جشع "السيد سندات" إلى نهب القروض السكنية المدعومة لم ينته. تريد المصارف "شفط" الـ100 مليار ليرة، التي خصصها المجلس النيابي للفئات الفقيرة، لتمكينها من الحصول على قروض "المؤسسة العامة للإسكان". يشرح تقرير محمد وهبه في "الأخبار"، ألاعيب "السيد سندات". يوضح للمواطنين توحش الرأسمال المالي وطغيانه على حيواتهم ومصائرهم. سوى ذلك، تابعت الصحف إنجاز تشكيل الحكومة وقرب الإعلان عنها من مقر رئاسة الجمهورية.
البناء
دي ميستورا يودّع مهامه الشهر المقبل… والناشف والسفير الصيني لأولوية عودة النازحين
عون وبري والحريري يتابعون على مدار الساعة مساعي تسريع الولادة
الحكومة تخطّت آلام المخاض… بانتظار «طلقة آخر حقيبة» لتبصر النور
بدأ المبعوث الأممي الخاص بسورية بحزم حقائبه استعداداً للرحيل بعدما انتهت حقبة الرهان التي مثلتها مهمته، على رحيل الرئيس السوري أو العبث بوحدة المكونات السورية تحت شعار دستور يستوحي نموذج التنظيم الطائفي للدولة من لبنان والعراق، وفيما تنفتح سورية على نسخة منقحة من المسار السياسي مسقوفاً بالتمسك بوحدة سورية وسيادتها، وتحييد ملف الرئاسة عن أي تفاوض، وجعل الدستور الجديد الذي سيحكم الانتخابات المقبلة كهدف للعملية السياسية، محكوماً بترجمة مفهوم الدولة المدنية العلمانية، يبدو أن البحث عن مبعوث أممي يحاكي المرحلة الجديدة صار ضرورة، فيما يقصد دي ميستورا دمشق طلباً لجائزة نهاية الخدمة بتساهل في تسميته عدد من أعضاء اللجنة التي ستجتمع في جنيف برعاية أممية، بينما كان الموضوع السوري حاضراً في اللقاء الذي جمع رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف بتداعياته اللبنانية في التوافق على أولوية ملف عودة النازحين.
في الملف الحكومي دبّت الحياة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية في الاتصالات واللقاءات على كل الجبهات والعقد والمحاور، بينما حرص رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري على إقامة خطوط تواصل بينهم على مدار الساعة، لم يقطعها وجود بري في جنيف، ولا غياب زيارة الحريري إلى بعبدا، تعبيراً عن رغبة بأن تكون الزيارة المقبلة آخر زيارة لرئيس مكلف، لتعلن الحكومة العتيدة في ختامها، واستثمار الوقت المتبقي لوجود الرئيس بري في الخارج لإتمام آخر اللمسات الضرورية لإنهاء تفاصيل التشكيلة الحكومية، التي قالت مصادر مشاركة في الاتصالات إنها تخطت آلام المخاض، وإن عملية الولادة تتم بشكل سلس مع تذليل العقبات الرئيسية، وإن الحقيبة العالقة في حصة القوات اللبنانية يجري تداول عدد من الخيارات لتخطيها، بعدما حسم الأمر بحقيبة أساسية واحدة، من دون أن تحسم هذه الحقيبة، حيث تصرّ القوات على حقيبة العدل التي يتمسك بها رئيس الجمهورية.
العقدة الدرزية تبدو قد خرجت من ماراتون الأزمات، بعدما ترجم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط صورة التسوية التي أنهتها برسم معبر قام بنشره مع تغريدة تحضّ على التسويات، والرسم يظهر صورة شخصين يجلسان على مقعدين محسومين ومعقد ثالث يجلس عليه شخص قيد التشكل من نصفين، ما يعني أن الوزير الدرزي الثالث جاء حصيلة شراكة في التسمية قالت مصادر معنية إنها تمثلت بتفويض جنبلاط والوزير طلال إرسلان لرئيس الجمهورية باختيار اسم من اللائحتين اللتين أودعتا لدى الرئيس مع قبول مسبق بمن يقع عليه اختيار الرئيس.
في العقدة السنية لا يبدو أن تمثيل النواب الذين يمثلون ثلث أصوات طائفتهم وثلث مقاعدها النيابية سيكون له نصيب في الحكومة الجديدة، فالتبادل بين مقعدين مسيحي وسني بين رئيسي الجمهورية والحكومة لن يحمل على الأرجح أحد النواب السنة، بل من يمثل فريق رئيس الجمهورية كما كان الوزير طارق الخطيب في الحكومة التي تصرّف الأعمال.
التيار العلماني اللاطائفي الذي يمثله الحزب السوري القومي الاجتماعي هو الآخر سيخرج بلا تمثيل في الصيغة الحكومية الجديدة للمرة الأولى منذ اتفاق الطائف، بعدما كان الإصرار دائماً على اعتبار تمثيله العلامة الفارقة في تأكيد أن اتفاق الطائف هو ممر دستوري نحو إلغاء الطائفية، وإجماع على أن التمييز بين حكومة فدرالية الطوائف وحكومة الوحدة الوطنية يتحقق بتمثيل التيار العلماني العابر للطوائف والواقف خارج اصطفافات العصبيات الطائفية.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف أنّ الصين وروسيا الاتحادية شكلتا مظلة في مجلس الأمن الدولي منعت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها من تحقيق أهداف الحرب الإرهابية على سورية، وهذه المظلة لم تحم سورية وحسب، بل حمت العالم بأسره من خطر تحويل المؤسسات الدولية أداة تستخدمها أميركا في حروبها للهيمنة على العالم.
وشدّد الناشف على أهمية تضافر وتعاون القوى الدولية والإقليمية التي تتعرّض لضغوط أميركية متواصلة، لافتاً إلى أنّ سياسة العقوبات التي تستخدمها أميركا ضدّ الصين وروسيا وإيران، ووقوف الإدارة الأميركية وراء الاستفزازات في بحر الصين وفي غير منطقة، يُملي على القوى المستهدَفة مزيداً من التعاون والتآزر في مواجهة الهجمة الأميركية.
وخلال استقباله في مركز الحزب أمس، سفير جمهورية الصين الشعبية في لبنان وانغ كيجيان، بحضور عميد الخارجية في الحزب قيصر عبيد، شكر الناشف الصين على ما تقدّمه من دعم للبنان وللنازحين، ومقاربتها لعودة النازحين التي تلتقي مع مبادرة حزبنا، وأمل أن يكون للصين دور أكبر في مجالي التنمية والاقتصاد دعماً للبنان وسورية.
وقد رحّب رئيس الحزب حنا الناشف بالسفير كيجيان، وشكر جمهورية الصين على مواقفها الداعمة لسورية انطلاقاً من احترامها لمبدأ سيادة الدول والحفاظ على وحدة أرضها وحقها الطبيعي في محاربة الإرهاب.
من جهته، أعرب سفير الصين وانغ كيجيان عن تقديره لمواقف الحزب السوري القومي الاجتماعي، مبدياً حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع لبنان وسورية، وتمسّكها بمواقفها لجهة احترام سيادة الدول والحرص على استقرارها، ولفت الى أنّ الصين الشعبية تهتمّ بتعزيز العلاقات الثقافية والتجارية والاقتصادية مع دول المنطقة، وهذا توجه استراتيجي تلحظه المشاريع والخطط الصينية بما يصبّ في مصلحة الصين والمنطقة في آن.
هل تولد الحكومة السبت المقبل؟
أوحت حركة المشاورات المكثفة خلال الأيام القليلة الماضية لا سيما ليل أمس، على خطوط بعبدا بيت الوسط كليمنصو حارة حريك – ميرنا الشالوحي معراب بأن الحكومة على طريق الولادة نهاية الأسبوع الحالي أو مطلع الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، وفق ما قالت مصادر مطلعة لـ «البناء»، إذ إنّ العقد التي عطلت تأليف الحكومة طيلة خمسة أشهر قد ذُللت بسحر ساحر مع تنازلات متبادلة بين الأطراف السياسية أفضت الى اتفاق على توزيع الحقائب، لا سيما اللقاء الذي عُقد في مركز التيار الوطني الحر في ميرنا الشالوحي بين رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل والوزير ملحم الرياشي بحضور النائب ابراهيم كنعان، خرج بعدها كنعان والرياشي مُبشرَيْن بقرب ولادة الحكومة ومؤكدين التمسك بالمصالحة المسيحية وفتح مرحلة جديدة من التعاون، وعلمت «البناء» أنه جرى اتفاق بين التيار والقوات على توزيع الحقائب بينهما بشكل نهائي باستثناء حقيبة العدل التي يبقى البتّ بأمرها في عهدة رئيس الجمهورية.
وفي حين أكدت مصادر بيت الوسط لـ»البناء» أن «الحكومة ستولد خلال أيام قليلة وأنّ الرئيس المكلف يجري مشاورات نهائية مع كافة الأطراف لوضع اللمسات الأخيرة على الحقائب تمهيداً لتسلمه الأسماء»، قالت مصادر بعبدا لـ «البناء» إنّ «الأمور تتقدّم بشكل كبير باتجاه إعلان الحكومة لكن لا شيء نهائياً ورسمياً حتى الآن، بانتظار حسم بعض الحقائب التفصيلية». ولم تشأ المصادر التعليق على حصول لقاء بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بعيداً عن الإعلام عصر أمس، لكن مصادر «البناء» لم تنفِ حصول اللقاء، وأشارت مصادر بعبدا لـ «البناء» الى أنه «لم يتمّ تحديد موعد حتى ليل أمس للحريري لزيارة بعبدا»، لكنها أوضحت بأنّ «اللقاء إنْ حصل سيكون اللقاء الأخير أيّ لقاء إعلان ولادة الحكومة رسمياً». ورجحت المصادر أن تُحلّ كلّ العقد اليوم بانتظار عودة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لإعلان ولادة الحكومة»، وأشارت الى أن لا شيء يمنع من اعلان الحكومة دستورياً لكن درج التقليد على إحاطة رئيس المجلس علماً قبيل إعلانها رسمياً على أن تؤخذ الصورة التذكارية في اليوم التالي للإعلان». ورجحت المصادر أن «تعلن الحكومة السبت المقبل إذا سارت الأمر بشكل طبيعي وإنْ احتاج الأمر الى بعض التشاور ستؤجّل الى الاثنين المقبل».
وعلمت «البناء» أنّ العقدة الدرزية حُلّت، وأنّ الرئيس عون سيحسم اسم الوزير الدرزي الثالث اليوم من بين اللائحتين اللتين قدّمهما كلّ من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط والنائب طلال أرسلان على أن يكون توافقياً بين الاثنين، حيث قدّم أرسلان خمسة أسماء تمّ استبعاد اثنين منهما لأنهما حزبيان أما جنبلاط فقدّم لائحة من خمسة أسماء، وعن المصالحة بين جنبلاط وأرسلان فلفتت المصادر الى أنّ جنبلاط طلب من عون تأجيل الموضوع الى ما بعد الحكومة ولإيجاد تسوية في جريمة الشويفات وتسليم المطلوب أمين السوقي الى العدالة». وأشارت معلومات الى انّ «جنبلاط يرفض وزارة البيئة ويصرّ على وزارة الزراعة».
وفي وقت يبدي جنبلاط امتعاضاً من الحريري، لأنه لم ينزل عند خاطر «بيك المختارة» بالحقائب التي طلبها، يحمل رئيس حكومة تصريف الأعمال عتباً شديداً على رئيس الاشتراكي بعد زيارة جنبلاط الى بعبدا، حيث باع تنازله عن الوزير الدرزي الثالث لعون بدلاً من الحريري الذي دعم موقفه منذ بداية التكليف، حيث فاوض جنبلاط رئيس الجمهورية ومنحه نجاح حلّ العقدة الدرزية دون الرئيس المكلف المعني بتأليف الحكومة!
وعلى صعيد عقدة القوات، أفادت مصادر «البناء» أنّ «القوات اللبنانية مصرّة على نيل وزارة العدل، لكن مصادر الرئيس عون أشارت لـ»البناء» الى «تمسكه بهذه الوزارة وبالتالي ستبقى في عهدته»، ويجري تواصل بين حزب الله وتيار المردة على تبادل في الحقائب بين الصحة والأشغال بناء على تمني من التيار الوطني الحر على حزب الله، حيث عقد لقاء أمس بين باسيل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا لأجل هذه الغاية. وأشارت قناة «المنار» إلى أنّ « وزارة التربية حسمت للاشتراكي والعدل لرئيس الجمهورية »، مشيرةً إلى أنّ «توزيع الحصص حسم وما يجري الآن هو توزيع الحقائب ومعادلتها بين القوى السياسية ومراسم إعلان الحكومة باتت وشيكة»، لافتةً إلى أنّ «الصيغة الحكومية النهائية بالأسماء صارت قريبة جداً ومراسم إعلانها اصبحت وشيكة وما يجري حالياً هو محاولة لكسب مكاسب وزارية جديدة للقوات».
وأكد النائب كنعان في كلمة بعد مشاركته في اللقاء بين باسيل والرياشي اننا «سنسمع اخباراً إيجابية في الأيام المقبلة وباسم الحزبين أقول تهمّنا حكومة منتجة، والعهد هو عهد كلّ اللبنانيين»، مشدّداً على انّ «المصالحة بين القوات والوطني الحر هي استراتيجية وليست موسمية والخلاف السياسي وارد بين الأحزاب، ولكن الاستراتيجية التي تجمعنا اعادتنا الى هذا النوع من الحوار والتعاطي». موضحاً ان «مسألة حقيبة العدل لم تطرح في الاجتماع». ورداً على سؤال حول تنازل الرئيس ميشال عون عن حقيبة العدل اعتبر كنعان ان «هذه المعلومات غير صحيحة». بدوره قال الرياشي «نؤكد باسم رئيس القوات سمير جعجع وباسيل ان المصالحة مقدسة وكل الاختلافات في وجهات النظر لن تؤدي الى خلاف بين الحزبين»، مؤكداً أن «الاختلافات السياسية بين التيار والقوات لا يجب أن تتحول خلافات سياسية ولا يجب ان تنزل إلى الشارع وإلى مواقع التواصل الاجتماعي».
وبعد اللقاء توجه الرياشي الى بيت الوسط لإطلاع الرئيس سعد الحريري على نتائج لقائه مع باسيل.
ونشرت الصفحة الرسمية للتيار الوطني الحرّ، عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يلي:
1 – المطالب المضخمة للقوات سقطت وما بقي هو احترام المعيار الواحد ونتائج الانتخابات.
2 – التيار سيحقق جميع المطالب المتعلقة به في التشكيلة نتيجة احترام وحدة المعايير وإرادة الناس.
3 – التيار الوطني الحر يعتبر أنّ الأولوية تبقى لتشكيلة حكومية منتجة ولا يعطل بعضها بعضاً.
وأفادت قناة «او تي في» أنّ «القرار حول الحقيبة الثانية التي تدخل في حصته غير الطاقة سيكون للتيار الذي سيعود له الاختيار بين العدل او غيرها». وأضافت: «القوات لن تحصل على حقيبتين خدميتين أساسيتين كما كانت تطالب بل واحدة فقط». واشارت القناة الى انّ «مصير وزارة الأشغال لا يزال معلقاً في الوقت الراهن». وقالت القناة: «القوات تبلغت ان التشكيلة ماشية وانتهى وقت المناورات».
ولفتت أوساط مراقبة لـ «البناء» الى أنّ معطيات خارجية أملت على جميع الأفرقاء تقديم التنازلات بالجملة وتدوير الزوايا لإخراج الحكومة الى النور، لافتة الى هبوط القوات عن سلم شروطها. وهذا ناتج عن ضعف موقع ومكانة السعودية في العالم بعد جريمة اغتيال الإعلامي جمال الخاشقجي ما بدا أنّ تمسك القوات بشروطها في هذا التوقيت بالذات أشبه بالانتحار الحكومي والسياسي، لذلك سارعت الى التنازل والاقتراب من التيار الحر ومسايرة رئيس الجمهورية»، وتضيف الأوساط أنّ الضغط الدولي على السعودي منح الحريري أيضاً هامش مناورة أوسع وفرصة لتأليف الحكومة قبل انقلاب المعطيات الخارجية لغير صالحه».
الى ذلك أشار الرئيس بري الى أنّ في «تأليف الحكومة اللبنانية، لا استطيع ان اقول ان هذا الأمر انتهى، استطيع ان اقول ان التقدّم هو على قدم وساق وقريباً وعسى ولعلّ. صار الفول موجود والمكيول موجود لربما ان شاء الله يتم هذا الامر».
أما جنبلاط فغرّد معتبراً انّ «الإسراع في تشكيل الوزارة أكثر من ضروري لأنّ الوضع الاقتصادي فوق كلّ اعتبار». واضاف «أضمّ صوتي الى صوت الرئيس بري والى جميع الحريصين مثله». من جهته قال باسيل بعد لقائه وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري: «يمكننا من اليوم أن نقول مبروك».
اللواء
«التيار العوني» يتواضع: المراسيم مسألة ساعات
برّي يعود اليوم والعدل من حصة «القوات».. وعقدة أرمنية قيد المعالجة
قضي الأمر، الحكومة باتت قيد الإنجاز، والجديد اللمسات الأخيرة على إعادة توزيع الحقائب، ما خلا السيادية منها، المتفق على ان تبقى مع القوى والكتل الكبرى، من المالية إلى الداخلية فالدفاع والخارجية، هذه العملية التي تجري بسلاسة، وتنتظر عودة الرئيس نبيه برّي، الذي يعيش تفاؤلاً، من زاوية ان الفول والمكيول باتا في متناول اليد..
عند الخطوط الخلفية، الدفاعية بعد تراجع «استراتيجيات الهجوم»، تحاول بعض الأطراف الايحاء بأنها حققت ما تصبو إليه، من زاوية «لا غالب ولا مغلوب»، معيار الاخفاقات والنجاحات اللبنانية عند التسويات والاصح، وفقاً للمراقبين، تواضيع التيار الوطني الحر.
وفي السياق هذا، يجري الحديث عن ترميم التحالفات، والايحاء ان العبرة في حكومة منتجة لا حكومة متاريس، قادرة على التصدّي للملفات الصعبة، اقتصادياً، مستفيدة من انفراجات المعابر، وتحريك ملف التسوية في سوريا في الاشهر القليلة المقبلة.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«اللواء» ان آلية العمل تقتضي بالذهاب إلى بعبدا من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري، ومعه الحكومةالتي ستصدر مراسيمها، بحذف اسم من هنا أو إضافة اسم من هناك، بالتزامن مع عودة الرئيس نبيه برّي من جنيف.
ومن المحطات الحاسمة، في هذا الاتجاه، لقاء ميرنا الشالوحي بين الوزير جبران باسيل وعرابي «تفاهم معراب»: النائب إبراهيم كنعان والوزير ملحم رياشي، والبارز على هذا الصعيد ما يلي:
1- فك الارتباط بين المصالحة المسيحية وتأليف الحكومة.
2- إبلاغ باسيل رياشي ان التيار، تخلى عن نائب رئيس الحكومة «للقوات اللبنانية»، اما وزارة العدل فالقرار حولها يعود إلى الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف.
3- الاتفاق على ان ينقل رياشي إلى الرئيس الحريري، الذي التقاه في بيت الوسط، ونقل إليه موقف «القوات» على ان يتلقى حزب «القوات» أجوبة من الرئيس المكلف، حول حصة «القوات».
ورداً على سؤال قال رياشي: لا عقدة قواتية، إنما هناك بعض العقد من «القوات».
وعلمت «اللواء» ان الرئيس برّي سيعود إلى بيروت اليوم، آتياً من جنيف، ليكون حاضراً لالتقاء الصورة التذكارية.
وكشفت مصادر معنية لـ«اللواء» ليلاً ان حصة «القوات» باتت محصورة بالحقائب الأربع الآتية:
1- نائب رئيس مجلس الوزراء، مع وزارة العدل (إبراهيم نجار).
2- وزارة الثقافة (ملحم رياشي).
3- وزارة الإعلام (مي شدياق).
4- شانت جانجنيان: وزير دولة لشؤون المرأة.
وتوقعت المصادر ولادة الحكومة في مهلة زمنية لا تتجاوز السبت المقبل، ولم تشأ تأكيد أو نفي زيارة للرئيس المكلف إلى بعبدا بعيداً عن الأضواء، فيما تحدثت عن لقاء عقد بين الوزير باسيل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا.
الأجواء الإيجابية مستمرة
في هذا الوقت، بقي ضخ الأجواء الإيجابية عن قرب تشكيل الحكومة مستمراً، بعد الاتفاق على وحدة المعايير في الحصص والحقائب، والذي تُكرّس في الاجتماع الذي عقد بعيداً عن الإعلام بعد ظهر أمس، في قصر بعبدا بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، والذي وصفته مصادر مطلعة «بالايجابي جداً»، وانه كان بمثابة مؤشر نهائي لولادة حكومية في القريب العاجل، وايضاً في الاجتماع – المفاجأة الذي جمع بعد ذلك الوزير باسيل بوزير «القوات اللبنانية» ملحم رياشي في مقر التيار في «ميرنا الشالوحي»، واجتماع بين باسيل والوزير اواديس كيدانيان ممثلاً حزب «الطاشناق» للبحث في حقيبة الأرمن، في ضوء مطالبة ارمنية مستجدة بوزيرين.
وقد اسفرت هذه اللقاءات حسب بعض المعلومات عن تنازل رئيس الجمهورية عن حقيبة العدل لمصلحة «القوات» الى جانب منصب نائب رئيس الحكومة بلا حقيبة وحقيبتي الشؤون الاجتماعية والثقافة لكن ذلك لم يتأكد رسميا، فيما تردد ان باسيل طلب من وفيق صفا تبادل حقيبتي الصحة والاشغال بين الحزب و«المردة»؟ وان الرئيس الحريري سيزور القصر الجمهوري خلال يوم او يومين على الاكثر، ربما بعد عودة الرئيس نبيه بري من جنيف، لتسليمه الصيغة النهائية للحكومة.
وقال مصدر رفيع لـ «اللواء» ان المشاورات المكثفة التي حصلت في الساعات الـ٢٤ الفائتة أثمرت جملة تفاهمات، ابرزها ان لا عودة الى الوراء في قرار الانتهاء سريعا من تشكيل حكومة منتجة وفاعلة لا تنطوي على عطب معطلة لا داخلية ولا خارجية.
ولفت الى ان إجتماع باسيل بالرياشي تطرق الى اهمية تعزيز المصالحة المسيحية وتصليب مفاعيلها، جنبا الى جنب مع اهمية ان تكون العلاقة بين فريقين، وخصوصا في معالجة الملفات التي ستطرح في الحكومة العتيدة، ايجابية بتنسيق وتعاون لا يشوبهما ما شاب العلاقة إبان الحكومة المستقبلة، بحيث تكون الحكومة منتجة لا مكانا للمتاريس وتسجيل المواقف.
وكشفت المصادر لـ«اللواء» ان العقد الحكومية تزول الواحدة تلو الاخرى، بفعل العودة الى النقاش الموضوعي بعيدا مما شهدته الاشهر الخمسة الفائتة من مزايدات نتيجة ضرورات التفاوض او حتى الرغبة في تكبير احجام وتقزيم اخرى، كما بفعل اقتناع الجميع بضرورة اعتماد معايير واضحة تتشكل الحكومة في ضوئها، وهو الامر الذي حصل في الساعات الـ٤٨ الفائتة وثبتت جدواه.
مشاورات ربع الساعة الأخير
واشارت اوساط مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» الى أن المشاورات باتت في الربع الساعة الأخير من تأليف الحكومة وأنه لا بد من ان تتكثف الاتصالات في اطار جوجلة توزيع الحقائب على الكتل مع العلم ان الحسم بدأيقترب بعد سلسلة تفاهمات تمت يقال انها للتسهيل بعدما شعر المعنيون ان الضغوط الدولية تعاظمت.
واكدت المصادر ان خريطة توزيع الحقائب بالشكل النهائي قبل اسقاط الاسماء على الحقائب تنتظر استكمال التفاهمات مع العلم ان هناك حقائب اصبحت مضمومة في الجيب كما يقال، فالمقربون من قصر بعبدا يتحدثون عن بقاء حقيبة العدل ضمن حصة رئيس الجمهورية في حين ان التربية عادت الى الاشتراكي وتبقى الحقيبة الثانية من دون حسم، وثمة من ردد انها وزارة خدماتية، اما الوزير الدرزي الثالث المتروك بعهدة الرئيس عون فلم تعرف هويته.
وتحدثت المصادر عن اطمئنان من «المستقبل» و«امل» للحقائب التي تسند اليهم مشيرة الى ان القوات التي نالت نيابة رئاسة الحكومة وصلتها اشارات بضرورة حسن التعاطي مع هذا المنصب لجهة اللجان التي ستعهد اليها ما زالت مصرّة على تمثيلها وفق اللازم.
وقالت ان وزارة الصحة التي تردد انها حسمت لحزب الله فتنتظر التأكيد النهائي وسط معلومات تتحدث عن مبادلة مع «المردة» بها مقابل الاشغال التي ما تزال بعين «التيار الوطني الحر».
وقالت المصادر انه في المحصلة لا بد من بعض الانتظار بعدما طرأ مطلب ارمني بتمثيله الطائفة بوزيرين وتردد ان الرئيس عون قد يجتمع بموفدين من حزب الطاشناق لكن هذه المعلومات غير مؤكدة، وفهم من المصادر ان الطروحات سيجري جوجلتها بعدما باتت المطالب بين الاخذ والرد دون استبعاد ان يعقد لقاء بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري قبيل الاجتماع المفصلي الذي يشهد ولادة الحكومة.
وفيما لم تعلق مصادر قصر بعبدا على المعلومات التي ترددت عن زيارة قام بها الحريري الى بعبدا بعد ظهر امس، علمت «اللواء» انها تمت بالفعل بعيدا عن الاضواء.
وليلا افيد انه لم يتم الانتهاء من توزيع الحقائب وهناك تبديل سيحصل ما يأخذ بالاعتبار مطالب الافرقاء على ان حصة «القوات» لم تحسم بعد لجهة الوزارات ومنح حقيبة أساسية ثانية لها بعدما احتفظ رئيس الجمهورية بالعدل.
عقدة «القوات»
وكان النقاش استمر طيلة ليل أمس الأوّل، ونهار أمس، ومن ثم تجدد ليلاً، عبر لقاء الرئيس الحريري والوزير رياشي لحسم حصة «القوات» من الحقائب، وسط تضارب المعلومات وتناقضها أحياناً، ووسط معلومات أفادت ان حقائب «القوات» قد تتغير في الربع الساعة الاخيرر، لكن ذلك يعني ان تغيير أي حقيبة لأي طرف سيعني تغيير عدد من الحقائب لأطراف أخرى كالحزب الاشتراكي أو تيّار «المستقبل».
وفي حين أكدت مصادر قصر بعبدا ان حقيبة العدل حسمت لمصلحة رئيس الجمهورية، اكد وزير الشباب والرياضة محمد فنيش لـ«اللواء»: «ان حقيبة الصحة حسمت لـ«حزب الله» ولا مجال لأي كلام أخر وهذا امر متفق عليه مع «حركة امل» اولا ومع الرئيسين عون والحريري»، وفي تقدير مصادر متابعة ان هذا الأمر يعني ان الخيارات باتت محدودة حول حقائب «القوات»، خاصة اذا بقيت الاشغال بيد تيار «المردة» والتربية بيد الحزب التقدمي.
مصادر «القوات اللبنانية» كشفت «للواء» «انه تم الخروج من المربع الاول واصبحنا في المربع الاخير»، واوضحت ان هناك عروضات وافكاراً جدية قدمت في الساعات الاخيرة الى القوات، وفي المقابل يرد الحزب على هذه الافكار، واشارت الى ان المفاوضات قائمة على قدم وساق، ولكنها اعتبرت انه لا يمكن الحديث عن وجود عرض او طرح نهائي واضح متوافق عليه بعد، وبأنه لدى وصول الامور الى خواتيمها يتم الاعلان عنها، وأن الامور لا زالت في طور النقاش والتفاوض والبحث، على امل ارساء الامور بالشكل المناسب.
وفضلت المصادر القواتية عدم الكشف عن العروضات التي قدمت للقوات، ورات وجوب ابقائها داخل كواليس المفاوضات، واشارت الى ان كل ما يصدر من تسريبات في الاعلام غير دقيق وهو يحتوي على كثير من التناقضات، وجزء منه اساسي ويرمى بشكل مقصود من اجل الضغط المعنوي، مشيرة الى ان هناك جزءاً منه تضليلي.
وكشفت عن أن خطوط التواصل مفتوحة مع الرئيس المكلف على امل ان تتوضح الصورة في الساعات القليلة المقبلة.
وبناء لذلك بقيت المعلومات تشير الى ان التفاوض جارٍ حول حقائب العدل والعمل والزراعة، وحول حقيبة التربية اذا ما تقرر في نهاية المطاف ألاّ تؤول الى الحزب التقدمي.
لكن محطة «او تي في» الناطقة بأسم «التيار الحر» قالت مساء: ان المفاوضات جارية في الربع الساعة الاخير وان الحقيبة العالقة هي العمل (التي قد تعطى للقوات بدل العدل). واضافت انه بات من المؤكد ان «القوات» ستنال حقيبة اساسية واحدة لا حقيبتين.
رياشي في «بيت الوسط» والشالوحي
وأوضح الوزير رياشي بعد لقائه الرئيس الحريري ليلاً في «بيت الوسط» في حضور الوزير غطاس خوري، انه نقل رسالة من رئيس حزب «القوات» سمير جعجع للرئيس المكلف، كما انه وضعه في أجواء لقائه بالوزير باسيل، وقال «ان الأمور بإذن الله خيراً، ونحن بانتظار بعض الإجابات خلال الـ48 ساعة المقبلة، حول بعض النقاط، التي لها علاقة بالتركيبة الحكومية»، مشيراًالى ان لدى الحريري طرحاً تتم دراسته مع بعض المسائل المرتبطة بالطرح لجهة المعايير والمقاربات الحكومية.
الا ان الرياشي رفض الحديث عن موضوع الحقائب، وعما إذا كانت حقيبة العدل باتت من حصة القوات، مكتفياً بأنه «ينتظر اجابات خير من الرئيس الحريري»، خلال الساعات الـ48 المقبلة، نافياً وجود شيء اسمه «عقدة القوات»، لكن هناك بعض العقد من «القوات»، في اشارة الى تمسكها بوزارة العدل التي يُصرّ الرئيس عون على ان تكون من حصته، أملاً «أن يكون الجواب ايجابياً بالنسبة للقوات، لكي يتم تسهيل التشكيل كما يجب».
وكان الرياشي التقى الوزير باسيل في مقر «التيار الحر» في حضور أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان، للبحث في النقاط الخلافية، والعلاقة بين «التيار» و«القوات»، بعد ما شاب هذه العلاقة من خلافات حادّة.
ووصف الرياشي اللقاء «بالمثمر» وانه كان استعادة لزمن ارتاح كل المسيحيين واللبنانيين إليه، مرحلة كانت ذهبية في تاريخ لبنان، وأكدت أكثر فأكثر ان المصالحة هي خط أحمر.
ورأى ان «المصالحة المسيحية – المسيحية هي التوازن والشراكة في العمل، والاهم من كل ذلك انها مصالحة كل بيت مع أهل بيته، وأكدت ان الاختلافات السياسية، كما جاء في ورقة النوايا منذ عام 2015 يجب الا تتحوّل إلى خلافات».
وشدّد على ان ما حصل في الاجتماع لا علاقة له بالتشكيلة الحكومية، فتشكيل الحكومة والحصص الوزارية تبحثان مع الرئيس المكلف وليس مع الوزير باسيل، فهناك آليات دستورية يتم عبرها هذا الأمر.
الأخبار
حكومة… ولو بلا جعجع
عودة القروض السكنية رهن بجشع المصارف
مجدداً، تقف القوات اللبنانية بلا حلفاء. أداؤها معهم أوصلهم إلى درجة تخليهم عنها. وبعد تقدّم المفاوضات، صارت مضطرة للاختيار: إما القبول بما يعرضه عليها رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، وإما الخروج إلى صفوف المعارضة. الخيار الثاني هدّد به سمير جعجع أمس، في انتظار تبلور الموقف في غضون 48 ساعة.
تواصلت أمس مساعي رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لتذليل العقبات الأخيرة التي تعترض تشكيل الحكومة، مع استبعاد أن تؤدي هذه العقبات إلى إفشال التأليف. مصادر مطّلعة أكّدت لـ«الأخبار» أن رئيس الحكومة «حاسم في التأليف» وأن «الحكومة خلصت، وستتشكّل ولو بلا القوات لأن أحداً ليس مستعداً لتغنيج أحد أكثر من ذلك»! ولفتت الى أن القوات نالت أكثر من حقها: فهي تستحق 3 مقاعد، لكنها حصلت على 4. وهي تستحق حقيبة «وازنة» وحقيبة عادية ووزارة دولة، فحصلت على 3 حقائب ومنصب نائب رئيس الحكومة.
ويوماً بعد آخر، تتكرّس معادلة أن القوات بلا حلفاء، بعدما اتهمها التيار الوطني الحر بالانقلاب عليه، ورفض الحريري «الخضوع لابتزازها» مع معرفته بدورها في خطفه في الرياض العام الماضي. ولفتت مصادر على صلة بالحريري إلى أن الاخير لا يتعامل بمرونة مع القوات، ويعمل على اعادة تمتين الشراكة مع عون وباسيل. كما أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط قرر المضي، بلا سمير جعجع، في تفاهم مع رئيس الجمهورية، يُبعد عن الجبل شبح التوترات. واللافت هنا أيضاً ان جنبلاط فوّض عون بحل «العقدة الدرزية»، بعدما كان قد أشار سابقاً إلى أنه يريد الرئيس نبيه بري وسيطاً في أي مفاوضات تُجرى معه.
وشهد يوم أمس سلسلة لقاءات صبّت في إطار البحث عن حل للعقدة القواتية، قبل أن تظهر عقدة مرتبطة بميل الحريري إلى تمثيل الأقليات على حساب أحد مقعدي الأرمن، وهو ما واجه حالة رفض أرمنية دينية وسياسية واسعة.
مصادر مطلعة قالت إن الحريري زار بعبدا سراً والتقى رئيس الجمهورية ميشال عون لساعات، في حضور وزير الخارجية جبران باسيل. وكرر عون أنه سمع من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه لا يمكن تأخير الحكومة اكثر، مضيفاً أن المناخ الإقليمي يتيح تأليف الحكومة، من دون الأخذ بكل الشروط السعودية. والنقطة الأخيرة لم ينفها الرئيس المكلف الذي يشير مقربون منه إلى استعداده، وعون، للمضي في تأليف حكومة حتى ولو من دون القوات اذا اصرّت على شروطها.
واستقبل باسيل والنائب ابراهيم كنعان أمس الوزير ملحم رياشي في مركز التيار الوطني الحر في سن الفيل، سعياً لتثبيت الاتفاق على تخلي رئيس الجمهورية عن نيابة رئيس الحكومة لصالح القوات. وعلمت «الأخبار» أن رياشي «طلب رسمياً» من التيار أن تُعطى القوات منصب نائب رئيس الحكومة، فوعد باسيل بالنظر ايجاباً في الأمر لتيسير تشكيل الحكومة، مع التأكيد على أن هذا الموقع أساساً من حصة رئيس الجمهورية. كما حاول رياشي الاستفسار عما «تبقّى لنا» من حقائب، فأجابه باسيل بأن الأمر يُبحث مع الرئيس المكلف. وقالت مصادر في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار» إن البحث لم يتطرق الى حقيبة العدل التي يتمسّك التيار بها. وبينما صار مرجحاً أن «القوات» ستحصل على حقيبتي الثقافة والشؤون الاجتماعية، قالت مصادر إن الحقيبة الثالثة قد تكون العمل كونها وزارة وازنة.
وأفادت مصادر مطلعة أن الحريري سبق أن عرض على القوات، منذ يومين، حقيبة العدل، إلا أن جعجع لم يبد اهتماماً بها، مصرّاً على حقيبة من ثلاث: الأشغال أو الصحة أو الطاقة. ولما قوبل طلبه بالرفض، أبدى استعداده للموافقة على الحصول على العدل، إلا أن الحريري كان قد التقى رئيس الجمهورية وسمع منه تأكيداً أنه يريدها من حصته، مبدياً استعداده لاستبدالها بالتربية. لكن الأخيرة آلت إلى «الاشتراكي»، علماً بأن القوات تتجنّب «التربية» خوفاً من مشاكل مع أهالي الطلاب بسبب الأقساط، ومع الكنيسة ربطاً بالمدارس الكاثوليكية.
وفيما لم يصل أي من اللقاءات إلى حلول مرضية لمعراب، خرج رياشي من لقائه المسائي مع الحريري، مشيراً إلى أنه نقل رسالة من جعجع إلى رئيس الحكومة المكلف، وأنه «ننتظر إجابات حول التركيبة الحكومية في غضون 48 ساعة».
وأفادت المصادر أنه لم يعد بإمكان الحريري الانتظار أكثر، مبدية ثقتها بأنه لن يتراجع هذه المرة عن تقديم تشكيلته إلى رئيس الجمهورية، حتى لو كانت لا ترضي الجميع، من دون استبعاد إمكانية تبادل حقيبتي العمل والتربية بين القوات والاشتراكي.
وحتى مساء أمس، كان المعروض على القوات أن تكون حصتها نائب رئيس حكومة مع الثقافة (او الاعلام) والشؤون الاجتماعية (أو العمل) والبيئة، فيما طالبت بالعدل او الزراعة. وإزاء هذا الواقع، قرر جعجع التصعيد، مهدداً بعدم المشاركة في الحكومة في حال لم يتلقَّ عرضاً يرضيه. وقالت مصادر معنية بالتأليف إن رئيس الحكومة يبدو مصمماً على التأليف، من دون أن يقف عند خاطر أحد، ولو كان سمير جعجع.
من جهة أخرى، علمت «الأخبار» أن باسيل عرض على حزب الله إجراء مقايضة بين «الأشغال» و«الصحة»، فيحصل الحزب على الاولى، فيما تكون الثانية من حصة تيار المردة. وإزاء رفض الحزب، سعى باسيل إلى أن يكون وزير المردة غير يوسف فنيانوس، لكن الاقتراح قوبل بالرفض أيضاً. ولا تزال عقدة تمثيل «سنّة 8 آذار» قائمة، فيما يعبّر الحريري عن انزعاجه من الضغط عليه، وخاصة انه «تنازل عن مقعد سنّي» لعون في مقابل حصوله على مقعد مسيحي للوزير غطاس خوري.
عودة القروض السكنية رهن بجشع المصارف
عقبتان تعترضان إعادة العمل بالقروض السكنية المدعومة عبر المؤسسة العامة للإسكان. الأولى مرتبطة بمصرف لبنان الذي حدّد سقفاً للاستدانة بالليرة تبيّن أن غالبية المصارف تخطّته. والثانية تكمن في مستوى الفوائد المدعومة الذي سيتفق عليه بين المصارف والمؤسسة في ظل ارتفاع معدلات الفائدة على التسليفات بالليرة إلى ما لا يقل عن 12%.
لإعادة إطلاق القروض السكنية المدعومة، ليس على مصرف لبنان وجمعية المصارف إلا ملاقاة المؤسسة العامة للإسكان في منتصف الطريق. ما يحدث، عملياً، بعدما حصلت المؤسسة على اعتماد مالي بقيمة 100 مليار ليرة لدعم هذه القروض، أن مصرف لبنان يسعى، بكل الطرق المتاحة، لمنعها من ذلك، فيما تبحث جمعية المصارف عن طريقة لـ«شفط» هذه الأموال من دون أن تتنازل عن جزء من ربحيتها.
مجلس النواب، في جلسة «تشريع الضرورة» الشهر الماضي، أقرّ منح المؤسسة اعتماداً مالياً بقيمة 100 مليار ليرة لدعم القروض السكنية مؤقتاً، في انتظار أن إقرار الحكومة سياسة اسكانية تحدّد من خلالها آليات الدعم المستدامة. لكن المشكلة التي واجهت المؤسسة أن «المركزي» استبق القرار بإصدار التعميم 503 على المصارف، والذي ينص على أنه «لا يجوز أن يزيد صافي التسليفات الممنوحة من المصرف للقطاع الخاص بالليرة اللبنانية عن 25% من مجموع ودائع الزبائن لديه بالليرة اللبنانية. ويتوجب على المصارف إيداع قيمة كل فرق يزيد عن النسبة المحدّدة في حساب مجمّد لدى مصرف لبنان لا ينتج فوائد، لحين تسوية هذا التجاوز. وتمنح المصارف التي تكون في وضع مخالف مهلة حدّها الأقصى 31/12/2019 لتسوية أوضاعها. ويمكن للمصارف التي يتعذر عليها تسوية أوضاعها خلال هذه المهلة، مراجعة المجلس المركزي بهذا الشأن».
