يرى المواطنون كيف تتداخل عوامل التوتر السياسي، الآن. إذ نشطت عجلات العدوان "الإسرائيلي" في أراض بلدة عديسة الجنوبية، بحسب "الأخبار"، بينما "عجلات تأليف الحكومة متوقفة بالكامل" وفق ما ذكرت "اللواء" هذا الصباح. حيث "لم يسجل أي تحرك أو اتصال على هذا الصعيد". وأيدت "البناء" هذا الوصف السوداوي، وقالت "إن الحكومة أصبحت في مهب العواصف السياسية الداخلية والخارجية التي هبّت على لبنان. وأن لا حكومة في القريب العاجل، كما أن الحراك على خط المؤلفين مجمّد حتى إشعار آخر". ويتصاعد فضول التأليف الحكومي لدى المواطنين، بعدما أبدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أسفه من "عدم تمكننا من التخلص من التأثيرات الإقليمية على وضعنا الداخلي".
البناء
بينما التركيز ينصب على موضوع القمة.
البناء
عملية نوعية لأنصار الله في لحج… وتسوية الحديدة تنتظر المراقبين الدوليين
بومبيو يستنهض عرب أميركا بالوعود: لن نسمح بقوة حزب الله
لبنان على صفيح ساخن عشيّة القمة وغياب الحكومة… والعين على بعبدا!
بدت التسوية اليمنية راسخة بعد العملية النوعية التي نفذتها وحدات الطيران المسيّر للجيش واللجان الشعبية ضد أركان قوات جيش حكومة عدن، باستهداف تجمّع للقادة في لحج، وظهرت العودة للمواجهة العسكرية التي لوّح بها قادة حكومة عدن عاجزة عن التحوّل أفعالاً مع المواقف الدولية المتمسكة بوقف الحرب. وتحوّلت عملية لحج إلى رسم قواعد اشتباك جديدة تفرض وقف العمليات الهجومية في سائر الجبهات، بعدما نفذت الجماعات التابعة للسعودية والإمارات عمليات عدة في جبهات صعدة وتعز، تحت شعار أن الهدنة تشمل الحديدة وحدها، وجاءت تعليقاتها على عملية لحج تطالب أنصار الله بالتوقف عن أي عمل عسكري خارج الحديدة تأكيداً على نيات السعي للحل السياسي.
المشهد اليمني كان الصورة العملية التي قدّمتها وقائع المنطقة عن حقيقة السياسات الأميركية التي كانت وراء إشعال حرب اليمن، ولجأت إلى تثبيت تسوية الحديدة مع أنصار الله وإرسال المراقبين الأمميين لتكريسها وترسيخها، تسليماً بالفشل في الفوز بالحرب، وبمعادلات القوة التي فرضها أطراف محور المقاومة من سورية إلى لبنان واليمن والعراق، بينما كان وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو يطعم حلفاءه جوزاً فارغاً بتقديم صورة وردية عن القدرة الأميركية موزعاً الوعود عن القدرة على ردع إيران وقوى المقاومة، ومخصصاً فقرة من خطابه في القاهرة لإعلان العزم على مواجهة قوة حزب الله في لبنان، والحرص على تفوّق إسرائيل العسكري، للتغطية على المخاوف التي اجتاحت حلفاء واشنطن بعد قرار الانسحاب الأميركي من سورية، وهو ما أكد بومبيو أنه نهائي ولا رجعة عنه.
في لبنان يصحّ القول بترنّح الواقع السياسي الذي ينبئ بمخاطر المزيد من التفكك والضعف، وربما الدخول في أزمات مديدة مع التجاذب الذي سيطر على المشهد السياسي حول مصير القمة العربية التي بدا أن البحث بتأجيلها يدور على ثلاث جبهات: واحدة تتصل بالغياب الحكومي وقد عبّر عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري بوضوح، والثانية تتصل بعدم دعوة سورية وقد شملت كل قوى الثامن من آذار، فبعد كلام الرئيس بري جاء بيان كتلة الوفاء للمقاومة وموقف رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وتلاه أمس موقف صادر عن اللقاء التشاوري واجتماع الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية، والجبهة الثالثة تمثلها دعوة ليبيا على خلفية عدم تعاون الحكومة الليبية في قضية اختفاء الإمام السيد موسى الصدر. وهو ما سيكون موضوع موقف للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اليوم.
مصادر متابعة قالت إن لبنان بغنى عن القمة التي لن تكون مناسبة لخير للبنان وبات واضحاً أنها ستعمّق أزماته وخلافاته وتضعه على صفيح ساخن، والأفضل أن يأخذ رئيس الجمهورية بالمخرج الذي يعرضه رئيس مجلس النواب بطلب التأجيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي سيعقد قبيل القمة، والتأجيل لما بعد المصالحات العربية مع سورية سيفيد لبنان ويفيد موضوع القمة المرتبط بشكل مباشر بالبعد الاقتصادي ومحوره الاستعداد لإعادة إعمار سورية وفقاً لبند إنشاء صندوق عربي للإعمار معلوم أن المقصود به سورية.
دعوة ليبيا عائق إضافي أمام «القمة»
يبدو أن المشهد الداخلي يتّجه الى مزيد من التأزم والتعقيد والغموض، فبالإضافة الى السخط الشعبي من الدولة وأركانها ومؤسساتها ومسؤوليها لِما حلّ بهم وبممتلكاتهم وشوارعهم ومصالحهم جراء العاصفة المناخية «نورما» والفضائح التي كشفتها في هشاشة البنى التحتية التي تفضح بدورها الفساد في صفقات التلزيم، تكاد الحكومة تخرج من حسابات القوى السياسية التي سلمت بصعوبة تأليفها في الأمد المنظور أقله الى ما بعد القمة الاقتصادية العربية وربما الى ما بعد انعقاد القمة العربية في آذار المقبل، ما سيلقي بثقله على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي لم تعد تحتمل هذه المماطلة في تشكيل الحكومة.
وفي خضم هذا المشهد الحكومي السوداوي تحوّلت قضية انعقاد القمة الاقتصادية في بيروت خلافاً على المستوى الوطني، وتتسع دائرة الخلاف إذا ما أضفنا دعوة ليبيا الى حضور القمة ما لاقى اعتراضاً شديداً من حركة أمل ورئيسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري وأوساط الطائفة الشيعية، وسط السجال الدائر بين الحركة ووزير العدل سليم جريصاتي بخصوص قضية الموقوف هنيبعل القذافي. ما دفع برئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الى الدعوة لاجتماع طارئ لهيئتيه الشرعية والتنفيذية، اليوم للبحث في «تداعيات دعوة ليبيا الى المشاركة في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المنوي عقدها في بيروت، وتأكيد الثوابت الوطنية في متابعة قضية اختطاف الإمام المؤسس السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والإعلامي عباس بدر الدين».
بينما تحدثت مصادر إعلامية عن اتجاه لدى مناصري حركة أمل الى تنظيم احتجاجات شعبية رفضاً لمشاركة الممثل الليبي وقطع طريق المطار لمنع انتقال الوفد الليبي الى مكان انعقاد القمة.
وأصدرت عائلة الإمام الصدر بياناً أكدت فيه ان «من واجب أي مسؤول لبناني ملتزم بما يرد في البيانات الوزارية للحكومات المتتالية التي تتبنى قضية الإمام أن يدعم هذه القضية الوطنية وأن يمتنع عن أي تطبيع مع الدولة الليبية»، إلا أن التحضيرات للقمة في بعبدا قائمة ومستمرة وقد بدأت رئاسة الجمهورية بتوجيه بطاقات الدعوة الرسمية الى الوزراء والنواب والمسؤولين اللبنانيين للمشاركة في الجلسة الافتتاحية للقمة الأحد 20 الحالي.
تراكم ملفات الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية خلال الأسبوع الماضي دفع ببعض الأوساط المحلية الى التحذير من اتساع مساحة الخلاف بينهما وانعكاسها سلباً على إدارة الدولة، إلا أن مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير أوضحت لـ»البناء» أن «موقف الرئيس بري من رفض عقد القمة بلا سورية ليس موجهاً الى رئيس الجمهورية، بل انطلق رئيس المجلس من حرصه على نجاح القمة وخشيته من أن يترك عقدها تداعيات سلبية على لبنان لا سيما على الصعيد الاقتصادي»، مشيرة الى أن «بري ليس ضد عقد أي قمة عربية، خصوصاً في لبنان، لكن توقيت القمة دقيق وحساس لا سيما مع افتتاح موسم العودة العربية الى دمشق فضلاً عن أن مواضيع القمة خصوصاً إعادة الإعمار يجعل من نجاحها بلا حضور سورية ومشاركتها في تطبيق أي قرارات أمراً مستحيلاً».
وتساءلت المصادر: كيف تُستبعد سورية في ظل العلاقات الدبلوماسية القائمة بين الدولتين اللبنانية والسورية؟، «فالمصلحة الوطنية العليا تقتضي تأجيل القمة بضعة أسابيع لتكون هناك حكومة جديدة ويصبح المشهد العربي أكثر وضوحاً مع حسم مسألة عودة سورية الى الجامعة العربية»، وشدّدت على أن «علاقة رئيس المجلس مع سورية لطالما كانت جيدة وستبقى ولا أحد يزايد على موقف الحركة ورئيسها في هذا الإطار، فهي مواقف معروفة بوطنيتها وقوميتها ووقوفها مع سورية قيادة وجيشاً وشعباً في كل المراحل والظروف».
أما فيما خصّ مسألة دعوة ليبيا الى حضور القمة فبينت المصادر أن «هذا موضوع منفصل عن دعوة سورية، فسبب دعوة بري تأجيل القمة ليس دعوة ليبيا، بل إن أمل ضد مشاركة أي ممثل عن النظام الليبي لا الآن ولا في في المستقبل قبل مبادرة هذا النظام الى معالجة قضية إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه»، مشيرة الى أن «دعوة المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى للانعقاد في اجتماع عاجل يؤشر الى أهمية وخطورة هذا الملف»، وفيما علمت «البناء» الى اتجاه لدى المجلس بتصعيد الموقف في هذا الملف، رفضت المصادر استباق مقرراته، لكنها قالت «بالتأكيد سيكون موقفاً حازماً وشديد اللهجة».
ولفتت المصادر الى أن «وزير العدل لم يستطع إثبات وجود مراسلات بين الأمم المتحدة ووزارة العدل عن قضية احتجاز هنيبعل القذافي، مكتفية بالرد الذي صدر عن النائب علي بزي و»لا نريد السجال مع أحد».
إلى ذلك وانسجاماً مع توجهات الرئيس بري، أعلن رئيس ادارة قناة الـ»ان بي ان» في بيان، عن مقاطعة التغطية الإعلامية للقمة، وأشارت الى «ان «قرار المقاطعة يأتي انسجاماً مع الدعوات لتأجيلها بسبب عدم دعوة الشقيقة سورية اليها وعدم الدخول في لعبة التجاذبات والترويج الإعلامي لتصفية الحسابات العربية العربية على أرض لبنان».
وفيما لم يرشح أي جديد حول مسألة مصير القمة ودعوة سورية إليها، يتأرجح الأمر بين احتمالين اثنين: إما تأجيل القمة لشهرين أي إلى ما بعد تأليف الحكومة والقمة العربية في آذار المقبل، وإما إيجاد آلية متفق عليها بين لبنان وجامعة الدول العربية تقضي بدعوة سورية، ولفتت مصادر دبلوماسية لـ»البناء» الى «أنه عندما تتفق الدول الفاعلة في الجامعة العربية على دعوة سورية تعطي الضوء الأخضر لمجلس وزراء الخارجية العرب للانعقاد وتوجيه الدعوة، لكن ذلك بحسب المصادر مرتبط بالقرار النهائي للدول العربية والخليجية تحديداً في الانفتاح على سورية والمفاوضات في المنطقة».
لكن السؤال المطروح ما هو موقف لبنان في ما لو استغلت بعض الدول منبر القمة لتوجيه سهام الاتهام والتهجم على سورية؟ فهل ستتحول من قمة لتنمية لبنان الى منصة لإطلاق المواقف العدائية تجاه سورية وتصفية الحساب معها ومفاوضتها على قرار الانفتاح عليها وتدفيع لبنان الأثمان السياسية والاقتصادية؟ وماذا لو حمّلَت سورية لبنان مسؤولية هذه المواقف لكونها تنطلق من أرضه واعتبرتها تهديداً مباشراً لها وللعلاقة مع لبنان وردّت بالمعاملة بالمثل باتخاذ مواقف سياسية ضد حكومة لبنان تترجم بقرارات على المستويات الاقتصادية؟
الحكومة في مهبّ العواصف
ويبدو أن الحكومة أصبحت في مهب العواصف السياسية الداخلية والخارجية التي هبّت على لبنان، إذ تقاطعت معلومات أكثر من مرجع سياسي معني بالتأليف، أن لا حكومة في القريب العاجل، والحراك على خط المؤلفين مجمّد حتى إشعار آخر، بينما التركيز ينصب على موضوع القمة.
وأعلن «اللقاء التشاوري» بعد اجتماعه في منزل النائب فيصل كرامي أننا «غير معنيين بأي أفكار ومبادرات قبل أن تُطرح علينا ونؤكد أن المفتاح الوحيد للأبواب الموصدة بيد الحريري»، مشيراً الى «اننا لا نزال عند موقفنا الإيجابي تجاه المبادرة رغم تعثرها من خلال توزير أحد الأسماء الثلاثة التي طرحناها أو أحد منا على أن يكون الوزير الممثل الحصري للقاء التشاوري في الحكومة»، بينما أكّد الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري أنّ الرئيس المكلف «لن يشكل إلا حكومة ائتلاف وطني تراعي مقتضيات المرحلة، ولن يقبل بأي مساس بصلاحيات رئيس الحكومة».
على صعيد دعوة الرئيس بري الى تفعيل حكومة تصريف الأعمال لإقرار موازنة 2019، قال الرئيس المكلف سعد الحريري ردّاً على سؤال حول هذه الدعوة: «كل شيء ممكن». وعن جلسات حكومية لإقرار موازنة 2019، قال الحريري «الموضوع قيد التشاور». وأوضحت مصادر الرئيس بري لـ»البناء» الى أن «رئيس المجلس لم يطرح تفعيل حكومة تصريف الإعمال بالمفهوم الواسع بل حصرها بموضوع إقرار الموازنة لعام 2019 للانتظام المالي ومنعاً لأي هدر في الموازنة العامة في حال تم الصرف على القاعدة الاثنتي عشرية، وانطلق بدعوته من خطورة الوضع الاقتصادي»، إذ نقلت مصادر نيابية لـ»البناء» عن أحد الوزراء المعنيين قوله في اجتماع نيابي: «أننا كحكومة ومسوؤلين اصبحنا نعمل فقط لإدارة تفليسة الدولة»، مشيرة الى أن «مؤسسات الدولة تعاني من ضياع على كافة المستويات»، في حين كشفت مصادر رسمية معنية بالشأن المالي والاقتصادي لـ»البناء» أن «الدولة لم تستطع في الشهرين الماضيين دفع رواتب وأجور موظفي القطاع العام، إلا أن تدبيراً مؤقتاً اتخذته وزارة المال مع مصرف لبنان لتأمين الرواتب من عائدات شركات الهاتفي الخليوي «ألفا» و»أم تي سي» وعائدات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكنها حذرت من تكرار الأزمة في حالم لم تقر الموازنة وتؤلف الحكومة لمعالجة العجز في الموازنة وميزان المدفوعات وفي خزينة الدولة عموماً».
توتر على الحدود
فيما يتخبّط لبنان بأزماته الداخلية، دخل العدو الإسرائيلي من جديد على الخط، حيث وضع جيش الاحتلال 9 بلوكات إسمنتية في منطقة التحفظ في نقطة خلة المحافر في العديسة جنوب لبنان. وهي منطقة متنازع عليها على الخط الأزرق في مستعمرة «مسكفعام» وافاد مراسل قناة المنار في الجنوب عن استنفار للجيش اللبناني في المنطقة .
وعلى الأثر عقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا وحضور رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنية، لبحث العدوان.
واعتبر المجلس أن «ما يحصل على الحدود الجنوبية من قبل جيش العدو الإسرائيلي هو اعتداء على الأراضي اللبنانية وخرق للـ 1701 «، كاشفاً عن أنه «قرّر تقديم شكوى لمجس الأمن في الخروق الإسرائيلية ، كما تكثيف حراك لبنان الدبلوماسي مع الدول في مجلس الامن لشرح موقف لبنان وكذلك طلب اجتماع طارئ للجنة الثلاثية، للبحث في هذه الخروقات».
وإذ انعقدت اللجنة الثلاثية في رأس الناقورة برئاسة قائد قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان ، كشفت المعلومات أن الجانب اللبناني أبلغ كيان الاحتلال في الاجتماع بضرورة وقف الأعمال في المنطقة المتحفظ عنها، لكن الأخير رفض.
وأوضحت قيادة الجيش في بيان أن «الجانب اللبناني أكّد ضرورة الانسحاب الكامل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم المحتل من بلدة الغجر، كذلك أشار إلى موضوع التنصت والتشويش على شبكة الاتصالات اللبنانية، مطالباً بالتوقف الفوري عن إرسال رسائل التهديد إلى هواتف المواطنين اللبنانيين من قبل العدو الإسرائيلي، في سياق تدمير الأنفاق».
وقد جاءت الاعتداءات الإسرائيلية على وقع زيارة وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو الى المنطقة وإطلاق تهديدات ضد حزب الله ومحور المقاومة، حيث قال بومبيو بعد لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن «حزب الله قوة كبيرة في لبنان لن نقبل فيها كأمر واقع ونعمل على تقليل تهديد ترسانته الصاروخية على إسرائيل»، مبدياً رفض «أميركا للتمدد الإيراني في سورية ولبنان وسيناء وندعم اسرائيل في محاربة هذا التمدد»، بينما وضعت مصادر دبلوماسية لـ»البناء» الكلام الأميركي في اطار رسائل الطمأنة لـ»إسرائيل» بعد قرار الانسحاب من سورية والضغط السياسي والإعلامي على حزب الله، مستبعدة اية مفاعيل عسكرية وأمنية له.
اللواء
الإعتراض الشيعي على القِمّة يتصاعد .. ومخاوف جدِّية من التداعيات؟
موفد أميركي الأحد في بيروت: لن نقبل سياسات حزب الله في لبنان
توسعت حفلة التجاذب، المتجه إلى الخطورة، بين بعبدا وعين التنية، على خلفية ذات صلة بالقمة العربية الاقتصادية التنموية، سواء في ما يتعلق باستبعاد دعوة سوريا أو دعوة ليبيا، وهو ما اعتبره الرئيس ميشال عون بمثابة عناصر إقليمية ما تزال تؤثر في بقاء الأزمة، التي لم تفلح بتطويقها أية جهود، ولا حتى اقدام إسرائيل على وضع حواجز اسمنتية، داخل منطقة متنازع عليها في خراج بلدة عديسة الجنوبية.
وسط ذلك، يصل إلى بيروت مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل بعد غد الأحد، ويلتقي عددا من المسؤولين والشخصيات في زيارة قصيرة..
وقالت مصادر دبلوماسية ان الدبلوماسي الأميركي سيشرح أهداف جولة وزير الخارجية مايك بومبيو في عدد من دول المنطقة.
وكان الوزير بومبيو تطرق إلى الوضع اللبناني في كلمة في الجامعة الأميركية في القاهرة، على هامش زيارته إلى مصر، فقال: «حزب الله له وجود كبير في لبنان لكننا لن نقبل ذلك كأمر واقع ولن نقبل بسياسات الحزب في لبنان»، مؤكدا اننا «نعمل على الحد من ترسانة «حزب الله» الصاروخية وتقليل تهديد ترسانته على إسرائيل».
وقال: «ندعم جهود إسرائيل لمنع إيران من تحويل سوريا للبنان جديد» معتبرا ان حزب الله المدعوم من إيران شن اعتداءات شكلت خرقا للقرار 1701.
كباش الرئاستين
في هذا الوقت، شكل كلام الرئيس ميشال عون امام السلك القنصلي عن التأثيرات الإقليمية على الوضع الداخلي والملف الحكومي، وقبله عن «خلاف الخيارات»، أوّل إقرار رسمي بالعامل الخارجي الذي يحول دون تأليف الحكومة العتيدة، والذي يتمثل في هذه المرحلة بالمعادلة السياسية التي تقول: «لا حكومة من دون قمّة ولا قمّة من دون سوريا»، بما يعني ان الضغوط السياسية التي بدأ يمارسها الرئيس نبيه برّي ومعه حليفه «حزب الله» وكامل فريق 8 آذار الحليف الرئيسي للنظام السوري، من أجل دعوة سوريا إلى القمة الاقتصادية العربية التنموية في بيروت، ستستمر في مقابل الإفراج عن الحكومة التي ما تزال «معتقلة» بعقدة تمثيل نواب سُنة 8 آذار، الذين دخلوا بدورهم على خط الدعوة إلى «تأجيل القمة ريثما تستعيد سوريا دورها الطبيعي في الجامعة العربية».
على ان اللافت في موضوع «الكباش» الحاصل حول دعوة سوريا إلى القمة تحت عنوان تأجيلها، إدخال دعوة ليبيا إلى القمة الاقتصادية، عنصراً اضافياً طارئاً في سياق ضغوط حلفاء النظام السوري لتأجيل القمة، ليكتمل بذلك الحصار المفروض على الحكومة وعلى الرئيس عون الذي تعتقد اوساطه، بأنه ستكون له خطوة مناسبة للرد على الضغوط السياسية في الوقت المناسب، خاصة وان معلومات ترددت في بيروت، بأن مناصري حركة «امل» ينوون تنظيم احتجاجات شعبية لاقفال مطار بيروت، ومن دخول الوفد الليبي الذي سيشارك في القمة، بالتزامن مع إعلان قناة N.B.N عن مقاطعة التغطية الإعلامية للقمة، علماً ان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سيعقد قبل ظهر اليوم اجتماعاً طارئاً برئاسة رئيسه الشيخ عبد الأمير قبلان لبحث تداعيات دعوة ليبيا للمشاركة في قمّة بيروت، والتأكيد على الثوابت الوطنية في متابعة قضية اختطاف الامام موسى الصدر ورفيقيه، فيما دعت عائلة الامام الصدر إلى الامتناع عن أي تطبيع مع الدولة الليبية قبل تعاونها في هذا الملف وتنفيذها لمذكرة التفاهم الموقّعة بين البلدين بخصوص هذه القضية، معلنة تقديرها لجهود الرئيس برّي في هذا الشأن.
ولفتت العائلة في بيانها، إلى ان مقولة أن هنيبعل القذافي الموقوف في بيروت منذ أربع سنوات، كان طفلاً عام 1978 مجرّد ذر رماد في العيون، وان أحداً لم ينسب إليه دورا في جريمة الخطف آنذاك، لكنه شب وأصبح مسؤولا امنيا في نظام والده الحديدي الذي استمر 42 سنة حتى سقوطه عام 2011».
القمة في موعدها
وبانتظار ما سوف يطرأ من تطورات دراماتيكية على صعيد «الكباش» الحاصل حول قمّة بيروت، اوضحت مصادر مطلعة ان اللجنة المنظمة للقمة التنموية الاقتصادية الاجتماعية التي تنعقد في بيروت في 20 كانون الثاني الجاري لم تتلق اي اشارة او طلب عن تأجيل هذه القمة مؤكدة مواصلة اللجنة لتحضيراتها المتصلة بها. وافادت المصادر ان هناك 7 رؤساء عرب اكدوا مشاركتهم فيها في حين ان هناك انتظارا لاجوبة دول اخرى حيال مستوى مشاركتها.
والقادة العرب الذين أكدوا حضورهم هم: أمير الكويت وأمير قطر، ورؤساء تونس ومصر وفلسطين وموريتانيا والسودان، وسيحضر نائب السلطان قابوس فهد آل سعيد نائب الرئيس لشؤون مجلس الوزراء، في حين أكّد الباقون حضورهم من دون ان يحددوا مستوى مشاركتهم، ولم تبلغ أي دولة عن عدم مشاركتها.
كذلك، اكدت مصادر مسؤولة في وزارة الخارجية لـ «اللواء» ان القمة ستعقد في موعدها برغم دعوات بعض الجهات السياسية الداخلية لتأجيلها بسبب عدم دعوة سوريا اليها، وقالت: ان دعوة سوريا الى القمة تحتاج الى توافق سياسي داخلي غير موجود، والى إجماع عربي غير متوافر حاليا.
وتساءلت المصادر: هل يستفيد لبنان وسوريا اذا تمت دعوة الرئيس بشار الاسد الى حضور القمة وغابت عنها مصر والسعودية ودول عربية اخرى؟ وهل يخدم هذا الامر عودة سوريا الى الحضن العربي.؟ ودعت الى وقف المزايدات السياسية وتسجيل المواقف حول هذا الامر لأنها مضرة لسوريا وللبنان، وقالت: ان الحل يكون عبر مشاورات وحوارات ستتولاها الخارجية اللبنانية خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب، لاقناعهم بموقف لبنان بضرورة عودة سوريا الى مقعدها في الجامعة العربية وتوفير إجماع او شبه إجماع عربي حول الموضوع..
واوضحت المصادر انه يمكن تجاوز اعتراض دولة عربية ما على عودة سوريا لكن حاليا لا يمكن تجاوز اعتراض دولتين اساسيتين مثل مصر والسعودية، وبالتالي لا يمكن بت الموضوع من دون موافقة السعودية وبعده مصر على هذا القرار.
وإذ استغربت المصادر إثارة موضوع رفض دعوة ليبيا إلى حضور القمة، وقالت: بالنسبة لنا الامام موسى الصدر هو امام لبنان وامام العروبة، لكن يفترض بعد اربعين سنة من تغييبه التعاطي بطريقة وذهنية مختلفتين مع موضوع تغييبه، فالمسؤول عن تغييبه قتل وحوسب في الدنيا أشدّ حساب وهو سيحاسب في الاخرة اشد حساب، وقد سقط القاتل وسقط نظامه وحاشيته، وهناك مصلحة للبنان بالتعاطي مع الموضوع بطريقة مختلفة بحيث لا تصبح هناك عدائية ضد الشعب الليبي كله».
وحول ما اثير عن رفض السعودية استقبال الوزير جبران باسيل لتسليمها الدعوة رسميا لحضور القمة وتكليف الوزير جمال الجراح بهذه المهمة، قالت المصادر: انه جرى تكليف اربعة وزراء لتسليم الدعوات الى الدول العربية فلا يستطيع وزير واحد القيام بهذه المهمة لـ22 دولة عربية، فتم تكليف الوزراء جبران باسيل وعلي حسن خليل وبيار رفول وجمال الجراح وتوزعت المهام عليهم.
ونفت مصادر الخارجية علمها بحجم التمثيل المصري والسعودي في القمة وقالت ان الامر لدى دوائر رئاسة الجمهورية وهي تتبلغ بنوعية وحجم الوفود، لكن القمة لن تؤجل.
إعتداء إسرائيلي جديد
وسط هذه التطورات، طرأ تطوّر إسرائيلي وصف «بالخطير» على الحدود الجنوبية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، تمثل بمواصلة إسرائيل خرق النقاط المتحفظ عليها في الخط الأزرق في الجنوب من خلال بنائها تسعة عواميد على مساحة تسعة أمتار اثار قلقاً لبنانياً على مستوى رسمي، ما استدعى دعوة المجلس الأعلى للدفاع إلى عقد اجتماع طارئ برئاسة الرئيس عون بمشاركة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري والوزراء المعنيين مع قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، حيث اتخذت سلسلة مقررات لمواجهة الانشاءات الإسرائيلية، والتي اعتبرت بمثابة اعتداء على الأراضي اللبنانية وخرق واضح للقرار الدولي 1701.
وأوضحت مصادر المجلس الأعلى، انه تقرر كذلك ان يقوم الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، باتصالات عاجلة وفورية مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لوضعهم في ما آلت إليه الأمور على الحدود مع اسرائيل، وقد بوشر بهذه الاتصالات ليلاً.
وقالت المصادر ان مندوبة لبنان في الامم المتحدة امل مدللي أبلغت بتقديم شكوى عاجلة الى مجلس الامن الدولي حول هذه الاعتداءات. كما تقرر الدعوة الى اجتماع عاجل للجنة الأمنية الثلاثية لإبلاغ موقف لبنان.
ووفق المصادر، فإن قيادة الجيش عرضت خلال الاجتماع لتقرير مفصل مع خرائط وعرض مرئي لصورة الخرق على الحدود كما مع عرض ميداني, حيث تبين ان اسرائيل صحيح أنها لم تجتاز الخط الأزرق انما بدأت البناء على نقطة متحفظ عليها من ضمن الخط التقني، وهي عبارة عن تسعة اساسات للجدار على شكل T WALL.
واشارت المصادر الى ان المجتمعين درسوا كيفية معالجة الوضع والتدابير الواجب الاسراع باتخاذها كي لا تستمر اسرائيل ببناء الجدار في النقاط المتحفظ عليها، خصوصاً ان اجتماع اللجنة الثلاثية الاخير أمس لم يؤد الى نتيجة عملية بتراجع اسرائيل عن مضيها في بناء هذا الجدار الفاصل.
واوضحت المصادر ان اجتماع المجلس الاعلى للدفاع اعطى الغطاء السياسي للجيش اللبناني في تصديه للتعدي القائم على الحدود، على أن يعود التقدير بكيفية التصدي لقيادة الجيش.
الى ذلك، علمت «اللواء» ان مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل سيزور لبنان الأسبوع المقبل، في إطار جولة له في المنطقة، وان هذا الموضوع سيكون محور محادثاته مع المسؤولين في بيروت الذين يعتبرون ان الوضع على الحدود دقيق ويستوجب المتابعة.
وشدّدت المصادر على ان الوضع على الحدود كان الموضوع الوحيد التي أستحوذ على مناقشات المجلس الأعلى للدفاع، والذي سبقه اجتماع مغلق بين الرئيسين عون والحريري، والذي شوهد «يدردش» بعده مع وزير المال علي حسن خليل، من دون ان يعرف موضوع الحديث.
عجلات التأليف متوقفة
اما بالنسبة للوضع الحكومي، فقد تأكد، أمس، ان عجلات تأليف الحكومة متوقفة بالكامل، من دون ان يسجل أي تحرك أو اتصال على هذا الصعيد، باستثناء ما أثاره الرئيس عون امام السلك القنصلي الذي زاره مهنئاً لمناسبة الأعياد، حيث اعرب عن اسفه لتعثر تشكّل الحكومة بعد الانتخابات والتطورات التي حصلت في المنطقة معتبراً انه بات من الواضح انه كلما تعقدت الأمور والحلول السياسية في الخارج، فإنها تنعكس بدورها على الساحة اللبنانية لتتعقد امورنا معها.
واعرب عن الأسف «لعدم تمكننا من التخلص من التأثيرات الإقليمية على وضعنا الداخلي»، متمنيا ان «يكون بمقدورنا بعد حين من تجاوز العراقيل الكبيرة واكمال مسيرة النهوض بالدولة من جديد».
اما الرئيس الحريري، فقد اعتبر على هامش الاجتماع التنسيقي الذي خصص لمتابعة ذيول العاصفة الأخيرة للوزراء المعنيين ومحافظي المناطق، ردا على سؤال حول إمكانية تفعيل الحكومة، ان «كل شيء ممكن».
وعن عقد جلسات حكومية لإقرار موازنة 2019 قال الحريري: «الموضوع قيد التشاور».
لكن وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي شارك في اجتماع «بيت الوسط»، أكّد انه ما يزال عند رأيه بأن هناك كباشاً جدياً في مسألة الرئاسة يعيق تشكيل الحكومة، الا انه استدرك بأنه ليس هو العنصر الأساسي، بل هناك عناصر عديدة تعيق قيامها، ومنها هذا الموضوع».
ومن جهته، أكّد «اللقاء التشاوري» لنواب سُنة 8 آذار، بعد اجتماع عقده في دار الرئيس الراحل عمر كرامي في الرملة البيضاء، بأنه ما يزال عند موقفه الإيجابي تجاه مبادرة تمثيله في الحكومة، رغم تعثرها، والتي تقضي بتوزير أحد الأسماء الثلاثة التي طرحها من خارجه والا العودة إلى اختيار أحد أعضاء اللقاء الستة على ان يكون هذا الوزير الممثل الحصري للقاء التشاوري في الحكومة»، معتبرا ان «لا بأس من تأجيل القمة الاقتصادية ريثما تستعيد سوريا مكانها الطبيعي في جامعة الدول العربية».
وأكّد «اللقاء» انه «غير معني بأي أفكار أو طروحات أو مبادرات قبل ان تطرح عليه ويناقشها ويبدي رأيه فيها»، مؤكدا «ان المفتاح الوحيد للابواب الموصدة امام الحكومة هو بيد الرئيس المكلف، تأسيساً على ما ينص عليه الدستور»، مستغرباً «اصرار الرئيس المكلف على عدم ممارسة صلاحياته الدستورية، متمنياً على سعاة الخير وأصحاب الأفكار ان يكفوا عن مساعيهم الحميدة وان يتركوا الرئيس الحريري يحل مشاكله بما يمليه عليه الدستور».
نقابياً، ومع تأكيد رئيس اتحاد النقل البري بسّام طليس ان التحرّك امام مراكز المعاينة الميكانيكية يهدف إلى تنفيذ الاتفاق ببنوده الستة الذي رعاه الرئيس ميشال عون، وتوقف بموجبه التحرّك قبل أشهر.
وكانت نقابات واتحادات النقل البري نفذت اعتصاماً امام مراكز المعاينة في بيروت والشمال والبقاع، كذلك مركز المعاينة في الحدث..
وقال نقابي رفيع لـ «اللواء»: لا صلة لأية جهة سياسية بالإضراب، فالاضراب قطاعي، وكان يجب ان يحصل قبل حصول العاصفة القطبية، التي حالت دون التحرّك في البقاع، والشمال والجبل، فضلا عن بيروت.
ويروي النقابي إيّاه كيف ان القاعدة النقابية طالبت قيادة اتحاد النقل البري بالتحرك، والاضراب، مسألة نقابية، تشارك فيه كافة الأطراف بصرف النظر عن الانتماءات الحزبية للممثلين في قطاع النقل البري.
واضاف: القرار كان يقضي بإقفال مراكز المعاينة من الساعة السادسة حتى المساء، وبشكل دائم، لوضع حدّ للفساد والهدر، وإعادة المبالغ المدفوعة للخزينة اللبنانية، بعد انتهاء عقد الشركة المسيرة للميكانيك وفقا لنظام BOT، الذي انتهت عام 2016، بعد ان كان بدأ عام 2012، معتبرا ان بعد قرار مجلس شورى الدولة، بابطال المناقصة الأخيرة، يتعين ان تكون المعاينة عادت إلى الدولة اللبنانية بالكامل.
وكشف المصدر انه تلقى نصيحة بتمديد الفرصة امام رعاة الاتفاق، لتنفيذه، لمدة أسبوع أو أكثر، حتى لا تعطى أية تفسيرات ليست في محلها للتحرك..
في مجال متصل، أعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، في لقاء تضامني معه، عقد في مقر الاتحاد، رفض المجلس التنفيذي للاتحاد رفضا قاطعا مثوله امام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، معتبرا ان «من المستغرب والمهين ان اتبلغ مضمون دعوى ضدي خلال اتصال هاتفي»، وأكّد ان «الاتحاد العمالي العام، بيت العمال والمظلة الوحيدة المتبقية للمطالبة بحقوقهم». ونفى ان يكون قد اتهم وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري بصفقة العدادات.
الأخبار
لبنان يتصدّى لبناء الجدار الإسرائيلي في نقاط التحفّظ
صراع بين جنبلاط والمشايخ
حماة المصارف: لبنان ملتزم بدفع ديونه… إلى الأبد!
عاد العدو الإسرائيلي إلى استكمال بناء الجدار الاسمنتي في نقاط التحفّظ، ما استدعى استنفاراً لبنانياً سياسياً وعسكرياً، وصل إلى إعطاء الجيش التوجيهات للتصدي لهذا الاعتداء. في المقابل، بقي انعقاد القمة الاقتصادية مصدراً للتوتر السياسي، من دون أن تتحول إلى مادة سجال بين بعبدا وعين التينة
بدا يوم أمس مشحوناً بالتوتر، على خلفية انعقاد القمة الاقتصادية في لبنان. لكن هذا السجال لم يحجب صورة الخرق الإسرائيلي للحدود الجنوبية، حيث استكمل جيش العدو بناء الجدار الاسمنتي في نقاط التحفظ على الخط الأزرق، مقابل بلدة العديسة، بعدما سبق أن جمّد أعماله إثر تهديد لبنان بالرد على هذا الخرق. وقد عمد خلال اليومين الماضيين إلى إضافة تسع وحدات اسمنتية إلى الجدار، وهو الأمر الذي كان محور الاجتماع الشهري للجنة الثلاثية في الناقورة، والذي لم يخرج بأي اتفاق. وفيما أراد الجانب الإسرائيلي تأجيل النقاش إلى الاجتماع المقبل للجنة بعد شهر، أصر الجيش على عقد الاجتماع اليوم، وهو ما أكده المجلس الأعلى للدفاع في الاجتماع الاستثنائي الذي عقده أمس في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون، للبحث في الخرق الإسرائيلي.
واعتبر المجلس ما يحصل بمثابة اعتداء على الأراضي اللبنانية وخرق واضح للقرار الدولي الرقم 1701. واتخذ سلسلة مقررات لمواجهة هذا الاعتداء، مؤكداً تمسك لبنان بكل شبر من أراضيه ومياهه.
وبعد انتهاء الاجتماع، الذي شارك فيه الرئيس سعد الحريري والوزراء: يعقوب الصراف، جبران باسيل، علي حسن خليل، نهاد المشنوق، رائد خوري وسليم جريصاتي، إضافة إلى قادة الأجهزة العسكرية والأمنية، أدلى الأمين العام للمجلس اللواء الركن سعد الله الحمد، ببيان تضمن المقررات الآتية:
1- تقديم شكوى الى مجلس الأمن.
2- تكثيف الاتصالات الدولية لشرح موقف لبنان من هذا التعدي الإسرائيلي.
3- طلب اجتماع طارئ للجنة الثلاثية لبحث المستجدات.
4- إعطاء التوجيهات اللازمة لقيادة الجيش لكيفية التصدي لهذا التعدي.
5- تأكيد لبنان تمسكه بكل شبر من أرضه ومياهه واستعداده الدائم لاستكمال مسار التفاوض لحل النزاعات الحدودية القائمة.
6- الطلب الى مجلس الأمن وقوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل» تحمل مسؤولياتهم كاملة في تنفيذ القرار 1701 وحفظ الأمن على الحدود.
وعلى صعيد القمة التنموية الاقتصادية العربية، استمر رئيس المجلس النيابي نبيه بري في التعبير عن موقفه الداعي إلى تأجيلها، مبدياً حرصه، في الوقت نفسه، على عدم ربط موقفه هذا بالعلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية. وسئل بري مساء أمس: هل يتعارض موقفه من القمة مع موقف رئيس الجمهورية؟ فأجاب: «موقفي ليس ضد موقف رئيس الجمهورية على الإطلاق. من السخافة تصويره على هذا النحو. أدليت بهذا الموقف حتى لا تأتي القمة هزيلة ويغيب عنها رؤساء الدول لأن مجيء من هم دون رؤساء الحكومات يفقد القمة أهميتها ويسيء إليها. أطالب بتأجيلها شهرين لأن لديّ معلومات أكيدة أن تونس التي تستضيف القمة العربية في عاصمتها في آذار ستدعو سوريا الى حضورها، سواء عادت الى الجامعة العربية قبل ذلك أو لم تعد. كذلك سينعقد الاتحاد البرلماني العربي في الأردن في آذار وستُدعى إليه سوريا».
أضاف: «أنا أوجدت مخرجاً للقمة لأن قمة اقتصادية ستبحث حتماً في إعمار سوريا من دون حضورها أمر غير طبيعي ولا يصح».
ومقابل موقف بري، أكدت مصادر القصر الجمهوري أن ثمانية وفود أكدت حضورها القمة على مستوى الرئيس أو رئيس الحكومة، حيث يشارك، حتى اليوم، رؤساء: تونس، فلسطين، مصر، موريتانيا وأميرا الكويت وقطر، إضافة الى رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فائز السراج ونائب رئيس مجلس الوزراء العماني (لا يشارك سلطان عمان في أي قمة). أما الوفود الباقية فلم تحدد بعد مستوى تمثيلها.
إلى ذلك، أعلنت المصادر أن ملف إعادة إعمار سوريا ليس بنداً على جدول أعمال القمة، لكن يُرجّح أنه سيُطرح في سياق المبادرات التي ستُقدَّم، علماً بأن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي يضم وزراء الخارجية والاقتصاد والشؤون الاجتماعية العرب، سيجتمع في 18 الجاري لإقرار جدول الأعمال النهائي مع التوصيات التي سترفع إلى القمة التي تعقد في 20 الجاري على مستوى رؤساء الوفود.
وفيما أشارت مصادر حركة أمل إلى أن الوفد الليبي سيتألف من 40 شخصاً، معتبرة أن ذلك يشكل استفزازاً إضافياً لمشاعر اللبنانيين، أوضحت مصادر المنظمين عن تبلّغها رسمياً حضور 27 شخصاً في عداد الوفد، رافضة الخوض في الموضوع أكثر. لكن في المقابل، استمر إعلام حركة أمل في مهاجمة انعقاد القمة. وأعلن تلفزيون «أن بي أن» أنه قرر مقاطعة التغطية الإعلامية للقمة في حال انعقادها في بيروت، فأشار رئيس مجلس إدارة القناة قاسم سويد إلى أن المقاطعة تأتي «انسجاماً مع الدعوات لتأجيلها بسبب عدم دعوة الشقيقة سوريا إليها وعدم الدخول في لعبة التجاذبات والترويج الإعلامي لتصفية الحسابات العربية ــــ العربية على أرض لبنان». كذلك جاء في مقدمة النشرة المسائية للقناة أنه «إذا كانت هذه القمة هي بمثابة صلاة اقتصادية، فإن حضور دمشق هو الوضوء لقبول أعمالها»، مشيرة إلى «أن سوريا تستحق أن تُؤجَل القمة الاقتصادية الى حين استعادة موقع القلب النابض عروبةً في جامعة العرب، ويستحق لبنان أن يكون مرة جديدة علامة جمع لا طرح بين الأشقاء».
صراع بين جنبلاط والمشايخ
«كتاب فتنوي» يثير قلق أهالي الشوف
وزّعت مجموعة من الشباب في قرى الشوف كتاباً مسيئاً للموحدين الدروز ولعلاقاتهم مع الطوائف الأخرى. العمل الذي وصفه أبناء الطائفة بـ«الفتنوي» لا ينمّ عن جهد فردي. وبالتوازي، تدفع مواقف وليد جنبلاط بالانحياز ضد سوريا، المرجعيات الدينية للبحث عن مصالح طائفتهم في ظل التحولات الإقليمية، بخلاف الرغبة الجنبلاطية
كالعادة، تنعكس التطوّرات الإقليمية والمحليّة على طائفة الموحّدين الدروز في لبنان بشكل لافت. وإن كانت الأضواء قد خفتت عن محافظة السويداء في الجنوب السوري بعد قضاء الجيش السوري على تنظيم «داعش» الإرهابي في باديتها الشرقية، واستعادة الدولة السورية الاستقرار في أكبر تجمّع للدروز في المشرق، فإن الخلافات الدرزية ــــ الدرزية في لبنان، وبعض الحوادث «المريبة»، تعيد تسليط الأضواء على أحوال الدروز اللبنانيين، ولا سيّما في ظلّ الانقسام الحاد في الخطاب بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وأخصامه من الدروز كالنائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب.
وفي ظلّ هذه الحركة السياسية، التي استعرت بعد محاولة قوى الأمن الداخلي، بقرار من الرئيس سعد الحريري وتحريض من جنبلاط، اعتقال وهاب من بيته في الجاهلية، وما تلاه من تطوّرات، استفاق أهالي الشوف قبل نحو أسبوعين على حركة غريبة في القرى. إذ قامت مجموعة من الشّبان بتوزيع كتاب بالخفاء على البيوت والمحالّ في قرى الشوف، حصلت «الأخبار» على نسخة منه، يحمل على غلافه صورةً لشخص على مفترق طرق ويقف أسد في نهاية أحد الطريقين، بعنوان «أيها الدرزي، عودة إلى عرينك»!
بعد شيوع الخبر، تحركت القوى الأمنية على الفور بطلب من المراجع الدينية الدرزية، واعتقلت هذه القوى عدداً من الشّبان، وبدأت التحقيقات. وبحسب اعترافات الموقوفين، فإن هؤلاء تولّوا القيام بمهمة التوزيع نيابة عن وسيطين، هما اللبنانيان «ش. م.» و «ر. ح.»، والأخير هو طابع الكتاب وناشره.
في القراءة الأولى، لم يأت الكتاب بأي جديد، سوى إعادة نشر مقتطفات من كتب مسيئة ومكفّرة لطائفة الموحدين الدروز من تأليف رجال دين سعوديين ومصريين، والإساءة إلى رموز الدروز الدينية والشخصيات التاريخية، ومزجها بمقتطفات محرّفة من كتب الدروز، للإشارة إلى أن الموحدين ليسوا من المسلمين، و«بث النعرات المذهبية» مع الطوائف الأخرى.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن عدد النسخ التي تم طبعها بلغ حوالى 7000 آلاف نسخة، تمّت مصادرة أغلبها من قبل فرع المعلومات وتسليمها إلى شيخ العقل نعيم حسن، وقامت مشيخة العقل بحرق ما يزيد على 3500 كتاب حتى الآن.
وفيما تم اعتقال المتهم الأول «ش. م.» بتهمة إثارة النعرات الطائفية بعد اعترافه بأن الهدف من النشر هو «إعادة الدروز إلى الإسلام» وعثر بحوزته على وثائق لتحويلات مالية صغيرة حصل عليها من أفراد في دول خليجية، لا يزال المشتبه فيه الثاني متوارياً عن الأنظار، وتعمل الشرطة القضائية التي تولّت التحقيق على ملاحقته. وعلى ما علمت «الأخبار»، فإنه يختبئ في بيروت بحماية أحد أئمة المساجد «س. م.»، والأخير كان درزياً من أصول سورية وعاش في منطقة المتن الأعلى ثم تحوّل إلى المذهب السّني، بعدما أمضى سنوات في الكويت.
ومما لا شكّ فيه، أن حركة توزيع الكتاب وعدد النسخ المصادرة أثارا القلق في الوسط الديني والسياسي الدرزي، من دون الوصول، حتى الآن، إلى الجهة التي تقف خلف ما جرى. وحاولت «الأخبار» الاتصال بأكثر من جهة معنيّة بهذا الملفّ، إلّا أن الغالبية فضّلت عدم التعليق على الأمر، فيما اكتفى آخرون بالتعليق لكن شريطة عدم ذكر المصدر. وتسجّل المصادر مجموعة من الملاحظات حول الحادثة، أولاها أن «حجم العمل لا يمكن أن تقف وراءه مجموعة من الأفراد، إنّما جهة أو جهاز استخباري أو دولة، ما يعني احتمال حصول حوادث أخرى تهدف إلى خلق بيئة من التوتّر في الساحة الدرزية. ثانيتها، هو العمل المستمر الذي تقوم به إسرائيل على الساحة الدرزية، في لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة، لخلق بيئة متوترة ترى في الدولة اليهودية صديقاً حامياً للأقلية من أخطار محدقة، بعدما فشل مشروع «داعش» في دفع الدروز السوريين إلى هذا الخيار، من السويداء إلى جبل الشيخ».
سجال حول مشيخة العقل
وبالتوازي مع حادثة توزيع الكتاب، فجأة، اندلع سجالٌ بين جنبلاط ووهاب وأرسلان الأسبوع الماضي حول أزمة وجود مشيختي عقل في الطائفة، الشيخ حسن من جهة والشيخ ناصر الدين الغريب من جهة ثانية. وبعد البحث، تبيّن لـ«الأخبار» أن السبب هو بيان صادر عن المرجع الروحي الشيخ أمين الصايغ، يطالب فيه بـ«إعادة مشيخة العقل إلى أهلها». بيان الصايغ، حمّال أوجه، إلّا أن ما يحكى عن خلافات بين المرجعية الدينية والشيخ نعيم حسن ومن خلفه جنبلاط، يقطع الشكّ بأن البيان موجّه ضد جنبلاط مع اقتراب موعد بلوغ حسن سنّ التقاعد. وردّ جنبلاط بتغريدة انتقد فيها البيان من دون أن يسمّيه، مشيراً إلى أن «ظرفاً تاريخياً سمح بالخلاص من ثنائية المشيختين… وإذا كانت رياح الفتنة والتعطيل تهبّ من الشرق، نأمل من المرجعيات حماية هذا الإنجاز». وفيما يتكتم المعنيون على الأسباب الحقيقية للخلاف، إلا أن ما يدور في أوساط الحزب التقدمي الاشتراكي، هو اتهامات للشيخ أكرم الصايغ شقيق المرجع الروحي، بالتواصل مع سوريا، في محاولة للتمايز عن مواقف جنبلاط الذي يحاول فرض العداء مع سوريا على كل أبناء طائفته في لبنان، على الرغم من التحولات الإقليمية. وهو بالمناسبة ليس موقف الصايغ فحسب، إذ إن مسألة إعادة التواصل مع الدولة السورية باتت أمراً تنشغل فيه أوساط المشايخ، مع انتقاد موقف جنبلاط الذي «يتمسّك بمواقف خاصة على حساب مصلحة الطائفة بنظر هؤلاء».
وزاد الطين بلّة، ما يحكى عن طلب السفير السعودي وليد البخاري طلب موعد لزيارة الصايغ، إلّا أن الزيارة لم تتم، وبدل ذلك قام البخاري برفقة السفير الإماراتي حمد الشامسي بزيارة الشيخ علي زين الدين، بحضور جنبلاط وعدد من نواب الاشتراكي.
لم يبقَ أرسلان ووهاب بعيدين عن المشهد، إذ غرّد أرسلان معتبراً أنه «حقاً من رداءة الزمن أن يتم الردّ على مرجعية درزية روحية عبر وسائل الإعلام، كفى مهزلة ولعباً بمقدّرات الدروز…». فيما غرّد وهاب متوجّهاً إلى جنبلاط بالقول: «شيخ الأمر الواقع (حسن) سيبقى لفريق واحد، وهذا ما أثبتته ممارساته، لذا نقول لك شيخك ولنا شيخنا، وأشد الفتن هي محاولة الهيمنة على كل شيء».
وفيما يعترض أرسلان ووهاب على تماهي حسن مع جنبلاط في غالبية المواقف السياسية والداخلية، ولا سيّما بعدما أوفد حسن بأمر من جنبلاط مجموعة من القضاة إلى سفارات الدول الكبرى لتحريضها على تدخّل دولي في سوريا تحت عنوان «حماية الدروز»، تتجه الأنظار يوم الأحد إلى بلدة الجاهلية، حيث يقيم حزب التوحيد العربي ذكرى أربعين الشهيد محمد أبو ذياب، وسيلقي كل من أرسلان ووهاب كلمتين بالمناسبة، في أول زيارة لأرسلان إلى الجاهلية منذ مدّة طويلة. ومن المتوقّع أن يرفع الثنائي سقف المواقف السياسية لناحية رفض استئثار جنبلاط بمؤسسات الطائفة الدرزية والعلاقة مع سوريا.
حماة المصارف: لبنان ملتزم بدفع ديونه… إلى الأبد!
طرح أمس وزير المال علي حسن خليل خطّة للتصحيح المالي الطوعي تتضمن إعادة هيكلة الدين العام. «قامت القيامة» على هذا الطرح. الذين أقاموها، هم ممثلو الجهات التي راكمت الثروات من المتاجرة بالدين العام، وهم الذين يرفضون اليوم المشاركة في فاتورة التصحيح. ونطق باسمهم أمس وزير الاقتصاد رائد خوري، الذي أكد أن لبنان «ملتزم بدفع ديونه إلى الأبد» (مقال محمد وهبة)!.
ردود الفعل التي أثارها تصريح وزير المال علي حسن خليل لـ«الأخبار» أمس عن التصحيح المالي الطوعي الذي تعكف الوزارة على دراسته ورسم سيناريواته وخطوطه التفصيلية، بما فيها إعادة هيكلة الدين العام، كشفت عن مدى تفاقم الأزمة في لبنان، وعن هشاشة النموذج الاقتصادي اللبناني الذي استُهلك إلى أبعد حدود. بدا كأن المطلوب أن يصدر تصريح واحد من جهة مسؤولة حتى ينتبه الكل إلى الاستحقاقات الداهمة، رغم أن هذه الاستحقاقات كانت محور الأحاديث الخاصة والعامة طوال الأشهر الماضية، وعلى لسان كل المسؤولين الذين يظهرون عجزاً متزايداً عن تأليف حكومة. وما إن اعلن وزير المال قيام وزارته بواجباتها، لجهة درس خيارات لحل الأزمة التي تعصف بالبلاد، وأبرز تجلياتها تضخّم الدين العام وكلفة خدمته، حتى خرج شركاء في الحكم ليتصدوا لأي فكرة تمس بخدمة الدين العام التي تستنزف نحو نصف واردات الخزينة سنوياً، وباتت تهدّد استمرارية الدَّين نفسه. حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، أجرى اتصالات برؤساء وسياسيين، بحسب مصادر وزارية، محذّراً من تداعيات تصريحات خليل. أما وزير الاقتصاد رائد خوري، الآتي إلى الوزارة من عالم المصارف، فأكّد لـ«بلومبرغ» أن «الدولة البنانية ملتزمة بدفع ديونها إلى الأبد، لا لهذه السنة وحسب»! أما نائب رئيس الحكومة، غسان حاصباني، فأشار إلى ضرورة التعامل مع تصريحات خليل على أنها «أفكار فردية لم تتطوّر إلى مرحلة اقتراح يناقشه مجلس الوزراء ويقرّه». الهجمة التي أثارها تصريح خليل دفعت به إلى «التوضيح» لوكالة «رويترز»، قائلاً إن الخطة التي تحدّث عنها لـ«الأخبار» «جزء من مشروع إصلاحي» للمالية العامة يبدأ من إجراءات طُرحت في مؤتمر باريس للمانحين العام الماضي، حيث تعهد لبنان بتقليص العجز. وأضاف: «هي خطة تصحيح مالي طوعي قيد الإعداد في الوزارة تجنباً لحدوث الأسوأ»، مشيراً إلى أنه لم يتم بعد اتخاذ أي خطوات، وأن الهدف يتمثل في وجود خطة جاهزة للتنفيذ عندما تتألف الحكومة الجديدة. وكزميليه خوري وحاصباني، أكّد خليل لـ«رويترز» أن لبنان «حريص على التزاماته في إصدارات السندات الدولية وحقوق حامليها وسيستكمل عمليات الإصدار وفق الالتزامات والمعايير نفسها، ولن يتخلف عن أي بند فيها». ولفت خليل إلى أن «الأفكار المتعلقة بإدارة الدين وهيكلته لا تزال قيد الدراسة».
«هلع» خوري، بما يمثّل داخل الطبقة الحاكمة، يعكس رؤية لـ«الإصلاح» المالي لها جذورها القوية في الأوساط السياسية والمالية والمصرفية، تقوم على حماية المصارف وكبار المودعين من دفع أي كلفة للخروج من الأزمة، رغم أنهم المستفيدون من تكوّن الدين العام الذي يجرّ بثقله لبنان نحو الهاوية. وهم لا يرون أي باب للحل سوى تكرار لازمة «التخلص من عجز الكهرباء» (أي رفع أسعار الكهرباء للمستهلكين)، وفرض ضرائب ورسوم إضافية (كـ 5 آلاف ليرة على البنزين، مثلاً)، وبلا أي إصلاح للنظام الضريبي. ويريد أصحاب هذه الرؤية منع أي نقاش حول إمكان خفض الدين العام، بذريعة أن اقتراحاً كهذا يهدد «صيت لبنان» وقدرته على الاستدانة مستقبلاً.
وبعيداً عن التصريحات، لم تفاجأ الأسواق المالية المحليّة بما قاله وزير المال، بل تعاملت مع الأمر انطلاقاً من معرفتها التامة بالوقائع وبعدم قدرة النموذج الاقتصادي اللبناني على الاستمرار في ظل النزف المالي، وإنما كانت تعمل على إثارة أكبر قدر ممكن من الضجّة التي تتيح لها التملّص من أي إجراء قد يمسّ أرباحها. بحسب مصادر مصرفية، فقد كان هناك امتعاض واسع من المصرفيين تجاه هذا التصريح، وهم شكّكوا بقدرة الحكومة على اتخاذ قرارات بشأن التصحيح المالي وتوزيع الأعباء بشكل عادل، فضلاً عن اتهامات بالجملة للسياسيين بالفساد.
أما الأسواق الدولية، فقد أظهرت حساسية أعلى تجاه هذا الأمر، وهو ما خلق عرضاً متزايداً لبيع سندات الدين اللبنانية بالعملات الأجنبية، ما دفع بأسعار السندات إلى التراجع في مقابل ارتفاع التأمين عليها، بين 1.25% و6.21%. وشكّل هذا الأمر ضغطاً على كل المعنيين بهذه السندات من وزارة المال إلى مصرف لبنان. هذا الأخير تدخّل في السوق شارياً السندات المعروضة، من أجل التخفيف من حدّة الانهيار في سعرها وفي سعر التأمين عليها.
وبالتوازي، تلقى عاملون في وزارة المال اتصالات من العديد من المؤسسات المالية الأجنبية ومؤسسات التصنيف التي كانت تستفسر عن تصريح وزير المال وأبعاده والأهداف التي ينطوي عليها، ولا سيما أن عبارة ”إعادة هيكلة الدين العام“ لا يمكن أن تفهم إلا على شكل عملية واسعة لشطب جزء من الديون.
في الواقع، إن الأسواق المحلية والدولية، كانت تنتظر مثل هذا الخبر منذ فترة طويلة، انطلاقاً من معرفتها بالواقع اللبناني بكل تفاصيله. مشكلة هذه الشريحة من أصحاب رؤوس الأموال، أنهم يريدون تحويل إعادة هيكلة الدين العام إلى عملية تفاوض مع الحكومة لخفض حصّتهم من فاتورة التصحيح الذي لا مفرّ من القيام به. ومحاولتهم إثارة الذعر في السوق يندرج في هذا السياق بعدما فشلوا في تحويل الأنظار إلى رواتب موظفي القطاع العام الذين نالوا حقوقهم بعد سنوات من الصراع مع السلطة. عملية الالتفاف بدأت بدسّ بنود تصيب الشرائح الأكثر قهراً في المجتمع في التزامات لبنان في مؤتمر «سيدر». يومها أجرى صندوق النقد الدولي تقويماً لبنود المؤتمر، وزعم أن المعالجة تكمن في زيادة الضرائب على الاستهلاك وفي تقشّف الدولة عن الإنفاق على موظفي القطاع العام. لاحقاً، تناغم حاكم مصرف لبنان مع هذا الأمر وسوّق اقتراحاً يتعلق بفرض ضريبة على استهلاك البنزين بقيمة 5000 ليرة. كذلك ضغط مصرف لبنان على وزارة المال وتمكّن من إخضاعها لرفع أسعار الفائدة على سندات الخزينة التي تصدرها الوزارة بالليرة اللبنانية، بأكثر من ثلاث نقاط مئوية ونصف نقطة.
لبّ الصراع اليوم هو تلك الفاتورة الناجمة عن عملية التصحيح وفاتورتها. من يدفع الفاتورة وما هي حصّة كل طرف من اللاعبين المعنيين بها؟ هذا هو أصل القضية اليوم. ففي الأشهر الماضية، كانت هناك تقارير من جهات متخصصة وإعلامية أجنبية ومحلية تحذّر من الأزمة وتسارعها. كذلك صدرت تقارير من وكالات التصنيف تخفض النظرة المستقبلية للبنان من ”مستقر“ إلى «سلبي»، كما أن لبنان كان محوراً للكثير من الزيارات التي نظّمتها مؤسسات مالية توظّف أموالاً في سندات دين لبنانية، أو من كبار المودعين الذين سألوا كثيراً عن حجم هذه الأزمة وتداعياتها وإمكانية انفجارها. كل ذلك أوحى بأن تصريح وزير المال كان «القشّة التي يمكن أن تقصم ظهر البعير»، فيما الواقع أن الأمر برمّته يعكس حقيقة صراع المصالح على من يدفع فاتورة التصحيح.