويأتي الاجتماع عشية الجلسة التي سيعقدها مجلس بلدية العاصمة لأخذ القرار في شأن المحرقة، بالرغم من معارضة مطران بيروت للروم الارثوذكس الياس عودة، الذي أوعز إلى الأعضاء المسيحيين في المجلس البلدي التنقيب عن الاجتماع.
وكان الرئيس الحريري ترأس أمس اجتماعاً للجنة الوزارية لمتابعة موضوع النفايات، حيث طرح وزير البيئة فادي جريصاتي، ضمن خطته لمعالجة الأزمة، برفع مستوى الطمر في مطمر برج حمود وليس توسيع المطمر، واختصاص عدد المطامر الصحية المنتشرة في كافة المناطق إلى 25 مطمراً بدلا من ألف مطمر عشوائي، لكن المشكلة في هذه المواقع تكمن في صعوبة الاختبار في الجنوب وفي الشوف وعاليه، بسبب رفض الحزب الاشتراكي وجود أي مطمر في الجبل.
وأكّد جريصاتي ان خطته تحتاج إلى دعم سياسي- خصوصا وان مطمر برج حمود سيبلغ طاقته القصوى في بداية أيلول، وان لا مشكلة مع مطمر الكوستا برافا الذي بإمكانه استيعاب مزيد من النفايات في السنتين المقبلتين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
سورية تتقدّم في إدلب… وألمانيا ترفض قوة للخليج… وماكرون: العقوبات إجراء أحادي مرفوض
جنبلاط يرهن حلّ قبرشمون والمجلس العدلي بمصالحة مع حزب الله
المادة 95 أمام مجلس النواب لحسم الميثاقيّة ومبدأ إلغاء الطائفيّة والمناصفة
في الخليج تبدو الصورة رغم التصعيد الكلامي الأميركي والبريطاني أقرب لمناخات ردم الهوة بين إيران والاتحاد الأوروبي، الذي لم تعُد بريطانيا جزءاً منه رغم تشاركها مع فرنسا وألمانيا في إعلان التمسك بالاتفاق النووي في ولاية تيريزا ماي وثم في ولاية بوريس جونسون. والموقف الأوروبي عبر عنه بقوة أمس، القرار الألماني برفض المشاركة في تشكيل قوة دعت إليها واشنطن تحت عنوان حماية الملاحة البحرية في الخليج بقيادتها، وأكمل التعبير الرئيس الفرنسي في حوار هاتفي مع الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني أكد خلاله اعتبار العقوبات الأميركية إجراءً أحادياً مرفوضاً، ونشرت مواقع فرنسيّة قريبة من قصر الأليزيه عن ماكرون اهتمامه بالحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران والسعي لحل الخلافات بالحوار والحوافز التي نصّ عليها الاتفاق بتطوير الآلية المالية الأوروبيّة أنستكس.
في الشمال السوري تواصلت المعارك الضارية وسجل الجيش السوري المزيد من التقدّم إلى مواقع استراتيجية تتيح الاستعداد لفتح معركة خان شيخون وسراقب، وبالتالي الطريق الدولي الذي يربط حماة بحلب، بعدما كانت الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة ولتركيا قد قامت خلال الأسبوعين الماضيين بهجمات معاكسة وعمليات قصف صاروخي وضعت تركيا لحسابها مقدرات عسكرية ولوجستية نوعية، تمكن الجيش السوري من احتوائها وتدمير القوة المهاجمة وخلفيات الإمداد الداعمة لها، بصورة أعادت التذكير بمعارك حلب التي سبقت تحريرها، بينما بدأت موسكو بالاتصالات الهادفة لجسّ نبض الأتراك للسير بحلول سياسية تتيح انسحاب الجماعات المسلحة من الطريق الدولي ومحيط أمانه اللازم لتسلّمه من الجيش السوري قبل سيطرة الخيار العسكري على الموقف وإقفال المسالك السياسية للحلول.
لبنانياً، تبدو الحكومة معلّقة على مساعي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط لتوظيف أزمة قبرشمون وإحالة ملفها إلى المجلس العدلي لتطبيع علاقته بحزب الله، حيث أوضح لأكثر من جهة أنه إذا سارت العلاقة مع حزب الله، كما يجب فكل شيء يصير سهلاً، وأن قضيته ليست مع المجلس العدلي ولا مع النائب طلال إرسلان ولا مع رئيس الجمهورية ولا مع التيار الوطني الحر، بل مع حزب الله، بينما قالت مصادر متابعة إنه من المستحيل أن يقبل حزب الله بهذه الطريقة في تصغير القضايا الكبرى وتسخيف الحلفاء وتوقعت أن يكون جواب حزب الله على الطلب الجنبلاطي أن التعبير عن حسن النية في العلاقة بالحزب يبدأ من القبول بالإحالة إلى المجلس العدلي.
بالتوازي في ملف الموازنة التي نالت الموافقة على توقيع رئيس الجمهورية فتح النقاش حول المادة 80 باب البحث باتفاق الطائف والتوازن الطائفي والمناصفة والميثاقية وبالتالي علاقة كل ذلك بإلغاء الطائفية كهدف وطني نص عليه الدستور، وسيكون ذلك موضوع رسالة يوجّهها رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي لتفسير المادة 95 من الدستور، بينما تطلعت مصادر نيابية إلى الدعوة لاجتماع هيئة الحوار الوطني في بعبدا تطرح خلالها كل القضايا الإشكالية التي تعيق انتظام الحياة الوطنية في البلد والحياة الدستورية للمؤسسات.
الأكيد حتى الساعة أن لا جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، طالما أن الأجواء لا تزال على حالها من التوتر والتصعيد، ما دفع مجدداً الرئيس سعد الحريري الى التريث لدعوة مجلس الوزراء هذا الأسبوع، علماً أن استحقاق أموال سيدر لا ينتظر حلّ الخلافات الداخلية التي قد تطول.
وبينما استقبل الحريري مساء أمس، النائب السابق وليد جنبلاط في إطار المشاورات الدائمة لحل الأزمة المستجدة بعد حادثة قبرشمون. عاود اللواء عباس إبراهيم اتصالاته بعد عودته أمس من الدوحة، حيث التقى النائب طلال أرسلان في خلدة بعيداً عن الإعلام، للبحث في حلّ أزمة حادثة الجبل، غير أن أرسلان بحسب المعلومات رفض مبادرة الرئيس الحريري الداعية إلى تحييد اجتماع مجلس الوزراء عن مسار معالجة أزمة قبرشمون وأبلغ موقفه للواء إبراهيم.
وفي السياق استقبل الحريري أمس، السفير الفرنسي برونو فوشيه وعرض معه المستجدّات والعلاقات الثنائية والأوضاع الاقتصادية، علماً أن معلومات البناء أشارت إلى أنّ مبعوث الفرنسي المكلّف متابعة تنفيذ مؤتمر سيدر السفير بيار دوكان، أرجأ زيارته بيروت إلى نهاية شهر آب المقبل، مع إشارة المصادر إلى أن الدول التي تعهّدت تقديم المساعدات الى لبنان تتطلّع الى التصنيفات الائتمانية السلبية للبنان.
إلى ذلك، وعلى خط المادة 80 بات مؤكداً أنّ رئيس الجمهورية سوف يوقع الموازنة في الساعات القليلة المقبلة، على أن يقوم تكتل لبنان القوي بتقديم اقتراح قانون معجل مكرّر لتعديل المادة 80. وكانت لافتة زيارة الوزير سليم جريصاتي عين التينة، موفداً من رئيس الجمهورية، ولقاؤه الرئيس نبيه بري. وقال جريصاتي التنسيق قائم بين بعبدا وعين التينة وليس جديداً وبحثت مع بري موضوع معالجة المادة 80 من قانون الموازنة ، وأضاف في عهد ميشال عون أنجزت 3 موازنات، فلا يمكن إلا يوقع قانون الموازنة ، وتابع الرئيس عون لن يطعن بالموازنة وسيوقّعها وسيبادر الى توجيه رسالة الى مجلس النواب بواسطة بري لتفسير المادة 95 من الدستور . واشار الى ان الرئيس بري مهتمّ بمعاودة جلسات مجلس الوزراء سريعاً والكل بانتظار عودة اللواء إبراهيم لاستئناف مبادرته .
وتشدّد مصادر تكتل لبنان القوي لـ البناء على أن ما يقوم به التكتل ينطلق من ضرورة احترام المادة 95 من الدستور التي نصّت على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في الإدارات العامة. ولفتت المصادر الى أن لبنان القويّ لا يتعاطى بمنحى طائفي، لكنه في الوقت عينه يريد استرجاع حقوق المسيحيين في الدولة. واعتبرت المصادر أن التكتل يدرس جيداً الخطوة التي سيقوم بها من منطلق أن الفقرة الأخيرة من المادة 80 يجب أن تحذف لقطع الطريق على توظيف من جاءت على ذكرهم الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة.
وبينما نوّهت كتلة المستقبل بـ الإيجابية التي يبديها رئيس الجمهورية لجهة التوقيع على قانون الموازنة بصفته نقلة إيجابية في المسار المطلوب للدولة ومؤسساتها الدستورية، تخفف من وطأة التجاذب الذي اعترى المواقف من المادة 80 ، كان لافتاً تصويت كتلة المستقبل على تكتل لبنان القوي ونقدها الرد على النائب اسعد درغام من دون أن تسميه في ما يتعلق بفرع المعلومات، فلفتت الى تجدّد الحملات التي تستهدف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وتطوّع بعض النواب لمهمة إثارة الشكوك حول عمليات تعذيب موقوفين أثناء التحقيق معهم في فرع المعلومات، الأمر الذي تدحضه الوقائع والتقارير الطبية والتحقيقات القضائية، فلا يكاد هذا الفرع ان يتولى التحقيق في قضية من القضايا، حتى تنهال عليه حملات التشكيك والإساءة .
وفي السياق، تشدد مصادر المستقبل لـ البناء على ان ما يجري لجهة تعطيل مجلس الوزراء يأتي في سياق تطويق الرئيس سعد الحريري، معتبرة أن الرئيس الحريري سوف يضع حداً لكل التجاوزات الحاصلة وقفز البعض فوق الصلاحيات، مشيرة الى أن الرئيس الحريري سيبقى الى جانب النائب السابق وليد جنبلاط لا سيما أن ما يجري يطرح الكثير من التساؤلات، معتبرة أن خيار المحكمة العسكرية هو خيار قضائي مستغربة رفض الحزب الديمقراطي لهذا الطرح وكأن هناك أمراً بتعطيل الحكومة، ورأت المصادر ان المتضرر الأول من تعطيل الحكومة هو العهد الذي لا يكفّ وزراؤه ونوابه على التأكيد أن هذا العهد هو عهد الإنجازات وإذ بهم يعطلون مجلس الوزراء المفترض أن يبدأ بنقاش سيدر وخطة ماكينزي لمعالجة الوضع الاقتصادي.
في المقابل قد يكون ما أعلنه النائب جميل السيد عبر حسابه على تويتر أصدق تعبير عن المشهد الراهن حيث قال: الحكومة معطّلة، والقضاء مرتهن، والأمن استزلام وتسييس، والإدارة فساد، والإقتصاد شلل، والبلد على الهوّارة، والكُل رؤوس تحكُم ولا حاكم، والشعب في خبر كان! لماذا كل هذا؟! ببساطة، يسقط مفهوم الدولة، عندما تصبح التسويات السياسية أعلى وأقوى من الدستور والقوانين والقضاء والأمن والأخلاق .
الى ذلك، عُقدت قمّة روحية إسلامية – مسيحية في دار مشيخة عقل الموحدين الدروز بدعوة من الشيخ نعيم حسن، أكدت أنّ الوحدة الوطنية تشكل الأساس والضامن لبناء لبنان الغد وأنّ أيّ إساءة للعيش المشترك في أي منطقة، خصوصاً في الجبل هي إساءة إلى لبنان الفكرة والرسالة. وشدّدت القمة، في بيان في ختام أعمالها، على أن المطلوب المزيد من الوعي والتضامن الوطني لتجاوز المخاطر التي تتضاعف في ضوء ما يُحاك من مشاريع معلنة وغير معلنة تستهدف إعادة رسم خريطة المنطقة.
وقال الشيخ نعيم قاسم أمس، في كلمة له في حفل تخريج طلاب، نسمع بين الحين والآخر استعادة للغة الطائفيّة والتخاطب الطائفي بشكل واسع وكبير، وتراشق بين عدد من الأطراف على قاعدة اللغة الطائفية، نحن بحاجة إلى استعادة اللغة والتخاطب الوطني والأداء الوطني، واستبعاد العناوين الطائفية في المحاججة وإثبات صحة المواقف من أجل أن نعمّر لبنان معاً، ولأننا في سفينة واحدة لا يستطيع أيّ طرف أن يستأثر بجزء من السفينة تحت عنوان أنها حق له، نحن شركاء معاً يجب أن نتفاهم وأن نجد قواعد تساعدنا على أن نعمل بلغة وطنية وأداء وطني واحد، وإنصاف الجميع من خلال توزيع عادل للحقوق والواجبات في داخل هذا البلد.
وقال: قد لا تؤدي شعارات الفتنة الطائفية اليوم إلى التقاتل لأن الكلّ منهَك، ولأن لبنان بعد الانتصار لم تعُد تؤثر فيه هذه العناوين الطائفية لتحدث فتنة عسكرية وتقاتلاً داخلياً، لكن هذه الفتنة الطائفية يمكن أن تؤدّي إلى تعطيل المؤسسات، وتؤدّي إلى المزيد من التدهور الاقتصادي، وتخرّب منظومة وهيكلية البلد. هل نقف عند الفتنة عندما تؤدي إلى التقاتل ولا نقف عند الفتنة عندما تؤدي إلى الانهيار؟ علينا أن نلتفت بأن إنقاذ البلد مسؤولية علينا جميعاً .
إلى ذلك، قال المساعد الخاص لرئيس البرلمان الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في حديث الى قناة العالم: إنّ المسؤولين السوريين يهيّئون الأرضية لعودة النازحين السوريين الى بلدهم إضافة الى أن سورية تهيّئ نفسها لإجراء انتخابات مجلس الشعب خلال الأشهر المقبلة . وعن اللقاء مع الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله خلال زيارته لبنان، أوضح أمير عبد اللهيان أنّه تمّ الحديث عن الأوضاع الإقليمية والدولية والاستعداد الكامل لحزب الله والمقاومة للردّ على أيّ حركة تهدف الى زيادة التوتر والعدوان من إسرائيل الغاصبة ضدّ لبنان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
جنبلاط يخشى خديعة… وباسيل يلوّح بـ«خيارات» لمواجهة «العدّ»
جنبلاط «يتدلع»: مطالبة حزب الله بضمانات واستعطاف روسيا
لم تظهر بعد أي بوادر لحل الأزمة الحكومية. انتهى الشهر الأول بعد جريمة «البساتين»، من دون أن يتمكّن احد من الوسطاء من إحداث أي اختراق جدي في جدار المشكلة التي تحول دون انعقاد مجلس الوزراء. وبحسب مصادر مطلعة على موقف رئيس الحكومة سعد الحريري، فإن الأخير لن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء من دون اتفاق مسبق على كيفية معالجة قضية «البساتين». ويراعي الحريري في ذلك النائب السابق وليد جنبلاط «الذي يخشى من خديعة ما في مجلس الوزراء، إذا جرى التصويت على إحالة جريمة البساتين على المجلس العدلي». ويرى جنبلاط أن غياب وزير واحد، من الفريق الذي يُعلن دعمه له، سيؤدي إلى إحالة الملف على «العدلي»، وهو ما يعتبره هزيمة سياسية كبرى!.
من جهة أخرى، أكّد وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي أمس، لرئيس مجلس النواب نبيه بري، أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، سيوقّع قانون الموازنة قريباً، رغم تحفظه على المادة 80 منه، المتعلقة بحفظ حق الفائزين في مباريات مجلس الخدمة المدنية. لكن هذا التوقيع لن يحلّ الأزمة التي تحمل عنوان مطالبة عون والتيار الوطني الحر بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين في جميع وظائف الدولة. فعون سيبعث برسالة إلى مجلس النواب يطالبه فيها بتفسير المادة 95 من الدستور التي تتحدّث عن إلغاء الطائفية السياسية، وعن «مرحلة انتقالية» تسبقها يُراعي فيها الآتي:
«أ – تُمثّل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة.
ب – تُلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويُعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الأولى فيها وفي ما يعادل الفئة الأولى فيها وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أية وظيفة لأية طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة».
وفي هذا السياق، برز موقف لافت لوزير الخارجية جبران باسيل، الذي لوّح بـ«خيارات» أخرى في مقابل «التهديد بالعدّ». وفيما لم تتضح طبيعة الخيارات التي قصدها باسيل، إلا أنه أكد أن «خياراتنا كلها وطنية تحافظ على هذا البلد». وقال باسيل: «لا يهددنا أحد بالعدّ لأن هذا التهديد ينقلب على صاحبه لأننا نحن لنا خياراتنا أيضاً، وخياراتنا كلها وطنية تحافظ على هذا البلد، ونحن نعرف كيف نحافظ عليه ولا نتخلى عنه، ومن يتكلم بالعدّ ويشكك بهذه المبادئ يكون هو من يتخلص من لبنان ومن صيغته».
تل أبيب وواشنطن تطالبان بتعديل تفويض اليونيفيل: للتفتيش بلا تنسيق
واتهم باسيل كتلاً لم يسمّها بالانقلاب على اتفاق مع التيار الوطني الحر لشطب البند من المادة 80 الذي يتحدّث عن حفظ حق الفائزين في مباريات مجلس الخدمة المدنية. وقال: «كلنا سمعنا عبارة «شطبت» لثلاث مرات، وكلنا كنا على ثقة بالاتفاق. وبكل بساطة لم نعرف أنه وارد إلا بعد وصوله إلى رئاسة الجمهورية، وكانت الصدمة الكبرى، وبالرغم من كل ذلك نحاول المعالجة. لذلك، العلاج يكون بسؤال وطني كبير علينا جميعاً أن نجيب عنه: ما معنى الميثاقية ومقتضيات العيش الوطني والشراكة في الوطن؟».
أضاف باسيل: «الميثاق والصيغة هما الأسمى في لبنان وأعلى من القوانين والدساتير ولا يمكن المسّ بهما»، لافتاً إلى أنّ «من يمسّ بالمناصفة فهو بذلك يمسّ بالدستور وباتفاق الطائف الذي نتمسك به ونرفض تعديله ولن نسمح بالمسّ به إلا بتفاهم وطني واسع وعريض».
إسرائيل وأميركا: لتعديل تفويض اليونيفيل
على صعيد آخر، أكّد العدو الإسرائيلي والولايات المتحدة الأميركية أنهما يعملان على إصدار قرار عن مجلس الأمن، يرفع مستوى تفويض قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، من أجل إضعاف حزب الله. التأكيد صدر أمس عن السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، داني دانون، في حديث خاص لصحيفة «جيروزاليم بوست»، مشيراً إلى أنّ الهدف منح القوة الدولية القدرة على تفقد أي منطقة في جنوب لبنان، دون أي اعتراض من أي جهة كانت.
وذكرت الصحيفة أنّ إسرائيل والولايات المتحدة تعملان على إضافة بندين إلى تفويض اليونيفيل: إعطاء القوة الدولية السلطة لدخول أي قرية أو أي منطقة بلا أي قيد أو شرط، في تجاوز لآلية التنسيق المسبقة مع السلطة اللبنانية؛ فيما يتعلق البند الثاني بإلزام القوة الإفادة عن أي عراقيل تواجهها إن عمدت إلى تفقد أي موقع. وأعرب دانون عن اعتقاده بضرورة أن تبذل اليونيفيل جهداً أكبر لإنجاز المهمة، وأن تكون أكثر فاعلية، ولهذا السبب، أضاف: «العمل جارٍ على إضافة ما يوضح المهمة بأن تكون محددة بدقة».
جنبلاط «يتدلع»: مطالبة حزب الله بضمانات واستعطاف روسيا
لم يكن مسار النائب السابق وليد جنبلاط، والرهانات الخاطئة التي رسم على أساسها سياساته تجاه سوريا، لتنتج واقعاً مختلفاً عن سوء الحال الذي وصل إليه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بعلاقاته مع أبرز حلفاء سوريا، حزب الله وروسيا (تقرير فراس الشوفي).
فالرهان على سقوط سوريا والرئيس بشار الأسد، والعمل على تفجير السويداء وجبل الشيخ وتأليب القرى على الدولة السورية ودعم عصابات من الانفصاليين في المدينة الدرزية الأكبر في الشرق، ثمّ تمويل مجموعة من المعارضين العلويّين ورعايتهم، في الوقت الذي يخوض فيه حزب الله ولاحقاً القوات الروسية معارك ضارية إلى جانب الجيش السوري، وضع جنبلاط في المحور المعادي تماماً لتحالف الدفاع عن سوريا. ولكي يزيد الطين بلّة، قرّر جنبلاط أن ينزع لبنانية مزارع شبعا، ملوّحاً بورقة شرعية المقاومة.
