واجب التصدي لـ"عودة" عملاء "إسرائيل" إلى لبنان مهمة وطنية بامتياز. على كل المواطنين أن يشاركوا في إنجازها. فهؤلاء الخونة الذين دعموا الإرهاب الصهيوني، لا يحسبون على المسيحيين ولا على المسلمين. مع أنهم في قيود النفوس يحملون هذا الإنتماءات الدينية. هؤلاء العملاء ارتكبوا جرائمهم كلبنانيين خونة. ويجب محاسبتهم على أساس الدستور المعتمد والقوانين النافذة. الذي يستمد من السيادة أي من إرادة الشعب. "عودة" العملاء هو مشروع أميركي ـ "إسرائيلي" واضح. بغض النظر عن القوى المحلية الضالعة في تنفيذه. مشروع شرير يرمي إلى كسر الحاجز النفسي بين لبنان والعدو "الإسرائيلي"، حسبما قال رئيس المدلس النيابي. وهذا هدف سيمنع اللبنانيون العدو من تحقيقه.
الأخبار
«تهديدات» أميركية لمسؤولين لبنانيين: ملف الفاخوري بيد أعضاء في الكونغرس
معتقل الخيام يثأر من جلّاديه: العملاء بيننا
حتى صباح الغد، يكون المسؤول العسكري السابق لمعتقل الخيام، العميل عامر الفاخوري، قد أمضى في السجن خمس ليالٍ، منذ أن اوقفته المديرية العامة للأمن العام يوم الخميس الفائت، بناءً على إشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس. وغداً، من المنتظر ان تباشر قاضية التحقيق العسكرية، نجاة أبو شقرا، استجوابه، بناءً على ادعاء معاونة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضية منى حنقير، التي طلبت استجوابه بناءً على مواد قانونية تصل عقوباتها القصوى إلى الاعدام (التعامل مع العدو، دخول أراضي العدو، حيازة الجنسية الاسرائيلية، التسبب بالقتل والتعذيب).
وحتى ليل أمس، استمرت كل القوى السياسية والامنية والقضائية بالتبرؤ من مسؤولية إفساح المجال امامه للعودة إلى لبنان. وبدا واضحاً وجود ما يشبه الإجماع على محاسبة الفاخوري. النائب وليد جنبلاط الذي تُحسب القاضية أبو شقرا على حصته في المحكمة العسكرية، كان اول من ادان السماح له بالعودة إلى لبنان. القوى المقاوِمة (الحزب الشيوعي وحركة امل والحزب السوري القومي الاجتماعي…) تحركت ميدانياً، وسياسياً، لرفض تبييض صفحات العملاء. وبرز أمس موقف حادّ لحزب الله في هذا السياق. فبعد تحرّك مسؤولي ملف الأسرى في الحزب، ووسائل إعلامه، لمواكبة قضية الفاخوري، قبل ان يخرج مسؤولون منه بمواقف عالية السقف، أكّد رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين أمس أن «الإجرام وارتكاب المجازر وتعذيب الأسرى من المقاومين والرجال والنساء، لا يمكن أن يمحى بتقادم السنين كما يتم الحديث على المستوى القانوني اليوم». وسأل صفي الدين عن المخطط الذي أتى الفاخوري، بجنسيته الأميركية، من أجل تنفيذه، «علما أنه عميل مجرب». وطالب صفي الدين بـ«محاكمة هؤلاء المجرمين خاصة ممن لا يزالون مرتبطين بالعدو الإسرائيلي، وإنزال أشد العقوبات بهم، ومن يباشر بهذا الملف، أيا كان، عليه أن يتعاطى معه على أنه حساس وخطير، وأن يتذكر دائما أن هناك أسرى وشهداء وجرحى من المقاومين تعذب بعضهم وقضى بعضهم الآخر على يد هذا المجرم العميل، وأن هناك سؤالا سيجيب عنه أمام أولئك الذين تحملوا من هذا العميل وغيره كل هذه التضحيات سواء في سجن الخيام أو في غيره».
ويوم امس أيضاً، كان رئيس التيار الوطني الحر، وزير الخارجية جبران باسيل، واضحاً لجهة المطالبة بمحاسبة الفاخوري، والفصل بين ملفه وملف الفارين إلى فلسطين المحتلة عام 2000 من الذين لم يتورطوا قبل ذلك في التعامل مع العدو. وكان لافتاً موقف القوات اللبنانية الذي عبّر عنه وزير العمل كميل بو سليمان، إذ اعتبر أن الجرائم المنسوبة إلى الفاخوري، وخاصة جرائم التعذيب، لا تسقط بمرور الزمن.
في مقابل «الإجماع» السياسي على المطالبة بمحاسبة الفاخوري، ارتفع منسوب التدخل الأميركي في هذه القضية. وعلمت «الأخبار» أن هذا الضغط لا يقتصر على مسؤولين من السفارة يضغطون تحت عنوان تقديم الدعم لمواطن اميركي، بل وصل الأمر إلى تحرّك اعضاء في الكونغرس الأميركي، وإجرائهم اتصالات بمسؤولين لبنانيين للمطالبة بالإفراج عن الفاخوري بذريعة أنه دخل لبنان كمواطن اميركي، وان ما يُنسب إليه سقط بمرور الزمن. كذلك تولى محامون أميركيون البعث برسائل تهديدية إلى وزراء لبنانيين، محذّرين من أن ملف الفاخوري بات في عهدة أعضاء في الكونغرس.
في المقابل، علمت «الأخبار» أن وزير الدفاع الياس بوصعب استخدم مسبقاً الصلاحية التي يمنحها إياه قانون القضاء العسكري، فأوعز إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية باستئناف أي قرار يصدر عن قضاة التحقيق بإخلاء سبيل الفاخوري.
على صعيد آخر، لم يفصح الجيش بعد عن الأسباب التي ادت إلى سحب اسم الفاخوري من البرقية رقم 303 (التي تسمح بتقييد مراقبة العملاء والمتهمين بالإرهاب). وقد تبيّن أن القرار الذي أصدرته الحكومة عام 2014 لإلغاء كافة الإجراءات التي لا ينص عليها القانون (كوثائق الاتصال وقرارات الإخضاع والبرقية 303)، استثنت لاحقاً المتعاملين مع العدو الصهيوني. وسبق أن اكد ذلك لوسائل الإعلام وزير الداخلية (حينذاك) نهاد المشنوق، فضلاً عن إرساله كتاباً إلى وزارة الدفاع – قيادة الجيش يوم 1 أيلول 2015، يوضح فيه أن قرار مجلس الوزراء الصادر يوم 24 تموز 2014 استثنى من إلغاء «وثائق الاتصال» تلك «المتعلقة بالتعامل مع العدو الإسرائيلي والإرهاب المثبت قضائياً».
معتقل الخيام يثأر من جلّاديه: العملاء بيننا
لم يكن تجمّعاً احتفالياً بتحرير معتقل الخيام، الاعتصام الذي دعت إليه ظهر أمس هيئة ممثلي الأسرى المحررين في باحة المعتقل. بل كان «محاولة لتحرير الوطن مجدداً من العملاء بعد تحريره من الاحتلال الإسرائيلي». في نهاية تموز الفائت، نظمت لجنة الأسرى في الحزب الشيوعي اللبناني اعتصاماً في المعتقل، للتحذير من دعوات بعض المسؤولين للسماح بعودة العملاء. الخوف صار أمراً واقعاً بعد نحو شهر. الأسرى المحررون وسكان الشريط المحتل المحررون شعروا، بعد عودة آمر معتقل الخيام العميل عامر الفاخوري، بأن «اسرائيل عادت من الشباك، فلنهرع لإعدام عملائها والخونة من خلال المحاكمات الشعبية» وفق ما دعا الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب. غريب وصف تجمع أمس وانتفاضة الرأي العام بالمحاكمة الأولى، داعياً إلى المشاركة في جلسة المحاكمة الثانية مساء اليوم في ساحة بسترس من حيث انطلقت عمليات جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية «جمول» عام 1982. في باحة ما تبقى من المعتقل الذي قصفته الطائرات الإسرائيلية خلال عدوان تموز 2006، تزاحمت رايات الأحزاب مع صور الشهداء الذين سقطوا تحت التعذيب أو خلال انتفاضات الأسرى في المعتقل مع شهداء أحزاب المقاومة. تباينت الاتماءات وتعدد الخطباء من رسميين وحزبيين وأسرى محررين، لكن الجميع وحّدتهم الدعوة الى إعدام الفاخوري والعملاء (تقرير آمال خليل).
انتهى برنامج الاعتصام وأقفل المدعوون، مغادرين الشريط المحرر. لكن آخرين عادوا إلى بيوتهم التي لم يتركوها فوق الأرض المحررة، حيث الاحتمال وارد يومياً بمواجهة من تعامل وخان ومن عذّب وجلد وأسر في الخيام. سلط الضوء أخيراً على الفاخوري، لكن يوجد مثله كثر لم يحظوا بالعفو مثله قبل عامين فقط، بل بعيد تحرير الجنوب مباشرة. عائلة الشهيد يحيى الخالد تواجه احتمال اللقاء بمن تتهمه بتصفية ابنها وإخفاء جثمانه حتى اليوم. فالعميل منصور البدوي أمضى في السجن أربع سنوات فقط، بناء على دعاوى رفعها آل الخالد وسواهم بجرم التعامل والاعتقال والتعذيب. يقول شقيق الخالد، عمر (أمضى خمس سنوات في الخيام) بأن البدوي اعترف بأنه أمر القوة التي اعتقلت المجموعة الخماسية التابعة لجبهة المقاومة خلال تأديتها لعملية ضد الاحتلال ورفع الجثث الخمس على مقدمة دبابة جاب بها شوارع حاصبيا. لكن العائلة تتهمه بأنه أجهز على يحيى ورفيق له كانا جريحين، قبل أن ينقل المجموعة إلى مستشفى مرجعيون حيث تسلمها جيش العدو كما زعم البدوي، نافياً علمه بمصير المجموعة المجهول حتى الآن. يشير يحيى إلى وساطات وضغوط متكررة «مورست لتقصير مدة سجن البدوي وتنظيف سجله». ورغم أن العائلة لم تسقط حقها الشخصي، أفرج عنه بعد سنوات قليلة وجمدت القضية. «إنها قذارة البلد»، يقول.
فتحت عودة آمر معتقل الخيام جروحاً حاول أصحابها التكيف معها في البلدات المحررة التي تجمع في أحياء واحدة بين الجلاد والضحية والعميل والمقاوم. المشاركون في اعتصام أمس، أفردوا لوائح بأمثلة كثيرة على العملاء الذين بيّضت صفحاتهم على غرار الفاخوري. «أحد جلادي المعتقل أنطوان الحايك حوكم وجاهياً وأعيد الى مركز في قوى الأمن الداخلي وغطاس أبو سمرا بيّض سجله لعدم توافر النية الجرمية وصنّف على أنه عميل لمصلحة الأجهزة اللبنانية (…)».
بو صعب لا يوقّع بريد الجيش منذ أسابيع
منذ مدّة، لا تبدو علاقة وزير الدفاع الياس بو صعب بقائد الجيش العماد جوزف عون على ما يرام. مجموعة عوامل، أبرزها ملف المراسيم التطبيقية لقانون الدفاع، أوصلت الخلاف إلى مرحلة اعتكاف وزير الدفاع عن توقيع بريد الجيش منذ نحو شهر.
ولو أن بو صعب ينفي الأمر، إلّا أن كثيرين باتوا على اقتناع بأن الجفاء بين الطرفين يخفي التنافس غير المعلن بين قائد الجيش العماد جوزف عون ووزير الخارجية جبران باسيل، على مقعد رئاسة الجمهورية طبعاً. ومع أن العماد عون لم يتحدّث علناً عن سعيه للوصول إلى سدّة الرئاسة، إلّا أن باسيل بات يتصرّف على هذا الأساس، مستنداً إلى اقتناع بأن الأميركيين قد يفضّلون مستقبلاً دعم قائد الجيش على حسابه، خصوصاً أن زيارات الاخير متكرّرة إلى الولايات المتحدة، فيما يقابل الأميركيون باسيل بالجفاء. ومن هنا «تجري محاولات تقليم أظافر القائد، ومن ضمنها السعي لتغيير مدير المخابرات العميد طوني منصور».
واشتدّ الصراع في الأيام الماضية، على خلفية عودة العميل عامر الفاخوري إلى لبنان واعتقاله، وبعد أن تبيّن أن أحداً ما نزع اسمه عن لائحة البرقية المنقولة رقم 303، وتوقيف عميد في الجيش قام بمرافقته إلى المديرية العامة للأمن العام قبل اعتقاله، إذ إن ما يتردّد وسط أروقة الجيش يوجّه اتهامات واضحة لمقرّبين من باسيل، بقيادة الحملة ضد قائد الجيش ومنصور، «لا سيّما المساهمة في نشر صور الفاخوري مع عون في السفارة اللبنانية في واشنطن، أو نشر خبر حول توقيف العميد أ. ي. مع صورة منصور بدل صورته».
وزاد الطين بلّة، الغداء الذي استضاف فيه باسيل مجموعة من العمداء المتقاعدين يوم الجمعة الماضي، في عزّ ما اعتبره الجيش حملة ضده، ونشر باسيل صورة للغداء مع تعليق. وفيما بدت الخطوة استفزازاً لقائد الجيش ومعه النائب شامل روكز، وضع وزير الدفاع في اتصال مع «الأخبار» الأمر في سياق «النقاش مع الضباط المتقاعدين حول موازنة 2020، وليس استهدافاً لأحد».
أما اعتكاف بو صعب عن توقيع بريد الجيش، فيردّه الوزير إلى «التأخير والمماطلة التي تمارس من قبل الجيش في تقديم مشروع المراسيم التطبيقية لقانون الدفاع المتأخرة منذ 36 عاماً لوزارة الدفاع، حتى يتمكن الوزير من رفعها إلى مجلس الوزراء وإقرارها». ويؤكّد الوزير أنه يمتنع عن التوقيع منذ أسابيع، وأنه لن يعود إلى التوقيع قبل حصول الوزارة على مشروع المراسيم التطبيقية. وفيما ينفي بو صعب أن يكون موضوع الأزمة المالية التي حصلت مع متعهدي الطعام للجيش لها علاقة بتوقيعه، يشير لـ«الأخبار» إلى أنه يوقّع كل البريد الضروري لتسيير شؤون العسكر وحاجاتهم، لكنّه لا يوقّع بريداً غير مستعجل. ويؤكّد بو صعب أن أزمة المتعهدين حُلت، وسببها متأخرات منذ العام 2018 لم تدفعها وزارة المالية (يقول وزير المال علي حسن خليل لـ«الأخبار» إن الأزمة انتهت والسبب هو تأخير إداري، وجرى تضخيم القضية وليس هناك أي موقف سياسي).
لكن على المقلب الآخر، يبدو قرار وزير الدفاع الأخير مرحلة في سياق من التراكم السيّئ في العلاقة، إذ إن الجيش يعتبر أن بو صعب لم يقم بدوره في الدفاع عنه وعن حقوق العسكريين خلال نقاش الموازنة، وأنه كان يمكن أن يؤثّر أكثر، لكنّه اكتفى بالتصريحات الإعلامية، وهو ما ينفيه بو صعب، مؤكّداً أنه «دافع عن حقوق العسكريين ووصل الأمر به أن يتساجل مع الوزير جبران باسيل في إحدى جلسات مجلس الوزراء حول الموضوع». ومن مآخذ الجيش على بو صعب، «استغلاله لملفّ الحدود البرية والمعابر غير الشرعية لخوض معركة إعلامية شخصية بدل الدفاع عن الجيش».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
موازنة متوازِنة لإغواء دول «سيدر» بإطلاق مشاريع لبنان
الحريري في كليمنصو يتحدّث عن «إقتصاد نازل».. وباسيل ينفتح على التيارات الإسلامية ويُحاصِر المسيحية
يمضي أركان السلطة في اغداق الوعود وضرب المواعيد والخطط، بدءاً من تصورات وافكار سمع بها المواطن اللبناني، تارة لمعالجة جدية للوضع الاقتصادي الذي يحظى بأولوية، في الحكومة، والموازنة، التي ترتبط بالموازنة السابقة، وبالموازنتين اللاحقتين 2020، 2021 وما بعدهما، انطلاقاً من الرغبة اللبنانية لاغواء المعنيين الدوليين بمؤتمر «سيدر» للافراج عن المليارات الـ11، المخصصة لانهاض الاقتصاد اللبناني، بدءاً من خارطة طريق الورقة الاقتصادية التي أقرّتها الحكومة.. وأبدت القوى السياسية المشاركة في الوزارة موافقتها عليها في اجتماع بعبدا.
ومن هذه الوجهة، يرأس الرئيس سعد الحريري عند الساعة الخامسة والنصف من عصر اليوم بالسراي اجتماعاً مهماً للجنة الكهرباء، يتناول دراسة دفاتر الشروط لتلزيم معامل الإنتاج.
وفي سياق متصل، وصل إلى بيروت مساء أمس وزير الدولة لشؤون الطاقة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول المهندس سعد بن شريدة الكعبي، حيث يُقابل اليوم كبار المسؤولين ووزيرة الطاقة ويبحث معهم في سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين ولا سيما على صعيد الطاقة.
الموازنة وتعيينات
إلى ذلك، يفترض ان يمر الأسبوع الطالع على وقع مناقشات مجلس الوزراء لمشروع موازنة 2020 في جلسة أولى غداً الثلاثاء، ثم جلسات متتالية قبل وبعد عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من زيارة باريس، التي يزورها يوم الجمعة المقبل للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ويعلن بعد اللقاء انطلاق بدء تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» الاقتصادي لدعم لبنان.
ويقع مشروع الموازنة الذي وزّع على الوزراء في 1089 صفحة، ويعتبر نسخة مصححة عن موازنة 2019 الذي كان يتألف من 1234 صفحة، لكن المعنيين يرون في المشروع موازنة إصلاحية، وان لم تتغير فيها الأرقام بشكل كبير وتتماشى مع متطلبات «سيدر» وتواكب ما بدأ العمل فيه في موازنة 2019 من إصلاحات.
والثابت، بحسب تقرير وزير المال علي حسن خليل عن مشروع الموازنة، والذي يعتبر بمثابة مقدمة للمشروع انه لا يتضمن أي ضرائب جديدة أو زيادة على البنزين، أو على الضريبة على القيمة المضافة VAT، لكنه يؤكد على انه من الضروري ان تقوم الحكومة بانعطافة كبيرة في مجال إدارة الوضع المالي ومقاربة الوضع الاقتصادي والتنموي والاستثماري بشكل مختلف، ويشير إلى ان هذه الموازنة يفترض ان تؤمن نقاطاً أساسية كالعودة إلى القانون واسترداد كل ما أخذ من الدولة بشكل يخالف الأصول (في إشارة إلى الأموال المنهوبة) حصة الدولة من المداخيل وصولاً إلى شبكات الأمان والبنى التحتية وتحفيز الإنتاج والاملاك العامة، التقاعد الإدارة العامة وغيرها.
وبالنسبة إلى الأرقام، يلحظ المشروع تخفيض 2600 مليار ل.ل. بناءً للتوجه العام بعدم زيادة الانفاق وفي ضوء التخفيضات التي لحقت بمختلف الإدارات والمؤسسات العامة أثناء مناقشة مشروع قانون موازنة العام 2019، مع الإشارة إلى ان أبرز الزيادات مقارنة بقانون موازنة العام 2019 تمثلت بقيمة الفوائد التي ارتفعت بحدود 882.63 مليار ل.ل. ومعاشات التقاعد وتعويضات الصرف بحوالى 302.3 مليار ل.ل.
وفي الغوص أكثر في محتوى مشروع موازنة 2020 وأرقامه يظهر أن إجمالي الإنفاق العام من جاري واستثماري قد بلغ حوالى 24.100.04 مليار ل.ل.، متضمناً اعتماداً بقيمة 9194.6 مليار ل.ل. تسديداً للفوائد على سندات الخزينة بعد أن كان 8312 مليار ل.ل. عام 2019. ويقابل هذا الإنفاق إيرادات موازنة ضريبية وغير ضريبية تمّ تقديرها بـ19.009.9 مليار ل.ل.
علماً انه يضاف إلى العجز مبلغ 1500 مليار ليرة ل.ل. يمثل سقف سلفة الخزينة المجاز اعطاؤها خلال العام 2020 لمؤسسة كهرباء لبنان ليصبح 659.01 مليار ل.ل. أي ما نسبته 7.28٪ من إجمالي الناتج المحلي.
وينهي خليل تقريره بأن الوضع الاقتصادي الدقيق الذي يمر به البلد يتطلب إجراء إصلاحات سريعة وتحسين وتحصين الموازنة بحيث تُلبّي حاجات التنمية والاقتصاد وتعكس توجهات واولويات الحكومة. (النص الكامل للتقرير على موقع «اللواء» الالكتروني.
ومعلوم ان مجلس الوزراء سيبحث غدا في تعيين رئيس ومدير عام واعضاء مجلس ادارة ومفوض الحكومة في المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (ايدال)، وتعيين امين عام المجلس الاعلى للخصخصة والشراكة، ومعه مشروع مرسوم تنظيم اعمال المجلس الاعلى للخصخصة وسير عمله.
وبحسب المعلومات، فإن هناك اقتراحاً بتعيين الدكتور مازن سويد رئيساً لمؤسسة (ايدال) خلفاً لرئيسها نبيل عيتاني، فيما لم يعرف أعضاء مجلس الإدارة ومفوض الحكومة لديها، وكذلك تعيين رئيس المجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك الذي استقال منذ فترة طويلة.
لكن يبدو ان جلسة الغد ستكون مثقلة ايضا ببعض البنود المهمة غير مشروع الموازنة المدرج كآخر بند رقم 26، حيث يبحث المجلس في موضوعين يتعلقان بقانون الايجارات، الاول مشروع مرسوم النظام المالي لحساب صندوق مساعدات المستأجرين، والثاني اقتراح قانون لتعديل بعض مواد قانون الايجارات رقم 2 تاريخ 28 شباط 2017 المقدم من عدد من النواب.
كما يبحث المجلس في البند 9 اقتراح قانون يرمي الى فصل وزارة البلديات عن وزارة الداخلية. ومشروع مرسوم لتعديل مرسوم تنظيم المقالع والكسارات، وسيعرض مجدداعرض وزير الدفاع للاستراتيجية المتكاملة لإدارة الحدود المؤجل من الجلسة الماضية، وعرض وزارة الطاقة مشروع تزويد القرى والبلدات المجاورة لمطمر الناعمة بالكهرباء مجاناً، وطلب وزارة الاقتصاد استلام محصول القمح وتحديد السعر التشجيعي للعام2019.اضافة الى مشاريع اتفاقيات، وشؤون مالية ومتفرقة وسفر وفود للخارج.
الحريري في كليمنصو
وعشية مجلس الوزراء، حرص الرئيس الحريري على زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو، تلبية لدعوة قديمة، وكان مقرراً القيام بها في الأسبوع الماضي، لكنها تأجلت بسبب تطورات الوضع في الجنوب، واصطحب الحريري في الزيارة مستشاره الوزير السابق غطاس خوري، فيما حضر من قبل الحزب الاشتراكي الوزير وائل أبو فاعور.
واللافت في الزيارة، والتي تخللها عشاء عمل، ان الموازنة تصدرت العنوان الأساس لها، انطلاقاً من ان هم المواطن الأوّل هو الوضع الاقتصادي، بحسب الحريري الذي ردد هذه العبارة ثلاث مرات، مشيرا إلى وجوب العمل بسرعة لمعالجته.
وقال ان العشاء كان لتنسيق المواقف، والتي قد يكون هناك تباين فيما بيننا حيال بعضها الا ان الأساس هو في النهاية هو مصلحة البلد.
وفي رده على أسئلة الصحافيين، أوضح الحريري ان الفكرة الأساس هي ان نتمكن من إقرار الموازنة ضمن المهلة الدستورية، على ان تسير كل الموازنات بعدها بهذا المنطق، مشيرا إلى ان الأساس في هذه الموازنة هو وضع خطة لثلاث سنوات لمواجهة كل التحديات، بحيث تكون هذه الموازنة مرتبطة بموازنة عامي2021 و2022، وان تترافق مع إجراءات نقوم بها خلال العامين المقبلين، وبذلك نكون اوصلنا لبنان إلى بر الأمان.
ونفى الحريري، رداً على سؤال آخر وجود اتجاه لفرض ضرائب جديدة، مشيرا إلى ان الفكرة الأساس هي البحث عن مصادر جديدة للمداخيل مع العمل جدياً على وضع حدّ لعمليات التهريب التي تحصل، لكنه استدرك ملاحظاً ان الاقتصاد اللبناني «عم ينزل» وقال: «حتى لو أقفلت كل المعابر غير الشرعية علينا ان لا نتوقع ان تكون الإيرادات كبيرة جداً لأن اقتصادنا عم ينزل».
واضاف: «الفكرة الأساس في هذه الموازنة كما قال الوزير خليل، هي ان نتوصل إلى موازنة يساوي الانفاق فيها حجم الواردات مع تثبيت العجز على نسبة 7.6 في المائة أو أقل، وان يكون أي انفاق في المستقبل انفاق استثماري، أكان في «سيدر» أو في خطة «ماكيزي».
وفي مجال آخر، أكّد الحريري مواصلة الحكومة العمل لاستكمال التعيينات الإدارية، والحاجة إليها، مشيراً إلى ان «القوات اللبنانية» مكون أساسي في هذه الحكومة، ويجب ان يكون لها حصة بالتأكيد، وهذا ما سيحصل في المستقبل، كاشفاً «انه ناقش الموضوع مع «التيار الوطني الحر» إلى انه ألمح إلى وجود خلاف مع «القوات» عندما قال انه «لا يمكننا ان نتوقف عند أي موضوع قد يؤخر العمل، خاصة خلال الأشهر الستة المقبلة، فليس لدينا لا الوقت لا ترف التأخير».
وتابع: «انا أفي بكل وعودي، ولا أريد الدخول في جدال مع «القوات»، و«هني بيعرفوا شو عملوا معي وأنا مش هاممني».
وختم: «ستاندرد اند بورز» قالت لنا انه يجب القيام بعدة خطوات، ولم يكن امامي سوى العمل، ومن يريد ان يصوت ضد (الموازنة) فليفعل، أكان «حزب الله» أم «القوات اللبنانية»، أم تيّار «المستقبل» أو «التيار الوطني الحر»، فالبلد سيمشي غصباً عن الجميع، هناك اقتصاد يجب ان ينهض وسينهض».
اما جنبلاط، فأوضح من جهته، بأنه يريد ان يناقش مع الحريري ببعض التفاصيل قد نتفق على بعضها أو نختلف، ولكن هذا شأن داخلي، والاهم مصلحة البلد»، الا ان الحريري قاطعه قائلاً: «يللا أنا جوعان»، ودخل الاثنان إلى الدار لتناول العشاء.
باسيل
وفي اليوم الأوّل لبدء ولايته رئيساً للتيار «الوطني الحر»، وعشية سفره اليوم إلى لندن، ومن ثم إلى الولايات المتحدة لرعاية مؤتمر الاغترابي، اطل الوزير جبران باسيل عبر شاشة O.T.V، معتبراً ان فوزه بالتزكية هو شكل من اشكال الديمقراطية، مشيراً إلى ان التيار هو الحزب الوحيد في لبنان الذي ينتخب رئيسه من القاعدة.
واعتبر ان التعيينات التي تتم سواء في الإدارة أو في التيار للمقربين منه فقط هي شائعات، لكنه اعترف بأن هناك لجنة داخل التيار تعمل على التحقق من موضوع الترشيحات وترفع نتيجتها إليه، وهذا الأمر يسري على الدولة أيضاً.
ونفى باسيل أيضاً وجود توتر بين التيار والجيش، مؤكداً بأن التيار ولد من رحم الجيش ولكن هناك من يسوّق لهذه الأمور الكاذبة، ووصلت بهم الأمور للقول بأنه كان وراء تسريب صورة قائد الجيش الأخيرة (مع العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري)، موضحاً أن هذه الشائعات انتشرت بسبب الاجراءات التي طالب بأخذها في الموازنة الماضية.
وبالنسبة لتميز النائب العميد شامل روكز، أوضح انه ليس منتسباً للتيار وهو من الشخصيات المستقلة، ومن الطبيعي أن يكون هناك تميز مع بعض أفكار التيار، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على النائب ميشال معوض.
ولفت إلى موضوع المصالحة مع «القوات اللبنانية» وضعت جانباً، متمنياً العودة إلى روحية اتفاق معراب، لكن رئيس القوات سمير جعجع لا يريد ويفضل ان يمارس حالة من المعارضة العنيفة للحكومة وضد التيار والطابة في ملعبه، مؤكداً انه يريد علاقة جيدة مع الحزب «التقدمي الاشتراكي» تقوم على الشراكة الكاملة في الجبل وفي المجتمع والاقتصاد والادارة، وقال انه مصمم على العمل مع تيّار «المستقبل» رغم انه بيننا وبينه تباينات، وانه يعمل على نقل هذا التفاهم إلى القاعدة الشعبية، مشيرا إلى ان علاقته مع الرئيس نبيه برّي إلى تحسن، وان الوضع الاقتصادي الصعب يساعدنا ويجبرنا على العمل معاً خاصة وانه لديه وزارة المالية التي تتحمل مسؤولية كبيرة.
وأكّد ان قيادة «حزب الله» تقدّر صراحة «التيار» ما يزعج الجمهور، لكن الثقة تقتضي الحديث بشفافية مع الحليف، معتبراً ان لا سبب لا تكون العلاقة سيئة مع رئيس تيّار «المردة» سليمان فرنجية، واتمنى ان تصطلح الأمور، ولكن لا تجاوب من جانبه حتى الآن، واعتبر ان ما حمى لبنان هو قوة لبنان والرد على إسرائيل كان مدروساً واعادها إلى الحدود إلى قواعد العام 2006، وقال: «نحن لا نريد الحروب، ولن نتخلى عن حماية لبنان، ومن حق النّاس ان تطرح السؤال عن الجهة صاحبة القرار في الحرب والسلم، ولذلك نطرح الاستراتيجية الدفاعية».
خلافات القوات – الكتائب
إلى ذلك، وفي حين ارست لقاءات المصارحة والمصالحة حالة استرخاء سياسي بين العديد من القوى السياسية، أندلع فجأة أمس الأوّل وأمس سجال «تويتري» بين نواب حزبي «القوات اللبنانية» والكتائب، على خلفية احياء ذكرى اغتيال الرئيس بشير الجميل. عبر احتفالين واحد لـ «القوات» في الأشرفية، وثان للكتائب توزع بين الأشرفية وبكفيا، حيث كانت لرئيس الكتائب النائب سامي الجميل مواقف لافتة سواء تجاه «حزب الله» أو «القوات» لا سيما عندما وصف المقاعد الوزارية في الحكومة بأنها عبارة عن «كراسي من كرتون». ما اثار اعتراض وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان الذي ردّ عليه «بأننا لا نجلس اصلاً على كراسي بل نقاتل في مواقعنا».
واعلن نائب رئيس حزب الكتائب الوزير السابق سليم الصايغ: ان التباعد مع «القوات» سببه الخلاف على التسوية التي نعتبرها رهانا خاطئاً، لأنها وضعت سيادة لبنان امام خيارين اما الاستسلام او الانتحار.
وفي تطور جديد افاد مراسل قناة «أم.تي.في» في واشنطن، ان الإدارة الأميركية «تستعد لفرض عقوبات على أسماء جديدة تشمل سياسيين من الطائفة المسيحية ورجال أعمال يدعمون «حزب الله»، وان هناك اتصالات ومحاولة لتأجيل العقوبات أو إبعاد الأسماء».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
الضربة اليمنية لأرامكو تسبّب هستيريا أميركية خليجية… وأوروبا تُودِع 15 مليار في «أنستكس»
اعتصام حاشد في معتقل الخيام: اعدلوا كي لا يتولّى الشعب الأمر بيده
الحكومة تواصل التعيينات… و«القوات» تشاغب… وباسيل: العلاقة ببرّي جيدة وتتحسّن
انشغل العالم أمس، بنتائج الضربة اليمنية القاسية التي نجحت عشر طائرات مسيَّرة بتوجيهها لقلب الصناعة النفطية السعودية في تجمّع أرامكو المحصّن، الذي يحظى بحماية أميركية مباشرة سواء بالتغطية الرادارية أو الحماية الصاروخية إضافة للمتابعة الاستخبارية. والضربة تخطّت أبعادها المعنوية بما تسبّبت به من فضيحة للكذبة الأميركية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب لحكام الخليج تحت عنوان ادفعوا لنا فنحميكم، إلى الأبعاد الاقتصادية والمالية والخدمية على السعودية التي أصيبت فيها محطات أساسية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه إضافة لقدرتها على تزويد السوق النفطية باحتياجاتها. وهو ما برز في كلام ترامب عن الاستعداد لضخ كميات من النفط تعوّض النقص الناجم عن الضربة التي تلقتها السعودية. ولم يكن أمام واشنطن لتبرير الفشل والفضيحة، اللذين ظهرا بمخاطر ارتفاع أسعار النفط واهتزاز حركة البورصات العالمية، إلا التحدّث عن أن الضربة مصدرها إيران بصواريخ كروز، بالرغم مما يشكّل التسليم بوصولها إلى أهدافها في السعودية من فضيحة من نوع آخر. وهو ما كشف الارتباك الأميركي المحكوم بمعادلة شرعيّة قيام اليمنيين باستهداف مواقع سعودية حيوية رداً على العدوان والحصار. فجاء اختيار إيران لتحميلها المسؤولية لتوصيف الضربة بالاعتداء الإيراني، رغم ما يقدمه من صورة قدرة عسكرية لتجاوز أنظمة الحماية الأميركية التي يفترض أنها إذا كانت عاجزة عن التعامل مع طائرات مسيَّرة فهي مُعدَّة أصلاً لمواجهة صواريخ بالستية.
بالتوازي مع الهيستيريا الأميركية السعودية، بدت إيران مرتاحة لوضعها، واثقة من أن الحرب الكلاميّة الأميركيّة رغم ما تضمنته من هلوسات عن الخيارات المفتوحة ستبقى محكومة بمعادلة الردع التي رسمتها إيران مع إسقاط الطائرة الأميركيّة التجسسيّة العملاقة، بينما كانت أوروبا تقوم بخطوة لافتة في تحريك ملف التفاوض مع إيران بالإقدام على إيداع 15 مليار في حساب إيران ضمن آلية «أنستيكس» لتبادل النفط بالمال، بعدما رفضت إيران قبول المبلغ بصيغة قرض، ما يعني بداية تطوّر مهم في مسار التفاوض الإيراني الأوروبي نحو صياغة تفاهم أولي لا يبدو ممكناً بدون الموافقة الأميركية، كما قال وزير الخزانة الأميركية قبل يومين، مشيراً إلى أن أوروبا لا تستطيع أن تضع في حساب إيران مبلغ الـ 15 مليار من دون موافقة أميركية.
لبنانياً، كان الاعتصام الحاشد في معتقل الخيام للأسرى المحررين وأهالي الأسرى الشهداء مناسبة لإطلاق صرخة مدوّية شارك فيها عدد من السياسيين، عنوانها دعوة الدولة إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية في ملف العملاء وإغلاق الثقوب التي ثبت وجودها مع دخول العميل عامر الياس الفاخوري إلى بيروت، وهي ثغرات سياسية وقانونية وأمنية، لا يكفي في التعاطي معها تأمين محاكمة العميل الفاخوري، لأن المطلوب مراجعة ملف العملاء ووضع تشريعات وإجراءات تضمن عزله عن أي بازار سياسي. وكان التحذير عالي الصوت من المشاركين بدعوة الدولة للعدل وعدم نكأ الجراحات كي لا تتولى الناس حقوقها بأيديها.
في الشأن الحكومي يتوقع أن تُستَكمل اليوم، سلسلة التعيينات التي بدأت منذ إنهاء ملف تعيين أعضاء المجلس الدستوري وتواصلت مع التعيينات القضائية، بينما لا تزال قضية موقف القوات اللبنانية مطروحة في التداول، بعدما علق رئيس الحكومة سعد الحريري بعد زيارته لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، على حصتها بالتعيينات بقوله إنه يفي بما يعد وسيمثل القوات، «التي تعرف ماذا فعلت معي»، بينما كانت مواقف نواب القوات المشاغبة على الحكومة والعهد تتواصل، وكان اللافت في المواقف أمس، ما قاله ليلاً رئيس التيار الوطني الحر في حديث تلفزيوني بمناسبة فوزه برئاسة التيار بالتزكية، عن رؤيته السياسية، واصفاً العلاقة بالرئيس نبيه بري وحركة أمل بالجيدة، مشيراً إلى أن التعاون في مواجهة الوضع الاقتصادي يزيدها قوة، وعن رؤيته للنظام الطائفي والخروج من الطائفية، قال باسيل «إننا نؤمن بدولة المواطنة التي تساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات، واقعنا طائفي، وطالما ان النظام قائم فإننا سندافع عن حقوق الذين نمثلهم ونستعد لإطلاق تجمّع سياسي أحد أبرز أهدافه تحقيق الدولة المدنية».
يعقد مجلس الوزراء جلسة عند الحادية عشرة والنصف قبل ظهر يوم غد الثلثاء في القصر الجمهوري وعلى جدول أعماله 26 بنداً، من بينها مشروع قانون موازنة سنة 2020 الذي ستخصّص له جلسات عدة لمناقشته تمهيداً لإحالته الى مجلس النواب وإقراره ضمن المهلة الدستوريّة، أي قبل نهاية السنة الجارية.
ويتضمّن جدول أعمال الجلسة سلّة جديدة من التعيينات تضمّ اقتراحين بتعيين الدكتور مازن سويد رئيساً لمؤسسة «إيدالـ« خلفاً لرئيسها السابق نبيل عيتاني، وكذلك تعيين أعضاء مجلس ادارتها ومفوض الحكومة لديها، وتعيين رئيس للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة خلفاً للرئيس المستقيل منذ فترة طويلة، فضلاً عن بنود عدة ابرزها: عرض وزارة الدفاع الوطني مشروع المسودة النهائية لاستراتيجية الإدارة المتكاملة للحدود في لبنان IBMالمؤجل من جلسة 12/9/2019، مشروع مرسوم يرمي الى تعيين عضوين جديدين في مجلس إدارة الصندوق التعاوني للمختارين في لبنان، الموافقة على مشروع اتفاقية قرض مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع مرافق الصرف الصحيّ في حوض الليطاني الشمالي والأوسط، وعلى تفويض رئيس مجلس الإنماء والإعمار التوقيع عليه.
الى ذلك يعرض وزير المال علي حسن خليل العناوين العامة للموازنة في جلسة الثلثاء ويتم توزيع نسخ عنها على الوزراء، على ان تخصص جلسة يوم الاربعاء او الخميس لإجراء قراءة عامة أولية للمشروع، قبل البدء بجلسات متتالية لدرسها بنداً بنداً وإقرارها ضمن المهلة الدستورية.
وفيما بات واضحاً ان المشروع يخلو من أية ضرائب مباشرة، فإن ذلك لا يعني وفق مصادر نيابية لـ«البناء» أن الموازنة ستبقى على حالها لا سيما أن الخلاف مفتوح على مصراعيه حيال ضرورة فرض ضرائب جديدة ورسوم في موازنة 2020، مشيرة إلى أن ما عجز الرئيس سعد الحريري ومعه الوزير جبران باسيل عن تمريره في موازنة العام 2019 قد يحاولان تمريره في موازنة العام 2020 لا سيما في ما يتصل بزيادة 5000 ليرة على البنزين، ورفع TVA إلى 15 في المئة. وشددت المصادر على أهمية تخفيض العجز من 6.7 في المئة الى 4.5 في العام 2020، بالتوازي مع وصول وزارة المال الى تفاهم حقيقي وجدي مع مصرف لبنان والمصارف التجارية لخفض خدمة الدين العام.
وليس بعيداً، أشارت مصادر مطلعة وخبيرة في الشأن الاقتصادي لـ«البناء» الى اهمية فرض الضرائب أسوة بكل دول العالم، لكن شرط أن تبقى ضمن سقف محدد يمكن من خلاله تحقيق خفض العجز إلى أقل من 6.7 في المئة، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن فرض الضرائب يجب أن يكون مقروناً بمحاربة حقيقية للفساد وسد منابعه وخفض الإنفاق العام، لأن من شأن ذلك ان يدفع باتجاه عودّة الانتظام المالي، جازمة أن خفض الإنفاق يستدعي الانكباب على اتخاذ خطوات صارمة في قطاع الكهرباء والأملاك البحرية والجمارك والمعابر. وتتطلع المصادر إلى إمكانية الاستفادة من أموال مؤتمر سيدر الذي يعد لبنان بتقديم مشاريع استثمارية بقيمة 11 مليار دولار، والبدء بعملية التنقيب عن النفط والغاز نهاية 2019.
إلى ذلك، يتوجه رئيس الحكومة سعد الحريري إلى العاصمة الفرنسية في 20 أيلول الحالي للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون في الإليزيه، كما ستكون لرئيس الحكومة اجتماعات في وزارة المال الفرنسية مع مدراء ورؤساء كبريات الشركات الفرنسية لشرح حيثيات الوضع اللبناني والإصلاحات التي باشرت الحكومة بها تمهيداً لحثهم على الاستثمار في لبنان، وفق مقررات مؤتمر سيدر.
وإذ زار الحريري أمس، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو، أكد أن موازنة 2020 ستكون موضع نقاش وسنحاول الالتزام بالمواعيد الدستورية لمناقشة الموازنات، والأهم في هذه الموازنة كيفية مواجهة التحديات على الصعيد الاقتصادي والمالي. وقال: «أساس موازنة 2020 هو خطة على 3 سنوات لمواجهة التحديات، وهذه الموازنة ستكون مرتبطة بموازنتي 2021 و2022 ولن تكون هناك ضرائب في موازنة 2020». وفيما قال الحريري سنستكمل في مجلس الوزراء التعيينات، اشار رداً على سؤال الى ان «القوات اللبنانية مكون أساس في الحكومة ويجب أن يكون لها حصة في التعيينات، وأنا أفي بوعودي ولا أريد الدخول في جدال مع «القوات»، وهنّي بيعرفوا شو عملوا معي». أما جنبلاط فاكتفى بالقول: «قد نتفق على بعض الأمور وقد نختلف على أخرى، لكن الأهم مصلحة البلد».
وأشارت مصادر مطلعة على أجواء الزيارة الى انّ موعدها كان الاسبوع الماضي لكنها تأجّلت بسبب المستجدات، لافتة الى ان اللقاء الذي استكمل على مائدة العشاء بحث في ملف الموازنة والتعيينات، مشيرة الى ان العلاقة بين الطرفين ايجابية، وتوطدت مجدداً بعد حادثة قبرشمون ووقوف الرئيس الحريري الى جانب جنبلاط، معتبرة أن الأخير مرتاح للتعيينات وأنه حصل على تأكيد من المعنيين بحصته في التعيينات وفق المعايير التي تسري على توزيع حصص الفرقاء الآخرين من الاحزاب.
واعتبرت مصادر في تيار المستقبل لـ«البناء» ان كلام الحريري من كليمنصو عن القوات «هنّي بيعرفوا شو عملوا معي» نابع من سلسلة مواقف قواتية عبّر عنها الدكتور سمير جعجع تستهدف الرئيس الحريري بشكل مباشر، عندما يقول إننا نختلف واياه على ادارة الدولة فضلاً عن لجوء القوات الى التصويت ضد موازنة العام 2019، مشيرة الى عنصر اللا ثقة الذي يخيم على عاللاقة بين الرئيس الحريري بالقوات، بمعزل عن أن رئيس الحكومة فعل كل ما بوسعه في ما يتصل بتعيينات الدستوري القوات تدرك جيداً هذا الامر.
إلى ذلك وبينما يمثل العميل عامر الفاخوري أمام القضاء يوم غد الثلاثاء بالتوازي مع وصول محاميته الاميركية التي تتولى ملفه القانوني، نفذ عدد من الأسرى المحررين وفعاليات من الأحزاب والقوى القومية والوطنية ومواطنون اعتصاماً في معتقل الخيام، تلبية لدعوة هيئة ممثلي الأسرى والمحررين تنديداً بعودة العميل الاسرائيلي عامر الياس الفاخوري الى لبنان.
وخلال الاعتصام أكد رئيس لجنة الأسرى المحررين في الحزب السوري القومي الاجتماعي سمير خفاجة أنّ «هذا الجزار العميل عمالته مشهودة وموثقة ومكشوفة … وليس بمقدور أمّهاتنا وأطفالنا وعائلاتنا ان ينتظروا مرور العملاء الذين أذلوهم وقتلوا أبناءهم وآباءهم في الشارع بكلّ وقاحة وبساطة دون أن يتمّ الاقتصاص منهم. من هنا فإننا لن نسمح بأن يتمّ تهريب العملاء استجابة لاستصراخ أرواح الشهداء في معتقل الخيام وأنين الجرحى وعذابات الأسرى.
وطالب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين بمحاكمة العملاء المجرمين خاصة ممن ما زالوا مرتبطين بالعدو الإسرائيلي، وأن تُنزَل بهم أشدّ العقوبات، وليس هناك شيء آخر، والذي يباشر هذا الملف أياً كان، عليه أن يتعاطى معه على أنه حساس وخطير، وأن يتذكّر دائماً أن هناك أسرى وشهداء وجرحى من المقاومين تعذّب بعضهم وقضى البعض الآخر على يد هذا المجرم العميل، وأن هناك سؤالاً سيجيب عنه أمام أولئك الذين تحملوا من هذا العميل وغيره كل هذه التضحيات سواء في سجن الخيام أو في غيره. وقال إن الموضوع ليس بسيطاً، وهو لا يقتصر فقط على أن هناك غلطة حصلت ودخل عميل إلى لبنان وتمّ حذف اسمه عن طريق الخطأ، متسائلاً ما الذي يريده هذا العميل؟ وما هو الهدف والمخطط الذي ينتمي إليه؟ علماً أنه عميل مجرَّب، وعمل مع الإسرائيليين 40 عاماً، وما زال يحمل جواز سفر إسرائيلياً، ودخل إلى لبنان بجنسية أميركية وغيرها.
وأكد وزير المال علي حسن خليل أننا كما كنا على الدوام أمناء على مشروع المقاومة وحماية إنجازاتها، لن نسمح بتعكير هذا الأمر من خلال إعادة إنتاج جديد لصورة العملاء في لبنان تحت أي عنوان كان، وسنكون دائماً في موقع الحرص على حماية حقوق كل الذين كانوا رواداً في المقاومة وفي عملية التحرير وصناعة صورة لبنان المقاوم القوي.
وفي هذا السياق، أعادت عمالة الفاخوري ملف مشروع قانون العفو العام الذي يجري إعداده الى الواجهة، حيث اشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» إلى ان هذا الملف معقد جداً، مشيرة الى ان الكلام عن عودة العائلات التي فرّت الى الاراضي المحتلة من دون تحقيق لا يجوز، فهي ستخضع اسوة لما يعرف بجيش لحد للتحقيق على أن تجري محاكمة من عمل تحت لواء جيش لحد من دون أي تخفيف للأحكام بحقهم، لافتة الى ان ملف العملاء يجب التعاطي معه بدقة لانه ليس بسيطاً، ومسألة العميل الفاخوري تستدعي التنبه الى احتمالات دخول أمثال هذا العميل والانصراف الى التشدد في المراقبة.
ومساء أكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في حديث عبر قناة الـ«OTV»، أنّ «التيار ولد من الجيش اللبناني وهناك مَن يسعى لتشويه صورتنا مع الجيش. وفي موضوع الموازنة كنا الى جانب الجيش وهناك من ضحّى وهم لا يبخلون لا بتقاعد ولا غيره».
وعن موضوع المصالحة مع القوات اللبنانية، قال باسيل: «وضعناه جانباً وقد نجح. ورئيس حزب القوات سمير جعجع يريد أن يعيش معارضة عنيفة ضد التيار الوطني الحر والعهد. ونتمنى ان يعود للتفاهم لأننا نتشارك في الحكومة نفسها».
أما عن العلاقة مع المردة فقال باسيل «لا سبب لأن تكون العلاقة سيئة مع الوزير السابق سليمان فرنجية وأتمنى أن تُصلَّح الأمور، ولكن لا تجاوب من جانبه حتى الآن».
وتابع باسيل: «ما حمى لبنان هو قوة لبنان والرد على إسرائيل كان مدروساً وأعادها الى الحدود والى قواعد الـ2006 نحن لا نريد حروبـ«.
وأكد باسيل أننا مع «الرئيس بري ولا يوم أردنا ان لا تكون العلاقة جيدة»، مضيفاً «الوضع الاقتصادي يقربنا من بعضنا أكثر. واليوم وقت الوحدة والانتاج في الحكومة».