برز إلى مقدم المشهد السياسي الداخلي "توبيخ" رئيس الحكومة سعد الحريري لبعض "المقربين" منه، الذين لا يتورعون عن "مقاربة ما يجول في نفس رئيس الحكومة وما ينوي عليه". ويرد هذا "التوبيخ" الذي ورد في مقدمة نشرة تلفزيون "المستقبل"، على التحليلات البائخة (…) الني أشاعها أولئك "المقربون"، عن "نهاية التسوية السياسية" و"احتمال استقالة الحريري". لكن هذا السجال "السني"، بحسب ما وصفته الصحف، يكشف عن "رهانات" محلية على التوتر الإقليمي الشديد، حيث ينتظر أصحابها لحظة انهيار المفاوضات الجارية بين إيران وأميركا، وخربان التوازن السياسي اللبناني. وقد "طمأنت" مصادر الصحف المواطنين، بأن انتظار "أنصار الحرب على إيران" سيطول، لأن كلتا الدولتين لم تعلنا عن فشل المفاوضات الجارية بينهما في سويسرا، رغم عدم توصلهما لاتفاق، ما يعني أن طهران وواشنطن لا تريدان انهيار طاولة التفاوض والذهاب إلى … الحرب.
البناء
لوزان: 31 آذار + 1… وواشنطن ترى تقدّماً يكفي لتواصل التفاوض
باب المندب: مدمّرات إيرانية بحراً… والحوثيون تسلّموا البرّ
لبنان يتوحّد عراقياً بعد نصر تكريت… وينقسم يمنياً
الأسبوع الحاسم يستمرّ حاسماً، وتتقاطع ملامح النهايات للملفات العالقة، فالملف النووي الإيراني المفترض أن يكون قد انتقل إلى الفشل مع نهاية ليلة اليوم الأخير من شهر آذار من دون التوصل إلى الاتفاق الموعود، سيواصل اليوم دورانه بين أيدي المفاوضين الكبار، بعدما أعلنت إيران أن ليس لديها سبب لتوقف المفاوضات، وأنّ وفدها باق في لوزان ما بقي المفاوضون، فإذا بواشنطن تعلن أنّ ما تمّ التوصل إليه من تقدّم كاف لمواصلة المفاوضات، ليتضح من مواقف الفرقاء أنّ العقد المتبقية لا تستحق التضحية بالتفاهمات المحققة، لأنّ إعلان الفشل يعني أنّ كلّ فريق صار بحلّ من النقاط التي أعلن قبولها بموجب التفاوضات، وأيّ عودة مرة ثانية إلى التفاوض ستبدأ من سقوف جديدة ربما تكون قد فرضتها التطوّرات، والخطوات التي يقطعها كلّ فريق، سواء ما تنجزه إيران من تقدّم ستسعى إلى تحقيقه مع وقف التفاوض، كما حصل في كلّ مرة سابقة، أو على مستوى نوع ومستوى وحجم العقوبات التي تشكل الردّ الرئيسي المتبقّي بيد الأميركيّين وحلفائهم، والمخاطرة بالفشل لا تتوقف عند مفردات الملف النووي، كما يرى معلقو الصحف الغربية، على المناخ الذي تجري فيه المفاوضات، وتحوّلت معه إلى كابح لانفجار إقليمي يصير حتمياً، مع إعلان الفشل.
السعودية وتركيا و«إسرائيل» أبرز حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط في حال ضعف واشتباك عالي الوتيرة مع إيران، ويكفي أن تخرج واشنطن من التفاوض مع طهران حتى تنطلق شرارة مواجهات أشدّ عنفاً لا تبقي مجالاً وباباً للتسويات، خصوصاً في سورية ولبنان واليمن.
وكما يرى خبراء إيرانيون، فإنّ واشنطن المتريّثة في التوصل إلى التفاهم مع طهران بانتظار أن ينجز حلفاؤها تحوّلاً في موازين القوى الإقليمية، تبدو مصدومة ومفجوعة بحال الحلفاء، فـ«إسرائيل» منذ عملية حزب الله في مزارع شبعا وعلى رغم كلّ صراخ رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو ضدّ التفاهم النووي مع إيران وعلى رغم فوزه الانتخابي، لا يزال مردوعاً ومذعوراً خشية التورّط في أيّ مواجهة، ولا يملك إلا التصعيد الداخلي في وجه الفلسطينيين إرضاء لليمين المتطرف، وهو ما يزيد من ضعف واشنطن ولا يمنحها أيّ سبب للشعور بالمزيد من القوة. وتركيا التي تلقت إشارة الانتظار الأميركية، لم تستطع فعل شيء سوى الاستعانة بـ«جبهة النصرة» وحماية تقدّمها نحو مدينة إدلب شمال سورية، وهي تعلم حجم الإحراج الأميركي بـ«جبهة النصرة» كفرع رسمي لتنظيم «القاعدة» مصنّفة كفصيل إرهابي لدى واشنطن. أما السعودية التي بدأت قبل أسبوع بدعم أميركي، وحشد عشر دول وراءها لتقليم أظافر إيران في اليمن، فقد فقدت أسبوعها الحاسم في الحرب من دون تحقيق أي إنجاز باستثناء ارتكاب المجازر بحق المدنيّين مستعيدة سيرة الحروب الفاشلة لـ«إسرائيل».
في اليمن، بعد أسبوع من بدء الحرب، تقدّم السعودية تغطيتها لوقائع الحرب، كما يلي: لا يزال الهجوم الحوثي مستمراً على عدن وحرب شوارع، تشهد مقاومة مستميتة من مؤيدي الرئيس منصور هادي، وتقول وكالات الأنباء إنهم مجرّد مقاتلين في «القاعدة» ولا يمتّون بصلة إلى هادي، وتضيف على المشهد صوراً تقول إنها لقوافل دبابات وشاحنات عسكرية تابعة للحوثيين دمّرتها الطائرات السعودية، فتنشر قناة «العالم» الصور نفسها بتاريخها الحقيقي كصور لقوافل عراقية دمّرها القصف الأميركي في حرب الكويت، وتتابع التغطية السعودية للحرب، بنقل ما وصفته بإعلان إنذار مصري للبحرية الإيرانية لمغادرة مضيق باب المندب، فيكشف قائد البحرية الإيرانية أنّ مدمّراته وطراداته تتجوّل في مياه خليج عدن ومضيق باب المندب في إطار ما يُسمّيه «مساهمتها في ضمان الملاحة الدولية»، ولم يصدف أن التقت ولا أن تحادثت مع قطع بحرية مصرية، وتكتمل الفضيحة السعودية، بإعلان وكالات الأنباء أنّ البرّ اليمني، وفوقها طائرات سعودية لا تترك الأجواء، وفي منطقة باب المندب خصوصاً، رمز الحرب على اليمن، صار باب المندب بيد الحوثيين الذين دخلوا المنطقة بعشرين فرقة وتسلّموا الحواجز والمباني الحكومية من اللواء السابع عشر وقائده العميد صالح الصباري وهم يسيّرون الدوريات في المنطقة.
يبني الخبراء الإيرانيون على هذا المشهد الإقليمي، تفسيرهم للمماطلة الأميركية أملاً بتحسين شروط التفاوض وليس للانسحاب منها، ويعتبرون أنّ تخطي المهلة المتفق عليها عائد إلى إضاعة الأميركيين للوقت الجدّي للتفاوض في التمييع بانتظار متغيّرات لم تحدث ليعودوا إلى التفاوض الجدّي منذ أربع وعشرين ساعة فقط، كما يفسّرون بهذه الأحداث الإقليمية إعلان إيران عن تقديم مبادرة لحلّ الأزمة اليمنية، ستصبح حبل نجاة للسعودية، حتى لو رفضتها في البداية، خصوصاً في ضوء الإنجاز العراقي باسترداد تكريت، بالتعاون مع قوات التحالف، وهو إنجاز أراد السعوديون تحويله فشلاً إيرانياً، ليجدوا ما يفرحهم في مشاهد المنطقة، بينما يعرف العراقيون ويعرف الأميركيون حجم الدور الإيراني في صناعة هذا النصر وما سيترتب عليه في حرب الموصل، التي تبدو تركيا مرتبكة مع اقترابها بين التقرّب من إيران والابتعاد عنها، في النقاش التركي الداخلي حول الزيارة المقرّرة للرئيس التركي رجب أردوغان إلى طهران.
إنجاز تحرير تكريت، كان فرصة ليتوحد اللبنانيون، الموجودة حكومتهم في الكويت، تحت عنوان مؤتمر النازحين السوريين، وطلب المساعدات، بعدما قسّمتهم حرب اليمن، ففي تكريت نصر يقول السعوديون إنه فشل إيراني ومسموح لحلفاء السعودية أن يفرحوا فيه حتى لو احتفل به حلفاء إيران، بينما اليمن حرب على إيران وعلى حلفاء السعودية أن يعلنوا دعمها.
وسط أجواء المواقف من العدوان السعودي على اليمن، ورفض حزب الله الموقف الذي أطلقه رئيس الحكومة تمام سلام في قمة شرم الشيخ حول هذا الموضوع، يلتئم مجلس الوزراء اليوم في السراي الحكومية للبحث في جدول أعمال من 47 بنداً عادياً بينها 12 بنداً مؤجلة من الجلسة السابقة. واستبعدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن يؤدي رد حزب الله على الرئيس سلام إلى تعطيل عمل الحكومة، مشيرة إلى أن الجلسة ستشهد نقاشاً في هذا الشأن من دون أن يؤدي الأمر إلى توتير الأجواء.
وشددت المصادر على «أن الحزب يتجه إلى استيعاب الموقف على اعتبار أن البلد لا يحتمل المزيد من الفراغ، فالحكومة هي صمام الأمان الوحيد في البلد في ظل الفراغ الرئاسي وتعطيل عمل مجلس النواب».
ولفتت مصادر مطلعة إلى «أن موقف وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر وزراء الخارجية العرب أعطى الطابة لرئيس الحكومة الذي برر العدوان على اليمن، وأيد إنشاء قوة عربية مشتركة». ولفتت المصادر إلى «أن موافقة لبنان على هذه القوة من دون معرفة من يحركها، ووفق أي دستور تشكلت وفي أي مجال ستستخدم، مدعاة استغراب، لا سيما أن بإمكان هذه القوة اللجوء إلى تأديب أي نظام لا ينسجم مع سياسة الدول المشكلة لهذه القوة».
حزب الله يطالب بتنبيه عسيري
وفي السياق، رد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله على رد السفير السعودي علي عواض عسيري على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. واعتبر فضل الله مواقف عسيري تدخلاً في الشؤون اللبنانية يستوجب التنبيه. وقال: «إن تكرار السفير السعودي في لبنان تصريحاته التي يتعرَّض فيها للسيد نصر الله، تشكل خروجاً عن الأصول الديبلوماسية التي تحكم عمل السفراء، والتي تفرض عليهم عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبنان، ومن هذه الأصول عدم التعليق على مواقف قياداته، أو تحديد ما يجب على نوابه القيام به من خلال الادعاء بأن هناك من يمنعهم من النزول إلى المجلس النيابي، كما فعل السفير السعودي الذي توهم بأنَّه يستطيع التطاول على هامة وطنية وعربية وإسلامية من حجم سماحة السيد نصر الله، أو يؤثر على خيارات اللبنانيين المستقلة عن الإرادة الخارجية، ومثل هذا السلوك غير المتوافق مع مهامه الديبلوماسية يستدعي تنبيهاً عاجلاً من الحكومة اللبنانية لوضع حدٍّ لهذا التدخل في الشأن الداخلي اللبناني».
في الأثناء، عرض رئيس الحكومة تمام سلام لملف النازحين من سورية إلى لبنان في الكلمة التي ألقاها خلال «المؤتمر الثالث للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية» في الكويت.
وأوضح سلام أنّ العلاج المطلوب لموضوع النازحين «يكمن في إدارة الوجود السوري بحزمة من الإجراءات العملية والفاعلة»، مشيراً إلى «خطة مفصلة للحكومة اللبنانية تفوق قيمتها مليار دولار، تتضمن قائمة برامج موزعة قطاعياً، ومترجمة في شكل مشاريع تنموية ضرورية».
وأعلن سلام «أنّ هذا المقترح، القابل لأي تعديلات يأتي في إطار خطة الاستجابة للأزمة للعامين 2015 و2016، التي وضعت بالتنسيق مع المنظمات الدولية والتي تبلغ قيمتها مليارين ومئة مليون دولار».
ولفت إلى «أنّ لبنان يستضيف اليوم حوالى مليون ونصف مليون نازح»، معتبراً أنّ «النتيجة الأخطر للنزوح هي الوضع الأمني الذي شكل ويشكل تهديداً مباشراً للاستقرار. وقد شهدنا تسلل مسلحين إرهابيين إلى لبنان وتمركزهم في بؤر على الأراضي اللبنانية، وفي بعض تجمّعات اللاجئين».
وأكد «أنّ الثمن الذي يدفعه بلدنا، يتخطى قدرته على التحمل، ويحتاج من كلّ أصحاب النيات الطيبة وكلّ الحريصين على حفظ استقراره، وعدم خروج الأمور عن السيطرة فيه، إلى مقاربات جديدة تنطلق من قراءة واقعية بأنّ الأزمة السورية المسببة للنزوح، غير مرشحة للأسف للانتهاء في القريب المنظور».
وانتهى المؤتمر بوعود بتقديم ثلاثة مليارات و800 مليون دولار للدول المضيفة في حين أن المطلوب لتخفيف أعباء النازحين 8 مليارات دولار.
في مجال داخلي آخر، لا تزال قضية تعيينات القيادات الأمنية عالقة على الخلاف حول الآلية التي يجب أن تعتمد في هذا الملف. وفي السياق، رأى تكتل التغيير والإصلاح أن «حكومة مكتملة العناصر والأوصاف يجب ألا ترضى بالتطاول على صلاحياتها»، مشيراً إلى أن التكتل يصر على التعيينات الأمنية معتبراً أنه «يجب أن تحصل في مجلس الوزراء، وأن التكتل لا يقبل أن تستمر الأوضاع الشاذة في ظل وجود حكومة ليست بحكومة تصريف أعمال، لذلك طالب التكتل مجلس الوزراء بالمبادرة إلى إجراء التعيينات الأمنية والعسكرية وفقاً للأنظمة من دون أي تلكؤ.
هيئة التنسيق: سنتجاوز المحرمات
ووسط الملفات الخلافية المتراكمة، نفذت هيئة التنسيق النقابية اعتصاماً أمام وزارة التربية مطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، وسط إضراب عدد من المؤسسات التربوية.
ودعت الهيئة خلال اعتصامها إلى ضرورة «تصحيح الرواتب والأجور، لأن ذلك واجب على الدولة وحق عليها». وأكدت «أن لا علاقة لهيئة التنسيق بالبازارات السياسية ولا بالمواقف الاستعراضية ولا بالاصطفافات من أي نوع كانت.
ولفت رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي عبدو خاطر إلى «أننا لن نتوقف عند هذا الحد نحن على موعد مع الجمعيات العمومية ومجالس المندوبين لاتخاذ القرار المناسب، سنتجاوز المحرمات وسنعود إلى كل أشكال التعبير الديمقراطية».
محاكمة سلفيين
على صعيد آخر، تجري اليوم محاكمة الشيخ السلفي عمر بكري فستق والشيخ حسام الصباغ وجمال دفتردار من قبل المحكمة العسكرية. وعلمت «البناء» أن المحكمة ستستمع إلى إفادات عدد من الأشخاص أبرزهم الشيخ نبيل رحيم في قضية الصباغ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
خيارات الحريري: التمسّك بالتسوية أم اصطفافات جديدة؟
المفاوضات مع العدو تتعقّد
تبدو خيارات الرئيس سعد الحريري معدومة. هجومات من داخل البيت الواحد ومحاولات لإحراجه ثم إخراجه من التسوية الرئاسية، لكن كلّها من دون خيارات بديلة. فهل يبقى الحريري على التسوية أم يجنح نحو اصطفافات جديدة يطمح إليها المزايدون على وقع التوترات في الإقليم (تقرير فراس الشوفي)؟.
تكاد مقدّمات نشرات أخبار تلفزيون المستقبل للأسبوع الماضي تعكس حجم الأزمة التي وصل إليها حال الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل. فمن الهجوم على الزميل قاسم يوسف بسبب مقال، إلى الردّ على النائب نهاد المشنوق واللواء أشرف ريفي، توّج التيار الأزرق الموقف الحريري عبر إعلامه الرسمي، بالردّ في مقدمة نشرة الأخبار أمس على… الإعلامي نديم قطيش، بعدما لمّح إلى احتمال أن يقدّم الحريري استقالته من رئاسة الحكومة.
وجاء موقف المستقبل حاسماًَ لجهة أن يترك «المقربّون» من الحريري، كما سمّتهم المقدّمة، «عرض تمنياتهم، وليتركوا له (الحريري) أن يأخذ قراره، الذي لن يكون حتماًً على صورة تلك التمنيّات». وفي دفاعٍ ضد أصحاب الاتهامات من أهل البيت أنفسهم، حول أزمة الحريرية السياسية، قالت المقدمة إنه «لا الحريرية السياسية مأزومة ولا الحريرية الوطنية… والقائلون بذلك يشاركون في حملات الطعن بالحريرية، ويسيئون إلى سعد الحريري… ويسوّقون لحشر السّنة في خانة الإحباط والتراجع كرمى لعيون الباحثين عن أدوار».
لن يكون الهجوم الذي يتعرّض له الحريري حاليّاًَ من أهل بيته أقسى من الاعتداء الذي تعرّض له يوم اختطف في المملكة السعودية وأجبر على تقديم استقالته، بعد إعلانه أمام ابن سلمان عدم قدرته على تفجير لبنان بوجه حزب الله. وليست خافية أهداف هؤلاء الحريريين المباشرة ومحاولات الظهور بأدوار البطولة في الدفاع عن «أهل السّنة» والمزايدة على الحريري على خلفية التسوية الرئاسية. لكن الصالونات السياسية تضجّ في البلاد لمحاولات فهم المواقف المتسارعة وسرّ الهجوم على الحريري ومحاولات إحراجه أمام شارعه أوّلاً، وأمام السعودية ثانياً. فهل تنحصر الحملات على الحريري في إطار المزايدات؟ أم أن المطلوب من فريق الحريريين المتضررين من تسوية الرئاسة ومن الحكومة الجديدة تهيئة الشارع لاصطفافات سياسية جديدة على وقع الضغوط المتعاظمة في الإقليم ضد إيران وسوريا وحزب الله؟
التسوية الرئاسية لم تكن سبباًَ لضعف الحريرية السياسية. بل على العكس من ذلك، لم يكن الحريري ليبحث عن التسوية الرئاسية لولا الضعف الذي أصاب تياره وتيار 14 آذار بأكمله، مع سلسلة الخسائر التي أصيبوا بها على وقع الحرب السورية. ثمّ جاءت الانتخابات النيابية لتكرّس ضعف الحريرية السياسية، إن في تراجع عدد نواب كتلة المستقبل، أو في وصول ستّة نواب سنّة من أخصام الحريرية.
وليس خافياً أيضاً أن التسوية الرئاسية وتجديدها ما بعد الانتخابات النيابية، كانا أفضل الخيارات بالنسبة إلى الحريري، الذي انتهى أعظم أهدافه إلى البحث عن كيفية العودة إلى رئاسة الحكومة، وتحصيل بعض الموارد من التفاهمات مع الوزير جبران باسيل…
ومع أن حالة الإرباك تسيطر على الفريق اللصيق بالحريري وعدم معرفة هؤلاء بكيفية ردّ رئيس الحكومة على الحملات التي يتعرّض لها، إلّا أن أجواء هؤلاء وردّ المستقبل، يؤكّدان أن الحريري ماضٍ في التسوية الرئاسية وسيتجاوز كلّ أمنيات الساعين إلى إحراجه لإخراجه، أو دفعه إلى التصعيد بوجه عون. وبحسب المعلومات، فإن الاتصال الذي جرى بين الحريري والرئيس ميشال عون، بمناسبة عيد الفطر، حمل إشارات إيجابية على ضرورة التهدئة الإعلامية بين المستقبل والتيار الوطني الحرّ. وفيما يعود الحريري إلى نشاطه اليوم، فإن المتوقّع أن يزور قصر بعبدا بعد ظهر اليوم أو على أبعد تقدير غداً الثلاثاء، للوقوف مع عون على آخر التطوّرات، كما من المتوقّع أن يزور الحريري الرئيس نبيه برّي. فرئيس الحكومة يعتبر أن إنهاء ملفّ الموازنة خلال هذا الشهر سيكون صعباً، في ظلّ أجواء التصعيد والتوتّر في البلاد، فضلاً عن انسحاب هذا الاشتباك على ملفّ التعيينات، كما حصل سابقاً مع ملفّ نواب حاكم مصرف لبنان.
وعلى الرغم من أن «القلق» مشروع من أن إحراج الحريري والتضييق عليه قد يدفعه إلى إعادة الاصطفاف في معسكر القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وشبه إحياء لمعسكر 14 آذار على وقع الظروف الإقليمية، إلّا أن الاشتباك الجزئي مع باسيل ومزايدات فريق الحريري، لا يلغيان أن التسوية الرئاسية هي المكسب الأكبر بالنسبة إلى رئيس الحكومة، مع غياب البدائل، فضلاً عن أن الثقة مفقودة مع قطبي 14 آذار، سمير جعجع ووليد جنبلاط؛ فالأول لا يخفي شماتته بالحريري من الاشتباك الأخير مع باسيل، فيما الثاني لا يوفّر فرصةً لاستهداف الحريري إلّا ويستغلّها، ويكاد مضمون تغريداته يشبه إلى حدٍّ بعيد تصريحات المشنوق أو حتى كلام قطيش. ومؤّخراً، لم ينجح المسار الذي حاول جنبلاط فتحه مع الحريري، عبر الوزير وائل أبو فاعور، لأسباب كثيرة، فماتت مبادرات فكّ الاشتباك مع أول تغريدة لجنبلاط حول بلدية شحيم.
من هنا، يبدو حضن الرئيس عون أكثر اطمئناناً للحريري من أي طرح معاكس، خصوصاً أن حزب الله نفسه، وإن بصورة غير مباشرة، طمأن الحريري حيال تمسّكه بالتسوية الرئاسية وضرورة الحفاظ على الاستقرار في البلاد.
المفاوضات مع العدو تتعقّد
في انتظار عودة ديفيد ساترفيلد إلى بيروت لاستكمال المباحثات حول ترسيم الحدود، طرأ تطوّران مهمّان من شأنهما «تعقيد مسار التفاوض»: الانتخابات الإسرائيلية المبكرة وتعيين ديفيد شِنْكِر مساعداً لوزير الخارجية الأميركي… فيما يفترض أن تتحرك الاتصالات الداخلية لعقد اجتماع في المجلس الأعلى للدفاع يدرس التحركات الإسرائيلية على الحدود البرية (تقرير ميسم رزق).
على أجندة الإدارة الأميركية، ملف يُجاور الملفات الحسّاسة في منطقة الشرق الأوسط، هو ملف الترسيم البري والبحري بين لبنان و «إسرائيل». وأما طريقة مقاربته (التي عبّر عنها كِبار الموفدين الأميركيين أخيراً، واختلفت عن طريقة أسلافهم) فيُراد منها ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، الأسمن بينها، ورقة يقدّمها فريق دونالد ترامب كإنجاز تحت عنوان «التفاوض الإسرائيلي ـــ اللبناني باعتباره خطوة أولى نحو السلام». بهذه البساطة، اختصَر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إجابته عن سؤال طرحه مسؤولون لبنانيون عليه في معرِض استفسارهم عن الموقف الأميركي المستجد والمرونة التي أبداها هو ومساعدوه خلال زياراتهم للبنان (22 آذار 2019). لم يتأخر الفريق اللبناني الذي سمِع الجواب في نقله إلى أصحاب الشأن، وزادَ عليه شعوراً بأن بومبيو نفسه يُريد أن يكون جزءاً من الطبخة، إذ يهيّئ نفسه للترشح لمركز سيناتور في مرحلة لاحقة.
بناءً على ذلك، بدأ فكّ اللغز الذي يقِف وراء شبه الاستدارة الأميركية والعودة عن السقف العالي للشروط التي رماها ساترفيلد وزملاؤه في وجه المعنيين بهذا الملف في لبنان، من دون إغفال الأطماع الأخرى التي تصبّ في مصلحة العدو الإسرائيلي، وخاصة أن الفترة التي سبقت زيارة بومبيو لبيروت (والتي بدأ معها الخيط الإيجابي بالظهور) تخللتها عدّة أحداث أكدت أن بعض الأطراف اللبنانيين كانوا مؤيدين للأفكار الأميركية لجهة فصل الترسيم البرّي عن البحري، يتقدمهم رئيس الحكومة سعد الحريري. وتبيّن لاحقاً أن هؤلاء الأطراف يريدون «الإمساك بمفاصل هذا الملف وتولّي التفاوض مع الجانب الأميركي وفقَ ما يريده الأخير، لتقديمه كهدية لصهر ترامب جاريد كوشنر الذي وعَد بمُقابل ينعش الاستثمار». هذا ما كشفته مصادر مطلعة أكدت أن «انتقال الملف الى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، واعتماده من قبل الجانب الأميركي كمرجع للمباحثات، أغضبا هؤلاء الأطراف اللبنانيين، لكن لم يكُن بإمكانهم إظهار اعتراضهم، لا سيما أن برّي استطاع انتزاع موافقة أميركية على الآلية التي وضعها لبنان للقبول بالتفاوض، على أن يتولى الموفدون الأميركيون نقل الشروط اللبنانية الى تل أبيب والعودة بإجابات عنها». وفيما أعادت المصادر تأكيد «قبول العدو ببعض البنود، من التلازم بين البحر والبرّ وبدء التفاوض برعاية الأمم المتحدة وضيافتها بحضور وسيط أميركي»، يبقى بند «المهلة الزمنية التي يريدها لبنان مفتوحة وتريدها إسرائيل محددة بستة أشهر».
وفيما كان من المفترض أن يعود نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد إلى بيروت لنقل موقف إسرائيل ممّا يتعلق بهذه النقطة، بعد أن زار لبنان منذ أسبوعين والتقى كلاً من رئيسي الحكومة ومجلس النواب ووزير الخارجية، «غاب الرجل وقال عدّولي»، طرأ تطوّران مهمان تمثلا أولاً في تغيرات الداخل الإسرائيلي والدعوة الى انتخابات في أيلول المقبل، وثانياً في الإعلان عن تعيين مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، ديفيد شنكر، رسمياً، في موقع مساعد وزير الخارجية الذي كان يشغله ساترفيلد بالوكالة.
ومنذ ذلك الحين، بدأ القلق الجدّي يساور المعنيين بملف التفاوض، وبدأت الأسئلة حول مدى انعكاس هذين التطورين على مسار التفاوض ومجمل ما بلغته المحادثات. فالمسؤول الجديد الذي سيرث إدارة الملف من ساترفيلد يعتبر من أكثر المطلعين على الملف اللبناني ومعروف عنه وقوفه إلى جانب المصالح الإسرائيلية. ومع أن الانحياز صفة ملازمة لأغلب المسؤولين الأميركيين، الا أن شنكر يعتبر من أقرب المقرّبين لكيان العدو ومن المتشدّدين جداً في دعمه. ولا يمكن مع شخص مثله أن تستمر الولايات المتحدة في ادّعاء الحياد المصطنع مع لبنان، بحسب المصادر، التي تخوّفت من أن يعقّد «التفاوض على آلية التفاوض»، ويعيد الأمور الى النقطة الصفر.
وفي انتظار ما ستحمِله الأيام المقبلة على صعيد هذا الملف، وعودة الموفد (أياً يكُن، ساترفيلد أو شنكر)، تتركزّ الأنظار على التعديات التي تقوم بها «إسرائيل» جنوباً على الحدود البرية قرب رأس الناقورة، لجهة إنشاء جيش الاحتلال برجاً للمراقبة داخل منطقة «متحفّظ عليها» لبنانياً (أي إنها أراضٍ تعتبرها الدولة أرضاً لبنانية)، إذ نقلت المصادر ذاتها «استياءً من عدم تحرّك الدولة حتى الآن في وجه التحركات الإسرائيلية»، وهو ما استدعى «إجراء اتصالات مع القيادات المعنية لاتخاذ الخطوات المناسبة». وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن قيادتي حزب الله وحركة أمل ناقشتا الأمر، وعبّرتا عن انزعاج واضح ممّا يحصل في مقابل تقاعس الدولة عن القيام بواجبها، علماً بأن «التحركات الإسرائيلية، وفي حال لم تقابل بأي ردّ، قد تصل إلى حدّ بناء جدار جديد تماماً كالجدار الاسمنتي الذي استكملته إسرائيل في المناطق المتحفّظ عليها لبنانياً، باعتبارها محتلة، وخسّر لبنان ورقة تفاوض قوية». وبحسب المعلومات، فإن القيادتين اتفقتا على إثارة الموضوع وإجراء الاتصالات اللازمة مع رئيسي الجمهورية والحكومة من أجل انعقاد المجلس الأعلى للدفاع واتخاذ توجهات حاسمة ومنعها من فرض أمر واقع برّي جديد لا شكّ في أنه سينعكس سلباً على الترسيم البحري.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
تضامن واسع مع طرابلس اليوم.. وبعبدا تنتظر الحريري
إبراهيم في طهران لإستعادة زكا.. وخطابات باسيل تهدّد 200 ألف لبناني في الرياض
لم تهدأ عاصفة السجالات، والرد والرد المعاكس، سواء عبر الشاشات أو «التويترات»، بانتظار استئناف الأسبوع الأوّل بعد عطلة الفطر السعيد، التي تبدأ من عاصمة الشمال طرابلس، باجتماع تضامني تعقده كتلة «المستقبل» النيابية اليوم وحضور وزراء التيار والوزراء الطرابلسيون الآخرين.. بالتزامن مع معاودة النقاش لمشروع الموازنة في لجنة المال النيابية، التي من المتوقع ان تعقد جلستين صباحية ومسائية يومياً لإنجاز الموازنة في غضون شهر، واقرارها في المجلس، تمهيداً لنشرها في الجريدة الرسمية.. ايذاناً بمرحلة جديدة من النهوض الاقتصادي في ضوء مقررات مؤتمر «سيدر» وبدء موسم الاصطياف..
وإذا كانت عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت مرتقبة بين ساعة وساعة، فإن زوّار بعبدا نقلوا عن الرئيس ميشال عون تمسكه بالتسوية الرئاسية، وانه ينتظر زيارة الحريري إلى بعبدا للتداول في التطورات، والتباحث بإمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع.
أسبوع التهدئة
إلى ذلك، يفترض ان يشهد الأسبوع الطالع مع عودة الرئيس الحريري إلى بيروت، مرحلة جديدة من التموضع الرسمي في التعاطي السياسي مع القضايا المطروحة والمؤجلة، لعل أهمها لملمة الوضع الحكومي الذي اصيب بانتكاسات نتيجة الخلافات والسجالات بين معظم مكونات الحكومة، حول ملفات إجرائية في ظاهرها، لكنها تستبطن إيصال رسائل حول إدارة البلد، وملفات عالقة مثل التعيينات الإدارية ولا سيما في نيابة حاكمية مصرف لبنان والمجلس الدستوري ورئاسة مجلس شورى الدولة والقضاء وبعض الإدارات العامة والوزارات والمجالس، إضافة إلى لملمة الوضع الأمني الذي انتكس جزئياً بعد جريمة طرابلس الإرهابية الاثنين الماضي، وما نتج عنها من سجالات ومواقف جرى ويجري العمل على توضيحها، سواء بزيارة وزير الدفاع الياس بو صعب إلى دار افتاء طرابلس أمس الأوّل، خلال جولته التفقدية للمواقع العسكرية في الشمال والبقاع، أو في الزيارة المرتقبة عند الأولى من ظهر اليوم الاثنين لوزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي إلى دار الفتوى للقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، فيما ينشط الوزير وائل أبو فاعور للملمة الخلاف بين تيار «المستقبل» والحزب «التقدمي الاشتراكي» بعد السجال حول رئاستي بلديتي شحيم والجية في إقليم الخروب، من دون ظهور نتائج فعلية حتى الآن.
وسيكون للوزير جريصاتي موقف بعد زيارة المفتي دريان يُؤكّد على وحدة الصف الرسمي والسياسي والوطني بعد المواقف التي تحدثت عن استهداف للطائفة السنية، في حين يفترض ان يقوم وفد من منسقية «التيار الوطني الحر» في بيروت بزيارة للمفتي دريان للغرض ذاته، ويتم ذلك وسط تأكيدات من طرفي الأزمة، أي «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» على التمسك بالتسوية السياسية التي انتجت الانتخابات الرئاسية وقانون الانتخابات النيابية واجراء الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة، وانها ستبقى صامدة برغم بعض الهزات التي اعتورت اركانها.
«المستقبل» يتبرأ من المقربين
وينتظر ان تشكّل عودة رئيس مجلس الوزراء، فرصة لإعادة لملمة كل الخلافات التي تفجرت في غيابه، بدءاً من لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون – ربما غداً – بهدف التحضير لجلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع، والاتفاق على جدول أعمالها، بعد التفاهم على ما أثير من مواقف في غياب رئيس الحكومة، والتي تبين ان معظمها لا علاقة له بها، بحسب ما اوحت مقدمة النشرة المسائية لاخبار تلفزيون «المستقبل»، حينما قالت انه «عندما يُقرّر الرئيس الحريري ان يأخذ قراره، فهو لن يحتاج لمن يمتطون احصنة المقربين للنطق باسمه وإطلاق المواقف والتوقعات والتحضيرات التي لا وجود لها في قاموس الرئيس».
وحسمت المقدمة ما تردّد نهاراً في بعض الكواليس السياسية عما وصفته «نصف استقالة للحريري» فأكدت أن «وجود الرئيس الحريري في السلطة يحدده هو نفسه، لا المقابلات المتلفزة ولا من يقف وراء المقابلات المتلفزة، والذين يراهنون على شيء ما يمكن ان يقدم عليه الرئيس الحريري يحتاجون لشيء من التواضع في مقاربة ما يجول في نفس رئيس الحكومة وما ينوي عليه في المرحلة المقبلة»، مشيرة إلى ان «لا الحريرية السياسية مأزومة ولا الحريرية الوطنية، والقائلون بذلك إنما يشاركون في حملات الطعن بالحريرية، ويسيئون لسعد الحريري بحجة الحديث عنه، ويسوقون لحشر السنة في خانة الاحباط والتراجع كرمى لعيون الباحثين عن ادوار».
وكانت مصادر في «المستقبل» وكذلك في «التيار الوطني الحر» أكدت تمسك الطرفين بالتسوية الرئاسية، إذ أكّد النائب في التيار آلان عون ان المهم ليس في البحث بالتراجع عن التسوية، بل الأهم التطلع إلى كيف سنكمل في البلد، وهناك الكثير من الملفات والمشاريع، وتساءل عن المقصود مما يقوم به تيّار «المستقبل» من محاولات تفتيش عن عذر للابتعاد عن «التيار الوطني الحر»، أم أنه ردّات فعل خرجت عن مسؤولين في «المستقبل».
ومن جهته، شدّد مستشار الرئيس الحريري النائب السابق عمار حوري على ضرورة وقف التشنج ومحاولات البحث عن انتصارات وهمية من خلال تصريحات تؤثر على التسوية، كاشفاً عن مساعٍ قام بها تيّار المستقبل للحفاظ على التسوية مع «التيار الحر»، مؤكداً ان «المستقبل» ليس هو الذي بدأ السجال بل بعض التسميات التي تحدثت عن السنية السياسية والمارونية السياسية هي التي لا تخدم استمرار التسوية.
المشكلة مع الاشتراكي
في المقابل، تبدو المشكلة مع الحزب الاشتراكي أكبر واعمق مع شعور رئيس الحزب وليد جنبلاط ان التسوية السياسية وان انتجت استقراراً سياسياً، لكنها تمارس بطريقة ثنائية أو ثلاثية تؤدي إلى تغييب مكونات سياسية اساسية ومنها الحزب الاشتراكي والطائفة الدرزية عن القرار. وهو ما دفع عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب فيصل الصايغ، الى القول عبر حسابه على «تويتر»: «رحم الله الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والله يحمي اتفاق الطائف من اعدائه».
وأفادت مصادر نيابية في الحزب الاشتراكي لـ «اللواء» ان ما يزعج الحزب ورئيسه ليس مجرّد خلاف بلدي يجري العمل على حله عبر تدخل المخاتير والاعيان في شحيم لمعالجة مسألة المداورة برئاسة البلدية، لكن هناك شيئاً اكبر يتعلق بسوء الإدارة السياسية لأمور البلد ككل، وقالت المصادر: التسوية السياسية المفترض ان تؤمن استقرارا سياسيا وتهيئ لإصلاح الاقتصاد، انتجت تسويات وتفاهمات ثنائية وثلاثية سياسية وطائفية على حساب اتفاق الطائف، وبدا ذلك في كل الخطط والمشاريع التي تم اقرارها بموجب التفاهمات الفرعية، ومنها خطة الكهرباء التي ضربت مبدأ المناقصات، وموازنة لا رؤية اصلاحية اقتصادية اجتماعية فيها، والتحضير لمرسوم جنسية غير مفهوم وغير واضح، عدا تغييب المعايير الواجب اعتمادها في التعيينات.
ومع ذلك تؤكد مصادر «الاشتراكي» ان الحزب الاشتراكي اوقف السجال بعد ساعتين من اندلاعه مع «المستقبل» بناء لطلب وليد جنبلاط، وان التسوية باقية والعمل جارٍ لتحصينها عبر مساعي الخير القائمة على اكثر من جهة، والمهم ان نصل الى ادارة سليمة للبلد تؤمن تكافؤ الفرص للناس وتعالج المشكلات الكبيرة القائمة، فيما تؤكد مصادر «تيار المستقبل» ان الامور تتجه نحو الحلحلة، وان السجالات محصورة بمستويات مختلفة لكنها لم تشمل الرئيس الحريري شخصيا فهو لم يتدخل وليست مهمته ان يتدخل في هكذا سجالات.
تضامناً مع طرابلس
من جهة ثانية، كشف مصدر رفيع في كتلة «المستقبل» النيابية، ان الكتلة ستعقد اليوم الاثنين اجتماعاً استثنائيا لها في عاصمة الشمال طرابلس تضامناً مع المدينة ومع القوى الأمنية والعسكرية في أعقاب العملية الإرهابية التي استهدفت الجيش وقوى الأمن الداخلي وأمن واستقرار طرابلس، واسفرت عن استشهاد أربعة عسكريين.
وذكر المصدر لـ«مستقبل ويب» ان اجتماع الكتلة سيعقد عند الساعة الثالثة من بعد الظهر في حضور وزراء تيار المستقبل والوزراء الطرابلسيين . ويلي الاجتماع عند الساعة الرابعة اجتماع مع اعضاء المكتب التنفيذي ومع اعضاء المكتب السياسي للتيار في الشمال، ومن ثم يعقد اجتماع» قطاعي -نقابي – عمالي».
ويسبق اجتماع الكتلة جولة قبل الظهر على قيادات المدينة.
وكانت العملية الإرهابية، حضرت بقوة أمس، في الاحتفال الذي اقامته قوى الأمن الداخلي في ثكنة المقر العام في الأشرفية، لمناسبة مرور 158 عاماً على تأسيسها، حيث شدّد المدير العام لقوى الأمن اللواء عماد عثمان ان «قوى الأمن لن تألوَ جهداً في مواجهة شبكات الإرهاب، مؤكداً بأننا مع الجيش في خندق واحد»، وقال ان «من كرس نفسه لخدمة القانون وحماية الدولة والمواطنين لن يتزعزع ايمانه بفعل مسؤوليته جرّاء بعض الوشوشات السوداء»، موضحاً ما سيق ان قصده حين وصف الارهابي عبد الرحمن مبسوط بأنه يُعاني من عدم استقرار نفسي، بأن «كل من يفكر مجرّد تفكير بالقيام بأي عمل إرهابي يهدف إلى القتل والتخريب هو كائن مريض عقلي ونفسي وعصبي، ولا نستطيع ان نقول عنه إنسان حتى، لأنه متجرد من كل صفات الانسانية».
اما وزيرة الداخلية ريّا الحسن التي شاركت اللواء عثمان في الاحتفال، فأكدت من جهتها بأن دماء قوى الأمن الداخلي امتزجت بدماء الجيش في طرابلس، وما يجمعه الدم لا تفرقه السياسة ولا المزايدات.
وإذ لاحظت ان المجتمع اللبناني بكل مكوناته يلفظ الإرهاب ولا يوفّر له أي بنية حاضنة، لفتت إلى ان قوى الأمن ليست رمادية في سهرها على أمن الوطن والمواطنين بل متطرفة في القضاء على الإرهاب الأسود، وانها قوة ضاربة لحفظ الأمن وهي صمّام أمان تتعاون مع المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية الأخرى لصون استقرار البلد وناسه.
جولة وزير الدفاع
وكان وزير الدفاع الياس بو صعب زار طرابلس السبت والتقى المفتي الشيخ مالك الشعار والنائب فيصل كرامي بعدما تفقد قيادة منطقة الشمال العسكرية في القبة واستمع إلى شرح مفصل بالصوت والصورة للعملية الإرهابية التي نفذها المبسوط ليلة عيد الفطر، وشدّد في أعقاب هذه الجولة على ان الإرهاب ليس له دين، وان الإسلام هو دين المحبة والسلام والتسامح، وان الارهابي يمكن ان تكون لديه انتماءات مختلفة، وليس من شرط بأننا عندما نأتي على ذكر الإرهاب ان نربطه بدين أو بمذهب.
إطلاق زكا
على صعيد آخر، أعلنت المديرية العامة للأمن العام أن مديرها العام اللواء عباس ابراهيم غادر «مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري» في بيروت متوجهاً إلى طهران لاستكمال المساعي للإفراج عن المواطن اللبناني نزار زكا».
ووصل اللواء ابراهيم إلى طهران، على أن يعود إلى لبنان اليوم أو غداً وبرفقته زكا، حيث من المقرر التوجه مباشرة ومعه زكا الى القصر الجمهوري للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين لفتت إلى أنّ «بعد المساعي الطويلة الّتي كانت مكثّفة مؤخّرًا، اتّصل سفير إيران في بيروت بوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وأبلغه رسميًّا بتجاوب السلطات الإيرانية المعنيّة مع طلب الرئيس عون الى نظيره الإيراني حسن روحاني، ومع رسالة وزير الخارجية والمغتربين إلى نظيره الإيراني بخصوص العفو لمناسبة عيد الفطر عن اللبناني زكا، كما أفاده عن استعداد السلطات في إيران لاستقبال أيّ وفد لبناني في أيّ وقت لتسليمه اللبناني المعفو عنه زكا»، وان كان ليس في عداد المعفى عنهم لمناسبة العيد.
وتساءلت مصادر دبلوماسية عن الثمن الذي طلبته إيران من لبنان للافراج عن زكا؟
ونسبت وكالة أنباء فارس إلى غلام حسين إسماعيلي، وهو متحدث باسم السلطة القضائية في إيران، قوله: «تلقينا طلبا من المتهم ومسؤولين لبنانيين لإصدار عفو وإطلاق سراحه. ننظر في هذا الطلب بوصفه قضية خاصة».
وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أمس أن آية الله علي خامنئي عفا عن نحو 700 سجين لكن إسماعيلي قال إن زكا لم يكن على قائمة المعفى عنهم.
على صعيد يتعلق بتصريحات وخطابات الوزير باسيل التي طالب فيها بالدفاع عن اليد العاملة اللبنانية بوجه أي يد عاملة أخرى، اكانت سورية فلسطينية فرنسية سعودية ايرانية او اميركية فاللبناني «قبل الكل»».
وقال مغرد سعودي في ردّه: «لا يوجد سعوديون موظفين في لبنان فهم لن يتركوا دول العالم المتقدم ليتوظفوا لديكم وشكرا سعادة الوزير لان اللبنانيين المقيمين في الرياض فقط يفوق الـ200 الف لبناني كما نشرت صحيفة الاقتصادية السعودية لذلك يستوجب منا التخلص منهم وتوظيف السعوديين فهم ابناء البلد وقبل الكل». وقد لاقى هذا الرد تفاعلاً كبيراً، من قبل ناشطين في لبنان والسعودية.
وفي الإطار عينه، قال الوزير السابق وئام وهاب رداً على باسيل «سياسياً ولكن الإنصاف يقتضي أن نعترف بأن الكثير من اللبنانيين عاشوا من خير الخليج والكثير من قرانا عمرتها أموال الخليج لذا فلنتوقف عن اتخاذ مواقف لا تفيد الناس فعشرات الآلاف ينعمون بخيرات الخليج العربي».