كشفت الصحف أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ألغى موعد زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى القصر الجمهوري يوم الأحد الماضي، وذلك رداً على رفض الحريري تعيين موعد لرئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في بيت الوسط. وقالت إن اتصال الحريري الهاتفي بعون أتى عقب توتر خط بيت الوسط – بعبدا / الرابية. ومال الحريري إلى التهدئة وغاب التصعيد من إعلام تيار المستقبل وإعلام 14 آذار اللذين لم يتوقفا عن إطلاق النار على الرئيس عون طيلة الأيام الأخير. لكن بيان بعبدا وضع النقاط على الحروف في بيانه الأخير، وجعل الحريري يسارع إلى طلب موعد في قصر بعبدا …
الأخبار
«الأشباح» تأمر… والحريري ينفّذ!
القوات «متهمة» وجعجع في بعبدا قريباً «للتوضيح»!
عندما يُطَالَب سعد الحريري بالتعامل مع مسار تأليف حكومته الثالثة، بأريحية مختلفة، كأن يجلس ومن حوله «الكبار» في بلده أو طائفته، سواء من يختلف أو يتفق معهم، يُصبح المُطَالب شخصاً آخر لا يشبه الحريري الابن نهائياً. لم يعد الرجل سيد نفسه. جاءته الفرصة (الأسر)، لكنه سيفوّتها أو فوّتها، على الأرجح. هو أسير حسابات «المحمدين» ومن ورائهما منظومة تقودها واشنطن. حزب الله ليس بمتناول اليد، فلتكن المعركة ضد عهد عنوانه: ميشال عون (مقال حسين أيوب).
لا يُحسَد سعد الحريري على موقفه أو موقعه. على مدى 13 عاماً، خسر الكثير. خسر والده، وتلك خسارة لا تعوَّض. خسر معظم العائلة، عندما فرّقت الثروة والحسابات المتضاربة بين الأشقاء والشقيقات. من كان يتصوّر مثلاً أن محمد بن سلمان سيستنجد بالأخ الأكبر بهاء الحريري، للإجهاز على سعد الحريري؟ حتى عائلته الصغيرة، لم يعطها الوقت الذي تستحقه، بين بيروت والرياض وباريس وأخيراً لندن.
خسر ثروة، وهو الأعرف بين أخوته، كيف جمعها والده، وماذا كلفته هو شخصياً من انتظارات، كأن يقضي سعد شهراً أو اثنين في الصحراء بانتظار نهاية رحلة صيد يعود بعدها «عزوز» (عبد العزيز بن فهد)، فيضع توقيعه ــــ كلمة السر الإلزامية إلى الديوان. توقيع ملكي جعل «سعودي أوجيه»، وفي وقت قياسي، بين كبريات الشركات العالمية في عالم المقاولات، وجعل رفيق الحريري رقماً لا يغادر قائمة أغنياء العالم. الورثة تقاسموا الثروة، فلم يعد القرار واحداً كما كان في زمن والدهم. ليس غريباً إن باع أخوة لسعد بضعة عقارات عبر الهاتف أو خلال رحلة استجمام أو في سهرة سمر مع أصدقاء. هم لا يعرفون الكلفة التي دفعها والدهم حتى بلغ ما بلغه، لذلك، لا يعنيهم أصلاً أن يعودوا إلى لبنان أو أن يتملكوا فيه أو أن يحافظوا على رمزية عقار أو مؤسسة أو أي شيء آخر.
وحده سعد الحريري، من بين أخوته، تورط في السياسة و«البيزنس»، فكانت النتيجة إفلاس الكثير من خياراته السياسية على مدى 13 عاماً، وإفلاس إمبراطورية «سعودي أوجيه». نهاية بائسة للشركة وأصحابها وللعاملين والموظفين فيها (بلغ عددهم في مرحلة ما حدود الـ 120 ألفاً) من أربع رياح الأرض، وبينهم نسبة من جمهور حريري، لا بل من نواته الصلبة ـ الأم في صيدا عاصمة الجنوب. نهاية مقاولات وفّرت له أموالاً «أكثر من الرصيد الذي حظي به والده»، على ذمة العارفين.
سعد… والسعودية الجديدة
لا يُحسَد سعد على إرث سياسي، حصّله بالدم أولاً. دمُ والده. دمٌ غيّر وجه لبنان. أطاح سوريا من حيث لم تحتسب قيادتها ولا الحلفاء ولا الكثير من عواصم القرار. دمٌ، أعاد منفيين وأفرج عن مسجونين. هتفت بيروت وساحاتها قبل ثلاثة عشر عاماً، بما لم يتوقعه عاقل من شعارات. في المحصلة، إرث سياسي راكمه رفيق الحريري طوال أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، بُدِّدَ أيضاً بسرعة قياسية.
لا يُحسد الحريري الابن، لأنه وجد نفسه قبل ثلاثة عشر عاماً، محاصراً بولاة دم كثر، بينهم الانتقامي أو الطامح أو المتلون أو الطامع. هذا في الداخل، أما في الخارج، فكان جاك شيراك النموذج الفاضح: مزيج من الوفاء والرياء والانتقام والمصالح. لا يُحسَدُ الابن، لأنه بالغ في سعوديته، على خطى والده من قبله. وليُّ الأمر هناك، لا يُرَدُّ لهُ طلبٌ أو أمرٌ، فكيف إذا كنا أمام سعودية جديدة؟ سعودية محمد بن سلمان المزنَّرة بالخوف والرعب والارتجال والرعونة، وليست سعودية فهد أو عبدالله، التي اعتادت تمويل «الوسطاء» في الحروب والتسويات والمقاولات.
سعد لم «يبق البحصة»
عندما احتُجز سعد الحريري في الرياض، لمدة أسبوعين، قبل مئتين ونحو أربعين يوماً، كان من الصعب عليه أن يُكذّب حقيقة مشاعره. في السياسة، لن يندمل ذلك الجرح العميق بينه وبين محمد بن سلمان، ولن يسهل حتى تجميله أو إهماله. القاعدة نفسها تسري على السعوديين، خصوصاً إذا عرفنا أن هناك من يهمس يومياً في أذن «الحاكم»، وتحديداً أولئك الذين حقدوا على رفيق الحريري ولاحقاً على نجله سعد، ولم يبدّد حقدَهم، لا تغيير مفاتيح الديوان ولا بلوغ المراتب التي يريدونها هناك.
صحيح أن سعد لم «يبق البحصة» كما وعد، لكن ما قاله إيمانويل ماكرون يعتبر كافياً ووافياً: «لو لم يكن صوت فرنسا مسموعاً لاندلعت الحرب في لبنان. أذكر أن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري جرى التحفظ عليه في السعودية لأسابيع عدة».
«التحفظ» برغم أنه تعبير فرنسي ملطَّف بدل «الاعتقال»، لا بد وأن يدفع سعد ثمنه. بكل الأحوال، الزمن السعودي الأول تحوّل. لا عودة إلى الوراء. تفتح صفحةٌ جديدة مع سعودية ابن سلمان. نجت التسوية الرئاسية ونجا سعد معها. حمايته كانت لبنانية أولاً ودولية (فرنسية ــــ أميركية) ثانياً. توليفة مركبة ومعقدة، شارك في حياكة خيوطها كثرٌ، لكن الراسخ في بيت الحريري الداخلي، أن نادر الحريري أحد أبرز هؤلاء، يليه نهاد المشنوق أول المتطوعين للقتال علناً في السياسة من أجل عودة سعد أو استعادته.
الانتخابات شيء وما بعدها شيء آخر
وقف سعد الحريري على منبر الذكرى الثالثة عشرة لرحيل والده. خاطب الجمهور المحتشد هناك بصريح العبارة: «ليس لدينا مال للانتخابات، هل هذا جيد؟ نحن تيار يرفض أن يتحالف مع حزب الله». هذه هي ذروة تحشيده ومصارحته لجمهوره. لم يذهب أبعد من ذلك، حتى عندما كان نهاد المشنوق يصرخ ليلاً ونهاراً في ما يزيد على تسعين لقاءً بيروتياً على مدى أسابيع حملته الانتخابية، محذِّراً من أن عاصمة لبنان «مهددة بالسقوط في أحضان المشروع الفارسي»، لم يسايره سعد الحريري. بدا وزير داخلية لبنان، بمحاولته إضفاء طابع سياسي للمعركة في العاصمة، كأنه يغرد خارج سربه.
أما نادر الحريري، بوصفه ليس مرشحاً، بل «مهندس تحالفات» انتخابية، فقد اختار مسلكاً لا يبتعد بموجبه التيار الأزرق عن تموضعات سياسية توفر له أفضل نتيجة انتخابية ممكنة، بعدما شلّحهُ القانون النسبي عشرة نواب على الأقل، من قبل أن تبدأ الانتخابات. هؤلاء كان يسهل تحصيلهم في القانون الأكثري. يصحّ الحديث عن أخطاء موضعية وسياسية حالت دون بلوغ الرقم المشتهى أو الواقعي: 24 أو 25 نائباً. كان يمكن تحصيل مقعد سني إضافي في بيروت لو ارتفعت نسبة المشاركة. كان بمقدور بهية الحريري أن تفوز بمقعد ثانٍ (كاثوليكي) لو لم تترك نفسها معلقة حتى آخر لحظة على حبال أوهام التحالف مع التيار الوطني الحر. في الكورة، خيانة موصوفة من جبران باسيل أطاحت نقولا غصن. في عكار، كان يمكن تحصيل مقعد مسيحي إضافي، وكذا الأمر في زحلة.
القوات وما تمثِّل سعودياً وأميركياً
لنادر الحريري خلاصته في ضوء تجربة «الاعتقال». حتمية الانفكاك عن السعوديين من جهة، وفي المقابل، لا حماية خارجية حقيقية أضمن من تلك التي تأتي من الأميركيين. محلياً، لا بد من المضي بالتحالف مع ميشال عون والتيار الوطني الحر (على حساب القوات) واستمرار «ربط النزاع» مع حزب الله. مقاربة سياسية ناقصة لا تدرك حجم التقاطعات الأميركية ــــ السعودية. معها، يصبح سعد الحريري تفصيلاً جزئياً، لا يقيم الطرفان له أدنى حساب. مع هكذا تقاطعات أيضاً، لا يجوز إغفال ما تمثل القوات اللبنانية، للسعودي والأميركي لبنانياً، وكل الوقائع الراهنة أو تلك الآتية، ستؤكد صحة الاستنتاج من عدمه.
بكل الأحوال، انتهت الانتخابات ويستمر موسم الحصاد. رئيس تيار المستقبل يريد ابن عمته نادر في السياسة على طريقته، هو ولكنه لا يريده أن يكبر أكثر مالياً. إزاحته تحرره من جهة وتربكه من جهة ثانية. يوحي بالحماسة شكلاً، بعد إبعاد ابن عمته ويشعر ضمناً بالندم. الفراغ الكبير المتمدد من حوله يجعله أسير مكتب من أربعة جدران في وادي أبو جميل. يقترب باسم السبع أكثر منه وكلمته تصبح مسموعة، لكن ليس في كل الملفات. يعود عقاب صقر إلى بيت الوسط. الفراغ يبدو ثقيلاً لا بل ثقيلاً جداً. قد ينجح غطاس خوري في إدارة ملف العلاقة مع بعض المسيحيين، وخصوصاً القوات، ومع وليد جنبلاط، ولكن من يدير العلاقة مع ميشال عون ونبيه بري وحزب الله؟
إنه زمن «الأشباح»
«الاشباح» وحدها تعوّض حضور «ابن العمة» في هذه المهمات وغيرها، ما دام الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقات الاجتماعية بين الاثنين غير متاح. لا ينفي ذلك وجوب إعادة الاعتبار، ولو بالشكل، إلى نادر الحريري. تكريمه المقرر في السرايا الحكومية، بتقليده وساماً رئاسياً، بعد تأليف الحكومة، واجب اجتماعي بحت.
وحسـناً فعل المكتب السياسي لتيار المسـتقبل بأن «فرمل» اندفاعة رئيسه، من أجل «هضم» ما اتخذ من «قرارات عقابية». الأكيد أن الرجل يتجه نحو مؤتمر جديد سيكرسه رئيساً مطلق الصلاحية. «الأمر لي» في التيار سيسحب نفسه على كل شيء في السياسة والمال. ستكون مواعيده مفتوحة مع وجع متمادٍ في الرأس، وأولها تأليف الحكومة، والبداية من قرار فصل الوزارة عن النيابة. قرار لعلّ وظيفته الأبرز إبعاد نهاد المشنوق استكمالاً لإبعاد نادر الحريري. القاسم المشترك بين «الإبعادين»، توسيع فئة «المُطبِّلين». الأصح أن الرجلين يمتلكان الكثير من النفوذ والمقدرات والتقاطعات، وهذه نقطة قوتهما وربما ضعفهما.
لا يريد سعد الحريري الإنصات إلى ميشال عون. قال له: «بإبعاد نادر في هذه اللحظة، تبدو كمن يطلق النار سياسياً على رجليه». حساب الأول مختلف عن حساب سيد بعبدا. هناك قصر آخر في الرياض كان ينتظر «خبراً سعيداً» من هذا النوع… وإلا فإن كل رهان على مشروعية ووجود وتمويل أو دعم سياسي مستقبلي سيكون متعذراً.
لا لتكرار خطة عون الرئاسية
السوريالي في الأمر أن سعد الحريري مضطر لإتقان فنّ الإيماء. يريد أن يقرأ في الفنجان. أن يفكّ حروف محمد بن سلمان ونظراته. أن يدعي أنه يفكر في ما يفكرون فيه. أن يستقبل «الخواجات» بعيد منتصف الليل. أن يفرش لهم السجاد الأحمر. أن يهزّ برأسه مع كل إيماءة في أيّ اتجاه من اتجاهات السياسة والمال. يكاد البيت الحريري يعيش حالة حظر تجوال عندما يصل «هؤلاء». كلمتـ(هم) لا تُرَد… هم يمثلون من يمثلون ونفوذهم بات مترامي الأطراف، و«الخير لقدام» على حدّ تعبير أحد العارفين.
نموذج تعامل سعد الحريري «المتشدد» مع الملف الحكومي فاقع للغاية. صارت القوات اللبنانية شريكته في الدفاع عن اتفاق الطائف. في رفض أية معادلات عونية «تعيد البلد إلى زمن الجمهورية الأولى». لذلك، لن يتقدم عنوان على «حرب الصلاحيات». من هنا، يبدأ موسم إطلاق النار سياسياً على العهد لمحاصرته ومنعه من تحقيق إنجازات تشجّع طامحين مسيحيين آخرين على اتباع خريطة الطريق نفسها التي اتبعها ميشال عون للوصول إلى بعبدا. استفاقة الحريري المتأخرة على الصلاحيات ستليها «صحوات» أخرى متتالية!
استراتيجية سعودية جديدة في لبنان
يتحدث السعوديون عن استراتيجية جديدة للمملكة في لبنان. من ركائزها التعامل مع ميشال عون بوصفه «مجرد أداة بيد حزب الله وإيران». سمير جعجع هو «المعتمد الأول» سياسياً ومالياً. حزب الله هو «العدو الأول»، لكن الوسائل التقليدية في مواجهته أثبتت فشلها. لا بد أن تتضافر «الحرب الناعمة» التي يخوضها دونالد ترامب ضد إيران، مع حرب أكثر نعومة ضد حزب الله في الداخل والخارج، وصولاً إلى تثوير بيئته الحاضنة، بما في ذلك توسيع الشرخ بينه وبين نبيه بري.
وفق هذه الاستراتيجية، زار وليد جنبلاط الرياض وعاد منها غير نادم على تحييد حزب الله، لكنه سيكون رأس حربة استهداف العهد، وبوتيرة متصاعدة. ستتوالى الدعوات إلى سمير جعجع وسامي الجميّل وآخرين (فارس سعيد أولهم). العنوان إعادة إحياء قوى 14 آذار. عملياً، إعادة تكريس الاصطفافات. حاول السعوديون جسّ نبض الرئيس نجيب ميقاتي، فأتاهم الجواب: لن أغادر وسطيتي، ولن أكون جزءاً من أي اصطفاف قديم ــــ جديد.
إنه «هدوء ما قبل العاصفة». تتصرف القوات اللبنانية على أساس أن المرحلة المقبلة «ستكون صعبة». الحرب الكبرى في المنطقة واقعة حتماً. الأميركيون لا يمزحون مع الإيرانيين وحلفائهم. هذا كلام قاله جعجع. معه، كان لا بد من رسالة إلى سعد الحريري: «إذا أردت ترتيب أولوياتك على أساس هذه المعادلات تخبز بالأفراح». دقق المعنيّ أكثر من مرة بمضمون الرسالة. كان الجواب واضحاً: «كل الاحتمالات ستكون واردة إذا أجهضت نتائج الانتخابات، بما فيها رئاسة الحكومة، وإن غداً لناظره قريب».
القوات «متهمة» وجعجع في بعبدا قريباً «للتوضيح»!
وضعت رئاسة الجمهورية نقاط الصلاحيات على حروف التأليف الحكومي. «إذا كان الهدف تطويق العهد والانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية والهجوم على الرئاسة الأولى، فقد ولى الزمن الذي يتم التعاطي مع رئيس كل المؤسسات عبر الهجوم عليه لمنعه من ممارسة دوره الدستوري وولى زمن الهجوم على رئيس الجمهورية لتعطيل موقع الرئاسة الأولى» (مقال داوود رمال).
هذا ما يردده زوار القصر الجمهوري، غداة البيان الذي أصدره مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، أول من أمس، وأكد فيه تمسك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بصلاحياته من جهة وتمسكه باحترام اتفاق الطائف الذي أصبح دستوراً من جهة ثانية. يقول زوار عون إن النقاط التي وصفت بأنها عقد تمنع ولادة الحكومة العتيدة «ما زالت تراوح مكانها»، وأضاف هؤلاء: «لا يجوز المساس بآلية وأسس تشكيل الحكومات في لبنان بما يتناسب ونتائج الانتخابات النيابية، خصوصاً أنها أجريت للمرة الأولى وفق قانون انتخابي جديد اعتمد قاعدة النسبية وحددت في شكل واضح الأحجام للقوى والشخصيات السياسية».
