قالت "اللواء" ان رئيس الجمهورية ميشال عون "اتفق" والرئيس المكلف سعد الحريري، على ان يقود كل منهما اتصالات مع الأطراف التي «يمونان» عليها للوصول إلى معالجة عقد تأليف الحكومة الجديدة. وأكدت "الأخبار" هذه المعلومات، وتحدثت عن "التصميم المشترك بين عون والحريري على حل العقد، بحيث يتولى رئيس الجمهورية حلحلة عقدة حصة القوات اللبنانية [التي يرأسها العميل “الإسرائيلي” السابق سمير جعجع] والحقائب التي تريدها، في حين يتولى الرئيس المكلف حلحلة عقدة التمثيل الدرزي مع النائب السابق وليد جنبلاط". وكان مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم قد نجح بإسقاط "نظريات" و"رهانات" كثيرة في ملف النازحين، بتسهيل عودة المئات منهم إلى سوريا عبر جرود عرسال …
اللواء
فضّ اشتباك بين بعبدا والسراي.. والتأليف في إجازة!
حلحلة عقدة «القوات» تمهّد لتحديد الأحجام… و294 نازحاً عادوا إلى قرى القلمون
نتيجتان من قبيل تحصل الحاصل، خرج بها، الرئيس المكلف سعد الحريري، بعد اجتماع يعتبر الرابع مع الرئيس ميشال عون منذ صدور مرسوم التكليف: الأولى تتعلق بالصلاحيات الدستورية وحدودها، والثانية تتعلق بالصيغة الحكومية لجهة العدد الثلاثيني.
وما خلا هاتين الحصيلتين، اللتين تخفيان دخول العملية الحكومية مرحلة تحديد الاحجام، بعد فض الاشتباك السياسي بين بعبدا والسراي على خلفية تُصوّر الرئيس المكلف لخريطة الحصص الطائفية والتي تعبر عنها الكتل النيابية، والتي من شأنها ان تمهد لاجازة التأليف، مع مغادرة الرئيس الحريري في إجازة وصفت بالعائلية، نهاية الأسبوع الجاري.
وإذا كانت عقد تمثيل «القوات» دخلت مرحلة الحلحة، فإن مصدراً واسع الاطلاع قال لـ«اللواء» ليلاً ان معالجة هذه العقدة تمهد لتحديداحجام الكتل، ولمعالجة العقدة الدرزية، وما تردّد عن تمثيل سنة 8 آذار..
لا طرح جديد ولا تطوّر
وفي المعلومات، ان الحريري لم يحمل معه إلى بعبدا أي طرح جديد بالنسبة للحكومة، لأن الغرض من زيارته للرئيس عون، لم يكن اساساً لفكفكة عقد التأليف بقدر ما كان لوضع الأمور المتصلة بعملية التشكيل على سكة الحل الهادئ، وبعيداً عن أجواء التشنج التي اتسمت بها مرحلة المشاورات في الأسبوعين الماضيين اللذين اعقبا عيد الفطر، مع استمرار التمسك بالتسوية السياسية من قبل الرئيسين عون والحريري.
وإذا كان الاجتماع لم يتوصل إلى أي تطوّر على صعيد تأليف الحكومة، حيث بقيت الأمور على حالها وعلى عقدها، الا ان مصادر الطرفين حرصت على عدم تسريب أي معلومات، كي لا «تشوط» طبخة التأليف، باستثناء ما ذكر من ان الرئيسين عون والحريري اتفقا على ان يقود كل منهما اتصالات مع الأطراف التي «يمونان» عليها للوصول إلى معالجة العقد، والتي بقيت محصورة بحسب ما بدا من الأجواء، بعقدة تمثيل «القوات اللبنانية» وعقدة تمثيل الحزب التقدمي الاشتراكي، فضلاً عن سقوط طرح حكومة الـ24 وزيراً، التي لم تعد قائمة، والاستمرار في السير بحكومة الـ30، بحسب ما أكّد الحريري بعد اللقاء.
وبحسب هذه المعلومات، فإنه يفترض ان يتولى الرئيس الحريري حل العقدة الدرزية، من خلال التفاهم مع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على شخصية درزية ثالثة تكون مقبولة من جنبلاط ومن الرئيس عون والنائب طلال أرسلان. في حين ان مسألة تمثيل «القوات» أصبحت شبه محلولة، من خلال إسناد 4 حقائب لها من ضمنها حقيبة سيادية، فيما بات منصب نائب رئيس الحكومة، الذي كانت «القوات» تطالب به خارج إطار البحث، بعد البيان الرئاسي الواضح في هذا الشأن، بأن يكون من حصة رئيس الجمهورية.
اما ما يتعلق بتمثيل المعارضة السنية، أي السنة خارج تيّار «المستقبل» فقد كان الرئيس الحريري حاسماً تجاه هذا الأمر، عندما اعتبر ان لا وجود لشيء اسمه معارضة سنية، خصوصاً وانه لا يمكن اعتبار النواب بلال العبد الله (الحزب الاشتراكي) أو الرئيس نجيب ميقاتي أو فؤاد مخزومي أو حتى اسامة سعد من المعارضة السنية، لكنه ترك باب النقاش مفتوحاً حول القرار الذي سيتخذه، في إشارة إلى انه يمكن ان يوافق على ان يكون السني السادس من حصة رئيس الجمهورية فقط.
