افتتاحيات الصحف اليوم، لم توضح تفاصيل "تسوية" الموازنة التقشفية. لكنها كشفت عن طمع حزبي "المستقبل" و"التيار الوطني" بانتزاع "شقفة" من رواتب موظفي القطاع العام، من مدنيين وعسكريين. وأن قادة هذين الحزبين يرفضون تحميل "ميليشيا المصارف" نذراً قليلاً من أعباء التقشف. وبدأت التحركات الإجتماعية للتو، إذ دعا ضباط متقاعدون العسكريين المتقاعدين ضباطاً ورتباء وأفراد إلى التظاهر وقطع الطرقات ابتداءً من غد في كل لبنان، لا سيما قطع طريق شتورا – بيروت، عند التاسعة والنصف، على ان يصطحب كل متظاهر إطاراً مطاطياً. ورد هؤلاء قائلين : "هل ستحسم المصارف نسبة 35 في المئة من القروض التي استدنَّاها لشراء بيوتنا". في هذه الأثناء، انتهت الإنتخابات "الفرعية" في طرابلس الشام إلى النتيجة المتوقعة مسبقاً. "المستقبل" لم يعد "حزب الزعامة السنية"، بل "الحزب السني الأول". سيحتاج "المستقبل" إلى التحالف مع بقية "الأحزاب السنية" في عاصمة الشمال ليُدْخِل مرشحيه إلى البرلمان في الجولة الإنتخابية القادمة. إلا إذا أُصْلِحَ "النظام الطائفي" قبل ذلك الحين أو أهلكته عثرة مميتة!.
البناء
حوار مدني عسكري في السودان… ومصر تدخل على الخط الليبي… وتعترف بحصار سورية
«المستقبل» يخسر طرابلس بمقاطعة 90 … ويفوز بمقعد جمالي بـ 7
مجلس الدفاع يناقش اليوم العرض الأميركي بفصل الترسيم براً عن البحر
نجح المجلس العسكري الجديد في السودان في فتح قناة للتسوية السياسية بينه وبين جناحي الشارع، المعارضة السياسية وتجمّع المهنيين النقابي، عبر حوار يهدف لتشكيل حكومة مدنية تتسلم مقدرات الحكم، وتشكيل مختلط لمجلس رئاسي مدني عسكري يتولى صلاحيات الرئاسة، خلال المرحلة الانتقالية، وحدد المجلس العسكري مهلة سبعة أيام لتسلم خريطة طريق مرفقة بالأسماء من قيادات الأحزاب وتجمع المهنيين، للسير بهذه التسوية، واضعاً الكرة، كما قال في ملعب السياسيين، الذين بات عليهم التوافق على اسم مرشح مستقل يحظى بالثقة لرئاسة الحكومة، من دون أن يُعرف ماذا سيجري بعد انقضاء المهلة دون هذا التوافق، أو إذا كان هذا الطلب نابعاً من رهان المجلس العسكري على صعوبة التوافق السياسي على اسم مرشح إجماع؟
في ليبيا تمكنت حكومة فايز السراج بقوة الدعم الغربي من توفير شروط احتواء هجوم الجيش بقيادة خليفة حفتر على بوابات طرابلس، بعدما تجمّعت تحت لواء السراج الجماعات المسلحة بمختلف انتماءاتها، خصوصاً تلك المنتسبة لفكر تنظيم القاعدة والتي تقف قيادات مصنفة على لوائح الإرهاب العالمية على رأسها، وبعدما تلقت حكومة السراج دعماً جوياً تمثل وفقاً لبيانات الجيش الليبي بإرسال طيارين إيطاليين قاموا بقصف محاور تقدم الجيش على مداخل طرابلس، وجاءت زيارة حفتر إلى القاهرة واجتماعه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رسالة مصرية عنوانها، وفقاً لمصادر حكومة السراج مغادرة القاهرة لموقع الحياد المعلن، والاصطفاف وراء حفتر، وهو ما عبرت عنه حكومة السراج ببيان قالت فيه إنها تحترم العلاقة بمصر، لكن الليبيين هم من يختارون قياداتهم.
بالتوازي كانت مصر تسدّد للغرب فاتورة، ربما كانت ثمناً للتغاضي عن تموضعها الليبي، فتؤكد في مراسلاتها مع سورية عدم السماح للبواخر التي تحمل النفط إلى سورية بعبور قناة السويس بذريعة الوضعية الدولية للقناة، علماً أن لا قرارات أممية تحول دون وصول النفط إلى سورية، وفي ظل تكتم رسمي سوري حول الموقف المصري حفلت وسائل التواصل الاجتماعي بالعتب السوري الشعبي والسياسي، بينما انتشرت مساء رسائل الترحيب بالموقف العراقي مع انتشار صور لصهاريج عراقية دخلت الأراضي السورية لم يعلم ما إذا كانت تحمل المحروقات الآتية من إيران أم من مصادر عراقية، في إطار التعاون الثلاثي السوري العراقي الإيراني، بينما لم تصدر بيانات رسمية سورية تنفي أو تؤكد ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي من صور ومعلومات حول الموضوع.
لبنانياً، ينعقد المجلس الأعلى للدفاع اليوم للبتّ بالعرض الأميركي التفاوضي حول ترسيم الحدود، والذي يعرض ترسيم الحدود البرية للبنان، في عدد من نقاط التنازع مع «إسرائيل»، حيث لا يطال الترسيم مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بل يقتصر على النقاط الأحد عشر الحدودية بين خط الحدود الدولية والخط الأزرق، فيحسم تسعاً منها لصالح لبنان، ويبقي إثنتين لحساب «إسرائيل»، والمشكلة أن النقاط المحسومة «إسرائيلية»، هي النقاط التي تؤثر في ترسيم الحدود البحرية بصفتها نقاط الارتكاز المعتمدة هندسياً لترسيم الحدود البحرية، والعرض الأميركي يقوم على تجميد الوساطة في الترسيم البحري لحساب ذهاب لبنان إلى التحكيم الدولي كبديل غامض.
خريطة المواقف داخل المجلس الأعلى للدفاع تبدو لصالح قبول العرض الأميركي في ظل معارضة لحزب الله وحركة أمل سيحملها وزير المال علي حسن خليل إلى الاجتماع، بينما يدعو رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل ومعهما وزير الدفاع الياس بو صعب لقبول العرض الأميركي، على أن يحسم موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الموقف، سواء بالبتّ بالأمر أو بتأجيله، في ظل التساؤل عما إذا كانت الموافقة في حال السير بها كموقف رسمي للحكومة اللبنانية ستعني سقوط تحفظ حزب الله وموقعه في المقاومة، على قاعدة أنه يتبنى ما تتبناه الحكومة اللبنانية، أم أن موقف حزب الله وحركة أمل سيكون أكثر تشدداً باعتبار الأمر مفصلياً ومصيرياً في رسم التحالفات السياسية والحكومية باعتباره مساساً بشأن سيادي خطير لا يمكن المساومة عليه، ولا إخضاعه للغة المسايرات والمجاملات.
سياسياً، كانت انتخابات طرابلس الفرعية هي الحدث، فصارت المقاطعة الشعبية هي الخبر، بعدما ثبت أن تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري ومعهما حلفاؤهما من كل لون وشكل، قد خسروا طرابلس التي قاطعت بنسبة قاربت الـ 90 ، وقالت لا للانتخابات، ليفوز المستقبل بمقعد ديما جمالي بـ 7 من أصوات الناخبين، بعدما حصد مع حلفائه أقل من 10 من هذه الأصوات إذا قبلنا نسبة المشاركة المصرّح عنها رسمياً بالـ 12 .
اعتاد اللبنانيون على نسبة اقتراع منخفضة في أي انتخابات فرعية تُجرى في لبنان، لكن نسبة الاقتراع في مدينة طرابلس لم تتجاوز الـ15 رغم كل التحفيز الذي مارسه تيار المستقبل طيلة الاسابيع الماضية، فهي النسبة الأدنى على مستوى كل الانتخابات منذ العام 1992، علماً ان الانتخابات قد جرت بهدوء، وسط إجراءات إدارية وأمنية ناجحة. ووصلت نسبة الاقتراع في التبانة إلى 15 في المئة في أقلام اقتراع السنة، و2 في المئة في الأقلام العلوية، وفي البداوي وصلت النسبة إلى 15 في المئة، أما في وادي النحلة فوصلت إلى 18 من مجموع الناخبين البالغ عددهم 1225 ناخباً. أما في بلدة القلمون، فقد بلغت نسبة الاقتراع 29 بالمئة، اذ اقتراع 1490 ناخباً.
وبمعزل عن فوز ديما جمالــي 19398 صوتاً وعودتها الى البرلمان، فإن يحيى مولود حصل على 3313 صوتاً ومصباح الأحدب 2520 صوتاً عمر السيد 2161 صوتــاً نزار زكا 514 صوتاً طلال كبارة 305 أصوات إضافــة الى نحو ألــف ورقة بيضاء.وفي هذا الإطار اشارت مصــادر مطلعة لـ«البناء» الى ان تيار المستقبل ربح المقعد النيابي في طرابلــس بفوز جمالي لكن نسبة المشاركة في الاقتراع اكدت خسارته المدينة، انطلاقاً من اقتناع الطرابلسيين ان الوعود الحريرية للمدينة لم تتحول يوماً الى أفعال على الاطلاق.
بالتوازي بقي تيار المستقبــل على موقفه في أن أبناء طرابلس وقفوا مجدداً الى جانبــه، رغم اعتراف مصادره أن نسبة المشاركة كانت متدنية، لكنها لفتت في الحديث لـ«البناء» إلى أن «المطلــوب في المرحلة المقبلة هو إعطاء طرابلس حقها بالإنماء. وهذا ما تعهد به الرئيس الحريري عندما شدد على ان مساعدات سيدر ستطال عاصمة الشمال التي سيكون لها حصة بنسبة 20 في المئة.
وقال الرئيس نجيب ميقاتي، في حديث تلفزيوني إنّ «مدينة طرابلس دفعت على مدى السنوات الماضية ثمن الخلافات بين مَن يكون في السلطة ومَن يكون خارجها، لذلك قررنا فتح صفحة جديدة لإعطاء طرابلس حقّها من الإنماء والمشاريع الاقتصادية والتعيينات، إضافةً إلى صرف مبلغ المئة مليون دولار الذي أقرته حكومتنا لطرابلس وفق مشاريع إسمية». وتابع: «قدمنا كلّ الدعم للرئيس سعد الحريري وهو موجود في السلطة، وسننتظر تحقيق الالتزامات وسنقوم بدورنا في المتابعة والمحاسبة عندما يقتضي الاًمر، ولكنني على ثقة أنّ الرئيس الحريري سينفذ ما التزم به».
وقال النائب فيصل كرامي في حديث تلفزيوني من جهته على «اننا لم نحِد، ونحن في المعركة وصلب المعركة والمقاطعة موقف. وقرأنا مزاج الشارع وهو قرار المقاطعة والطبقة الحاكمة والتحالف العريض الذي يفرض مرشحين على المدينة أمر مستحيل»، معتبراً أن « طه ناجي هو أخذ القرار بعدم الترشح، لذلك كانت النتيجة الوقوف إلى جانبه بمقاطعة الانتخابات النيابية و قانون الانتخابات لعب دوراً في مقاطعة الانتخابات الفرعية في طرابلس».
الى ذلك ستتحدث الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات «لادي» عن انتخابات طرابلس الفرعية في مؤتمر صحافي ستعقده عند الثانية عشرة من ظهر اليوم في مكتبها في السوديكو.
على خط آخر، يعقد المجلس الأعلى للدفاع اليوم الاثنين الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، اجتماعاً في القصر الجمهوري في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري والأعضاء الحكميين ومن يدعى الى الحضور من قادة عسكريين وأمنيين وقضائيين للبحث في التطورات الأمنية المتصلة بالوضع في الجنوب لا سيما في ما خص مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والحدود البرية والبحرية في ظل القرارات الاميركية الاخيرة تجاه الجولان المحتل واعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيادة «إسرائيل» على هضبة الجولان المحتل.
وعلى خط الموازنة، التقى الرئيس سعــد الحريري مساء أمس، ممثلي الكتل السياسيــة الوزير علي حسن خليل والوزير جبران باسيل والحاج حسين خليل والنائب جورج عدوان والوزير وائل أبـو فاعور في سياق البحث في الإجراءات الصارمة التي سترافق اقرار الموازنة.
وعلى خط التيار الوطني الحر، قال الوزير جبران باسيل هناك قرارات صعبة في ما خص الموازنــة كلنا يسأل مَن يحملها وكيف نعلنها، فلنتحملها جميعاً، ونعلنها سوياً، فليس لدينا نقص بالجرأة وقلنــا من أول يوم، دين الدولة لا يجب أن يكون هكذا، ويجب أن ينزل، على موظفي الدولة القبول بأنهم لا يستطيعون الاستمرار على هذا المنوال، ومن يحزن أنه سيخسر نسبة معينة من التقديمات، التي يحصل عليها، فليفكــر إذا لم نقم بذلك، فلن يحصل بعدها على شيء، وهذا الكلام ليس شعبياً، ولكن لديّ الجرأة أن أقوله. وهذا أكيد دليل على دولة تُقاد بمصالحها الانتخابية، دولة تزيد من سنة الرواتب، والسنة التي بعدها تقوم بإنقاصها، وهذه المزايدة الانتخابية على حساب الناس، لتفلس الناس، وتفلس البلد، يجب أن نقول انتبهوا إذا لم نخفض، فلن تعود هناك رواتب واقتصاد وليرة، وخيارنا أن نأخذ إجراءات موقتة، ليعود وينهض الاقتصاد، وتثبت الليرة، وكل أمورنا ترجع، وهذا ليس بالأمر الصعب».
ومع ذلك، تشدد مصادر مطلعة في تكتل لبنان القوي لـ«البناء» على أن الامور ليست جيدة اقتصادياً على الإطلاق، ويجب وضع الناس في صورة هذا الوضع الذي يفترض إقرار موازنة تقشفية وقاسية، مشددة في الوقت عينه على أن أي ضبط للإنفاق يجب أن لا يكون على حساب أصحاب الدخل المحدود والرواتب.
واعتبرت المصادر أن الأمور لم تنته الى اتفاق على تخفيض الرواتب، فالموضوع لا يزال قيد النقاش بين القوى السياسية كافة فضلاً عن الحديث عن إلغاء المخصصات للتعليم الخاص المجاني، وهذا الأمر سيتظهّر خلال هذا الأسبوع.
بالتوازي، شدّدت مصادر سياسية مقربة من الثنائي الشيعي لـ«البناء» الى أن حزب الله أسوة حركة أمل يرفض فرض أي ضريبة تطال أصحاب الدخل المحدود، ويرفض المسّ بالرواتب، لاسيما ان هناك إمكانية لإيجاد إيرادات من خلال المصارف وأرباح الهندسات الماليّة وفرض ضرائب على الفوائد المصرفية التي يجب أن تزيد على 7 في المئة.
الى ذلك، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، مساء امس في عين التينة، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، يرافقه الوزير السابق غازي العريضي، بحضور وزير المالية علي حسن خليل. وبعد الاجتماع، قال جنبلاط: «الموضوع الأساس، هو كيفية الخروج من المأزق الاقتصادي، وكما فهمت من الوزير علي حسن خليل، بتوجيهات من الرئيس بري، أن كل الجهد، سيوضع من أجل تحقيق الموازنة، وفي الوقت نفسه، وضع الخطى الأساسية لترشيد الإنفاق، أي خفض الإنفاق. وهذه الفرصة قد تكون الأخيرة المطلوبة، من أجل الانطلاق نحو طمأنة اللبنانيين، ووضع الأمور في سياقها الطبيعي».
وفيما تأتي زيارة جنبلاط الى عين التينة، في ظل خلاف وتوتر في العلاقة مع حزب الله، على خلفية سلسلة مواقف لجنبلاط نفسه، فضلاً عن قرارات للوزير وائل أبو فاعور بالتوازي مع مواقفه الهجومية ضد وزير الصحة جميل جبق، شدّدت مصادر في الاشتراكي لـ«البناء» على أن الرئيس بري سأل النائب جنبلاط عن الخلاف مع حزب الله، فأجابه الأخير متحدثاً عن حيثيات ما جرى في الآونة الأخيرة والتي كان تحدّث عنها في الإعلام من دون أن يضيف شيئاً. وشددت المصادر نفسها على أن لا علم لديها عن أي موعد للقاء بين مسؤولي الاشتراكي وحزب الله هذا الأسبوع.
إلى ذلك، أنهى وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش زيارته إلى واشنطن بسلسلة لقاءات مع صندوق النقد الدولي، تمحورت حول دعم لبنان وشرح وجهة نظر الحكومة والإصلاحات المنوي إجراؤها.
وشدّد كلّ من التقــى بهــم على الحوكمة الرشيدة وأهمية تعزيز الشفافية والإفصــاح وتطبيــق القوانين، خصوصاً في مجال التهرّب الضريبي. وأبدوا حرصهم على إقرار موازنة منضبطة ماليــاً. وأبــدى المسؤولون في البنك الدولي الاستعداد للاستثمــار في البلد في القطاعين العام والخاص كما رحّبوا بوضع خبراتهم في تصرفه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
حرب الحكومة على القطاع العام
إعادة النظر في معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة وخفض التقديمات
يبدو أن جزءاً لا بأس به من القوى السياسية الممثلة في مجلس الوزراء اتخذت قراراً بخوض معركة ضد موظفي القطاع العام، وخاصة العسكريين والامنيين، من باب تحمليهم كلفة خفض عجز الموازنة. وهذه المرة، لا يجري تقديم ذلك تحت عنوان المس بالرواتب والأجور، بل بضرورة خفض كل التقديمات الإضافية: من تعويضات نهاية الخدمة، إلى الراتب التقاعدي، إلى المنح التعليمية، وكافة «البدلات» التي يحصل عليها الموظفون.
التوافق السياسي على موازنة تقشفية باتَ أمراً محسوماً. النقاش ما زال يدور حول حجم التخفيض والبنود التي سيطالها. ويتّضّح أن هناك ضغوطاً من قبِل قوى رئيسية في الحكومة، كرئيسها سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، للمس برواتب الموظفين وأجورهم. الحريري كان واضحاً منذ البداية: يبشّر بإجراءات مؤلمة، رافضاً (في ختام جلسات الثقة على سبيل المثال) تحميل المصارف جزءاً من كلفة الخروج من الأزمة. اما باسيل، فتدرجت مواقفه صعداً ونزولاً. سبق أن امتدح خفض أجور موظفي القطاع العام أثناء زيارته صربيا (عندما كان برفقته رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، متزّعم حزب «كارهي الدولة»). وفي احتفال للتيار يوم 14 آذار الماضي، تحدّث عن حجم القطاع العام وكلفته، وحجم الدين العام وكلفته. عبّر عن تأييده لخفض حجم القطاع العام وكلفته، كما عن ضرورة أن تتحمل المصارف جزءا من مسؤولية التصحيح وخفض العجز. لكنه أول من أمس، أسقط المصارف، ليحصر أمر خفض نفقات الدولة برواتب الموظفين. قال مهدّدا: «إذا لم يحصل التخفيض المؤقت فلن يبقى معاش لأحد». تجاهل أن في مقدور الدولة اتخاذ إجراءات لخفض الانفاق، بدل تهديد الموظفين برواتبهم.
خفض الفائدة على الدين العام بنقطة مئوية واحدة (1 في المئة) يسمح بخفض العجز بنسبة 900 مليون دولار (على ذمة وزير الاقتصاد منصور بطيش). لكن، بدلاً من ذلك، لجأت الدولة، بشخص وزير ماليتها علي حسن خليل، وحاكم مصرفها المركزي رياض سلامة، وبمباركة الرؤساء الثلاثة، إلى الاتفاق مع المصارف على رفع الفائدة على سندات الخزينة إلى نحو 10.5 في المئة في كانون الأول الماضي. المبشّرون بالتقشف وخفض النفقات رفعوا في ذلك الاتفاق حجم النفقات التي ستدفعها الحكومة، من اموال الناس، إلى المصارف وكبار المودعين. لكن باسيل أكمل كمبشّر بالزهد: «أقول للناس إنه لا يجوز النظر فقط الى جيوبهم، فهذا الأمر يجب أن يكون جزءاً ضئيلا مما يجب تخفيضه في الدولة واذا كان يجب البدء بالوزراء والنواب فليكن». و«خبرية» رواتب النواب والوزراء والرؤساء تبدو رشوة سخيفة للناس، في ظل ارتفاع موجة من الشعبوية تطالب بخفض تلك الرواتب، رغم أن تأثيرها على أرقام الموازنة العامة يكاد يكون لا يُذكر. فأصل «فساد» الموازنة وعجزها هو كلفة الدين العام (أكثر من 32 في المئة من النفقات) والتهرب الضريبي، والنظام الضريبي غير العادل وغير الفعال (راجع ملحق «رأس المال»، عدد اليوم).
كلام باسيل ليس من بنات أفكاره وحده. فهو يعكس نقاشات تخوضها القوى السياسية، حول عدد من الإجراءات التي ستتخذها الحكومة ومؤسساتها. يجري التسويق لذلك على قاعدة أن الإجراءات لن تمس الرواتب والأجور، ولا سلسلة الرتب الرواتب بطبيعة الحال، لكن مصادر وزارية تؤكد التوجه نحو «تدابير قاسية ستمسّ كل التقديمات الإضافية، من منح مدرسية ومحروقات، وتعويضات نهاية الخدمة ومعاشات التقاعد»، كما «إلغاء التدبير رقم 3 في المؤسسات الأمنية، وهو امر بات محسوماً».
وفي هذا الإطار، عقد ليلَ أمس اجتماع في وادي أبو جميل ضمّ كلاً من الحريري والوزراء علي حسن خليل وباسيل، والنائب جورج عدوان ومعاون الأمين العام للسيد حسن نصرلله الحاج حسين الخليل، للتداول في الموازنة والإجراءات التي يُحكى عنها وتأمين غطاء سياسي لما وصف بالقرارات الموجعة. لا أحد يعطي جواباً واضح حول ما يمكن أن يحصل. وزير المال يرفض الرد على باسيل، مشيراً إلى أنه أعدّ «مقترحاً بإجراءات متكاملة سيتم البحث بها».
وفيما كان لافتاً دعوة المجلس الأعلى للدفاع للإنعقاد اليوم، علماً أن لا طارئ أمنياً يستدعي اجتماعه. فهل الموضوع يتعلق بملف ترسيم الحدود البرية والبحرية في النقاط المتنازع عليها بين لبنان والعدو الإسرائيلي، أم إن هناك قضايا أخرى كالنزاع بين بعض الامن وبعض القضاء على خلفية ملف الفساد في «العدلية»؟ ثمة من يقول إن الاجتماع يمكن أن يكون مرتبطاً بما يحكى عن سلسلة الرتب والرواتب وعن قرارات صعبة ستطال موظفي القطاع العام، وخاصة العسكريين والأمنيين الذين يشكلون الكتلة الأكبر من الموظفين والمتقاعدين، إذ علمت «الأخبار» أن كلام باسيل أحدث ضجّة كبيرة داخل المؤسسة العسكرية، وأن قيادة الجيش ترفض المس برواتب العسكر لكنها لا تمانع النقاش في الملحقات. ويُنقل عن مسؤولين عسكريين قولهم إن «العناصر ممنوعون من العمل خارج الدوام، وهم يعملون ساعات إضافية من دون مقابل»، وفي حال تمّ إقرار خفض الرواتب والتقديمات «فليُسحب الجيش الى الثكنات، وليُلزم العناصر بدوام كما هو الحال مع موظفي الدولة، على أن يسمح لهم بمزاولة مهنة ثانية خارج المؤسسة».
ومن الإجراءات التي تُبحث في ما يخص المؤسسة العسكرية والاجهزة الامنية:
تشجيع الضباط والرتباء على أن يحصلوا على تعويضاتهم على شكل سندات خزينة بحجة أنها تدر عليهم فوائد عالية،
وقف الترقيات إلا في حالة الشغور في ملاكات الرتب المنوي الترقية إليها،
خفض عدد قسائم المحروقات التي يحصل عليها الضباط والمؤهلون أو إلغاؤها،
خفض عدد السيارات الموضوعة بتصرف الضباط.
خفض منح التعليم لأبناء الضباط والعسكريين بنحو 40 في المئة من قيمتها الحالية،
إلغاء «التدبير رقم 3» الذي يمنح العسكريين والأمنيين 3 أشهر كتعويض عن كل سنة خدمة.
إعادة النظر في كيفية احتساب الرواتب التقاعدية، للعسكريين والمدنيين.
اما في المؤسسات والإدارة العامة، فيجري البحث في خفض رواتب كبار الموظفين، وتجميدها لسنيتن على الأقل.
في السياق، أكد رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، يوم أمس في عين التينة، أن |الموضوع الأساس الذي بحثناه هو كيفية الخروج من المأزق الإقتصادي . وكما فهمت من وزير المال فإن كل الجهود ستوضع من أجل إقرار الموازنة وخفض الإنفاق، وهذه الفرصة قد تكون الأخيرة المطلوبة من أجل طمأنة اللبنانيين ووضع الأمور في سياقها الطبيعي».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
الموازنة في المأزق.. والموظفون إلى الشارع
جمالي تعود نائباً بأكثرية ثلثي المقترعين.. والجلسة التشريعية تحاكي اجتماعات واشنطن
طويت صفحة الانتخابات الفرعية في طرابلس، وأعيد انتخاب النائب المطعون بنيابتها بقرار المجلس الدستوري، نائباً عن المقعد الشاغر في المدينة، لتنصرف الأنظار مجدداً إلى متابعة كيفية الخروج من المأزق الاقتصادي، المتعلق بإنجاز «موازنة تقشف»، يجري تعتيم كبير، سواء على «الاجراءات الموجعة» المتعلقة بالتخفيضات على رواتب موظفي القطاع العام، بدءاً من سقوف وسطى وصولاً إلى السقوف العليا، فضلاً عن إجراءات تتعلق برواتب «كبار القوم» في السلطات العامة (رؤساء ونواب ووزراء) والموظفين الكبار في الهيئات والمؤسسات والرقابة المصرفية وحاكمية مصرف لبنان وغيرها.. أو نسب تخفيض العجز 1٪ أو 2.5٪، وارقام الموازنة..
معلومات «اللواء» ان ارباكاً ملحوظاً يحيط بالموقف المالي، بانتظار توجهات البنك الدولي، وصندوق النقد، ومرجعية «سيدر» فضلاً عن اجراء توافق سياسي، غير شعبوي يتعلق بنوعية الإجراءات وحجمها ومداها..
وفي السياق، عقد ليل أمس اجتماع مالي بين الرئيس سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل، الذي شارك باجتماع الرئيس نبيه برّي والنائب السابق وليد جنبلاط، الذي يستعد لزيارة الولايات المتحدة الأميركية، وهو زار عين التينة بعد ظهر أمس، كاشفا ان البحث تناول الجهود التي تبذل «لوضع الخطى الأساسية لترشيد الانفاق أو خفض الانفاق، كخطوة أخيرة، قبل طمأنة اللبنانيين وعودة الأمور إلى السياق الطبيعي».
وتناول اللقاء بين الرئيس الحريري ووزير المال ما يُمكن ان يطرح على جلسة مجلس الوزراء الخميس، لجهة إمكان تعيين نواب حاكم مصرف لبنان. واستبعد مصدر وزاري وضع مشروع الموازنة على جدول أعمال الجلسة الأسبوعية للحكومة.
جمالي نائباً
إنتخابياً، أعلن الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري قرابة العاشرة والنصف من مساء أمس، ان مرشحة التيار ومعها الائتلاف السياسي العريض الذي دعمها السيدة ديمة جمالي عادت نائبة في المجلس النيابي، بفوزها بأغلبية 20032 صوتاً من أصل 31982 مقترعاً في الانتخابات النيابية الفرعية التي جرت أمس في مدينة طرابلس، لملء المقعد السني الخامس الذي شغر نتيجة طعن المجلس الدستوري بمقعدها الذي نالته في انتخابات العام 2018، آملاً في المرة المقبلة من المجلس الدستوري قبول الطعون في مختلف المناطق اللبنانية وليس على فريق معين، ويقصد به تيّار «المستقبل».
وأوضح ان هذه النتيجة، هي نتيجة فرز ما نسبته 97 في المائة من أقلام الاقتراع، وانه وجدت 1090 ورقة بيضاء فيما الغي 1432 صوتاً نتيجة أخطاء حصلت من قبل ناخبين.
ولفت إلى فارق كبير في أصوات المقترعين، حيث نال أقرب المرشحين إلى جمالي وهو يحيى مولود 3262 صوتاً والنائب السابق مصباح الأحدب 3091 صوتاً، وشدّد على ان الشكر الأساسي يعود للرئيس سعد الحريري، ولسائر القوى السياسية التي دعمت مرشحة التيار الأزرق، واصفاً نتيجة هذا اليوم الانتخابي الطويل، بأنه «رد اعتبار لجمالي ولانتخابات عام 2018».
وأوضح الحريري انه كان يتوقع تدني نسبة الإقبال على الاقتراع، وانه كان واضعاً في حسابه ان لا تتجاوز الـ10 في المائة، لكنها تخطت ذلك إلى 13.6 في المائة، بحسب تقديرات وزارة الداخلية، معتبراً هذه النسبة مقبولة «وكتر خير الله»، لكنه كشف بأننا كنا حذرين من احتمال ان نتعرض إلى «كمين انتخابي» بأن يعود الفريق الذي أعلن مقاطعة الانتخابات (تيّار النائب فيصل كرامي والاحباش) للمشاركة في الاقتراع في اللحظات الأخيرة لتأمين فوز أقرب المنافسين إلى جمالي، ولذلك قمنا «بشد العصب» حسب تعبير الحريري، لتفادي احتمال وجود هذا «الكمين»، أو «المفاجأة الانتخابية»، التي كان يعدها «حزب الله»، وفق تعبير الوزير السابق اشرف ريفي.
وفي تقدير مصادر سياسية، ان مقاطعة فريق 8 آذار للانتخابات الفرعية، والتي جرت وفق النظام الأكثري وليس النسبي، والتي لم تكن مفهومة من قبل كثير من المتابعين، بأن الفائز لا ينافس الخاسرين، بحسب ما أعلن مرشّح الاحباش طه ناجي، مبرراً مقاطعة الانتخابات، خففت من الزخم السياسي للمعركة التي بدت وكأنها غير متكافئة بين مرشحة مدعومة من ائتلاف سياسي عريض ضم إلى «التيار الأزرق» تيّار العزم برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، وتيار الوزير السابق اللواء اشرف ريفي، والوزير السابق محمد الصفدي في مقابل مجموعة مرشحين مستقلين لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحد، نظراً «لأن مرشحين اثنين لم يكونا معروفين، أو عملاً سراً لمصلحة ماكينة المستقبل ولا يدعم هؤلاء المرشحين أي تنظيم سياسي او تيار، سوى رغبتهم في التعبير عن رفضهم حالة الحرمان والغبن والبطالة التي تعاني منها طرابلس، ما جعلها افقر مدينة على شاطئ البحر المتوسط».
وانعكس انعدام التكافؤ إلى جانب رفض الشارع الطرابلسي لاستمرار الحرمان اللاحق بالمدينة، وعدم تحقيق الوعود السياسية للاهتمام بمشاريعها، نوعاً من اللامبالاة من قبل الناخبين الذين انكفأوا عن النزول إلى صناديق الاقتراع، باستثناء المناصرين للمستقبل وللائتلاف السياسي الذي يدعمه، وزادت قناعتهم بالامتناع الشعور بأن النتيجة محسومة، وهي مجرّد تحصيل حاصل، ولكل هذه الأسباب لم تتجاوز نسبة الاقتراع الـ13 في المائة، وهي كانت بالمقارنة مع كثير من الانتخابات الفرعية (41 انتخاباً من الاستقلال) علامة فارقة، سيكون لها دلالاتها السياسية لدى معارضي «التيار الأزرق» الذين رأوا في ضآلة هذه النسبة خسارة للرئيس الحريري وليس انتصاراً، في حين اعتبرتها أوساط «المستقبل» بأنها كانت من ضمن التوقعات، ولم تشكّل مفاجأة له، لافتة النظر في هذا السياق، إلى ان أصواته في منطقة بعل محسن ذات الأغلبية الساحقة من المعارضين له كانت متقاربة وفي بعض الأقلام فاقت أصوات جمالي أصوات المرشح مولود.
الداخلية تتأخر بإعلان النتائج
إلى ذلك، وفيما شكر الرئيس ميقاتي الطرابلسيين الذين عبروا عن موقفهم بكل ديموقراطية، معلناً بأن غداً يوم آخر نثابر فيه على العمل لنهضة طرابلس، ألمح بيان لوزارة الداخلية، صدر قرابة العاشرة ليلاً إلى احتمال تأخير إعلان النتائج الرسمية، الذي كان مقدراً صدورها منتصف الليل، بسبب تأخر استلام صناديق الاقتراع، نتيجة ازدحام امام قصر العدل في طرابلس سببه تكليف قاض واحد بتسلم المغلفات، مشيرة إلى انها استلمت 283 صندوقاً من أصل 416.
وجاء في البيان الذي أصدرته غرفة العمليات المركزية في الداخلية: «بعد أن جرت العملية الانتخابية طيلة اليوم الانتخابي، في مسارها الطبيعي، وبعد انتهاء رؤساء الأقلام من فرز صناديق الاقتراع، والانتقال إلى قصر العدل لتسليمها إلى لجان القيد المختصة، رافق عملية التسليم ازدحام، نتج عن تكليف قاض واحد، واستلام المغلفات التي تحوي نتائج الاقتراع، وبالتالي توزيعها على اللجان السبع المختصة، لفرزها، وتدوين النتائج، ورفعها إلى لجنة القيد العليا.
على إثر ذلك، وبعد تواصل مع رئيس لجنة القيد العليا، من أجل تسريع تسلم المغلفات من رؤساء الأقلام، تم تكليف قاض ثان، بحيث بوشر عند الساعة العاشرة، باستقبال المغلفات وتخفيف الازدحام، حيث تم لغاية صدور هذا البيان، استلام 283 صندوقا من أصل 416».
وكانت الوزيرة ريّا الحسن جالت، أمس، على بعض مراكز الاقتراع في طرابلس، وتفقدت سير العملية الانتخابية في المدينة، ثم انتقلت إلى سراي وعقدت اجتماعاً مع قادة الأجهزة الأمنية في الشمال، وأعلنت في مؤتمرها الصحفي في حضور محافظ الشمال رمزي نهرا عن ارتياحها لاجواء العملية الانتخابية، داعية الطرابلسيين إلى ان يمارسوا حقهم بديموقراطية ولو بورقة بيضاء، مشيرة إلى انها كانت تعلم بأن نسبة الاقتراع لن تكون مرتفعة لأسباب عدّة منها ان الانتخابات فرعية، ولا معركة سياسية وهنا غياب للتنافس ا لقوي.
وعن عتب المرجعيات المسيحية لاجراء الانتخابات في أحد الشعانين، قالت الحسن انها كانت تأمل ان تكون الانتخابات في يوم لا يتزامن مع الشعانين، ولكن نحن مجبرون بحسب القانون ان تجرى الانتخابات خلال شهرين من صدور مرسوم الهيئات الناخبة ولا يمكننا ان نجريها قبل 14 نيسان لأن هناك فترة الرجوع عن الترشح ولا يُمكن ان تجري بعد 14 بسبب حلول عيد الفصح عند الطوائف المسيحية وبعد ذلك شهر رمضان».
الموازنة
سياسياً، وفيما يعقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعاً في القصر الجمهوري في بعبدا، قبل ظهر اليوم برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري والأعضاء الحكميين ومن يدعى إلى الحضور من قادة عسكريين وأمنيين وقضائيين، لاستعراض الأوضاع الأمنية، ينتظر ان يباشر الرئيس الحريري لقاءاته مع ممثلي القوى السياسية خلال الأسبوع الطالع من أجل تأمين أكبر غطاء سياسي ممكن للتخفيضات في مشروع موازنة العام 2019،لا سيما تلك التي يمكن ان تطال الرواتب وتعويضات التقاعد والتقديمات التي يحصل عليها الموظفون، علما ان هذا الامر غير محسوم حتى الان، وكل ما يُقال هو مجرد تسريبات او مطالب تقدم بها بعض الاطراف السياسية مثل رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ،الذي اكد في موقف له في صيدا ضرورة البحث بخفض الرواتب في القطاع العام وهو ما لم يوافقه عليه كثير من الاطراف السياسية.
وذكرت مصادر بيت الوسط لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري باشر عملياً من مدة اتصالاته حول خفض ارقام الموازنة واتفق مع وزير المال علي حسن خليل على بعض الاجراءات التي ضمنها الخليل في مشروع الموازنة، لكن الامور لا زالت مطروحة للبحث ولا شيء محسوماً او نهائياً حتى الان، كما ان فريق عمل رئيس الحكومة الاقتصادي اجرى عدداً من اللقاءات مع بعض الاطراف للبحث في موضوع التخفيضات وسيواصل لقاءاته واتصالاته حول الموضوع.
اضافت المصادر: ان التسريبات والشائعات كثيرة حول النقاط التي سيطالها الخفض، لكن الثابت الوحيد هو الاتفاق على خفض عجز الكهرباء البالغ ملياري دولار اما باقي التخفيضات فبحاجة لبحث حتى لو اقترح وزير المال بعضها في مشروع الموازنة، والأكيد ان كل الاقتراحات قابلة للبحث، والمبدأ الاساسي الذي يعتمده رئيس الحكومة هو ان التخفيضات يجب ان يتوافر حولها توافق سياسي كامل بين كل الاطراف لأن الموضوع دقيق وحساس ولا يعني طرفا سياسيا واحدا، ومن هنا فإن اراء القوى السياسية متنوعة والبحث جارٍ عن توافق على نقاط مشتركة بين كل القوى السياسية، ليتسنى بعد التوافق طرح الموضوع على مجلس الوزراء في اقرب فرصة هذا الاسبوع او الذي يليه، بحيث يفترض إقراراها في مجلس النواب قبل نهاية ايار.
وسجل في هذا السياق، زيارة جنبلاط للرئيس نبيه برّي مساء أمس، في عين التينة.
وأوضح جنبلاط بعد اللقاء ان الموضوع الأساسي في البحث كان حول كيفية الخروج من المأزق الاقتصادي، مشيراً إلى انه فهم من الوزير خليل، وبتوجيهات من الرئيس برّي، ان كل الجهد سيوضع من أجل تحقيق الموازنة، وفي نفس الوقت وضع الخطى الأساسية لترشيد الانفاق، أي خفض الانفاق»، معتبراً «ان هذه الفرصة قد تكون الأخيرة المطلوبة نحو طمأنة اللبنانيين ووضع الأمور في سياقها الطبيعي».
وكان الوزير باسيل، قد أعلن في خلال الجولة له في منطقتي صيدا والزهراني، بأنه إذا لم نخفض التقديمات للموظفين لن يكون هناك رواتب. وقال انه يعرف ان هذا الكلام ليس شعبياً، لكن لديه الجرأة لأن يقوله، معتبرا بأن هذا دليلاً على ان الدولة تقاد بمصالحها الانتخابية، دولة تريد من سنة الرواتب، ثم تقوم بانقاصها بعد سنة، وهذه المزايدة على حساب النّاس لافلاس النّاس والبلد، ويجب ان نقول انتهبوا إذا لم نخفض فلن يعود هناك رواتب ولا اقتصاد ولا ليرة..
وعلى خط مالي آخر، أوضحت مصادر رسمية ان الاجتماع المالي الذي سيعقد في قصر بعبدا ولم يتحدد موعده بعد، لا علاقة مباشرة له بموضوع الموازنة والإجراءات التي ستتخذ حولها، بل هو اجتماع مالي دوري للاطلاع على الاوضاع المالية والنقدية وبحث الاجراءات الممكن اتخاذها لمعالجة اية مشكلة، كما يهدف الاجتماع الى الاطلاع على حصيلة لقاءات الوزير منصور بطيش والنائب إبراهيم كنعان في واشنطن مع مسؤولي الكونغرس والبنك الدولي وصندوق لنقد الدولي حول السياسات المالية والاقتصادية التي يتبعهاهؤلاء حيال الوضع في لبنان.
وسيكون الوضع المالي والجلسة التشريعية للمجلس النيابي المقررة الاربعاء المقبل، موضوع بحث من ضمن مواضيع اخرى، في اجتماع «كتلة التنمية والتحرير» الذي طلب الرئيس بري تقديمه من يوم الاربعاء الى اليوم الاثنين، بسبب انعقاد الجلسة التشريعية الاربعاء.
إلى الشارع
وتحسباً للمخاطر المحدقة برواتب موظفي القطاع العام، من مدنيين وعسكريين، حذّرت هيئة التنسيق النقابية من «اي مس بقانون سلسلة الرتب والرواتب»، معلنة المشاركة في الاعتصام عند الساعة 11 من قبل ظهر اليوم في ساحة رياض الصلح.
وفي السياق، تداول موقع «ليبانون ديبايت» تسجيلين، قال انهما لعميدين متقاعدين، يدعوان من خلالهما العسكريين المتقاعدين ضباطاً ورتباء وأفراد إلى قطع الطرقات ابتداءً من غد في كل لبنان، لا سيما قطع طريق شتورا – بيروت، عند التاسعة والنصف، على ان يصطحب كل مشارك إطاراً مطاطياً.