افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 22 تشرين الأول، 2019

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 3 آب ، 2024
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 23 كانون الثاني، 2024
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 16 أيلول، 2023

اللواء 
"الثقة الغائبة" تُسقِط ورقة الإصلاحات: الطبقة السياسية في المأزق!
العصيان و"الطوارئ" في واجهة الخَيارات…والجيش يحمي ساحات الإعتصام..وأمل وحزب الله يتبرآن من "محاولة الدراجات"

ماذا بعد رفض منظمي التظاهرات من بيروت إلى طرابلس وصيدا واقضية الجنوب وجبل لبنان والبقاع قرارات مجلس الوزراء، التي وصفت بانها "قرارات إصلاحية تاريخية"، وباقرار مشروع موازنة 2020 من دون ضرائب إضافية وبعجز 0.63?، وتخفيض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب 50?. واعداد مشروع قانون استعادة الأموال المنهوبة وإنشاء الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد قبل نهاية السنة، إلى آخر ما تضمنته الورقة الإصلاحية، والتي تكرست بكلام للرئيس سعد الحريري، والذي خاطب المتظاهرين من بعبدا بالقول: ان الإجراءات المتفق عليها قد لا تُلبّي المطالب، ولكنها "خطوة أولى لنبدأ بالحلول"، معتبراً ان الخطوات ليست لإخراج النّاس من الشارع ويجب على الحكومة ان تعمل لاستعادة ثقة النّاس.
لكن الثقة المفقودة أسقطت ورقة الإصلاحات، ووضعت الطبقة السياسية امام المأزق.. ففي حين كانت الدوائر الإعلامية تنفي على لسان النائب السابق وليد جنبلاط استقالة وزرائه من الحكومة، وعلى لسان المكتب الإعلامي في الرئاسة الأولى، من ان صحة الرئيس ميشال عون في تدهور، فضلاً عن مسارعة الجهات الإعلامية بنفي ان تكون حركة "امل" أو حزب الله معنيين بالدراجات النارية، التي ذهبت إلى الوسط التجاري، حيث يعتصم المتظاهرون ومنعهم الجيش اللبناني من الاشتباك مع المتظاهرين.
على ان غياب الثقة، وفقا لمصادر دبلوماسية متابعة للحدث الكبير الذي يلف لبنان، أبلغت "اللواء" ان سنوات طويلة من انعدام الثقة لا يُمكن كسبها بـ72 ساعة، أو أكثر، موضحة ان الطبقة السياسية امام المأزق الكبير، وانه لا يُمكن تجاهل حجم المشاركين في التظاهرات، ودورهم في أية خطة سياسية جديدة للإنقاذ، على الرغم من التلويح بالعصيان المدني أو إعلان حالة الطوارئ.
رفض شعبي لقرارات الحكومة
في هذا الوقت، لم يطرأ أي تحول على مسار الحراك المدني في يومه الخامس على التوالي، على الرغم من إصدار حكومة الرئيس سعد الحريري مجموعة قرارات وإجراءات ووعود، وصفت بالاصلاحية، بالتزامن مع إقرار الموازنة الجديدة للعام 2020 بنسبة عجز تبلغ صفر في المائة تقريباً، غير مسبوقة في تاريخ لبنان الحديث، غير ان اللافت ان المتظاهرين تضاعفت اعدادهم في أماكن تجمعاتهم في بيروت وطرابلس وجونيه وصيدا وصور وبعلبك والنبطية في ما يشبه الرد الواضح على رفضهم القرارات الحكومية، أو بالأحرى الوعود، لأن معظم بنود الورقة الإصلاحية تتخذ صفة المؤجل وليس المعجل الذي يطالب به المتظاهرون، معتبرين انها لا تتضمن أية أفعال، وسبق للوعود ان تكررت في بنود مؤتمر "سيدر" وخطة ماكينزي والبيان الوزاري.
وأضيف إلى استمرار التظاهرات وتزايد اعدادها ولا سيما في طرابلس تطوّر آخر طرأ على صعيد ما يمكن تسميته "المواجهة السياسية"، تمثل بعودة ظهور مجموعات من الدرجات النارية التي دأبت على التجول في شوارع العاصمة، منذ بدء التحركات الاحتجاجية، بالتزامن مع إحراق اطارات السيّارات وقطع الطرقات، لكنها هذه المرة ظهرت وهي ترفع اعلام "حزب الله" وحركة "أمل" وتهتف للرئيس نبيه برّي والأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله وللشياح والغبيري، في ما يشبه التحدي الواضح للمتظاهرين والمتجمعين في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، أو محاولة الاحتكاك بهم لاستفزازهم تمهيداً لاخراجهم من الشارع، الا ان هذه المجموعات لم تحاول الاقتراب من أماكن تجمع المتظاهرين، واكتفت بالتجول في شوارع رأس النبع وفردان والطريق الجديدة، وكورنيش المزرعة، وصولاً إلى سليم سلام وبشارة الخوري وجسر الرينغ، حيث نقطة تجمعهم.
وقالت مصادر قيادية مسؤولة في حركة "أمل" تعليقا على المسيرات التي انطلقت في بيروت بالدراجات النارية: ان لا قرار رسميا من الحركة والحزب بتسيير اي تظاهرة، وما جرى تحرك عفوي تلقائي، ونحن نحترم حق التعبير والتظاهر للجميع، شرط التزام القوانين وعدم التعرض للممتلكات والاشخاص والرموز الوطنية والدينية، من منطلق حرصنا على الاستقرار الامني والسياسي. والبدء بتنفيذ خطة الاصلاحات التي اقرها مجلس الوزراء اليوم (أمس).
مسيرة الدراجات النارية المناوئة للتظاهرة في وسط بيروت
كذلك نفت العلاقات الإعلامية في حزب الله ان تكون لها علاقة بمسيرة الدراجات.
وذكرت المعلومات ان الجيش اللبناني منع المسيرة من النزول باتجاه ساحات الاعتصام واوقفها في شارع مونو.
وأفاد موقع "مستقبل ويب" الناطق بلسان تيّار "المستقبل" ان للرئيس الحريري اتصل بقائد الجيش العماد جوزف عون وعرض معه التطورات الأمنية، وأنه "شدّد خلال الإتصال على وجوب حماية المتظاهرين وعدم السماح بالمساس بأيّ منهم، مع التأكيد على ‏وجوب فتح الطرقات إفساحاً في المجال أمام حرية تنقل المواطنين في كلّ المناطق وتأمين الخدمات ‏الصحية والمعيشية"‎.
وافادت محطة الـ"ام تي في" ان قيادة الجيش ليست بوارد التحرك وفتح الطرقات بالقوة ونقلت عن مصدر عسكري رفيع قوله : "إن طلبت الناس نجدتنا ومساعدتنا فسنلبي نداءها فقط في هذه الحالة نساعدها بفتح الطريق".
كما نقلت عن مصدر في قوى الأمن الداخلي تأكيده: لن نفتح الطرقات بالقوّة وهذا الأمر ليس وارداً".
وأصدرت قيادة الجيش بياناً أكدت فيه انها غير معنية بأي خبر لا يصدر عنها.
ونقلت قناة "العربية" عن مصدر حكومي ان هناك اتجاهاً لاعلان حالة الطوارئ في البلاد، لكن مصدراً في رئاسة الحكومة سارع إلى نفي هذا الخبر.
تزامناً، كشف سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري انه تمّ اجلاء 870 مواطناً سعودياً من لبنان منذ يوم السبت الماضي وحتى مساء أمس، ولفت إلى ان هناك خمس طائرات تابعة للطيران السعودي ولطيران الشرق الأوسط تنقل يومياً الرعايا السعوديين من بيروت إلى المملكة، وان هناك رعايا سعوديين فضلوا المغادرة إلى القاهرة أو دبي.
وتمنى السفير بخاري ان يعود الأمان والسلام إلى ربوع لبنان في أسرع وقت ممكن.
مجلس الوزراء
وكان مجلس الوزراء أقر في جلسته امس في قصربعبدا التي استمرت اربع ساعات، مشروع موازنة 2020 بنسبة عجز صفر فاصل 63، ووقعه رئيس الجمهورية ميشال عون فوراً واحاله الى المجلس النيابي، فيما اقر المجلس ورقة الاصلاحات الاقتصادية والمالية من 25 بنداً، وجرى حولها نقاش مستفيض وسجال بين وزيري الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر،وانتهت الجلسة على توافق مع تحفظات لوزيري الاشتراكي، اللذين خرجا من الجلسة قبل انتهائها، واعلنا انهما ينسحبان من الجلسة وليس من الحكومة، وهو ما أكد عليه ليلاً رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط لقناة "الميادين".
وذكرت مصادر وزارية ان السجال جرى حول بندي تجديد ولاية اعضاء هيئة ادارة قطاع البترول، وتعيين مجلس ادارة كهرباء لبنان، حيث اصر الاشتراكي على تعيين هيئة قطاع النفط قبل تعديل القانون الخاص بها، لا التمديد، وعلى الاسراع في تعيين مجلس ادارة الكهرباء.كماطلب اعتماد بعض البنود الواردة في ورقته الاصلاحية والتي لم يؤخذ ببعضها.علما انه تم الاخذ بالكثير مما ورد في الورقة لا سيماخفض عجز الكهرباء واستيفاء مخالفات الاملاك البحرية والنهرية، والضريبة التصاعدية.
ووصف وزير شؤون النازحين صالح غريب جو النقاش بالايجابي، وقال لـ"اللواء": ان كل الاطراف مقتنعة بضرورة الاصلاح، وان اقرار الورقة الاصلاحية جاء تلبية لمطالب الناس، بل بالحقيقة الناس هي التي فرضت الاصلاحات ولا فضل للطبقة السياسية. فالاستمرار في الوضع الذي كنا فيه يمثل غرقاً بطيئاً والاستقالة من الحكومة يمثل غرقاً وسيعاً.
وحول توقعه لمدى استجابة المواطنين المحتجين لمااقره مجلس الوزراء؟ قال: علينا انتظار يومين أو ثلاثة، ان الناس محقة في مطالبها، لكن بعض المطالب تؤذي الناس مثل استقالة الحكومة والدخول في الفراغ، ومحاولة بعض القوى السياسية تشريع بعض الساحات في حملات لا نعرف الى اين تؤدي امر خطير. لكن الناس هي التي دفعت باتجاه اقرار الاصلاحات وهي حققت الانجاز وهي صنعت الاصلاحات.
وقال وزيرالدولة لشؤون الاستثمار والمعلوماتية عادل افيوني لـ"اللواء": ‏المواطنون الذين يتظاهرون في كل لبنان اهلنا، وجعهم وجعنا وهم يعبرون بوطنية ووعي ورقي عن آلامهم ويجب ان نستمع الى مطالبهم لأنها محقة وشرعية. لكن واجبنا تجاه المواطنين كذلك هو ان نتحمل مسؤوليتنا وان نؤمن الاستمرارية والاستقرار، لا سيما الاستقرار المالي ومن هنا اهمية الاجراءات والقرارات التي اتخذت بغض النظر عن مصير الحكومة الحالية .
واضاف: الورقة الاصلاحية التي اقرت ايجابية وهي كانت مطلباً اساسياً منذ تشكيل الحكومة واقرارها ضرورة. والحق يقال ان الحراك الشعبي كان عاملا فعالا في تسريع الموافقة عليها من كل الافرقاء. اما الموازنة فهي واجب وكان ضروري الالتزام بهذا الواجب ضمن المهل الدستورية، وهي شرط مهم لتأمين استمرارية الدولة والمحافظة على الاستقرار المالي والنقدي.
وتابع: في المضمون هناك عناوين إيجابية من شانها اذا تم تنفيذها ان تضع الاقتصاد والبلد على سكة الإنقاذ والنمو، ومن اهم هذه العناوين: تصفير العجز في 2020 من دون زيادة اي رسوم او ضرائب، وهذا امر غير مسبوق يعطينا فسحة لإستعادة ثقة الاسواق والانخفاض في الفوائد، ولتنفيذ الاصلاحات البنيوية مثل خطة الكهرباء والتشركة ومكافحة التهرب الجمركي والضريبي في اسرع وقت.
المقررات الإصلاحية
ومن ابرز المقررات التي اتخذها مجلس الوزراء في جلسته برئاسة الرئيس عون وغياب وزراء "القوات اللبنانية" الذين كانوا تقدموا باستقالتهم من الحكومة: مساهمة القطاع المصرفي ومصرف لبنان بخفض العجز بقيمة 5100 مليار ليرة وزيادة الضريبة على ارباح المصارف، وخفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50%، وخفض موازنات مجلس الانماء والاعمار وصندوق المهجرين ومجلس الجنوب بنسبة 70%، واعداد مشروع استعادة الاموال المنهوبة، وقانون انشاء الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد قبل آخر السنة الحالية، واقرار مشاريع المرحلة الاولى من مؤتمر "سيدر" وقيمتها 11 مليار دولار خلال ثلاثة اسابيع.
وشدد الرئيس عون في مستهل الجلسة على "ان ما يجري في الشارع، يعبّر عن وجع الناس ولكن تعميم الفساد على الجميع فيه ظلم كبير، لذلك يجب ان نبدأ باعتماد رفع السرية المصرفية عن حسابات كل من يتولى مسؤولية وزارية حاضراً ومستقبلاً".
من جهته، تحدث الرئيس الحريري بعد انتهاء الجلسة، مشيداً بالتحرك الشعبي الذي عزا اليه سبب التوافق على هذه القرارات في مجلس الوزراء، ومشيراً الى انها "ليست للمقايضة او للطلب من الناس مغادرة الشارع، فهم من يحدد ذلك".
واكد الرئيس الحريري وقوفه شخصياً مع مطلب اجراء انتخابات نيابية مبكرة، معتبراً ان اللبنانيين كسروا كل الحواجز وهزوا كل الاحزاب والتيارات والقيادات والاهم انهم كسروا حاجز الولاء الطائفي الاعمى، آملاً ان يشكل هذا الامر بداية نهاية النظام الطائفي في لبنان. (التفاصيل ص3).
نفي شائعات
وليلاً، أعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ان "لا صحة إطلاقًا للشائعات التي وزعت مساء امس حول صحة الرئيس عون. ودعا المكتب إلى التنبه من مثل هذه الأكاذيب التي تروجها جهات معروفة بقصد احداث بلبلة في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد.
كذلك نفت وكالة "رويترز" ان تكون نقلت خبراً عن وفاة الرئيس عون اثر اصابته بذبحة قلبية، أو ان جنبلاط صرّح لها بأن حزبه قرّر الاستقالة من الحكومة، وان ورقة الحريري مرفوضة.
