افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 26 شباط، 2019

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 17 كانون الثاني، 2020
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 31 تموز، 2023
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 6 كانون الثاني، 2020

توقفت افتتاحيات الصحف عند قرار بريطانيا بـ"ادراج الجناح السياسي لحزب الله على لائحة الإرهاب". فقالت "اللواء" إنه "خطوة تطرح علامات استفهام غير بريئة في توقيتها، من زاوية تأثير ذلك على الاستقرار العام والمساعدات التي وُعِدَ بها لبنان". ولفتت "البناء" إلى "الرسالة البريطانية التي رفضت فرنسا مجاراتها، ومثلها الاتحاد الأوروبي"، تهدف إلى "التلاعب بالتماسك الداخلي اللبناني". أما "الأخبار" فقالت إن القرار "يتماهى مع سياسة أميركا" و"إسرائيل"، إلا أنه "غير مؤثر". وبالفعل، صدرت مواقف عن رئيس الحكومة ووزير الخارجية تؤكد أن مفاعيله "تخص" لندن …  

Image result for ‫الحريري اجتمع مع تيريزا ماي‬‎
اللواء
ماذا يعني تشكيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء؟
مباحثات لبنانية – أوروبية لترتيبات العودة الآمنة.. وباسيل يستبعد تأثير القرار البريطاني على العلاقات

على نحو غير متوقع، تتدافع الأحداث الوازنة في لبنان والمنطقة، بتأثيرات قوية من الحرب السورية، التي شارفت على الانتهاء أو دخلت مرحلة جديدة من التجاذب الدولي – الإقليمي.
وإذا كانت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني بدأت محادثات بالغة الأهمية في بيروت، وستستكمل اليوم مع الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري حول ملفي النازحين السوريين، الذين يُؤكّد رئيس مجلس الوزراء على إيجاد حلول لعودتهم شرط ان تكون آمنة فضلاً عن أولويات مؤتمر سيدر بعد تأليف الحكومة الجديدة..
ومن المؤكد حسب مصدر مطلع، ان قرار وزارة الداخلية في المملكة المتحدة بادراج الجناح السياسي لحزب الله على لائحة الإرهاب، في خطوة تطرح علامات استفهام «غير بريئة» في توقيتها، وفقاً للمصدر المطلع نفسه، على طاولة المباحثات بين المسؤولة الأوروبية وكبار المسؤولين، من زاوية تأثير ذلك على الاستقرار العام والمساعدات التي وعد بها لبنان في ضوء خطط مؤتمر سيدر..
محاكمة الرؤساء والوزراء
وسط ذلك، يرأس الرئيس نبيه برّي بعد ظهر الخميس المقبل اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس للبحث في مواعيد الجلسات التشريعية ومحاسبة الحكومة، التي تقرر ان تعقد ابتداءً من الأسبوع المقبل، وفق ما كان أعلن في جلسات الثقة، إلى جانب جدول اعمال هذه الجلسات والمواضيع التي ستطرح من مشاريع واقتراحات قوانين.
وعلمت «اللواء» في هذا السياق، ان الرئيس برّي يعتزم ان يدعو المجلس إلى عقد جلسة الأسبوع المقبل تخصص لانتخاب 7 نواب أعضاء في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، على ان يعين مجلس القضاء الأعلى الأعضاء الباقين، وعددهم ثمانية.
وفي تقدير مصادر نيابية، ان تعيين أعضاء هذا المجلس، يفترض ان يكون من ضمن خطوات تصويب المسار الحكومي، والمساعدة في مكافحة الفساد، التي بدأت خطواتها أمس، في اجتماع لجنة المال والموازنة، الذي خصص للاطلاع على تقريري التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية، بالنسبة للتوظيف العشوائي الذي جرى خلافاً للقانون.
وشدّد رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان على أن «المادة 21 من سلسلة الرتب تنص على منع جميع انواع التوظيف والتعاقد وعلى اجراء الحكومة مسح شامل لملاك الدولة لمعرفة الحاجات وهي لا يجوز ان تكون انتخابية وطائفية وتنفيعة»، ولفت إلى أنه «لمن يسأل عما سنفعله نقول اذا كان التعيين مخالفاً للقانون فهو يعتبر غير نافذ».
وأوضح كنعان أن «عدد المفتشين الماليين في كل لبنان للتفتيش المركزي لا يتجاوز العشرة فهل يجوز ذلك؟ والمطلوب تفعيل اجهزة الرقابة وان تعطى الصلاحيات للقيام بدورها»، مشيراً إلى أن «التقرير النهائي للتفتيش المركزي يتحدث عن 4695 موظفاً من آب 2017 وحتى اليوم».
تزامناً كشف عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله عن وجود «فوضى منظمة ومتعمدة كي تضيع الحسابات والاموال، وهناك مستندات مفقودة ضائعة او ضيعت عن قصد، أخفيت معلومات اساسية عن الايرادات والنفقات، الارقام غير متطابقة والقيود فيها اخطاء لا تحصى وجميع الحسابات فيها مخالفات كثيرة ومشاكل خطيرة، وهو ما يدعو الى طرح اسئلة عن مصير الاف مليارات الليرات اللبنانية من الهبات والسلفات والقروض وغيرها من الحسابات، ومن بين هذه الاموال الـ 11 مليار دولار».
وقال في مؤتمر صحافي امس: «ما سأطرحه من معطيات وارقام واردة في مستندات ووثائق رسمية اذا سلكت المسار القانوني الصحيح فستؤدي الى محاسبة رؤوس كبيرة لا تزال في الحياة السياسية اللبنانية».
وتمنى ان لا يلقى هذا الملف ما لقيه ملف الانترنت. وسأل: «نريد ان نعرف لماذا مثلا 7 أو 8 مرات تقيد هذه الحوالة ثم تلغى، وتعطى رقما مختلفا، ما يعني ان الحوالة صدرت 8 مرات، فإذا مئة مليون تريد وزارة المالية ان تصرفها، فقد اصبحت 800 مليون».
وكشف فضل الله انه أبلغ القاضي إبراهيم انه سيسلمه ما لديه من مستندات مرتبطة بملف حسابات الدولة ليباشر الأخير تحقيقاته ويكشف حقائق الملف كاملة..
ولفت القاضي إبراهيم ان كلام النائب فضل الله أصبح إخباراً، وهناك جوّ جديد في البلد بمحاربة الفساد.
مجلس الوزراء
وسط ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسة عند الساعة 11.00 قبل ظهر الخميس المقبل، بعد عودة الرئيس الحريري مساء أمس من شرم الشيخ، وسط أجواء وصفتها مصادر رسمية مطلعة عن قرب بأنها إيجابية، نتيجة المواقف والاتصالات التي تلت الجلسة الماضية، التي يفترض ان يكون قد ساهم فيها الرئيس الحريري مع الوزراء المرافقين إلى قمّة شرم الشيخ العربية – الاوروبية: علي حسن خليل وجبران باسيل ووائل أبو فاعور الذين يشكلون بقواهم السياسية، حسب المصادر- أكثر من نصف مجلس الوزراء.
وتوقعت المصادر ان تمر الجلسة اذا انعقدت بشكل هادئ ولو تخللها نقاش سياسي مضبوط تحت سقف التهدئة، نظرا لإصرار رئيسي الجمهورية والحكومة ومعظم القوى السياسية على الانصراف للبحث في الملفات الاساسية التي تعمل عليها الحكومة والتي تضمنها البيان الوزاري.
وافادت مصادر وزارية لـ«اللواء» انه حتى الآن لم تتضح الصورة عن امكانية طرح ملف التعيينات في مجلس الوزراء هذا الخميس.
ولفتت الى ان اليوم يوزع جدول اعمال المجلس مؤكدة ان هناك نوعا من التوافق على ان يخصص القسم الاول لبنود جدول الاعمال في حين تترك السياسة الى ما بعد مناقشة البنود واقرارها.
واكدت المصادر ان الخضة التي اصابت الجلسة الماضية يفترض بها الا تتكرر في هذه الجلسة حتى وان اتصل الامر بملف اخر خلافي. ولم يعرف ما اذا كانت الجلسة ستعقد في قصر بعبدا او السراي الحكومي.
وفي هذا الصدد، قالت مصادرقيادية في تيار المستقبل لـ«اللواء»: ان التهدئة مطلوبة من الجميع من اجل مناقشة واقرار المواضيع المتعلقة بالاوضاع الاقتصادية والمالية والاستثمارية والاصلاحية والمعيشية ومشاريع البنى التحتية التي اقرها مؤتمر «سيدر». مشيرة الى ان الفرصة متاحة الان للاستفادة منها لإنجاز هذه القضايا حتى لا يذهب البلد اكثر الى الانهيار. 
واكدت المصادر ان النقاش متاح في مجلس الوزراء للقوى السياسية التي يوجد لديها تحفظات او اعتراضات على خطط الحكومة المتعلقة بمؤتمر «سيدر»، لكن المطلوب عدم الاستغراق في السجالات السياسية التي لا طائل منها غير توتير الاجواء. واوضحت ان الخطط الاصلاحية الموضوعة ستعرض على مجلس الوزراء لاتخاذ القرارات فيها واحالة ما يجب منها الى مجلس النواب لدرسها واقرارها بقوانين. لذلك لا داعي للسجالات ولو اننا اصبحنا معتادين عليها في لبنان.
بدوره، اكد وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيوميجيان لـ«اللواء» ان وزراء «القوات اللبنانية» يذهبون الى الجلسة «بنفس ايجابي لا لفتح معارك وهمية او شعبوية»، وقال: يبدو ان الاجواء ايجابية وتميل الى التهدئة حتى بيننا وبين «التيار الوطني الحر»، لكن اذا طرحت اي خطة اوافكار حول موضوع النازحين السوريين سنناقشها بالتأكيد ونطرح رأينا فيها وبغيرها من مواضيع، بموضوعية وهدوء حسب جدول الاعمال. ولكن ليس بالضرورة ان نفتح نحن السجال السياسي فهناك رغبة عند الجميع بالتهدئة والانتاجية في الحكومة، ونحن على موقفنا السياسي بالجوهر ولكن لا نية لدينا لتوتير الاجواء، وكل ما طرحناه اننا لو اختلفنا بالسياسة فلنركز على انتشال الوضع الداخلي ولا نقوم بأي خرق لمبدأ الناي بالنفس في الموضوع السوري».
موغريني في بيروت
ومن المقرّر ان يلتقي اليوم رئيس الجمهورية الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، وستحضر في المباحثات معها ملفات متعددة منها ملف النازحين السوريين، واولويات الحكومة الجديدة بعد تشكيلها وملفات أخرى.
وكانت السيدة موغريني، التي وصلت إلى بيروت على متن طائرة الرئيس الحريري من شرم الشيخ، حيث تفتتح سفارة الاتحاد الأوروبي اليوم، على ان يستقبلها الرئيس الحريري عند الساعة الواحدة ظهراً، قد اجتمعت مع الوزير باسيل في مكتبه في الخارجية في حضور وزير الدولة لشؤون  التجارة الدولية حسن مراد وسفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن وكبار موظفي الخارجية، وتركز البحث على ملف النازحين، والعلاقة بين لبنان والاتحاد الأوروبي في المجالات الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية.
وأوضحت موغريني انها بحثت مع الوزير باسيل في الوضع في سوريا والتحضيرات لاجتماع بروكسل منتصف آذار المقبل، ودعم عمل المبعوث الدولي الجديد إلى سوريا غير بيدرسون، وكذلك سبل المساعدة في تطبيق القرار 2254 بكامله والذي يُشكّل بوصلة العمل الذي نقوم به لمساعدة السوريين على إنهاء الحرب وتوفير الظروف للعودة الآمنة والطوعية والكريمة.
أما باسيل فأشار إلى انه لمس تفهماً لموقف لبنان في موضوع النازحين، على أن يكون الحل الدائم هو بالعودة الآمنة والكريمة.
الحريري في شرم الشيخ
وكانت السيدة موغريني رافقت الرئيس الحريري على متن طائرته، في طريق عودته إلى بيروت من شرم الشيخ، حيث شارك في أعمال القمة العربية- الأوروبية، والتقى على هامشها عدداً من الرؤساء والقادة والوزراء العرب والاوروبيين، وكانت له كلمة في جلسة العمل المغلقة التي انعقدت قبل اختتام أعمال المؤتمر، لفت فيها انتباه الحاضرين إلى ان لبنان يمثل نموذجاً متقدماً للتفاعل بين أوروبا والعالم العربي، بكل مضامينه الثقافية والتعددية والاقتصادية، ولطالما اعتبرنا انفسنا بوابة العرب على القارة الأوروبية، وبوابة أوروبا الى العالم العربي». مشدداً علىان لبنان متمسك بالاعتدال الذي كان طريقة في مواجهة الأزمات والإرهاب والفتنة والفوضى»، لكنه أشار الى ان لبنان يستضيف ما يقارب مليوني نازح ولاجئ، معظمهم من النازحين الهاربين من سوريا، وانه يضع كل امكانياته لحلها، داعياً إلى مضاعفة الجهود الدولية لتأمين عودة النازحين إلى بلادهم بصورة آمنة وكريمة، بما ينسجم مع المبادئ والقوانين الدولية، وبما يكفل احترام سيادة الدول المضيفة وقوانينها. وختم مشدداً على المضي قدماً في إصلاحات مؤتمر «سيدر» وتطوير القوانين وتحسين مناخ العمل، متطلعاً بأن يكون الجميع شركاء فعليين مع لبنان حكومات وقطاعاً خاصاً، مؤكداً ان لبنان سيشهد في المرحلة المقبلة نهضة اقتصادية واستثمارية حقيقية.
والتقى الحريري، على هامش القمة، أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وملك البحرين حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ورئيس قبرص ورئيس وزراء اليونان، وأنهى هذه اللقاءات باجتماع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حضور الوفد اللبناني المرافق، كشف بعده ان كل القادة الأوروبيين الذين التقاهم جددوا تأكيدهم على مؤتمر «سيدر» ودعمهم للبنان وتطوير العلاقة معه. واصفاً لقاءاته بأنها كانت «ناجحة» مبدياً اعتقاده بأن العرب والاوروبيين يمكنهم ان يكونوا قوة اقتصادية كبيرة جداً، مشدداً على ان مكافحة الإرهاب يجب ان تكون الأساس، لأن أي اقتصاد يبنى على الاستقرار والأمن، وما يقوم به الارهابيون هو ضرب للاستقرار والأمن.
الحظر البريطاني
في هذا الوقت، برز تطوّر لافت في الموقف البريطاني من «حزب الله» ستكون له تداعيات على الصعيد اللبناني، حيث أعلن وزير الداخلية البريطاني ساجد جافيد، ان الحكومة البريطانية تستعد لطرح مسودة قرار في البرلمان، يقضي بحظر «حزب الله» بشكل كامل، بما في ذلك جناحه السياسي، إلى جانب جماعات أخرى تصنفها كأرهابية، معتبراً ان «الحزب يواصل محاولاته لضرب الاستقرار الهش في الشرق الاوسط»، وان بريطانيا لم تعد تميز بين جناح «حزب الله» العسكري المحظور بالفعل وحزبه السياسي»، وهو ما أكّد عليه ايضا وزير الخارجية جيريمي هانت، الذي قال بدوره انه «من الواضح ان التمييز بين الجناحين العسكري والسياسي لحزب الله لم يعد موجوداً».
وفيما لاحظت وكالة «رويترز» ان الخطوة البريطانية بحاجة للمصادقة عليها من قبل البرلمان، ما يزيد من احتمالية الاعتراض عليها من قبل جيرمي كوربين، عضو البرلمان البريطاني وزعيم حزب العمال المعارض، الذي أشار من قبل إلى أفراد الحزب على انهم «اصدقاء»، برز موقف فرنسي حيال «حزب الله» أعلنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي برهم صالح، حيث قال ماكرون، في معرض تعليقه على مسودة القرار البريطاني: «لدينا علاقات مع الجناح السياسي لحزب الله الممثل في الحكومة اللبنانية»، معتبرا انه «لا يُمكن لأي دولة ان تضع حزباً لبنانيا ممثلاً في الحكومة على قائمة الارهاب»..
وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن «الولايات المتحدة تبارك القرار البريطاني بشأن «حزب الله». وقال عبر «تويتر»: «هذه المجموعة الإرهابية التي ترعاها إيران، يداها ملطخة بالدماء الأميركية وتواصل التدبير لهجمات في الشرق الأوسط». وأضاف: «الجهود الأوروبية والعالمية لمواجهة إيران في نمو مستمر».
وفيما لم يصدر أي ردّ فعل من «حزب الله» على الخطوة البريطانية، سارعت إسرائيل إلى شكر الوزير جاويد وحثت الاتحاد الأوروبي على أن يحذو حذو بريطانيا.
وقال وزير الأمن الإسرائيلي جلعاد إردان في تغريدة على تويتر «على كل من يرغبون حقا في مكافحة الإرهاب أن يرفضوا التمييز الزائف بين الأجنحة «العسكرية والسياسية». وأضاف «حان الوقت الآن لأن يتبع الاتحاد الأوروبي النهج نفسه!».
وكتب وزير الخارجية الاسرائيلي اسرائيل كاتس على تويتر «أود أن اشيد بالحكومة البريطانية على قرارها اعتبار حزب الله بأكمله منظمة إرهابية». واضاف «في اجتماعي المقبل مع الأمين العام للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع القادم، سأؤكد على أن مؤسسات الأمم المتحدة يجب أن تتخذ قرارا مماثلا». وقال سفير إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون (أ.ف.ب) ان «التفريق بين الجناح السياسي والمسلح لحزب الله هو تفريق زائف ومصطنع».
اهتمام لبناني
وبطبيعة الحال، استأثر القرار البريطاني باهتمام سياسي لافت لبنانياً وكان موضع تعليقات، أبرزها من الرئيس الحريري الذي قال في شرم الشيخ، رداً على سؤال لقناة DMC المصرية: «ان بريطانيا تضع في الأساس الجناح العسكري لـ«حزب الله» على قائمة الإرهاب، والآن قد تكون اضافت الجناح السياسي، ونحن نرى ان هذا الأمر يخص بريطانيا وليس لبنان، وما يهمنا هو الا تتضرر العلاقة بيننا، ونتمنى ان ينظروا إلى لبنان كلبنان وشعبه».
وحضر الموضوع كذلك، في صلب المحادثات التي أجرتها الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني مساء أمس مع وزير الخارجية جبران باسيل، الذي رأى ان تصنيف «حزب الله» بالارهابي من قبل بريطانيا لن يكون له اثر سلبي على لبنان، وهو أمر اعتدنا عليه من الدول الأخرى»، لافتاً إلى ان بريطانيا أبلغت لبنان الحرص على العلاقات الثنائية.
وقال: «لو وقف العالم بأجمعه وقال ان المقاومة إرهاب، فهو لا يجعل منها ارهاباً بالنسبة إلى اللبنانيين، وطالما ان الأرض محتلة، تبقى المقاومة محتضنة من مؤسسات الدولة وكل الشعب اللبناني».
اما موغريني فقد اعتبرت الموقف البريطاني بشأن «حزب الله» شأنا سيادياً خاصاً بها، ولا يؤثر على موقف الاتحاد الأوروبي تجاه الحزب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

البناء
الخامنئي يستقبل الأسد كبطل للعالم العربي بحضور سليماني… لقرارات مفصلية 
بريطانيا لتصنيف حزب الله إرهابياً… الحريري: لا يعنينا… وباسيل: ستبقى مقاومة 
كنعان وفضل الله من مجلس النواب لملاحقة الهدر في المال العام والتوظيف من خارج القانون
 
مع اقتراب الكثير من ملفات المنطقة إلى اللحظات الحاسمة جاء لقاء القمة الذي جمع الرئيس السوري بشار الأسد ومرشد الجمهورية الإسلامية في إيران الإمام علي الخامنئي، ليضع النقاط على الحروف بين سطور الكلمات المتبادلة، التي تعبّر عن وجهة الأيام الآتية.
الموعد الذي تبلّغه العراقيون للانسحاب الأميركي هو شهر آذار، وما قيل عن بقاء مئات من الأميركيين بعدها يحتمل قراراً أميركياً بإشاعة الفوضى بانسحاب مفاجئ أو بتلاعب بالأطراف الحاضرة على ساحة المنطقة كحال الجماعات الكردية والقيادة التركية الذين لا زالوا يصغون لما تقوله لهم واشنطن ويقعون في رهانات وأوهام على أساسها. والموعد الذي حددته إيران للبتّ بمصير التعامل مع التفاهم النووي في ضوء مدى تحقيق الآلية الأوروبية المالية لمقتضيات ما نص عليه التفاهم من معاملات تجارية طبيعية، يقترب مع شهر آذار أيضاً، ومصير إدلب وفقاً لقمم طهران وسوتشي صار على المحك في ضوء الفشل التركي في تنفيذ الالتزامات من جهة، وسيطرة جبهة النصرة على مواقع الجماعات المدعومة من تركيا من جهة مقابلة، والعدوانية الإسرائيلية على سورية ومواقع قوى المقاومة وإيران فيها بلغ مرحلة تضع على الطاولة قبيل زيارة رئيس حكومة الاحتلال إلى موسكو ولقائه الرئيس الروسي، ورقة قوة سورية إيرانية لتشكل أساس التفاوض الروسي مع كيان الاحتلال، وكلها ملفات كانت حاضرة في لقاء القمة الذي كان لافتاً أن يكون الشريك الثالث فيه الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وشريك الرئيس الأسد والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حرب السنوات الماضية وما تحقق خلالها من انتصارات، كما كان لافتاً تزامن الزيارة مع استقالة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف وإعلان رئيس الجمهورية حسن روحاني قبول استقالته، في خطوة ربطتها مصادر متابعة بالمسار الذي سلكته المفاوضات الإيرانية الأوروبية وبلوغها نتائج غير مرضية لإيران، تمهيداً لقرارات مفصليّة بحجم العودة للتخصيب المرتفع لليورانيوم، وإغلاق مضيق هرمز، وكان لافتاً أكثر شكل التخاطب الذي تعمّده الإمام الخامنئي مع الرئيس الأسد بصفته بطل العالم العربي، في إشارة قرأتها مصادر متابعة على مكانة البطولة والشجاعة في ملفات المرحلة المقبلة.
بالتزامن جاء الإعلان البريطاني عن نية وضع حزب الله على لوائح الإرهاب، وليس جناحه العسكري فقط، تعبيراً عن هذا التجاذب العالي التوتر الذي تشهده المنطقة ويسجل تراجعاً في فرص التسويات، حيث يكون أمن إسرائيل على الطاولة، والرسالة البريطانية التي رفضت فرنسا مجاراتها، ومثلها الاتحاد الأوروبي تركت لبنانياً مناخات إيجابية، بالمواقف التي عبرت عن تماسك داخلي لبناني أراد الموقف البريطاني التلاعب به، فقال رئيس الحكومة سعد الحريري، إن الموقف البريطاني يخصّهم هم ولا يعنينا نحن، بينما قال وزير الخارجية جبران باسيل إن المقاومة ستبقى بالنسبة لنا مقاومة شريفة وشرعية ولو صنّفها العالم كله إرهاباً.
على المستوى الداخلي اللبناني حضرت في مجلس النواب ملفات مكافحة الفساد، حيث تزامن اجتماع لجنة المال والموازنة للنظر في ملفات التوظيف من خارج القانون مع المؤتمر الصحافي للنائب حسن فضل الله المخصص للحديث عن مكامن الهدر والفوضى والضياع في احتساب وتدوين وتوثيق مداخيل الدولة والهبات التي وردتها، متحدثاً عن رؤوس كبيرة ستسقط عندما تكشف التفاصيل قريباً. وجاء كلام النائب إبراهيم كنعان عن الحسم في متابعة ملف التوظيف ملاقياً لكلام فضل الله عن العزم في السير حتى النهاية في متابعة الهدر والفساد في ملفات المال العام.
فضل الله توعّد رؤوس الفساد…
بينما حمل مطلع الأسبوع جملة تطورات سياسية من شرم الشيخ، حيث انعقاد القمة العربية الأوروبية والتي يشارك فيها لبنان الى بريطانيا التي أعلنت عن قرار مرتقب بتصنيف الجناح السياسي لحزب الله على قائمة الإرهاب، الى زحمة الموفدين الدوليين الى لبنان، كانت ساحة النجمة نجمة الأحداث، مع انطلاق جلسات لجنة المال والموازنة الأسبوعية لتحديد المسؤوليات في ملف التوظيف العشوائي الى جانب ما أعلنه عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله بوجود مستندات رسمية تدين رؤوس سياسية كبيرة بالفساد.
وناقشت لجنة المال في جلستها الأولى لهذا الأسبوع، تقريري التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية بشأن التوظيف والتعاقد في القطاع العام خلافاً لقانون سلسلة الرتب والرواتب. وبعد الاجتماع، أوضح النائب إبراهيم كنعان ان «التقرير النهائي للتفتيش المركزي يتحدّث عن 4695 موظفاً من آب 2017 وحتى اليوم»، معتبراً «أن التعاقد الذي حصل يمكن ايقافه لأنه لا يعطي صفة دائمة للموظفين الذين جرى إدخالهم». وقال: «سنذهب بملف التوظيف حتى النهاية وسنطبق كل ما يجيزه لنا القانون، وهناك مسؤولية على الكتل فلا يمكن ان ترفع شعار الاصلاح وتغطي في الوقت عينه من يخالفه».
بدوره لفت فضل الله الى ان «هناك مستندات رسمية إن سلكت مسارها القانوني الصحيح فستتم محاسبة رؤوس كبيرة تمارس السياسة حتى اليوم». وكشف خلال مؤتمر صحافي في المجلس أن «هناك الآلاف من المستندات الموجودة في وزارة المالية وقد أبلغنا وزير المال أنها ستحول الى ديوان المحاسبة». وفي مسألة الهبات التي جاءت بعد حرب تموز، وأشار غامزاً من قناة الرئيس السابق فؤاد السنيورة دون ان يسميه، الى أنها «تكفي لإصلاح أضرار الحرب وتنفيذ جزء من البنى التحتية». متهماً القضاء بتضييع بعض ملفات الفساد محذّراً أنه «إذا وجدنا تقاعساً من القضاء فسنقدم الملفات الى محكمة الرأي العام والإعلاميين».
ولاحقاً قال النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم إن كلام فضل الله أصبح إخباراً وهناك جو جديد في البلد في محاربة الفساد.
هجمة ثلاثيّة على حزب الله
وفي غمرة انخراط حزب الله في الحرب على الفساد ودخوله في العملية الإصلاحية للدولة، وفي ظل تصاعد الصراع بين المحورين الأميركي الخليجي الإسرائيلي والإيراني السوري وحركات المقاومة والمدعوم من روسيا، وتزامناً مع إعلان مستشار الرئيس الاميركي الخطة الأميركية لـ»السلام» بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وما سبقه من لقاءات عربية إسرائيلية في إطار مشروع التطبيع، أعلن وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد أن «بلاده تستعد لحظر الجناح السياسي لحزب الله»، بحجة أن الحزب يقوّض السلام في المنطقة. غير أن القرار رهن موافقة البرلمان في ظل اعتراض أحزاب بريطانية معارضة له.
وعقب القرار انطلقت هجمة دبلوماسية ثلاثية أميركية بريطانية إسرائيلية منسقة على حزب الله، وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو: «هذه المجموعة الإرهابية التي ترعاها إيران أيديها ملطخة بالدماء الأميركية وتستمرّ بتخطيط وتنفيذ هجمات في الشرق الأوسط وأوروبا وحول العالم».
وفي تأكيد على الدور الإسرائيلي في خلفيات الخطوة البريطانية، سارعت «إسرائيل» الى الترحيب به، وطالب وزير أمنها الداخلي جلعاد أردان الاتحاد الأوروبي أن يحذو حذو لندن.
أما تداعيات القرار إن وافق البرلمان البريطاني عليه فسيطرح إشكالية هي نظرة بريطانيا للحكومة اللبنانية التي يشارك فيها حزب الله! ما قد يهدّد العلاقات بين بيروت ولندن. إلا أن وزير الخارجية جبران باسيل كشف أن «بريطانيا أبلغت لبنان الحرص على العلاقات الثنائية».
وبعد لقائه الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني في وزارة الخارجية، أشار باسيل الى أن القرار لن يكون له أثر سلبي على لبنان، وهو امر اعتدنا عليه من الدول الأخرى»، وشدّد على ان «لو وقف العالم بأجمعه وقال إن المقاومة إرهاب، فهذا لا يجعل منها إرهاباً بالنسبة إلى اللبنانيين»، مؤكداً أن «طالما أنّ الأرض محتلة تبقى المقاومة محتضنة من مؤسسات الدولة وكلّ الشعب اللبناني».
من جهتها، أكدت موغريني أن «موقف بريطانيا بشأن حزب الله هو شأن سيادي خاص بها ولا يؤثر على موقف الاتحاد الاوروبي تجاه الحزب».
موقف عكس تمايزاً عن الموقف الأميركي من جهة وبين دول الاتحاد الأوروبي نفسها من جهة ثانية، وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه «لدينا علاقات مع الجناح السياسي لحزب الله الممثل بالحكومة اللبنانية»، معتبراً أنه «لا يمكن لأي دولة أن تضع حزباً لبنانياً ممثلاً بالحكومة على قائمة الإرهاب»، موضحاً خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس العراقي برهم صالح، أن «فرنسا تفرّق بين الفرع السياسي لحزب الله الذي يمكن التواصل معه والفرع العسكري».
وحاول وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت التخفيف من وطأة القرار، وأعلن «أننا داعمون لاستقرار لبنان لكن لا نتهاون بما يتعلق بالإرهاب»، لافتاً إلى أن «حظر حزب الله رسالة بأن زعزعته لاستقرار المنطقة غير مقبولة».
وإذ لم يصدر موقف من حزب الله، رأى الرئيس الحريري، بأن موضوع حزب الله شأن داخلي والقرار البريطاني لا يعنينا. وإذ رحبت مصادر حزب الله بالمواقف اللبنانية الرافضة للقرار، وضعت هذه الخطوة البريطانية في إطار مسار تصاعدي من العقوبات المالية والسياسية بالتزامن مع محاولات فرض التطبيع وخنق حركات المقاومة، وقالت المصادر لـ»البناء» إن «القرار لن يؤثر في حزب الله ولا في مشاركته في الحكومة ولا يعدو كونه تصعيداً إعلامياً»، مثنية على الموقف اللبناني الرسمي الداعم للمقاومة وعدم توتير الأجواء الداخلية والمس بالاستقرار»، مشيرة الى أن «موازين القوى في المنطقة وفي لبنان لم تعُدْ تسمح للقوى الخارجية بالتأثير في المعادلة اللبنانية كما في السابق».
أهداف خفيّة لزحمة الموفدين…
أما اللافت فهو زحمة الموفدين الدوليين الوافدين الى لبنان عقب تأليف الحكومة والعجلة الخارجية لتنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر»، فبالتأكيد ليس كرمى لعيون لبنان واللبنانيين ما يعزّز المخاوف بوجود أهداف ومصالح خارجية خفيّة مالية وسياسية وربما أمنية مستقبلاً، أهمها إدماج النازحين السوريين في سوق العمل اللبناني تمهيداً لتوطينهم أو ما يُسمّى «التوطين المبطن». وهذا ما يُفسر التصدي الشرس لبعض الجهات الداخلية المرتبطة بمنظومة المصالح الاميركية الغربية لمساعي رئيس الجمهورية ميشال عون وقوى 8 آذار في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة بالتواصل مع الدولة السورية لإعادة النازحين الى بلدهم، ما يجعل هذه الأطراف وعلى رأسها القوات اللبنانية شريكة في مؤامرة الدمج والتوطين، وبالتالي التآمر على الوطن.
وفي سياق ذلك، نقلت أوساط بعبدا عن رئيس الجمهورية لـ»البناء» ارتياحه لعودة انطلاق المؤسسات بالعمل لا سيما مجلسي النواب والوزراء لمواجهة الملفات الداهمة رغم محاولات بعض الأطراف عرقلة إنجاز بعض الملفات الاساسية كملف النازحين، كما نقلت المصادر عن عون «أن أحداً لن يتمكن من إيقاف عملية النهوض والإصلاح ومكافحة الفساد وبناء الدولة»، وعن ملف النازحين لفتت الى أن «عون استشعر خطراً كبيراً على الأمن القومي والاقتصادي والاجتماعي اللبناني جراء بقاء مليون ونصف مليون نازح سوري موزعين في مختلف الأراضي اللبنانية، وأنّ الرئيس انطلق في مقاربته الطويلة في مجلس الوزراء، من حقه كرئيس للدولة والذي يقسم اليمين على الدستور ومن البيان الوزاري الذي نص بوضوح على إنجاز هذا الملف»، مشيرة الى أن «لا مواقف البعض ولا الضغوط الدولية ستلجم الاندفاعة الرئاسية، فهذا شأن سيادي ومصلحي لبناني ولن يسمح عون بالتوطين ولا بالتقسيم»، وأكدت أن «رئيس الجمهورية تلقى تأكيدات من القيادة السورية عبر موفدين بأنها مستعدة للتعاون بكافة الصعد لتأمين عودة النازحين وأن ذلك يندرج في إطار مهماتها الاساسية الى جانب حفظ الأمن في مختلف المناطق السورية».
وفيما تواردت الى مسامع الرئيس عون الى أن وزراء القوات سيعيدون الكرة بالاعتراض في مجلس الوزراء على أي محاولة للتطبيع مع النظام السوري، أكدت المصادر أن «الرئيس عون سيتصدّى بكافة الوسائل لهذه المحاولات وسيتعامل بالحزم نفسه ولن يسمح بعرقلة خطة الحكومة لإعادة النازحين من ضمنها اللجوء الى عرض الأمر على التصويت».
وفي معرض ردّها على المقاربة القواتية، أوضحت مصادر التيار الحر لـ»البناء» الى أن «النظام السوري لا ينتظر التطبيع مع لبنان لفك عزلته الدولية، فهو يشارك في جميع الاجتماعات في المحافل الدولية»، مضيفة: «هناك سفارات بين البلدين ووزير للنازحين معين بموافقة رئيس الحكومة وهناك المجلس الأعلى اللبناني السوري ويتم التنسيق مع سورية عبر هذه المؤسسات، مذكرة بتعيين سفير لبناني في دمشق خلال حكومة الحريري الأولى في عهد الرئيس عون». وتضيف مصادر التيار لماذا يحق لدول أخرى التطبيع مع النظام خدمة لمصالحها ويمنع ذلك على لبنان؟ وأكدت أن «الرئيس عون والتيار الحر لن يقبلا بأية شروط سياسية مقابل الدعم المالي الدولي للبنان»، متخوفة من «استخدام الأموال لفرض توطين النازحين»، وتشير الى أن «خطر النازحين لا يقتصر على فئات لبنانية معينة والتيار لا يقاربه من منطلق طائفي، بل من أن الخطر يهدد المصالح الاقتصادية لمختلف الفئات اللبنانية داعية الى تطبيق القوانين اللبنانية على النازحين لناحية الحصول على الإقامات وإجازات العمل وأنواعه».
وكشفت مصادر عاملة على خط بيروت – موسكو لـ»البناء» عن «اجتماع حصل في موسكو منذ أيام جمع ممثلي دول مصرية والأردن والعراق وبعض دول الخليج بحضور ممثلة سورية الدكتورة بثينة شعبان لبحث أزمة النزوح السوري في المنطقة والتنسيق بين هذه الدول لمعالجتها»، ولفتت الى أن «روسيا جدّدت خلال الاجتماع استعدادها لأداء دور هام في الملف عبر تأمين الضمانات والتطمينات اللازمة لعودة النازحين والتنسيق مع الحكومة السورية وتأمين ممرات إنسانية ومراكز إيواء»، مشيرة الى أن «العمل جارٍ لإيجاد صيغة لضمان وصول المساعدات الدولية الى النازحين السوريين بعد عودتهم الى سورية». وتتحدّث المصادر عن أن «ورقة الحكومة اللبنانية قيد الإعداد التي تحدث عنها الوزير صالح الغريب تتكامل مع المبادرة الروسية»، وتميّز بين أنواع عدة من السوريين في لبنان منهم الهاربون من السجون السورية ومن الخدمة العسكرية الإجبارية والرئيس بشار الأسد أصدر قانون عفو في هذا الصدد، لكن لبنان لا يمكنه فرض شروط على سورية وطبيعة القوانين فيها».
ودعا الحريري في كلمته أمام القمة العربية – الأوروبية في شرم الشيخ، الى «مضاعفة الجهود الدولية لتأمين عودة النازحين إلى بلادهم، بصورة آمنة وكريمة، بما ينسجم مع المبادئ والقوانين الدولية وبما يكفل سيادة الدول المضيفة وقوانينها».
وفي حين تجري ممثلة الاتحاد الاوروبي محادثات في بيروت، يصلها غداً المنسق الفرنسي لمؤتمر «سيدر» السفير بيار دوكان للتحضير لبدء ورشة تنفيذه.
«التشاوري»: قرار الدستوري سرقة موصوفة
في غضون ذلك، وبعد قرار المجلس الدستوري إبطال نيابة ديما جمالي، تستعد مدينة طرابلس لمعركة انتخابية، وإذ لم تعلن لائحة الكرامة الوطنية ترشيح أحد حتى الآن، أعلن الأمين العام لتيار المستقبل احمد الحريري ان «الماكينة الانتخابية للتيار بدأت العمل تحضيراً للانتخابات الفرعية»، وأكد إمكانية التحالف مع الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق محمد الصفدي، فيما يعتزم نائب المستقبل محمد كبارة تقديم استقالته من المجلس وترشيح ابنه مكانه، فيما قالت مصادر ميقاتي إنه لم يتخذ قراراً نهائياً بتأييد مرشح الحريري بانتظار تبلور المشهد الانتخابي كاملاً خلال الأسابيع القليلة المقبلة ومواقف وتحركات باقي الأطراف على هذا الصعيد.
من جهته، رأى اللقاء التشاوري في أول اجتماعاته بعد نيل الحكومة الثقة، أن قرار الدستوري هو سرقة موصوفة، «لأن اعتبار الفارق لا يعوّل عليه لإعلان فوز المرشح عن لائحة الكرامة الوطنية طه ناجي هو مخالف لكل المعايير المنطقية والقانونية، علماً بأن فلسفة قانون النسبية تقوم على اعتماد فلسفة الحواصل الانتخابية والكسر الانتخابي مهما بلغت نتيجة هذا الكسر، وبالتالي فإن هذا القرار يشكّل سابقة خطرة في تاريخ المجلس الدستوري وهيبته ومرجعيته».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأخبار
حسابات الدولة: الملف لن يُقفَل!
بريطانيا تعلن «الجناح السياسي» لحزب الله «تنظيماً إرهابياً»: لبنان أرض معادية!
لندن نحو تصنيف حزب الله «منظمة إرهابية»: تلاحم بريطاني ــ أميركي ــ إسرائيلي ولهاث خلف الأموال السعودية!

في زحمة الملفات التي تضغط بثقلها على الحكومة بدأت تتضح فصول أكبر عملية فساد ونهب تعرّضت لها الدولة اللبنانية منذ العام 1993. فالحسابات التي بدأت لجنة المال والموازنة النيابية العمل عليها عام 2010، أعادت تكوينها وتوثيق مخالفاتها وزارة المالية في جهد استمر ٤ سنوات تم خلالها إنجاز «حسابات الدولة» منذ عام 1993، مع ما تتضمنه من مُخالفات، لا يبدو أنّها ستنام في الأدراج. إذ يستمر الضغط بهدف فضح كل تفاصيلها والدفع باتجاه تحويلها إلى القضاء لمحاسبة المتورطين. فقد كشف النائب حسن فضل الله أمس، في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب عن «مستندات ووثائق رسمية، إن سلكت مسارها القانوني، ستؤدي إلى محاسبة رؤوس كبيرة تمارس السياسة حتى اليوم»، لافتاً إلى أن «هناك الآلاف من المستندات موجودة في وزارة المال». وقال إن «حسابات العام 2010 أظهرت أن الحوالات كانت تقيد ثم تلغى ثم يعاد قيدها والحسابات الدائنة تصبح مديونة وهناك أموال طائلة ضاعت»، مُعتبراً أن «هذا الملف هو واحد من أهم ملفات المال العام في الدولة، فهل يعقل أن حساب مصرف في العام 2006 يتم تصحيحه في العام 2010»؟ كما أعلن فضل الله أن «هناك ملايين الدولارات التي كانت تأتي بشكل هبات بعد حرب تموز، ولكن لا تسجل وفق الأصول بل لحساب الهيئة العليا للإغاثة»، وقال: «من يعرف كيف صرفت هذه الأموال فليقل لنا وليقم القضاء بدوره ومسؤولياته في الدفاع عن المال العام». وأكد أن «الشعب هو من يتحمل المسؤولية لأنه انتخب نواباً سكتوا عن هذه الملفات»، معتبراً أن «هناك فوضى منظمة ومتعمدة لتضييع الأموال».
من جهة أخرى، أعلن رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان تسلّمه «ملف التوظيف، وسيبقى مفتوحاً». وأشار إلى أن «أول ما سنتحقق منه لناحية التوظيف ما بعد العام 2017 هو لحظ الوظيفة في الملاك وشغورها والحاجة إليها وتوفر الاعتماد لها». واعتبر أنه «من غير المقبول أن هناك إدارات ووزارات وبلديات لم تتجاوب مع طلبات أجهزة الرقابة بالحصول على أعداد التوظيفات ما بعد آب 2017»، مشيراً إلى أن «عدد المفتشين الماليين في كل لبنان لا يتجاوز العشرة فهل يجوز ذلك؟». ولفت إلى أن «التقرير النهائي للتفتيش المركزي يتحدث عن 4695 موظفاً من آب 2017 وحتى اليوم».
في سياق آخر، اختتمت القمة العربية – الأوروبية في شرم الشيخ المصرية، تحت عنوان «الاستثمار في الاستقرار». وشارك لبنان في القمة ممثلاً بالرئيس سعد الحريري، الذي تطرق إلى أزمة النازحين السوريين معلناً أن «لبنان يستضيف ما يقارب مليوني لاجئ، معظمهم من النازحين الهاربين من سوريا». ودعا الحريري إلى مضاعفة الجهود الدولية لتأمين عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، بما ينسجم مع المبادئ والقوانين الدولية، وبما يكفل سيادة الدول المضيفة وقوانينها». وكان الحريري واصل لقاءاته في مركز المؤتمرات مع رؤساء الوفود المشاركة في القمة، فيما كان لافتاً عدم الإعلان عن أي لقاء جمعه بالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ولا أي مسؤول سعودي آخر.
وفي إطار المبادرة التي يقوم بها لحلّ ملف المهجرين، زار الوزير غسان عطالله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط في كليمنصو، حيث سمع منه «كلّ الدعم لخطّته». وغرّد جنبلاط عن اللقاء قائلاً إنه «كان ودياً وصريحاً، وكما سبق وذكرت فإنني والحزب الاشتراكي نعلن عن استعدادنا الكامل لكل تعاون معه لختم هذا الملف وفتح صفحة إنماء الجبل بشتى المجالات».
لندن نحو تصنيف حزب الله «منظمة إرهابية»: تلاحم بريطاني ــ أميركي ــ إسرائيلي ولهاث خلف الأموال السعودية!
حسم اليمين البريطاني وجهة المعركة الداخلية والخارجية بانحيازه الكامل لإسرائيل وسعيه لاسترضاء السعودية في عقود التسليح ومشاريع الطاقة النووية. القرار «الدعائي»، لن يؤثّر في المقاومة اللبنانية، وبدل ذلك يطوّق حزب العمال البريطاني ورئيسه جيريمي كوربين، لمصلحة توسّع نفوذ تيار المحافظين من أصدقاء إسرائيل (مقال فراس الشوفي).  
لم يكن مفاجئاً إعلان وزير الداخلية البريطاني ساجيد جافيد، أمس، بإحالة قرار على البرلمان يتبنّى وضع «الجناح السياسي» لحزب الله على لائحة الإرهاب. إذ إن كلّ المعلومات الآتية من لندن، في الأشهر الماضية، أشارت إلى نقاش داخل «الدولة العميقة» حول القرار، بعد اعتبار بريطانيا «الجناح العسكري» للحزب تنظيماً «إرهابياً» في العام 2008.
الإعلان عن مشروع القرار يشير إلى أن الجناح المؤيّد لإسرائيل في النظام البريطاني تمكّن من فرض رؤيته لاعتبارات عدة، أهمها التماهي التام مع موقف العداء الأميركي لحركات المقاومة في المنطقة، وتشديد الحصار على حزب الله (انظر «الأخبار»، 19 تشرين الثاني 2018)، كشكل من أشكال الحرب غير العسكرية، بعد فشل الرهان على إسقاط الدولة السورية ومحور المقاومة بالحرب الدائرة منذ عام 2011. كما أنه، على ما يبدو، انتصار للرؤية التقليدية البريطانية الداعمة لإسرائيل، منذ وعد بلفور الشهير عام 1917، الذي مهّد لتسليم فلسطين للعصابات الصهيونية.
وبدا لافتاً أن الإعلان جاء على لسان جافيد، ولم يصدر عن وزارة الخارجية، التي عاد وأعلن وزيرها جيريمي هانت الموقف نفسه، مضيفاً أن «بريطانيا لا تستطيع السكوت عن نشاط حزب الله».
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن مشروع القانون يمكث على مكتب رئيسة الحكومة تيريزا ماي، على الأقل منذ تشرين الأول الماضي، مدفوعاً من جافيد وتيّار اليمين. إلّا أن ما أخّر إحالته إلى البرلمان كان رفض وزارة الخارجية وجهاز الأمن الخارجي (أم. آي. 6) تحسّباً لرد فعل حزب الله على القرار، وتأثير ذلك في علاقة الحكومة البريطانية بالدولة اللبنانية، طالما أن «حزب الله جزء لا يتجّزأ من الشعب اللبناني وهو عضو فاعل في الحكومة»، على ما تقول مصادر أمنيّة أوروبية متابعة للملفّ.
وجافيد، النائب في البرلمان عن حزب المحافظين الحاكم، بعيداً من حساباته الداخلية المتعلّقة بطموحه الوصول إلى رئاسة الحكومة مستغلّاً ضعف ماي، واحد من أبرز وجوه اللوبي الإسرائيلي – البريطاني المعروف باسم «أصدقاء إسرائيل المحافظون» (CFI). وهذا الأخير، لم يوفّر جهداً في السنوات الماضية، لفرض مصلحة إسرائيل على السياسة الخارجية البريطانية، على مستوى العداء التام لحزب الله وسوريا وإيران، كما أنه لاعب مهم أيضاً في السياسة الداخلية. ويلعب هذا اللوبي مؤخّراً دوراً مهمّاً لتحويل الموقف البريطاني في مسألة الجولان السوري المحتلّ، لجهة نقض القرارات الدولية الداعية لانسحاب إسرائيلي كامل من الهضبة، وتأييد ضمها لإسرائيل. على اعتبار أن بريطانيا ارتكبت خطأً تاريخياً حين رسمت حدود سايكس – بيكو ووضعت الجولان داخل حدود الدولة السورية، بدل ضمّه إلى «فلسطين التاريخية» وتالياً ضمن الكيان العبري.
ليس محسومة بعد، نتيجة التصويت الذي من المفترض أن يجري في البرلمان البريطاني الجمعة المقبل، إلّا أن أكثر من مصدر أوروبي رجّح لـ«الأخبار» أن يتمّ تبنّي القرار. وعزت المصادر ذلك أوّلاً إلى الانشقاقات داخل حزب العمال البريطاني الأسبوع الماضي التي نسّقها «أصدقاء إسرائيل المحافظون» وإعلان النواب المنشقين دعم الحكومة في البرلمان، والحملة التي خيضت ضد رئيسه جيريمي كوربين، واتهامه بـ«معاداة السامية». فضلاً عن رغبة الحزب الحاكم في استرضاء السعودية وولي العهد محمد بن سلمان. وهدف تضمين مشروع وضع حزب الله على لائحة الإرهاب (الجناح السياسي)، جماعتي «أنصار الإسلام» و«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» العاملتين في الغرب الأفريقي، إلى إحراج معارضي القرار وتحميلهم المسؤولية أمام الرأي العام البريطاني. ولا يمكن الفصل بين القرار، وبين زيارة مدير (MI6) أليكس يونغر إلى إسرائيل قبل يومين، ولقائه مدير الموساد يوسي كوهين، بهدف معلن هو البحث في معلومات عن عودة إيران لتخصيب اليورانيوم، فيما تؤكّد مصادر أوروبية لـ«الأخبار» أن الزيارة أحدثت تحوّلاً في موقف يونغر لجهة دعم القرار بدل التحفّظ عليه.
مصادر مقرّبة من حزب الله اعتبرت أنه «ليس هناك من تأثير للقرار على العلاقات مع بريطانيا لأن العلاقات أصلاً مقطوعة منذ سنوات طويلة وهناك مقاطعة متبادلة لأي نشاط أو اتصال». ووصفت القرار بـ«الدعائي، لا يؤثّر فينا، وجاء استرضاءً للأميركيين والسعودية وإسرائيل»، معتبرةً أنه «ربّما يؤّثر في الشكل على داعمي حزب الله في بريطانيا من المواطنين، ولن يتمكّن هؤلاء من الإعلان عن دعمهم للحزب بشكل علني خوفاً من الملاحقة».
ماي أبلغت الحريري نيّة بريطانيا الإعلان عن مشروع القرار مؤكّدة عدم تأثير ذلك في العلاقات بين البلدين!
رئيس الحكومة سعد الحريري أن القرار «يخص بريطانيا ولا يخص لبنان»، مشيراً إلى أن «ما يهمنا هو ألا تتضرر العلاقة بيننا وبين بريطانيا، ونتمنى أن ينظر إلى لبنان كلبنان وشعبه». فيما شدّد وزير الخارجية جبران باسيل على أن «الإعلان لن يكون له أثر سلبي على لبنان وهو أمر اعتدنا عليه من الدول الأخرى»، مضيفاً أنه «لو قال العالم بأجمعه إن المقاومة إرهاب فهذا لا يجعل منها إرهاباً، طالما أن الأرض محتلة تبقى المقاومة محتضنة من مؤسسات الدولة والشعب». وقالت مصادر لبنانية مطلّعة على الملف لـ«الأخبار» إن «ماي أبلغت الحريري أول من أمس في شرم الشيخ أن الإعلان البريطاني سيحصل اليوم (أمس)، بالتزامن مع تبلّغ باسيل الامر نفسه من وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية أليستر بيرغ. وشدد الجانب البريطاني على رغبته بألا يؤثر القرار على العلاقات مع لبنان، وخاصة أن الاتفاقات الثنائية بين البلدين سيُعاد بحث الكثير منها بعد إتمام خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي». ورأت المصادر أن «الموقف غير ذي أهمية، وخاصة أنه يصدر عن بريطانيا الخارجة من الاتحاد الأوروبي، ما يعني أن وزنها أقل ثقلاً مما كان عليه سابقاً». وهذا ما أكّده كلام الممثلة العليا للسياسة الخارجية والامن المشترك في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني التي أبلغت باسيل امس «استمرار الموقف الاوروبي بالفصل بين الجناحين السياسي والعسكري وباعتبار الجناح السياسي ممثلا لشريحة من اللبنانيين ومشاركاً في الحكومة اللبنانية».
مصادر أوروبية دبلوماسية، أضافت عوامل أخرى أثّرت في الإعلان عن هذا المشروع أمس. وأوضحت أن «بريطانيا تتجّه من ضمن خطة بريكسيت نحو سياسة منفصلة عن السياسة الأوروبية، متماهية بشكل كلّي مع السياسة الأميركية، غير آبهة بالمصلحة الأوروبية في ما خصّ السياسة تجاه لبنان، وبسلامة الجنود الأوروبيين الموجودين على الأراضي اللبنانية». والمسألة الثانية، هي السعي البريطاني إلى استجلاب المزيد من الأموال السعودية، للاستثمار في مجالي التسلّح (شراء السعودية أسلحة بريطانية، وبخاصة الطائرات المقاتلة) والطاقة (تمويل إنشاء محطة ضخمة لإنتاج الكهرباء في بريطانيا باستخدام الطاقة النووية).
إلى ممثلي حكومة لندن في لبنان: أنتم في أرض معادية!
من حظنا، نحن العرب، أن طغاة العالم لا يخجلون. ومن حظنا أنهم لا يخفون وجوههم. ومن حظنا، أنه كلما سقط عميل هنا أو هناك، كلما اضطر الاستعمار إلى الظهور علينا بكل ما تحمله صورته من قباحة وإجرام (مقال إبراهيم الأمين).
ومن حظنا نحن، أهل المقاومة، أن نقف مباشرة أمام هذه المجموعة القذرة، وأن نواجههم بلا وكلاء، فيصل السهم مباشرة إلى قلوبهم السوداء. وحيث نكون في قلب المعركة التي تخوضها شعوب العالم ضد ما بقي من هذه الديكتاتورية، وهي نفسها المعركة التي لا يزال حكام بريطانيا يشحذون فيها السكاكين، ولو صاروا مع الوقت، مجرد أدوات عند المعلم الأكبر في أميركا.
ثمة أسباب كثيرة خلف قرار حكومة صاحبة الجلالة باعتبار المقاومة في لبنان حركة إرهابية. بينها الداخلي لمواجهة تعاظم تيار الزعيم العمالي جيريمي كوربين، والذي تجند الجميع ضده. لم يبق أحد في «الدولة العميقة» يقف على الحياد، من الملكة إلى الاستخبارات إلى النواة الصلبة للمسيطرين على اقتصاد السوق، إلى المحافظين بكل تلاوينهم، إلى الميديا البريطانية وقوى النفوذ الخارجية، المتصلة تحديداً بالمصالح الأميركية – الإسرائيلية. كل هؤلاء، لا شغل لهم سوى منع كوربين من الوصول إلى قلب الطاولة على الحكام الحاليين، وسيقومون بكل شيء لإضعافه: تمزيق حزبه، وترهيب الجمهور من حوله. وفي قرار الحكومة بالأمس، بعده الداخلي، المتصل بمنع كوربين وفريقه من التعبير عن الرغبة في بناء سياسة خارجية جديدة، تقوم على مناصرة أصحاب الحقوق في منطقتنا، حيث القهر يأتي حصراً من إسرائيل والسعودية.
لكن مهلاً، ألا يتطلب الأمر السؤال عما نحن فاعلون للرد؟
سيكون من الصعب إقناع الناس بأن بريطانيا هذه، التي تمثل الشر بعينه، تقف اليوم مجدداً على رأس أعداء العرب. وإذا كان بيننا من يريد تجاهل هذا الحدث، والتصرف معه على أنه جزء من «الأمر الواقع العالمي الذي لا مجال لمقاومته»، فهذا يعيدنا من جديد إلى السؤال عن معنى انتظار الإجماع الوطني للدفاع عن أشرف ظاهرة عرفها لبنان منذ إعلانه كياناً.
وهذا يعني أن على ممثلي حكومة صاحبة الجلالة في لبنان، التصرف على أساس أنهم باتوا في أرض معادية. وجودهم غير مرحّب فيه. وأن من يعتقدونه صديقاً يعاونهم، لن يكون حاله أفضل من حال مرتزقتهم في سوريا والعراق واليمن وفلسطين. ومن الضروري لفت انتباه من يهمه الأمر إلى أن حكومة بريطانيا ترعى نشاطاً متنوعاً عندنا، هدفه الوحيد العبث بأمن لبنان ومحيطه. وما على الحكومة اللبنانية إلا التصرف وفق قاعدة جديدة، عنوانها أن حكومة بريطانيا، ومن تلقاء نفسها، ومن دون أي مبررات قانونية أو إنسانية، أعلنت الحرب على قسم كبير من اللبنانيين، وأنها دخلت في مواجهة مع قسم غير قليل من الشعب العربي. وفي هذه الحالة، لا يمكن حكومة لبنان أن تقف مكتوفة الأيدي، وأن تتجاهل حقيقة أن في بيروت اليوم مؤسسات منخرطة في برامج تعاون ذات بُعد أمني وعسكري مع حكومة لندن، وهي برامج تتزامن مع رفع مستوى النشاط الأمني للاستخبارات البريطانية في لبنان، واستخدام بيروت منصة للعمل ضد سوريا والعراق وضد قوى المقاومة في فلسطين.
وللتذكير، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن البريطانيين هم من قرروا ومولوا مشروع نشر أبراج المراقبة على الحدود الشرقية للبنان، على رغم انتفاء الخطر الأمني من الجهتين الشرقية والشمالية، في سياق محاولة لتأبيد العداء بين لبنان وسوريا، والسعي إلى جعل السيطرة على الحدود «أممية» الطابع، ربطاً بالمدى الاستراتيجي للمقاومة في سوريا. ويسعى البريطانيون إلى تحصيل نفوذ كبير داخل الجيش، في إطار سعيهم إلى تغيير عقيدته القتالية مستقبلاً. ويوم 4 تشرين الأول 2018، أعلن السفير البريطاني كريس رامبلينغ أن بريطانيا أتمّت تدريب 10 آلاف جندي لبناني، قائلاً إنهم يشكلون «ثلث القوة المقاتلة في الجيش». واللافت أنه سمح لنفسه بإعلان هذا الرقم الذي لا تعلنه المؤسسة العسكرية. كما أن رجال الاستخبارات البريطانية يتولون إنشاء فرع لـ«إدارة المصادر البشرية» (تجنيد المخبرين وإدارة عملهم) في استخبارات الجيش، وهو سيصبح مستقبلاً الفرع الأكثر أهمية في المديرية. ويتولى ضباط بريطانيون وضع هيكليته وتدريب ضباطه وعناصره… وهذا غيض من فيض العمل الآخر المستمر على بناء منظمات تعمل باسم «المجتمع المدني» وتنتشر كالفطريات في جسم لبنان…
أيها المغفلون، تذكروا جيداً: لم تطل إقامة مستعمر في لبنان، ولم يخرج جيش غاز إلا وسبقته النعوش!

Please follow and like us: