يتعاظم الهم اليومي على المواطنين. العتمة تقترب من بيوتهم ومصالحهم. في منتصف الشهر الجاري ينفذ الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء. أصدرت "مؤسسة كهرباء لبنان" بيانا أعلنت فيه اضطرارها إلى توقيف مجموعتي إنتاج في عدد من المعامل بسبب "مشكلة التزود بالمحروقات"، وأنها ستخفض الإنتاج "تدريجياً". المواطنون ينتظرون الحكومة، والوطن ينتظر عودة الرئيس المكلف من باريس، حيث ألمحت الصحف إلى أنه "اعتكف" فيها.
الأخبار
الحريري «يعتكف» في باريس… وأبواب الحلّ غير موصدة
لا جديد في شأن «العقدة السنية». الجميع كانوا في انتظار عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري من باريس لاستئناف الاتصالات، إلا أن الأخير قرّر شراء الوقت والاعتكاف في العاصمة الفرنسية، متخفّفاً من مسؤوليته عن الأزمة. وفيما جرى تلقّف كلام وزير الخارجية جبران باسيل عن «الاستعداد لتقديم التضحيات» بإيجابية في أوساط 8 آذار، أكّدت مصادر في التيار الوطني الحر أن «ما في شي ما بيتحرّك… والمهم هو خفض السقوف العالية»
عدا عن «الإشارات الإيجابية» التي أطلقها وزير الخارجية جبران باسيل، والمواقف الحادّة التي أطلقها النائب جهاد الصمد من الضنيّة، فإن عطلة نهاية الأسبوع لم تسجّل أي جديد في حل عقدة تمثيل النواب السنّة، مع استمرار تمسّك كل من الأطراف بموقفه. وأكّدت مصادر كل الأطراف أن الاتصالات «جامدة»، ولا سيّما بين التيار الوطني الحر وحزب الله، مع إبقاء خط التواصل الروتيني مفتوحاً بين باسيل ورئيس وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا.
وفيما كان الجميع ينتظرون عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت ليل أمس لاستئناف الاتصالات، قرّر الأخير الاعتكاف في العاصمة الفرنسية بعدما كان مفترضاً أن يرعى اليوم عشاءً يحضره اقتصاديون ورجال أعمال. إلّا أن إدارة «بيت الوسط» تولّت الاتصال بالحضور وإبلاغهم إلغاء العشاء، بذريعة أن رئيس الحكومة سيبقى في باريس لـ«أيام». ونقل متصلون بالحريري عنه تمسّكه بموقفه الرافض توزير النواب السنّة، وأنه «لا يجد مبرراً لتمثيل من ينتسبون إلى كتل نيابية لديها ممثلوها في الحكومة». كما نقلت عنه تأكيده أنه «لن يوقع أي مرسوم يضم اسماً من الأسماء الستة، ولو كان ذلك من حصة غيره»، في إشارة الى احتمال أن يضم الرئيس ميشال عون واحداً من «مجموعة الستة» إلى حصته، أو أن يبادر الثنائي الشيعي الى التنازل عن مقعد شيعي لمصلحة أحدهم.
في غضون ذلك، تلقّفت القوى السياسية بإيجابية كلام باسيل، السبت، عن أن التيار لن يسمح لعلاقته بأي مكون في لبنان بأن تنهار، و«لن نسمح مهما بلغت التضحيات أن يقع الانفجار بين المكونات اللبنانية». واعتبرت مصادر في قوى 8 آذار أن الأمر يفتح باباً للحل ويؤشّر إلى نية باسيل للتحرك وإيجاد حلول. وفيما أكّد عاملون على خط الاتصالات أن «الأبواب غير موصدة تماماً»، قالت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار»: «ما في شي ما بيتحرّك… المهم هو خفض السقوف العالية». وشدّدت على أن «الموضوع بين الحريري وحزب الله ولسنا معنيين به، ولكن يمكن أن نكون مساعدين في إيجاد الحل». فيما على ضفّة تيار المستقبل، من ينتظر اتصالاً من باسيل بالحريري، أو حتى إمكان زيارة وزير الخارجية باريس للقاء الرئيس المكلّف والبحث في سبل الخروج من المأزق، بعدما أيقن الجميع أن موقف حزب الله لناحية توزير «سنّة 8 آذار» ليس مناورة، وأنه متمسّك بهذا الموقف الذي أبلغه إلى الحريري منذ تكليفه بالتأليف. وأكّد العاملون على خط الاتصالات أن الحريري أقر بأن الحزب «أبلغه سابقاً إصراره على تمثيل النواب السنّة الستة. لكنه كان يعتقد بأن الأمر قابل للحلحلة، وأنه سمع تقويماً من التيار الوطني الحر بإمكان إقناع الحزب بالتراجع عن مطلبه».
إلى ذلك، فجّر الصمد مواقف ناريّة في وجه الحريري وباسيل، ووضع العقدة في محاولة التيار الوطني الحر الحصول على الثلث زائداً واحداً في الحكومة، واصفاً ذلك بأنه «سحب لصلاحيات رئاسة الحكومة». وأكّد نائب الضنيّة أن «السجال اليوم ليس بين الشيعة والسنة أو بين حزب الله والمستقبل، إنّما على خلفية الإقصاء في الساحة السنيّة واعتبار الحريري الممثل الحصري للطائفة من جهة، ومن جهة ثانية تنازل الحريري عن صلاحياته لباسيل في الحكومة عبر إعطاء التيار كتلة وزارية تسمح له بالتعطيل والتحكّم بالمسار الحكومي بمعزل عن باقي الفرقاء».
وبدا لافتاً في الأيام الماضية أيضاً، الموقف الذي أصدره مجلس المفتين، بدعم الحريري واعتبار المطالبة بتمثيل الآخرين «أياد خبيثة تحاول عرقلة جهود الرئيس المكلف وابتزازه سياسياً»، من ضمن أجواء التخوين التي يبثّها المستقبل بحقّ النواب السنّة من خارجه. وأثار الموقف استياءً لدى قاعدة النوّاب السنّة حول دور المفتي دريان، ما أدى إلى موقف أقل حدة صدر عن المجلس الشرعي.
البناء
المقداد يدعو بيدرسون ليلقى التعاون أن يغادر أساليب دي ميستورا ويلتزم وحدة سورية وسيادتها
يوم العقوبات الأميركية على إيران: مليونا برميل يومياً مع بدء الآلية الأوروبية
الحريري يكشف خلفية رفضه للوزير السني المستقلّ… بتحويل كلّ خلاف إلى عنوان مذهبي
ينتظر العالم اليوم نتائج اليوم الأول من العقوبات الأميركية على إيران بحزمتها الخانقة، كما وصفها المسؤولون الأميركيون، والعقوبات التي وصفها الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني في مقالة نشرتها الفاينايشل تايمز وأعادت البناء نشرها، باستهداف كل من يطبق القرارات الأممية، ستطال كل مَن يعتبر أن التفاهم على الملف النووي الإيراني الذي سبق ووقعت عليه واشنطن قبل انسحابها منه، كما صادق عليه مجلس الأمن الدولي، نصاً ملزماً للامتناع عن أي مقاطعة لإيران أو إنزال اي عقوبة عليها، وفيما أبدت واشنطن شكوكها بنجاح العقوبات مئة بالمئة، متوقعة خروقاً كثيرة ومشيرة لإعفاءات متعددة، كانت طهران تعبر عن ثقتها بفشل العقوبات، بعدما نجحت بتأمين مبيعات مليون برميل يومياً لغير الأسواق الأوروبية، التي ستضمن شراء مليون برميل إضافية، وفقاً للآلية المالية التي تم التوافق عليها بين إيران والاتحاد الأوروبي.
في سورية، عاد التوتر العسكري إلى الواجهة في جبهتي الشرق والشمال، مع التصعيد الذي قاده داعش تحت العين الأميركية في محافظة دير الزور، وقادته جبهة النصرة بتحريض أميركي في ريف إدلب الجنوبي الشرقي وريف حماة الشمالي، بينما توجّهت الحكومة السورية للمبعوث الأممي الجديد غير بيدرسون برسالة أطلقها نائب وزير الخارجية الدكتور فيصل المقداد، مضمونها الدعوة للابتعاد عن سياسات وأساليب سلفه ستيفان دي مستورا كي يتمكن من تحقيق النجاح ويلقى التعاون الذي يريده، خصوصاً لجهة الالتزام بموجبات وحدة سورية وسيادتها، بينما بدا أي تقدم في تشكيل اللجنة الدستورية لن يتحقق قبل نهاية ولاية دي ميستورا، الذي يغادر مهامه نهاية الشهر الحالي، ويتسلّم المهمة خلفه بيدرسون.
إقليمياً ودولياً، يبدو شهر تشرين الثاني، مخصصاً لإعادة ترتيب الأوراق، حيث تنعقد القمة الأميركية الروسية في باريس الإثنين المقبل، وتنتهي الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي خلال أيام، ويبدو أن واشنطن تحتاج بعض الوقت لتراقب نتائج مساري العقوبات على إيران من جهة، والوضع السعودي المترنّح في ظل كرة الثلج التي تمثلها قضية مقتل جمال الخاشقجي من جهة أخرى، لتقرر رسم سياساتها. وهو الشهر ذاته الذي حدّده وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس لوقف النار في اليمن، حيث صعّد السعوديون والإماراتيون وتائر الحرب أملاً بتحقيق تقدّم في جبهة الحديدة مرة أخرى، للتملص من دعوات وقف الحرب، أو فرض شروط تفاوضية أفضل قبل حلول موعد وقف النار.
لبنانياً، تبدو الحكومة العتيدة معلقة على حبل انتظار نزول الرئيس المكلف بتشكيلها سعد الحريري عن شجرة الوهم بالإقلاع بتشكيلة لا تضم وزيراً يمثل النواب السنة المستقلين، حيث قالت مصادر في قوى الثامن من آذار إن 45 نائباً ينتمون إلى خطها متضامنون لعدم المشاركة في حكومة لا يكون لهم فيها وزير من الطائفة السنية، خصوصاً بعد الكلام المنسوب لمصادر قيادية في تيار المستقبل تفسر سبب رفض الحريري تمثيلهم، بالقول إن وجود هذا الوزير سيكون توليه التصدّي للحريري في القضايا الخلافية بدلاً من حزب الله، ما يعني اعترافاً مباشراً من الحريري أن قضيته ليست وقوع خلاف ومضمونه أو مكان الرأي الصواب فيه، بل ما يعنيه هو التمسك بتحويل كل خلاف إلى صراع مذهبي، يقطع الطريق عليه وجود وزير من الطائفة ذاته التي يريد الحريري احتكار تمثيلها، بغرض التحكم بجعل كل خلاف معه خلافاً مع الطائفة وتحويله استهدافاً لها. وهذا الاعتراف كافٍ للتمسك منعاً للوقوع في مخاطر الفتن المذهبية بتنويع التمثيل السياسي للطوائف، وخصوصاً عندما يكون الحق بالتمثيل محصناً بالحضور النيابي ويجري الاعتداء عليه بهذه الصورة المنافية للأعراف التي تمثلت على أساسها كل الكتل النيابية.
غاب الحراك العلني المتصل بتأليف الحكومة وتذليل العقدة السنية في عطلة الأسبوع، وبقيت الأمور على حالها في ظل وجود الرئيس المكلف سعد الحريري خارج لبنان.
وبانتظار أن يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم السبت المقبل، حيث سيخصّص جزءاً أساسياً من كلمته للشأن الداخلي المتعلّق بالملف الحكومي ومسار التشاور والاتصالات فضلاً عن ملف العقوبات الأميركية على حزب الله وإيران، فإن مصادر حزب الله تؤكد أن حزب الله لن يسمّي أسماء وزرائه ما لم تتمّ تسمية وزير للنواب السنة المستقلين. وتشير المصادر نفسها لـ»البناء» إلى أن لا سيناريوات لحل العقدة السنية إنما سيناريو واحد ويتمثل هذا السيناريو بأن يتمثل النواب السنة المستقلين الستة بوزير من الوزراء الستة المخصصين للطائفة السنية في الحكومة من دون أن يكون محسوباً من حصة أحد انطلاقاً مما أفرزته نتائج الانتخابات. وتشدّد المصادر على أنّ سيناريو تمثيلهم عبر حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون غير مطروح ولن يمرّ، وسيناريو تمثيلهم عبر تنازل أحد الطرفين الشيعيين عن مقعد شيعي غير وارد على الإطلاق وسيناريو الإتيان بشخصية سنية مستقلة كبديل لن يرى النور إلا إذا وافق اللقاء التشاوري على ذلك.
وتشير المصادر إلى أنّ حزب الله هو داعم استراتيجي لحلفائه السنة المستقلين وأنّ المسألة بأبعادها تتجاوز مسألة الوفاء للحلفاء على أهميتها لتصل الى المضمون السياسي والانتخابي والشعبي الذي مثّلته الانتخابات النيابية، وعلى الرئيس المكلف أن يتنازل عن مقعد من المقاعد السنّة وإيجاد حلّ لهذه المشكلة بأسرع وقت وإلا فإنّ الحكومة لن تتألف.
وقال النائب جهاد الصمد: نحن رفضنا أن نوزّر من حصة أحد، وليس لدينا شهوة الاستيزار، وقد قدّم إلينا عرض ورفضناه. وهو أن مَن يقبل أن يكون في كتلة لبنان القوي سيكون وزيراً، ونحن لن نقبل أن نكون في الحكومة إلا من حصة الكوتا السنية، يوجد ستة وزراء للسنة في حكومة من 30 وزيراً، ونحن لا نقبل أن نكون وزراء إلا من خلال هؤلاء الوزراء الستة، وقد عرضت علينا تسويات بأن يتنازل الشيعة عن وزير لهم مقابل وزير سني فرفضنا، ولن نقبل بأي وزارة إلا من حصة الكوتا السنية، لا من حصة الشيعة ولا من حصة لبنان القوي ولا من حصة أحد». وهاجم الصمد الوزير جبران باسيل الذي أشار الى أنه «يجب أن تكون هناك مساواة في الحكم»، قائلاً عندما يصبح الوزير باسيل عنده 11 وزيراً في الحكومة سوف يصبح بمقدوره تعطيل مجلس الوزراء وقت يشاء، وسيصبح بمقدوره فرط الحكومة وقت يشاء، وهذه الصلاحية محصورة بيد رئيس الحكومة ونحن لا نقبل أن يشارك أحد رئيس الحكومة بصلاحياته.
في موازاة ذلك، شدّدت مصادر تيار المستقبل لـ»البناء» على أن لا حل قريب كما هو واضح للعقدة السنية، مشيرة الى أن مخرج الحل يتمثل بتراجع حزب الله عن مطلبه، وإلا فإن التأليف سيتأخّر. فالأزمة كما بات معلوماً هي مفتعلة بمعزل عن الأحداث في المنطقة، مع تشديد المصادر على ضرورة أن يعي حزب الله جيداً أن ليس كل ما يطلبه سينفّذ، مستغربة تراجع حماسة حزب الله عن تشكيل الحكومة بعدما أبدى في السابق استعجالاً للتأليف. وإذ سألت المصادر ما هي مصلحة إيران لتأخير التأليف في هذه اللحظة، لفتت الى قراءتين لهما علاقة بالتطورات في المنطقة. الأولى تقول إن طهران تريد أن تدفع الأطراف الدولية الى الحوار. والثانية تعتبر أن حزب الله وإيران يريدان انتظار مسار العقوبات ومدى قوتها ونتائج الانتخابات النصفية الأميركية، من دون أن تتبنى المصادر المستقبلية أياً من القراءتين.