وقد تبيّن، بحسب النشرة الشهرية لمصرف لبنان عن شهر تموز 2018، أن نسبة تسليفات المصارف بالليرة تبلغ 32.7% من مجمل الودائع بالليرة، ما يعني أن المصارف لن تكون قادرة على إعطاء أي تسليفات جديدة إلا في حال حصول أمرين: أن تخفض تسليفاتها بالليرة إلى ما دون المعدل المطلوب من مصرف لبنان، أو أن ترفع مجموع ودائعها بالليرة لتخفض نسبة التسليفات إلى الحدود المطلوبة.
المصارف حاولت مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الحصول على إعفاء من هذا السقف محصور بالقروض السكنية، إلا أنه رفض بحجّة أن القروض بالليرة تشكّل ضغطاً على سعر صرف الليرة مقابل الدولار. إذ أن كل ليرة تنفق على شراء منزل يتحوّل قسم كبير منها إلى طلب على الدولار، لأن غالبية المواد المستعملة في تشييد الشقق مستوردة ويدفع التاجر ثمنها بالدولار.
هكذا، تبدّدت فسحة الأمل بعودة القروض السكنية المدعومة. وتعزّز هذا المشهد السوداوي بعدما تبيّن أن آلية الدعم الجديدة تتطلب منتجاً جديداً غير ذلك الذي كانت تقدّمه المؤسسة وفق آليات الدعم السابقة. إذ كانت تقسم القرض إلى فترتين زمنيتين بحدّ أقصى 15 سنة لكل منهما، وتقتطع من القرض نسبة 10% تستعمل لدفع الفائدة عن المقترض خلال الفترة الأولى من القرض. وفي هذه الفترة كان الزبون يدفع أصل القرض، على أن يردّ للمؤسسة في الفترة الثانية من مدة القرض ما سدّدته عنه.
أما اليوم فقد أصبح الوضع مختلفاً في ظل التغيرات في آلية الدعم وتغيرات أسعار الفائدة. فبالنسبة للمدّة الزمنية، لم يعد بالإمكان تقسيم القرض إلى فترتين، بل بات يتوجب أن يكون على فترة 25 سنة أصلاً وفائدة. والسبب أن الآلية السابقة كانت تفرض على المؤسسة أن تعاني من نقص في السيولة التي تستعملها لتسدد عن الزبائن كلفة الفائدة. أما حالياً، فليس بإمكانها أن تزيد من معاناتها في ظل محدودية الدعم الذي حصلت عليه، وبالتالي عليها أن تتوصل إلى اتفاق مع المصارف على منتج جديد.
أما بالنسبة إلى أسعار الفوائد، فقد ارتفعت على التسليفات بالليرة إلى 12% كحدّ أدنى، فيما كانت في السابق لا تتجاوز 9%. وفق آلية الدعم السابقة، كانت كلفة القرض على الزبون لا تتجاوز 5%، لكن ارتفاع أسعار الفائدة، فرض على المؤسسة الاختيار بين إنفاق مبلغ كبير للحفاظ على استقرار الكلفة على الزبون بما يعنيه ذلك من تقليص عدد القروض الممنوحة بالاستناد إلى قيمة الدعم الذي حصلت عليه (100 مليار ليرة). أو أن تحمّل الزبون الفرق في ارتفاع أسعار الفائدة، بما يعنيه ذلك من كلفة إضافية عليه.
هي معادلة ثلاثية يجب أن تتوازن فيها ثلاثة عناصر: قيمة المبلغ المخصص للدعم، معدلات الفائدة، عدد القروض الممنوحة. كلما ارتفع سعر الفائدة بات يتوجب تقليص عدد القروض، أو رفع قيمة المبلغ المخصص للدعم. وكلما ارتفع عدد القروض يتوجب خفض سعر الفائدة ورفع قيمة المبلغ المخصص للدعم.
في هذا الإطار تبيّن، وفق حسابات أولية، أن رفع الفائدة على المقترض إلى 6.25% سيؤدي إلى مضاعفة قيمة المبلغ الذي يردّه للمصرف على مدى 25 عاماً. وبالتالي فإن تجنيبه هذه الكلفة الباهظة، يفرض خفض معدلات الفائدة إلى مستويات مقبولة. ففي السابق كانت الكلفة الإجمالية على الزبون تصل إلى حدود 135% من أصل القرض.
إذاً، بأي كلفة دعم يمكن المؤسسة أن تمنح قروضاً سكنية مدعومة لأوسع فئة من المقترضين في ظل ارتفاع الطلب على القروض السكنية من 5 آلاف سنوياً إلى ما لا يقل عن 8000، بعدما بات على الجهات التي كانت لديها بروتوكولات مع المصارف، أن تلجأ حصرياً إلى المؤسسة دون سواها؟
الإجابة على هذا السؤال رهن المفاوضات الشاقة التي تخوضها المؤسسة مع المصارف. فإذا تنازلت المصارف عن جزء من ربحيتها يمكن توسيع مروحة الدعم ليشمل 4000 قرض، أما إذا أظهرت تعنّتاً فإنها ستفرض خفضاً قسرياً لعدد القروض الممنوحة للزبائن. وهذا ما سيخلق حالاً من التوتّر في السوق بسبب التنافس الذي يمكن أن تخلقه هذه الآلية بين الزبائن والمصارف في بلد تلعب فيه «الوساطة» و«المعرفة» دوراً كبيراً في المفاضلة بين هذا الزبون وذاك. في هذه الحال قد لا يصل جزء كبير من الدعم إلى مستحقيه، أو قد يخلق تنافساً غير مشروع بين مستحقي الدعم، على افتراض أن الدعم عبر المؤسسة العامة للإسكان مخصص للطبقتين الوسطى ــ الدنيا والفقيرة.
الأسوأ من ذلك كلّه، أن هذه المشكلة قد تؤسّس للمعالجات المستدامة في مسألة القروض السكنية المدعومة، لأن كل الحلول المقترحة تتطلب تمويلاً من المصارف، وهذا التمويل يأتي بكلفة باهظة.