والملاحظ غداة البيان الرئاسي، استقبال رئيس الجمهورية موفداً من معراب هو وزير الإعلام ملحم رياشي. في الشكل، جلس رئيس الجمهورية وراء مكتبه وليس في الصالون الذي يستقبل فيه زواره الرسميين. تعمدت الدوائر الإعلامية في بعبدا تعميم صورة رياشي جالساً قبالة عون. في المضمون، خرج رياشي للقول إن اللقاء «كان إيجابياً جداً». إنه لقاء مصارحة وتقييم للعلاقة بين القوات والعهد، و«هذه الزيارة ستؤسس لزيارة قريبة يقوم بها رئيس حزب القوات سمير جعجع إلى القصر الجمهوري قريباً من أجل إزالة كل الالتباسات التي تشوب علاقة الطرفين، خصوصاً في ضوء مسار عملية التأليف الحكومي وأثره السلبي على تفاهم معراب الذي يصر الجانبان على إبقائه طي الكتمان» بحسب مصادر مطلعة على اللقاء.
من جهته، يعطي رئيس الجمهورية ملف التأليف حيزاً أساسياً من اهتمامه وهو مستمر في ذلك من أجل تسهيل ولادة الحكومة، «ولكن هناك أموراً لا يمكن التنازل عنها أو التفريط بها، لا سيما تسمية نائب رئيس الحكومة الذي لا نقاش فيه، ففي كل العهود الرئاسية كان نائب رئيس الحكومة يختاره رئيس الجمهورية، وحصل استثناء أول في عهد الرئيس ميشال سليمان عندما أعلن تكتل التغيير والإصلاح أنهم نواب العهد، ويومها اختير عصام أبو جمرة نائباً لرئيس الحكومة والذي اصطدم مع رئيس الحكومة في مسألة الدور الذي يمكن أن يضطلع فيه، والاستثناء الثاني عندما أعطى الرئيس عون هذا الموقع للقوات اللبنانية (غسان حاصباني) في بادرة حسن نية إزاء القوات كان يفترض أن توظف في عملية تكامل في الأداء الحكومي لمزيد من الانتاجية وإيجاد لحلول للملفات العالقة وهذا ما لم يحصل».
ويشير زوار بعبدا إلى أن وزراء القوات اللبنانية «كانوا في كل أدائهم الحكومي ضد العهد، وتكفي الإشارة إلى موقفهم من ملفات الكهرباء والمستشفيات الحكومية والتعيينات في الإعلام الرسمي ومن استقالة الرئيس سعد الحريري من الخارج (الرياض) وكيفية تعاطيهم مع ظروف هذه الاستقالة التي لم تعد خافية على أحد، والموقف من موضوع المادة 49 من قانون الموازنة العامة لعام 2018، فهم لم يقفوا إلى جانب رئيس الجمهورية إنما كانوا في موقع الضد، وصولاً إلى الانتخابات النيابية حيث استبقت القوات كل إمكانية للتعاون مع التيار الوطني الحر وفق روحية إعلان النيات وعمدت إلى تسمية نواب في الدوائر المشتركة بمعزل عن التيار في رسالة واضحة لعدم التعاون، وعندما وقع رئيس الجمهورية مرسوم التجنيس، تولت القوات قيادة الحملة ضد العهد وصولاً إلى الطعن بالمرسوم».
يوضح زوار بعبدا أن «إعلان النيات» أو ما عرف بـ«إعلان معراب» لا يقول بالمناصفة في الحقائب الوزارية، بل التمثيل في حكومات وفق الأحجام، «وهذا ينطبق على الجميع ومنهم القوات اللبنانية»، أما موقع نائب رئيس الحكومة «فهو خارج أي بحث أو نقاش، وهذا ينطبق على التمثيل الدرزي إذ حصل كلام في شأن الوزير الدرزي الثالث بحيث يكون توافقياً بين النائب السابق وليد جنبلاط والوزير طلال أرسلان ولكن الحزب التقدمي الاشتراكي رفض هذا الطرح، علماً أن تمثيلهم لا يعطيهم هذا الحق في حصر التمثيل الدرزي بهم أو نيل ثلاثة وزراء، أما التمثيل السني من خارج تيار المستقبل، فيفترض بالرئيس الحريري أن يعالج هذا الموضوع بروحية إيجابية».
ويقول زوار بعبدا إنه في الساعات الأخيرة حصل أخذ ورد حول عدد من الأفكار والمخارج «ولكن الأمور ما زالت جامدة ولن يتبلور توجه لحلحلة العقد، مع التأكيد أن الرئيس عون منفتح على كل الأفكار ضمن الثوابت، والدستور واضح في موضوع تشكيل الحكومة لجهة شراكته مع الرئيس المكلف، وعون لا يقبل أن يصادر دور رئيس الحكومة وبذات المستوى لا يقبل أن يصادر الأخير دوره المكرّس بنص الدستور».
وينقل الزوار عن رئيس الجمهورية قوله: «من يوزع اتهامات كيفما اتفق، بأن الرئيس عون يخرق الطائف، فليقل أين خرقه، هل التمثيل العادل خرق لدستور الطائف؟ وهل الحفاظ على الصلاحيات الدستورية ومنع الهيمنة عليها بالهجوم تارة وبالتهويل تارة أخرى خرق للطائف، وهل الحفاظ على قسمه الدستوري وهو الوحيد الذي يقسم اليمين على الدستور قبل اعتلائه سدة الرئاسة خرق للطائف»؟ ويختم: «ولى الزمن الذي تصادر فيه صلاحيات رئيس الجمهورية ومن يظن ذلك سيكتشف أنه عبثاً يحاول».
يذكر أن رئيس الجمهورية تلقى، أمس، اتصالاً من رئيس الحكومة المكلف الذي سيزور قصر بعبدا اليوم.
اللواء
الحريري في بعبدا اليوم: صيغتان ولا دخان أبيض
إبراهيم يعلن التنسيق مع «المفوّضية» حول دفعة عرسال.. وخلاف اليمّونة والعاقورة يهدِّد تفاهم «مار مخايل»
عشية الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها إلى بعبدا اليوم الرئيس المكلف سعد الحريري، برزت في الأفق السياسي معطيات من شأنها ان تعطي «معنى عملياً» للاجتماع بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف بعد اتصال اجراه ببعبدا رئيس الحكومة، في وقت دخل الرئيس نبيه برّي فترة صيام عن الكلام، بانتظار العودة من الخارج:
1- طرح حكومة الـ24 وزيراً في التداول، وهي فكرة كانت إحدى الصيغ المطروحة لحكومة، تخفف من عبء الاستيزار والشروط والشروط المضادة، بالإضافة إلى الحكومة الثلاثينية.
2- الليونة السياسية التي تسعى «القوات اللبنانية» لترجمتها، بعد زيارة الوزير ملحم رياشي إلى بعبدا، والاجتماع الذي استمر 45 دقيقة مع الرئيس عون، ووصفت نتائجه «بالايجابية والممتازة».. والذي استكمله ليلاً نائب رئيس الحزب جورج عدوان، والذي اعتبر ان «القوات» حريصة على نجاح العهد، ولا مشكلة إذا كانت نيابة رئيس الحكومة من حصة رئيس الجمهورية أو الحقيبة السيادية من حصة «القوات». وسط معلومات عن ان مشكلة حصة «القوات» قطعت شوطاً باتجاه الحلحة.
3- نفي مصادر قصر بعبدا ان يكون الرئيس عون أبلغ الحريري ان البديل عنه جاهز في حال تأخره في تشكيل الحكومة.
4- تأكيد مصادر مقربة من الرئيس الحريري ان «لا فيتو على أي مطلب من مطالب لحزب الله»، قبل 24 ساعة من إطلالة مرتقبة للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عند الخامسة والنصف من عصر غد الجمعة، تتناول آخر التطورات في لبنان والمنطقة.
5- تأكيد مصادر مقربة من الوزير جبران باسيل انه ماضٍ بتمسكه بالمصالحة المسيحية، مع اشارته إلى ان التفاهم السياسي مترنح حالياً، بسبب ما يعتبره خروجاً من «القوات» على تفاهم معراب وهذا ما يجعل التيار لا يقاتل من أجل حصتها الوازنة، كما حصل في تأليف الحكومة السابقة.
مبادرتان لحفظ الاستقرار
وفي تقدير مصادر سياسية، ان تعميم اتصال الرئيس الحريري بالرئيس عون، عبر مكتبه الإعلامي، والاتفاق على لقاء يعقد بينهما اليوم، وكذلك زيارة الوزير رياشي موفداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى بعبدا، مؤشران على ان ثمة محاولات لإيجاد مخرج من المأزق الحكومي الراهن، بعد ان استشعر كل من الرئيس الحريري والدكتور جعجع بخطر التصعيد الذي حصل في اليومين الماضيين، سواء على التسوية الرئاسية التي انتجت العهد الحالي، أو على تفاهم معراب، وما يمكن ان ينجم عن انهيار التسوية والتفاهم من مضاعفات على الاستقرار السياسي، وتبعاً لذلك الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد، ولذلك سارع الرجلان إلى استدراك هذا الأمر، عبر الاتصالات ببعبدا، من اجل تبريد الأجواء السياسية، قبل أي حديث عن تشكيل الحكومة، وعلى اعتبار ان تهدئة الأجواء من شأنها ان تتيح مناخات إيجابية تؤدي حتماً إلى ولادة الحكومة في ظروف سياسية وطبيعية بعيدة عن أجواء التشنج أو التوتر.
ولفتت المصادر إلى ان الرئيس الحريري ربما سارع إلى اجراء الاتصال بالرئيس عون للدلالة على انه ليس منزعجاً من البيان الرئاسي الذي صدر عن بعبدا في خصوص الصلاحيات في تشكيل الحكومة، ومسألة العرف في منصب نيابة رئاسة الحكومة، وان الإشارات التي صدرت في بيان كتلة «المستقبل» النيابية، في شأن هذه الصلاحيات لم يكن غرضها الرد على البيان الرئاسي، أو ان البيان صدر للرد على بيان «المستقبل»، معتبرة ان كل هذه الأمور هي من بنات مخيلات سياسية، لم يكن الرئيس المكلف في اجوائها، الا ان اطرافاً سياسية دخلت بالتأكيد على الخط، من أجل تعكير المناخات بين الرئاستين، وبالتالي الاصطياد في المياه العكرة، مثل الاضاءة على مهل التأليف ووجود بديل أو طرح فكرة نزع التكليف عبر عريضة نيابية، وكلها هرطقات سياسية غير موجودة اصلاً في الدستور، وهو ما دفع مصادر بعبدا إلى نفي صحة ما تمّ تداوله، عن ان الرئيس عون سبق ان أبلغ الحريري بأن البديل عنه جاهز في حال تأخر في تشكيل الحكومة.
لا اعتذار
وحرصت مصادر «بيت الوسط» على وضع زيارة الحريري إلى بعبدا اليوم ضمن إطار التشاور بين الرئيسين المعنيين بعملية التأليف لجوجلة كل الأفكار المطروحة من أجل إيجاد الحلول المناسبة، مؤكدة ان الحكومة ستبصر النور في نهاية المطاف بالصيغة التي يراها الرئيس المكلف، والذي يعمل على بلورتها بتأن وروية وبحكمته المعروفة بعيداً عن أي تسرع، خصوصاً وان لدى الحكومة المقبلة مهمات والتزامات دولية كثيرة وكبيرة تنتظرها في الأشهر والسنوات المقبلة، حيث من المتوقع ان يستمر عمرها طويلاً إذا لم تطرأ أمور معينة تُهدّد التسوية الرئاسية.
وأكدت المصادر ان لدى الرئيس الحريري باعاً طويلاً، وهو معروف عنه عدم استسلامه للصعوبات التي تعترضه، نافية ان يكون بصدد تقديم أي اعتذار عن التشكيل، لكنها شددت على ان المطلوب من الجميع هو التواضع ووقف السجالات، ووضع مصلحة البلاد فوق أي مصلحة شخصية ضيقة، ودعت الجميع للقراءة من كتاب واحد هو الدستور، وتطبيق ما ينص عليه هذا الكتاب بخصوص الصلاحيات.
ولفتت إلى ان موقف الرئيس الحريري أصبح واضحاً فهو لا يريد إقصاء أحد من القوى السياسية الفائزة في الانتخابات النيابية عن التشكيلة الحكومية، وهو حريص على مشاركة جميع هذه المكونات في الحكومة المقبلة. ورأت المصادر ان الأولوية في المرحلة الراهنة هي السعي لبذل كل الجهود من أجل إيجاد الحلول للعقد التي أصبحت معروفة والتوصل إلى تفاهم سياسي من أجل ولادة الحكومة وبدء مرحلة من العمل الجدي والاستثنائي.
لا صيغة جديدة
اما أوساط قصر بعبدا، فنفت ان يكون الاتصال الذي اجراه الرئيس الحريري قد تناول أي تُصوّر جديد للحكومة، مثل الصيغة التي طرحها تلفزيون «الجديد» لحكومة من 24 وزيراً بدلاً من الحكومة الثلاثينية، بحيث تعطى «القوات» 3 وزراء في مقابل 5 حقائب «للتيار الوطني الحر» و3 لرئيس الجمهورية، وأعطت الدروز مقعدين لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع استبعاد توزير النائب طلال أرسلان، وأعطت المعارضة السنية مقعداً من حصة رئيس الجمهورية، وأكدت ان هذه الصيغة غير صحيحة، لأن الرئيس الحريري يفضل صيغة الـ30 وزيراً، ومعه الرئيس عون، لقدرة هذه الصيغة على تلبية حاجات التمثيل الأوسع والحفاظ على صيغة الحكومة السابقة.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان انعقاد اللقاء بين الرئيسين عون والحريري اليوم مؤشر واضح على ان ملف تشكيل الحكومة يسير كما يجب حتى وان لم يكن هناك أي تُصوّر جديد لتوزيع الحصص للكتل في الحكومة. ولفتت النظر إلى انه للمرةالاولى يعمم الاتصال الهاتفي بينهما من أجل تأكيد انعقاد اللقاء أولاً، وللتأكيد ثانياً إلى انه ما من تباين بين الرئاستين الأولى والثالثة في ما خص مقاربة الملف، مشيرة الىان الرجلين يدركان تماماً ما لحظه الدستور حول دورهما في التشكيل.
الا ان المصادر نفت ان يكون لديها معلومات حول ما يمكن ان يدور من بحث في لقاء اليوم، وما اذا كانت هناك مراجعة جديدة لتوزيع الحصص أو لا، لكن المؤكد هو مواصلة المساعي لتأليف الحكومة دون التزام موعد لولادة الحكومة، وان موضوع نيابة رئاسة الحكومة غير قابل للنقاش، وسيبقى هذا المنصب من حصة رئيس الجمهورية.
رياشي في بعبدا
اما فيما خص اللقاء بين الرئيس عون والوزير رياشي، فقد أوضحت المصادر انه اتسم بالود، على الرغم مما اشيع عن استقبال عون له من خلف مكتبه من انه مؤشر سيء، لافتة إلى انه على العكس من ذلك مؤشر إلى ان الحوار كان وجهاً لوجه، وهو ما أراده الرياشي لدى دخوله إلى مكتب الرئيس. وفي تقدير المصادر ان انعقاد اللقاء بحد ذاته يعني ان للبحث تتمة، وان النقاش كان موسعاً حول العلاقة بين العهد و«القوات»، والتأكيد على ان حزب «القوات» لطالما كان إلى جانب العهد وإلى جانب دعمه.
وأوضح نائب رئيس حزب «القوات» النائب جورج عدوان، في مقابلة مع محطة M.T.V ضمن برنامج «بموضوعية»، ان جعجع أراد توجيه رسالة واضحة للرئيس عون مفادها انه «بي» العهد، وان «القوات» ليست ضده بل معه حتى النهاية والتنبه لمن يحاول «الحرتقة» في هذه العلاقة، مشدداً على ان نجاح الرئيس عون هو نجاح «القوات» نظراً لحرص «القوات» على دعم العهد، ولفت إلى ان زيارة الحريري لبعبدا ستباشر يفتح أبواب جديدة للحكومة، وستفتح مجالات أخرى للعلاقة بين عون والحريري بعد ان تدخل عدد من الأشخاص في هذه العلاقة التي هي جيدة وممتازة وستظهر الأيام المقبلة هذا الامر.
وأوضح عدوان ان القوات لا تطلب سوى تنفيذ اتفاق معراب مع التيار واعطائها حجمها الطبيعي، كاشفاً ان التفاهم كان قائماً على تشكيل كتلة واحدة داعماً للرئيس والعهد وليس ما أدت إليه الأمور اليوم، وان «القوات» اعتبرت في تفاهم معراب ان حكومة الـ30 وزيراً يأخذ الرئيس 3 حقائب والباقي يتقاسمه الفريقان، على ان يتم إعطاء الحلفاء الحقائب من حصتهما، وتم الاتفاق على ان يدوم هذا التفاهم طيلة عهد الرئيس عون أي 6 سنوات، وهذا التفاهم مكتوب ولكننا لن نبرزه في القريب المنظور. وقال ان من يسأل عن عدم تطبيق التفاهم يجب الا يسأل «القوات» بل عليه ان يسأل الطرف الذي لا يريد تطبيقه، أي الوزير جبران باسيل.
اضاف: إذا أراد الرئيس عون نيابة رئاسة الحكومة واي شيء يُعزّز صلاحياته فنحن معه، ولكنه هو الذي بادر في الأساس لإعطاء «القوات» نيابة رئيس الحكومة، لأن البعض كان معترضا على حصول القوات على حقيبة سيادية، الأمر الذي لم يعد قائما الآن بعد ان تبلغنا من الرئيس برّي ومن حزب الله عدم معارضتهم تسلم القوات حقيبة سيادية، والأمر نفسه تبلغه الحريري.