وشددت المصادر على أن المسألة إذا كانت عابرة أو ظرفية لحفظ ماء الوجه تجاه حلفائه السنة، فإن الحكومة ستبصر النور قريباً خلال اسبوع، مع تأكيد المصادر أن الرئيس سعد الحريري لن يعطي وزيراً ولو من حصة رئيس الجمهورية لسنة 8 آذار. فالرئيس الحريري صحيح أنه لا يحتكر التمثيل السني إلا أنه ليس مضطراً لضمّ شخصية من هذا اللقاء التشاوري الذي يريد فقط معارضته والتنكيد عليه داخل مجلس الوزراء. فهذا الوزير قد يكون عنصر نكد. فبدل أن يهاجم حزب الله الحريري مباشرة فإنه قد يستند الى هذا الوزير السني من 8 آذار ليظهر الأمر أنّ هناك خلافاً سنياً سنياً. وبالتالي فإنّ الحريري ليس مجبراً على تمثيل أحد باستثناء المتحالف معهم، فالحكومات الائتلافية لا تضمّ كلّ المجلس النيابي.
بالتوازي أيضاً، قالت مصادر التيار الوطني الحر إنّ أيّاً من الأطراف المعنية لم تبادر لفتح مجال للتفاوض في موضوع عقدة تمثيل سنة 8 آذار. فلا اتصالات ولا لقاءات حصلت لحلحلة عقدة نواب سنّة 8 آذار حتى الساعة واتصالات قد تحصل في بداية هذا الأسبوع.
ولفت رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمس، الى «أنّ ما يحصل في الحكومة يؤكد صواب رؤيتنا ومواقفنا واليوم يعود الجميع الى فكرة المعايير والتيار قوي والتحدّي كبير للسنوات الأربع المقبلة». وأكد «ضرورة أن نكون منتجين وأقوياء من الداخل لننطلق الى الخارج ونحن ثابتون وأقوياء وحاجة للبلد».
الى ذلك يصل اليوم إلى بيروت مستشار الرئيس الفرنسي للشؤون الدبلوماسية والملحق الثقافي السابق في بيروت أورليان لو شوفالييه موفداً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك لحث المسؤولين اللبنانيين على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة للاضطلاع بمسؤولياتها، لا سيما ما يتعلق باستحقاقات مؤتمر «سيدر».
من ناحية أخرى تحدّث رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية خلال لقائه أهالي شهداء مجزرة إهدن، لوضعهم في أجواء ما آلت اليه الاتصالات مع «القوات اللبنانية». فقال: «الحوارات مع القوات اللبنانية مرّت بمراحل عدة، واللقاء الثنائي مع الدكتور سمير جعجع يأتي تتويجاً لهذه اللقاءات التي على المستوى القيادي لم يتمّ التفريط خلالها لا بكرامتنا أو بكرامتكم أو كرامة شهدائنا، وسيكون لقاء من دون مصالح آنية أو ظرفية».
اللواء
عودة الحريري تأخرت.. وأزمة تأليف مفتوحة!
باسيل يلمِّح إلى حل «العُقدَة السُنِّية» من حسابه .. والعتمة تزحف مع إستمرار عدم تمويل الفيول
اليوم 5 ت2: العقوبات الأميركية ضد إيران، في حزمتها الثانية (النفط والمصارف)، تدخل حيّز التنفيذ، ايذاناً بحزمة جديدة من التجاذب الدولي – الإقليمي في المنطقة، لم يكن لبنان، كما هو مرجح بمنأى عنه، على الرغم من ان سياسة «النأي بالنفس» كانت من بين أبرز التفاهمات التي تحكم وضعية البلد، إزاء ما يحيط به من احداث ونيران.
وعلى وقع هذا الترقب، ارجأ الرئيس سعد الحريري، الموجود في باريس، عودته التي كانت متوقعة اليوم إلى بيروت، فيما ترددت معلومات، لم يؤكدها أي مصدر فرنسي ان موفداً إلى بيروت هو Amelien Le ChevaliER سيصل لبنان ومن المحتمل ان يتطرق في لقاءاته إلى الوضع السياسي، بما في ذلك تأخر تأليف الحكومة.
وفي السياق الحكومي، كشفت مصادر مطلعة ان لبنان يمر بأزمة تأليف مفتوحة، تنتظر جلاء الغبار الإقليمي، وعودة الرئيس المكلف لاستئناف الاتصالات، في ضوء جمود يضرب الموقف، وإن تحدثت مصادر نيابية عن اتجاه لزيارة وفد من كتلة الوفاء للمقاومة إلى بعبدا.
اتصالات محتملة
على الرغم من اقتناع كثير من المراقبين أو المعنيين بموضوع تأليف الحكومة، بأن الأزمة الحكومية المستجدة، أو المفتعلة، ليست في وارد إيجاد الحلول لها، قبل ان تتبلور مفاعيل العقوبات الأميركية على إيران، فإن بعض المعلومات تتحدث عن إمكان ان يشهد الأسبوع الطالع اتصالات ولقاءات لحلحلة عقدة تمثيل النواب السنة المستقلين، في حال عودة الرئيس الحريري من باريس، علماً ان هذه الاتصالات ستتركز اساساً على معالجة موضوع الخلاف في وجهات النظر بين الرئيس ميشال عون و«حزب الله»، على اعتبار ان حل هذا الخلاف يمكن ان يمهد أو يؤسّس لصيغة حل من شأنها ان تفتح «كوة» في موضوع تمثيل النواب السنة من خارج تيّار «المستقبل»، إلا إذا أراد «سعاة الخير» الذين يعملون على رأب الصدع الذي أصاب العلاقة بين الطرفين، بعد الموقف الذي أعلنه رئيس الجمهورية في حواره التلفزيوني الأخير، على حصر وساطتهم في معالجة نقاط التباين من دون الدخول في معالجة موضوع الأزمة أو الخلاف، بقصد إبقاء الكرة في ملعب الرئيس المكلف، وليس في ملعب الرئيس عون أو «حزب الله»، الذي قالت مصادره أمس ان المشكلة ليست مع عون الذي نختلف معه في وجهات النظر، لكن ليست هناك قطيعة معه.
«سعاة الخير» غير متفائلين
وفي اعتقاد أوساط «سعاة الخير» ان موضوع الخلاف بين الرئيس عون و«حزب الله» يمكن إيجاد حلول له بالحوار أو عبر اتصال مباشر، وهو ليس مشكلة لدى الطرفين، في حين ان موضوع تمثيل النواب السنة الستة غير قابل للمعالجة في الوقت الراهن، على الرغم من وجود مقترحات عدّة ما زالت قيد التداول، لكن من دون ان يتبناه أحد كحل مقبول، وقد تحتاج إلى شهرين أو أكثر، ريثما تتضح ابعاد «الكباش الاقليمي» الحاصل في المنطقة سواء على صعيد العقوبات الأميركية أو إيجاد الحلول للازمات المشتعلة في اليمن وسوريا.
وقالت هذه الأوساط لـ«اللواء» ان المساعي التي تقوم بها أكثر من جهة، وخاصة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لم تصل إلى مرحلة إيجاد الحلول المقبولة، وانه لا مجال الآن للدخول في أية محاولات ناجحة قبل ان تبرد الأمور بين أطراف الأزمة، وبخاصة بين الرئيس عون و«حزب الله» وبين الرئيس الحريري والنواب السنة المستقلين.
وزاد من تعقيد الأمور، الاتهام المباشر لـ«حزب الله» بتنفيذ أجندة إيرانية بتعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية، عبر ربط التشكيل بتمثيل حلفائه من النواب السنة، بسبب الصراع الدولي والإقليمي بين الإدارة الأميركية وإيران، هذا الصراع الذي أشار إليه مرجع سياسي رسمي، مبدياً مخاوفه من انعكاسه السلبي على لبنان، خاصة إذا جعل الطرفان من لبنان ساحة لتصفية الحسابات، بحيث يصبح التفاوض بين الكبار اصعب من التفاوض بين أهل البيت اللبناني لحل أي خلاف أو اشكال داخلي، من دون ربطه بتعقيدات الأزمات الإقليمية.
باسيل: كاسحة ألغام
وبحسب الأوساط نفسها، فإنه من غير المرتقب ان يصل الاختلاف بين الرئيس عون و«حزب الله» إلى حدّ القطيعة، إنما هناك اختلاف في الرأي يتم حله بالتفاهم، بعدما تبرد الأجواء المحمومة، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما دفع مسؤولي «حزب الله» إلى التحفظ والهدوء والكتمان في التعاطي مع الموضوع، وإلى معالجته بعيداً عن الضجيج حتى لا يحصل تخريب للمساعي، فيما كان لافتاً للانتباه حرص أوساط رئيس الجمهورية على «تذويب» نقاط الخلاف، حيث أكد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل عن ان التيار «لن يسمح بانهيار أي علاقة مع أي مكون لبناني مهما بلغت التضحيات، وانه لن يسمح بوقوع انفجار بين هذه المكونات»، واصفاً تياره بأنه «فوج الهندسة في السياسة اللبنانية لتفكيك الألغام أو تعطيلها».
وأشار في خلال العشاء السنوي لهيئة مهندسي بيروت في التيار، إلى ضرورة وضع الحلول المبدعة في الحكومة لحل أي مشكلة قديمة أو مستجدة، وقال: المهم انه مهما فكرنا ومهما صبرنا علينا ان نجمع النّاس حيث تفترق، وان نرسم طريقاً بيانياً لهذه الحكومة بتشكيلها وبيانها وادائها».
وكان باسيل أعلن مساء أمس نتائج انتخابات المكتب السياسي للتيار والتي افرزت نجاح، أعضاء جدد هم: زياد نجار، جيمي جبور، جوزف مهند، وليد الأشقر، وديع عقل وشربل خليل، معرباً عن ارتياحه إلى عدم وجود أوراق بيضاء في العملية الانتخابية.
اما المواقف المعلنة من جانب «حزب الله»، فلم تشر إلى موضوع الخلاف مع الرئيس عون، وشددت على رمي الكرة إلى ملعب الرئيس المكلف من دون الإشارة إلى دور رئيس الجمهورية، لكنه اللافت ان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، أعلن في أوّل موقف علني ان «الحكومة لا تكتمل الا إذا تمّ تمثيل النواب السنة المستقلين على قاعدة ان الجميع تمّ تمثيلهم».
وقال: ان «حزب الله» مع تشكيل الحكومة بأسرع وقت، ولكن الحل بيد رئيس الحكومة، مشيراً إلى ان «هذا أمر يمكن معالجته مع قليل من التفهم والتواضع والمعالجة الصحيحة».
بري: حذار الأجواء المذهبية
ومن جهته، قال الرئيس نبيه برّي امام زواره مساء أمس انه لا يرى جديداً على مستوى تأليف الحكومة، مؤكداً حرصه على ان لا تكون هناك أجواء مذهبية، لأن المشكل الموجود سياسي، لافتاً إلى ان تمثيل النواب السنة المستقلين موجود منذ تكليف الرئيس الحريري وليس موضوعاً طارئاً.