اللقاء الرابع
وعلى هذا الأساس، يمكن القول ان اللقاء وهو الرابع المعلن الذي يعقد بين الرئيسين منذ التكليف، نجح في إعادة الملف الحكومي إلى المسار الذي يجب وضعه فيه، بعد ان نجحا معاً في التأكيد على ان التسوية السياسية التي انتجت عهد الرئيس عون، ما زالت قائمة، خصوصاً وان الدستور واضح بالنسبة لصلاحيات كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في تأليف الحكومة، وأن ما تردّد عن خلل في العلاقة بين الرئاستين الأولى والثالثة لم يكن صحيحاً، بل من صنع جهات ارادت التعكير على هذه العلاقة، من خلال إشاعة أجواء خلافات حول الصلاحيات والأعراف والتفاهمات، للإفادة منها للضغط على الرئيس المكلف والفريق السياسي الذي يتعاون معه وبدا واضحاً في المرحلة الأخيرة، لتقديم تنازلات في مفاوضات التأليف، ومن هنا فهم ان الرئيس الحريري طلب من الرئيس عون ان يكون التواصل مباشرة معه من دون وسيط، واللبيب من الإشارة يفهم.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الجلسة بين الرئيسين كانت إيجابية ومثمرة، وانها لم تقتصر على موضوع واحد، بل تناولت مواضيع عدّة، أمنية واقتصادية وزيارة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والخطة الاقتصادية التي تضعها شركة ماكنيزي الأميركية.
وأكدت ان الرئيسين لم يحددا موعداً لولادة الحكومة، باعتبار انها قد تحصل في أي لحظة كما كان عليه الحال في الحكومات السابقة، حيث كان الاتفاق يتم في اللحظة الأخيرة، كاشفة ان اللقاء كان للتهدئة اكثر من كونه لانضاج التشكيلة الحكومية وان الرئيس عون يعتبر ان الأمور بدأت تسلك منحى أفضل مما كانت عليه سابقاً، مشيرة إلى ان الاتصالات ستتكثف في الساعات المقبلة، حتى يتبلور تُصوّر يتجاوب مع توجهات الرئيسين حول ضرورة حلحلة الأمور العالقة.
وتحدثت المصادر عن رغبة مشتركة في إزالة كل الالتباسات التي رافقت الأسبوعين الماضيين، وبذل جهد مشترك لمعالجة أي خلل في الاتصالات، مع توجه لإنهاء ملف تشكيل الحكومة سريعاً.
الحريري
أما الحريري فقد حرص بعد اللقاء على الاحتفاظ بتفاؤله واطمئنان للوصول إلى حل، وان كل الأطراف السياسية متفقة على الإسراع في تشكيل الحكومة، لافتاً النظر إلى ان الدستور واضح بالنسبة لصلاحيات كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في عملية التشكيل، واصفاً الرئيس عون بأنه «الحامي الأوّل للدستور»، آملاً عدم إثارة أي لغط حول هذه المسألة، لأن التفاهم بين الرئيسين قائم حول كل التفاصيل.
وأكد ان التسوية التي أجراها سابقاً مع الرئيس عون ما زالت قائمة، و«أنا ما زلت على موقفي بوجوب حماية هذه التسوية مهما كان الثمن لأنها لمصلحة البلد»، داعياً إلى عدم اللعب على وترها لأنه سيواجهنا معاً، مؤكداً «الاتفاق تام مع عون على كل الامور».
وبالنسبة للحكومة، أشار الحريري إلى ان كل فريق أيا كانت حصته من المفترض ان يتمثل في الحكومة لخدمة الشعب اللبناني، وليس لخدمة تياره أو حزبه، وانه إذا اعتمدنا هذه المقاربة يمكن عندها الوصول إلى حيث نريد جميعاً.
وقال انه تحدث مع الرئيس عون حول بعض الأمور العالقة في مسألة تشكيل الحكومة، وانه اتفق معه على طريقة عمل ستظهر في الأيام المقبلة، لكنه رفض الكشف عن هذه الأمور العالقة «مخافة من ان يتم تضخيمها»، نافياً «ان يكون قد تمّ تحديد أي مهلة للتشكيل، وكذلك ما يتداول عن ان الحكومة ستكون من 24 وزيراً»، مؤكداً انه ما زال يعمل على تشكيل حكومة من 30 وزيراً. وشدّد على ان كل ما يطلبه هو التهدئة لحلحلة الأمور.
العلاقة مع «القوات» و«الاشتراكي»
وفي سياق عملية التأليف، كشف عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل أبوفاعور عن «علاقة باردة تشوب مع رئيس الجمهورية، عزاها إلى ما نال الحزب الاشتراكي من المحيطين بالرئيس عون في الانتخابات النيابية، وفي التشكيل الوزاري من سهام ومن تصويب ومن استهداف».
وأوضح بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، انه «لا وجود لعقدة درزية، إذ ان نتائج الانتخابات النيابية واضحة، بل هناك افتعال لعقد للحصول على تمثيل إضافي، وربما للحصول على ثلث معطّل أو غير معطّل في الحكومة، مؤكداً ان لا شيء اسمه عهد، فهناك رئيس جمهورية وهناك حكومة، وبعد الطائف الصلاحيات موجودة لدى الحكومة التي تتمثل فيها كل القوى السياسية»، مشيراً إلى أن الرئيس الحريري يقوم بكل ما يجب ان يقوم به، لكن التهويل عليه مرّة بسحب التفويض ومرة بمهل غير دستورية هو من باب الهرطقات الدستورية.
اما بالنسبة لعلاقة الرئيس عون بـ«القوات اللبنانية»، فقد كشفت أوساط «التيار الوطني الحر» لـ«اللواء» ان إيجابية لقاء عون بموفد رئيس حزب «القوات» الوزير ملحم رياشي أمس الأوّل، تكمن فقط في جردة الحساب التي أجراها معه رئيس الجمهورية، استناداً إلى نص مكتوب حول أداء وزراء «القوات»، ما يمكن اعتباره خروجاً من القوات على اتفاق معراب، بدءاً من التعيينات الإدارية والدبلوماسية والقضائية التي أخذت بالاعتبار مطالب «القوات» في حين كان وزراؤها ومسؤولوها يقولون العكس خارج مجلس الوزراء، وصولاً إلى ملف الكهرباء، وما بينها خصوصاً الآلية التي اعتمدتها معراب لإدارة معركتها الانتخابية لجهة المسارعة إلى إعلان ترشيحات مبكرة، بدءاً من قضاء البترون (ترشح فادي سعد).
وقالت انه بالإضافة إلى جردة الحساب أيضاً، فإن الرئيس عون أكّد لموفد الدكتور سمير جعجع انه «لا مكان لأي محاولة قواتية للفصل بينه وبين «التيار الحر» ورئيسه على وجه الخصوص، وان على «القوات» الإقلاع عن هذه السياسة التفريقية».
واعتبرت المصادر ان ما فعلته «القوات» في هذا السياق مجرّد مناورة مكشوفة الأهداف وان الاستمرار فيها يعني حصراً انها تستهدف العهد مداورة، عبر التصويب المباشر على ذراعه التنفيذية أي التيار وقيادته، ما يفترض ان تعيد «القوات» حساباتها على هذا الصعيد في حال ارادت فعلاً تعويم «تفاهم معراب»، لا الاتفاق السياسي الملحق به، والذي بات لزوم ما لا يلزم بفعل خروج القوات عنه في الأشهر الـ18 في أكثر من باب ومقام، عددها تفصيلاً رئيس الجمهورية في الاجتماع مع موفد رئيس القوات.
وسط هذه الأجواء تنتظر مصادر سياسية ما سيعلنه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في اطلالته التلفزيونية، عند الخامسة والنصف من بعد ظهر اليوم، لا سيما في ما خص الشأن الحكومي.
عودة النازحين
على صعيد آخر، يبدو أن عودة النازحين السوريين في لبنان بدأت فعلا بعد نجاح عملية إعادة نحو 450 نازحا إلى قراهم في ريف سوريا الغربي، وذلك في خطوة هي الثانية من نوعها بعد العودة الطوعية التي قامت بها عائلات كانت نازحة إلى بلدة شبعا في الجنوب.
وكما كان مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم قد اعلن امس الاول عن عودة دفعة من النازحين، قامت المديرية اعتبارا مـن ساعات صباح أمس، بتأميـن «العودة الطوعيـة» لمائتين وأربعة وتسعين نازحاً سورياً، من مخيمات عرسال إلى بلداتهم في سوريا.
وانطلق النازحون بسياراتهم وآلياتهم الخاصة، من نقطة التجمع في وادي حميد -عرسال- بمواكبة دوريات من المديرية العامة للأمن العام حتى معبر الزمراني الحدودي في السلسلة الشرقية لجبال لبنان.
وتمت عودة النازحين بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR وحضورها، بعدما تواصلت مباشرةً مع الراغبين بالعودة، وذلك ضمن اتفاق اشرف عليه ونفذه الامن العام اللبناني، الذي واكب عملية العودة مع أجهزة أمنية أخرى، وتم استقبال العائدين من قبل الدولة السورية.
وغادر العائدون الى قراهم في القلمون الغربي والقصير، مع آلياتهم وممتلكاتهم عبر وادي حميد، بعدما وافقت السلطات السورية على ـ450 اسمًا من اصل 3000 تقدموا بطلبات للعودة الى سوريا.
بدوره، وضع الصليب الأحمر اللبناني في خدمة العائدين عند نقطة التجمع في وادي حميد سيارتي إسعاف وسيارة دفع رباعي مع 14 مسعفًا وإداريًا وعيادة نقالة مع طاقم من 6 أشخاص، ومنذ بدء العملية حتى انتهائها، نقلت فرق الإسعاف إلى العيادة النقالة ما يقارب 40 حالة صحية تنوعت بين أطفال ومسنين ونساء حوامل، وقدمت لهم العناية الصحية اللازمة، وأعادتهم إلى نقطة التجمع، فيما كانت مراكز الصليب الأحمر في المناطق المجاورة على جهوزية تامة لتلبية أي طارئ.
يُذكر ان اعتصاماً سيتم اليوم الجمعة في بلدة عرسال، للمطالبة بتسهيلات اكبر من الدولتين السورية واللبنانية، لتسهيل عودة اللاجئين السوريين الى بلدهم، وللتأكيد على رفض التوطين والإصرار على حق العودة الى سوريا.
البناء
إيزنكوت إلى واشنطن للتشاور حول سورية… ونيبينزيا: الوجود الإيراني شرعي ولا يمكن إزالته
هدنة لـ 12 ساعة في درعا وسط انشقاقات في الجماعات المسلحة حول قبول شروط الجيش
تهدئة رئاسية والحريري يتراجع عن الـ 24 لصالح الـ 30 مجدّداً… وأسبوع للتشاور
يتصدّر الوضع جنوب سورية واجهة الأحداث ويُسهم في صياغة التطورات الكبرى، بقدر ما بدا حاضراً في استحضار حدث القمة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين التي حُسم موعدها في السادس عشر من الشهر المقبل في العاصمة الفنلندية هلسنكي، والتي سيكون أغلب وقتها مخصصاً للوضع في سورية، وبالمثل تبدو واشنطن مستعجلة لبلورة تصورات تتلاقى عليها مع القراءة الإسرائيلية التي لم تعد تكابر على الاعتراف بانتصار سوري حاسم وشيك، ولهذا التشاور الأميركي الإسرائيلي يصل رئيس الأركان في جيش الاحتلال غادي إيزنكوت إلى واشنطن، والعنوان الوحيد المتاح للفريقين الأميركي والإسرائيلي مقابل الانكفاء من خطة الحرب وتسهيل فرص الحلول، هو طرح مستقبل الوجود الإيراني ودور حزب الله على الطاولة، سعياً لنصر وهمي يعادل الهزيمة الفعلية، وهو ما كان موضوع ردّ مباشر من المندوب الروسي في نيويورك فاسيلي نيبينزيا بقوله إنّ الوجود الإيراني في سورية شرعي ولا يمكن إزالته.
ميدانياً، مع التقدّم السريع للجيش السوري نحو مدينة درعا بعد تحرير العديد من القرى والبلدات في محافظتي السويداء ودرعا وربط وحدات الجيش في المحافظتين وصولاً إلى مدينة الحراك المفصلية في جغرافيا الحرب، قالت مصادر فاعلة في الجماعات المسلحة إنّ هناك خلافات وانشقاقات في صفوف قادة الجماعات حول كيفية التعاطي مع سير المعارك، حيث لا يبدو أيّ أمل بالصمود طويلاً، ما استدعى تفعيل التواصل مع الجانب الروسي وصولاً لهدنة من اثنتي عشرة ساعة تبلغ بحصيلتها هذه الجماعات للمندوبين الروس في عمّان موقفها النهائي من الشروط التي يعرضها الجيش لوقف الهجوم وعلى رأسها تسليم المنطقة الجنوبية للجيش وتسوية أوضاع الراغبين بالبقاء ورحيل الباقين إلى الشمال.
لبنانياً، تبدو المهل المتلاحقة بانتظار الحكومة الجديدة على موعد مع تمديد جديد لأسبوع آخر، بعدما تراجع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري عن صيغة حكومية من أربعة وعشرين وزيراً رفضها رئيس الجمهورية ميشال عون، ليعود البحث إلى الصيغة الثلاثينية مجدّداً، بعدما أكدت مصادر مطلعة أنّ صيغة الأربعة والعشرين سُحبت من التداول، وليس صحيحاً أنها لم تكن مطروحة. وقالت المصادر إنّ تقدّماً قد تحقق لجهة موقف رئيس الحكومة بالتسليم بحق رئيس الجمهورية باختيار نائب رئيس الحكومة، بالإضافة إلى التوافق على تثبيت عُرف الحقائب السيادية، كما عبّرت عنها الحكومة السابقة، وحصر حصة القوات اللبنانية بأربعة وزراء، ما يعني أنّ الحلحلة في العقدة الرئيسية تتجه نحو التقدّم إذا نجح الحريري بإقناع القوات بما تفاهم عليه مع رئيس الجمهورية، ليتمّ الانتقال إلى البحث بالعقد الأخرى التي ترى المصادر أنّ المشاورات التي سبقت بروز عقدة تمثيل القوات بصورة معقدة، كانت قد أوحت بأنّ الوصول لحلول للعقد الأخرى بصورة معقولة يقبلها الجميع.
الحريري من بعبدا: التسوية قائمة
لم يحمل الرئيس المكلف سعد الحريري عرضاً جديداً أو مسودة ولا تصوراً منقحاً للتصور الأخير خلال زيارته بعبدا أمس، بل هدفت الزيارة الى إرساء التهدئة على محور بعبدا بيت الوسط الذي شهد سجالات حادة خلال الأيام القليلة الماضية هددت بنسف التسوية الرئاسية والتفاهمات السياسية القائمة.
وقد جاءت زيارة الحريري ولقاؤه رئيس الجمهورية ميشال عون بعد زيارة الوزير ملحم رياشي أمس الأول وامتصاص «القوات» الغضب العوني، ما يؤكد التماهي والتنسيق «القواتي» «المستقبلي» في العلاقة مع رئيس الجمهورية إن كان في الهجوم أو المهادنة.
زيارة الرئيس المكلف الى بعبدا خالي الوفاض يؤشر الى أن العقد باقية على حالها والمشاورات تدور في حلقة مفرغة، كما وأوحى تصريحه للإعلاميبن عقب اللقاء بأن المفاوضات عادت الى المربع الأول بعد معركة السجالات الأخيرة، لكن الزيارة تعدت التشاور في الملف الحكومي الى احتواء الحريري امتعاض بعبدا من المنابر الإعلامية والمواقف المستقبلية التي تستهدف الرئيس وتعمّد الحريري تأكيد التمسك بالتسوية الرئاسية الذي ذكرها في تصريحه مرات عدة.
وبحسب معلومات «البناء» فإن «الحديث خلال اللقاء تركز على تبديد الالتباسات التي حصلت خلال الاسبوع الماضي حول الصلاحيات الدستورية للرئيسين، وتمّ الاتفاق على أن التهدئة هي الشرط الأساس لتسهيل عملية تأليف الحكومة»، كما تطرّق النقاش الى حصة القوات اللبنانية وحصولها على حقيبة أساسية. وتحدّث الحريري عن العقدة الدرزية وضرورة أخذ نتائج الانتخابات بعين الاعتبار. أما في ما خصّ التمثيل السني من خارج تيار المستقبل، فأشارت مصادر «البناء» الى أن الحريري لا يزال على موقفه برفض هذا التمثيل، رغم أن رئيس الجمهورية بحسب ما قالت مصادره لـ «البناء» «كان وعد بأن تتمثل المعارضة في الحكومة الثلاثينية ويسعى الى ذلك رغم اعتراض الرئيس المكلف، لكن لم تتوضح الصيغة التي تحقق ذلك بانتظار الاتفاق على توزيع الحصص بين الرئيسين والقوى السياسية لا سيما القوات والاشتراكي وبعدها يُصار الى تذليل تمثيل السنة»، مؤكدة بأن «حصة الرئيس عون ثابتة أي 3 وزراء بمعزل عن الصيغة إن كانت حكومة ثلاثنية أو 24».
ولفتت مصادر الى أن الحريري طلب التواصل مع عون مباشرة من دون وسيط خلال عملية تشكيل الحكومة، فهل يقصد الحريري بالوسيط رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل؟ لا سيما أن الحريري رفض تحديد موعد للقاء باسيل في بيت الوسط السبت الماضي! مع الإشارة الى أن أيّ لقاء لم يعقد بين باسيل والحريري بعد عودة الأخير من زيارته الأخيرة الى السعودية.
وأفادت مصادر إعلامية بأن الحريري سيأخذ إجازة خاصة في الفترة المقبلة، ما يدعو للتساؤل هل أدرك الحريري أن اللحظة الإقليمية لولادة الحكومة لم تحِنْ بعد وأن لا ضوء أخضر سعودياً للتأليف، وبالتالي البقاء في لبنان واستمرار المراوحة سيكشف بأن العقد خارجية ما دفعه الى تمرير الوقت الضائع من خلال تدبير زيارة خاصة الى الخارج؟ وأي حكومة ستولد في ظل سفر الحريري المستجدّ ووجود رئيس المجلس النيابي نبيه بري خارج البلاد والصراع الشديد على الحصص الوزارية؟
وسط هذا الواقع أثار إصرار الحريري من بعبدا إشاعة أجواء التفاؤل بالوصول إلى ولادة حكومية قريبة الاستغراب، ولفت الى أن هناك بعض الأمور التي تحتاج إلى عمل على نار هادئة على مستوى التشكيل الحكومي. وأضاف: «التسوية التي أجريناها سابقاً مع فخامة الرئيس لا زالت قائمة، ولا زلتُ على موقفي، بوجوب حماية التسوية مهما كان الثمن لأنها لمصلحة البلد. صحيح كانت هناك فترة سابقة شهدت بعض الاختلاف في الرأي داخل الحكومة، ولكن الجميع متفق على الاستقرار الاقتصادي والأمني، وهو الذي أسس لما نشهده اليوم من استقرار. لذلك، لا يحاول احد اللعب على وتر التسوية مع فخامة الرئيس لانه سيواجهنا معاً، والاتفاق مع فخامة الرئيس تام على كل الامور».
لكن مصادر مراقبة أشارت الى أن كلام الحريري ليس سوى هدنة مؤقتة ولا تلغي التباعد والاختلاف الحاصل بين الرئاستين حول الصلاحيات وحول من يمتلك زمام المبادرة والقرار في الحكومة التي سيكون عمرها طويلاً إن لم تسقط دستورياً»، مرجّحة «عودة السجالات في الجولة التفاوضية الجديدة».
إعادة 473 نازحاً إلى سورية
على صعيد آخر، سجّل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إنجازاً جديداً تمثل في إعادة الدفعة الاولى من النازحين السوريين الى عرسال، والتي تضمّ 473 نازحاً من أصل 3000 سجلوا أسماءهم، الى سورية، من ضمن اتفاق أشرف عليه ونفذه الامن العام اللبناني، بمواكبة أمنية من الجيش، على أن تبدأ عودة الدفعات المتبقية الاسبوع المقبل. ويأتي ذلك بعد الخطوات التي اتخذتها وزارة الخارجية اللبنانية بحق مفوضية شؤون النازحين التي عملت على تخويف النازحين من العودة. كما جاءت عقب زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الى لبنان الأسبوع الماضي والتي رفضت عودة النازحين إلا بعد توافر الظروف الآمنة.
وقد انطلقت صباح أمس عملية العودة، فحمل النازحون أمتعتهم وتوجّهوا بسياراتهم وبالحافلات الى معبر الزمراني السوري ومنه توزّعوا على قراهم في بلدات القلمون. وأكد رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري أن «عودة السوريين اليوم إلى بلادهم طوعيّة وليست قسريّة».
وأشار مصدر رسمي معني بملف العلاقات اللبنانية السورية لـ»البناء» إلى أن «نجاح إعادة دفعة من النازحين إلى سورية يُعدّ إشارة إيجابية من السلطات السورية بأنّها مستعدّة للتعاون مع السلطات اللبنانية في ملف النازحين إذ توفر قرار لدى الحكومة اللبنانية بذلك»، موضحاً بأن «الدولة السورية مستعدّة لتسوية أوضاع مَن يحتاج من النازحين وتأمين الضمانات والخدمات المطلوبة والمساعدات اللازمة لإعادة جميع النازحين في لبنان»، لكن ذلك بحسب المصدر «يحتاج الى قرار سياسي رسمي من الحكومة المقبلة للتواصل مع الحكومة السورية لوضع خطة كاملة شاملة وتنفيذها على مراحل متعدّدة».
ولفت المصدر الى أن «التواصل بين لبنان سورية لاعادة هذه الدفعة من النازحين اقتصر على اللواء عباس إبراهيم كمبعوث من رئيس الجمهورية مع موافقة ضمنية من الحكومة، لكن لا بدّ من توسيع هذا التعاون والتواصل ليكون على مستوى قرار سياسي من الحكومتين لوضع قطار العودة على السكة الصحيحة والسريعة».
ورد المصدر على اتهام الدولة السورية بأنها لا تريد عودة النازحين، بتأكيد أن «سورية لم ولا ولن تمنع أي نازح من العودة الى بلده ولا يحتاج ذلك الى ضمانات أمنية وقضائية، مذكراً بالتسويات والمصالحات التي أجرتها الدولة مع المجموعات المسلحة حيث عاد أهالي هؤلاء المسلحين الى بلدهم ولا يزالون حتى الآن يعيشون حياتهم الطبيعية».
واتهم المصدر جهات خارجية بتحريك مسألة عودة النازحين الى القصير والمطالبة بضمانات ومصالحات في بيروت لأهداف سياسية لعرقلة عودة النازحين وتخويفهم، مشيرة الى أن «الحكومة مستعدة لأقصى تعاون لحل هذا الملف لكن كيف يتم ذلك ووزير شؤون النازحين في لبنان يرفض التواصل مع سورية ويتعرّض للدولة السورية؟ مذكراً بأن مئات الآلاف من النازحين عادوا الى سورية من دول عدة وتكفلت الدولة بخطوات تسهيل عودتهم».
وفي سياق ذلك، أشار السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي في حديث تلفزيوني، الى ان «النازحين السوريين لا يحتاجون الى وسيط، بل الدولة السورية هي الضمانة»، وقال: «أحيلكم الى مشهد الانتخابات السورية عام 2014 في السفارة السورية ، حيث كان المشهد أكبر من طاقتنا». واكد السفير علي ان «السوري الحقيقي المواطن بكل اتجاهاته يدرك أن الدولة السورية هي الضمانة، حتى الذين حملوا السلاح المصالحة أعادتهم الى قراهم».
وفي حين يُصرّ رئيس حكومة تصريف الأعمال وفريقه السياسي على رفض أي شكل من التواصل السياسي والرسمي مع الحكومة السورية، يكرّر رئيس الجمهورية في لقاءاته مع المسؤولين الدوليين بأن هذا الملف سيكون على قائمة أولويات الحكومة الجديدة، ويؤكد بأن لا تنازل أو مساومة في هذا الأمر. ما ينذر بصراع محتدم في مجلس الوزراء الجديد بين الرئيسين.
وسأل النائب إبراهيم كنعان في تغريدة عبر «تويتر»: «غير الحقائب والوزارات، ما في اولويات الناس من الحكومة؟». وقال: «الانجاز، الانجاز، الانجاز، من النازحين، للنفايات، للكهرباء، لفرص العمل للشباب والسكن المرتبطة باقتصاد منتج ومالية شفافة، للمهجرين الذين يعودوا بعد منذ 36 سنة! فهل نستطيع أن نفصّل حكومة على هذا القياس؟».
الجمهورية
الحريري لمشاورات جديدة.. و«الحزب» لأوسع مشاركة في الحكومة
إنقضى أكثر من شهر على التكليف ولم يحصل التأليف، لكنّ الرئيس المكلّف سعد الحريري حمل الملف الحكومي إلى قصر بعبدا، وخرج منه متفائلاً مِن جهة ومعوِّماً تسوية 2016 التي أوصَلت العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية وأوصلته هو إلى رئاسة الحكومة، من جهةٍ ثانية، ومتحدّثاً عن «حلحلةٍ قريبة» للعقَد التي تعترض ولادة الحكومة. وتترقّب الأوساط السياسية ما سيُعلنه الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله في إطلالته التلفزيونية اليوم، حول الشأن الحكومي، والتي سيتناول الحيّزُ الأكبر منها الخطةَ الأمنية في البقاع عموماً وفي محافظة بعلبك ـ الهرمل خصوصاً، كذلك سيتحدّث عن الوضع اليَمني. وعشيّة إطلالةِ نصرالله، أطلقت كتلة «الوفاء للمقاومة» بعد اجتماعها الأسبوعي جملةَ مواقف قالت فيها «إنّ الحكومة التي تضمن أوسع مشاركة للقوى التي أفرَزتها وكشفَت أحجامَها نتائجُ الانتخابات هي الحكومة الأقدر على التصدّي لاستحقاقات المرحلة الراهنة».
في معلومات لـ«الجمهورية» أنّ لقاء عون ـ الحريري أمس سادته أجواء إيجابية، وشدّدا خلاله على التسوية والتفاهم القائم بينهما، وأكّدا «أنّ المسيرة التي بدأت مع بداية العهد ستتواصل بالصلابة والوتيرة نفسِها».
وبعدما عرَضا لسبلِ معالجة العقَد التي تعوق تأليفَ الحكومة واتّفقا على أطُرٍ للحلّ، على أن يكون منصب نائب رئيس مجلس الوزراء خارج البحث، لم يمانع عون في أن يبحث في موضوع الحقائب الوزارية السيادية بين الحريري والكتل النيابية، علماً أنه كان قد أبلغَ موقفَه هذا إلى موفد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أمس الأوّل. وقد اقترَح الحريري أن يُعقد لقاء بين عون وجعجع، فرحّب رئيس الجمهورية بأيّ لقاء بعد أن تُستكمل الحوارات مع الكتل لكي تؤسّس لبداية نضوج الحلّ. وتقرّر أن ينطلق الحريري إلى جولة مشاورات جديدة على نار هادئة بغية إنضاج حلّ، على أن تنطلق المعالجة على ثلاثة محاور: المحور المسيحي، المحور الدرزي، والمحور السنّي. وفي المعلومات أنّ الحريري سيستأنف مشاوراته انطلاقاً من التوزيعة الثلاثينية الأخيرة للحصص.
من جهتها، قالت مصادر اطّلعت على أجواء لقاء عون والحريري إنّ الأخير لم يحمل إلى بعبدا أيّ جديد في شأن التشكيلة الحكومية والعقَد الثلاث التي تعترض إنجازَها، وإنّما ركّز على تصويب الأمور وإعادةِ إحياء وترميم التسوية الرئاسية التي تشظَّت في الساعات الماضية نتيجة ما سمّاه البعض «حرب الصلاحيات»، وسعى الحريري للحصول من «التيار الوطني الحر» على التزام تهدئة مماثلة لتلك التي أعلنَ جعجع التزامها إثر لقائه الأخير مع الرئيس المكلف في «بيت الوسط». وناشَد الحريري رئيسَ الجمهورية أن يساعده في هذا الاتجاه، واتّفقا على التعاون، كلٌّ من موقعه، لتذليل العقَد، ولا سيّما منها العقد التي قلّصها الحريري من ثلاثة إلى اثنتين، حيث قطعَ بموقفه الطريق نهائياً على أيّ مشاركة للسُنّة المستقلين، ولم يبقَ أمامه سوى العقدتين «القواتية» والجنبلاطية. أمّا بقيّة الأمور فليست سوى تفاصيل تُحلّ في لحظتها».
وكان الحريري قد أكّد بعد زيارته قصرَ بعبدا «أنّ الدستور واضح جداً لجهة تشكيل الحكومة، وأنّ حامي الدستور الأوّل هو رئيس الجمهورية، وصلاحيات رئيس الحكومة معروفة». وقال: «أنا والرئيس عون متفاهمان على كلّ كبيرة وصغيرة». وأوضَح أنّ «هناك أموراً تحتاج إلى العمل على نارٍ هادئة من أجل تأليف الحكومة»، مُشيراً إلى «أنّنا قريبون من الحل، والجميع يتعاون في هذا الشأن». وتمنّى على الجميع «الابتعاد عن الخلافات الإعلامية، التي لن تقدّم شيئاً لتأليف الحكومة». وأوضَح أنّ «النواب السنّة بلال عبدالله ونجيب ميقاتي وفؤاد مخزومي وأسامة سعد ليسوا من المعارضة السنّية»، مؤكّداً أنّ «الحكومة ستكون من 30 وزيراً».
عودة نازحين
وفي جديد ملفّ النازحين السوريين، وفي خطوة خجولة ولكنّها تُحتسَب الخطوةَ الثانية على طريق الألف ميل بعد عودة الدفعة الأولى منهم إلى «بيت جنّ»، غادرَت أمس دفعة جديدة من النازحين عرسال إلى الأراضي السورية، بمواكبة الأمن العام ، وعلم المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
لم تشُب هذه العملية أيَّ شائبة، بل لاقت العودة ارتياحاً واسعاً لدى السوريين، وكذلك لدى اللبنانيين، وعكسَت معادلة أنه إذا كانت هناك إرادةٌ لعودتهم طوعياً فإنّ هذا الأمر ليس بعيد المنال، ويمكن أن يتحقّق دفعةً بعد دفعة لبلوغ أكبرِ عددٍ ممكن من المليون ونصف مليون نازح، من دون انتظار الحلّ السلمي ولا غيره، ومن دون أن يشكّل هذا الأمر اشتباكاً سياسياً داخلياً وسجالاً حول التنسيق مع الحكومة السورية أم عدمِه.
إبراهيم
وأكّد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لـ«الجمهورية» أنّ دفعات أخرى من العودة الطوعية ستتوالى، داعياً إلى التوقّف عند ما صرّحت به ممثلة مكتب المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان ميراي جيرار من «أنّ تسعين في المئة من النازحين يرغبون بالعودة»، وهذه الرغبة ـ يضيف ابراهيم ـ تعني إرادةً طوعية للعودة، وهذا الأمر سيُسهّل مهمّة الأمن العام ويُسهّل عودة النازحين».
وأشار ابراهيم «إلى أنّ من لم يتمكّن من العودة اليوم بسبب عوائق لوجستية حالت دون عودته فهو سيعود في أقرب فرصة»، مؤكّداً «أنّ السبب هو تأخُّرهم عن الوصول إلى أماكن وجود الباصات التي تقلّهم وليس لأيّ سبب آخر».
وكانت المديرية العامة للأمن العام قد ذكرَت أنّها أمَّنت «العودةَ الطوعية لمئتين وأربعة وتسعين نازحاً سوريّاً من مخيّمات عرسال إلى بلداتهم في سوريا». وأشارت «إلى أنّ عودة النازحين تمّت بالتنسيق مع المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وحضورِها، بعدما كانت قد تواصَلت مباشرةً مع الراغبين في العودة».
دعم أميركي للجيش
على صعيد آخر، شدّدت الولايات المتحدة الأميركية مجدّداً على دور الجيش، وأكدت استمرار دعمِه، ونوَّهت السفيرة الأميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد «بإرادته القتالية مهما كان نوع السلاح الذي يستخدمه»
وكان قائد الجيش العماد جوزف عون قد واصَل زيارته للولايات المتحدة الأميركية، حيث التقى عدداً من المسؤولين في الجيش الأميركي خلال اجتماع موسّع في مبنى «البنتاغون» ضمّ ضبّاط لبنانيين وأميركيين للبحث في العلاقات بين الجيشين وتقييم المساعدات العسكرية الأميركية، ووضعِ تصوّرٍ جديد للحاجات المستقبلية للجيش. ثمّ زار العماد عون مدافنَ أرلينغتون الوطنية، ووضَع إكليلاً على ضريح الجندي المجهول.
واقام السفير اللبناني في الولايات المتحدة الأميركية غبريال عيسى عشاءً رسمياً على شرف العماد عون والوفد المرافق، شاركت فيه السفيرة ريتشارد. واعتبَر قائد الجيش أنّ الولايات المتحدة «أثبتت حرصَها الدائم على دعم أمنِ لبنان واستقراره، من خلال تطوير قدرات الجيش بالأسلحة والمعدّات والبرامج التدريبية المتقدّمة». وأشار الى أنّ الجيش حقّق «إنجازات كبرى على صعيد مكافحة الإرهاب، سواء عبر اقتلاع التنظيمات الإرهابية من حدودنا الشرقية بعد عملية «فجر الجرود»، أو عبر ملاحقة خلاياها في الداخل والقضاء عليها. وممّا لا شكّ فيه أنّ وقوف الولايات المتحدة الأميركية إلى جانبنا شريكاً فاعلاً، ساهم بنحوٍ حاسم في هذه الانتصارات. لكنّ ما تحقّق، على الرغم من أهمّيته، هو مرحلة ضِمن حربٍ طويلة على الإرهاب، تستوجبُ توثيق تعاونِنا، واستمرار التنسيقِ الكامل في ما بيننا».
الأخبار
عون يتكفّل بجعجع والحريري بجنبلاط
تقاطعت الأجواء بين بعبدا وبيت الوسط عند القول إن الجلسة بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، عصر أمس، «كانت إيجابية ومثمرة، ولم يقتصر الحديث على مسألة العقبات التي ما زالت تحول دون ولادة الحكومة، بل تطرق الى قضية النزوح والوضع الأمني والخطة الاقتصادية التي توضع اللمسات الاخيرة عليها».
خلص اجتماع بعبدا الى وضع الملف الحكومي «على المسار الذي يجب أن يوضع عليه بعدما شهد خروجاً عن مساره الصحيح في الايام الاخيرة، مع التأكيد أن لا توقيت لعملية التأليف ويمكن أن يحصل في أي لحظة».
وما قاله رئيس الجمهورية في الاجتماع أنه يرى أن الامور يجب أن تأخذ منحى افضل مما كانت عليه قبلاً، لذلك، «ستتكثف الاتصالات في الأيام المقبلة حتى يتبلور تصور معين انسجاماً ومضمون اجتماع بعبدا». هذه الاتصالات ستمهد لعقد لقاءات وصفت بأنها «ستكون مهمة».
في المعلومات، أن رئيسي الجمهورية والحكومة أكدا استمرار التعاون بينهما، وأنه لا خلل في العلاقة بينهما، وأن كل الامور التي شابتها التباسات سيحصل جهد متبادل لمعالجتها، على قاعدة ولادة الحكومة سريعاً، خصوصاً أن الحريري أبلغ عون أنه «تلقى تأكيدات من كل الفرقاء بالتزام التهدئة السياسية والاعلامية، لأن المناخات المتشنجة تعقّد الامور وتجعل كل طرف يتمسك بسقف مطالبه ولا يتزحزح عنها، بينما اعتماد الايجابية والخطاب الهادئ يسهل الكثير من الامور ويحلحل العقد المتبقية».
ونفت مصادر معنية أن يكون الحريري «قد حمل معه الى بعبدا صيغة حكومية من 24 وزيراً، لا بل لم يأت على ذكر صيغة كهذه في الاجتماع، وكل الحديث دار حول ملاءمة الاحجام ومقاربة توزيعها وفق صيغة الثلاثين وزيراً، مع بدء العمل جدياً لإزالة الالتباسات حول الحصص».
والمؤسف، حسب المصادر، أن رئيس الجمهورية «لم يتمكن من إقناع الرئيس المكلف بتمثيل النواب السنّة من خارج تيار المستقبل في الحكومة الجديدة»، والمهم «التصميم المشترك بين عون والحريري على حل العقد، بحيث يتولى رئيس الجمهورية حلحلة عقدة حصة القوات اللبنانية والحقائب التي تريدها، في حين يتولى الرئيس المكلف حلحلة عقدة التمثيل الدرزي مع النائب السابق وليد جنبلاط».
وكان لافتاً للانتباه استشهاد الحريري بعد الاجتماع مع رئيس الجمهورية بتنازل الشيعة عن وزير في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لمصلحة توزير فيصل كرامي، وفي ذلك إشارة أو رسالة بأن بالإمكان توزير المعارضة السنيّة من حصة الشيعة أو المسيحيين.
وكان عون قد اطّلع من الحريري على حصيلة المشاورات والاتصالات التي يقوم بها من أجل تشكيل الحكومة العتيدة، وجرى البحث في بعض الامور التي لا تزال تؤخر التوصل الى الاعلان عن الحكومة في وقت قريب، وكان الرأي متفقاً على وجوب الإسراع في تذليل كل هذه العقبات.
وقال الحريري بعد اللقاء إن الدستور واضح جداً لجهة دور رئيس الجمهورية ودوري أنا شخصياً في عملية التشكيل، فكل ما يقال بالتالي من تكهنات وتوقعات لا دخل له بالصلاحيات وبدور الرئيس الذي هو الحامي الأول للدستور. وأكد «أن صلاحيات رئيس الحكومة في هذا الموضوع معروفة أيضاً، وآمل ألا يثار أي لغط حول هذه المسألة، لأن التفاهم بيني وبين فخامة الرئيس قائم حول كل التفاصيل في هذا السياق».
وجدّد توقعاته الإيجابية، وقال «بتنا قريبين من الحلحلة ومن حصول كل فريق على حصته كما يجب، والجميع يظهر تعاوناً في هذا السياق، ولا نفع من أي تصعيد أو مواجهة في الاعلام».
وجدّد القول إن الوضع الاقتصادي «صعب والنمو ليس كما نرغب فيه، فنسبته تصل الى 1،5 أو 2%، وهو عرضة للتراجع إذا لم نسرع في تشكيل الحكومة»، وأمل «أن نشهد زيادة في النمو الاقتصادي، خصوصاً إذا أسرعنا في تأليف الحكومة والاستفادة من مقررات مؤتمر سيدر والدراسات التي أجرتها شركة ماكنزي».
وأكد الحريري أن التسوية التي أُبرمت سابقاً مع عون «ما زالت قائمة، وقد قلت قبل الانتخابات وبعدها، وما زلت على موقفي، بوجوب حماية التسوية مهما كان الثمن، لأنها لمصلحة البلد. صحيح كانت هناك فترة سابقة شهدت بعض الاختلاف في الرأي داخل الحكومة، ولكن الجميع متفق على الاستقرار الاقتصادي والامني، وهو الذي أسس لما نشهده اليوم من استقرار. لذلك، لا يحاول أحد اللعب على وتر التسوية مع فخامة الرئيس، لأنه سيواجهنا معاً».
وعن تمثيل المعارضة السنيّة، تمنى الحريري على الاعلام تحديد الامور كما هي، «فلا يمكن اعتبار بلال عبد الله أو فؤاد مخزومي أو الرئيس نجيب ميقاتي أو أسامة سعد من المعارضة السنّية. هناك نقاش يجري وسيصل الى مكان محدد، وعند تشكيل الحكومة، سأدرس القرار الذي يجب عليّ اتخاذه».