شاهد من مدينة الرقة : إنزالات جوية أميركية لاختطاف مئات الشباب وسوقهم إلى جهة مجهولة؟

شاهد من مدينة الرقة : إنزالات جوية أميركية لاختطاف مئات الشباب وسوقهم إلى جهة مجهولة؟

اتفاق وقف النار في الجنوب الغربي السوري: في الجوهر والدلالة
إعادة تقسيم العالم على أسس سبرانية: قراءة في تقرير التوازن العسكرى 2018
حول مستقبل “المشكلة الكردية” في سوريا؟

قتل الأميركيون أطفالاً ونساءً بالقصف الجوي على قرى قريبة من الرقة، خلال الشهر الماضي. يدعي الأميركيون والأكراد أنهم يخوضون معارك ضد الدولة الإسلامية / داعش، ولكن هناك حوادث غريبة تحصل حالياً في المنطقة. لقد نزل الأميركان بالطائرات، وقاموا باختطاف مواطنين سوريين شبان من بعض القرى التي تقع شرقي الرقة. أخذوهم معهم بالطائرات.

في هذا التهجير وبعضهم من أقاربنا، تم ترحيل نحو مئتي مدني. اتهمهم الأميركيون بأنهم مع داعش، ولا أحد يعرف إلى اليوم أين يتم احتجازهم أو إلى اين نقلوا. تهبط الطائرات في القرية وتأخذ الشباب. ولا واحد منهم رجع. نعم بعضهم كان له علاقة مع داعش. أحدهم يقال عنه بأنه عميل للنظام تخلصوا منه. قتلوه. مع أنه لا علاقة له بشيء. لا ناقة له ولا جمل. هذا الأمر يحصل من أكثر من شهر. تنزل طائرات ثلاث أو أربع وتختطف الشبان السوريين.

لقد أصبح التجنيد في صفوف الميليشيا الكردية إجبارياً. كل شهرين يقومون بحملة في مدينة الرقة وفي القرى. حيث يسوقون كل الشباب من مواليد عام 1988 وما فوق بالقوة والتهديد. وهذا الإعتداء يجبر الشباب على التخفي والهرب من دوريات المسلحين الأكراد. سأذكر لكم أسماء عدد من القرى والبلدات (…) التي تم فيها التجنيد الإجباري.

كما تعلمون فإن نقمة العرب تزداد ضد المسلحين الأكراد والأميركان الذين يدعمونهم، بعد أن قتلوا الشيخ بشير فيصل الهويدي زعيم عشيرة العفادلة العربية في أوائل شهر تشرين الثاني الماضي. منذ أسبوع اشتبك أهالي بلدة (…) مجاورة للرقة وهم عرب طبعاً، مع الأكراد بعد قتلوا أحد المواطنين. كما ضرب وجرح أفراد الميليشيا، وأخرجوا من البلدة. التوتر عندنا مستمر. الأكراد لا يتحركون بحركة إلا بأمر من الأميركيين، الذين يساندوهم جواً. بالأمس ليلاً الطيران لم يفارق مدينة الرقة، بالليل صوت الطائرات بلا حدود. أحداً هناك لم يقدر أن ينام. هليكوبتر وطائرات حربية في السماء.

ركام الأبنية ما زال في كل مكان من مدينة الرقة. الجثث تحت متحللة. لم يُقَدِّم الأميركان ولا الأكراد أي مساعدة للمواطنين لحل هذه المأساة. جاء مواطن سوري من بلدة (…) بالقرب من الرقة، ليعيد بناء بيته من ماله الخاص. على حسابه. ولكن هناك خوف. ما إن يحرك المعماري أي شيء، حجر، عمود حتى ينفجر اللغم به. لا أحد يساعدك. لا يرسلون أحداً لتقديم الدعم الفني مثل المهندسين لإزالة الألغام والمتفجرات.

أنت مواطن رقَّاوي تريد إعادة الإعمار، إذن يجب أن تتكل على نفسك. لكن مهما كان ما تريد أن تعمر أو ترمم، فأنت تحتاج إلى عشرين كميون/ شاحنة تكون بقربك لإزالة الردم من الأرض. حُفر حُفر، خراب. الآن، خفت روائح الضحايا الميتين تحت الأنقاض، لكنهم بقاياهم لا زالت هناك. ثم كيف تعمر ولا يوجد سوق. محل مفتوح ومحلات مهدمة هابطة. محل مسنود بخشبتين مثل دكاكين مخيمات النازحين إلى لبنان. لا وجود للكهرباء. هناك مولدات كهربائية خاصة، يجوز إن الأميركان وضعوها. المولد يشغل نحو ثلاثون بيتاً ويحاسب عليه كل شهر.

تخميني أن الاميركان وضعوا هذه المولدات، لأنهم يتدخلون في أي موضوع. أي حركة. لهم وجود في المنطقة. لقد وضعوا الأكراد في الواجهة. الأكراد لديهم عملاء من نفس المنطقة، يعرفون ويراقبون المواطنين المقيمين فيها. مثلاً إذا أنت تقدمت للجيش [العربي السوري] لتسوية وضعك، يتم تعيين مجند لمراقبتك. الأميركيين لهم يد في كل شيء، لا حركة يأتي بها الأكراد إلا عن طريقهم. هناك مقر للأميركان شرقي الرقة، في بلدة (…) قرب (…). تراهم يستأجرون عمالاً من المنطقة، ويجزلون لهم الأجر لكسب تأييدهم، خاصة أنهم يتحركون بسيارات "هامر" المعروفة، وربما يخافون.

أنا شاهدت بنفسي كيف تصرف الأميركيون منذ بضعة شهور، حينما تحرك الجيش [العربي السوري] عشرات الأمتار، باتجاه منطقتنا التي يسيطر عليها الأميركيون والأكراد. حضرت الطائرات الأميركية في دقائق وصارت تحلق فوق قوات الجيش لوقف تقدمه. المعيشة سيئة. لا يوزعون أي تموين على المواطنين لمساعدتهم. يحتاج الفرد إلى نحو 200 دولار لتوفير احتياجاته. كل شيء سعره غالٍ هناك، فقط الإنسان سعره رخيص. الفقر منتشر وكذلك المرابين، الذين يربحون أموالاً طائلة.

الزراعة تدهورت. دمرت قنوات مياه الري. لا يوجد إلا قناة واحدة، الآن. الاكراد يحكمون المنطقة لكنهم لا يقدمون أي مساعدة. أنت تريد أن تسقي أرضك، إذن، من المحتمل أن تقع في مشكلة مع عشرين شخصاً كي تسقي، ولا تسقي. كنا على أيام دولتنا يعينون مراقب يعطيك حصتك، ممنوع أن يتمادى أحد عليك. يُسجن. الآن، لديك الأكراد عينوا شخص لا يمكن الحديث معه. طبعاً، ميليشيا الأكراد ليست مرتاحة. مثل "إسرائيل" يظن الكردي نفسه أنه إنسان مميز. لا يتدخل الأميركيون إلا جوّاً. إن أرادوا اعتقال أي شخص يرسلون الاكراد للإمساك به. أين يخفونه الله أعلم.

المدارس مقفلة يدرس بعض الأولاد في البيوت. الأجيال الجديدة دُمِّرَتْ. تجد الولد سارح بالشارع كل النهار. الناس كانوا غير راضين قبل الحرب. رايي أن الشعب الذي يطلب زيادة عن اللزوم هو الذي خرب الدولة. قبل الحرب، أنت عايش وعين الله عليك. كنا بالبيت قابس الكهرباء قربك. حنفية المياه قربك وابنك يدرس للبكالوريا والجامعة. المستشفى قريب منك وكل شيء رخيص. لم يعجبهم يريدون حرية.

حين يأتي سوري ويقول لي أريد الحرية، أقول له لا أعرف ما هي الحرية. الوضع من أسوأ إلى أسوأ. لا أحد مستسلم تقع اشتباكات مع الميليشيا الكردية. ولكن لا توجد مساندة لنا. بعض المواطنين الذين يتنقلون إلى خارج الرقة وجوارها، يمنعون من العودة إلا بشروط. قلت لكم إنهم يقوون داعش. يختطفون الشباب. الأغلبية منهم كانوا متصلين بخط داعش، بحكم الظروف. الآن، أظن أنهم يعيدونهم إلى داعش.

أنا دائماً، أسال نفسي : كيف قدرت عناصر داعش على الانسحاب من الرقة وهي تُقصف. فالطائرات الأميركية في الجو، تقصف وتراقب وتصور. كيف انسحبوا. معقول. دمروا الرقة عن بكرة أبيها لم يوفروا جسراً ولا طريقاً. ثم نرى أن عناصر داعش قد انسحبت بزوارق. هذه ليست نكتة. أليس باستطاعة الطائرات الأميركية ضربهم. هذه لعبة. والله هم أخرجوهم. عناصر داعش كانوا يتوقعون الانسحاب ولا أحد يضرب منهم ولا يصاب. خروج أميركا من المنطقة كذبة. يريدون تقوية داعش. أتساءل كيف يوقفون مئتي شاب ويضعوهم في السجن يطعمونهم ويسقونهم، والاكراد يشتكون من كثرة المعتقلين في سجونهم. لا يعرفون ماذا يفعلون بهم. يعرضون على الدول الغربية أن تأخذ إرهابييها الذين أرسلتهم إلى بلادنا.

شبكة حماية ضحايا الحرب
‏سجلت هذه المقابلة يوم الأحد‏، 27 جمادى الأولى‏، 1440، الموافق 3 شباط/ فبراير، 2019

Please follow and like us: