اللواء
بلبلة في الأسواق.. ومخاوف نفطيّة بعد العدوان على السعودية
مقاربة سريعة اليوم لموازنة «التحدِّيات السيدرية».. والمحكمة الدولية تتّهم عيّاش بتدبير الهجوم على حمادة وحاوي والمُرّ
تتجه الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء اليوم التي تسبق سلسلة من الاستحقاقات المحلية والخارجية، في الاقتصاد لجهة وضع موازنة العام 2020 على الطاولة، ولو على سبيل لمحة موجزة يقدمها وزير المال علي حسن خليل، على ان تحتفظ الأطراف، بدءاً من الرئيس ميشال عون، الذي سيكون له كلمة ينوه فيها بالقرار الصادر عن الأمم المتحدة بتصويت 165 دولة وامتناع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، بالترحيب بمبادرة الرئيس عون إنشاء «اكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار» في بيروت، من زاوية ان القرار الأممي يعطي دفعاً للبنان للسير في تنفيذ هذا القرار لارساء لغة الحوار ونبذ التطرف، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وتجنب اللجوء إلى العنف..
وإذ استبعدت المصادر أية تعيينات من خارج جدول الأعمال، لا سيما تلك المتعلقة بتلفزيون لبنان، توقعت سجالات وأخذاً ورداً حول بعض التعيينات المدرجة على الجدول اليوم.
كل ذلك، على بلبلة في الأسواق، وتسربات ونفي عن إجراءات بحق مصارف لبنانية جديدة، وفي جمعية المصارف ذلك، في ظل ترقب التطورات في منطقة الخليج، بعد الاستهداف الصاروخي لشركة «ارامكو» والاتهامات الأميركية لطهران، التي تتسمك بالنفي، وسط مشاورات دولية من أجل الرد المناسب، وان ما حصل يتعلق بوضعية النفط العالمي.
الموازنة حاضرة
وعشية جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد اليوم في قصر بعبدا، والتي ستبحث في جدول أعمال من 26 بنداً، يتصدره مشروع موازنة العام 2020، إضافة إلى اجراء تعيينات في مؤسستي «إيدال» المجلس الاعلى للخصخصة، ومواضيع أخرى مهمة تتعلق بالاستراتيجية المتكاملة لحماية الحدود وتعديل قانون الإيجارات وفصل البلديات عن وزارة الداخلية، أطلق رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل «موازنة المواطنة والمواطن» في معهد باسل فليحان التابع لوزارة المالية، مؤكداً الالتزام بإقرار موازنة العام 2020 ضمن المهل الدستورية، ولأن «كلفة القرارات التي يجب اتخاذها أقل بكثير من كلفة الأزمة ان حصلت» على حدّ تعبير الرئيس الحريري الذي لفت، خلال الحفل نفسه، إلى ان «التحديات واضحة والحلول معروفة اتفقنا عليها في مؤتمر «سيدر» مشدداً على ضرورة الانتقال إلى مرحلة التنفيذ وان لا نضيع المزيد من الوقت».
اما الوزير خليل فتمنى إقرار الموازنة في مجلس الوزراء في موعدها الدستوري قبل منتصف تشرين الأوّل المقبل، ما يسمح لنا بإقرارها لأول مرّة منذ عقود قبل نهاية العام الحالي وقبل بدء السنة المالية في 2020، معتبرا بأنه «اذا تمّ هذا الأمر نكون قد خطونا خطوة مهمة في الاصلاح».
وتوقعت مصادر وزارية ان تشهد الجلسة اليوم مناقشات دقيقة حول إجراءات التقشف في حين أكد «حزب الله» بلسان وزيره محمّد فنيش الرفض المطلق لأي زيادة على الضرائب والرسوم بما يثقل كاهل المواطن.
واشارت مصادر وزارية عبر لـ«اللواء» الى ان جلسة مجلس الوزراء يتوقع لها ان تشكل شارة الأنطلاق في مناقشة مشروع قانون الموازنة بعد توزيعه على الوزراء واكدت ان وروده كبند اخير على جدول الأعمال قد لا يفسح في المجال الا لعرضه كلمحة سريعة من قبل الوزير خليل تمهيدا للشروع ومناقشته في اقرب وقت ممكن.
وقالت ان لرئيس الجمهورية ملاحظات على المشروع لكن ليس معروفا اذا كان سيعرضها اليوم ام لا. وتوقعت ان يتحدث الرئيس عون عن التصويت في الأمم المتحدة على انشاء اكاديمية الأنسان للتلاقي والحوار الأنجاز الذي تحقق في هذا المجال.
وافادت المصادر ان التعيينات المدرجة يتوقع ان تشهد بعض الأخذ والرد فضلا عن بنود الجدول مستبعدة اي تعيينات من خارج الجدول ولاسيما المتصلة بتلفزيون لبنان مع العلم انها اصبحت قريبة.
ورشحت بعض المصادر فرحات فرحات لمنصب الأمين العام لمجلس الخصخصة.
تخبط سوق المال
في غضون ذلك، يستمر التخبط في سوق المال بسبب شح الدولار من السوق وارتفاع سعره اكثرمن السعر الرسمي لدى الصيارفة، بينما يقف مصرف لبنان ووزارة المالية موقف المتفرج، مقابل تهديد اصحاب محطات المحروقات والصهاريج الى الاضراب بسبب فارق سعر الدولار، ما يعني انه في حال تنفيذ الاضراب المتوقع يوم الخميس ستشهد البلاد ازمة محروقات حادة, عدا عن ارتفاع الأسعار نتيجة الاعتداءات الأخيرة على منشآت «ارامكو» في السعودية.
ورأى خبراء اقتصاديون ومصرفيون ان مصرف لبنان يتخذ بعض الاجراءات لزيادة احتياطه من العملة الاميركية، ما يدفعه ويدفع المصارف الخاصة الى عدم طرح كميات من هذه العملة، لكن المركزي مضطر عاجلا ام اجلا إلى ايجاد آلية طبيعية لضبط حركة السوق، الا انه مضطر حاليا للاستمرار في اجراءاته الحالية ولومؤقتا لحين بدء تنفيذ الاصلاحات المالية والاقتصادية في الموازنات المقبلة. مشيرين الى ان التحويلات المالية الى لبنان من الخارج بالدولار تقلصت بنسبة لا بأس بها، وحسب المعلومات تمكن مصرف لبنان من جمع نحو مليار و800 مليون دولار من مصارف اجنبية ولو بفوائد عالية لزيادة احتياطه بعدم صرف مليارات الدولارات على عجز الكهرباء وكلفة الدين العام خلال العام الحالي، واصدر سلسلة تعاميم لمنع المضاربة على الليرة، وقرر تخصيص كل مصرف بنسبة معينة من الدولار لمنع التفلت في تحويل الليرة الى دولار، فصارت المصارف تتشدد في التحويل من الليرة إلى الدولار لتحافظ على موجوداتها. لكن المصادر توقعت الا تستمر هذه الاجراءات طويلا.
وعلى خط موازا، يستمر شبح العقوبات الاميركية على «حزب الله» والمقربين منه، مخيماعلى البلاد، ومنها تسريبات ان العقوبات قد تطال بعض المصارف اللبنانبة، ماحدا جمعية المصارف الى اصدار بيان امس نفت فيه هذه المعلومات التي قيل ستطال أربعة مصارف لبنانية، وأكدت الجميعة، أن هذه الأخبار غير صحيحة ولا تمت إلى الحقيقة بصلة».
معامل الكهرباء
وعلى صعيد آخر، متصل بالموازنة والوضع المالي والاصلاحات المطلوبة لمؤتمر «سيدر»، ترأس الرئيس الحريري مساء أمس في السراي الحكومي اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة مناقشة دفاتر الشروط لتلزيم إنشاء معامل إنتاج الكهرباء في كل من الزهراني وسلعاتا، الا ان الاجتماع لم ينته إلى الموافقة على هذه الدفاتر والتي تمّ اعدادها من قبل البنك الدولي وخبراء أجانب مع وزارة الطاقة، بسبب ملاحظات عدّة تقدّم بها الوزارة أعضاء اللجنة، فتقرر على الأثر عقد اجتماع آخر يوم الاثنين المقبل لإبداء جواب وزيرة الطاقة ندى البستاني على هذه الملاحظات بعد درسها.
وأملت الوزيرة البستاني ان يتم في جلسة الاثنين إقرار دفاتر الشروط لمعملي الزهراني وسلعاتا، تمهيداً لاحالتها إلى مجلس الوزراء، علماً ان معاملات اجراء المناقصات قد تستغرق ثلاثة أشهر وان المباشرة بالتلزيم قد تتأخر إلى منتصف العام المقبل.
الحريري في باريس الجمعة
ولاحظت مصادر سياسية متابعة، ان الرئيس الحريري، يعطي منذ فترة ليست بعيدة أهمية للجان الوزارية المختلفة التي يرأسها بشكل شبه يومي تقريباً من أجل الإسراع في اتخاذ القرارات الأساسية من قبل الوزراء والمعنيين لاختصار الوقت ووضعها بشكل علمي ونهائي على جدول أعمال مجلس الوزراء للبت بها.
ولفتت إلى ان الرئيس الحريري يحرص على ان يذهب إلى فرنسا في نهاية الأسبوع الحالي متسلحاً بمشروع الموازنة الذي تدرسه الحكومة، والذي يعتبر نسخة منقحة، ولكنه أكثر «شدشدة» من موازنة العام 2019، وباعتبار ان موازنة 2020 ستكون أساسية ومفصلية لمواجهة كل التحديات التي ينتظرها البلد ومرتبطة، كما أعلن الحريري بموازنة عامي 2021 و2022 لإنقاذ الوضعين الاقتصادي والمالي.
معروف ان الحريري يستعد لزيارة العاصمة الفرنسية يوم الجمعة المقبل، حيث من المقرّر ان يجري سلسلة اجتماعات هامة يتوجهها بلقاء يجمعه في قصر الإليزيه مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
وأكدت مصادر سياسية متابعة لزيارة الحريري إلى باريس لـ«اللواء» على أهمية اللقاءات التي ستعقد في باريس، وهي ستتركز على الشأنين الاقتصادي والمالي ومتابعة مقرارات مؤتمر «سيدر»، الذي يسعى لبنان للاسراع بتنفيذ التزاماته الاصلاحية للاستفادة في اقرب وقت ممكن من المشاريع الهامة الاستثمارية التي اقرها المؤتمر وتتم متابعتها من قبل الموفد الفرنسي السفير بيار دوكان، وسيطلع الرئيس الحريري الرئيس الفرنسي حسب ما توقعت المصادر على مختلف الاجراءات الاقتصادية والمالية التي تقوم بها الحكومة اللبنانية، خصوصا ان اجتماعا اقتصاديا كبيرا عقد برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لوضع خطة طريق اقتصادية للمرحلة المقبلة.
وكشفت المصادر أن الرئيس الحريري الذي كان بادر لطلب موعد مع الرئيس الفرنسي سيركز في محادثته معه ايضا على تطورات الاوضاع في المنطقة، وما جرى مؤخرا من اعتداءات اسرائيلية على لبنان، خصوصا ان فرنسا تلعب دورا محوريا بالنسبة للمفاوضات الاميركية –الايرانية، وامكانية انعكاس هذه المفاوضات على الوضع في المنطقة عموما، وعلى لبنان خصوصا، لا سيما ان المرحلة دقيقة وحساسة في ظل التطورات والاعتداءات على المملكة العربية السعودية والتي وقعت نهاية الاسبوع الماضي ومن شأنها رسم معالم المرحلة المقبلة وانعطافاتها مستقبلا.
اكاديمية (الحوار): تصويت ومعارضة
من ناحية ثانية، اعتبر الرئيس عون تصويت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بأكثرية 165 صوتاً تأييداً للمبادرة التي كان أطلقها في العام 2017 بإنشاء أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار»، يعطي دفعاً اضافياً للبنان للسير قدماً في تحقيق هذه المبادرة التي تساهم في إرساء لغة الحوار ونبذ العنف والتطرف.
وفيما شكر الرئيس عون في كلمة وجهها مساء امس، الدول التي دعمت مشروع القرار وصوتت له، أكد أن انشاء الأكاديمية سوف يضع لبنان في موقعه الطبيعي الرائد على صعيد الحوار بين الثقافات والأديان ونشر رسالة التلاقي والتواصل بين الشعوب. واكد الرئيس عون على استمرار التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في سبيل تعميم ثقافة الحوار ومعرفة الآخر خصوصاً على صعيد الشباب بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة وأهدافها.
وكان الرئيس عون تابع مباشرة من نيويورك وقائع جلسة الجمعية العمومية التي نال فيها المشروع اللبناني أكثرية 165 صوتاً، ومعارضة الولايات المتحدة وإسرائيل.
وبرر المندوب الأميركي معارضته للمشروع بأنه جاء مبهماً من حيث دور الأمم المتحدة في آليات الانتساب وغيرها من المواضيع الإدارية، في حين شنت مندوبة إسرائيل هجوماً عنيفاً على لبنان والرئيس عون واللبنانيين مدعية انهم لا يحترمون قيم السلام والتسامح والتعايش.
يذكر ان المشروع حصل على تأييد 172 دولة، فيما كان عدد المندوبين الحاضرين في جلسة التصويت 167 دولة. وقد اعربت الجمعية العامة في قرارها «عن تقديرها لما يبذله الرئيس اللبناني من جهود لتعزيز دور لبنان باعتباره مركزاً للحوار والتنوع، ولا سيما من خلال مبادرته الرامية الى انشاء «اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار» ومقرها بيروت.
المحكمة الدولية
وفي تطوّر جديد يتصل بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في شباط من العام 2005، أعلنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، انها وجهت الاتهام إلى متهم في الجريمة بالمشاركة في ثلاث هجمات أخرى استهدفت قادة سياسيين آخرين، هم الوزير السابق الياس المرّ والوزير السابق والنائب الحالي مروان حمادة والرئيس السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي.
وأوضحت المحكمة في بيان ان قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة دانيال فرانسين قرّر توجيه تهمتي الإرهاب والقتل إلى سليم جميل عياش لمشاركته في هجمات أسفرت عن قتل وقعت عامي 2004 و2005.
ومعروف ان عياش (55 عاماً) واحد من أربعة أشخاص يشتبه في انهم من «حزب الله» اتهموا من قبل المدعي العام في المحكمة بالتورط في اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وقالت المحكمة ان القاضي فرانسين قرّر رفع السرية عن قراره مؤكداً الاتهامات الموجهة إلى عياش، مضيفة ان «تأكيد الاتهامات يعني فتح قضية جديدة امام المحكمة».
وأصدر فرانسين مذكرة توقيف موجهة إلى السلطات اللبنانية لتنفيذها، ومذكرة توقيف دولية بحق عياش، بينما احيل قرار الاتهام ومذكرة التوقيف إلى السلطات اللبنانية التي يقع على عاتقها واجب البحث عن المتهم وتوقيفه ونقله إلى عهدة المحكمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
زلزال أرامكو يربك العالم… وواشنطن بين تصعيد يفتح مواجهة مع إيران… وتراجع بمنزلة هزيمة
بوتين وروحاني ينجحان بفرض مواجهة الإرهاب ومعادلات الدولة السوريّة على أردوغان
المحكمة الدولية تدخل على خط التصعيد ضد حزب الله بتقرير اتهامي ركيك… والهدف فتنة
لا يزال زلزال أرامكو الذي أصاب السعودية الحدث الدولي الأول، وقد ترتّب عليه وقف إنتاج وتصدير نصف طاقتها النفطية، كما أصاب بناها التحتية الخدمية في توفير الكهرباء والماء والغاز والمشتقات النفطية، واصاب السوق العالمية بالتوتر وتسبب بارتفاع أسعار النفط، وفرض تراجعات واسعة في أسعار الأسهم في بورصات العالم. ووقف الغرب مرتبكاً في كيفية التصرف بانتظار ما ستفعله واشنطن، التي سارعت لتحميل إيران المسؤولية، لكنها وعلى لسان الرئيس دونالد ترامب بدت مترددة في كيفية التصرف، حيث التصعيد على إيران يفتح الباب لمواجهة معلوم سلفاً أنها ستأخذ الأمور نحو حرب تدمر المصالح النفطيّة والتمركز العسكري الأميركي في المنطقة وتصيب «إسرائيل» في الصميم بأضرار لا يمكن إصلاحها، بالرغم مما ستتسبب به من خسائر لدول وقوى محور المقاومة. وفي المقابل بدا التراجع تسليماً بهزيمة كبرى، وإقراراً بأنّ اليد العليا في المنطقة هي لمحور المقاومة.
الإرباك الأميركي الخليجي عشية انتخابات الكنيست في كيان الاحتلال، أضاف لمأزق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو المزيد من التعقيد، بالحلفاء العرب الذين يتحدث عنهم وهم مهددون بالخسائر ومصابون بالضعف. وواشنطن التي يعتد بتحالفه معها، بدأت تسوّق لمشروع تصالحي مع إيران، معتبرة أنها قدّمت لكيان الاحتلال أكثر مما يحلم به بنقل سفارتها إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لكيان الاحتلال وتأييد ضمه للجولان، ونيته بضمّ بعض الضفة الغربية، وتبني الرؤية الإسرائيلية لأي تسوية للقضية الفلسطينية وفقاً لما تتضمنه صفقة القرن. وتبدو صورة الاستعصاء الحكومي مرشحة للاستمرار في الكيان وربما تكون الأمور بين حكومة وحدة تضم الليكود وتحالف أزرق أبيض على أساس إدارة الأزمات بلا استراتيجية محددة، بل بطريقة المياومة، أو الذهاب مرة أخرى للانتخابات.
تركيا وحدها بين حلفاء واشنطن في حربها على سورية، تضحك في سرّها لأنها بادرت مبكراً بالتموضع ضمن مسار أستانة المشترك مع روسيا وإيران، واتخذت لنفسها سياسة خاصة تنبع من حساباتها ومصالحها، وهي تشعر اليوم بقيمة ما فعلت. فجاءت القمة الثلاثية التي ضمّت في أنقرة الرئيس التركي رجب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الإيراني حسن روحاني، منصة حملت معها تثبيتاً للمواقع المتقدّمة لروسيا وإيران، ومحاولة تركية للحفاظ على مكتسبات التموضع خارج السرب الأميركي السعودي الإسرائيلي، وكان لافتًا مسعى بوتين وروحاني لتناول الوضع شرق الفرات وفقاً لمعادلة التمسّك بوحدة سورية ورفض تقسيمها، ومطالبة واشنطن بسحب قواتها، والتمهيد لترتيب العلاقة السورية التركية تحت سقف اتفاقية أضنة المعقودة بين الدولتين سابقاً بديلاً من المنطقة الآمنة التي يتحدث عنها الأتراك، أما بالنسبة لإدلب فقد كان واضحاً الإصرار على استئصال الجماعات الإرهابية، وهو ما لم يعلق عليه سلباً الرئيس التركي للمرة الأولى. وهو ما قالت مصادر متابعة أنه إشارة لتفاهمات تمّت في القمة، عنوانها مواصلة الحرب على الإرهاب ـ وتكريس ثوابت الدولة السورية بالنسبة لاحترام السيادة والوحدة.
لبنانياً، كان لافتاً توقيت صدور التقرير الاتهامي للمحكمة الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، في قضايا ومحاولات اغتيال طالت الوزير السابق مروان حمادة، ونائب رئيس الحكومة السابق الياس المر، واغتيال الأمين العام للحزب الشيوعي السابق جورج حاوي، وتوجيهه الاتهام لحزب الله من خلال اسم سليم عياش المتهم في قضية الرئيس الحريري. وقالت مصادر قانونية إنّ التقرير الاتهامي ركيك ويخلو من كثير من التفاصيل الضرورية لمنحه التماسك اللازم، بما يوحي أنه تقرير غبّ الطلب لضرورات التوقيت في تخديم التصعيد بوجه حزب الله ومحاولة إرباكه وإشغاله، والسعي لإرباك علاقته بكل من الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الشيوعي وآل المر، وهو ما وصفته المصادر بمشروع فتنة، لن تجد لها أرضية مناسبة بعدما كان ما صدر متوقعاً وتمّت الإحاطة الاستباقية لفرضية صدوره بمواقف تحول دون قدرة الاتهام على خلق توترات يريدها أصحابه لإرباك حزب الله.
يبدو أنّ الإجراءات الأميركية ضدّ المصارف اللبنانية متواصلة بذرائع مختلفة، فبعد إدراج «جمال تراست بنك» على لائحة العقوبات الأميركية، بدأ المطلعون على الموقف الأميركي يتحدثون عن انّ جرعة عقوبات جديدة سوف تقدم عليها وزارة الخزانة الأميركية تجاه ثلاثة مصارف من دون ان تأتي على اسماء هذه المصارف. ومع ذلك، فإنّ مصادر مصرفية تؤكد لـ»البناء» أن لا علم لديها بأيّ موقف او قرار أميركي، معتبرة انّ ما يجري يأتي في سياق التهويل على القطاع المصرفي التي تعي وزارة الخزانة الأميركية انه يلتزم القوانين الدولية ويلتزم كلّ القوانين التي أقرها مجلس النواب والمتصلة بمكافحة تبيض الاموال وتمويل الارهاب.
وعلقت جمعية المصارف في بيان، على ما تمّ تداوله من معلومات صحافية عن إجراءات أميركية تصعيدية ستطال 4 مصارف لبنانية، مؤكدة أن «هذه الأخبار غير صحيحة ولا تمت الى الحقيقة بصلة».
الى ذلك، رفع قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال فرانسين السرية عن قرار صدّق فيه قرار اتهام بحق السيد سليم جميل عياش في ما يتعلق بالاعتداءات التي استهدفت مروان حماده وجورج حاوي والياس المر في 1 تشرين الأول 2004 و21 حزيران 2005 و12 تموز 2005 على التوالي. وتُسنَد في قرار الاتهام خمس تهم إلى السيد سليم جميل عياش: مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي واستطرادًا من تهمة المؤامرة بهدف ارتكاب عمل إرهابي، تهمة جمعية الأشرار وارتكاب أعمال إرهابية وقتل غازي أبو كروم وجورج حاوي وخالد مورا عمدًا ومحاولة قتل الياس المر، ومروان حماده، وسبعة عشر شخصًا آخر عمدًا. وقد أصدر قاضي الإجراءات التمهيدية مذكرة توقيف موجهة إلى السلطات اللبنانية لتنفيذها ومذكرة توقيف دولية بحق عياش.
واعتبرت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ»البناء» أن قرار الاتهام السابق الذكر يأتي في سياق قرارات المحكمة التي كانت قد اعلنت انها سوف تصدر أحكامها بين منتصف الصيف وبداية الخريف، لافتة الى ان هذا القرار قد يكون إما تراجعاً عن الحكم في قضية الرئيس الرفيق الحريري او تمهيداً لإصدار الحكم. وجزمت المصادر ان هذه الأحكام لا تؤثر على الاطلاق على العلاقة بين الأطراف السياسية والوضع الداخلي، مشيرة الى ان هذه الوقائع المتصلة بالمحكمة والعقوبات لا تهزّ حزب الله ولا يعيرها اهتماماً خاصة أن الجميع يدرك ان اللعبة باتت في مكان آخر عملية أفيفيم ومنشآت أرامكو ، فأحكام المحكمة وما يدور في فلكها من عقوبات اشبه بوقائع قاصرة عن تحقيق الهدف المطلوب، لكنها في الوقت عينه سيوف مسلطة يستخدمها الأميركي غبّ الطلب، كرسو البارجة الأميركية في مرفأ بيروت.
وفيما يُنتظر أن تستجوب قاضية التحقيق العسكرية القاضية نجاة أبو شقرا اليوم العميل عامر الفاخوري بعد ادعاء النيابة العامة العسكرية عليه، بموجب ورقة طلب تضمّنت ملاحقته بجرم الانضواء في صفوف العدو، والحصول على جنسيته والتسبب بقتل لبنانيين. وسبق أن لوحق الفاخوري خلال التسعينيات باثنتين من المواد المدعى عليه بها وهي التعامل مع العدو ودخول مناطق نفوذه. أشارت قناة «المنار» الى ان عدد عملاء «إسرائيل» الذين تمّ شطبهم من البرقية رقم 303 يتخطى الستين عميلاً بعشرات الأرقام، وذكرت أن المقبل من الأيام سيكشف هذه الارقام.
واوضحت ان العميل عامر الياس الفاخوري حاول نكران مسؤوليته المباشرة عن معتقل الخيام واتهام ابن عمه بذلك، كما انه كان مصدوماً خلال التحقيقات مما حدث بعد ان كان مطمئناً ان الوضع سيكون على ما يرام عند وصوله الى لبنان.
وذكرت المعلومات أن التحقيق لا زال مستمراً مع العميد الذي رافق الفاخوري الى مركز الامن العام عند وصوله الى المطار .
ونفذ عدد من المواطنين اعتصاماً أمام قصر عدل بيروت احتجاجاً على السماح بدخول الفاخوري الى لبنان وللمطالبة بمحاكمته وإنزال أشد العقوبات بحقه. وتقدمت هيئة ممثلي الأسرى والمحررين من سجون الاحتلال الإسرائيلي بدعوى قضائية ضد الفاخوري، كما تقدم رئيس اللجنة القانونية في اللجنة الدولية لحقوق الإنسان المحامي معن الأسعد أيضاً بدعوى مماثلة بجرائم قتل أسرى وتعذيب جرحى وإخفاء جثامين شهداء ودخول أراضي العدو والإقامة فيها وحمل جواز بصفته إسرائيلياً وحجز حرية مواطنين وتعذيبهم.
على خط آخر، تعقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم في السراي برئاسة الرئيس سعد الحريري ستناقش جدول اعمال عادياً تتخلله تعيينات، حيث تم التفاهم على تعيين مازن سويد رئيساً لمجلس إدارة إيدال فضلاً عن أسماء أعضاء إدارتها الخمسة، كما جرى التفاهم على اسم فرحات فرحات أميناً عاماً للمجلس الأعلى للخصخصة.
وفيما تجري الحكومة خلال الجلسة قراءة «أوّلية» لمشروع موازنة 2020، اكد رئيس الحكومة سعد الحريري في حفل إطلاق موازنة المواطنة والمواطن، في معهد باسل فليحان المالي، «الالتزام بإقرار موازنة 2020 ضمن المهل الدستورية وكلفة القرارات التي يجب اتخاذها أقل بكثير من كلفة الأزمة إن حصلت». واضاف «التحديات أمامنا واضحة والحلول معروفة واتفقنا عليها في مؤتمر «سيدر» والمهم اليوم أن ننتقل الى مرحلة التنفيذ ولا نضيّع المزيد من الوقت، وحرصاء على التعامل بين القطاع الخاص والعام وعلى الحوار مع المجتمع الدولي وأكدنا هذا الموضوع في مؤتمر سيدر. والمطلوب من كافة الإدارات الاستثمار من أجل متابعة الورشة الإصلاحية للوضع الاقتصادي بهدف النهوض بلبنان».
واعتبر وزير المال علي حسن خليل ان «الموازنة أعدّت في وقت صعب واستثنائي ولكن لم تقدّم للرأي العام كما جاءت عليه رغم تميّزها». وشدّد على اننا «نشهد اليوم على إنجاز حقيقي يتجاوز الشكل للدخول في مضمون المسؤولية الملقاة على عاتقنا، وجملة القرارات الصعبة يجب أن نتحملها لأنّ تجاهل الأمر لم يعد مسموحاً». وتمنّى «إقرار الموازنة في مجلس الوزراء في موعدها الدستوري قبل منتصف تشرين الأول المقبل وهذا ما يسمح لنا بإقرارها لأول مرة منذ عقود قبل نهاية العام الحالي وقبل بداية السنة المالية في 2020 وإن تم هذا الأمر نكون قد خطونا خطوة مهمة في الإصلاح».
وبينما رجحت مصادر وزارية عقد جلسة لمجلس الوزراء يوم غد الاربعاء للبدء بمناقشة مشروع الموازنة، لفتت المصادر لـ»البناء» الى ان زيارة الرئيس الحريري الباريسية في 20 الحالي حيث سيلتقي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تأتي في سياق متابعة البحث في تنفيذ مقررات سيدر، خاصة أن الرئيس الحريري كان قد توصل الى اتفاق مع المبعوث الفرنسي بيار دوكان الذي زار لبنان منذ ايام حول ضرورة انطلاق الخطوات التي سيتخذها لبنان لملاقاة الدعم الدولي، في ما يتصل بالاصلاحات المرتبطة بتنفيذ سيدر لا سيما في قطاع الكهرباء وتخفيض العجز واصلاح القطاع العام، مشيرة ان لقاء الحريري ماكرون سيحدد اجتماع اللجنة الاستراتيجية في تشرين الثاني المقبل.
وليس بعيدا، زار وفد من مؤسسة التمويل الدولية IFC برئاسة نائب رئيس «مؤسّسة التمويل الدوليّة» لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وعضو مجموعة البنك الدولي سيرجيو بيمنتا، والمدير الإقليمي للبنك الدولي للشرق الأوسط ساروج كومار جاه كلاً من رئيس الحكومة ووزير المال وتم البحث في القيام بعدد من مشاريع البنى التحتية في الكهرباء وفي مطار بيروت.
وفي السياق، عقد في السراي اجتماع وصف بـ»المهم والإيجابي»، للجنة الوزارية الخاصة بمتابعة خطة الكهرباء، عرضت خلاله وزيرة الطاقة ندى بستاني دفاتر الشروط لمناقصتي معملي الزهراني وسلعاتا. ولفتت معلومات «البناء» الى ان اللجنة سوف تجتمع الاسبوع المقبل بعد ان يكون الوزراء اطلعوا على دفتر الشروط ووضعوا ملاحظاتهم لمناقشتها في جلسة الاثنين تمهيداً لإحالة دفتر الشروط الى مجلس الوزراء، مرجحة اطلاق دفاتر الشروط المتعلقة بمناقصات الكهرباء قبل آخر الشهر. وأعلنت بستاني أن «أهم الاستشاريين أعدوا دفاتر الشروط لبناء المعامل بالتعاون مع البنك الدولي ، وأنا آمل أن نسير سريعا بالموافقة وذلك لنكون على السكة الصحيحة».
في غضون ذلك، عقد اجتماع في وزارة الدفاع ضم الى وزير الدفاع الياس بوصعب، وزيرة الداخلية وقادة الاجهزة استكمالاً لاجتماع السراي لمناقشة التدبير رقم 3. حيث فرَّق المجتمعون بين تعويض بدل الانتقال اليومي والضمائم الحربية، وتمّ التوافق على إبقاء تعويض بدل الانتقال اليومي كما هو معمول فيه حالياً وفقاً لتدبير الاستنفار رقم 3.
أمَّا في ما خصَّ الضمائم الحربية، فتم التوصل إلى صيغة تقضي بتوزيع استفادة العناصر من هذه الضمائم بين تدبير الاستنفار رقم 3 وتدبير الاستنفار رقم 2 وفقاً لمقتضيات الخدمة. وتدبير الاستنفار رقم صفر أي لا تدبير لذوي الأوضاع الاستثنائية نقاهة، سجن، مأذون داخل وخارج البلاد….. .
الى ذلك، وعشية توجّهه الى نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العام للامم المتحدة، اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لطلب لبنان إنشاء «اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار» مركزها في بيروت، هو حدث تاريخي وإنجاز يسجّل لوطن التعددية والعيش المشترك بهدف إرساء ثقافة السلام والتفاهم بين الشعوب المختلفة. وأكد رئيس الجمهورية ان ما يجمع الشعب اللبناني بمختلف طوائفه ومذاهبه هو الانتماء الى وطن واحد على رغم وجود اختلافات في الرأي السياسي، الا ان هذه التعددية في الآراء دليل ديمقراطية. واكد رئيس الجمهورية ضرورة العودة لحمل شعار القضية الاساسية والجوهرية وهي قضية فلسطين، داعياً الى «التنبه للمخطط الاسرائيلي الذي يهدف الى فرض الحلول على الدول العربية عبر «صفقة القرن» لا سيما أن اسرائيل ترى ان الظروف مؤاتية لتحقيق مبتغاها في ظل التشرذم القائم بين الدول العربية».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
وزراء حزب الله لتعديل القانون لمنع إفلات العملاء من العقاب: ضغوط أميركية تسبق الفاخوري إلى التحقيق
الذكرى الـ37 لانطلاقة «جمول»: مسيرة بالمشاعل من «بسترس» إلى «أيّوب»
تباشر اليوم قاضية التحقيق العسكرية نجاة أبو شقرا جلسات استجواب العميل عامر الفاخوري، في دعوى الحق العام المقامة عليه من قبل النيابة العامة العسكرية، بجرائم التعامل مع العدو الاسرائيلي والتسبّب في القتل والتعذيب ودخول أراضي العدو من دون إذن. الفاخوري، الذي كان قائداً عسكرياً لمعتقل الخيام، سبقته إلى المحكمة أمس محامية أميركية تولّت توجيه ما يشبه التهديد للقضاة، معتبرة أن موكلها مخطوف، لأن القانون اللبناني يوجب إسقاط كل التهم بحقه بسبب مرور الزمن. ولسدِّ هذه الثغرة، سيطرح وزراء حزب الله في جلسة مجلس الوزراء اليوم ضرورة تعديل القوانين اللبنانية، لكي تمنع عملاء العدو الإسرائيلي من الاستفادة من مرور الزمن. ثغرة أخرى سيحاول الفاخوري وفريق الدفاع النفاذ منها للتفلت من الاتهام، وهي أن ملف العميل في المحكمة العسكرية، الذي حُكم بموجبه غيابياً عام 1996، لا يحوي معلومات عن كونه المسؤول العسكري لمعتقل الخيام. فالفاخوري سيركّز على الزعم بأن دوره كان لوجستياً لا أكثر، رغم أن عشرات الأسرى يعرفونه شخصياً، من خلال التعذيب الذي ذاقوه منه ومن العملاء الذين كانوا يعملون بإمرته، فضلاً عن التسبب في استشهاد اثنين على الأقل من الأسرى في انتفاضة العام 1989. كذلك سيزعم الفاخوري أن ابن عمه، سلام الفاخوري، هو الذي كان آمر السجن. وفي مقابل هذه المزاعم، يؤكد أسرى محررون من معتقل الخيام أن عامر الفاخوري كان المسؤول العسكري في «الخيام» حتى ما قبل تحرير العام 2000 بنحو ثلاث سنوات. وأنه كان في جزء من النصف الاول من تسعينيات القرن الماضي الآمر الناهي، حتى إن سلطته في ذلك الحين فاقت سلطة «شريكه» في إدارة المعتقل (مسؤول الامن والتحقيق) جان الحمصي. وللتذكير، فإن الفترة السابقة للعام 1995 هي التي شهدت أقسى عمليات التنكيل بالأسرى، لأن الصليب الاحمر الدولي كان ممنوعاً من دخول «الخيام» حتى نهاية العام 1995.
كذلك فإن المعلومات الموجودة في مديرية استخبارات الجيش تشير إلى أن عامر الفاخوري كان القائد العسكري لثكنة الخيام ومعتقلها حتى العام 1998 (تشير المعلومات المتوافرة بشأنه لدى الاستخبارات إلى أنه، في ذلك العام، اتُهِم باغتصاب إحدى قريباته). وبعد خروجه من ذلك المركز، تولاه ابن عمه سلام الفاخوري. ويمكن لحالة ابنَي العم عامر وسلام الفاخوري أن تكون مثالاً على كيفية تعامل المحكمة العسكرية الدائمة قبل العام 2000 مع ملفات العملاء. فعامر حُكم بالسجن غيابياً 15 عاماً، فيما سلام حُكم بالسجن المؤبد، رغم أن الاول أمضى في مركزه مدة زمنية أطول من التي قضاها الثاني، وكان (عامر) مسؤولاً عن المعتقل في أكثر مراحله إيذاءً للمعتقلين.
ولمواجهة ما تقدّم، ستعمد جهة الادعاء إلى تقديم عدد كبير من الشهود، وخاصة من الأسرى المحررين، ليُستعان بشهاداتهم في التحقيق.
مشكلة أخرى ظهرت بعد توقيف عامر الفاخوري، وتمثّلت في إلقاء التُّهم جزافاً بحق قضاة وأمنيين ومسؤولين آخرين، لتحميلهم مسؤولية تسهيل عودته إلى البلاد. وهذه التهم تتعزّز بغياب أي نتيجة لتحقيق جدّي يحدد المسؤوليات بوضوح، علماً بأنه حتى اللحظة، ثبت أن ما يُسمى إسقاط الحكم بحقه لم يكن إسقاطاً للحكم. فالحكم يسقط قانوناً بمرور 20 عاماً. وما جرى في المحكمة العسكرية ليس سوى إجراء روتيني بعد تقدّم المحامي بطلب لاسترداد خلاصة الحكم ومذكرة التوقيف، فوقّعها القاضي المناوب في النيابة العامة العسكرية، من دون أن يكون مطّلعاً على الملف الذي لم يكن فيه أصلاً ذكرٌ لعمل الفاخوري كآمر عسكري للمعتقل. وفي مديرية المخابرات، تؤكد مصادر أمنية أن التحقيق لا يزال مستمراً لتحديد ملابسات سحب اسم الفاخوري من البرقية الرقم 303 التي كانت تتيح توقيفه عند المعابر الحدودية. وتبيّن أن إزالة الاسم تمت في قرار صدر يوم 10 نيسان 2017.
الذكرى الـ37 لانطلاقة «جمول»: مسيرة بالمشاعل من «بسترس» إلى «أيّوب»
ككل عام في السادس عشر من أيلول، منذ 37 عاماً، التقت الرفيقات والرفاق، وجمهور واسع طغى عليه عنصر الشباب، عند صيدلية بسترس الشهيرة في بيروت، مسرح أوّل عمليّة عسكريّة ضد جيش العدو في اليوم التالي لاجتياح بيروت. التاريخ ذاته شهد انطلاق «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية» (حمّول) التي لعبت دوراً مهمّاً في مقاومة الاحتلال، وطرده من بيروت أولاً، ثم تواصلت مشاركتها في العمليات حتى تحرير الجنوب في العام ألفين. وبدعوة من قيادة بيروت الكبرى في «الحزب الشيوعي اللبناني»، انطلقت مسيرة مشاعل احتفالاً بالمناسبتين، حتى «محطة أيوب» مكان العملية الثانية. وألقى ماجد مزرعاني كلمة قيادة بيروت موجّهاً «تحية كبرى إلى الفدائيين الأوائل الذين لبّوا النداء». ثم أكّد الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، حنا غريب، أن «الكيان الصهيوني ما زال يشكل خطراً داهماً على لبنان، بدعم أميركي ورجعي عربي، وبمساندة قوى سياسية في الداخل اللبناني». وطالب غريب بـ«محاكمة كل المتورطين داخل السلطة اللبنانية، في تهريب الخونة العائدين، وتغطيتهم وتنظيف سجلاتهم»، معلناً التزام الشيوعيين «بملاحقة هذه القضية حتى ينال هؤلاء العقوبة التي يستحقونها».