ركزت الصحف على مؤشر التهدئة أمنياً وحكومياً. فقد تسلم اللواء عباس إبراهيم ملف ترميم الأمن الداخلي في جبل لبنان الجنوبي، بدءاً من توقيف المتهمين "الجنبلاطيين" باغتيال مرافقي وزير المهجرين. كما نجح أقطاب النظام الطايفي في ضبط الإنقسامات الحادة بينهم، باتفاقهم على تعطيل الحكومة ليومين لا أكثر. وهذا المَيَلان نحو إقرار "الجميع" بأن "الأمن خط أحمر" من شأنه حفظ المصالح الأساسية للمواطنين. كذلك، تابعت الصحف "فشل مهمة ساترفيلد". فقد نقل المبعوث الأميركي إلى المسؤولين اللبنانيين رفض العدو الصهيوني للشروط التي حددتها حكومة الرئيس سعد الحريري للتفاوض معه، ما يعني "سبات" مفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية، أقله حتى الإنتخابات "الإسرائيلية" في أيلول المقبل. وانفردت "اللواء" بنشر وقائع المشادة التي افتعلها وزير الخارجية مع وزيرة الداخلية في الإجتماع الأخير لمجلس الأعلى للدفاع . ونقلت عن مصادر شاركت في الإجتماع، انه قبل ترؤس رئيس الجمهورية وحضوره الجلسة بدا الجو مشحوناً، ومن دون مقدمات، بادر الوزير باسيل الوزيرة ريّا الحسن بالقول، وبلهجة حادّة: "أنتِ انتبهي لحالك"، فردت عليه قائلة: "ما بسمحلك تقلي هيك؟ ولا تهددني، فهمت، انا وزيرة داخلية على رأس السطح"، فأجابها قائلاً: "انتبهي ع حالك عم قلك.."، فردت عليه قائلة بلهجة حادة: "روح شوف حالك، انا ما حدا بيهددني"، ثم دخل رئيس الجمهورية وترأس الجلسة.
اللواء
مجلس الوزراء ينجو من قطوع الجبل.. والتأجيل بقطع الطريق على «التصويت المفجِّر»
الحسن تتصدّى لتهديدات باسيل في بعبدا.. وصندوق النقد يحذِّر المركزي من السندات المنخفضة الفائدة
.. في اليوم الثالث لحادث قبرشمون، توزعت الجهود على احتواء التوتر بتسليم عناصر مشتبه بتورطها بالحادث وتنتسب إلى الحزب التقدمي الاشتراكي ومتابعة الاتصالات لفرض مسار تهدوي، من التبريد إلى المراجعة الأمر الذي حدا بالرئيس سعد الحريري إلى إعلان تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة أمس، افساحاً في المجال لإنضاج المساعي وإعطاء «انفسنا نفس»، على حدّ تعبير رئيس الحكومة، الذي أشار إلى انني: اترأس حكومة وفاق وطني، وليس خلاف ونحتاج إلى 48 ساعة لتنفيس الاحتقان، وقررت تأجيل الجلسة حتى يتنفس الاحتقان ويأخذ القضاء مجراه، نافياً ان يكون وزراء لبنان القوي الذي يرأسه الوزير جبران باسيل يريدون تعطيل الجلسة.
وعلمت «اللواء» ان تأجيل الجلسة بقرار من الرئيس الحريري جنب البلد «خضة كبيرة» وسمح بتمرير قطوع حادث قبرشمون وتداعياته.
وكشف مصدر وزاري ان الوزير باسيل حاول من خلال جمع وزرائه الايحاء بأنه يتحكم بالثلث المعطل، وانه بالإمكان التصويت على قرار إحالة الحادث إلى المجلس العدلي، بصرف النظر عمّا يمكن ان تؤول عملية التصويت..
وقال المصدر لـ«اللواء» ان اتصالاً اجراه الرئيس الحريري بالرئيس ميشال عون لتدارك الموقف، من خلال تأجيل الجلسة، ووصول وزراء من التيار إلى السراي الكبير قبل عملية التأجيل، وللحؤول دون تصديع الحكومة.
وتأتي هذه التطورات، في سياق المواقف التي أحاطت بجلسة المجلس الأعلى للدفاع، حيث كشفت مصادر شاركت في اجتماع، انه قبل ترؤس رئيس الجمهورية وحضوره الجلسة بدا الجو مشحوناً، ومن دون مقدمات، بادر الوزير باسيل وزيرة الداخلية ريّا الحسن بالقول، وبلهجة حادّة: أنت انتبهي لحالك، فردت عليه قائلة: ما بسمحلك تقلي هيك؟ ولا تهددني، فهمت، انا وزيرة داخلية على رأس السطح، فأجابها قائلاً: انتبهي ع حالك عم قلك.. فردت عليه قائلة بلهجة حادة: روح شوف حالك، انا ما حدا بيهددني، ثم دخل رئيس الجمهورية وترأس الجلسة، وتحدث عن ضرورة ملاحقة مطلقي الرصاص وإلقاء القبض عليهم، وتولي القوى الأمنية والجيش مهمات حفظ الأمن، وأيده وزيرالدفاع، ووزير الخارجية والوزير سليم جريصاتي، الذين تناوبوا على الكلام مشددين على ضرورة إرسال الجيش ليقوم بالمداهمات في المنطقة، وينتشر في كل المناطق، وإلقاء القبض والقيام بالمداهمات، والعمل على نزع الأسلحة من أيادي الأهالي، وهنا تدخل الرئيس الحريري، وتحدث بلهجة قوية، معتبرا انه لا يجوز زج الجيش في الخلاف الحاصل، وضرورة الحفاظ على التهدئة، ولملمة ذيول ما حصل، وتكثيف الاتصالات والمشاورات السياسية، مع القوى المعنية بنزع فتيل الأزمة وإعادة الأمور إلى نصابها، على ان تتولى الأجهزة القضائية التحقيق في مجريات الأحداث، وإلقاء القبض على المتورطين والمرتكبين.
وأضافت المصادر ان المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان قدم تقريراً موثقاً ومفصلاً عمّا سبق الأحداث، وما تمّ خلالها، وكيفية تطوّر الأمور، ولم يترك شاردة ولا واردة مما اعتبره الحاضرون بأنه تقرير مهني صرف.
وفي حين لوحظ ان القيادة العسكرية لم تشأ الغوص في الكلام أكثر، مع رفض زج الجيش في الخلافات السياسية، بناء على طلب الوزراء الثلاثة، حيث أخذ الكلام مدير المخابرات بالجيش وتحدث مطولاً عن المعالجات المطلوبة، بكثير من الواقعية والخبرة وعدم الانجرار إلى مواقف غير محسوبة، وان يتواكب تحرك الأجهزة باتصالات سياسية، يتم خلالها التوافق على ملاحقة المطلوبين واحالتهم إلى القضاء..
لقاء الحريري – جنبلاط
وفي معلومات «اللواء» ان أكثر من عنصر أمني وسياسي دخل على خط تهدئة الأوضاع التي توترت في منطقة قرى عاليه الأحد الماضي، كان أبرزها اللقاء الذي تمّ ترتيبه على عجل بين الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في حضور رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، في دار الطائفة الدرزية في بيروت، على هامش التعازي برئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين.
وبطبيعة الحال، فإن لا الوقت ولا المناسبة كانت تسمح للرجلين بأن يجلسا لأكثر من ربع ساعة، على اعتبار ان اللقاء كان فقط لسحب فتيل التوتر الحاصل في الجبل، وان تكريس المصالحة بينهما في عهدة الرئيس نبيه برّي الذي سيجمعهما إلى مائدة عشاء في عين التينة، كانت معدة قبل حادثة الجبل، خلال 48 ساعة.
ووفق المعلومات فإن أجواء اللقاء كانت إيجابية، وهناك توافق في الرأي، لتقريب القراءات حول كيفية التعاطي مع حادثة قبرشمون، وأكّد جنبلاط استعداده الكامل للتجاوب مع مساعي التهدئة وتسليم المطلوبين، وأبلغ الرئيس الحريري بأن الحزب الاشتراكي ليس فوق القانون بل هو الذي طالب من اللحظة الأولى بالتحقيق لكشف كافة الملابسات، نافياً «رواية الكمين المعد مسبقاً»، ومحاولة اغتيال الوزيرين جبران باسيل وصالح الغريب.
ومن جهته، اكد الرئيس الحريري انه لم يكن في الأساس مع إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي، وليس في ذلك انتقاصاً من المجلس العدلي، متسائلاً عن الفائدة منه في هذا الوقت، إذا كان لدى الحزب الاشتراكي نية واستعداد لتسليم المتورطين في إطلاق النار للقضاء، مشدداً على ان الأساس في المعالجات يكون بالتهدئة في لغة الخطاب السياسي، وفي تسليم هؤلاء، ثم ندع القضاء، وفق التحقيقات التي سيقوم بها، بأن يُقرّر هو ما إذا كانت الحادثة اعتداء على أمن الدولة، أم مجرّد اشكال أمني حصل ابن لحظته، وليس معداً ومحضراً سلفاً، مثلما يقول الفريق الآخر.
تطيير مجلس الوزراء
والظاهر ان هذه الرؤية للمعالجات، كانت سبباً في تطيير جلسة مجلس الوزراء، بالنظر لاستحالة التوافق الوزاري على إحالة حادثة قبرشمون إلى المجلس العدلي، بين وجهة نظر الرئيس الحريري ومعه وزيرا الحزب الاشتراكي وائل أبو فاعور واكرم شهيب اللذان اشترطا بضم حادثة الشويفات، ووزاء «القوات اللبنانية» في مقابل إصرار وزراء «التيار الوطني الحر» ومعهم وزراء «حزب الله» والحزب الديموقراطي على الإحالة للمجلس العدلي فيما لم يعرف موقف وزراء الرئيس نبيه برّي.
وبدا واضحاً منذ الصباح، ان لا حل للمشكلة الا بتأجيل الجلسة ومعها ترحيل موضوع المجلس العدلي، بانتظار انتهاء المساعي الجارية على خط تسليم المتورطين بالحادثة، لكن الرئيس الحريري فوجئ باعتكاف وزراء تكتل «لبنان القوي» عن الحضور إلى السراي، في إطار حركة ضغط كانت ترمي إلى أمر من اثنين: اما الإصرار على طرح مسألةالاحالة إلى المجلس العدلي على التصويت، وهو ما رفضه الرئيس الحريري، نظراً لما كان يشكله هذا الأمر من تعقيد، أو ان يكون الوزير باسيل هو صاحب القرار بتعطيل النصاب وليس رئيس الحكومة. لكن الرئيس الحريري رفض أيضاً العرض الثاني، مُصراً على ضرورة حضور الوزراء إلى السراي، وان يخرج الإعلان عن تأجيل الجلسة من السراي بعد اكتمال النصاب، وليس من قصر بسترس، حيث مكتب باسيل، بسبب فقدانه على أساس انه هو الذي يملك الثلث المعطل.
وإزاء إصرار الحريري عاد باسيل ورضخ بايفاد أربعة من وزرائه التسعة الذين كانوا مجتمعين في مكتبه، إلى جانب الوزراء الـ17 الذين كانوا ينتظرون في قاعة مجلس الوزراء، بحيث اكتمل النصاب، فدخل الرئيس الحريري عندئذ إلى القاعة، وأبلغ الوزراء بتأجيل الجلسة بعد انتظار ساعتين.
وعبر الرئيس الحريري عن انزعاجه من باسيل، عندما حمله مسؤولية ما حصل في الجبل بشكّل غير مباشر، حينما لفت النظر إلى ان المسؤول يتعين عليه ان يتلمس ردة فعل الأهالي حيال ما يقوله ويعلنه، لكنه شدّد على ان الامن خط أحمر.
وقال: إذا أراد أحدهم ان يلعب معي لعبة تعطيل الجلسات، فأنا من يتخذ موقفاً، ولا يظننَّ أحد انه بإمكانه ان يضع «فيتو» عليَّ، فأنا من يضع «الفيتو» وسيكون بدل الفيتو «فيتوين»، لكن الحريري طلب عدم قراءة تأجيل الجلسة على انه أمر سلبي، بل إيجابي لحل المشكلة، مشيرا إلى انه بحاجة إلى 48 ساعة لتنفيس الاحتقان.
وفي معلومات لـ «اللواء» ان جلسة مجلس الوزراء بدت طبيعية وان وزيري الأشتراكي دخلا الجلسة بشكل عادي، وقد مازح الوزير ابو فاعور الوزير محمود قماطي بالقول: «انا الميليشاوي وائل ابو فاعور، فرد احد الوزراء عليه بالقول: اذا نحن ماذا فرقة كشافة».
وقالت مصادر وزارية ان معظم الوزراء سجلوا استياءهم من طريقة تعاطي وزراء التيار الوطني الحر لجهة جعلهم ينتظرون لمدة ساعتين ونصف ساعة قبل بلورة قرارهم من الجلسة حتى ان احد الوزراء قال لـ«اللواء» اننا شعرنا وكأننا في المدرسة.
وعلم ان الوزراء قضوا هذه الفترة بتبادل الأحاديث مع العلم انه كان يمكن استغلال هذا الوقت في العمل في الوزارات. وعلم ايضا ان الحريري بدا هادئا مؤكدا بعد حضور 4 وزراء من التيار الوطني الحر الجلسة ضرورة اتخاذ الأمور بروية وعدم خلق شرخ اكبر في البلد مما هو حاصل.
وساطة ابراهيم
واكدت المصادر الوزارية ان مهلة الـ48 ساعة كفيلة ببلورة الأمور بعد دخول اللواء عباس ابراهيم على خط الوساطة، حيث باشرها بزيارة الحريري في السراي والتقاه في حضور الوزيرين شهيب وأبو فاعور، وجرى بحث في موضوع تسليم المشتبه بتورطهم في الأحداث من عناصر الحزب الاشتراكي، وكان أيضاً على اتصال مع جنبلاط والوزير باسيل، ثم انتقل إلى دارة خلدة والتقى رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان في حضور الوزير صالح الغريب الذي كان زار السراي مطالباً الحريري «بإحقاق الحق» بحسب قوله.
وتركز البحث في لقاء خلدة، على حلحلة قضية رفض دفن الضحيتين رامي سلمان وسامر أبو فراج، حتى تسليم المتهمين بإطلاق النار على موكب الغريب في حادثة قبرشمون.
وقال اللواء ابراهيم لـ«اللواء»: ان الامن يُستعاد بالتدرج، واللجوء الى القوة هو اخر اسلوب، واستعادة الامن في الجبل بدأت بالتواصل مع الاطراف المعنية من اجل البدء بالخطوة الاولى وهي تسليم المشتبه بتورطهم بإطلاق النار، وقدتسلمنا في الثالثة من بعد الظهر(امس) ثلاثة شبان من الحزب التقدمي الاشتراكي، وتعهد الحزب بتسليم كل من يظهره التحقيق لاحقا متورطا او مشتبها به.
اضاف: نحن ننتظر التحقيقات الامنية والقضائية وننسق مع الجيش وشعبة المعلومات من اجل تحديد هوية باقي المشتبه بهم، وانامكلف بتسلمهم من الجهات المعنية، وسيتم ايضا تسليم المشتبه بهم من الحزب الديموقراطي، وقد ظهر ان وليد بك(جنبلاط) من خلال موقفه (تغريدة عبر تويتر) والمير طلال (ارسلان) متجاوبان وكذلك الاطراف المعنية الاخرى متجاوبة ومنها الوزير باسيل عبر موقفه الهادئ (امس)، ولا يوجد اي طرف يريد ان يفتح مشكلا جديدا في البلد، ونأمل ان ننتهي من مهمة توقيف وتسلم المطلوبين خلال يومين او ثلاثة على الاكثر.
وعن الشق السياسي من عملية التهدئة؟ قال اللواء ابراهيم: نحن نتولى الشق الامني ونترك السياسة للسياسيين، لكننا نهيء لهم الارضية بالعمل الامني للتهدئة من اجل القيام بعملهم السياسي في جوهاديء ومستقر.
وحول موضوع تشييع الضحيتين رامي سلمان وسامر ابوفرج بعد ما بدأ تنفيذ شرط ذويهما بتسليم المطلوبين؟ قال ان هذا الامر ينسق به المير طلال وأعتقد ان الامور صارت منتهية..
من جهته، قال أرسلان: ان اللواء عباس ابراهيم موقع ثقة بالنسبة، إلي وعندما يضع يده في أي قضية فإنه يضعها بالحق والعدالة لاستتباب الأمن والعدالة لنا جميعا.
ولاحقاً اجتمع النائب ارسلان بذوي الضحيتين وتقرر تسلم جثمانيهما وتحديد موعد الدفن لاحقا بعد تسليم كل المتورطين بالحادث، وجرى نقل الجثمانين من مستشفى الشحار الى مستشفى قبر شمون الحكومي..
وسبق مهمة ابراهيم اعلان قيادة الجيش في بيان لمديرية التوجيه عن توقيف مديرية المخابرات كلاًّ من (ف.ع) و(خ.غ) للاشتباه بمشاركتهما في حادثة إطلاق النار في بلدة قبرشمون، وقد ضبطت بحوزتهما أسلحة ورمانات يدوية وذخائر حربية. وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص. (وهما من الحزب التقدمي).
ولوحظ ان مساعي المدير العام للأمن العام ترافقت مع تغريدة لجنبلاط قدم فيها التعزية لأهالي الضحايا، متمنياً الشفاء للجرحى، وأشاد بدور الجيش والمخابرات وكافة الأجهزة الأمنية في تثبيت الأمن والاستقرار.
وقالت معلومات ان وساطة إبراهيم لإعادة ترتيب العلاقات داخل البيت الدرزي، جاءت بتفويض مباشر من الرئيس ميشال عون وتأييد من الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، على الرغم من ان الحزب لا يخفي امتعاضه من الطريقة الميليشياوية التي تعاطى بها أنصار جنبلاط مع الوزير الغريب في قبرشمون.
وكان الرئيس عون تلقى التقارير من مختلف المعنيين، بعدما خصص فترة من وقته لمتابعة تداعيات احداث الجبل، واجتمع لهذا الغرض مع اللواء إبراهيم الذي زار قصر بعبدا بعيداً عن الأضواء.
وقالت مصادر مقربة من قصر بعبدا ان وحدة الجبل اساسية ولا عودة لعقارب الساعة الى الوراء, واي محاولة للإصطياد بالماء العكر وضرب العيش المشترك في الجبل سيكون مصيرها الفشل كما ان اي فتنة ستواجه من قبل رئيس الجمهورية نفسه .
وقالت المصادر انه لا بد من جعل القضاء يقوم بدوره بحيث يكون الكلمة الفصل, مشيرة الى ان الرئيس عون تابع التحقيقات الجارية في هذه الأحداث مع الإجهزة الأمنية ومع المدعي العام التمييزي بالوكاله القاضي عماد قبلان .
واشارت الى ان الكلام التحريضي مرفوض وان التهدئة هي المطلوبة, كاشفة ان رئيس الجمهورية حدد موقفه في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع وقراراته تبقى المستند الأساسي.
مهمة ساترفيلد تحتضر
في هذا الوقت، واصل مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد المكلف رعاية المفاوضات بين لبنان واسرائيل لتحديد الحدود البرية والبحرية، وساطته بين البلدين وأجرى جولة جديدة من الاتصالات مع القيادات اللبنانية امس في زيارة هي الخامسة لبيروت, اسثنى فيها على غرار الجولة السابقة لقاء الرئيس عون، مكتفياً بجولة شملت الرئيسين برّي والحريري والوزير باسيل وقائد الجيش العماد جوزاف عون.
وذكر مصدر ديبلوماسي ان زيارة ساترفيلد قد تكون الاخيرة كوسيط بعد موافقة الكونغرس الاميركي على تعيينه سفيرا في تركيا، مستبعدا ان يستمر بمهامه كوسيط بينما يتسلم رئاسة بعثة بلاده في انقرة، متوقعا ان يتسلم منصبه دايفد شنكر الملف لاطلاعه على دقائق السياسة اللبنانية.
على ان اللافت في هذه الجولة، انها ترافقت مع معلومات أفادت ان المسؤول الأميركي لم يحمل للمسؤولين اللبنانيين أي جديد، بل انه تلا على مسامعهم أفكاراً سبق ان ابلغوه رفض لبنان لها، ما أوحى ان الزيارة قد تكون الأخيرة بالنسبة إلى موضوع مفاوضات الحدود.
وسط هذه التطورات، تعاود لجنة الإدارة والعدل مواصلة عملها، بعدما كشف وزير المال علي حسن خليل من ان لا خلاف بين المالية أو الحكومة وقيادة الجيش، وان التخفيضات التي حصلت تمت بالاتفاق مع وزير الدفاع الياس أبو صعب.
اما بالنسبة لموضوع المتقاعدين، فأكد ان ضريبة 3٪ على معاشات التقاعد لن تطال أصحاب الرواتب دون المليونين، اما أصحاب الرواتب المرتفعة، فستطالهم بما لا يقل عن 500 أو أكثر لمن راتبه التقاعدي 6 ملايين أو أكثر واعداً بأنه سيعمل على الحد من نسبة التخيض لتصبح ممكنة، واعداً ان يكون إلى جانب العسكريين من ان أي حل لا يرضي كل الأطراف يمكن ان يسقط في المجلس النيابي.
وفي السياق، توقع صندوق النقد الدولي أن تؤدي تدابير ميزانية لبنان لعام 2019 لخفض العجز المالي إلى نحو 9.75 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، معتبرا أنه من المهم أن يبدأ لبنان بعملية تعديل مالي وإصلاحات هيكلية كبيرة لاحتواء الدين العام وزيادة النمو.
وراى الصندوق، في تقريره، ان المخاطر وأوجه الضعف ما زالت قائمة بالنسبة للبنان وعدم تحقيق الأهداف وإحراز تقدم في الإصلاحات قد يؤدي إلى تآكل الثقة، لافتا الى أنه بناء على المعلومات الحالية فمن المرجح أن يتجاوز العجز المتوقع بكثير المستوى المستهدف الذي أعلنته السلطات في لبنان.
واذ اشار صندوق النقد الى ان مصرف لبنان المركزي حافظ على الاستقرار المالي لسنوات، اعتبر أن التحديات التي يواجهها في ذلك قد نمت، داعيا اياه لأن يتراجع تدريجيا عن العمليات شبه المالية ويعزز ميزانيته العمومية. وأشار إلى أن شراء السندات المنخفضة الفائدة المقترحة سيؤدي إلى تدهور ميزانية مصرف لبنان المركزي وتقويض مصداقيته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
إيران ترسم معادلة التزامها بالتفاهم النووي بمقدار الالتزام الأوروبي… وساترفيلد يحافظ على شعرة معاوية
الحكومة مؤجّلة وفق معادلة احتضان مطالب جنبلاط السياسية ومطالب إرسلان الإجرائية
إبراهيم يتولى ترتيب الملفين الأمني والقضائي في الجبل… وخليل يؤكد جهوزية بري للملف السياسي
الأيام الفاصلة عن الأحد المقبل موعد نهاية المهلة الإيرانية للعودة للتخصيب المرتفع لليورانيوم، تمر طويلة مع مواصلة طهران تخفيض التزاماتها بالاتفاق النووي، بعدما تخطت سقف الكمية التي تخزنها الثلاثمئة كيلوغرام المنصوص عليها في الاتفاق النووي، وتستعد لخطوات لاحقة، في ظل موقف أوروبي يهدد بالخروج من الاتفاق ما لم ترتضِ إيران البقاء تحت مظلة أحكامه، وقد جاء الرد الإيراني على لسان وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، برسم معادلة التزام إيران بالاتفاق يتمّ بمقدار الالتزام الأوروبي ذاته، وكلما أثبتت أوروبا التزاماً أوضح تعود إيران عن الخطوات التي اتخذتها لتخفيض التزاماتها. ودخلت موسكو على الخط لتقديم حلول وسط بالتحرك بين إيران والعواصم الأوروبية، لحماية الاتفاق واعتبار الخطوات الإيرانية رسائل سياسية لا تعني خروجاً من الاتفاق طالما هي خطوات قابلة للتراجع، داعية أوروبا للتفاعل مع الرسائل الإيرانية من هذه الزاوية ومطالبة إيران بالتوقف عن تخفيض التزاماتها بالاتفاق.
الأيام التي يحكمها التوتر في المنطقة، شهدت تحريكاً لملف ترسيم الحدود اللبنانية البرية والبحرية، الذي يقوده معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد الذي زار لبنان دون أن يحمل أجوبة إسرائيلية نهائية تسقط مبادرته أو تضعها على السكة، وفقاً لمعادلة عدم قطع شعرة معاوية، وإبقاء التحرك حياً، وما تسرب وفقاً لمصادر متابعة يقول إن المسعى لا يزال قائماً لكن لا إنجازات ملموسة تتيح العودة إلى مفاوضات برعاية أممية تحت عنوان الترسيم وفقاً للرؤية اللبنانية التي حازت في البداية على موافقة أميركية لا تبدو بالثبات ذاته.
لبنان الذي استقبل ساترفيلد كان منهمكاً في تفكيك المناخات المأزومة سياسياً وأمنياً على خلفية أحداث الجبل وكيفية التعامل معها، حيث فشلت الحكومة في الانعقاد بعدما وضع تكتل لبنان القوي شرطاً للحضور يتمثل بإحالة قضية حادث قبرشمون إلى المجلس العدلي، ونشطت الاتصالات السياسية لصياغة تسوية تتيح تحريك القضية من جهة وفتح الباب للحلحلة السياسية من جهة أخرى، وتشكلت عناوين التسوية المتداولة وفقاً لمصادر متابعة من ثلاثية قوامها: إحاطة النائب السابق وليد جنبلاط بالتفهم السياسي لمطالبه وشعوره بالإحباط، ودعوة الوزير جبران باسيل لتخفيض سقوف خطابه السياسي والطائفي، وتكليف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مهمة ترتيب الملف الأمني والقضائي والإجرائي في الجبل، بما يطمئن النائب طلال إرسلان، بما في ذلك فتح الباب لإنهاء ذيول حادثة الشويفات، ومعالجة بعض الانتقادات الإرسلانية لبعض الأجهزة الأمنية، وفيما كان واضحاً الدور الذي لعبه رئيس مجلس النواب نبيه بري في رسم هذه الثلاثية، كان وزير المال المعاون السياسي للرئيس بري علي حسن خليل يتحدث لقناة الـ أو تي في عبر برنامج بدبلوماسية، مؤكداً أن الرئيس بري مستعد للوساطة بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي وكذلك بين النائب طلال إرسلان والنائب السابق وليد جنبلاط. ودعا حسن خليل «الى تنظيم الاختلاف بين «التيار الوطني الحر» و»الاشتراكي» في خضم الاشتباك، مشدداً على أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري دائماً هو عنصر جامع خاصة في وقت الأزمات ويعمل تحت عنوان ثابت». وأكد أن «الرئيس بري حاضر لترتيب العلاقة بين المكونات الدرزية وبين «الاشتراكي» و»التيار الوطني الحر»، وهذا لا يعني أن هناك مبادرة او مشروعاً متكاملاً، لكنه دائماً مستعد للعب الدور الإيجابي لجمع الأفرقاء»، مشيراً الى أن «الحل قضائي أمني – سياسي وكل الجهد يجب أن ينصبّ على تكاملها مع بعضها البعض، وأولوية اللقاء الذي رتب له الرئيس بري بين الحريري وجنبلاط الى جانب تخفيف التوتر إعادة تمتين العلاقة بين المكونات الدرزية وبين الاشتراكي والتيار الحر». وأضاف: «المهم إجراءات أمنية تعيد الاطمئنان للناس ونتوجّه بأحر التعازي لأهالي الضحايا ونشدّ على أيديهم ونقف الى جانبهم. البلد بحاجة الى علاقة ايجابية متوازنة طبيعية من هنا عمل الرئيس بري على توثيق العلاقة بين «الاشتراكي» و»المستقبل» من دون الدخول لا باتفاقات جانبية او صفقات»، موضحاً أن «الرئيس بري منذ اليوم الأول لانتخاب الرئيس عون مدّ له اليد، وقال نحن على أتم الاستعداد للتعاون من كل مواقعنا، في المجلس النيابي وكحركة سياسية، للمساعدة في أخذ البلاد الى الامام، والرئيس بري ومن موقعه وقيادته يرتاح للنقاش مع الرئيس عون وهو على تواصل دائم معه. والتجربة الأخيرة بعد تشكيل الحكومة شجعت على تطوير العلاقة بينهما». وعن زيارة الوزير جبران باسيل الى الجنوب، قال حسن خليل: «بالتأكيد هو مرحب فيه، هو وزير ورئيس تيار سياسي ولا أحد يمكن أن يفكر بغير ذلك». وتابع: «التيار الوطني الحر من أقوى التيارات المسيحية وله كتلة نيابية كبيرة منتشرة على مساحة الوطن. وهذا يرتب عليه بناء علاقات مع كل القوى السياسية على قواعد الانفتاح وإعادة النظر بمواقفه مع من يلتقي معهم ومن يختلف معهم من موقع القوي»، مشيراً الى أننا «عندما بحثنا بالوثيقة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل وجدنا أننا متفقون على الكثير من القواعد الأساسية وأن كان هناك بعض الاختلافات لناحية التفاصيل».
خيّمت الأجواء المتوترة على السراي الحكومي، فأرجأ رئيس الحكومة سعد الحريري جلسة مجلس الوزراء أقله 48 ساعة من أجل تنفيس الاحتقان وتهدئة الوضع، بعدما تعمّد وزراء تكتل لبنان القوي التأخر عن الجلسة في سياق التضامن مع الوزير صالح الغريب بعد ما تعرّض له في قبرشمون يوم الأحد، والإصرار على إحالة الملف الى المجلس العدلي.
على هذا الأساس قرّر رئيس الحكومة سعد الحريري تأجيل الجلسة، بعد التواصل هاتفياً مع الوزير جبران باسيل الذي لم يحضر الى السراي ومع الوزير الغريب الذي حضر لاحقاً الى السراي ووزراء رئيس الجمهورية سليم جريصاتي ومنصور بطيش وألبرت سرحان وحسن مراد، علماً أنّ وزيري الاشتراكي أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور ووزراء حزب الله وحركة أمل كانوا أول الحاضرين.
وبحسب مصادر وزارية لـ «البناء» فقد حصلت مشاورات جانبية بين الحريري وعدد من الوزراء الاشتراكي والوزير علي حسن خليل على هامش الجلسة التي لم تنعقد، مشيرة إلى أنّ غالبية الوزراء أبدوا انزعاجهم من تأخر وزراء تكتل لبنان القوي. وعلى هذا الأساس طلب الحريري من الوزراء الانتظار الى الساعة 1:15 على أساس انه اذا لم يحضر وزراء لبنان القوي سوف يرفع الجلسة، لكنه عاد ومدّد المهلة بعد ان علم انّ الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية في طريقهم الى السراي، ليأخذ بعدها الرئيس الحريري قراراً بتأجيل الجلسة بسبب التوتر الذي كان ظاهراً على وجوه الحاضرين.