وقالت الوكالة ان هذه الاخبار المنسوبة إليها كاذبة وعارية تماماً عن الصحة، ولم ترد عن نشرتها أي اخبار بهذا المعنى، وإنما تناقلتها صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم "رويترز" بشكل زائف.
وتمنت على المشتركين ان يتابعوا اخبار نشراتها على الموقع الرسمي للوكالة على الانترنت.
إلى ذلك، وفي مؤشر غير مطمئن، هوت السندات الحكومية للبنان بمقدار سنت واحد أو أكثر اليوم عقب الاحتجاجات العارمة وهوى إصدار 2025 بمقدار 1.34 سنتا في الدولار ليجري تداوله عند 65.5 سنتات، حسبما أظهرته بيانات تريدويب، لتصل خسائر السندات في يومين إلى حوالي أربعة سنتات. الى ذلك، افادت تريدويب ان سندات لبنان الدولارية تواصل هبوطها مع اجتماع الحكومة لبحث إصلاحات اقتصادية في اليوم الخامس للاحتجاجات وإصدار 2022 يهبط 2.7 سنت لمستوى قياسي منخفض عند 69.75 سنت.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

البناء
تمويل قروض الإسكان… وموازنة عجز صفر… ومشاركة من المصارف والمصرف المركزي
الحريري يحدّد نهاية العام موعداً لإنجاز سلة إصلاحية… وساحات الحراك تقرّر المواصلة
حزب الله رحّب بالخطة… و"القومي" لاستكمالها بقانون انتخاب لاطائفي بالنسبيّة والدائرة الواحدة

سيُكتب للحركة الشعبية في لبنان أنها فرضت على الحكومة تغييراً جذرياً في نهجها في التعامل مع الوضعين الاقتصادي والمالي، ومع العناوين الإصلاحية المتصلة بمكافحة الفساد وحماية المال العام من الهدر والنهب، وإقرار مبدأ وجود مال منهوب كان الإنكار سمة التعامل مع كل إثارة أو إشارة لوجوده، وبمعزل عن الإجماع الذي ساد ساحات الحراك على رفض التعامل الإيجابي مع المقرّرات الحكومية إلا أن بعض الذين أتيح لهم التعبير في ظل سيطرة قنوات إعلامية على احتكار النطق بلسان المتظاهرين وتحديد جدول أعمالهم، قالوا إن الثقة المفقودة بين الشعب والحكومة تجعل الشك بصدقية الحاكمين بتنفيذ وعودهم، لكن كثيراً من أصحاب منطق الثقة المفقودة اعتبروا عودة قروض الإسكان فرصة لتنشيط الحركة الاقتصادية آملين أن تترجم أفعالاً سريعة، وتمنوا أن يكون الحديث عن تسريع تنفيذ خطة الكهرباء صحيحاً ومثله عجز صفر في الموازنة وإجراءات التقشف التي أعلنها رئيس الحكومة سعد الحريري وحدّد لها نهاية العام كمهلة لوضعها قيد التطبيق، بينما أعلنت الساحات مواصلة حراكها، وبدا أن الامتحان الأهم سيكون اليوم في رؤية مدى التناسب بين الطابع السلمي مع الحراك من جهة، والدعوة لإغلاق الطرق بالقوة بوجه المواطنين من جهة أخرى، ومدى قدرة الجيش والقوى الأمنية على تأمين الحماية لتجمّعات الحراك من جهة، والصمت والتفرّج على فرض الإغلاق للطرق بوجه المواطنين، وهو ما ترى مصادر متابعة أن الجواب عليه محدّد قانوناً، بتأمين الساحات الآمنة لتجمع الراغبين بالاعتصام، وتأمين الطرق السالكة والآمنة للراغبين بالتنقل بين المناطق والذهاب إلى أعمالهم، ولذلك لن يكون أمام الجيش والقوى الأمنية مشكلة قانونية في تحديد المهمة إلا إذا دخلت السياسة على الخط.
على المستوى السياسي كان الامتحان الأهم هو اجتماع الحكومة، حيث في الخارج كانت قيادة حزب القوات اللبنانية تترقب موقف الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي راهنت على مشاركته لها بالاستقالة لوضع رئيس الحكومة سعد الحريري بين خيارَيْ ترؤس حكومة تخلو من حلفائه التقليديين ولا تضمّ إلا حزب الله وحلفاءه، أو الاستقالة، وهذا ما كان مرجواً عند القوات أن تؤول إليه الأمور ولأجله قررت استقالة وزرائها، لكن حسابات بيدر الحزب الاشتراكي ورئيسه وليد جنبلاط كانت مخالفة لحسابات حقل القوات ورئيسها سمير جعجع. فأزمة الثقة بين الحكومة والشارع تشبه أزمة الثقة بين جنبلاط والأميركيين الذين وعدوا بتبني خطة لإسقاط رئاسة الجمهورية ومحاصرة حزب الله إذا تمّت محاصرة رئيس الحكومة بالضغوط لدفعه نحو الاستقالة، وليست المرة الأولى التي يختبر فيها جنبلاط وعوداً أميركية ويدفع ثمن تصديقها كما قالت مصادر مطلعة على موقفه، في توصيفه لتجربة السابع من أيار عام 2008، ففضل أن يأخذ على محمل الجدّ كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باعتبار أن الهروب من المسؤولية سيعني الذهاب إلى المحاكمة لكل الذين تولوا الحكم خلال السنوات الثلاثين الماضية ويريدون الهروب من مسؤوليتهم في مواجهة النتائج ومعالجتها.
حسم جنبلاط أمره وحمل وزراؤه ورقة إصلاحية أشدّ جذرية من ورقة الحريري وخرجوا بعد الجلسة الحكومية يسجلون النقاط لما تمّ وما لم يتمّ لتقديم جردة حساب تبرر البقاء في الحكومة، بينما بقيت القوات وحدها خارجاً دون أن تجرؤ على الذهاب خطوة إضافية في تلبية طلب المتظاهرين باستقالة نوابها، مكتفية بالجلوس على المقاعد النيابية مع حزب الكتائب والمناداة بانتخابات نيابية مبكرة.
حزب الله الذي ثمّن عالياً الحراك الشعبي ودوره في فرض إرادته على الحكومة، وتسريع برامج الإصلاح، قيّم إيجاباً قرارات الحكومة، وتناغم مع كلام الحريري في تفهم عدم الثقة بين الحراك والحكومة، نافياً أي نيات لديه للتصادم مع الحراك وأن يكون أيّ من عناصره على صلة بأي عمل يستهدف التظاهرات والمتظاهرين ومثله فعلت حركة أمل، بينما علّق الحزب السوري القومي الاجتماعي على المقرّرات الحكومية باعتبارها خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح رغم تأخرها، مسجلاً النقص الأساسي فيها بغياب السير نحو إلغاء الطائفية. وهو ما نادى به المتظاهرون وعبّرت عنه الساحات، ولم يغب عنها كما غاب عن الحكومة السعي لقانون انتخابي خارج القيد الطائفي وفقاً للنظام النسبي ولبنان دائرة واحدة، وينتظر أن يمرّ اليوم هادئاً مع توقعات بقيام الجيش بفتح الطرق، وأن تليه دعوات لفتح المدارس والمصارف ليوم الغد، فيما ستستمر الساحات مفتوحة للراغبين بمواصلة التجمع في الساحات، التي أظهرت تراجعاً عن حشود أول أمس خصوصاً في بيروت، بعكس ساحة طرابلس التي سجلت الحضور الأشد كثافة.
أكد الحزب السوري القومي الاجتماعي أن اللبنانيين الغاضبين دفاعاً عن لقمة العيش والحياة الحرة الكريمة، فرضوا مطالبهم المحقة، والحكومة أذعنت، وأقرّت موازنة العام 2020 خالية من أية ضرائب جديدة، وأعلنت عن إجراءات لمحاربة الهدر والفساد والسمسرات واستعادة المال المنهوب، والتزمت عدم المسّ بحقوق الناس ومكتسباتهم وهذا من شأنه، الحدّ من تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، على أن يقترن بدعم القطاعات المنتجة.
ولفت الحزب في بيان أنّ الإصلاح الشامل، يتطلب إرادة سياسة للانتقال من النظام الطائفي الزبائني، إلى دولة المواطنة اللاطائفية، وأنّ الوصول إلى الدولة المدنية اللاطائفية، يتمّ عن طريق تطبيق الدستور اللبناني، لا سيما المادة 95 منه والتي تنصّ على إلغاء الطائفية. وعن طريق سنّ قانون جديد للانتخابات النيابية على أساس لبنان دائرة واحدة واعتماد النسبية الكاملة خارج القيد الطائفي، وعن طريق قانون جديد للأحوال الشخصية، وغيره من القوانين الإصلاحية التي توحّد ولا تقسّم، وتضمن حقوقاً واحدة لجميع المواطنين. وأشار الى أن الخطوات الإصلاحية التي أقرّتها الحكومة اللبنانية غير كافية، ولكن الإصلاح الشامل لا يتحقق في ظلّ هذا النظام الطائفي، ما لم نذهب إلى تشريعات جديدة عصرية تؤسّس لقيام دولة المواطنة.
وكان مجلس الوزراء اجتمع في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري وأقر جملة قرارات لإصلاح الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي. وأكد الحريري في كلمة له بعد الجلسة ان "الموازنة بعجز 0.6 من دون اي ضرائب". واعلن عن "حفض موازنة مجلس الجنوب والإعمار بنسبة 70 ، خفض رواتب الوزراء والنواب بنسبة 50 ، 160 مليون دولار لدعم القروض السكنية، إعداد مشروع قانون لاستعادة الأموال المنهوبة وقانون لإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد والغاء وزارة الاعلام ووضع خطة لإلغاء المؤسسات غير الضرورية، إقرار المشاريع الاولى من سيدر لخلق فرص عمل خلال الـ 5 سنوات المقبلة"، وتابع: "القرارات التي اتخذناها لا تحقق مطالبكم، ولن أطلب منكم التوقف عن التظاهر ولا أسمح بتهديدكم وعلى الدولة حمايتكم لأنكم البوصلة".
ثم تلا أمين عام مجلس الوزراء محمود مكية، الإصلاحات التي تمّ اقرارها أبرزها الاسراع في تطبيق مندرجات مؤتمر سيدر، البدء بإشراك القطاع الخاص في شركتي الخلوي، إعادة إطلاق مشاريع اليسار والينور، إشراك القطاع الخاص في طيران الشرق الأوسط كازينو لبنان مرفأ بيروت ادارة حصر التبغ والتنباك ومنشآت النفط، تكليف وزارة المال القيام بجردة لكل العقارات المملوكة من الدولة وتقديم اقتراح للاستفادة منها خلال 3 أشهر، فرض ضريبة دخل على المصارف لسنة واحدة في العام 2020، تأمين الكهرباء بدءاً من النصف الثاني من العام 2020 وتصفير العجز، تعزيز الشفافية والحد من الفساد من خلال إقرار سلة من الاجراءات قبل 30-12-2019، العمل على اقرار مشروع قانون العفو العام، الموافقة على مشروع قانون موازنة العام 2020 والرئيس عون وقع مرسوم إحالة الموازنة الى المجلس النيابي.
الجلسة غاب عنها وزراء القوات اللبنانية الذين قدموا استقالتهم، وحصل سجال بين وزير الصناعة وائل ابو فاعور ووزير الخارجية جبران باسيل على خلفية ملف الكهرباء وتعيين الهيئة الناظمة للنفط، وأكد ابو فاعور ان وزراء اللقاء الديمقراطي خرجوا من الجلسة ولم يخرجوا من الحكومة. واعتبر ان القرارات التي اتخذت ربما تكون مفيدة ولكن نحتاج الى ما نخاطب المجتمع اللبناني به وما حصل اليوم غير كافٍ".
على المقلب الآخر، لم يتلقف الشارع قرارات الحكومة بل استمر تدفق المتظاهرين الى الساحات في مختلف المناطق اللبنانية لا سيما في بيروت، إذ احتشد الآلاف في ساحتي الشهداء ورياض الصلح في مشهد لم يختلف كثيراً عن الأيام الماضية، وأعلن المتظاهرون رفضهم لقرارات الحكومة وعدم ثقتهم بها مجددين مطلبهم بإسقاط الحكومة والنظام السياسي وتأليف حكومة جديدة.
كما اعتصم عدد من المتظاهرين أمام مصرف لبنان وقد تمّ إقفال الطريق في شارع الحمرا.
وكان لافتاً الدور التحريضي المشبوه التي تقوم به بعض وسائل الإعلام المحلية والعربية لحرف التظاهرات عن أهدافها المطلبية باتجاه التصويب على قيادات المقاومة ورئيس الجمهورية، فضلاً عن الكم الهائل من المعلومات والإشاعات المغرضة وتحريض المتظاهرين على حزب الله، ومنها ما ذكرته قناة أم تي في ونسبته الى مصادر مقربة من الحزب بأنه إذا لم يتجاوب المتظاهرون مع الورقة الاقتصادية فيدرس الحزب التدخّل ودعم الحريري ورئيس الجمهورية، ونفت أوساط مطلعة لـ"البناء" هذه الأخبار، مشيرة الى أن "التظاهر حق للمتظاهرين ومكفول في الدستور ولا ضرر في استمراره طالما بقي في الإطار السلمي والقانوني"، واوضحت أن "الحزب يدعو الى منح فرصة لتطبيق الورقة الاقتصادية التي أقرتها الحكومة. وهذه الورقة تطرح معالجات جدية لتحقيق الإصلاح المنشود ومحاولة اولية يجب انتظار مفاعيلها والعمل على متابعة آليات تنفيذها". واستبعدت مصادر لـ "البناء" استقالة الحريري، مشيرة الى أن "رئيس الحكومة أعلن لمكونات الحكومة أنه لن يتهرب من المسؤولية والجميع في مركب واحد يعملون على احتواء الموقف وتلبية المطالب الشعبية"، إلا أن المصادر تخوفت من "خطوة يقدم عليها رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط بالانسحاب من الحكومة تؤدي الى تغيير الموازين الحكومية والسياسية".
وأشار وزير الشباب والرياضة محمد فنيش الى ان ما حصل في مجلس الوزراء ما كان ليحصل لولا الحراك الشعبي، وهذا الحراك كانت ثمرته إسقاط الضرائب على الناس، وبحال تمّ تطبيق الموازنة فإنها موازنة نموذجية، وستكون لها انعكاسات نقدية ومالية لصالح المواطن من دون ضرائب جديدة على الناس.
كما نفت مصادر بعبدا "المعلومات التي تناولتها بعض الوسائل الإعلامية عن تدهور صحة رئيس الجمهورية ميشال عون وأكدت أن الرئيس بصحة جيدة".
واستمر الإضراب في المؤسسات العامة والخاصة وقطع بعض الطرقات لليوم الخامس على التوالي، وسط توقعات باستمرار الوضع على حاله فترة طويلة، ما قد يترك تداعيات على الاستقرار الأمني والاجتماعي والمالي، وبعدما سُربت معلومات عن تدخل لقوى الجيش والأمن الداخلي بفتح الطرقات بالقوة، نفت مصادر قوى الأمن ذلك، كما أكدت قيادة الجيش في بيان أنَّها غير معنيّة بأيّ خبر لا يصدر عنها بشكل رسمي.
وكانت بيروت شهدت أمس، مسيرة دراجات نارية تحمل اعلام حزب الله وحركة امل تجوب شوارع بيروت، كما شهد مدخل عين التينة مقر رئيس المجلس النيابي نبيه بري تظاهرة دعم شعبية حملت أعلام أمل وهتفت داعمة لرئيس المجلس. كما شهدت مدينة صور تظاهرة أخرى مؤيدة لبري.
وفيما زادت المخاوف من اشتباكات بين المتظاهرين في رياض الصلح وساحة الشهداء وبين مسيرات أمل وحزب الله، نفذت وحدات الجيش انتشاراً مكثفاً في شوارع العاصمة وأفاد موقع "مستقبل ويب" أن الحريري اتصل بقائد الجيش العماد جوزف عون وعرض معه التطورات الأمنية. وشدد الحريري خلال الاتصال على وجوب حماية المتظاهرين وعدم السماح بالمساس بأي منهم، مع التأكيد على وجوب فتح الطرقات إفساحاً في المجال أمام حرية تنقل المواطنين في كل المناطق وتأمين الخدمات الصحية والمعيشية .
على صعيد التدخل الخارجي، قالت مصادر دبلوماسية لـ"البناء" إن "لا قرار خارجي بالضغط على رئيس الحكومة لتقديم استقالته ولا باستقالة الحكومة، بل القرار الأميركي لا يزال نفسه بالحفاظ على الحكومة التي توفر مظلة الاستقرار الداخلي"، موضحة أن "واشنطن لديها ما يكفي من المشاكل والازمات الداخلية والخارجية لتنشغل بها، وبالتالي لا تبحث عن مشاكل اضافية في لبنان".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأخبار
قرارات الحكومة: القضاء على كل فرص النجاة

ثمة عبارات مكتوبة قرأها سعد الحريري، امس، في مؤتمره الصحافي، تختصر طبيعة قرارات مجلس الوزراء. فقد توجّه بكلامه الى "الشباب والشابات وجميع اللبنانيين الذين يعبرون عن غضبهم ويطالبون بكرامتهم وحقهم في الشارع"، وقال لهم بصراحة تصل الى حدود الوقاحة: "هذه القرارات التي اتخذناها قد لا تحقق مطالبكم، لكن الأكيد أنها تحقق ما أطالب به أنا منذ سنتين، منذ يوم تشكيل الحكومة". وبلغت وقاحته ذروتها عندما قال ردّا على اسئلة الصحافيين: "ما قمنا به في مجلس الوزراء ليس لكي نخرج الناس من الشارع (…) لو كنت أنا مكانهم في الشارع فلن أمنح ثقتي (لهذه الحكومة)".
طبعا، ليست هذه العبارات هي اهم ما نطق به الحريري، وبالتأكيد هي ليست اهم من فحوى القرارات المتخذة وتداعياتها السلبية جدا المتوقعة، ولكنها عبارات/ مفاتيح، تنمّ عمّا يجول في عقله او عقول مستشاريه. فهو لم ينظر الى الانتفاضة ضده وضد حكومته الا بوصفها فرصة لتحقيق ما عجز عن تحقيقه سابقا، وهذا ما عبّر عنه عندما قال: "تحرككم، بكل صراحة، هو ما أوصل للقرارات التي رأيتموها اليوم". وكذلك، لم يهتم بالمصالح الاجتماعية التي عبرت عنها هذه الانتفاضة في شعاراتها وهتافاتها، وانما بالتهديد الذي تمثّله على مصالح "الاوليغارشية" الحاكمة، لذلك اعتبر ان تحرّكه في الايام الثلاثة الماضية وتلويحه باستقالة الحكومة كان هدفه الوحيد استنفار اطراف من هذه "الاوليغارشية" وإخراجها من ترددها وحذرها السابق، وهذا ما عبّر عنه عندما قال: "لم اطلب من الشباب والشابات في الشارع اي شيء (…) بل أعطيت شركائي في الحكومة مهلة 72 ساعة لتحقيق سلسلة من الإجراءات".
ما الذي حصل في مجلس الوزراء امس؟
وفق القرارات التي أُعلنت امس، تم اقرار مشروع موازنة عام 2020، وفيه نسبة عجز متدنية تبلغ 0.63% من مجمل الناتج المحلي بالمقارنة مع 7.38% مقدّرة في مشروع الموازنة الوارد من وزارة المال، أي جرى خفض العجز من أكثر من 4 مليارات دولار الى اقل من 400 مليون دولار.
كان خفض العجز بهذه المقدار الكبير هو ما أخّر اقرار المشروع في الجلسات السابقة، اذ لم يكن احد في وارد المس بالمصالح المالية والتجارية عبر فرض الضرائب العادلة على الثروة وارباح المصارف والفوائد والاحتكارات التجارية والصناعية وريوع الملك العام واستنزاف الموارد الطبيعية والبيئة. ولا المس بمصالح السياسيين عبر خفض الانفاق التوزيعي المخصص لشراء الولاءات وانتفاع الاتباع. ولا المس بالدائنين وكبار المودعين عبر شطب بعض الديون او قص بعض الودائع الضخمة. كذلك، لم يكن احد بوارد اعادة النظر بسعر صرف الليرة الثابت للتخلص من جزء من الدين بالليرة عبر التضخم او خفض اسعار الفائدة والتخلص من جزء مهم من كلفة الهندسات المالية التي يقوم بها البنك المركزي.
لذلك كانت المباراة بين الشركاء في الحكومة تدور حول تقديم الاقتراحات للتقشف في الانفاق الاجتماعي والاستثماري وجباية الضرائب والرسوم على الاستهلاك، الى ان تم الاتفاق في جلسة الخميس الماضي على سلسلة اجراءات مستفزة، ولا سيما فرض رسوم على الواتساب والبنزين وزيادة الحسومات التقاعدية وغيرها من الاجراءات المؤلمة اجتماعيا، ما ادى الى انتفاضة الناس في الشارع تعبيرا عن غضبها ونفاد صبرها.
نجحت الانتفاضة في دفع الحكومة الى التراجع عن هذه الاجراءات الضريبية، الا انها لم تدفعها الى الاستجابة لمصالح المنتفضين من الطبقات الوسطى والعاملة والفقراء وبعض فئات المنتجين ورواد الاعمال واصحاب المشاريع الصغيرة، بل عمدت الى اتخاذ اجراءات بديلة ظرفية ومؤقتة وغير بنيوية "تعطينا الوقت"، وفق تعبير الحريري نفسه.
كيف تريد هذه الحكومة شراء الوقت الاضافي؟ وماذا تريد ان تفعل به؟
باختصار شديد، ومن دون ايلاء اي اهمية لبعض الاجراءات "الشعبوية" او "الرمزية" ذات الاثر المحدود او الطفيف جدا، مثل خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50%، تقوم خطة الحكومة لشراء المزيد من الوقت على العناصر الاساسية التالية:
اولاً، تخفيض مدفوعات الفائدة على الدين الحكومي بالليرة من نحو 5500 مليار ليرة الى 1000 مليار ليرة، عبر نقل الكلفة من الموازنة العامة الى ميزانية مصرف لبنان، اذ سيقوم مصرف لبنان بطباعة نحو 4500 مليار ليرة لتسديد الفارق، وهو اجراء تضخمي.
ثانياً، رفع الضريبة على ارباح المصارف استثنائيا لسنة واحدة فقط (2020)، بما يؤمن ايرادات اضافية للموازنة بقيمة 600 مليار ليرة (ما يعادل 400 مليون دولار). علما ان اكثر من 70% من ارباح المصارف تأتي من الفوائد التي تسددها الحكومة ومصرف لبنان.
ثالثاً، الغاء نحو 1400 مليار ليرة من الانفاق الاستثماري (الضئيل اصلا) المخصص لتجهيز البنية التحتية والخدمات الاساسية والمرافق العامة وصيانتها. وتخفيض 70% من موازنات مجلس الانماء والاعمار وصندوق المهجرين ومجلس الجنوب، وبالتالي مواصلة تعليق البت بملفات المهجرين وتعليق تنفيذ الكثير من المشاريع.
رابعاً، خفض دعم اسعار الكهرباء من 2500 مليار ليرة العام الجاري الى 1500 مليار ليرة العام المقبل، مع ما يعنيه ذلك من زيادة التقنين او رفع الاسعار.
هذه العناصر ستخفّض العجز في الموازنة الى المستوى المذكور، وبالتالي لن تضطر الحكومة الى الاستدانة كثيرا، الا لتجديد سندات الخزينة بالليرة والدولار التي ستستحق في العام المقبل، وهذا سيخفف الضغوط التمويلية قليلا، ولكن لمدّة عام واحد فقط، وفي المقابل سيتعمّق الركود الاقتصادي وسينكمش الناتج المحلي (نمو سلبي) وسيرتفع التضخم. اي ان فئات الدخل الادنى والمتوسط سيعانون من اثار هذه الاجراءات على الاقتصاد، عبر ارتفاع الاسعار وتراجع القدرات الشرائية وارتفاع البطالة وتدني الاجور، بدلا من ان يعانوا من ارتفاع الضرائب والرسوم على الاستهلاك. وكل ذلك من دون افق، ما عدا المراهنة على تغييرات غير محددة او مفهومة او مؤكدة يمكن ان تحصل في هذا الوقت.
يزعم الحريري وشركاؤه ان في حوزتهم خطة ما، ولكن ما شرحه الحريري وما ظهر في قرارات الحكومة يؤكّدان العكس. فمثلا، يفاخر الحريري بالغاء كل الانفاق الاستثماري. ويقول ان ذلك "يقفل الباب على الهدر والفساد، لأن الحكومة بذلك لا تنفق قرشا". وهذا تجسيد واضح لافكار نيوليبرالية معادية لاي دور للدولة في الاقتصاد والحماية الاجتماعية، وهذه الافكار تتعرض اينما كان للسخط والاعتراض من قبل المجتمعات التي تخسر امام رأس المال وشروط تراكمه. وانطلاقا من هذه العدائية، يقول الحريري ان البديل هو الخصخصة والشراكة مع القطاع الخاص وجذب الاستثمار الاجنبي المباشر والسعي للحصول على قروض خارجية تخضع لوصاية رعاة "سيدر" والبنك الدولي. ويعتقد ان ذلك سيحقق النمو الاقتصادي.
وفق قرارات مجلس الوزراء امس، سيتم بيع بعض الاصول العامة كليا او جزئيا، ولا سيما شركتي الخليوي، بورصة بيروت، شركة طيران الشرق الاوسط، شركة الشرق الاوسط لخدمة المطارات، مؤسسة ضمان الودائع، شركة سوديتيل، كازينو لبنان، شركة انترا، مرفأ بيروت، ادارة حصر التبغ والتنباك، ومنشآت النفط. كما سيتم بيع بعض عقارات الدولة، واطلاق مشروع "أليسار" وردم البحر "لينور" لاكتساب عقارات جديدة واستثمارها من قبل المحظيين، وتلزيم الشركات الخاصة مشاريع الكهرباء، ومعالجة مخالفات الاملاك والنهرية، وتسوية مخالفات البناء.
الخصخصة سيئة في مطلق الاحوال، فكيف اذا تمت في ظروف ازمة حيث قيمة الاصول ادنى بكثير من قيمتها الفعلية، فما تعنيه هذه اللائحة من مشاريع الخصخصة ان الذين يرفضون دائما ان يسددوا الضرائب العادلة على ارباحهم الفاحشة ويراكمون ثروات خيالية على حساب بقية فئات المجتمع، وبالتالي يتسببون بزيادة العجز المالي للدولة، هم الذين يقرضونها المال بفوائد مرتفعة جدا، وبالتالي يزيدون عجزها مجددا، وهكذا دواليك، وهم الآن الذين يمتلكون القدرة على شراء اصول الدولة واملاكها ومؤسساتها ومرافقها بابخس الاسعار، وبالتالي سيفوزون بايراداتها وريوعها الاحتكارية، وبالتالي سيزيدون عجزها وديونها. وكل ذلك من اجل ماذا؟ من اجل الحصول على حفنة اضافية من الدولارات لشراء شهور اضافية وحماية مصالح الاوليغارشية المالية والتجارية والعقارية، لنعود بعد ذلك لمواجهة الحقيقة المرّة، ولكن هذه المرة ستكون الدولة قد خسرت ثروتها وصارت اكثر خضوعاً لمصالح تلك الطبقة السعيدة التي لا تشكّل الا اقل من 1% من سكان لبنان.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


النهار
"قرارات إنقاذية" لا توقف الانتفاضة

اتخذت التطورات المتسارعة منذ اشتعال "انتفاضة الغضب" أبعاداً ودلالات فاصلة في يومها الخامس وان لم تكن مفاجئة لكثيرين. ذلك ان المد التصاعدي والتصعيدي للتحركات الاحتجاجية في مختلف المناطق اللبنانية لم يتراجع ولم ينحسر أمام اول رد عملي للسلطة على هذه الانتفاضة والذي تمثل في تبني مجلس الوزراء الخطة الاصلاحية "الانقاذية" التي وضعها رئيس الوزراء سعد الحريري وأجرى في شأنها مشاورات سياسية واسعة قبل أن يتبناها مجلس الوزراء أمس.
ولعل العامل الاهم الذي طرأ على مشهد "لبنان الانتفاضة" الذي عاد يستقطب اهتمام الاعلام العالمي للمرة الاولى منذ مدة طويلة، برز في القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء والتي تعتبر الاولى من نوعها لجهة الخطوات الاقتصادية والمالية التي تضمنتها الخطة الاصلاحية مقترنة بانجاز موازنة 2020 الامر الذي كانت الدول المنخرطة في مؤتمر "سيدر" ووكالات التصنيف الدولية عجزت سابقاً عن حمل السلطة ومكوناتها على تحقيقه وعلى التزام السقوف الاصلاحية الصارمة التي تطلبها عملية تأمين الدعم الدولي للبنان، فاذا بخمسة أيام فقط من الحراك الاحتجاجي الواسع الذي عم لبنان يدفع الحكومة الى تبني احدى أكثر الخطط المتقدمة نسبياً ونوعياً على الصعيد الاصلاحي قياساً بالسياسات الحكومية السابقة المتعاقبة. ومع ذلك لم يبدل هذا التطور شيئاً في مسار التحركات الاحتجاجية التي تواصلت بزخم تصاعدي في رد مباشر على الخطوة الحكومية وتمسكاً بالمطلب المركزي للمحتجين والمتمثلة في استقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة مستقلة تحصر مهمتها باجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وثمة اعتقاداً أن مسار الاحتجاجات لن يتوقف ما لم يبدأ حوار مباشر أو غير مباشر بين ممثلين عن الحراك والسلطة، واذا كان مبدأ الحوار سيسقط بدوره فان المرحلة التالية للتحرك الشعبي ستكون محفوفة بالغموض الكبير فيما لا يخفى ان السلطة تبدو مربكة للغاية في التعامل مع يوميات الاحتجاجات التي قلبت المقاييس السياسية رأسا على عقب. وتشير الاوساط المعنية بمواكبة هذه التطورات الى ان الانتفاضة باتت تتطلب برمجة وتأطيراً وتحديداً لاهدافها في اسرع وقت وان رفضها الخطة الاصلاحية التي اعلنتها الحكومة لا يعني اسقاط الحاجة الى قناة حوارية مباشرة أو غير مباشرة بين الفريقين، خصوصاً في ظل الحرص اللافت الذي اظهره الرئيس الحريري على تبني الكثير من توجهات واهداف هذه الحركة بلوغاً الى اعلانه بجرأة تبنيه مطلب الانتخابات النيابية المبكرة وسواه من اهداف المحتجين.
وحذرت الاوساط من ظواهر خطيرة بدأت تلوح في افق التحرك وردود الفعل عليه من خلال ما يمكن ان يكون تحريكاً لشارع آخر في مواجهة الحراك الاحتجاجي وهو ما برز مساء أمس في مسيرات لدراجات نارية رفع سائقوها اعلاماً لحركة "أمل" و"حزب الله" جابت أحياء في الضاحية الجنوبية ثم توجهت نحو ساحة الشهداء في بيروت حيث قامت بجولات عدة ثم عادت ادراجها بعدما منعها الجيش من الاحتكاك بالمعتصمين وتولى ملاحقة افراد منهم وصادر دراجاتهم وردعهم بحزم. واثارت هذه البادرة مخاوف من حصول احتكاكات تهدف الى تحجيم التحرك الاحتجاجي وضربه تحت بذريعة الخوف من التسبب باضطرابات امنية. وواكبت هذه التطورات معلومات عن تعرض عناصر من الثنائي الشيعي لافراد مشاركين في الاحتجاجات والاعتداء عليهم في بعض البلدات الجنوبية.
واتصل الرئيس الحريري بقائد الجيش العماد جوزف عون ‏وعرض معه التطورات الأمنية. ‏وشدد خلال الاتصال على وجوب حماية المتظاهرين وعدم السماح بالمساس بأي منهم، مع تأكيد ‏وجوب فتح الطرق إفساحاً في المجال لحرية تنقل المواطنين في كل المناطق وتأمين الخدمات ‏الصحية والمعيشية.
وأفيد ان قيادة الجيش ليست في وارد التحرك وفتح الطرق بالقوة، ونقل عن مصدر عسكري قوله إنه "اذا طلبت الناس نجدتنا ومساعدتنا فسنلبي نداءها فقط في هذه الحالة نساعدها بفتح الطريق""
كذلك أن مصدر في قوى الأمن الداخلي "اننا لن نفتح الطرق بالقوّة وهذا الأمر ليس وارداً".
الاصلاحات والردود
وعلى وقع الشارع الغاضب، انعقد مجلس الوزراء واتخذ بعد نقاش طويل سلسلة قرارات تتضمن إجراءات إصلاحية جذرية للنهوض بالاقتصاد وتحفيز النمو، كما أقر مشروع موازنة 2020 بنسبة عجز تبلغ 0،6 في المئة، من دون فرض أي ضريبة، وأحيل على مجلس النواب.
ومن أبرز المقررات التي اتخذها المجلس في جلسته في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وفي غياب وزراء "القوات اللبنانية" الذين قدموا استقالاتهم: مساهمة القطاع المصرفي ومصرف لبنان في خفض العجز بقيمة 5100 مليار ليرة، زيادة الضريبة على أرباح المصارف، خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50%، وخفض موازنات مجلس الانماء والاعمار وصندوق المهجرين ومجلس الجنوب بنسبة 70%، إعداد مشروع استعادة الاموال المنهوبة وقانون إنشاء الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد قبل آخر السنة الجارية، إقرار مشاريع المرحلة الاولى من مؤتمر "سيدر" وقيمتها 11 مليار دولار خلال ثلاثة اسابيع.
وأشاد الحريري بعد الجلسة بالتحرك الشعبي الذي عزا اليه التوافق على هذه القرارات في مجلس الوزراء، مشيراً الى أنها "ليست للمقايضة أو للطلب من الناس مغادرة الشارع، فهم من يحدد ذلك". وأكد وقوفه شخصياً مع مطلب إجراء انتخابات نيابية مبكرة. ولاحظ ان "اللبنانيين كسروا كل الحواجز وهزوا كل الاحزاب والتيارات والقيادات، والاهم انهم كسروا حاجز الولاء الطائفي الاعمى"، آملاً "أن يشكل هذا الامر بداية نهاية النظام الطائفي في لبنان". ثم قال: "يا للاسف، مثلما قلت منذ ثلاثة أيام، لم تتحقق أي من الخطوات المطلوبة. والنتيجة كانت ان الشباب والشابات، بعدما صبروا كثيرا وأعطونا فرصا كثيرة لنحقق شيئاً، وصلوا الى مكان من اليأس انفجروا بنتيجته، ونزلوا الى الشارع ليعبروا عن غضبهم ويطالبوا، كل على طريقته. المطالب محقة ومتنوعة، لكن المطلب الواضح الذي أجمعوا عليه هو مطالبتهم جميعا بكرامتهم، وباحترامهم، وباحترام صوتهم. أمام هذا الواقع، أعطيت شركائي في الحكومة مهلة 72 ساعة لاتخاذ الحد الادنى من الإجراءات الضرورية والمطلوبة منذ سنتين".
وتحدث عن "تغيير كامل في عقلية التعامل مع الامور في هذه الموازنة، فالإنفاق في الحكومة والمؤسسات يكاد يوازي الصفر، وهو ما من شأنه إغلاق الباب على أي هدر وفساد، لان الحكومة لن تصرف أي قرش، وسيكون الانفاق بكامله من خلال الاستثمار الخارجي، إذ لن يقبل أي مستثمر خارجي بأي هدر أو فساد، واعتمادنا بأكمله سيكون على هذا الاستثمار، وهو الضامن للنمو"
وللمتظاهرين قال: "ما قمتم به كسر كل الحواجز، وهزّ كل الاحزاب والتيارات والقيادات، واهم حاجز تم كسره هو حاجز الولاء الطائفي الاعمى. لقد أعدتم الهوية الوطنية اللبنانية الى مكانها الصحيح، فوق أي هوية طائفية أو مذهبية، وهذا اكبر مكسب وطني، على أمل ان يكون هذا الامر بداية لنهاية النظام الطائفي في لبنان، وبداية حقيقية للبنان الجديد".
ووصف رئيس مجلس النواب نبيه بري الاصلاحات التي أقرت بانها جيدة وصرح لـ"النهار" بأن "المطلوب تطبيقها في أسرع وقت وكان من الافضل ان تقترن بجملة من الاصلاحات السياسية مثل العمل على اطلاق عجلة الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية والتوجه نحو الدولة المدنية التي تبقى خشبة الخلاص للبنان".
ولم يتفاعل الشارع كثيراً مع إقرار الورقة الاصلاحية اذ ان اصداء الساحات ولا سيما منها ساحتا الشهداء ورياض الصلح وساحة النور في طرابلس كانت رافضة لمقايضة تحركاتهم بورقة إصلاحات كان يمكن الحكومة الحالية او تلك التي سبقتها ان تقرها منذ سنوات طويلة.
ويشار الى انه في ساعات الصباح الاولى، كان الحضور خجولاً في وسط بيروت، ومع تقدم ساعات النهار، بدأت الحشود بالتوافد الى ساحة الشهداء، وكذلك الى رياض الصلح، ورويداً رويداً استعاد الشارع نبضه وامتلأت الساحات مساء وسط إصرار على مطلب استقالة الحكومة ورحيل الطبقة السياسية واستعادة الاموال المنهوبة، وظلت الدعوات تطلق للمشاركة الكثيفة في التحركات الغاضبة.
وأفادت مجموعات أساسية من المحتجين أن مطالبهم الراهنة تتلخص بحمايتهم أولا وأخيراً من أي مخطط سلطوي حزبي للاعتداء عليهم من أجل فرط تحركهم الذي حافظ على زخمه بعد كلمة الحريري، وبعدم بث الذعر في صفوف الناس والتركيز على ان المشكلة الاساسية مع السلطة هي مشكلة سياسية وليست اقتصادية.
وخريطة طريق تبدأ بتشكيل حكومة مصغرة من التكنوقراط تنتج قانوناً انتخابياً يؤمن مرحلة انتقالية.
"تسلم يا عسكر لبنان"
لم يسمح الجيش اللبناني لعدد من المشاغبين رفعوا اعلام "أمل" و"حزب الله" مساء أمس بالاعتداء على المتظاهرين في ساحة الشهداء، وعمد افراد الجيش الى توقيفهم مع دراجاتهم النارية وابعادهم عن الساحتين، مؤكدا موقف القيادة بحماية المعتصمين والمتظاهرين ما لم يخلّوا بالامن.
وفيما نفى كل من "أمل" و"حزب الله" علاقته بالمشاغبين، لاقت خطوة الجيش ارتياحاً عاماً. ورفعت اعلام للجيش في الساحة مع الاعلام اللبنانية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجمهورية
قرارات السلطة تستفز "الساحات".. وتشكيك بقدرتها على التطبيق

انقضت مهلة الـ72 ساعة التي حدّدها رئيس الحكومة سعد الحريري، ويبدو انّه تلقى تجاوباً ممن سمّاهم شركاءه في التسوية وفي الحكومة، امكن من خلاله الوصول الى ما وصلت اليه الحكومة امس، لناحية اقرار مشروع موازنة 2020 بصفر عجز، واحالته الى المجلس النيابي ضمن المهلة الدستورية للمرّة الاولى منذ سنوات طويلة، وايضاً لناحية توافق المكونات السياسية داخل الحكومة على ما سُميّت "ورقة اصلاحية"، لمعالجة الازمة الاقتصادية والمالية. والغاية الاساس منها حالياً، هو احتواء الشارع الذي افلت من يد السلطة، وبدأ يفرض ارادته وخياراته عليها. الّا انّ هذه الورقة، لم تلقَ صدى ايجابياً لدى المحتجين في الساحات، وتبدّى ذلك من خلال المناخ الاعتراضي الذي لفّ كلّ نقاط تجمعاتهم، وهو امر يوحي انّ بقاءهم في الشارع ليس محدّداً بسقف زمني، وقد لفت في هذا السياق الاتصال الذي اجراه رئيس الحكومة بقائد الجيش، وشدّد خلاله على وجوب حماية المتظاهرين وعدم السماح بالمساس بأي منهم، مع التأكيد على وجوب فتح الطرقات إفساحاً في المجال أمام حرّية تنقل المواطنين في كل المناطق وتأمين الخدمات الصحية والمعيشية.
الواضح انّ هذه الورقة المسمّاة اصلاحية، جاءت كنتيجة سريعة لضغط الاحتجاجات في الشارع، التي فرضت هذه الصحوة المتأخّرة من قِبل السلطة، ولكن ثمة تساؤلات احاطت فيها:
– لماذا انتظرت السلطة الى اليوم لكي تصل الى مثل هذه الورقة، طالما انّه كان في امكانها الوصول اليها قبل الآن، وعلى البارد، قبل ان تضطر الى اتخاذها على الساخن وتحت ضغط الشارع، الم تكن لتوفّر على البلد الخضة السياسية والاقتصادية والشعبية التي حصلت، وما زالت تتفاعل؟
– هل هي خطوة جدّية، وهل ما أُمكن الوصول اليه لناحية اقرار هذه الورقة المسمّاة اصلاحية، محصّن سياسياً وحكومياً، ام انّ هناك جهات سياسية وحكومية ما زالت ترفض او تتحفّظ على المسار الحكومي؟
– هل انّ الورقة المسمّاة اصلاحية هي اصلاحية بالفعل؟ وهل تحاكي فعلاً مطالب المحتجين؟ أم أنّها مجرّد إبرة مخّدرة لتسكين وجع الناس، وصنّارة لاصطياد مطالبهم وتمييعها؟
– هل انّ ما أُدرج في هذه الورقة من بنود قابل فعلاً للتطبيق من دون معوقات، كتلك التي اعتادت السلطة على وضعها أمام بنود عادية ومواضيع بسيطة واقل اهمية من ايّ من البنود التي أُدرجت في الورقة الاصلاحية؟
– لقد ثبّت تحرّك الأيام الماضية للحشود الشعبية، امراً اساسياً، وهو انّ الثقة منعدمة بالطبقة الحاكمة، فهل تستطيع هذه الورقة المسمّاة اصلاحية بناء الثقة بين هذه الطبقة والناس؟
– قد تبدو السلطة امس، وكأنّها حسمت خيارها نحو التوجّه الى عمل يعيد تصويب المسار نحو المعالجالت المطلوبة، او الحد الادنى منها، ولكن هل هذا التوجّه سيلقى استجابة لدى الفئات الشعبية التي ترفض الحلول الترقيعية، ورفعت سقف مطالبها الى حدّ اسقاط كل الطبقة الحاكمة بكل مستوياتها؟
– واضح انّ السلطة لم تستطع ان تسوّق حلّها لدى المحتجين في الساحات اللبنانية، وما قدّمته لهم من حلول لا يرقى الى مستوى ما ينادون به، فماذا لو اصرّ المحتجون على البقاء في الشارع، مع ما يرافقه من تحرّكات وقطع طرقات؟ وهل يتحمّل البلد مزيداً من التعطيل، ومزيدًا من شلّ الحركة فيه؟
– ماذا لو اصرّ المحتجون على اسقاط الطبقة الحاكمة، وفي مقدّمها الحكومة؟ والسؤال الكبير، هل انّ اسقاط هذه الطبقة الحاكمة ممكن في دولة كلبنان، وهل ثمة من يملك اصلاً قدرة على اسقاط هذه الطبقة؟
– ولنفرض ان سقطت الحكومة، فهل ثمة من يملك صورة عمّا بعد هذا السقوط، وإلامَ قد يؤدي اليه هذا السقوط؛ هل نحو الحل الذي يحلم به المحتجون، ام نحو وضع مجهول مفتوح على تعقيدات واحتمالات ليس اقلّها الفوضى في شتى المجالات؟ وفي ظل هذا الوضع المجهول اي بلد سيبقى، وهل ستبقى سلطة؟
لا تجاوب
لقد قالت السلطة كلمتها بالامس، علّها تلقى استجابة من قِبل المحتجين، وبدا في الحل الذي طرحته انّها قدّمت اقصى ما يمكن لها ان تقدّمه، امام السقف العالي من المطالب الشعبية التي تمحورت في اساسها حول هدف وحيد، هو انزال كل الطبقة الحاكمة من عروشها وقيام سلطة بديلة تحظى بثقة الناس وتقودهم في الاتجاه المعاكس لكل المسار الانحداري الذي قادتهم اليه السلطة الحاكمة على مدى سنوات طويلة.
واذا كان رئيس الحكومة سعد الحريري، خلال تلاوته لورقة الحل بعد جلسة مجلس الوزراء في بعبدا أمس، قد سعى بشكل واضح الى استرضاء المحتجين عبر تفهّمه لمطالبهم واسباب تحرّكهم، وكذلك عبر تضمين ورقة الحل تلك، ما يشبه "النقد الذاتي"، ومحاولاً تقديم حكومته في موقع العازم على العمل وفق سلة العلاجات المحدّدة في الورقة الاصلاحية التي قدّمها واقرّها مجلس الوزراء، الّا انّ كل ذلك لم يلق آذاناً صاغية لدى فئات المحتجين، الذين رفضوا الحل المطروح واصرّوا على البقاء في الشارع حتى تحقيق هدف اسقاط السلطة ورموزها.
وعلى الرغم من التوصيف الذي اطلقته أوساط رئيس الحكومة حول ما انتهت اليه جلسة مجلس الوزراء، بأنّها "قرارات نوعية وجريئة، من شأنها ان تضع الازمة الاقتصادية على مسار المعالجة الجذرية"، وهذا ما وافقها عليه خبراء اقتصاديون، الذين وصفوا بعض القرارات بأنّها تتسم بالجرأة والاهمية البالغة، إلاّ أنّ هؤلاء الخبراء سجّلوا على الحكومة انّها أبقت الأمور على عماها، ولم تُقرن ما قرّره مجلس الوزراء بما يوضح القرارات واهميتها، وما يمكن ان يتأتى من نتائج وايجابيات على الاقتصاد. فعلى الاقل كان يجب شرحها بشكل مفصّل لتصل الصورة واضحة امام المحتجين المتجمعين في الساحات.
الى ذلك، فما بين المشهد الحكومي والقرارات التي تمّ الاتفاق عليها في مجلس الوزراء، وبين المحتجين الذين يملأون الساحات، تبقى الصورة مشوبة بشيء من الغموض. وثمة من يرى انّ الساعات الثماني والاربعين المقبلة، فرصة لكي يتحدّد فيها مسار الأمور، وهي فرصة بالدرجة الاولى لفئات المحتجين لفهم تلك القرارات واهميتها، وقياس ما اذا كانت هذه القرارات ملبية لما يطالبون به، او انّها خلاف ذلك. وفي ضوء ذلك يبنى على الشيء مقتضاه.
قراءة اولية
وكان الرئيس الحريري، وقبل نهاية مهلة الـ72 ساعة، قد حرص بعد جلسة مجلس الوزراء على الاعلان بنفسه عن بعض الاجراءات، قبل تلاوة البيان الرسمي الذي تضمّن "الورقة الانقاذية" المكونة من 24 بنداً.
وفي قراءة اولية للمقررات، والتي لم تُقنع المواطنين المتمترسين في الساحات والشوارع، بدا انّها غير مُقنعة ايضاً للاقتصاديين. فقد رأى كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد التمويل الدولي (INSTITUTE OF INTERNATIONAL FINANCE IIF)، غاربيس إيراديان، "انّ المحتجّين في الشارع لن يكونوا راضين عن الورقة الاصلاحية التي اقرّتها الحكومة، كما انّ الجهات المانحة في "سيدر"، كالبنك الدولي والبنك الاوروبي للاستثمار والدول المشاركة لن تكون ايضاً راضية، لأنّها تطالب بإصلاحات هيكلية". واعتبر ايراديان، انّ نقطة ضعف الاجراءات المتخذة انّها "لمرّة واحدة، وايراداتها ضمن الموازنة ستتأتى مرّة واحدة فقط، لذلك اتساءل من اين سيتمّ تعويض هذه الايرادات في الاعوام اللاحقة 2021 و2022 لخفض نسبة العجز؟".
في الموازاة، بدت النقطة الايجابية الرئيسة في المقررات، تلك المتعلقة بخفض عجز موازنة 2020 الى 0,63%، وهي نسبة ممتازة تعطي اشارات مشجعة للاسواق المالية. لكن نقطة الضعف فيها ايضاً، انّها تستند الى المصارف بشكل كامل لتأمين هذا الامر. والسؤال الاول المطروح، هل ضَمَن الحريري موافقة المصارف على هذه المساهمة، في حين انّ مسألة الاكتتاب بـ11 الف مليار ليرة في موازنة 2019 لا تزال عالقة، ولم تُنفّذ؟
والسؤال الثاني: هل تستطيع المصارف بالوضع الحالي ان تتحمّل هذه المساهمة شبه القسرية، بقيمة 3 مليارات دولار، تُضاف اليها حوالى 400 مليون دولار، بما يعني 3 مليارات و400 مليون دولار في عام واحد؟ ومن المعروف انّ المصارف المتوسطة والصغيرة قد لا تكون قادرة على المساهمة، فهل تتحمّل المصارف الكبيرة لوحدها مثل هذا المبلغ الذي يتجاوز مجموع ارباحها السنوية؟ هذان السؤالان يجعلان بند خفض العجز موضع شك.
أما في البنود المتبقية، فهناك الكثير من النقاط المطّاطة التي لا تقدّم او تؤخّر. في حين تُطرح علامات استفهام في شأن الغاء الانفاق الاستثماري، والذي يُفترض ان يحرّك الاقتصاد. كذلك تُطرح تساؤلات عن كيفية خفض موازنات مجلس الجنوب ومجلس الانماء والاعمار وصندوق المهجرين بنسبة 70%. اذ ينبغي ان يتضح ما هي المشاريع التي سيتم الغاؤها نتيجة هذا الخفض؟ وكيف سيتمّ تنفيذ خطة اغلاق ملف المهجرين؟ إلّا اذا كانت الموازنات السابقة وهمية وتُستخدم فقط للتنفيعات والهدر.
مجلس الوزراء
وكانت جلسة مجلس الوزراء، قد انعقدت في اجواء حذرة، نوقشت خلالها الورقة الإصلاحية، وتخللتها انتقادات "اشتراكية" تجاه الوزير جبران باسيل.
وكشفت مصادر وزارية انّ النقاش احتدم اثناء بحث بند الكهرباء، واعلن خلاله الوزير وائل ابو فاعور "رفض ان نبقى خاضعين للاستبداد السياسي، فهناك جموح وجنوح سياسي في الممارسة ويجب مراعاة قراراتنا، والاسماء في التعيينات تهبط دائما بالمظلة".
وتدخّل شهيب قائلاً: "هدفنا التفاهم على نهج جديد ونحن نقدّر موقع رئاسة الجمهورية ونجلّه، وعلينا اعادة بناء الثقة بين بعضنا البعض وأحد أسباب نزول الناس الى الشارع هو قلة الثقة بيننا".
هنا غادر الوزير ابو فاعور الجلسة لدقائق ثم عاد ليقول: نحن لا يمكننا الاستمرار في هذا المنطق في إدارة الجلسات واتخاذ القرارات ولن نوافق على الورقة الإصلاحية ولسنا شركاء فيها وسننسحب من الجلسة لكن هذا الانسحاب ليس من الحكومة. فطلب منه الحريري البقاء لاقرار الموازنة.
ثم عرض وزير المال ارقام الموازنة وقال: النفقات بلغت 18.882 مليار ليرة والإيرادات 19,815 مليار ليرة، اي استطعنا من خلال التدابير التي اتخذناها ان نحقق فائضا بحدود 933 مليار ليرة، واذا ما أضفنا اليه عجز الكهرباء وهو 1500 مليار ليرة يصبح العجز 567 مليار اي ما نسبته 0,63% من ضمنه خدمة الدين وهذا امر غير مسبوق في تاريخ لبنان. والنسبة تُحدث صدمة ايجابية. وحرام ان لا يظهر هذا الامر على حقيقته.
وطلبت وزيرة الداخلية ريا الحسن تمديد مهلة بيع اللوحات العمومية وتأجيل الانتخابات البلدية الفرعية المقرّرة الاحد المقبل وقبل رفع الجلسة كرّر ابو فاعور ما قاله بأن وزراء الاشتراكي ينسحبون من الجلسة بكل محبة واحترام وأننا سنبقى الى جانبكم لإعطاء الرأي والنصح اذا اقتضى الامر
عون
الى ذلك، قالت مصادر وزارية مقرّبة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لـ"الجمهورية"، انّ عون بدأ بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء برصد ردّات الفعل حيال مقرراتها وبقي على اتصال بالقيادات العسكرية والأمنية لمواكبة الوضع الأمني في البلاد مطمئناً الى الأجواء الهادئة.
وقالت المصادر: "انّ المرحلة المقبلة يجب ان تتركّز على كيفية اعادة الحركة الطبيعية الى البلاد واعادة فتح الطرق من اجل توفير حاجات الناس اليومية. فالمصارف مقفلة منذ خمسة ايام وصناديق الصراف الآلي في العديد من المناطق اللبنانية قد فرغت تماماً".
ولفتت المصادر الى "الحاجة الى قراءة المقررات التي صدرت عن مجلس الوزراء بدقة متناهية والتمعن في ما يمكن ان تؤدي اليه".
بري
وبدا رئيس المجلس النيابي نبيه بري مرتاحاً الى القرارات التي انتهى اليها مجلس الوزراء امس، الّا انّه اكّد امام زواره، انّ المطلوب هو تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه، والعبرة تبقى في التنفيذ.
الّا انّ بري لاحظ انّ ما صدر عن مجلس الوزراء كان ينبغي ان يقترن بجملة من الاصلاحات الفورية، وكذلك التأكيد على اطلاق الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، فهذا امر اكثر من مطلوب وبإلحاح للوصول الى الدولة المدنية التي تبقى هي الحل لكل ما يعاني منه لبنان.
الحريري
بدوره، وعلى ما قالت اوساط بيت الوسط لـ"الجمهورية"، واصل الحريري اتصالاته مع المراجع المعنية متابعة لردات الفعل لدى المتظاهرين، متمنياً قراءتها بهدوء من اجل البناء عليها في المرحلة المقبلة وفتح صفحة جديدة، مع تقديره البالغ الى انّه لولا الحراك الشعبي في الأيام الماضية لما تمّ التوصل الى ما تقرّر من خطوات جبارة ستكون لها انعكاساتها، ليس على مستوى استعادة الثقة الداخلية انما على المستوى الدولي.
وعلمت "الجمهورية"، انّ الحريري تلقى اتصالات من مسؤولين دوليين وسفراء عرب وأجانب، لمواكبة التطورات والبحث في كيفية مساعدة لبنان لتجاوز أزمتة.
وزني
وقال الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور غازي وزني لـ"الجمهورية": "الورقة التي اقرّها مجلس الوزراء مختلفة عن الاوراق السابقة، اي يمكن توصيفها بأنّها ورقة اصلاحية فعلاً تلبي مطالب "سيدر" ووكالات التصنيف الدولية والدول المانحة، وفي الوقت نفسه تضع الازمة الاقتصادية والمالية على المسار الصحيح للمعالجة".
واكّد وزنة، انّ هذه الورقة هي مدخل للمعالجة، وجاءت تحت ضغط الشارع، يعني انّ الفضل الأول والاخير في الوصول اليها، يعود الى الحشود الشعبية والاحتجاجات التي ملأت كل الساحات وكل المناطق بغض النظر عن انتمائها الطائفي والسياسي.
ولفت وزنة الى مجموعة نقاط ايجابية تتضمنها هذه الورقة، إذ انّها لا تطال المواطنين، لا توجد فيها ضرائب ورسوم، وكذلك لا تطال موظفي القطاع العام. وهي تحدّد بشكل واضح آلية معالجة الكهرباء، ان من ناحية تعيين الهيئة الناظمة، او مجلس الادارة او من ناحية دفتر الشروط الذي تمّت الموافقة عليه من قِبل الجميع، او من ناحية المعامل التي سيبدأون ببنائها، وهذه مسألة بالغة الايجابية.
وقال، "انّ من النقاط الايجابية المهمة، هي مساهمة مصرف لبنان والقطاع المصرفي بشكل فعّال في خفض خدمة الدين العام. وايضاً التأكيد على مكافحة الفساد، وهو مطلب اساسي للمحتجين، ولا سيما من ناحية قانون استرداد الاموال المنهوبة، او من ناحية تأكيد رئيس الجمهورية على رفع السرّية المصرفية عن جميع المسؤولين في الدولة، وعن طريق انّ اخضاع التلزيمات والمشتريات الى المناقصات العامة، وكذلك اخضاع الاستثمارات العائدة للمؤسسات العامة من دون استثناء، وخاصة قطاع الاتصالات، الى موافقة مجلس الوزراء، وهذا امر مهم. يضاف الى ذلك موضوع السكانر على المعابر، وتخفيض مخصصات الطبقة الحاكمة".
وقال: "بشكل عام، فإنّ هذه الورقة فإن جاءت متأخّرة، تحت ضغط احتجاجات الشارع، هي خطوة ايجابية واصلاحية فعلية وحقيقية. وصحيح انّ المواطنين لا ثقة لهم بالطبقة الحاكمة، وهناك ازمة ثقة مع هذه الطبقة، ورغم ذلك، نرى ان يتقبّل المحتجون هذه الورقة ويعطوا الحكومة فرصة ثلاثة اشهر، لانّ هذه الورقة هي مدخل ومسار وصحيح وسليم لحل الازمة الاقتصادية والمالية".
وعمّا اذا كانت هذه الورقة ستنعكس ترييحاً للسوق المالي في لبنان، قال وزنة، "الاسواق حذرة وتنتظر التطبيق، إن اخذت هذه الورقة الى "سيدر" ستلقى تجاوباً، وكذلك ستجد تجاوباً من وكالات التصنيف، ولكن المطلوب عندنا في لبنان ان يبدأ التطبيق سريعاً، فمن شأن ذلك ان يهدئ الاسواق المالية، وتهدئ خوف الناس وقلق المستثمرين والمودعين".
"القوات": لا ثقة
في المقابل، قالت مصادر القوات اللبنانية لـ"الجمهورية": "الاساس يكمن في عامل الثقة، فعامل الثقة هو المدخل الى الاستقرار المالي والسياسي والاقتصادي، وعامل الثقة هو المدخل الى الحكم الرشيد، فلا استثمار من دون ثقة، ولا اقتصاد من دون ثقة، ولا سياسة من دون ثقة".
اضافت: "عندما دعا رئيس الجمهورية من اجل ان تلتئم طاولة الحوار الاقتصادية، جميع المتحلقين حول الطاولة اجمعوا على نقطة اساسية بأن لا ثقة بين الحكومة وبين الشعب وبين الدولة وبين الشعب. وبالتالي كل الاوراق التي يتمّ تقديمها، هي اوراق سبق وقُدّمت، والافكار التي تُطرح تمّت مناقشتها سابقاً. المشكلة ليست بالافكار او بالاقتراحات، المشكلة تتعلق في غياب الثقة بمن ينفّذ هذه الافكار وهذه الاقتراحات".
وتابعت المصادر: "بالنسبة الينا، يجب ان تستقيل هذه الحكومة من اجل تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، هذه الحكومة لا ثقة بقدرتها على تنفيذ الاصلاحات. وانطلاقا من هذه الخلاصة، ذهب الدكتور سمير جعجع الى اقتراح حكومة اختصاصيين وان تستقيل هذه الحكومة، وبالتالي بالنسبة الينا، لو استقالت هذه الحكومة على اثر طاولة الحوار، لما كنا وصلنا الى وصلنا اليه".
ولفتت المصادر، الى انّه "عندما طرحت "القوات" تشكيل حكومة جديدة، فذلك انطلاقاً من ايمانها ومعرفتها بانّ هذه الحكومة اعجز من مواجهة التحدّيات الاقتصادية، واكبر دليل، انّ الرئيس الحريري قدّم ورقة اصلاحية، ولكن هذه الورقة الاصلاحية لم تتلقفها الناس، والناس لم تتلقف اي ورقة اخرى افضل منها او اسوأ منها. من هنا، فالمسألة ليست مسألة افكار او اوراق سبق ونوقشت وقُدّم منها الاطنان، المسألة تكمن في الثقة، فلا ثقة بهذه الحكومة من اجل تقديم الحلول المطلوبة، وبالتالي المطلوب هو استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة".
نصرالله يلتقي خليل
في سياق متصل، علمت "الجمهورية"، انّ الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، استقبل امس الاول، وزير المال علي حسن خليل، على مدى ثلاث ساعات، في حضور المعاون السياسي للامين العام للحزب الحاج حسين خليل.
وبحسب المعلومات، فإن البحث تناول التطورات التي استُجدت في الآونة الاخيرة والحراك الشعبي في المناطق اللبنانية، وكيفية معالجة الازمة الراهنة. كما تمّ عرض الورقة الاصلاحية التي اعدّها رئيس الحكومة سعد الحريري. واكّدت المعلومات انّ السيد نصرالله قارب الورقة بإيجابية، وانه وضع عليها بعض الملاحظات، التي كانت حينما طُرحت على رئيس الحكومة بعد هذا اللقاء محل موضع توافق تام عليها.
في سياق متصل، اكّدت مصادر "حزب الله" لـ"الجمهورية"، انّ الوضع تحت السيطرة، ولا خوف من تدهور الامور، وقالت: "اكبر ايجابية حصلت في موازاة التحرّك الشعبي، هو التوافق السنّي- الشيعي الذي تجلّى بأعلى درجاته من خلال التواصل الذي حصل بين الطرفين على اكثر من مستوى".
ورداً على سؤال لم تؤكّد المصادر او تنف وجود مؤامرة حيال ما يجري، الّا انّها قالت: "حتى ولو كان هذا السيناريو صحيحاً فسيُحبط، لانّ كل المؤامرات تسقط امام الحكمة الداخلية الموجودة حالياً بين كل المسؤولين عن ادارة البلد".
الاتحاد الاوروبي
الى ذلك، حث الاتحاد الأوروبي، في بيان امس، الأطراف اللبنانية على حوار بنّاء لمعالجة التحدّيات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها لبنان، ودعا إلى تجنّب العنف والخطابات التحريضية.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نداء الوطن
ورقة الحكومة… شياطين "الكهرباء" تكمن في التفاصيل جيش شعب ثورة

هي الثورة وقد اكتملت عناصرها بالأمس… سلطة مذعورة تحاول رشوة الناس لامتصاص غضبهم، وثورة لا تكلّ ولا تملّ حتى إسقاط التركيبة الحاكمة، وجيش لا ينأى بنفسه عن حماية الثوار. فعلى قاعدة "ولّى زمن الترقيع" أتى جواب المتظاهرين على ورقة الحكومة الإصلاحية بأن ضاعفوا من تواجدهم في الساحات، رافعين في المقابل "ورقة نعوة" نظام بات بنظرهم فاقداً للثقة والأهلية في الإصلاح. وعلى شاكلة "فلول" الأنظمة القمعية البائدة أتت محاولات مسيرات "الدراجات النارية" ليلاً لترهيب الثوار وتخريب سلمية احتجاجهم، لترتدّ على أعقابها سريعاً وتنكفئ بأعلامها الحزبية تحت وطأة تصدي الجيش اللبناني بحزم وعزم للمخربين، آخذاً على عاتقه طردهم ومطاردتهم وحماية المواطنين المتظاهرين… لترتسم بذلك في أفق المشهد الوطني الجديد معادلة "جيش، شعب، ثورة" بوصفها "ثلاثية ذهبية" فرضتها بالقبضات والحناجر "ثورة تشرين"، وقد أثبتت في يومها الخامس أنها أضحت ثورة عصية على الكسر والقمع محصّنة في مواجهة كل المعادلات والثلاثيات الخشبية السلطوية والحزبية والطائفية والمذهبية.
وإذا كانت الطاولة الحكومية قد استقرّت حتى الساعة على أرضية 26 وزيراً بعد استقالة وزراء "القوات اللبنانية" وحسم رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط موقفه مساءً بالتأكيد أنّ وزراءه لن يستقيلوا من الحكومة، أقدم مجلس الوزراء في جلسته المصيرية أمس في قصر بعبدا على "رفع العشرة" أمام المتظاهرين، عبر سلة مقررات إصلاحية لم يسبق أن اتخذت الحكومات مثلها في تاريخها، لعلها تنقذ ما تبقى من أمل في عفو شعبي يمدّ في أعمار أهل الحكم، معطوفةً على ما يشبه الرسائل المشفرة من رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى الناس المتجمهرين في الساحات والشوارع، بأن واظبوا على تحركاتكم الميدانية وأنا لن أسمح لأحد بتهديدكم "وإذا كان مطلبكم انتخابات مبكرة فأنا معكم".
لكن وفي قراءة أهل الاختصاص لورقة الحكومة الإصلاحية الخلاصة التالية: إسمع رئيس مجلس الوزراء تفرح، وأصغ إلى الأمين العام لمجلس الوزراء تحزن. يُقال إن الشيطان يكمن في التفاصيل، والحق أنّ شياطين "الكهرباء" تكمن في تفاصيل الورقة التي تلاها القاضي محمود مكية. إذ قررت الحكومة أو بالأحرى أجّلت تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء لما بعد تعديل القانون 462 في مجلس الوزراء ومن ثم في المجلس النيابي، فيما مشاريع الكهرباء وبسحر ساحر اندرجت ضمن جدول زمني للتنفيذ ولن يكون لهذه الهيئة فيها أي دور أو صلاحية، لأنها لن تكون قد شُكّلت بعد وهكذا تكون السلطة قد حققت المحاصصة قبل أن تنجز الإصلاحات. أما في مسار المناقصة لتلك المشاريع فالوضع يبقى كما عهدناه أي تحت السلطة المطلقة للوزير وأحاديته، في إعداد دفاتر الشروط من دون حسيب ولا رقيب ومن دون أن يكون هناك دور لأي هيئة رقابية فعالة في عملية تدقيق مسار المناقصة لتكون بحسب المعايير الدولية، لا سيما لجهة فتح المجال أمام مشاركة أكبر عدد ممكن من الشركات وبالتالي فتح الباب أمام منافسة حقيقية تنعش القطاع والاقتصاد.
تغييب دور هيئة إدارة المناقصات عن إعداد دفاتر الشروط، إنما يحصر دورها ليصبح تقنياً بحتاً وتكون بذلك عاجزة عن تأدية دورها في تصحيح مسار المناقصة وفرض اعتمادها معايير الشفافية المطلوبة. وبعدما أُخضعت في الورقة كل خطوات الخصخصة إلى سلطة المجلس الأعلى للخصخصة، يبقى السؤال لماذا استثناء قطاع الكهرباء من هذه المعادلة؟ هل هناك أبناء "ست" وأبناء "جارية" بين القطاعات؟
أما التسوية الكبيرة التي تظهرها هذه الورقة والتي يراد منها إنقاذ مكانة المتحاصصين السياسية، فهي تمويل الإصلاحات عبر المصارف اللبنانية بعدما عجزت السلطة عن تمويلها عبر "سيدر" وقنواتها وأدوات البنك الدولي، والطرفان متمسكان بالاصلاحات الهيكلية. فهل تكون التسوية لمصلحة نظام متهالك؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الشرق
قرارات إصلاحية تاريخية والموازنة من دون ضرائب

وفي اليوم الخامس، وتحت ضغط الشارع وثورة الغضب الشعبي، أقرت حكومة "الى العمل" موازنة 2020 بورقتها الاصلاحية المفترض بالمنطق الحكومي ان تُنفس الانتفاضة. ولكن الشعب لم تعد تشفي غليله وعود اُغدقت عليه مرارا.
ورقة الشارع تلوّح بالانتقال الى الصفحة التالية، العصيان المدني. دعوة بدأت تتداول فور انتهاء جلسة مجلس الوزراء وتلاوة مضمون الورقة الاصلاحية فالى اين تتجه البلاد؟ هل تستمر الثورة الى حين اسقاط السلطة المتهمة بالفساد والتي رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تعميمه على الجميع؟وهل يحقق المنتفضون احلامهم بفتح ابواب السجون لمن نهبوا مقدرات الدولة واموالها؟
هل يستقيل؟ الحزب الاشتراكي الممتعض من عدم الاخذ ببنود ورقته الاصلاحية يبدو بدوره متجها الى التصعيد، وهو ما سيتوضح في مؤتمر صحافي يعقده في السادسة مساء، فهل يلتحق بحليفه القواتي في اعلان استقالة وزيريه؟
الرئيس الحريري الذي نقل المقربون منه ان عينه على الاقتصاد وقلبه على الشعب، خاطب اللبنانيين مع انقضاء الساعات الـ72 بعيد جلسة مجلس الوزراء الذي انعقد بصعوبة في قصر بعبدا بعدما غامر الوزراء بخروجهم من منازلهم وعبور الطرقات حيث موجات الغضب الشعبي، لبلوغ بعبدا، وقد اضطر كثيرون من بينهم الى التنقل بمواكب مموهة. فاعتبر رئيس الحكومة ان "منذ تشكيل الحكومة وأنا اطالب الأفرقاء بتحقيق الكرامة الفردية لكل مواطن بحيث نؤمّن لهم كلّ احتياجاتهم من تعليم وطبابة وغيرها". وشدد على ان "الشباب انفجروا نتيجة اليأس ونزلوا الى الشارع تعبيراً عن الغضب، المطالب كثيرة ومتنوعة لكنهم يطالبون بكرامتهم واحترام صوتهم". وتابع: "اعطيت شركائي مهلة 72 ساعة لتأمين سلسلة من الاجراءات والمهلة كانت من فرقاء الحكومة لا من الشباب في الشارع". وأكد ان "الموازنة بعجز 0.6 ولا ضرائب إضافية على الناس والقطاع المصرفي يساهم بخفض العجز بـ5100 مليار وخفض 50 في المئة من رواتب المسؤولين السابقين".
وأضاف: "نعمل على إعداد مشروع قانون لإنشاء هيئة مكافحة الفساد قبل نهاية هذا العام"، معلناَ انه "سيتمّ تركيب "سكانر" على المعابر لمنع المهربين والغاء وزارة الاعلام وعدد من المؤسسات غير الضرورية حالا وتسريع تلزيم معامل الكهرباء".
وقال الحريري للمتظاهرين "القرارات التي اتخذناها قد لا تحقق مطالبكم، انما اطالب به أنا منذ سنتين كخطوة اولى للبدء بالحلول، والقرارات ليست للمقايضة او للطلب منكم وقف التظاهر وواجب الدولة ان تحميكم وتحمي التعبير" واضاف "انتم البوصلة ومن حرّك مجلس الوزراء وهو ما اوصل الى القرارات التي اتخذناها ومن موقع مسؤوليتي عملت 3 ايام للوصول الى ما وصلنا اليه وصوتكم مسموع واذا كان مطلبكم انتخابات مبكرة للتعبير فأنا كسعد الحريري معكم". وقال " يجب ان تعلموا ان ما قمتم به كسر الحواجز وهزّ الاحزاب والتيارات وحاجز الولاء الطائفي وأعدتم الهوية اللبنانية الى مكانها الصحيح وهذا اكبر مكسب وطني ونأمل ان يكون ذلك بداية لنهاية النظام الطائفي وللبنان الجديد".
وكان مجلس الوزراء عقد جلسة في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية في غياب وزراء "القوات اللبنانية" الذين قدموا استقالاتهم. وقد اقرت الحكومة خلالها ورقة الاصلاحات ومشروع موازنة 2020. وفي مستهل الجلسة، قال الرئيس عون: ما يجري في الشارع يعبّر عن وجع الناس، ولكن تعميم الفساد على الجميع فيه ظلم كبير، لذلك يجب على الأقل أن نبدأ باعتماد رفع السرية المصرفية عن حسابات كل من يتولى مسؤولية وزارية حاضراً أو مستقبلاً. وافيد ان سجالا حصل بين وزراء التقدمي والوزير جبران باسيل على خلفية ورقة الاصلاحات وقد دخل حزب الله على الخط للتهدئة.