وفي المواقف أيضاً، كان لافتاً للانتباه الموقف الذي أعلنه البطريرك الماروني بشارة الراعي في قدّاس الأحد، أكّد فيه أنه «لا يمكن تأليف الحكومة، بحسب ما يتفق عليه السياسيون النافذون، بل بحسب ما يقتضيه الدستور والميثاق»، وفي ذلك إشارة واضحة إلى الدور الذي لعبه «حزب الله» في تعطيل تشكيل الحكومة، عندما ربط هذا الموضوع بتمثيل حلفائه من النواب السنة، في اللحظة التي تمّ التوافق عليها على التشكيلة وتهيأت دوائر قصر بعبدا لإصدار مراسيم تأليفها الأحد قبل الماضي.
الظلام آت
وسط هذه الأجواء الحكومية المبلدة، أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان، انها اضطرت إلى توقيف مجموعتي إنتاج في كل من معملي الذوق والجية، إضافة إلى تخفيض حمولة مجموعتين اخريين في معمل الجية وبالتالي إلى تخفيض انتاجها حوالى 320 ميغاوات بسبب النقص في مادة الفيول اويل، وعزت السبب إلى «مشكلة تتعلق بكيفية التزود بالمحروقات بعد نفاذ المساهمة المخفضة المعطاة إلى المؤسسة بفعل ارتفاع أسعار النفط منذ بداية العام 2018، الأمر الذي نبهت إليه المؤسسة مراراً وتكراراً من مطلع العام الحالي».
وقالت المؤسسة في بيانها انها ستضطر خلال الأيام المقبلة إلى إطفاء مجموعات الإنتاج تباعاً في كافة المعامل بما فيها الباخرتين التركيتين، وبالتالي تخفيض الإنتاج تدريجياً، في انتظار إيجاد حل لمسألة التزود بالمحروقات، علماً ان هناك باخرتي فيول ترسوان قبالة الشاطئ اللبناني منذ 26 تشرين الأوّل الماضي تنتظران حل هذا الاشكال لتفريغ حمولتهما».
وكان التيار الكهربائي قد انقطع عن بيروت والمناطق اعتباراً من العاشرة من صباح أمس، ثم عاد متقطعاً، ويفترض ان يدخل لبنان عهد الظلام اعتباراً من منتصف ليل الأحد – الاثنين، مع توقف مجموعات الذوق والجية ومعمل الحريشة القديم، علماً ان كميات الفيول الموجودة لدى المؤسسة تكفي حتى 15 الشهر الحالي.
ويأمل المعنيون في المؤسسة ان تسفر المفاوضات الجارية حالياً مع الشركة الجزائرية «سوناتراك» التي تتولى تزويد المؤسسة حاجتها من الفيول عن نتائج إيجابية، بعد دخول وزير الخارجية على خط الاتصالات مع الشركة لتأمين تفريغ الباخرتين من حمولتهما مقابل وعد بدفع ما يتوجّب على لبنان دفعه بعد حل الخلاف الحاصل بين وزارتي الطاقة والمال بالنسبة لصرف الاعتمادات المالية بموجب مرسوم سلفة وليس بقانون، علماً ان لا مؤشرات على احتمال عقد جلسة تشريعية لتحويل السلفة إلى قانون، بحسب ما تصر وزارة المال، في المدى القريب بسبب الازمة الحكومية الراهنة.
وعليه يدخل لبنان اليوم في عهد الظلام والظلم، بحسب تغريدة النائب الاشتراكي هادي أبو الحسن، «الظلام بسبب غياب الإصلاح الجدي لقطاع الكهرباء، والظلم في عدم تشكيل الحكومة، وكأننا عدنا إلى حسابات المصالح الخارجية».