وفيما حضر الغريب الى السراي للقاء الرئيس الحريري، أشارت المعلومات الى انّ الغريب هدّد بالانسحاب من الحكومة طالباً من الرئيس الحريري ضرورة أن تستنكر الحكومة ما قام به الحزب التقدمي الاشتراكي من اعتداء في الجبل، معتبراً أنّ وزراء تكتل لبنان القوي مصرّون على إحالة القضية الى المجلس العدلي.
وفي السياق نفسه، اعتبرت مصادر الديمقراطي لـ «البناء» أنّ على المعنيين إيقاف الفاعلين ومحاسبتهم وإلا فإنّ الأمور لن تكون على ما يرام. فعلى الدولة التحرك لتعطيل محركات الفتنة التي يلجأ اليها البعض بين الفينة والأخرى.
وقالت مصادر وزارية في القوات اللبنانية لـ «البناء» إنّ القوات ترفض إحالة الجريمة الى المجلس العدلي لا سيما انّ المجلس لم يتخذ أيّ قرار في القضايا التي أحيلت عليه ولم يبتّ بأيّ جريمة ولا جدوى له. وأشارت الى انّ قضية محاولة اغتيال الوزيرة مي شدياق لم يتخذ أيّ قرار في شأنها. ولفتت الى انّ جريمة الجبل لم تُعرَف حيثياتها وظروفها فضلاً عن انّ التحقيقات لم تنته بعد، ولذلك ما هي جدوى إحالة القضية الى المجلس العدلي؟ واعتبرت مصادر القوات أنّ من يريد الحركشة والاستفزاز فليتحمّل الإشكالات في إشارة الى خطابات باسيل، موضحة انّ مرافقي الغريب يجب ان لا يطلقوا النار في الهواء ما دفع المسلحين الى الردّ، مشيرة الى انّ الطرفين أخطآ ولا يجوز توتير الأجواء في الجبل ونحن متمسكون بالمصالحة، ومشدّدة على انّ القوات مع التحقيق وترك القضاء يأخذ مجراه.
وقالت مصادر وزارية في الحزب الاشتراكي لـ «البناء» إننا ملتزمون بما يقرّره القضاء. وهناك تحقيقات وعندما تنتهي لكلّ حادث حديث ونحن متعاونون مع الجهات القضائية والأمنية ومستعدون لتسليم ايّ متورّط ولطالما كنا مع القضاء، لكن أيضاً يجب ان تكون كلّ الملفات بعهدة القضاء من دون استثناء ويجب ألا يكون أحد فوق سقف القانون ويجب ان تشمل التوقيفات كلّ من أطلق النار من الجهات كافة، وليس فقط من الاشتراكي.
وكان الحريري بعد رفعه الجلسة، قال «اكتمل النصاب، لكن قرّرنا أن «نأخد نفَس». فهناك مشكلة في البلد ونحتاج الى 48 ساعة لتنفيس الاحتقان». وأكد أنّ الأجهزة المعنية ستوقف الفاعلين والمتسبّبين بحادثة قبرشمون وستحيلهم الى القضاء، «وسنتخذ كلّ الإجراءات لمحاسبة المرتكبين، فالأمن خط أحمر». وشدّد على أنّ «مَن ارتكب الجريمة سيُحال الى القضاء الذي سيأخذ مجراه وسيكون حاسماً». وأضاف: «كلنا منفتحون كي نجد الحلول، ونطلب من الاعلام عدم تضخيم الأمور»، نافياً أن يكون «وزراء «تكتل لبنان القوي» عطلوا نصاب جلسة مجلس الوزراء، ومؤكداً أنه هو «من ارتأى تأجيلها لتنفيس الاحتقان». وطمأن الى أنّ «الحكومة بألف خير، ومساء اليوم أو صباح غد يحدّد موعد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء». وقال «الخلاف ليس على المجلس العدلي أو سواه وما تهمّنا هي النتيجة. وهناك تجاوب كبير من الجميع، وأسأل ما هي النتائج التي توصّل إليه المجلس العدلي سابقاً؟».
وفي أول كلام للوزير باسيل بعد الحادثة فقد أكد عقب اجتماع تكتل لبنان القوي أنّ ما حصل في قبرشمون مرفوض، ولفت الى أنّ عليهم مسؤولية المساهمة بـ «لملمة» ما حصل، مؤكداً ألا أحد يريد الفتنة. وقال باسيل:» لا نريد ولا نستطيع إلغاء أحد ولن نسمح بمحاولة إيقاعنا بفتنة مسيحية – درزية ونعمل للمصالحة ونريدها عميقة». وأضاف باسيل: «قيل إنّ ما حصل هو بسبب كلام استفزازي صدر عنا بينما ما ورد في الكحالة وصوفر لم يكن إلا في الإطار الإيجابي، ولكن للأسف صوت الرصاص لم يعد يسمح يومها بسماع صوت المحبة الذي كان يصدر عنا».
وأكد باسيل الوقوف الى جانب الحزب الديمقراطي لتحقيق العدالة، وقال: «سنمنع حدوث الفتنة في البلد ومتمسكون بسياستنا الانفتاحية وبممارسة حقوقنا على الأراضي اللبنانية وباستعادة حقوقنا اذا كانت منقوصة في كلّ لبنان وفي الجبل». وعن زيارته لطرابلس، قال: «سنقوم بالأمرين معاً… سياسة الانفتاح والزيارات ومنع الفتنة».
وبانتظار اللقاء الذي سيعقد بين الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط خلال الساعات القليلة المقبلة في عين التينة الى مأدبة عشاء يقيمها الرئيس نبيه بري على شرفه، عقد الحريري وجنبلاط أمس خلوة قصيرة في دار الطائفة الدرزية حيث تمّ عرض آخر المستجدات والاوضاع العامة. وكان جنبلاط وفي موقف يبعث على التهدئة، غرّد قائلاً و»بعيداً عن هذا السيل من الهجمات والشتائم والتحريض فإنّ الحزب الاشتراكي ليس فوق القانون بل هو الذي طالب من اللحظة الأولى بالتحقيق». وأضاف: في هذه المناسبة يتقدّم بالتعزية لأهالي الضحايا ويتمنّى الشفاء للجرحى ويشيد بدور الجيش والمخابرات وكافة الاجهزة الأمنية في تثبيت الامن والاستقرار.
الى ذلك دخل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على خط الوساطة لتهدئة الوضع بين الاشتراكي والديمقراطي بعد حادثة قبرشمون مكلفاً من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بهدف تسليم المطلوبين وعودة الهدوء الأمني في الجبل بعيداً عن الوساطة السياسية، واجتمع اللواء إبراهيم برئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان ووزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب في دارة أرسلان في خلدة تناول آخر التطورات في حادثة قبرشمون. وبعد الاجتماع، أوضح اللواء إبراهيم أنّ «أولى الخطوات هي استعادة الأمن»، مؤكّداً أنّ «موضوع تسليم المطلوبين بدأ». وكان إبراهيم سبق الزيارة بالتواصل مع الوزير جبران باسيل والنائب السابق وليد جنبلاط.
وكان الأمن العام تسلّم 3 مطلوبين في حادثة قبرشمون في إطار مساعي اللواء إبراهيم. وترافق ذلك مع تسليم الجيش الموقوفين لديه إلى قوى الأمن الداخلي لكون القضاء كلّف شعبة المعلومات بإجراء التحقيقات.
وكان النائب العام الاستئنافي بالوكالة القاضي عماد قبلان أحال الشكوى التي تقدّم بها الوكيل القانوني لجرحى حادثة قبرشمون المحامي نشأت الحسنية، إلى فرع المعلومات للمباشرة بالتحقيق على ضوء المعطيات التي وفّرتها الدعوى.
على صعيد آخر، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال استقباله وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورانس بارلي، التزام لبنان قرار مجلس الأمن الرقم 1701، لافتاً إلى انّ الوضع مستقر على الحدود اللبنانية الجنوبية، في وقت تستمرّ الاتصالات للبدء بمفاوضات لترسيم الحدود البحرية والتي تتولى الولايات المتحدة الأميركية عبر السفير ديفيد ساترفيلد تقريب وجهات النظر بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي لمباشرة التفاوض بالتعاون مع الأمم المتحدة.
وكانت الوزيرة بارلي التي زارت أيضاً الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الدفاع الوطني الياس بو صعب وقائد الجيش العماد جوزاف عون، أشارت إلى استعداد بلادها لتعزيز قدرات الجيش اللبناني وفقاً لمداولات مؤتمر «روما 2» الذي عقد العام الماضي.
أما مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد أطلق أمس، جولة جديدة من اتصالاته مع القيادات اللبنانية مستكملاً مهمته المتعلقة بملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وكيان العدو. وزار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وأطلعه بشكل مفصل على الخطوات التي قام بها الأسابيع الماضية سواء في أميركا او في «إسرائيل». وكانت وجهات النظر متطابقة حول نقطة أساسية وهي ضرورة إيجاد الحل لموضوع ترسيم الحدود البحرية حفاظاً على مصالح لبنان النفطية. كما زار رئيس المجلس النيابي وجرى تقييم شامل لما حمله خلال فترة زياراته المكوكية والطروحات التي كان يحملها لمقاربة الموقف اللبناني، وقد تحققت فعلياً نتائج متقدّمة على صعيد البدء بعملية تثبيت الحدود البحرية اللبنانية. والتقى المسؤول الأميركي رئيس الحكومة سعد الحريري وقائد الجيش العماد جوزاف عون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
باسيل: هذه الحكومة لي!
مفاوضات ترسيم الحدود تحتضر!
ساترفيلد يعود برفض إسرائيلي لرعاية الأمم المتحدة والتلازم بين البر والبحر
العدو يكشف تقديراته للغاز «المتنازع عليه»: 600 مليار دولار!
وجّهت رئاسة مجلس الوزراء دعوة لجلسة حكومية يوم أمس، فأتى تأجيلها من «المقر الرديف» لرئاسة مجلس الوزراء، أي وزارة الخارجية والمغتربين. التقى الوزير جبران باسيل، بوزراء تكتل لبنان القوي في قصر بسترس، في الوقت عينه المخصص لاجتماع الحكومة، ليُعلن أنّ «الأمر لي» و«هذه الحكومة لي». لم يلفظ وزير الخارجية هذه الكلمات، لكن أداءه أثبتها. هي رسالة سياسيّة إلى سعد الحريري أولاً، وكلّ القوى السياسية الأخرى ثانياً. كذلك فإنّه قرارٌ باسيلي، بموافقة 8 آذار، بمنع عقد أي جلسة لمجلس الوزراء قبل حلّ قضية قبرشمون.
قرار الحكومة برئاسة سعد الحريري، ليس إلا بين يدَي وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل. مرّة جديدة، يُعيد رئيس التيار الوطني الحرّ تذكير «شركائه» المفترضين في التسوية والحُكم، بأنّه ليس مُجرّد وزيرٍ في مجلس الوزراء، ولا فقط أقوى رجلٍ في عهد الرئيس ميشال عون، والمُرشح الأبرز لرئاسة الجمهورية، بل إنّه فوق كلّ ذلك، أحد أقوى حكام البلد، محوّلاً قصر بسترس (مقرّ وزارة الخارجية والمغتربين)، إلى واحد من مقارّ المرجعيات. جبران باسيل عطّل أمس انعقاد جلسة مجلس الوزراء في السرايا الحكومية، بعد أن قرّر أن يعقد اجتماعاً لوزراء «تكتل لبنان القوي» في التوقيت نفسه لجلسة الحكومة. الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر أمس، وصل وزير السياحة أفيديس كيدانيان إلى السرايا، قبل أن يُتَّصل به، ويُطلب منه الانضمام إلى زملائه في قصر بسترس. ولم يظهر وزراء «لبنان القوي» في مقرّ الرئاسة الثانية إلا بعد مضي قرابة ساعتين. مسار جلسة أمس، التي لم تنعقد، لا يوصل إلّا إلى نتيجة أنّ «الأمر لباسيل»، وذلك بعيداً عن رغبة الحريري الدائمة في الإيحاء لجمهوره والرأي العام بأنّ شؤون سلطته التنفيذية تقع تحت سيطرته وحده. رئيس الحكومة أعلن أمس أنّه بسبب حاجتنا إلى «48 ساعة لتنفيس الاحتقان، ولكي يأخذ القضاء مجراه، قرّرتُ تأجيل الجلسة… تكتل لبنان القوي لم يشأ تعطيل الجلسة، إنّما أنا ارتأيت تأجيلها». إذا كان الحريري صادقاً، فلماذا حدّد جلسةً حكومية، ووزّع الدعوات، إذا كان أصلاً ينوي تأجيل الجلسة إلى «موعد يُحدد لاحقاً»؟ لماذا لم يؤجلها ريثما يُحلّ الخلاف الدموي بين الحزبين التقدمي الاشتراكي والديمقراطي اللبناني؟ ببساطة، لأنّ الحريري لم يكن ينتظر «اجتماعاً حكومياً» مُصغراً في قصر بسترس. وأمام «بشاعة» الحدث، في الشكل، فضّل أن يظهر أمام الصحافيين، مُتبنياً قرار إرجاء موعد الجلسة.
خطوة باسيل هدفها الأساسي، بسط سيطرته على مسار مجلس الوزراء، ولكنّها تحمل أبعاداً أخرى. فواحد من مآخذ رئيس «التيار»، على الدعوة إلى جلسة حكومية، أنها جرت قبل نزع فتيل الانفجار بين الوزيرين صالح الغريب وأكرم شهيب، والتوصل إلى حلّ لإشكال قبرشمون، ولا سيّما أنّه لم يكن خلافاً على أفضلية مرور، بل حادث إطلاق النار على موكب وزيرٍ، أدّى إلى وفاة اثنين من مرافقيه، وجرح الثالث، إضافةً إلى جرح شخص محسوب على الاشتراكيين. لذلك، كان «ضربَ جنون» الدعوةُ إلى جلسة، احتمال أن تُسهم في خلق المزيد من الحساسيات وتصعيد التوتر، مرتفع جدّاً. وفي هذا الإطار، تقول مصادر مطلعة في 8 آذار إنّ «الهدف من عدم حضور الجلسة لم يكُن التعطيل، بل الإنتظار إلى حين تنفيس الإحتقان، إذ ليس من المنطقي عقد جلسة والدم لا يزال على الأرض والقتلى لم يدفنوا». وأشارت المصادر لـ«الأخبار» إلى أنّ «القرار أتى بعد أن اتصل باسيل بالنائب طلال أرسلان الذي وافق على عدم الحضور، كذلك حزب الله الذي أيّد عدم عقد الجلسة منعاً لأي اصطدام بين الغريب وأكرم شهيب ووائل أبو فاعور، ولأن جنبلاط لم يكن بعد قد سلّم أياً من المطلوبين للأجهزة الأمنية». وأكدت المصادر أنّ ما حصل «لا يستهدف الحريري ولا صلاحياته، بل يُساعده لنزع فتيل التفجير من داخل مجلس الوزراء، حيث هناك نقطة حساسة وهي الخلاف على إحالة حادث الأحد على المجلس العدلي». على الرغم من ذلك، كان رئيس الحكومة «مستاءً جدّاً من طريقة تعامل باسيل معه»، بحسب ما تؤكد مصادره. وتُضيف أنّ الحريري «أظهر غضباً عارماً خلال تواصل بعض القوى السياسية معه». ولمّحت المصادر إلى أنّ باسيل، ربما كان يهدف من خلف تأجيل جلسة أمس «إلى عقد جلسة برئاسة عون في بعبدا، ربما للقول إنّ الأمر لبعبدا وله، في كل شيء». وتساءلت مصادر رئيس الحكومة إن كان باسيل «سيُقاطع الجلسة لو انعقدت برئاسة عون، بحجة أنه يريد تسجيل موقف مما حصل؟».
المفاوضات بشأن المسار الأمني لقضية قبرشمون، بدأه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في وقت كلفت فيه النيابة العامة التمييزية فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي التحقيق. وكان الحريري قد أعلن أمس «تسليم بعض المطلوبين، كذلك ألقى الجيش القبض على مطلوبين آخرين، والقضاء سيأخذ كل الخطوات لمعاقبة من ارتكبوا هذه الجريمة»، مُبدياً ارتياحه «للتجاوب الكبير بين جميع الأفرقاء لحلّ المشكلة التي حصلت». وغرّد النائب السابق وليد جنبلاط أنه «وبعيداً عن هذا السيل من الهجمات والشتائم والتحريض، فإنّ الحزب الاشتراكي ليس فوق القانون، بل هو الذي طالب من اللحظة الاولى بالتحقيق. أتقدم بالتعزية من أهالي الضحايا، وأتمنى الشفاء للجرحى، وأُشيد بدور الجيش والمخابرات والأجهزة الأمنية كافة في تثبيت الأمن والاستقرار».
التيار الوطني الحرّ وفريق 8 آذار مصرّون على إحالة جريمة قبرشمون على المجلس العدلي. هدفهم إعطاء القضية بُعداً سياسياً، ويشددون على أنّهم لن يُشاركوا في أي جلسة حكومية، ما لم تُحل القضية على «العدلي». في المقابل، يرفض الاشتراكي هذا الأمر قطعاً، ويعتبر إحالة الجريمة على المجلس العدلي «مؤامرة علينا». إلا أنّ المُهم بالنسبة إلى الحريري، «هو الوصول إلى نتائج. فإذا تم تسليم المرتكبين، لماذا الذهاب إلى المجلس العدلي؟ لنكن منطقيين وعمليين ونعمل على خفض حدّة الخطاب السياسي. فما الذي قدّمته هذه المواجهات في الخطابات السياسية سوى الاحتقان وغيره مما يحصل في البلد؟ نعرف أن هناك مشكلة يجب إيجاد حلّ لها، ولا يظنن أحد أنّه في مكان ما، بإمكانه أن يضع فيتو عليّ. من يضع عليّ فيتو أضع عليه فيتوَين»، كما أعلن في المؤتمر الصحافي.
أما بالنسبة إلى الجولات المناطقية، فاعتبر أنّ «بإمكان أي شخص أن يتحدث في أي مكان يختاره، أما ردّ فعل أهالي المنطقة حياله فهو مسؤول عنها. لكن الأمن خط أحمر بالنسبة إليّ». وفي هذا الإطار، وبعد ارتفاع أصوات عدّة معترضة على زيارة باسيل لطرابلس نهاية هذا الأسبوع، أعلن وزير الخارجية بعد اجتماع التكتل النيابي أمس، أنّه «سنستمر في سياسة الانفتاح وزيارة المناصرين واللبنانيين في كل المناطق ونمنع الفتنة في الوقت عينه، ونكشف بالطريقة اللازمة كما حصل في عاليه، كل من يريد إثارة الفتنة في لبنان ويمنعنا من التلاقي، نحن نمد يدنا وهو يمد علينا السلاح، سنكشفهم واحداً واحداً في كل منطقة، وهذه جولات نقوم بها ضمن برنامج في نهاية كل أسبوع ولم نستثنِ أي منطقة وشارفنا على الانتهاء، ولكن لا يعني ذلك أننا سنتوقف بل سنزور كل أسبوع منطقة ونشارك في النشاطات فيها، فنحن نعمل لكل اللبنانيين في كل المناطق». وأوضح باسيل أنّ الجولات في المناطق «واجب علينا لتعميق التلاقي مع اللبنانيين، لأننا نمنع الفتنة بالتلاقي»، مؤكداً أنّ محاولة «إيقاعنا في فتنة مسيحية – درزية، أمر لن يحصل مهما كان الثمن… على الأقل تعلمنا مما حدث قبلنا، ولن نسمح بحدوث هذا الأمر، أو أن يتعرض له الجبل أو أي منطقة في لبنان».
على صعيد آخر، استقبل الرئيس ميشال عون، وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورانس بارلي، مُشدّداً على أنّ لبنان متمسك بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم من دون انتظار الحلّ السياسي للأزمة السورية، ولا سيما أنّ القسم الأكبر من البلد بات مستقراً. وأكّد قدرة لبنان على التفاوض مباشرةً مع السلطات السورية، لاستمرار انسياب عودة النازحين، مستغرباً إصرار المجتمع الدولي على عدم المساهمة في هذه العودة، وعدم تجاوب الأمم المتحدة مع طلب لبنان تقديم مساعدات عينية للنازحين العائدين إلى بلادهم، وذلك بهدف تشجيعهم على العودة.
مفاوضات ترسيم الحدود تحتضر!
ساترفيلد يعود برفض إسرائيلي لرعاية الأمم المتحدة والتلازم بين البر والبحر
الجواب الذي عاد به الوسيط الأميركي ديفيد ساترفليد الى بيروت يومَ أمس حول شروط لبنان لانطلاق مسار ترسيم الحدود البحرية والبرية يضرب أي فرصة للتفاوض. العدو يرفض التفاوض برعاية الأمم المتحدة، ويُصر على عدم الالتزام خطياً بالتلازم بين الحدود البرّية والبحرية (تقرير ميسم رزق).
فيما كان المشهد السياسي – الأمني يضُجّ بأزمات نقّالة، عادَ الموفد الأميركي ديفيد ساترفيلد إلى بيروت، حاملاً إجابات تضرب أي فرصة لاتفاق إطار لمفاوضات لبنانية – إسرائيلية برعاية الأمم المتحدة من أجل البدء بترسيم الحدود البرية والبحرية. فقد تردّد يومَ أمس صدى السلبية الإسرائيلية في بيروت، حيث نقل الزائر الأميركي شروطاً جديدة تكشف أن العدو لم يكن يوماً موافقاً على بنود الآلية التي وضعها لبنان للتفاوض، وأن الجانب الأميركي كان يناور بهدف جرّ لبنان إلى «سلام حدودي» تستفيد منه واشنطن كما تل أبيب. فقد تبين أن الأخيرة لم تتراجع عن رفضها التفاوض تحتَ رعاية الأمم المتحدة، وتُصر على عدم الالتزام خطياً بالتلازم بين الحدود البرّية والبحرية.
قبلَ الزيارتين الأخيرتين، حضرَ الموفد الأميركي إلى لبنان ووزّع خلال لقاءاته بالمسؤولين اللبنانيين جواً إيجابياً، ووصل به الأمر إلى حد القول إن إسرائيل أيدت التلازم بين البر والبحر، وأن لا عوائق جوهرية أمام تطبيقه. مع التشديد على أن المسألة لا تزال تحتاج لجولات إضافية من أجل وضع اللمسات الأخيرة، إذ بقيت نقطة عالقة ترتبط بالمهلة الزمنية للتفاوض، بعدَ أن سُحبَت موافقة إسرائيلية على شكل التفاوض ودور الأطراف المعنية، وعقد الجلسات في مقر قيادة «اليونيفيل» في الناقورة. وأصرّ لبنان على جعل مهلة التفاوض مفتوحة، طالباً من ساترفيلد العودة الى تل أبيب للحصول على جواب نهائي بشأنها. لكنه عادَ الى بيروت في زيارته ما قبلَ الأخيرة، معزِّزاً شعور التوجس من وجود «قطب مخفية» من وراء المرونة الإسرائيلية – الأميركية، إذ نقلَ إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي يومها، أنّ إسرائيل لا مانع لديها من التلازم، على ألّا يُوثَّق ذلك خطياً. فما كان من الرئيس برّي إلا أن أجاب بـ«أننا لا نثق بها في حال كون الاتفاق معها مكتوباً، فكيف إذا كان شفهياً». وطلب برّي من زائره العودة إلى تل أبيب والمجيء بإجابات حاسمة حول الآلية، وألّا يعود إلا إذا كانت هناك معطيات جدية تسمح بانطلاق مسار التفاوض.
يوم أمس، عادَ الوسيط الأميركي إلى بيروت، والتقى كلاً من الرئيس برّي والرئيس سعد الحريري والوزيرين جبران باسيل والياس بو صعب، حاملاً معه «نعي الوساطة». فرغم البيان الذي خرج من عين التينة، مُشيراً الى تحقق «نتائج متقدمة على صعيد البدء بعملية تثبيت الحدود البحرية اللبنانية ومعالجة التحفظات اللبنانية على الخط الأزرق»، إلا أن المعلومات تؤكّد عكس ذلك. فوفق مصادر مطلعة «لم ينقل ساترفليد إلى الرئيس بري، الموكل بملف التفاوض، إصرار إسرائيل رفض تَزامُن بتّ النزاع البري والبحري وحسب، بل أكد أن إسرائيل ترفض التفاوض برعاية الأمم المتحدة، وهي تقبل حصراً بأن يكون المكان مقر الأمم المتحدة في الناقورة، أي بضيافتها لا رعايتها، من دون حضور ممثل لها من الدرجة الأولى، على أن تجري المفاوضات برعاية أميركية»، الأمر الذي تهدف منه إسرائيل إلى «إظهار صورة للعالم بأن المفاوضات التي تحصل هي أشبه بالتفاوض المباشر». أما الجواب الذي سمعه الزائر الأميركي من بري، فكان «الرفض القاطع لهذه الشروط، وتأكيد بنود الآلية التي اقترحها لبنان كسلة واحدة، وإلا فلا تفاوض». ورداً على ذلك، أخبر ساترفيلد الرئيس بري بأنه سيعود من حيث أتى، ويُعلن فشل الوساطة والتفاوض حول التفاوض بسبب موقف لبنان». أي إن السفير الأميركي الذي يعمَل لمصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى يريد تحميل لبنان مسؤولية الفشل، فرّد الرئيس بري بأنه سيتقدم بجواب رسمي يشرح فيه بالتفصيل مجريات ما حصل.
استناداً الى ما سبقَ، باتَ مؤكداً أن إسرائيل لم تتعامل يوماً مع الآلية التي وضعها لبنان بإيجابية أو مرونة، وأن الوسيط الأميركي الذي طلب من المسؤولين اللبنانيين عدم التأثر بما يقوله الإسرائيلييون في وسائل إعلامهم، كان يسعى إلى نصب كمين هدفت من خلاله الولايات المتحدة إلى توريط لبنان في مفاوضات مباشرة مع العدو الإسرائيلي لخلق مناخ في المنطقة يُشجع على تسويق الخطة الأميركية لتسوية الصراع العربي – الإسرائيلي أو ما يُسمى صفقة القرن. حتى الآن لا يعرف ما إذا كان ساترفيلد جاداً في ما قاله حول إعلان فشل الوساطة والتفاوض، لكن الأكيد أن المسار الذي بدأ منذ أشهر بدأ يترنّح ويحتضر.
العدو يكشف تقديراته للغاز «المتنازع عليه»: 600 مليار دولار!
باستثناء تسريبات تصدر بين الحين والآخر عن مصادر إسرائيلية «مطلعة» على ملف الغاز والنفط و«التنازع» مع لبنان، تؤكد أن الخلاف يتعلق بحيّز يحوي كميات كبيرة من الوقود الأحفوري، لا ترد من العدو أية إشارة عن حجم التقديرات وقيمتها المالية (تقرير يحي دبوق).
المسألة تتعلق كما ورد من تل أبيب أمس، ولأول مرة، بمبلغ يصل إلى ٦٠٠ مليار دولار، هي التقديرات الأولية لحجم الناتج المفترض استخراجه من الغاز في منطقة «التنازع»، خلال العقود المقبلة. الأمر الذي يفسر إصرار العدو على الاستيلاء على جزء من هذا الناتج، وإن من خلال التفاوض، ولا يقتصر على محاولة نزع فتيل صراع قد يكون موضع تصعيد بين الجانبين، من شأنه تعريض المصالح الإسرائيلية لخطر الاستهداف، بعد أن تعذر وضع اليد الإسرائيلية عليه، من خلال فرض إرادة تل أبيب بالقوة العسكرية أو التهديد بها.
التقدير المالي، أي الـ600 مليار دولار، ورد أمس في مقالة لرئيسة طاقم وزارة الطاقة الإسرائيلية السابقة، سمدار بت آدم، التي واكبت استكشافات الغاز الطبيعي في عرض المتوسط، وعملت وفقاً لوظيفتها على حلّ التنازع الغازي والحدود الاقتصادية مع الجانب القبرصي.
بت آدم، في مقالها، تحذر وزارة الطاقة الإسرائيلية من الوقوع في أخطاء وقع فيها المفاوض الإسرائيلي مع قبرص، في حال بدء المفاوضات فعلاً مع الجانب اللبناني، مشيرة إلى أن الاتفاق مع نيقوسيا جاء في وقت قياسي نتيجة العلاقات الطيبة بين الجانبين، إلا أن القصور الإسرائيلي تعلق بالآبار الغازية العابرة للحدود الاقتصادية التي لم تجد حلاً لها إلى الآن، رغم تواصل المفاوضات حولها لما يزيد على سبع سنوات، منذ التوقيع على الاتفاق الحدودي.
وقالت بت آدم إن على المفاوض الإسرائيلي أن يتوصل إلى اتفاق مع المفاوض اللبناني الذي اطلع بطبيعة الحال على المفاوضات الإسرائيلية القبرصية، وسيحاول تقليد القبارصة في تجنب أي حل للآبار العابرة، الأمر الذي أفقد الخزينة الإسرائيلية المليارات، وهو ما لا يجب أن يتكرر مع لبنان.
مع ذلك، إن كان المبلغ المالي المقدر من بت آدم، وهي الأكثر إحاطة ومعرفة به وفقاً لوظيفتها السابقة، جاء نشره في غفلة من الرقابة أو لسبب آخر، إلا أنه يكشف للمفاوض اللبناني، وإن باتت المفاوضات متعثرة، السبب الذي يدفع إسرائيل إلى الإصرار على إيجاد تسوية توفّر لها جزءاً وازناً من ناتج هذه المنطقة التي تحوي هذا الحجم الكبير من الاحتياط الغازي، وكذلك ما تحذّر منه بت آدم، في ما يتعلق بالآبار العابرة للحدود الاقتصادية، الذي يفرض على إسرائيل اللجوء إلى خيار من اثنين: السرقة التي تخشى تبعاتها، أو خيار التسوية التي ما زالت تتعنت حيال شروطها.
وإن كان التوقع أن يستأنف الإسرائيلي لاحقاً قرع باب التفاوض من جديد عبر الأميركيين مع تليين نسبي للموقف كما حدث في جولات الوساطة الأميركية السابقة، فإنّ على الجانب اللبناني أن يتعامل مع هذه المعطيات بجدية وبوصفها واحدة من أوراق الضغط الموجودة لديه، بمعنى الإدراك أن خسارة الإسرائيلي ستكون أكبر إن لم «يتنازل»، ليس فقط في البلوك رقم 9 واخواته في ما يتعلق بالحدود الاقتصادية، بل أيضاً في الآبار العابرة للحدود، خاصة أن واحدة من أهم نقاط ضعفه، هي تعذر فرض إرادته من خلال استخدام القوة العسكرية أو التهديد بها، لأن التصعيد الذي يعقب الخيارات المتطرفة، أي الرد التناسبي أو ما يفوقه، من شأنه أن يمنع عن تل أبيب الاستفادة كذلك من الآبار والمنصات الواقعة خارج منطقة «التنازع».