لا يزال هبوط طائرة “سي. 130” الاميركية في مطار حامات الاسبوع الماضي محور اسئلة، ليس لجهة توقيت الخطوة فحسب، بل عن المكان الذي حطت فيه الطائرة وخصوصية موقعه، والاهتمام الاميركي بالقاعدة الجوية الذي اعاد فتح ملف المطارات خارج بيروت.
منذ عام 2006 والتقارير الاميركية الاستخبارية تتحدث عن اهمية منطقة الشمال بالنسبة الى الوجود الاميركي في الشرق الاوسط، والى خط النفط الممتد من باكو الي تيبليسي وجيحان. حينذاك تركز الاهتمام الاميركي على قاعدة القليعات لقربها من الساحل السوري، ولأنها نقطة تواصل بين القوى الاميركية في العراق واسرائيل والقطع الاميركية البحرية التي تجوب بحار المنطقة. اهتم عدد من المسؤولين العسكريين الاميركيين الذين زاروا لبنان بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وانسحاب الجيش السوري، باهمية البحث عن قاعدة جوية تقطع الطريق على اي دخول سوري من جهة الشمال وتحد من احتمال وجود روسي في المنطقة، بعد تمركز سفن روسية في بحر طرطوس، وتفرمل الاندفاعة الايرانية نحو المتوسط.
وتجدد الحديث عن قاعدة جوية وبحرية شمالا، حين اندلعت حوادث نهر البارد، وتعاملت مراكز الابحاث الاميركية في الفترة الممتدة بين ايلول وتشرين الاول من عام 2007 باهمية قصوى مع هذه المعركة ونتائجها بعد الخراب الذي لحق بمنطقة المخيم، نظرا الى انها تفتح الباب امام انشاء مرفأ بحري شمالا وقاعدة جوية للاستخدام العسكري اللبناني والاميركي. ونفت الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة في حينه في شكل رسمي الحديث عن اي قواعد اميركية، بحسب ما روجت لذلك وسائل اعلام لبنانية، وكذلك فعل السفير الاميركي آنذاك جيفري فيلتمان.
ظل الحديث عن القليعات يتردد بين حين وآخر، وبدا ان ثمة خلطا بين نوعين من الخبر، قاعدة اميركية ام توسيع لمطار القليعات بحيث يستخدم في حال الطوارئ رديفا لمطار بيروت، ولا سيما ان من تابع ملف المطارات تحدث عن ان الرئيس الراحل رفيق الحريري، حين باشر توسيع مطار بيروت، رفض تعزيز اي مطار خارج العاصمة ولا سيما القليعات.
بعد احداث 7 ايار، فتحت قوى 14 آذار ملف المطارات خارج بيروت، وامكان الافادة منها، بعدما اصبح مطار بيروت في قبضة “حزب الله”، اضافة الى ان حرب تموز 2006، جعلت معظم اللبنانيين يغادرون عبر المرافئ البحرية. فيما تولت المروحيات الاميركية نقل الرعايا والشخصيات من مقر السفارة الاميركية في عوكر الى قبرص وبالعكس. وفي تشرين الاول 2010 جرت محاولة عبر لجنة الاشغال النيابية لاحياء مطار القليعات للشحن تمهيدا لجعله يستوعب الحركة المدنية، لكن المحاولة اخمدت في مهدها.
منذ 7 ايار، بات امن المطار والطريق اليه والمرور عبر الضاحية الجنوبية يطرح على بساط البحث لدى 14 آذار. وفي كل لحظة مفصلية يعود الحديث جديا عن كيفية الاستغناء عن المطار، اذا قطعت الطريق مجددا امام العبور اليه. في عام 2009 انتقل الحديث عن القليعات الى مطار حامات، وتكررت السيناريوات عن تحوله قاعدة اميركية. وقيل حينها انه صرف النظر عن مطار القليعات نظرا الى الحساسيات الكثيرة التي يمثلها في منطقة مليئة بالتناقضات الاجتماعية والطائفية وبخليط اصولي وفلسطيني، فيما تحول قربها من سوريا نقطة سلبية لا ايجابية.
بدأ الجيش اللبناني يستخدم حامات للتدريب عام 2009. واعد قائد الجيش العماد جان قهوجي العدة لتأهيل القاعدة المشرفة على المتوسط، والواقعة في منطقة صخرية في قضاء البترون. تشكل حامات نقطة استراتيجية تجمع بين الشمال وجبل لبنان، مع كل ما تحمل من خصائص طائفية واجتماعية وسياسية، فضلا عن مميزاتها التقنية التي تتيح لها استيعاب سرايا التدريب واستقبال طائرات “البوما” التي حصل عليها لبنان من الامارات. اصر قهوجي اكثر من مرة على ان فكرة تأهيل المطار لبنانية بحت، واولى الامر اهتماما خاصا. ووضع الجيش هبوط الطائرة الاميركية في اطارها الطبيعي كون المعدات مخصصة للطائرات الموجودة في حامات، واي نقل لها من مطار بيروت الى حامات عملية مكلفة وصعبة. لكن الاميركيين هم الذين اصروا على استخدام المطار لتقديم المساعدة العسكرية. وسبق لبعثة اميركية ان استكشفت حامات قبل اعوام مع كل المطارات، لوضع خطط لنقل الرعايا الاميركيين اذا دعت الحاجة.
حاليا صار المطار جاهزا لاستقبال المروحيات والطائرات الخفيفة مبدئيا بعدما اصبح مدرجه صالحا، وكذلك للحركة الليلية. لكن تحوله مطارا لاستقبال طائرات مدنية ليس امرا سهلا، لان المدرج يحتاج الى صيانة مغايرة للحالية ومكلفة اكثر. وهو اليوم مؤهل لان يكون مطارا عسكريا فقط. اما تحوله مطارا مدنيا للطائرات الخاصة فقصة اخرى، لكنه قطعا في حاجة الى تمويل وقرار، وكلاهما متلازمان.
COMMENTS