عودة النازحين ومرسوم التجنيس
إلى ذلك، أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ان دفعة من نحو 400 نازح سوري ستغادر عرسا صباح اليوم عائدة إلى سوريا، بعد ان تمت الموافقة على اسمائهم من قبل السلطات السورية، علما ان هذه الدفعة هي الأولى من ضمن لائحة تضم 3000 اسم، مؤكدا على التنسيق مع مفوضية اللاجئين، وقد وجهنا لهم رسالة ليتحملوا المسؤولية. وفيما خص مرسوم التجنيس، أكّد إبراهيم ان عمل الأمن العام في هذا الملف أعطى نتيجة، وانه أنجز المهمة على اكمل وجه، كاشفا انه حدّد المآخذ على كل اسم كان موضع شك في التقرير الذي رفعه إلى الرئيسين عون والحريري والوزير نهاد المشنوق، لكنه رفض الكشف عن عدد هؤلاء الذين وردت اسماؤهم في المرسوم الا ان معلومات أكدت ان التقرير تضمن 85 اسماً اقترح عباس شطبهم من المرسوم بالإضافة 15 اسماً تمّ التحفظ عليهم، ملمحاً إلى انه «لم يطلب دراسة سابقة للاسماء، بل دراسة لاحقة».
اليمونة – العاقورة
على صعيد آخر، تفاعل الخلاف العقاري بين اليمونة البقاعية والعاقورة الجبيلية، بعد إطلاق نار جرى على اثره تبادل اتهامات بين رئيس بلدية العاقورة منصور وهبي ورئيس بلدية اليمونة طلال شريف. فقد اتهم الأوّل (وهبي) الثاني (شريف) بالتحريض على إطلاق النار، في مؤتمر صحفي حضره النائبان زياد حواط وشامل روكز، وصف فيه إطلاق النار بالتعدي ليس على الأرض، وحسب، بل على الاحكام والقوانين أيضاً.
وطالب حواط بتحديد خط المساحة الصادر عام 1936، داعيا الرؤساء الثلاثة للتدخل، في رأى روكز ان الخطة الأمنية التي أطلقت في البقاع ستشمل جرود العاقورة، فيما تلقى منصور اتصال دعم كل من باسيل ومن جعجع.
بالمقابل، وفيما التزم نواب بعلبك- الهرمل الصمت، ولم يصدر أي تعليق عن النائب جميل السيّد، الذي سبق واثار الموضوع، كشفت مصادر مطلعة على الأجواء لـ«اللواء» الوضع بالحذر، وان نواب المنطقة يبدون استياء من أجواء التحريض، مطالبين العودة إلى الخطة القديمة للحفاظ على الهدوء، لئلا يؤثر ذلك على تفاهم مار مخايل بين حزب الله والوطني الحر.
البناء
إيران تذكّر أوروبا بأنّ المهلة تشارف على النهاية… والحوثيون يقدّمون مبادرة لميناء الحُدَيْدة
قمة ترامب بوتين منتصف تموز… وبولتون ناقش فرص التسوية في سورية
الحريري إلى بعبدا بصيغة الـ 24… وترجيح العودة إلى الـ 30 منقّحة
يتزامن السعي الأميركي لاستكشاف فرص تسويات جزئية مع روسيا في ملفي سورية وكوريا، للتفرّغ للمواجهة مع إيران من بوابة إعلان التحالف «الإسرائيلي» السعودي تحت عنوان صفقة القرن. ومتفرّعات هذا التحالف ظاهرة في العقوبات الأميركية على إيران بعد الانسحاب من التفاهم حول ملفها النووي من جهة، وفي حرب اليمن والسعي المحموم للتصعيد السعودي الإماراتي طلباً لنصر بأيّ ثمن، من جهة أخرى. هكذا توزّع المشهد الدولي والإقليمي على عناوين لا تبدو منتمية لزمن سياسي واحد. ففيما شهدت موسكو محادثات مكثفة لمستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون مع الرئيس الروسي سيعقبها اليوم الإعلان عن موعد عقد القمّة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، والتي بات مؤكداً انعقادها في هلسنكي منتصف الشهر المقبل، وفقاً لتغريدة للرئيس ترامب عن احتمال عقد القمة بعد قمة الناتو في هلنسكي والمقرّرة في الثالث عشر والرابع عشر من الشهر المقبل، رأت مصادر متابعة أنّ البحث في فرص التسوية في سورية ولو بالتدريج بدءاً من الجنوب نالَ النصيب الأوفر من محادثات بولتون في موسكو ويتوقّع أن يتصدّر محادثات القمة بين ترامب وبوتين. في المقابل تواصل التصعيد الأميركي على جبهة العقوبات على إيران، التي أعلن رئيسُها الشيخ حسن روحاني أنّ حكومته ستواجه العقوبات بالمزيد من التقشف في النفقات والعودة إلى خطط البناء والتنمية بالاعتماد على القدرات الذاتية، إذا لم تنجح أوروبا بتقديم الضمانات المصرفية التي تطلبها إيران لمعاملاتها المالية، مذكّراً أوروبا بأنّ المهلة تشارف على النهاية، وبالتوازي رفضت حكومة منصور هادي في اليمن عرضاً قدّمه أنصار الله لوضع مرفأ الحُدَيْدة تحت الإشراف الأممي كمقدّمة لتسوية تفتح طريق التفاوض على الحلّ السياسي، بعدما حمل المبعوث الأممي مارتن غريفيت هذا العرض إلى عدن، بينما كان الجيش السوري يتقدّم في محاور المواجهة في محافظتي درعا والسويداء محققاً المزيد من الإنجازات، عشية بدء الهجوم الكبير المتوقع على محاور المدينة، كما قالت مصادر الجماعات المسلحة على مواقعها، ونقلت عنها القنوات المموّلة خليجياً.
لبنانياً، دوّت صرخة رئيس الجمهورية حول المعايير الواجب اعتمادها في تشكيل الحكومة، وتمسّك بعبدا بالحكم على أيّ تشكيلة مقترحة على أساسها، أكدت مصادر مطلعة أنّ الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري سيحمل إلى بعبدا صيغة حكومية من أربعة وعشرين وزيراً، يُتوقّع أن لا تلقى القبول من رئيس الجمهورية، لأنّها تشكّل التفافاً على تمثيل متوازن لنتائج الانتخابات النيابية، لا تزال حكومة الثلاثين وزيراً هي الأقدر على استيعابه، سواء في التمثيل الدرزي الذي سيُحصر بكتلة اللقاء الديمقراطي في صيغة الأربعة والعشرين، أو بتصغير حصة رئيس الجمهورية في هذه الصيغة لضمان تمثيل الكتل النيابية. وتوقعت المصادر أن يبقى أثر ومفعول الكلام الرئاسي محور الاقتراحات اللاحقة التي ستدور على صيغة ثلاثينية معدّلة، ترسو فيها حصة القوات اللبنانية على أربعة وزراء ليس بينها حقيبة سيادية ولا منصب نائب رئيس الحكومة، وتمثيل النواب السنّة من خارج تيار المستقبل وتمثيل النائب طلال أرسلان، بالإضافة لما بات معلوماً عن تمثيل تيار المردة، وثنائي حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر. وتبقى المشكلة في توزيع حقائب الخدمات، خصوصاً وزارة الأشغال والنقل ولمن ستؤول في ظلّ طلب شديد عليها.
صيغة الـ24 الى التداول…
لم يُسجل يوم أمس، أي خرق في جدار المواقف المتصلبة في مسألة تأليف الحكومة، باستثناء اتصال أجراه الرئيس المكلف سعد الحريري برئيس الجمهورية ميشال عون اتفقا خلاله على اللقاء بعد ظهر اليوم في بعبدا لاستكمال التشاور، ولقاء بين الرئيس عون والوزير ملحم رياشي موفداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والذي وصفه رياشي بالممتاز. وقد جاء اتصال الحريري عقب بيان بعبدا العالي اللهجة والنبرة تجاه ثلاثي «المستقبل» – «القوات» – «الاشتراكي»، ما دفع الرئيس المكلف الى فهم الرسالة واحتواء الموقف واتخاذ خطوة تراجعية والعودة الى بعبدا بتصوّر جديد يأخذ بعين الاعتبار تحفّظات الرئيس عون على التصور الأخير الذي حمله الحريري الى بعبدا، بحسب مصادر «البناء».
