البناء
«كورونا» يحصد في أوروبا وفيّات… وفي أميركا إصابات… ولبنان ينجح بالاحتواء
عون يبشّر بدخول مرحلة النفط والغاز… والحكومة تستطلع الموقف الفرنسيّ
بريّ لقرار وطنيّ حول هيكلة الدين… وعودة فرضيّات السداد الجزئي للتداول
حملت أنباء تفشّي فيروس «كورونا» في بلدين أوروبيين كبيرين ودولتين متقدّمتين علمياً وطبياً هما إيطاليا وفرنسا، والإعلان عن سقوط وفيات، المزيد من المخاوف التي عبرت عنها منظمة الصحة العالمية لكيفية التعامل مع الفيروس، دون الوصول لمرحلة تصنيفه وباءً، بينما أعلنت واشنطن عن 60 إصابة بالفيروس، ما أشار وفقاً لمصادر طبية إلى أن المصاعب التي تواجهها الصين كدولة منشأ وإيران كدولة ثانية لانتشار الفيروس، ليست مصاعب ناجمة عن ضعف إجراءات الوقاية والمتابعة لديهما، فعامل المفاجأة الذي رافق انتشار الفيروس فيهما، يقابله وقت كافٍ للاستعداد في دول مثل إيطاليا وفرنسا وأميركا، ورغم ذلك وقعت إصابات بالعشرات وسقطت بينها وفيات، ما يدعو للتخلي عن إغراءات التنمر التي رافقت بداية انتشار الفيروس، والاعتراف بأن المواجهة معقدة وليست مجرد قرار. ووفقاً للمصادر الصحية، فإن ما حققه لبنان حتى الآن بجهود وزارة الصحة يستحق التنويه، خصوصاً في ظل حداثة عمر الحكومة، وضعف مواردها، وحملات التشكيك بوزارة الصحة ووزيرها، ومحاولات تسييس التعامل مع الفيروس ليصير معياراً للتعامل مع إيران، وليس مع خطر يتهدّد لبنان. وقالت المصادر إنه يمكن القول بأن وزارة الصحة نجحت في احتواء الموجة الأصعب من انتشار الفيروس، ووضع قواعد التعامل معه وجعله تحت السيطرة.
سياسياً، بينما يستعدّ رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب لجولة عربيّة تبدأ من القاهرة، لا تزال تنتظر فرضية شمولها السعودية والإمارات، تحدّث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للبنانيين مبشراً باقتراب دخول لبنان مرحلة النفط والغاز، مع البدء بالتنقيب عن الغاز والنفط في البلوك رقم 4، رغم الحذر في التوقعات حول نتائج الآبار الاستكشافية الأولى. وتوقفت مصادر دبلوماسية أمام الربط بين قيام شركة توتال الفرنسية بالوفاء بالتزاماتها بالبدء بالحفر، وبين كلام وزير المالية الفرنسية عن الدعوة للفصل بين مساعي مساعدة لبنان على التعافي والمواجهات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها المواجهة الأميركية مع إيران. وقالت المصادر إن ثبات توتال على تعهّداتها هو قرار سياسي فرنسي أكثر مما هو قرار تجاري أو إداري للشركة، ولذلك توقعت المصادر أن تولي الحكومة اللبنانية اهتماماً خاصاً لاستطلاع حدود الموقف الفرنسي وقدرته على السير بخطط منفردة لمساعدة لبنان في ظل الموقف الأميركي السلبي. وقالت المصادر إن الموقف الفرنسي العملي سيجيب على سؤال يتصل بحدود الموقف الأميركي نفسه بين السير بدفع لبنان نحو الانهيار، أو فتح النافذة الفرنسية لمنع الانهيار، ولو بقيت دون مستوى الحلول الإنقاذية، خصوصاً أن رعاية فرنسا لمؤتمر سيدر لمساعدة لبنان تمنحها وضعاً خاصاً على هذا الصعيد، في ظل تداخل خطط النهوض بالاقتصاد بخطط سداد الدين وجدولته.
في مسار التعامل مع استحقاقات سندات اليوروبوند يسود التكتم حول القرار الحكومي النهائي، فبينما كان السائد هو التمسك بالهيكلة بما تعنيه من امتناع عن سداد مستحقات العام 2020 انطلاقاً من استحقاقات التاسع من آذار، تسرّبت معلومات عن دراسة الحكومة والمصرف المركزي لإمكانية سداد جزئي لبعض المستحقات، بينما قالت مصادر مالية إن المناخ السائد لا يزال في وجهة ثابته لجهة عدم السداد، فيما المصادر الحكومية ترفض الإجابة عن أي سؤال حول القرار النهائي، قائلة إنه لن يكون قرار نهائي إلا عشية موعد الاستحقاق، وإن الفريق المتخصص الذي كلف مهمة إعداد السيناريوات الافتراضية وتقديم جداول مقارنة بينها، وتظهير عائداتها السلبية والإيجابية لم ينته من عمله بعد ليكون ثمة سيناريو أكيد لدى الحكومة، بينما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أن القرار الّذي ينبغي اتخاذه بشأن استحقاقات «اليوروبوندز» يجب أن يكون قرارًا وطنيًّا غير خاضع للمزايدات والتباينات، مؤكّدًا أنّ أقدس المقدّسات ودائع الناس، تعبهم، جنى عمرهم، مستقبلهم ومستقبل أولادهم.
دخل لبنان رسمياً نادي الدول النفطية مع بدء شركة «توتال» الأميركية اليوم أعمال حفر البئر النفطية الأولى (4) المواجهة لمنطقة كسروان – جبيل.
حدثٌ وصفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالتاريخي وبالإنجاز الاستراتيجيّ. وأكد خلال كلمة توجّه بها الى اللبنانيين مساء أمس، على أهمية هذا الحدث الذي «سيشكّل الحجر الأساس للصعود من الهاوية، ومحطة جذرية لتحوّل اقتصادنا من اقتصاد ريعي نفعي الى اقتصاد منتج يساهم فيه الجميع ويفيد منه الجميع، وعلى أن ثروتنا النفطية والغازية هي لجميع اللبنانيين من دون مواربة، والدفاع عنها سيكون بالشراسة نفسها التي تمّ فيها الدفاع عن الحدود البرية، من دون مساومة أو ارتهان».
وأشار عون الى ان «ليس قدرنا أن نبقى عرضة ازمات تتوالد من بعضها البعض، وتحمل الينا اليأس من وطننا فنهجره او نغترب عنه او نتنكر له. إننا اليوم، اكثر من اي يوم مضى، مصمّمون على تحمّل مسؤولية مواجهة سياسات اقتصادية خاطئة وتراكمات متلاحقة ومتعددة، ووضع حد لها بهدف وقف المسار الانحداري الذي اوصلنا منذ عقود الى ما نحن عليه. إرادتنا ان نواجه من اجل بقاء لبنان وديمومته، ونحيي الاطمئنان ونعيد دورة الحياة الى طبيعتها.»
وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن «لبنان إزاء هذا الحدث النفطي الاستراتيجي سيكون أمام افق جديد»، رابطة «بين الضغوط الأميركية على لبنان المالية والسياسية واستغلال التحركات الشعبية في الشارع، وبين التوجّه اللبناني الرسمي لاستثمار ثروته النفطية والغازية في المياه الإقليمية اللبنانية»، مشيرة الى أن «كل الضغوط الأميركية الأخيرة على لبنان كانت حرباً استباقية تهدف للتأثير على قراره الوطني والسيادي النفطي». وتوقعت المصادر أن يشهد لبنان صراعاً أميركياً فرنسياً على نفطه وحول كيفية إنقاذ اقتصاده. إذ إن فرنسا ليس من مصلحتها أخذ لبنان الى الانهيار»، ولفتت المصادر الى أن «وضع لبنان على الخريطة النفطية سيحسّن موقعه التفاوضي في مسألة إعادة جدولة الديون ويشكل فرصة ثمينة لإنقاذ اقتصاده في المدى المتوسط».
وبحسب خبراء لـ»البناء» فإن البدء بحفر البلوك 4 وفي حال أثبتت النتائج التي ستعلن خلال شهرين وجود نفط أو غاز، فإن ذلك سيترك تأثيرات كبيرة على البلوكات الأخرى لا سيما الواقعة على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة وتحديداً المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وكيان الاحتلال، إذاً ستتضاعف احتمالات وجود كميّات من النفط والغاز فيها، وبالتالي ستزيد حدة الصراع على المنطقة المتنازع عليها». وفي هذا السياق تشير أوساط مطلعة لـ»البناء» الى أن «الولايات المتحدة جمدت المفاوضات حول ترسيم الحدود بين لبنان و»إسرائيل» لإظهار عدم الاكتراث الأميركي تجاه هذا الملف كوسيلة للضغط على لبنان للقبول بحل فديريك هوف، الأمر الذي يرفضه لبنان بشكل قاطع».
لكن تساؤلات تطرح حول مرحلة ما بعد اكتشاف النفط او الغاز في البلوك 4 والبدء باستخراجه وبيعه؟ ومَن سيراقب عملية استثماره وعائداته المالية؟ وما هي آليات استثماره في عملية إنقاذ الاقتصاد والنهوض الشاملة؟ وهل سيتم إنشاء الصندوق السياديّ؟
وفي سياق ذلك، قالت وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني خوري في حديث لـ»البناء» «إنه مع بدء عمليات الحفر لأول بئر نفطية لا بد أن نسجّل تحقيق إنجاز للبنان في عهد الرئيس ميشال عون وبجهود وزراء الطاقة الذين تعاقبوا منذ 10 سنوات وعملوا بجدّ وشفافية، فتحوّل الحلم حقيقةً لجميع اللبنانيين».
وتحدثت البستاني عن الأهمية الاقتصادية للحدث مشيرة الى ان «هذا ما يحفّزنا، في حال كانت نتيجة الاستخراج إيجابية، ويزيدنا تصميماً للعمل اكثر على الخروج من الأزمة المالية الاقتصادية التي نعانيها، عبر خلق فرص عمل للبنانيين، فيتحوّل اقتصادنا منتجاً من خلال هذه الثروة السيادية التي هي ملك الأجيال المقبلة». كما أكدت البستاني انه «سيكون لنواب التيار الوطني الحر دور مهم في مراقبة تطبيق شفافية القوانين التي ترعى عمليات الاستخراج هذه واستفادة الدولة منها، وبالتالي أصبح لبنان فعلاً على خريطة الدول النفطية».
ومن الإنجاز النفطي الى الأزمة الاقتصادية والمالية التي يرزح تحتها لبنان، فقد علمت «البناء» أن مجلس الوزراء سيعقد جلسة خلال أيام يعلن فيها رسمياً التوجه الحكومي النهائي لإعادة جدولة الدين العام مع تكليف الشركات التي تعاقدت معها الحكومة التفاوض مع الشركات الممثلة للدائنين الاجانب».
وإذا كان التوجّه الحكومي لإعادة هيكلة الدين الأصلي، فإن عملية دفع استحقاقات الفوائد جارية. فقد سدّد لبنان الفوائد المستحقة لبعض سندات الدين في محاولة لاحتواء ردات فعل الدائنين والمؤسسات المالية الدولية على قرار إعادة الهيكلة الذي ستعلنه الحكومة خلال أيام. وكشف مصدر مطلع لوكالة عالمية ان «لبنان دفع امس 71 مليون دولار قسائم حلّ أجلها على سندات دولية تستحق في 2025 و2030، وذلك بعد يوم من تعيين مستشارين قانوني ومالي لإعادة هيكلة ديون متوقعة على نطاق واسع». ما يدعو للتساؤل ما هو مصير الفوائد على الديون في عملية إعادة الهيكلة؟ هل سيتم رفع الفوائد على السندات مقابل تأجيل دفعها كتعويض للدائنين حاملي السندات، كما سرّبت المعلومات؟
وأكدت مصادر 8 آذار لـ»البناء» أن «لبنان لن يرضخ لوصفة صندوق النقد الدولي التي ترتّب مزيداً من الديون والالتزامات المالية والسياسية وترهق كاهل الدولة والمواطنين وتزيد فقرهم وتمس بوادئعهم، وسيعمل لبنان على إيجاد حلول لأزمته بمساعدة دول حليفة».
واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي التقى أمس، في عين التينة وزيرَ المال غازي وزني ورئيس لجنة المال النيابية إبراهيم كنعان ان «القرار الذي ينبغي اتخاذه بشأن استحقاقات اليوروبوند يجب أن يكون قرارًا وطنيًا غير خاضع للمزايدات والتباينات». وأكّد في لقاء الأربعاء ان «أقدس المقدسات ودائع الناس وتعبهم وجنى عمرهم». أما كنعان، فأكّد أنّ «اليوروبوند والمالية العامة لا يمكن أن يسيرا على وقع الاشتباك السياسي»، لافتًا إلى أنّ «المطلوب التفكير وطنيًا في الحل الانسب في ضوء ما نعيشه». وقال «ندعم الحكومة في ملف التفاوض حول استحقاقات لبنان المالية ولا يجب ان يتحدث أحد عن أي قرار قبل إنجاز التفاوض».
وفيما لبنان يعيش أجواء احتفال بدخوله النادي النفطي العالمي، لم يستطع القرار الأميركي تنغيص فرحة اللبنانيين، ولم يحجب الأضواء عن الحدث النفطي. إذ أدرجت وزارة الخزانة الأميركية، أمس أفراداً وكيانات لبنانية على قائمة الإرهاب.
قرار رأت فيه مصادر «البناء» لزوم ما لا يلزم ولا يقدم ولا يؤخر على حزب الله وبنيته المالية والتنظيمية ولا على دوره الوطني اللبناني في مقاومة العدوان الإسرائيلي على سيادة لبنان وثرواته ولا على دوره الإقليمي في مكافحة الارهاب في المنطقة بالتعاون مع دول وحركات وشعوب المنطقة، لا سيما أن الحزب غير مندمج في النظام المصرفي اللبناني ويأتي القرار استكمالاً للحرب على لبنان لمزيد من الضغط المالي والسياسي على حكومته.
وكانت وسائل إعلام أميركيّة معروفة صلتها بـ»إسرائيل» قد تحدّثت منذ أسابيع عن حزمة عقوبات أميركية جديدة على حزب الله في شهر شباط، ولفتت المصادر المذكورة الى أن القرار الأميركي الجديد هو رسالة الى الحكومة اللبنانية بأن حزب الله لا يزال قيد الملاحقة الأميركية.
على صعيد أزمة «كورونا» أعلنت وزارة الصحة العامة عن اصابة حالة ثانية بفيروس كورونا، واشارت في بيان عن «تسجيل حالة ثانية مثبتة مخبرياً مصابة بفيروس كورونا المستجد COVID-19 وهي حالة مرتبطة وبائياً بالحالة الاولى، وكانت بزيارة دينية إلى إيران دامت لسبعة أيام وعادت إلى لبنان بتاريخ 20 شباط 2020 على متن الطائرة نفسها التي كانت على متنها الحالة الاولى. ظهرت العوارض بتاريخ 24 شباط 2020 وخضعت المريضة للعزل في مستشفى رفيق الحريري الجامعي منذ تاريخه ووضعها الصحي مستقر حالياً». ولفتت الوزارة الى أنها «ستتبع أفراد عائلتها والمقرّبين منها يومياً من قبل فريق من الوزارة». كما أعلن المستشفى الحكومي الجامعي في تقريره اليومي عن «حالتين مصابتين بفيروس كورونا المستجدّ في وحدة العزل. وهما في حالة مستقرة وتتلقيان العلاج اللازم».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
تهديد أميركي بمحاسبة المسؤولين و إخراج نصرالله من النظام المالي
إطلاق التنقيب عن النفط اليوم.. وذعر الكورونا والدولار في كل بيت
مَنْ يسابق مَنْ؟ وعلام السباق؟ الوقائع اليومية تكشف أن سباقاً يجري بين السلطة ممثلة بالفريق الحاكم، عبر الحكومة الحالية للخروج من المآزق، التكاثرة، على نحو يشبه تحوُّل فيروس كورونا «السفين» إلى وباء عالمي، يهز عواصم الدنيا، ما خلا الولايات المتحدة ومدنها الكبرى وولاياتها الـ52، التي تندفع عبر مؤسساتها المالية، والدبلوماسية وحتى الاستخباراتية إلى اشتباك داخل النظام المصرفي اللبناني مع «حزب الله» وداعميه، لدرجة ان مساعد وزير الخزانة الأميركي مارشال بلينغسلي كشف ان العقوبات الأميركية تهدف إلى إخراج السيّد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، وحزب الله من النظام المالي اللبناني، ملوحا بمحاسبة المسؤولين اللبنانيين إذا قصروا.
وعشية انطلاق عملية حفر أوّل بئر نفطي في لبنان، سجل حدثان: الأوّل رئاسي، إذ اطل الرئيس ميشال عون برسالة إلى اللبنانيين ضمنها موقفاً قوامه ان الحفر طريق الصعود من الهاوية وأن العائدات ثروة سيادية للأجيال، لا مجال للمساومة فيها أو الارتهان.
والثاني جولة لشركة توتال الفرنسية، عبر مسؤولها في الشرق الأوسط على كبار المسؤولين، وكشف وليد نصر رئيس هيئة إدارة قطاع البترول في مؤتمر صحفي، مع وفد من الشركة ان «عمليات الحفر ستستغرق شهرين»، ونحن نأمل ان تكون النتيجة ايجايبة، فنجد نفطاً أو غازاً.
وسط هذا التدخل الأميركي الفظ والمباشر، وفي ظل عجز الطبقة الحاكمة عن الاقدام على «خطوة ما» في ما خص سندات «اليوروبوند» بعد مطالبة الرئيس نبيه برّي بالإجماع الوطني، يعني بإشراك المعارضة في اتخاذ القرار أياً يكن في ما يتعلق بالسندات المذكورة.
آلية التعيينات والديون
وسط ذلك، يبحث مجلس الوزراء في جلسته عند الواحدة والنصف من بعد ظهر غدٍ الجمعة في القصر الجمهوري، في جدول أعمال من تسعة بنود فقط، أبرزها آلية التعيينات الادارية لجهة إعتماد الآلية ذاتها أو تطويرها او اعتماد آلية جديدة، تمهيداً للمباشرة بإجراء التعيينات في أقرب فرصة بعد إقرارها، كما تبحث الجلسة في موضوع انشاء منشآت ومحطات الغاز الطبيعي، بعد البدء بحفر اول بئر نفط وغاز استكشافي في البلوك 4 المقرر يوم غد الجمعة، وبند سير عمل اللجان الوزارية وامكانية تشكيل لجان اخرى او تعديل القائمة حالياً.
الى ذلك، يرتقب لبنان تقرير وفد صندوق النقد الدولي المتوقع– حسب مصادر رسمية- صدوره اوائل الاسبوع المقبل، والتوصيات او النصائح والاقتراحات التي سيتضمنها، لتبني الحكومة على التقرير موقفها قبولاً او رفضاً او تعديلاً، مع استعداد الخبراء لتقديم المزيد من المشورة للدولة اللبنانية، بعدما بات التوجه العام هو اعادة جدولة او هيكلة الدين، لكن بانتظار درس وإقرار كيفية التفاوض والكمية التي ستجري جدولتها او هيكلتها وشروط التفاوض والنتائج المرتقبة عنه.
وكان لبنان دفع أمس الأربعاء 71 مليون دولار، قسائم حل أجلها على سندات دولية تستحق في عامي 2025 و2030، بحسب ما أعلن مصدر مطلع لوكالة «رويترز»، وذلك بعد يوم من تعيين مستشارين قانوني ومالي لإعادة هيكلة ديون متوقعة على نطاق واسع.
وبحسب المعلومات، فإن المبلغ المذكور هو عبارة عن فوائد مستحقة لسندات «يوروبوند»، الأمر الذي اعتبره نائب بيروت فؤاد مخزومي في تغريدة له بأنه لن يقدم ولن يؤخر امام المجتمع الدولي إذا كان خيار الحكومة أعادة الهيكلة، كاشفاً عن أن هذا الاجراء جاء بناء على نصيحة الشركة الاستشارية، مشيراً إلى انه كان من الأولى ان تصرف هذه الأموال على تنشيط قطاعات انتاجية يستفيد منها البلد.
ومعروف ان لبنان يكابد أزمة مالية غير مسبوقة، وشحاً في السيولة بالعملة الصعبة، ويتعرض كذلك لضغوط من أجل البت في طريقة التعامل مع استحقاقات ديون سيادية وشيكة اقربها سندات دولية بحجم 1،2 مليار دولار تستحق في 29 آذار المقبل.
وكانت الحكومة عينت يوم الثلاثاء بنك الاستثمار «لازارد» ومكتب المحاماة «كليري جوتليب ستين اند هاملتون» لتقديم المشورة المالية والقانونية لها.
توازياً، لاحظت وكالة «بلومبيرغ» المتخصصة ان لبنان عنده من المشاكل المالية التي تستدعي القلق، أكبر بكثير من مشكلة «اليوروبوند»، مشيرة إلى انه فضلاً عن مجموع سندات «اليوروبوند»، البالغ 31 مليار دولار هناك استحقاقات على مصرف لبنان بـ52.5 مليار دولار، بشكل ودائع وشهادات ايداع، حسب تقديرات لمحللين ماليين في وكالة FITCH للتصنيف الدولي، اشاروا أمس إلى انخفاض سعر سند «اليوروبوندز» الصادر عن لبنان إلى أقل من 30 سنتا لكل دولار.
وأشار الموقع إلى ان مجموع شهادات الايداع وحدها تبلغ 20.9 مليار دولار بعضها يستحق هذا العام والعام المقبل، وحوالى 8 مليارات دولار منها يستحق في 2020 و2023.
واضاف: ان من أصل احتياطيات مصرف لبنان بالعملة الأجنبية البالغة 31،6 مليار دولار، هناك 5،5 مليارات دولار سندات الدولة، تستحق هذا العام لكن غالباً سيجري تأجيل دفعها بسندات جديدة.
وبشأن «اليوروبوند» قال الرئيس نبيه برّي امام نواب الأربعاء أن القرار الذي ينبغي إتخاذه يجب أن يكون قراراً وطنياً غير خاضع للمزايدات والتباينات وينطلق من الحرص على مصلحة لبنان واللبنانيين. وشدد على ان أقدس المقدسات هي ودائع الناس، تعبهم، جنى أعمارهم، ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم.
ورأى أن الآمال معلّقة على الثروة النفطية التي نستبشر فيها خيراً، إلا ان هذه الآمال يجب ان تترافق مع إستحضار كل الآليات القادرة على إنقاذ لبنان وإقتصاده وماله وشعبه من أزماته.
نادي الدول النفطية
وعلى الرغم من ان لبنان ينوء بأحد أضخم أعباء الدين العام في العالم، بحسب وكالة «رويترز»، إذ يتجاوز الـ150 في المائة من ناتجة المحلي الإجمالي، إلا ان رئيس الجمهورية ميشال عون بدا متفائلاً بأن بدء حفر أول بئر نفطي في البلوك 4 قبالة شاطئ البترون، «سيشكل حجر الأساس للصعود من الهاوية» و«محطة جذرية لتحول الاقتصاد من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منت يساهم فيه الجميع ويفيد منه الجميع». مؤكداً ان لبنان «سيشهد يوماً تاريخياً سوف يذكره حاضره ومستقبله، بأنه اليوم الذي دخل فيه وطننا رسمياً نادي الدول النفطية».
لكن عون، عزا هذا «الانجاز التاريخي» حسب قوله، إلى تكتل «التغيير والاصلاح» الذي ترأسه لسنوات قبل انتخابه رئاسة الجمهورية، وإلى الوزارات التي تحمل التكتل مسؤولياتها ولا سيما وزارة الطاقة منذ تسلمها الوزير جبران باسيل والذين تعاقبوا من بعده، مشيرا إلى ان هؤلاء «عملوا ليل نهار، ومن دون هوادة من أجل تحقيق هذا الحلم الذي سيطلقه اليوم»، لافتاً إلى ان «هذا الحدث كان من المفترض ان ينطلق في العام 2013، لكن صعوبات داخلية وسياسية لم يحددها حالت دون ذلك، مكتفياً بالاشارة إلى وجود «اطماع من هنا وارادات من هناك ومناورات من هنا وهناك»، إلا انه دعا في ختام رسالته إلى ان يفتح حفل إطلاق أعمال حفر البئر «نافذة أمل في جدار الأزمة الاقتصادية والمالية» التي اعتبرها بأنها «الاقسى في تاريخ لبنان المعاصر»، مؤكداً «تصميمه على تحمل مسؤولية مواجهة ما اسماها «سياسات اقتصادية خاطئة وتراكمات متلاحقة ومتعددة»، مشددا على ان «الثروة النفطية والغازية هي لجميع اللبنانيين من دون مواربة، وعائداتها ثروة سيادية لا تفريط فيها ولا طريق فساد إليها، ولا هيمنة لفريق عليها ولا وضع يد لاحدهم عليها، والدفاع عنها سيكون بالشراسة نفسها التي تمّ فيها الدفاع عن الحدود البرية من دون مساومة وارتهان».
وكان وفد من مسؤولي شركة «توتال» الفرنسية التي تتولى حفر البئر بواسطة سفينة متخصصة، قد جال أمس على الرؤساء الثلاثة، عون ونبيه برّي وحسان دياب، مع وزير الطاقة ريمون غجر ورئيس هيئة إدارة قطاع البترول وليد نصر، لاطلاعهم على ترتيبات البدء بأعمال الحفر خلال الساعات المقبلة، والإجراءات المتخذة لذلك، شاكراً التسهيلات التي قدمتها الدولة اللبنانية للبدء بالحفر والذي سيستمر نحو شهرين.
ولفت رئيس الشركة الفرنسية في الشرق الأوسط وافريقيا ستيفان ميشال إلى ان عملية الحفر ستتم على عمق يتراوح بين 1500 و2000 متر في عمق البحر، وهي عملية ليست سهلة على الإطلاق، وامر بالغ التعقيد، آملاً ان تسير الأمور بشكل أسرع.
وأعلن نصر ان القاعدة اللوجستية في مرفأ بيروت قد أصبحت جاهزة لتخدم عمليات الحفر إضافة إلى المروحيات في مطار بيروت، كما تمّ تأمين كافة الرخص البيئية المطلوبة، مؤكدا ان الهيئة ستقوم بمتابعة أعمال الحفر بشكل يومي من خلال وجود فريق عمل منها على متن سفينة الحفر، وسيصدر تقرير يومي عن هذه العمليات من قبل الهيئة.
ولفت إلى ان التحضيرات عينها تجري في البلوك رقم 9 الذي ستتم فيه عمليات الحفر في العام الحالي، من دون تحديد تاريخ. (راجع تفاصيل ص 2)
العقوبات الأميركية
وفيما البلد منهمك بأزماته المالية والاقتصادية، والخوف من اجتياح فيروس كورونا بيئة الاجتماعية، خطت الإدارة الأميركية خطوة جديدة باتجاه فرض عقوبات جديدة، استهدفت ثلاثة مسؤولين في «حزب الله» و12 مؤسسة على علاقة بالحزب، ادرجتهم جميعاً على قائمة الإرهاب.
وشملت العقوبات، بحسب وزارة الخزانة الأميركية كلاً من قاسم بزي مسؤول مؤسسة «الشهيد» وجواد محمّد شفيق نور الدين مسؤول عن تجنيد المقاتلين وارسالهم إلى سوريا واليمن، فضلاً عن يوسف عاصي المسؤول عن مؤسسة «اطلس هولدن».
كما شملت العقوبات محطات وقود مملوكة لأشخاص تابعين لحزب الله.
وتضمّنت اللائحة التي نُشرت على الموقع الالكتروني للخزانة الأميركية، شركة أطلس لامتلاكها او إدارتها من قبل مؤسسة الشهيد، المسؤول في الشركة قاسم محمد علي بزي و11 شركة مرتبطة بأطلس منها: شركة MEDIC المعنية بالأدوات الطبية والادوية، شركة شاهد للأدوية، شركة أمانة للوقود، شركة أمانة بلس، الكوثر، شركة أمانة للطلاء والدهان، شركة سيتي للأدوية، شركة غلوبال للخدمات السياحية، شركة ميراث، شركة سانوفيرا للأدوية، شركة كابيتال اضافة الى جواد نورالدين والشيخ يوسف عاصي وهما مسؤولان في مؤسسة الشهيد.
وسارع مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر إلى التأكيد ان «العقوبات الأميركية تسبب ضغطاً كبيراً على حزب الله في لبنان»، كاشفاً: نحضر مجموعة عقوبات على خلفية قانون ماغنسكي في لبنان، وننظر في مجموعة من الأسماء.
وأشار إلى انه «لا يُمكن إلقاء اللوم على الولايات المتحدة في الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، وبالنسبة للأموال المنهوبة واستعادتها هذا أمر نتطلع للعمل عليه مع الحكومة اللبنانية».
وحث حكومة دياب على «المضي إلى الامام في إصلاح حقيقي ومحاربة الفساد واتخاذ خيارات صعبة».
اما مساعد وزير الخزانة الأميركي مارشال بلينغسلي فقد اعتبر في المؤتمر الصحفي المشترك مع شنكر أن «العقوبات لن يكون لها أثر على حصول اللبنانيين على الإمدادت الطبية والأدوية، لكن سيكون لها أثر على تراجع قدرة حزب الله على تهريب أدوية من أماكن مثل إيران وخرق القوانين اللبنانية عبر توزيع أدوية قد تكون ضارة» بحسب قوله.
واتهم بلينغسلي «حزب الله» بأنّه «يحاول السيطرة على الإقتصاد اللبناني بنفس الطريقة التي حاول فيها السيطرة على السياسة في لبنان»، وقال: «الشركات التي فرضت عليها عقوبات لديها حسابات مصرفية في مصرف جمال ترست بنك وربّما مصارف لبنانية أخرى». كما توقع بأن ينخرط مصرف لبنان بطريقة أكثر فعالية لضبط النظام المصرفي اللبناني ضدّ «حزب الله»، كاشفاً أنّ «واشنطن تعتمد على مصرف لبنان وأدواته التنفيذية لضمان أنّ كلّ الأصول المرتبطة بشركة الأمانة والشركات الأخرى المصنفة قد جمدت بشكل دائم». (راجع تفاصيل ص ٢)
رسالة السفيرة ريتشارد
واللافت، ان العقوبات الاميركية جاءت في وقت، كانت فيه السفيرة الأميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد تودع اللبنانيين، برسالة مؤثرة لمناسبة انتهاء مهامها الديبلوماسية، معلنة بكثير من الجرأة وقوفها مع الانتفاضة الشعبية، معتبرة ان «لبنان يقف امام نقطة تحول، حين خرج المواطنون في شهر تشرين الثاني من جميع الطوائف والمناطق إلى الشوارع للمطالبة بالافضل من حكومتهم، وقالت: «انهم على حق، لأنه لا يوجد سبب بأن لا يكون لدى هذا البلد في العام 2020 نظام حديث لإدارة النفايات وكهرباء للجميع 24 ساعة على 24 ساعة و7 أيام في الأسبوع، وكذلك قوة مسلحة واحدة تحت سيطرة الدولة، واقتصاد متنامٍ، معربة، عن اعتقادها بأن النظام في العقود الماضية لم يكن يعمل، وبالتالي هذه فرصة تاريخية للشعب اللبناني لقلب الصفحة».
إصابة ثانية «بالكورونا»
في غضون ذلك، أعلنت السلطات اللبنانية رسمياً أمس، عن تسجيل إصابة ثانية بـ «فيروس كورونا» لسيدة كانت في الطائرة نفسها التي عادت إلى البلاد من إيران في 20 شباط الحالي.
وقالت وزارة الصحة في بيان، انها «سجلت حالة ثانية مثبتة مخبرياً، مصابة بفيروس كورونا المستجد COVID-19 وهي حالة مرتبطة وبائياً بالحالة الأولى.
وأوضح البيان أن «الحالة الجديدة كانت بزيارة دينية إلى إيران دامت 7 أيام، وعادت إلى لبنان بتاريخ 20 فبراير، على متن الطائرة نفسها التي كانت على متنها الحالة الأولى».
ولفت إلى أن الأعراض ظهرت في 24 شباط، وخضعت المريضة للعزل في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، وأن وضعها الصحي مستقر حاليا.
وذكر البيان أنه «سيتم تتبع أفراد عائلتها والمقربين منها يوميا، من قبل فريق وزارة الصحة العامة».
ومن جهته، أوضح مستشفى رفيق الحريري الجامعي في تقريره اليومي، أنه استقبل خلال الـ24 ساعة الماضية 36 حالة في قسم الطوارئ المخصص لاستقبال الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس كورونا المستجد، خضعوا جميعهم للكشوفات الطبية اللازمة، وقد احتاج سبعة منهم إلى دخول الحجر الصحي استنادا إلى تقويم الطبيب المراقب، فيما يلتزم الباقون الحجر المنزلي».
– أجريت فحوصات مخبرية لـ 22 حالة، وجاءت نتيجة 21 حالة سلبية ما عدا حالة واحدة جاءت نتيجتها ايجابية.
– خرجت حالتان كانتا متواجدتين في منطقة الحجر الصحي أمس بعد توصيتهما بالإقامة تحت منطقة الحجر الصحي المنزلي لمدة 14 يوما، حيث تم تزويدهما بكل الإرشادات وسبل الوقاية.
– في منطقة الحجر الصحي يوجد حتى اللحظة 12 حالة، علما أن نتائج المختبر للفحوصات التي أجريت لهؤلاء أتت سلبية.
– هناك حالتان مصابتان بفيروس كورونا المستجد في وحدة العزل وهما في حالة مستقرة وتتلقيان العلاج اللازم».
تجدر الإشارة إلى ان مجموعة من الحراك الشعبي نظمت أمس اعتصاماً امام وزارة الصحة، للتعبير عن رفضهم للاستهتار بصحة اللبنانيين، وطالب المتظاهرون باعتماد سياسة واضحة لدرء الخطر عن الجميع والتشدد بالاجراءات على المطار، فيما رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في تغريدة له على «تويتر» ان تدابير وزارة الصحة منذ بداية الأزمة أقل ما يقال فيها انها «خجولة وبدائية».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
لبنان تحت الحصار الأميركي
تضييق على اللبنانيّين في المصارف الأوروبيّة… وعقوبات «غير مسبوقة»
اقتراح قانون «الحشيشة»: تشريع بلا دراسة جدوى!
بعد العقوبات المحدّدة على بيئة المقاومة في لبنان، انتقل الأميركيون إلى التضييق على اللبنانيّين بشكل عام، ولا سيّما في المصارف الأوروبيّة، بما يشبه الإجراءات التي وضعت على السوريين منتصف عام 2011. في الوقت عينه، هدّدت واشنطن المسؤولين اللبنانيّين بـ«المحاسبة»، بذريعة «مكافحة الفساد»، تزامناً مع عقوبات «غير مسبوقة» على شركات في قطاع الدواء.
لم يكتفِ الأميركيون بالأزمة المالية التي فجّرها تفليس «جمّال ترست بنك» في لبنان، بفعل العقوبات التي فرضوها عليه. بل على العكس من ذلك، يستمرّون في عقوباتهم ويجدّدونها في فترات زمنية متقاربة، آخرها كان أمس على كيانات وشخصيات لبنانية، في إطار حرب الحصار الجديدة المفتوحة على لبنان بعد سوريا وإيران، وعلى العديد من دول العالم.
وفيما كان التركيز الأميركي في ما مضى على بيئة حزب الله اللصيقة، في محاولة لتدفيعها ثمن المواجهة وعزل المقاومة عن حاضنتها الشعبية، بدأ التركيز الأميركي أيضاً يتّسع ليشمل كل اللبنانيين من دون استثناء، هذه المرّة من بوابة البنوك الأوروبية.
منذ سنوات، واللبنانيون الذين يملكون أعمالاً تجارية بين أوروبا ولبنان أو في أوروبا، يتعرّضون للتضييق في ما خصّ فتح الحسابات والتحويلات المالية، وانحصر التضييق عادةً على اللبنانيين من أبناء المذهب الشيعي. وفي الأشهر الماضية، مع انفجار الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد، بدأ عدد كبير من اللبنانيين بنقل أعمالهم إلى الخارج والسعي لفتح حسابات مصرفية في أكثر من دولة أوروبية، وأولها قبرص التي تحظى باهتمام اللبنانيين هذه الأيام، بسبب قربها الجغرافي. وخلال هذه المرحلة، برز أكثر من مؤشّر على وجود تدقيق وتضييق على اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم الدينية والسياسية، وصعوبات كبيرة متعلّقة بفتح الحسابات المصرفية، من دون أن يظهر إلى أين يمكن أن تصل إليه عمليات التضييق تلك.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن قراراً أميركياً واضحاً وُجِّه إلى عدة دول أوروبية، للأميركيين تأثير كبير عليها، وإلى مصارف مركزية، ببدء التعامل مع الشركات اللبنانية واللبنانيين بطريقة مشابهة لتلك التي بدأ التعامل بها مع السوريين والشركات السورية في 2011. وعلى ما تقول مصادر مصرفية مطّلعة على التطوّرات، فإن قراراً صدر عن المصرف المركزي القبرصي بالتضييق على الشركات اللبنانية التي تريد فتح حسابات في الجزيرة على اعتبار أن هذه الشركات تقع ضمن خانة «المخاطر المرتفعة»، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحسابات القديمة والحسابات التي تتعامل بين لبنان وقبرص، بوضع سقفٍ لهذا التعامل. وذكر رجال أعمال لبنانيون ناشطون في قبرص منذ سنوات أنهم واجهوا مصاعب في فتح حسابات مصرفية جديدة لهم. كذلك تحدّثت معلومات عن صعوبات واجهها لبنانيون في دول أوروبية عديدة، كفرنسا وسويسرا وبلجيكا، سواء بالنسبة للحسابات الشخصية او تلك الخاصة بشركاتهم. وتقول المصادر إن «هذه الإجراءات تعني تصنيف لبنان واللبنانيين في الخانة ذاتها التي صنف فيها السوريون والإيرانيون قبلهم»، معتبرةً أن «واشنطن تحضّر لبنان لمستوى أعلى من العقوبات». وأكّد أحد المستثمرين اللبنانيين في أكثر من دولة أوروبية في قطاع السّياحة، أن «من الصعب جدّاً الآن على أيّ لبناني فتح حساب مصرفي في أوروبا، حتى الحسابات القديمة يتمّ تعقّبها»، مضيفاً إن «البنوك الأوروبية تطلب أحياناً من سفارات دولها في بيروت معلومات عن الأشخاص الذين يطلبون فتح الحسابات».
عقوبات وتهديدات
وبرز أمس، بعد إعلان الخزانة الأميركية لائحة عقوبات جديدة على مؤسسات ومواطنين لبنانيين، شمول العقوبات هذه المرة مؤسسات تعنى بالدواء والاستشفاء. إذ لم يتوقّف الأميركيون عند العقوبات القديمة الموضوعة على «مؤسسة الشهيد» القريبة من حزب الله، بل أدرجوا أمس مجموعة «أطلس القابضة» التابعة لها، ثم أدرجوا الشركات التابعة لأطلس، ومن بينها الشركة الدولية للأدوية والمعدات الطبية (ميديك) و«شاهد فارم» و«سيتي فارما ش.م.ل» وشركة «سانوفيرا فارم» بالإضافة إلى شركات ومؤسسات أخرى تعنى بالسياحة والتجارة؛ من بينها شركة الأمانة للمحروقات.
القرار الأميركي بمعاقبة شركات تعمل في قطاع الدواء يُعدّ ارتقاءً في مستوى العقوبات الأميركية على لبنان. إذ إن واشنطن تعمّدت سابقاً عدم فرض عقوبات على مؤسّسات طبيّة واستشفائيّة ودوائيّة وتربويّة، بذرائع «إنسانيّة». ولقرارها أمس بُعدان: الأول سياسي، ويعني توجيه رسالة «عنيفة» تؤشر إلى المدى الذي يهدّد الأميركيون بإمكان الوصول إليه. أما الثاني، فاقتصادي، ومتّصل بمنع الشركات اللبنانية من اللجوء إلى الخيارات البديلة من الخيارات الغربية في التجارة، والتي يمكن أن تخفف من الأعباء الاقتصاديّة عن لبنان. ويكتسي القرار معنى أكثر وضوحاً مع التهديدات التي وجّهها مسؤولان أميركيان إلى السياسيّين اللبنانيّين، بفرض عقوبات عليهم بذريعة «مكافحة الفساد»، على أن تشمل هذه العقوبات شخصيات من خارج حزب الله، ومن «مختلف المذاهب والطوائف والقوى السياسية». ففي المؤتمر الصحافي المشترك بين وزارتَي الخزانة والخارجية الأميركيّتين، الذي عقد في واشنطن، أمس، بحضور مساعد وزير الخزانة الأميركي مارشال بلينغسلي ومساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، أعلن عن العقوبات، بمنسوب مرتفع من التهديد. بلينغسلي، المعروف بـ«سفّاح المصارف» في لبنان منذ تفليس «جمّال ترست بنك»، زعم أن «العقوبات لن يكون لها أثر على حصول اللبنانيّين على الإمدادات الطبيّة والأدوية، ولكن سيكون لها أثر على تراجع قدرة حزب الله على تهريب أدوية من أماكن مثل إيران وخرق القوانين اللبنانيّة عبر توزيع أدوية قد تكون ضارّة». واتّهم حزب الله بأنه «يحاول السيطرة على الاقتصاد اللبناني بالطريقة نفسها التي حاول فيها السيطرة على السياسة في لبنان».
وتوقّع أن «ينخرط مصرف لبنان بطريقة أكثر فعاليةً لضبط النظام المصرفي اللبناني ضد حزب الله»، مؤكّداً أن «واشنطن تعتمد على مصرف لبنان وأدواته التنفيذية لضمان أن كل الأصول المرتبطة بشركة الأمانة والشركات الأخرى المصنّفة قد جمّدت بشكل دائم». وفي تهديد واضح للمسؤولين اللبنانيين تحت عنوان «مكافحة الفساد»، أكّد بيلنغسلي أنّ «الولايات المتحدة تعتزم محاسبة المسؤولين السياسيين إذا استمر الوضع على ما هو عليه، وعلى الحكومة اللبنانيّة أن تتحرّك بسرعة لمعالجة مخاوف المجتمع الدولي من الفساد المستمر في لبنان».
أما شينكر، الذي كان من المفترض أن يزور لبنان قبل أشهر لمتابعة ملف الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، فتابع هجوم زميله، زاعماً أن «حزب الله يستغلّ النظام المصرفي في لبنان وسنحاسبهم على ذلك. حزب الله منظّمة تزدهر وتستمرّ استناداً إلى الفساد، إنها منظمة إرهابية مندرجة وسنتخذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تمكّنها من جمع الأموال وتشغيل المؤسسات بشكل حرّ على الأراضي اللبنانيّة أو في أيّ مكان آخر في العالم». وقال شينكر إن «الفساد ومقاومة الإصلاح ليسا فقط من اختصاص حزب الله، بل هناك مجموعات أخرى بين مختلف المذاهب والطوائف والأحزاب السياسية التي تعارض الإصلاح وانخرطت في أعمال الفساد»، مضيفاً إن «أسباباً عدّة أدّت إلى الوضع المالي الحالي، و«كلّها نتيجة قرارات لبنانية اتّخذها سياسيّون لبنانيّون والقطاع المصرفي».
من جهتها، أكّدت السفيرة الأميركية السابقة في بيروت، إليزابيت ريتشارد، في زيارة وداعية لقصر بعبدا، بعد لقاء الرئيس ميشال عون، أن «لبنان يقف أمام نقطة تحوّل».
اقتراح قانون «الحشيشة»: تشريع بلا دراسة جدوى!
بعد سحب ملف تشريع «القنب» من التداول لفترة، عادَ اقتراح القانون الى الواجهة إثر إقراره في اللجان النيابية يومَ أمس بإجماع الكتل النيابية، ما عدا كتلة «الوفاء للمقاومة» التي «لم تجِد أي جدوى إقتصادية منه» (تقرير ميسم رزق).
لبنان خامس مُنتِج للحشيش في العالم، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات. هو اليوم بصدَد فتح الطُرق القانونية أمام زراعة القنب «لأغراض علاجية» بعدما أقرت اللجان النيابية المشتركة برئاسة نائب رئيس مجلس النواب ايلي فرزلي أمس إقتراح القانون الرامي إلى تنظيم هذه الزراعة، لتحويله الى الهيئة العامة.
التوجه نحو قوننة هذه الزراعة أتى بتوصية صدرت عن شركة «ماكينزي» للإستشارات الإقتصادية، بعدَ إشارتها إلى أهمية الإستفادة من الحشيش لتحقيق أرباح إقتصادية لدعم الموازنة. يومَها، فتحت هذه التوصية «شهية» كُثر للإستفادة من قطاع جديد، خمّن البعض بأنه سيدرّ أموالاً بالملايين. لكن بالمُقابِل، أبدى كثر مخاوفهم من عواقِب هذه الخطوة، والمُرتبطة بالدرجة الأولى بانعدام الثقة بقدرة الدولة على حصر التشريع بالغايات الطبية، ومن ثمّ استفادة فئة صغيرة ونافذة من التشريع، بدلاً من تعميم الفائدة على البلد بأكمله، وتحديداً منطقة البقاع. ناهيك عن أن ثمة من يعتقد بأن البلاد قبل تشريع «القنب» تحتاج الى تنمية زراعية متطورة ومدروسة، وهو ما تقوم به الدول التي «نحاول استنساخ تجربتها في زراعة القنب»، حيث تدخل هذه الزراعة من ضمن سياسة زراعية متكاملة، وليسَ كاقتراح مرتجل.
لم يكُن عبور الإقتراح سهلاً في اللجنة الفرعية المُكلفة دراسة زراعة القنب، والتي انبثقت عن جلسة اللجان النيابية المشتركة في تشرين الأول 2018. وقد عقدت هذه اللجنة أكثر من سبع عشرة جلسة، إضافة إلى قيامها بورشة عمل حضرها مُعظم النواب والمختصين. وقد خلُصت اللجنة إلى صياغة نهائية بعدَ تعديلات أجرتها وهي كثيرة أبرزها: عدم إنشاء مؤسسة أخرى على غرار «الريجي»، بل تشكيل «الهيئة الناظمة لزراعة نبتة القنب» التي ستنشأ بموجب القانون وتخضع لوصاية رئاسة مجلس الوزراء، بعدَ أن كان فريق يريد جعلها خاضعة لوصاية وزارة الزراعة وآخر لوزارة الصحة.
وتكون الهيئة مسؤولة عن إعطاء الرخص والمراقبة (استيراد البذور والشتول، انشاء مشاتِل القنب، الزرع والحصاد، التصنيع، إنشاء مراكز الأبحاث والمختبرات، التصدير، النقل والتخزين والبيع والتوزيع واستيراد المواد الكيميائية). وهذه التراخيص يُمكن أن تطلبها شركات لبنانية مجازة لصناعة الأدوية من قبل وزارة الصحة العامة، وشركات صناعية مجازة من وزارة الصناعة لصناعة الألياف للإستعمال الصناعي، والتعاونيات الزراعية المُنشأة أصولاً في لبنان، وأي مزارع أو مالك أو مُستأجر لبناني «تتوافر فيه الشروط»، وشركات اجنبية متخصصة بهذا المجال زراعة وصناعة او تخزينا او تصديراً او تسويقاً».
وخضعت مواد اقتراح القانون المتعلقة بالترخيص الى تعديلات كثيرة، إذ باتَ يحقّ للهيئة قبول طلب الترخيص أو رفضه، ويعتبر الطلب مقبولاً في حال عدم البت به خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه. وينتهي العمل بالترخيص بانتهاء مدته المحددة، ويعود للهيئة أن تأذن للورثة بمتابعة النشاط. وعلى الهيئة اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع الإحتكار والإغراق في السوق. ولحظت اللجنة دعم الجمعيات الأهلية التي تعنى بقضايا المخدرات وتأهيل المدمنين ومساعدتهم على اعادة دمجهم في المجتمع، على أن تضع الشركات المعنية المساهمة المالية السنوية المحددة في صندوق ينشأ خصيصاً للهيئة.
فورَ بدء الجلسة أمس، طلب النائب عن كتلة «الوفاء للمقاومة» حسين الحاج حسن الكلام بالنظام، وأبدى ملاحظاته على الاقتراح، قبل انسحاب الكتلة «لارتباط نوابها بنشاط خارج المجلس» كما قالت مصادر الجلسة. الحاج حسن الذي كانَ مكلفاً من قبل الكتلة بمتابعة مسار هذا الملف في اللجنة الفرعية، طرحَ عدداً من الأسئلة التي ركّزت على «الجدوى الإقتصادية»، لا سيما أنه «لم يسمع أجوبة واضحة من اللجنة الفرعية في ما يتعلّق بمساحة الأرض التي ستزرع وحجم المحصول وكلفة الإنتاج ومبيعه»، والأهم «كوتا» لبنان من هذه الزراعة، خصوصاً أن هناك نسبة محددة لكل بلد شرّع هذه الزراعة. موقِف حزب الله من تشريع زراعة «القنب» كانَ واضحاً منذ بداية طرحه، وقد خرج أمس ليعلن تحفظه على التشريع لأي دواعٍ، فوجهة نظره تختلف عن وجهات نظر الآخرين إذ يعتبر نوابه أن «لا جدوى إقتصادية من هذا التشريع»، خاصة أن «أحداً من النواب المشاركين خلال جلسات اللجنة الفرعية لم يقدم أرقاماً محددة»، كما أن «اقتراح القانون لم يأتِ مرفقاً بأي دراسة».
يُقر النائب عن كتلة «الجمهورية القوية» أنطوان حبشي الذي كانَ قد تقدّم باقتراح قانون معجل «لوضع ضوابط قانونية لتشريع زراعة الحشيشة» بعدم وجود «دراسة محددة بالمعنى الضيق»، لكنه «ينطلق من الواقِع الحالي للتأكيد على جدوى هذا التشريع». ويقول في اتصال مع «الأخبار» إن «المزارعين اليوم هم من يخسرون لأن تصريف بضاعتهم محدود بعدد من التجار الذين يشترون منهم بأسعار بخسة. وفيما يجني المزارع من دونم الحشيشة ما بين 600 أو 700 دولار أميركي، فالأكيد أنه سيجني أكثر من ذلك حين تكون هناك زراعة طبّية وتنوجد شركات خاصة تشتري منه الإنتاج». ويتحدث حبشي عن «دافعَين أساسيين سيجعلان من لبنان وجهة للشركات الكبيرة، يتعلقان بالكلفة والنوعية. ففي كندا على سبيل المثال تصل كلفة إنتاج الغرام الى دولار واحد، وفي دول أوروبا أكثر من نصف دولار، بينما ستكون التكلفة في لبنان ما بين 18 و20 سنتاً. بالإضافة إلى العوامل الطبيعية. فطبيعة المناخ والأرض والتربة في بعلبك – الهرمل تناسب هذا النوع من الإنتاج وتزيد من مستوى جودته، وهذا ما سيجعل لبنان واحداً من الدول المنافسة في الكلفة والإنتاج». وأشار حبشي إلى أنه «منذ بدء التداول بهذا الملف تلقى عدد من نواب اللجنة اتصالات من شركات أميركية وكندية وصينية أبدت اهتمامها بهذا القطاع».
وأبدت مصادر مطلعة على الملف ملاحظات عدة، أشارت من خلالها إلى أن «التشريع لا يلبي حاجة التنمية في منطقة البقاع، لأن حصر الإستعمال بالحاجات الطبية سيؤدي إلى خفض السعر، إذا لم تعُد هناك من قيود على هذه الزراعة». ولفتت المصادر إلى «مشكلتين أساسيتين: الأولى تتعلق بحجم الإستهلاك، إذ إن تشريع الإنتاج يعني تشريع صناعات طبية لن تكون لها سوق كبيرة، وهي ستكون محصورة بجهات محددة تحصل على رخصة مسبقة، أي أنها لن تشمل جميع المزارعين، وبالتالي فإن هذه الزراعة هي حلّ جزئي وليس حلاً متكاملاً. والثانية أن الإستخدام الطبي يعني إنتاج كميات محددة للأدوية المخففة للآلام»، وهذا يقود الى الإستفسار عما إذا كانت هذه الزراعة ستجِد شركات أجنبية تتهافت لاستيرادها، خاصة أن مثل هذه الشركات تضع شروطاً صعبة. فبالإضافة إلى أنها لا تستورد الا الكميات التي تحتاجها، تتأكد قبلَ أي شيء من خلوّها من أي مواد ملوثة. أما في ما يتعلّق باقتراح القانون، وعلى الرغم من «إيجابية» انشاء هيئة ناظمة، لفتت المصادر إلى أن المهم «هو التأكد من آلية التعيين التي يجب أن تخضع لمعايير الكفاءة والمهنية لا المحاصصة السياسية كما جرت العادة». وتجدر الإشارة إلى أن القنّب المستخدم لاغراض طبية يختلف جذرياً عن «الحشيشة» التي تُزرع بهدف الاستهلاك الترفيهي، والتي يحظر القانون زراعتها وتعاطيها كونها من المواد المخدّرة.