توقفت "الجمهورية" عند الإنتصار على الكيان الصهيوني، حسبما وصفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي حققه الجيش في الساعات الماضية في ملف الحدود مع فلسطين المحتلة. فقد تم تثبيتِ نقطةٍ حدودية حسّاسة هي "النقطة ب" في منطقة الناقورة، بما يحفظ مصالح لبنان على خط الحدود البرّي والبحري. وقد تحقق هذا الإنجاز قبل ساعات من عقد مؤتمر روما، الذي شددت مصادر مطلعة، وفق ما ذكرت "البناء"، على أن الدول الغربية التي نظمته، لن تمنح أي دعم للجيش أو سائر القوات المسلحة، تعارضه "إسرائيل". وأشارت معظم الصحف إلى اجتماع رئيس الحكومة سعد الحريري بمساعِد وزير الخارجية الاميركية دايفيد ساترفيلد، الذي لا تكف حكومته عن التحريض ضد الإستراتيجية الدفاعية اللبنانية المتمثلة بمعادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، وتعمل بكل ما أوتيت على تخريبها …
البناء
الجيش السوري يحرّر حمورية ويستكمل جنوب الغوطة… وفرصة لدوما لخروج المسلحين أو المدنيين
طلب «إسرائيلي» بنشر المراقبين الأمميين على خطوط الجولان… ينعى الرهانات على الحرب الأميركية
طلاق قواتي مستقبلي خارج بعبدا والشوف… والوطني الحرّ يتوزّع بين لوائح المستقبل وحزب الله
تزاحمت التطوّرات الدولية والإقليمية لرسم صورة متغيّرات كان البعض يرى فيها قرعاً لأجراس حرب كبيرة، ربما يتورط فيها الأميركيون والروس، واعتبروا استبدال الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوزير خارجيته ريكس تيلرسون برئيس مخابراته مايك بومبيو طلقتها الأولى، لترسو على مؤشرات تشير إلى تراجع مخاطر اندلاع المواجهة، رغم حملات التصعيد الإعلامية والدبلوماسية الأميركية والغربية بوجه روسيا، والتي اختصر وصفها وزير الخارجية الروسية بتوجهه للسفيرة الأميركية في نيويورك نيكي هايلي، طالباً منها الانتباه للفارق بين مكبر الصوت في مجلس الأمن والقنوات الساخنة لتواصل الضباط الروس والأميركيين، والتي يبدو أنّها القناة التي أنتجت استبعاداً لخيار المواجهة بعد التحذيرات الروسية المباشرة بأنّ أيّ عمل عسكري أميركي يستهدف سورية ويعرّض حياة الجنود الروس للخطر سيلقى رداً مناسباً، لتأتي التطورات العسكرية والسياسية المحيطة بغوطة دمشق وتقدّم المزيد من المؤشرات، سواء لجهة نجاح الجيش السوري في تحرير بلدة حمورية جنوب الغوطة، حيث السيطرة لفيلق الرحمن الذي استهدفت مقاره القياديّة وخسر العديد من أركانه، أو في تمديد هدنة دوما ليومين مع المفاوضات التي يُجريها الروس مع جيش الإسلام تحت عنوان تجنيب دوما تبعات معركة خاسرة بفتح الطريق لخروج الأهالي، أو فتح طريق تسوية تعود لمندرجات أستانة التي تنصّ على تسوية وضع المسلحين ودخولهم في إطار للحلّ السياسي الذي ينصّ عليه القرار الأممي 2254 وعنوانه حكومة موحّدة تضع دستوراً جديداً وتتيح إجراء انتخابات على أساسه.
التطور الأهم واللافت تمثل بإعلان حكومة الاحتلال عن توجهها بالطلب من الأمم المتحدة لإعادة جهاز المراقبين التابع لوحدة الإندوف التي كانت تنتشر على حدود الجولان المحتل وفقاً لخط فك الاشتباك المتفق عليه منذ العام 1974. وهو ما قامت «إسرائيل» بتعطيله لتسهيل سيطرة جبهة النصرة على مواقع الإندوف واعتمادهم نواة صلبة لإقامة حزام أمني يحمي العمق الإسرائيلي، ضمن مشروع تقسيم سورية، وبقيت حكومة الاحتلال تستبعد خيار العودة لاتفاق فك الاشتباك طالما بقي أمامها الأمل باللعب عسكرياً في الجغرافيا السورية أو الرهان على قدرة واشنطن على اعتماد الخيار العسكري لفرض تقسيم سورية او قبول دعوتها لتقاسمها، كما ورد في وثيقة الخمسة التي أعدّتها واشنطن ووقّعتها كل من لندن وباريس والرياض وعمان. وتشكل الخطوة الإسرائيلية أهم مؤشر بنظر المراقبين على تراجع فرضيات الذهاب الأميركي لعمل عسكري في سورية، أو جدوى الرهان على تغييرات مقبلة في عكس الاتجاه الذي يرسمه تقدم الجيش السوري المتسارع، خصوصاً مع التفسير الذي قدّمه المحللون الإسرائيليون للخطوة عبر القنوات التلفزيونية الرسمية بأنه ناتج عن التقدّم الذي يحققه الجيش السوري. والجدير ذكره أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد نصح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مراراً بصرف النظر عن اللعب بالجغرافيا والأمن في سورية، والعودة للعمل في ظل اتفاق فك الاشتباك، حيث الدولة السورية تكون مسؤولة عن الأمن داخل حدودها، فلا حزام أمني سيفيد ولا الإصرار على ربط التهدئة بانسحاب حزب الله سيجدي.
لبنانياً، كان التطور الأهم في الطريق إلى الانتخابات النيابية، إعلان الطلاق بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية بحسم القوات لإعلان مرشحيها وحلفائها، وحصر التحالف بين القوات والمستقبل بدائرتي الشوف عاليه وبعبدا، بينما تثبيت التحالف مع الكتائب في زحلة وبيروت الأولى، ما يعني سقوط فرص أي تعاون انتخابي بين القوات والتيار الوطني الحر، الذي صارت الصورة واضحة لقيادته لتوزيع تحالفاتها الانتخابية بين لوائح مشتركة مع تيار المستقبل في بعض الدوائر، ومع حزب الله في دوائر أخرى، والإفادة من أصوات الفريقين لدعم لوائح التيار المنفردة حيث لا مرشحين للفريقين.
مهلة «القوات» سقَطتْ في «14 آذار»
بإعلان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مرشحي «القوات» وحلفاءها لخوض الاستحقاق الانتخابي، سقطت المهلة التي حددتها «القوات» للرئيس سعد الحريري لإنجاز التحالف الانتخابي في الدوائر كافة قبل 14 آذار، في ظل تعثر المفاوضات بين «القوات» و«المستقبل» لاستكمال التحالف في بقية الدوائر، وما أكد ذلك قول رئيس تيار المستقبل منذ أيام قليلة بأن «القوات بدّنْ منجم مغربي ليفهم عليهن»، في ما المُنجم لم يُعثَر عليه حتى الآن، أما اللافت فهو العدد المرتفع للمرشحين القواتيين «19 مرشحاً» فضلاً عن المرشحين الحلفاء العشرين، الى جانب الترشيح في معظم المناطق اللبنانية باستثناء دائرتي الجنوب الثانية وبيروت الثانية ما يعكس الحجم الانتخابي والسياسي المنتفخ الذي تشعر به «القوات» بحسب خبراء انتخابيين، الذين يؤكدون لـ «البناء» أن «عدد المرشحين القواتيين لا يعكس الواقع لا سيما أن تحالفات القوات متعثرة حتى الآن مع المستقبل وشبه مستحيلة مع التيار الوطني الحر، ما يُضعف من حظوظ مرشحيها في دوائر عدة، ورجّح الخبراء «أن لا تتعدّى حصة القوات بلا التحالف مع المستقبل أكثر من ثمانية نواب وترتفع إلى 10 مقاعد في حال التحالف في دوائر أخرى إضافة الى دائرتي الشوف عاليه وبعبدا».
لكن إعلان المرشحين لا يعني تثبيتها بشكل نهائي، بل ستخضع الاسماء الى تصفيات نهائية والى مساومات ومقايضات في مرحلة تشكيل اللوائح حيث تنتهي مهلة تقديمها الى وزارة الداخلية في 26 الشهر الحالي، وقد يتمّ سحب مرشّحين وتثبيت آخرين. وهذا خاضع للمفاوضات المستمرّة بين القوى السياسية وتحديداً بين «القوات» و«المستقبل».