لكن حزب الله تحديداً لم يبادل جنبلاط بالمثل. بل على العكس، حافظ على «تنظيم الخلاف» مع رئيس الاشتراكي بما يحصّن الواقع اللبناني، وساهم إلى جانب الرئيس نبيه بري، في منع «هزيمة» انتخابية كانت محقّقة، لو نُفّذت رغبة الرئيس ميشال عون بفصل الشوف عن عاليه في الانتخابات النيابية الأخيرة.
ومثل حزب الله، سعى الروس جاهدين إلى ترك خطوط الاتصال مع جنبلاط مفتوحة، مع محاولات دائمة إلى استيعابه والتخفيف ممّا يسمّيه «الهواجس»، وهي مخاوف وإن متخيّلة، لكن منبعها خشيته من ارتدادات دوره في الحرب السورية.
وفيما كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يشعر بالخيبة من نكث جنبلاط بضمانته مع الأسد أول الأزمة السورية، بعد انعطافة 2 آب 2009 والمصالحة التي ضمنها نصر الله، حاول الروس بدورهم تعبيد طريق دمشق أمام النائب تيمور جنبلاط، مراراً. بينما تابع جنبلاط الأب هجوماته على روسيا والرئيس فلاديمير بوتين ووقف يشاهد العلم الروسي يحترق في بيروت، ويثني أمام السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد على ضرورة أن ينحصر تسليح الجيش اللبناني بالأميركيين.
في الأسابيع الأخيرة، تنتقل أزمة رئيس الاشتراكي من تعقيد إلى تعقيد. وبدل البحث عن حلول حقيقية، صلبها إعادة الدروز الجنبلاطيين إلى موقعهم الطبيعي خارج ضفة العداء لسوريا والمقاومة اللبنانية، يستمر جنبلاط في لعبة التصعيد، متوقّعاً أن ينتج صراخه تجاوباً من الحزب يمهّد لمصالحة معه. من جهة، يوسّط بري والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم للحصول على ضمانة «أمنية» من حزب الله تكون مفتاحاً لحل الأزمة. ومن جهة ثانية، لم يترك سفارة غربية الشهر الماضي، إلّا وقدّم نفسه أمامها كرأس حربة في مواجهة الحزب على الساحة اللبنانية.
ولم يكتفِ جنبلاط بذلك. قبل نحو أسبوعين، بعث «مرسال مراسيله» إلى روسيا حليم بو فخر الدين، الذي التقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لطلب وساطة أخرى، ولـ«يشتكي» على سوريا وإيران لما يسمّيه تدخلهما في الشؤون اللبنانية وشنّ حربٍ عليه!
كيف يمكن جنبلاط أن يطلب ضمانات أمنية من حزب الله؟ فإن تجاوب الحزب، يكون جنبلاط قد ثبّت التهمة الملفّقة، وإن سكت الحزب، يمسك جنبلاط بالتهديد المتوهّم ويلوّح به، معلناً نفسه ضحيّة. اختصر جواب الحزب الطريق على الوسيطين، واضحاً وبسيطاً: لم نهدّده أو نهدّد غيره لنقدّم ضمانات.
لكن هل يشعر جنبلاط فعلاً بالتهديد؟ لا يقتنع المعنيون بذلك، بل إن رفع السقف بوجه حزب الله ونصر الله، يعني شيئاً واحداً بالنسبة إلى هؤلاء، أن جنبلاط يريد القول إنه ندّ للحزب وليس للنائب طلال أرسلان، الذي ينجح حتى الآن في الحفاظ على موقفه، متمسّكاً بالمجلس العدلي، دِيَةً لشهيدي الغدر في البساتين.
أما بالنسبة إلى روسيا، وبعد أن ظهر أن عودة رئيس الاشتراكي إلى دمشق مستحيلة ومرفوضة من قبل سوريا، وتبيّن في موسكو أخيراً، أن النائب الشاب، الذي لم يرث حزب عائلته بعد، ورث عداوات والده، يكتفي الروس اليوم بدور المستمع. فكما في سوريا، في روسيا أيضاً انتهى زمن العلاقات الشخصية وحدها، وبات تقييم العلاقات يُبنى على مراجعة كاملة للمسارات والمواقف، التي تُظهر وقوف جنبلاط طوال سنوات الحرب الضارية ضد المصالح والرؤية الروسية، التي لا ترى «الملف الدرزي» في الشرق إلّا ضمن إدارة سوريا، وبيد من يراه الأسد مناسباً لمتابعة شؤون الموحدين الدروز، من الجولان والسويداء إلى جبل الشيخ وجبل لبنان.