كما أتى اتصال الحريري الهاتفي بعون بعدما ساد التوتر خط بيت الوسط – بعبدا الرابية، حيث ألغى رئيس الجمهورية موعد زيارة الحريري الأحد الماضي رداً على رفض الحريري تعيين موعد لرئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في بيت الوسط. وترافق مناخ التهدئة في بيت الوسط مع غياب التصعيد من إعلام تيار المستقبل الذي دأب وإعلام 14 آذار على فتح النار على بعبدا خلال الأيام القليلة الماضية، قبل أن يخرج الرئيس عون عن صمته ويضع النقاط على الحروف في بيانه الأخير. ووسط تعثّر الاتفاق على حكومة ثلاثينية عادت صيغة الـ 24 وزيراً الى التداول، حيث سرّبت معلومات مجهولة الهوية والمصدر هذه الصيغة التي سبق وسقطت في بداية مفاوضات التأليف ما يدعو للتساؤل عن الهدف من إعادة طرحها ولمصلحة مَن؟
وإذ نفت مصادر بيت الوسط أن تكون هي مصدر تسريب هذه الصيغة، أوضحت أوساط بعبدا لـ «البناء» بأن «لا شيء يمنع من اعتماد صيغة الـ24 وزيراً، إذا لم تخالف المعايير المتفق عليها لتأليف الحكومة لا سيما مراعاة التوازنات الطائفية والسياسية وتأخذ بعين الاعتبار الأحجام التي أفرزتها الانتخابات النيابية وأن تبقى وحدة وطنية». ونفت المصادر أن يكون رئيس الجمهورية قد فاتح الرئيس المكلّف بموضوع تكليف بديل عنه في حال تأخّر في التأليف»، مؤكدة بأن «عون لم يتداول في أي من الأسماء المطروحة في الصحف».
وبحسب مصادر مواكبة لعملية التأليف، فإن الحصص وفقاً لصيغة الـ 24 وزيراً تصبح 5 موارنة و5 شيعة و5 سنة و2 دروز و2 كاثوليك و2 أرمن و3 أرثوذكس». ولفتت الى أن «طرح هذه الصيغة يسهّل حل العقدة الدرزية وتشكّل مخرجاً للعقدة القواتية»، وبحسب هذه الصيغة يصبح حجم القوات 3 وزراء مقابل 5 للتيار الوطني الحرّ و3 لرئيس الجمهورية ووزيرين للاشتراكي ووزيراً للمعارضة السنية من حصة رئيس الجمهورية.
وأشارت مصادر مطلعة في تيار المستقبل لـ «البناء» الى أن «الحريري لا يعارض تشكيلة الـ 24 وزيراً، إذا كانت تسهل ولادة الحكومة، لكنّه يفضل حكومة ثلاثينية، لأنّها الأكثر قدرة على تمثيل الأطراف». وعلمت »البناء» في هذا السياق أن «أحد المخارج لعقدة حصة القوات الذي بحثها رياشي مع الرئيس عون أمس، والتي ستكون محور نقاش الرئيسين عون والحريري اليوم، هو أن تنال القوات في حكومة ثلاثينية 4 وزراء من ضمنهم حقيبتان أساسيتان العدل وحقيبة أخرى مقابل التنازل عن نائب رئيس الحكومة».
عون: نيابة الرئيس خارج النقاش
الى ذلك بقيت العلاقة بين بعبدا وبيت الوسط في دائرة الضوء بعد تصعيد الأيام القليلة الماضية، وفي وقت لفتت أوساط بعبدا لـ«البناء» إلى أن «بيان بعبدا جاء بعد استشعار الرئيس عون بحملة اتهامات طاولته ودوره وموقعه وصلاحياته». جزمت بأن «مسألة نيابة رئاسة الحكومة غير قابلة للنقاش ولا الحقوق المكرّسة في الدستور»، مشيرة الى أن «هذا الموقع كرّسته الأعراف للرئيس، وهذا ما كان في عهد الرؤساء الياس الهراوي واميل لحود وميشال سليمان». ونوّهت الى أن «الاستثناء كان في الحكومة الحالية إذ تنازل عون للقوات عن هذا المنصب وغيره، لكن تحوّلت هذه المواقع ووزراء القوات الى عرقلة العهد في جملة ملفات». وعن تلمّس بعبدا حلفاً يسعى لتطويقها رفضت الأوساط لـ«البناء» الحكم على النيات، لكنها أبدت استغرابها «إزاء التصعيد السياسي والإعلامي الموجّه الى بعبدا».
من جهتها استبعدت مصادر مستقبلية أن نكون أمام أزمة بين الرئاستين الأولى والثالثة لا سيما أن الرئيسين لا يريدان ذلك، مؤكدة لـ«البناء» أن «التسوية الرئاسية تعرّضت للاهتزاز، لكنها لم تسقط»، وأضافت أن «السجال الإعلامي بين المستقبل والتيار الوطني الحر لم يصل الى مرحلة القطيعة»، موضحة أن «المستقبل منفتح على جميع القوى، ومنها القوات والاشتراكي وحركة أمل وأي تقدم في العلاقة مع هذه المكونات لن تكون على حساب العلاقة مع التيار الحر، بل العلاقة يجب أن تبقى جيدة من الجميع لتأليف حكومة تواجه التحديات». وشددت على أن «مطالب القوات محقة، لكن لا بد من تقديم التنازلات من الجميع للوصول إلى حل وسط».
سنّة المعارضة: الحريري يخشى وجودنا
ولفتت مصادر المستقبل لـ «البناء» إلى أن «الرئيس الحريري لا يزال على موقفه في مسألة حصة الحزب الاشتراكي الذي يمثّل الدروز في المجلس النيابي»، أما عن تمثيل سنة المعارضة فتساءلت المصادر: كيف يقولون إنهم معارضة ويريدون الدخول الى الحكومة؟ فهل هم سنّة حزب الله؟ وهل حزب الله في المعارضة؟ مشيرة إلى أن «الرئيس المكلف يتعاطى مع هؤلاء على أنّهم ليسوا تكتلاً نيابياً، بل لقاء سياسي لا أكثر ولا أقل». وأضافت أن «الرئيس عون يستطيع حلّ العقد الحكومية إن أراد ذلك».
أحد أقطاب 8 آذار من السنة أشار لـ«البناء» الى أن «من حق النواب السنّة الذين جاؤوا بإرادة ناخبيهم أن يتمثلوا في الحكومة إذا كانت فعلاً حكومة وحدة وطنية»، موضحاً أن تذرع رئيس الحكومة بـ»أن هؤلاء النواب ليسوا منضوين ضمن كتلة نيابية موحّدة غير مقنع»، مشيراً الى أن «هؤلاء النواب يشكلون جبهة موحدة ويمثلون أكثر من ثلث النواب السنة في البرلمان»، وحذّر من أن «إقصاء هؤلاء الشريحة الأساسية سيحوّلها إلى معارضة شديدة للحكومة ورئيسها». ودعا القطب فريق المقاومة إلى «دعم مطلب تمثيلنا حتى النهاية وأن لا يخضع للابتزاز والضغط السياسي»، وأضاف بأن «الرئيس المكلف لا يريد لأحد من معارضيه السنة أن يدخل الى مجلس الوزراء كي لا يشكّل معارضة سنية لسياساته، وكي لا يقاسمه الخدمات»، متّهماً الحريري بـ»مخالفة المعايير الديمقراطية ونسف نتائج الانتخابات واحتكار التمثيل السني بتياره السياسي». وأوضح بأنه «صحيح أن الرئيس المكلف هو الذي يشكل الحكومة إلا أن فريق 8 آذار وتكتل لبنان القويّ هم الذين أمنوا الأكثرية النيابية لتكليفه في الاستشارات النيابية». وأيّد القطب كلام اللواء جميل السيد بأنه «لا يمكن بقاء الحريري والبلد رهينة القوات اللبنانية الى ما شاء الله».
وقالت أوساط نيابية سنية لـ«البناء» إن «العقدة أمام تأليف الحكومة خارجية أكثر منها داخلية، إذ إن السعودية لا تريد تأليف الحكومة بالشروط والظروف الحالية بانتظار استحقاقات سياسية وعسكرية إقليمية ودولية». ولفتت مصادر «البناء» الى أن «الحريري لم يتمكّن من لقاء أي مسؤول سعودي خلال زيارته الأخيرة، وبالتالي لم يعُد إلى لبنان برؤية سعودية واضحة للوضع الحكومي ما زاد المشهد غموضاً أمامه، لكن هجوم النائب السابق وليد جنبلاط على العهد بعد عودته من السعودية كانت إشارة كافية للحريري لالتقاط الاتجاه السعودي تجاه بعبدا والحكومة ما دفعه الى التموضع ضد عون ورفع السقف والتمسك بمطالب القوات اللبنانية»، مشيرة الى أن «الحريري يحاول من خلال الإيحاء بابتعاده عن عون والتقرب من القوات كسب ودّ السعودية، إذ لا يستطيع الخروج من بيت الطاعة السعودي لأسباب سياسية ومالية وعائلية»، لكن المصادر حذّرت من أن «اصطفاف الحريري الجديد سيصطدم بالرئيس عون ما يطيح بالتسوية الرئاسية، وبالتالي تكون الحكومة أولى الضحايا».
وفي ظلّ تصعيد الحريري، لفتت عودة بعض صقور المستقبل المتطرّفين الى المشهد السياسي، بعدما أصبحوا خارج المعادلة النيابية، كالنائب السابق خالد الضاهر الذي حذّر خلال مؤتمر صحافي من أن التهديد بعريضة الـ65 نائباً يحمل ضغينة على البلد كله»، ما فسّرته مصادر على أنه رد من الحريري على اللواء السيّد الذي هدّد ببديل عن الحريري إذا طال أمد التأليف.
«التيار» نتمسك بالمصالحة
على خط الرابية – معراب، وبعد إعلان باسيل عن سقوط اتفاق معراب بين التيار والقوات التي التزمت الصمت، تحرّكت المساعي ونشطت الاتصالات بين الطرفين لرأب الصدع والتهدئة، لا سيما عرّابي المصالحة والاتفاق النائبين إبراهيم كنعان وجورج عدوان، لكن القوات حاولت الفصل في علاقتها بين عون وبين باسيل، واعتبر عدوان أن «نجاح الرّئيس ميشال عون هو نجاحنا»، قائلاً: «لن نقبل بأن يُسجّل على عهده أي شائبة دستوريّة». وكشف: «اتفاق معراب اتخذنا المعايير التالية: في حكومة من 30 وزير يأخذ الرئيس 3 وفي حكومة من 24 وزيراً يأخذ اثنين، وما تبقّى من وزراء مسيحيين يُقسم بالتساوي بيننا على أن يعطي كل منا حلفاءه المسيحيين وزراء من حصّته». وتابع: «باسيل لم يطبّق اتفاق معراب من الحكومة الأولى ورضينا بهذا الأمر كي لا يقع الخلاف من البداية».
وأشارت مصادر مطلعة للـ «أو تي في»، الى أن رئيس التيار جبران باسيل متمسك بالمصالحة المسيحية مع إشارة صريحة الى ان التفاهم السياسي مترنح حالياً». وغرّد كنعان عبر «تويتر»، قائلاً: «المصالحة المسيحيّة ليست ابنة تاريخ معيّن، بل هي للتاريخ وللأجيال الآتية كي نبني لها مستقبلاً هانئاً في المجتمع والوطن، وللشراكة الوطنيّة التي استعدنا كي نحميها. وهي برمزيّتها وعمقها لا يمحوها خلاف سياسي أو حكومي بعد أن حققنا حضوراً مسيحياً وازناً في المؤسسات الدستورية كافة».
نصرالله يطلّ غداً
وسط هذه الأجواء يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، عند الخامسة والنصف من عصر غد الجمعة عبر شاشة «المنار» ويتناول الملف الحكومي وآخر المستجدات في المنطقة. على صعيد آخر، أعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان، أنّها «تقوم اليوم بتأمين العودة الطوعية لمئات النازحين السوريين وعبور الباصات والآليات الخاصة بهم من منطقة عرسال إلى سورية عبر حاجز وادي حميد، اعتباراً من الثامنة صباحاً».
الجمهورية
التناقضات تزيد المطبّات وتضرب العلاقــات… والحريري يحمل مسوّدة الى بعبدا
نافذة الأمل في تشكيل الحكومة المستعصية، وحدها مقفلة بحواجز ومطبّات تَحول دون العثور على الشيفرة السرّية لفتحِ قفلِ مغارة التأليف. وأمّا سائر النوافذ الداخلية فمفتوحة على الاشتباك السياسي، انطلاقاً من اهتزاز العلاقات السياسية بين معظم الجبهات السياسية، لعلّ أبرزها بين التيار الوطني الحر و»القوات اللبنانية» جرّاء التصدّع الذي شاب «تفاهم معراب»، وبات أشبَه بـ»تفاهم من طرف واحد»، بعدما بدا أنّ «التيار» نأى بنفسه عنه. وكذلك بين بعبدا وبيت الوسط ومِن خلالهما بين تيار المستقبل والتيار الوطني، بعدما برزَت عثرات واضحة في العلاقة بينهما، وتباينات ورؤى مختلفة على خط تأليف الحكومة، كان أبرزها البيان الرئاسي الأخير حول صلاحيات رئيس الجمهورية في ما خصَّ تأليف الحكومة. والذي أحيطَ بتساؤلات حول موجباته والغاية منه وكذلك حول هوية من دفعَ إليه في هذا التوقيت بالذات.
حكومياً، يُنتظر أن يقوم الرئيس المكلّف سعد الحريري بزيارة اليوم إلى القصر الجمهوري ولقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وفيما لم تطفُ على سطح المشهد الداخلي أمس، أيّ مؤشرات إيجابية توحي بأنّ حركة التأليف بدأت تسلك المسارَ الجدّي نحو توليد الحكومة، تردّدت معلومات تفيد بأنّ الحريري سيحمل الى بعبدا اليوم، مسوّدة حكومية جديدة، منقَّحة في بعض جوانبها عن المسوّدة التي سبقَ وعرَضها الاسبوع الماضي على رئيس الجمهورية، ولم يُكتب لها أن تخرق جدار التعقيدات الماثلة في طريق التأليف.
الأجواء الرئاسية تؤشّر إلى مقاربة هادئة لكلّ المسار الحكومي، مرتكزة في جانبها الأساسي، على الثوابت الحاسمة التي جرى التأكيد عليها في البيان الرئاسي الاخير، والتي كان لا بدّ من التأكيد عليها، لتصويب المسار، في الاتّجاه الصحيح. وعلى هذا الأساس، بحسب هذه الأجواء، فإنّ رئيس الجمهورية، ينتظر ما سيحمله اليه الرئس المكلف. ويأمل أن تطغى الإيجابية على كلّ هذا المسار، بما يؤدّي إلى ولادة الحكومة في القريب العاجل.
إحتمال قائم.. لكن ضعيف
إلّا أنّ عاملين في مطبخ التأليف، لم ينفوا أو يؤكّدوا وجود مسوّدة ثالثة، بل أبقوا تقديم مسوّدة ثالثة في خانة الاحتمال القائم لكنّه ضعيف، وخصوصاً أنّ الحريري سبق ان قدّم مسوّدة حكومية الى رئيس الجمهورية، وما زال ينتظر الردّ المباشر عليها من قبَله، وإن كان الردّ على هذه المسوّدة قد صَدر بشكل غير مباشر في الإعلام، وفي مواقف التيار الوطني الحر، وكذلك في البيان الرئاسي الصادر أمس الاوّل عن رئيس الجمهورية.
إيجابية حريرية
وعلمت «الجمهورية» أنّ وقعَ البيانِ الرئاسي لم يكن مريحاً في بيت الوسط، وأثيرَت حوله علامات استفهام وتساؤلات، وحرّك اتصالات في شأنه على اكثر من مستوى سياسي. وعلى رغم سلبية البيان فإنّ الحريري، وكما يقول مقرّبون، سيزور بعبدا اليوم بروحٍ إيجابية ومنفتحة، وهو مهّد الى هذه الايجابية في الاتصال الذي أجراه أمس مع رئيس الجمهورية وتوافقا فيه على اللقاء اليوم. وبمعزل عن وجود مسوّدة جديدة، أو عدمه، أكّدت أوساط الحريري لـ«الجمهورية» استعجال الرئيس المكلف على بلوغ غايته سريعاً جداً. وخصوصاً أنه يَستشعر دقّة وضعِ البلد وخطورة الأزمة التي يعانيها، وهذا ما يستوجب الذهابَ الى حكومةٍ تعمل فوراً، فكلّ يوم تأخير يزيد من الأضرار، ومِن حجم الخطر المحدِق بالبلد ولا سيّما حيال الوضع الاقتصادي. وبحسب أوساط الحريري، فإنه ماضٍ في مهمته، والمشاورات التي أجراها في الفترة الاخيرة، أكّدت أنّ الامور غير مقفَلة، خلافاً للجوّ الذي شاع في البلد عن طريق مسدود، بل بالعكس، ثمّة نوافذ كثيرة مفتوحة ويؤمل عبورها سريعاً، وهذا ما سيُصار الى بحثِه بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية.
«الاشتراكي»: فليتواضعوا
وإذ أكّدت الأوساط أنّ تأليف الحكومة حتميّ، من دون أن تحدّد المدى الزمني لذلك، قالت اوساط اشتراكية لـ«الجمهورية»: إنّ المشكلة ليست عندنا، بل هي في مكان آخر. خصوصاً وأنّنا نعتبر أنّ الحصة الدرزية الثلاثية للحزب التقدمي الاشتراكي قد تمّ حسمها بشكل نهائي. واستغرَبت الأوساط ما تردَّد من كلام عن إدراج الحزب التقدمي ضِمن جبهة سياسية تضمّه مع تيار المستقبل والقوات اللبنانية في مواجهة العهد، ووصَفته بـ«كلام سخيف لا في مكانه ولا في موقعه». وقالت: معادلة وليد جنبلاط الدائمة هي الشراكة والتواصل مع الجميع، والشراكة الكاملة والدائمة والثابتة مع الرئيس نبيه بري وعلى هذا الأساس نتحرّك، مع التذكير بأننا عندما عرِض علينا في فترةٍ ما، أن نكون في جبهة ضدّ العهد رفضنا.
لأننا انطلاقاً من معادلة الشراكة والتواصل مع الجميع نرفض ان ندخلَ في اصطفافات أو محاوِر، لأننا مقتنعون بأنّ البلد لا يُحكم إلّا بالتوازنات، ولا يُحكم بفريق واحد دون سائر الآخرين، فضلاً عن انّ الميثاقية لا تنطبق فقط على فريق بعينِه بل هي تنطبق على الجميع من دون استثناء. وردّاً على سؤال عن إمكانية ولادة الحكومة في وقتٍ قريب قالت الأوساط: الحلّ سهلٌ جداً، فليتواضعوا، وعندها تتشكّل الحكومة فوراً.
برّي في إجازة
في هذه الأجواء، حزَم رئيس مجلس النواب نبيه بري حقائبَه وغادر في زيارة خاصة الى اوروبا. وقبَيل مغادرته عكسَ بري استياءً بالغاً ممّا آلَ إليه وضع التأليف، وتعثّره غير المبرّر بعقَدٍ تنبت هنا وهناك، في وقتٍ أنّ الملِحّ هو التعجيل في تشكيل حكومة إنقاذية. وقالت أوساط بري لـ«الجمهورية» إنه توسَّم خيراً الأسبوع الماضي وكان يأمل أن تولد الحكومة أواخر ذاك الاسبوع، لكنّه فوجئ بتراجع الامور من دون ايّ مبرّر مقنع. أضافت المصادر: إنّ بري تواصَل مع الجميع قبل مغادرته، وحثَّ على التعجيل بالحكومة، معيداً التنبيه الى أنّ وضع البلد متردٍّ حتى لا أقول في أسوأ حالاته، خصوصاً على المستوى الاقتصادي، إضافةً الى الكمّ الهائل من الأزمات التي توجب مقاربة حكومية فاعلة على كلّ المستويات.
وأشارت المصادر إلى أنّ أسوأ ما هو حاصل في هذه الايام، هو المشهد الذي يقدّمه اللبنانيون للخارج ويَظهرون فيه «مطنّشين» وغير عابئين بحالِ بلدهم، فالعالم يريد ان يساعدهم بينما هم يبدون وكأنّهم لا يريدون ان يساعدوا انفسَهم. فثمّة اندفاعة دولية في اتّجاه دعمِ لبنان وخصوصاً في الموضوع الاقتصادي، والمثال الأخير في زيارة المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل الى لبنان، وجاءت تبحث عن السبل التي تدعم فيها لبنان، وخصوصاً في الاقتصاد، والتخفيف من الأعباء عن كاهل اللبنانيين، فعلى الأقلّ أن نقلّد الأجانب الذين يهتمون بلبنان أكثر ممّا يهتمّ اللبنانيون به.
تفاهُم.. لا تفاهُم؟
على أنّ جولة استذكارية للمسار الذي سَلكه تفاهم معراب منذ لحظة إعلانه وحتى اليوم، تُظهر الكثيرَ من المطبّات التي اعترَته، وكانت السببَ الاساس في دفعِه الى حافة السقوط على ما هو عليه حالُه اليوم، إلّا أنه على الرغم من الكدمات السياسية الواضحة في جسم هذا التفاهم، فإنّ اللافت للانتباه في الساعات الماضية كان «الحرص المشترك» من قبَل الطرفين على اعتبار التفاهم أنه مازال على قيد الحياة.
«التيار»
وقالت مصادر التيار الوطني الحر لـ«الجمهورية»»: «إنّ «التيار» احترَم كلَّ التفاهمات التي أبرَمها مع سائر الاطراف السياسية في لبنان، حتى النهاية. وليس عنده أيّ ميلٍ لنقضِ هذه التفاهمات، كذلك ليس من شيَمِه فعلُ ذلك. نحن متمسكون بالمصالحة المسيحية، ونعتبر انها تحققت ولا عودة الى الوراء. وما قاله الوزير جبران اسيء فهمه، وبالتالي المسألة ليست مسألة نعي اتفاق معراب، ولكن نقول ان الاتفاق لم يحترم في الفترة السابقة وبالتالي لم يسهّل الطريق لاتفاق حكومي اليوم، ولكن هذا لا يسقط المصالحة ولا التفاهم. اضاف: المطلوب ان يكون التفاهم متكاملا وليس مجتزأ.
«القوات»
من جهتها، أكّدت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية» أنّ مبارة جعجع «بإعلان الهدنة السياسية والإعلامية مع «التيار» ولو من طرف واحد وإيفادُ الوزير رياشي الى قصر بعبدا قد فعَلت فعلها ووضَعت الأمور في نصابها مجدّداً وأكدت أنّ تفاهم معراب ما زال قائماً وأنّ الأمور تهتزّ لكنّها لم تسقط ولا يمكن أن تسقط». وأوضحت أنّ مبادرة الأمس قامت على 4 عناصر أساسية:
1- «القوات» تلتزم بتفاهم معراب وبالمصالحة وتتمسّك بهما إلى أبعد الحدود وحتى النهاية.
2- التباينات السياسية قائمة وستبقى قائمة، وبالتالي لا يجوز عند كلّ منعطف وضعُ التفاهم على الطاولة للتشكيك به أو للتراجع عنه، فالتباينات شيء والمصالحة ترتقي إلى الثوابت التي لا يجب عند كلّ منعطف ومحطة إعادة النظر بها.
3- «القوات» حريصة على صلاحيات رئيس الجمهورية وعلى دوره ومهامّه، وكلّ كلام خارج هذا السياق لا يمتّ الى الواقع والحقيقة بصلة.
4- «القوات» منفتحة على تبادل الأفكار وتدوير الزوايا في الموضوع الحكومي وعلى التواصل من أجل الوصول الى الحكومة العتيدة انطلاقاً من الثوابت التي أفرَزتها الانتخابات، وبالتالي هناك عدة أفكار يمكن ان تؤدي الى ولادة الحكومة ولا يجوز لأيّ طرف التمسّك بفكرة محددة، فتبادُل الافكار والاقتراحات يؤدّيان الغرَض المطلوب لكنّ الأساس هو الخروج من دائرة التمسّك بوجهة نظر محدّدة لأنّ المخارج موجودة والأساس هو أن تكون النيّات سليمة. ونيّات «القوات» سليمة تجاه العهد والبقاء شريكةً أساسية في كلّ المرحلة الرئاسية فهي شريكة في التسوية وفي انتخاب الرئيس عون، وتريد الاستمرار بهذه الشراكة حتى النهاية».
وفي المعلومات حول لقاء رئيس الجمهورية بوزير الإعلام موفداً من جعجع، أنّ رئيس القوات بَعث برسالة تؤكّد حِرص القوات على العهد وحماية تفاهمِ معراب، وأنها لم تكن يوماً في معارضة رئيس الجمهورية. وطيلة عمل الحكومة الأولى للعهد لم يعارض وزراء القوات الرئيس، وإنّ التباين الذي كان قائماً كان محصوراً بأداء بعض وزراء التيار ونتيجة ممارساتهم في بعض الملفات الأساسية التي طرِحت، وهي معارضة لم تقتصر على وزراء القوات اللبنانية، فحلفاء الرئيس عون وآخرون كانت لهم نفس الملاحظات، لا بل فإنّ بعضهم ذهب أبعد من ذلك، وفي أداء وزراء «حزب الله» في ملفات الكهرباء والطاقة ملاحظات أكثر تشدّداً من القوات اللبنانية.
وعلمت «الجمهورية» أنّ رئيس الجمهورية ردَّ على نظرية «حِرص القوات على العهد وحماية تفاهمِ معراب»، قائلاً إنه كان من الواجب تكريس هذه النوايا بمواقف وزراء القوات في الحكومة السابقة، ووقفِ كلّ المحاولات التي جرت لعرقلةِ بعض الملفات الأساسية التي كانت في أولويات العهد، والتي ساهموا في عرقلتها. مؤكّداً على أهمّية التراجع عن هذه السياسة للحفاظ على التفاهمات السياسية التي أوصلتنا الى هذه المرحلة.
وفي الشقّ الحكومي، علمت «الجمهورية» أنّ عون أكّد أنّ الحديث عن الحقائب مفتوح، وأنّ توزيع المقاعد الحكومية بات محكوماً بمعادلة فرضَتها نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة وأنّ الحديث عن معادلات سابقة لم يعُد له مكان. وإنّ الحديث عن مقعد نائب رئيس الحكومة بات وراءَنا، وأعادَ التذكير بمضمون البيان الذي عمَّمه مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أمس الاوّل. وهو أمر لا يخضع إلى أيّ نقاش بعد اليوم متمنّياً إقفالَ النقاش بشأنه.
بوتين وبولتون
دوليًّا، عبّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس عن أمله في أن تشكّل زيارة جون بولتون مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي دونالد ترامب «خطوة أولى» نحو تحسين العلاقات الثنائية وسط توتّر بين موسكو والغرب. ويزور مستشار الأمن القومي الأميركي المتشدّد موسكو للتحضير لقمّة بين الرئيسين الاميركي والروسي يحتمل أن تُعقد الشهر المقبل في أوروبا. ولفت بوتين بعد ذلك «آسفاً إلى أنّ العلاقات الروسية الاميركية ليست في افضل حال»، عازياً الوضع إلى «النزاع السياسي الداخلي الحاد في الولايات المتحدة». الى ذلك، قال ترامب ان لقاءه وبوتين قد يتم في هلسنكي عقب قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل يومي 11 و12 تموز.