وصلت الأمور "إلى حدّها" بين التيار الوطني والحزب التقدمي، قبل أن تتراجع مع ظهور بوادر صدام بين أنصارهما في بلدة فالوغا بالمتن الأعلى. تغريدات زعيم المختارة وليد جنبلاط هي السبب المباشر. لكن الطرفين قلوبهم مليانة من بعضهم انتخابياً ووزارياً و"نزوحياً" (من النازحين) وطائفياً (من الطائف). أوحت بعض الصحف بأن جنبلاط "يبيع" السعودية ضد الرئيس ميشال عون، لأنه عاجز أو لا يريد السير في مشروعها التخريبي ضد المقاومة ومحورها المتعاظم. فيما بعض الآراء تحدثت عن رغبته بشد "العصب الدرزي" من حول ولده الوريث النائب تيمور. في هذه الأجواء تصل انجيلا ميركل مستشارة ألمانيا، وقالت الصحف إن "هديتها" إلى بيروت هي قرض بنصف مليار يورو، وأن المسؤولين سيواجهونها بتصرفات سفيرها غير اللائقة مع الحكومة اللبنانية …
الجمهورية
تأرجُح بين التأليف المُعطَّل و«حرب التغريدات»… وشطب أسماء من مرسوم التجنيس
إذا ما صدقت وعود ما قبل عيد الفطر، يفترض ان يتمّ تشغيل المحرّكات الحكومية، ويتلقى فريق التأليف جرعة منشطات سياسية تزخم عملية توليد الحكومة وتخرجها من مغارة العقد والمطبّات التي تعطل هذه الولادة على مدى نحو شهر. وينتظر ان يشكّل هذا الاسبوع فترة اختبار نيّات حقيقية لكل الاطراف، يتبيّن خلالها خيط التسهيل من خيط التعطيل، ويتأكد ما اذا كانت مواقفهم العلنية بتسهيل التأليف صادقة ولها ترجمتها الحقيقية على أرض الواقع، او مواقف كاذبة او مقنّعة تخفي حقيقة توجه هؤلاء الى التعطيل. وكان اللافت في هذا السياق ما قاله البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من انّ «نزاعات المسؤولين السياسيين تزعزع الحياة الوطنية، وتعرقل نموّها»، ودعاهم «الى الحفاظ على الوحدة الوطنية وتجنّب النزاعات الحادة، والإساءات المتبادلة، والتراشق بالتهم، لئلّا يؤدي هذا النهج السيئ إلى إلحاق مزيد من الضرر في حياة المواطنين وسير المؤسسات العامة، وإلى نشر ثقافة الخلافات والتعدي على الكرامات وفقدان الاحترام، وإلى تلاشي القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية في المجتمع».
لم تمض عطلة العيد على خير سياسي، بل تحولت بشكل مفاجىء الى منصة حربية أشعلت «حرب التغريدات» بين «التيار الوطني الحر» والحزب التقدمي الاشتراكي، تبادل فيها الطرفان نيراناً سياسية قاسية وزخّات من الاتهامات والاوصاف العنيفة، رفعت العلاقة المتوترة أصلاً بينهما الى مستوى عال من التوتر، قبل ان تخفف من وطأتها وتحد من اتساعها وساطات «سُعاة الخير»، ولكن من دون ان يتمكن هؤلاء من إطفاء الجمر الذي ما يزال تحت رماد قصر بعبدا ودار المختارة، والذي يُنذر باشتعال متجدد في اي لحظة، نظراً الى عمق التباين بين الطرفين، واحتدام الاشتباك بينهما على خط التأليف وما يتصل بالتمثيل الدرزي في الحكومة.
ما جرى صبيحة العيد عَكّر المزاج السياسي بشكل عام، وألقت تغريدة النائب السابق وليد جنبلاط حول «العهد الفاشل»، وردات الفعل القاسية التي قابلتها، جمرة على الحلبة السياسية، واضافت مزيداً من الارباك والغموض على خط التأليف «المجمّد» بلا اسباب معلنة، وهددت بإعادة خلط الاوراق الداخلية ورسمت علامات استفهام حول موجبات إشعال الجبهة السياسية في هذا الوقت بالذات، وكذلك حول المستفيد من هذا التأزيم الذي عبّرت مستويات سياسية رفيعة المستوى، عبر «الجمهورية»، عن خشيتها من وجود محاولة لإدخال البلد في ازمة سياسية يصبح معها تأليف الحكومة أكثر استعصاء.
وعلمت «الجمهورية» انّ خراطيم إطفاء الازمة المتجددة بين بعبدا والمختارة، جرى مَدّها من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر اتصالات في اتجاهات مختلفة سعياً لنزع فتيل التفجير السياسي، وكذلك من قبل الرئيس المكلّف سعد الحريري الموجود خارج البلد، عبر اتصالات مماثلة خصوصاً مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقيادة «التيار الوطني الحر» وجنبلاط. وكان للوزير غطاس خوري دور في هذا المجال. كذلك اتصل الحريري بالوزير علي حسن خليل ودعاه الى الانتظار ليكتمل عقد حضور المعنيين بمرسوم تعيين القناصل الفخريين لتسوية مسألة توقيعه على المرسوم، خصوصاً انّ وزير الخارجية جبران باسيل كان خارج لبنان وسيعود مساء اليوم الى بيروت. وتوازت حركة الاتصالات هذه مع حركة اتصالات تبريدية غير معلنة بين «حزب الله» و«التيار» وأطراف سياسية اخرى.
في هذا الوقت، تضج الأوساط السياسية بكلام كثير متناقض حول اسباب داخلية تعطيلية للتأليف، وكذلك خارجية. بالتزامن مع حركة خارجية تصبّ في السياق الحكومي، حيث ذكرت مصادر ديبلوماسية غربية لـ«الجمهورية» انّ باريس فاتحَت الرياض في مسألة المفاوضات الجارية لبنانياً لتأليف الحكومة، غير انه لم يتم تبنّي وجهة النظر الفرنسية المبنية على تَمنّ داخلي لبناني، وهذا الامر سيكون له ترجماته علماً انّ «التيار الوطني الحر» ربط موقف جنبلاط وانتقاده «العهد الفاشل» منذ اللحظة الاولى»، بزيارة الاخير الى السعودية.
بري
وقالت مصادر رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الجمهورية»: «انّ الضرورة باتت تحتّم تشكيل الحكومة في اقرب وقت، وعدم تضييع اي دقيقة في هذا السبيل، علماً انّ بلدنا على حافّة هاوية والاقتصاد يُنذر بمخاطر كبرى قد لا يستطيع البلد ان يتحمّلها. دعونا ننصرف الى التأليف، وعدم إدخال البلد في اي تقاصف سياسي او غير ذلك».
«المستقبل»
وعبّرت اوساط تيار «المستقبل» لـ«الجمهورية» عن أملها في أن يسود الوئام مجدداً على خط بعبدا ـ المختارة، مُستبعدة في الوقت نفسه ان يؤثر ذلك على مسار التأليف الذي رسمه الرئيس المكلّف، ويفترض ان يتبلور اكثر في الايام المقبلة. ووصفت «الكلام عن تأخير متعمّد من الحريري في التأليف، بكلام سخيف لا يمتّ الى حقيقة الامر بصِلة، ولا الى العمل الدؤوب الذي يقوم به الحريري وسيستكمله مع عودته الى بيروت فجر اليوم في سبيل توليد حكومته في أقرب وقت».
وفي هذه الأجواء كشفت مصادر مواكبة لحراك الحريري لـ«الجمهورية» انّ الرئيس المكلّف قام بزيارة تهنئة بعيد الفطر الى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وقد حضر الى السعودية آتياً من موسكو برفقة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على الطائرة الأميرية، عقب انتهاء حفل افتتاح المونديال ومباراة روسيا والسعودية.
سبب التعطيل
وفي هذا المجال، أوحى مسؤول كبير لـ«الجمهورية» وكأنّ سبب تعطيل التأليف خارجي، ولكن من دون ان يحدّد مصدره او هويته. وقال: «بحسب معلوماتي لا يوجد قرار بالتعطيل من الداخل، وإن كانت مطالبات القوى السياسية بالنسبة للحكومة فيها شيء من التعجيز، والمطالبات أمر طبيعي يحصل دائماً في بازار التأليف حيث تحاول القوى السياسية رفع سعرها وحصّتها في الوزارات ونوعيتها. كلّ ذلك لا يمكن اعتباره عاملاً تعطيلياً من الداخل، وعدم وجود هذا العامل يجعلنا نفترض انّ سبب التعطيل خارجي».
ورداً على سؤال حول «المعطّل الخارجي»، قال: «لا توجد معلومات يقينية حتى الآن حول هذا الموضوع، ولكننا لا نرى جديّة خارجية حقيقية في تشجيع اللبنانيين على تشكيل حكومة. وفي اي حال، عودة الرئيس الحريري وحركته المرتقبة هي التي ستحدّد الخيط الابيض من الخيط الاسود، وثمّة إشارات اطلقها أخيراً حول نيّته بتزخيم حركة التأليف بعد العيد».
هدنة هشّة
وفي وقت بَدا انّ الامور بين بعبدا والمختارة دخلت في اتفاق غير معلن لإطلاق النار، الّا انّ الصورة الميدانية لـ«التيار» و«الاشتراكي» تَشي بـ«هدنة هشّة»، خصوصاً أنّ الطرفين على سلاحيهما، فضلاً عن انّ العقدة الدرزية، التي كانت إحدى مسبّبات الاشتباك، ما تزال على حالها حيث يتمسّك الطرف العوني في توزير النائب طلال ارسلان فيما يتشدّد جنبلاط في المقابل بمطلبه بالحصول على الحصة الدرزية «الثلاثية» كاملة في الحكومة، ووضع فيتو على تواجد إرسلان تحديداً في الحكومة «لانتفاء المعيار الميثاقي في توزيره».
وقالت مصادر إشتراكية لـ«الجمهورية»: «انّ الحزب التقدمي لم يكن البادىء في الاشتباك مع «التيار»، بل انه كان دائماً في موقع المتلقّي للسهام والافتراءات ومحاولات التحجيم من قبل بعض الرؤوس الحامية في تيّار جبران باسيل. وفي اي حال، قرارنا ألّا نسكت، وألّا نسمح لأي محاولة من هذا النوع لأن تمرّ على حسابنا او تتجاوزنا وتقفز فوق حضورنا وحجمنا. قلنا ما لدينا ولا تراجع عنه، خصوصاً في ملف التأليف، حيث كشفوا عن حقيقة توجههم وتبيّن انّ هناك من يريد إحراجنا لإخراجنا، ونؤكد مجدداً انهم لن يتمكنوا من ذلك، خصوصاً أولئك الذين يحاولون التفرّد بالبلد وقيادته نحو الوجهة التي يريدونها، ومحاولة تصغير أحجام وإلغائها وتكبير أحجام غير موجودة اصلاً، فقط لأنّ اصحاب هذه الاحجام الصغيرة صاروا من التابعين لهم».
كنعان
في المقابل، اكد امين سر تكتل «لبنان القوي» النائب ابراهيم كنعان لـ«الجمهورية» انّ «إطلاق النار على رئيس الجمهورية لم يتوقف لا بل تصاعَد، وإن أخذ اشكالاً وعناوين مختلفة، لكنّ الهدف واحد وهو شلّ حركة الرئيس وإدخال العهد في مرحلة من المراوحة القاتلة تحدّ من قدرته على مواجهة الاستحقاقات الخارجية والداخلية، ومنها ملف عودة النازحين السوريين وتأليف الحكومة والشروع بالاصلاحات الضرورية دولياً بعد موتمري روما وباريس، وداخلياً بعد الانتخابات النيابية الاخيرة. وهذا بالطبع لا يخدم اي مصلحة لبنانية، بل يريح البعض في الداخل والخارج ويشتّت الانظار عن الاولويات الوطنية التي سعى لها لبنان وحقّق بعضها بعد الانتخابات الرئاسية».
وشدّد كنعان على «انّ الردّ الوحيد المجدي بوجه هذه المحاولات القديمة – الجديدة يبقى بتأمين اكبر مروحة ممكنة من الاجماع اللبناني على مطالبة المجتمع الدولي بعودة النازحين الى بلادهم، كذلك على الشروع فوراً بتأليف الحكومة من خلال اعتماد معايير ديموقراطية واحدة للجميع، ما يقطع الطريق أمام المتضررين داخلياً وخارجياً من التسوية اللبنانية والحلّ اللبناني فينجح العهد كما هو حاصل حتى الآن، ويفشل المبشّرون بالفشل، وهذا ما سيحصل في الأيام القليلة المقبلة».
«لبنان القوي»
بدورها، أبدت مصادر تكتل «لبنان القوي» لـ«الجمهورية» اعتقادها بأنّ التأليف يفترض ان يأخذ طريقه الى الحسم الاسبوع المقبل. وجَدّدت موقف «التكتل» المعلن «بعد خلوة زحلة، والرافض منطق عزل اي طرف، وتمثيل الجميع وفقاً لاحجامهم النيابية». وقالت: «لذلك، على الحزب التقدمي الاشتراكي الإقلاع عن ممارسة الابتزاز السياسي بهدف احتكار الساحة الدرزية بإقصاء النائب طلال ارسلان، كذلك على «القوات اللبنانية» ان توازن تمثيلها بحجم كتلتها النيابية، فاعتماد معيار واحد للتأليف يسقط الاستنسابية الّا اذا كان هناك أجندات اخرى لا علاقة لها بالحكومة».
«القوات»
من جهتها، اوضحت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انّ المفاوضات ستُستأنف بزخم وباندفاعة متجددة هذا الاسبوع، وقالت: «العقد باتت معروفة ومحددة، وكل القوى السياسية تدرك أنّ تأخير التأليف سيؤدي الى نشوب أزمات سياسية تعقّد الوضع فيما الجميع يستعجل التأليف». واعتبرت «انّ الكلام عن تأخير متعمّد ومقصود لا اساس له من الصحة، والرئيس المكلف لا يزال ضمن الفترة الطبيعية للتأليف، وهو يبذل اقصى جهده بغية تشكيل الحكومة العتيدة، إنما لا يمكن الاستهانة بحجم العقد الموجودة على رغم انها محددة ومعلومة، لكنها تستلزم اتصالات ومشاورات ولقاءات، الأمر الذي يحصل ويتم، و«القوات» على بَيّنة من هذا الامر من خلال تواصلها مع الرئيس المكلف ومع رئيس الجمهورية. لذلك، تبادل الافكار حاصل والعقد لم تعالج نهائياً بعد، إلّا أنّ هناك تفهّماً لرؤية «القوات» ولوزنها داخل الحكومة، إن على مستوى رئيس الحكومة او على مستوى رئيس الجمهورية. فالامور تتقدم بشكل ثابت، وهناك بعض التفاصيل التي نعمل على متابعتها. لا يمكن القول انّ كل شيء انتهى، ولكن لا يمكن القول انّ الطريق مقفلة، فالأمور تسير بشكل جيد، رغم انّ الصورة العامّة قد تبدو للبعض معقدة. إنما الاتصالات وراء الكواليس تجري على قدم وساق رغم عطلة العيد، والمشاورات قائمة على امل ان تتوضّح الصورة أكثر فأكثر في الاسبوعين المقبلين».
ملف النازحين
وفي هذه الاجواء، ظل ملف النازحين السوريين ضاغطاً، واستبعدت أوساط مراقبة معالجته من دون وجود حكومة، نظراً الى الحساسيات القائمة بين الاطراف الاقليمية، ونظراً لكون هذا الملف ليس له بعد سوري ـ لبناني فقط إنما بعد طائفي في لبنان.
وعلمت «الجمهورية» انّ سفراء الدول المانحة أبلغوا الى الدولة اللبنانية بأنّ مفعول قرارات مؤتمر «سيدر» غير مفتوحة في الزمن، ولا بد للبنان ان يشكّل حكومة متوازنة يرتاح اليها المجتمع الدولي لكي يأخذ المؤتمر مفعوله في الاشهر المقبلة، خصوصاً انّ البنك الدولي وضع اكثر من تقرير حول خطورة الوضع الاقتصادي في البلاد، وينتظر الاصلاحات لكي يمدّ لبنان بالهبات والقروض.
ابراهيم لـ«الجمهورية»
في سياق متصل، لاحظ المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم «انّ هناك إقبالاً لدى شريحة واسعة من النازحين السوريين على العودة»، مرجّحاً «ان تكبر العودة تباعاً ككرة ثلج ستتدحرج على رؤوس اصحاب المصالح ممّن يحاولون تعطيل هذا المسار». وكشف في سياق آخر انّ «الأمن العام سينجز هذا الاسبوع مهمة التدقيق في الاسماء الواردة في مرسوم التجنيس، وحصيلة المسح حتى الآن تُظهر انّ أسماء عدة مُنحت الجنسية يجب ان تُشطب لأسباب أمنية وقانونية». (راجع ص 5)
الأخبار
حرب جنبلاط على العهد
سيل راس بعلبك: رائحة فساد تفوح من المجرى!
ثمّة حسابات جديدة عند وليد جنبلاط، تدفعه إلى شبه قطيعة مع ميشال عون. بعد أشهر من المناكفات، اختار جنبلاط الهجوم أفضل وسيلة للدفاع، في وجه عهد عون، مختصراً رؤيته بأنه «عهد فاشل من أول لحظة»، وهو يستجمّ في السويد. أبعد من الحرب مع عون، يذهب جنبلاط في تقديم مقاربة «لا تخدم جهود حلّ ملف النازحين السوريين»، حسب خصومه (مقال فراس الشوفي).
سلّف النائب السابق وليد جنبلاط عهد الرئيس ميشال عون حين اقترع لمصلحته في انتخابات الرئاسة من دون تفاهمات مسبقة، ثم خاض العهد في وجهه انتخابات نيابية مفصليّة، تلتها محاولات لتوزير النائب طلال أرسلان. الآن، يجد جنبلاط أن مصلحته في شدّ العصب الدرزي، أثمن من العلاقة مع العهد.
يعرف جنبلاط جيّداً كيف يحوّل التهديد إلى فرصة. بتغريدة واحدة، فاقم الصراع مع عون، وفتح سجالاً كلاميّاً كلّما زاد العونيون حدّته، تكتّل الدروز الجنبلاطيون حول زعيمهم، واستقطبوا من الشريحة الرمادية. غير أن السجال وصل الى مراحله الخطيرة في نهاية الأسبوع، بين مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحرّ على مواقع التواصل الاجتماعي، وكاد ينتقل التوتّر إلى الشارع في المتن الأعلى، حيث تبرز «جماعة الرؤوس الحامية» في الفريقين، أكثر من مناطق التماس الأخرى في الشوف وعاليه. ولأجل ذلك الخطر، جاءت التهدئة في البيان الذي صدر عن «التيار» وعن «الاشتراكي» في منطقة بعبدا ليل السبت ــــ الأحد الماضي، من دون تدخّل وسطاء، في «هدنة» مرحلية من صراع مفتوح، يصعب التحكم به، وخصوصاً إذا تشابكت تطوّرات الداخل اللبناني وتحوّلات الإقليم.
لا يمكن الفصل بين مواقف جنبلاط الأخيرة، حيال العهد (قال إنه «فاشل من أول لحظة») ثم حيال ملفّ النازحين السوريين، وبين زيارته الأخيرة للسعودية، والعلاقة الجديدة مع حزب الله، التي انتقلت من درجة التواصل الأمني ــ السياسي على مدى السنوات العشر الماضية، إلى مرحلة التفاهم، وبقنوات وخطوط اتصال سياسية جديدة.
داخلياً، يحاول جنبلاط بخطواته التصعيدية تسجيل النقاط، وأولاها تحضير الأرضية في الطائفة لتوريث النائب تيمور جنبلاط، في سابقة انتقال سلس، بعدما اعتادت الزعامة وراثة «الدم»، على الأقل في الأعوام المئة الأخيرة. ولا يهمل جنبلاط قطع الطريق على عون في «الجبل الدرزي»، عبر شدّ العصب ذاته، وفي تأكيده على رفض أي تمثيل للدروز في الحكومة من خارج العباءة الجنبلاطية.
العلاقة مع السعودية مصيرية بالنسبة الى جنبلاط. فهي تحميه من تحمّل عبء مبعدين دروز من الخليج في حال القطيعة مع المملكة، يرفدون الكثير من عائلاتهم في الجبل بمال الاغتراب، ويؤمنون الحدّ الأدنى من الدورة الاقتصادية. وفيما يطمح جنبلاط إلى استئناف الدعم المالي السعودي، يريد أن يطوّق الرئيس سعد الحريري بالعلاقة مع السعودية، لضمان دعم الأخير له إذا أصرّ عون على توزير أرسلان عن أحد المقاعد الدرزية الثلاثة في الحكومة.
وعدا عمّا يراه جنبلاط خطر الاصطدام بـ«المجتمع الدولي» إذا استمر لبنان في المواجهة مع المفوضية العليا للاجئين في ملفّ النازحين السوريين، تفرض الأجندة السعودية نفسها عليه، وعلى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي اضطر إلى «مسايرة» موقف عون حيال قضية النازحين، بعد التماس نبض الشارع المسيحي، وتأييده مواقف رئيس الجمهورية.
في أجواء الزيارة السعودية، كلامٌ كثير عن ضرورة مواجهة جنبلاط والحريري لحزب الله في الداخل اللبناني، على وقع الصراع السعودي المفتوح ضد الحزب في الإقليم. وجنبلاط، يفهم جيّداً مخاطر تنفيذ الأجندة السعودية بحذافيرها. فحين يهاجم رئيس «الاشتراكي» الرئيس السوري بشار الأسد وعون بهذه الحدّة، يُفهم موقفه هروباً إلى الأمام تفادياً للهجوم على حزب الله، الذي ساهم إلى حدٍّ كبير في حماية موقعه، وضبط هجوم عون عليه. ووقفة الحزب إلى جانب جنبلاط، ليست حرصاً على موقع الدروز في النظام اللبناني فحسب، بل لحسابات كبرى، متصلة بدور الدروز في الإقليم، من السويداء إلى الجولان وفلسطين المحتلة.
يبقى السجال حول النازحين السوريين في لبنان الفخّ الأكبر. ثمّة من يريد لبنان أُردنَ آخر، مع ملفّ النازحين التفجيري، لاستمرار الضغط على حزب الله والأسد، وتشكيل تحوّل ديموغرافي ملموس. ومفصل النازحين، بمعزلٍ عن ماهية الموقف اللبناني منه، يصبح خطراً جدياً داهماً متى ينقسم الموقف اللبناني حوله بشكلٍ حاد، مثلما بدأت ملامح الانقسام الآن بالبروز، وخصوصاً بعد موقف المفتي عبد اللطيف دريان في خطبة عيد الفطر.
يقول جنبلاط ودريان ما لا يستطيع الحريري قوله حيال النازحين، وهو المكبّل بموقف رئيس الجمهورية، وبقلق لبناني عام حيال وجود النازحين وخطر «التوطين».
لدى حزب الله تصوّر واضح للاستخدام السياسي الذي يسعى «المجتمع الدولي» إليه من ملفّ النازحين، ويتشارك فيه القلق مع حلفائه والتيار الوطني الحرّ في الداخل اللبناني، ومع الشريحة الأكبر من اللبنانيين. يدرك الغربيون والخليجيون، و(طبعاً جنبلاط)، أن إسقاط الأسد بات أمراً مستحيلاً والحرب العسكرية في سوريا شارفت على النهاية. لكن هؤلاء يسعون إلى تخفيض «رصيد الأسد» للمرحلة المقبلة، وإفقاده عناصر القوّة التي يستجمعها، بمنع أي انتعاش للعلاقات الرسمية مع لبنان واستخدام النازحين في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفي لبنان، بتحويل النازحين إلى ورقة ضغط ديموغرافية ــ أمنية على حزب الله، وعلى سوريا نفسها، بعرقلة مساعي العودة الطبيعية إلى المناطق الآمنة الواقعة تحت سيطرة الجيش السوري.
وإن كان موقف دريان مفهوماً بتحويل ملفّ النازحين إلى سجال مذهبي لتعقيده، انسجاماً مع مناخ دولي وسعودي، فإن موقف جنبلاط المتقدّم على الحريري في ملف النازحين يجذّر الصراع أكثر، بخروجه عن شبه إجماع شعبي لبناني قلّما وجد حيال خطر داهم، سيدفع الدروز ثمنه في المستقبل، قبل غيرهم، بوصفهم طائفة مؤسسة للكيان اللبناني. ومع كلّ الوعي الذي يبديه حزب الله بالتعاطي مع جنبلاط، ليس بإمكان للحزب أن يحتمل عرقلة جهوده وجهود عون لحلّ ملفّ النازحين، ومثله الرئيس نبيه بري، الذي قد يجد نفسه محرجاً في الدفاع عن مواقف حليفه الدائم.
هل يبادر بري بالتنسيق مع قيادة حزب الله إلى رأب الصدع الجنبلاطي ــــ العوني، أم يترك للزعيم الدرزي أن يختار التوقيت الذي يعتقده «مناسباً» من أجل أن يوفر لنفسه المخرج، وهو الخبير التاريخي المحلف بـ«المخارج»؟.
سيل راس بعلبك: رائحة فساد تفوح من المجرى!
السيل الذي اجتاح راس بعلبك، الأسبوع الماضي، أوقع أضراراً جسيمة لحقت بالمنازل والممتلكات، وأسفر أيضاً عن شبهات تحيط بأعمال بناء مجرى السيل الذي تشير الكشوفات الأولية إلى سوء في أشغاله، ما أدى إلى تسبّبه بالنكبة التي ألمّت بالبلدة (تحقيق رامح حمية).
يختلف أهالي راس بعلبك حول قوة السيل الذي ضرب بلدتهم الأسبوع الماضي. يؤكد التسعيني نصر شعيب أن البلدة لم تشهد سيلاً بهذه القوة في تاريخها، فيما يذكّر آخرون بسيل مماثل اجتاح «الراس» عام 1987. لكن «الراسيين»، جميعاً، متفقون على أن روائح فساد وسمسرات تفوح من السيل الأخير الذي ألحق ببلدتهم أضراراً جسيمة.
السيل الهادر الذي سبّبته أمطار غزيرة تجمّعت من جهة معبر الزمراني ووادي الخيل ووادي الدرجة في جرود السلسلة الشرقية، أدّى إلى وفاة ابنة البلدة شهيرة بلعيس، وتعرض 42 من منازل البلدة و20 محلاً تجارياً و18 سيارة لأضرار كلية أو جزئية، فضلاً عن تضرر طرقات البلدة وخطوط الكهرباء وشبكة المياه، فضلاً عن الأضرار الزراعية التي لم تُحصَر بعد.
أُعلنت «الراس» بلدة منكوبة، وتهافت عليها وزراء ونواب ومسؤولون في الدولة متضامنين، لكن «الراسيين» يسألون عمّا بعد ذلك، وماذا عن العلاجات الوقائية لعدم تكرار الكارثة مجدداً، سواء في الراس أو في الفاكهة والقاع والهرمل وغيرها. وماذا عن المحاسبة على سوء تنفيذ أشغال المجرى، ما أدى إلى اجتياح الوحول للمنازل والأرزاق؟ وكيف انهارت أجزاء كبيرة من جدران الدعم وتصدعت الجسور؟ ولماذا لم تستجب وزارتا الأشغال العامة والطاقة والمياه لطلب بلدية الراس بتعزيل المجرى بعد السيل الخفيف الذي ضرب البلدة قبل أيام، أو تسليفها مبلغاً من المال لتنفيذ أعمال التعزيل والتنظيف؟
يشدّد رئيس بلدية راس بعلبك، العميد دريد رحال، على أنه «عندما نصل إلى مرحلة المساءلة والمحاسبة نضمن ألا تتعرض بعدها رأس بعلبك أو غيرها لكارثة كهذه». ويوضح لـ«الأخبار» أن «ثلاثة أخطاء أدت إلى الكارثة بعد خروج السيل عن مجراه باتجاه المنازل والممتلكات، هي: أولاً، تضييق مجرى السيل بطرق غير مدروسة فنياً وعلمياً؛ ثانياً، الجسور المتدنية الارتفاع على طول المجرى، التي سدّت بالحجارة والصخور، ما أدى إلى خروج المياه عن المجرى؛ وثالثاً جدران الدعم وكمية الإسمنت والحديد فيها». وسأل: «كيف لجدران دعم بارتفاع 6 أمتار أن تتفتّت وكأنها من كرتون؟!».
بعد سيل 1987، نُفذت جدران دعم صغيرة أزيلت لاحقاً وأنشئت مكانها جدران الدعم الحالية على مراحل. لكن رحّال يؤكد أن لا وجود في البلدية لدراسات فنية في شأن الجدران، ولا لتقارير إشراف أو رقابة على الأشغال، أو تقارير تسليم وتسلُّم بين البلدية وكل من وزارتي الأشغال العامة والطاقة والمياه أو مجلس الإنماء والإعمار، «علماً أن هناك متعهّداً وحيداً يلتزم كل هذه التعهدات. أنا لا أتهم أحداً، وعلى القضاء أن يبتّ بذلك». ولفت إلى أن المدعي العام المالي علي إبراهيم «سيستدعي بدءاً من اليوم كل من تترتب عليه مسؤولية في هذه الكارثة، ولن ينفع تقاذف المسؤوليات بين الوزارات».
وعن مسؤولية البلدية عن تنظيف المجرى، يبرز رحّال كتاباً خطياً موجهاً من بلدية الراس إلى وزارة الطاقة والمياه يحمل رقم 6332 يطلب «تعزيل المجرى من الصخور والحجارة بطول 9 كلم، بالنظر إلى المخاطر الموجودة من تشكل سيول جديدة قد تسبب كارثة»، وأن «المهندسين الذين كشفوا على المجرى تبين لهم الحاجة إلى تسعين مليون ليرة لإجراء التصليحات والتعزيل، علماً بأن البلدية تعاني عجزاً مالياً كبيراً». ويلفت إلى أن البلدية لم تتلقّ رداً على الكتاب، لا إيجاباً ولا سلباً، مطالباً «بوقف الهدر والسمسرات والمحاصصة والعمل بجدية وفق دراسات فنية».
سيل الراس «طبيعي»… ولكن!
وتجدر الإشارة إلى أن رأس بعلبك من القرى التي تتعرض للسيل بسبب طبيعتها الجغرافية المحاذية للسلسلة الشرقية ولكثرة الأودية المنحدرة جميعها باتجاه البلدة في مجرى واحد. والراس من أوائل القرى التي سعت إلى الحصول على تمويل لتنفيذ مشاريع لدرء مخاطر السيول، ومنها مشروع بقيمة مليون و300 ألف دولار من الأمم المتحدة عام 2010، لتشجير المناطق الجردية وإنشاء برك صغيرة مع بعض المصدّات المائية في أعالي جرود البلدة لجهة معبر الزمراني.
المهندس الجيولوجي أسعد الخرفان قال لـ«الأخبار» إن السيل الذي ضرب راس بعلبك «طبيعي»، بالنظر إلى جغرافية البلدة و«السهل الواسع جداً في جرود البلدة، والسهول الجردية الأخرى التابعة لعرسال والفاكهة، وجميعها تتجمع فيها كميات كبيرة من الأمطار وتصبّ في الوادي الذي ينزل في اتجاه راس بعلبك». ولفت إلى مشروع سدّ كان لا بد من إنجازه منذ عقود طويلة بالقرب من كنيسة مار الياس عند نهاية بلدة رأس بعلبك وبداية الجرود. وأشار أيضاً إلى أن دراسات عديدة منجزة وموجودة في أدراج وزارة الطاقة والمياه، «وعلى نواب المنطقة السعي لإنجاز هذه السدود، لما فيها من درء لمخاطر السيول، وإنعاش للمنطقة سياحياً وبيئياً».
الهرمل وغربي بعلبك يطالبان بالتعويض
تعرضت الهرمل مطلع هذه السنة لسيل قوي سبّب أضراراً كبيرة في مزارع تربية سمك الترويت وعدد من المطاعم والمتنزّهات على مجرى نهر العاصي وفي منطقتي مرجحين وجباب الحمر الجرديتين. نائب رئيس اتحاد بلديات الهرمل عباس الجوهري، لفت إلى أن المسح الذي أجراه مكتب الثروة الحرجية والسمكية في الهرمل لا يزال في الأدراج، ولم تُجرِ الهيئة العليا للإغاثة مسحاً للأضرار، ولم تطلب الكشف بقصد اعتماده».
الأمر نفسه ينطبق على بلدات طاريا وشمسطار وحدث بعلبك التي تعرضت لخسائر في الممتلكات والأراضي الزراعية بعد سيل قوي أغرق منازل في شمسطار وجرف حقولاً زراعية من القمح والشعير والتبغ والبطاطا قبل أسابيع. وحتى اليوم لم تحرك الدولة ساكناً، رغم توجيه بلدية طاريا كتباً خطية للهيئة العليا للإغاثة من دون جدوى. أول من أمس، قطع مزارعو طاريا وحدث بعلبك طريق عام طاريا ــــ شمسطار بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على «عدم التفات» الدولة. ورفع المعتصمون لافتات كتب عليها: «نحنا كمان أولادك يا فخامة الرئيس». وناشد المعتصمون الرؤساء الثلاثة الإسراع في مسح الأضرار ودفع التعويضات أُسوةً بمناطق أخرى.
اللواء
تغريدة جنبلاطية تهدِّد مصالحة الجبل وتفضح عُقد التأليف
الحريري يعود غداً وبريّ على سفر وميركل تملأ الوقت الضائع!
نجحت اتصالات التهدئة في كبح جماح تغريدة وليد جنبلاط حول «فشل العهد», لكن الترقب، بقي سيّد اللحظة حول إعادة تحريك الاتصالات لتأليف الحكومة العتيدة، التي يعتقد الرئيس نبيه برّي انها «معطلة وأكثر من معطلة»، قبل مغادرته نهاية الأسبوع في إجازة، ما دام لا حكومة ولا من يحزنون.
وكشفت مصادر المعلومات ان الرئيس سعد الحريري الذي يعود غداً إلى بيروت، ساهم في تبريد خط التوتر العالي بين كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر ونواب كتلة لبنان القوي، التي شغلت الأوساط السياسية والتي كشفت في الوقت نفسه عن واحدة من عقد التأليف الحكومي، التي اشارت إليها «اللواء» في عدد يوم الجمعة الماضي عشية عيد الفطر السعيد، الذي انتهت اجازته في «الويك اند».
مفاوضات تشكيل الحكومة
وتوقع مصدر وزاري متابع لاتصالات تشكيل الحكومة استئناف الرئيس المكلف سعد الحريري اتصالاته بقوة هذا الاسبوع بعد عودته من المملكة العربية السعودية غداً الثلاثاء حيث امضى عطلة عيد الفطر مع عائلته، لمعالجة العقد القائمة امام التشكيل بسبب مطالب الاطراف السياسية، وبعدما تبلغ ملاحظات رئيس الجمهورية ميشال عون على الصيغة الاولية التي قدمها له عشية العيد، والتي وصفتها المصادر بأنها «افكار من الرئيس على افكار عرضها الحريري»، لم تحظ بتوافق.
وقالت المصادر: ان الايام الماضية لم تشهد اي اتصالات او لقاءات لا من قبل الوزراء والنواب المعنيين بحركة المشاورات غطاس خوري وملحم رياشي والياس بوصعب ووائل ابو فاعور، ولامن اي طرف اخر، مشيرة الى ان الوزير رياشي غادر بيروت الى مدريد على متن رحلة شركة طيران الميدل ايست التي دشنت امس الاول الخط الجوي المباشر بين لبنان واسبانيا.
وفي حين اشارت المعلومات الى حلحلة على صعيد التمثيل المسيحي لا سيما تمثيل «القوات اللبنانية» بأربع حقائب، وحقيبة لتيار المردة وحقيبتين للارمن، والباقي لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر مع امكانية تبادل وزير مسيحي من عون بوزير سني من الحريري. بقيت مشكلة التمثيل الدرزي قائمة مع اصرار الحزب التقدمي الاشتراكي على ثلاثة وزراء ورفض اعطاء الوزير طلال ارسلان مقعدا وزاريا او الحصول على وزير مسيحي من حصة اللقاء الديموقراطي.
وتوقعت المصادر ان تستغرق عملية التشكيل اكثر من ثلاثة اسابيع، خاصة ان الرئيس نبيه بري سيسافر نهاية الاسبوع الحالي او مطلع الاسبوع المقبل في اجازة، وهولم يتلقَ اي اتصال من الرئيس الحريري، باستثناء تهنئته بعيد الفطر.
كما انه في حال الاتفاق على الحصص الوزارية للقوى السياسية ستبرز قضية توزيع الحقائب عليها مع مطالبة كل الاطراف بحقائب اساسية وخدماتية، بما في ذلك حقيبة وزارة الصحة، والتي برز في شأن الحصول عليها خلاف كبير بين «حزب الله» الذي يريدها بقوة مدعوماً من حركة «أمل»، وبين «القوات اللبنانية» التي تسعى لأن تبقى من حصتها، والأمر نفسه ينطبق على تيّار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي، وسيعقد لهذه الغاية اجتماع بين وزير المال علي حسن خليل والثقافة غطاس خوري وعضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور لبحث بند الوزارات المتنازع عليها.
الحرب الاشتراكية – العونية
وإذا كانت الحرب الاشتراكية – العونية وضعت اوزارها واثمرت المساعي اتفاقاً على التهدئة وطي صفحة السجالات الحادّة، فإن صمود هذا الاتفاق – الهدنة، يبقى موضع تساؤلات، طالما ان عوامل التفجير ما تزال مزروعة داخل الطرفين، ويمكن ان تلتهب الساحة بينهما في أية لحظة، إذا لم يتم تحصين الهدنة الهشة باتفاق يكون عنوانه الأساسي هو الحكومة، بحسب ما يرى مصدر اشتراكي لـ«اللواء»، وبالشروط التي يطالب بها رئيس الحزب وليد جنبلاط، في حين يعتقد مصدر نيابي عوني ان ما جرى من تصعيد له علاقة بتموضع جديد لجنبلاط لحسابات تخصه داخلياً وخارجياً.
وكانت هذه الحرب قد اشتعلت يوم الجمعة الماضي بعد تغريدة لوليد جنبلاط الموجود في النروج، انتقد فيها العهد ووصفه بالفاشل، على خلفية الموقف من قضية النازحين السوريين، وتلت تغريدته ردود من «التيار الوطني الحر» وردود مضادة من التقدمي على مستوى النواب من الطرفين، لكن ما فاقم الامر حسبما قالت مصادر التقدمي لـ«اللواء» تغريدة لأحد محازبي «التيار الحر» في فالوغا بالمتن الاعلى استخدم فيها عبارات شخصية مسيئة، استدعت ردودا مماثلة، ما اضطر التيار الى اصدار بيان اعتبره التقدمي بمثابة اعتذار، حيث أعلنت منسقية «التيار الوطني الحر» في قضاء بعبدا في بيان أنه «في خضم التطورات السياسية، التي حصلت في الساعات الأخيرة، على خلفية السجالات التي حصلت بين التيار الوطني الحر والحزب الاشتراكي، حصلت ردود فعل عديدة وعفوية للمحازبين من الجهتين على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد تجاوز بعضها المألوف في التعاطي بين أبناء المجتمع الواحد».
وقال: يهم التيار الوطني الحر، أن يؤكد أن أي كلام مسيء صدر عن أحد منتسبيه، أو مسؤوليه في قضاء بعبدا، هو كلام مرفوض ومدان، وهو لا يعبر عن موقف التيار، بل هو نتيجة ردات فعل شخصية ناتجة عن الاستفزازات، التي فاقمت هذا السجال السياسي.كما يتمنى التيار على الأطراف الأخرى، أن تحذو حذوه في تهدئة النفوس، وإدانة كل الإساءات، وإبقاء الاختلاف السياسي في إطاره الديمقراطي الراقي.
وردت مصادرالتقدمي اسباب اندلاع السجال الى تراكم ملاحظات على اداءالتيار خلال فترة الحكومة السابقة وتعاطيه مع كل الملفات المطروحة، من الكهرباء الى النازحين الى الادارة ومرسوم التجنيس، اضافة الى الخطاب السياسي بحق الاخرين ما اثار استياء جنبلاط والحزب.
واضافت المصادر: برغم ذلك، ان تعليمات جنبلاط للمحازبين هي دوماضبط الامور ومنع التصعيد وحفظ الاستقرار وبخاصة في الجبل بسبب حساسية وضعه، ولهذا السبب جرت اتصالات من قبل مسوولي التيار في قضاء بعبدا بمسؤولي الحزب ومفوض داخلية الحزب في المتن عصام المصري وجرت معالجة الوضع ووقف التصعيد من الطرفين مساء السبت.
اما مصادر التيار فقالت:اننا لا نرى مبررا للهجوم على رئيس الجمهورية اذا كان هناك خلاف بيننا وبين الحزب التقدمي حول تشكيل الحكومة او ملف النازحين او اي ملف اخر، والمسالة ربما ابعد من الخلاف على توزير طلال ارسلان، وربما تتعلق بتموضع جديد لجنبلاط لحسابات تخصه داخليا وخارجيا».
ميركل في بيروت
وليس بعيداً عن أجواء أسباب السجال الاشتراكي – العوني، وهو مسألة النازحين السوريين، تصل إلى بيروت عصر الخميس المقبل المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، في زيارة رسمية للبنان تستمر يومين تعقد خلالهما محادثات منفردة مع الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه برّي وسعد الحريري، حيث ستعقد مع الأخير مؤتمراً صحفياً مشتركاً تركز فيه على استقرار لبنان وضرورة مساعدته في مواجهة أعباء النزوح السوري.
وعلمت «اللواء» ان المستشارة الالمانية ستعلن في أثناء محادثاتها مع المسؤولين اللبنانيين، عن منح لبنان قرضاً ميسراً جداً، بقيمة 500 مليون يورو من خارج مقررات مؤتمر «سيدر» الأخير الذي انعقد في باريس، وذلك من أجل مساعدة لبنان اقتصادياً ومالياً.
ولم يستبعد مصدر مطلع ان تخيم على محادثات ميركل في قصر بعبدا، الأزمة التي خلفتها تصريحات السفير الالماني مارتن هوث والتي اتهم فيها المسؤولين اللبنانيين بالكذب في ما يتعلق بمسألة عودة النازحين السوريين في ضوء الأزمة التي فجرتها إجراءات وزير الخارجية جبران باسيل في حق المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وبحسب هذا المصدر، فإن المسؤولين في الأمم المتحدة الذين سبق ان ابلغوا المسؤولين اللبنانيين استياءهم من اتهامهم المجتمع الدولي بالسعي لتوطين النازحين السوريين، يعتقدون ان الذي يعرقل العودة الطوعية لهؤلاء النازحين هو النظام السوري نفسه والذي يسهم، سواء بإجراءات بحق مواطنيه الذين غادروا ممتلكاتهم، أو بتعقيد الوضع على الأرض، في دفع الأمم المتحدة على عدم تشجيع العودة في هذه المرحلة، لدواع إنسانية.
وقد ابلغ المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيلبو غراندي هذا الموقف للوزير باسيل، عندما التقاه في جنيف يوم الخميس الماضي، حيث أكّد له انه في ضوء الوضع المعقد على الأرض فإن موقف الأمم المتحدة عدم تشجيع العودة في هذه المرحلة، وهذا ما وافق موقف الوزير على ان تشجيع العودة ليس ما هو مطلوب من الأمم المتحدة، كما أكّد له ايضا ان المفوضية لا تعارض عودة أولئك الذين يرغبون في العودة إلى الوطن، الآن، وستواصل تقديم معلومات موضوعية وواقعية للاجئين ومساعدتهم في لحصول على الوثائق المطلوبة قبل مغادرتهم.
وأوضح غراندي، بحسب البيان الذي وزعته المفوضية ان أي تقارير عن تحيّز أو تخويف من قبل المفوضية ليست صحيحاً على الإطلاق، وان العودة الطوعية هي دائماً أفضل حل لأي أزمة لجوء، وكذلك الخيار المفضل للاجئين عندما تسمح الظروف بذلك.
جوازات سفر الإيرانيين
في غضون ذلك، كشفت صحيفة «الوشنطن تايمز» الأميركية عن إجراءات اتخذها الأمن العام اللبناني وقضت باعفاء الرعايا الإيرانيين من ختم الدخول والخروج على جوازات سفرهم، وان يتم توشيح هذا الختم على بطاقات خاصة مستقلة عن جوازات للسفر.
واثار هذا الخبر ضجة في الأوساط السياسية، خاصة وان وصف «بالتسهيلي» للإيرانيين الذين يواجهون عقوبات أميركية من بينهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني، وقد يمنع ختم جوازات سفرهم من قبل السلطات اللبنانية من منحهم تأشيرات دخول إلى البلدان التي تتقيد بإجراءات العقوبات الأميركية.
لكن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أوضح لتلفزيون «المستقبل» ان هذا الاجراء روتيني لكن يتم تسييسه، مشيرا إلى ان عدم ختم جوزات سفر الإيرانيين ليس محصورا فقط بالايرانيين، بل يشمل ايضا رعايا عدد من الدول الذين لا يرغبون لأسباب متعددة ختم عبارة الدخول والخروج على جوازات سفرهم، لأن الختم اللبناني قد لا يسمح لهم وضع فيزا عليها من قبل بعض الدول، ولهذا السبب اعتمدت البطاقات المستقلة والتي يفترض ان ترفق بجوازات السفر.
وأعلنت وزارة الخارجية من جهتها، ان هذا الاجراء هو من صلاحيات الأمن العام اللبناني، وهو من اتخذ قرار ختم الدخول بدلا من الجواز، وينحصر دور وزارة الخارجية بالابلاغ عنه فقط لا غير.
وأوضح اللواء إبراهيم، في مجال آخر، ان مهمة التدقيق في مرسوم التجنيس أوشكت على الانتهاء، كاشفا انه سيسلم خلال الأسبوع المقبل نسخة من الملف إلى كل من الرئيس عون ووزير الداخلية نهاد المشنوق، ليتم اتخاذ القرار في شأن المرسوم، لافتا إلى ان كل ما كتب بالنسبة لرقم المجنسين الذين تبين في حقهم شبهات هو «غير دقيق».
«فورين بوليسي»
وفي سياق متصل بملابسات تسهيل دخول وخروج رعايا الإيرانيين إلى لبنان، نشرت المجلة «فورين بوليسى» نشرت تقريرا إخباريا مفاده تدخل القائم بالأعمال بالوكالة فى سفارة لبنان فى باراغواى المستشار حسن حجازي، لعرقلة استرداد مواطن لبنانى ويدعى نادر محمد فرحات إلى الولايات المتحدة الأميركية بتهمة الاتجار بالمخدرات وغسل أموال لصالح حزب الله، باعتبار أن أنشطته غير الشرعية طالت المنظومة المالية الأمريكية والعقوبات المفروضة على «حزب الله».
وجاء في تقرير «فورين بوليسى» أن بارغواى تضم على أرضها عمليات كبيرة ومتنامية لـ (حزب الله) لغسل الأموال المتحصلة من تجارة المخدرات، وأن عناصر الحزب، بإيعاز من مسؤولين كبار به، متورطون فى أعمال تجارة الكوكايين لتمويل أنشطته.
واللافت في تقرير المجلة الاميركية، استنتاجها ان تدخل القائم بالاعمال اللبناني في العملية القانونية في البلد المضيف هو خرق للبروتوكول الديبلوماسي، ومؤشر واضح عن ان وزارة الخارجية اللبنانية تقدّم مصالح حزب الله على مصالحها لبنان.
وقالت انه لا يجدر بواشنطن السكوت عمّا جرى، وكذلك الأمر بالنسبة إلى باراغواي. ينبغي على السلطات في باراغواي أن تعلن أن حجازي شخصية غير مرغوب فيها على أراضي البلاد، وتُعيده فوراً إلى لبنان. فمن شأن خطوة من هذا القبيل أن توجّه رسالة واضحة إلى وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، الذي يُعتبَر المسؤول الأول عن حجازي، مفادها ما يأتي: إما تحصل على المساعدات الأميركية وإما تنصاع لإرادة «حزب الله». إنما لا يمكنك أن تفعل الأمرَين معاً وتنجو بفعلتك.
اما الخارجية اللبنانية، فقد اكتفت بوصف خبر المجلة الأميركية بأنه «غير دقيق» وان من واجبات الديبلوماسي متابعة الشؤون القنصلية لأبناء الجالية، كما ان ربط تدخل القائم بالأعمال بالوكالة في السفارة اللبنانية ببارغواي في هذه القضية مع وزير الخارجية جبران باسيل هو أمر غير صحيح ولا يمت إلى الواقع بصلة».
البناء
استعدادات متقابلة لجولة جامعة في جنيف يليها إعلان دي ميستورا لتشكيل لجنة الدستور
فشل الهجوم الإماراتي على الحُدَيْدة وخيبة سعودية أميركية بنتائج معارك المطار
تصعيد جنبلاطي عوني ومشروع هدنة… ولا أنباء عن لقاء للحريري مع إبن سلمان
تكبّد الإماراتيون الذين تولّوا قيادة الهجوم الذي شاركت فيه السعودية ووحدات سودانية وخبراء أميركيون وبريطانيون، واستهدف مدينة الحُدَيْدة اليمنية على ساحل البحر الأحمر، خسائر فادحة في الأرواح والمعدات والآليات. وفشلوا في تحقيق الاختراق الذي بشروا به خلال أيام عطلة العيد وسط معارك ضارية تمكن خلالها أنصار الله من استدراج القوات المهاجمة إلى كمين أوقعها بين فكي كماشة، استعاد خلاله المدافعون عن الحُدَيْدة، كما قالت مصادر عسكرية يمنية، مواجهة بنت جبيل بين حزب الله والقوات الإسرائيلية، حيث ساد التشوش الإعلامي حول مصير المعركة لأربع وعشرين ساعة من الكرّ والفرّ لينجلي غبارها عن تثبيت سيطرة اللجان الشعبية والجيش المؤيد لأنصار الله على المدينة ومينائها ومطارها.
بعد خيبة الفشل في المعركة الفاصلة الوحيدة المتاحة بحكم الأهمية الاستراتيجية لمدينة الحُدَيْدة لوقوعها على البحر الأحمر، وما توفره هذه الأهمية من مساندة دولية من جهة، ولوقوعها في منطقة مفتوحة بلا تضاريس جبلية تجعلها مناسبة ونموذجية لحروب الجيوش النظامية من جهة مقابلة، ستكون مواصلة تجربة هجوم جديد، ورهان على ابتزاز تفاوضي يحمله المبعوث الأممي مارتن غريفيت، حرب استنزاف بلا طائل. وقد تبلغ غريفيت من أنصار الله جواباً قاطعاً برفض الاستعداد للمفاوضة على مصير الحُدَيْدة خارج حل سياسي شامل.
الحدث السوري كان يتكامل مع الحدث اليمني لجهة تسارع الخطى نحو انطلاق محادثات جنيف مجدداً، بعد تبلور تشكيل اللجنة التي ستناقش الدستور، وسط تحضيرات للقاء يجمع الروس والأتراك والإيرانيين اليوم وغداً مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لهذا الغرض، بالتزامن مع معلومات تداولتها مصادر المعارضة عن حضور أميركي وسعودي وأردني لجولة جنيف الجديدة، وتأكيدات روسية بأنّ التسوية في جنوب سورية، ترتبط بتعاون روسي أميركي سيجد طريقه من بوابة جنيف تحت عنوان ما خرجت به قمة سوتشي للرئيسين الروسي والسوري من ربط العملية السياسية بخروج القوات الأجنبية.
التكامل بين الفشل السعودي في سورية، وخيبتي اليمن والعراق للرهانات السعودية، بعد خسارة الرهان العسكري على نصر الحُدَيْدة، وخسارة الرهان السياسي على تحالف يقوده السيد مقتدى الصدر بوجه الحشد الشعبي، قابله لبنانياً، تموضع سياسي لافت للنائب السابق وليد جنبلاط، بعد زيارته للسعودية، بفتح النار على رئيس الجمهورية، بما بدا تعويضاً عن خسارة العراق قبل أن تتوضح عناصر المشهد اليمني، الذي ربما يعقبه تصعيد قواتي مشابه للتصعيد الجنبلاطي، في ربط سعودي للحكومة اللبنانية الجديدة بتبلور عناصر لم تكتمل بعد حول توازنات المنطقة، مع تتالي الرهانات الخاسرة، أو استرهان الحكومة اللبنانية كورقة ضغط وحيدة متبقية لديهم لحجز مقعد في معادلات المنطقة الجديدة، وسط سؤال عن موقف رئيس الحكومة من تعطيل ولادة حكومته الجديدة، وسؤال مماثل عن موقعه مع غياب أخباره بين موسكو والرياض سعياً للقاء لم تصل أخباره إلى بيروت، يفترض أن يجمعه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
هل اتخذت السعودية قرار الهجوم على العهد؟
غابت مفاوضات تشكيل الحكومة وملأت الحرب الافتراضية فراغ عطلة عيد الفطر ونهاية الأسبوع، إذ تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة حرب حقيقية بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي على خلفية هجوم رئيسه وليد جنبلاط على العهد الرئاسي، واصفاً إياه بالعهد الفاشل ما أعقب ردود فعل بالجملة من نواب تكتل لبنان القوي ووزراء رئيس الجمهورية بلغت ذروتها مع دخول نواب اللقاء الديمقراطي على الخط للردّ على الردّ مستخدمين كل الأسلحة التقليدية والمحرمة التي استحضرت مرحلة ولغة الحرب الأهلية.
وتوسّعت السجالات على صفحات التواصل الاجتماعي بين جمهوري التيار الحر والحزب الاشتراكي وكادت تنتقل الى الشارع لولا تدخل بعض الأطراف لتهدئة الأجواء لا سيما تيار المستقبل كي لا يتكرّر ما حصل في الشارع بين حركة أمل والتيار الوطني الحر في شباط الماضي. وقد جرت اتصالات بين النائبين ألان عون وهادي أبو الحسن ومسؤولين حزبيين في كلا الطرفين.
وأعلن التيار الوطني الحر أمس، في بيان صادر عن منسقيته في قضاء بعبدا، أنه اتفق مع الحزب التقدمي الإشتراكي على التهدئة وطي صفحة السجالات الحادة التي حصلت بين الطرفين في الساعات الأخيرة. وأكد «التيار» أن «أيّ كلام مسيء صدر عن أحد منتسبيه أو مسؤوليه في قضاء بعبدا هو كلام مرفوض ومدان، وهو لا يعبر عن موقف التيار، بل هو نتيجة ردات فعل شخصية ناتجة عن الاستفزازات، متمنياً على الأطراف الأخرى أن تحذو حذوه في تهدئة النفوس، وإبقاء الاختلاف السياسي في إطاره الديمقراطي».
وعلى الرغم من النجاح النسبي لمساعي الوسطاء على احتواء الاشتباك السياسي الحاد إلا أن الجمر لا يزال تحت الرماد، لا سيما أن القضية ليست رمانة بل قلوب مليانة بين المختارة من جهة والرابية وبعبدا من جهة مقابلة منذ الانتخابات النيابية، حيث عبر رئيس الاشتراكي بوضوح بأن المختارة تتعرض للحصار، بينما حقيقة الأمر أن عهد الرئيس ميشال عون هو الذي يتعرّض للحصار من مجموعة قوى سياسية منها بشكل علني كالاشتراكي، ومنها بشكلِ موارب كالقوات اللبنانية التي اتبعت تكتيكاً سياسياً في موقفها إزاء السجال الاشتراكي العوني، حيث دافعت عن العهد وركزت هجومها على التيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل، بحسب ما تقول أوساط «التيار» لـ«البناء».
وقد خلطت تغريدة جنبلاط الأوراق المحلية وأربكت المفاوضين لتشكيل الحكومة، وسط تساؤلات عن الدوافع التي تقف خلف السلوك الجنبلاطي المستجد. فهل هو مجرد رفع للسقف التفاوضي قبيل انطلاق مفاوضات التأليف بشكل جديد ورسالة سياسية استباقية للرئيسين ميشال عون وسعد الحريري بأن توزير النائب طلال أرسلان من الحصة الدرزية سيخلّف نتائج سياسية سلبية على العلاقة بين المختارة وبعبدا وبيت الوسط؟ أم أن جنبلاط عاد بقرار سعودي وتغطية كاملة من المملكة للهجوم على العهد بملف النازحين السوريين كبديل عن الحريري الذي لا يريد نسف التسوية الرئاسية مع عون؟ فهل هي أسباب محلية أم إقليمية؟ لا سيما أنّ جنبلاط أعلن منذ حوالي الشهر اعتزاله السياسة والظهور على مواقع التواصل الاجتماعي وترك مقاليد الأمور لنجله تيمور؟
مصادر نيابية رأت أنّ «جنبلاط لم ينسجم مع العهد منذ إعلان التسوية الرئاسية الى تشكيل الحكومة الماضية الى قانون الانتخاب الى الانتخابات النيابية، ومحطات أخرى وجد جنبلاط نفسه في مواجهة العهد، لكنه لم يعلن ذلك على الملأ، لكن طفح الكيل مع محاولات التدخل بالحصة الدرزية في الحكومة»، ولكن تشير المصادر لـ «البناء» الى أن رغم الخلاف العوني الجنبلاطي على ملفات وقضايا عدة منها مسألة النازحين السوريين إلا أنّ سبب الهجوم الجنبلاطي إقليمية أكثر من محلية، ما يؤشر الى أنّ أمد تأليف الحكومة سيطول، لا سيما أنّ السعودية لم تحدد سقفها الحكومي بعد بانتظار مآل الوضع في المنطقة لتحدد موقعها في المعادلة اللبنانية، لا سيما انتظار الوضع في اليمن وسط مراهنات سعودية بالدخول الى الحُديدة الى جانب ارتفاع حرارة الصراع الدولي والاقليمي.
وتساءلت المصادر: هل سيؤدّي توسع الخلاف السياسي الى إطالة أمد تأليف الحكومة وبالتالي الى أزمة سياسية في البلاد؟ وسط تصاعد الدعوات الى إعادة النظر باتفاق الطائف، وقد لفت نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي في حديث تلفزيوني الى أنّ « اتفاق الطائف طبّق بطريقة مزاجية منذ العام 1991»، مشيراً الى أنّ «على رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يدعو كافة الأقطاب الى حوار بعيدا عن الاعلام للبحث الجدي في كيفية تطبيق اتفاق الطائف بشكل صحيح لتستقيم الحياة السياسية». وأشار الى أنه «يؤيد أنّ تنتج الحكومة معارضة وموالاة في البلد في الوقت نفسه»، لافتاً الى أنّ «على رئيس الحكومة سعد الحريري أن لا يتمسك بمطالب كلّ الكتل، بل يكفي أن يؤمّن الاكثرية فيها».
أما أقوى الردود على تغريدة جنبلاط كان من وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف ووزير العدل سليم جريصاتي في حكومة تصريف الأعمال. فأكد الصراف «انّ رئيس الجمهورية هو رمز وحدة لبنان وانّ أيّ كلام من أيّ مرجع ينافي مبدأ الوحدة الوطنية هو مرفوض ويعتبر قريباً من الخيانة». وأضاف أنّ «رهان البعض على طرق باب اللاجئين السوريين للدخول في مزايدات أو صفقات دولية او اقليمية هو محض أوهام، وبالذات في هذا العهد»، مشيراً الى «انّ عهد الفساد والفاسدين وحيتان المال قد ولى الى غير رجعة». أما جريصاتي فقال: «مريب هجومك على العهد يا وليد فور عودتك من المملكة؟ لماذا توريط المملكة بالإيحاء بأنك تنفذ أمر عمليات فاشلاً بالذخيرة الخضراء ضدّ عهد أصبح سيده خارج مرماك ومرمى أزلامك». واضاف: « وصفك الرئيس ذات يوم في 26/9/1997، فعد إلى الارشيف، ولا تورّث تيمور الواعد استحالة الإجابة عن سؤال واحد: لماذا الاستكانة الى النزوح السوري الكثيف على أرضنا وما هو رهانك عليه؟»
وعاد جنبلاط وردّ قائلاً: «إلى محبّي الضجيج أقول: ما بالكم تكأكأتم علي كتأكئكم على ذي علة. افرنقعوا عني».
وطالب البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي المسؤولين بأن يحافظوا على الوحدة الوطنية ويتجنبوا الإساءات المتبادلة والتراشق بالتهم لئلا يؤدي هذا النهج السيئ إلى إلحاق الضرر في سير المؤسسات العامة.
مفاوضات التأليف إلى الخميس
وبينما انقطعت أخبار الرئيس المكلف في السعودية وسط تكتّم عن لقاءاته مع القيادة السعودية، لم يسجل أيّ تطوّر على صعيد التأليف بانتظار عودة الحريري الى بيروت المتوقعة الأربعاء المقبل على أن تعود عجلة التأليف الى العمل بدءاً من يوم الخميس.
وقد عقد اجتماع أمس، بين الوزير غطاس خوري والنائب وائل ابو فاعور انضمّ اليهما الوزير علي حسن خليل وتمّ البحث في العقد الحكومية والخلاف حول توزيع الوزارات الخدمية بين الأحزاب الثلاثة. وأشارت مصادر نيابية لـ«البناء» الى أن «العقد الثلاث على حالها وتنتظر تفعيل المفاوضات بعد عون الحريري»، وقالت مصادر تكتل لبنان القوي لـ«البناء» بأنّ رئيس الجمهورية رفض مطالب القوات بأن تكون حصتها توازي حصة التيار الحر ونيلها حقيبة سيادية مع 4 وزراء»، مشيرة الى أنّ هذا يتعارض ونتائج الانتخابات النيابية، ونفت ما تدّعيه القوات بأنّ اتفاق ورقة النيات بين الطرفين أكد المناصفة في الحكومة متسائلة: كيف نقبل بالمناصفة مسبقاً من دون معرفة نتائج الانتخابات؟
من جهتها لفتت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» الى أنّ «مواقف جنبلاط في الآونة الأخيرة تجعله أقرب الى المحور السعودي، بعكس ما كان يدعو الى رفض الانخراط في المحاور الإقليمية، لكن بعد عودته من السعودية وموقفه من النازحين حسم موقعه داخل الحكومة الجديدة أيّ أقرب الى 14 آذار. وبالتالي فريق 8 آذار سيتعامل على هذا الأساس. وبالتالي يريد حصة وزارية توازي حصة 14 آذار».
تقرير الأمن العام حول «الجنسية» خلال أيام
على صعيد آخر، كشف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ، أنّ «مهمّتنا بشأن ملف التجنيس شارفت على الإنتهاء، وتدقيق الأسماء ينتهي الأسبوع المقبل»، مبيّناً «أنّنا سنسلّم نسخة من الملف إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق لاتخاذ القرار المناسب». وأوضح في تصريح تلفزيوني أنّ «الأرقام الّتي يتمّ تداولها في وسائل الإعلام حول الأسماء غير المستحقة، غير صحيحة». كما أشار ابراهيم من جهة أخرى، إلى أنّ «الختم على البطاقة المستقلة في المطار يتمّ العمل به منذ عشرات السنين، ولا يقتصر على الإيرانيين».
عودة الموظفين الأجانب إلى الحُديدة…!
قال مصدر سياسي في حكومة صنعاء الموالية لأنصار الله منتصف ليل أمس أنّ مندوبة الأمم المتحدة لدى اليمن ليزا غراندي تقدّمت إلى صنعاء بطلب إعادة موظفيها الأجانب إلى الحُديدة، وتمّت الموافقة عليه.
وتبدو الخطوة نوعاً من التسوية التي فرضتها موازين القوى بصرف النظر عن المطالبة بتسليم الحُديدة للأمم المتحدة كما كان العرض قبل معارك الحُديدة الأخيرة، وإعلاناً لتهدئة يستحيل بدونها عودة الوظفين الأجانب.