أما العدد المرتفع للمرشحين القواتيين وبعض الأسماء والدوائر، فتخفي رسائل انتخابية باتجاه التيارين الأزرق والبرتقالي، لا سيّما ترشيح مستشار جعجع وهبي قاطيشا في وجه مرشح التيار أسعد ضرغام في دائرة عكار، ومسؤول القوات في البقاع الغربي إيلي لحود مقابل مرشح المستقبل هنري شديد، وعماد واكيم في الأشرفية، لكن في حال أثمرت المفاوضات ستتجه القوات الى سحب قاطيشا ولحود الى جانب المرشح عن المقعد الأرمني في زحلة الذي يحسم أمره بالتنسيق بين المستقبل وحزب الطاشناق، غير أن حزب الكتائب أكد التحالف مع القوات في هذه الدائرة، وقالت مصادر نيابية في الكتائب لـ «البناء» إننا «سنتحالف مع القوات في بعض الدوائر لا سيما زحلة، وإن كنا نعتبر أن القوات من أركان السلطة، لكن لدينا قواسم مشتركة في بعض العناوين ونحصر تحالفنا بالانتخابي وبمصلحة الطرفين الانتخابية ولا يوجد أي تحالف سياسي ولا نيابي في المجلس الجديد»، ولفتت الى أن «لا تحالف مع التيار الوطني الحر ولا مع المستقبل ولا مع الكتلة الشعبية».
«التيار الحر»: التحالفات تحسم الأسماء واللوائح
وفي ضوء الترشيحات القواتية يبدو أن التحالف مع المستقبل قد حُسم في بعلبك الهرمل والبقاع الغربي.
وإذ أشارت مصادر مستقبلية لـ«البناء» الى أنّ «المشاورات لم تنقطع مع القوات للتوصّل الى تحالف في الدوائر محطّ الخلاف بيننا في ظلّ تضارب المصالح الانتخابية»، استغربت مصادر في التيار الوطني الحر الارتفاع الكبير في عدد المرشحين القواتيين والحلفاء، مشيرة لـ«البناء» الى أنّ «شكل التحالفات هو الذي يفرض اختيار المرشحين وتشكيل اللوائح لا كثرة المرشحين»، مشيرة الى أنه «حتى التحالف القواتي الاشتراكي المستقبلي في الشوف عاليه ليس نهائياً، بل يمكن إدخال تغييرات بعد اعتراض ساحل الشوف المسيحي على تغييبه عن التمثيل الى جانب اعتراض برجا».
التواصل مقطوع بين «التيار» و«القوات»
وعن التحالف بين «التيار» و«القوات» كشفت المصادر العونية بأن «التواصل الانتخابي بين القوات والتيار مقطوع على مستوى النواب والوزراء وعلى مستوى الماكينات الانتخابية، حيث كل ماكينة تعمل وفق حساباتها ومصالحها الخاصة، وبالتالي فإن التحالف بين التيار والقوات مستبعَد حتى الآن، وقد نخوض الاستحقاق بلوائح متنافسة»، وأوضحت «أننا لا زلنا نحافظ على التفاهم السياسي على بعض العناوين، لكن هناك مصالح انتخابية متضاربة».
ولفتت المصادر الى أن «التحالف مع المستقبل سيكون في معظم الدوائر، وحُسم في زحلة وبيروت الأولى وجزين – صيدا على أن يُعطي المستقبل أصواته الى التيار في البترون»، أما مع حزب الله فأوضحت أن «التحالف السياسي والاستراتيجي ثابت مع حزب الله، لكن هناك قرار من المستقبل والحزب بعدم التحالف وبالتالي أي دائرة سنتحالف فيها مع المستقبل لن يكون حزب الله حليفنا وأي دائرة نتحالف فيها مع حزب الله لن يكون المستقبل حليفنا».
ووجّه رئيس «القوات» في كلمته خلال إعلان المرشحين انتقادات لاذعة للتيار الوطني الحر والمستقبل، وأشار الى أن «وزراءنا يقومون بالتصدي لكل اقتراح من خارج الإجراءات والأصول القانونيّة ولكل ملف يستشم منه أي رائحة للفساد»، متهماً الطرفين بمحاولة إخراج القوات من الحكومة وإبعادها عن مركز القرار وعزلها.
ووضعت المصادر العونية كلام جعجع في خانة الشعارات الانتخابية والتحشيد الشعبي لكسب الاصوات من خلال تحريف الحقائق والوقائع، كما صوّب جعجع على حزب الله منتقداً تدخله في أزمات وحروب المنطقة وفي حرب الجرود ضد تنظيم داعش ووصف المعادلة الذهبية «جيش وشعب ومقاومة» بالورقية.
وإذ أكد جعجع أن 14 آذار لم تنته، كما يظن البعض وأنها باقية، أكدت مصادر التيار أننا «نحنا مَن أطلقنا حركة 14 آذار وبعض القوى التي تدّعي السيادة سرقتها، أما الآن فقد انتهت 14 آذار بعد تشتت أركانها وبعد تغيّر الحسابات فيما أبدت 8 آذار تماسكاً وانسجاماً الى حد كبير».
مؤتمر روما
غير أن الرئيس الحريري غنى معزوفة 14 آذار على مواله، وباتت لديه مفاهيمه الخاصة التي تتناسب والوقائع السياسية الجديدة والتسويات المستجدة وتحالفات الضرورات الانتخابية التي «تبيح المحظورات السيادية»، حيث وصل الحريري مساء أمس الى روما، لترؤس وفد لبنان الى مؤتمر روما -2 الذي دعت اليه مجموعة الدعم الدولية للبنان والمخصّص لدعم المؤسسات الامنية والعسكرية الرسمية في لبنان. وتنطلق أعماله اليوم، لكن مصادر عسكرية مطلعة استبعدت أن يعود لبنان من المؤتمر بدعم عسكري للجيش ما يمكنه من مواجهة «اسرائيل» دون شروط سياسية على الدولة اللبنانية تتعلق بعقيدة الجيش ووجهة استعمال السلاح من جهة، وبتعطيل دور سلاح المقاومة من جهة ثانية»، مشيرة لــ «البناء» الى أن «تزويد الجيش بالسلاح الدفاعي النوعي خط أحمر أميركي إسرائيلي».
وتحدثت مصادر «البناء» عن صفقة ستعرضها الدول المانحة على لبنان تتضمن التزام الدول بالمساعدات مقابل التزام الجيش بعدم مواجهة «اسرائيل» وعدم التنسيق مع المقاومة أو أن المساعدات ستلقى مصير الـ4 مليارات السعودية»، وأوضحت مصادر سياسية لـ«البناء» أن «أي استراتيجية دفاعية يقبل بها لبنان ومقاومته ستلقى معارضة الولايات المتحدة ودول الغرب وأي استراتيجية سيفرضها الغرب على الدولة ستلقى اعتراض المقاومة والحكومة»، وتشير الى «أن الاستراتيجية الدفاعية الأمثل هي الحالية الجيش والشعب والمقاومة التي أثبتت نجاحها ونجاعتها عملياً في حرب تموز، وخلال معادلة الردع التي أرساها لبنان في مواجهة التعدي الإسرائيلي على نفط لبنان وأرضه».
وقال رئيس الحكومة فور وصوله الى روما بأنه «سيكون هناك دعم عربي كبير»، لافتاً إلى أننا في «الحكومة اتخذنا قراراً بالنأي بالنفس وملتزمون به، وهذا الأمر يطبقه كل الأفرقاء السياسيين».
وأكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن «لبنان سجل نصراً جديداً على العدو الإسرائيلي في ما يتعلق بالحدود البرية والبحرية، من خلال دخول الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» الى ما يُسمّى بالنقطة «ب» وتأكيد الخرائط والوثائق اللبنانية بالدلائل والثوابت الحسية على الأرض». وأكد «أن لبنان واللبنانيين سواء في البحر او البر متمسكون بسيادتهم وحدودهم وحقوقهم وكل ثرواتهم، ولن يتنازلوا عن أي منها أبداً».
بري: الموازنة قبل نهاية آذار
وفي ملف الموازنة قال برّي خلال لقاء الأربعاء إن «بعد إحالة الموازنة الى المجلس ستعكف لجنة المال على درسها في جلسات مكثفة»، مشيراً الى «أن جلسة مناقشتها وإقرارها ستكون قبل نهاية هذا الشهر»، نظراً لمصادفة عيد الفصح المجيد وقبل انعقاد مؤتمر باريس في 6 نيسان المقبل.
عيتاني – الحاج
على صعيد آخر، لا يزال الغموض يلف قضية الممثل زياد عيتاني والمقدّم سوزان الحاج، وتحيط بها الألغاز والأسرار، مع تشعب الملف وتداخله بين الأمن والقضاء والسياسة، لا سيما بعد إخلاء سبيل عيتاني والاستغلال السياسي والانتخابي للقضية من تيار المستقبل ووزير الداخلية نهاد المشنوق، وسط اتهام لجهاز أمن الدولة بتعذيب عيتاني خلال التحقيق معه، الأمر الذي نفته مصادر معنية بالملف، مشيرة لــ «البناء» الى أن عيتاني أمضى 5 أيام في مقر أمن الدولة وقد انتهى التحقيق في اليوم الثالث، لكن عدم وجود مكان للتوقيف الاحتياطي في النيابة العامة تمدّدت مهلة توقيفه يومين إضافيين في المقر ولقي معاملة جيدة ولم يتعرّض للتعذيب بعكس ما ادعى»، ولفتت الى أن «اعترافات عيتاني أمام محققي أمن الدولة ولاحقاً امام قاضي التحقيق تعتبر تضليلاً للعدالة تستحق العقوبة الى جانب وجود النية الجرمية».
ويواصل القضاء العسكري التحقيق مع الحاج في المحكمة العسكرية، ونفى المحامي زياد حبيش، زوج الحاج، أن يكون قد عُرض المال على آل غبش، معرباً عن ثقته الكاملة بالقضاء العسكري. ونفى في تصريح علمه بأي لقاء جمع شقيقه النائب هادي حبيش مع اللواء عماد عثمان في منزل الأخير للفلفة قضية زوجته.
وبالتوازي، ادعى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس على المقرصن ايلي غبش في قضية جديدة، وإقدامه على ارتكاب جرم «الافتراء الجنائي والتزوير وتلفيق جرم التعامل مع إسرائيل بحق المعاون في الجيش اللبناني إيفاك دغيم».
صفقة لإطلاق «الإسلاميين» والعملاء؟
إلى ذلك، واصل أهالي الموقوفين الإسلاميين تحركاتهم التصعيدية، أما البارز فكان أعلان المشنوق في إطار الاستغلال الانتخابي أنّ «المسودّة الأولى للعفو العام انتهت ويكون الإقرار في السريع العاجل بعد جهد كبير بذله الحريري ووزراء المستقبل».
وأبدت مصادر خشيتها من أن يكون إخلاء سبيل عيتاني مقدمة لتمرير صفقة العفو عن الموقوفين الذين يقسمون ثلاث فئات:
الموقوفون الإسلاميون الذين قاتلوا الجيش اللبناني ومنهم الإرهابي أحمد الأسير.
موقوفون إسلاميون لم يقاتلوا الجيش.
العملاء الإسرائيليون.
وحذرت مصادر أمنية من تبعات الإفراج عن إرهابيين وعملاء إسرائيليين على الامن الداخلي والقومي اللبناني، ونفت مصادر بعبدا لـ «البناء» أن يسمح رئيس الجمهورية ميشال عون بإطلاق متورّطين بدم الجيش والمواطنين اللبنانيين.
الجمهورية
المنطقة على نار الإشتباك الأميركي – الروسي.. ولبنان على مفترق الإنتخابات والمؤتمرات
لبنان المنهمك بالإعداد للاستحقاق الانتخابي بعد 52 يوماً، وبمحاولات انتشالِ اللوائح المتنافسة من عمقِ التناقضات والخلافات السياسية، يحاول في ما أبقاه هذا الاستحقاق من وقتٍ للسياسيين، اللحاقَ بمسلسل التطوّرات المتسارعة من حولِه، والتي تنذِر بإسقاط وقائع جديدة على مساحة المنطقة، قد تعيد خَلط الأوراق وترسم علامات استفهام حول الآثار التي ستُرخيها، والمدى الذي ستبلغه بدءاً بالملف النووي الإيراني وصولاً إلى الأزمة السورية التي شهدت في الآونة الأخيرة تحوّلاتٍ نوعية في خريطة المواجهات العسكرية والسياسية.
في المقلب الأوّل للصورة الداخلية، يسود ترقّب لبناني حذِر للتطوّرات الدولية والاقليمية التي تشهد تسارعاً خطيراً، إنْ حول الملف النووي الايراني، وتصاعُد الاشتباك الاميركي ـ الايراني حوله، الى حدٍّ بات ينذِر بوضعِ هذا الملف مجدّداً في دائرة إعادة النظر فيه من قبَل الادارة الاميركية، بالتزامن مع تلويح ايران بالخروج منه تِبعاً لأيّ إجراء أميركي، وإنْ حول اسباب الاشتباك الاميركي ـ الروسي وخلفياته وتداعياته والذي بلغَ مرحلة احتدامٍ غير مسبوق على الجبهة السورية، وفي الميدانَين السياسي والعسكري في آنٍ معاً، الأمر الذي أدخَل المنطقة في حالٍ من حبسِ الأنفاس، تتعزّز معها الخشية من اتّساع رقعة الاحتمالات السلبية الى ما أبعد من نقطة الاشتباك، ومن شمولِ شظاياها وتداعياتها لبنانَ بشكل أو بآخر، وهو ما ستُظهره الأيام المقبلة.
مؤتمر روما
وفي المقلب الثاني، ترقّبٌ إيجابي لبناني رسمي وسياسي، لِما سيتمخّض عن مؤتمر روما 2 المنعقد في العاصمة الايطالية، وحضَر لبنان فيه رسمياً عبر رئيس الحكومة سعد الحريري على رأس وفدٍ وزاري، وقائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. وقد بدأت أمس الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر برَز فيها لقاء الحريري بمساعِد وزير الخارجية الاميركية دايفيد ساترفيلد، وبَحث معه التحضيرات للمؤتمر، كما عَقد قائد الجيش لقاءً مع رئيس أركان الدفاع الإيطالي الجنرال كلاوديو غراتسيانو وبحَث معه سُبلَ تطوير العلاقة بين الجيشين اللبناني والايطالي وتفعيلها.
المشنوق
وفيما عبَّر الحريري عن تفاؤله بالمؤتمر وأشار إلى إيجابيات مؤكّداً أنّه «سيكون هناك دعمٌ عربيّ كبير للبنان في مؤتمر روما، ونحن ملتزمون بالنأي بالنفس، والفرَقاء في لبنان يطبّقونه»، رأى عضو الوفد الوزاري وزير الداخلية نهاد المشنوق أنّ البيان الختامي للمؤتمر سيكون سياسياً، مستبعداً أن يكون هناك نصّ يؤثّر على استقرار لبنان.
وقال لـ«الجمهورية»: المجتمع الدولي متفهّم لأوضاعنا الداخلية ويولي أهمّية قصوى لاستقرارنا. وللمرّة الأولى يطرح لبنان استراتيجية لخمسِ سنوات للجيش وقوى الأمن الداخلي، وهذا أمر جيّد، وفي اجتماعاتي أنا شخصياً مع معظم السفراء المعنيين لمستُ إيجابية مطلقة لدعمِ لبنان».
وأشار الى أنّ هذا المؤتمر «هو بتمثيلٍ عالٍ ويعكس نيّات جيّدة على مستوى كل الدول المشاركة، وستسمعون غداً (اليوم) أخباراً جيّدة، عِلماً أن لا أحد ينتظر مردوداً مباشراً، فالخطط ستناقش مع الجهات المعنية وتحتاج الى وقتٍ، وبالتالي على القوى السياسية في لبنان أن تحافظ على الاستقرار الداخلي للاستفادة من نتائج هذا المؤتمر».
ورداً على سؤال قال المشنوق: «نحن لا نتوقع سلاحاً هجومياً، لكن أقلّه أنّ السلاح الدفاعيّ سيؤمّن وبتقنيات متطوّرة وعالية».
إبراهيم
وقال اللواء ابراهيم لـ«الجمهورية»: «الجيش والأمن العام وقوى الأمن الداخلي، كلّ منها لديه متطلباته واحتياجاته، وتمّ تقديم خطط في هذا الشأن وسُلّمت الى المعنيين الذين عبّروا عن استعدادٍ لتلبيتها وتقديمِ الدعم».
وأضاف: «إنّنا متفائلون بالنتائج التي سينتهي إليها المؤتمر، وما يعزّز هذا التفاؤل هو هذه التظاهرة الكبيرة السياسية والعسكرية التي تُقام في روما دعماً للبنان، نحن نلمس بشكلٍ واضح نيّةً جدّية لدى هذه الدول لدعمِ الجيش والأجهزة الامنية. وفي الخلاصة، الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، وننتظر النتائج والإيجابيات إن شاءَ الله».
مرجع سياسي لـ«الجمهورية»
والواضح من أجواء الوفد اللبناني، أنّ لبنان يعوّل على المؤتمر كفرصةٍ شديدة الاهمّية، ويَحدوه الاملُ فيها بأن يحظى بالرعاية والدعمِ الكاملين للمؤسسات العسكرية والامنية اللبنانية وفي مقدّمِها الجيش اللبناني.
واللافت أنّ الايجابيات التي تحرص المستويات الرسمية اللبنانية على إسقاطِها على المؤتمر ونتائجِه قبل انعقاده، مردُّها، كما كشَف مرجع سياسي لـ»الجمهورية»، إلى تأكيدات اقليمية ودولية تلقّاها أركان الدولة، وكذلك المراجع العسكرية والامنية بوجود توجّهٍ جدّي لتقديم الدعمِ الملموس للجيش والمؤسسات الأمنية، وهو الأمر الذي حفّز على إعداد جداول بالاحتياجات الأمنية والعسكرية.
وأكّد المرجع تفاؤله بأن يخرج لبنان من «التظاهرة الدولية» الداعمة له، بما وصَفها، «غنيمة دسمة» تسدّ ولو الحدَّ الادنى من الاحتياجات العسكرية والتسليحية. إلّا أنّ ما يخشاه المرجع المذكور هو دخول العامل الاسرائيلي على الخط ومحاولة التأثير على بعض الدول، لعرقلةِ الجهود الدولية الرامية الى دعمِ الجيش اللبناني، خصوصاً وأنّ المستويات السياسية والعسكرية الاسرائيلية عبّرت علناً عن اعتراضها على تسليح الجيش اللبناني بذريعة أنّ هذا السلاح يمكن أن يصل إلى «حزب الله»، وهي ذريعة واهية بشهادة المجتمع الدولي كلّه».
ويَخلص المرجع إلى القول: «المهم بالنسبة إلى لبنان هو أن يأكل العنب في نهاية المطاف، ونتيجة التجارب السابقة لا نستطيع إلّا أن نكون مِثلَ توما، أريد أن أرى بعيني وألمسَ بيَدي ، ما يعني أنّ الأهمّ بالنسبة إلينا هو ألّا يكون لبنان اليوم أمام فصلٍ جديد من الوعود التي تبقى حبراً على ورق، والتي يشبه مصيرُها مصيرَ المبالغ بالمليارات التي تقرّرت في العديد من القِمم العربية لدعمِ لبنان ولم يصل منها إلى لبنان قرشٌ واحد».
الحدود
في سياقٍ متّصل، برَز في الساعات الماضية تطوّر بارز على صعيد الحدود البرّية اللبنانية، وصَفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالانتصار، ويتمثّل بتثبيتِ نقطةٍ حدودية حسّاسة (النقطة ب) في منطقة الناقورة، ومن شأن ذلك ان يؤدي الى انقلابٍ في الصورة الحدودية البرّية وكذلك البحرية على ما كانت عليه قبل هذا التثبيت، والذي كان من شأنه ان يخلقَ إشكالات وتوتّرات على جانبَي الحدود، ويهدّد بالتالي الحدود البحرية وما تكتنزه من ثرواتِ نفطٍ وغاز هي مِن حقّ لبنان.
وجاء هذا التثبيت، برعاية اليونيفيل، بعد اجتماع في مقرّ قيادتها في الناقورة، تمّ بَعده الانتقال الى الحدود وتحديدُ النقطة «ب» نهائياً على خط الحدود البرّية الجنوبية.
والمعلوم أنّ إسرائيل كانت على مدى المرحلة السابقة تحاول أن تتجاوز تلك النقطة لوضعِها على بضعة أمتار في البر، إلّا أنه تبيَّن أنّ لها امتدادها الخطير في البحر، بما يهدّد المنطقة النفطية اللبنانية. وقد سعَت إسرائيل في الآونة الاخيرة الى تعديلٍ في تلك النقطة مقترحةً أن يتمّ تقاسُمها بينها وبين لبنان، الذي رفضَ هذا الاقتراح، وأصرَّ على ان يتمّ التحديد الدقيق لتلك النقطة عبر «اليونيفيل».
وعلى هذا الاساس عقِد اجتماع الأمس، وانتقل خلاله وفدٌ عسكري لبناني مع «اليونيفيل» الى تلك النقطة، حيث تبيَّن فيها لـ«اليونيفيل» وجود الصخرة التاريخية التي وضِعت كعلامة للحدود بين لبنان وفلسطين في العام 1923، وهي نفسُها التي اعتمد على أساسها ترسيمَ خط الهدنة.
11 يوماً للّوائح
إنتخابياً، أحد عشَر يوماً هي الفترة المتبقّية من مهلة الإعداد الإلزامي للّوائح الانتخابية، التي تنتهي في السادس والعشرين من الشهر الجاري. وبرغمِ ضِيق المساحة الزمنية، فإنّ التعثّر في صَوغ التحالفات يبقى سيّد الموقف حتى الآن، وتبدو غالبية الدوائر خاضعةً للأمزجة السياسية، التي ثبتَ عجزُها عن ابتداع المخارج والحلول التي تُذلّل العقبات المانعة لإخراج اللوائح من قمقمِ التعقيدات والمطالب التعجيزية الصادرة من هذا الطرف أو ذاك.
هذا التعثّر الذي صعّبَ على القوى السياسية عملية بناء لوائح مشتركة بين بعضها البعض، شكّلَ دافعاً لمعظم الاطراف للعودةِ كلٌّ إلى مربّعِه، ومحاولةِ بناء لوائحِه من طرفٍ واحد وفقاً لتوجّهاته وبتحالفاتٍ مختارة تصبّ أصواتها التفضيلية في مصلحته، ويؤشّر ذلك الى أنّ حلبة الانتخابات النيابية في 6 أيار مرشّحةٌ لأن تشهد تنافساً شديداً بين مجموعة كبيرة من اللوائح المكتملة وغير المكتملة، ما يُغلّب، تبعا لذلك، فرَضية أن تحمل صناديق الاقتراع الكثيرَ من المفاجآت.
وعلى الرغم من افتراق الماكينات الانتخابية وتنافسِها الملحوظ، إلّا أنّها تلتقي عند الاعتراف بأنّ محاولات ترسيم الحدود الانتخابية وتحديد اللوائح، معقّدة، وثمّة صعوبةٌ شديدة في محاولة إنزالِها عن حبل التناقضات السياسية المعلقةِ عليه، وهو الأمر الذي يؤشّر إلى صعوبة الخروج قريباً من هذه المتاهة، وتوقّفِ القوى السياسية على اختلافها عن الدوران حول ذاتها.
وقد يكون طبيعياً ومبرّراً لجوءُ كلِّ طرفٍ لتحشيد كلّ عدّتِه الانتخابية وتجميعِ أوراقه الانتخابية وتوسيع دائرة حظوظه وتغليبِ مصالحه وتحسينِ ظروف واحتمالات وإمكاناتِ فوزه في الاستحقاق الانتخابي المقبل، إلّا أنّ ما يُخشى منه هو أن ينسحب ما قد تثيره من إشكالات والتباسات ومناكفات على مرحلة ما بَعد الانتخابات. وكان لافتاً في هذا السياق ما قاله بري أمام «نواب الأربعاء» بـ»أنّ الجميع منصرفٌ اليوم للاستحقاق الانتخابي، الذي سيكون بعده يومٌ آخر نأمل أن تتعزّز فيه مسيرة لبنان واللبنانيين نحو مزيدٍ من الوحدة والاستقرار والازدهار».
جعجع
وأمس أطلقت «القوات اللبنانية» حملتها الانتخابية بعنوان «صار بدّا» بحضور مرشّحي الحزب والحلفاء المرشّحين. ودعا رئيس الحزب سمير جعجع إلى عدم الاقتراع « لمصلحة أيّ لائحة تضمّ أحداً يبرّر أو يغطّي الخللَ الفاضح الموجود في الدولة».
ودعا اللبنانيين إلى «التخلّصِ من السياسيين الفاسدين بدل مجرّدِ الكلام عنهم، فالكلام لم يأتِ يومًا بنتيجة ولم يقدّم أو يؤخّر». وقال: «عليكم صنعُ الدولة في 6 أيار بأصواتكم، فنحن كمواطنين لبنانيين لدينا فرصة ذهبيّة كي نبدأ في صناعة الدولة، وهي تكمن عندما نرفض الاقتراع لأيّ أحدٍ يؤيّد أو يبرّر أو يغطّي الواقعَ العسكري الأمني الاستراتيجي الشاذ الذي نعيشه اليوم في لبنان».
موازنة «ملغومة»
على صعيدِ الموازنة، تَقرَّر عقدُ جلسات مكثّفة للّجنة النيابية للمال والموازنة اعتباراً مِن يوم غدٍ الجمعة بجلسات نهارية ومسائية لدرسِ مشروع موازنة العام 2018، حيث وعَد رئيس المجلس بإقرارها قبل نهاية هذا الشهر، نظراً لمصادفة عيد الفصح المجيد وقبل انعقاد مؤتمر باريس في 6 نيسان المقبل.
والملاحظ من خلال الأرقام والمؤشرات التي وردت في مشروع الموازنة، أنّ الحكومة عملت على خفضٍ بسيط لتخفيف العجز، لكنّها عمدت الى أساليب تجميلية تؤدي إلى خفضٍ دفتريّ في العجز، في حين تبقى الأمور على خطورتها وحقيقتها ماليّاً. كذلك عمدت الحكومة إلى التذاكي من خلال فصلِ عجزِ الكهرباء من متنِ الموازنة. ولوحِظ أيضاً إعادةُ جدوَلةِ دفعِ مستحقّات بعض المشاريع التي بدأ تنفيذُ بعضها، بحيث تمّ خفضُ الدفعات المقرّرة في العام 2018، وجرت زيادة الدفعات للعام 2019، بما يوحي بنقلِ جزءٍ من المشكلة إلى العام المقبل.
وبهذه الطريقة تأمل الحكومة في أن تتوجّه إلى مؤتمر «سيدر» بأرقامٍ دفترية توحي للدولِ المشاركة بأنّ لبنان يعمل على خفضِ العجز تدريجياً. لكنّ الواقع المرير ينكشف في مكانٍ آخر في الموازنة، حيث تنصّ المادة الخامسة في بندِها الثاني الإجازة «للحكومة إصدارَ سنداتِ خزينة بالعملات الأجنبية بحدودِ مبلغٍ لا يتجاوز ستّة مليارات دولار أميركي. بما يعني أنّ البلد مقبلٌ على الاقتراض بقيمة 6 مليارات دولار في العام 2018، سواء استُخدمت الاموال لتغطية العجز، أو لاستبدال ديون.
الأخبار
لوائح 8 آذار: معارك التيار وأمل تعرقل الاتفاق
روما ــ 2: رسالة دعم الاستقرار ووعد المساعدة
الترشيحات الرسمية للأحزاب تتوالى، وآخرها القوات اللبنانية أمس. والمهلة تضيق أمام الجميع لحسم تحالفاته. لم يبق سوى 12 يوماً لتسجيل اللوائح في وزارة الداخلية، وعندها يقفل الملف الأكثر تعقيداً في الانتخابات، ليحل محله اللعب على المكشوف. صارت التحالفات في معظم الدوائر واضحة. يبقى التيار الوطني الحر الوحيد من القوى الكبرى الذي لم يعلن أسماء مرشحيه، فيما يتقاسم مع تيار المستقبل التأخير في إعلان التحالفات، بانتظار مفاوضات اللحظات الأخيرة قبل حسم الوجهة في دوائر محددة. في السياق نفسه، لا يزال التوتر في العلاقة بين العونيين والرئيس نبيه بري يساهم في عرقلة انضمام «التيار» إلى لوائح حركة أمل وحزب الله، في بعض الدوائر، ولا سيما في دوائر البقاع. لم يرفع بري الفيتو في وجه التحالف مع العونيين، لكن استمرار الهجوم الإعلامي من مسؤولي التيار على وزير المالية تحديداً، يؤكد أن العونيين مصرون على عدم التهدئة، أضف إلى أن عين التينة لم تستسغ فتح الرئيس ميشال عون لدورة استثنائية للمجلس قبل يومين من بداية الدورة العادية (اليوم)، ولهذا لم يتردد بري في اعتبار هذه الخطوة «لزوم ما لا يلزم» (مقال فراس الشوفي).
قبل أقلّ من أسبوعين على انتهاء مهلة إقفال اللوائح الانتخابية، يعود التوتّر بين حركة أمل والتيار الوطني الحرّ إلى الواجهة، على الرغم من «صلحة» بعبدا، ما ينعكس على التحالف الانتخابي بين الطرفين في أكثر من دائرة. ويمكن القول إنه بات من الصعب أن يقدّم الرئيس نبيه برّي تنازلات انتخابية للتيار الوطني الحرّ، خصوصاً في الدوائر التي يوجد فيها مرشّحون لحركة أمل، في ظلّ الحملات الإعلامية التي عادت لتطاول الحركة ورئيسها.
وهذا التوتّر يضع جهداً إضافيّاً على عاتق حزب الله، وسعيه إلى استيعاب رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل انتخابيّاً في ما لا يقلّ عن أربع دوائر، ويمثّل تحديّاً لقدرته على المواءمة بين طلبات باسيل، ومصلحة حلفاء حزب الله الانتخابية في 8 آذار وتمثيلهم، خصوصاً مع ارتفاع وتيرة الحملة الكلامية بين حركة أمل والوزير علي خليل من جهة، ووزراء التيار الوطني الحرّ من جهة أخرى.
حرص حزب الله، يربطه مرجع مطّلع على أجواء العلاقة بين باسيل ورئيس الحكومة سعد الحريري بعد عودة الأخير من السعودية، والصعوبات الانتخابية التي يواجهها باسيل مع الحريري في تشكيل اللوائح، بعد تعذّر التوافق الانتخابي الكامل للتيار الوطني الحر مع تيار المستقبل كما كان مرسوماً قبل زيارة السعودية. إذ إن المعلومات المتداولة عند قوى 8 آذار، تتمحور حول حاجة باسيل للتحالف مع قوى 8 آذار في الكثير من الدوائر. إلّا أنه بإصراره على احتكار المقاعد المسيحية في دوائر لا يملك فيها حاصلاً انتخابيّاً واحداً، يقطع الطريق على بعض مرشّحي قوى 8 آذار. ويُفسّر الأمر تناغماً مع الحريري في إقفال لوائح خصومه بمرشّحين من التيار الوطني الحرّ بدل قوى 8 آذار، في تعويض عن عدم رغبة الحريري في التحالف مع التيار الوطني الحر علناً في عدّة دوائر، وحده دون القوات، لعدم إزعاج السعوديين. وفي الوقت نفسه، يحاول باسيل تعويض ما لم يقبل به الحريري باحتكار مقاعد المسيحيين على لوائحه لمصلحة التيار الوطني، والعمل بدل ذلك للحصول عليه، على لوائح حزب الله.
غير أن الاشتباك الأكبر، يعود إلى التراشق الإعلامي اليومي بين وزراء التيار الوطني الحر وحركة أمل، ولا سيّما عودة التهجّم على خليل من زاوية الكهرباء. وعزّز الأمر توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوم فتح عقد استثنائي لمجلس النواب بدأ الثلاثاء الماضي وينتهي صباح الاثنين المقبل، على الرغم من أن العقد العادي يمكن أن تنعقد أولى جلساته صباح الاثنين المقبل، في خطوة وصفها الرئيس نبيه بري بأنها «لزوم ما يلزم»، غامزاً من قناة ترويج التيار أن استكمال مشروع الموازنة هو إنجاز خاص به.
يسود الاستياء في عين التينة وعند قياديي حركة أمل، من «الاستهداف اليومي لخليل»، وهو ما يوضع في خانة خطابات شدّ العصب الانتخابية، وفي الوقت نفسه، المطالب التي يضعها التيار الوطني الحر لإنجاز التحالفات، وتفوق قدرة التيار الانتخابية في أكثر من دائرة.
منذ اللحظة الأولى التي طرحت فيها مسألة التحالف بين حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر في دائرة بعبدا، لم يبدِ برّي تحفّظاً، بل تلقّف الفكرة لما لدائرة بعبدا من حيثية ديموغرافية، في رغبة لتعزيز الصلحة التي حصلت في قصر بعبدا مع عون بحضور الحريري، والتخريجة التي طوت أزمة مرسوم الأقدمية. ومع أن بري كان يرغب في حصول حركة أمل على المقعد الشيعي في جبيل ــ كسروان، إلّا أنه أيضاً لم يعارض أن يكون المقعد من حصّة حزب الله، لتسهيل التحالف بين الحزب والتيار الوطني في تلك الدائرة وعدم إحراج التيار بمرشّح للحركة، بعد أن أمضى التيار أشهراً في تحريض جمهوره على أمل. إلّا أن الطريقة التي تعامل بها باسيل برفض مرشّح حزب الله على لوائحه، لذرائع لا تقاس بعمق التحالف السياسي بين الطرفين، عزّزت شكوك أمل، وأحرجت حزب الله أمام حلفائه، وهو الذي يجاهد لإقناعهم بتقديم التنازلات بغية تسهيل احتضان باسيل الانتخابي.
في البقاع الغربي مثلاً، لا يزال التيار الوطني الحرّ يصرّ على الحصول على مقعدين (أرثوذوكسي وماروني) على لائحة الوزير السابق عبد الرحيم مراد والقيادي في أمل محمد نصر الله، في وقت لا تقتنع فيه ماكينة أمل الانتخابية بأن التيار يملك القدرة على تأمين أكثر من حاصل واحد على أفضل تقدير، وأن تضمين اللائحة مرشّحين للتيار الوطني الحر لا يضيف إلى اللائحة أصواتاً جديدة، لأن أصوات الوطني الحر هي هي. ويقول متابعون للمفاوضات في دائرة البقاع الغربي، إن باسيل يعتبر الوزير السابق إيلي الفرزلي من حصّة رئيس الجمهورية، فيما المرشّح الماروني شربل مارون من حصّته، وبالتالي يطالب بضمّ مارون إلى اللائحة، وأنه سيوعز إلى قواعد التيار الاقتراع بالصوت التفضيلي لمصلحة مارون بدل الفرزلي. وهذا الأمر يقطع الطريق على مرشّح ترى أمل أنه قد يرفد اللائحة بأصوات إضافية هو ناجي غانم ابن بلدة صغبين. وعلمت «الأخبار» أن بري كان حتى مساء أمس يصرّ على رفض ضم مرشَّحين إلى التيار، وقال أمام زوّاره: «ما عندهم اثنين ليش بدنا نعطيهم، ما بتمشي معي هيدي، يعملوها مع غيري». وهذا الأمر، يحرج مراد أيضاً، الذي يحرص على نيل رضى رئيس المجلس النيابي، لكنّه يريد أصوات التيار الوطني المسيحية، ويخشى في حال عدم إرضاء باسيل أن تصبّ الأصوات لمصلحة مرشّح التيار خارج لائحته ومشاركة الفرزلي له الأصوات التفضيلية من المسلمين، التي من المفترض أن ينالها.
أمّا في دائرة بيروت الثانية، فلا يزال برّي عند موقفه بالتمسّك بمرشّح الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد بدل مرشّح التيار الوطني الحرّ القسّ إدغار الطرابلسي، الذي طلب التيار الوطني الحرّ انضمامه إلى لائحة الأحزاب، بعد أن كان عقد اتفاقاً مع الحزب القومي بأن يمنح الأخير أصواته الـ 400 في الدائرة لمصلحة سعد، في مقابل منح القوميين رقماً مماثلاً للائحة التيار الوطني في بيروت الأولى. ويزيد الموقف تعقيداً اعتراض أعضاء المجلس الأعلى في الحزب على سحب سعد لمصلحة الطرابلسي، بعد أن كان قد صوّت سابقاً على ترشيحه في جلسة رسميّة، علماً بأن عون كان قد طلب الأمر من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ثم نقل نصر الله التمنّي إلى رئيس المجلس الأعلى في الحزب النائب أسعد حردان.
وزاد الطين بلّة أمس، الأنباء التي تتحدّث عن نيّة التيار الوطني الحر، الذي تعذّر حتى الآن دخوله على لائحة القوات ــ تيار المستقبل في بعلبك ــ الهرمل بعد تمسّك القوات بمرشّحين لها على اللائحة، تشكيل لائحة مع الرئيس حسين الحسيني في الدائرة، لمواجهة لائحة حزب الله ــ حركة أمل ــ الحزب القومي. علماً بأن باسيل كان قد أصرّ على حصوله على مرشّحين على اللائحة (كاثوليكي وماروني)، أي مكان الوزير السابق ألبير منصور، الأمر الذي رفضته لائحة الأحزاب، وبدل ذلك عرضت منح باسيل مرشّحاً مارونيّاً.
ومن البقاع الشمالي، إلى دائرة الجنوب الثالثة، حيث يعمل باسيل أيضاً على تشكيل لائحة إلى جانب تيار المستقبل، عبر مرشّح الأخير عماد الخطيب، واستمالة النائب طلال أرسلان الذي رشّح وسام شرّوف عن المقعد الدرزي، بغية تهديد مقعدي حردان والنائب قاسم هاشم.
وفي عكار، يتصرّف باسيل على ذات القاعدة، في محاولة فرض مرشّحَين على لائحة النائب السابق وجيه البعريني والحزب القومي وتيار المردة، أرثوذوكسي وماروني، أي مطالباً بأحد مقعدي مرشّح القومي إميل عبّود أو مرشّح تيار المردة كريم الراسي، بعد رفض الحريري منحه مقعدين على لائحته. وترى مصادر في 8 آذار أن باسيل يريد حل أزمة داخل التيار على حاب اللائحة، لكونه يسعى إلى ترشيح كل من أسعد ضرغام (أرثوذوكسي) وجيمي جبّور (ماروني). وفي حال استقرار الأمر على مرشح واحد، فإن غضب جزء من الجهوري سيُبعده عن التيار، ولو مؤقتاً.
وتقول مصادر معنيّة بالمفاوضات، إن «الأزمة الآن هي انتظار باسيل الذي لا يريد إعطاء أجوبة حاسمة قبل 24 من الشهر الحالي، وما إذا كان سيبقى على إصراره الذي يصعّب التحالف، أو سيتصرّف بناءً على المعطيات الانتخابية. الوقت يمرّ، وهناك عدد من المرشّحين غير الحزبيين الذين من المفترض أن ينطلقوا للبدء بحملاتهم الانتخابية بدل الانتظار حتى آخر آذار لبدء العمل».
باسيل: سنحرّر الدولة من الميليشيات
رأى الوزير جبران باسيل أن المعركة اليوم هي معركة تحرير مؤسسات الدولة من الميليشيات المدنية، مشيراً إلى أنه «لن نتوقّف حتى نحرّر المواطن من الإذلال والتبعيّة ونحرّر المؤسسات من الفساد والميليشيات». ودعا، في احتفال للتيار الوطني الحر في ذكرى 14 آذار، إلى عدم الانخداع بمن ركبوا موجة التحرير ويريدون ركوب موجة التغيير.
وقال باسيل إن جوهر التفاهم مع حزب الله كان حماية لبنان وقوته، مشيراً إلى أنه بعد سقوط مفهوم «قوة لبنان في ضعفه» في عام 89 حلّت فكرة «لبنان القوي» التي أسّست لمشروع الدولة القوية وركيزتها الجيش اللبناني، والتي تشكّل جوهر تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي في عام 2000، ومن الوصاية السورية في عام 2005، وكسر إسرائيل في حرب تموز 2006 وطرد الإرهاب في آب 2017.
وأكد باسيل أن «التيار» لن يأخذ من الدولة يوماً مشاريع أو تنفيعات، بل سيعطيها من نضالاته وطاقاته لتكون إدارتها أكفأ وأقدر وماليّتها أمتن وأنظف. ورأى أن كل مال سياسي، وخاصة المستورد، هو إضعاف للدولة أمام سياسييها، فيما الدولة القويّة بحاجة إلى رجالات دولة يؤمّنون لها المداخيل العالية من ثرواتهم.
روما ــ 2: رسالة دعم الاستقرار ووعد المساعدة
يبدأ، اليوم، في العاصمة الإيطالية «مسلسل» مؤتمرات الدعم للبنان. أول الغيث مؤتمر دعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، بدعوة من مجموعة العمل الدولية لأجل لبنان، يليه مؤتمر سيدر في باريس في السادس من نيسان، على أن تكون الخاتمة في بروكسل، قبل نهاية نيسان، مع مؤتمر النازحين
ينظر لبنان الرسمي إلى مؤتمر روما 2، اليوم، بوصفه نموذجاً لما سيليه من مؤتمرات دولية داعمة له في أوروبا، ومؤشراً لمدى تجاوب الدول الصديقة والمؤسسات الدولية، خصوصاً في «سيدر» الباريسي، الذي تحرص مصادر رسمية لبنانية في التأكيد أنه «ليس مؤتمر مانحين، كما باريس 1 و2 و3، بل مؤتمر استثمارات، يُراهَن عليه لتكبير حجم الاقتصاد عبر مشاريع منتجة وأخرى تهدف إلى رفع قدرة البنى التحتية على استيعاب التطور الديموغرافي في لبنان.
ويؤمل بعد تنفيذ هذه المشاريع زيادة الجاهزية لمواكبة مرحلة السلام وإعادة الإعمار في سوريا. لذلك، سيقدم لبنان ورقة عمل تتضمن مشاريع استثمارية تمتلك مواصفات جذب المستثمرين متلازمة مع تقديم تسهيلات مشجعة لهم».
يتمثل لبنان في مؤتمر روما 2 برئيس حكومته سعد الحريري الذي وصل مساء أمس إلى العاصمة الإيطالية، يرافقه وزراء الدفاع يعقوب الصراف، والداخلية نهاد المشنوق، والخارجية جبران باسيل، قائد الجيش العماد جوزف عون، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، سفيرة لبنان في روما ميرا ضاهر، نادر الحريري، العميد المتقاعد مارون حتي، وعدد من كبار الضباط.
ويشارك في المؤتمر إضافة إلى إيطاليا، 36 دولة هي: الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، إسبانيا، روسيا، كندا، اليابان، الصين، كوريا، أوستراليا، الدانمارك، النمسا، فنلندا، السويد، سويسرا، هولندا، النروج، بولندا، رومانيا، الأرجنتين، البرازيل، أرمينيا، قبرص، اليونان، تركيا، السعودية، الإمارات، مصر، الكويت، البحرين، الأردن، قطر، الجزائر، المغرب، عُمان، جامعة الدول العربية، الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ممثلة بأمينها العام أنطونيو غوتيريس، و«الناتو» بصفته عضواً مراقباً.
ولن يدوم المؤتمر الذي يناقش خطة خمسية تخص الجيش والأمن العام والأمن الداخلي، سوى ساعات قليلة، إذ إنه بعد جلسة افتتاحية يتحدث فيها الحريري ونظيره الإيطالي باولو جانتليوني وغوتيريس، تعقد جلسة عمل مغلقة، تصدر بعدها توصيات المؤتمر في مؤتمر صحافي يعقده الحريري ووزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو الفانو.
المؤتمر، بحسب مصادر رسمية لبنانية، يعوّل عليه في أمرين: أولهما، رسالة دعم معنوية للبنان واستقراره، وثانيهما، الحصول على هبات وقروض، فضلاً عن مساعدات (أسلحة أو ذخائر أو تدريب وتجهيز وعتاد).
وكان لافتاً ما أقدمت عليه الحكومة اللبنانية من خطوات تمهيدية، عشية مؤتمر روما، وأبرزها إقرار موازنة 2018، وما صدر من مواقف لجذب المزيد من الدعم، وأبرزها ما أبلغه رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان بيرنيل داهلر كاردل، بأن «قرارات مؤتمر روما وتوصياته ستعزز قدرات المؤسسات الأمنية، فيما الاستراتيجية الدفاعية الوطنية ستكون موضع بحث بعد الانتخابات النيابية».
وهذا الكلام الرئاسي موجه إلى بعض العواصم الغربية المهجوسة بسلاح حزب الله. فالسلاح هو جزء من الاستراتيجية الدفاعية التي يقاربها رئيس الجمهورية من خلال الآتي: التغطية السياسية للجيش أولاً، توجهات القوى السياسية ثانياً، وسلاح حزب الله ثالثاً، كما يقول مصدر رسمي، مذكراً بأنها «طرحت في السابق ولم نصل إلى نتيجة، والآن نحتاج إلى تهيئة مناخات لإعادة طرحها (الاستراتيجية)».
أما عن شكل اللقاء لبحث الاستراتيجية الدفاعية، فيشير المصدر إلى أنه «إذا ضمّت حكومة ما بعد الانتخابات كل القوى السياسية، فمن الممكن أن تبحث في جلسات خاصة لمجلس الوزراء، أو في لقاءات ثنائية أو ثلاثية… لكون الاستراتيجية ليست محصورة بالجانب العسكري، بل في تعزيز وتقوية القدرات الوطنية اللبنانية في القطاعات المختلفة في مواجهة الخطرين الإسرائيلي والتكفيري، وبالتالي قد تعقد اجتماعات متخصصة في قطاعات معينة، مع الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية سبق أن قدّم ورقة عملية شرحها تفصيلياً في أحد اجتماعات هيئة الحوار الوطني».
اللواء
التباعد الماروني – الشيعي: جعجع لإضعاف حزب الله وباسيل للتخلص من ميليشيا أمل
الحريري يلقتي ساترفيلد قبل مؤتمر روما.. وخلاف البون – افرام يهدّد لائحة روكز
في ذكرى 14 آذار، تفرق حلفاء الامس: الرئيس سعد الحريري في روما للمشاركة في مؤتمر دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية، وهو التقى في مقر اقامته في العاصمة الإيطالية مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد، وتناول معه التحضيرات الجارية لإنجاح مؤتمر دعم الجيش، فضلا عن النقاط المتعلقة بالنزاع الحدودي البري والبحري والنفطي بين لبنان وإسرائيل.
رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع يعلن في مهرجان إعلان مرشحي حزبه للانتخابات النيابية والتي وضعت خطا فاصلا بين مرشحي هذا الحزب والمرشحين الآخرين، الذين يُمكن ان يتحالفوا مع حزب الله، في إشارة افتراقية إلى التيار الوطني الحر في مختلف الدوائر.
والأخطر في ذكرى 14 آذار، ما بدا ان تباعد شيعي- ماروني على مستوى الدولة ومؤسساتها.
فبعد ان كرّر الرئيس نبيه برّي انتقاده لفتح دورة استثنائية لمجلس النواب، قبل أيام قليلة من بدء العقد العادي في أوّل الثلاثاء بعد 15 آذار، أطلق رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، موقفا في احتفال أقامه التيار بذكرى 14 آذار اعتبر ان «المعركة أصبحت اصعب لأنها تحرير مؤسسات الدولة من الميليشيات الحديثة، في الحرب كنا بمواجهة دولة الميليشيات العسكرية، ونحن اليوم بمواجهة بدلة مدنية مع «كرافات» مبينا ان «من وقتها مرّ 16 شهراً، ولا نزال لوحدنا بمواجهة المافيا، والاصعب لأن انتظارات النّاس منا كبيرة».
وفي سياق الكلام، فهم ان إشارة باسيل «للبدلة العسكرية؛ ربما تعني الحرب مع «القوات اللبنانية» التي عرفت باسم حرب الالغاء، اما الإشارة إلى الدولة المدنية، فهو على الارجح يقصد حركة «امل» من دون ان يسميها.
وجاء موقف باسيل بعد يوم عاصف، كانت الإدارة المركزية في الجامعة اللبنانية مسرحه على خلفية تفريغ 570 استاذاً اعترض عليه التيار الوطني الحر ببيان قال فيه انه لن «يسمح بإقرار ملف يضم 80٪ من المسلمين مقابل 20٪ من المسيحيين».. معتبرا ان ملف الشيعة يساوي 52٪ والسنّة 23٪ و25٪ مسيحيين.
وعليه، صوت 14 من أعضاء مجلس الجامعة برفع الأيدي ضد المشروع، مقابل 10 أعضاء يمثلون «امل» وحزب الله، وامتناع 3 أعضاء عن التصويت سلباً أو إيجاباً وهكذا سقط المشروع، ليرفع من وتيرة التوتر بين الفريق الماروني بقيادة باسيل والفريق الشيعي بقيادة «امل» وبتعاطف من حزب الله، مذكراً بالصدامات في مجلس الوزراء والشارع حول المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان، ومأموري الاحراج والناجحين في مجلس الخدمة المدنية (راجع ص 6).
مؤتمر روما- 2
في روما، وبحسب البرنامج الموضوع، فإنه من المفترض ان يفتتح المؤتمر أعماله عند الساعة الثالثة عصرا بتوقيت روما (الرابعة بتوقيت بيروت) في مقر وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية، بكلمة لرئيس وزراء إيطاليا باولو جانتيلوني، ثم يلقي الرئيس الحريري كلمة لبنان، كما يلقي الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس كلمة المنظمة الدولية، باعتبار ان الدعوة للمؤتمر موجهة من قبل مجموعة الدعم الدولية للبنان، والمخصص لدعم المؤسسات الأمنية والعسكرية الرسمية في لبنان.
وبعد التقاط الصورة التذكارية لرؤساء الوفود، يعقد المؤتمر جلسة عمل مغلقة، وأعطي لرئيس وفد كل دولة خمس دقائق للكلام، ثم يختتم المؤتمر بمؤتمر صحافي مشترك بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية الإيطالي انجيلينو الغانو.
وذكرت معلومات رسمية، ان الوفد اللبناني إلى المؤتمر يحمل خطة شاملة سيعرضها على الدول المشاركة لدعم الجيش والقوى الأمنية على مدى خمس سنوات، عرض قائد الجيش العماد جوزف عون الجانب المتعلق بالمؤسسة العسكرية، مع نظيره رئيس أركان الدفاع الإيطالي الجنرال كلاوديو غراتسيانو، في لقاء جانبي عقد في مقر القيادة العسكرية الإيطالية، ومعروف ان غراتسيانو كان قائدا لقوات «اليونيفل» في جنوب لبنان، وله علاقات وطيدة مع ضباط الجيش اللبناني.
وكان العماد عون والمدير العام للأمم المتحدة اللواء عباس إبراهيم سبقا الوفد اللبناني بيوم، في حين رافق المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الرئيس الحريري في الطائرة إلى روما برفقة وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الدفاع يعقوب الصرّاف.
وأمل الرئيس الحريري، الذي التقى بعد ساعة من وصوله إلى روما ساترفيلد، ان تكون نتائج مؤتمر روما اليوم إيجابية جدا لتقديم الدعم والمساعدات اللازمة للجيش والقوى الأمنية اللبنانية، لتتمكن من الاستمرار في القيام بمهماتها في حفظ الأمن والاستقرار وتطبيق القرارات الدولية، كاشفا بأن الدعم العربي سيكون كبيرا، مشيرا إلى ان ما يهمنا هو ما يريده لبنان، وليس ما يريد المجتمع الدولي من لبنان مقابل المساعدات التي سيقدمها. وقال: «نحن هنا لنقول للمجتمع الدولي ما يلزمنا في لبنان وهذا المجتمع بسبب الإرهاب الذي تشهده المنطقة وأزمة اللاجئين والقرار 1701 يريد ان يدعم القوىالعسكرية اللبنانية وسنرى النتائج غدا (اليوم).
تجدر الإشارة إلى ان معظم الدول العربية ستشارك في المؤتمر، باستثاء تونس، السودان، العراق، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، مصر، الكويت، البحرين، الأردن، قطر، الجزائر، المغرب وعمان، إلى جانب البلد المضيف إيطاليا، وكل من الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، المانيا، بريطانيا، اسبانيا، روسيا، كندا، اليابان، الصين، كوريا، استراليا، الدانمارك، النمسا، فنلندا، السويد، سويسرا، هولندا، النروج، بولندا، رومانيا، الارجنتين، البرازيل، أرمينيا، قبرص، اليونان، تركيا، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والناطق بصفته عضوا مراقبا.
ذكرى 14 آذار
وكان الرئيس الحريري، قبل سفره إلى روما، قد ربط في بيان له، بين مؤتمر روما والذكرى الثالثة عشر لانتفاضة 14 آذار، معتبرا ان دعم الجيش والقوى الأمنية الذين هم حماة السيادة والاستقرار في لبنان وتدعيم الدولة وبناؤها، كانت المطالب التي ألفت حولها أكثر من مليون لبناني نزلوا إلى الساحات في ذلك اليوم التاريخي.
وقال ان 14 آذار انطلق من شهادة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليشكل محطة فاصلة لا يُمكن تمحى من وجدان اللبنانيين الذين يتطلعون لقيام دولة العدالة والاستقرار، وهو سيبقىعلاقة فارقة في تاريخ لبنان وعنواناً للحرية والسيادة، ورفض الهيمنة والوصاية وجسرا للعبور الحقيقي إلى الدولة وإرادة الشرعية التي تعلو فوق كل الإدارات.
الا ان المناسبة وإن غابت كاحتفال، فإنها حضرت في مهرجانين له انتخابيين، الأوّل أقامه حزب القوات اللبنانية في ساحل علما لاعلان أسماء مرشحيه في الدوائر الانتخابية المختلفة، والثاني للتيار الوطني الحر في عشائه السنوي التمويلي للتيار في «الفوروم دو بيروت» تميز بهجوم عنيف اطلقه رئيس التيار الوزير جبران باسيل، ضد ما وصفه بالميليشيات المدنية التي تركت بدلة الميليشيات العسكرية وارتدت «كرافات؛ في إشارة ربما إلى القوات اللبنانية أو حركة «امل» وغير ذلك من الأحزاب، معتبرا ان المعركة باتت اصعب لأنها أصبحت تحرير مؤسسات الدولة من الميليشيات المدنية، التي وصفها «بالمافيا».
وقال: «إذا كنا نريد ان يستمر العهد، فيجب على التيار الذي هو دعامته ان يكون قويا بكتلته النيابية لنصل إلى حكومة العهد الأولى بكتلة وزارية قوية، لأن هذه فكرة الرئيس القوي، قوي ليس فقط بشخصه وشخصيته، بل بكتلته وشعبيته والا على الميثاق والدستور السلام»، جازما ان «الضعف يأخذ من الدولة دون ان يضيف شيئاً فتضعف الدولة وينتهي البلد. أما إذا كان قويا أعطى الدولة قوة تصبح هي الأقوى، والتيار لن يأخذ من الدولة مشاريع وتنفيعات، بل سيعطيها طاقاته لتكون المالية امتن وانظف»، لافتا إلى ان كل مال سياسي وخاصة المستورد هو اضعاف للدولة امام سياسييها، بينما الدولة القوية بحاجة إلى رجالات دولة يؤمنون لها مداخيل من ثرواتها.. معتبرا ان السياسي الذي يستقوي على دولته من ماله يفرغها من الداخل، وهو عميل كبير ان يستقوي على الدولة بنفوذ مستورد».
اما رئيس حزب القوات سمير جعجع، فلم يغب عن كلمته انتقاد مبطن للتيار الحر وهجوم مباشر على حزب الله الذي حمله مسؤولية الخلل الفاضح الموجود في الدولة، داعيا إلى عدم الاقتراع لصالح أية لائحة تضم أحداً يُبرّر أو يغطي هذا الخلل الفاضح الموجود في الدولة، من جرّاء فقدانها قرارها الاستراتيجي والذي سببه وجود دويلة في داخلها. مشددا على ان المسؤول في الدرجة الأولى عن وجود هذا الخلل هو حزب الله وفي الدرجة الثانية من بدأ على العمل من أجل تغطيته وإيجاد المبررات لممارساته.
وفي اشارة لا تخلو من غمز من قناة «التيار الحر» ردّ جعجع على أصحاب نظرية اما البواخر أو العتمة بالقول: لا بواخر لا ظلمة بل كهرباء بيضاء نظيفة لا تشوه سمعة الدول وتستنزف ماليتها، مؤكداً ان حل معضلة الفساد لا يكمن في الطروحات النظرية لتعزيز أجهزة الرقابة والمساءلة والمحاسبة وإلى هناك من طروحات وشعارات طنانة، فهي ليست بالنصوص وإنما بالنفوس والأشخاص المعنيين، باعتبار ان حل مسألة الفساد سهل وليس على المواطن سوى انتخاب شخص نظيف وعندها سيصبح كل شيء نظيفاً من دون نصوص ولا من ينصون.
مرشحو «القوات»
وتبين من أسماء المرشحين الـ19 الذين أعلنهم جعجج مساء أمس، ان «للقوات» مرشحين اثنين في دائرة بيروت الأولى هما: عماد واكيم عن المقعد الارثوذكسي، ورياض عقل عن مقعد الأقليات، ومن العدد الأكبر لمرشحيها هم في دائرة الشمال الثالثة التي تضم البترون وبشري، والكورة وزغرتا، وهم: ستريدا جعجع وجوزف اسحاق (عن المقعد الماروني في بشري) فادي سعد (عن المقعد الارثوذكسي في الكورة) ماريوس بعيني (عن المقعد الماروني في زغرتا).
وفي دائرة الشوف – عاليه، كان لها أيضاً مرشحان هما النائب جورج عدوان عن المقعد الماروني في الشوف وانيس نصار عن المعقد الارثوذكسي في عكار.
وكذلك الأمر بالنسبة لدائرة كسروان – جبيل، حيث رشحت كلاً من: شوقي الدكاش عن المقعد الماروني في كسروان، وزياد حواط عن المقعد الماروني في جبيل.
أما في بقية الدوائر، فقد اكتفت القوات بمرشح واحد على النحو الاتي: عجاج حداد (عن المقعد الكاثوليكي الماروني في البقاع الغربي) جورج عقيص (عن المقعد الكاثوليكي في جزين) ايلي لحود (عن المقعد الكاثوليكي في زحلة) انطوان حبشي (عن المقعد الماروني في بعلبك – الهرمل) فادي سلامة (عن المقعد الارثوذكسي في مرجعيون – حاصبيا) وهبه قاطيشا (عن المقعد الارثوذكسي في عكار)، إدي أبي اللمع عن المقعد الماروني في المتن.
واللافت ان ثلاثة نواب فقط من أصل ثمانية، كانوا في عداد كتلة نواب «القوات» عادوا مرشحين، وهم ستريدا جعجع وعدوان وكرم، فيما خرج كل من النواب: انطوان زهرا (البترون) ايلي كيروز (بشري) وطوني أبوخاطر وجوزف المعلوف وشانت جهجيان (زحلة)، وحضر هؤلاء جميعاً احتفالية «القوات» في ساحل علما، باستثناء النائب زهرا، الى جانب مرشحين آخرين، اعتبروا أصدقاء للقوات، من بينهم الإعلامية جيسيكا عازار، وحرص جعجع على توجيه تحية للنواب الذي سلموا الامانة النيابية من أجل استلام أمانة أخرى حزبية وفي الشأن العام.
في مجال آخر أعرب نائب كسروان عن تخوفه، من أن يؤدي شدّ الحبال بين النائب السابق منصور غانم البون ورئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمة افرام، والحملات المتبادلة بين الشخصين المرشحين أن تكون على لائحة العميد المتقاعد شامل روكز إلى فرط هذه اللائحة..
فبعد ان جدد افرام موقفه من لائحة روكز هي «قائمة» وليست لائحة موجها انتقادات إلى البون، تحدثت معلومات ان البون يتجه إلى تفجير ما وصف «بمفاجأة» انتخابية، قد تكون قبل تسجيل اللائحة في وزارة الداخلية، ما لم يتم تدارك الموقف قبل فوات الآوان، ووقف الاتهامات المتبادلة بين الطرفين.