في الاثناء، توقعت مصادر عربية في اوروبا صدور بيان عن فرنسا او عن الاتحاد الاوروبي في الـساعات المقبلة يؤكد دعم الاستقرار في لبنان، مع الاقرار باحقية التظاهر لان الشعب يريد اصلاحات لم تقدم الحكومة عليها حتى الان. ولا بد من تعديل وزاري سريع واجراء اصلاحات تقنع المتظاهرين لضبط الوضع.
وفي مؤشر غير مطمئن، هوت السندات الحكومية للبنان بمقدار سنت واحد أو أكثر امس عقب الاحتجاجات العارمة وهوى إصدار 2025 بمقدار 1.34 سنتا في الدولار ليجري تداوله عند 65.5 سنتات، حسبما أظهرته بيانات تريدويب، لتصل خسائر السندات في يومين إلى حوالى أربعة سنتات. الى ذلك، افادت تريدويب ان سندات لبنان الدولارية تواصل هبوطها مع اجتماع الحكومة لبحث إصلاحات اقتصادية في اليوم الخامس للاحتجاجات وإصدار 2022 يهبط 2.7 سنت لمستوى قياسي منخفض عند 69.75 سنتاً.
قرارات اصلاحية وصفت بـ"التاريخية" والموازنة الى المجلس النيابي من دون ضرائب
نسبة العجز في الموازنة 0.63% وتخفيض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب 50%
اعداد مشروع استعادة الاموال المنهوبة والهيئة الوطنية لمحاربة الفساد قبل نهاية السنة
اتخذ مجلس الوزراء سلسلة قرارات تتضمن اجراءات اصلاحية جذرية للنهوض بالاقتصاد وتحفيز النمو، كما اقر المجلس مشروع موازنة 2020 بنسبة عجز تبلغ 0.63% ودون فرض اي ضريبة اضافية على الناس، وهو احيل الى مجلس النواب بعد توقيعه من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل.
ومن ابرز المقررات التي اتخذها مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت قبل ظهرأمس في قصر بعبدا برئاسة الرئيس عون وغياب وزراء القوات اللبنانية الذين كانوا تقدموا باستقالتهم من الحكومة: مساهمة القطاع المصرفي ومصرف لبنان بخفض العجز بقيمة 5100 مليار ليرة وزيادة الضريبة على ارباح المصارف، وخفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50%، وخفض موازنات مجلس الانماء والاعمار وصندوق المهجرين ومجلس الجنوب بنسبة 70%، واعداد مشروع استعادة الاموال المنهوبة، وقانون انشاء الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد قبل آخر السنة الحالية، واقرار مشاريع المرحلة الاولى من مؤتمر "سيدر" وقيمتها 11 مليار دولار خلال ثلاثة اسابيع.
وشدد رئيس الجمهورية في مستهل الجلسة على "ان ما يجري في الشارع، يعبّر عن وجع الناس ولكن تعميم الفساد على الجميع فيه ظلم كبير، لذلك يجب ان نبدأ باعتماد رفع السرية المصرفية عن حسابات كل من يتولى مسؤولية وزارية حاضراً ومستقبلاً".
وسبق الجلسة لقاء بين الرئيس عون والرئيس الحريري، تم خلاله البحث في الاوضاع العامة التي تشهدها البلاد والمطالب التي ينادي بها المتظاهرون.
المقررات
بعدها تلا الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّه القرارات الكاملة التي اتخذها مجلس الوزراء في جلسته وقال:
"قرر مجلس الوزراء الموافقة على الاجراءات والتدابير الاصلاحية والاقتصادية والمالية التالية:
1- تجميد الانفاق الاستثماري غير الضروري وتحويل فائض أموال المؤسسات إلى الخزينة:
أ‌- الطلب الى المؤسسات العامة والمرافق العامة الاستثمارية، التي تدير مالا عاما، بما فيها شركتا الخلوي، وتحوّل الفائض الى الخزينة، عدم القيام بأي انفاق استثماري جديد باستثناء ما هو ملزّم سابقا وذلك خلال العام 2020. وفي الحالات الاستثنائية المبررة للضرورة يخضع الانفاق الاستثماري لموافقة مجلس الوزراء.
ب‌- الطلب الى المؤسسات العامة والمرافق العامة والادارات ذات الموازنات الملحقة تحويل فائض أموالها شهريا إلى الخزينة.
2- إلغاء ودمج بعض الوزارات والمؤسسات والمرافق العامة:
أ‌- الموافقة على الغاء وزارة الاعلام وتكليف الجهات المعنية اعداد النصوص اللازمة لذلك بمهلة اقصاها 30-11-2019. مع حفظ حقوق الموظفين وفقاً للقوانين والانظمة المرعية الاجراء.
ب‌- الطلب الى الوزراء المعنيين وسلطات الوصاية، وتطبيقاً لنص المادة /83/ من قانون موازنة العام 2019، رفع تقرير عن المؤسسات العامة وكافة المرافق العامة الخاضعة لوصايتهم، التي يمكن إلغاؤها أو دمجها مع إدارات أو مؤسسات أخرى لاسيما المؤسسة العامة للأسواق الاستهلاكية، والمؤسسة العامة للزراعات البديلة، والمؤسسة العامة للزيتون وزيت الزيتون، والمؤسسة العامة لتمويل الدورات الرياضية الكبرى وغيرها، ورفع التقرير إلى اللجنة المشكلة لهذه الغاية بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 3 تاريخ 12-9-2019 وذلك في مهلة أقصاها 15-11-2019.
وعلى اللجنة الوزارية رفع مقترحاتها تباعا إلى مجلس الوزراء بدءاً من 30-11-2019 لاتخاذ القرار النهائي بشأنها.
3- البدء باشراك القطاع الخاص وتحرير المؤسسات والمرافق العامة ذات الطابع التجاري:
أ‌- الموافقة على البدء بعملية اشراك القطاع الخاص في شركتي الخلوي وتكليف المجلس الاعلى للخصخصة والشراكة تعيين استشاري مالي وتقني وقانوني للبدء باجراءات تحضير دفاتر الشروط واجراء التلزيمات اللازمة ورفع الامر الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب.
ب‌- المباشرة بالدراسات اللازمة، ووفقاً للأصول والقوانين المرعية الاجراء، باشراك القطاع الخاص في الشركات والمؤسسات التالية: بورصة بيروت، شركة طيران الشرق الاوسط، شركة الشرق الاوسط لخدمة المطارات، مؤسسة ضمان الودائع، شركة سوديتيل، كازينو لبنان، شركة انترا، مرفأ بيروت، ادارة حصر التبغ والتنباك، ومنشآت النفط.
وعلى ان ترفع الاقتراحات بهذا الخصوص من قبل الوزراء المعنيين تباعاً وبمهلة اقصاها 30-12-2019.
4- تعيين الهيئات الناظمة للطيران المدني والاتصالات ومجلس ادارة بورصة بيروت ونواب حاكم مصرف لبنان في مهلة اقصاها 15-11-2019.
5- تفعيل إدارة ومردود عقارات الدولة:
تكليف السيد وزير المالية إجراء جردة بكافة العقارات المملوكة من الدولة وإجراء تقييم لها وتقديم إقتراح للاستفادة منها خلال مهلة ثلاثة أشهر.
6- الإسراع بتنفيذ برنامج الانفاق الاستثماري (سيدر)
أ‌- تكليف اللجنة الوزارية المشكلة بموجب هذا القرار (المكلفة بدراسة لائحة مشاريع برنامج الانفاق الاستثماري CIP) دراسة لائحة المشاريع المقدمة من قبل مجلس الانماء والاعمار حول المرحلة الأولى لبرنامج الانفاق الاستثماري (سيدر) والاسراع ببتها تمهيداً لإقرارها في مجلس الوزراء بمهلة اقصاها 7-11-2019.
ب‌- الطلب من مجلس الانماء والاعمار تحديد الاعتمادات المطلوبة لتغطية كلفة التمويل المحلي وكلفة الاستملاكات لهذه المشاريع لإعداد وإقرار قانون برنامج لها يمتد على 5 سنوات، وذلك في مهلة اقصاها 30-11-2019.
ج- الاستعانة بشركات استشارية متخصصة محلية واجنبية للاسراع في اعداد دفاتر الشروط واطلاق المناقصات لتلزيم مشاريع البنى التحتية.
7- الاسراع بإطلاق المشاريع الاستثمارية المقررة في مجلس النواب والبالغة /2،6/ مليار دولار اميركي:
الموافقة على مشروع قانون برنامج بقيمة /470/ مليار ليرة لبنانية مقسمة على 3 سنوات، يغطى باصدار سندات خزينة، لتغطية كلفة استملاك المشاريع المقررة وإحالته إلى مجلس النواب.
8- إطلاق مشاريع أليسار ولينور
تكليف السيد رئيس مجلس الوزراء اتخاذ الاجراءات اللازمة لإعادة إطلاق مشروعي أليسار ولينور.
9- تعزيز الحماية الاجتماعية
أ‌- تكليف السيد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب متابعة إقرار قانون التقاعد والحماية الاجتماعية الذي تتم مناقشته في اللجان النيابية وتقديم تقرير شهري بشأن مساره إلى مجلس الوزراء.
ب‌- رصد اعتماد بقيمة 20 مليار ليرة لبنانية لتعزيز وتوسعة قاعدة المستفيدين من برنامج دعم الاسر الاكثر فقراً.
ج‌- الموافقة على اتفاقية القرض مع الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع الاسكان ــــــ المرحلة الثانية، بقيمة 50 مليون دينار كويتي (حوالي 165 مليون دولار) وتفويض رئيس مجلس الانماء والاعمار بالتوقيع عليه، اضافة الى تكليفه استكمال التفاوض مع الصندوق لتأمين قرض جديد لصالح المؤسسة العامة للإسكان بالشروط عينها المنصوص عنها في مشروع الاتفاقية المشار اليها اعلاه.
10- دعم التصدير
الموافقة على ادراج بند في مشروع الموازنة العامة للعام 2020 لدعم الصادرات وفقا لما يلي:
تُعطى المصانع والمؤسسات الصناعية المرخصة وفقاً للاصول مبلغا قدره 5% (خمسة بالمائة) من قيمة صادراتها السنوية المصنعة في لبنان والحائزة على شهادة منشأ في لبنان وفقا للأصول والتي تستفيد من أحكام هذا القانون وذلك:
– عن صادراتها السنوية الاضافية التي تزيد عن قيمة الصناعات المصدرة في العام السابق.
– عن الصناعات التي تصدرها للمرة الاولى.
وعلى ان تحدد دقائق تطبيق هذه المادة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيري المالية والصناعة.
11- توحيد شراء الأدوية:
تكليف لجنة التنسيق للجهات الضامنة الرسمية إعداد تصور لإجراء مناقصة موحدة لشراء الأدوية للإدارات والمؤسسات والأجهزة العسكرية والأمنية وتعاونية موظفي الدولة وصندوق الضمان الاجتماعي ورفع توصياتها إلى مجلس الوزراء خلال مهلة شهرين من تاريخه مع اعطاء الأولوية للادوية المصنعة محليا والجنيريك اذا كان بسعر أرخص.
12- الاسراع في إصدار المراسيم التطبيقية للقوانين التالية:
أ‌- قانون المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي، وقانون الوساطة القضائية، قانون حق الوصول الى المعلومات.
ب‌- الطلب من وزير العدل ووزير الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا، كلّ بما يعنيه، اعداد هذه المراسيم ورفعها إلى مجلس الوزراء في مهلة أقصاها نهاية العام الجاري.
13- ملف عودة النازحين السوريين:
أ- الطلب من وزير الدولة لشؤون النازحين رفع ورقة سياسة ملف عودة النازحين السوريين لاقرارها خلال مهلة شهر من تاريخ رفعها.
ب- اتخاذ الاجراءات والوسائل المتاحة لحث المجتمع الدولي من أجل عودة آمنة وكريمة للنازحين إلى بلادهم والمساهمة أكثر في تحمل كلفة أعبائهم التي تتحملها الدولة.
14- إقرار موازنة 2020 بعجز يقارب 0%، في مهلة أقصاها 25-10-2019. ويتحقق ذلك من خلال إجراءات أبرزها:
أ- النفقات:
– وضع سقف أقصى لعجز الكهرباء قدره 1.500 مليار ليرة لبنانية.
– مساهمة مصرف لبنان بخفض خدمة الدين العام لسنة 2020 بنسبة 50% بالتنسيق مع مصرف لبنان (4.500 مليار)، على أن يتابع رئيس مجلس الوزراء الاجراءات التنفيذية مع وزير المالية وحاكم مصرف لبنان.
– تقسيط تعويضات الصرف التي تزيد عن ماية مليون ليرة لبنانية، على 3 سنوات.
– خفض باقي النفقات في سبيل بلوغ العجز بالنسبة المومأ اليها.
– خفض 50% من مخصصات الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين.
ب- الايرادات:
– فرض ضريبة دخل استثنائية على المصارف لسنة واحدة في العام 2020 بما يؤمن مبلغ 600 مليار ليرة لبنانية.
– عدم فرض أي ضريبة مباشرة أو غير مباشرة وأي رسوم في العام 2020.
– عدم إخضاع معاشات الموظفين والمتعاقدين إلى أي ضريبة أو حسم.
15- الحد من التهريب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية والحد من التهرب الضريبي:
أ- الانتهاء من دراسة مشروع قانون تفعيل الالتزام الضريبي في سبيل رفع مستوى الجباية وكشف المتهربين، واحالته الى مجلس النواب بعد الموافقة عليه، وذلك في مهلة أقصاها 25-10-2019.
ب- الموافقة على المرسوم المعد من قبل وزارة المالية لتركيب الماسحات الضوئية (scanner) على المعابر الحدودية وبالشراكة مع القطاع الخاص مع الاخذ ببعض الملاحظات المعدة من قبل السيد وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية.
ج- الموافقة على مشروع قانون يرمي الى تشديد العقوبات على التهريب (المهربين وشركائهم والمهرب اليهم) وعلى مشروع مرسوم باحالته على مجلس النواب.
16- تأمين الكهرباء بدءاً من النصف الثاني من العام 2020 وإلغاء كامل عجز مؤسسة كهرباء لبنان في العام 2021 كما ورد في خطة الكهرباء وذلك من خلال انجاز الخطوات التالية والتي من شأنها تأمين التيار الكهربائي 24/24، وهي:
أ- الاسراع في إبرام عقود بناء معامل دائمة ومؤقتة وشراء الطاقة في الزهراني وسلعاتا ودير عمار وجب جنين والجية وذلك باعتماد الاجراءات التالية:
– الموافقة على دفتر الشروط المُعد من قبل وزارة الطاقة وفق التعديلات التي ابدتها اللجنة الوزارية المشكلة لهذه الغاية والموافق عليها من قبل وزارة الطاقة والمياه.
– إجراء المناقصة من خلال ادارة المناقصات والموافقة على تقصير المهل ومنح العارضين مهلة أقصاها 15-1-2020 لتقديم العروض.
– تقييم العروض وفقاً للاصول من قبل ادارة المناقصات والخبراء الذين تسميهم وزارة الطاقة والمياه بمهلة اقصاها 31-1-2020.
– ترفع وزيرة الطاقة والمياه إلى مجلس الوزراء نتيجة المناقصة بمهلة أقصاها 3-2-2020 وعلى ان يتخذ المجلس قراره بشأنها بمهلة اسبوع.
– تكليف رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الطاقة والمياه ووزير المالية ومن يرونه من خبراء واستشاريين، لإجراء مفاوضات مباشرة مع الشركات التي رسى عليها الالتزام مؤقتاً وتوقيع العقد وذلك في مهلة اقصاها 28-2-2020.
ب- انهاء دراسة العروض المقدمة في مناقصة التغويز من قبل اللجنة الوزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء ورفع اقتراحاتها في هذا الخصوص الى مجلس الوزراء وذلك بالتزامن مع اجراء مناقصة شراء الطاقة على الوجه المعروض.
ت- عرض مشروع العقد المتعلق بتنفيذ مشروع دير عمار (2) على مجلس الوزراء للموافقة عليه وتوقيعه بمهلة أقصاها 30-11-2019.
ث- الموافقة على مشروع قانون يتضمن التعديلات المقترحة على قانون تنظيم الكهرباء (القانون رقم 462 تاريخ 2-9-2002) وعلى مشروع مرسوم باحالته على مجلس النواب، وتعيين أعضاء الهيئة الناظمة للكهرباء خلال مهلة اقصاها اسبوعين من تاريخ اقرار القانون في مجلس النواب.
17- تعزيز الشفافية والحدّ من الفساد وذلك من خلال إقرار سَلّة من الاجراءات في مهلة أقصاها 30-12-2019، وأبرزها:
أ- البدء بمناقشة مشروع قانون استعادة الأموال العامة المنهوبة المقدّم من قبل وزارة العدل.
ب- اقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ومخططها التنفيذي.
ت- اصدار المراسيم التطبيقية لقانون ـتعزيز الشفافية في قطاع البترول وقانون حماية كاشفي الفساد.
ث- متابعة مشروع القانون المتعلق بإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد.
ج- اعداد مشروع قانون اخضاع المؤسسات العامة والمصالح المستقلة لرقابة ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي اضافة الى اخضاع مشترياتها لإدارة المناقصات.
18- انجاز الاصلاحات كافة التي تمت مناقشتها في لجنة الاصلاحات المالية والهيكلية وتلك الواردة في ورقة مؤتمر سيدر، لاسيما مشروع قانون الضريبة الموحدة التصاعدية على الدخل ومشروع قانون المشتريات العامة ومشروع قانون الجمارك ومشروع قانون المنافسة، وإنجاز تلك الاصلاحات ضمن مهل زمنية يتم الاتفاق عليها في اللجان المختصة، على أن تنجز جميعها تباعاً خلال مهلة أقصاها منتصف العام 2020.
19- العمل على اقرار مشروع قانون العفو العام بمهلة اقصاها نهاية العام الجاري.
20- تكليف وزراء الاشغال العامة والنقل والداخلية والبلديات والعدل والمالية اتخاذ ما يلزم من اجراءات وتدابير بحق الذين تخلفوا عن معالجة اوضاعهم تطبيقاً لقانون معالجة مخالفات الاملاك البحرية الوارد في قانون موازنة العام 2018 (القانون رقم 79). واعداد مشروع قانون لرفع الرسوم المنصوص عنها في القانون.
21- تكليف وزارة الطاقة المياه اعداد مشروع قانون يرمي الى معالجة المخالفات الواقعة على الاملاك النهرية بمهلة اقصاها نهاية العام الجاري.
22- تكليف وزارة الاشغال العامة والنقل اتخاذ الاجراءات اللازمة للبدء بتطبيق قانون تسوية مخالفة البناء.
23- تكليف اللجنة الوزارية (المكلفة وضع استراتيجية اقتصادية) المشكلة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 53 تاريخ 28-2-2019 اعداد الخطوات والتدابير اللازمة لوضع توصيات دراسة ماكينزي قيد التنفيذ.
24- الموافقة على تجديد ولاية اعضاء هيئة ادارة قطاع البترول السادة: وسام الذهبي، ناصر حطيط، عاصم بو ابراهيم، وسام شباط، وليد نصر وغابي دعبول.
25- تشكيل لجنة وزارية برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء وعضوية السادة وزير المالية، وزير الاشغال العامة والنقل، وزيرة الطاقة والمياه، وزير الشباب والرياضة، وزير الصناعة، وزير الاقتصاد والتجارة، وزير الاعلام، وزير البيئة، وزير الثقافة ورئيس مجلس الانماء والاعمار، لدراسة لائحة مشاريع برنامج الانفاق الاستثماري (CIP)".
مرسوم إحالة مشروع الموازنة
وبعد انتهاء الجلسة وقع رئيس الجمهورية على مرسوم إحالة مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2020، إلى مجلس النواب. وحمل المرسوم الرقم 5821 تاريخ 21 تشرين الاول 2019 وتوقيع رئيس مجلس الوزراء ووزير المال.
وتأتي إحالة مشروع موازنة 2020 إلى مجلس النواب ضمن المهلة الدستورية، أي مع بداية العقد الثاني لاجتماعات مجلس النواب، وهذا الأمر يتم للمرة الأولى منذ سنوات.
الحريري: القرارات ليست للمقايضة أو للطلب من الناس مغادرة الشارع
والمتظاهرون كسروا كل الحواجز وهزوا كل الأحزاب والتيارات والقيادات
نسبة 0.63% كعجز للموازنة هو إنجاز كبير
ما حصل خطوة أولى وترضي مؤتمر "سيدر"
أعلن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء في بعبدا ، ان " القرارات التي اتخذت ليست للمقايضة او للطلب من الناس مغادرة الشارع"، مشيرا الى ان المتظاهرين كسروا كل الحواجز وهزوا كل الاحزاب والتيارات والقيادات والاهم انهم كسروا حاجز الولاء الطائفي الاعمى"، آملاً "ان يشكل هذا الامر بداية نهاية النظام الطائفي في لبنان". وقال: "ما توصلنا اليه من نسبة 0.63% كعجز للموازنة هو انجاز كبير والقرارات خطوة اولى وترضي مؤتمر "سيدر". واكد "وقوفه شخصياً مع مطلب اجراء انتخابات نيابية مبكرة". وتوجه الرئيس الحريري الى الاعلاميين عارضا ابرز الاجراءات التي اتخذتها الحكومة، وقال: "منذ اليوم الاول لتسلمي مسؤوليتي، وانا اقول لكل شركائي في الوطن والحكومة ان هدف الممارسة السياسية هو تأمين كرامة الناس. صحيح ان كرامة الناس تأتي من الكرامة الوطنية والشعور بالسيادة والحرية والاستقلال، لكن اساسها الكرامة الفردية، التي تأتي من حصول الناس على عمل، وخدمات اساسية، وطبابة ومدرسة وضمان.
منذ ان تشكلت الحكومة، وانا اقول لكل الشركاء فيها، ان امامنا خطوات ضرورية لنبدأ بتحقيق هذا الهدف.
مع الاسف، ومثلما قلت منذ 3 ايام، لم تتحقق اي واحدة من هذه الخطوات. والنتيجة كانت ان الشباب والشابات في لبنان، وبعدما صبروا كثيرا واعطونا فرصا كثيرة لنحقق شيئاً، وصلوا الى مكان من اليأس. "وانفجروا" نتيجة هذا اليأس. "انفجروا" ونزلوا الى الشارع ليعبروا عن غضبهم ويطالبوا، كل واحد على طريقته.
المطالب كثيرة ومحقة ومتنوعة. لكن المطلب الواضح الذي اجمعوا عليه، هو مطالبتهم جميعا بكرامتهم، وباحترامهم، وباحترام صوتهم.
امام هذا الواقع، تكلمت قبل 3 ايام، واعطيت شركائي في الحكومة مهلة 72 ساعة، لتحقيق سلسلة من الاجراءات. واريد ان اكون واضحا، ان هذه المهلة لم اطلبها من الشباب والشابات في الشارع، لأني لا اطلب منهم شيئاً، بل هم من يطلب مني، ومن واجبي ان اكون في خدمتهم، وهم من يعطي المهل للجميع.
مهلة الـ72 ساعة، اعطيتها للشركاء في الحكومة، لاتخاذ الحد الادنى من الاجراءات الضرورية، والمطلوبة منذ سنتين.
هذه الاجراءات اتخذت، ومنها الموازنة التي اقريناها، وهناك اجراءات من خارج الموازنة، وسأذكر بعضها:
1- اقرار موازنة بعجز 0.6%، لا تضم اي ضرائب جديدة او اضافية.
2- مساهمة القطاع المصرفي ومصرف لبنان بخفض العجز بقيمة 5100 مليار ليرة خلال العام 2020، ومن ضمنها زيادة الضريبة على ارباح المصارف.
3- خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50%.
4- خفض موازنات مجلس الانماء والاعمار وصندوق المهجرين ومجلس الجنوب بنسبة 70%.
5- خفض الف مليار ليرة من عجز الكهرباء.
6- اقرار مشروع قانون العفو العام قبل آخر السنة الحالية.
7- اقرار قانون ضمان الشيخوخة قبل آخر السنة الحالية.
8- تخصيص 20 مليار ليرة اضافية لبرنامج دعم الاسر الاكثر فقراً. وهناك قرض بقيمة 100 مليون دولار من البنك الدولي سيتم اقراره قريبا لصالح هذا البرنامج، وبفائدة 1% ويتم تسديده على فترة 30 سنة.
9- تخصيص 160 مليون دولار لدعم القروض السكنية.
10- اعداد مشروع قانون استعادة الاموال المنهوبة. واعرف ان محامين في المجتمع المدني يعملون على افكار في هذا المجال، وسنطلبها منهم ونتعاون معهم للوصول الى افضل صيغة للقانون.
11- اقرار قانون انشاء الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد قبل آخر السنة الحالية.
12- تركيب سكانرز على المعابر الحدودية لمكافحة التهريب وتشديد العقوبات على المهربين.
13- الغاء وزارة الاعلام وعدد من المؤسسات العامة فورا ووضع خطة لدمج او الغاء جميع المؤسسات غير الضرورية. وهذا لا يعني اننا سنلقي الناس في الشارع، بل سنقوم بعمليات دمج وتشريك.
14- تعيين الهيئات الناظمة للكهرباء والاتصالات والطيران المدني، وبورصة بيروت.
15- تعيين مجلس ادارة كهرباء لبنان، وتسريع تلزيم معامل انتاج الكهرباء والانتهاء من التلزيم في غضون 4 اشهر.
16- اقرار مشاريع المرحلة الاولى من مؤتمر "سيدر" والبالغة قيمتها 11 مليار دولار، خلال ثلاثة اسابيع. وهذا يعتبر المحرك الاساسي للنمو الاقتصادي، وفتح المجال امام خلق فرص عمل للشباب خلال السنوات الخمس المقبلة.
17- اطلاق مشاريع المداخل الشمالية والجنوبية لبيروت، اي "لينور" و"اليسار".
وتابع الرئيس الحريري: "كي اكون واضحاً، هناك تغيير كامل في عقلية التعاطي مع الامور في هذه الموازنة، فالانفاق في الحكومة والمؤسسات يكاد يوازي الصفر، ما من شأنه اغلاق الباب على اي هدر وفساد، لان الحكومة لن تصرف اي قرش وسيكون الانفاق بكامله من خلال الاستثمار الخارجي"، حيث لن يقبل اي مستثمر خارجي بأي هدر او فساد، واعتمادنا بأكمله سيكون على هذا الاستثمار وهو الضامن للنمو، وهذه بعض القرارات التي اتخذناها في الجلسة.
وقال الرئيس الحريري: "الآن، ارغب بالتوجه بكلمة الى المتظاهرين وجميع اللبنانيين الذين يعبّرون عن غضبهم ويطالبون بكرامتهم وحقهم بالتظاهر في الشارع. قد لا تحقق القرارات التي اتخذناها مطالبكم، لكن الاكيد انها تحقق ما اطالب به منذ تشكيل الحكومة، كخطوة اولى للبدء بوضع الحلول، اي لتحقيق بعض مطالبكم. ان هذه القرارات ليست للمقايضة، وليست لطلب التوقف عن التظاهر والتعبير عن الغضب، فهذا القرار يتخذ من قبلكم وحدكم، ولن اسمح لاحد بتهديدكم او تخويفكم، فعلى الدولة واجب حمايتكم وحماية حقكم في التعبير السلمي عن المطالب المحقة، فأنتم البوصلة، وانتم من حرّك مجلس الوزراء، وما قمتم به هو الذي اوصل الى اتخاذ هذه القرارات.
أضاف: "لقد قمت، من موقع مسؤوليتي، بما شاهدتموه منذ ثلاثة ايام. انتم في الشارع تطالبون بكرامتكم الوطنية والفردية، بفرص العمل، بالخدمات الاساسية والامان، وباحترام صوتكم. ومن الواجب ان تعلموا ان صوتكم مسموع، واذا كانت الانتخابات النيابية المبكرة هي مطلبكم كي يكون صوتكم وحده من يقرر، فأنا سعد الحريري شخصياً، الى جانبكم في هذا المطلب.ما قمت به اليوم من موقع مسؤوليتي، هو خطوة اولى لا يملك من هو في موقع المسؤولية خياراً، الا التزامها. ويجب ان تعلموا ان ما قمتم به انتم اليوم كسر كل الحواجز، وهزّ كل الاحزاب والتيارات والقيادات، واهم حاجز تم كسره هو حاجز الولاء الطائفي الاعمى. لقد اعدتم الهوية الوطنية اللبنانية الى مكانها الصحيح، فوق اي هوية طائفية او مذهبية، وهذا اكبر مكسب وطني. على امل ان يكون هذا الامر بداية لنهاية النظام الطائفي في لبنان، وبداية حقيقية للبنان الجديد.
عشتم وعاش لبنان".

Please follow and like us: